منصور الحذيفي
2.44K subscribers
199 photos
22 videos
1 file
35 links
مقالات وخواطر وشعر.

كل ما يُكتب هنا من قولي.

حسابي على تويتر: https://twitter.com/mansour1917?s=21

قناة المختارات: https://t.me/mansour519

قناتي (في أعماق الكتابة): https://t.me/ketaba19
Download Telegram
مهما بلغت علاقاتك بأهلك وأصدقائك وأحبابك من الحميمية والصدق والقرب.. ستظلّ تشعر في بعض الأوقات بأنك وحيد، ستشعر بأن حبل الوصل مُعرَّضٌ للانقطاع في لحظةٍ ما لا تعلمها، لأيِّ سببٍ كان، وحدها العلاقة بالله هي التي لا تنقطع، وحدَه حبل الله المتين، هو الذي ما دمتَ متشبِّثاً به فلن يُخزيكَ الله أبدا! معيَّةُ الله الخاصة هي العلاقة التي تُغنيك وتعوِّضك عن كل علاقةٍ منفصمة، أو مُرشَّحة للانفصام.

(إذا صَحَّ منكَ الودُّ فالكلُّ هيِّنٌ
وكل الذي فوق الترابِ ترابُ).
الجاهل اللئيم إذا علِمَ معلومةً واحدةً اختبر بها علمَ الآخرين، وتطاولَ بها عليهم، والعالِم النبيل قد تُحدِّثه بحديثٍ هو أعلم به وأضبط له منك، ومع ذلك يستمع إليك كأنه يسمعه أولَ مرة..
‏وليس كل جاهلٍ لئيم، كما أنه ليس كل عالِمٍ نبيل.
من أشد ما يُضعِف العلاقة، وقد يُنهيها، أن تكون المداراة والتجاوز والإحسان من طرفٍ واحد.. أن تتضخّم عند أحد الطرفين الحقوق التي له حتى تحجب الواجبات التي عليه، وتحجب معها ميزات ومحاسن الطرف الآخر.
حتى لا يخيب ظنك يا صديقي، عوِّد نفسك ألّا تتحدث بحماسٍ عن موضوع، أو تُعبِّر عن عواطفك الجياشة تجاه أمرٍ إلا إذا تيَقَّنتَ أن مَن يستمع إليك يعنيه ما يعنيك، ويهتم لمشاعرك واختياراتك.. إياك أن تجعل مشاعرك مُلقاةً على قارعة الطريق!
كم نحتاج إلى المشاعر المستعلية فوق الهموم اليومية.. ألّا نسمح للصغائر أن تنال من هِممِنا وطموحاتنا، ولا للأذى أن يهزمنا وينهب منا أعزَّ ما لدينا، ألا وهو: لحظات العمر.
يمتَنُّ الكاتبُ في كثيرٍ مما يكتب لأشخاصٍ لا يستحقون تقديره وامتنانه! إنهم أولئك الذين كان لمواجهة أذاهم وطبائعهم وأخلاقهم النكِدة أثرٌ كبيرٌ في إنضاج مشاعر الغضب والضيق والتبرُّم فيه حتى تبرز في ثوب الكتابة الهادئة الواعية.. إنهم كالحواجز والعراقيل التي يتدرب عليها الحصان حتى يجود أداؤه في المضمار.
في النصيحة إياك أن تستخدم الرسائل غير المباشرة إلا في موضعها، إياك أن تُلمِّح لصديقٍ أو لقرينٍ بما تريد من النصح، إلا إذا تيقَّنتَ أن نتيجة ذلك لن تكون عكسية، فكثيرا ما يكون التصريح أخفّ على النفس من التلميح، وكثيراً ما يكون التلميح سبباً في غيظ المنصوح وعناده..
‏لعل التلميح يكون أجدى في بعض الأحيان مع مَن يرى أنّ لك حقاً عليه، كولدك أو مرؤوسك أو من تُربّيه وتُعلِّمه ونحو ذلك.. إذا كان ممن يفطن له، فهذا هو موضع التلميح اللائق به، وها هنا يكون وقعه طيباً وأثرُه حسنا..
علاقة القارئ بالكلمات تتجدد كلما أقبل على القراءة وتعاهدَها وارتبطَ بها، بِغَضِّ النظر عن نوعية ما يقرأ، هذه العلاقة الحية باللغة تُذكي مشاعره كما تُذكي أفكاره؛ لأن الألفاظ بحدِّ ذاتها تنطوي على مفاهيم غنية متنوعة، تُحدثُ ولا بُدّ حراكاً ذهنياً وعاطفياً، هذا الثراء وهذه الحياة في ظلال اللغة لها ولا شك أثرٌ كبير في وعي القارئ وتفهّمه للأمور، وفي نتاجه وما يُبدعه إن كان منتجاً أو كاتباً..
‏وكلما ارتفع مستوى ما يقرأ زادَ ذلك الأثر وجادت قريحةُ القارئ بالأروع والأعلى من الأفكار والأساليب التعبيرية.
كثيراً ما يؤدي الواحد منا أعمالاً يوميةً عظيمة، ولو لم يلتفت إليها أحد، ولو كانت في نظر الآخرين أعمالاً تافهة لا تستحق الذكر.. فليست قيمة العظيم في مقدار ما يُسلَّط عليه من الأضواء، كلا، العظمة لها قيمتها الذاتية، الغنية عن صخب الإعلان والتصفيق!
‏كلما استحضرتَ هذه الحقيقة سكَنَت نفسك، واطمأَنَّت إلى التقدُّم في دأبٍ وصمت، وكنتَ أمضى في أعمالك، وأكثر توجهاً إلى الحقائق العميقة، وبُعداً عن المظاهر الخدَّاعة!
لو كان المالُ في وِفاقٍ مع الأدب لكان الأدباء أسعدَ الناس وأهنأَهم عيشا. 😄
ما حَطَّ من قدر النِّعَم وحجبها عن القلوب شيءٌ مثل التعلق بالمال والطمع في المزيد منه.
الذي لا يتحرك إلا بالثناء يوشك أن يتوقّف.. ليس فقط لقلة الثناء، بل لأنه كلما سمع ثناءً تشوَّفَ لأكثر وأبلغ منه، ولم يعُد يرضيه القليل منه، وإذا لم يكن الدافع ذاتياً فما أسرع ما يكلّ ويملّ ويستسلم للفشل.
قد يظهر لك فجأةً عدوٌّ لا تدري كيف اكتسبتَ عداوته، لعلك كنت تُنجِز وتتقدم وتُنتِج وأنت في غفلة عن نار الحسد التي كانت تُلهِب قلبَه أمَداً طويلاً، حتى أنضجَت أحقادَه فتبدَّت على صفحةِ وجهه وسقَطاتِ لسانه ونظرات عينيه..
كنتَ مشغولاً بأعمالك عنه، في نفس الوقت الذي كان فيه مشغولاً بك!
أزعم أن لكتب الأوائل قنطرةٌ، وقد أسمّيها عَقبة، من جاوزها أو اقتحمها وجدَ لكلامهم أعظمَ النفع واستمتع به أوفر الاستمتاع، وتفتّحَت له ثقافةُ العرب، وضاءت له جوانب شعرهم وبيانهم وحياتهم بما لا يقع تحت وصف، وندِم على تفريطه في حق تلك الكتب الثمينة، وعلى حرمان نفسِه من كنوزها وبركاتها، وكثيرٌ منا محجوبٌ عنها وعن تذوُّقها بعُجمة الأساليب الحديثة، وببعده عن اللغة الغنية التي كُتبَت بها، ولو اقتطع من عُمره مدةً يُعالج فيها ما استوعر عليه من تلك الكتب، ويتمرّسُ ببيانها، ويتداوى بها من داء الأساليب المستحدثة، ويعود إلى تلك الأصول الركينة، والمناهل العذبة.. أقول إن من عزَمَ على نفسه هذه العزيمة الصادقة، فسيرى بنفسه الفرق بين القراءة لأولئك الجهابذة من العلماء والبلغاء، وبين ما يقرؤه ويقصر نفسه عليه من كتب المتأخرين.. وليست هذه دعوة لترك كتب المتأخرين، كيف والكاتب ممن يقرؤها وينتفع ويستمتع بها، لكنها دعوةٌ للعودة إلى تلك الأُسسِ المتينة الراسخة والانطلاق منها، دعوةٌ للتأصيل قبل التكميل، والتأسيس قبل البناء، ومن ذاقَ عرف، ومن عرفَ اغترَف..!

وفقني الله وإياك لذلك، ولما هو خير منه، وهداني وإياك سواء السبيل.

-الصورة التقطتها من مكتبة إمام الدعوة بمكة المكرمة.. برفقة كتاب الحيوان للجاحظ..
على نُدرة ما يتزوَّدُ به الواحد منا من العلم والأدب والثقافة إلا أننا نجد لذلك في نفوسنا من اللذة والسلوى ما قد تعجز ألسنتنا وأقلامنا عن وصفه.. فكيف لو سلكنا مسلك العلماء وغُصنا في بحور العلم والأدب غوصَهم!
كم من السعادة يكمن في أن تتذكر أن هنالك كتاباً أو درساً تترقب أن تعود لتقرأه أو تسمعه، وكم من الكدر والشعور بالفراغ والتفاهة يكمن في أن يقتصر وجودك في هذه الحياة الدنيا على هموم المأكل والمشرب وما هو مثل ذلك وما دونه!

أمَا والله ما على ذوي الهمم ملامٌ أن يُدافعوا الهمومَ بالعلوم.. فنِعمَ العونُ والشرف للإنسان: علمه وأدبه.. وما عند الله خيرٌ وأبقى لمن علَت همته أكثر فأكثر، يقول النابغة الجعدي -رضي الله عنه-:
(أَنْشَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
بَلَغْنَا السَّمَاءَ مَجْدُنَا وجُدودُنا ... وَإِنَّا لَنَرْجُو فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَرَا

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِلَى أَيْنَ يَا أَبَا لَيْلَى؟"، فَقُلْتُ إِلَى الْجَنَّةِ، فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ).
مِلْ مع حبك للعالِم الفلاني والأديب الفلاني أو لفلانٍ من الناس كما تشاء، لكن لا تجعل حبك له حجةً على الآخرين في قبول ما يأتي به، ولا في إلزامهم بتقديره وتبجيله كما تقدره أنت وتُبجله، ولا تجعل حبك له أيضاً سببا في معاداة أنداده وخصومه.. خذْ الأمر بأريحية أكثر، وكن منصفاً واسعَ النظرة مستقِلَّ الفِكر.