قناة مشاري بن سعد الشثري
15K subscribers
115 photos
18 videos
16 files
80 links
"لنا في الدهرِ آمالٌ طوالٌ *** نُرَجّيها، وأعمارٌ قصارُ"
البحتري
Download Telegram
أبو حامد الغزالي رحمه الله
ميزان العمل (٦٠)
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
نصيحةٌ غالية فاضت عن تجربة واسعة وخبرة معمَّقة .. وهي وإن جرت في سياق الحديث عن التفسير ومنهج النظر فيه، فهي متصلة بالعلوم كلها كما أشار إليه الشيخ في ضمن كلامه
"هل المتخصص في علم بحاجة إلى حفظ متن فيه؟"


ليس سديدًا القول بأن المتخصص في علم مستغنٍ عن حفظ متن فيه، بل لو قيل بأنه أحوج إلى الحفظ من غيره لكان هو الظاهر .. وذلك أن المتخصص بحاجة إلى ترتيب معلومات فنه وأفكاره المتصلة بمسائله، كما أنه بحاجة إلى أن يكون حاضر القول والفكر في تفاصيل مجال بحثه ونظره، ولا يحقق له ذلك شيءٌ كالحفظ.

‏وأنتَ إذا تصفحت كتب التراجم ستجد أن حفظ المتخصص لمتن في علمه يعد طقسا عاما شائعا، بل ستجد أن كثيرين يحفظون في علومهم أكثر من متن، لأن ذلك أدعى للضبط وأقوى للاستحضار وأعون على الفهم.

‏وإن قيل بأن التخصص سيجعل المرء معايشًا لعلمه دارسًا له على الدوام.
‏فيقال بأن الدراسة لا تكون دفعة واحدة، بل لابد وأن يتطاول عهد المتخصص ببعض أبواب الفن للاشتغال بأبواب أخر، أما المتن المحفوظ فيجعل جمهور الأبواب والمسائل ثابتةً في الذهن راسخةً فيه.
‏"وبعدُ فالعلمُ إذا لم ينضبطْ
‏بالحفظ لم ينفعْ ومن مّارى غَلِطْ

‏وأسهلُ المحفوظِ نظمُ الشعرِ
‏لأنه أحْضَرُ عند الذّكرِ"

‏ابن أبي الحديد (٦٥٦هـ)
التعرُّضُ لذكر المشاقّ التي في طلب العلم والحج والجهاد وسائر أعمال البر على سبيل التوعير لمسالكها، والإحالة لبلوغ مراتبها = عكسُ ما جاءت به الشرائع ودعت إليه الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- وكان عليه الأئمة والعلماء والوعاظ .. وإنما السنّة تيسير الأمور على مَن عسرت عليه، وتذكير القلوب الغافلة، وتنشيط النفوس الفاترة، ولهذا شُرِعت الخطب، وصنف الوعاظُ كتبَ الوعظ، ودوّن الحفّاظ أحاديث الرقائق، لتسهيل ما يصعب على النفوس، وتقريب ما تباعد على أهل القصور.

ابن الوزير اليماني (ت ٨٤٠هـ)
الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم ﷺ (١: ٨٢-٨٣)
https://youtu.be/-aCFc7I6pxU

هذه المحاضرة البديعة تسهم في ترتيب العقل العلمي في موضوعها تحديدًا، وغيرها من المعارف المتصلة بالقواعد عمومًا .. ومهما استمعتَ إلى كلام هذا العالِم حقا (د. مساعد الطيار) فلن تجد لديه إلا ما يوسّع فهمك ويرشّد فكرك ويبعثك على فضيلة السؤال والاستشكال المفضي إلى تحرير العلم وتحقيقه، فجزاه الله عن طلبة العلم خير الجزاء
"من اشتغل بغير المهم أضر بالمهم!"

من أكبر امتيازات الرسائل الجامعية الرصينة: تركيزُها على محل البحث، والقصد إلى معالجة المشكلة البحثية قصدًا مباشرًا، دون تشتيت النظر في مقدماتٍ ومتعلَّقاتٍ لا تمس جوهر الإشكال.

وفي المقابل، فمن أكبر إخفاقات الرسائل الجامعية: إثقالُ الرسالة بمواد لا تعلق لها بأصل الإشكال، وهذا لا يقف أثره عند مجرد تشتيت القارئ، بل يمتد أثره السلبي لمحل الإشكال نفسه، كما قال أبو عبيدة: (من شغل نفسه بغير المهم أضرَّ بالمهم).

وهذا نراه في بعض الرسائل العلمية التي تقصد مثلًا إلى تحرير رأي إمام معين في إحدى القضايا، فترى الباحث -تحت وطأة بعض الالتزامات الأكاديمية- يتوسع جدا في ذكر أقوال غير ذلك الإمام، ثم يطيل النفس في المقارنة بين دلائلهم ومناقشتها، ثم يسعى في الترجيح بين آرائهم، مع أن مقصوده الأصيل هو تحرير رأي الإمام وبيان موقفه وتحليل مادته، لا النظر في آراء غيره من الأئمة فضلًا عن مختاره هو!

ثم إن مجال الرسالة إذا كان يتسع إلى معالجة آراء ذلك الإمام في أبواب ومسائل كثيرة، تجد أن غالب الرسالة تائهٌ في مقارنات أجنبية عن محل البحث، بحيث لو جُرِّدَ ما يتصل بمشكلة البحث لوقع في نحو ربع الرسالة.

والآن، بين يدي رسالة علمية عن الآراء الأصولية لأحد الأئمة، ومن عجبٍ أن الباحث تناول في رسالته كثيرًا من المسائل التي ليس لذلك الإمام فيها قولٌ أصلًا، فيأتي للمسألة ويذكر فيها أقوال الأصوليين، ثم يوازن بين أدلتهم، ثم يقول: وليس للإمام فلان نص في هذه المسألة!
ولو أنه اختصر ذلك في ربع ورقة ليبين خلو المسألة من رأيٍ لذلك الإمام لكان فيه فائدة، أما أن يتسع في معالجة المسألة ودراسة الأقوال والأدلة فيها فترفٌ ضائع.

فلنحرص -معاشرَ الباحثين في الدراسات العليا- على قضية "التركيز البحثي"، لا سيما وأن جملة من الأقسام العلمية في الكليات الجامعية -كما علمتُ وجربتُ- صارت تقصد إلى ذلك بتقليل صفحات الرسالة ليتوفَّر الباحث على محل البحث ومشكلته، وهذا من سداد تلك الأقسام ورشدها .. وإذا أُلزِم الباحث أكاديميا بشيء مما مضى فلا بدَّ من معالجة ذلك في مرحلة الطباعة والنشر بدلًا من إمداد المكتبات بالمزيد من الغثاء.
كم هي الكتب التي ضلّت عنا وحُرِمنا منها بمثل هذا !
(معظم الإشكال يثور من التهاون بالجليَّات)

الجويني
نهاية المطلب (١: ١٢٢)
من بواعث الاكتئاب:
يقين المرء بأن عمره لا يكفي لقراءة الكتب التي يريد الاطلاع على أفكارها ومضامينها.
لا على مستوى المعرفة عامة، بل في مجال تخصصه.
حتى مجال تخصصه فالعمر لا يكفي لقراءة المهم منه، فكيف بما دونه!

هذا في القراءة فقط
فكيف بالدرس والتحرير
فكيف بالبحث وتتبع المشكلات

لذلك لا ينفك المرء عن سؤال الله تعالى المعونة على طلب العلم والبركة في تحصيل ما حصل منه ليكفيه الله مؤنة ما وراءه.
"من فقه التأليف"

قال النووي رحمه الله في مقدمته الحافلة لـ "المجموع" مبينًا منهجه في شرح "المهذب":
(ما كان من الأبواب التي لا يعم الانتفاع بها لا أبسط الكلام فيها، لقلة الانتفاع بها، وذلك ككتاب اللعان وعويص الفرائض وشبه ذلك، لكن لا بد من ذكر مقاصدها)
"من فقه التأليف"

قال التاج السبكي رحمه الله في "الإبهاج" (٤: ١٣٦١-١٣٦٢):
(وأنا من عادتي في هذا الشرح: الإطنابُ فيما لا يوجد في غيره، ولا يتلقى إلا منه، من بحث مخترع، أو نقل غريب، أو غير ذلك .. والاختصارُ في المشهور في الكتب، إذ لا فائدة في التطويل فيما سبقنا مَن هم سادتنا وكبراؤنا إلى جمعه، وهل ذلك إلا مجرد جمعٍ من كتب متفرقة، لا يصدق اسم المصنّف على فاعله)