فتاوى الشيخ فركوس
14K subscribers
15 photos
2 videos
1 file
555 links
قال ابن القيم رحمه الله :
‏و تبليغ سنته إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو .(بدائع التفسير (2/416)
Download Telegram
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM

الفتوى رقم: ٤٧٠
الصنف: فتاوى الصيام - أحكام الصيام
في حكم إفطار الحامل والمُرْضِع
السؤال:
هل على الحامل والمُرْضِع إذا أفطرَتَا في رمضانَ القضاءُ أم الفدية؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإذا طاقَتِ الحاملُ والمُرْضِعُ الصيامَ مع جهدٍ ومشقَّةٍ، أو خافتَا على أنفسهما أو ولديهما؛ فلا يَلْزَمُهما قضاءٌ، وإنما يُشْرَع في حقِّهما الفديةُ بإطعام مسكينٍ مكانَ كُلِّ يومٍ إذا أفطرتَا؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى وَضَعَ شَطْرَ الصَّلَاةِ ـ أَوْ: نِصْفَ الصَّلَاةِ ـ وَالصَّوْمَ عَنِ الْمُسَافِرِ، وَعَنِ الْمُرْضِعِ أَوِ الْحُبْلَى»، وفي روايةٍ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنِ الْمُسَافِرِ وَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ أَوِ الصِّيَامَ»(١)، وقد ثَبَت القضاءُ على المسافر في قوله تعالى: ﴿وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٥]، وثَبَت الإطعامُ للشيخ الكبير والعجوز والحُبْلى والمُرْضِع في قوله تعالى: ﴿وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُۥ فِدۡيَةٞ طَعَامُ مِسۡكِينٖ﴾ [البقرة: ١٨٤]، والحكمُ على الحامل والمُرْضِع بالإفطار مع لزوم الفدية وانتفاءِ القضاء هو أرجحُ المذاهب، وبه قال ابنُ عبَّاسٍ وابنُ عمر رضي الله عنهم وغيرُهما، فقَدْ صحَّ عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قال: «إِذَا خَافَتِ الحَامِلُ عَلَى نَفْسِهَا وَالمُرْضِعُ عَلَى وَلَدِهَا فِي رَمَضَانَ» قَالَ: «يُفْطِرَانِ، وَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَلَا يَقْضِيَانِ صَوْمًا»(٢)، وعنه ـ أيضًا ـ: أَنَّهُ رَأَى أُمَّ وَلَدٍ لَهُ حَامِلًا أَوْ مُرْضِعًا فَقَالَ: «أَنْتِ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي لَا يُطِيقُهُ، عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِي مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْكِ»(٣)، وروى الدارقطنيُّ عن ابنِ عمر رضي الله عنهما: أَنَّ امْرَأَتَهُ سَأَلَتْهُ ـ وَهِيَ حُبْلَى ـ فَقَالَ: «أَفْطِرِي وَأَطْعِمِي عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَلَا تَقْضِي»(٤).
ولأنَّ قولَ ابنِ عبَّاسٍ وابنِ عمر رضي الله عنهم انتشر بين الصحابة ولم يُعْلَمْ لهما مخالفٌ مِنَ الصحابة فهو حجَّةٌ وإجماعٌ عند جماهير العلماء، وهو المعروفُ عند الأصوليِّين بالإجماع السكوتيِّ(٥)، ولأنَّ تفسيرَ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما تَعلَّق بسببِ نزول الآية، والمقرَّرُ في علوم الحديث أنَّ تفسير الصحابيِّ الذي له تعلُّقٌ بسبب النزول له حكمُ الرفع(٦)، وما كان كذلك يترجَّح على بقيَّة الأقوال الأخرى المبنيَّة على الرأي والقياس.
تنبيهاتٌ:
١ـ المرضعة في زمن النفاس تقضي ولا تَفدي؛ لأنَّ النفاس مانعٌ مِنَ الصوم، وهو أخصُّ مِنْ عذر الرضاع والحمل في الإفطار والفدية، و«الخَاصُّ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ»، بخلاف زمن الطهر فلا تحدث معه معارضةٌ مع المانع.
٢ـ وإذا أرضعَتْ بالقارورة فيجب عليها الصومُ ـ أيضًا ـ لأنها مُرْضِعةٌ مجازًا لا حقيقةً.
٣ـ إذا بَلَغ الصبيُّ خمسةَ أشهرٍ فما فوق بحيث يتسنَّى له أَنْ يتغذَّى مِنْ غيرِ اللبن مِنْ أنواع الخضر والفواكه فإنَّ الرضاعة الطبيعية لا تكون عذرًا في الإفطار بله الرضاعة الاصطناعية(٧).
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٠ رمضان ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٣ أكتوبر ٢٠٠٦م
 
(١) أخرجه أبو داود في «الصوم» بابُ اختيارِ الفطر (٢٤٠٨)، والترمذيُّ في «الصوم» بابُ ما جاء في الرخصة في الإفطار للحُبْلى والمُرْضِع (٧١٥)، والنسائيُّ في «الصيام» (٢٢٧٥)، وابنُ ماجه في «الصيام» بابُ ما جاء في الإفطار للحامل والمُرْضِع (١٦٦٧)، مِنْ حديثِ أنس بنِ مالكٍ الكعبيِّ القُشَيْريِّ رضي الله عنه، وهو غيرُ الأنصاريِّ. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح أبي داود» (٢٠٨٣).
(٢) أخرجه الطبريُّ في «تفسيره» (٢/ ١٣٦)، وقال الألبانيُّ في «الإرواء» (٤/ ١٩): «وإسناده صحيحٌ على شرط مسلم».
(٣) أخرجه الطبريُّ في «تفسيره» (٢/ ١٣٦)، والدارقطنيُّ (٢٣٨٢) وقال: «إسنادٌ صحيحٌ». قال الألبانيُّ: «إسناده صحيحٌ على شرط مسلمٍ»، انظر: «الإرواء» (٤/ ١٩).
(٤) أخرجه الدارقطنيُّ (٢٣٨٨). قال الألبانيُّ في «الإرواء» (٤/ ٢٠): «وإسناده جيِّدٌ».
(٥) انظر: «المسوَّدة» لآل تيمية (٣٣٥)، «إعلام الموقِّعين» لابن القيِّم (٤/ ١٢٠).
(٦) انظر: «مقدِّمة ابنِ الصلاح» (٢٤)، «تدريب الراوي» للسيوطي (١/ ١٥٧)، «توضيح الأفكار» للصنعاني (١/ ٢٨٠)، «أضواء البيان» للشنقيطي (١/ ١٤٤).
(٧) انظر الفتوى رقم: (٣١٧) الموسومة ﺑ: «في ترخيص الفطر على المُرْضِع مع وجوب الفدية» على الموقع الرسميِّ لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ.

الفتوى رقم: ٤٧٠
الصنف: فتاوى الصيام - أحكام الصيام
في حكم إفطار الحامل والمُرْضِع
السؤال:
هل على الحامل والمُرْضِع إذا أفطرَتَا في رمضانَ القضاءُ أم الفدية؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإذا طاقَتِ الحاملُ والمُرْضِعُ الصيامَ مع جهدٍ ومشقَّةٍ، أو خافتَا على أنفسهما أو ولديهما؛ فلا يَلْزَمُهما قضاءٌ، وإنما يُشْرَع في حقِّهما الفديةُ بإطعام مسكينٍ مكانَ كُلِّ يومٍ إذا أفطرتَا؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى وَضَعَ شَطْرَ الصَّلَاةِ ـ أَوْ: نِصْفَ الصَّلَاةِ ـ وَالصَّوْمَ عَنِ الْمُسَافِرِ، وَعَنِ الْمُرْضِعِ أَوِ الْحُبْلَى»، وفي روايةٍ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنِ الْمُسَافِرِ وَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ أَوِ الصِّيَامَ»(١)، وقد ثَبَت القضاءُ على المسافر في قوله تعالى: ﴿وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٥]، وثَبَت الإطعامُ للشيخ الكبير والعجوز والحُبْلى والمُرْضِع في قوله تعالى: ﴿وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُۥ فِدۡيَةٞ طَعَامُ مِسۡكِينٖ﴾ [البقرة: ١٨٤]، والحكمُ على الحامل والمُرْضِع بالإفطار مع لزوم الفدية وانتفاءِ القضاء هو أرجحُ المذاهب، وبه قال ابنُ عبَّاسٍ وابنُ عمر رضي الله عنهم وغيرُهما، فقَدْ صحَّ عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قال: «إِذَا خَافَتِ الحَامِلُ عَلَى نَفْسِهَا وَالمُرْضِعُ عَلَى وَلَدِهَا فِي رَمَضَانَ» قَالَ: «يُفْطِرَانِ، وَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَلَا يَقْضِيَانِ صَوْمًا»(٢)، وعنه ـ أيضًا ـ: أَنَّهُ رَأَى أُمَّ وَلَدٍ لَهُ حَامِلًا أَوْ مُرْضِعًا فَقَالَ: «أَنْتِ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي لَا يُطِيقُهُ، عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِي مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْكِ»(٣)، وروى الدارقطنيُّ عن ابنِ عمر رضي الله عنهما: أَنَّ امْرَأَتَهُ سَأَلَتْهُ ـ وَهِيَ حُبْلَى ـ فَقَالَ: «أَفْطِرِي وَأَطْعِمِي عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَلَا تَقْضِي»(٤).
ولأنَّ قولَ ابنِ عبَّاسٍ وابنِ عمر رضي الله عنهم انتشر بين الصحابة ولم يُعْلَمْ لهما مخالفٌ مِنَ الصحابة فهو حجَّةٌ وإجماعٌ عند جماهير العلماء، وهو المعروفُ عند الأصوليِّين بالإجماع السكوتيِّ(٥)، ولأنَّ تفسيرَ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما تَعلَّق بسببِ نزول الآية، والمقرَّرُ في علوم الحديث أنَّ تفسير الصحابيِّ الذي له تعلُّقٌ بسبب النزول له حكمُ الرفع(٦)، وما كان كذلك يترجَّح على بقيَّة الأقوال الأخرى المبنيَّة على الرأي والقياس.
تنبيهاتٌ:
١ـ المرضعة في زمن النفاس تقضي ولا تَفدي؛ لأنَّ النفاس مانعٌ مِنَ الصوم، وهو أخصُّ مِنْ عذر الرضاع والحمل في الإفطار والفدية، و«الخَاصُّ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ»، بخلاف زمن الطهر فلا تحدث معه معارضةٌ مع المانع.
٢ـ وإذا أرضعَتْ بالقارورة فيجب عليها الصومُ ـ أيضًا ـ لأنها مُرْضِعةٌ مجازًا لا حقيقةً.
٣ـ إذا بَلَغ الصبيُّ خمسةَ أشهرٍ فما فوق بحيث يتسنَّى له أَنْ يتغذَّى مِنْ غيرِ اللبن مِنْ أنواع الخضر والفواكه فإنَّ الرضاعة الطبيعية لا تكون عذرًا في الإفطار بله الرضاعة الاصطناعية(٧).
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٠ رمضان ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٣ أكتوبر ٢٠٠٦م
 
(١) أخرجه أبو داود في «الصوم» بابُ اختيارِ الفطر (٢٤٠٨)، والترمذيُّ في «الصوم» بابُ ما جاء في الرخصة في الإفطار للحُبْلى والمُرْضِع (٧١٥)، والنسائيُّ في «الصيام» (٢٢٧٥)، وابنُ ماجه في «الصيام» بابُ ما جاء في الإفطار للحامل والمُرْضِع (١٦٦٧)، مِنْ حديثِ أنس بنِ مالكٍ الكعبيِّ القُشَيْريِّ رضي الله عنه، وهو غيرُ الأنصاريِّ. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح أبي داود» (٢٠٨٣).
(٢) أخرجه الطبريُّ في «تفسيره» (٢/ ١٣٦)، وقال الألبانيُّ في «الإرواء» (٤/ ١٩): «وإسناده صحيحٌ على شرط مسلم».
(٣) أخرجه الطبريُّ في «تفسيره» (٢/ ١٣٦)، والدارقطنيُّ (٢٣٨٢) وقال: «إسنادٌ صحيحٌ». قال الألبانيُّ: «إسناده صحيحٌ على شرط مسلمٍ»، انظر: «الإرواء» (٤/ ١٩).
(٤) أخرجه الدارقطنيُّ (٢٣٨٨). قال الألبانيُّ في «الإرواء» (٤/ ٢٠): «وإسناده جيِّدٌ».
(٥) انظر: «المسوَّدة» لآل تيمية (٣٣٥)، «إعلام الموقِّعين» لابن القيِّم (٤/ ١٢٠).
(٦) انظر: «مقدِّمة ابنِ الصلاح» (٢٤)، «تدريب الراوي» للسيوطي (١/ ١٥٧)، «توضيح الأفكار» للصنعاني (١/ ٢٨٠)، «أضواء البيان» للشنقيطي (١/ ١٤٤).
(٧) انظر الفتوى رقم: (٣١٧) الموسومة ﺑ: «في ترخيص الفطر على المُرْضِع مع وجوب الفدية» على الموقع الرسميِّ لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ.

فتاوى الشيخ فركوس:

قناة سلفية تعتني بنشر فتاوى الشيخ فركوس
https://telegram.me/ferkouss
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM

الفتوى رقم: ٣١٤
الصنف: فتاوى الصيام - أحكام الصيام
في حكم صومِ تاركِ الصلاة
السؤال:
هل صيامُ تاركِ الصلاةِ جائزٌ صحيحٌ؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فلا خلافَ بين أهل العلم في عدَمِ صحَّةِ صيامِ مَنْ تَرَكَ الصلاةَ مُنْكِرًا فرضيَّتَها جاحدًا وجوبَها؛ لأنه كافرٌ كفرًا مُخْرِجًا مِنَ المِلَّة قولًا واحدًا(١)، وأعمالُ الكُفَّارِ تَقَعُ باطلةً لأنَّ صحَّةَ العملِ مشروطةٌ بالإيمان، وهو ـ في هذه الحال ـ مُنْتَفٍ عنه، قال تعالى: ﴿وَقَدِمۡنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنۡ عَمَلٖ فَجَعَلۡنَٰهُ هَبَآءٗ مَّنثُورًا ٢٣﴾ [الفرقان]، وقال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَعۡمَٰلُهُمۡ كَسَرَابِۢ بِقِيعَةٖ يَحۡسَبُهُ ٱلظَّمۡ‍َٔانُ مَآءً حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَهُۥ لَمۡ يَجِدۡهُ شَيۡ‍ٔٗا وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُۥ فَوَفَّىٰهُ حِسَابَهُۥۗ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ ٣٩﴾ [النور]، وقال تعالى: ﴿مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡۖ أَعۡمَٰلُهُمۡ كَرَمَادٍ ٱشۡتَدَّتۡ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوۡمٍ عَاصِفٖۖ لَّا يَقۡدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَىٰ شَيۡءٖۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلَٰلُ ٱلۡبَعِيدُ ١٨﴾ [إبراهيم].
أمَّا تارِكُ الصلاةِ عمدًا وكسلًا وتهاونًا مع الإقرار بفرضيَّتها فحكمُه مُخْتَلَفٌ فيه بين أهل العلم(٢) بين مُكفِّرٍ له لورودِ نصوصٍ شرعيَّةٍ تقضي بذلك، وبه قال الإمامُ أحمدُ وغيرُه، وغيرِ مكفِّرٍ لتارِكِها لوجودِ أدلَّةٍ أخرى مانعةٍ مِنْ تكفيره، وبه قال مالكٌ والشافعيُّ وأبو حنيفة وغيرُهم.
وتخريجُ هذه المسألةِ مَرَدُّها إلى حكمِ تكفيره:
ـ فمَنْ كفَّر تارِكَ الصلاةِ عمدًا وتهاونًا أَلْحَقَه بالمُنْكِرِ لفرضيتها فلم يَعْتَدَّ بصيامه وسائرِ أعمالِه ـ كما تقدَّم ـ لانتفاءِ شرطِ الإيمان الذي يتوقَّف عليه صحَّةُ عملِه وصيامِه.
ـ ومَنْ لم يكفِّره عَدَّه مؤمنًا عاصيًا ولم يُخْرِجه مِنْ دائرة الإيمان، وبناءً عليه تصحُّ أعمالُه وصيامُه لوجود الإيمان المشروط في الأعمال والعبادات.
والراجح في المسألة هو التفصيل، ووجهُه: أنَّ مَنْ تَرَكَ الصلاةَ كُلِّيَّةً ومات مُصِرًّا على الترك فلا يكون مؤمنًا ولا يصحُّ منه صومٌ ولا عَمَلٌ، وهو المعبَّرُ عنه بالترك المطلق، أمَّا مَنْ يصلِّي ويترك فهذا غيرُ مُحافِظٍ عليها وليس بكافرٍ، بل هو مسلمٌ يدخل تحت المشيئة والوعيد ويصحُّ صومُه، وهو المعبَّرُ عنه بمطلق الترك، ويُؤيِّدُه قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللهُ عَلَى الْعِبَادِ، فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ»(٣)، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ المُسْلِمُ يَوْمَ القِيَامَةِ الصَّلَاةُ المَكْتُوبَةُ، فَإِنْ أَتَمَّهَا وَإِلَّا قِيلَ: انْظُرُوا: هَلْ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ؟ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ أُكْمِلَتِ الفَرِيضَةُ مِنْ تَطَوُّعِهِ»(٤)، وهذا التفصيلُ مِنِ اختياراتِ شيخِ الإسلام ابنِ تيمية ـ رحمه الله ـ(٥).
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٦ ذي القعدة ١٤٢٦ﻫ
المـوافق ﻟ: ١٨ ديسمبر ٢٠٠٥م
 
(١) انظر تقريرَ الإجماع في: «المقدِّمات الممهِّدات» لابن رشدٍ الجدِّ (١/ ١٤١)، «المغني» لابن قدامة (٧/ ١٣١)، «المجموع» للنووي (٣/ ١٤).
(٢) انظر: «المقدِّمات الممهِّدات» لابن رشدٍ الجدِّ (١/ ١٤١)، «بداية المجتهد» لابن رشدٍ الحفيد (١/ ٩٠)، «المجموع» للنووي (٣/ ١٦).
(٣) أخرجه أبو داود في «الوتر»بابٌ فيمَنْ لم يُوتِرْ (١٤٢٠)، والنسائيُّ في «الصلاة»بابُ المحافَظةِ على الصلوات الخمس (٤٦١)، وأحمد (٢٢٦٩٣)، مِنْ حديثِ عُبادة بنِ الصامت رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الترغيب والترهيب» (١/ ٢٧١) رقم: (٣٧٠) وفي «صحيح الجامع» (٣٢٤٣).
(٤) أخرجه أبو داود في «الصلاة»بابُ قولِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «كُلُّ صلاةٍ لا يُتِمُّها صاحبُها تُتَمُّ مِنْ تطوُّعه» (٨٦٤)، والترمذيُّ في «الصلاة»بابُ ما جاء أنَّ أوَّلَ ما يُحاسَبُ به العبدُ يومَ القيامةِ الصلاةُ (٤١٣)، والنسائيُّ في «الصلاة»باب المحاسَبة على الصلاة (٤٦٦)، وابنُ ماجه في «إقامة الصلاة والسنَّةِ فيها»بابُ ما جاء في: أوَّلُ ما يُحاسَبُ به العبدُ الصلاةُ (١٤٢٥)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٢٠٢٠).
(٥) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٧/ ٦١٤ ـ ٦١٦، ٢٢/ ٤٩).
فتاوى الشيخ فركوس:

قناة سلفية تعتني بنشر فتاوى الشيخ فركوس
https://telegram.me/ferkouss
وَاللهِ وَبِاللهِ وَتَاللهِ لَنْ يُفلِحَ؟
________

❍ قَاَلَ الشَّيْخُ عَبْدُ السَّلَاَمِ بنِ بَرجسٍ - رَحِمَہُ اللهُ تَعَالَــﮯَ -

" ... وَاللهِ وَبِاللهِ وَتَاللهِ لَنْ يُفلِحَ مَنْ جَعَلَ دِينَ اللهِ وَشَرْعِهِ وَسُنَّةَ نَبِيّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّىَ اللهُ عليهِ وَسَلَّم بَاَبَاً لِتَصفِيةِ الحِسَابَاتِ الشَّخصيَّةِ وَالتَشَفِّي مِمَّنْ نَقَدَهُ أَوْ وَضَّحَ بَاطِلَهُ ... " اﻫـ .

↷ انظر : (مُحاضرةُ ذَمِّ الإرجَاءِ والتَّحذيرِ من المُرجئةِ) .

           

الفتوى رقم: ٧٦
الصنف: فتاوى الصيام - المفطِّرات
في حكم البخَّاخات الهوائية حالَ الصيام
السؤال:
سائلةٌ تُعاني مِنْ مرضِ الربو، وتريد معرفةَ ما إذا كان يجوز لها استعمالُ بخَّاخةٍ هوائيةٍ تعمل على توسيع المسالك الهوائية عن طريقِ استنشاق الدواء الموجودِ بها، وذلك في رمضان أو في غيره، أي: حين تكون صائمةً. وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإذا كانَتْ مكوِّناتُ هذه البخَّاخةِ عبارةً عن هواءٍ مصنَّعٍ يُساعِدُ على فتحِ وتوسيعِ المجاري في القصباتِ الهوائية؛ فلا أرى مانعًا مِنِ استعماله في رمضانَ وغيرِه، ولا يمكن تَعدادُه مِنَ المفطِّراتِ.
أمَّا إذا كانَتْ تحتوي على مكوِّناتٍ تتركَّب مِنْ موادَّ بخاريةٍ تتحوَّل باستعمالها إلى سوائلَ يُشْعَر بمَذاقِها وبنزولها إلى الحلق فالمَعِدَةِ حالَ الاستعمال وبالتفاعل؛ فإنها تُعَدُّ مِنَ المفطِّراتِ؛ وعليه فإِنْ كان استعمالُها بهذا الاعتبار الأخير نهارَ رمضانَ في الشهر مرَّةً أو مرَّتين فحكمُه حكمُ المريض الذي يقضي ما أفطره، أمَّا إذا كان الاستعمالُ في غالب الشهر أو بحيث يتجاوزُ المعتادَ فحُكْمُه حكمُ المريض المزمن الذي تترتَّب عليه الفديةُ.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٦ ذي القعدة ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٨ ديسمـبر ٢٠٠٥م
 
فتاوى الشيخ فركوس:

قناة سلفية تعتني بنشر فتاوى الشيخ فركوس
https://telegram.me/ferkouss

الفتوى رقم: ٧٣٦
الصنف: فتاوى الصيام - القضاء
في حكمِ مَنْ شرِبَتِ الماءَ عمدًا في رمضان ثمَّ حاضَتْ إثره
السؤال:
في أحَدِ أيَّام رمضان تُوفِّيَتْ والدتي، ولفاجعة المصيبة أُصِبْتُ بإغماءٍ فسَقَوْني ماءً، وبعدما أفَقْتُ بوقتٍ يسيرٍ جاءتني العادةُ الشهرية، فماذا يجب عليَّ تُجاهَ هذا اليوم؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فليس على الحائض إذا طَهُرَتْ إلَّا أَنْ تقضيَ الصومَ ولا تقضيَ الصلاةَ، وشُرْبُها للماء قبل حَيْضها غيرُ مؤثِّرٍ في الحكم، ودليلُ قضائها قولُ عائشة رضي الله عنها: «كُنَّا نَحِيضُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم ثُمَّ نَطْهُرُ؛ فَيَأْمُرُنَا بِقَضَاءِ الصِّيَامِ وَلَا يَأْمُرُنَا بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ»(١).
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٨ جمادى الأولى ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٤ جوان ٢٠٠٧م
 
(١) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحيض» باب: لا تقضي الحائضُ الصلاةَ (٣٢١)، ومسلمٌ في «الحيض» (٣٣٥)، والترمذيُّ ـ واللفظُ له ـ في «الصوم» بابُ ما جاء في قضاء الحائض الصيامَ دون الصلاة (٧٨٧)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.
فتاوى الشيخ فركوس:

قناة سلفية تعتني بنشر فتاوى الشيخ فركوس
https://telegram.me/ferkouss
الكلمة الشهرية رقم: ١٠٢
زكاة الفطر
مَسائِلُ وأحكامٌ

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
[الحكمة مِنْ مشروعية زكاة الفطر]
فالعبادة ـ في الإسلام بعمومها سواءٌ كانَتْ بدنيةً أو ماليةً ـ تُنظِّمُ علاقةَ الفرد بربِّه وتَصِلُها، وتُقوِّي الإيمانَ وتُزكِّي النفس، وتملأ القلبَ بمَعاني العبودية لله تعالى، وتُظْهِرُها بمظهرٍ كريمٍ وعلى نهجٍ قويمٍ؛ فالعبادةُ ـ في عُمْقِها التشريعيِّ ـ حقٌّ خالصٌ لله تعالى على عباده.
ومِنَ العبادات المالية: الزكاةُ التي تُعَدُّ ـ في مُجْمَلها ـ نظامًا تكافليًّا ربَّانيًّا لا نظيرَ له في التنظيمات الأخرى؛ فهي تُزكِّي أخلاقَ المُزَكِّي وتُطهِّرُه مِنْ داء البخل والشحِّ وعبادةِ المال، وتنقله مِنْ زمرة البُخَلاءِ إلى زمرة الكُرَماء؛ فهي إيثارٌ لله على مَحَبَّةِ المال: تشرح صَدْرَه، وتُكفِّرُ خطاياه وذنوبَه، وتُنمِّي مالَه، وتفتح له أبوابَ الرزق؛ فهي الوسيلةُ الناجعةُ في سَدِّ حاجة المحتاج وعلاجِ مُشْكِلةِ الفقر في المجتمع المسلم، وهي إسهامٌ ـ أيضًا ـ في تحقيقِ التعاون المطلوب ـ شرعًا ـ بإعانةِ ذوي الحاجات؛ فيعطف بها الغنيُّ على الفقير ويَسُدُّ حاجتَه ويُغْنِيهِ عن ذُلِّ المسألة؛ فيحترمُ الفقيرُ الغنيَّ ويُقدِّرُ عَمَلَه وطاعتَه، وتسود بينهما الأُخُوَّةُ الإيمانيةُ القائمةُ على أساسِ المَوَدَّةِ والرحمة، بعيدًا عن مَرَضِ الحسدِ والبخل والشحِّ والبغض والكراهية وسوءِ الظنِّ، وشعورِ الفقير بالتهميش والانعزال، ونحوِ ذلك مِنَ الأمراض الفتَّاكة.
وزكاةُ الفطر ـ في حَدِّ ذاتها ـ لا تخرج عن المَعاني والحِكَمِ السابقة؛ فهي زكاةُ بَدَنٍ تحمل مَعْنَى مُواساةِ الأغنياء للفُقَراء والمساكينِ في يوم العيد، تُعلِّمُ الصائمَ أَنَّ عليه حقًّا مفروضًا يكفُّ فيه الفقيرَ عن المسألة بإغنائه بهذه الصدقةِ الواجبة بالفطر مِنْ رمضان؛ فتُدْخِلُ السرورَ عليه في يومٍ يُسَرُّ المسلمون بقدوم العيد عليهم(١)، كما تُطهِّرُ الصائمَ مِنْ ذَنْبِه الذي لَحِقَهُ خلالَ صومِه بسبب اللَّغْوِ والرَّفَثِ والفحش؛ فيُعوِّضُ ما فاتَ مِنْ أَجْرِه، ويُكمِّلُ ما نَقَصَ مِنْ عَمَلِه، وفوق هذا وذاك فهي دليلٌ على صِدْقِ إيمانِ المُزكِّي بامتثاله لأمرِ اللهِ وأَمْرِ رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم في صيامِ شهرِ رمضان وقيامِ لَيَالِيه؛ طاعةً لله تعالى وشكرًا على نعمةِ التوفيقِ لها خاصَّةً، ولسائر النِّعَمِ الأخرى في شهر رمضان وغيرِه.
فزكاةُ الفطر ـ إذَنْ ـ هي: حِصَّةٌ ماليَّةٌ مفروضةٌ مُقدَّرةٌ شرعًا، يُخْرِجُها المسلمُ قبل صلاة عيد الفطر، يختم بها عَمَلَ رمضان؛ لتكون له طُهْرةً ممَّا قد لَحِقَهُ مِنَ الذنوب أثناءَ صيامه، وطُعْمةً للمساكين بإغنائهم بها عن المسألة يوم العيد، ويتجلَّى هذا المعنى ـ بوضوحٍ ـ في قولِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ، طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ؛ فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ»(٢).
وبعد بيانِ الحكمةِ مِنْ مشروعية زكاة الفطر أَتناوَلُ بعضَ المَسائلِ المُخْتلَفِ فيها والمُفرَّعةِ عنها؛ لبيانِ الراجح مِنها ضِمْنَ مَسائِلَ وأحكامٍ على الوجه التالي:
المسألة الأولى: حكمُ زكاة الفطر وشرطُ وجوبها:
زكاة الفطر ـ مِنْ حيث حكمُها التكليفيُّ ـ فرضُ عينٍ على كُلِّ مَنْ تَوفَّرَتْ فيه شروطُ وجوبِها وهي:
• شرطُ الإسلام: فلا تجب زكاةُ الفطر على الكافر حُرًّا كان أو عبدًا عند الجمهور، خلافًا للشافعية(٣)؛ لأنَّ زكاة الفطر قُرْبةٌ مِنَ القُرَبِ وطُهْرةٌ للصائم مِنَ اللغو والرفث، والكافرُ ليس مِنْ أهل القُرَبِ فلا تُقْبَلُ منه؛ لذلك قيَّدَها حديثُ ابنِ عمر رضي الله عنهما اللاحقُ: «مِنَ المسلمين»(٤).
• شرط القدرة لمَنْ يجب عليه إخراجُ زكاة الفطر: لأنَّ غيرَ القادرِ مرفوعٌ عنه الحَرَجُ؛ لقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، وقولِه تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖ﴾ [الحج: ٧٨].
• أضافَ الجمهورُ شَرْطَ الحُرِّيَّةِ في وجوبِ زكاة الفطر؛ فلا تجب ـ عندهم ـ إلَّا على مَنْ كان حُرًّا مسلمًا؛ لأنَّ غيرَ الحُرِّ لا يَمْلِك ولا يُملَّكُ، وخالَفَ في ذلك الحنابلةُ فتجب زكاةُ الفطر ـ عندهم ـ على الرقيق سواءٌ كان صغيرًا أو كبيرًا كما تجب على الحُرِّ وهو الراجحُ، يشهد له عمومُ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما: «فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، عَلَى الصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ، وَالحُرِّ وَالمَمْلُوكِ»، وفي لفظِ مسلمٍ: «فَرَضَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَوْ حُرٍّ، صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ»(٥)، ولأنَّ زكاة الفطر زكاةٌ على الأبدان؛ فوَجَبَ على السيِّدِ أَنْ يُخْرِجَها عن عبده؛ لأنه صاحِبُ ولايةٍ عليه؛ فأَشْبَهَ ابنَه الصغيرَ(٦).
ولا يُشْتَرَطُ مِلْكُ النِّصابِ في وجوبِ أداءِ زكاة الفطر، غيرَ أنه يُشْتَرَطُ له الغنى، وحَدُّه عند الجمهور: أَنْ يملك فَضْلَ قوتِه وقوتِ مَنْ في نفقته ليلةَ العيد ويومَه، وهو مَذْهَبُ المالكيةِ والشافعية والحنابلة على تفصيلٍ(٧)، وعُمْدَتُهم في ذلك قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ سَأَلَ ـ وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ ـ فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ» قَالُوا: «يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا يُغْنِيهِ؟» قَالَ: «مَا يُغَدِّيهِ أَوْ يُعَشِّيهِ»، وفي لفظِ أبي داود: «أَنْ يَكُونَ لَهُ شِبَعُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، أَوْ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ»(٨).
وخالَفَ الأحنافُ في حَدِّ الغنى، واعتبروه في مِلْكِ النِّصاب؛ فلا تجب زكاةُ الفطر ـ عندهم ـ إلَّا على مَنْ يملك نِصابًا مِنْ أيِّ مالٍ كان، فاضلًا عن الحوائج الأصلية، مُسْتدِلِّينَ بقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى»(٩)، والفقيرُ ليس بغنيٍّ، بل الصدقةُ تَحِلُّ له؛ فاستوى مع مَنْ لا يَقْدِرُ عليها ـ أصلًا ـ فلا تجب عليه(١٠).
ومذهبُ الجمهورِ أقوى؛ لأنَّ زكاة الفطرِ زكاةُ أبدانٍ لا تزيد بزيادةِ المال حتَّى يُعْتَبَرَ فيها وجوبُ النِّصاب؛ فهي أَشْبَهُ بالكفَّارات لا بزكاة الأموال؛ لذلك لم يُقيِّدْها الشارعُ بغِنًى أو فَقْرٍ كما قيَّد زكاةَ الأموال في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ»(١١)؛ فوَرَدَ فرضُ زكاةِ الفطر مُطلَقًا عن تقييدٍ؛ فشَمِلَ الصغيرَ والكبير، والذَّكَرَ والأنثى، والحُرَّ والعبد.
أمَّا حديثُ: «لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى» فجوابُه مِنْ وجوهٍ:
الأوَّل: أنَّ النفي في لفظِ الحديث يدلُّ على الكمال لا الصحَّة، أي: لا صدقةَ كاملةٌ إلَّا عن ظَهْرِ غِنًى، ويدلُّ عليه حديثُ أبي هريرة رضي الله عنه: «خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ»(١٢)، وهذا لا يَلْزَمُ منه أَنْ لا تكون الصدقةُ مِنَ الفقير، غايةُ ما يدلُّ عليه هو تفضيلُ الغنى مع القيامِ بحقوقه على الفقر، وقد بيَّن ابنُ حجرٍ ـ رحمه الله ـ هذا المعنى بقوله: «والمختارُ أنَّ معنى الحديث: أَفْضَلُ الصدقةِ ما وَقَعَ بعد القيام بحقوقِ النفس والعيال، بحيث لا يصير المتصدِّقُ محتاجًا بعد صدقتِه إلى أحَدٍ؛ فمَعْنَى الغِنَى في هذا الحديثِ: حصولُ ما تُدْفَعُ به الحاجةُ الضروريةُ كالأكل عند الجوع المُشوِّشِ الذي لا صَبْرَ عليه، وسَتْرِ العورةِ، والحاجةِ إلى ما يَدْفَعُ به عن نَفْسِه الأذى»(١٣).
الثاني: أنه مُعارِضٌ لحديث الجمهور، ودليلُهم أَخَصُّ في بيانِ حَدِّ الغنى في زكاة الفطر.
الثالث: أنَّ قياسَ مَنْ يملك قوتَ يومِه وليلتِه على العاجز مُطْلَقًا في عدم وجوب زكاة الفطر عليه قياسٌ مع ظهور الفارق.
هذا، وقد ثَبَتَتْ فَرْضيةُ زكاة الفطر بحديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما: «فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى العَبْدِ وَالحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ»(١٤)، وحديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما ـ أيضًا ـ قال: «أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَكَاةِ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ»، قَالَ عَبْدُ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «فَجَعَلَ النَّاسُ عِدْلَهُ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ»(١٥)، وادَّعى ابنُ المنذر ـ رحمه الله ـ إجماعَ أهلِ العلم على فَرْضيتها(١٦)، وخالَفَ الأحنافُ في تسميتها فرضًا؛ لأنَّ الفرض ـ عندهم ـ لا يَثْبُتُ إلَّا بدليلٍ قطعيٍّ، وليس أمرُ زكاةِ الفطر كذلك؛ لذلك قالوا بوجوبها، وحَمَلُوا الفرضَ في الحديثِ على التقدير(١٧).
وقد رجَّحَ ابنُ قُدامةَ ـ رحمه الله ـ تسميتَها بالفرض بقوله: «وقال بعضُ أصحابنا: وهل تُسمَّى فرضًا مع القول بوجوبها؟ على روايتين، والصحيحُ أنها فرضٌ؛ لقولِ ابنِ عمر: «فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ»، ولإجماعِ العُلَماءِ على أنها فرضٌ، ولأنَّ الفرض إِنْ كان الواجبَ فهي واجبةٌ، وإِنْ كان الواجبَ المُتأكِّدَ فهي مُتأكِّدةٌ مُجْمَعٌ عليها»(١٨).
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
في حكم إخراج زكاة الفطر بالقيمة:
أمَّا إخراجُ زكاةِ الفطر بالقيمة فقَدْ مَنَعَ مِنْ ذلك الجمهورُ [المالكيةُ والشافعيةُ والحنابلةُ]، قال النوويُّ ـ رحمه الله ـ: «ولم يُجِزْ عامَّةُ الفُقَهاءِ إخراجَ القيمةِ وأجازَهُ أبو حنيفة»(٦٠).
ويُفضِّلُ الحنفيةُ إخراجَ القيمةِ مِنَ النقود في زكاة الفطر على إخراجِ العين(٦١)، وعلَّلوا ذلك بأنَّ المقصود مِنْ أداءِ زكاة الفطر إغناءُ الفقيرِ الذي يَتحقَّقُ غِناهُ بالعين أو بالقيمة، وأنَّ سَدَّ الخَلَّةِ(٦٢) بأداءِ القيمة أَنْفَعُ للفقير وأَيْسَرُ له لدَفْعِ حاجته.
أمَّا مذهبُ الجمهور فقَدْ علَّلوا مَنْعَ إخراجِ القيمة في زكاة الفطر بورودِ النصِّ في الطعام دون التعرُّض للقيمة، فلو جازَتْ لَبيَّنَها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، مع أنَّ التعامل بالنقود كان قائمًا والحاجة تدعو إليها، والمعلومُ ـ تقعيدًا ـ أنَّ «تَأْخِيرَ البَيَانِ عَنْ وَقْتِ الحَاجَةِ لَا يَجُوزُ»، فضلًا عن أنَّ القيمةَ في حقوقِ الناسِ يَلْزَمُها التراضي، والزكاةُ ليس لها مالكٌ مُعيَّنٌ حتَّى يتمَّ التراضي معه أو إبراؤُه.
وسببُ الخلافِ في مسألةِ إخراجِ القيمة بدلًا مِنَ العين يرجع إلى المسألتين التاليتَيْن:
• الأولى: هل الأصلُ في الأحكام والمعاني الشرعيةِ التعبُّدُ أو التعليل؟
• الثانية: هل زكاةُ الفطر تجري مجرى صدقةِ الأموال، أم تجري مجرى صدقةِ الأبدان كالكفَّارات؟
وعليه، فمَنْ لاحَظَ التعليلَ والغرضَ الذي مِنْ أَجْلِه شُرِعَ حكمُ زكاة الفطر، وأجراها مجرَى صدقةِ الأموال؛ قال بجوازِ إخراجِ القيمةِ لأنها تُحَقِّقُ قَصْدَ الشارعِ في شَرْعِه الحكمَ.
ومَنْ لاحَظَ التعبُّدَ والْتزامَ ظاهِرِ النصِّ وأَجْرَاها مجرى صدقةِ الأبدانِ كالكفَّارات والنذور والأضحية؛ قال: لا يجوز إخراجُ القيمةِ ويتعيَّنُ إخراجُ ما وَرَدَ به النصُّ مع مُراعاةِ مفهومه(٦٣).
والظاهرُ أنَّ الشرع إذا نصَّ على الواجبِ وعيَّنَ نوعَه وَجَبَ الْتزامُ ظاهِرِ النصِّ؛ احتياطًا للدِّينِ وعملًا بأنَّ الأصل في حكمِ زكاةِ الفطرِ التعبُّدُ، وأنها تجري مجرَى صدقةِ البَدَنِ لا المال؛ لذلك لا يجوز العدولُ عن ظاهِرِ النصِّ إلى القيمة، كما لا يجوز ذلك في الأضحية والكفَّارات والنذور ونحوِها، وهذا هو مذهبُ مالكٍ والشافعيِّ وأحمد رحمهم الله. قال ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ مُقرِّرًا هذا المعنى بقوله: «إنَّ صدقةَ الفطرِ تجري مجرى كفَّارةِ اليمين والظِّهارِ والقتل والجماع في رمضان ومجرى كفَّارة الحجِّ؛ فإنَّ سببها هو البَدَنُ، ليس هو المالَ، كما في السنن عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم «أنه فَرَضَ صدقةَ الفطر طُهْرةً للصائم مِنَ اللغو والرفث وطُعْمةً للمساكين، مَنْ أداها قبل الصلاة فهي زكاةٌ مقبولةٌ، ومَنْ أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقةٌ مِنَ الصدقات»(٦٤)، وفي حديثٍ آخَرَ أنه قال: «أَغْنُوهُمْ في هذا اليومِ عن المسألة»(٦٥)؛ ولهذا أَوْجَبَها اللهُ طعامًا كما أَوْجَبَ الكفَّارةَ طعامًا، وعلى هذا القولِ فلا يُجْزِئُ إطعامُها إلَّا لمَنْ يَسْتحِقُّ الكفَّارةَ، وهُمُ الآخذون لحاجةِ أَنْفُسِهم؛ فلا يعطي منها في المُؤلَّفةِ ولا الرِّقاب ولا غيرِ ذلك، وهذا القولُ أَقْوَى في الدليل»(٦٦).
في مَصْرِف زكاة الفطر:
اختلف الفُقَهاءُ في مَصْرِف زكاة الفطر على قولين:
أحَدُهما: أنَّ مَصْرِفَ زكاةِ الفطر هو مَصْرِفُ زكاةِ المال الثمانية؛ عملًا بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡعَٰمِلِينَ عَلَيۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَٰرِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ﴾ [التوبة: ٦٠]، وهذا هو مذهبُ جمهورِ العُلَماء مِنَ الحنفية والشافعية، والمشهورُ عن الحنابلة.
والثاني: أنَّ زكاةَ الفطرِ خاصَّةٌ بالفُقَراءِ والمساكينِ ولا تُصْرَفُ إلَّا إليهم، وهو مذهبُ المالكيةِ والحنابلةِ على قولٍ(٦٧)، واختارَهُ ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ، وهو الراجحُ لمُناسَبتِه لمشروعيةِ زكاةِ الفطر، واختصاصِها بالفُقَراءِ والمساكينِ على وجه الحصر في حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما، وفيه: «وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ»(٦٨)، ولأنَّ آية التوبةِ المذكورةَ عامَّةٌ في جميعِ مَصارِفِ زكاة المال لا صدقةِ الفطر على ما جرَتْ به السنَّةُ العملية، أمَّا زكاةُ الفطر فهي مُتعلِّقةٌ بالأبدان فأَشْبَهَتِ الكفَّارةَ؛ فلا يُجْزِئُ إخراجُها إلَّا لمَنْ يَسْتحِقُّ الكفَّارةَ، قال ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ: «ولا يجوز دَفْعُ زكاةِ الفطر إلَّا لمَنْ يَسْتحِقُّ الكفَّارةَ، وهو مَنْ يأخذ لحاجته، لا في الرِّقابِ والمُؤلَّفةِ قلوبُهم وغيرِ ذلك»(٦٩).
هذا، ويجدر التنبيهُ إلى أنه لا يجوز دَفْعُ زكاةِ الفطر إلى الحربيِّ المستأمن بالإجماع(٧٠)، كما لا يجوز إعطاؤها لغير المسلمين(٧١) عند عامَّةِ الفُقَهاء، خلافًا لأبي حنيفة الذي أجازَ دَفْعَها إلى أهل الذمَّة.
وسببُ اختلافهم في سببِ جوازِها: أهو الفقرُ أم الفقرُ والإسلامُ معًا؟(٧٢) والجمهورُ على أنَّ سببَ جوازِها هو الفقرُ والإسلامُ معًا؛ لأنَّ سِياقَ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما المتقدِّمِ في قوله: «وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ»(٧٣) يُفيدُ بظاهِرِه أنَّ المُرادَ: مَساكينُ المسلمين لا غيرِهم، وهو المُتبادِرُ إلى الذهن، وصَرْفُه إلى غيرِه يحتاج إلى دليلٍ، ولأنَّ الأصل المُقرَّرَ في زكاة الأموال والمنصوصَ عليه في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم لمُعاذٍ رضي الله عنه عندما بَعَثَهُ إلى اليمن: «ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ .. فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ»(٧٤).
أمَّا غيرُ المسلم فتجوز فيه الصدقةُ العامَّةُ غيرُ الواجبة كما نُقِلَ عن الحسن البصريِّ أنه قال: «لَيْسَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْوَاجِبِ حَقٌّ، وَلَكِنْ إِنْ شَاءَ الرَّجُلُ تَصَدَّقَ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ»(٧٥)، وعلى هذا تُحْمَلُ الآيةُ التي استدلَّ بها الأحنافُ على الجواز في قوله تعالى: ﴿لَّا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَلَمۡ يُخۡرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوٓاْ إِلَيۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ ٨﴾ [الممتحنة].
التبويب الفقهي للفتاوى: 
فتاوى الصلاة > 
العيد
الفتوى رقم: ١٢٣٧
الصنف: فتاوى الصلاة ـ العيد
في صفة تكبيرات صلاة العيد

السؤال:
هل تكبيرة الإحرام في صلاة العيد تُعَدُّ ضمن التكبيرات السَّبعِ المشروعة فيها أم هي زوائدُ فاضلة عن تكبيرة الافتتاح؟ وهل تكون هذه التكبيرات متواليةً لا يتخلَّلُها ذكرٌ أم لا يُشترط ذلك؟ وما حكم صلاة العيد لمن ترك هذه التكبيرات عمدًا، وهل يُشرع سجود السهو على من تركها نسيانًا؟
أفيدونا ـ رحمكم الله ـ.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فالمعلومُ فِقهًا أنَّ صلاةَ العيد ركعتان يُكبِّر في الأولى منهما قبل القراءة سبعًا ولا اعتدادَ بتكبيرة الركوع؛ لأنَّ بينهما قراءة، ويكبِّر في الركعة الثانية قبل القراءة خمسًا ولا اعتدادَ ـ أيضًا ـ بتكبيرة النهوض، لثبوت هذه التكبيرات الاثنتي عشرة من حديث عائشة رضي الله عنها: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، فِي الْأُولَى سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا»(١)، وثبت ـ أيضًا ـ من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال نبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «التَّكْبِيرُ فِي الْفِطْرِ سَبْعٌ فِي الْأُولَى، وَخَمْسٌ فِي الْآخِرَةِ، وَالْقِرَاءَةُ بَعْدَهُمَا كِلْتَيْهِمَا»(٢).
وحديث عائشة رضي الله عنها السابق ـ وإن كان موافقًا لعدد التكبيرات ـ إلَّا أنَّه أعمُّ لتناوله للفطر والأضحى.
هذه التكبيرات الواردة في الحديثين هي المشهورة فقهًا وعملًا، وهي الأكثر عددًا، والأفضل تعبُّدًا وامتثالًا، ولا يمنع ذلك أن تُؤَدَّى تكبيرات صلاة العيد أربعًا أربعًا سواء في الفطر أو في الأضحى لثبوت ذلك ـ أيضًا ـ في السُّنَّة النَّبوية المطهَّرة، فعن القاسم أبي عبد الرحمن قال: حدَّثني بعض أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال: «صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عِيدٍ، فَكَبَّرَ أَرْبَعًا وَأَرْبَعًا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ حِينَ انْصَرَفَ، قَالَ: «لَا تَنْسَوْاكَتَكْبِيرِ الْجَنَائِزِ» وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ وَقَبَضَ إِبْهَامَهُ»(٣)، يعني: في صلاة العيد.
ولا تعارض بين هذا الحديث والذي قبله لإمكانية الجمع بينهما بتغاير الحال، إذ هو اختلاف إباحةٍ وتوسعةٍ وتنوُّع، لثبوت ذلك كلِّه عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على نحو ما أخذوا عنه صلى الله عليه وسلم الوضوء واحدة واثنتين وثلاثًا، ويبقى الأكثر عددًا مقدَّما لكونه الأفضل تعبُّدًا وامتثالًا ـ كما تقدَّم ـ وفقًا لقاعدة: «مَا كَانَ أَكْثَرَ فِعْلًا كَانَ أَكْثَرَ فَضْلًا»(٤).
هذا، ولا تشترط الموالاة بين التكبيرات نسقًا خلافًا لمذهب مالك ومَن وافقه؛ فإنَّه لا يفصل بين التكبيرات بذِكرٍ ولا غيرِه(٥)، بل يجوز الذِّكر ـ على الصحيح ـ بين كلِّ تكبيرتين مِن حمدٍ لله عزَّ وجلَّ وثناءٍ عليه لحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال في صلاة العيد: «بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ حَمدٌ للَّهِ عزَّ وجلَّ وَثَنَاءٌ عَلَى اللهِ»(٦)، «ولأنَّها تكبيراتٌ حالَ القيام فاستُحبَّ أن يتخلَّلها ذِكرٌ كتكبيراتِ الجنازة، وتفارقُ التسبيح؛ لأنه ذِكر يخفى ولا يظهر، بخلاف التكبير»(٧).
وهذه التكبيرات والذكر بينها سُنَّة غيرُ واجبةٍ لا تَبطُلُ الصلاةُ بترك التكبير أو الذِّكر سواء كان عمدًا أو سهوًا، ولا يُعلم في ذلك خلافٌ كما صرَّح به ابن قدامة ـ رحمه الله ـ(٨).
غيرَ أنَّ العامد يأثَم بتعمُّده ترك السُّنَّةِ مُطلقًا لِمَا نَقَل النوويُّ الإجماع على إثم تاركها مُطلقًا، أمَّا إذا سها في التكبير وشرع في القراءة فالأَولى أن لا يعود إليه، شأنه كدعاء الاستفتاح إلَّا أنه يُستحبُّ له سجود السهو ـ على الرَّاجح ـ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ بَعْدَ مَا يُسَلِّم»(٩).
هذا، والعلماء يختلفون في التكبيرات الأولى هل يكبِّر سبعًا مع تكبيرة الإحرام، وهو مذهب أكثر أهل العلم من الصحابة وفقهاء المدينة السَّبعة وعمر بن عبد العزيز والزهري ومالك وأحمد والمُزَني، وهو قول ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ـ أيضا ـ(١٠).
أم أنه يُكبِّر سبعًا في الأولى سوى تكبيرة الافتتاح وهو مذهب الأوزاعي والشافعي وغيرهم(١١)؟ وفي المسألة خلاف وأقوال أخرى.
والذي يظهر لي راجحًا في هذه المسألة أنَّ تكبيرة الإحرام معدودةٌ من السَّبع الأولى لأحاديث كثيرةٍ ومنها ما سبق من حديث عائشة رضي الله عنها وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما وغيرهما، قال ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ: «وقد روي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه كبَّر في صلاة العيدين سبعًا في الركعة الأولى وخمسًا في الثانية من طُرُقٍ كثيرةٍ حسان».
وذكرَ جُملةً من هذه الطرق، ثمَّ قال: «.. ولو لم تكن تكبيرة الافتتاح في السَّبع لقيل: كبَّر ثمانيًا وستًّا»(١٢).
ولأنه ثبت ـ أيضًا ـ من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم «كَبَّرَ فِي عِيدٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً، سَبْعًا فِي الْأُولَى، وَخَمْسًا فِي الْآخِرَةِ، وَلَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا، وَلَا بَعْدَهَا»(١٣).
والأصل في الكلام عدم الإضمار ولا الحذف لعدم وجود قرينة أو دليل يدلُّ عليه، وقد جاء في «الموطإ» ما يؤيِّد استقلال اللفظ، فَعَنْ نافع مولى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «شَهِدْتُ الْأَضْحَى وَالْفِطْرَ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَكَبَّرَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ. وَفِي الآخِرَةِ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ»(١٤).
أمَّا حديث عائشة رضي الله عنها أنَّه كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً سِوَى تَكْبِيرَةِ الِاسْتِفْتَاحِ»(١٥) وعنها ـ أيضًا ـ أنَّه صَلَّى الله عليه وسلم «كَبَّرَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً سِوَى تَكْبِيرَةِ الِاسْتِفْتَاحِ وتكبيرة الرُّكُوعِ» فقد قال عنه الحافظ: «ومداره على ابن لهيعة وهو ضعيف»(١٦).
ويزيد ذلك تأييدًا وتأكيدًا أنَّ حديث القاسم أبي عبد الرحمن السابق بيَّن أنَّ النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم كان يُكبِّر يومَ العِيد في الصلاة أربعًا مثل تكبيره على الجنائز، وقال: «لَا تَنْسَوْا كَتَكْبِيرِ الْجَنَائِزِ»(١٧).
ولا يخفى أنَّ تكبيرة الافتتاح في الجنازة معدودة من ضمن الأربع تكبيرات فدلَّ ذلك على أنَّ تكبير العيد مثله وأنَّ الأصل في اللفظ أن يكون مستقلًّا لا يتوقَّف على إضمارٍ، ويُحمل على الاستقلال لقِلَّة اضطرابه من جهةٍ ولعدم وجود صارفٍ عنه من قرينةٍ أو دليلٍ من جهةٍ أخرى ـ كما تقدَّم ـ لذلك يترجح مذهب أكثر أهل العلم من الصحابة وفقهاء المدينة السَّبعة وغيرهم لأنّ غالب السنن والآثار توافق مذهبهم في تكبيرات العيد الزوائد: الأولى سبع بتكبيرات الافتتاح والإحرام وفي الثانية خمس كما صرَّح به ابن تيمية رحمه الله(١٨).
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٥ من ذي القعدة ١٤٤١ﻫ
الموافق ﻟ: ٠٦ جويلية ٢٠٢٠م

(١) أخرجه أبو داود في «الصلاة» (١١٤٩) باب التكبير في العيدين، وابن ماجه في «إقامة الصلاة، والسنة فيها» (١٢٨٠) باب ما جاء في كم يكبِّر الإمام في صلاة العيدين، وأحمد (٢٤٤٠٩)، وصححه الألباني في «إرواء الغليل» (٣/ ١٠٧).
(٢) أخرجه أبو داود في «الصلاة» (١١٥١) باب التكبير في العيدين، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٦١٧٢)، والحديث صححه البخاري. انظر: «نصب الراية» للزيلعي (٢/ ٢١٧)، و«إرواء الغليل» للألباني (٣/ ١١٠).
(٣) أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٧٢٧٣)، والمحاملي في «صلاة العيدين» (٣) والحديث حسّنه الألباني في «سلسلة الأحاديث الصحيحة» (٢٩٩٧).
(٤) «الأشباه والنظائر» للسيوطي (١٤٣)، ثم قال: «وأصله قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: أَجْرُكِ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ.رواه مسلم».
(٥) انظر: «الاستذكار» لابن عبد البر (٢/ ٣٩٦)، «المغني» لابن قدامة (٢/ ٣٨٢)، «القوانين الفقهية» لابن جزي (٩٠).
(٦) أخرجه المحاملي في «صلاة العيدين» (٩) وجوَّد إسناده الألباني في «إرواء الغليل» (٣/ ١١٥).
(٧) «المغني» لابن قدامة (٢/ ٣٨٣).
(٨) المصدر السابق الجزء والصفحة نفسها.
(٩) أخرجه أبو داود في «الصلاة» (١٠٣٨) باب من نسي أن يتشهد وهو جالس، وابن ماجه في «كتاب إقامة الصلاة، والسنة فيها» (١٢١٩) باب ما جاء فيمن سجدهما بعد السلام، وأحمد (٢٢٤١٧)، من حديث ثوبان رضي الله عنه. والحديث حسّنه الألباني في «إرواء الغليل» (٢/ ٤٧).
(١٠) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٠/ ٣٦٢)، «زاد المعاد» لابن القيم (١/ ٤٤٣).
(١١) انظر: «الاستذكار» لابن عبد البر (٢/ ٣٩٥)، «المغني» لابن قدامة (٢/ ٣٨٠).
(١٢) المصدر السابق (٢/ ٣٩٥).
(١٣) أخرجه أحمد (٦٦٨٨)، وقد صحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه لـ «مسند أحمد» (٦/ ٢٤١)، وانظر: «صحيح سنن أبي داود» للألباني (٤/ ٣١٦).
(١٤) أخرجه مالك في «الموطإ» (٦١٩)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٦١٧٩). وصححه أبو عبد الله الداني في «سلسلة الآثار الصحيحة» (٦٠٠)، وزكريا الباكستاني في «ما صح من آثار الصحابة في الفقه» (١/ ٥٠٨)، والأرنؤوط في «شرح السُّنَّة» للبغوي (٤/ ٣٠٩).
(١٥) أخرجه الدارقطني (١٧٢٠)، والحاكم (١١٠٨)، والحديث أعلّه الدارقطني والبيهقي والطحاوي، وابن عبد الهادي والذهبي. انظر: «تنقيح التحقيق» لابن عبد الهادي: (٢/ ٥٨٤)، «تنقيح التحقيق» للذهبي (١/ ٢٨٧).
(١٦) «التلخيص الحبير» لابن حجر (٢/ ٨٥)، انظر ـ أيضًا ـ: «تنقيح التحقيق» لابن عبد الهادي (٢/ ٥٨٤).
(١٧) سبق تخريجه، الهامش رقم (٣).
(١٨) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٠/ ٣٦٢).
فتاوى الشيخ فركوس:

قناة سلفية تعتني بنشر فتاوى الشيخ فركوس
https://telegram.me/ferkouss