:
من مواقف السلف المؤثرة في #عرفة
▪️وقف بكر بن عبدالله المزني، وعبدالله بن الشخير ـ وهما من سادات التابعين ـ بعرفة، فقال أحدهما : اللهم لا ترد أهل الموقف من أجلي، وقال الآخر: ما أشرفه من موقف وأرجاه لولا أني فيهم!
قال الذهبي ¬ معلقًا: كذلك ينبغي للعبد أن يزري على نفسه ويهضمها.
▪️ووقف الفضيل بن عياض بعرفة والناس يدعون، وهو يبكي بكاء الثكلى المحترقة قد حال البكاء بينه وبين الدعاء، فلما كادت الشمس أن تغرب رفع رأسه إلى السماء وقال : واخجلتاه منك وإن عفوت .
ومراده ¬ أني على خجل وحياء منك بسبب ذنوبي وإن عفوت عنها، وهذا ـ والله ـ مقام من الخوف رفيع.
يقول ابن الجوزي ¬ معلقا على هذا الموقف : " ينبغي للعاقل أن يكون على خوف من ذنوبه وإن تاب منها وبكى عليها، وإني رأيت أكثر الناس قد سكنوا إلى قبول التوبة، وكأنهم قد قطعوا على ذلك، وهذا أمر غائب، ثم لو غفرت بقي الخجل من فعلها، ويؤيد الخوف بعد التوبة، أنه في الصحاح : أن الناس يأتون إلى آدم فيقولون اشفع لنا،فيقول :ذنبي ... إلى أن قال: فهؤلاء إذا اعتبرت ذنوبهم لم يكن أكثرها ذنوبا حقيقة، وثم إن كانت فقد تابوا منها واعتذروا، وهم بعد على خوف منها ...إلخ كلامه النفيس " .
▪️ووقف بعض الخائفين بعرفة إلى أن قرب غروب الشمس، فنادى: الأمان.. الأمان قد دنا الانصراف، فليت شعري ما فعلت بحاجة المسكين !!
الأمان الأمان وزري ثـقيل وذنـوبي إذا عددن تطول
أوبقـتني أوثـقتني ذنـوبيفتُرى إلى الخـلاص سبيل؟
*وكما أن العبد يخاف في ذلك الموقف، فهو أيضًا يرجو ربه حينما يتذكر سعة رحمة الله ¸ وعظيم مغفرته، فمن مواقف السلف في ذلك:
▪️ أن ابن المبارك جاء إلى الإمام سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاثٍ على ركبتيه وعيناه تهملان، فقال ابن المبارك: من أسوأ هذا الجمع حالاً ؟ قال سفيان : الذي يظن أنه لا يغفر لهم.
وإني لأدعـو الله أسأل عفــوه وأعلم أن الله يعفو ويغفــر
لئن أعظم الناسُ الذنوب فإنها وإن عظمت في رحمة الله تصغر
▪️ وروي عن الفضيل أنه نظر إلى نشيج الناس وبكائهم عشية عرفة، فقال : أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل فسألوه دانقا (يساوي سدس درهم) أكان يردهم ؟ قالوا : لا، قال : والله للمغفرة عند الله أهون من إجابة رجل لهم بدانق !!.
والمقصود أن يجمع العبد بين هاتين العبادتين: الخوف والرجاء وليغلب إحداهما على الأخرى حسب الشعور الذي ينتابه في تلك اللحظات المهيبة.
وحينما ينصرف الناس من حجهم إلى بلدانهم: أناسٌ مقبولون قد غفرت ذنوبهم، وآخرون يعودون إلى أوطانهم وليس لهم من حجهم إلا التعب والنصب ـ نسأل الله العافية والسلامة ـ !! فيالها من حسرة عظيمة إن لم يقبل من العبد عمله.
(لطائف المعارف لابن رجب.)
T.me/dr_alghfaily
من مواقف السلف المؤثرة في #عرفة
▪️وقف بكر بن عبدالله المزني، وعبدالله بن الشخير ـ وهما من سادات التابعين ـ بعرفة، فقال أحدهما : اللهم لا ترد أهل الموقف من أجلي، وقال الآخر: ما أشرفه من موقف وأرجاه لولا أني فيهم!
قال الذهبي ¬ معلقًا: كذلك ينبغي للعبد أن يزري على نفسه ويهضمها.
▪️ووقف الفضيل بن عياض بعرفة والناس يدعون، وهو يبكي بكاء الثكلى المحترقة قد حال البكاء بينه وبين الدعاء، فلما كادت الشمس أن تغرب رفع رأسه إلى السماء وقال : واخجلتاه منك وإن عفوت .
ومراده ¬ أني على خجل وحياء منك بسبب ذنوبي وإن عفوت عنها، وهذا ـ والله ـ مقام من الخوف رفيع.
يقول ابن الجوزي ¬ معلقا على هذا الموقف : " ينبغي للعاقل أن يكون على خوف من ذنوبه وإن تاب منها وبكى عليها، وإني رأيت أكثر الناس قد سكنوا إلى قبول التوبة، وكأنهم قد قطعوا على ذلك، وهذا أمر غائب، ثم لو غفرت بقي الخجل من فعلها، ويؤيد الخوف بعد التوبة، أنه في الصحاح : أن الناس يأتون إلى آدم فيقولون اشفع لنا،فيقول :ذنبي ... إلى أن قال: فهؤلاء إذا اعتبرت ذنوبهم لم يكن أكثرها ذنوبا حقيقة، وثم إن كانت فقد تابوا منها واعتذروا، وهم بعد على خوف منها ...إلخ كلامه النفيس " .
▪️ووقف بعض الخائفين بعرفة إلى أن قرب غروب الشمس، فنادى: الأمان.. الأمان قد دنا الانصراف، فليت شعري ما فعلت بحاجة المسكين !!
الأمان الأمان وزري ثـقيل وذنـوبي إذا عددن تطول
أوبقـتني أوثـقتني ذنـوبيفتُرى إلى الخـلاص سبيل؟
*وكما أن العبد يخاف في ذلك الموقف، فهو أيضًا يرجو ربه حينما يتذكر سعة رحمة الله ¸ وعظيم مغفرته، فمن مواقف السلف في ذلك:
▪️ أن ابن المبارك جاء إلى الإمام سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاثٍ على ركبتيه وعيناه تهملان، فقال ابن المبارك: من أسوأ هذا الجمع حالاً ؟ قال سفيان : الذي يظن أنه لا يغفر لهم.
وإني لأدعـو الله أسأل عفــوه وأعلم أن الله يعفو ويغفــر
لئن أعظم الناسُ الذنوب فإنها وإن عظمت في رحمة الله تصغر
▪️ وروي عن الفضيل أنه نظر إلى نشيج الناس وبكائهم عشية عرفة، فقال : أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل فسألوه دانقا (يساوي سدس درهم) أكان يردهم ؟ قالوا : لا، قال : والله للمغفرة عند الله أهون من إجابة رجل لهم بدانق !!.
والمقصود أن يجمع العبد بين هاتين العبادتين: الخوف والرجاء وليغلب إحداهما على الأخرى حسب الشعور الذي ينتابه في تلك اللحظات المهيبة.
وحينما ينصرف الناس من حجهم إلى بلدانهم: أناسٌ مقبولون قد غفرت ذنوبهم، وآخرون يعودون إلى أوطانهم وليس لهم من حجهم إلا التعب والنصب ـ نسأل الله العافية والسلامة ـ !! فيالها من حسرة عظيمة إن لم يقبل من العبد عمله.
(لطائف المعارف لابن رجب.)
T.me/dr_alghfaily
Telegram
قناة د.عبدالله الغفيلي
فقهية معاصرة