اللهُمّ أسرانا لا يملكون من الأمرِ شيئًا، قلوبهم بين يديك، وأقدارهم لا يخطّها سواك.
اللهُمّ أنتَ مولاهُم ولا مَولى لِمن عاداهُم، احفظهم بعينك التي لا تنام، واكفِهم شرَّ كلّ طاغٍ لا يرحم.

في ودائعكَ يا الله أسرانا جمعًا.

يقولون: احذر الموت العاديّ، فأقول: وهل عشنا حياةً عاديّةً لتنتهي بموتٍ عاديّ أصلًا؟!

632 يومًا من الحرب، والليالي مملوءَة بالرّصاص والانفجارات والقصف والدَّم، وما تزال طائرة "الزنانة" تصدعُ رؤوسنا ليل نهار، ثمّ تقول لي: الموت العاديّ؟

إنّني أخشي مِن بينِ ما أخشاه أن ننسى -كيف يكون العيش عاديًّا-، أن نعتاد الحرب، ونجعل من الوجع مقعدًا في بيوتنا، وما في قلوبنا موضع أحسن من موضِع؛ فكلّ موضعٍ تجرّع الألَم وبكى الشّهداء ونزفَ عليهم، وكما طبَّعَ العالم مع هذا اللَعين، لقد طبّعنا نحنُ مع موتنا، بعد أن رأيناه يسير إلينا في الطّرقات والأزقّة وفي أرحَبِ السّاحات، يقولُ: مرحبًا أنا الموت! ونقول: بلى نعرِفُك؛ لقد رأيناك مرارًا، تُغيّر حُلّتكَ دائمًا، وأنتَ واحِد.

تتصاعد أعمدة الدُّخان، ويعلو صوت الاشتباك، الرصاص في كلّ مكان، والقصف يشتدّ، هذا الليل العاديّ الّذي ينام فيه النّاس! نعدّ الطائرات، ودوي المدافع يقترب، وإسعافاتٌ كثيرةٌ تمرّ فوق قلوبنا، والتكبيرات تعبرُ هذه النافذة، ما الخبر القادمُ يا ترى؟ أو -مَن- الخبر القادم؟

كفاك حديثًا عن الموت غير العاديّ، واجلِس أحدّثك عن العيش غير العاديّ؛ فما عُدنا نعرف سواه.

«عندما يشبُّ حريقٌ في بيتك فيدعوك أحدهم للصلاة والتضرّع إلى الله؛ اعلم أنّها دعوة خائن، لأن الاهتمام بغير إطفاء الحريق، والانصراف عنه إلى عمل آخر، هو الاستحمار، وإن كان عملًا مقدّسًا».

• علي شريعتي || النباهة والاستحمار

إن لكلّ عصرٍ كربلاء، وكربلاء هذا الزمان هي غزّة..
من لم ينظر إلى غزّة بعين كربلاء، فقد عجز عن إدراك روح ثورة الحسين (ع). فالحسين لم يخرج طلبًا لملكٍ أو جاه، ولا سعيًا إلى دنيا زائلة، بل خرج نصرةً للحق، وذودًا عن دين جدّه محمد ﷺ. وإن الذين تخلّفوا عن نصرته ما فعلوا ذلك جحودًا به، ولا شكًّا في صدقه، بل خذلتهم نفوسهم الضعيفة، وغلب عليهم جبنهم وسكونهم.

وغزّة اليوم هي الحسينُ في ثوبه المعاصر. كلّ من أعرض عن نصرتها، إنما أعرض لأنه واهنٌ، مستكين، لم يملك شجاعة الموقف، ولا حرارة الإيمان. غزّة تُذبح من الوريد إلى الوريد، تسكنها الجراح، وتُدكّ أرضها كما دُكّ جسد الحسين بالسيوف والسهام. ما من زاويةٍ في غزّة إلا وتحاكي عضوًا من جسد الحسين الطاهر، وما من بيتٍ إلا وتصرخ فيه زينبُ من جديد. تموت غزّة جوعًا كما مات آل البيت عطاشى، تُحاصر كما حوصروا، وتُذبح كما ذُبحوا، لكنّها -كالحسين- تأبى الذل، وتصرّ أن تموت واقفة.

إن سكوت هذا العصر، وتواطؤ كثيرٍ من أبنائه، لا يختلف عن خذلان أهل الكوفة للحسين فما أشبه الليلة بالبارحة. وأخيرًا، لكل من خذل الحق، ورضي بالصمت أمام المذبحة، نُعيد صدى كلمات الحسين:
«إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحرارًا في دنياكم».

«يَا رَبِّ صَلِّ عَلَى النبيّّ وآتِنَا
مِن كُلِّ ظُلمٍ مِثْل عَاشُورَاء»

• | 💚

إنّ أمي قد حبّبتني بالنبيّ المُقاتل أكثَر من النبي المُسالِم وأورثتني المصاب بالحُسين عبر حليبها عن أمّها عن جدتها عن أجدادها؛ الذي ترَك لنا في الحياة والممات شعار: "هيهات منا الذلة".

• المُشتبك باسل الأعرج | 💚

لَمَّا أُسِرَ الْعَبَّاسُ يَوْمَ بَدرٍ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنِينَهُ، فَمَا نَامَ، فَكَيْفَ لَوْ سَمِعَ أَنِينَ الْحُسَيْنِ؟

• ابن الجوزي | ❤️‍🩹

السّلامُ على الحُسين وعلى أصحاب الحُسين..

ما بكتِ السّماءُ على أحدٍ بعد يحيى بن زكريّا (ع)؛ إلّا على الحُسين بن عليّ (ع)

• ابن سيرين | 🖤

أترى بمؤتةَ هذا أم تراه بخَيبرَ
بيَدَيْ عليٍّ أم جناحَي جَعفرَ؟!

قُم للقسام ووفِّهِ التّبجيلا
وافخَر بِمَن قصَدوا الجِهادَ سبيلا

وارقُب معارِكَهُم فإنَّ عدوّهُم
ما عادَ إلّا صاغرًا وذليلا..

• أَريب | 💚

البحرُ ثغرِي أَفرضُ الحِصار
بالجوِّ صقرِي يُنذرُ الفجَّار

مِن عزمِ جُندي قَد أَتى الإِعصَار
إنِّي عزيزٌ مِن بنِي الأَنصَار..

الشّهداء أحياء، لا عند ربّهم فقط، إنّهم هنا بيننا؛ فنحنُ أصواتُ الشّهداء، وصداهُم، وبين أيدينا أمانتهم، فمن دام ذِكره، دامَ عُمرُه، وما أتعسَهُ من مُحتلّ، حين يقتُلنا ليرتاح، فنأتيهِ غدًا بألفِ وجه..

اليومَ يفرحُ أهلُ الأرضِ كلّهمُ
حتى الجمادُ على استكانةِ من ظلمَ

• أَريب | 🖤

أتحسب أن الأجور كلها في ركعة تصليها أو صدقة تعطيها؟

مأجورٌ أنتَ على أحزان قلبك، على دموعك في خلوتك، حتى على ابتسامتك المزيفة التي ترسمها لأهلك كي لا يحزنوا لحزنك..
بل قد يكون أجرك في طول الانتظار، أو مرارة الفقد، أو قسوة الفراق، أو مشقة الحياة، أو شدة الكرب، أو سَريرِ المَرضِ، أو طول المعاناة أو غيرها، فاحتسب همك عند ربك، واصبر وصابر فأنت مأجور.

هؤلاء أبناء السنوار، يا روح غزّة، ما زالت تقاتل. عصاكَ يقين، وطلقات القسّاميين دليل، وما قتلوك بل شُبِّهَ لهم..
‏الإحتلال وهم صوت مؤقّت، ويبقى صوتُك أوضح في كلّ الأحياء: إنّه لجهاد، نصرٌ أو استشهاد.

سترينَ كيف يصير شبلُكِ قَسوَرة
وأمامَهُ حُمُرُ العِدا مُستنفِرة

سترينَ مأسورًا.. يُطاردُ آسِرًا
وقيودَ مسرى المُصطفى متكسّرة

عند قرأتك لكتاب د. فتحي الشقاقي، تتمنى لو بإمكانك تلوين وتخطيط الصفحة كاملة وليس سطرًا أو اقتباس..
ومن المؤسف أن مثل هذا الكتاب مفقود، ولا يُباع في المكتبات.

ابتسامته كانت آية، وجهه كان دليلًا، ودمه الطاهر ختمًا على أن الشهداء لا يموتون، بل يُبعثون وفي وجوههم نور، وفي أعينهم يقين، وفي شفاههم ابتسامة اللقاء..

شهيد رام الله استُشهد بعد الاعتداء عليه بالضرب المبرح من قِبل قُطعان المستوطنين

لعَمري، إنَّ من يُقارن بين حربٍ أهليةٍ عبثيّة، تدخّلت فيها قوى متعدّدة لخدمة أجندات مكشوفة، لم يكن فيها "الثائر" أصدقَ من "المثار عليه"، وبين حربٍ دينيةٍ صريحةٍ تخوضها درّةُ الطائفة المنصورة ضدّ عدوّ الله الملعون؛ لهو جاهلٌ بمعايير الحقّ، أو شريكٌ في تلميع الجلّاد.

غزّةُ الفرقانُ والفصل، لا التباس في موقفها، ولا حياد في ساحتها، وأيّ مقارنةٍ تُعقد إنما هي غسلٌ ليد السفّاح من دمٍ لم يُحقَن منذ عقود، وتزويرٌ سافر لسبعين عامًا من المجازر.

وعلى الهامش، يا لخيبةِ الدعاية التي نسجها الأبرار في كمين الزنّة؛ إذ أُغرِقت في لجّة المقارنات الباطلة، وابتلعها وَهمُ "الثقافة" المُزيّفة.

غربل يا طوفان.. فإن الزَّبَد لا يلبث أن يذهب جُفاءً.