نُتف واضحية
3.23K subscribers
40 photos
16 videos
23 files
414 links
قِمَطرٌ لتفاريق المذاكرات، وبوادر الخواطر، يصونها، ويدلّ عليها، ويرجو بالمثاقفة فيها التّمام والدّوام.
Download Telegram
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
وهذه حكايةٌ، أنشدها بعض الأصحاب الخِيَرة، تولّاه الله.
‏من أقوال الحكماء
‏[ كن مع الحق بالصدق
‏ومع الخلق بالإنصاف
‏ومع النفس بالقهر
‏ومع الكبير بالخدمة
‏ومع الصغير بالشفقة
‏ومع الصديق بالنصيحة
‏ومع العدو بالحلم
‏ومع العالم بالتواضع
‏ومع الجاهل بالصمت
. تم]
فنون في تلقي العلم وحفظه وتحصيله.
الطوفان لم يكن جريمة ولا كارثة، بل الجريمة والكارثة هي خذلان الطوفان وأهله، من قبل الطوفان ومن بعد الطوفان، وهذا الخذلان هو السبب في استحرار القتل في المسلمين في مدة متقاربة، وإلا فالعدو لم يكن مسالما، بل كان يجمع ويرصد ويحارب ويحاصر ويقتل ويأسر منذ عشرات السنين، وعلى هذا قامت دولته اللقيطة، وبه وبالخيانات والجبن والخذلان استمرت وصمدت حتى تهيأت لمثل هذا التسلط والإجرام، أفلَمَّا كشف الأبطال ظهر العدو، وفجَّروا خراريجه ودماميله النجسة ليرى النائمون الغافلون قبح ما تحتها من وسخ، وخطر ما تجمع وراءها من قيح وقذر صاروا هم المجرمين!

أيصير الصامد في وجه عدوه، الصارخ بأمّته لتصحو من نومها مجرما، ويصير النائم والداعي للنوم هو الحكيم! إن كانوا -بحسب زعمكم- هاجموا العدو ولمّا يُعدُّوا له، فالعدو قابع في دياركم ماكر بكم وبأهلكم وبمستقبل أولادكم وأحفادكم، عابث بدينكم ودمائكم وكرامتكم ودنياكم وأموالكم منذ عشرات السنين، فأين إعدادكم أنتم ومن توالونهم له؟

يا قومنا، من كان صادقا مشفقا في العزم والنصح فليوجه سهامه للعدو ولأوليائه من العرب والعجم، ثم للخاذلين لأهل الطوفان، أما هم فحريٌّ بنا إن لم نكن معهم في الساحات، أن نتوارى خجلا من حالنا، ثم نشكرهم ونقبِّل رؤوسهم وأيديهم على بذلهم وصبرهم وقيامهم بالحق نيابة عنا في وجه عدو خسيس، وعالَم ظالم متناقض متغطرس!

«ولينصرن الله مَن ينصره، إن الله لقوي عزيز»
«فاصبر إن وعد الله حق، ولا يستخفنك الذين لا يوقنون»
Forwarded from نبع العلوم
نصيحة:
اتّخاذُ المسلم وِردًا مِن الأذكار والأدعية يداوم عليه أَنفعُ له مِن تنقّله بين أذكارٍ وأدعية مِن غير مُواظَبَةٍ عليها، قال الشيخ #أحمد_زروق الفاسي المالكي في وظيفته المسمّاة: #سفينة_النجا لمن إلى الله التجا:
"وينبغي للإنسان أن يكون له ذِكر واحد مع الصلاة عليه ﷺ يُطلِق لسانَه فيهما، فإنّ الحافِر في مَحَلٍّ واحِدٍ قد يعثر على الماء، بخلاف مَن يُكثِر الحفائر ولا يُنهِيها".

وقال -رحمه الله- فيمَن خَلَط، وأكثر على نفسه مِن الأوراد ثم فرّط، ولم يُعطِ كلّ وِردٍ حَقّه:
"ومن خَلَط في طريقته لم ينتفع بنفسه، ومن كَثّر عَدَدَ الأذكار والعبادات -غير ما صحّ في السُّنَّة- بَعُد عليه الفَتح؛ لأنّه كمَن يُرِيد حَفرَ بئرٍ يُرِيد ماءها ويَحفِر في كلّ مَوضِعٍ شِبرًا".

قال #ابن_القيم رحمه الله في #مدارج_السالكين:
"ومن تَجرِيبات السالِكين التي جَرَّبُوها فأَلفَوها صحيحةً: أنّ مَن أَدمَنَ قَولَ: يا حَيُّ يا قَيُّوم! لا إله إلا أنت؛ أورثه ذلك حَياةَ القَلبِ والعَقلِ.
وكان شيخ الإسلام #ابن_تيمية -قَدّس اللهُ رُوحَه- شَدِيدَ اللَّهَج بها جِدًّا، وقال لي يومًا: لهذين الاسمين -وهما: الحيّ القيّوم- تَأثِيرٌ عظيمٌ في حياة القلب.
وكان يُشِير إلى أنّهما الاسم الأعظم، وسمعتُه يقول: مَن واظَب على أربعين مَرّةً كلّ يومٍ بين سُنّةِ الفجر وصلاة الفجر: يا حَيّ يا قيّوم، لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث؛ حَصَلَت له حَياةُ القلب، ولم يَمُت قَلبُه".

وقال أيضًا:
"وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: مَن واظَب على: يا حَيُّ يا قَيّوم، لا إله إلا أنت، كلّ يومٍ، بين سُنَّةِ الفجر وصلاة الفجر، أربعين مَرّةً؛ أَحيا اللهُ بها قَلبَه".

وممّن رُوي عنهم ملازمتهم لهذا الذكر شيخ الصالحية #أبوعمر_ابن_قدامة أخو الموفّق الأكبر، ذكره عنه #ابن_رجب في #ذيل_طبقات_الحنابلة، فلعلّه كان مستفيضًا بين حنابلة الصالحية فأخذه عنهم شيخُ الإسلام ابن تيمية.

‏فمَن أخذ بأخذهم، وتدرّج في تكثير أوراده وأذكاره صارَت له قُوّةً لجِسمه، وحياةً لرُوحه، ومتى تركها أحسّ بالوهن والضعف، قال ابن القيم -رحمه الله- في #الوابل_الصيب:
"وحضرتُ شيخَ الإسلام ابن تيمية مرّةً، صلّى الفجر، ثم جَلس يذكر الله تعالى إلى قَرِيبٍ مِن انتصاف النهار، ثم التفت إليَّ وقال: هذه غَدوَتي، ولو لم أتغدَّ هذا الغَداء لَسَقَطَت قُوَّتي، أو كلامًا قريبًا من هذا".

#علم_السلوك
#نبع_السالكين

نبع | http://t.me/nbao_n7
صلوا على رسول الله..
.
.
أخرج الشيخان عَنْ ‌أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَبْعَةٌ ‌يُظِلُّهُمُ ‌اللهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَدْلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ، فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ».

صلى الله عليه وسلم وعلى آله الأطهار وصحابة الأبرار ومن تبعهم واهتدى بهديهم إلى يوم الدين.

فيه أن الجزاء من جنس العمل، فإن هؤلاء السبعة نالوا أجر الإظلال يوم القيامة بأعمالهم التي اشتملت على معنى يناسب ما في إظلال الله إياهم من دفع حرّ القيامة وكربها عنهم، ومن تشريف قدرهم والتنويه بأمرهم، فأما دفع حرّ القيامة عنهم فهو جزاء ما دفعوا من حرارة القلب الناشئة عن طلب الشهوة واللذة والسلطان والجاه، فإن لهذه الأمور في قلب العبد حرارة يعلمها من ابتلي بشيء منها، كما يبتلى السلطان بحرارة التجبّر وداعي القهر والبطش، وكما يبتلى الشاب بحرارة اللهو واللعب وداعي الانغماس في الشهوات والملذات: حلالها وحرامها، فجزاهم الله عن ذلك بدفع حرّ اليوم الأعظم وعطشه عنهم تحقيقا لإحسانه إلى المحسنين، وحفظه أجر العاملين. وأما تشريفهم والتنويه بأمرهم فهو جزاء حبسهم أنفسهم عن جواذب الذكر في الدنيا، ومجاهدتهم لها عن إجابة داعي الرياء والسمعة، كما حبس المتصدق نفسه عن تعريف صدقته، وكما حبس الذاكر نفسه عن إظهار خشوعه، فكان من جزاء إخلاصهما العمل لله وصونهما أنفسهما عن أن يكون لها حظ في سعيهما أن ظللهما الله تحت فسطاط التشريف والتعريف على رؤوس الخلائق في يوم يوفى فيه العاملون أعمالهم والصادقون أجورهم، نسأل الله أن يجعلنا منهم ويحشرنا في زمرتهم.
﴿قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾

مما يهون على صاحب الحق البيِّن إعراض الناس عما عنده من الحق أن الأنبياء -وهم المؤيدون من الله الموحى إليهم وأقدر الخلق إبانة عن الحق- كان يقال للواحد منهم: ما جئتنا ببينة!
والأهواء آلهة عند بعض الناس، وهذا أحد أوجه تفسير قوله تعالى: ﴿أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا﴾!
من الأخطاء العلمية المنهجية الشائعة: عدمُ التفريق بين التشابه أو المشابهة وبين التأثير والتأثر، فترى بعضَ الناس إذا وجدَ مشابهةً في كلام اللاحق لكلام السابق جزَم وقطَع بأنه أخَذه منه أو أنه تأثَّر به فيه، - وفضلا عن كون بعض المعارف العلمية قد تكون مما يتقاسمه الناس؛ لرجوعها إلى مبدأ صحيح لا يتنازع فيه العقلاء- فإن القطع بوجود التأثر والتأثير في حدّ نفسه ليس سهلا كما يتصور البعض، بل لا بد فيه من الحصول على وثائق شفوية أو كتابية أو إثبات لقاءٍ ومخالطة تفيد ذلك التأثر والتأثير على نحوٍ مطابق للواقع وكاشفٍ عنه أو قريبٍ منه، وإلا فهي مجرد تخرصات وظنون وأوهام؛ لقيام احتمالات كثيرة قد تنفي التأثر والتأثير، مثل رجوع الكلام المتشابه بين الرجلين إلى كونه مما لا يُتنازع فيه، وكوجود مشابهة في الظروف العلمية أدَّت إلى نفس القول الأول دون معرفة به ولا اطلاع عليه أصلا.

الفاضل سامي معوّض.

https://t.me/alnatheerr/10210
•|  الحكم للعلم  |•

نقل بعضُ الأفاضل عن مرتضًى الزّبيديِّ أنّه قال في «إتحاف السّادة المتّقين»: «العِلمُ حاكمٌ علىٰ ما سواه، ولا يَحكُم عليه شيءٌ، فكلُّ شيءٍ اختُلف في وجودِه وعدمِه، وصحتِّه وفسادِه، ومنفعتِه ومَضرَّتِه ورُجحانِه ونقصانِه، وكمالِه ونقصِه، ومدحِه وذمِّه، وقُربِه وبُعدِه، وإفضائِه إلىٰ مطلوبِ كذا وعدمِ إفضائِه، وحصولِ المقصودِ به وعدمِ حصولِه، إلىٰ سائرِ جهاتِ المعلوماتِ، فإنّ العِلمَ حاكمٌ علىٰ ذٰلك كلِّه، فإذا حَكَم العِلمُ انقطَع النِّزاعُ، ووجَب الاتِّباع.

وهو الحاكم على الممالكِ والسِّياساتِ والأموالِ والأقلامِ، فمُلكٌ لا يتأيَّدُ بعِلمٍ لا يقومُ، وسيفٌ بلا عِلمٍ مِخراقُ لاعبٍ، وقلمٌ بلا علمٍ حركةُ عابثٍ، والعلمُ مُسلَّطٌ حاكمٌ علىٰ ذٰلك كلِّه، ولا يَحكُم شيءٌ مِن ذٰلك على العلمِ» انتهىٰ.

❏ فعقَدتُّ ذلك رجزًا، قلت فيه ضمن «رَجَز الحافظ»:

وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْتَكِمْ لِلْعِلْمِ
فَهْوَ عَلَىٰ مَا دُونَهُ ذُو الْحُكْمِ

وَمَن قَضَىٰ بِالْعِلْمِ لَا يُرَاعُ
فَحَقُّهُ الْوَكِيدُ الِاتِّبَاعُ

الْعِلْمُ سُلْطَانٌ لَهُ اسْتِمَاعُ
وَقَائِدٌ فِي أَمْرِهِ يُطَاعُ

وَلَا يَرُومُ حَيَّهُ نِزَاعُ
إِلَّا أَتَىٰ عَلَيْهِ الِانقِطَاعُ


•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•

نُتف واضحية
•|  طِيبُ محلّ العلم   |•

العلمُ شيءٌ لطيفٌ جدًّا، لا ينالُ إلّا بالذّهنِ المتوقِّد الجيّد، والبصيرةِ النّافذةِ، والمرآةِ المصقولةِ، والمحلِّ النّقيِّ الكريم الّذي كالقائمِ بالأرضِ الخاليةِ في يومِ الصَّحوِ يَرىٰ كلَّ شيءٍ علىٰ حالِه، لا تختلطُ عليه الأجسام، ولا يغترُّ بالأوهام، ولا تَضِلُّ عنه الهَوادي بالجواحرِ، ولا تنسيه الأوائلَ الأواخِرُ، بل يجعلُ كلَّ شيءٍ في مَنصِبِه، ويَرى الأمورَ علىٰ ما هي عليه، ويُسرِعُ إلى الإصابة، وينجو مِن التّلفيقِ والخطإ، وتقرُبُ منه الأوبةُ والإصلاح.

فمَن رزَقه اللهُ سعةً في الإدراك، وحسنَ تبيُّنٍ للأشياءِ، ورجاحةً في العقل، وأناةً في النَّظَرِ، فعليه بطلبِ العلم، وشكرِ نعمةِ اللهِ بالتّحصيلِ.

ومَن أراد طلَب العلمِ، وعظُمتْ فيه رغبتُه، وعزَم على البلوغِ فيه، فلْيتفقَّد الأدواتِ المعينةَ، ولْيسألِ اللهَ دوامَ التّبصيرِ، والفتحِ، وجِلاءَ الذّهنِ، وحسنَ الفهمِ، وجودةَ الذّهن، والتّسديد، فإنّما ذلك مِن الله سبحانه، ﴿يؤتِ الحكمةَ مَن يشاءُ ومَن يُؤتَ الحكمةَ فقد أوتي خيرًا كثيرًا وما يذّكّر إلّا أولو الألبابِ﴾.

فممارسةُ العلمِ دونَ أداةٍ طيّعة، وتصريفُه مِن دونِ تبيُّنٍ، والأخذُ فيه بخبطِ العشْواءِ: ضيمٌ للعلمِ شديد، وفسادٌ في العلمِ عريضٌ، موشكةٌ أن تُرىٰ عواقبُه الوخيمة.

وجِماعُ ما وصَفتُه ما قال الشّعبيُّ: «إنّما كان يَطلُبُ هٰذا العلمَ مَن اجتمعت فيه خَصلَتان: العقلُ والنُّسُكُ، فإن كان عاقلًا ولم يكن ناسكًا قال: هٰذا أمرٌ لا يَنالُه إلّا النُّسّاكُ، فلن أطلبَه، وإن كان ناسكًا ولم يكن عاقلًا قال: هٰذا أمرٌ لا ينالُه إلّا العقلاءُ، فلن أطلُبه»، يقول الشّعبيُّ: «فلقد رَهِبتُ أن يكون يطلُبه اليومَ مَن ليس فيه واحدةٌ منهما، لا عقلٌ ولا نسكٌ»، الكلمةُ في «روضة العقلاء» لابن حبّان و«السّير» للذّهبيّ (4: 307)، قال الذّهبيُّ: «أظنُّه أراد بالعقلِ الفهمَ والذّكاء» انتهىٰ.

وكنتُ أودعتُ زبدةَ هٰذا المعنىٰ «رجَزَ الحافظ»، وذلك إذْ أقولُ:

والعلمُ لا يُنالُ إلّا بالنُّسُكْ
والعقلِ، فاصرِفْ كلَّ شيءٍ يَحبِسُكْ


ونسألُ الله الفتحَ والتّسديد، والعلمَ والفهم.

•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•

نُتف واضحية
يا ربِّ سَلِّمْ سَلِّمْ
واعطِفْ علينا وارحَمْ
إنّ الخبيثَ المُجرِمْ
أذَلّ كلَّ مسلِمْ
وَطِئَنا بالمَنسِمْ
منتهكًا للمَوسِمْ
وأنت أقوىٰ منهمْ
نشكو اشتدادَ المُظلِمْ
فالطُفْ بنا وأَنعِمْ
يا ربعَ «غزَّةَ» اسْلَمْ
إنّ الأعزَّ الأكرَمْ
ربِّي القويُّ الأعظَمْ
يا ذا الوغى المُلثَّمْ
الأسَدَ المقدَّمْ

الباسلَ المعلَّمْ
ذا الفرَسِ المُطهَّمْ
والباترِ المثلَّمْ
أذقهمُ جهنَّمْ
مؤيَّدًا لا يُظلَمْ
في الحادثاتِ يُعصَمْ
واكوِهِم بالمِيسَمْ
واشفِ الصّدورَ واغنَمْ
أنفُ الجَبانِ الأرغَمْ
وحبلُه المُصَرَّمْ
وعِرضُه المذمَّمْ
وبيتُه المهدَّمْ

•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•

نُتف واضحية
ما يعوقُ الطالبَ عن حقيقة العلم شيءٌ كالإكثار من المقدمات المُمهِّدات وانقضاء الأزمان النفيسة في التطويل في الكلام على مَداخل العلوم؛ فإن الحارسَ على البيوت مهما بلَغ من اليقَظة والانتباه لن يعرفَ ما في دواخلها ما لم يدخلها أو يُخالط أهلها، ولا شك أن الاطلاع على مَداخل العلوم مُهمٌّ؛ ولكنه أمر يسير يحصل بأدنى شيء من مطالعة بعض الكتب الصغيرة في هذا الغرَض، وإنما الشأن كله في مُعافَسة المسائل ومعالجتها والاصطلام بمشاكل الأبحاث وفهمها وحلِّها، هذا هو العلم على التحقيق، وبدوام النظر في كتب الفنون ينمو فهمُ الطالب ويحصلُ له نوعُ أُنس وأُلفةٍ بها حتى يصير عارفا بكثير من مناهجها وأنماطها وأغراضها وتذهب الوَحشة بينه وبينها، وبدون هذه المُخالطة يظلّ أجنبيا عنها تستعصي عليه وتنفُر منه مهما بالَغ في التغزُّل بها والثناء عليها.
عبادك يا رب!

إخواننا يا رب!

اشفِ صدورنا يا رب!
"اعلم رحمك الله أن أصل اختلاف الناس من قبل أمرين: إما جهلاً بما يدّعون، وإما جحودًا بما يعلمون، والجاهل بما يدّعي أرجى رجوعًا من الجاحد لما يعلم، ولذلك يقول الشاعر:

ما الناس غير جحود ذي مكابرة
وجاهل عن طريق الحق مصروف

هبني عذرت أخي في جهل مشكله
فكيف أعذره في جهل معروف

وإن ذا الجهل قد تُرجى إنابته
وذا الجحود فلن يرجى لتعريف

فلو كان ذو العلم ينصف في مناظرة ويقر بما يعلم ويكل ما يلزمه ويترك المكابرة والجحود لتبين الصواب بين المناظرين واتضح الحق للفريقين.

ولو أن الجاهل لزم طلب العلم والتفقه في أمر الدين وناصح نفسه لما خفي عليه موضع الصواب.
"*

* من كتاب المقالات المنسوب لأبي عليّ الجبائي.
ربَّ الضِّعافِ كن لخانِ يُونُسا
منجِّيًا وكافيًا ومُونِسا
يا ربِّ فيهم الشّيوخُ والنِّسا
وذو الصَّباءِ وجهُه ما أُعنِسا
والعجزُ أَسلَمهمُ فأَخنِسا
إنّك أنجيتَ النّبيَّ يونُسا
إنّ اليهوديَّ غدا مدنِّسا
فأْذَن بأن نَمنَعَه ونَكنُسا
وأن نزيلَ بالطَّهورِ الدَّنِسا

•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•

نُتف واضحية
"إن مما ينظر إليه الخلق من كل صاحب صنعة أثر صنعته في نفسه أولا، لأن كل صاحب صنعة أولى بثمرة صنعته، فإن لم يروا فيه ثمرة صنعته، أو رأوا ضدها وخلاف مقصودها كانوا منه في ريب وعنه في نفرة. ولما كان من ثمار العلم تحسين الأخلاق وتقويم النفوس وتزكيتها، كما قال تعالى: (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم)، كان أولُ ما ينظر إليه الخَلقُ من شان العالم خُلُقَه، فإن استحسنوه استحسنوا موجبه واستأمنوا حامله، وإن استرذلوه احتقروا موجبه وتخوّنوا حامله، فعاد العالِم عندها على صنعته بالنقص دون الزيادة، ولا حول ولا قوة إلا بالله".

من دروس التعليق على #تذكرة_السامع_والمتكلم
.
«وذكَر الفخر الرازي في المطالب العالية أنَّ قول من قال: إنه تعالى متكلم بكلام يقوم بذاته وبمشيئته واختياره هو أصح الأقوال نقلا وعقلا، وأطال في تقرير ذلك.

والمحفوظ عن جمهور السلف: ترك الخوض في ذلك والتعمق فيه، والاقتصار على القول بأن القرآن كلام الله، وأنه غير مخلوق، ثم السكوت عما وراء ذلك».

«وقد تَوسَّع مَن تأخَّر عن القرون الثلاثة الفاضِلة في غالب الأمور التي أنكَرها أئمة التابعين وأتباعهم، ولَمْ يَقتَنعوا بذلك حتى مَزجوا مسائل الديانة بكلام اليونان، وجعلوا كلام الفلاسفة أصلا يَرُدُّون إليه ما خالَفَه مِن الآثار بالتأويل ولو كان مُستَكرهًا، ثُمَّ لمْ يَكتَفوا بذلك حتى زعموا أنَّ الذي رتَّبوه هو أشرف العلوم وأَولاها بالتحصيل، وأنَّ مَن لمْ يَستَعمل ما اصطلحوا عليه فهو عامِّيٌّ جاهل.

فالسعيد مَن تَمَسَّك بما كان عليه السلف، واجتنَبَ ما أحدَثه الخَلَف، وإن لم يكن له مِنه بُد فليَكتَفِ مِنه بقدر الحاجة، ويَجعل الأولَ المَقصود بالأصالة، والله المُوفِّق».

الحافظ ابن حجر
•|  «التّلقين» (1/ 2)  |•

كتاب «التّلقين» للقاضي أبي محمّدٍ عبد الوهّاب بن عليّ بن نصرٍ البغداديّ، كتابٌ في فقهِ المالكيّةِ أغَرُّ، طبَّقتْ شهرتُه الآفاقَ، وبُورِك منه الإنفاق، أَخلَصه للتّحصيلِ، وصنَّفه تصنيفَ التّأصيلِ، فجرَّده مِن الأدلّةِ، والعِلَل، وفنونِ الاختلافِ، والرّواياتِ، والفروعِ النّادرةِ ... وفيه مِن الضّبطِ للمذهبِ، والعنايةِ بالتّصويرِ، والحصرِ للمسائلِ، وكثرةِ التّقسيمِ، والتّفصيلِ، والتّحديدِ، والشَّرحِ، والتّمثيلِ، علىٰ جمالِ العبارةِ، ووفورِ المسائل، ما يغتبطُ به كلُّ طالبٍ مالكيٍّ، وقد يذهبُ في البابِ حتّىٰ لا يكادَ يُخلِّفُ وراءَه منه مسألةً، وقد يُلِمّ بالبابِ فلا يذكرُ منه إلّا أطرافًا ... سنَّةَ التّواليفِ الجِيادِ أن تُرخِي إذا أَرقَلت، وتُخِفَّ إذا ما حمَلت، حتّىٰ يتنفَّسَ الدّارسُ مِن بينِ الإمتاعِ والانتفاع، ويستريحَ بعد الكدِّ والارتفاع.

ومِن طريقتِه أنّه يجتهدُ في سَوقِ الأحكامِ في صُوَرٍ ضابطةٍ، ويعتني بالإجمالِ فالتّفصيلِ، أساسَ التّعليمِ النّافعِ، وقد يعود فيُجمِل بعد التّفصيل، ويربطُ بين المسائلِ، ويَعِد فيوفّي، ويقدِّمُ فيُذكِّر.

فوضعُه وضعُ كتابِ الدَّرسِ الّذي يعلِّمُ الطّالبَ، ويفيدُه، قد أقامه علىٰ معنى التّلقينِ حقًّا، وجرىٰ مسمّاه على اسمِه صدقًا، لا جرَم أن كان مِن أمّاتِ النّصوصِ المالكيّةِ الّتي طال اعتناءُ النّاسِ بها، وتتابَع الدَّرسُ لها أحقابًا كثيرةً، وعظُم النّقلُ منها، والتّعويلُ عليها، ولم يزلْ في بلادِ المغربِ مستعملًا في مجالسِ الدَّرسِ، معتنًى بحفظِه، مقيَّدَةً عليه الشُّروحُ الكثيرةُ، كما تَشهَدُ به الآثارُ الباقيةُ، وتصدِّقُه تَراجِمُ الفقهاءِ، حتّىٰ غلَبت الكُتُب المعروفةُ اليوم، بعد القرنِ العاشرِ الهِجريّ، فتناقصَ أمرُ النّاسِ في كلِّ شيءٍ.

و«التّلقينُ» بنيانٌ قائمٌ، ذو أعمدةٍ رواسخ، ضوَت إليه أعمالٌ جليلةٌ، وقد سبَق ابنُ الصّوّافِ العبديُّ إليه فوضَع عليه بَرْنامجًا سمّاه: «الخصال الصّغير»، التقَط منه مهمّاتٍ، وزادها شِياتٍ، وهو كتابٌ قريبُ الجِرمِ، نافعٌ للمبتدئِ، يتعرَّفُ به رءوسَ الأبوابِ، ويتّلجُ منه بيسرٍ. ثمّ أَشبَع أبو العبّاسِ التِّلِمسانيُّ «الخصالَ الصّغيرَ»، وأَلحَقه أمورًا، وسمّىٰ ذٰلك «اللُّمَع». والمِنّةُ في جُلِّ ذٰلك «للتّلقين».

وكان بعضُ أساتذتِنا في الجامعةِ يرغّبنا في تحصيلِ المذهبِ من «التّلقين»، ويريدنا أن يطول نَظَرُنا فيه، ومذاكرتُنا مسائلَه، وبعضُ أصحابِنا المعتنين بالمذهبِ، المبسوطةِ أيديهم في معرفةِ كتبِه ورجالِه ومذاهبِه ومخطوطاتِه ونُسَخِها النّادرة ... لا يرىٰ في الدّرسِ به بديلًا، ولا يفتأُ يتغنَّىٰ بمحاسنِه، ويتحسَّرُ علىٰ نسيانِ الطَّلبةِ له، ويتلهَّف أن لا تكونَ له نسخةٌ مطبوعةٌ تليقُ بمَنزلتِه، وهو يحفظُه ويسردُه، مع أنّه حَفِظ «مختصرَ خليلٍ»، وما شاء اللهُ له مِن نظمٍ ونثرٍ، وناغيتُه مرّةً أرجو رضاه فقلتُ معترفًا:

كتابُ ابنِ نصرٍ قد أنار ضياؤُه
ودون الثُّريّا في السّماءِ نُجُومُ

يُجلِّي عن الآفاقِ آثارَ ظُلْمةٍ
وللجهلِ قد بُثَّتْ هناك رُجومُ

وكم شُرِعتْ للمالكيِّين شِرعةٌ
فما طاوَل «التّلقينَ» قطُّ أَرِيمُ

فلا تَلهَيَنَّ الدَّهرَ عن نَفَحاتِه
فتَحرِمَكَ الضَّوءَ المُنيرَ غُيُومُ

ويتّصلُ بهٰذا أنّ شيخَنا الفقيهَ محمَّدًا سُكحالًا يرى التّمذهبَ لمالكٍ وأصحابِه ينبغي أن يُرَدَّ إلىٰ ذٰلك الضَّربِ مِن الكُتُبِ، فيُبدأَ بمثلِ «الخصالِ الصّغير» لابن الصّوّافِ العبديّ، أو «اللُّمَع» للتِّلمسانِيّ، أو «تدريب السّالك» للأحسائيّ، ثمّ يؤخَذ «الإرشادُ» لابنِ عسكرٍ، فـ«العُمدة» له، ثمّ «التّلقين».

ويتّصل به أيضًا أنّ أستاذنا المحقِّقَ الرّحّالةَ البحّاثةَ الشّيخَ توفيقًا الكِيفانِيَّ اعتنىٰ بـ«التّلقين» تحقيقًا وخدمةً، وبذَل فيه جهدَ حِقبةٍ متطاولةٍ، وجمَع له النُّسَخ العواليَ، وأعدَّ له الهمّةَ، وفرَّق فيه نفسَه، وقد فرَغ مِن عملِه والحمدُ لله، وكنتُ حضَرتُ له تدريسَ نُتفةٍ مِن أوَّلِه قبل أكثر مِن عَقْدٍ مِن الزّمانِ، ونسألُ اللهَ أن يُتِمَّ له المرادَ، وينفعَ بما عَمِل، ويدنيَه مِن المستفيدين.

•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•

نُتف واضحية
•|  «التّلقين» (2/ 2)  |•

مهَّدتُّ بهٰذا أذكِّرُ بالكتابِ، وأحثّ عليه ذوي الهِمَم مِن الطُّلّاب، لأرميَ إلىٰ كلمةٍ يجدُها الدّارسُ له، سنَحتْ لي سانحتُها، تفتحُ بابًا مِن أبوابِ البحثِ فيه، قد يكونُ لها أخوات ... وهي أنّه ذكَر تحريمَ النّساءِ دونَ تأبيدٍ، فسمَّىٰ ستَّ عشْرةَ صفةً في العقدِ تمنعُ التّزويجَ، ثمّ قال وختَم البابَ: «وربّما أغفلْنا شيئًا يردُ في التّفصيلِ» انتهىٰ.

وقال في الفصل الثّاني مِن «كتاب البيوع» وذكَر السَّلَم: «وهو جائزٌ في كلِّ ما تحصُرُه الصِّفةُ، علىٰ ما نذكُرُه» انتهىٰ، ثمّ لم يعدْ إليه ببيانٍ، في ما بين أيدينا مِن النُّسَخ، ولم يقفْ عليه مَن تقدَّم، حتّىٰ كان مِن صُنعِ ابنِ المناصفِ أن أنشأ فصلًا في «السَّلَم» ألحقه بـ«التّلقين»، وهو محفوظٌ معروفٌ، وقال في آخره: «كان مِن قولِ القاضي رحمه الله في كتابِ البيوعِ مِن «التّلقين» إحالةٌ علىٰ تبيُّن فصلِ السَّلَم في ما يُورِده، ثمّ لم يقعْ إلينا في شيءٍ مِن نسخِ «التّلقين»، فلعلّه ذهَل عنه، أو نسي، وذٰلك مِن لوازمِ البشَر» انتهىٰ.

ويلوحُ مِن هٰذا وذاك أنّ القاضيَ كأنّه كتَب «التّلقينَ» علىٰ عجَلٍ، فخرَج مِن يدِه قبل أن يُتِمَّ نظَرَه فيه وتنقيحَه، فأبقاه كذٰلك، أو أملاه إملاءً مِن الذّاكرةِ، فجرَىٰ علىٰ أن يفوتَه الشّيءُ فلا يتعهَّدُه، ولا يرجعُ إلىٰ موضعِه.

ويُشعِرُ بالأوّلِ قولُه في خاتمةِ المقدِّمة الأصوليّة: «كنتُ أردتُّ أن أجعلَ هٰذه مقدّمةً لأوّل «التّلقين»، ولكن كان قد خرَجتْ منه نُسَخٌ، فكرهتُ إفسادَها، فتركتُها وقلتُ: الحمدُ لله» انتهىٰ، فأعطىٰ أنّه استُعجِل فيه، فلم يُنجِزْ بعضَ ما كان في نيّتِه أن يضمِّنَه إيّاه، وإذا صحّ هٰذا فجائزٌ أن يفوتَه بعضُ ما في ظنِّه أنّه لم يفُتْه، ولا ينتبهُ له، وما زال النّاسُ يعلمون أنّ عِراضَ الكتبِ تلوَ العِراضِ، ودوامَ تدريسِها، ومعاودةَ النّظر فيها، قبلَ نشرِها، هو الّذي يُطلِع علىٰ خفيِّ الأوهام، ويذكّر بما ذهَبت به غائلةُ النِّسيان.

ويشعرُ بالآخِر أنّه قال في خاتمةِ الكتابِ: «كان الفراغُ مِن إملائِه بمدينةِ السّلامِ يومَ الأحدِ التّاسعَ عشَرَ مِن ذي الحجّةِ مِن سنةِ خمسَ عشْرةَ وأربع مئةٍ» انتهىٰ. وإن كان اسمُ الإملاءِ يجري عندهم كثيرًا علىٰ قراءةِ المصنَّفاتِ على الطّلّابِ، مِن دونِ أن يكونَ ذٰلك إملاءً مِن الحافظةِ.

وقد يكونُ في الكتابِ مواضعُ أخرىٰ، لعلّ اللهَ يُطلِع عليها بإذنِه.

والله أعلم.

•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•

نُتف واضحية
مَن يسيطر على مداركه تصنيف الناس أو الخوف من تصنيفهم فسوف يظلّ دائما متخبّطًا لا يستطيع أن يتخذ موقفا شريفا تجاه أعدل القضايا وأوضحها وأبينها، وسوف يظلُّ هذا الشبَح حائلا نفسيا بينه وبين أن يكون شخصا محترما على الأقل.
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM