قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
49.3K subscribers
650 photos
24 videos
151 files
597 links
القناة الرئيسية:
t.me/alkulife
قناة الدروس العلمية:
t.me/doros_alkulify

أسئلة عامة مع عبد الله الخليفي:
t.me/swteat_k
صوتيات الخليفي:
t.me/swteat_alkulife

تعزيز القناة : https://t.me/alkulife?boost
Download Telegram
أين تكمن الأغلوطة ( صالح المغامسي في بودكاست فنجان )؟👇
شمس لا تحجب بغربال

قال الملطي في آخر كتابه التنبيه والرد: "وقال حسان بن فروخ سألني عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عما تقول الأزارقة فأخبرته. فقال: ما يقولون في الرجم؟ فقلت: يكفرون به. فقال: الله أكبر كفروا بالله ورسوله.
وحدث أن رسول الله ﷺ لما رجم ماعز بن مالك فلما أصابته الحجارة صرخ، فقال بعض القوم: أبعده الله، فزجره عليه السلام وقال: إنها كفارة له".

ونقل عبد القاهر البغدادي اتفاق الناس على تكفير الأزارقة لإنكارهم الرجم، ولا أعلم أحدًا تعقبه في ذلك.

الأزارقة شأنهم شأن بقية فرق الخوارج يكفِّرون بالكبيرة، ويكفِّرون عليًّا وعثمان ومن يتولاهما، إلى هذا القدر الناس مختلفون في إسلامهم، ولكن لما زادوا إنكار الرجم أغلظوا المقال عليهم، لتواتره وتوفر قرائن القطعية فيه، مثل شهرة جماعة من ماتوا بالرجم وهم من قبائل معروفة ولهم أقرباء، والناس يدفعون معرة هذا إن استطاعوا، ولكن ما دفعه أحد.

اليوم لو سألت كثيرًا من الناس: ما أشد مقالة قالتها الخوارج؟ فإنه غالبًا سيذكر لك التكفير بالذنوب.

ولا شك أن هذا شديد، غير أن البراءة من الصحابة أشد وأشد من ذلك إنكار الرجم بحسب تلك الرواية، وما حكاه غير واحد من الاتفاق على تكفير منكر الرجم والخلاف في الخوارج.

السبب في ذلك أن الناس يشتدون بالأمور التي فيها حقوق للبشر، حتى أن الكثير يثقل عليهم سب الصحابة أكثر من الشرك، فإن نبهت على هذا ظن بعض الناس أنك تقول لا أهمية لحقوق البشر، أو أن حقوق البشر لا مدخل فيها لحقوق الله، لهذا اعتدت أن أقول: (حقوق الله التي فيها مدخل لحقوق البشر).

فاليوم حين يقول إنسان (الحرية مقدمة على الشريعة) إن أراد بالحرية ما وافق الشريعة، فلماذا يجعلها قسيمًا للشريعة، وأيضًا يقال لماذا يجعل مسائل الشريعة التي فيها مدخل للحرية أعظمَ مسائلِ الشريعة، هذا تأثُّر بالنفس الليبرالي، وإن كنا نقِرُّ بأن حقوق الناس جزء مهم من الشريعة، وفيه أبواب معلومة من الدين بالاضطرار، إنكارها كفر، ومنها ما إنكاره بدعة، غير أن البحث فيمن يعظِّم المسألة بالنظر إلى هذا الباب فحسب دون النظر إلى كون المسألة قطعية أو ظنية في النصوص.

وقال ابن تيمية في التسعينية وهو يخاطب الأشعرية في مسألة القرآن: "ومن المعلوم بالاضطرار أن السلف الذين أجمع المسلمون على إمامتهم في الدين ذموهم على ذلك، فإذًا أنتم ذامون للسلف الذين أجمع المسلمون على إمامتهم في الدين وأنتم عند السلف وأئمة الدين مذمومون وأنتم بذلك من جنس الرافضة والخوارج ونحوهم ممن يقدح في سلف الأمة وأئمتها، وهذا حق فإن قول هؤلاء من فروع قول الجهمية، وقول الجهمية فيه من التنقص والسب والطعن علي السلف والأئمة وعلى السنة ما ليس في قول الخوارج والروافض، فإن الخوارج يعظمون القرآن ويوجبون اتباعه، وإن لم يتبعوا السنن المخالفة لظاهر القرآن، وهم يقدحون في علي وعثمان ومن تولاهما، وإن لم يقدحوا في أبي بكر وعمر.

وأما الجهمية فإنها لا توجب، بل لا تجوِّز اتباع القرآن في باب صفات الله، كما يصرحون به كالرازي ونحوهم من المعتزلة وغيرهم، فضلًا عن أن يتبعوا السنن أو إجماع السلف، فالجهمية أعظم قدحًا في القرآن وفي السنن وفي إجماع الصحابة والتابعين من سائر أهل الأهواء، ولهذا تنازع العلماء من أصحابنا وغيرهم هل هم داخلون في الثنتين والسبعين فرقة. لكن كثير من الناس يأخذ ببعض قول الجهم وأيضًا ففيهم من لا يكفر الأمة بخلافه ولا يستحل السيف، وفيهم من قد بعدت عليهم الحجة وجهلوا أصل القول، وقول الدعاة إلى الكتاب والسنة، وظهور ذلك فمن هنا كان حال فروع الجهمية قد يكون أخف من حال الخوارج، وإلا فقولهم في نفسه أخبث من قول الخوارج بكثير، وإذا كان يونس بن عبيد قد قال عن المعتزلة: إن فتنتهم أضر على الأمة من فتنة الأزارقة، والمعتزلة جهمية، علم أن السلف كانوا يعلمون أن الجهمية شر من الخوارج".

قال الطبراني في كتابه السنة: "حدثنا الحسن بن علي المعمري، حدثنا محمد بن بكار العبسي، ثنا عبد العزيز الرقاشي، سمعت يونس بن عبيد يقول: فتنة المعتزلة على هذه الأمة أشد من فتنة الأزارقة، لأنهم يزعمون أن أصحاب رسول الله ﷺ ضلوا، وأنهم لا تجوز شهادتهم بما أحدثوا ويكذبون بالشفاعة والحوض وينكرون عذاب القبر، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم".

وفروع الجهمية لا يقبلون شهادة أصحاب رسول الله ﷺ فيما رووه عن رسول الله ﷺ ولا يأتمون بكتاب الله، وفيهم من هو في بعض المواضع شر من المعتزلة، ولكن المعتزلة هم أصلهم في الجملة، وفي هؤلاء مَن لا يرى التكفير والسيف كما تراه المعتزلة والرافضة، وهو قول الخوارج، ولهذا كثيرًا ما يكون أهل البدع، مع القدرة يشبهون الكفار في استحلال قتل المؤمنين وتكفيرهم، كما يفعله الخوارج والرافضة والمعتزلة والجهمية وفروعهم" هـ.
=
=
وقال شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية (2/45): "ولا يقدر أحد أن ينقل عن أحد من سلف الأمة وأئمتها في القرون الثلاثة حرفا واحدا يخالف ذلك، لم يقولوا شيئا من عبارات النافية أن الله ليس في السماء، والله ليس فوق العرش، ولا أنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولا أن جميع الأمكنة بالنسبة إليه سواء، ولا أنه في كل مكان أو أنه لا تجوز الإشارة الحسية إليه، ولا نحو ذلك من العبارات التي تطلقها النفاة لأن يكون فوق العرش لا نصا ولا ظاهرا، بل هم مطبقون متفقون على أنه نفسه فوق العرش وعلى ذم من ينكر ذلك بأعظم مما يُذَم به غيره من أهل البدع، مثل القدرية والخوارج والروافض ونحوهم. وإذا كان كذلك فليعلم أن الرازي ونحوه من الجاحدين لأن يكون الله نفسه فوق العالم هم مخالفون لجميع سلف الأمة".

ظاهر هذا الكلام أن منكري العلو والقائلين بخلق القرآن شر من الخوارج عند السلف، وهذا واضح من كثرةِ الحديث عن تكفيرهم ونقلِ الإجماعات على ذلك مع الخلاف في الخوارج.

هل تجد أحدًا يقول اليوم (الخوارج من أهل السنة فيما وافقوا فيه السنة) أو (تفضيل أهل السنة على الخوارج تفضيل أجناس، وعليه قد يوجد في أفراد الخوارج من هم أفضل من أهل السنة) أو (الخوارج مَن كفَّرهم فهو الخارجي)! وغيرها من العبارات التي خُصِّصت فحسب للمخالفين في قضايا الصفات والقدر والإيمان من الطوائف الكلامية.

حتى أننا نشاهد أنه بحجة العذر بالجهل والعذر بالتأويل صار الواقع في شرك الصوفية أو تعطيل الجهمية يُعامَل وكأنه ما صدر منه شيء البتة، فلا تكفير ولا تبديع، بينما الخارجي مجزوم بإثمه وسقوط التأويل عنه، بل مَن هو خير من الخارجي، فالخارجي يُكفِّر بالطاعة (موالاة علي وعثمان) ويُكفِّر بالمعصية (الزنا والسرقة ونحوها) فيُقاس عليه من يُكفِّر بـ(الكفر) أو (الشرك) ولو بقرائن، حتى أننا نجد سرفًا برمي الناس بالغلو والخارجية على جهة تدفع عنهم كل عذر، في مقابل توسع إعذاري ظاهر في مسائل الشرك والكفر التي تتعلق بحقوق الله.

فإن قيل: لعل ذلك من باب الورع، فتكفير الناس شديد.

فيقال: وكذلك رميهم بالخارجية شديد، خصوصًا مع الخلاف في تكفير الخوارج، وإذا نفيت الكفر فينبغي أن يبقى المرء مبتدعًا لا أن يُرفع عنه كل تثريب ويُرفَعَ إلى أعلى عليين حتى يُفضَّل على أهل السنة، وإذا كان رمي الناس بالخارجية أو الغلو سهلًا لأنه ليس تكفيرًا، فكذلك رميهم بالإرجاء، والمرجئة المتوسطة ليسوا كفارًا في قول عامة أهل العلم (وإنما التكفير للمرجئة الغالية، فالبحث بحسب ظهور المسائل وخفائها لا النظر فقط لآثارها الاجتماعية بحسب رأي المتكلم).

والخلاصة أن الشمس لا تُحجَب بغربال، مظاهر التسامح في المسائل العقدية النظرية التي هي (كفر) و(إسلام) (فتارةً تسمى فروعًا وتارةً تسمى خلافيات تاريخية مندثرة) مع إثبات مسائل الحقوق على مكانتها سواءً بلغت الكفر أم لم تبلغ (مع مبالغة بينة في بعضها) شمسٌ لا تحجب بغربال، بل كثرة التشاغل بالرد على من نرى عندهم غلوًّا في الحكم مع ضعفِ وقلةِ الردود على مظاهر التهوين من أمر مسائل الاعتقاد التي فشت في الناس (حتى كَثُر فيهم من يجعل ورثةَ الجهمية وأهلَ الحديث جميعًا من أهل السنة ومن يحرِّف مفهوم الفرقة الناجية أو ينكره من أساسه مع ذمه للغلاة)، هذه الكثرة هناك والقلة هنا تؤكد هذا المعنى الذي نتحدث عنه، فنَعم مِن حقوق الله ألا يُتكلَّم في شرعه بالتكفير والأسلمة إلا بحق، وكذلك من حقه ألا تُحرَّف أسماؤه وصفاته، وهذا الأخير أشد عند السلف من ذاك الأول وأظهر، وقد تنازع أهل العلم في العديد من مسائل التكفير ولم يُلزِم أحدُ الفريقين الآخرَ بدعوى التعدي على حقوق الخلق، لأن هذا فرع عن كون القول غلطًا مجزومًا به، وفي هذا مصادرة على المطلوب. ومن رأى شبهة مستحكمة عند من قال بمقالات هي كفر عند السلف يلزمه لزومًا لا ينفك عنه أن يجد شبهة مستحكمة عند من حكم على واقع بالكفر بوقوع الكفر عليه لقرائن ألمت به.

ومن نظر في آثار السلف في المدونات القديمة وجد آثارًا عديدة في التحذير من عدم تكفير الجهمية، وبقي لهذه الآثار صدى في المدونات الفقهية الحنبلية، ولا تجد عُشر هذه الآثار في التحذير من تكفير الجهمي (المعين)، بل لا تجد لهذا أثرًا، قارن هذا بحال الكثير من المنتسبين لأهل الحديث اليوم تُبصِر أن هناك أمرًا غريبًا يحتاج إلى تحليل، هذا مع التسامح ليس مع من لا يحكم على الجهمية بما يستحقون بل التسامح مع القوم أنفسهم.
الإحسان لا ينفع بغير إيمان {ثم كان من الذين آمنوا}...

من المغالطات التي تتكرر في هذا الزمان مقارنتهم بين الكافر (المحسن) والمؤمن المسيء..

فيقولون لك: هذا كافر تبرع لكذا وكذا من الفقراء هل سيدخل النار؟ وهل المؤمن الذي يسرق ويفعل مآله للجنة؟

وهذا التساؤل ناشئ عن تعظيمٍ لحق الإنسان واستهانة بحق الخالق، فنعم، مَن جاء بحق الله تبارك وتعالى الذي به النجاة وهو التوحيد وجنس العمل المجزئ أدخله الله الجنة وإن سبق ذلك عذابٌ لذنوبه.

وأما مَن كفر بالله فمآله إلى النار وإن أطعمه الله بحسناته في الدنيا، ونعمة الله عليه أعظم من كل أمر يفعله للناس، وغالبًا حين يفعلون ما يفعلون يريدون به مدحة الناس لا وجه الله.

وسبحان الله وجدت في القرآن جوابًا على هؤلاء القوم وفيه تنبيه على أمر دقيق يغفل عنه كثير من الناس.

قال تعالى: {فلا اقتحم العقبة • وما أدراك ما العقبة • فك رقبة • أو إطعام في يوم ذي مسغبة • يتيما ذا مقربة • أو مسكينا ذا متربة • ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة • أولئك أصحاب الميمنة} [البلد]

ذكَرَ ربُّ العالمين عِتق الرقاب، واليوم تحرير العبيد من أعظم الحسنات في نفوس الناس حتى إن بعضهم يستشكل حكم الرق من أصله.

وذكَرَ سبحانه إطعام المساكين، واليوم من الأمثال الجارية عند كثير من الخلق قولهم (إطعام جائع خير من بناء جامع) وهو كلام باطل ولكنه سار في الناس.

ثم جاء التنبيه {ثم كان من الذين آمنوا} يعني أن المرء لو أعتق رقبة أو رقابًا وأطعم مسكينًا أو مساكينَ فلا ينفعه ذلك بغير إيمان وإخلاص لله عز وجل، ويشهد لهذا المعنى حديث أول من تسعر بهم النار ثلاثة وذكر منهم الجواد المتصدق، ولهذا تجد ابن عمر توعَّد القدرية بأنهم إن لم يؤمنوا بالقدر فلن يُقبل منهم ولو أنفق أحدهم مثل أحد ذهبًا حتى يؤمن بالقدر خيره وشره، وهذا يدل على أن مفهوم الإيمان يتناول ما يتفق الناس على أنه إيمان وأيضًا يتناول عقيدة أهل السنة، وقد اتفق أهل السنة على أن المرء إذا كفر ببدعته الاعتقادية حبطت أعماله.

ثم قال تعالى: {وتواصوا بالصبر} هذه فسرها بعض الناس بالصبر عن المعاصي وبعضهم فسرها بالصبر على فرائض الله عز وجل، ولا تناقض بين التفسيرين، وفي الأول الرد على من يهوِّن من معاصي الفجار فتجده يمدح الساقطة بحجة أنها تفتح دور أيتام، وكذلك مَن يمدح الكافر اللاديني أو حتى الكتابي بحجة عمله للخير، فإن المؤمن وهو المؤمن لو أحسن للخلق أيما إحسان وقصَّر في فرائض الله كالصلاة أو البعد عن الزنا فهو على خطر فكيف بالكافر، وكان الناس بالجاهلية يحسنون طلبًا لمدح الشعراء أو للصيت أو لرحمة قلبية ولكن المرء منهم لا يقول يومًا (رب اغفر لي) فلا ينفعه ذلك عند الله كما ورد في حديث ابن جدعان.

ثم قال تعالى: {وتواصوا بالمرحمة} وهذه فسرها عامة المفسرين بالتواصي بالرحمة وفسرها مقاتل بأنهم تواصوا بصلة الرحم، وتفسير مقاتل ينفع في زماننا موعظةً للمغترِّين بالكفار الذين لا يعرفون شيئًا اسمه صلة رحم، والأسرة عندهم مفككة، ثم يأتي من يقول إن عندهم (إنسانية).

وأما على المعنى الثاني فهو تنبيه على نكتة عجيبة وهي أن المؤمن بإيمانه يدعو لكل عمل صالح وإن لم يفعله لأنه يعتقد أن من لم يؤد حق الفقير الواجب داخل في الوعيد وأن من يأكل الربا والسارق داخل في الوعيد وإن سلم من الناس في الدنيا.

وأما الكافر فهو وإن أحسن بعمله إلا أنه منفِّر للخلق من الإحسان بعقيدته، وغالبًا إن فعل خيرًا فهو لا يوجبه على غيره، بل منهم من يحب أن ينفرد بالخير ولا يفعله إلا هو حتى يفوز بالمدح وحده، وهذا كان حال كثير من الجاهليين قبل الإسلام، لهذا نبه على هذا المعنى في سورة البلد المكية.

فالمؤمن الحق لا يحسن للمسكين فحسب بل يحثُّ على ذلك ويوفر البيئة المناسبة له ويحسن إليه على أكمل وجه بعيدًا عن المن والأذى.
الإيمان يعطي قيمة للحياة

لو سألتني عن الفكرة المشتركة بين عموم المنتحرين فسأقول لك: شعورهم بعدم قيمة حياتهم.

وهذا الشعور يأتي من تعليق الحياة على هدف معين متعلق بمجد، أو شهوة تجاه الجنس الآخر، أو مال، أو أي شيء.

فإذا فقد هذا الهدف، أو شعر باليأس من بلوغه، أو شعر أنه أعطاه أكثر من قيمته، وأنه أوقف حياته على شيء دنيء، أو شعر أن حياته بلا هدف أصلاً مع ما يجد فيها من آلام، فإنه يقدم على قتل نفسه.

قال البخاري في صحيحه: "5671 - حدثنا آدم، حدثنا شعبة، حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلا، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي".

وقال أيضاً: "5673 - حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني أبو عبيد، مولى عبد الرحمن بن عوف، أن أبا هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لن يدخل أحدا عمله الجنة» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: " لا، ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة، فسددوا وقاربوا، ولا يتمنين أحدكم الموت: إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب".

في هذين الحديثين علاج لجذر هذه الفكرة المدمرة، وهي تذكير المرء أنه ليس في هذه الدنيا لأهداف تتعلق بالدنيا، وإنما هذه الدنيا مزرعة الآخرة، والأمر تعامل مع الله تبارك وتعالى.

والمرء في تعامله مع الله عز وجل إما على خير فيزداد خيراً، ويكون حسابه أيسر، فالجنة درجات، وإما يكون مسيئاً فيمحو إساءته.

وكل من حقر حياته فقتل نفسه فعل ذلك عن غفلة عن هذا المعنى.

والخوف من الفتنة لا يبرر قتل النفس، لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، وإنما يدعو المرء ربه بأن يعينه، ومن الإعانة أن يقبض الله عبده قبل أن يفتن، أو يبقيه فيسلم منها بتوفيقه.

ولهذا كانت عقوبة الانتحار شديدة في الآخرة، لأن الانتحار يتناسب مع الكفر (وليس كل منتحر كافراً، ولكن المقصود أن الكفر يبرر الانتحار أكثر من الإيمان، بل الإيمان يحاربه).

كأمر الوعيد في النياحة واللطم وغيرها، فالوعيد جاء على هذه الأمور لأنها صنيع من لا يؤمن بلقاءٍ في اليوم الآخر، فيعظُم قنوطه، فلم يلق ذلك بأهل الإيمان.

فكم من نفس أنقذها الإيمان بهذه الأخبار، وأعظم من ذلك الإنقاذ من النار، والإنقاذ من موت القلب في الدنيا.

ومن لم يؤمن بالله واليوم الآخر فإنك لا تأمن عليه مِن قتل نفسه إن أصابه بلاء بدَّد أهدافه التي يعيش لأجلها، فيشعر دونها أنه لا قيمة له، وأنه لا يطيق ألم فقدها فيؤثر الموت عليه.

وكل من يستقبح الانتحار عليه أن يعظِّم الإيمان، غير أن كثيرا من الناس يعترف بمنافع الإيمان، ولكن يصده عن التدين الحق أنه يريد هذه المنافع دون أن يبذل شيئا من هواه لله عز وجل، وبعضهم يظن أنه يمكن أن يأخذ ما يشتهي ويترك ما يشتهي بقراءة جديدة، هيهات هيهات.
تعليق صوتي على خبر الأخ الشيشاني المغدور 👇
هم يزعمون أن المسلمين يقمعون النساء بسبب خلفيتهم الثقافية أو نصوص سواء كان فهمهم لهذه النصوص حقًّا أم باطلًا.

ولكن لا ينظرون إلى كون الإلحاد أصلا لا يوجد عنده منظومة أخلاقية منضبطة من الأساس.

إذا جئتهم بجرائم ملحد يقولون: لا دخل للإلحاد بهذا.

ولكن إذا فعل خيرًا قالوا: هذا ملحد وفعل الخير.

وهذا تطفيف.

وكل عاقل يعلم أن من يؤمن بأن فوقه إلهًا سبحانه يقتصُّ للضعيف منه فإنه سيكون أرحم بالضعيف.

ولهذا قال النبي ﷺ: "إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة". رواه أحمد

وقال لأبي مسعود الأنصاري لما رآه يضرب عبده: اعْلَمْ أَبا مسعود، أنَّ الله أَقدَرُ عليك منك على هذا الغلام". رواه مسلم

لهذا حين يعتدي مؤمن قوي على إنسان ضعيف فهو هنا يفعل فعلًا لا يتناسب مع إيمانه.

وأما الملحد فمهما فعل فلن يجد عقيدة تكبح جماح الشهوة إذا طغت، ولن يجد موعظةً ناجعةً، فقط أمر القانون وكما ترى الأمر ليس مجديًا.

ومن تناقض الفكر النسوي أنه يزعم المساواة ثم يعدِّد حالات اعتداء الرجال على النساء وهذا يفيد ضمنًا قوتهم وضعفهن.
الوحيد البهبهاني يكشف تهافت المنهج الروائي عند الشيعة الإمامية...

هناك سجال قديم بين الأصوليين والإخباريين الشيعة، حين قام الإخباريون على الأصوليين وزعموا أنه لا حاجة للقواعد الأصولية، وأنها من التأثر بالمخالفين، ولا حجة للإجماع، ولا داعي للمنهج النقدي في الروايات، وأن روايات المعصومين تفيد العلم، والقطع باعتبار القرائن، وأنها مغنية عن عامة كلام الأصوليين المنحرفين.

وقد انبرى جماعة من الأصوليين للرد على الأخباريين من أشهرهم الوحيد البهبهاني المتوفى عام 1206 (العام نفسه الذي توفي فيه الإمام المجدد).

البهبهاني في ردوده يريد إثبات ظنية الروايات عن الأئمة وعدم كفايتها للوصول لليقين، هذا المبحث إذا أخذه شخص سني وجمع اعترافات الوحيد وقارن بين حال الرواية عند الشيعة وحال الرواية عند السنة فإنه سينسف مذهب الشيعة من أساسه.

وترتيب الحجة كالتالي: الشيعي يزعم أن التراث السني كله أكاذيب، ويشكك في أمر الرواية سواءً في فضائل الصحابة أو أخبار الصفات، وكل ما يخالف التراث الشيعي في الفقهيات، وهنا نتحدث عن مئات الروايات التي رواها آلاف الأشخاص المتوزعين على الأقطار فيكفر بهذا كله.

وفي الوقت نفسه يؤمن بروايات الشيعة عن المعصومين ويتدين بها، ويخصص بها عموم القرآن ، ويعارض بها الروايات الأخرى، مع أن هذه الروايات أسوأ حالاً بكثير من الروايات التي يردها.

فشكه في البخاري ومسلم والنسائي وأبي داود وابن ماجه والترمذي، ومن فوقهم ومن تحتهم ومن في طبقتهم، ينبغي أن ينعكس شكاً أيضاً في الكليني والصدوق والطوسي (الذين عامة روايات الشيعة معتمدة عليهم).

وعامة القرائن التي يقدمها الأخباريون هي في كلام أهل السنة أقوى، والآن مع اعترافات البهبهاني:

جاء في الرسائل الأصولية للبهبهاني ص125: "ومع ذلك كثير من أصحاب الكتب المشهورين ورد فيهم عن المشايخ المعتمدين الماهرين أنهم وضاعوا الحديث كذابون، مثل وهب بن وهب القرشي ومحمد بن موسى الهمذاني وعبد الله بن محمد البلوي ومحمد بن علي الصيرفي ويونس بن ظبيان ومحمد بن سنان ونظائر هؤلاء، وكثير منهم نسبوهم إلى الاضطراب والتشويش وراءة الأصل والضعف أمثالها.

ومعلوم أن تضعيفهم ليس من جهة عدم العدالة بل من جهة عدم الوثوق به كما هو ظاهر عند التتبع وسيظهر لك أيضاً".

إلى أن قال: "وكثير منهم ورد أخبار كثيرة وآثار عديدة في ذمهم ولعنهم واتهامهم ونسبتهم إلى الكذب والأمور الشنيعة والأفعال غير المشروعة أو اختلف الأخبار في شأنه واضطرب الآثار في حاله".

أقول: قد يقول قائل وهكذا الحال عند أهل السنة فما وجه الحجة؟

فالجواب: أنه يتكلم عن عامة الرواة أو غالبهم ممن انفردوا بأمور يؤمن بها الأخباريون، والشك في كل هؤلاء الرواة أولى منه الشك في الكليني وابن بابويه والطوسي، فهؤلاء بسقوطهم لا يبقى في دين الشيعة كبير شيء، بخلاف أمثال البخاري ومسلم فهؤلاء لا يروون شيئاً إلا ويكون قد رواه غيرهم، بل غالباً تتواتر الأصول الكبرى في طبقتهم فيرويها عدد كبير، بخلاف مرويات الشيعة في طبقات المؤلفين لا يتواتر عندهم حديث في أي طبقة من الطبقات.
=
=
قال الوحيد البهبهاني في رسائله الأصول ص126: "وكثير من الأجلة لا يحصل سوى الظن بوثاقته ومع ذلك فهو من الرجال، ألا ترى أن أحمد بن محمد بن عيسى مع جلالة قدره وغاية اشتهاره كيف نقل الثقات مثل الكليني والكشي وغيرهما أنه أخفى النص على إمامة الهادي، وجحده من جهة الحمية الجاهلية". ثم ذكر تكذيبه عن النجاشي.

أقول: إذا كانوا يتهمون الصحابة بهذا فما بالك برواتهم؟! وحقيقة من شك فيمن زكاهم القرآن كيف يثق بعد ذلك بغيرهم؟!

ثم إن الوحيد بحث في دعوى شهادة الصدوق على أصحاب الأصول أنهم أصحاب أصول (يعني كتب عن الأئمة)، وقال أن الصدوق ليس معصوماً، فتأمل كثير ممن يزعم أنهم أصحاب أصول دعوى أنهم أصحاب أصول معتمدة على تعديل رجل واحد فحسب وهو الصدوق الذي هو في نفسه متهم عندنا، فعاد الأمر كله إلى رجل واحد.

فكيف يصدق هذا الرجل ويكذب كل رواة أهل السنة وأئمتهم؟

وقال الوحيد في رسائله ص208: "ومنها الحديث المشهور أو المتواتر (قد كثرت علي الكذابة) والحديث المشهور عن أمير المؤمنين في سبب اختلاف الحديث، والمذكور في أول الكافي وغيره".

إلى أن قال: "ومنها الحديث المتواتر المشهور عن أهل البيت: (إنا أهل البيت صادقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا فيسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس).

وكذا قولهم (لا نخلو من كذاب أو عاجز الرأي كفانا الله مؤنة كل كذاب).

وقد أشرنا إلى أن أبا الخطاب وأبا المغيرة وغيرهما كانوا يدسون في أصول أصحابنا".

ثم أورد الأخبار التي تدعو لعرض رواياتهم على كتاب الله، والواقع أن هذه الروايات تسقط رواياتهم من الأساس، إذ أن كتاب الله بين أيدي جميع الناس فما الحاجة إلى رواياتكم إذا كانت محصلتها موجودة في كتاب الله، والناس يحتاجون الروايات لتفسير الكتاب.


وقال الوحيد البهبهاني في الفوائد الحائرية ص488: "وجميع تأليفات الفقهاء مبنية على ذلك، بل ضعافهم أضعاف الصحاح إلا النادر من المتأخرين، بل النادر أيضاً في كثير من المواضع عمل بالمنجبر مصرحا بأنه وإن كان ضعيفاً إلا أنه عمل به الأصحاب".

وقال قبلها: "بل استنادهم إلى الضعاف أضعاف استنادهم إلى الصحاح".

هكذا يعترف أن معظم فقه الإمامية مبني على الضعاف (مع أن صحاحهم شروطها مخففة عن شروط أهل السنة)، ولو نظرت في الكتب الستة لظهر لك أن معظم فقه أهل السنة مبني على الأخبار القوية، وحتى الأخبار الضعيفة الواردة تكون قياس الأخبار القوية أو عضدها عمل الصحابة أو إجماع الفقهاء وغير ذلك، وجامع الترمذي خير مثال.
التفاعل مع إسلام المشاهير بين الافراط والتفريط 👇