صِغارًا كُنَّا وذوي جمالٍ،
كانت طبائِعُنا تطفو خفيفةً على السطحِ،
وكانَ الجمالُ طيبًا وابتسامات وأعيُنا ذواتَ بريقٍ.

صِغارًا كُنَّا وذوي جمالٍ..
لعبٌ ولهوٌ وحركةٌ مزهوّةٌ بعدُ باحتمالاتِها وهالة أحاطت بنا من هالات النشاطِ والفتوة والجنون.

كانت من لوحات الجمالِ فينا ظفائرُ تلفها أصابعُ الأمهات كل صباح، أحيانا بمهارةٍ، أحيانًا بدفئٍ. أحيانا بتعبٍ ودائما بحُبٍّ.

وملابسٌ.. لا نكفُّ عن أكمامها نتلفها بخربشات أقلامٍ طائشة ونجمعُ فوق قماشها طبقات الغبار والترابَ الذي يصاعد إذا جرينا أو تعثرت بالأرض خطانا.

وألعابٌ.. لا تنتهي. نختلقها اختلاقا، نحررها من جَوامِحِ الخيالِ وحماسة التجربة. وطقوسُ صداقةٍ داومنا على إقامتها..

كان من لوحاتِ الجمالِ فينا فطنةُ العقلِ وعفَويَّةُ الفطرةِ وفضولُ الاكتشافِ وحلمٌ وأملٌ لا يحدهما أفق.. نفسٌ حديثة عهدٍ بربها، تستكينُ بين ذويها وتأمنُ بما تُؤمِنُ.

غدى ذلك يبدو بعيدا ومطويا داخل الذاكرة كمعطف قديمٍ. مشدودا إلى الماضي ومسحوبا بجاذبية الزمنِ. ينفلت من قبضة اليد كانفلات حبات الرمل وهي ترجعُ إلى الأديم.

واليومَ يكفي أن تطالعني إحداهن بجفونٍ عارية إلا من نظراتها وابتِسامة لا تكسوها الأصباغُ ورسمٍ إلهيٍّ لم تخط فوقهُ يد صاحبته خربشاتَ الزينة المتفق عليها حتى أتوسم في مرآها خيرا وترتاح نفسي إلى حديثها إذا حدثت وآنس لِوجودها كما يأنس مسافرٌ لمتحدث لغته في أرض غريبة، وكما تأنسُ العجائز بمرافق تنسى معهُ وحشة الزمانِ ورحيل الأحباب ولو مؤقتا..

أتأمل في قربهن خيرا، حيزا آمنا من الفضاء والزمن تستعيد فيه المعاني أصالتها والنفس تصالحها مع الصورة والظاهر. تصدعا صغيرا وشرخا ضئيلا في جدرانِ عالم التمظهر الذي حُشرنا فيه حشرا. عالمٌ رماديةٌ روحهُ وإن كانت ألوانهُ صارخةً للناظِرينَ.

أي إنسان كان يسكننا آنذاك؟
ولم أضعناهُ؟ لم نسيناهُ؟ لم عمدا أسقطناهُ؟

أتسائل كثيرا هذه الأيام، أتكون هذه الطريقة الوحيدة التي نكبرُ بها؟ أنكبر بها في أعين أنفسنا أم في أعين العالم؟ أنشقُّ بها طرق السماء أم أوحال الأرض؟ أما من طرق أخرى نجد فيها النضج صادقين دونما تقمص كاذب وقمع متكلف، ودونما هروب؟

أيكونُ النّموُّ نموا؟
أيكون النضوجُ نضوجًا إذا ما انطوى على انهيارِ كل جميلٍ؟

أصبحنا نتقمص الجمال عوض أن نكونهُ، كفاية بما نحنُ.. عوض أن نبثه كما تبث الشمسُ شعاعها احتراقا.. فتدفأ به أوصال الكونِ على نحوٍ غامض.
قد اختزلناه ما بين ثوبٍ مكررٍ ونمط رائج فاختزل فينا بدوره اتساع ذواتنا وإبداع خيالاتنا..
إن الجمال من القيم الأصيلة، ليس من القيم المضافة فلا ترهقوا أبصارنا بما أضفتُموهُ.

17-11-2018
#أرشيف #أرأيت

‏الإنسان يكشفُ عن ذاته في تصنيفه للنّاس والحكم عليهم، وفي الأغلب ينطلق من انفعالاته ورغباته لا من الحقيقة والواقع.
في ذلك يقول سبينوزا:

« إن ما يقوله بُولس عن بُطرس يخبرنا عن بُولس أكثر ممّا يخبرنا عن بُطرس»

| رسالة في اللّاهوت والسياسة
#ترشيحات #باروخ_سبينوزا

وأما الصبرَ فالزمهُ، ستُزهِرُ أيامُكَ حين يشاءُ ربك بألفِ طريقةٍ.

#لحون

والأعيادُ أجسامٌ زمنيةٌ مادتها الذاكرةُ والتذكارُ، سخرها الله لعبادهِ فلا ينسونَ ما كانَ وما سيكونُ.. وكواكبٌ مكتملةُ المعاني تعرج إليها أرواحنا السابحةُ في سماءِ العمرِ. نمرُّ بها مرورنا بمحطاتِ التوقفِ والتفكر والتذكرِ.

وهذا عيدُ إبراهيم.
وما أنزل الله على إبراهيم وعيدُ المعاني التي سبَّح في فلكِها فكرُ إبراهيم. تتخذُ أنفسنا فيه قبلتها المعتادة وتنذُرُ الفرحَ والحمد لربها. وتُلبِّي له النداء والطلبَ..
اللهم فألحقنا بالصالحين كما أُلحقتنا بذكرى الصالحين. وارض عنا كما رضيت لنا هذا الدين.

كل عام وأنتم بخير 🌷🌱
#أرأيت

أحاولُ إظهارَ السرورِ وإنني
إذا ما تصنّعتُ السرورَ لمَجهودُ

وأذكرُ أيامَ الرواقِ وحُسنَها
إذ الظلُّ من سَجْفِ السعادةِ ممدودُ

فتعلو على وجهي الكآبةُ ساكتًا
ولولا تولّي الغيم لم ييبس العودُ

وإذا كانَ الحُبُّ همزة وصلِ العالمِ، والقيمة التي لا بُدَّ يمُرُّ بها الجميعُ، فهو حريٌّ بأن يُجعلَ مُوصِلاً لمكارمِ الأخلاقِ والسَّويّ من الشُّعورِ والكريمِ الجليل منهُ.
لا العكس.

وذلك من باب تقديس شعائر الله، والإحسان في الفعل وإلى النفسِ ومن باب الطهارة.

الصورة : صباط دار من دور مدينة تونس

#سنن
#في_استنطاق_الداء
#آية
#سلسلة
#تعلمو_الحب
#أدب

لأول مرة بداخل عمري أنظر إلى سنوات حياتي السابقة فأرى شيئًا متماسكًا عظيمًا، أنظر إلى ما سبق مني أثرًا، وعملا، وشغفا، ونفسًا، فأجلهُ، وأُكبِرُهُ، وأنظر إلي فأشعر أنني مجرد أثرٍ من أثري. لأول مرة بداخل عمري أشعر أنني أقف في ظلِّ نفسي!

#حديث_الزمن

ْ
من المثير للتأمل أن عيد الاضحى لا يخلَّدُ فعلاً، وإنّما يُخلَّدُ نيةً.

نحن لا نحتفل بعيد الأضحى لأن ابراهيم عليه السلام ضحّى بابنه، وإنما لأنه صدق النية في التضحية بابنه امتثالا لأوامر الله.

وكأن عيد الاضحى هو التجسيد المطلق لمعنى "إنما الأعمال بالنيات". وكأنه يذكرنا بأن النيّة ليست فقط مهمة، وإنما قد تكون هي كل ما يهم من الأساس.

| Mohamed A. Haggag
#أرأيت

كأن العالم كله ينظر لقوتك، ولا يراك أنت! وينتظر كسرك، أو زلتك أو يحتاج سقوطك سقوطا لا رجعة لك فيه، فقط ليجدَ في ذاتهِ دافع الجبر أو دافع الإصلاح أو همة السعي!

#في_استنطاق_الداء

البَرَكة:
نقطة اللقاء ما بين الكمِّ والكيْفِ.

#أرأيت

ولْيَعلَمْ مَن يَجِبُ أن يَعلَمَ، أنَّ الدِّراسَةَ الأدبيَّةَ جدٌّ لا مِزاحَ فيه، وأنَّ أُمَّةً تَسلُكُ طريقَ الهَزلِ والتَّماجُنِ ولَوْكِ الألفاظِ المُتَشَنِّعَةِ تَظَرُّفًا في دِراسَةِ آدابِها، أُمَّةٌ قد قضى اللهُ عليها أن تكونَ هَلاكًا مُجَسَّدًا، وبَلاءً مَصبوبًا، على ماضِيها وحاضرِها ومُستقبلِها.

[وهذه هي أخبارُها || أباطيل وأسمار]

هناك لغزٌ كامنٌ في انجذابِك لِبئرٍ رميتَ بها حجرًا تترصَّدُ بكُليةِ حواسِّكَ صوتَ ارتطامه بصفحةِ الماءِ. أو ربما لتضاريسِ فضاءٍ أطلقتَ على جُدرانه نداءً تحبسُ أنفاسك حتى تسمعَ رجعَ صداهُ.
هذه المواقفُ التي لطالما كان مسرحها المحيط والطبيعة والتي تجعلُنا للحظاتٍ نلتمِسُ سِحرًا كامنا في الوجود، كثيرة لا يدركها الحصرُ : لكنني أؤمنُ أنَّ ذاتَ الدهشة مُركزَةً ومضاعفة بمرات تحدُثُ، حينما يُفاجِأنا الآخرون برجعِ صدًى يتناغمُ تماما مع ما شاركناهم إياه، كخاطِرٍ أطلقناهُ على حينِ غرةٍ فاحتبسَ وارتدَّ.

#لحون
#أرأيت

شكا ليَ المخمور، والمُعدِم، والمتسوِّل؛ فوجدت أكثر شكواهُم من الدنيا شكوى من أذى قريب، أو جفوة حبيب، أو خيبة أمل في صاحب، فثبتَ عندي بالتجربة ثم بشكاوي أكثر الناس ضعفا وانكسارا وشفافية، أن الدنيا وإن قست على الإنسان وجدَ من نفسه ما يجالدها به؛ فيوم له ويومٌ عليه، إلا إذا آذاه القريب وجفاهُ الحبيب وتنكّرَ له الصاحب؛ فإنه ينهزم لها أشد الانهزام؛ فهو بين هزيمة ونصر، هزيمة أليمة، ونصر أمرّ من الهزيمة؛ فنصرٌ على القريب والحُب والصاحب هزيمة للنفس لا لغيرها.

ْ
وفي هذا المعنى قيلَ:
‏تعثرتُ في ظلٍّ لها مَرَّ جانبي
وكنتُ بِوَعرِ الأرضِ لا أتعثرُ!

| ابن خضر
#شعر

يكادُ الفهمُ عندي يحلُّ محلّ الفضيلةِ الأسمى. فمن كان في الناسِ يفتح لي أبوابهُ وييسرهُ لي فهو الأهل والصحبة ومنهُ الخير كله. ومن كان منهم يحجبهُ عني ويخفيهِ ويعسرُ سبلهُ إليَّ. فلا هو الرفيق، ولا هو الصديقُ، ولا هو السائرُ معي ولا الحامل همي. وكل همي من الدنيا أن أفهمَ.

#جدوى

يقولُ الرافعي :
«إن العبودية للحب الصّحيح هي مبدأُ العبودية الصحيحة لله»

واستعمال كلمة مبدأ هنا يحملُ معنيينِ إثنينِ

الأول هو أنها 'بداية' العبودية الصحيحة لله والثاني أنها تعلّم وتنقل 'قيم الحبّ الصحيح ومبادئه'، فكأنّ الإنسان يتعرف على ربه من خلال تفاعلاته مع البشر ومع الأحبة، فإذا تعلم حب الغير الصحيح واختبر أخلاقه رَكنَ لحب الله وعرفه واذا صادق بصدق عرف الصدق مع الله..

ولعل المقالة الأعمَّ في هذا الاتجاه القولُ بأن علاقة الإنسانِ بالآخرِ إذا كان الإنسانُ ناظرا والآخرُ كل ما كان منظورا أكانَ هذا الآخرُ نفْسَ الإنسان ذاتها يُنظرُ إليها أو كان مفهوما مُجرّدا خارجا عنه أو جمادا أو نباتا أو حيوانا أو بشرا.. جودةُ وعمقُ واستمراريةُ هذه العلاقة بين النَّاظر والمنظور تحدد نوع علاقته بالله، فإما تبني جسورها وإما تدكها دكا. قدرةُ الناظرِ على التِماسِ نور الله في جل مخلوقاتهِ دونما استثناء هي جوهرُ الحكاية، فمن رأى النور مرة فإليهِ سبيلُهُ.

#أرأيت

تحصيلُ السعادات الحقيقيّة يتأتى بعد مُجانبةِ من (و ما) يُفسدُ عليك الوقتَ.

| التفتازاني
#مقتبس بتصرف

وسط من لا يدري الواحد فيهم ما يطلُب أو ما يريدُ، سوف يبدو ذاك الذي عرف تماما مبتغاه واتجه اليه، وعرف مالا يريد وصد عنه وكأنه تجسيدُ الغرورِ الحيّ.

#سنن

"التحديات ليست كلمة مخيفة، هذا ما ستشعر به بعد نجاحك مرةً في مواجهتها، الواجبات ليست كلمة ثقيلة، هذا ما ستشعر به بعد نجاحك مرةً في القيام بها، المسؤوليات ليست كلمة خانقة، هذا ما ستشعر به بعد نجاحك مرةً في تحملها، هناك شيء ما يقع عند النهاية يرفعُ الحجابَ عن حقائق مختلفة للأشياء. هناك لذة متأخرة وعميقة وهادئة يعرفها الذين ذاقوا.
وكل الذين تقبلوا هذه المعاني، وانشرحت لها صدورهم أو مثَّلوا ذلك وصافحوا الحياة بشروط الحياة، هم اختاروا الحل الأسلم والأسهل للعيش، نعم، هذا هو الحل الأسلم والأكثر رفاهية، أما الشقاء في جملة الحياة فيكون في الغالب نصيب المتهربين بكل جهدهم من التحديات والواجبات والمسؤوليات.”

#مقتبس