نافذة على بني معروف
476 subscribers
429 photos
135 videos
1 file
302 links
Download Telegram
الفرق بين الصورة الأولى والثانية يقارب السنة، ويظهر فيهما أسلوب عمل إحدى الصفحات التحريضية، والتي تعتمد على التخوين والتضليل بحق من يختلف معها، زوراً وبهتاناً.

هذا الأسلوب بات نهجاً متبعاً لدى تيار كامل في السويداء، إذ يُرمى كل مخالف لهم بوابل من التهم الكاذبة، دون أدنى اعتبار للحقيقة.

وهنا لا بد من التنبيه: عندما تظلم أحداً، لا تتوقع منه أن يعفو عنك؛ فغالباً ما يكون ردّ الظلم بظلم أعظم، فلكل فعل ردّة فعل.
هل سمعتَ من قبل عن "توحيد المشركين"؟!

قد يبدو التعبير غريباً، لكنه يشير إلى أولئك الذين يقرّون بوجود الله ويعترفون بأنه خالق السماوات والأرض، ومع ذلك لا يعبدونه كما أمر، بل يجعلون بينهم وبينه وسائط، يتقربون إليهم زاعمين أنهم يشفعون لهم.

قال الله تعالى:
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [العنكبوت: 61]
وقال تعالى:
{وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلّا وَهُم مُشْرِكُونَ} [يوسف: 106]

فإيمانهم بوجود الله لم ينفعهم، لأنهم لم يفردوه بالعبادة، وهو لبّ التوحيد.
وهذا النوع من الانحراف ما زال قائماً في واقعنا المعاصر، ففتّش في أحوال الناس ترَ شواهده جلية.
راقب ردود فعل الدول والمنظمات والإعلام عند انتشار إشاعة كاذبة عن وجود امرأة "سبية" في سوريا، ثم تذكّر أن الموثّق لدى المراصد الحقوقية السورية يُشير إلى أن 6695 امرأة وفتاة قُتلن أو تعرّضن لانتهاكات على يد ضباط وعناصر الأفرع الأمنية في النظام السابق، وكثيرات منهن أنجبن أطفالاً داخل المعتقلات. ورغم ذلك، تم تجاهل هذه الجرائم أو نسيانها!

الفرق في التعامل بين القضيتين يعود إلى أن الأولى يُظن -خطأً- أن الدين الإسلامي هو من أباحها، والعالم يرفض الإسلام، لذا جاءت ردود الفعل صاخبة رغم أن القضية مجرد إشاعة. أما الثانية، فهي انتهاكات ارتكبتها مؤسسة علمانية، والعالم يتقبل العلمانية، مما يخفف من وقع الجريمة في نظره.

مما سبق، ندرك أن "الشعارات الإنسانية" كثيراً ما تكون مجرد واجهات زائفة، تُستخدم لخدمة مصالح فئة من البشر تُقدّم أهواءها وشهواتها على الأوامر الربانية.
"القلب يَمرضُ كما يمرض البدنُ، وشفاؤهُ في التوبة والحِمْية، ويَصْدَأ كما تَصْدأ المرآةُ، وجلاؤهُ بالذكر، ويَعْرَى كما يَعْرَى الجسمُ، وزينتُهُ التَّقوى، ويجوعُ ويظمأ كما يجوع البدن، وطعامه وشرابه المعرفةُ والمحبة والتوكل والإنابة والخدمةُ".

📚 كتاب الفوائد
ما بين الحمية إلى القبيلة وسكينة الإيمان مسافةٌ لا تُقطع إلا بمخالفة الهوى.
مسافةٌ اجتازها بعض الناس بنجاح، وعجز عنها آخرون.

ومن أعجب ما رُوي في ذلك: أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة، جاءه النبي صلى الله عليه وسلم، وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل، فقال له:
"يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أشهد لك بها عند الله".
فقالا له: "أترغب عن ملة عبد المطلب؟"
فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فأعادا عليه القول، حتى كان آخر ما قال:
"هو على ملة عبد المطلب"، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله.

رغم أنه هو القائل من قبل:

ولقد علمتُ بأن دين محمدٍ
من خير أديان البرية ديناً
لولا الملامة أو حذارِ مَسَبَّةٍ
لوجدتني سَمْحًا بذاك مبيناً

وفي قصيدة أخرى قال:

فوالله لولا أن تكون مَسَبَّةٌ
تُجرُّ على أشياخنا في المحافلِ
لكنَّا اتبعناه على كل حالةٍ
من الدهر جِدًّا غير قول التهازلِ
لقد علموا أن ابننا لا مكذَّبٌ
لدينا ولا يُعنَى بقول الأباطلِ

فقد رفض أن ينطق بكلمة التوحيد؛ لا تكذيباً لها، بل حميةً للعشيرة، وتعصباً لميراث الآباء.
فأضاع آخرته في سبيل دنيا غيره!
الطريق إلى الله هي الطريق الوحيدة التي لا تقبل الرشوة، ولا تحتمل غشاً أو خداعاً. لا تنفع فيها الحِيَل، ولا تُوظَّف فيها الأهواء باسم الدين، ولا يُستغلّ فيها الدهاء لتحقيق مآرب شخصية.
إنها طريق محفوظة بعناية الله، لا يثبت عليها إلا من أخلص نيّته لله، وصدق مع نفسه ومع من حوله.
وكم سقط في هذا الطريق صاحبُ عمامةٍ استولى على الزعامة، وادّعى أنه شيخ عقل يعمل لصالح قومه، ثم تبيّن لاحقاً أنه لم يكن يعمل إلا لصالح نفسه.
من أذكار النوم:

"الحمدُ لله الذي كفَاني وآواني، الحمدُ لله الذي أطعمَني وسقاني الحمدُ لله الذي منَّ عليَّ وأفضلَ، اللهمَّ إني أسألُك بعزَّتِك أن تُنَجِّيَني من النارِ".
ذكر لي أكثر من شخص أن أبناء السويداء باتوا يشعرون بعدم الارتياح أثناء وجودهم في باقي المحافظات.
وقد حذرت من احتمال حدوث ذلك في منشور كتبته قبل نحو شهرين (مرفق في الصورة).

عندما نشرت ذلك التحذير، كان طلاب الجامعات من أبناء السويداء يشعرون بالأمان في جامعاتهم، وكان أهالي السويداء وصحنايا وجرمانا يتحركون بحرية في مختلف أنحاء سوريا. لكن الأمور تغيرت جزئياً، نتيجة لسياسة "أني بقبلش" التي تبناها بعض الأشخاص، وجُرّت المحافظة إليها.

اليوم، لم تعد المشكلة محصورة بين تيار معيّن في السويداء والحكومة في دمشق، بل تحوّلت إلى رفض شعبي واسع لهذا التيار، خصوصاً بعد أن شاهد الناس وسمعوا تحريضه ضد وطنهم وقيادته.
ولا أعلم ما إذا كان بالإمكان إصلاح ما تسبب به هذا التيار من شرخ.
"قد لا تجد الفرج في قارعة الأمل فيجمعك ﷲ به في نهاية طريق اليأس، وقد يأتيك العطاء من الباب الذي تجرّعت منه مرارة الحرمان، وربما وجدت النجاة كامنةً بين أسباب الهلاك، وقد تعبر على جسر البلاء لتدرك نعمة العافية!

‏ربٌّ يخرج الحي من الميت؛ لا يعجزه أن يبدل حالك من حيث لا تحتسب!"

منقول
قد لا أتمكن من متابعة الصفحة بشكل دائم، لذا أحببت أن أضع منشوراً ثابتاً يوضح هدفها الأساسي.

منذ انطلاقها، كانت رسالة الصفحة محاولة لتوضيح الفرق بين مفهوم التوحيد الحقيقي، وبين المفهوم المشوَّه أو المزيف الذي شاع في مجتمعنا.

سواء وافقت أو اختلفت مع ما يُطرح، فمن الضروري أن تدرك أن المجتمع الدرزي يعيش عزلة شعورية عن محيطه، سببها الأساسي تلك الرسائل المنسوبة لحمزة وأصحابه، والتي توارثها الناس دون مراجعة أو تمحيص.
وقد ساهم في تعميق هذه العزلة رفض المجتمع –بعقاله وجهاله– توجيه أي نقد لتلك الرسائل، وزاد الطين بلّة منع الزواج من غير الدرزي أو الدرزية، وكأن هذا الحاجز الإضافي يحميهم من "الاختلاط بالآخر".

ولو كانت هذه العزلة تنفع أصحابها في الآخرة، لقلنا لا بأس، لكنها في حقيقتها نتيجة لمزيج من الفلسفات الأرضية –الفارسية واليونانية– التي استُخدمت لمحاربة دين الإسلام، الذي كانت القبائل التي ننتمي إليها تعتنقه في السابق.
ورغم أن هذه الفلسفات قد تمنح بعض الفوائد الدنيوية، إلا أنها تصطدم بشكل صارخ مع دين الأنبياء، الذي أمر الله باتباعه.

التوحيد الحقيقي هو: إفراد الله وحده بالعبادة والخضوع، وتنزيهه عن كل نقص –ومن ذلك القول بحلوله في خلقه– مع إثبات كماله المطلق.

لكننا، ولأسباب تاريخية وثقافية معقّدة، ابتعدنا عن هذا المفهوم الصافي، وأدخلنا عليه تأويلات فلسفية وتعقيدات فكرية، حتى صار التوحيد عندنا خليطاً من الموروث والمكتسب، من الحق والباطل، من المقدس والمدنس.

وأرجو ألّا يُفهم الكلام السابق على أنه هجوم أو إهانة، بل هو دعوة للتفكر، وفيه مصلحة في الدنيا والآخرة لمن عمل به. لكنه يتطلب شجاعة في الفهم والعمل، أما الجبان فلا يستطيع ذلك.
نافذة على بني معروف pinned «قد لا أتمكن من متابعة الصفحة بشكل دائم، لذا أحببت أن أضع منشوراً ثابتاً يوضح هدفها الأساسي. منذ انطلاقها، كانت رسالة الصفحة محاولة لتوضيح الفرق بين مفهوم التوحيد الحقيقي، وبين المفهوم المشوَّه أو المزيف الذي شاع في مجتمعنا. سواء وافقت أو اختلفت مع ما يُطرح،…»
منقول من قناة الأستاذ محمود أبو عادي:

جَرَت العادة عندي أثناء السفر أن ألاحظ بعناية ما يفعله النّاس حين تضرب المطبّات الهوائية جسم الطائرة لفترة متواصلة، فتتصاعد شدّتها وفُجائيتها ويعجز الرُكّاب عن التنبّؤ بالضربة القادمة، مكانها وشدّتها.

بطبيعة الحال، يفترق كلّ فرد بطريقة استجابته للشعور بالخطر، أحدهم يُمسك جيدًا بمقعده ويتشبّث محاولًا تثبيت نفسه، وقد تمسك الزوجة بيد زوجها إلى جانبها، وقد يصرخ الأب على طفله طالبًا منه البقاء ساكنًا.. مُحوّلًا خوفه إلى غضب، وآخرون يتمتمون بشفاههم بما يُشبه الدعاء أو الصلوات على اختلاف دينهم ومعتقداتهم. ومنهم مَن يُشتّت نفسه بالحديث إلى مَن يجلس إلى جانبه، وغيرهم ممّن تظهر عليهم علامات اللامبالاة، إمّا تظاهرًا أو صدقًا.

وأكثر ما يلفتني عمومًا، هو حالة الصمت الشديد والهدوء المُريب التي تُخيّم على الطائرة، حين يذهب المضيفون والمضيفات لتثبيت أنفسهم في مقاعدهم في منتصف الرحلة، وتُضيء إشارات الأحزمة، فيُدرِك الجميع أنّ الأمر جادّ هذه المرّة ويهرب كلّ إنسان إلى مُلتَجئه السلوكيّ. وتسود الطائرة صمتٌ شديد، يتخلّله تأوّهات وصرخات حين تضرب إحدى المطبّات بغتة.

وفي اللحظة التي تنتهي فيها موجة المطبّات، وتنطفئ إشارة ربط الأحزمة، يعود المضيفون لخدمة الركّاب، فجأة وبشكلٍ جماعيّ تعود الأصوات المرتفعة، وغالبًا ستسمع بعض الضحك المُتعالي، وبعضًا من محاولات الاستظراف وإلقاء النكات، وكأنّ الإنسان لا يُعجبه أن يُقرّ بخوفه وجدّيته في مواجهة الخطر فيُسارع لإلقاء النكات والمِزاح في إشارة إلى تبدّد الفزع وانتهاء الذعر. (التقط عالم الاجتماع غوفمان بذكاء هذه الظاهرة وأطلق عليها "إدارة الانطباع").

من المعروف بالتحليل النفسي أنّ السخرية والضحك إحدى طرق تنفيس التوتر الحادّ، وهي استجابة نفسية فطرية تذكّرنا بتلعيب الأطفال، إذ حين نُلقي طفلًا في الهواء، سيصعد وعيناه مليئة بالدهشة والخوف، وسنلتقطه فينتهي الخوف فجأة ويبدأ بالضحك تنفيسًا للتوتّر الذي أحدثه رعب الإلقاء بالهواء، وقد يطلب منكَ الطفل مزيدًا من الرمي والالتقاط بحثًا عن ثنائية الخوف والاطمئنان، والتناوب السريع بين الإثارة المُقلِقة والشعور بالأمان.

يُذكّرني هذا المشهد بالإنسان، بحياته اليومية، لكن على نطاق كثيف ومصغّر زمنيًا. الإنسان الذي إذا انتابه الذعر التجأ إلى ما يُطمأنه (ركن الاطمئنان)، وسرعان ما يكفر بمُلتجآته ويترك الركن وراءَه إذا ما اطمأنّ وشعر بالأمان وتبيّن له أنّ مخاوفه ليست سوى إنذارات كاذبة.

يذكّرنا هذا بآيات كثيرة تصف طبيعة الإنسان الآثمة حول التذكّر والنسيان، (إنّ الإنسانَ خُلِقَ هلوعا .. إذا مسّه الشرّ جزوعا) وكذا آيات الابتلاء في البحر والتصوير القرآني البديع لمناجاة الله حين يجيءُ الموجُ من كلّ مكان، والابتهال والتضرّع عند الحاجة والبغي في الأرض عقب النجاة.

يكفرُ الإنسان حين يشعر بالاطمئنان، وهذا يُشبهك كثيرًا، في عباداتك، وفي علاقاتك مع أصدقائك وزوجتك وأمّك وأبيك، تُسرفُ بإهمالهم حين تطمئن لدوام وجودهم، لصحّتهم وسلامة أحوالهم، وتأخذ قربهم منك على هيئة مضمونة لا تتبدّل، ثمّ تأتي المصائب لتُريكَ تبدّل الأحوال، وحين تشعر أنّك ستخسرُ مَن يُحبُّك أو أنّ سلامتهم يتهدّدها المرض أو الانفصال تعود للالتصاق بهم وتُفني نفسك ومالك لاستعادة الأمان المفقود.

وأعظم من هذا كلّه علاقتك مع ربّك وقد تنبّه العلماء لهذا الباب وسرّه في الوصول إلى مقامات القبول وقالوا:

العارفُ لا يزول اضطراره!

أيّ أنّ اضطرارك إلى الله عزّ وجلّ، ووقوفك على عتبة أبوابه، ترجو رحمته وتخشى عذابه، ولزومك للذكر والدّعاء، أمرٌ غير منوطٍ بحاجاتك الظرفية ولكن مرهون بافتقارك الذاتيّ.

والافتقار الذاتيّ يأتي لازمًا للهشاشة الوجودية التي تُحدثها معرفة الإنسان بنفسه، فمن عرف نفسه.. عرف ربّه، ومن عرف نفسه بالفقر عرف ربّه بالغنى، ومن عرف نفسه بالشحّ عرف ربّه بالكَرَم، ومن عرَف نفسه بالضعف عرف ربّه بالكفاية (فسيكفيكهم الله) ومَن عرف نفسه بالفناء عرفَ ربّه بالبقاء.

والافتقار والشعور بالفقر شرط أساسي لورود العطايا الإلهية، التقطها أهل الذوق بعناية (إنّما الصدقاتُ للفقراء)، وفي مدارج السالكين كلامٌ بديع عن باب الفقر والافتقار.

لا يبتلعكَ النسيان ولا يكن من طبعك التذبذب والتقلّب والطغيان، وتذكّر أنّ الثباتَ في الأمرِ ولزوم باب الفقر عادةُ الصادقين المُخلصين، وقد تورّمت بالعبادة قدما أبي القاسم الشريفيتين ﷺ، وهو الذي غُفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، لأنّه يصدق في الحبّ، يعرف مقامه ومقام ربّه، ويعرف أنّ الشكر والامتنان يُثبّته دوامُ الاتّصال وحُسنُ الوِصال.

تذكّر هذا جيدًا عند قضاء حوائجك وانفراج كُرَبِك وزوال همومِك، تذكّر أن تُبقي شعورك بالفقر والافتقار، حين توهمك الحياة غناكَ المُزيّف واكتفاءَكَ المُؤقّت. تذكّر أن تحافظ على اضطرارِك وأن تُداوِم على حُسنِ وصِالك ودوام اتّصالِك.
من ذاكرة الصفحة:

لا يمكن فهم هذا الكون على وجه الحقيقة إلا بالعلم، ولا يكون العلم إلا بالقراءة؛ لذلك كان أول ما نزل من الوحي قوله تعالى: {اقرأ}. لكن هذه القراءة لم تكن مطلقة، بل جاءت مقيّدة بقوله سبحانه: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، فنحن نقرأ باسمه، ونطلب الفهم منه، ونستعين به، فمن قرأ آيات الله الشرعية والكونية بهذا المعنى، أدرك سرّ وجوده، وفهم حقيقة الحياة.

أما من قرأ باسم "العقلانية"، أو "الحداثة"، أو "الإنسانية"، أو غيرها من المسميات المجردة عن اسم الله، فلن تكون قراءته صائبة، ولن يدرك لِم خُلق، بل سيملأ الشك قلبه، وتحيط به الشبهات.

فهو يحاول أن يفهم الحياة بعقلية المخلوق، لا كما أمر الخالق.

وعقلية المخلوق – بطبعها – يعتريها الكِبر والطغيان؛ ولهذا نبّهنا الله تعالى إلى أصل خلق الإنسان، فقال: {خَلق الإنسان من علق}. علقة لو وُضعت في غير موضعها لاستقذرها الناس ونفروا منها، ولكن الله عز وجل هيّأ لها أسباب الحياة، والغذاء، والرعاية، حتى صارت إنسانًا يقرأ ويكتب... ثم تراه بعد ذلك يتساءل مستنكراً:

﴿ويقول الإنسان أئذا ما مِتُّ لسوف أخرج حيًّا * أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يكُ شيئًا﴾.
«اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله، علانيتُه وسِرُّه، وأنت أهل الحمد».

هذا من أجمع الحمد وأحسنه.

📚 فتيا في صيغة الحمد
أحبُّ الكلام إلى الله أربعٌ:
سبحان الله،
والحمد لله،
ولا إله الا الله،
والله أكبر.

📚 فتيا في صيغة الحمد
في رحابِ هذه الأيامِ المباركةِ، تتجلّى أمامنا قصةُ رجلٍ عظيمٍ، هو سلمانُ الفارسيُّ رضي الله عنه، الباحثُ عن الحقيقةِ. وُلِدَ في بيئةٍ تُقدِّسُ النارَ وتعبدُها في أصبهانَ بفارس، لكنَّهُ أبى أن يُسلِّمَ عقلَهُ للوراثةِ والتقليدِ الأعمى. أدركَ بفطرتِهِ السليمةِ أنَّ الدينَ الحقَّ ليسَ إرثاً يُكتسبُ كالأموالِ، بل هو رحلةُ بحثٍ ويقينٍ لا بدَّ من خوضِ غمارِها.

هجرَ سلمانُ مراتعَ الصبا والجاهِ، وتخلّى عنِ الرفاهيةِ التي كانَ ينعمُ بها ابنُ دهقانِ قريتِه، وانطلقَ مهاجراً يجوبُ الأصقاعَ، من الشامِ إلى الموصلِ، فنصيبينَ، فعموريةَ، لا يبتغي إلا بلوغَ الحقيقةِ ومعرفةَ الخالقِ الأوحدِ.

وبعدَ طولِ عناءٍ ومشقّةٍ، وتنقّلٍ بينَ أحبارِ النصارى ورهبانِهم، أنارَ اللهُ بصيرتَهُ، وبلغَ غايتَهُ المنشودةَ بالإسلامِ، عندَ مقدمِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينةِ.

ومن جميلِ وصاياهِ لأصحابِه — مما يَحسن تكرارُه في هذه الأيام — وصيتُه أن يقولوا:
"اللهُ أكبرُ، اللهمَّ ربَّنا لكَ الحمدُ، أنتَ أعلى وأجلُّ من أن تتخذَ صاحبةً أو ولداً، أو يكونَ لكَ شريكٌ في الملكِ، ولم يكن لكَ وليٌّ من الذلِّ، وكبِّرْهُ تكبيراً. اللهُ أكبرُ كبيراً، اللهُ أكبرُ تكبيراً، اللهمَّ اغفرْ لنا، اللهمَّ ارحمْنا."

لقد استقرَّ في وجدانِ سلمانَ رضي الله عنه يقينٌ راسخٌ، أنَّ اللهَ أكبرُ وأعظمُ من كلِّ ما في الوجودِ، فما كانَ لشيءٍ أن يتقدَّمَ على محبةِ اللهِ في قلبِه: لا عشيرةٌ، ولا أهلٌ، ولا مالٌ، ولا أيُّ هوىً من أهواءِ الدنيا.

وفي قصتهِ الملهمةِ دعوةٌ لنا جميعاً، في هذه الأيامِ الفضيلةِ، لنُحرِّرَ عقولَنا من قيودِ المألوفِ، ونبحثَ عن الحقِّ بإخلاصٍ، ونُقدِّمَ محبةَ اللهِ وتعظيمَهُ على كلِّ ما سواه.
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
﴿هُوَ اللَّهُ الَّذي لا إِلهَ إِلّا هُوَ عالِمُ الغَيبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحمنُ الرَّحيمُ﴾
هذا المنشور موجَّه لفئة قليلة من متابعي الصفحة، كانوا يُعجبون بما يُنشر فيها سابقاً، ثم بعد الأحداث الأخيرة في السويداء تغيّر حالهم، وأخذتهم الحميّة، وظنّوا أن نُصرة أهلهم تكون بموافقتهم على ما هم عليه.

أُذكّرهم وأُذكّر نفسي: إن الواحد منّا، إذا ادّعى أنه يحب الله، ويؤمن بكتبه ورسله واليوم الآخر، قد يُبتلى باختبار يظهر فيه صدق إيمانه. فمنّا من يوفّقه الله فيثبت وينجو، ومنا من ينتكس وينقلب على عقِبيه.

ومن أصعب تلك الابتلاءات: اختبار قوله تعالى
﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: 24].

أعلم أن هذا الاختبار صعبٌ وشاق، ولكنه يسيرٌ على من يسّره الله عليه، وذلك بالافتقار إليه، والصدق في طلب مرضاته. فحينها تنزل سكينة الإيمان، فتطفئ النار التي أشعلتها حميّة الجاهلية.