قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
51.8K subscribers
713 photos
31 videos
151 files
599 links
القناة الرئيسية:
t.me/alkulife
قناة الدروس العلمية:
t.me/doros_alkulify

أسئلة عامة مع عبد الله الخليفي:
t.me/swteat_k
صوتيات الخليفي:
t.me/swteat_alkulife

تعزيز القناة : https://t.me/alkulife?boost
Download Telegram
عقول كادها باريها: تحليل عجيب لشيخ الإسلام في أسباب ضلال المعطلة..

تكلم ابن تيمية في المجلد السادس من درء التعارض على مسألة علو الله عز وجل على خلقه، وسرد إجماعات السلف في ذلك، وذكر كلمة ابن خزيمة في استتابة منكر العلو.

ثم قال في (6/ 265): "وعن جرير بن عبد الحميد الرازي أنه قال: كلام الجهمية أوله عسل وآخره سم، وإنما يحاولون أن يقولوا: ليس في السماء إله.
وجميع الطوائف تنكر هذا، إلا من تلقى ذلك عن الجهمية، كالمعتزلة ونحوهم من الفلاسفة، فأما العامة من جميع الأمم فلا يستريب اثنان في أن فطرهم مقرة بأن الله فوق العالم، وأنهم إذا قيل لهم: لا هو داخل العالم ولا خارجه، ولا يصعد إليه شيء، ولا ينزل منه شيء، ولا يقرب إليه شيء، ولا يقرب هو من شيء، ولا يحجب العباد عنه شيء، ولا ترفع إليه الأيدي، ولا تتوجه القلوب إليه طالبة له في العلو، فإن فطرهم تنكر ذلك، وإذا أنكروا هذا في هذه القضية المعينة التي هي المطلوب، فإنكارهم لذلك في القضايا المطلقة العامة التي تتناول هذا وغيره أبلغ وأبلغ".

الشيخ هنا يقرر أن جميع الأمم بفطرتها تعلم أن الله فوق العرش ويأبون عبارة (لا داخل العالم ولا خارجه) هذه العقيدة العجيبة العسيرة والتي أقر بعسورتها الأشاعرة قبل غيرهم.

وهذا يؤكد أن السواد الأعظم من الأمة على مر العصور ليسوا على عقيدة القوم.

ثم قال الشيخ: "وأول من ظهر عنه قول النفاة هو الجعد بن درهم، والجهم بن صفوان، وكانا في أوائل المائة الثانية فقتلهما المسلمون، وأما سائر أئمة المسلمين، مثل مالك والثوري والأوزاعي ووأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم، فالكتب مملوءة بالنقل عنهم لما يوافق قول أهل الإثبات.
وكذلك شيوخ أهل الدين، مثل الفضيل بن عياض وبشر الحافي، وأحمد بن أبي الحواري وسهل بن عبد الله التستري وعمرو بن عثمان المكي والحارث المحاسبي ومحمد بن خفيف الشيرازي، وغير هؤلاء.
وكتب أهل الآثار مملوءة بالنقل عن السلف والأئمة لما يوافق قول أهل الإثبات، ولم ينقل عن أحد منهم حرف واحد صحيح يوافق قول النفاة.
فإذا كان سلف الأئمة وأئمتها وأفضل قرونها متفقين على قول أهل الإثبات، فكيف يقال: ليس هذا إلا قول الكرامية والحنبلية؟.
ومن المعلوم أن ظهور قول أهل الإثبات قبل زمن أحمد بن حنبل كان أعظم من ظهوره في هذا الزمان، فكيف يضاف ذلك إلى أتباعه.
وأيضاً فعبد الله بن سعيد بن كلاب، والحارث المحاسبي، وأبو العباس القلانسي، وأبو الحسن بن مهدي الطبري، وعامة قدماء الأشعرية يقولون: إن الله بذاته فوق العرش، ويردون على النفاة غاية الرد، وكلامهم في ذلك كثير مذكور في غير هذا الموضع.
والمقصود هنا التنبيه على بطلان ما يعارض به النفاة من الحجج العقلية.
وأما النفي فلم يكن يعرف إلا عن الجهمية كالمعتزلة ونحوهم، ومن وافقهم من الفلاسفة.
وإلا فالمنقول عن أكثر الفلاسفة هو قول أهل الإثبات، كما نقله ابن رشد الحفيد عنهم، وهو من أعظم الناس انتصاراً لهم، وسلوكاً لطريقتهم، لا سيما لأرسطو وأتباعه، كما أنه يميل إلى القول بقدم العالم أيضاً".

وهنا الشيخ يقرر أن متقدمي أهل الحديث وأهل الرأي والصوفية والكلابية والأشعرية الأوائل، كانوا على خلاف اعتقاد أن الله لا داخل العالم ولا خارجه، بل غالب الفلاسفة كذلك!

ثم قال بعد عدة صحائف وهو يتكلم عن منكري العلو: "وأما في المذاهب فقد يجتمع على جحد الضروريات جمع كثير، إذا كان هناك شبهة أو هوى، فيكون عامتهم لم يفهموا ما قاله خاصتهم، مثل التعبير عن هذه المسألة بنفي الجهة والحيز والمكان، فيظن عامتهم أن مرادهم تنزيه الله تعالى عن أن يكون محصوراً في خلقه، أو مفتقراً إلى مخلوق، فيوافقون على هذا المعنى الصحيح، ظانين أنه مفهوم تلك العبارة، فأما إذا فهموا هم حقيقة قولهم، وهو أنه ما فوق السماوات رب، ولا وراء العالم شيء موجود، فهذا لا يوافقهم عليه -بعد فهمه- أحد بفطرته، وإنما يوافقهم عليه من قامت عنده شبهة من شبه النفاة، لا سيما إن كان له هوى وغرض".

تأمل قوله (لاسيما إن كان له هوى وغرض) فيمن يتأثر بشبهات النفاة لهذه الضرورية.

ثم قال: "ومع هذا فلا يكاد يوجد منهم من يرجع إلى فطرته بلا هوى، إلا وفطرته تنكر إثبات موجود لا مباين ولا محايث، لكن يقهر فطرته بالشبهة أو العادة أو التقليد، كما يقهر النصراني فطرته إذا أنكرت أن يكون الله هو المسيح ابن مريم.
وعامة هؤلاء إذا أصابت أحداً منهم ضرورة تلجئه إلى دعاء الله وجد في قلبه معنى يطلب العلو، لا يلتفت يمنة ولا يسرة، ففطرته وضرورته تقر بالعلو، وينكر وجود موجود لا محايث ولا مباين، وعقيدته التي اعتقدها تقليداً أو عادةً أو شبهةً تناقض فطرته وضرورته".

تأمل قوله (لكن يقهر فطرته بالشبهة أو العادة أو التقليد كما يقهرها النصراني) ومعلوم أن النصراني بعيد عن العذر.

تأمل كلام الشيخ عن قهر الفطرة، فكيف إذا كانت هذه الفطرة توافق ظواهر النصوص وقول السلف وقول الرؤساء من كل مذهب.
=
=
فكيف يعامل المخالف في هذه المسألة معاملة المخالف في المسائل الاجتهادية التي المخالف فيها بين الأجر والأجرين.

وقال الشيخ بعدها: "فإن الجموع الكثيرة يقولون: إنهم يجدون في أنفسهم عند الضرورة معنى يطلب العلو في توجه قلوبهم إلى الله ودعائه، وأنه يمتنع في عقولهم وجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه، وأن هذا معلوم لهم بالضرورة".

وقال في (7/ 84): "فإذا رأيت الدلائل اليقينية تدل على أن ما اخبر به الرسول لا يناقض العقول، بل يوافقها، وأن ما ادعاه النفاة من مناقضة البرهان لمدلول القرآن قول باطل، فلا تعجب من كثرة أدلة الحق، وخفاء ذلك على كثيرين، فإن دلائل الحق كثيرة، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وقل لهذه العقول التي خالفت الرسول، في مثل هذه الأصول: كادها باريها، واتل قوله تعالى: {وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون} [الأحقاف: 26]".

وهذا من أنفع الكلام، إذ أن الكثيرين يبالغون في إحسان الظن بالمخالف، مفترضين خفاء المسائل العلمية لمجرد حضور الخلاف، وأن الباطل إذا كثر أتباعه فتلك أمارة قوة شبهاته وخفاء الحق، وليس كذلك.

والمسألة التي توصف بأنها معلومة من الدين بالاضطرار وإنكارها كفر واتفق عليها أهل الإسلام مع اليهود والنصارى والمجوس وعباد الأوثان، وأدلتها في النصوص بالعشرات، واتفق رؤساء الطوائف على القول بها، وفطرة البشر تؤيدها مع العقليات الصحيحة.

جعل الأصل في العالم الواقع في مخالفتها العذر، والإلزام بذلك ضرب من المكابرة، إذ هذا لا يقال في مسائل أخفى منها بكثير، مثل مسألة عدالة جمهور الصحابة، أو مسألة دخول القول والعمل في مسمى الإيمان أو حد الرجم والردة.

وقد بنى الشيخ معارضته للرازي على أن النقل يقيني وعقليات الرازي ظنية بل فاسدة تعارضها عقليات أقوى، فكيف يكون مخالف اليقيني بمنزلة من يخطئ في المسائل العلمية أو العملية الخفية الاجتهادية؟!

والقول كلما كان أقوى كلما كانت الشبهات المقابلة له أضعف، فالنجاسة اليسيرة قد تغير لون أو طعم رائحة الماء القليل ولكنها لا يمكن أن تؤثر شيئاً فيما بلغ قلتين أو زاد ، بل وجود النجاسة الكثيرة التي تغير الماء الكثير جدا أمر نادر الوقوع في الخارج لهذا حمل من حمل حديث القلتين على الإخبار بالأغلب .

ومن نظر لقدر المسألة بحسب شبهات أهل الباطل دون النظر إلى براهين أهل الحق في مقابلها، وإن لم يهتد أهل الحق للأجوبة التفصيلية، فقد فتح على نفسه باب الوسواس والتشكك في الواضحات.
المطر والتذكير ببركة الوحي..

ألذ ما في المطر التذكير بخير الوحي الذي جاء من السماء.

فالمطر تحيا به الأرض بعد موتها ويأتي من السماء {وهو الذي أرسل الرياح بُشرًا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماءً طهورًا • لنحيي به بلدة مَيْتًا ونسقيه مما خلقنا أنعامًا وأناسي كثيرًا} [الفرقان]

والوحي تحيا به القلوب بعد موتها {أومن كان مَيْتًا فأحييناه وجعلنا له نورًا يمشي به في الناس كمن مَثَلَه في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون} [اﻷنعام]

وقد أشير إلى هذا المعنى في القرآن {وفي السماء رزقكم وما توعدون} [الذاريات]

قال الطبري في تفسيره: "وفي السماء: المطر والثلج اللذان بهما تخرج الأرض رزقكم، وقوتكم من الطعام والثمار وغير ذلك".

ثم ذكر من قال به ثم قال: "وقال آخرون: بل معنى ذلك: ومن عند الله الذي في السماء رزقكم، وممن تأوله كذلك واصل الأحدب.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا هارون بن المغيرة من أهل الرأي، عن سفيان الثوري، قال: قرأ واصل الأحدب هذه الآية (وفي السماء رزقكم وما توعدون) فقال: ألا إن رزقي في السماء وأنا أطلبه في الأرض، فدخل خربة فمكث ثلاثا لا يصيب شيئا، فلما كان اليوم الثالث إذا هو بدوخلة رطب، وكان له أخ أحسن نية منه، فدخل معه، فصارتا دوخلتين، فلم يزل ذلك دأبهما حتى فرق الموت بينهما".

وكل ذكر للرزق الدنيوي فيه إشارة للوحي إذ هو الغاية وهو الرزق الطيب الأعظم، وقوله (وما توعدون) المراد به يوم الحساب، والخلق مرجعهم إلى الله، فمِن محجوبٍ لكفره ومِن فائزٍ لإيمانه وعمله الصالح.
شهرة الأطفال في مواقع التواصل، الخطر المغفول عنه..

الكثير من الناس يفكرون بأمر الشهرة في مواقع التواصل الاجتماعي، منهم من يريد ذلك لأسباب مادية ومنهم من يريد إثبات ذاته من خلال هذا الأمر.

وقد ورد في الخبر الذي رواه الترمذي وصححه من حديث كعب بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه".

المال مفهوم، والشرف يعني الشهرة ومدح الناس، وقد رأينا هذا جليًّا كيف رقَّ دين كثيرين لأجل تحصيل المشاهدات.

غير أن الأمر الذي سأتكلم عنه اليوم استغلال الأطفال، فكثيرون يستفيدون من أطفالهم في صنع الشهرة، وهذا أمر تصنعه الأسر اليوتيوبية، فيشتهر الطفل بشهرتهم، وربما صنعوا له موادًا خاصة كان هو يشتهر من خلالها.

الضغط النفسي الذي تسببه هذه الشهرة على الأطفال والمراهقين أمرٌ لاحظه الكفار قبل المسلمين.

فهنا مقال من موقع Writolay (والموقع وإن لم يكن متخصصًا في هذه السياقات إلا أن كلامه لا يخرج عن حكاية واقع مشاهد)
بعنوان:
A Speech on “Fame Is Bad for Young Children.”

ويعني: خطاب عن "الشهرة سيئة للأطفال الصغار".

"قد يكون من الصعب أحيانًا إدارة الشهرة في سن النضج. الآن إذا تحدثنا عن الشهرة للأطفال الصغار أو الشهرة في سن مبكرة جدًا يمكن أن تكون أكثر خطورة. إنها نضع توقعات غير واقعية على المراهقين والتي يمكن أن تفسد حالتهم الذهنية. من الناحية العملية، لا أحد مستعد أبدًا للأضواء، والأطفال الصغار الذين ليس لديهم خبرات في الحياة ليسوا مستعدين بالتأكيد.

الأشخاص الذين اشتهروا في وقت مبكر جدًا من حياتهم غالبًا ما يتأثرون بطرق سلبية في المستقبل. يأتي أسلوب حياة المشاهير مصحوبًا بضغوط صحافة المشاهير، والرسائل أو المكالمات التهديدية، وعدم وجود خصوصية، والمراقبة المستمرة لحياتهم. عوامل الضغط هذه تؤدي غالبًا إلى الاكتئاب، ويمكن أن تؤدي إلى أفكار انتحارية وإدمان المخدرات".

وورد في آخر المقال قولهم: "عادة ما يهتم النجوم الشباب فقط بالجانب الفاتن من الشهرة، لذلك بمجرد أن يصبحوا أعضاء في الصناعة يمكن أن يكون من السهل التأثير عليهم.

قال دانيال رادكليف في مقابلة أجريت معه مؤخرًا إنه كنجم شاب اعتاد شرب الخمر الزائد. أثناء تصوير هاري بوتر اعتاد أن يشرب يوميًا وحتى إنه اعتاد الذهاب إلى المجموعة في حالة سكر. قال إن الشهرة جلبت هذه الضغوط بما في ذلك التوقعات بالارتقاء إلى الصورة التي "كانت في ذهنه عن شعور أن تكون ممثلًا مشهورًا" لقد استخدم الكحول للتعامل مع هذا الضغط الهائل مما أدى إلى خروج شربه عن نطاق السيطرة".

أقول: ومما ينبغي الحديث عنه في هذا السياق شهرة الفتيات في مجتمعاتنا، فتشتهر حين تكون طفلة فإذا كبرت يَثقُل عليها الحجاب لأنها اعتادت على مشاهدة الناس لها ولا تريد أن يقل عدد المتابعين.
[مقال] مقارنة بين شبهة الفلاسفة وشبهة المتكلمين نفاة العلو 👇
تعليق على كلام الدكتور الشثري عن مدائن صالح ومنطقة العلا 👇
نقد الشيخ محمد بن عبد الوهاب لقياس أصحاب البدع المكفرة على المنافقين..

أكْثرَ أدعياء زماننا التشويش على حد الردة تأثرا بالثقافة الغربية السائدة، وتطلبوا لذلك أصلا دينيا، فوجدوا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل المنافقين خشية أن يقال أن محمدا صلى الله عليه وسلم يقتل أصحابه، فظنوا أنهم بهذا الاستدلال وجدوا بغيتهم.

فأجابهم أهل العلم أن مثال المنافقين ضدهم وذلك أن المنافق كان يكتم كفره، فلو كان الكفر ليس عليه تبعات ما كتمه، وكانوا يحلفون أنهم ما قالوا.

وقد نص مالك والشافعي على أن المنافقين لو تمت عليهم الشهادة لقتلوا ردة، فهناك فرق بين الحكم القضائي وحكم القاضي بعلمه، فقد يعلم القاضي من إنسان جناية ولكن لا يحكم عليه لأن الحكم القضائي يتطلب بينات أكثر من علم القاضي، وثبوت الحكم القضائي بالقرائن محل نزاع بين العلماء.

واستدلوا عليهم أيضا بقوله تعالى: {أخذوا وقتلوا تقتيلا}[الأحزاب]. فسرها جماعة السلف بأنهم يُقتلون إذا جهروا بكفرهم الذي يبطنون أو ثبت عليهم بالبينات.

غير أن استدلال الحداثيين هذا لم يكن جديدا، فقد استدل بعض خصوم الشيخ محمد بن عبد الوهاب عليه بأمر المنافقين لما رآه يكفر جماعة من عباد القبور فأجابه الشيخ بما يلي:

"أما استدلالك بترك النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده تكفير المنافقين وقتلهم، فقد عرفه الخاص والعام ببديهة العقل، أنهم لو يظهرون كلمة واحدة أو فعلا واحدا من عبادة الأوثان أو مسبة التوحيد الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، أنهم يقتلون أشر قتلة. فإن كنت تزعم أن الذين عندكم أظهروا اتباع الدين الذي تشهد أنه دين الرسول صلى الله عليه وسلم، وتبرؤوا من الشرك بالقول والفعل، ولم يبق إلا أشياء خفيه تظهر على صفحات الوجه، أو فلتة لسان في السر، وقد تابوا من دينهم الأول، وقتلوا الطواغيت، وهدموا البيوت المعبودة، فقل لي. وإن كنت تزعم أن الشرك الذي خرج عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر من هذا، فقل لي. وإن كنت تزعم أن الإنسان إذا أظهر الإسلام، لا يكفر إذا أظهر عبادة الأوثان، وزعم أنها الدين، وأظهر سب دين الأنبياء، وسماه دين أهل العارض، وأفتى بقتل من أخلص لله الدين وإحراقه وحل ماله، فهذه مسألتك، وقد قررتها وذكرت أن من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا لم يقتلوا أحدا، ولم يكفروه من أهل الملة. أما ذكرت قول الله تعالى: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض} إلى قوله: {ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا}. واذكر قوله {ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا} إلى قوله: {فخذوهم واقتلوهم} الآية، واذكر قوله في الاعتقاد في الأنبياء: {أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون}، واذكر ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أشخص رجلا معه الراية، إلى من تزوج امرأة أبيه ليقتله ويأخذ ماله، فأي هذين أعظم؟ تزوج امرأة الأب أو سب دين الأنبياء بعد معرفته؟ واذكر أنه قد هم بغزو بني المصطلق لما قيل إنهم منعوا الزكاة، حتى كذب الله من نقل ذلك. واذكر قوله في أعبد هذه الأمة وأشدهم اجتهادا: " لئن أدركتهم، لأقتلنهم قتل عاد. أينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة". واذكر قتال الصديق وأصحابه مانعي الزكاة، وسبي ذراريهم وغنيمة أموالهم.

واذكر إجماع الصحابة على قتل أهل مسجد الكوفة، وكفرهم وردتهم، لما قالوا كلمة في تقرير نبوة مسيلمة، ولكن الصحابة اختلفوا في قبول توبتهم لما تابوا؛ والمسألة في صحيح البخاري وشرحه، في الكفالة. واذكر إجماع الصحابة لما استفتاهم عمر على أن من زعم أن الخمر تحل للخواص، مستدلا بقوله تعالى: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا} مع كونه من أهل بدر. وأجمع الصحابة على كفر من اعتقد في علي مثل اعتقاد هؤلاء في عبد القادر، وردتهم، وقتلهم، فأحرقهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهم أحياء، فخالفه ابن عباس في الإحراق، وقال: يقتلون بالسيف، مع كونهم من أهل القرن الأول، أخذوا العلم عن الصحابة".

ثم استرسل الشيخ في فصل بديع.

وقد تم إحياء هذا الاستدلال من بعض المنتسبين للعلم في زماننا فقالوا في أصحاب البدع المكفرة انهم مثل المنافقين، ولا فضل في معرفة المنافق!

والحق أن الله عز وجل بين في كتابه صفات المنافقين وأمر بجهادهم، وكذلك أمر به نبيه صلى الله عليه وسلم حتى سميت السورة التي تذكر صفاتهم بالفاضحة، وكان عمر يأمر الرجال بتعلمها.

فلا شك أن في معرفتهم فضلا وزيادة علم.

ومعرفتهم على وجهين:

الوجه الاجمالي.

والوجه التفصيلي (ولتعرفنهم في لحن القول).

وفي الحديث (وما يتخلف عنها إلا مريض أو منافق معلوم النفاق)

وفي حديث كعب تكلم عن منافقين معروفين.

فالصحابة كانوا يعرفون الكثير من المنافقين، وإنما فضلهم حذيفة بزيادة علم تفصيلي، ثم معرفة درجات تأثر أهل الإيمان بهم.
=
=
هذا في المنافق المستتر الذي تظهر منه فلتات فحسب، فكيف بصاحب البدعة المكفرة المجاهر الداعية.

وقد نبّه شيخ الإسلام على انحراف من نفى وجود النفاق في الأزمنة المتأخرة أو غفل عن وجوده، حيث قال كما في مجموع الفتاوى (٧/٢١٢): "فإن كثيرا من المتأخرين ما بقي في المظهرين للإسلام عندهم إلا عدل أو فاسق وأعرضوا عن حكم المنافقين، والمنافقون ما زالوا ولا يزالون إلى يوم القيامة، والنفاق شعب كثيرة، وقد كان الصحابة يخافون النفاق على أنفسهم".

إلى أن قال: "ولهذا لما كشفهم الله بسورة براءة بقوله: {ومنهم} {ومنهم} صار يعرف نفاق ناس منهم لم يكن يعرف نفاقهم قبل ذلك فإن الله وصفهم بصفات علمها الناس منهم؛ وما كان الناس يجزمون بأنها مستلزمة لنفاقهم وإن كان بعضهم يظن ذلك وبعضهم يعلمه؛ فلم يكن نفاقهم معلوما عند الجماعة بخلاف حالهم لما نزل القرآن؛ ولهذا لما نزلت سورة براءة كتموا النفاق وما بقي يمكنهم من إظهاره أحيانا ما كان يمكنهم قبل ذلك وأنزل الله تعالى: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا} {ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا} {سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا} فلما توعدوا بالقتل إذا أظهروا النفاق كتموه".

وقال أيضا: "وقد تنازع الفقهاء في المنافق الزنديق الذي يكتم زندقته هل يرث ويورث؟ على قولين والصحيح أنه يرث ويورث وإن علم في الباطن أنه منافق كما كان الصحابة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم".

فهنا قد يستشكل البعض (كيف علمت أنه زنديق وهو يكتم)

فيقال الزندقة هي النفاق تُعلم بأمارات، والفقهاء لا يعلِّقون الحكم على أمر لا ينضبط لأنهم يخاطبون الناس بالعمل لا القضايا الذهنية المجردة، فعُلم أنه قد تُعرف زندقة إنسان ولا يثبت عليه التكفير القضائي، وهذا يحل إشكالات في ضبط كلام العلماء الذي يظنه البعض متناقضا إن أثبت الزندقة ثم نفى التكفير القضائي الحكمي (إذ هذا لو ثبت فلا ميراث).

وبقي أن يقال أنه من المؤسف أن يقع الكلام في بعض القضايا العلمية بما يتقاطع مع طريقة الحداثيين، وأن الغلو لا يبرر الميل للجفاء والعكس، بل الجفاء في الناس أعظم.
بين الموظفة والمغيَّبة!

تكلمت كثيرًا عن منظومة الوظيفة في زماننا، ويتكلم غيري كثيرًا عن إشكاليات الوظائف المختلطة.

وقد بدا لي إشكال يُطرَح على من يتحدث عن إمكانية وجود وظائف نسائية مختلطة بضوابط شرعية!

قال الترمذي في جامعه باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات

وقد أورد في باب آخر قول سفيان: «ولا تلجوا على المغيبات»، والمغيبة: المرأة التي يكون زوجها غائبًا، والمغيبات: جماعة المغيبة".


وقد ورد حديث ضعيف السند في النهي عن الدخول على المغيبات، وذلك أن هذا مظنة فتنة، زوجها غائب عنها ويدخل عليها رجل بدعوى الحاجة أو غيرها، وتبدأ خطوات الشيطان، فلا يكون ذلك إلا لضرورة.

ومع ضعف سند الخبر إلا أن البخاري استدل لمعناه من الأحاديث الصحيحة.

قال البخاري في صحيحه:

"باب: لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم والدخول على المغيبة

٥٢٣٢ - حدثنا ‌قتيبة بن سعيد: حدثنا ‌ليث، عن ‌يزيد بن أبي حبيب، عن ‌أبي الخير، عن ‌عقبة بن عامر : أن رسول الله ﷺ قال: «إياكم والدخول على النساء. فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت».

٥٢٣٣ - حدثنا ‌علي بن عبد الله: حدثنا ‌سفيان: حدثنا ‌عمرو، عن ‌أبي معبد، عن ‌ابن عباس عن النبي ﷺ قال: «لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. فقام رجل فقال: يا رسول الله، امرأتي خرجت حاجّة واكتُتِبتُ في غزوة كذا وكذا، قال: ارجع فحج مع امرأتك»".


أقول: وجه استدلال البخاري أن الدخول على المغيبة إما أن يكون بخلوة فهذا يَنهى عنه الحديث الأول، وإما أن يكون بغير خلوة مع تمكُّن منها إن أريد ذلك، فهذا يدل على النهي عنه الحديث الثاني، وهذا فقه دقيق.

وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص حدثه «أن نفرًا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر الصديق -وهي تحته يومئذ- فرآهم فكره ذلك، فذكر ذلك لرسول الله ﷺ وقال: لم أر إلا خيرًا! فقال رسول الله ﷺ: إن الله قد برأها من ذلك. ثم قام رسول الله ﷺ على المنبر فقال: لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان».

وهذا إن كان الرجال عدولًا، وهذا في الدخول العارض عليها في بيتها وليس المحل الذي وإن لم تحصُل به خلوة فهي ممكَّنة إن أُريد ذلك.

وعليه كيف تُطبَّق أخبار المغيبة على الموظفة -إن كان زوجها غائبًا- خصوصًا في أزمنة تفشو فيها الفتن.

المراد من هذا الفصل أنه في زمن الصحابة حيث أطهر الناس قلوبًا روعي سد الذريعة، واليوم يراد فتحها مع كل ما نرى من بلاء.
وجدت هذا التعليق على هذا الفيديو:

"بعد التداول الواسع لهذا الفيديو من الدنمارك، والذي يظهر فيه انهيار عائلة سورية مقيمة في الدنمارك، في يوم تنفيذ قرار تشتيتها بترحيل الأب والأم إلى سوريا. والآن بات الكثير يتسائلون بحزنٍ وقلق خاصة داخل الدنمارك من التالي؟ ولمن سيكون الفيديو القادم؟
وهل سيتكرر هذا المشهد في السويد في حال وصل تأثير اليمين المتطرف إلى السلطة؟".

هذه المشاهد باتت مُتكررة في الدنمارك، يُرحَّل الوالِدان ويُتحفّظ على أطفالهم، وذلك لما شرحناه مرارًا من أن الدانمارك تُعاني من قِلة الأيدي العاملة (بسبب شيخوخة الفرد، لهذا فرص العمل أكثر من السكان) وأما كِبار السن فغالبًا ما يكونون قد بلغوا سِنّ التّقاعد لِذا لا ترى حاجة في الاحتفاظ بهم غير آبهين بالمخاطر التي قد يتعرَّضون لها في البلد المُرحل إليه..

وأيضًا الأطفال يمكن تشكيلهم عقديًّا كما يشاءون، وعليه لا يغضب اليمين من الاختراق القيمي، هذا سبي مكتمل الأركان ولكنه ناعم، علمًا أن السبي الإسلامي قديمًا لا يُفرَّق فيه بين الوالد وولده.

كثيرون كانوا يتغنون بإنسانية القوم دون فهم للعقلية الرأسمالية التي تحركهم.
مقدمة في المهاترات 👇