حاول جهدك أن تكسب في يومك ما ذكره الإمام الذهبي رحمه الله وتحافظ عليه ما أبقى الله روحك في جسدك، وتأمل وصفه الأخير:
" لشغل عظيم جسيم، ولمقام أصحاب اليمين، وأولياء الله المتقين ".

وأما مروءةُ التّرك: فكتركِ الخِصام والمُعاتبة والمُطالبة والمُماراة، والإغضاء عن عيبِ ما تأخذهُ من حَقك، وتركُ الاستقصاءِ في طَلبه، والتغافلُ عن عَثراتِ النّاس، وإشعارهُم أنّكَ لا تعلمُ لأحدٍ مِنهم عَثرة، والتّوقيرُ للكَبير، وحِفظُ حُرمةِ النّظير، ورعايةُ أدبِ الصّغير.

- ابنُ القَيّم رحمهُ الله.

تذكير 🛋:

عن ابن عمر: أن عمر -رضي الله عنه- حين قدم الشام، قال لأبي عبيدة -رضي الله عنه- اذهب بنا إلى منزلك.

قال أبو عبيدة: وما تصنع عندي؟ ما تريد إلا أن تعصر عينيك علي -أي تبكي عليّ- .

قال: فدخل -عمر- فلم ير شيئا -في بيته-، قال: أين متاعك؟ لا أرى إلا لبدا -بساط من صوف- وصحفة -صحن-، وشِنًا -قربة ماء- ، وأنت أمير، أعندك طعام؟

فقام أبو عبيدة إلى جونة -سلة- ، فأخذ منها كُسيرات، فبكى عمر، فقال له أبو عبيدة: قد قلت لك: إنك ستعصر عينيك علي يا أمير المؤمنين، يكفيك ما يبلغك المقيل -أي النوم-.

قال عمر: غيرتنا الدنيا كلنا، غيرك يا أبا عبيدة.

- سير أعلام النبلاء (1/17)

«إن العبد قد تنزل به النازلة فيكون مقصوده طلب حاجته وتفريج كرباته، فيسعى في ذلك بالسؤال والتضرع -وإن كان ذلك من العبادة والطاعة- ثم الدعاء والتضرع يفتح له من أبواب الإيمان بالله ومعرفته ومحبته والتنعم بذكره ودعائه ما يكون هو أحب إليه وأعظم قدرا عنده من تلك الحاجة.»

‏- ابن تيمية رحمه الله.

وكما أنّ من نهى نفسه عن الهوى كانت الجنَّة مأواه، فكذا يكون قلبُه في هذه الدّار في جنّةٍ عاجلةٍ لا يُشبه نعيمَ أهلها نعيمٌ البتّة، بل التّفاوت الذي بين النّعيمين، كالتّفاوت الذي بين نعيم الدّنيا والآخرة.

ابن قيّم الجوزيّة.