قناة عماد الدين علي
2.14K subscribers
2 photos
Download Telegram
القارئ الذي تتحرك شخصيته وأفكاره إلى الأمام تحركا صحيحا هو القارئ الناقد، أما القارئ الإمعة الذي ينطبع بكل ما يقرؤه فلا يعدو كونَه "آلةَ نسخٍ" قابعةً حيثُ هي، قال أرسطو: "من مزايا العقل الصحيح أنه قادر على التأمل في فكرةٍ من الأفكار من غير أن يقبَلَها".
أسرَارَك اكتُم، ولا تأمنْ لهَا أحدًا
لا يكتُمُ السِرَّ إلا القَبرُ والكَفَنُ

ونَم ولا تَتَخيَّل ما يجِيءُ غَدًا
فليسَ يدرِي بما يأتِي غدًا فَطِنُ

ودَع تذكُّرَ أطيافِ الّذينَ مضَوا
فالكلُّ ماضٍ ولو أغرَاهُمُ الزَّمَنُ

يمشي الزَّوَالُ على الدُّنيا بأجمَعِهَا
السَّاكنونَ بها للهُلْكِ والسَّكَنُ

واسكُب على لَهَبِ الأحزانِ دَلْوَ رِضًا
يَمضِي السرورُ، ويَمضِي مِثلَهُ الحَزَنُ

#عماد_الدين_علي
أنهارُ، لكن فوق ذاتي،
ليسَ غيري كلمَا أنهارُ فيهِ مُشَبِّثَا

كمُربَّعٍ ينهارُ ضلعٌ منهُ
يصبحُ من تَحامُلِهِ عليهِ مثلَّثَا

#عماد_الدين_علي
كما هو الحال دائمًا لا تأتي أكثر الحجج اقناعًا إلا فيما بعد.

#ميخائيل_شولوخوف
‏وليس له أن يَزُوغَ من حزنه وبلواه هذه إلى أيّما مكان.. فمن نفسك لن تهرب ولن تختفي.

#جنكيز_إيتماتوف في #وداعا_يا_غولساري
كلُّ المدائحِ في سواكَ إلهَنا
تضييعُ وقتٍ في مُرادٍ باطلِ

والحُبُّ حُبُّكَ، أو يكونُ تخَيُّلًا
مِن ذي خيالٍ في خَيَالٍ زائلِ

#عماد_الدين_علي
إحداهما بدأ يظهرُ قعرُ فنجانها الأبيض، أما القهوة الأخرى يبدو أنَّ ملعقَتَها لم تَدُرْ بَعدُ، كانت الأولى أمام ذلك الرجل الذي أخذَ يفتحُ فمَهُ ويغلقُهُ محاولًا الكلام، إذا رأيتَهُ حَسِبتَهُ ناعسًا يتثاءب، كلما حاولَ أن يقولَ شيئًا دهمه سَيلٌ عَرِمٌ من كلماتٍ كانت تصبُّها عليه تلكَ الجالسةُ أمامَ القهوةِ الثانيةِ قُبَالَتَه! إنها تتكلمُ، وتتكلمُ، وتتكلم.. أناسٌ يخرجون، وأناسٌ يدخلون، وذاتهم الذين يدخلون يخرجون، كلهم قد شربَ قهوتَه، وقضى بُغيَتَه، وذاتُ القهوةِ الساكنةِ تتحدَّث! حتى إذا حدثت المعجزةُ وأَذِنَ الرحمانُ بخاتمةٍ، استهلَّت بـ "ولكن!"، أو "مع ذلك"، وانهدمت عليه بحديثٍ جديدٍ انهدامَ جبلِ ثلجٍ على ثعلبٍ أعزبَ بائس!

كان الأسيرُ المسكينُ يحرك رأسَهُ في تسليم، ولا يزيد في خِضَمِّ تلك المعمعةِ الأحرُفيَّةِ عن رفع فنجان قهوته لِفِيهِ المنطبق، كان حديثُهما -عفوا- حديثُها المتصلُ كسلكِ الكهرباءِ يصورُ أنها تحلُّ قضيةَ الأمة، أو تقترحُ حلولًا لِرَتقِ فَتقِ الأوزون، أو تشرحُ أسبابَ انفجارِ مفاعلِ تشيرنوبيل! وإني لمُتَبَختِرٌ في جِلبابِ الطمأنينةِ إذا حلفتُ لك أنها لم تكن تقول شيئًا ينفع، ولا شيئًا ربما يومًا ما سينفع، ولا شيئًا ربما يومًا ما سينفعُ إذ لا شيءَ غيرُهُ ينفع!

كانت تهزُّ رأسها هزًّا عنيفًا، وترمي بيديها هنا وهناك، وهناكَ وهنا، ورجلاها تتداولانِ كالدُّوَلِ المواقع! كنت أتوقع أن تستلمَ في أي لحظةٍ ذاك الرجلَ المُبتَلى وتصفعَهُ صفعةً واصفة، أو تلكمَهُ لكمةً شارحة، ولكن اللهَ سَلَّم! نعم، لقد كان يظهرُ عليها التعبُ أحيانا فتهدأ أطرافُها إلا ذلكَ الشيءَ العجيبَ، ثغرَها، يبقى بمفردهِ كالفارسِ الكَمِيِّ يتحركُ ويقاتلُ في سبيلِ القصة، قصةِ الأزلِ والأبد! يا ويلَه إن أسكتها بكلمة، أو أوقفها بإشارة، فهنالكَ ينصبُّ عليهِ لونٌ آخرُ من ألوانِ العذاب، فيه زقُّومٌ اسمهُ اللوم، وغساقٌ اسمهُ الاتهام! "أنت لا تحترمني، أنت لا تشعر بي، أنت تكره كلامي وكرهُكَ لكلامي فَرعٌ عن كرهكَ لي، أنت تحبُّ غيري، أنت تخونني ولا بدّ، أنت، وأنت، وأنت .." إلى ما لا نهايةَ! إذَن، عليهِ أن يتركها تتكلم، وتتكلم، وتتكلم .. وإن بقيت وأبقَتهُ معها على ذلكَ عشرينَ سنةً أو لِـوَاذَهَا، فإنَّ ذلك أهونُ وأنعم!

مسكينٌ هذا الكائنُ الذي يسمونه "الرجل"، حين يُبتَلَى بهذه الآيةِ المتكلمةِ التي يسمونها "المرأة"، عجيبةٌ -وربِّك!- من أينَ تأتي بكل هذه الطاقةِ التي تَحُضُّ شِدقَيها، وتُذبذِبُ لسانها، بلا تعبٍ ولا ملل، فلا يختلُّ لها فك، ولا ينقطعُ لها نفس، ولا تصدُّها شهقة، ولا تلجمُها شرقة! من أينَ تأتي بها؟! هلَّا أرشدت متفضِّلَةً شركةَ الكهرباءِ والغاز؟!

إني لَمُتقلِّبٌ منها ومن أخواتها بناتِ حَوَّاءَ في أَبْـرُدِ العَجَب! انظر حالها معَ هذا الرجل، كيفَ لو كان الذي يقابلها امرأة! حتمًا سيكون حالُ القهوةِ الأولى حالَ القهوةِ الثانية، وستكونُ أشياءُ أُخَر! وكما تصوَّرَ الفقهاءُ قديمًا استحالةَ وجودِ مسلمٍ لا يصلي، أنا أتصورُ استحالةَ وجودِ امرأتينِ في الدنيا جلَسَتَا لبعضٍ ولم تُبَذِّرَا طاقةَ الكونِ في "قالت"، و"قلتُ"، و"قلنَ"، و"قلتِ"، و"قلتُن"!
وكم أتمنى أن تُفتَحَ لي يومًا مواضيعُ محدَّدَةٌ مع امرأةٍ وأقتلَها -أعني المواضيع-، إني كغيري من الرجال المساكين لا أخرجُ بعدَ طولِ حديثٍ مع إحداهنَّ إلا بكيسٍ مِلْئُهُ اللّاشيء! ولذك أنا أرى فشلي الذريعَ معهنَّ شاخصًا أماميَ دائمًا لشدِّةِ ما أبغضُ الثرثرة، ولميلي لأخصَرِ الطرقِ في الكلام، فلا أُوسعُ رداءَ اللفظِ عن جَسَدِ المعنى، ولا أستطردُ إلا بدعوةٍ من الحاجة، فكلامي اللَّمحَةُ الدَّالَّةُ، والإشارةُ المُرشِدَة، والإلماعَةُ الموضحة، فإذا ما ابتُليتُ بآلةٍ من آلاتِ الكلام، فعلى رأسي وعلى الدنيا السلام!

رفعتُ قهوتي، ارتشفتُ آخرَها، ثم وضعت الفنجانَ وانطلقتُ في سبيلي تاركًا ذلكَ المسكينَ يتململُ في ورطتهِ وكلُّ أمانيهِ قد اجتمعت في أمنيةٍ واحدةٍ لاحت على صفحةِ وجههِ المتجهّم، وهي: "أن تسكت ".. وما ذلكَ على الله بعزيز.

#عماد_الدين_علي
لا شيءَ مؤلمٌ مثلَ الشَّتَات، مثلَ التّعلقِ بالمنتصف، مثلَ التَّأرجُحِ الدائم بين قرارين، لا إلى هنا، ولا إلى هناك!

هذا الإنسان الذي فَعَلَ وصَنع، واحتلَّ واختَرع، وتفنّنَ وأبدع، هو ذاتُه المخلوقُ الواقفُ بِعَتَبَةِ نفسه، الضَّعِيفُ في أمرِ قلبه، إِذا دَهمَهُ سَيلٌ من الحوادث ربما سَبَحَ ونجا، ولكنّه في كُوبٍ من الشَّتَاتِ يَغرَق!
يا رَاعِيًا لَمعَ الجَوارِي الكُنَّسِ
قِف وابكِ من ذِكرَى الذُّنُوبِ الدُّرَّسِ

والْجَأْ إلى رَبِّ البَرَايَا كُلِّهِمْ
ومَلاذِ كلِّ موحِّدٍ ومُقَدِّسِ

حَتَّامَ -وَيْكَ- تَبيتُ في جَمرِ الغَضَا
وتَدُرُّ صَوْبَ الوَاكِفِ المُتَبَجِّسِ؟!

ذهبَ الأحبةُ بالحياةِ كأنَّهُم
حُلمٌ تَقَشَّعَ بانقِشَاعِ الحِندِسِ

هل رَجَّعَت كلمَاتُ نفسِكَ رَحلَهُم؟
هيهاتَ تَفعلُ خالجَاتُ الأنفُسِ!

دَع عَنكَ ذِكرَاهُم زمَانَكَ إنَّهُ
لَغوٌ يَصُدُّ عَنِ الإله المُؤنِسِ

#عماد_الدين_علي
‏يقول #غوستاف_فلوبير لقارئة:

لا تقرئي كما يقرأ الأطفال لأجل المتعة أو كما يقرأ المتفائلون لأغراض التعليم، لكن اقرئي لإنقاذ حياتك.
لا توجد أمّة تكرر مبادئها على الأسماع كلّ يومٍ عشرات المرّات، كما تُذاع مبادئُ ديننا نحن المسلمين على ألسنة المؤذنين كلّ يوم: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنّ محمدًا رسول الله.

#علي_الطنطاوي
إلى أينَ تَمضِي بكَ القَافِيَهْ
ولا شيءَ تدركهُ القافيَهْ؟

أما زلتَ ترجو سَمَاعَ الوجودِ
تلاحِقُ أحلامَكَ البَاغِيَهْ؟

فلا أنتَ راضٍ بما يَستحيلُ
ولا هيَ بالمُلتَقَى راضِيَهْ!

تعلَّقتَ في سِجنِكَ المستبِدِّ
وسِجنُكَ أشعارُكَ العاتِيَهْ

فعقلُك رفعٌ وخفضٌ وجزمٌ
ورُوحكَ تَورِيَةٌ خافِيهْ

وقلبكَ ديوانُ شعرٍ قديمٌ
وأنتَ مُعَلّقَةٌ بَالِيَهْ

وما إن تَحِلُّ بنصِّكَ حتى
تسافرَ في أحرُفٍ عاصِيَهْ

كفاكَ، كفاكَ، فإنَّ البيانَ
بهذا الزمانِ إلى السَّاقِيَهْ

فلاؤُكَ في النَّفي من غَيرِ وَزنٍ
ولاؤُكَ في النَّهي كالنَّافِيَهْ

إلى أينَ تمضي بشعرِكَ؟
قُلْ لي!
جَرِيرٌ هنا عادَلَ الجَارِيَهْ

وقد وَدَّعَ العُربَ هذا الزمانُ
ولا شيءَ تدركهُ القَافِيَهْ؟

#عماد_الدين_علي
لو استطعتُ نشرتُ الحزنَ والألمَا
على فِلسطينَ مُسوَدًّا لها علمَا

ساءت نهاريَ يقظانًا فجائعُها
وسئن ليليَ إذ صُوِّرنَ لي حلمَا

رمتُ السكوتَ حدادًا يوم مَصرَعِها
فلو تُرِكتُ وشاني ما فتحت فمَا

أكلما عصفت بالشعب عاصفةٌ
هوجاءُ نستصرخُ القرطاسَ والقلمَا؟!

#الجواهري
ذَكَّرَنِي فُوكِ حِمَارَي أَهلِي!

روي أبو الفضل الميداني في مجمع الأمثال، أن رجلا خَرَجَ يطلبُ حمارين ضلَّا له، فرأى امرأة مُنتَقِبة، فأعجبته حتى نَسِيَ الحمارين! فلم يزل يطلب إليها حتى سَفَرَت له، فإذا هي فَوْهَاءُ مفلَّلَةُ الثنايا قبيحةُ الأضراس، ولمّا أن رأى أسَنَاَنَها ذكر الحمارين! فقال: ذكرني فوكِ حماري أهلي، وأنشأ يقول:

لَيْتَ النِّقابَ على النساءِ محرَّمٌ
كَيْلاَ تَغُرَّ قبيحةٌ إنسانَا!

فأُرسلت بين العرب مثلًا!
الذين لا يقرؤون غيرَ الروايات لا يعتبرون في الحكم الصحيحِ قرّاءً، إنهم لا يعدون كونهم مشاهدي أفلام ومسلسلات، أما القرّاءُ في الحقيقة -وما أشد توهان الحقيقة بين الصورِ في هذا الزمان- هم الذين يقرؤون ما يجيبهم عن هذه الأسئلة الثلاثة: من؟ وكيف؟ ولماذا؟ وجوابها في كتب الشرع والتاريخ والفكر والفلسفة والأدب.
اللقاءُ يَذهبُ بالسَّخائم، فكأنَّ نظرَ العين إلى العين يُصلِحُ القلوب!

#ابن_حزم
‏تَدنو وتَنأى والتِفاتُك واحدٌ
كالفعلِ يعملُ ظاهرًا ومُقَدَّرَا!

#ابن_سهل_الأندلسي
"أنا لم أُفسد أحدًا.. لقد أردتُ أن أحيا لسعادة الناس جميعهم.. لاكتشاف الحقيقة ونشرها..
ماذا كانت النتيجة؟ لا شيء! كانت النتيجة أنكم تحتقرونني، هذا دليل على أنني أحمق!"

بهذه العبارات يتحدث الأمير "ليوف نيكولايفيتش ميشكين" عن نفسه في رواية الأبله لدوستويفسكي، تلك النفس التي عاشت ضعيفة أمام جبروت البشر، بلهاء أمام المكر، مائلةً أمام التفاخر، غبية أمام الرياء، هشّة أمام الظلم، ورائعةً وقويّة وقادرة إزاء مشاعر الخير والحبّ والصدق.. لدرجة أنه قال: "الجمال سينقذ العالم"! مسكين.

إنه أنموذج من أكثر النماذج تعبيرًا عن قدرة دوستويفسكي على النظر في دواخل النفس الإنسانية.. فقد لاح بهذا "الأبله" الذي هو أمير من سلالة أمراء بارزين في تاريخ روسيا، لكن شخصيته، وحياته لا يشبهان أبداً أولئك الأمراء الذين يأمرون فيُطاعون، وينهون فيُنتهى لهم، بل هو -ويا للغرابة- أمير إنسان، رجل طيّب إلى حد السذاجة، تُستدرُّ عاطفته بمجّرد الرقّة البادية، ويتأثر بالتعبير الملفوظ عن الحاجة أو الحزن أو الأسى .. ولذلك هو الأحق بالتعبير عن هذه النفس الإنسانة، نفس الأبله.

ثم رماه دوستويفسكي من شاهق بقوله: "إنَّ الإنسان العاديَّ المحدودَ الذَّكاء، يستطيع بسهولةٍ أن يظنَّ أنَّه فَذّ، وأنَّه أصيل، ويُمكن أن يطمئِنَّ الى هذا الظنِّ ويَسعدَ به".

أيها القارئ المتأثر، يا لَك مِن ليوف نيكولايفيتش ميشكين.
‏قال ابن أبي لبابة:
مَن طلَبَ عِزًّا بباطل، أورَثَهُ اللهُ تعالى ذُلًّا بحق.

علق التوحيدي: هذا مِن حُرِّ الكلام.