ولعلَّ أبلغَ ما نتعلَّمه من دروس هذه الحياة ويرسخُ فينا بمرور السّنوات هو أن نهتمَّ؛ أكان ما نصُبُّ اهتمامنا فيه فكرا أو لغة أو فنا أو علما أو حقيقة أو هندسة أو بشرا.. أن نحمل الهمَّ..

كقطع صغيرة نجمّعُها من إدراكٍ لحقيقة أوسع وأشملَ؛ هي أن مسيرنا هذا بكلِّ ما يتضمَّنه، كله دونما استثناء، يستحقُّ العناء وأننا -فِعلاً- لم نخلق عبثًا.

{ أفحسِبْتُم أنّما خلقناكُم عبثًا وأنّكم إلينا لا تُرْجَعُونَ } _المؤمنون_115

#آية #جدوى

قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّى لَوْلَا دُعَآؤُكُمْ  ۖ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًۢا (الفرقان ٧٧)

"Say, What would my Lord care for you if not for your supplication? For you [disbelievers] have denied, so your denial is going to be adherent."
(QS. Al-Furqaan 25: Verse 77)

#آية

ترتدي أيامنا هذه أثوابا كثيرةً،
ففي الظاهر، هي نهاياتُ أشياءَ وبداياتُ أشياءَ أُخرى، ويُقالُ أنها لهذا السّبب أو لذاكـَ أيّامُ أعيادٍ..
وفي الباطنِ ليسَ الجديدُ بها سوى زيادةً في الأرقامِ التي ندونها وتراجُعًا في بقية الأعمارِ التي نعدّها..

محطاتُ تغييرٍ، بدون تغيير.
فلا هي محطاتٌ، ولا السائرُ يتوقفُ، ولا حركة تخبو.

فكلّا؛
لم يخرُج الزمن عن صمته حتى يعلن لنا أنه أمْدَدَ عُمر الوُجود سنة أخرى، ولا أسمعنا الكونُ الخبر بالنيابة عنه لنطمئنَّ..

ولكنّ دويا ما لطبول تقرعها أيادي البشر، بإيقاع يعُـمُّ الأجواء عموم فناء البشر، يطول أركان الأرض في عناد ويُراد منهُ أن سنة ميلادية أخرى على وشك الولادة.
خليفة الله على الأرض يعتلي المنصة، يقول خطابا مضمونهُ أن الأرض لن تتوقف في هذه اللحظة المصطفاة الفاصلة ما بين دورتينِ.

بيد أنها مذ وجدها لم يسبق أن توقفت في أي لحظة، ولم تميز خلال دورانها أي نقطة عن سابقتها أو تلك التي تليها.

وإذا كان لدورانها في الأثير نقطة بداية فهي لم تبح بها لنا بعد: '' كل أجزاء الزمن سواسية في حكم أجزاء الزمن''

ولكن قرع الطبول مسترسل لا يتوقف، لامُبالٍ لحقائق الوجود اللامنتهي؛
إن البشر قارعوا هذي الطبول منتهون ولا بد للبشر كي يحتملوا عمر الوجود من الذكرى!
..
تسيرُ الفُلكُ دونَ توقُّفٍ، دونَ مللٍ،
بانتظام نبضِ العالمِ مذعنة لأمرِ خالقها..

ويسيرُ البشرُ،
ثُمّ تتعثّرُ الخطى أو تتثاقلُ، أو تتململُ وتضيقُ ذرعًا برتابَةِ المُضِيِّ الكونِيِّ فتتوقَّفُ، فرادى أو جماعاتٍ، بقافلةٍ أو بدونها، وتفترشُ المحطّاتِ وتحتسي الذّكرى وتراجِعُ الأسماءَ والدلالات.

ها نحنُ نصنعُ الرّموزَ ونكسوهَا معنى؛
فتقترنُ النّهاياتُ بالخوفِ وتقترنُ البداياتُ بالأملِ وتتقلب ما بينهما فصول النفس.
هاهو ذا ماردُ الزّمنِ كما رسمتهُ ريشة الخيال الجمعيّ، ينتفضُ من سباته الذي يدوم 356 يوما أبداً، أيقظهُ تزاور الشّمس واكتمال الطّواف..
يتمطى ثم يسحبُ برأتيه اللتين تسعان الكون بما فيهِ نفسًا جديداً لعام جديدٍ،
غير عابئٍ بالرّياحِ التي يحرّكُها في أشرعة أنفسنا الضئيلة وعتوٍّها!
فنحتاجُ مرساةً لتثبّتُنا، ونحتاجُ الذاكرة والتكرارَ والذكرى،
ونحتاجُ جاذبيّتها التي تنسينا دورانها.
ونحتاجُ قوالبنا التي تضمّنا وتلملمُ ذواتنا وتمنعها من الضّياعِ والعبثِ.
وكم نخشى.. أن تقتلعنا رياحُ التغييرِ أو أن يمحو الزمن في مروره أجزاءً منا،

ترتدي أيامنا هذه أثوابًا كثيرة،
نُلبسها إيّاها ثُمّ نتعلّقُ بأطرافها،
ولا يعلَقُ بأيامنا هذه حقّا سوى حقيقتها، لا يعلمُ مداها غيرُ خالقها وحده..

#سنن #أرأيت
#2020

فإنْ نِلْتُ ما أَمَّلْتُ منكَ فرُبّمَا
شَرِبْتُ بمَاءٍ يُعجِزُ الطّيرَ وِرْدُهُ

| المتنبي
#شعر

وحيثُ البدايات، بدايات كل الأمور وفي أوائل كل الأشياء وكل أمهات الطرقِ، وقبل أن يمتلك الإنسانُ شيئا، وتتكوّنَ في عقله فكرة الامتلاك ذاتها، وقبل أن ينفق شيئا، وقبل أن يقبضَ في يده شيئا، يجدُ الانسانُ نفسهُ بدائيا، مُعدما من كل زادهِ وكل وسائِلهِ، فقيرا من كلِّ قدرتهِ وعتاده ومواهبهِ، عاجزا إلا من الإيمان!

حينما تجرِّدُ الإنسانَ من كلِّ ما ورّثه إياه الزمنُ، وكل ما ملكهُ له التراكمُ، وكل ما تعلمه بالتجربة والسعي والبحث، فإنهُ لا يخرج صفرا تماما. لأنك مهما فعلت لن تستخرج منه شيئا واحدا، هو نفسُهُ مبتدئ كل ذلك ومولدهُ، والمسؤول عن كل خطوةٍ وكل قبلة كان قد ولاها. هو الإيمان.

#أرأيت
#سنن

"كم هزئت من أولئك الضعفاء الذين يعتبرون أنفسهم صالحين لمجرد أن لا مخالب لهم"

- نيتشه.

If you’re harmless you’re not virtuous, you’re just harmless, you’re like a rabbit; a rabbit isn’t virtuous, it just can’t do anything except get eaten! That’s not virtuous. If you’re a monster, and you don’t act monstrously, then you’re virtuous.
-Jordan Peterson.

وَمِنَ الأَثوابِ لَم تَمـ
ـلِك سِوى فَروٍ قَطيفَه
كُلَّما اِستَوسَخَ أَو آ
وى البَراغيثَ المُطيفَه
غَسَلَتهُ وَكَوَتهُ
بِأَساليبَ لَطيفَه

| أحمد شوقي
#شعر

وإلى ربِّكَ فارغبْ!

" بقدرِ ما يتاح لك من فراغ، ومن حرية، ومع حلولِهما لا بد من قدرٍ مناسبٍ تبذلهُ ويوازنهما من تعبٍ ونصبٍ ومسؤولية"
تلك مواقيتك وعلاماتك وما أجلها من مواقيت وعلامات، سبحانه يقصر اللفظ عن إحكام صنعه وإتقانه، وجلال أمرهِ وجماله!

#سنن

الصِّفر ليس أكثر من فانتازيا رياضية موضوعة، ولازمة فلسفية تعترف بأنه لا بد من افتراض اللاّشيء حتى يكُونَ الشّيْء.
واقعـًا، ليس هناك القيمة صِفْر في الطّبيعة.
"الطبيعة" لا تحبُّ الفراغ. بل تنبُذه، فهي وجودٌ قابل للقياسِ، في حين أنه مُمثّل اللاوجود وسفيرُ العدم.
فما من غموض إذا أفرغتَ نفسك من الطموح وركنت للحياد، فإنك لن تعبئ جيوبك أصفارا؛ ستُعَبّئُ أرقاما سالبة.

#أرأيت #آية

You might think you love me because I'm beautiful: There are loads of beautiful things you didn't love yet.
But you love me, because you are beautiful.

إذا كنت مقتنعا أنك تحبني لأنني مخلوقٌ جميل: أقل لك خُلقَ الجمالُ في ألف شيءٍ قد لا تحبهُ..
فأنت إذا تُحِبُّ وتهوى لجمالٍ هو فيكَ لا فيَّ.

#مترجم

إن ما رفعني إليك وعلقني بك، ليس فعليا جمالك، كذلك فما جعلني أسعدُ برفقتك، وأزهو بك، ليس فعليا سعادتي..

بل لولا أن في حوزتي نصيبًا من جمالٍ، رأيته يعجبك ويملئُ عينك، و يملئ من ثم قلبك. ما خطوتُ نحوكَ شبرا.

فهو الجمالُ الذي بيدي لا الجمال الذي بيدك، المدبرُ الحقُّ بينهما لانتهائي إليك وربانُ رسوي المطمئن عندك..

ولولا أن لديّ قدرةً ما في اسعادك، ثم تمكينا ما في تمييزِ آيات الفرح تبدو على وجهك وفي لطف يدك وثبات خطوك وزهو صنيعك، ما كنتُ أسعد في رفقتك يوما...
فهي سعادتك التي تغمرك فتغمرني، وهي سعادتك التي تحبسني في مجلس حبك...

#لحون_القلب
#سنن

إن النظرة المزهوة بالجمالِ لا معنى لها، إذا كان زهوُها مبلغَ مطمعِها من النظرِ.

#في_ما_لا_يعول_عليه

أتدري معنى أن تختلي أخيرا بنفسك، وتنصرفَ عن الآخرين لتعود لذاتك، فترى في ذلك سبيلا إليك، ودعوة منك إليك، وتستبشر كما كنت تستبشر بعد كل حصادٍ، وتتسائل كما كنت تتسائل بعد كل تجربة وكل اغتراب مؤقت؛ والآن، وبعد كل ذلك وبعيدا عن كل ذلك، من أنا؟ ولا تجدَ بين أجوبتك القديمة جوابا يصدُقكَ كما اعتدتَ، وتنتبهَ إلى شيء واحدٍ حقيقيّ، إلى رغبة واحدة صادقة. رغبةٌ في بكاء.. وأن ذلك، كل ما أنت، بعد كل ذلك، بعيدا عن كل ذلك!
...
هناك أشياء نُريدُها حقيقية. وإن كان ثمنُ ذلك وآيتهُ فينا تعبًا مُقيمًا، يبشرنا بصدقِ ما كان منها حمدنا اللّٰه عليهِ.

#حديث_الزمن

الرِّثاءُ مديح تأخرَ عن موعِدهِ.

| محمود درويش
#مقتبس

من أصول الإحسان أن تعبد الله كأنه يراك، ومن جميل الإحسان أن تُبدِع كأن رسول الله يسمعك ويراك، أن نُجوّد أعمالنا كأنها تُعرض على رسول الله فيتخيّر منها ما يعجبه ويفخر به.

أثنى سيدنا رسول الله على قراءة أبي موسى الأشعري رضي الله عنه مرةً وأخبره بأنه استمعَ له فقال: "لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْمَعُ قِرَاءَتَكَ الْبَارِحَة"؛ فكأني بأبي موسى وهو يتلقى ذلك الثناء يتذوقه حرفا حرفا كأنه عنقود عِنَب ثم يستزيدُ فيقول "أَمَا إِنِّي لَوْ عَلِمْتُ بِمَكَانِكَ لَحَبَّرْتُهُ لَكَ تَحْبِيرًا"؛ أي لحسَّنته أكثر.

في موقف آخر تجدني أستشعر حلاوة عظيمة وأنا أتخيل ُحال سيدي عبد الله بن رواحة وهو يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يردّدُ كلماته : " اللهمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا وَثَبِّتْ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا "، الله، كيف كان قلب سيدي عبد الله وهو يسمع صوت حبيبه يردّد كلماته معجبا بها وبمعناها..

وأي مقام عال من الإحسان سيبلغه أحدنا لو كتبَ أو نظَمَ أو رسمَ أو قدَّمَ أي شيء مُستحضرا هذا المعنى، أن تُبدعَ تعبّدا، وأن تُبدِع لتُفرح رسول الله!.

وأنتِ كسبيكةِ الذهبِ، ليس فيها موضعٌ أحسنُ من موضع.

| الرافعي
#مقتبس

ما أحبَّ أحدٌ أحدا كما أحبَّ الخالقُ مخلوقاتهُ، ولا شغف أحد بصنعة كشغفِ اللّٰه بصنع الكونِ وحبكِ أقداره. وما شاء أحدٌ إلا ومشيئةُ اللّٰه تسبِقُهُ..

يقول طه عبد الرحمن "من تداخل مع الشيء بوجدانهِ أدرَكَ منهُ ما يجعله قادرا أن يُبدعَ فيهِ." 🕊️🐚🌿🌱

#سنن