* سماحة الشيخ… لكم كلام خلاصته أنّكم بحثتم عن كتاب أبي مخنف لمدّة عشرين سنة حتى وصلتم إلى نتيجة مقبولية هذا الكتاب وتوثيق الرجل، وهذا يستدعي أن نقف هنا بهذا التساؤل وهو: توجد فوضى في قراءة التاريخ فبين من يستعجل في الإثبات، وآخر يستعجل بالنفي وكلٌّ يدعي التحقيق، ومنهم من يعتمد القرائن ومنهم التحليل ومنهم من يمزج بين القرائن والتحليل… هناك من الخطباء من يضيعون في هذه الفوضى وكذا الناس هل يستمعون إلى كلّ ما يلقيه الخطيب أم يعملون العقل في حال المصيبة، هل يكذّبون الخطيب والشاعر ومن يعتمدان عليه أم يكذّبون من المخالفين من المحققين أو من يدّعي التحقيق. فهل يبكي الناس على حضور ليلى وما يلقى فيها من أشعار أم زفاف القاسم وما فيه من أحداث.. وغير ذلك. فما هو تعليقكم للمحققين ومن يدعي التحقيق والخطباء والناس.
المرحوم الدكتور الشيخ محمد الصادقي الطهراني الإصفهاني الأصل كان في النجف الأشرف وبالتحديد في مسجد الشيخ الأنصاري وعلى المنبر قال مستطرفاً عن هؤلاء هناك من يدّعي التحقيق وأنّه يقول إن السبب في أن القرآن ابتدأ بالباء في البسملة وختم بالسين في الناس هو مفسَّر بأنّ القرآن يريد أن يقول أنّ هذا الكتاب بس للناس. فكان الشيخ يعلّق على هذا فيقول بأنّ هذا ليس تحقيقاً بل هو يحقيق. فكثير من هذه الأمور في الواقع هي يحقيقات وليست تحقيقات.
* وهذا له نظير في قضية الحسين”علیه السلام” وهو خروج بعض المحققين بأمثال هذه النتائج الساذجة حيث قال بأنّ عابس قد جنّ حقيقة مستدلاً ببعض الشواهد منها قول عابس حبّ الحسين أجنني.
نعم أشرتم إلى قصّة عابس فهذا ليس مذكوراً في المقاتل المعتبرة بل هو شائع في المجالس والمقاتل المتأخرة. وللأسف بعض هذه المقاتل كانت تجري على قانون العرض والطلب فلمّا كثر الطلب على أخبار مقتل الإمام الحسين”علیه السلام” كثر العرض بطبيعة الحال، وفي تكثير العرض كان أوّل الخطر قد كمن في التكثير من غير المحقق، وقد كان هذا من أوائل القرن العاشر الهجري، أي: بعد إعلان أنّ المذهب الشيعي الجعفري الاثني عشري هو المذهب الرسمي في إيران وإقامة هذه المجالس ووصل الأمر إلى السعي إلى كتابة المقاتل المعتبرة وأذكر من باب المثال المقتل الذي كتبه المرحوم الحاج فرهاد ميرزا القاجاري[12] وهو بعنوان (القمقام الزخّار والصمصام البتّار)[13]
وهذا الكتاب وإن كان اسمه عربيّاً إلا أنّه كتاب ملمّع[14] -كما يعبّرون- ويشير في هذا العنوان إلى ما ذكره في مقدّمة هذا الكتاب أنّه كان مكلّفاً بحضور المجالس الحسينية وبدعمها دعماً مادّياً ولمقامه كان لحضوره يحضر بعض علماء السنة في هذه المجالس إلا أن بعض من يصعد المنبر آنذاك لم يكن موفقاً في ما ينقل من أحداث بشأن واقعة الطف فكان بعض علماء السنّة يستنكرون عليه بأنّ هذه المجالس التي تحظى بهذا الاهتمام من الشيعة يطرح فيها هذا النوع من الطرح البسيط غير المنتقى! فتحدّث الحاج مع أحد الخطباء مستنكراً مما ينقل على المنبر، فأجابه بأنّ الطلب كبير ولا توجد مادّة محققة معتبره يمكن الرجوع إليها والاعتماد عليها.. وعندها عزم على كتابة مقتل منتقى ومعتمد وفيه لحاظ مصادر العامّة إذا ما تفرّغ لذلك وهذا ما حصل فكتب هذا المقتل. وعرّب هذا الكتاب مؤخّراً بنفس العنوان ونشر من قبل منشورات الشريف الرضي.
وهذا أيضاً من الكتب المعتبرة ويمكن إضافته إلى ما ذكرنا؛ ومن ميزات هذا الكتاب اعتماده على سبعين مصدراً من المصادر المعتبرة في الرجال والتاريخ من المصادر المقبولة عند عامّة المسلمين كتاريخ الطبري وما شاكل.
ومن هذا اتضح -ضمناً- الجواب على السؤال المطروح، فعدد من القرّاء لا يكتفون بالأقلّ المعتبر فيحاول التجديد والتوسعة فقد يضطر إلى ما لا ينبغي. وقد نقل لي أحدهم أنّ كاتباً قد كَتَب عَشر صفحات فيها تفصيلٌ لأحداث عرس القاسم والحال أنّ هذه لا مصدر لها إلا بخار المعدة.
وبالمناسبة أقول: إنّ المحقق القمي إذا أراد أن يذكر مثالاً للتفاوت بين كتابه نفس المهموم ومنتهى الآمال فإنّه يذكر عرس القاسم… قال: أنا سابقاً كنت أحتمل ولو احتمالاً بسيطاً بأن يكون عرس القاسم صحيحاً ولو على نحو الإجمال بدون كلّ التفاصيل، أي أنّي لم أكن مطمئنّاً بالكذب، إلا أنّي أراه كذباً بعد هذه المدّة من التحقيق فلا أرى شرعية نقله. نعم من احتمل الصدق جاز له النقل.
والمرحوم الحاج ميرزا حسين النوري يذكر في أوّل كتابه (اللؤلؤ والمرجان في أحكام المنبريان)[15] شرطين أساسيين للخطباء هما: الإخلاص والصدق. ويأتي في شرط الصدق على مسألة لسان الحال فناقش جوازه من عدمه وإذا كان جائزاً هل لجوازه شرائط أو لا.. فانتهى إلى الجواز وأنّ من جملة شرائطه أن يكون معلوماً أنّه لسان الحال، فإذا كان شعراً فهذا لا شك في وضوحه؛ لأنّ الشاعر لا يتمكّن من نقل النّص المعتبر وإذا أضاف بعض الأمور فلا ضير فيها لأنّها تلامس وظيفة الشاعر الذي لم يكن شاعراً إلا بهذا الشعور الذي يصبّه في هذه القوالب الشعرية فشعور الشاعر هو بالوصف
المرحوم الدكتور الشيخ محمد الصادقي الطهراني الإصفهاني الأصل كان في النجف الأشرف وبالتحديد في مسجد الشيخ الأنصاري وعلى المنبر قال مستطرفاً عن هؤلاء هناك من يدّعي التحقيق وأنّه يقول إن السبب في أن القرآن ابتدأ بالباء في البسملة وختم بالسين في الناس هو مفسَّر بأنّ القرآن يريد أن يقول أنّ هذا الكتاب بس للناس. فكان الشيخ يعلّق على هذا فيقول بأنّ هذا ليس تحقيقاً بل هو يحقيق. فكثير من هذه الأمور في الواقع هي يحقيقات وليست تحقيقات.
* وهذا له نظير في قضية الحسين”علیه السلام” وهو خروج بعض المحققين بأمثال هذه النتائج الساذجة حيث قال بأنّ عابس قد جنّ حقيقة مستدلاً ببعض الشواهد منها قول عابس حبّ الحسين أجنني.
نعم أشرتم إلى قصّة عابس فهذا ليس مذكوراً في المقاتل المعتبرة بل هو شائع في المجالس والمقاتل المتأخرة. وللأسف بعض هذه المقاتل كانت تجري على قانون العرض والطلب فلمّا كثر الطلب على أخبار مقتل الإمام الحسين”علیه السلام” كثر العرض بطبيعة الحال، وفي تكثير العرض كان أوّل الخطر قد كمن في التكثير من غير المحقق، وقد كان هذا من أوائل القرن العاشر الهجري، أي: بعد إعلان أنّ المذهب الشيعي الجعفري الاثني عشري هو المذهب الرسمي في إيران وإقامة هذه المجالس ووصل الأمر إلى السعي إلى كتابة المقاتل المعتبرة وأذكر من باب المثال المقتل الذي كتبه المرحوم الحاج فرهاد ميرزا القاجاري[12] وهو بعنوان (القمقام الزخّار والصمصام البتّار)[13]
وهذا الكتاب وإن كان اسمه عربيّاً إلا أنّه كتاب ملمّع[14] -كما يعبّرون- ويشير في هذا العنوان إلى ما ذكره في مقدّمة هذا الكتاب أنّه كان مكلّفاً بحضور المجالس الحسينية وبدعمها دعماً مادّياً ولمقامه كان لحضوره يحضر بعض علماء السنة في هذه المجالس إلا أن بعض من يصعد المنبر آنذاك لم يكن موفقاً في ما ينقل من أحداث بشأن واقعة الطف فكان بعض علماء السنّة يستنكرون عليه بأنّ هذه المجالس التي تحظى بهذا الاهتمام من الشيعة يطرح فيها هذا النوع من الطرح البسيط غير المنتقى! فتحدّث الحاج مع أحد الخطباء مستنكراً مما ينقل على المنبر، فأجابه بأنّ الطلب كبير ولا توجد مادّة محققة معتبره يمكن الرجوع إليها والاعتماد عليها.. وعندها عزم على كتابة مقتل منتقى ومعتمد وفيه لحاظ مصادر العامّة إذا ما تفرّغ لذلك وهذا ما حصل فكتب هذا المقتل. وعرّب هذا الكتاب مؤخّراً بنفس العنوان ونشر من قبل منشورات الشريف الرضي.
وهذا أيضاً من الكتب المعتبرة ويمكن إضافته إلى ما ذكرنا؛ ومن ميزات هذا الكتاب اعتماده على سبعين مصدراً من المصادر المعتبرة في الرجال والتاريخ من المصادر المقبولة عند عامّة المسلمين كتاريخ الطبري وما شاكل.
ومن هذا اتضح -ضمناً- الجواب على السؤال المطروح، فعدد من القرّاء لا يكتفون بالأقلّ المعتبر فيحاول التجديد والتوسعة فقد يضطر إلى ما لا ينبغي. وقد نقل لي أحدهم أنّ كاتباً قد كَتَب عَشر صفحات فيها تفصيلٌ لأحداث عرس القاسم والحال أنّ هذه لا مصدر لها إلا بخار المعدة.
وبالمناسبة أقول: إنّ المحقق القمي إذا أراد أن يذكر مثالاً للتفاوت بين كتابه نفس المهموم ومنتهى الآمال فإنّه يذكر عرس القاسم… قال: أنا سابقاً كنت أحتمل ولو احتمالاً بسيطاً بأن يكون عرس القاسم صحيحاً ولو على نحو الإجمال بدون كلّ التفاصيل، أي أنّي لم أكن مطمئنّاً بالكذب، إلا أنّي أراه كذباً بعد هذه المدّة من التحقيق فلا أرى شرعية نقله. نعم من احتمل الصدق جاز له النقل.
والمرحوم الحاج ميرزا حسين النوري يذكر في أوّل كتابه (اللؤلؤ والمرجان في أحكام المنبريان)[15] شرطين أساسيين للخطباء هما: الإخلاص والصدق. ويأتي في شرط الصدق على مسألة لسان الحال فناقش جوازه من عدمه وإذا كان جائزاً هل لجوازه شرائط أو لا.. فانتهى إلى الجواز وأنّ من جملة شرائطه أن يكون معلوماً أنّه لسان الحال، فإذا كان شعراً فهذا لا شك في وضوحه؛ لأنّ الشاعر لا يتمكّن من نقل النّص المعتبر وإذا أضاف بعض الأمور فلا ضير فيها لأنّها تلامس وظيفة الشاعر الذي لم يكن شاعراً إلا بهذا الشعور الذي يصبّه في هذه القوالب الشعرية فشعور الشاعر هو بالوصف
والخيال وليس بمطابقة المتن التاريخي.. ويذكر في هذا الكتاب عدداً من القضايا منها عرس القاسم وكلمة عابس بن أبي شبيب الشاكري (حب الحسين أجنّني) وما شاكل وكثير من هذه الأخبار إنّما نسجت على محاولة التجديد ومحاكاة الطلب الكثير.
ومن المناسب هنا أذكر حديثاً عن كتاب الدربندي:
يقول الحاج ميرزا حسين النوري: أنّه جاء خطيب من الحلّة إلى كربلاء وكان عنده زبيل فيه كتب خطّية قديمة والتقى بالسيد الشهرستاني وقال بأنّ والده خطيب حسيني وكان يحتفط بهذا الزبيل وكان يمنعه من قراءة ما فيه من كتب الأخبار هذه، وها قد توفي هذا الأب وصار الزبيل بيد هذا الخطيب فرأى ما فيها من الأخبار الكثيرة التي لا يمكن أن يطرحها على أنّها سيرة الحسين ومقتله وفيها ما فيها مما لا يسلم من النقد وما إلى ذلك إلا أنّ كثيراً منها يحتوي على تفاصيل وفجائع..
فطلب الاستجازة للقراءة منها، فطلب السيد منه أن يطلعه على هذه الكتب حتى يحكم على ما فيها.. فبعد الاطلاع من السيد على ما في هذه الكتب قال: بأنّ هذه الأخبار ليس فيها ما يتقرّب به إلى الله لما عليها من ملاحظات شديدة، إلا إذا أردت أن تكون كاسباً ولا همّ لك إلا أن تبكّي الناس كيف ما اتفق فذاك شأنك وأنت تعرف تكليفك.
فبعد وفاة السيد الشهرستاني انتقل الحاج إلى النجف فيقول كنّا نسمع عن الشيخ الملا آقا الدربندي وأنّه في صدد كتابة مقتل جامع ووسيع هو أوسع وأشمل من بقية المقاتل.. وفي بعض الأيام صادفت هذا الشيخ فطلبت منه أن يطلعني على أخبار هذا المقتل الذي هو في صدد كتابته ولمّا اطلعت عليها اتضح عندي أنّها مأخوذة من ذلك الزبيل!!
وللأسف طبع هذا الكتاب بنفس العنوان الذي كتب به وهو (أكسير العبادات في أسرار الشهادات) وفي ثلاثة أجزاء كل جزء يحتوي على سبع مائة صفحة تقريباً. وتُرجم من هذا الكتاب القسم المختص بالمقتل إلى الفارسية ـ بأمر من السلطان ناصر الدين شاه- بعنوان (أسرار الشهادة) وللأسف فإنّ هذا الكتاب قد أصبح مصدراً متفشّياً عند الكثير ومن عوامل انتشاره آنذاك هو أن الطباعة كانت من الحاكم وأمر باستنساخه مما ساهم في نشره والناس على دين ملوكهم، والطلب المتزايد على مثل هذه التفاصيل ساهم أيضاً في انتشار الكثير من الأخبار المختلقة وغير الواقعيّة حول مقتل الإمام الحسين”علیه السلام”.
إذا التجديد آفة في الجملة إذا ما كان يؤدّي إلى ابتكار الأخبار والأحداث التي لا أساس لها، سواء كان هذا التجديد من الخطباء أم من الشعراء. فعلى الخطباء أن يتثبّتوا وأن يخلصوا، وعلى المحققين أن يدققوا وأن لا يدّعوا التحقيق ما لم يكونوا أهلاً لذلك، وأمّا العوام فعليهم أن يرفعوا من وعيهم كي لا يقبلوا ما لا يمكن قبوله ولكي لا يرفضوا ما لا بد من قبوله.
في ختام هذا اللقاء نشكر سماحة الشيخ في هذا الحوار الشيّق والنافع كثيراً لإتاحة هذه الفرصة المهمّة لتسليط الضوء قليلاً على هذا الجانب المهم.
الهوامش
[1] الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي ولد عام ١٣٦٨ ﻫ.-١٩٤٨م. في النجف الأشرف، وفي عام ١٣٨٠ ﻫ، بدأ بدراسة علوم العربية على يد والده المرحوم آية الله الحاج الشيخ ميرزا محمود اليوسفي الغروي. وبعد إنهاء دروس السطوح المقدمية والمتوسطة والعالية في عام ١٣٨٨ ﻫ بدأ يحضر بحوث الخارج فقه العبادات، صلاة الجماعة والأصول (الاستصحاب) لدی المرحوم السيد الخوئي وکذلك فقه المعاملات المکاسب البيع والخيارات لدی المرحوم الإمام الخميني(قدس سرهما. وفي عام ١٣٩١ﻫ هُجّر إلى إيران فانتقل إلى قم المقدسة، وحضر مدة لدی السيد محمد صادق الروحاني الفقه والأصول ثم حضر لدی آية الله السيد کاظم الحسيني الحائري إلى نحو عام ١٤١٠ﻫ.
وزاول التدريس في النجف الأشرف الکتب الأدبية العربية، والمنطق وأصول الفقه والفقه التبصرة والمختصر النافع وشرح اللمعتين، وفي حوزة قم المقدسة درّس في القسم العربي لمدرسة المرحوم السيد الگلبايگاني وفي معهد الدراسات الإسلامية دروس النحو والعقائد والمفاهيم الإسلامية وتاريخ الإسلام. وبعد الثورة الإسلامية درّس في المدرسة الحجتية ثم في مدرسة الإمام الخميني دروس تاريخ الإسلام والحديث ونهج البلاغة وعلوم القرآن وأصول الفقه الحلقة الثالثة للشهيد الصدر، والمکاسب. وفي کلّية التربية العقائدية السياسية لحرس الثورة، وکلية أصول الدين وعلوم القرآن والحديث في قم ودزفول، وکذلك في التفسير وعلوم القرآن.
[2] أصول الكافي، ج2، ص114. ط. دار الحديث.
[3] كلمة معرّبة من كلمة فارسية هي (خسرو) بمعنى الملك. منه
[4] الأغاني، ج2، ص88، خزانة الأدب، ج1، ص160.
[5] للمحقق القُمِيْ كتب ثلاثة في سيرة المعصومين”علیهم السلام” الكتاب الأول هو كتاب فارسي عربّ فيما بعد وهو كتاب منتهى الآمال في أحوال النبي والآل بترجمة الدكتور نادر التقي السوري وراجعت هذا التعريب وطبعته الدار الإسلامية، والكتاب الثاني هو كتيّب (قرّة الباصرة في تواريخ الحجج الطاهرة، والكتاب الثالث هو الأنوار البهيّة في تواريخ الحجج البهيّة.
ومن المناسب هنا أذكر حديثاً عن كتاب الدربندي:
يقول الحاج ميرزا حسين النوري: أنّه جاء خطيب من الحلّة إلى كربلاء وكان عنده زبيل فيه كتب خطّية قديمة والتقى بالسيد الشهرستاني وقال بأنّ والده خطيب حسيني وكان يحتفط بهذا الزبيل وكان يمنعه من قراءة ما فيه من كتب الأخبار هذه، وها قد توفي هذا الأب وصار الزبيل بيد هذا الخطيب فرأى ما فيها من الأخبار الكثيرة التي لا يمكن أن يطرحها على أنّها سيرة الحسين ومقتله وفيها ما فيها مما لا يسلم من النقد وما إلى ذلك إلا أنّ كثيراً منها يحتوي على تفاصيل وفجائع..
فطلب الاستجازة للقراءة منها، فطلب السيد منه أن يطلعه على هذه الكتب حتى يحكم على ما فيها.. فبعد الاطلاع من السيد على ما في هذه الكتب قال: بأنّ هذه الأخبار ليس فيها ما يتقرّب به إلى الله لما عليها من ملاحظات شديدة، إلا إذا أردت أن تكون كاسباً ولا همّ لك إلا أن تبكّي الناس كيف ما اتفق فذاك شأنك وأنت تعرف تكليفك.
فبعد وفاة السيد الشهرستاني انتقل الحاج إلى النجف فيقول كنّا نسمع عن الشيخ الملا آقا الدربندي وأنّه في صدد كتابة مقتل جامع ووسيع هو أوسع وأشمل من بقية المقاتل.. وفي بعض الأيام صادفت هذا الشيخ فطلبت منه أن يطلعني على أخبار هذا المقتل الذي هو في صدد كتابته ولمّا اطلعت عليها اتضح عندي أنّها مأخوذة من ذلك الزبيل!!
وللأسف طبع هذا الكتاب بنفس العنوان الذي كتب به وهو (أكسير العبادات في أسرار الشهادات) وفي ثلاثة أجزاء كل جزء يحتوي على سبع مائة صفحة تقريباً. وتُرجم من هذا الكتاب القسم المختص بالمقتل إلى الفارسية ـ بأمر من السلطان ناصر الدين شاه- بعنوان (أسرار الشهادة) وللأسف فإنّ هذا الكتاب قد أصبح مصدراً متفشّياً عند الكثير ومن عوامل انتشاره آنذاك هو أن الطباعة كانت من الحاكم وأمر باستنساخه مما ساهم في نشره والناس على دين ملوكهم، والطلب المتزايد على مثل هذه التفاصيل ساهم أيضاً في انتشار الكثير من الأخبار المختلقة وغير الواقعيّة حول مقتل الإمام الحسين”علیه السلام”.
إذا التجديد آفة في الجملة إذا ما كان يؤدّي إلى ابتكار الأخبار والأحداث التي لا أساس لها، سواء كان هذا التجديد من الخطباء أم من الشعراء. فعلى الخطباء أن يتثبّتوا وأن يخلصوا، وعلى المحققين أن يدققوا وأن لا يدّعوا التحقيق ما لم يكونوا أهلاً لذلك، وأمّا العوام فعليهم أن يرفعوا من وعيهم كي لا يقبلوا ما لا يمكن قبوله ولكي لا يرفضوا ما لا بد من قبوله.
في ختام هذا اللقاء نشكر سماحة الشيخ في هذا الحوار الشيّق والنافع كثيراً لإتاحة هذه الفرصة المهمّة لتسليط الضوء قليلاً على هذا الجانب المهم.
الهوامش
[1] الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي ولد عام ١٣٦٨ ﻫ.-١٩٤٨م. في النجف الأشرف، وفي عام ١٣٨٠ ﻫ، بدأ بدراسة علوم العربية على يد والده المرحوم آية الله الحاج الشيخ ميرزا محمود اليوسفي الغروي. وبعد إنهاء دروس السطوح المقدمية والمتوسطة والعالية في عام ١٣٨٨ ﻫ بدأ يحضر بحوث الخارج فقه العبادات، صلاة الجماعة والأصول (الاستصحاب) لدی المرحوم السيد الخوئي وکذلك فقه المعاملات المکاسب البيع والخيارات لدی المرحوم الإمام الخميني(قدس سرهما. وفي عام ١٣٩١ﻫ هُجّر إلى إيران فانتقل إلى قم المقدسة، وحضر مدة لدی السيد محمد صادق الروحاني الفقه والأصول ثم حضر لدی آية الله السيد کاظم الحسيني الحائري إلى نحو عام ١٤١٠ﻫ.
وزاول التدريس في النجف الأشرف الکتب الأدبية العربية، والمنطق وأصول الفقه والفقه التبصرة والمختصر النافع وشرح اللمعتين، وفي حوزة قم المقدسة درّس في القسم العربي لمدرسة المرحوم السيد الگلبايگاني وفي معهد الدراسات الإسلامية دروس النحو والعقائد والمفاهيم الإسلامية وتاريخ الإسلام. وبعد الثورة الإسلامية درّس في المدرسة الحجتية ثم في مدرسة الإمام الخميني دروس تاريخ الإسلام والحديث ونهج البلاغة وعلوم القرآن وأصول الفقه الحلقة الثالثة للشهيد الصدر، والمکاسب. وفي کلّية التربية العقائدية السياسية لحرس الثورة، وکلية أصول الدين وعلوم القرآن والحديث في قم ودزفول، وکذلك في التفسير وعلوم القرآن.
[2] أصول الكافي، ج2، ص114. ط. دار الحديث.
[3] كلمة معرّبة من كلمة فارسية هي (خسرو) بمعنى الملك. منه
[4] الأغاني، ج2، ص88، خزانة الأدب، ج1، ص160.
[5] للمحقق القُمِيْ كتب ثلاثة في سيرة المعصومين”علیهم السلام” الكتاب الأول هو كتاب فارسي عربّ فيما بعد وهو كتاب منتهى الآمال في أحوال النبي والآل بترجمة الدكتور نادر التقي السوري وراجعت هذا التعريب وطبعته الدار الإسلامية، والكتاب الثاني هو كتيّب (قرّة الباصرة في تواريخ الحجج الطاهرة، والكتاب الثالث هو الأنوار البهيّة في تواريخ الحجج البهيّة.
في كتابه منتهى الآمال يقول ما مفاده أنّكم إذا وجدتم مغايرة بين كتابي منتهى الآمال ونفس المهموم فإنّ القول المقدّم هو ما في منتهى الآمال؛ لأنّه كان قد كتبه بعد عشر سنوات من كتاب نفس المهموم، وأمّا ما يختاره في كتاب الأنوار البهيّة فهو بعد منتهى الآمال من حيث الاعتبار. منه
[6] الدرّة البهيّة، ص108. ط. جماعة المدرّسين.
[7] وأخباره معتبرة لتوثيق شيخ رجالنا النجاشي له حيث قال: “كان شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة ووجههم وكان يُسكن إلى ما يرويه” وهذا توثيق. منه
[8] السرائر الحاوي، ج1، ص655- 656. ط. جامعة المدرّسين.
[9] لا شك في تشيّع أبيه -بالمعنى الخاص للكملة- أما هشام فله ميل شديد إلى طريقة أهل البيت ولم يكن شيعيّاً. منه
[10] وهو معاصر للكلبي حيث إنّ الكلبي توفي في 206هـ والمدائني225هـ على قولٍ. منه
[11]وقد تكفّل بطباعة هذا التحقيق مؤسسة(دانشگده سيره وتاريخ أهل بيت)وهو القسم الثاني من دفتر تبليغات(بستان كتاب). منه
[12] وهو رجل فاضل وهو إمّا مجتهد أو يقرب من الاجتهاد وهو ملمّ بفضائل علمية ومعرفية متعددة ومن جملتها الخبرة في معرفة الخطوط القديمة واللغات الفرنسية والعبرية وغيرها ورئيس العائلة القاجارية وعم الملك ناصر الدين شاه القاجاري وشغل مناصب عديدة منها إمرته على عدد من مناطق إيران آخرها كرمان شاه وهو مدفون حسب وصيته في مدخل باب المراد للكاظمين‘ وهو باني ومذهّب القبّتين للإمامين الجوادين الكاظمين وكتب على قبره: (لذ إن دهتك الرزايا والدهر عيشك نكّد بكاظم الغيظ موسى وبالجواد محمد) لكنّ هذا البيت قد أزيل مؤخراً. منه
[13] القمقام بمعنى الأقيانوس أو الأطلس أو البحر الكبير. والزّخار بمعنى الموّاج. والصمصام بمعنى السيف. والبتّار بمعنى القاطع. منه
[14] وهذا كان سائداً في الزمن السابق عند الفضلاء الإيرانيين ممن وقف على اللغة العربية أنّه كان يكتب الكتاب باللغتين فقطعة منه أو صفحة منه باللغة الفارسيّة والأخرى بالعربية أو أنّه إذا رأى قطعة بالعربية قد استحسنها نقلها بالعربية من دون ترجمة، وهذا ما يطلق عليه بأنّه كتاب ملمّع. منه
[15] أي: أصحاب المنبر (الخطباء). منه
المصدر: العدد 53 من مجلة رسالة القلم
[6] الدرّة البهيّة، ص108. ط. جماعة المدرّسين.
[7] وأخباره معتبرة لتوثيق شيخ رجالنا النجاشي له حيث قال: “كان شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة ووجههم وكان يُسكن إلى ما يرويه” وهذا توثيق. منه
[8] السرائر الحاوي، ج1، ص655- 656. ط. جامعة المدرّسين.
[9] لا شك في تشيّع أبيه -بالمعنى الخاص للكملة- أما هشام فله ميل شديد إلى طريقة أهل البيت ولم يكن شيعيّاً. منه
[10] وهو معاصر للكلبي حيث إنّ الكلبي توفي في 206هـ والمدائني225هـ على قولٍ. منه
[11]وقد تكفّل بطباعة هذا التحقيق مؤسسة(دانشگده سيره وتاريخ أهل بيت)وهو القسم الثاني من دفتر تبليغات(بستان كتاب). منه
[12] وهو رجل فاضل وهو إمّا مجتهد أو يقرب من الاجتهاد وهو ملمّ بفضائل علمية ومعرفية متعددة ومن جملتها الخبرة في معرفة الخطوط القديمة واللغات الفرنسية والعبرية وغيرها ورئيس العائلة القاجارية وعم الملك ناصر الدين شاه القاجاري وشغل مناصب عديدة منها إمرته على عدد من مناطق إيران آخرها كرمان شاه وهو مدفون حسب وصيته في مدخل باب المراد للكاظمين‘ وهو باني ومذهّب القبّتين للإمامين الجوادين الكاظمين وكتب على قبره: (لذ إن دهتك الرزايا والدهر عيشك نكّد بكاظم الغيظ موسى وبالجواد محمد) لكنّ هذا البيت قد أزيل مؤخراً. منه
[13] القمقام بمعنى الأقيانوس أو الأطلس أو البحر الكبير. والزّخار بمعنى الموّاج. والصمصام بمعنى السيف. والبتّار بمعنى القاطع. منه
[14] وهذا كان سائداً في الزمن السابق عند الفضلاء الإيرانيين ممن وقف على اللغة العربية أنّه كان يكتب الكتاب باللغتين فقطعة منه أو صفحة منه باللغة الفارسيّة والأخرى بالعربية أو أنّه إذا رأى قطعة بالعربية قد استحسنها نقلها بالعربية من دون ترجمة، وهذا ما يطلق عليه بأنّه كتاب ملمّع. منه
[15] أي: أصحاب المنبر (الخطباء). منه
المصدر: العدد 53 من مجلة رسالة القلم
مجلة رسالة القلم 53 عاسوراء.pdf
17.3 MB
مجلة رسالة القلم 53 عاسوراء.pdf
التفسير_المنسوب_للإمام_الحسن_بن_علي_العسكري_ع_الامام_أبي_محمد_الحسن.pdf
16.9 MB
التفسير_المنسوب_للإمام_الحسن_بن_علي_العسكري_ع_الامام_أبي_محمد_الحسن.pdf
الملهوف على قتل الطفوف.pdf
4.8 MB
الملهوف على قتل الطفوف.pdf
مقتل الحسين عليه السلام.pdf
5.3 MB
مقتل الحسين عليه السلام.pdf
مثير الأحزان الشيخ ابن نما الحلي.pdf
4.6 MB
مثير الأحزان الشيخ ابن نما الحلي.pdf
Forwarded from مكتبة النور للكتب الالكترونية
مثير_الأحزان_الشيخ_نجم_الدين_جعفر_بن_محمد_بن_نما_الحلّي.pdf
4 MB
مثير الأحزان - الشيخ نجم الدين جعفر بن محمد بن نما الحلّي.pdf