رِكَاب
2.91K subscribers
103 photos
49 videos
14 files
33 links
Download Telegram
فيه مقال بينزل اليوم اتمنى انه يعجبكم ❤️
❤‍🔥6
في رحلة الأفكار 📖

في البداية كان الصمت. ثم كلمة تتردّد في رأسك بلا استئذان. ليست كل فكرة هدية، وبعضها فخّ جميل. والفارق بينهما يظهر عندما تمشي معها قليلًا. الفكرة التي تتنفّس، تكبر بهدوء. والفكرة التي تصرخ، تنطفئ حين تسكت الضوضاء.

في رحلة الأفكار، لا تبحث عن البرق. ابحث عن الشرارة الصغيرة التي تُشعل عود ثقاب. لحظة وضوح قصيرة قد تكفي لتفتح بابًا طويلًا. افتح دفترًا، واكتب أول جملة تخطر. لا تراقب لغتك الآن. المهم أن تثبّت الخيط قبل أن يضيع. الكلمات الأولى جسور هشة، لكنّها تحملك إلى الضفة الثانية إن لم تُثقلها بالخوف.

الأفكار تحبّ الحركة. اخرج من الكرسي. سر قليلًا. غيّر مكانك. للصوت تأثير، وللضوء أثر. نافذة مفتوحة قد تعطي فكرة أكثر من كتاب مغلق. ومع ذلك، القراءة وقود أساسي. لكن اقرأ باعتدال واضح: اقرأ لتفهم، لا لتكدّس الاقتباسات. الفكرة التي تأتيك بعد فصلٍ جيّد، ليست نسخًا؛ إنها نتيجة لقاء. وأنت مسؤول عن خلط هذا اللقاء بطريقتك الخاصة.

ثمّة أفكار تأتي لأنك تعبت. التعب يعلّمك الاقتصاد. عندما تكثر المسارات، اختر واحدًا فقط. قل: ما السؤال الحقيقي هنا؟ إذا لم تعرف، اكتب الأسئلة حتى ترى السؤال الذي يوجعك. الوجع دليل الطريق. الفكرة الأصيلة غالبًا تقف عند الحدّ الذي تخشاه. اقترب بقدرٍ محسوب. لا تلعب بطولة زائفة، ولا تتراجع خوفًا من العتمة. فقط تقدّم خطوة، ثم قيّم.

احمِ فكرتك في بدايتها من الضجيج. شاركها مع شخص واحد يفهمك، لا مع صف كامل ينتظر التعليق. الكلمات الأولى هشّة. كثرة الآراء تكسرها قبل أن تمشي. وإذا اضطررت للعرض المبكر، ضع حدًّا واضحًا: أحتاج رأيًا في الاتجاه لا في الأسلوب. هكذا تحمي البذرة من الريح، وتسمح لها أن تلتصق بالأرض.

الوضوح لا يعني القسوة. يعني أن تقول ما تقصد، وتترك ما لا يلزم. جرّب قاعدة بسيطة: كل جملة يجب أن تخدم الفكرة أو تهيّئ لها. ما لا يخدم، احذفه. ليس لأنك تكرهه، بل لأنك تحب الفكرة أكثر. الإطناب بلا معنى زينة زائفة. أما الصمت في المكان الصحيح فهو جزء من المعنى. لا تخف من فراغ قصير بين فقرتين؛ أحيانًا يحتاج القارئ خطوةً ليلتقط أنفاسه.

الفكرة ليست نصًا فقط. هي أيضًا وقت. هناك ساعات تولد فيها الأفكار بمشقة، وساعات تأتي فيها مطيعة. حدّد ساعاتك الجيدة. صباحك قد يكون أكثر صدقًا من ليلك، أو العكس. اجعل هذه الساعات موعدًا ثابتًا. لا تنتظر الإلهام. اجلس. افتح دفترك. أعد قراءة آخر سطر كتبتَه بالأمس. أضف سطرًا جديدًا ولو كان ضعيفًا. الاستمرار يصنع الموجة، ثم الموجة تحملك.

الفشل جزء من الطريق. لا تحوّله إلى سيرة ذاتية. تعلّم منه بهدوء وامضِ. إذا تعثّرت فكرة، اسأل: هل المشكلة في الفكرة، أم في التوقيت، أم في الأدوات؟ أعد ترتيب العناصر. غيّر زاوية النظر. انقلها من مقال إلى خاطرة، أو من خاطرة إلى مشهد قصير. بعض الأفكار تحتاج قميصًا مختلفًا لتجلس براحة.

تذكّر أخلاق الفكرة. لا تستخدم حكايات الناس للزينة. الألم ليس خامة مجانية. إذا كتبت عن وجعٍ، فاكتب بحذر واحترام. وإذا استعرْت تجربة، فاذكر أنها استعارة. الصدق ليس رفاهية. إنّه الهواء الذي تتنفّسه الكلمات. النصّ الصادق قد يكون بسيطًا، لكنه يصل. والنصّ المصنوع بإتقان بلا صدق، يلمع لحظة ثم يخفت.

لا تجعل الكمال شرطًا للنشر. الكمال سراب. اجعل شرطك: أن يكون النص واضحًا، عادلًا مع فكرته، ومخلصًا لشكله. انشر عندما تشعر أنك قلت ما تريد قوله الآن. ثم اترك مساحة لتعود لاحقًا بنسخة أهدأ. النصوص كالكائنات؛ تكبر إذا عدتَ لها بتجربة أعمق، لا بمجرفة أثقل.

الحوار مفيد. لكن اختر محاورك. ابحث عن عينٍ ترى ما لا ترى، لا عن يدٍ تمسك قلمك بدلاً منك. تقول رأيًا محدّدًا: هنا تكرار، هنا قفزة من غير جسر، هنا سؤال لم يُجب. هذا يكفي. أما أنت، فمهمتك أن تبني الجسر، لا أن تغيّر الطريق كل مرة.

الزمن يعلّمك الإنصات لفكرتك قبل أن تطلب التصفيق لها. اسألها: ماذا تضيف؟ على من تُخفّف؟ ما الذي تريد أن يعيش بعدك فيها؟ إذا لم تجد جوابًا، لا تُعاقب نفسك. بعض الصمت أكرم من ضوضاء جميلة. احتفظ بالفكرة في درج دافئ، وعدْ إليها حين تنضج. الزمن يطهّي بعض المعاني ببطءٍ لا يصنعه التعجّل.

ستجد دائمًا فكرة أسهل وفكرة أصعب. لا تذهب دومًا للأسهل، ولا تتحدَّ نفسك بلا معنى. اختر مشروعًا واحدًا صعبًا يكبرك قليلًا، وواحدًا سريعًا يُبقي يدك دافئة. التوازن ليس شعارًا، بل خطة عمل. العمل القصير يمنحك إحساس الإنجاز، والعمل الطويل يمنحك عمقًا لا يُشترى.

وأخيرًا: كل رحلة أفكار تنتهي إلى فعل. اكتب. نظّم. انشر. تعلّم من ردّ الفعل، ثم اكتب من جديد. لا تجعل رأي قارئٍ واحد يغيّر ملامحك. ولا تجعل تصفيقًا سريعًا يخدعك عن الحاجة للمراجعة. أنت تتعلّم المشي في ممرّ طويل. اليوم خطوة واضحة تكفي. والغد على الطريق.
❤‍🔥3🍓1
هذه هي الرحلة كما أفهمها اليوم: بداية في صمت، ومشيٌ بوصلة بسيطة، وحماية للبذرة، وجرأة على الحذف، واحترام للوجع، ونشرٌ في وقته، وعودة ببالٍ أصفى. إذا فعلت ذلك، ستجد أن الفكرة لا تهرب. بل تقف معك قليلًا، وتشير لك إلى الباب التالي.

رِكَاب
❤‍🔥51🍓1
دعواتكم لها بالشفاء
5
Forwarded from شُعلة
في البداية كنت متحفظ إني أشارككم هذا الموضوع لكن مع الوقت حسيت أنه من حقكم تعرفون خصوصًا أننا قضينا فترة طويلة مع بعض قبل فترة عملت فحوصات والأطباء شخّصوا حالتي بسرطان المعدة والحمد لله تم اكتشافه وفي خطة علاج واضحة بدأت فيها أعرف أن الكلمة قد تبدو ثقيلة لكني مؤمنه أن الله قادر على شفائي ودعواتكم بإذن الله أتجاوز هذه المرحلة
9🍓1
الكويت ثاني افضل دول الخليج 🇰🇼🤍
5🤣2🤡1
بُهتانُ العقل

العقلُ لا يكذبُ بصوتٍ غريب؛ يكذبُ بصوتِنا نحن.
حين يخاف، ينسج روايةً كاملة، ويؤدّي القسم على صدقها. يأخذ لقطةً ناقصة، ويبني عليها حكمًا نهائيًا. يحمّل نظرةً عابرة تاريخًا لا تملكه، ويضع على النوايا ظلال ظنونه، ثم يسمّي ذلك “فهمًا”.

بُهتانُ العقل يبدأ من رغبةٍ مستترة: أن يكون العالم كما نتصوره لا كما هو. فنُجمّل ما نحبّ بالدليل الناقص، ونُقَبِّح ما نكره بأسئلةٍ مائلة. نُدين أنفسَنا على ما لم يحدث، ونبرّئها ممّا حدث، ثم نُحاكم الآخرين على ما افترضناه فيهم.

العلاج ليس صمتًا تامًا ولا جدلًا بلا نهاية. العلاج ضوءٌ بسيط:
ماذا أعلم حقًا؟ ماذا أفترض؟ ما الذي أخشاه فأراه؟
حين تُسمّي شعورك يهدأ صوته. وحين تراجع الدليل، تسقط الزوائد. وحين تقبل أن بعض الظنّ هوى، يعود الميزان إلى مكانه.

ليست السكينة غياب الفكر، بل حضورُ ميزانٍ عادل. أن تترك الفكرة تحت أسئلةٍ صادقة حتى تستقيم، أو تتلاشى. عندها ينكشف البُهتان كما ينكشف الغبار في شعاع نافذة: لا يعود هواءُ الغرفة نقيًا أكثر، لكنّك ترى ما كان مُعلّقًا فيه، فتتنفّس بوعي.

احفظ قلبك من أحكام الرأس إذا عَلا صوته. واطلب اليقين بقدر ما تكفيه الحياة: وضوحٌ يكفي للعمل، وعدلٌ يكفي لئلّا نظلم. والباقي يُترك لله، فهو أعلمُ بالخفاء منّا.

رِكَاب
3❤‍🔥2🍓1
5❤‍🔥1
أدبُ المسافة

أنا لا ألوّح على الأبواب ولا أستدرّ العطف. أفتح إذا شئت، وأغلق حين تستوجب الكرامة ذلك. المحبّة عندي فخامةٌ لا انحناء، وقربٌ يُصان لا يُستعطى.

في قلبي ساحة هادئة. الداخلون حقًّا يعرفون الطريق بلا ضجيج، والطارئون يرون الحديقة من وراء السور. لي حدودٌ واضحة؛ لا أؤجّر مقعدي للضجيج، ولا أترك نافذتي لريحٍ تقتات من ضعف اللحظة.

إن أتيتَ، فتعال قائمًا على قدميك؛ لا أصافح الظلال. وإن مضيتَ، فخذ خفّتك معك؛ الفراغ لا يليق ببيتٍ امتلأ بمعناه. أنا أُحسن العطاء حين أختار، وأخطئ بقدر الإنسان، لكنّي لا أُسلّم زمامي لرجاءٍ يتسوّل حضوري. حتى الحنان له قامته.

لستُ أعلى من أحد، لكنّي أعلى ممّا يُهينني. هذا الفارق الصغير يغيّر كلَّ شيء. صورتي ليست مرآتك؛ وما يُنير وجهي ضوئي أنا. من أحبّني رآه كما هو، لا كما يريد له أن ينحني.

القرب عندي معنى لا عدد. كلمة صادقة تُغني عن مواسم، وغيابٌ محترم يصبح استراحةً لا عقوبة. أسأل حين يفيد السؤال، وأصمتُ صونًا للصوت. وقلبي، مهما اتّسع، يبقى بيتًا ببابٍ واحد.

رِكَاب
4❤‍🔥1🍓1
أسئلة التوجُّد والوجود

كيف؟ تأتي قبل لماذا. الأولى طريق السير، والثانية معنى الوصول. وبينهما نتعثّر، لا لأن الطريق معتم، بل لأننا نريد ضوءًا يسبق الخطوة.

متى؟ سؤال الزمن الذي نتوهمه خارجنا. الزمن ليس عقربًا؛ هو شعور يتمدّد وينكمش في الصدر. ننتظر إذنًا لنكون، مع أن الحياة لا توزّع تصاريح دخول. ادخل.

أين؟ لا يسأل عن المكان فقط، بل عن مكاننا من أنفسنا. البيت الحقيقي سكونٌ داخلي، لا عنوانٌ بريدي. قد تتغيّر المدن، ويبقى الغريب لأن قلبه بلا مقعد.

وكيف وكيف؟ الثانية ليست تكرارًا للأولى؛ إنها مراجعة النية. كيف أصنع؟ ثم: كيف أصون؟ الأولى حيلة العقل، والثانية امتحان القلب. وإذا اختلفا، ضاع الطريق في جدالهما.

التوجُّد فعلٌ حاضر: أن أكون في مقعد اللحظة كاملًا، بلا استعجال للنتيجة. أن أرى الشيء كما هو قبل أن أحمّله قصتي عنه. أن أبدّل “لماذا يحدث هذا لي؟” إلى “ماذا أفعل الآن؟”.

أسئلة الوجود لا تُغلق بنقطة نهائية؛ تُدار كبوصلة. كل جوابٍ صحيحٌ لبرهة، ثم يشيخ. نعدّل المسار بقدر ما يتّسع له القلب، لا بقدر ما يصرخ الخوف.

نصل متأخرين حين نصل إلى الناس قبل أن نصل إلى أنفسنا. والطمأنينة ليست وعدًا بالمكاسب، بل اتفاقٌ صامت: أن أختار، وأتحمّل اختياري، وأترك ما لا أملك لله.

خذ من الأسئلة مشعلًا لا قيدًا. دعها تفتح الطريق، لا تربطك بالعتبة. وحين يهدأ السؤال، ستكتشف أن الوجود لم ينتظرنا، لكنه يرحّب بنا كلما حضرنا حقًّا.

رِكَاب
3❤‍🔥1
أوتادُ الشوق

من الشوقِ شيءٌ في الخفوقِ لا يُنسى.
كتبتُ بقاءَك على صدري نقشًا لا حبرًا؛
كلّما اضطرب الهواء، شدّت أوتادُك جدارَ القلب فاستقام.

لا أحتفظُ بك ذكرى عابرة، بل اتجاهًا ثابتًا.
إذا مرَّ طيفُك، انتظمتْ فوضاي، وقصُر الطريق.
فالحبُّ ليس ضجيجًا يعلو، بل سكونٌ يثقل المكان بمعناه.

لا أطلبُ من الزمنِ ضمانًا؛ يكفيني صمتٌ بيننا يعرف لغته.
إن بعُدتَ، بقي لك في صدري متّسعٌ لا يُزاح،
وإن اقتربتَ، تذكّرنا أننا لم نغب أصلًا.

هذا هو البقاء الذي أعنيه:
أن تستندَ روحي إلى اسمِك كما تستندُ الأرضُ إلى جبالها؛
لا تُرى كلَّ حين، لكنها تمنعُ الانزلاقَ حين يهتزُّ كلُّ شيء.

رِكَاب
3🍓2❤‍🔥1
رِكَاب
Photo
سلامٌ لذكراك

قد باح شوقي، وأسرف قلبي في النداء.
وأعيا الروحَ طولُ الفقد؛ ليست الشكوى منك، بل من مسافةٍ لا تُقاس إلا بنبضٍ يتعثّر حين يذكرك.
أفتح الليل لأراك، فلا يأتيني غير صدى اسمك، كأنه يربّت على كتف الغياب.

ذكراك سلامٌ وحبّ؛ إذا مرّت هدأ ضجيج الدنيا لحظة،
وكأن يدًا خفيّة ترتّب الفوضى حولي كي يصفو الطريق إليك.
لستَ بعيدًا؛ أنت حضورٌ تغيّر مكانه فقط، وما زال يعلّم قلبي كيف يصبر بلا أن ينسى.

رحمك الله رحمةً واسعة، وجعل مقامك نورًا لا يخفت،
وجمعني بك في دارٍ لا فُراق فيها، حيث تنام الأسماء على طمأنينةٍ تليق بها.
حتى ذلك الحين، سأحفظك في صدري جهةً أعرفها،
وأقول كلما ضاق هذا العالم: لذكراك السلام… ولقلبي أن يثبت.

رِكَاب
4😢1
Forwarded from ودّ القيس
‏"لا تركض بحماس، حتى لا تشعر بأن الطريق بات أطول في عودتك"
👌3
في اطلال النهايات قد تبلل ثوبي

ليس من قسوة المطر، بل لأني اقتربتُ كثيرًا من ماء الوداع.
أفرك الطين عن قدمي؛ لا لأعود، بل لأرى الطريق كما كان: ثقيلًا حين لزم، وخفيفًا حين وجب.
النهاية ليست هدمًا، هي بابٌ خلفي نخرج منه كي لا نؤذي البيت بالوقوف الطويل.
أرتّب قلبي مثل ثوبٍ مبلّل: أعصر ما زاد، وأترك ما يبقى على مقاس الرحلة.
أحمل الأسماء التي تستحق، وأسلم الباقي لله؛ فما تمّ لا يُستعاد، وما بقي يَثبت دون ضجيج.
هذا البلل ليس خسارة، هو تطهيرٌ للخطى من رمل العادة، وإشارةٌ أن الطريق تعلّم اسمي ثم أطلقني.
وحين يجفّ الثوب، يبقى الأثر: قلبٌ أخفّ، وعينٌ تعرفُ جهةً لا تعود منها.

رِكَاب
❤‍🔥4
رِكَاب pinned «سلامٌ لذكراك قد باح شوقي، وأسرف قلبي في النداء. وأعيا الروحَ طولُ الفقد؛ ليست الشكوى منك، بل من مسافةٍ لا تُقاس إلا بنبضٍ يتعثّر حين يذكرك. أفتح الليل لأراك، فلا يأتيني غير صدى اسمك، كأنه يربّت على كتف الغياب. ذكراك سلامٌ وحبّ؛ إذا مرّت هدأ ضجيج الدنيا لحظة،…»
Forwarded from رِكَاب
1
خياطُ المعنى

في زقاقٍ ضيّق، محلّ صغير بواجهة قديمة. لافتته تقول: نخيط الكلام على مقاس القلب. دخلت. رجلٌ هادئ يضع شريط القياس حول عنقه. لم يسألني عمّا أريد نشره. سأل:
— أين يضيق كلامك عندما تمشي به؟

أخرج دفتري. جمل كثيرة بزوائد لامعة. نظر إليها قليلًا ثم قال:
— هذا الثوب مليء بالزركشة. جميل من بعيد، خانقٌ من قريب. نجرّده حتى يتنفّس.

على طاولته أدوات غريبة: مقصّ اسمه وضوح، إبرة اسمها صدق، ودبابيس صغيرة يسمّيها ضرورة. هناك أيضًا صندوق أزرار: زرّ مكتوب عليه لماذا؟ وآخر كيف؟ وثالث الآن. يختار منها ما يناسب الجيب الذي سنخيطه لمعنى يعيش مع صاحبه، لا يتدلّى كزينة.

يقيس الكلمات كما يُقاس الجسد:
— ارفع رأسك قليلًا… هذه الجملة منحنية من ثقل التبرير.
— تنفّس… هنا حشوٌ يقطع الحركة.
— امشِ بهذه الفقرة في الغرفة… إن تعثّرت فهي طويلة على مشيتك.

يشرح وهو يعمل:
— النصّ الجيد يمشي معك إلى الخارج. إذا وجدتَه جميلًا فقط وهو معلّق على الحائط، فليس على مقاسك. نترك فسحة مراجعة عند كل خياطة. هذه الفسحة للغد، لا للخوف.

يرقّم الغرز: غرزةٌ للفكرة، غرزةٌ للمثال، غرزةٌ لنفَسٍ قصير بينهما. يدوّن في الهامش: لا جيب للندم هنا. نسأل عن الاعتذار؟ يبتسم:
— الاعتذار مكانه الفعل، لا كل سطر. دع للنص وقارَه. افعل خارج الورقة، ثم اكتب بقدر الحاجة.

يُخرج بطانة خفيفة يسمّيها السكينة:
— هذه تمنع احتكاك الجملة بالقارئ. لا تُرخي المعنى، فقط تجعل لبسه محتملًا.
ثم يزيل كتفًا منتفخًا اسمه مبالغة:
— هذا يرفعك أعلى من الواقع، ثم يوقعك. نتركك واقفًا على قدميك.

أحاول إضافة اقتباس طويل. يوقف يدي:
— الجيب ممتلئ. أي شيء تضيفه الآن سيُسقط الثوب. خذ اقتباسًا واحدًا إن كان ضاغط المعنى، ولا تلبس ما لا تعرف تمشي فيه.

أسأله عن اللون. يقول:
— اللون نبرة. جرّب نبرة هادئة. اترك للمعنى أن يُرى بلا صراخ. إذا احتجت بريقًا، يكفي زرّ واحد لامع، لا معطف كامل من الضوء.

على رفّ جانبي لافتة صغيرة: التسعير. الدفع ليس بالمال. تدفع بثلاثة أشياء لا تحتاجها بعد اليوم:
١) شرح زائد.
٢) مقارنة مع نصوص لا تخصّك.
٣) مجد فارغ.
تضعها في صندوقٍ أسود، وتأخذ بدلًا منها خفةً تسمح لك بالعمل.

قبل أن يسلّم الثوب، يطلب اختبار المشي:
— اقرأ نصّك بصوتٍ منخفض وأنت تمشي عشر دقائق. إن ضاق نفسك عند فقرة، قصّرها. إن ظللتَ واقفًا عند جملة، فهناك عقدة. حرّرها بإبرة الصدق.
ثم يسلّمك تعليمة غسيل:
— يُغسل بإعادة القراءة. يُنشر في ضوء بسيط. يُكوى بوقفة صمت.

أعود إلى الكرسي، أرتدي النصّ الجديد. لا يلمع كثيرًا، لكنه دافئ، ويتيح للذراعين الحركة. جيوب قليلة، وكل جيبٍ لشيءٍ محدد: فكرة، مثال، دعاء قصير. لا شيء يتدلّى. لا شيء يصفّر مع الريح.

أشكره. يقول قبل أن أخرج:
— إذا اتّسخ المعنى من الطريق، لا ترمِ الثوب. أعده. الغرز التي صُنعت على مهلك تُفكّ على مهلك. والوضوح يعود إذا عدتَ إلى مقاسك.

في الخارج، العالم كما هو. الفارق أن النصّ يمشي معي، لا أمامي. لا يسحبني. لا أهرب منه. أستطيع أن أعمل به، وأن أتركه على الكرسي دون خوف أن ينهار شكله. تعلمتُ أن المعنى يُخاط ليُستعمل، لا ليُعلّق. وأن القوام البسيط أجمل حين يثبت.

كلما ضاق الكلام أو ثقل، أعود لذلك الزقاق. أفتح الدفتر. أقف مستقيمًا. آخذ نفسًا. أقيس. أختصر. أترك فسحة. ثم أمضي بثوبٍ على قدّ قلبي.

رِكَاب
2❤‍🔥1