رحلةٌ إلى الفوّارة وحَرَّةِ بني مسعود
الزمان: عصر الجمعة الثاني من شهر ذي القعدة من سنة خمس وأربعين وأربعمئة وألف للهجرة.
الوجهة: الفوّارة- وحَرَّة بني مسعود من ديار هُذيل- شمال شرق مكة المكرمة.
كنا قد تواعدنا أنا وبعض الأصدقاء على هذه الرحلة قبل أيام، لم نتعب في الترتيب لها، علّقَ أحد الأصدقاء بأن خيرَ الرحلات ما جاء هكذا عفواً دون كثيرِ اهتمامٍ أو طويلِ تأهُّب.. ها هم الرفاق يتفقون على أن تكون نقطة التجمُّع والانطلاق هي (مسجد الجعرانة) الذي يسمى (مسجد الميقات)؛ لكونه في منطقة (الحِل) فيخرج إليه أهل مكة من الأحياء القريبة منه ليُحرموا بالعمرة.. كنتُ أولَ الواصلين، قُبيل الساعة الثالثة بعد الظهر، ثم وصل الرفاق، وهم ثلاثة، وركبنا السيارة التي اختيرت خصِّيصى لمثل هذه الرحلة، (جيب باجيرو متسوبيشي)، فالوادي الذي نقصده وعِرُ المسالك جدا، ونحن نقتحمه بعد أيامٍ من سيلٍ تاريخيٍ جرّارٍ، قد حفرَ الوادي حفراً، وقلَّبَ صخورَه العظيمة، وعلا فوقَ الجسر المسلَّح الذي يقطع الوادي لتعبر السيارات عليه إلى حرة بني مسعود وما وراءها من قرى الفوّارة وصولاً إلى (عشيرة) لينفذ إلى طريق (الطائف-الرياض)..
لم يذهب وقتٌ طويل منذ أن انطلقنا من (مسجد الجعرانة) حتى وصلنا الوادي المسمى باللهجة المحلية وادي (احْوَرَه)، وهو أحد روافد وادي (مَرّ الظهران) الذي يقع عليه سد (وادي فاطمة).
ربما استغرق الطريق حوالي ساعة، كان الوادي عند وصولنا مزدحماً جداً بمُرتاديه من العوائل، وذلك بعد أن انتشرت مقاطع تُصوِّر جمالَ النهر (أو النُّهَير) الذي يجري فيه.. بالكاد وجدنا مكاناً في الوادي الضيق إلى جوار الماء، وفرَشنا فَرشتنا في ظلِّ سيارتنا، إذ ما تزال أشعة الشمس قوية ونحن في بداية وقت العصر، يمَّمنا وجوهَنا قِبَل القبلة وصلينا العصر.. وتناولنا القهوةَ والشاي مع شيء من التمر والفُشار، وتجاذبنا أطرافَ الأحاديث ساعةً أو تزيد، ثم حرصتُ على أن أتمشّى حافياً على حجارة الوادي النظيفة وأخوض في نهره الصغير، لما في ذلك من المتعة والصحة التي تشعر بها فوراً، وكان الماء بارداً على الرغم من بعض الحرارة المحسوسة في الجو، كان أكثر من في الوادي استمتاعاً وسعادةً هم الأطفال، كانوا يلعبون في الماء ويخرجون ليتقلّبوا في التراب النقي فيلتصق بهم ثم يعودون إلى الماء فيستَلقون فيه ويرشُّ بعضهم بعضاً، وأنا أمشي في الماء بهدوء الكبار وأتأملهم بقلب الصبيّ، وأسترجع ذكرياتٍ عزيزة كانت لي في مثل هذه الأودية، فأدرك فرقَ السنين بيني وبينهم وإن لم تُبارح نفسي تَماماً هذه الطفولة العابثة..
طوينا فرشتَنا قبيل المغرب، وعدنا إلى السيارة وخرجنا من الوادي وأكملنا الصعود إلى الحَرّة، حَرَّةِ بني مسعود، وهي أرضٌ بركانية فسيحة جداً، ومستوية، ربما يصح أن نسميها (هضبة)، تتميز تضاريسها بالصخور والأحجار السوداء الحادة، مع وجود حُفرٍ صغيرة في كل صخرة وحجر.. وفي أعلى تلك الحرّة توقَّفنا.. وترجّلنا من السيارة، وأخذنا نبحث عن شجر (البشام) الذي ينبت في مثل هذه المناطق الجبلية، ومن أغصانه تُقطَف (المساويك، جمع مِسواك).. فلم نجده، ووجدنا أنواعاً من النباتات أخذ أحد الرفاق يُسميها لنا واحدةً إثر الأخرى، بخبرته الطويلة في معرفة النباتات واستزراعها، حتى وقف بي على نبتةٍ عطرية، تفوحُ أوراقها وزهراتها الصفراء المبهجة بزكيِّ العبق، اسمها (السَّكَب)، فقطفتُ منها ما زيَّنتُ به (جيب ثوبي) على الصدر، وعندما عُدتُ إلى البيت أهديتها لأمي -حفظها الله- التي تحب هذه الرياحين وتسعد بها جدا..
في هذه الحرَّة الخالية، الحافلة مع ذلك بأنواعٍ من النباتات، وشيءٍ من الخضرة وتجمّعات الماء -التي نسميها في لهجتنا: نِقاع، جمع نَقعة- بعدما جادها الغيث فغسل عنها الغبار المتكدس طوال العام.. أقول إني وجدت في هذا الخلاء الممتد مدَّ البصر= راحتي وسلوتي ونشاطي الروحي والجسدي، ومَن لازمَ المدينة مدةً طويلة ثم خرج إلى الصحراء وعانق الطبيعة عرفَ ما أصِف.. فإني -والله- منذ فترة طويلة لم أشعر بما شعرت به هناك.. كان كل شيء يدعوني للتأمل والفناء فيه ونسيان الهموم والسباحة في ملكوت الله الواسع العجيب.. وما حلَّ المساء في تلك الربوع، وتضيَّفَت الشمس للغروب، وآذن الأصيل بالرحيل، وغَشّتِ الظلمةُ بقايا النور في الأفق وعلى رؤوس الجبال= إلا وأنا في قمة الحضور الذي يشبه الغياب! ونهاية اليقظة التي هي بداية الغيبوبة!
الزمان: عصر الجمعة الثاني من شهر ذي القعدة من سنة خمس وأربعين وأربعمئة وألف للهجرة.
الوجهة: الفوّارة- وحَرَّة بني مسعود من ديار هُذيل- شمال شرق مكة المكرمة.
كنا قد تواعدنا أنا وبعض الأصدقاء على هذه الرحلة قبل أيام، لم نتعب في الترتيب لها، علّقَ أحد الأصدقاء بأن خيرَ الرحلات ما جاء هكذا عفواً دون كثيرِ اهتمامٍ أو طويلِ تأهُّب.. ها هم الرفاق يتفقون على أن تكون نقطة التجمُّع والانطلاق هي (مسجد الجعرانة) الذي يسمى (مسجد الميقات)؛ لكونه في منطقة (الحِل) فيخرج إليه أهل مكة من الأحياء القريبة منه ليُحرموا بالعمرة.. كنتُ أولَ الواصلين، قُبيل الساعة الثالثة بعد الظهر، ثم وصل الرفاق، وهم ثلاثة، وركبنا السيارة التي اختيرت خصِّيصى لمثل هذه الرحلة، (جيب باجيرو متسوبيشي)، فالوادي الذي نقصده وعِرُ المسالك جدا، ونحن نقتحمه بعد أيامٍ من سيلٍ تاريخيٍ جرّارٍ، قد حفرَ الوادي حفراً، وقلَّبَ صخورَه العظيمة، وعلا فوقَ الجسر المسلَّح الذي يقطع الوادي لتعبر السيارات عليه إلى حرة بني مسعود وما وراءها من قرى الفوّارة وصولاً إلى (عشيرة) لينفذ إلى طريق (الطائف-الرياض)..
لم يذهب وقتٌ طويل منذ أن انطلقنا من (مسجد الجعرانة) حتى وصلنا الوادي المسمى باللهجة المحلية وادي (احْوَرَه)، وهو أحد روافد وادي (مَرّ الظهران) الذي يقع عليه سد (وادي فاطمة).
ربما استغرق الطريق حوالي ساعة، كان الوادي عند وصولنا مزدحماً جداً بمُرتاديه من العوائل، وذلك بعد أن انتشرت مقاطع تُصوِّر جمالَ النهر (أو النُّهَير) الذي يجري فيه.. بالكاد وجدنا مكاناً في الوادي الضيق إلى جوار الماء، وفرَشنا فَرشتنا في ظلِّ سيارتنا، إذ ما تزال أشعة الشمس قوية ونحن في بداية وقت العصر، يمَّمنا وجوهَنا قِبَل القبلة وصلينا العصر.. وتناولنا القهوةَ والشاي مع شيء من التمر والفُشار، وتجاذبنا أطرافَ الأحاديث ساعةً أو تزيد، ثم حرصتُ على أن أتمشّى حافياً على حجارة الوادي النظيفة وأخوض في نهره الصغير، لما في ذلك من المتعة والصحة التي تشعر بها فوراً، وكان الماء بارداً على الرغم من بعض الحرارة المحسوسة في الجو، كان أكثر من في الوادي استمتاعاً وسعادةً هم الأطفال، كانوا يلعبون في الماء ويخرجون ليتقلّبوا في التراب النقي فيلتصق بهم ثم يعودون إلى الماء فيستَلقون فيه ويرشُّ بعضهم بعضاً، وأنا أمشي في الماء بهدوء الكبار وأتأملهم بقلب الصبيّ، وأسترجع ذكرياتٍ عزيزة كانت لي في مثل هذه الأودية، فأدرك فرقَ السنين بيني وبينهم وإن لم تُبارح نفسي تَماماً هذه الطفولة العابثة..
طوينا فرشتَنا قبيل المغرب، وعدنا إلى السيارة وخرجنا من الوادي وأكملنا الصعود إلى الحَرّة، حَرَّةِ بني مسعود، وهي أرضٌ بركانية فسيحة جداً، ومستوية، ربما يصح أن نسميها (هضبة)، تتميز تضاريسها بالصخور والأحجار السوداء الحادة، مع وجود حُفرٍ صغيرة في كل صخرة وحجر.. وفي أعلى تلك الحرّة توقَّفنا.. وترجّلنا من السيارة، وأخذنا نبحث عن شجر (البشام) الذي ينبت في مثل هذه المناطق الجبلية، ومن أغصانه تُقطَف (المساويك، جمع مِسواك).. فلم نجده، ووجدنا أنواعاً من النباتات أخذ أحد الرفاق يُسميها لنا واحدةً إثر الأخرى، بخبرته الطويلة في معرفة النباتات واستزراعها، حتى وقف بي على نبتةٍ عطرية، تفوحُ أوراقها وزهراتها الصفراء المبهجة بزكيِّ العبق، اسمها (السَّكَب)، فقطفتُ منها ما زيَّنتُ به (جيب ثوبي) على الصدر، وعندما عُدتُ إلى البيت أهديتها لأمي -حفظها الله- التي تحب هذه الرياحين وتسعد بها جدا..
في هذه الحرَّة الخالية، الحافلة مع ذلك بأنواعٍ من النباتات، وشيءٍ من الخضرة وتجمّعات الماء -التي نسميها في لهجتنا: نِقاع، جمع نَقعة- بعدما جادها الغيث فغسل عنها الغبار المتكدس طوال العام.. أقول إني وجدت في هذا الخلاء الممتد مدَّ البصر= راحتي وسلوتي ونشاطي الروحي والجسدي، ومَن لازمَ المدينة مدةً طويلة ثم خرج إلى الصحراء وعانق الطبيعة عرفَ ما أصِف.. فإني -والله- منذ فترة طويلة لم أشعر بما شعرت به هناك.. كان كل شيء يدعوني للتأمل والفناء فيه ونسيان الهموم والسباحة في ملكوت الله الواسع العجيب.. وما حلَّ المساء في تلك الربوع، وتضيَّفَت الشمس للغروب، وآذن الأصيل بالرحيل، وغَشّتِ الظلمةُ بقايا النور في الأفق وعلى رؤوس الجبال= إلا وأنا في قمة الحضور الذي يشبه الغياب! ونهاية اليقظة التي هي بداية الغيبوبة!
ملحق الصور:
الصورة الأولى لحرة بني مسعود والطريق الذي يقطعها.. مأخوذة من حساب المصور المبدع الرحّالة الأستاذ: إبراهيم سرحان..
والصورة الثانية مأخوذة من الإنترنت لمسجد ميقات الجعرانة
وبقية الصور من تصويري.
الصورة الأولى لحرة بني مسعود والطريق الذي يقطعها.. مأخوذة من حساب المصور المبدع الرحّالة الأستاذ: إبراهيم سرحان..
والصورة الثانية مأخوذة من الإنترنت لمسجد ميقات الجعرانة
وبقية الصور من تصويري.
مسكينة، بلغ منها الجهل والنقص وفُقدان الثقة بالذات إلى درجةٍ تظن فيها أنّها لا تُحقِّق أنوثتها إلا بالتشبُّه بالرجل..
النسوية في حقيقتها "تُرشد" المرأة وتبين لها كيف تكون رجلا رغماً عن جسدها وطبيعتها الأنثوية..
تُحارب الأنوثة بدعوى تحقيق الأنوثة!
وهذا من العجب العُجاب..
في حقيقة الأمر: المسألة تكامُل أدوار، لا سباق مضمار!
ولكنّ كلَّ نِحلةٍ تُخالفُ أمرَ الله فإن الله تعالى كثيراً ما يُظهر عاقبةَ أمرِها وسوءَ مُنقَلَبِها في الدنيا قبل الآخرة.. ليعتبر الإنسان وليعلم حكمةَ الشارع العظيمة في شرعه وهداياته:
(ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)؟!
النسوية في حقيقتها "تُرشد" المرأة وتبين لها كيف تكون رجلا رغماً عن جسدها وطبيعتها الأنثوية..
تُحارب الأنوثة بدعوى تحقيق الأنوثة!
وهذا من العجب العُجاب..
في حقيقة الأمر: المسألة تكامُل أدوار، لا سباق مضمار!
ولكنّ كلَّ نِحلةٍ تُخالفُ أمرَ الله فإن الله تعالى كثيراً ما يُظهر عاقبةَ أمرِها وسوءَ مُنقَلَبِها في الدنيا قبل الآخرة.. ليعتبر الإنسان وليعلم حكمةَ الشارع العظيمة في شرعه وهداياته:
(ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)؟!
حتى معاني الرجولة والكرامة والحرية والغَيرة على الأعراض والحُرمات يجب أن نُذكِّر أنفسنا بها، ونجدد العهد معها، فإن كثيراً مما نراه من الفساد في الخلائق والتردّي في الطِّباع قد يتسلل إلى نفوسنا دون إحساسٍ منا.. وما أحفل الشعر بهذه المعاني العالية..
ومن أعظم وأبلغ ما رأيت من الأبيات في ذلك: أبيات القاضي الأديب علي بن عبدالعزيز الجرجاني رحمه الله، فإنه لمّا لِيمَ على عزلته كتبَ هذه الأبيات النفيسة العذبة الفائضة بالإباء وعزة النفس وصونها عما يدنسها من خسيس المطامع والطباع، قال رحمه الله:
يقولونَ لِي : فيكَ انقباضٌ وإنَّما
رَأوْا رجلاً عن موقفِ الذُّلِّ أحجما
أرى الناسَ مَنْ داناهُم هانَ عندَهُمْ
وَمَنْ أكْرَمَتْهُ عزةُ النفسِ أكْرِما
وَلَمْ أقْضِ حَقَّ العِلْمِ إنْ كانَ كُلَّما
بدا طمعٌ صَيَّرْتُهُ [3] لِيَ سُلَّما
إذا قيلَ : هذا مَوْرِدٌ ، قُلْتُ : قَدْ أرِى
وَلكِنَّ نَفْسَ الحُرِّ تَحْتَمِلُ الظَّما
وَلَمْ أبْتَذِلْ في خِدْمَةِ العلمِ مُهجَتِي
لأخْدِمَ مَنْ لاقيتُ ، لكنْ لأُخْدَما
أأشقَى بِهِ غَرْساً ، وَأجنيهِ ذِلَّةً ؟ !
إذاً ، فاتِّباعُ الجَهْلِ قَدْ كانَ أحْزَما
وَلوْ أنَّ أهْلَ العِلمِ صانُوهُ صانهُمْ
وَلَوْ عظَّموه في النفوس لَعُظِّما
ولكن أهـانوهُ فَهَانَ وَدَنَّسُوا
مُحَيَّاهُ بالأطماعِ حتى تَجَهَّما
وشاعر هذه القصيدة هو "القاضي أبو الحسن ،علي بن عبد العزيز الجرجاني ، قاضي الريَّ المتوفى سنة 392 هـ ، وكان عالماً ، أقرَّ له الناس بالتفرد ، وكان إلى ذلك شاعراً محسناً ، وناقداً دقيقاً ، وكتابه (الوساطة بين المتنبي وخصومه) من أشهر كتب النقد في الأدب العربي ، وهو مطبوع".
ومن أعظم وأبلغ ما رأيت من الأبيات في ذلك: أبيات القاضي الأديب علي بن عبدالعزيز الجرجاني رحمه الله، فإنه لمّا لِيمَ على عزلته كتبَ هذه الأبيات النفيسة العذبة الفائضة بالإباء وعزة النفس وصونها عما يدنسها من خسيس المطامع والطباع، قال رحمه الله:
يقولونَ لِي : فيكَ انقباضٌ وإنَّما
رَأوْا رجلاً عن موقفِ الذُّلِّ أحجما
أرى الناسَ مَنْ داناهُم هانَ عندَهُمْ
وَمَنْ أكْرَمَتْهُ عزةُ النفسِ أكْرِما
وَلَمْ أقْضِ حَقَّ العِلْمِ إنْ كانَ كُلَّما
بدا طمعٌ صَيَّرْتُهُ [3] لِيَ سُلَّما
إذا قيلَ : هذا مَوْرِدٌ ، قُلْتُ : قَدْ أرِى
وَلكِنَّ نَفْسَ الحُرِّ تَحْتَمِلُ الظَّما
وَلَمْ أبْتَذِلْ في خِدْمَةِ العلمِ مُهجَتِي
لأخْدِمَ مَنْ لاقيتُ ، لكنْ لأُخْدَما
أأشقَى بِهِ غَرْساً ، وَأجنيهِ ذِلَّةً ؟ !
إذاً ، فاتِّباعُ الجَهْلِ قَدْ كانَ أحْزَما
وَلوْ أنَّ أهْلَ العِلمِ صانُوهُ صانهُمْ
وَلَوْ عظَّموه في النفوس لَعُظِّما
ولكن أهـانوهُ فَهَانَ وَدَنَّسُوا
مُحَيَّاهُ بالأطماعِ حتى تَجَهَّما
وشاعر هذه القصيدة هو "القاضي أبو الحسن ،علي بن عبد العزيز الجرجاني ، قاضي الريَّ المتوفى سنة 392 هـ ، وكان عالماً ، أقرَّ له الناس بالتفرد ، وكان إلى ذلك شاعراً محسناً ، وناقداً دقيقاً ، وكتابه (الوساطة بين المتنبي وخصومه) من أشهر كتب النقد في الأدب العربي ، وهو مطبوع".
للاستزادة من معاني الأبيات وتحليلها إليك رابط مقالة للأستاذ ماجد بن محمد الجهني من موقع (صيد الفوائد) وهذا الموقع غني حقاً بالفوائد التي أحسنَ كُتّابه في صيدها أيَّما إحسان!
http://saaid.org/arabic/majed/46.htm
http://saaid.org/arabic/majed/46.htm
أيها الصاحب القديم، سأكتفي بما كان من الأشواق، بعد كل محاولات اللقاء، الله يعلم أني ما أبغضتك على نأيك وتجافيك، سأحتفظ بتلك المشاعر والذكريات في مكان عزيز من نفسي، في شغاف قلبي، والسلام..
يعظم انتماء أفراد الأسرة لها كلما صنعوا لبعضهم ذكرياتٍ سعيدة، وكلما تعاملوا فيما بينهم بالحب والرفق والإحسان.
والانتماء له ثمرته المهمة جدا في حسن التربية والتأثير في الأولاد وفي تقديرهم لوالديهم، وضعف الانتماء للأسرة قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.
والانتماء له ثمرته المهمة جدا في حسن التربية والتأثير في الأولاد وفي تقديرهم لوالديهم، وضعف الانتماء للأسرة قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.
في الكتابة..
أُسَرُّ حين أُنهي المكتوب وأُلقي بثقله عن صدري..
ولكني كثيراً ما أعيد النظر فيه فلا يرضيني..
ويُتعبني الشعور بأن هنالك لفظة أفضل من هذه اللفظة، وجملة أبلغ من هذه الجملة.. لم أصِل إليها بعدُ..
ولكني بدأت أستروح أكثر إلى العفوية، وإلى قبول ما تأتي به النفس، دون كثير تدقيق وتمحيص..
ولا أريد التخلص التام من هذا القلق، قلق الإتقان، لأني أُعلّق عليه آمالَ الترقي والتطور والتصحيح..
علي فقط أن أجعل مخالبه أقل حِدّةً!
أُسَرُّ حين أُنهي المكتوب وأُلقي بثقله عن صدري..
ولكني كثيراً ما أعيد النظر فيه فلا يرضيني..
ويُتعبني الشعور بأن هنالك لفظة أفضل من هذه اللفظة، وجملة أبلغ من هذه الجملة.. لم أصِل إليها بعدُ..
ولكني بدأت أستروح أكثر إلى العفوية، وإلى قبول ما تأتي به النفس، دون كثير تدقيق وتمحيص..
ولا أريد التخلص التام من هذا القلق، قلق الإتقان، لأني أُعلّق عليه آمالَ الترقي والتطور والتصحيح..
علي فقط أن أجعل مخالبه أقل حِدّةً!
لا أرتاح للمُدِلّ بنفسه.. الذي يرى لها كل الحق في التقديم والتبجيل، وتصدُّر المجالس، ونباهة الذكر.. الذي يثني على نفسه بكل وسيلة، ومن ذلك: المدح غير المباشر.. والصدع بالأمجاد والمآثر الشخصية دون أدنى حياء..
ويزيد بُغضي لهذا الفعل إذا صدر من طالب علمٍ شرعي..
فإن العلم الشرعي من أعظم ما يهذب النفس، ويربيها على التواضع وترك العُجب، ويتوعّدها أشد الوعيد إذا كان غرضها دنيوياً.
ويزيد بُغضي لهذا الفعل إذا صدر من طالب علمٍ شرعي..
فإن العلم الشرعي من أعظم ما يهذب النفس، ويربيها على التواضع وترك العُجب، ويتوعّدها أشد الوعيد إذا كان غرضها دنيوياً.
بعض الثقة تُودي بصاحبها..
حتى في ثقتك بأقوالك وأفعالك: افتح بابَ شك.. واحتفِظ لنفسك بخطِّ رجعة.
حتى في ثقتك بأقوالك وأفعالك: افتح بابَ شك.. واحتفِظ لنفسك بخطِّ رجعة.
والله إن هذا الحديث لَيهزّ قلب من يتأمله ويقف على معانيه حقَّ الوقوف!
الأحداث الجليلة العظيمة في السماء، هي الأحداث العادية في تصوُّر أهلِ الأرض.. هي تلك الأحداث التي يمرّ بها كثيرٌ من الناس دون أن يأبه لها..!
تستحق الذكر في السماء، في الملأ الأعلى، بذكرك لله في هذه الأرض..
ومن الذي يذكرك ويباهي بك؟
رب العالمين جلّ جلاله!!
لا إله إلا الله.
الأحداث الجليلة العظيمة في السماء، هي الأحداث العادية في تصوُّر أهلِ الأرض.. هي تلك الأحداث التي يمرّ بها كثيرٌ من الناس دون أن يأبه لها..!
تستحق الذكر في السماء، في الملأ الأعلى، بذكرك لله في هذه الأرض..
ومن الذي يذكرك ويباهي بك؟
رب العالمين جلّ جلاله!!
لا إله إلا الله.
إذا كان الإنسان متهالكاً على الباطل، منغمساً فيه، فإن الحق قد يجرحه ويُحرجه، فيتململ منه، ليس لأن الحق جارحٌ أو مُحرِج في ذاته، لكن لأن هذا الإنسان سادرٌ في غيِّه، متعلقٌ بباطله، مُتلَبِّسٌ به.. والحق يمنعه من ذلك..
وكثير مِن ردّ النصح والوعظ بل الاعتداء على الناصح يعود سببه لهذا..
كما أن كثيراً من هؤلاء يكون في بدايته مجادلاً لأهل الحق، يحتج عليهم بالمتشابهات من الكتاب والسنة، ويترك مُحكَمات النصوص؛ لأنها تهدم شبهاته ومنهجه، ثم تنتهي به الحال إلى معاداة الحق بصراحة ووضوح، أو بمخاتلة والتواء.. وهذه الأخيرة هي حال المنافقين.. أعاذني الله وإياك من ذلك.
وكثير مِن ردّ النصح والوعظ بل الاعتداء على الناصح يعود سببه لهذا..
كما أن كثيراً من هؤلاء يكون في بدايته مجادلاً لأهل الحق، يحتج عليهم بالمتشابهات من الكتاب والسنة، ويترك مُحكَمات النصوص؛ لأنها تهدم شبهاته ومنهجه، ثم تنتهي به الحال إلى معاداة الحق بصراحة ووضوح، أو بمخاتلة والتواء.. وهذه الأخيرة هي حال المنافقين.. أعاذني الله وإياك من ذلك.