فتاوى الشيخ فركوس
14K subscribers
15 photos
2 videos
1 file
555 links
قال ابن القيم رحمه الله :
‏و تبليغ سنته إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو .(بدائع التفسير (2/416)
Download Telegram
فإذا تقرَّر هذا، فعلى الزوج أن يتحرَّز من الكذب الصريح بَلْهَ الحلف بالله عليه، وإذا اقتضت الضرورة أو دعت إليه المصلحة فعليه بالتورية والمعاريض، فإن فيها لمندوحة عن الكذب الصريح، فإن أقسم بالله مورِّيًا فلا حرج عليه في ذلك؛ لأن حكم المعاريض الجواز عند الحاجة أو المصلحة كما تقدَّم في الحديث.
وممَّا يجدر التنبيه له أنَّ الترخيص بالتورية في مداراة الرجل امرأتَه تقصُّدًا لتحقيق مصلحة الوئام والمحبة بينهما لا ينبغي التوسع فيه والإكثار منه، لأنَّ المغرق في الترخيص بالتورية قد ينكشف أمره يومًا ما لزوجته، الأمر الذي قد يعكِّر على صفو العلاقة الزوجية بإحلال النُّفرة محلَّ الأُلفة، وذلك نقيض ما كان يصبو إليه بالمعاريض والتورية.
وفي هذه المسألة فإنَّ القول في الرجل مع المرأة كالقول في المرأة مع الرجل ولا فرق.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصَلَّى الله على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٢ ربيع الأوَّل ١٤٣١ﻫ
الموافق ﻟ: ٨ مارس ٢٠١٠م
(١) أخرجه البخاري في «الأدب» (٣/ ٢٣٥) باب قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ وما ينهى عن الكذب، ومسلم: (٢/ ١٢٠٨) في البرِّ والصلة والآداب» رقم (٢٦٠٧) ، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.    
(٢) أخرجه مسلم (١/ ٦٠) في «الإيمان» رقم (١٠٦)، وأحمدُ في «مسنده» (٥/ ١٤٨)، من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
(٣) أخرجه البخاري في «الصلح» (٢/ ٤) باب ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس، من حديث أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها.
(٤) أخرجه مسلم (٢/ ١٢٠٧) في «البر والصلة والآداب» رقم (٢٦٠٥).
(٥) «مراتب الإجماع» لابن حزم: (١٥٦).
(٦) قال الجرجاني في «التعريفات» (٧١): «التورية: وهي أن يريد المتكلم بكلامه خلاف ظاهره، مثل أن يقول في الحرب: «مات إمامكم»، وهو ينوي أحدا من المتقدمين».
(٧) أخرجه البخاري في «تفسير القرآن» (٢/ ٥٣٤) باب ﴿ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً﴾، ومسلم (١/ ١١٠) في «الإيمان» رقم (١٩٤)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٨) أخرجه البخاري في «الأنبياء» (٢/ ١٧٩) باب قول الله تعالى ﴿واتَّخَذَ الله إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً﴾، ومسلم (٢/ ١١١٢) في «الفضائل» رقم (٢٣٧١)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٩) «مفتاح دار السعادة» لابن القيم: (٢/ ٣٩٤-٣٩٦) [بتصرف يسير].

فتاوى الشيخ فركوس:

قناة سلفية تعتني بنشر فتاوى الشيخ فركوس
https://telegram.me/ferkouss

الفتوى رقم: ١٠٣٧
الصنف: فتاوى الأسرة - عقد الزواج - موانع الزواج - الرضاع
في تحقُّق الرضاع الشرعيِّ المنتج لآثاره
السـؤال:
بعد زواجي بمدة، طلب منِّي شابٌّ من أقارب زوجتي رؤيتها؛ بحجّة أنّه رضع من والدتها لما كانا صغيرين، لكني لَمَّا علمت بأنَّ هذا الشابَّ لم يرَ زوجتي مذ كانا صغيرين، شعرتُ كأنّه أجنبي عنها فلم آذن لها برؤيته، فأرجو بيان الحكم الشرعي، وجزاكم الله خيرًا.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإذا ثبت الرضاعُ على الوجهِ الشرعيِّ المتمثِّلِ في خمسِ رضعاتٍ في الحولينِ(١) على أرجحِ أقوالِ العلماءِ فإنَّ الرجُلَ يُعدُّ مَحرَمًا لأختهِ من الرَّضاعِ، لقولهِ تَعالى: ﴿وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ﴾ [النساء: ٢٣]، ولقوله صَلَّى الله عليه وآله وسَلَّم: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ»(٢)، ولا تحتجب منه أُخته إلاَّ إذا قَلَّ عددُ رضعاتِه عن المقدار المحرِّم، لقوله صَلَّى الله عليه وآله وسَلَّم لعائشة رضي الله عنها: «انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ، إِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ»(٣)، أو خُشِيَ منه شيءٌ كأن تظهرَ عليهِ علاماتُ الفِسقِ أو الفجورِ أو الخبثِ في أفعاله وتصرُّفاته.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٤ من المحرَّم ١٤٣١ﻫ
الموافق ﻟ: ٣١ ديسمبر ٢٠٠٩م
(١) انظر فتوى «في مقدار الرضاع المحرِّم»، برقم: (١٣).
(٢) أخرجه البخاري كتاب «الشهادات»، باب الشهادة على الأنساب والرضاع المستفيض والموت القديم: (١/ ٦٣٩)، ومسلم كتاب «الرضاع»: (١/ ٦٦١)، رقم: (١٤٤٧)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٣) أخرجه البخاري كتاب «الشهادات»، باب الشهادة على الأنساب والرضاع المستفيض والموت القديم: (١/ ٦٣٩)، ومسلم كتاب «الرضاع»: (١/ ٦٦٥)، رقم: (١٤٥٥)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
فتاوى الشيخ فركوس:

قناة سلفية تعتني بنشر فتاوى الشيخ فركوس
https://telegram.me/ferkouss

الفتوى رقم: ١٠٢٢
الصنف: فتاوى الأسرة - عقد الزواج - الحقوق الزوجية
في حكم وضعِ جهاز اللولب
داخلَ رَحِمِ المرأة

السؤال:
ما حكمُ استعمال المرأةِ للَّولب تقصُّدًا لمنع الحمل؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فاللولبُ عبارةٌ عن جهازٍ مصنوعٍ مِن البلاستيك، يُوضع داخِلَ الرَّحِمِ لمنعِ الحملِ، وهو معدودٌ مِن وسائلِ منعِ الحمل المؤقَّتةِ الحديثةِ التي تُقابِلُها الوسائلُ المؤقَّتةُ الطبيعيةُ: كالعزل والرضاعة والجماع في أوقاتٍ دوريةٍ مؤقَّتةٍ.
ولا يخفى أنَّ تنظيمَ النسلِ والتباعدَ بين الولاداتِ بَلْهَ تحديد النسل أمرٌ ينافي مَقاصِدَ الشريعة مِن تكثيرِ النسل وعمارةِ الأرضِ وتكثيرِ سَوادِ المسلمين، وقَدْ وَرَدَ الحضُّ على ذلك في السنَّة النبوية فقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ»(١)، ووَرَدَتِ النصوصُ القرآنية مبيِّنةً أنَّ كثرةَ نسلِ الأمَّةِ سببٌ لعِزَّتها وقوَّتها حيثُ امتنَّ اللهُ عزَّ وجلَّ على بني إسرائيل بذلك فقال: ﴿وَجَعَلۡنَٰكُمۡ أَكۡثَرَ نَفِيرًا ٦﴾ [الإسراء]، وقال تعالى ـ فيما قَالَه شعيبٌ عليه السلام لقومِهِ ـ: ﴿وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ كُنتُمۡ قَلِيلٗا فَكَثَّرَكُمۡۖ﴾ [الأعراف: ٨٦]، ولا يُعْدَلُ عن هذا الأصلِ المقاصدِيِّ إلَّا عند تَعذُّرِ تحصيله لوجودِ مسوِّغٍ شرعيٍّ.
فإن أَضْحَتْ مسوِّغاتُ تنظيمِ النسل المؤقَّتِ واضحةً بالظهور أو بتقريرٍ طبِّيٍّ يُفْصِحُ عن مرضِ المرأة أو ضعفِ بدنها، أو بتحقُّقِ تضرُّرها بالحمل، أو عجزِها عن تحمُّل الوضعِ؛ حيث يُشكِّل حملُها ـ في الجملة ـ خطرًا على النفس أو ضررًا بالبدن، وقد تعذَّر عليها تناوُلُ حبوبِ منعِ الحمل لعدَمِ جدواها، أو لتحقُّقِ الآثار الجانبية والمخاطر الصحِّيةِ التي لا تتلاءَمُ مع طبيعةِ بدنِها فيحصلُ لها الضررُ مِن جرَّاءِ تناوُلها(٢)؛ فإنَّه يجوزُ ـ والحالُ هذه ـ استعمالُ اللَّوْلَب النحاسيِّ وهُو أَوْلى مِن اللَّوْلَبِ المحتوِي على هُرمُونِ الأُنوثَةِ «البروجِسْتِرُون»، وقد احتَلَّ اللَّولبُ النحاسِيُّ هذه الأَوْلويةَ لأنَّه أَحْوَطُ مِن جَانِبِ مَنْعِه لعمليةِ تلقيحِ البويضة ابتداءً، كما يعملُ مِن جهةٍ أخرى على منعِ تعشيشِ البويضةِ إن تعرَّضَتْ للتلقيح، بينما طريقةُ اللَّولب المحتوي على «البروجسترون» فإنَّه يعملُ على منعِ علوق البويضة الملقَّحة في جدارِ الرَّحِم كي لا تتحوَّل إِلى نُطفةٍ وتَنمُوَ بالأطوار المذكورة في الآية(٣) والحديث(٤)؛ فإنَّ هذه الطريقةَ الأخيرةَ تُعَدُّ نوعًا مِن الإجهاض المبكِّر جدًّا يمنعُه المالكيةُ والظاهرِيةُ وبعضُ الشافعية(٥)، حيثُ يَرَوْنَ أنَّ الرحِمَ إذَا قَبَضَ المنيَّ لم يَجُزِ التعرُّضُ له.
علمًا أنَّ هذه الوسائلَ المانعةَ مِن الحملِ لا يجوزُ استخدامُها مؤبَّدًا؛ فإذا عَادَتِ المرأةُ إلى طبيعتِها وسلامةِ بدنِها، أو عُوفِيَتْ مِن مرضِها؛ انْتَفَت بذلك مُسوِّغَاتُ تنظيمِ النسل، وَعَادَ الحكمُ إلى الأصلِ الأَوَّلِ عَمَلًا بقاعدةِ: «إِذَا ضَاقَ الأَمْرُ اتَّسَعَ، وَإِذَا اتَّسَعَ ضَاقَ».
والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٨ جمادى الثانية ١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ: أوَّل جوان ٢٠٠٩م
(١) أخرجه أبو داود في «النكاح» باب النهي عن تزويجِ مَن لم يَلِدْ مِن النساء (٢٠٥٠) مِن حديث مَعْقِل بن يسارٍ رضي الله عنه. وأخرجه أحمد (١٣٥٦٩) مِن حديث أنس بن مالكٍ رضي الله عنه بلفظ: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، إِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأَنْبِيَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ». والحديث صحَّحه العراقيُّ في «تخريج الإحياء» (٢/ ٥٣)، وابن حجرٍ في «فتح الباري» (٩/ ١٣)، والألبانيُّ في «الإرواء» (٦/ ١٩٥) رقم: (١٧٨٤).
(٢) وإنما تقرَّرَتْ أولويةُ الحبوبِ لأنها تعمل على منعِ عملية التبويض مِن جهةٍ، واستخدامُها يحفظ عورةَ المرأة المغلَّظة مِن النظر والمسِّ والملامسة ونحو ذلك.
(٣) في قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّنَ ٱلۡبَعۡثِ فَإِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ مِنۡ عَلَقَةٖ ثُمَّ مِن مُّضۡغَةٖ مُّخَلَّقَةٖ وَغَيۡرِ مُخَلَّقَةٖ لِّنُبَيِّنَ لَكُمۡۚ وَنُقِرُّ فِي ٱلۡأَرۡحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى ثُمَّ نُخۡرِجُكُمۡ طِفۡلٗا﴾ [الحج: ٥]، وقولِه تعالى: ﴿وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن سُلَٰلَةٖ مِّن طِينٖ ١٢ ثُمَّ جَعَلۡنَٰهُ نُطۡفَةٗ فِي قَرَارٖ مَّكِينٖ ١٣ ثُمَّ خَلَقۡنَا ٱلنُّطۡفَةَ عَلَقَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡعَلَقَةَ مُضۡغَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡمُضۡغَةَ عِظَٰمٗا فَكَسَوۡنَا ٱلۡعِظَٰمَ لَحۡمٗا ثُمَّ أَنشَأۡنَٰهُ
خَلۡقًا ءَاخَرَۚ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحۡسَنُ ٱلۡخَٰلِقِينَ ١٤﴾ [المؤمنون].
(٤) وفي حديث ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ». [أخرجه البخاريُّ في «بدء الخَلْق» باب ذكرِ الملائكة (٣٢٠٨)، ومسلمٌ في «القَدَر» (٢/ ١٢٢٠) رقم: (٢٦٤٣)].
(٥) انظر: «القوانين الفقهية» لابن جُزَيٍّ (٢٠٧)، «المحلَّى» لابن حزم (١١/ ٣٠)، «إحياء علوم الدين» للغزَّالي (٢/ ٥١).
فتاوى الشيخ فركوس:

قناة سلفية تعتني بنشر فتاوى الشيخ فركوس
https://telegram.me/ferkouss


الفتوى رقم: ١٠١٨

الصنف: فتاوى الأسرة - عقد الزواج - آداب الزواج في طلبِ العون مِن جمعيةٍ خيريةٍ لغرَضِ الزواج

السؤال:

هل يجوز طلبُ العون مِن جمعيةٍ خيريةٍ لإقامةِ مشروعِ زواجٍ جماعيٍّ؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالأصلُ أنَّ العَوْن الدنيويَّ أو المادِّيَّ لا يطلبه المسلمُ إلَّا مِن الله سبحانه رغبةً إليه وتوكُّلًا عليه؛ وذلك تحقيقًا لقوله: ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ ٥﴾ [الفاتحة]، ولقوله تعالى: ﴿فَإِذَا فَرَغۡتَ فَٱنصَبۡ ٧ وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرۡغَب ٨﴾ [الشرح]، أي: ارْغَبْ إلى الله لا إلى غيره، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم لابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ...»(١)؛ ذلك لأنَّ الله عزَّ وجلَّ خيرُ كفيلٍ أن يُسخِّر له مَن يُعِينُه في أمورِ زواجه إذا أراد العفافَ وتحصينَ نَفْسِه، وهذا وَعْدٌ مِن الله تعالى للمُتَعَفِّفِين مِن عباده حيث قال: ﴿وَلۡيَسۡتَعۡفِفِ ٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغۡنِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ﴾ [النور: ٣٣]، وقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللهِ عَوْنُهُمْ: المُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَالمكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ العَفَافَ»(٢).

وسؤالُ الناسِ إنما يُباح للضرورة، وتَرْكُه ـ توكُّلًا على الله ـ أفضلُ لِمَا يترتَّب على سؤال المخلوقين مِن مفسدةِ الافتقار إلى غيرِ الله وهي نوعٌ مِن الشرك، ومفسدةِ إيذاء المسؤول وهي نوعٌ مِن ظُلم الخَلْق، ومفسدةِ الذلِّ لغير الله وهي ظلمٌ للنفس(٣)، وإذا أُبِيحَ السؤالُ لضرورةٍ فينبغي أن تُقدَّر بقَدْرها.

والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٧ رجب ١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ: ٣٠ جوان ٢٠٠٩م

___ من تطبيق تراث العلامة محمد علي #فركوس للتحميل على الأندرويد https://bit.ly/318AXka ______

(١) أخرجه أحمد (٢٧٦٣)، والترمذيُّ في «صفة القيامة والرقائق والورع» (٢٥١٦)، والحاكم (٦٣٠٣)، مِن حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما. والحديث صحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد»، والألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٧٩٥٧).

(٢) أخرجه الترمذيُّ في «الجهاد» بابُ ما جاء في المجاهد والناكح والمكاتب، وعونِ الله إيَّاهم (١٦٥٥)، والنسائيُّ في «النكاح» باب معونة الله الناكحَ الذي يريد العفاف (٣٢١٨)، وابن ماجه في «العتق» باب المكاتب (٢٥١٨)، وابن حبَّان في «صحيحه» (٤٠٣٠)، والحاكم في «مستدركه» (٢٦٧٨)، وأحمد (٧٤١٦)، والبيهقيُّ (٢٢٢٣١)، مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث حسَّنه البغويُّ في «شرح السُّنَّة» (٥/ ٦)، والألبانيُّ في «غاية المَرام» (٢١٠) و«صحيح الجامع» (٣٠٥٠)، وصحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد» (١٣/ ١٤٩).

(٣) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (١/ ١٩٠).

قلت: وهذا بخلاف السؤال في أمور الدين فقَدْ يرقى إلى درجة الوجوب العينيِّ، وكذلك الحقوق العينية والأدبية والمعنوية الثابتة للإنسان بدليلٍ شرعيٍّ فإنه يجوز له أن يسألها ممَّن هي تحت يده ويُطالِبَ بها.
فتاوى الشيخ فركوس:

قناة سلفية تعتني بنشر فتاوى الشيخ فركوس
https://telegram.me/ferkouss

الفتوى رقم: ١٠١٢
الصنف: فتاوى الأسرة - عقد الزواج - إنشاء عقد الزواج
في أركان النكاح وشروطِ صحَّته
السؤال:
ما هي أركانُ النكاح وشروطُ صحَّته؟ وبارك الله فيكم.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فمبنى عَقْدِ الزواجِ يكمن في تحصيلِ الرِّضا مِن كلا العاقدَيْن بموضوع العقد؛ فالرِّضَا أساسُ انعقادِ الزواج وهذا أمرٌ باطنيٌّ نَفْسيٌّ؛ ولمَّا كان كذلك أقام الشارعُ القولَ المعبِّر عمَّا في النفس مِن الرضا مَقامَه وعلَّق عليه الأحكامَ؛ فكان حصولُ الإيجابِ باللفظ الصادرِ مِن أحَدِ المتعاقدَيْن للتعبير عن إرادته في إقامة العلاقة الزوجية، وكان القَبولُ ما صَدَرَ تاليًا له بلفظ المتعاقِد الآخَرِ الذي يعبِّر عن رضاه وموافَقتِه بالمعقود عليه؛ فالإيجابُ والقَبولُ المعبِّران عن الرضا القلبيِّ هما رُكْنَا العقود باتِّفاقِ أهلِ العلم، ويقترنُ بهما شروطُ انعقادِ عقدِ الزواج، حيثُ يُشْترط في صيغة «الإيجاب والقَبول» أن تكون بألفاظٍ تدلُّ على النكاح، ولا يُشْترط أن تكون الصيغةُ بلفظِ «الإنكاح» و«التزويج»، بل ينعقد النكاحُ بكلِّ لفظٍ دلَّ عليه؛ لأنَّ «العِبْرَةَ فِي العُقُودِ بِالقُصُودِ وَالمَعَانِي لَا بِالأَلْفَاظِ وَالمَبَانِي»، وهو مذهبُ أبي حنيفةَ ومالكٍ وروايةٌ عن أحمد(١)، وهذا اختيار ابن تيمية(٢).
كما أنَّ مِن شروطِ انعقادِ العقد في العاقدَيْن أن يكون صدورُ الإيجاب والقَبول ممَّن يتمتَّعُ بأهليةٍ لإجراءِ العقد وإنشائه واعتبار رضاهما واختيارِهما، مع إمكانِ سماعِ كلامِ كلِّ واحدٍ منهما وفهمِه.
ومِن شُروط انعقاده أن يكون كلٌّ مِن الزوجين معلُومًا للآخَرِ ومعروفًا؛ فلو زوَّج الوليُّ إحدى بناتِه مِن غيرِ تعيينٍ لم يصحَّ العقدُ.
كما يُشْترط ـ أيضًا ـ خُلُوُّ عقدِ الزواج مِن أسبابِ تحريم الزواج التي تمنعُ صِحَّتَه: ككونِ المرأة مِن المحرَّمات على الرجل بنَسَبٍ أو رضاعٍ، أو كانت في عِدَّةٍ ونحو ذلك، أو كونِ الرجل كافرًا والمرأةِ مسلمةً.
هذا، وإذا تمَّ الإيجابُ والقَبولُ وتَطابَقَا على المَحَلِّ المعقودِ عليه انعقدَ النكاحُ ولو كان المتلفِّظُ هازلًا لا يَقْصِدُ معناه في الحقيقة؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ»(٣).
وأمَّا شُروطُ صحَّةِ عقدِ النِّكاح التي يَبْطُل العقدُ بتخلُّفِ أحَدِها فيمكن أن نُجْمِلَها فيما يأتي:
أوَّلًا: وليُّ المرأةِ شرطٌ لصحَّةِ النكاح، فإذنُه فيه معتبَرٌ ولا يصحُّ نكاحٌ إلَّا به، وهُو مذهبُ جماهيرِ العلماء مِن السَّلفِ والخلفِ، وهو مذهبُ مالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ وأهلِ الظاهر خلافًا لأبي حنيفة(٤)، ومِن أَصْرَحِ الأدلَّة على شرطيتِه: قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ»(٥)، وقولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ـ ثَلَاثًا ـ وَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا، فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَإِنَّ السُّلْطَانَ وَليُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ»(٦).
ثانيًا: إذْنُ المرأةِ البالغةِ العاقلة ورضاها معتبَرٌ ـ أيضًا ـ في النكاح؛ فلا يصحُّ إكراهُهَا على الزواج ممَّن لا ترغبُ فيه سواءٌ كانَتْ ثيِّبًا أو بِكرًا لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «لَا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ البِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ»، قَالُوا: «يَا رَسُولَ اللهِ وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟» قَالَ: «أَنْ تَسْكُتَ»(٧)، وفي حديثِ خنساءَ بنتِ خِذَامٍ الأنصارية رضي الله عنهما: «أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا ـ وَهِيَ ثَيِّبٌ ـ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ نِكَاحَهَا»(٨)، وفي حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ جَارِيَةً بِكْرًا أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ؛ فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»(٩)، وفي حديثٍ آخَرَ: «فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا»(١٠).
ثالثًا: الصَّداقُ أو المهرُ شرطٌ لصحَّةِ النكاحِ سواءٌ كان مفروضًا أو مسكوتًا عنه، فإن كان الثاني فللمرأةِ مهرُ مثلها مِن النساء في طبقتها وجوبًا، وهو مذهب مالكٍ وروايةٌ عن أحمد(١١) لقوله تعالى: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ ءَاتَيۡتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّۚ﴾ [الممتحنة: ١٠]، وتعليقُ إباحةِ النكاحِ بإيتائهنَّ المهورَ يفيدُ الشرطيةَ، ولأنَّ الله تعالى جَعَلَ الزواجَ بلا مهرٍ مِن خصائصِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فدلَّ ذلك على أنَّ غيرَه ليس مِثْلَه كما في قوله تعالى: ﴿وَٱمۡرَأَةٗ مُّؤۡمِنَةً إِن وَهَبَتۡ نَفۡسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنۡ أَرَادَ
ٱلنَّبِيُّ أَن يَسۡتَنكِحَهَا خَالِصَةٗ لَّكَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۗ﴾ [الأحزاب: ٥٠]. ويظهر ذلك مِن القصَّة نَفْسِهَا وهو: أنَّ رجلًا قام فقال للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «زَوِّجْنِيهَا»، قَالَ: «أَعْطِهَا ثَوْبًا»، قَالَ: «لَا أَجِدُ»، قَالَ: «أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ»، فَاعْتَلَّ لَهُ، فَقَالَ: «مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ؟» قَالَ: «كَذَا وَكَذَا»، قَالَ: «فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ»(١٢).
وعليه، فلا بُدَّ مِنْ مَهْرٍ مُسَمًّى مفروضٍ أو مسكوتٍ عن فَرْضهِ لا مع نفيه؛ إذ النكاحُ المُطْلَقُ ينصرفُ إلى مهرِ المثل، وإذا كانَتِ الأموالُ تباحُ بالبدل فإنَّ الفروجَ لا تُستباحُ إلَّا بالمهور، قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: «وقولُ مَن قال: «المهرُ ليس بمقصودٍ» كلامٌ لا حقيقة له؛ فإنه ركنٌ في النكاح، وإذا شُرِطَ فيه كان أَوْكَدَ مِن شرطِ الثمن لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ»(١٣)»(١٤).
رابعًا: الشهادةُ على عَقْدِ النكاح لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ»(١٥)، قال الترمذيُّ ـ رحمه الله ـ: «والعملُ على هذا عند أهلِ العلم مِن أصحاب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ومَن بعدهُم مِن التابعين وغيرِهم، قالوا: لَا نِكَاحَ إلَّا بشهودٍ، لم يختلفوا في ذلك، مَنْ مَضَى منهم، إلَّا قومًا مِن المتأخِّرين مِن أهل العلم»(١٦).
أمَّا الإعلانُ عنهُ فمُستحَبٌّ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَعْلِنُوا النِّكاحََ»(١٧)؛ وذلك لتحقُّقِ النكاح بالشهادة.
فهذه هي شروطُ صِحَّةِ العقد التي يتوقَّف عليها النكاحُ وتترتَّب بتوفُّرها فيه آثارُهُ عليه، ويَبْطُلُ العقدُ بتخلُّفِ أحَدِها.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٤ جمادى الأولى١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ: ١٩ مايو ٢٠٠٩م
 
(١) انظر: «المغني» لابن قدامة (٦/ ٥٣٢)، «مغني المحتاج» للشربيني (٣/ ١٤٠)، «مواهب الجليل» للحطَّاب (٣/ ٤١٩).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٢٩/ ١٣).
(٣) أخرجه أبو داود في «الطلاق» بابٌ في الطلاق على الهزل (٢١٩٤)، والترمذيُّ في «الطلاق» بابُ ما جاء في الجدِّ والهزل في الطلاق (١١٨٤)، وابن ماجه في «الطلاق» بابُ مَن طلَّق أو نَكَحَ أو رَاجَع لاعبًا (٢٠٣٩)، والحاكم في «المستدرك» (٢٨٠٠)، مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث ذَكَرَ له الزيلعيُّ في «نصب الراية» (٣/ ٢٩٤) مِن الشواهد ما يقوِّيه، وحَسَّنه الألبانيُّ في «الإرواء» (٦/ ٢٢٤) رقم: (١٨٢٦).
(٤) انظر: «بداية المجتهد» لابن رشد (٢/ ٨)، «المحلَّى» لابن حزم (٩/ ٤٥١)، «المغني» لابن قدامة (٦/ ٤٤٨)، «فتح القدير» لابن الهمام (٣/ ١٥٧)، «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٣٢/ ١٩).
(٥) أخرجه أبو داود في «النكاح» بابٌ في الوليِّ (٢٠٨٥)، والترمذيُّ في «النكاح» بابُ ما جاء: لا نكاحَ إلَّا بوليٍّ (١١٠١)، وابن ماجه في «النكاح» باب: لا نكاحَ إلَّا بوليٍّ (١٨٨١)، وأحمد (١٩٧٤٦)، مِن حديث أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه. والحديث صحَّحه ابن الملقِّن في «البدر المنير» (٧/ ٥٤٣)، والألبانيُّ في «الإرواء» (٦/ ٢٤٣) رقم: (١٨٣٩).
(٦) أخرجه أبو داود في «النكاح» بابٌ في الوليِّ (٢٠٨٣)، والترمذيُّ في «النكاح» (١١٠٢)، وابن ماجه في «النكاح» باب: لا نكاح إلَّا بوليٍّ (١٨٧٩)، والدارميُّ (٢١٠٦)، وابن حبَّان (٤٠٧٥)، والحاكم (٢٧٠٨)، وأحمد (٢٥٣٢٦)، وسعيد بن منصورٍ في «سننه» (٥٢٨)، وأبو يعلى في «مسنده» (٤٨٣٧)، وعبد الرزَّاق في «المصنَّف» (١٠٤٧٢)، والبيهقيُّ (١٣٩٥٢)، مِن حديث عائشة رضي الله عنها. وصحَّحه ابن الملقِّن في «البدر المنير» (٧/ ٥٣٣، ٥٥٢)، وحسَّنه ابن حجرٍ في «موافقة الخُبر الخَبَر» (٢/ ٢٠٥)، وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (٦/ ٢٤٣) رقم: (١٨٤٠) وفي «مشكاة المصابيح» (٣٠٦٧)، ومقبلٌ الوادعيُّ في «الصحيح المُسْنَد» (١٦٢٨).
(٧) أخرجه البخاريُّ في «النكاح» باب: لا يُنْكِح الأبُ وغيرُه البِكْرَ والثيِّبَ إلَّا برضاها (٥١٣٦)، ومسلمٌ في «النكاح» (١/ ٦٤١) رقم: (١٤١٩)، مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٨) أخرجه البخاريُّ في «الإكراه» باب: لا يجوز نكاحُ المُكْرَه (٦٩٤٥)، وأبو داود في «النكاح» بابٌ في الثيِّب (٢١٠١)، مِن حديث الخنساء بنت خذامٍ رضي الله عنها.
(٩) أخرجه أبو داود في «النكاح» بابٌ في البِكْر يزوِّجها أبوها ولا يستأمرها (٢٠٩٦)، وابن ماجه في «النكاح» بابُ مَن زوَّج ابنتَه وهي كارهةٌ (١٨٧٥)، وأحمد (٢٤٦٩)، مِن حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما. قال ابن حجرٍ في «التلخيص الحبير» (٣/ ٣٣٥): «رجالُه ثِقَاتٌ»، والحديث صحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد» (٤/ ١٥٥)، والألبانيُّ في «صحيح أبي داود» (٢٠٩٦).
(١٠) أخرجه الدارقطنيُّ في «سننه» (٣/ ٢٣٥) مِن حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما، والبيهقيُّ في «السنن الكبرى» (١٤٠٤٣) مِن حديث جابرٍ رضي الله عنه.
(١١) «بداية المجتهد» لابن رشد (٢/ ١٨)، «الإنصاف» للمرداوي (٨/ ١٦٥).
(١٢) أخرجه البخاريُّ في «فضائل القرآن» باب: خيرُكم مَن تعلَّم القرآنَ وعلَّمه (٥٠٢٩)، ومسلمٌ في «النكاح» (١/ ٦٤٣) رقم: (١٤٢٥)، وأحمد (٢٢٨٥٠)، مِن حديث سهل بن سعدٍ الساعديِّ رضي الله عنهما.
(١٣) أخرجه البخاريُّ في «الشروط» باب الشروط في المهر عند عُقْدة النكاح (٢٧٢١) عن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه.
(١٤) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٩/ ٣٤٤).
(١٥) أخرجه ابن حبَّان في «صحيحه» (٤٠٧٥)، والبيهقيُّ في «السنن الكبرى» (٧/ ١٢٥)، مِن حديث عائشة رضي الله عنها. والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٧٥٥٧).
(١٦) انظر: «سنن الترمذي» في «النكاح» بابُ ما جاء: لا نكاح إلَّا ببيِّنةٍ عند الحديث رقم: (١١٠٤).
(١٧) أخرجه ابن حبَّان (٤٠٦٦)، وأحمد (١٦١٣٠)، والبيهقيُّ (١٥٠٥٢)، مِن حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما مرفوعًا. والحديث حسَّنه الألبانيُّ في «آداب الزفاف» (١٨٤) وفي «صحيح الجامع» (١٠٧٢).
فتاوى الشيخ فركوس:

قناة سلفية تعتني بنشر فتاوى الشيخ فركوس
https://telegram.me/ferkouss
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM

الفتوى رقم: ١٠٠٦
الصنـف: فتاوى الأسرة - المرأة
في حكم اغتسال المرأة خارجَ بيتها
السـؤال:
ما حكم امرأةٍ تطهر من الحيض أو تُصيبها جنابةٌ وهي في محلٍّ بعيدٍ عن مقرِّ سكناها، ويوجد به حمَّامٌ منفردٌ، وهي تترك خروجَ الوقتين أو الثلاثة من الصلاة ليتسنَّى لها الرجوع إلى مَنْزِلها للاغتسال؛ لأنها سمعت أنَّ المرأة لا يجوز لها أن تضع ثيابها في غير بيتها، فهل يجوز لها -والحال هذه- أن تتيمَّم وتصلي؟ أم تنتظر حتى ترجع إلى البيت فتغتسل ثمَّ تقضي ما فاتها؟ وجزاكم اللهُ كلَّ خير.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فالمرأةُ كالرجل في الحكم لا يجوز لها أن تؤخِّر صلاتَها عن وقتها المحدَّد شرعًا، لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا﴾ [النساء : ١٠٣]، أي: أجلاً محدَّدًا لا يجوز تجاوزه إلاَّ لعذر، ورفع الجنابة والاغتسال من الحيض من لوازم صِحَّة الصلاة، فإن كان لها حمامٌ منفرد مأمونٌ في المحل الذي نزلت فيه فلها أن تغتسل فيه، ولا تُفوِّت الصلاة عن وقتها، كما لها أن تغتسل في أي مكان في سفر أو حضر يحصل فيه الأمن في الفندق كانت أو في غيره من غير انتياب للحمامات العامَّة أو الشعبية، لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «الحَمَّامُ حَرَامٌ عَلَى نِسَاءِ أُمَّتِي»(١)، ولقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الحَمَّامَ»(٢)؛ لأنَّ في الحمامات الجماعية غالبًا ما لا تستر المرأة عورتها من النساء.
هذا، واغتسال المرأة معلومٌ بالضرورة، وإذا كان اغتسالها لسُنَّة الإحرام في الحجِّ والعمرة على وجه الاستحباب ‑وهي في سفرها‑ فمن بابٍ أولى إذا كان الغسل في حقِّها واجبًا.
أمَّا حديث: «وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنِ امْرَأَةٍ تَضَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ أَحَدٍ مِنْ أُمَّهَاتِهَا إِلاَّ وَهِيَ هَاتِكَةٌ كُلَّ سِتْرٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّحْمَنِ»(٣)، فإنَّ ظاهرَه محمولٌ على التكشُّف للأجنبي وعدم الاستتار بلباس التقوى ويدخل في النهي ‑أيضًا‑ نزع الثياب في الحمّامات العامَّة؛ ذلك لأنَّ الفضيحة تحصل بالتكشُّف وعدم المحافظة على ما أمرت به بالتستُّر بالجلباب عن الأجنبي، فينال منها ما يحرِّك به شهوته، ويطمع في المزيد فتقع الهتيكة، والجزاء من جنس العمل.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٥ جمادى الأولى ١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ: ١٠ مايو ٢٠٠٩م
(١) أخرجه الحاكم في «المستدرك»: (٤/ ٣٢٢)، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (٢/ ١٢٩٢).
(٢) أخرجه الترمذي في «سننه» كتاب الأدب، باب ما جاء في دخول الحمام: (٢٨٠١)، والحاكم في «المستدرك»: (٤/ ٣٢٠)، وأحمد في «مسنده»: (٣/ ٣٣٩)، من حديث جابر رضي الله عنه. وحسنه الألباني في «صحيح الجامع»: (٦٥٠٦)، وصححه في «صحيح الترغيب والترهيب»: (١٦٤)، و«آداب الزفاف»: (٦٧).
(٣) أخرجه أحمد: (٦/ ٣٦١)، والطبراني في «المعجم الكبير»: (٢٤/ ٢٥٣)، من حديث أم الدرداء رضي الله عنها. والحديث صححه الألباني في «آداب الزفاف»: (٦٠). وانظر: «الترغيب والترهيب» للمنذري: (١/ ١١٩)، و«مجمع الزوائد» للهيثمي: (١/ ٦١٧)، و«السلسلة الصحيحة» للألباني: (٧/ ١٣٠٨).


فتاوى الشيخ فركوس:

قناة سلفية تعتني بنشر فتاوى الشيخ فركوس
https://telegram.me/ferkouss

الفتوى رقم: ٩٩٤
الصنـف: فتاوى الأسرة - عقد الزواج - إنشاء عقد الزواج
في الجمع بين الزواج والدراسة
السـؤال:
هل يجوز عقد الزواج على فتاةٍ تدرس في الجامعة، وهي ترغب في التوقف، غير أنَّ أباها يرفض ذلك ويُلزِم الخاطب بالعقد، مع العلم أنه لم يبق من الدراسة سوى النَّزر اليسير؟ وبارك الله فيكم.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فيجوز العقدُ على امرأةٍ أو الدخولُ بها مع التزامِ شرط وَليِّها في مواصلة الدِّراسة حتى تنتهيَ منها، بشرط خروجها بالضوابط الشرعية وخلوِّ دراستها من محذورٍ شرعيٍّ(١)، إذ لا منافاةَ بين الزواج والدِّراسة لإمكانية الجمع بينهما تحقيقًا لمصالح الزواج لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ»(٢).
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٩ ربيع الأوَّل ١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ: ١٦ مارس ٢٠٠٩م
 
(١) هذا إذا خَلَتْ دراستها من اختلاطٍ آثمٍ، أمَّا إذا كان الشرط قائمًا على الدراسة المختلطة فراجع الفتوى رقم ٩٧٦ الموسومة بـ: «في عدم تأثير الشرط الباطل في مقتضى العقد»
(٢) أخرجه البخاري في «النكاح» باب: من لم يستطع الباءة فليصم (٥٠٦٦)، ومسلم في «النكاح» (١٤٠٠)، من حديث عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه.
فتاوى الشيخ فركوس:

قناة سلفية تعتني بنشر فتاوى الشيخ فركوس
https://telegram.me/ferkouss
الكلمة الشهرية رقم:

١ التوحيد والاتِّباع سبيل الوحدة والاجتماع

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فإنَّ الأُخُوَّةَ الإيمانيَّة قد عَقَدَها اللهُ ورَبَطَها أَتَمَّ ربطٍ بعقيدةِ التوحيد الذي هو الغايةُ مِنْ إيجادِ الخَلْقِ وإرسالِ الرُّسُلِ وإنزالِ الكُتُب، وهو دعوةُ المُجدِّدين في كُلِّ عصرٍ وزمانٍ؛ إِذْ لا تخلو الأرضُ مِنْ قائمٍ لله بالحجَّة؛ فلا تنقطع دعوةُ الحقِّ عن هذه الأمَّةِ مِنَ العهد النبويِّ إلى قيام الساعة، و«لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ»(١)، ومَزِيَّةُ أَهْلِها أنهم معروفون بمَواقِفِهم في كُلِّ جيلٍ ببيانِ التوحيد والتحذيرِ مِنَ الشرك بمُخْتَلَفِ مَظاهِرِه، وبيانِ السنَّة مِنَ البدعة، ونصرةِ أهل الحقِّ والعلمِ وتكثيرِ سَوادِهم، ونَبْذِ أهل الشرك والبِدَعِ وإذلالهم، لا يمنعهم تفرُّقُ الناسِ عنهم أَنْ يُؤْتَمَرَ بهم فيما يأمرون به مِنْ طاعة الله تعالى وما يَدْعون إليه مِنْ دِينٍ ويفعلونه ممَّا يُحِبُّه اللهُ تعالى؛ إذ الحكمةُ ضالَّةُ المؤمن؛ فحيث وَجَدَها فهو أَحَقُّ بها، ولا ينتصرون لشخصٍ انتصارًا مطلقًا سوى رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا لطائفةٍ إلَّا للصحابة رضوانُ الله عليهم، مع تركِ الخوضِ فيهم بمُنْكَرٍ مِنَ القول، والتنزُّهِ عن الكلام في واحدٍ مِنَ الصحابة بسوءٍ؛ فأهلُ هذا الموقفِ مُتَّفِقون على أنَّ كُلَّ واحدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قولِه ويُتْرَكُ إلَّا رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يَقَعْ منهم ـ بحمد الله ـ اتِّفاقٌ على ضلالةٍ؛ فهذه مِنْ سِمَاتِ أهلِ الحقِّ ومَلامِحِ الفِرْقةِ الناجية خصَّ اللهُ بها أَهْلَ السنَّة: يَدْعون إلى إصلاحٍ غيرِ مُبْتَكَرٍ مِنْ عندِ أَنْفُسِهم كما هو شأنُ منهجِ أهلِ الزَّيغ والضلال؛ ذلك لأنَّ منهج الإصلاحِ واحدٌ لا يقبل التعدُّدَ، يتبلورُ حُسْنُه بإحياءِ الدِّين وتجديدِه مِنَ العوالق والعوائق التي ليسَتْ منه، مِنْ غيرِ أَنْ يَعْتَرِيَهُ تبديلٌ ولا تغييرٌ؛ فالدِّينُ محفوظٌ، والحُجَّةُ قائمةٌ، وما رَسَمَهُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم هو عينُ المنهج الإصلاحيِّ، ولا يتمُّ لنا إصلاحٌ إلَّا به، وقد سَلَكه أهلُ القرونِ المفضَّلة، وآثارُهم محفوظةٌ عند العُلَماء، ولن يَصْلُحَ آخِرُ هذه الأمَّةِ إلَّا بما صَلَحَ به أوَّلُها.

هذا، واجتـماعُ الأمَّةِ على الضلال مُحالٌ، وظهورُ سبيلِ الحقِّ ـ هدايةً وإصلاحًا وتقويمًا ـ مقطوعٌ به، ودوامُ ثباتِه آكِدٌ ومُحَقَّقٌ لا مَحالةَ، ﴿وَعۡدَ ٱلصِّدۡقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ ١٦﴾ [الأحقاف]، لا يَضُرُّهُ ما يَعْلَقُ به مِنْ بَرَاثِنَ حاقدةٍ ومَخالِبَ حانقةٍ تَتجاهلُ عِزَّه ومَفاخِرَه، ولا تُريدُ سوى أَنْ تَصُدَّهُ وتعوقَ مَسيرتَه وتَحُدَّ انتشارَه، وصمودُهُ بَاقٍ يتحدَّى المُكابِرين والحاقدين والجاهلين، واللهُ الهادي إلى سواءِ السبيل.

ومَرَدُّ السبيلِ إلى طاعةِ الله وطاعةِ رسوله الباعثةِ على فِعْلِ الخيرات، والنفرةِ مِنَ الشرور والمَفاسِدِ والمُنْكَرات، تلك الطاعةُ المُزَكِّيةُ للنفسِ والمُكمِّلةُ لها، الجالبةُ لسعادتِها في الدنيا والآخِرَة، ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ مَن تَزَكَّىٰ ١٤ وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ ١٥﴾ [الشمس]، ﴿وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَٰٓئِكَ رَفِيقٗا ٦٩ ذَٰلِكَ ٱلۡفَضۡلُ مِنَ ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِيمٗا ٧٠﴾ [النساء].

وأهلُ الإيمانِ في وَحْدةِ عقيدتِهم ونُظُمِهم أمَّةٌ مُتميِّزةٌ لا نظيرَ لهم بين الأُمَم، وشريعتُهم لا يَقْتصِرُ نَفْعُها على أمَّةِ الإسلام، وإنَّما هي عامَّةٌ للبشرية جَمْعاءَ، صالحةٌ ومُصْلِحةٌ لكُلِّ زمانٍ ومكانٍ، شاملةٌ لكُلِّ قضايَا الحياة؛ فلا تخلو مُعْضِلةٌ عن استنباطِ حَلٍّ لها مِنْ أدلَّةِ التشريعِ والقواعدِ العامَّةِ غيرَ مُفْتَقِرةٍ إلى غيرِها؛ فهي مُسْتَغْنِيَةٌ عن النُّظُمِ والتقنيناتِ الأخرى؛ ذلك لأنها أُسِّسَتْ على قواعدَ مُحْكَمَةٍ، وبُنِيَتْ أحكامُها على العدالة والاعتدالِ مِنْ غيرِ إفراطٍ ولا تفريطٍ، مُراعِيَةً في ذلك مَصالِحَ الدِّينِ والدنيا؛ فهي تَسْمو باستقلالها عن غيرِها مِنْ نُظُمِ البشر في أصولها وفروعها، تلك هي النعمةُ التي أَتَمَّها اللهُ تعالى على هذه الأمَّةِ وأَكْمَلَ بها لها دِينَها، قال تعالى: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ﴾  [المائـدة: ٣]؛ فكمالُ هذا الدِّينِ وتمامُه قاضٍ بالاستغناءِ التامِّ عن زياداتِ المُبْتَدِعين واستدراكاتِ
المُسْتَدْرِكين.

وأهلُ الإيمان ـ في وحدةِ عقيدتهم ونُظُمِهم ـ يعلمون أنَّ مَنْصِبَ الإمامِ الأَعْظَمِ ضروريٌّ في نظامِ الدِّين والدنيا لا سبيلَ إلى تَرْكِه، وأنَّ كِلَا النِّظامَيْن لا يَسْتغني أحَدُهما عن الآخَرِ؛ فنظامُ الدنيا ضروريٌّ في نظام الدِّين، ونظامُ الدِّين ضروريٌّ في الفوز بسعادةِ الآخرة؛ لذلك كان مِنْ أَعْظَمِ واجباتِ الإمام الأَعْظَمِ سياسةُ الناسِ وَفْقَ شَرْعِ اللهِ وأَمْرِه؛ فهي أمانةٌ مُلْقاةٌ على عاتِقِ الإمام الأعظمِ للقيام بها في هذه الأمَّةِ وتحقيقِ كافَّةِ مُتَطلَّباتِ ما تَنْشُدُه الرعيَّةُ المسلمة في هذه الحياةِ مِنْ حِفْظِ الدِّينِ والتوحيدِ والشريعة، وإزالةِ الظلم وإقامةِ العدل بتحكيمِ شَرْعِ الله، وتحقيقِ الأمنِ وسياسةِ الدنيا، وغيرِها مِنَ المَطالِبِ الشرعية؛ عملًا بقوله تعالى: ﴿وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكۡمٗا لِّقَوۡمٖ يُوقِنُونَ ٥٠﴾ [المائدة]، وقولِه تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡاْ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ وَلِلَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ ٤١﴾ [الحج].

وبالمُقابِلِ فإنَّ على الرعيَّةِ واجباتٍ تُؤدِّيها تُجاهَ الإمامِ الأعظمِ منها: طاعتُه في المعروف، وبَذْلُ النصحِ له، وإكرامُه والدعاءُ له، واستئذانُه، والصبرُ على جَوْرِه، وعدَمُ الخروجِ عليه، ونحوُ ذلك مِنْ حقوقِ الإمام الأَعْظَمِ على رعيَّته.

هذا، وفي خِضَمِّ المُعْتَرَكِ الدعويِّ، فإنَّ أَعَزَّ ما يُقدِّمُه الداعي لأمَّتِه أَنْ يَسْلُكَ بها السبيلَ الأَسْلَمَ الذي يُحقِّقُ به مَعْنَى التغيير، ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ﴾ [الرعد: ١١]، دون عَجَلةٍ مُورِّطةٍ في الفساد والإفساد.

والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

 

الصـادر في العـدد الثالث من مـجلة منابر الهدى
في محرم /  صفر ١٤٢٢ هـ.

(١) أخرجه مسلمٌ بهذا اللفظِ في «الإمارة» (١٩٢٠) مِنْ حديثِ ثوبان مولى رسول الله رضي الله عنه، وبألفاظٍ أُخَرَ مِنْ حديثِ غيرِه، وأخرجه البخاريُّ في «الاعتصام بالكتاب والسنَّة» بابُ قولِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ» يُقاتِلون وهُمْ أهلُ العلم(٧٣١١) مِنْ حديثِ المُغيرةِ بنِ شُعْبةَ رضي الله عنه، ولفظُه: «لَا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ». 

فتاوى الشيخ فركوس:

قناة سلفية تعتني بنشر فتاوى الشيخ فركوس
https://telegram.me/ferkouss

الفتوى رقم: ٩٩١
الصنف: فتاوى الأسرة - المرأة
في حكم لُبس المرأة للبنطلون
السؤال:
كثيراتٌ مِنَ النسوة المسلمات يسألن عن حكمِ لباس السِّروال أو البنطلون الخاصِّ بالمرأة المجسِّم للعورة، والظهورِ به أمام الزوج بُغيةَ التزيُّن له أو تحقيقِ رغبته في ذلك، فإِنْ كان هذا جائزًا فهل يُعمَّمُ الحكمُ في ذلك على الظهور به أمامَ النساء وأمام الأولاد في البيت؟ نرجو مِنْ فضيلتكم تفصيلًا في المسألة، ووفَّقكم الله إلى قول الصواب.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فالأصلُ في النساء أنهنَّ مأموراتٌ بالاستتار والاحتجاب دون التبرُّج والتكشُّف؛ لذلك فالمرأة ترتدي مِنَ الثياب ما يُصْلِح حالَها ويُناسِبُ مقصودَ الشارع المحقِّق لمعنى الستر، ولا يُشْرَع لها ضِدُّ ذلك، ولا يبعد عن أهل النظر أنَّ مقصودَ الثيابِ في معناه وعِلَّته يُشْبِهُ مقصودَ المساكن، وقد جاء في شأن المساكن والبيوت قولُه تعالى: ﴿وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَى ﴾ [الأحزاب: ٣٣]، وقولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ المَسَاجِدَ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ»(١)؛ إذ المساكنُ مِنْ جنس الملابس، والعلَّةُ فيهما الوقايةُ ودَفْعُ الضرر، فالوقايةُ مِنَ الحرِّ والبرد وسلاحِ العدوِّ ونحوِ ذلك يُوجَدُ في المساكن والملابس؛ لذلك قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلَ لَكُمۡ سَرَٰبِيلَ تَقِيكُمُ ٱلۡحَرَّ وَسَرَٰبِيلَ تَقِيكُم بَأۡسَكُمۡ﴾ [النحل: ٨١]، وقال تعالى: ﴿وَٱلۡأَنۡعَٰمَ خَلَقَهَاۖ لَكُمۡ فِيهَا دِفۡء﴾ [النحل: ٥] أي: مِنَ البرد.
وإذا تَقرَّر أنَّ الشريعة تأمر النساءَ بالاستتار والاحتجاب فإنَّ هذا المقصود الشرعيَّ يظهر في التفريق بين لباس المرأة ولباس الرجل، فاللباسُ إِنْ كان عائدًا إلى ذات الستر فهذا يُؤْمَر به النساءُ لأنه أسترُ لهنَّ؛ إذ إنَّ كُلَّ لباسٍ قريبٍ مِنْ مقصود الشارع بالاستتار فالنساءُ أَوْلى به، وكان ضِدُّه للرجالِ إلَّا ما استثناه الدليلُ.
أمَّا إِنْ كان اللباسُ عائدًا إلى العادة، وتَضمَّن في ذاته السترَ المطلوب: فإِنْ جَرَتْ عادةُ أهل البلاد أَنْ يَلْبَس الرجالُ مِثْلَ هذه الثيابِ دون النساء؛ فإنَّ النهي عن مثلِ هذا يتغيَّر بتغيُّر عاداتِ الناس في أحوالهم وبلادهم.
ومِنْ مُنطلَقِ هذا التقعيدِ فإنَّ السروال أو البنطلون معدودٌ مِنْ أخصِّ ثياب الرجال، فإِنْ كان محجِّمًا للعورة ومحدِّدًا لأجزاء البدن ومُظْهِرًا لتقاطيع الجسم فهو بهذه الصفةِ لا يجوز للرجل بَلْهَ المرأة، سواءٌ مع المحارم أو الأجانب مِنْ بابٍ أَوْلى، ويتعيَّن المنعُ عليها مِنْ جهتين:
ـ الجهة الأولى: أنَّ في لُبسه فتحًا لِبَابِ لباسِ أهل النار وتشبُّهًا بهم في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا»(٢)، والمرادُ به النساءُ اللواتي يلبَسْنَ الخفيفَ مِنَ الثياب الذي يَصِف ولا يستر، فهنَّ كاسياتٌ بالاسم عارياتٌ في الحقيقة(٣)، والتشبُّهُ بأهل النار أو بالعاهرات لا يجوز شرعًا؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»(٤)، وحتَّى يغيب معنى التحجيم والعري أمَرَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الرجلَ الذي كسَا امرأتَه قُبطيةً فقال: «مُرْهَا فَلْتَجْعَلْ تَحْتَهَا غِلَالَةً؛ إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَصِفَ حَجْمَ عِظَامِهَا»(٥).
ـ والجهة الثانية: أنَّ في لُبس البنطلون تشبُّهًا بالرجال في أخصِّ ثيابهم، وقد جاءَتْ صيغةُ النهي بلفظ التشبُّه في قول ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ»(٦)، وقولِه: «لَعَنَ النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم المُخَنَّثيِنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالمُتَرَجِّلَاتِ مِنَ النِّسَاءِ»(٧)، وفي حديثٍ آخَرَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ، وَالمَرْأةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ»(٨)، وقد علَّق الحكمَ باسْمِ التشبُّه، سواءٌ في اللباس أو في غيره، ولا يخفى أنَّ المشابهة في الأمور الظاهرة تُورِث المشابهةَ في الأخلاق والتناسبَ في الأعمال؛ فالمرأةُ المتشبِّهةُ بالرجال تنطبعُ بأخلاقهم؛ الأمرُ الذي يُنافي الحياءَ والخَفَرَ(٩) المشروعَ للنساء، ويتجسَّد فيها معنى التبرُّج والبروز ومشاركة الرجال؛ فيؤدِّي ذلك إلى إظهار بدنها كما يُظْهِره الرجلُ، وتطلب العلوَّ على الرجل كما تعلو الرجالُ على
النساء، وهذا القَدْرُ قد يحصل بمجرَّد المشابهة، وقد نبَّه على هذه القاعدةِ شيخُ الإسلام ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ في كتابه «اقتضاء الصراط المستقيم مخالفةَ أصحاب الجحيم».
هذا، وتزول الآفتان السابقتان فيما إذا لَبِسَتِ المرأةُ سروالًا وفوقه ملابسُ سابغةٌ؛ حيث ينتفي فيه التشبُّهُ بالرجال لتحوُّل المظهر الخارجيِّ الظاهر إلى لباسٍ داخليٍّ مستورٍ تختفي فيه المعاني السابقةُ، ويتحقَّق به السَّترُ والاحتجاب المطلوبُ ـ شرعًا ـ مِنَ النساء تحصيلُه، وضِمْنَ هذا المنظورِ قال ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ: «فلو لَبِسَتِ المرأةُ سراويلَ أو خفًّا واسعًا صلبًا كالمُوقِ(١٠) وتدلَّى فوقه الجلبابُ بحيث لا يظهرُ حجمُ القدمِ لكان هذا محصِّلًا للمقصود»(١١).
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٧ من المحرَّم ١٤٣٠ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٣ جانفي ٢٠٠٩م
 
(١) أخرجه أبو داود في «الصلاة» بابُ ما جاء في خروج النساء إلى المسجد (٥٦٧) مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما. وصحَّحه النوويُّ في «الخلاصة» (٢/ ٦٧٨)، وأحمد شاكر في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد» (٧/ ٢٣٢)، والألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٧٤٥٨). وأخرجه البخاريُّ (٩٠٠) ومسلمٌ (٤٤٢) بلفظ: «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ» دون زيادة: «وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ».
(٢) أخرجه مسلمٌ في «اللباس والزينة» (٢١٢٨) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) انظر: «شرح مسلم» للنووي (١٤/ ١١٠)، «فيض القدير» للمناوي (٤/ ٢٠٩)، «تنوير الحوالك» للسيوطي (٣/ ١٠٣).
(٤) أخرجه أبو داود في «اللباس» بابٌ في لُبس الشهرة (٤٠٣١) مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما. وصحَّحه العراقيُّ في «تخريج الإحياء» (١/ ٣٥٩)، وحسَّنه ابنُ حجرٍ في «فتح الباري» (١٠/ ٢٧١)، وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (١٢٦٩).
(٥) أخرجه أحمد (٢١٧٨٦) مِنْ حديثِ أسامة بنِ زيدٍ رضي الله عنهما. قال الهيثميُّ في «مَجْمَع الزوائد» (٥/ ١٣٩): «فيه عبد الله بنُ محمَّد بنِ عقيلٍ، وحديثُه حسنٌ وفيه ضعفٌ، وبقيَّةُ رجاله ثقاتٌ»، وحسَّنه الألبانيُّ في «جلباب المرأة المسلمة» (١٣١).
(٦) أخرجه البخاريُّ في «اللباس» باب: المتشبِّهون بالنساء والمتشبِّهات بالرجال (٥٨٨٥) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما.
(٧) أخرجه البخاريُّ في «اللباس» بابُ إخراجِ المتشبِّهين بالنساء مِنَ البيوت (٥٨٨٦) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما.
(٨) أخرجه أبو داود في «اللباس» بابٌ في لباس النساء (٤٠٩٨) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٥٠٩٥).
(٩) الخَفَر: شدَّة الحياء، [انظر: «النهاية» لابن الأثير (٢/ ٥٣)، «مختار الصحاح» للرازي (١٨٢)].
(١٠) المُوق: خفٌّ غليظٌ يُلبس فوق الخفِّ، [انظر: «مختار الصحاح» للرازي (٦٣٩)، «المعجم الوسيط» (٢/ ٨٩٢)].
(١١) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٢/ ١٤٨).
فتاوى الشيخ فركوس:

قناة سلفية تعتني بنشر فتاوى الشيخ فركوس
https://telegram.me/ferkouss
الكلمة الشهرية رقم: ٢
سبيل إصلاح الأمة
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإنَّ الأُمَّةَ اليومَ تشكو مِن تَدَاعي الأممِ عليها بدياناتها ولُغاتِها وثقافاتها وأنواعِ سلوكاتها وأنماطِ أخلاقها؛ فتبعيَّةُ أُمَّتِنا المقهورةِ لها تبعيةُ ذُلٍّ وصَغَارٍ وضعفٍ، والمعروفُ مِن السنن الكونية أنَّ القويَّ يَسْتَحْوِذُ على الضعيف ويُهينُه، وهذا الخَطَرُ المُحْدِقُ بأُمَّتنا راجعٌ إلى بُعْدِها عن دينها وثوابتها، وانسلاخِها مِن تراثها وقِيَم دينها، وانصهارِها في حضاراتِ غيرِها مِن الأُمَمِ نتيجةَ الغزوِ الإعلاميِّ والثقافيِّ، وتوسيعِ دائرة نشاطات التنصير وشبكاته؛ الأمرُ الذي ـ إن لم يُسْتَدرك ـ قد يُفْضِي إلى الإبادة كما أُبيدَتْ أُمَمٌ مِن قبلها، ومَخْرجُ هذه الأُمَّةِ مِمَّا تُعاني منه ونجاحُها مرهونٌ بعودتها إلى دينها على ما كان عليه سَلَفُها الصالح؛ إذ «لا يُصْلِحُ آخِرَ هذه الأُمَّةِ إلَّا ما أَصْلَحَ أَوَّلَها»(١)، ولا تتمُّ دعوةُ الحقِّ إلَّا بهذا المنهجِ السنِّيِّ السلفيِّ القائمِ على توحيد الله الكامل، وتجريدِ مُتابَعةِ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، والتزكيةِ على صالِحِ الأخلاق والآداب؛ فإنه بقَدْرِ اتِّباعِ هذا المنهجِ والتربيةِ عليه والالتزامِ به يكون الابتعادُ عن الانحراف والضلال والتبعية.
إنَّ أعلام السلفِ فاقـوا غيرَهم مِن أصحابِ الفِرَق والطـوائف في مُخْتَلَفِ الميادين، سواءٌ في التصوُّرات المتجسِّدة في القضايا الكبرى الخاصَّةِ بالله سبحانه وتعالى، وكذا مخلوقاته في الحياة والكون، أو في المبادئ الإسلامية والقِيَمِ المُنْبَثِقةِ منها، التي سَلَكُوها في مُواجَهةِ التحدِّيات العلمية والعَقَدية التي أُثِيرَتْ في عصورهم، أو في المُنْطَلقات التأصيلية التي بَنَوْا عليها فَهْمَ الإسلامِ والعملَ به نصًّا وروحًا، أو في التفاعل مع الأحداث والوقائع المُسْتَجِدَّةِ التي واجَهوها وتصدَّوْا لها. كُلُّ ذلك يُنْبِئُ عن تَكامُلِ هذا المنهجِ الربَّانيِّ القويمِ في التصوُّر والقِيَم والمبادئ، وفي العملِ والإصلاح والتربية، وفي السلوك والتزكية؛ فكان أَنْ أنَارَ اللهُ به طريقَ المُهْتَدين، وأضاءَ به صدورَ العالَمين شرقًا وغربًا، وصانَ به دينَه وحَفِظ به كتابَه عن طريقِ الْتزام أعلام السلفية به جيلًا بعد جيلٍ، مِن صَدْرِ الإسلام إلى زماننا الحاضر؛ ذلك لأنَّ هذا المنهجَ السلفيَّ هو منهجُ الإسلامِ المصفَّى نَفْسِه، البيِّنةُ مَعالِمُه، المأمونةُ عواقبُه، يسيرُ على قواعدَ واضحةٍ، ويتحلَّى بخصائصَ جامعةٍ، فمِن قواعده: الاستدلالُ بالكتاب والسنَّة، والاسترشادُ بفهمِ سَلَفِ هذه الأُمَّة، ورفضُ التأويل الكلاميِّ، وعَدَمُ مُعارَضةِ النقل برأيٍ أو قياسٍ أو نحوهما، وتقديمُه على العقل مع نفيِ التعارض بينهما كما يُنفى التعارضُ بين النصوص الشرعية في ذاتها، وجَعْلُ الكتابِ والسنَّةِ ميزانًا للقَبول والرفض دون ما سواهما.
ومِن خصائصه الجامعة: شمولُه، وتوسُّطُه بين المَناهِجِ الأخرى، ومُحارَبتُه للبِدَعِ وتحذيرُه منها، واجتنابُ الجَدَلِ المذموم في الدِّين والتنفيرُ منه، ونَبْذُ الجمودِ الفكريِّ والتعصُّبِ المذهبيِّ، ومُسايَرتُه للفطرة والاعتقادِ القويمِ والعقلِ السليم.
فمثلُ المُناسَباتِ المُهِمَّةِ في حياةِ أُمَّتنا وحياةِ رجالها تُمَثِّلُ ـ بصدقٍ ـ فُرَصًا للتقويم والتقدير والمُراجَعة، كما تفتح مَجالًا واسعًا للتفكير في كيفيةِ نَشْرِ هذا الدِّينِ المصفَّى في أرضنا وعلى رُبوعها وعلى نطاقٍ واسعٍ بتربيةِ الناسِ على دينهم الحقِّ، ودعوتِهم إلى العمل بأحكامه والتحلِّي بآدابه، وإبعادِهم عن أنماط الضلالات الشركية وأنـواع الانحرافات الفكرية ومُخْتَلَف الأباطيل البدعية، التي شوَّهَتْ جمالَ الإسلامِ وكدَّرَتْ صفاءَه، وحالَتْ دون تَقَدُّمِ المسلمين، وكانَتْ سببًا لهذا البلاءِ الذي يعيشه المسلمون اليومَ.
إنَّ هذا المنهجَ الربَّانيَّ بمَسْلَكِه التربويِّ ومُبْتَغاه الدعويِّ وبُعْدِه المَقاصِديِّ لا يُوجَد له صدًى واسعٌ إلَّا بانتهاجِ أسلوبِ اللِّين والموعظةِ الحسنةِ بعيدًا عن التبكيت والغِلْظةِ والفجاجة؛ فإنَّ اللِّين ـ في مَجالِ التعليمِ والإعلام والنصح والدعوة والموعظة الحسنة ـ لَهُوَ مِن أَهَمِّ الأسبابِ في انتفاعِ الناسِ بدعوةِ الدُّعاةِ ومِن أهمِّ البواعث على تَقَبُّل توجيهاتهم وإرشاداتهم؛ قال تعالى: ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ﴾ [النحل: ١٢٥]؛ فليس مِن الحكمةِ الدعوةُ بالجهل لأنه يضرُّ ولا ينفع، وليس مِن الموعظةِ الحسنةِ والجدالِ بالحسنى الدعوةُ بالعنفِ والشدِّةِ لأنَّ ضَرَرَهُ أَشَدُّ وأَعْظَمُ؛ ذلك لأنَّ الأسلوب العنيفَ المُؤْذِيَ الضارَّ يَشُقُّ على الناسِ ويُنَفِّرُهم مِن الدِّين، بل الواجبُ
الصبرُ والحِلْمُ والرِّفق في الدعوة إلى الله إلَّا إذا ظَهَرَ مِن المَدْعُوِّ العنادُ والظلم؛ فلا مانِعَ مِن الإغلاظ عليه لقوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ﴾ [التحريم: ٩]، وقولِه تعالى: ﴿وَلَا تُجَٰدِلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ إِلَّا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡهُمۡۖ﴾ [العنكبوت: ٤٦]، ومِثْلُ هذه الأساليبِ التي دَعَا إليها الشرعُ الحكيمُ إنَّما تقرَّرَتْ لتحقيقِ المقصود مِن الدعوة إلى الله تعالى، وهو إخراجُ الناسِ مِن الظلمات إلى النور؛ قال تعالى: ﴿ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۖ﴾ [البقرة: ٢٥٧]، وتحقيقُ هذه الغايةِ كان مِن وراءِ بعثة الرسل، والدُّعاةُ إلى اللهِ يقصدون هذه الغايةَ نَفْسَها، وينشطون لها لإخراجِ الناسِ مِن ظُلْمةِ الكفر إلى نورِ التوحيد، ومِن ظُلْمةِ المعصيةِ إلى نور الطاعة، ومِن ظُلْمةِ الجهل إلى نور العلم؛ ذلك العلمُ الذي يَتَوصَّلُ به المُسْتمسِكُ إلى مَعْرِفةِ دينِ الله الحقِّ، ويسلك فيه ـ بصدقٍ وعلمٍ ـ سبيلَ الدعوةِ إلى الله مع مَن معه على هذا المنوالِ لقوله تعالى: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ١٠٨﴾ [يوسف]؛ وبهذا يدعو فيه إلى الوحدةِ بالتوحيد والاتِّباع، وبهما يعمل على تحقيقِ الاجتماع والائتلاف، والحذرِ مِن الفُرْقة والاختلاف، عملًا بقوله تعالى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ﴾ [آل عمران: ١٠٣]، وقولِه تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ﴾ [آل عمران: ١٠٥]، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنِّي قَدْ خَلَّفْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا مَا أَخَذْتُمْ بِهِمَا، أَوْ عَمِلْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّتِي، وَلَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ»(٢)، وقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ المَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»(٣).
لذلك كان خيرُ ما سَعَى إليه المسلمُ وبَذَلَ فيه النَّفْسَ والمالَ هو العلمَ بالكتاب والسُّنَّة؛ إذ عليهما مَدَارُ السعادةِ والنجاح في الدنيا والآخرة؛ فلْيَحْرِصِ المرءُ على تحقيقِ الغايةِ مِن الدعوة إلى اللهِ بتحقيقِ وسيلتها بإخلاصٍ وصدقٍ؛ فلا يُثبِّطُه العَجْزُ والكَسَلُ فهما خُلُقان ذميمان، ولا يمنعُه العُجْبُ والغرورُ مِن الاستزادة والاستفادة؛ فإنَّ العُجْب والغرورَ مِن أَكْبَرِ العوائق عن الكمال، ومِن أعظمِ المَهالِكِ في الحال والمآل.
وأخيرًا أسأل اللهَ تعالى أن ينصر دينَه ويُعْليَ كلمتَه، ويخذل أعداءَه، ويوفِّق القائمين على الدعوة إلى الله لِمَا فيه خيرُ دينِهم وصلاحُ أمَّتهم.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
 
مستخرج من مقدمة كتاب
- مجالس تذكيرية على مسائل منهجية -
١٤٢٤هـ / ٢٠٠٣م
 
(١) انظر: «التمهيد» لابن عبد البرِّ (٢٣/ ١٠)، «البيان والتحصيل» لابن رشد (١٨/ ٣٢٧).
(٢) أخرجه الحاكم في «المستدرَك» (٣١٩)، والبيهقيُّ في «السنن الكبرى» (١٠/ ١١٤)، مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال ابنُ عبد البرِّ في «التمهيد» (٢٤/ ٣٣١): «وهذا ـ أيضًا ـ محفوظٌ معروفٌ مشهورٌ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عند أهلِ العلمِ شهرةً يكاد يستغني بها عن الإسناد»، وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٢٩٣٧).
(٣) أخرجه أبو داود في «السنَّة» بابٌ في لزوم السنَّة (٤٦٠٧)، والترمذيُّ في «العلم» بابُ ما جاء في الأخذ بالسنَّة واجتنابِ البِدَع (٢٦٧٦)، وابنُ ماجه في «المقدِّمة» بابُ اتِّباعِ سنَّةِ الخلفاء الراشدين المهديِّين (٤٢)، مِنْ حديثِ العرباض بنِ سارية رضي الله عنه. وحسَّنه البغويُّ في «شرح السنَّة» (١/ ١٨١)، والوادعيُّ في «الصحيح المسند» (٩٣٨)، وصحَّحه ابنُ الملقِّن في «البدر المنير» (٩/ ٥٨٢)، وابنُ حجرٍ في «موافقة الخبر الخبر» (١/ ١٣٦)، والألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٢٥٤٩) وفي «السلسلة الصحيحة» (٢٧٣٥)، وشعيب الأرناؤوط في تحقيقه ﻟ: «مسند أحمد» (٤/ ١٢٦).
فتاوى الشيخ فركوس:

قناة سلفية تعتني بنشر فتاوى الشيخ فركوس
https://telegram.me/ferkouss