دار مصر - روايات
21.9K subscribers
979 photos
47 videos
14 files
85.6K links
القناة الرسمية لمدونة دار مصر للروايات على التليجرام
Download Telegram
" ده أضعف مكان في جسم الإنسان، ممنوع يخضع لحد.. لو ضِعف فإعرف إنك ضعفت و بكده مش هتنفعني و الموت أرحم لك من عذابي.. اعملوا ما بدا لكم، إلا الُحب، الحُب الحاجة الوحيدة اللي بتضعف الواحد و تهزمه، و أنا عايزاكم دايمًا منتصرين مش مهزومين.. إياكم و الحُب، كل إما تحسوا نفسكم هتضعفوا، افتكروا العلامة دي و اعرفوا كويس إن الحُب بيوجع اكتر منها "

.. أمام تلك الفيلا الواسعة و الفخمة في هيئتها، تتوقف سيارة « قابيل» الجيب السوداء ثوانٍ، ثُم تحركت ثانيةً باتجاه مدخل الفيلا الكبير الذي فُتح بوابته الالكترونية للتو، ليظهر من خلفها ستة رجال حراسة كل رجل قوي البنية منهم بحوزته كلب شرس يلتف حول عنقه سلسلة تحكم حركته و ترجع لصاحبها.. تقدم واحد منهم يستقبل ترجل « قابيل» من سيارته، ليأخذها للجراج المليء بالسيارات الفخمة و المتنوعة، و هناك صفَّ السيارة العائدة لملكية المعلمة في النهاية، بينما « قابيل» ألقَ تحية بحاجبيه للكلاب قائلًا بمداعبةٍ:

" عاش يا وحوش إمبابة، الحراسة في السليم"

ثُم خطى خطواته بثباتٍ لداخل الصالة الكبيرة و الواسعة المزينة باللوحات الزيتية العتيقة، و الأثاث الراقي الأنيق، ليجلس بأريحية على إحدى الأرائك يريح رأسه للخلف بتنهيدة خرجت منه مُتعبة تزامُنًا مع مجيء « زينات» ترمقه بغضبٍ اعتاد هو عليه عندما يتأخر في الخارج دون وجهة معلومة لها.. اعتدل في جلسته يتأمل ملامحها المُقطَّبة رغم جمالها الذي لم يذبل ولم يتغير مع التقدم في العُمر، جلست قبالته تبرم شفتيها بمللٍ، و تعبث في شعرها الأحمر الرُماني أثر الصبغة وليس ربانيّ.. أخرجت السيجار الكوبي و مدت به نحو
« قابيل» الذي أخذ يتابع لغة الجسد الخاصة بها، فتلك مهارة ثانية من مهاراته و لاكتشافه فيما يفكر خصمه من تعابير وجهه وجسده؛ يستطيع اللعب به على خيوطٍ رفيعةٍ هو وحده من يتمكن من الرقص عليها.
أدرك في الحال من حركة عينيها المتقلبة ما بين الغضب تارة و اللين تارةً أخرى، أنها تريده الآن لفعل الفاحشة !
حينما تأكد من ذلك، اتضحت معالم الانتصار في عينيه بأنه و أخاه لن ينكشف أمرهما بأسئلتها الكثيرة، و ستكتفي بإطفاء غضبها بإعلان حاجتها له، فبرغم أنها من قامت بتربيته، لكن اعجابها به و بجسده أخذ حيزًا واسعًا من تفكيرها، وهو لا يعترض البتة، بل في أوج استمتاعه بالرذيلة معها عوضًا عن ارتكابها مع الغرباء..« زينات » بصرف النَّظر على أنها امرأة متسلطة و قوية و حازمة معظم الوقت، لكنها امرأة متصابية في الأوقات الأخرى، لم و لن تقع في غرام رجل أيًا كان من، حتى لو كان مفتول الجسد مثل « قابيل»، هي فقط تلهو و تستمتع في رأيها لا أكثر، و قابيل ليس آخر ولا أول شخص تفعل معه ذلك، فالحرام في فيلا «زينات» أسهل من شُرب الماء.

" كُنت فين أنت و باشا كل ده و من غير ما أعرف أنتم رايحين فين ؟ "

تساءلت بها بنبرةٍ ناعمةٍ مشتاقة، فأجاب هوَ بلا مبالاةٍ:

" عادي كنا سهرانين زي عوايدنا، أنتِ بس اللي بتخافي علينا زيادة عن اللزوم، و مش قادرة تفهمي إننا كبرنا "

ردت وهي تميل بجسدها للأمام و تلامس ركبته بطرف أصابعها، و رائحة السيجار الكوبي تشكل سحابة أمام وجه قابيل، فأخذ منها السيجار ينفث دخانه ببطءٍ أمام وجهها، مما ثارت عليه و أثارت تلك الحركة جنونها أمامه:

" مفيش قوة في العالم تقدر تحرمني من إني أخاف على صوابعي الخمسة.. رجالتي و سندي.. أعز ما أملُك "

قالت جملتها الأخيرة بنظراتٍ يشع منها الدلال و التغنُّج عليه، فنهض بغتةً و اصطحبها لاستكمال قراءة لغة جسدها.

الفيلا تتكون من غرف عديدة كل غرفة مساحتها تصل لمساحة شقة متوسطة، و كُل مُهدد من مُهددين الطرق اللذين ينتمون للمعلمة، لديه غرفة خاصة به أو طابق كبير يسع ما يفعله من مُحرمات و امتاع للذات كما يشاء، لقد تركتهم يفعلون ما يحلو لهم بشرط ألا يقعوا في الحُب؛ لأن الوقوع فيه هو بمثابة إعلان الخضوع و الهزيمة.

هُنا في منطقة إمبابة حيث المنطقة الموبوءة بأعمال العنف و الشغب، و سُجلت على أنها من أكثر المناطق امتلاءً بالبلطجة في مصر، فمن غير الآمن تكوين أسرة آمنة بها، و من يستطيع ذلك فهو من كنف الله.. ما تراه بعينيك غير ما تسمعه أذنيك، قد ترى أن إمبابة منطقة عادية كأي منطقة، و لكن في الحقيقة هي مليئة بالـهَوَّشَ و الـبَلْبَلَة، إلا من رحم ربي من السُكان الطيبين.
على فدان كبير في تلك المنطقة كانت فيلا
« المعلمة زينات» الشهيرة على مستوى إمبابة و بين أصحاب السلطات و النفوذ القوية في البلد، و أكثر معارفها هم من رجال الأعمال الفاسدين اللذين يقبعون خلف استثمارات و أفرع لمحلات و مولات كثيرة، و يمارسون عملهم الحقيقي الذي جلب لهم كل تلك الثروة الطائلة وهو
« غسيل الأموال» المتمثل في عمليات تحويل الأموال الناتجة عن العمليات غير المشروعة أو العمليات المرتبطة بها لتظهر في شكلها الخارجي بشكل قانوني ومشروع.
و ليس كل رجال الأعمال، و لكن تلك حقيقة أكثرهم، و الاعلام الفاسد يصرُّ على تجميلهم، طالما أنا المال هو سيد كل شيء، فلماذا لا نُنافق و نزيف الحقائق من أجله ؟!

دلف « قابيل» للطابق الخاص بالمعلمة و هي تسبقه في الخطوات برغبة و بدون تعقّلٍ رغم عقلها المخيف عند العمل، لكن في هذا الأمر ترمي بالعقل بعيدًا و تترأس الشهوة المقدمة، أما القلب و مشاعره فلا وجود له في جمهورية زينات.

بينما «قابيل» بدأ بفك أزرار قميصه بدون خوفٍ من الله، و استهلال المحرمات بقلة الحياء وقلة المبالاة وقلة التوقير والتعظيم لله عز وجل.
الخمسة شباب لا يفقهون أي شيء في الدين الاسلامي، رغم كونهم مسلمون في شهادات ميلادهم المزورة و التي ينسبون فيها لزينات من جهة الأم و لزوجها من جهة الأب حينما كانت في مقتبل العشرينات و الذي ساعدها في كل شيء، ثم قتلته في النهاية؛ لإقتراف خطأ واحد بغير إرادته، إذًا زينات أمام الجميع هي والدة الخمسة، و ما تفعله مع « قابيل» من علاقةٍ محرمةٍ أمرٌ عاديٌ بالنسبة لهم جميعًا.. الحياة بالنسبة لهم هي لهو و استمتاع و تحقيق الفوز و الانتصار في أعمالهم الغير مشروعة، فأصبح الحرام عندهم جائز و الحلال لا مكان له.

أغلق باب الغرفة خلفه وهو يتفحصها بدقة قائلًا:

" شُكري لو شم خبر بعلاقتنا مش هيعديهالك بسهولة يا زيزي "

أطلقت ضحكة صاخبة تبعتها بقولها، و هي تسكب كوبًا من التيكيلا و تعطيه له و تسكب لنفسها آخر:

" جرا لك إيه يا قابيل ؟ أنت تايه عني ولا إيه ؟ ده أنا أفرمه و ارميه لكلاب السكك السعرانة تنهش في لحمه، معاش ولا كان اللي يفكر بس يجي على زينات.. أنا مع شُكري بكيفي و كيفي لما يحب يبعد ها يبعد "

" بس أنتِ عارفة إن مصلحتنا معاه كبيرة دلوقتي، إحنا داخلين في صفقة جامدة مينفعش نبعد عنهم غير إما مصلحتنا تنقضي "

قالها وهو يخطو تجاهها ليقف خلفها و أصابعه تتسلل للمكان المنشود، فأردفت هي بعد أن تركت العنان له:

" نفوذي و سلطتي أقوى من نفوذ شُكري، هو اللي محتاج لنا مش إحنا "

و اختتم الحديث بينهما بتلك الجملة، ثُم عملت التيكيلا مفعولها و اختطفتهما لعالمٍ لا متناهي من الرَجاسة، فَيَودُ الرِجْز أن يقع في المكان الرَجِس.

التهاون بارتكاب كل ما حرمه الله، شيء اعتيادي لديهم، والتهاون بالمحرمات أمر بالغ الخطورة؛ لأنه يوصل فاعلها إلى تبلد الإحساس وممارستها بعادة يومية، وتصبح تلك المنكرات والمحرمات أمرًا مألوفًا للنفوس، و يغدو من ينكرها مخالفًا لما عليه الناس.

ومِن أخطرِ أضرار المعاصي التي يولون عنها الأفئدة في تلك الفيلا المشبوهة، أنها تنزِع الحياءَ مِن نفْس العاصي، حتى يجاهِرَ بها ويعلنَها أمام الداني والقاصي، فيفعلون المحرمات و يرتكبون الموبقات و يقبلون على فعل الشهوات.. هيهات لما توعدون هيهات.

ولا يخجل « قابيل» مِن اظهار ذلك أمام أحد و لا حتى أخوته يخجلون، فمثلًا « باشا» يفتخر بمعصيته أمام نفسه، ويرى أنها ضرورةٌ لحاله، فلا يزال يرتكب الذنبَ بعدَ الذنبِ، حتى هانت عليه المعصية، و صَغُرت في قلبه الخطيئة، وذلك مِن عَلامات موت القلْب وفساد الفِطرة؛ فإنَّ الذنب كلَّما صغُر في عين العاصي عظُم عند الله - عزَّ وجلَّ.

و في طابقٍ آخر يصدح منه صوت الأغانٍ و الموسيقى الصاخبة المصحوبة بكلماتٍ يُدندن صاحب الطابق معها في رنحٍ أصابه أثر سيجارة الحشيش التي تعتبر أساسية لديهم جميعًا، فهم حريصون على شراء أفخم الأنواع؛ لما لها من تأثير قوي يجعل المرء يشعر بحالة لا مثيل لها من السعادة، و يبدأ في تخيل أشياء و محاكاة أحلامه الوردية كأنه في كوكب موازٍ، هذا الرنح الذي أصاب « سُلطان» جعله في حالة ضعفٍ في التحكم العضلي الذي يسبب حركات خرقاء تجعله كالمجنون تمامًا، فأخذ يصيح مع الكلمات وهو يضع حلة على رأسه يرتديها كالخوذة، و يصفق بكلتا يديه لتلك الفتاة التي جلبها من أحد الكباريهات في شارع الهرم، بينما هي فوق فراشه ترقص بملابس شبه عارية تمامًا، وهو على الأرض يدخن تارة و يصفق لها تارة، و حنجرته مستمرة في الصياح مع الكلمات:

" آه من البنات آه منهم آه من دلعهم وعمايلهم
أهو بنحبهم آه من دلع البنات "

صمت دقيقة يُراقصها و بنظرات انبهار بها قال:

" هو ده الرقص الشرقي على أصوله، مش اللي بيحركوا أي دهون وخلاص "
و الفتاة مستمرة في الرقص، و بعد دقائق.. تعود نفس الكلمات لتصدح من جديد، في حينٍ أنه أنهى سيجارة الحشيش، و إذ فجأةً و بدون سابق إنذار.. انقلب حاله و تغير من حالٍ لحال، فأحضر بدون وعيٍ منه سيّف خاص به يستعمله في عراك الشوارع، و عدَّل من وضع الحلة على رأسه ليتخذ وضعية الهجوم و كأنه في معركة حربية، بينما الفتاة توقفت عن الرقص و ظلت تتابعه بدهشةٍ و تترقب بخوفٍ ما سيفعله، فهتف موجهًا السيف نحوها:

" ‏ليس أباكِ وليس أبا من أتى بكِ "

قلَّبت بصرها ما بين السيّف و على حركاته الطائشة، ثُم تساءلت بعدم فهمٍ وهي تنزل من فِراشِه و تحاول الهروب منه:

" يعني إيه ؟ "

" يعني لأبوكِ لأبو اللي جابك "

" أنت هتعمل إيه ؟ "

تساءلت بجُملتها في اضطرابٍ و ذَعرٍ من حركات السيّف الذي يلوح به في الهواء بمهارة و احترافية رغم حالة الضياع التي انتابته، فهو الوحيد من أخوته الذي عندما يشرب الحشيش.. يذهب لعالمٍ آخر كله من صُنع خياله المجنون، بينما أخوته لا يشربون بكثرةٍ مثله، علاوةً على ذلك حتى لو شربوا لا يؤثر بهم كما يؤثر عليه..
صاح وهو يتراقص بالسيّف و يجبرها على الرقص معه، فأخذت ترقص في حذرٍ:

" فستان حماله وألوان، عادى مش بطالة وشغال
والبودرة كتيرة.. منهم دا أنا ندمان
لابسالي بندانة و عادى.. والشعر كنيش.. عادي
والشكل مفيش.. عادي، حرام ما أنا بردو إنســان "

و في حركةٍ مُباغتةٍ، شق لها ملابسها بالسيّف فسقطت و تعرى الجسد الرخيص مع صرخةٍ خرجت منها ليس لما فعله فهي معتادة على التعري، و إنما لحركاته الغريبة و التي أخافتها، فقالت في ترجيٍ:

" اهدى بس اهدى.. أنت شربت كتير "

" أنتِ قولتيلي اسمك إيه عشان نسيت ؟ "

ردت بدموعٍ:

" شريفة "

" مُتأكدة ؟ "

تساءل بها في استهزاءٍ، ثُم أضاف:

" أنا ليه كل النسوان اللي عرفتها مكملوش معايا رغم إنهم رُخاص ؟ "

قررت مسيارته حتى يتسنَ لها الهروب من الغرفة، فأردفت:

" أغبيه.. أغبيه يا يا باشا و مش بيفهموا، حقك عليا أنا "

" باشا ! أنا اسمي سُلطان.. باشا ده يبقى أخويا الكبير، و ملوش لا في النسوان ولا الرجاله.. ليه في الحيوانات، يعني لما يشوفك هيعملك برواز اتناشر في أربعة و عشرين "

باشر بالخروج عن وعيه بالكامل، فانتهزت الفرصة و التقطت ملابسها التي جاءت بها معه من البداية، و بدأت في ارتدائها و قبل أن تفتح الباب، لحق بها و قبض على يدها الممسكة بالمقبض، ثُم همس من وراءها بنبرةٍ لا تُنبئ بالخير:

" حلاوتها.. نهت سكتها "

قاصدًا بجملته أنها حكمت على نفسها بالهلاك على يده، و الهلاك بالنسبة لسُلطان عند ممارسة الرذيلة مع النساء؛ هو أن يأخذها في مغارةٍ من صنع خياله السكير و يفعل بها ما يحلو له.. برغم أنه في الخامسة و العشرون من عمره، لكن تاريخه القصير كشابٍ في مقتبل العمر حافل بالعلاقات المحرمة مع النساء، و أي واحدةً منهن تقضي معه ليلة، يخبرها بأنه يحبها ولن يستطيع التخلي عنها وهو لا يعرف اسمها ولا أي شيء عنها من الأساس، سوى أنها تعمل في البيوت المشبوهة، فتصاب المرأة بحالة من الدهشة تجعلها تنفر منه و تظنه مجنون، هذا بالإضافة لطلباته الغريبة أثناء ارتكاب الفاحشة، فمثلًا يطلب من المرأة التي معه، أن تصعد على خزانة الملابس و تُخرج خيوط من يدها مثل سبايدر مان تستعملها في القفز، فتخاف منه و تفر هاربة.

في الطابق القريب من طابق سُلطان، يمكث
" وسيم "، و الذي يكبُره بعامٍ واحد، أي أنه في السادسة و العشرون.
هذا الشاب يبالغ مبالغة كبيرة في النظافة، و يخاف من مساس أي شيء غير معقم أو غير نظيف، فيظل يكرر تغيير ملابسه و الاستحمام أكثر من مرة في اليوم، و تعقيم يديه باستمرار، فبرغم أنه يعاني من وسواس النظافة القهري، لكن من ناحية أخرى لا يؤثر ذلك في انجاز أعماله مع أخوته، بالرغم من أنه يسبب ازعاج كبير لهم في مختلف الأوقات، فإذا لمسه أحد أو لمس طبقه و ملعقته أو أغراضه الخاصة، يظل يصرخ في وجوههم و يَسُبَّهم بأقبح الألفاظ، ما عدا " باشا " الذي يسكته بنظرة فيتراجع و يصمت خوفًا.

رائحته طوال الأربعة و عشرون ساعة جميلة و تجعلك تود الجلوس مُلتصقًا به.. اهتمامه ببشرته و العناية التامة بشعره الكيرلي و الذي يتميز بكونه مسترسل ذو خصلاتٍ ناعمة قد قام هو بتشكيله ليصبح على شكل زيجزاج؛ أخذ حيزًا هائل من وقته، فيقضي أوقات فراغه في العناية بنفسه و الاهتمام البالغ بها، و لم يسبق له و أن أقام علاقة مع إمرأة؛ لشدة خوفه من الإصابة من الأمراض المتناقلة مثل الإيدز، بخلاف « سُلطان» الذي لا يُبالِ بعلاقاته المتعددة، و لكن لخوف « زينات» عليه، أمرته باستعمال الواقي للوقاية من خطر تلك الأمراض.

وقف أمام المرآة في غرفته يضع سيروم العناية بالبشرة، و يدلكها ببطءٍ و برفقٍ قائلًا بابتسامة اعجاب بنفسه و لنفسه:

" و بعدين فى الدنيا اللى مفيهاش أي حاجة حلوة غيري أنا دي ! "
انتهى من وضع السيروم، ثُم نثر عطره الثابت و الجذَّاب للمرة الثالثة خلال عشر دقائق، و تأمل هيئته المرتبة و الأنيقة كأنه لديه مقابلة مهمة مع أشخاص مهمين، ليقول وهو يلقي نظرة أخيرة برضا على هيئته:

" وسيم يا وسيم، المفروض يتعملك دولة لوحدك تعيش فيها "

و اقترب من المرآة لينثر عليها محلول التعقيم، و لثم قُبلةً على صورته فيها، ليبتعد قائلًا:

" تصبحي على خير يا نفسي "

و اتجه نحو فِراشِه و قبل أن يمسسه، تأمل الملاءة بترددٍ هاتفًا:

" رغم إني لسه مغيرك من شوية، بس حاسس كده إنك مش نضيفة "

في تلك اللحظة آتاه صوت صرخة أنثوية قادمة من غرفة « سُلطان»، فتأفف بضجرٍ قائلًا:

" هو ده وقته يا بن ديك البرابر !، هلاقيها منك ولا من المعلمة و قابيل ! "

ترك ما يفعله و خرج باتجاه غرفة سُلطان، ليتفاجئ بالأخير يخرج بالسيّف راكضًا وراء الفتاة التي استطاعت الهرب بصعوبة، و يصيح باستمتاعٍ:

" يا شاويش امسكها يا بوليس احبسها
يا ناس يا هوه شوفوا دلع البنات
يا حضرة العمدة الحقني يا شيخ الغفر حوش عني
يا ناس الحقوني من دلع البنات "

وقف «وسيم» يضحك مكانه على هيئة سُلطان المزرية، فتلك ليس أول مرة يراه هكذا، بينما الفتاة توارت خلف وسيم تترجاه و تمسك ملابسه بقوةٍ:

" ابوس إيدك مشيني من هنا، أنا بنت * إني جيت.. دا طلع مجنون "

دفعها وسيم بعنفٍ عنه و بدأ بالصراخ عليها:

" ميكروبات.. بكتيريا ابعدي عني، ازاي تسمحي لنفسك تلمسيني ! ازاي ؟! عليا الحرام ** لأنا اللي هخلص عليكِ "

قالها و أخذ السيّف من سُلطان الذي ابتسم ببلاهةٍ قائلًا:

" اديلو ادي يا أم وسيم "

و قبل أن يشق رأس الفتاة بالفعل، فالقتل عندهم أمر اعتيادي.. خرج « قابيل» يتأفف بضيقٍ من الأصوات المزعجة و يغلق أزرار قميصه بتكاسلٍ و من خلفه المعلمة زينات مرتدية منامة شفافة و تدخن الكوبي.. هتف قابيل بغضبٍ عليهما بعد أن أخرج لهما صوت عبر أنفه:

" إيه * الدوشة اللي أنتم عاملينها دي ! يعني لما اجي * أنت وهو هتستريحوا ! "

" لمستني "

قالها وسيم، و رد سُلطان:

" باعتني "

فاستدار لها قابيل بنظرةٍ أربكتها مكانها و قال بأمرٍ:

" يلا يا بنت الـ * من هنا "

و كأنها وجدت الملاذ، فحملت نفسها و ركضت هاربة من جنونهم أجمع، و أشار لهما قابيل الذي يكبرهما سنًا فهو في الثامنة و العشرون، بأن يعودان للنوم لأن الصباح مليء بالأعمال الشاقة.

في غرفةٍ شاسعةٍ أخرى في الفيلا، تحديدًا في غرفة ذو الملامح الغربية الشقراء، يجلس
« كرم» على مكتبه يستذكر دروسه، فدخل عليه « سُلطان» دون طرقٍ للباب، و ألقى بجسده المتهالك على فِراش كرم قائلًا له بخمولٍ:

" عايز اتجوز "

استدار له كرم ضاحكًا من حاله و قال:

" أنا زهقت من كُتر ما بسمع الجملة دي، يابني إحنا مش بتوع جواز إحنا بتوع شغل وبس، و أصلًا المعلمة سيباك تعك براحتك عشان عارفة إنك مش هتكمل في أي علاقة لمدة ساعتين "

اعتدل سُلطان مكانه و أشار لكتاب كرم متسائلًا بمزاح:

" فاكر نفسك نجيبة متولي الخولي ! أنت هتتخرج و هتشتغل برضو معانا، فملوش لزوم تضيع وقتك في المذاكرة و الكلام الفاضي ده.. تعالى إما أعرفك على البت فادية فتلة، شايف الخط اللي في حواجبي ده، هي اللي عملهولي.. تعالى أخليها تعملك واحد، ولا أقولك.. تعالى إما نشقط حرمتين كده يكيفونا "

" فادية فتلة ! ده اخرك في النسوان ؟ وبعدين أنا بذاكر عشان وعدت باشا أطلع الأول "

" يعني هتطلع الأول يعني هيطلعولك تأشيرة سفر للمريخ ! يا عم حِلني "

قالها وهو يخرج سيجارة حشيش أخرى، و أردف:

" ما تشدلك نفسين "

رد كرم بعجزٍ مزيف ضاحكًا:

" كان على عيني والله، بس أنت عارف أخواتك سمحوا ليا بالسجاير بس و على خفيف، إنما الحشيش اللي أنتم بتسفوا فيه ده و حارمني منه، متحرم عليا.. بس عارف، عليا الحرام هتخرج من الكلية و شوفوا هعمل إيه "

" بتذاكر إيه صحيح مخليك مندمج أوي كده.. فاتك أنت نص عمرك، وسيم و قابيل كانوا شاقطين واحدة تحت و أنا اللي هربتها منهم "

قالها سُلطان بصدقٍ مما صدقه كرم وهتف مُندهشًا:

" وسيم ! وسيم أخويا ! ده قعد خمسة و عشرين سنة عذراء ! ده غير إنه بيقرف من أقل حاجة.. ها يشقط برضو ؟! "

هزّ سُلطان كتفه ببراءةٍ مُردفًا:

" و أنا أقوله يابني يا حبيبي صحتك أنا خايف عليك، وهو أبدًا.. راسه و ألف سيف يجيب ولد و يسميه مُرجيحه "

" مُرجيحه ! "

أومأ و انفجر ضاحكًا يقهقه بشدة:

" نسبةً لأمه، كانت مُرجيحه "

" صدق ياض أنا غلطان إني قاعد بتكلم معاك، يلا هوينا خليني اكمل مذاكرة عشان ورايا شغل خاص بالـ Ai "

هتف بها و استدار يكمل ما يفعله، فنهض سلطان يتابعه عن قرب و يقول باعجابٍ:

" يحرق أمك يا كرم، ده الذكاء الاصطناعي يخاف منك.. بقولك إيه، اعملي صورتي كرتون كده، عاوز ابعتها لفادية فتلة يمكن تعجبها و توافق تيجيلي الأوضه يوم "

لم يُجِب كرم بشيءٍ و زفر بضيقٍ من هوس أخيه بالنساء، فتابع سُلطان وهو يتفحص كتابه بعدم فهمٍ لما فيه:
" إيه الكلام المكلكع ده ! بس ولا يهمك يا قلب أخوك، أنا كنت فنان في الإعراب، لو جاية معاك في نحو فأنا دايس فيها وش "

تبسم كرم من قوله و رمقه بعينيه الزيتونية ساخرًا ليقول:

" أنا دراستي ملهاش علاقة بالنحو، بس هكتبلك
جملة لو عرفت تعربها، ليك عندي أجيب لك فادية فتلة ببكرة خيطها راكعة لحد عندك "

" حلاوتك.. جملة إيه بقى ؟ "

كتب له جملة عادية و طلب منه أن يعرب الكلمة الثالثة فيها، فقال سُلطان وهو يمعن النظر في الجملة:

" مضاف إليه مخروم بالفتحة "

" هو ربع جنيه فضة ! إيه يا عم العبث ده، يا وجع النحو بصحيح.. اطلع برا يا سُلطان بدل ما أنادي لقابيل "

عاد « سُلطان» أخيرًا لغرفته بعد عدة محاولات فاشلة من « كرم» لإخراجه.

بينما « كرم» تابع عمله الموكل به من الزعيمة، وهو البحث عن فتيات فقراء بحاجة للمال، و عندما يتأكد أنهنَّ ضعاف لا يقدرنَّ على الدفاع عن أنفسهنَّ إذا حدث لهنَّ شيئًا، يقوم هو بمراسلتهنَّ بحجة أنه تابع لشركة تعمل عن بعد في مجالات مختلفة، ثُم يراسلهنَّ عبر مكالمة مسنجر، ليتمكن من اقناعهنَّ و الاتفاق معهنَّ على امكانيات العمل و مميزاته، و يقوم بإغرائهنَّ بالمال الكثير، وبعد فترة أو مهلة يعطيها لهنَّ للتفكير في الأمر حتى تكون المصداقية هي شعار الشركة في نظرهنَّ.. يبدأ «كرم» بعد ذلك بطلب مجموعة من الصور لكل واحدة منهنَّ بجودة جيدة، ليبدأ استخدامها بعد ذلك في صناعة فديوهات إباحية يستطيع من خلالها ابتزازهنَّ بها، ليوافقنَّ على ما ستقوله لهنَّ « زينات»، وهذا هو أول الخيط لغرضها الأهم و الذي تعمل عليه بمشاركة واحد من رجال الأعمال في تلك الجناية وهو « شُكري المنزلاوي» و بالطبع مهددين الطرق الخمسة يديرون الموضوع بأكمله.

مرّ الليل مر الرياح، و أقبل الصباح بمهماتٍ جديدة يرمي بها على عاتقي المُهددين، فقد جاءت للمعلمة « زينات» مكالمة تليفونية جعلتها تستشيط غضبًا و تلقي بالهاتف في اندفاعٍ صارخةً:

" و رحمة أبويا يا عوض لأوريك من هي المعلمة زينات بحق "

ثُم بدأت تصيح تدعو الأربعة شباب للمثول أمامها في غرفة الاجتماعات فورًا:

" قابيــل.. وسيـم.. سُلـطان.. كـرم، تعالوا حالًا"

و بالهاتف الأرضي قامت بالاتصال على « باشا» الذي كان حينها يُشرف على بيض الثعابين التي يعتبرها أبناءه و يصطادها بشغفٍ لدراستها و استخراج السُم منها، و تربيتها في مكان مخصص له في منزله، في أوج العناية بها، و عندما سمع رنين الهاتف؛ ربَّت على البيض بحذرٍ، و أنزل الثعبان الذي كان على كتفه ليعيده لمكانه قائلًا له بنبرة صوته العميقة:

" أنزل يا سندال "

« باشا الباشوات» كما يلقبونه، لديه شغف و ولع كبير لاصطياد الزواحف خاصةً الثعابين بأنواعها، و أفضل هواياته التي يحبها بجانب الزواحف، هي الغوص و البحث عن اللؤلؤ و صناعة قلائد و خواتم منه،« باشا» غواص ماهر بحق، لاسيما و أنه سيد الجريمة و دائمًا الضربة القاضية و المميتة هو من يتكفل و يتكلف بها في أي مهمة يقوم بها مع أخوته.. يده اليمنى قُطعت في مهمة شاقة وهو في عمر الخامسة عشر من قبل زوج زينات و بدون إرادته، فأصبحت لديه يد صناعية ذكية، و رغم هذا الطرف الصناعي القيم، لكنه لا يحبه و دائمًا يخفيه بقفاز أسود، و إذا ضرب به أحد؛ سبب له عاهة مستديمة.

و أهم ما يميزه غير ملامحه الحادة و التي تعطي طباع صارمة، هو صوته العميق، عادةً
« باشا» لا يُحب الثرثرة و التحدث من الأساس، يتبع مقولة خير الكلام ما قل و دل، و لكن عندما يتحدث يُسكت الشخص أمامه، لثقته الشديدة بنفسه و لصوته الرخيم، و كأنه يعلق على فيلم وثائقي، و الصوت الرخيم صوت عميق و خفيض يتراوح تردّده بين 15 إلى 256 هرتز.. في بعض الأحيان و بعض المواقف يتحول صوته للصوت الأجش وهو صوت غليظ فيه بُحّة.

رفع سماعة الهاتف بهدوءٍ كعادته، فهو بطبعه هادئ، و لكن جرِّب أن تدخل معه في مواجهة، حتمًا سيقضي عليك.. صاحت زينات قبل أن ينطق هو:

" باشا، تعلالي حالًا "

" جاي "

قالها في هدوءٍ غير مفتعل و وضع السماعة، ثُم ارتدى قبعته التي لا يخرج بدونها، لطالما أحب ارتداء القبعات.. تلك الدائرية و ليس الكاب.. على الرغم من أنه يمتلك شعرًا بُنيًا رائعًا، لم ينقص ذلك من مقدار حُبه للقبعات.

لقد اختار بمحض إرادته أن يعيش في منزل منفصل عن فيلا زينات التي يعم فيها الضجيج، في البداية رفضت و عندما تعامل هو بالصمت العقابي؛ سمحت له بإنشاء منزل خاص به يفعل فيه ما يشاء، و هذا المنزل يبعد عن الفيلا فقط بشارعين.

يُحب « باشا» الهدوء و الاستقرار مع زواحفه و نباتاته بعيدًا عن ضجة العالم، فيستيقظ في الصباح الباكر يعد فطورًا صحيًا و كوبًا من عصير الليمون بالنعناع المفضل لديه، ثُم يمارس التمارين الرياضية، و يجلس في الحديقة مع الورود يعتني بها، أو يقرأ الكتب العلمية التي تزيد من ثقافته.
هو مزيج فريد من التناقضات، فهو يجمع بين صفات جذابة وأخرى قد تثير حيرة من حوله.
«باشا» معروف وسط إمبابة بـ
« باشا الباشوات».
غادر المنزل بعد أن اطمأن على كل شيء، مُتجهًا للفيلا.

دلف بثباتٍ فوجدهم مجتمعين حول طاولة الاجتماعات، و حينما رآه « كرم» ركض عليه يعانقه قائلًا:

" وحشتني من امبارح "

" امبارح راح مع امبارح "

قالها وهو يعانقه بلُطفٍ، أو « كرم» الوحيد الذي يحظى بمعاملة رقيقة من أخيه الأكبر الذي يبلغ من العمر تسعة و عشرون عامًا.

صافحهم قبل الجلوس، بينما وسيم قبل أن يصافحه تساءل بخوفٍ:

" أنت غاسل ايدك ؟ "

" هديك بضهر ايدي على وشك "

رد بها وهو يجلس بينهم على يمينه المعلمة زينات تزفر الهواء بغضبٍ و تقول:

" عوض مش ناوي يجيبها البر، باعت الفلوس ناقصة اتنين مليون دولار، قال إيه.. عشان الضرر اللي وقع على سفينة الشحن ! طب و إحنا مال أهلنا، نشيل معاه الضرر ليه ؟! "

قال « قابيل» بابتسامة خافتة تُظهر عشقه للقتل:

" بسيطة، نعمل معاه الجلاشة هو و رجالته "

" لأ.. أنا عاوزة الفلوس توصل كاملة و بعدين اعملوا معاه ما بدا لكم "

رد « وسيم» يؤكد على كلامها:

" عندك حق يا معلمة، نأجل الضرب لبعدين.. أصل اليوم اللي بضرب فيه حد بضطر استحمى كل ساعة مرتين و إحنا في الشتا.. كده جسمي يبوش "

ضحك « كرم» من قوله و هتف:

" ابقى هات معاك ديتول، مع كل ضربة رشة "

أشار « قابيل» لأخيه الصامت يتابع حديثهم بدون ردة فعل، و تساءل:

" رأيك إيه يا باشا ؟ "

" صُب الصابون و زحلق الزبون "

رد بجملته المعتادة عند أي موقف يتطلب منه وضع حدٍ له، و تلك الجملة يفهمها جيدًا أخوته، فمعنى ذلك أنه قرر القضاء على « عوض» و رجاله.

وجهت المعلمة حديثها لكرم متساءلة:

" عملت إيه يا كرم في اللي قولت لك عليه.؟ "

" اطمني يا زُوز كله تمام "

" البنات هتكون هنا امتى ؟ "

" يومين ويكونوا تحت طوعك "

تدخل قابيل قائلًا:

" الأهم من ده كله، إن الفحص بتاعهم يطلع سليم مش واحدة تطلع سليمة و التانية البويضات عندها صغيرة.. لازم نتأكد منهم كلهم بعد الفحص الطبي إن البويضات بتاعتهم جاهزة للنقل "

أوما « سُلطان» بنظرة حالمة:

" سيبوا لي أنا الفحص الطبي ده "

رمقه باشا بنظرة جانبية فاترة تبعها بقوله:

" طب ريح و استريح "

أومأ بضحكة مكتومة، بينما المعلمة زينات أعطت الأمر لهم بالذهاب للمدعو عوض، فنهضوا الخمسة وهم على أتم التأهب و الثبات، و كل واحد منهم قد جهز سلاحه الخاص الذي يشاركه المعركة، و كأنهم ذاهبون للحرب.

و على اتجاهٍ آخر، تحديدًا في قصر
« صالح المنزلاوي» الجد و الذي يدير شؤون القصر ابنه الكبير الأرمل « شُكري»، هذا الرجل عقله دائمًا مشغول في محاولة أن يستغل و يستفيد ما حوله، و أولاده الرجال الاثنان يساعدونه في جميع أعماله المشبوهة، بل و معظم أفراد العائلة كذلك.

التجمع حول مائدة الطعام هنا هو شيء أساسي لديهم.

ترأس « شُكري» المائدة الطويلة، و على يمينه ابنه الأكبر « آدم» و الذي يبلغ من العمر واحد وثلاثون، و كل أمواله ينفقها على القمار، أما شقيقه الذي يعتبر ثاني اوسم رجال العائلة بعد
« جبريل» ابن عمه، هو « أدهم» اعلامي معروف على إحدى القنوات الشهيرة، و كل ما يفعله هو النفاق و نشر الفتنة بين الشعوب، و بالطبع يحدث ذلك عن طريق تمويله بالمال و بالأوامر من الجهات العليا، فلا يتحدث إلا بما يرضي كبيره حتى ولو كان كذب و افتراء لتضليل الناس، و الحقيقة تلك هي مهمته.

على تلك المائدة أيضًا يجلس شقيقه الأوسط
« جابر» و المريض بالسرقة رغم الثروة الطائلة التي يملكونها، و لكن هذا المرض بغير إرادته، و بجانبه تجلس ابنته « الطبيبة الشرعية آلاء» و التي تبلغ من العمر سبعة و عشرون، لكن ملامحها تجعلك تظن أنها هاربة من المدرسة الثانوية، و برغم براءة وجهها، لكن تلك الفتاة قوية و شرسة، و تعاملاتها دائمًا جدية لا تقبل المزاح إلا في حدود.. جابر له أيضًا ابن في الرابعة و العشرون من عمره و اسمه « آسر» مجرم هارب من العدالة؛ لارتكابه جريمة قتل، و لا أحد يستطيع الوصول لمكانه ولا حتى أهله.

أما في مقابل جابر، تجلس « عايدة» شقيقة جابر و شُكري و تلي الأخير في العمر حيث أنها على مشارف اتمام الخمسون، لديها ابنها الأكبر
« عُثمان» بعمر الثلاثون.. ثلاجة باردة تمشي على الأرض، و شقيقته الصغرى
« المحققة الجنائية فاطمة» و التي تكره اسمها خاصةً عندما يُناديها أحد «بطوط»، في الخامسة و العشرون و تمتلك القليل من روح الدعابة، لكنها في الأساس في وسط تلك العائلة تعتبر من أفضلهم، فهي لطيفة في التعامل و لينة الطباع بصرف النظر عن والدتها الغليظة التي تقطر سُمًا من لسانها كلما تحدثت.

عايدة مات زوجها في حادثة سيارة منذ عامين، فأحضرت أبناءها و جاءت لتعيش في قصر والدها الرجل الطيب الذي أنجب حفنة من الأشرار.
شقيقتها الصغرى هي « أمينة» امرأة في الخامسة و الثلاثون و في الحقيقة ليست أمينة نهائيًا، لقد فرطت في شرفها بعد دخول زوجها السجن في قضية القتل الذي اشترك فيها ابن أخيها « آسر»، تلك المرأة هي أيقونة في الجمال بحق سواءً من حيث الملامح أو الجسد الرشيق من عند الخصر و الممتلئ قليلًا من الأرداف، لديها طفل جميل نقي القلب اسمه
« لؤي» في التاسعة من عمره و مُصاب بالبهاق في وجهه و يديه.

آخر من يجلس على الطاولة هي المرأة التي كتب لها القدر العيش في وكر الأفاعي وسط تلك العائلة الشيطانية..« ماجدة» و المرأة الوحيدة المحتشمة فيهم، هي زوجة شقيقهم الراحل منذ عشر سنوات و الذي كان الوحيد الصالح في أشقائه، و منذ ذلك الحين لم تبرح القصر بأوامر من « شكري» معللًا أن أبناء شقيقه لابد و أن يترعرعوا في وسط عائلتهم..
ابنها البكري ذو السمات الطيبة و الوجه البشوش هو « جبريل» شاب في السادسة و العشرون.. جميل الخلق و الخُلق، قُطع لسانه وهو في التاسعة من عمره على يد مختطف أخذه لتهديد عمه شكري، لكنه لم يكره نفسه و رضي بقدره بل و كرس حياته لتعليم الأطفال و الكبار من ذوي الصم و البكم كل ما يعرفه، هو مؤلف قصص قصيرة بوليسية بالفصحى حاز من خلالها على جائزة أفضل كاتب خلال هذا العام، وهو لاعب كرة سلة محترف خاض العديد من المباريات التي انتهت بالفوز لصالح فريقه، وهو من قام بعمل بودكاست مرئي صورة يتحدث فيه بالاشارة و يعطي دروس في التنمية البشرية.. لا يعنيه كل ما يحدث في هذا القصر، هو الآن يجهز للسفر خارج مصر مع والدته و شقيقيه دون اكتشاف شكري للأمر، أما شقيقته الوسطى هي الفاتنة صاحبة الشخصية الحساسة و التي تبكي لأقل الأشياء « ميار»، و بكائها المستمر بسبب زوجها « أحمد» ابن رجل الأعمال الشهير و صديق العائلة « مجدي الرماح» الذي يكبرها بخمسة أعوام أي أنه في التاسعة و العشرون و يعمل برفقة والده في غسيل الأموال.. ابن ماجدة الأخير « مهند» طفل متلازمة داون الجميل و الذي يتعدى عمره العاشرة.

تلك العصابة الكبيرة بالاضافة لـ
« جعفر المصري» ابن عمة شكري و الذي لديه من الأبناء « أنور» قبطان بحري و يساعد والده في تهريب الأسلحة و ما شابه للخارج، يبلغ من العمر ثلاثون عامًا و على علاقة غير شرعية بـ
« أمينة» فهو يعتبر ابن ابن عمتها، ليست فقط علاقة غير شرعية بل خاطئة من البداية، فهي تعتبر بمثابة عمته أو خالته.. جعفر أيضًا لديه ابنة تهوى سباق الخيل بل و تفوز أغلب المرات في السباقات التي تدخلها.. في الرابعة و العشرون من عمرها و تدعى « إسراء» أما عن نقطة ضعفها، فهي شيء غير معقول.

تلك العائلة الشيطانية لديها الكثير من الأعمال الغير مشروعة، أهمها « شبكات الدعارة» التي يستخدمون فيها الفتيات الصغار لبيعهم لامتاع رجال الأعمال من الخليج و أكثرهم من الإمارات مقابل أموال طائلة على الفتاة الواحدة حسب الساعة و حسب نسبة جمالها، و اغلبهم يفضلون الأعمار من ثمانية عشر لاثنان و عشرون.

جلسوا جميعهم على طاولة الغداء بخلاف أصغر الفتيات « إيمان» ابنة شكري و التي تبلغ تسعة عشر عامًا، و أكثر ما يميزها عوضًا عن طباعها المرحة، أنها تمتلك قطعتين مارشيملو في وجهها وليس خدين.. بينما هم يستعدون للغداء، كانت هي بالأعلى في غرفتها ترتدي ملابس الخروج؛ استعدادًا للذهاب لرقص الباليه بعد تناولها الطعام، الأكل هو أهم شيء بالنسبة لها، و برغم ذلك لا يزداد وزنها أبدًا، والله لا أعلم كيف تفعلها.. تأكل بشراهة ولا تسمن !

دلفت عليها « إسراء» تتفحص جسدها بنظراتٍ مريبة مصحوبة بالاشتهاء لها.. لقد جاءت لقضاء بعض الوقت معهم، فهي معتادة على المجيء دائمًا ليس لأجل أحد و إنما لأجل الاستمتاع بالنظر لملامح إيمان وجسدها الرائع، و لا أحد يعرف بذلك ولا حتى المسكينة « إيمي»، الأخيرة تعاملها مثل أختها تمامًا و تخبرها أنها كانت تتمنى أن يكون لديها أخت، فرزقها الله إسراء.

قالت إسراء و عينيها تأكلان جسد إيمان التي تبدل ملابسها أمامها:

" ادربتِ على الفقرة اللي هتقدميها في الباليه؟"

أومأت وهي تعطيها ظهرها و ترتدي حمالة الصدر:

" آه طبعًا، بقالي أسبوع بتدرب عليها "

" طيب ما تقدميها كده قدامي اشوفك كويسة فيها ولا إيه "

ردت هي بابتسامة صافية:

" مليت والله، مرة تانية ابقي احضري معايا التدريبات من أولها "

ثم أضافت بِتذمرٍ:

" سو، ممكن تقفليلي البتاعة دي.. زهقتني "

" بس كده ! من دواعي سروري يا أحلى إيمي"

وقفت وراءها تغلق لها الحمالة، و أغمضت عينيها تتنهد بثقلٍ تتمنى في قلبها لو تختطفها لمكانٍ بعيدٍ يخصهما هما فقط، و أغلقت لها الحمالة مردفة:

" تحبي اسرحلك شعرك ؟ "

" لأ، أنا هربطه كحكة لفوق وخلاص.. يلا بقى ننزل عشان اتأخرنا عليهم، بابي بيتعصب بسرعة "

" بس عمره ما اتعصب عليكِ، ده أنتِ دلوعتنا يا ايمي "
قالتها و اقتربت منها توازيها في السير و تستنشق باخلاصٍ رائحة عطرها الرقيق، أما في الأسفل ساد الصمت على المائدة لدقائق.. جعلت
« آدم و عثمان " في كامل توترهما من نظرات شكري لهما، كأنه يشك في أمرٍ ما.

سألته شقيقته عايدة بفضول:

" في إيه يا شكري، بتبص للعيال كده ليه ؟ "

ضحكت آلاء بسخريةٍ وهي تنظر لهما قائلة:

" أكيد عاملين مصيبة، هما دول بيجي من وراهم حاجة غير المصايب "

رد جابر يرمقهما بتفحص:

" في إيه يا بهوات ؟! "

أجاب آدم وهو يبتلع ريقه بتوتر بخلاف عثمان الذي نسي توتره و بدأ في تناول الطعام بلا مبالاة:

" مفيش حاجة يا عمي، هيكون في إيه يعني! هو بابا معرفش ماله النهاردة، و لا إيه يا عُثمان ؟ "

قالها يستنجد بعثمان، فَرد الأخير في برودٍ:

" كُل يا خالي كُل، إحنا طول عمرنا ماشيين جنب الحيط لا لينا في التنطيط ولا في الزيط، اتغدا يا عمي و روق كده "

" و حيات أمك يا عثمان أنت و الـ * اللي قاعد جنبك ده لو طلع اللي أنا شاكك فيه صح، لأقطع خبرك أنت و هو "

" عندنا أدهم اعلامي منافق، يطلع يزيع الخبر من عنده "

رد بها عثمان بعدم اكتراث، فضحك أدهم قائلًا:

" لأ و أنت اللي فنان محترم، يا جدع ده أنت انطلب منك تعمل دور شيخ، قعدت شهر مكشر و كل اللي يسألك مالك تقوله أصل طالع بدور شيخ ! ده على أساس إن الشيوخ كده أصلًا في الحقيقة ! أنا آه مبحبش الجماعة الملتحيين اللي سايبين دقونهم مدلدلة زي شجرة الموز، بس اللي أنت بتعمله برضو نفاق، محدش فينا بريء يا روح أمك "

" روح أم مين يا عندليب الدقي أنت ! ما تلم نفسك ياض.. لا مؤاخذة يا خالو "

هتفت فاطمة بتلك الجملة، ثم اعتدلت مكانها بأريحية، فأراد أدهم استفزازها.. قال:

" مبقاش غير البط اللي يتكلم، واك واك "

احمرت وجنتيها و نظرت له بغيظٍ، ثم وجهت حديثها لشكري الجالس شارد في عدة أمور:

" قول لأبنك يحترم نفسه يا خالو "

تدخلت آلاء تنهي هذا الجدال، فضربت بقبضتها على المائدة هاتفة:

" ممكن نبطل رغي شوية ؟ أوف من قعدتكم"

وجه آدم حديثه لجبريل الجالس يأكل بجانب والدته و أخوه في أدبٍ و هدوء:

" ما بتتكلمش ليه يا جبريل ! آه صحيح نسيت.. ده أنت أخرس "

قالها و ظل يضحك بشماتة فهو يكرهه و يتعمد قول ذلك دائمًا له، مما تدخل جابر تلك المرة و زجر آدم:

" إحنا على الأكل، لم الدور هو كلمك ! "

" هيكلمني ازاي وهو أخرس "

قالها وظل يضحك بشماتة، مما ربتت ماجدة على كتف جبريل بحزنٍ، بينما هو رمق آدم ببرودٍ و تحدث بالاشارة:

" أنت مش من مقامي عشان أتكلم معاك، أنت تحت و تحت بكتير أوي "

" ما تتكلم يابني قول عاوز إيه "

هتف بها ثانيةً في استفزاز، لتتدخل آلاء بحزمٍ و غضبٍ متوعدة إياه:

" آدم.. كلمة كمان و مش هيحصلك طيب "

" آه دافعي له، ما أنتِ المحامية بتاعته، أنتِ ناسية إنه السبب في الجلطة اللي جات لجدنا، و أهو نايم على سريره أهو ما بيتحركش "

" مش عاوز اسمع ولا كلمة من حد فيكم "

قالها شكري في صرامة، فلزم الجميع الصمت تزامُنًا مع هبوط إيمان و إسراء من الدرج.. حانت نظرة جانبية من جبريل على إيمان، فلاحظته و تبسمت له بعفوية، مما بادلها الابتسامة و أعاد النظر في طبقه وهو يهمس في صدره أنه عليه الاعتراف بحبه الدفين لها.

لم يرتاح بال شكري و نهض بغضبٍ موجهًا لهجته الآمرة لابنه و ابن أخيه قائلًا بهدوء مريب:

" قوموا معايا أنتم الاتنين "

... في بلدٍ آخر، تحديدًا ولاية كاليفورنيا أو الولاية الذهبية كما تُلقب، يقف رجل حسن الهيئة طويل القامة، له عينان خضراوان جميلتان، و وجه مشرق كأنه ابتلع القمر.. يرتدي قبعة بيضاء مثل أهل السُنة تغطي معظم شعره البني الفاتح المختلط بالخصلات الذهبية، يتحدث بثقة زرعها الله في قلبه و بابتسامة صافية تلازم تعبيرات وجهه المريح طوال الوقت.. مسَّد على لحيته الطويلة البنية المُهندمة في حركةٍ عفوية، ثم تحدث بلكنته الإنجليزية:

" لا يزالُ المرءُ بخيرٍ ما دام قلبُه يَستوحش من الذُنوب "
تلك الجملة التي اختتم بها المحاضرة الدينية التي ألقاها على فوجٍ هائل من الناس مختلفة الأجناس و الديانات اللذين جاءوا من مختلف البلدان خصيصًا لمناظرته و الاستماع له، فهو الداعية الاسلامي الأمريكي « لُقمان عبدالله»، رجلٌ في الثالثة و الثلاثون من عمره، أسلم على يد الداعية الدكتور « ذاكر نايك» وهو في العشرون، و مكث يتعلم الدين الاسلامي و يحضر جميع محاضرات الشيخ و الشيوخ الأخر، بالأخص أيضًا الداعية الشيخ
« أبا إسحاق الحويني» رحمه الله.
و عندما وصل لُقمان للثالثة و العشرون كان قد أتم حفظ القرآن و تعلم الفصحى جيدًا، فهو يمتلك مقدرة على الحفظ و الدراسة في وقت قصير، بالإضافة إلى أنه طبيب أسنان ناجح، ثُم انتقل « لُقمان» من حفظ القرآن لدراسته ودراسة العلوم الشرعية و حفظ الأحاديث النبوية جميعها، و عند الرابعة و العشرون..
تفرّغ لكتب الأديان الأخرى، من المسيحية واليهودية والهندوسية والبوذية، وأقوال أصحابها ومنَظّريها، فاستظهرها جميعها، واستخدم نصوصها المتناقضة في إفحام خصومه، وتبيان صحة أحكام الإسلام في المسائل المطروحة، وما لزم ذلك من إتقان لغات عديدة لخدمة أهدافه، و عندما أتم الخامسة و العشرون بدأ بالدعوة الاسلامية على نهج مُعلمه
« الداعية ذاكر نايك» جزاه الله خيرًا.

نهض رجلٌ من الجالسين ليتقدم لمنصة طرح الأسئلة على الداعية «لُقمان» بعد السماح له بذلك من قبل المشرفين و المعدين للمحاضرة، ثُم تحدث في الميكرفون قائلًا:

" أنا مايكل مُعلم و مقيم في دبي، أنا لاديني ولدي شكوك و أسئلة حول كتاب المسلمين ( القرآن) لقد قرأته بالانجليزية كله، و هناك بعض الآيات غير مفهومة و أظن أن القرآن يتناقض في مادة خلق الإنسان، وإنه يعطي معلومات مختلفة من آية لآية.. فمثلًا ذكر عن مادة خلق الإنسان في السور المختلفة ما يأتي: من ماء مهين (المرسلات: 20)، من ماء (الأنبياء: 30)، من نطفة (يس: 77)، من طين (السجدة: 7)، من علق (العلق: 2)، من حمأ مسنون (الحجر: 26)ـ ولم يك شيئًا (مريم: 67)، سؤالي هو دكتور لُقمان.. كيف يكون ذلك كله صحيحًا فى نفس الوقت ؟ "

أومأ لُقمان بابتسامة هادئة يحث الرجل على الحديث، و عندما انتهى.. تحدث لُقمان للجميع و للرجل:

" الأخ غير مسلم و سأل سؤالًا جيدًا..
القرآن غير متناقض على الإطلاق، لكن لكي نوضح ذلك يجب أن ننظر في المنهج العلمي الذي جاء به القرآن الكريم في العديد من الآيات عن خلق الإنسان، وهذا يستلزم بالضرورة جمع هذه الآيات والنظر فيها ككل؛ لتمييز خلق الله آدم -عليه السلام-، وخلق سلالة آدم التي تكاثرت بعد خلق حواء، فالله -سبحانه وتعالى- قد خلق الإنسان الأول (آدم) -عليه السلام- بعد أن لم يكن موجودًا، وهذا يعني أنه أصبح شيئًا بعد أن لم يكن شيئًا موجودًا، وهذا هو معنى الآية: (أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئًا).

أما من حيث مراحل خلق الله سبحانه وتعالى للإنسان فكانت مراحل مرتبة ومختلفة فإن الآيات في القرآن الكريم تعبر عن مراحل مختلفة وتصور تكامل هذه المرحلة، وهذا يعني أنه ليس تناقض بل تكامل. يقول الله سبحانه وتعالى (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب)، حيث بدأ الله خلق آدم بالتراب، ويقول: (الذى أحسن كل شىء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين)، حين أضاف الماء للتراب فأصبح طينًا، وقال تعالى: (فاستفتهم أهم أشد خلقًا أم من خلقنا إنا خلقناهم من طين لازب)، وذلك حين زالت قوة الماء عن الطين فأصبح لازبًا أي جامد.

وهذا ينطبق على باقي المراحل، ففي مرحلة اسوداد الطين وتغير لونه وبشاعة رائحته تكون مرحلة (الحمأ المسنون)، فالحمأ هو الطين الأسود المنتن والمسنون هو المتغير. فيقول الله سبحانه وتعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ (27) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (33) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ (35) سورة الحجر: 26-35، وهذا يعني أن مراحل خلق الإنسان متتالية متتابعة تكاملية ليست متناقضة، وهذا هو السبب في اختلاف المصطلحات على مادة الخلق؛ التراب، الماء، الطين، الحمأ المسنون و الصلصال. "

توسعت عيني الرجل بانبهارٍ و هز رأسه بإيماء يتفهم ما شرحه له لُقمان، فقال بأدبٍ:

" شكرًا لك، لقد فهمت.. شُكرًا جزيلًا "
بينما جميع من بالقاعة أبدو اعجابهم بالإجابة، و المسلمون منهم يرددون التكبير كلما اقتنع واحد من غير المسلمين بما يقوله لُقمان.

أنهى « لقمان» المحاضرة و عاد لمنزله، فقد اشتاق لطفله مُحمَّد صاحب العامين، و زوجته الشقراء الجميلة « آسية» التي اعتنقت الإسلام منذ خمسة أعوام على يده عندما كانت تحضر المحاضرات التي كان يدعو للإسلام من خلالها، و طلبها للزواج من أخيها المسلم و الذي أسلم أيضًا بعد أخته بعام، أما والديهما لا زالا على ديانتهم المسيحية.. بعدما أحس بأن مشاعره المرهفة تتحرك لها، توجه لأخيها و أخبره بالأمر، و تزوجها منذ ثلاث سنوات، و أصبحت خير الزوج له، و لُقمان هو من اسماها «آسية» بعد أن كانت اسمها « إليزابيث»، وجد أن اسم امرأة فرعون لائقًا عليها لشجاعتها و اصرارها على اعتناق الاسلام بالرغم من تهديد والدها المستمر لها و لأخيه.

مع صوت تكة مفتاح باب بيتهما، نهضت سريعًا باشتياقٍ صريح له بعد أن وضعت ابنها النائم بين ذراعيها على فِراشه برفقٍ، و أسرعت باستقبال زوجها و حبيبها و مُعلمها «لُقمان» الذي يكبرها بستة أعوام.

عندما رآها لُقمان مُقبلة عليه تبتسم في سعادة؛ فتح لها ذراعيه بابتسامة مُرحبة بها، فاحتضنته بقوةٍ هامسة بِحُب و شوقٍ:

" اشتقت لك عزيزي، لم أراك منذ يومين، كدت أجن بدونك.. لا أطيق العيش بدونك لُقمان، أنا أُحبك.. أُحبك جدًا "

يعلم أنها تمتلك حس مرهف و مشاعر رومانسية جميلة تفيض منها له، فشدَّد من ضمها له و احتوائها بين ذراعيه، ثُم لثم قُبلة طويلة على شعرها قائلًا:

" يا صبابة صدري أنتِ آسية "
يتبع.......
https://darmsr.com/2025/04/14/%d8%b1%d9%88%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d8%ad%d8%b5%d8%a8-%d8%ac%d9%87%d9%86%d9%85-%d9%83%d8%a7%d9%85%d9%84%d8%a9-%d8%ac%d9%85%d9%8a%d8%b9-%d9%81%d8%b5%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%88%d8%a7%d9%8a%d8%a9/
"يوم فرحي بدلو خطيبتي بواحده معاقه"....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
_وحكايتنا النهارده بتبدأ بمعتز اللي عنده 30 سنه شااب جميل ومؤدب جدا ومن عيله كويسه، وساكن في منطقه شعبيه شويه مع باباه ومامته وعنده اخت متجوزه، وشغال محاسب في شركه كبيره
وفي يوم كان قاااعد بيفطر مع امه وابوه اللب قال بهدوء....
حماده
هي البت اسراااء ما بقيتش تيجي عندنا ليه انا قلقان عليها وبكلمها مره ترد وعشره لا
ردت عليه مراته وقالت
يا اخويا ما هي البت خلاص فاضلها شهرين بالظبط وتولد وفترة الحمل في الوقت ده بتكون صعبه وهي اغلب الوقت نايمه ومش بتقدر تجيلنا..
حماده
خلاص احنا النهاردع نروح نطمن عليها يا تجبيها هي تيجي تقعد معانا هنا طول فترة الحمل بتاعها، وربنا يقومهالنا بألف سلامه
وفاء
ياارب يا اخويا وعقبال اللي في بالي..
رد عليها معتز وقال
خير يا ست الكل عايزاني احمل واخلف انا كمان ولا ايه؟..
ضحك حماده ووفاء قالت
لا تتجوز وبنات عيلتنا ما فيش لا احلي ولا اجمل منهم وشاور علي اللي انت عايزها واحنا نخطلهالك واهي شقتك جاهزه فووق، ايه بقي اللي مخليك رافض.
معتز
مش فاضي يا ماما انتي شايفه يدوب اتخرجت من الجامعه فضلت ادور علي شغل واساعد بابا في جهاز اسراء واهو لسه متوظف جديد في الشركه وبحاول اثبت نفسي فيها يعني ما فيش دماغ افكر في الجواز....
وفاء
لا يا حبيبي فضيلي دماغك وفكر فيه وانا اصلا جيبالك حتت عروسه انما ايه زي القمر..
حماده
ودي شوفتيها فين دي يا وفاااء ده انتي ما بتكلعيش من البيت..
وفاء
ما شوفتهاش سمعت عنها بنت ابن خالي سعيد، اللي في اليوم البنت الكل بيخلف بأخلاقها هي واخواتها، وانا بقالي فتره كده بتواصل مع امها من يوم فرح بنت اختي سعاد..
معتز
طيب بعيد عن الكلام ده يا ماما لو انتي شايفه انها مناسبه استني ليوم الاجازه بتاعتي ونروح نتقدم..
فرحت وفاء وقالت
بجد. والنبي يا معتز يعني انت موافق اكلمهم واحدد معاد اننا نروحلهم
معتز ابتسم وقال
والله بتكلم جد يا ست الكل هو انا يعني اقدؤ ارفضلك طلب، صباحكم زي الفل بعد اذنكم..
_قال كلامه ومشي وفعلا امه اخدت معاد من اهل العروسه وبالليل كانو كلهم عند اسراء اللي قالت..
اسراء
بس يا ماما بيت الاستاذ سعيد. محبكينها شويه، يعني بناته دول انا عمري ما شوفتهم هو علي كول قاافل عليهم لا بيزورو قرايبهم ولا بنشوفهم في اي مناسبه
حماده
هو الراجل دقه قديمه شويه بس في حاله ومش عيب ان الواحد يبقي غيور علي اهل بيته وبناته يا اسراء، بس احنا نروح ونتقدم واللي فيه الخير يقدمه ربنا
وفاء
وانت ايه رئيك في الموضوع ده يا هشام انت برضو مننا وتلينا ويهمني رئيك يا جوز بنتي..
هشام
والله يا طنط كلامك فوق راسي وعلي ما سمعت منكم علي الناس يبقي غلي بركة الله ومش فاضل غير ان العروسه يعجبها معتز ومش هيبقي نااقص حاجه خالص.
معتز
لا هعجب علي فكره هو انا اي حد ده انا البنات بتموت فيا يا ابني بس انا ما بحبش اقول عشان الحسد..
ضحكو كلهم ودخل خالد اخو هشام وقال
طيب اقفلو باب الشقه قاعدين وسايبين الباب مفتوح.
اسراء
انا اللي سيبتهولك يا خالد لما قالي هشام انك طالع هو انا لسه هقوم افتح الباب..
هشام
تعالي يا عم شوف معتز هيخطب قريب يوم الخميس ان شاء الله وربنا يمنع الموانع هيقرا فاتحه، ياريت بقي تغير منه وتفىحنا بيك انت كمان..
بص خالد لمعتز بغيظ وقال
طيب يا عم ده واحد لقي وظيفه وشقته جاهزه حقه يتجوز انمت انا يا حرام لسه بسعي عشان الاقي شغل.
وفاء
ربنا يكرمك يا ابني بكره تلاقي شغل انت كمان وما حدش هينقيلك عروستك غيري..
_ وفضلو كلهم قاعدين وجه يوم الخميس وسافر معتز وامه وابوه لبيت سعيد عشان يخطبو بنته وقالت ام العروسه بفرحه كبيره..
فايزه
ده احنا بيتنا النهارده وكأنه عيد بزيارتكم دي يا عم حماده انت والست وفاء والاستاذ معتز..
حماده
منور بصحااابه يا بنتي فين بقي العروسه عايزين نشوفها بقي ونتعرف عليها..
بص سعيد لمراته وقال
قومي يا ام نيره اندهي العروسه..
قامت فايزه ومعتز قال لامه بصوت واطي
هي العروسه اسمها نيره ولا اسمها ايه يا ماما انو نسيت اسالك علي اسمها؟..
وفاء
ايوه يا حبيبي اسمها نيره، وبسم اللت ما شاء الله ايه الحلاوه دي...
بص معتز لنيره اللي طلعت من اوضتها وكانت بنت جميله جدا ابتسم وقال..
معتز
ده يا بسم الله ما شاء الله فعلا.. تسلمي يا ماما انا دلوقتي اتأكدت انك بتحبيني..
_وسلمت عليهم نيره وقعدت هي ومعتز لوحدهم في البلكونه وهو قالها..
معتز
انتي خريجة كلية ايه يا نيره؟..
بصتله نيره بتوتر وقالت
انا واخده ثانويه ازهريه بس بابا رفض اننا نكمل تعليمنا..
معتز
هو انتي عندك اخوات؟..
نيره بقلق
اا ايوه عندي اختي التوأم ني.. قصدي مني اسمها مني..
معتز
ربنا يخليهالكم وشبهك هي بقي كده حلوه ولا لو؟..
بصتله نيره بنظره مش مفهومه وقالت
لا هي احلي مني بكتير بعني انا عينيا سودا هي عيونها خضرا انا سمرا شويه هي ابيض مني بكتير واقصر مني بشويه بس احنا فينا من ملامح بعض اووي.
معتز
انتي كمان جميله اووي يا نيره وشكلك طيبه زبنت حلال..
نيره بتوتر
هو انت عارف شروط. بابا يا استاذ معتز؟..
معتز
اولا كده احنا نشيل الالقاب لان ربنا يتمم بخير هنبقي مخطوبين وما فيش واحده تقول لخطيلهت يا استاذ ده اولا، ثانياً بقي انا ما اعرفش هي ايه شروط ابوكي ممكن اخد. منك خلفيه عنها لو ما عندكيش مشكله؟
نيره
هو متشدد شويه يعني مش هتشوفني تاني غير بوم كتب الكتااب والفرح وكمان مكالمات الفون هتبقي قليله وفترة الخطوبه كمان، انت من حقك ترفض عادي..
معتز
لا انا هوافق وهوافق علي اي حاجه مش هضيع من ايدي بنت بالجمال ده كله يا نيره..
بصت نيره للارض بتزتى وحزن وهو قال
انا هطلع بقي اقعد معاهم بقي وياريت انتي كمان تقعدي معانا عشان الله واعلم بقي هقدر اشوفك تاني امتي..
_قال كلامه وطلع قعد مع اهله وهي كمان اللي كانت طول ما هما قاعدين شكلها مدايق جداً، وفعلا اتفقو ان الفرح بعد تلات شهور من دلوقتي ورجع معتز مع اهله وهو مبسوط بعد ما اخد. رقم. نيره..
ـ وتاني يوم كان معتز في الشغل بتاعه وجه وقت البريك بتاعه ورااح قعد علي جنب وكلم نيره اللي ردت عليه وقالت
نيره
الو
معتز
ازيك يا نيره عامله ايه ؟
نيره
الحمد لله كويسه
معتز
بس كده اومال فين ازيك انت عامل ايه ، ده انا حتي استنيت امبارح تكلميني تطمني عليا وصلت ولا لا
نيره
ما بابا كلم عم حماده واطمن عليكم امبارح
معتز
طيب وانا ما انا برضو عايز احس اني مهم عنكم زي عم حماده كده ، ولا هو عم ماده غالي والباقي لا
نيره
طيب انت عامل ايه ؟
ضحك معتز وقال
كده يعني بقيت مهم علي العموم انا كويس وحاليا في شغلي وفي وقت البريك قولت اكلمك واطمن عليكي
نيره
فيك الخير والله انا هقفل بقي عشان ماما بتنده عليا
ـ وقفلت معاه وهو فكرها خجوله زياااده شويه ، وعدي شهر في التاني وكانت نيره بتتكلم مع معتز كل كام يوم شويه ، وفي يوم امه قالتله
وفاء
انا جهزتلك زياره حلوه يا حبيبي عشان تروح تزور خطيبتك انا اخدت الاذن من ابوها وهما في انتظارك
معتز
مااشي يا ماما بس مش انتو هتيجو معايا برضو ما ينفعش اروح لوحدي
حماده
لا هما فهمو الوضع الي احنا فيه عشان اسراء اختك اللي ولدت ، روح انت يا ابني وخد راحتك مع خطيبتك واهلها دول نسايبك انت وانت بعد كده اللي تخصهم مش احنا
ـ سمع معتز كلامهم ورااح تاني يوم لبيت سعيد ، واول ما نزل من العربيه شاف بنت حلوه جدا واقفه في البلكونه بتاعت بيت الحج سعيد ، فكرها في الاول نيره بس كانت اجمل منها وافتكر اختها التوأم وهي اول ما شافته باصص عليها دخلت بسرعه ، وهو دخل البيت وقعد مع سعيد ونيره ومامتها
سعيد
وانت بقي جهزت شقتك يا ابني ولا لسه فاضل فيها حاجه
معتز
انا اصلا كانت شقتي جاهزه من الاول يا عمي ، يدوب كان نقصها شوية تشطيباات والحمد لله خلصتها
سعيد
طيب وايه رئيك لو نقدم معاد الفرح يعني يبقي بعد 10 اياام واحنا اصلا جاهزين ومجهزين بنتنا من كل حااجه
بص معتز لنيره وقال
والله انا ما عنديش مشكله يا عمي ده انا اتمني النهارده قبل بكره
ـ قال كلامه واتفق معاهم فعلا ان الفرح بعد 10 ايااام ، ورجع تاني القاهره وهو مبسوط وقال لاهله علي اللي حصل وكلهم وافقو ، وفي يوم كان قاعد مع صاحبه علي القهوه اللي قاله
علي
يا ابني هما اهل خطيبتك دول طبيعين يعني عادي كده يخلوك تكلمها في الموبيل بس ما يجوش حتي يشوفو الشقه ولا يخلووك انت تروحلهم كتير ليه يعني كده
معتز
وفيها ايه علي ما يبقاااش ضميرك اسود كده ،الناس محترمين ودي عاداتهم وتقاليدهم
علي
علي بقي ما تبقااش في شروط لما تبقي البنت مراتك ولا هتروح تستأذن اهلها وتقولهم عايز امسك ايد مراااتي ههههههه
معتز
ايه يلا الهزار الرخم ده تصدق انا غلطاان اني بتكلم معاك اما نشوفك يا خفيف لما هتخطب هتعمل ايه
علي
بس اخطب واتجوز وانتو مش هتشوفو وشي علي القهوه هنا تاني
ـ ضحكو هما الاتنين وعدت الايم وجه معاد الفرح اللي ابو العروسه صمم انهم يعملوه في القاهره ، وكمان رفض ان يتعمل فرح كبير ولا حتي اغاني وكانت قعده بين العيلتين ويس ما فيش اي حد غريب ، واستغرب معتز ان نيره كانت حاطه طرحه علي وشها بطريقه شيك ، وخلص الفرح واخدها وطلعو شقتهم واول ما دخلو معتز قال بحماااس ولهفه
معتز
واخيرا بقي يا حبيبتي بقينا لوحدنا، انا لما اتكتب الكتاب وانازاصلا عايز اقولهم بالسلامه انتو سيبوني مع مراتي..
وقرب منها وقال
وتعرفي احلي حاجه انك ما كنتيش قاعده بوشك في الفرح عشان ما حدش يشوف جمالك غيري انا..
_ورفع الطرحه من علي وشها واتصدم اول ما لقاها مش خطيبته وانها نفس البنت اللي شافها قبل كده في البلكونه بتاعت بيت سعيد..
معتز
انتي مين وازاي انتي مكان نيره؟..
ردت عليه بخوف وقالت
انا ميره وماما قالتلي ما اتكلمش لحد ما انت تكلمني..
معتز
ماما مين وزفت مبن انتي مين اصلا وفين نيره؟
ردت عليه بخوف
اا انا نيره العروسه بتاعت معتز..
معتز بعدم فهم
ايه ده بقي اومال اللي انا شوفتها هنااك مين دي؟..
نيره
مش عارفه هناك فين، ايه اكل انا جعاانه اووي..
_وراحت قعدت علي السفره وفضلت تاكل زي الاطفال ومعتز كان هيتجنن وهو مش فااهم حااجه اصلا.. ومسك موبيله وكلم باباه وقاله.
معتز
ايوه. يا بابا لو سمحت هات مانا واطلعو بسرعه من غير ما حد. ياخد. باله انا في مصيبه هنا..
حماده بقلق
مصيبة ايه كفا الله الشر يا ابني..
معتز
اطلع يا بابا بس دلوقتي وهتفهم كل حااجه بس بسرعه..
_قفل مع باباه وقعد قدام نيره اللي بتاكل وبوظت هدومها وقال..
معتز
انتي اسمك. نيره صح؟..
بصتله بهدوء وقالت
ايوه اسمي نيره سعيد محمد..
معتز
عندك. اخت توأم. مش كده؟..
نيره
ايوه عندي اخت انا وهي توأم وشبه بعض اسمها مني..
معتز
مني اممم لا واضح. بقي اني اتضحك عليا..
وجه باباه ومامته اللي اتصدمو زيه ووفاء قالت
طيب والعنل البنت شكلها مش طبيعيه خالص..
ردت عليها نيره بخوف وقالت
لا انا كويسه يا طنط بس انا ماما بتقولي ان عندي تأخر ذهني وهبقي كويسه بعدين..
معتز بحده
اتفضلو بقي انا اتغفل واتجوز واحده معااقه ده انا هوديهم في ستين داهيه...
حماده
استني طيب وانا هكلمهم واخليهم يرجعو وانا اقول ازاي ما استنوش يطمنو علي بنتهم ومشيو علي طول..
وكلم فعلا حمااده سعيد اللي رد عليه وقاله
خير يا حج حماده؟..
حماده
معلش يا سعيد يا اخويا ارجع انت والجماعه في حاجه غلط حصلت، ابني بيدخل علي عروسته لقاها واحده تانيه..
سعيد
لا تانيه ولا تالته اللي عندكم دي نيره اللب هو جه وشافها وكتب عليها..
.
حماده
يا حج سعيد ازاي يعني اللي شافها انا ابني شااف واحده تانيه غير اللي عندنا هنا، واللي هنا دي ما تنفعش لجواز وانت اكيد فاهمني.
معتز بحده
يا بابا انت لسه بتتكلم معاه قوله يجي ياخد بنته االي غفلني وجوزهالي، انا كنت شايف واحده تانيه علي انها خطيبتي وهتجوزها انما هيلبسني في بنته المعاقه ده مش هسكت عليه ابدا وهطلقها دلوقتي حالا وهو يجي ياخدها..
سعيد سمع كلام معتز وقال
اسمع يا حما بنتي انتو جيتو شوفتو البنت ورضيتو بيها وابنك كتب عليها واتجوزها عايز يطلقها يبقي يبدفع المؤخر اللي هو مااضي عليه اتنبن مليون جينيه، انما هيعقل بقي ويكمل معاها هنفضل نسايب وحبايب ولو هيطلقها يبقي يجيبها معززه مكرمه لحد عندي.
_قال كلامه وقفل في وشهم وحماده بص لنيره اللي كانت زي الطفله وخايفه منهم وقال..
_يتبع...
https://darmsr.com/2025/04/14/%d8%b1%d9%88%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d9%88%d8%b3%d9%87-%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%a7%d9%85%d8%b6%d9%87-%d9%83%d8%a7%d9%85%d9%84%d8%a9-%d8%ac%d9%85%d9%8a%d8%b9-%d9%81%d8%b5%d9%88%d9%84/
كنت في المستشفى بعمل تحاليل، والدنيا كانت زحمة جدًا بالمستشفى اليوم دا ..
لقيت كرسي فاضي ، قعدت عليه وكنت تعبانه وكان في ست كبيرة في السن قاعدة على الكرسي الأسود اللى جنبي علطول ، وقالتلي ببرود وهى بتبصلي جامد بعيونها اللى باين جدا أن فيها حاجة غلط او عندها مرض مش عارفة لأن شكل عيونها كان غريب اووى قالتلي :
"أخدتي رقم يا بنتي ولا نسيتي تاخدى دور وسرحتي زى ؟"

قلتلها وانا ببتسم "أه أخدت رقم يا امي متقلقيش ."

قالتلي ببرود أكبر وهي بتبص عليا :
" وهقلق ليه اصل أنا كمان أخدت رقم زيك بالظبط، لكن بعد ما دوري راح من غير فايدة يا بنتى ، أصلي نمت وعيوني غفلت وما حسيتش بحاجة وما أخدت بالي خالص من حاجة ولا الدور اللي عدى بسرعة
وفضلت مركزه في عيونى وهي بتضغط على حروف كلماتها وبتقولى اوعي تنامي وتسرحي عن دورك زى ما حصل معايا وبعدها سكتت مرة واحدة ."

ضحكت بتوتر من كلامها ونظراتها الغريبة وقلتلها بصوت واطى اصلها كانت غريبة اووى وعيونها مرعبه :
"لا إن شاء الله هاخد بالي ، هو الدور قرب خلاص يا حاجة."

سألتها بتوتر : "إنتِ كويسة يا حاجة معاك حد هنا ؟"

ضحكت وقالتلي : "في أحسن حال متقلقيش عليا اقلقي على نفسك انتى بس وابتسمت وهي بتبصلي اووى ."

بعدها الممرضة نادت على دوري، دخلت المعمل وسحبوا عينة الدم وخرجت بعدها بخمس دقايق و الست كانت لسه قاعدة على الكرسي، لكن كان في طفل صغير واقف قدامها على مسافة صغيرة و بيضحك ويمد إيده لها بحاجة حلوة وهى بتضحك .
قربت منها وكنت بضحك للطفل الصغير، وحطيت ادي على راسه وقلتلها:
"إنتِ لسه مدخلتش ليه لغاية دلوقتي يا حاجة إنتِ كنت قبلي، بس هي ما مردتش عليّ خالص ومعبرتنيش."

قلتلها وانا ببص لعيونها الغريبة وفي حاجة جوايا بتقولى في حاجة غلط
_ "خلي بالك من نفسك يا أمي." ومشيت علشان كنت مستعجلة وانا بضحك لها بس شكلها كان مشغول مع الطفل الصغير

فجأة، سمعت واحدة بتنادي عليّ: "استني لو سمحت!"

لفيت لقيتها واحدة في التلاتينات لابسه اسود في اسود ، شايلة ابنها الصغير، نفس الولد اللي كان واقف قدام الست العجوز الغريب إن عيون الطفل كانت غريبة بردوا شويه
قالتلي بتوتر وصوت مبحوح
-"لو سمحت، كنتِ بتكلمي مين؟"

بصيتلها بتعجب وقلتلها بتوتر "مكنتش بكلم حد، أنا مستنية الأسانسير بس علشان انزل في حاجة ."

قالتلي بسرعه وعيون قلقانه
"لا لا، هناك كنت بتكلمي مين بالله عليك قوليلي ..
وشاورت على مكان الست العجوزة لكن مكانتش موجودة شكلها دخلت تحلل ..

قولتلها "أه، كنت بتكلم مع ست كبيرة في السن كانت قاعدة هناك وكانت بتلعب مع ابنك

بصّت لي بتعجب ورعب وقالتلي بس مكانش في حد موجود هنا خالص."

قولتلها بتعجب لا لا كان في ست كبيرة قاعدة هنا من شويه شكلها غريب شوي وعيونها غريبة بس شكلها دخلت تحلل ودورها جه."

قالتلي وهي مرعوبه
عيونها غريبة والله العظيم، ما كان في حد قاعد خالص، الكرسي اصلا دا مكسور ومحدش بيقعد عليه تعالي واوريكي."
قولتلها يا ستى انا مش فاضيه ورايحه اجيب ابنى من المدرسة سبينى ارجوك
بس هى اتحايلت عليا وقالتلي ارجوك دا يدوب ثواني بس ارجوك

روحت معاها لانها صعبت عليها ، وفجأة لقيت الكرسي الأسود فعلا مكسور ومينفعش حد يقعد عليه أو هيقع

ما عرفتش أقول لها إيه، غير إنّي هزيت راسي وقلت لها: "عادي عادى "، ومشيت.

لكن هي وقفتني تاني وهى بتمسك ذراعي وقالتلي :
"استني بس ارجوك هي الست دي كان شكلها إيه وعيونها كانت شكلها ايه؟"

قلتلها بتوتر وبدأت احس ان في حاجة غلط
- عادى يعنى ست كبيرة وقولتلها مواصفتها وعيونها شكلها تعبانه ولابسه ايه كانت لابسه عبايه قطيفة بنى "، وهنا الست ابتدت تعيط جامد

قالتلي من بين دموعها
طب قوليلي ارجوك هي عيونها زى عيون ابنى وشاورت على الطفل وفعلا نفس العيون وغالبا المرض بس هزيت راسي من غير ما ارد عليها وهي كملت كلامها وقالت بدموع وهي بتبصلي اووى
- أنا أمي ماتت من شهرين هنا في المستشفى، والنهاردة جيت أحلل وابني عمال يقول تيتا تيتا، ويمد إيده ناحية الكرسي الاسود المكسور . ولما لقيتكِ بتكلمي نفسك، قولت يبقى في حاجة. غريبة فعلا وابنى شايف حاجة "

بصت لي وعيونها مدمعة وقالتلي برجاء "هي كانت كويسة ولا زعلانه مني؟"

قلتلها بببرود :
"كويسة؟ متقلقيش وخلى بالك من نفسك انت ، واقرأيلها الفاتحة." وابتسمت لها ومشيت.

لكن قالتلي بتوتر :
"إزاي أنتِ شوفتيها إنتِ وابني وأنا لا معقول مش عاوزة تسامحنى لغاية دلوقتى على اللي عملته يومها؟"

مكنتش عارفة أرد عليها، غير إنّي قلت ببرود ولامبالاه
"مش عارفة ممكن تسأليها او هبقى اسالها لو شوفتها تاني "، ومشيت بسرعة ونزلت على السلم علشان أخلص من تساؤلاتها الكتير وأنا بهز راسي..
معرفش ليه قولتلها كدة وردت ببرود عليها واحرجتها وانا مبحبش أحرج حد خالص
هو أنا فعلاً شفت واتكلمت مع الست العجوزة دى بجد
وليه كلمتنى وكانت عاوزة مني ايه يا ترى وكلماتها معايا تقصد بها ايه يا ترى؟
مش عارفة مش عارفة ..
لكن اللي حصل بعد كده معايا كان غريب ومرعب...
هو انا ليه قولتلها انى هسالها لما اشوفها تاني ليه ليه ..؟
وليه كنت واثقه اووى كدة انى هشوفها تاني مش عارفه واللى مدايقني انى احرجتها ببرودى ليه عملت كدة
طيب هو انا السبب انها ظهرتلي تاني...
هو احنا اللي بنجذب الشر لينا بتصرفتنا ؟

يتبع................
https://darmsr.com/2025/04/14/%d8%b1%d9%88%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%b1%d8%b3%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b3%d9%88%d8%af-%d9%83%d8%a7%d9%85%d9%84%d8%a9-%d8%ac%d9%85%d9%8a%d8%b9-%d9%81%d8%b5%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84/