قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
47.5K subscribers
618 photos
22 videos
151 files
612 links
القناة الرئيسية:
t.me/alkulife
قناة الدروس العلمية:
t.me/doros_alkulify

أسئلة عامة مع عبد الله الخليفي:
t.me/swteat_k
صوتيات الخليفي:
t.me/swteat_alkulife

تعزيز القناة : https://t.me/alkulife?boost
Download Telegram
عجيبة: تأثر الشيعة الإمامية بمذهب جهم في الإيمان!

الإرجاء والتشيع كلاهما ظهر في الكوفة، وكانا في وقت من الأوقات في حكم المتقابلين، غير أن من العجائب التي وقفت عليها وأنا أقرأ بعض الموسوعات الشيعية في الفقه والأصول اعتراف بعضهم بتأثرهم بغلاة المرجئة!

قال محمد بن علي الأنصاري الشيعي الإمامي في كتابه الموسوعة الفقهية الميسرة (6/199) وهو يتكلم عن قول المرجئة الإيمان التصديق: "ذهب إلى هذا القول جمع من متقدمي الإمامية ومتأخريهم بل استقر المذهب الآن على ذلك كما قيل، وذهب إليه الأشاعرة والمرجئة على ما قيل.

قال السيد المرتضى: (اعلم أن الإيمان هو التصديق بالقلب ولا اعتبار بما يجري على اللسان، فمن كان عارفاً بالله تعالى وبكل ما أوجب معرفته مقراً بذلك مصدقاً فهو مؤمن)".

ثم نقل كلاماً للطوسي والحلي في السياق نفسه، ولا يخفى أن هذا هو مذهب الجهم بن صفوان، والذي نصره الأشعري في أحد قوليه وكثير من أتباعه.

فأهل السنة يقولون الإيمان قول وعمل واعتقاد؛

والمرجئة يقولون قول واعتقاد؛

والجهمية يقولون اعتقاد فحسب.

وقد وجدت بحثاً لباحث شيعي يتعامل مع هذه المشكلة العويصة لأن عندهم روايات كثيرة في كتبهم تلعن المرجئة الذين يخرجون العمل من مسمى الإيمان، فكيف وعدد من المتكلمين الشيعة يخرجون القول أيضاً، هذا يجعلهم أولى باللعن.

الباحث اسمه رسول جعفريان وبحثه بعنوان: [الإيمان والإسلام في كلام أهل البـيت (عليهم السلام) ومتكلمي الشيعة]

وكان مما جاء في بحثه: "هذا وقد جاء في إحدى الروايات أنّ أبا حنيفة وبعضاً من أنصاره من المرجئة أمثال عمر بن قيس الماصر وعمر بن ذرّ ذهبوا عند الإمام الصادق (عليه السلام) واخذوا يسألونه فيما يتعلق بالإيمان، قال الإمام (عليه السلام) نقلاً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): « لا يزني الزاني وهو مؤمن ولا يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر وهو مؤمن » عندها سأل عمر بن ذرّ: بِمَ نسمّيهم؟ قال عليه السلام: بما سمّاهم الله وبأعمالهم، قال الله عزّ وجلّ عنهم « السارق والزاني ».
بناءً على هذا، يمكن أن نعتبر أنّ رأي الأئمّة (عليهم السلام) يتعارض مع ما يرتئيه المرجئة فيما لو وصل الأمر إلى الحفاظ على حريم الإيمان، لكن وكما مرّ فإنّ الأئمّة (عليهم السلام) كذلك يقولون بإسلام هكذا أشخاص، هذا وإنّ الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) بالرغم من قبولهم بعدم تكفير مرتكب الكبيرة".

أقول: في كلامه خلط تاريخي ليس هذا محل بسطه.

ثم قال بعد سطور عديدة: "رأي السـيّد المرتضى: بناءً على ما جاء به السيّد المرتضى في الذخيرة، يمكن القول: بأنّه قد سلك نفس المسلك الذي سلكه أبو اسحق النوبختي في الفصل بين الإيمان والعمل; حيث كتب في باب تعريف الإيمان قائلاً : «إعلم أنّ الإيمان هو التصديق بالقلب، ولا اعتبار بما يجري على اللسان ممّن كان عارفاً بالله وبكلّ ما أوجب معرفته مُقرّاً بذلك مصدّقاً فهو مؤمن.
والكفر نقيض ذلك وهو الجحـود في القلب دون اللسان لما أوجب الله تعالى المعرفة به .... وإلى هذا ذهبت المرجئة وإن كان فيهم من ذهب إلى أنّ الإيمان هو: التصديق باللسان خاصّة وكذلك الكفر والجحود باللسان ... ومنهم من ذهب إلى أنّ الإيمان هو التصديق بالقلب واللسان معاً وقال في الكفر: إنّه الجحود بهما ».
ولا يمكن ان نغض النظر هنا عن التأثير الذي يمكن ان تتركه التقيّة -التي يعتقد بها الشيعة- على مثل هذه التصريحات، وعدم اعتقاد أهل الحديث والمعتزلة والزيدية والخوارج بالتقيّة جعلهم يقفون في قبال هذه العقيدة.
السيد المرتضى يعرّج فيما بعد في كتابه على آراء المعتزلة والخوارج والزيدية كذلك، ثمّ يذكر بعد ذلك الأدلّة التي تدعم عقيدته في مسألة الإيمان، العقيدة التي يوافقه المرجئة فيها".

حمل كلام الشريف على التقية ضعيف جداً فالجهمية الذين، وافقهم المرتضى شرذمة في الأمة.

وقال أيضاً: "رأي الخواجة نصير الدين الطوسي والعلامة الحلّي: كما قد مرّ سابقاً فإنّ نظرية الإيمان عند الشيعة مبتنيه على أساس الفصل بين العمل والإيمان بالمعنى الذي أوضحناه في الرد على المعتزلة والخوارج، وقد شاطرهم الأشاعرة في هذا الرأي تدريجيّاً بعد أن اختلفوا مع أسلافهم من أهل الحديث الذين كانوا يصرّون على خلاف ذلك.
الخواجة نصير الدين كان يعتبر الإيمان عبارة عن التصديق القلبي والإقرار اللساني، وكان يقول بالملازمة بينهما فلا ينفع احدهما دون الآخر، وكان يعتقد أنّ خير مثال على التصديق اللساني الفاقد للإيمان".

فيلاحظ أن النصير الطوسي وافق مرجئة الفقهاء وقد قال الباحث نفسه: "بل إنّها حاولت وبصور مختلفة أن تربط بين العمل والإيمان، حتّى أنّ الإمام الصادق (عليه السلام) تصدّى للمواقف الإفراطية للإرجاء حيث قال (عليه السلام): « ملعون ملعون مَن قال: الإيمان قول بلا عمل ».

ومن يقرأ مقاله يعرف أن معظم متكلمي الشيعة والأشعرية خالفوا السلف أهل الحديث، وروايات المعصومين عند الرافضة وهذه عجيبة!
لقاح كورونا وفقه التسليم 👇
نبي الله هود معجزة خفية وحجة بينة...

من أكثر الأنبياء الذين تؤثر قصتهم في نفسي نبي الله هود، وذلك أنه عليه الصلاة والسلام ما ظهر في قصته آية ظاهرة (والتي اشتهر تسميها بالمعجزة)

حتى قال له قومه: {قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين}[هود].

علما أن حجته ظاهرة، فهم لا بينة عندهم على عبادة الأصنام إلا تقليد الآباء القريبين، وما علموا حال الآباء الأبعد، وقد كان آدم موحداً، وقد علموا أن هذه الأصنام صنعها بشر، فقبل صنعتها ما كانوا يعبدون؟

فما نفع الأوائل نفعهم فربك قريب مجيب، فتقليد الآباء في أمر معلوم الإحداث هذه حجة وقتية متناقضة، وتجد أهل الباطل في كل زمان يفعلونها.

كمن يقلد المشيخة المتأخرين في محدثات وأحوال قد علم أنها ما كانت عند الأوائل، بل علم أن الأوائل على خلافها، لهذا تجده نافراً من كتبهم ثم يظهر نفسه بمظهر تعظيم العلماء، ويقصد بهم بعض المتأخرين أو جماعة منهم ممن كان منحرفاً أو كان فاضلاً ولكنه زل في أمر، وهذا يقلده في زلته، ويحتج به في كل محفل.

وكما أن قوم هود ما فهموا أن البينة تلزمهم، وأن الرجل جاءهم بالبينة واقترحوا بينة من عند أنفسهم ثم قالوا (ما جئتنا ببينة) فكذلك أهل الباطل في كل زمان كمن يشترط لقبول الحق أن يقول به عدد معين من الناس، أو بعض المتأخرين، مع يقينه بكلام المتقدمين به، أو أن يكون المتكلم به على صفة معينة، مع أنه ما أحال الأمر على نفسه، وإنما أحاله على حجة مفهومة وكلام لمتقدم متفق عليه.

ومثلهم من يأبى الحق لأنه يرى المسلمين ليسوا (متقدمين) في نظره، وهذه كلها ممحاكات.

غير أن العجيب في حال نبي الله هود ما قاله ابن القيم في مدارج السالكين: "حتى إن من أخفى آيات الرسل آيات هود عليه السلام، حتى قال له قومه {ياهود ما جئتنا ببينة} [هود: 53] ومع هذا فبينته من أظهر البينات، وقد أشار إليها بقوله: {إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون - إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم} [هود: 54 - 56] ، فهذا من أعظم الآيات: أن رجلا واحدا يخاطب أمة عظيمة بهذا الخطاب، غير جزع ولا فزع، ولا خوار، بل واثق مما قاله جازم به، قد أشهد الله أولا على براءته من دينهم، ومما هم عليه إشهاد واثق به، معتمد عليه، معلم لقومه: أنه وليه وناصره، وأنه غير مسلطهم عليه.
ثم أشهدهم -إشهاد مجاهر لهم بالمخالفة- : أنه بريء من دينهم وآلهتهم، التي يوالون عليها ويعادون، ويبذلون دماءهم وأموالهم في نصرتها.
ثم أكد عليهم ذلك بالاستهانة بهم، واحتقارهم وازدرائهم، وأنهم لو يجتمعون كلهم على كيده، وشفاء غيظهم منه، ثم يعالجونه ولا يمهلونه وفي ضمن ذلك: أنهم أضعف وأعجز وأقل من ذلك، وأنكم لو رمتموه لانقلبتم بغيظكم مكبوتين مخذولين.
ثم قرر دعوته أحسن تقرير، وبين أن ربه تعالى وربهم، الذي نواصيهم بيده: هو وليه ووكيله، القائم بنصره وتأييده، وأنه على صراط مستقيم، فلا يخذل من توكل عليه وآمن به، ولا يشمت به أعداءه، ولا يكون معهم عليه، فإن صراطه المستقيم الذي هو عليه -في قوله وفعله- يمنع ذلك ويأباه.
وتحت هذا الخطاب أن من صراطه المستقيم أن ينتقم ممن خرج عنه وعمل بخلافه، وينزل به بأسه، فإن الصراط المستقيم هو العدل الذي عليه الرب تعالى، ومنه انتقامه من أهل الشرك والإجرام، ونصره أولياءه ورسله على أعدائهم، وأنه يذهب بهم، ويستخلف قوما غيرهم، ولا يضره ذلك شيئا، وأنه القائم سبحانه على كل شيء حفظا ورعاية وتدبيرا وإحصاء.
فأي آية وبرهان ودليل أحسن من آيات الأنبياء وبراهينهم وأدلتهم؟".

والذي يظهر لي -والله أعلم- أن الله عز وجل جعل حال نبي الله هود على ما ذكر ليكون في شأنه تسلية لأهل الدعوة في كل زمان، وذلك أنك يمكن أن تخاطب كافراً بالحديث عن المعجزات المتواترة، أو إخبار النبي بالمغيبات، أو أحواله في كتب أهل الكتاب، أو ما شاء الله من دلائل النبوة.

ولكن في خلافيات أهل الملة أو من ينتسبون للملة تكون براهينك وبيناتك من جنس ما أتى به نبي الله هود، خصوصاً مع فشو الباطل وانتشاره وكثرة أهله وتسلطهم.
كلام حسن للمقريزي حول إنكار البدع (بمناسبة الجدل السنوي حول المولد)

قال المقريزي في المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار: "نجم الدين محمد الطنبدي وكان شيخا جهولا وبلهانا مهولا سيء السيرة في الحسبة والقضاء، متهافتا على الدرهم ولو قاده إلى البلاء، لا يحتشم من أخذ البرطيل والرشوة، ولا يراعي في مؤمن إلّا ولا ذمّة قد ضرى على الآثام، وتجسد من أكل الحرام، يرى أن العلم إرخاء العذبة ولبس الجبة، ويحسب أن رضى الله سبحانه في ضرب العباد بالدرة وولاية الحسبة، لم تحمد الناس قط أياديه، ولا شكرت أبدا مساعيه، بل جهالاته شائعة وقبائح أفعاله ذائعة، أشخص غير مرّة إلى مجلس المظالم، وأوقف مع من أوقف للمحاكمة بين يدي السلطان من أجل عيوب فوادح، حقق فيها شكاته عليه القوادح، وما زال في السيرة مذموما ومن العامّة والخاصة ملوما. وقال له: رسول الله يأمرك أن تتقدّم لسائر المؤذنين بأن يزيدوا في كل أذان قولهم الصلاة والسلام عليك يا رسول الله، كما يفعل في ليالي الجمع، فأعجب الجاهل هذا القول، وجهل أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يأمر بعد وفاته إلّا بما يوافق ما شرّعه الله على لسانه في حياته، وقد نهى الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز عن الزيادة فيما شرعه حيث يقول: أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ
وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إياكم ومحدثات الأمور» فأمر بذلك في شعبان من السنة المذكورة، وتمت هذه البدعة واستمرّت إلى يومنا هذا في جميع ديار مصر وبلاد الشام، وصارت العامّة وأهل الجهالة ترى أن ذلك من جملة الأذان الذي لا يحلّ تركه، وأدّى ذلك إلى أن زاد بعض أهل الإلحاد في الأذان ببعض القرى السلام بعد الأذان على شخص من المعتقدين الذين ماتوا، فلا حول ولا قوّة إلّا بالله، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون".


أقول: هذا كلام حسن في نقض الاستدلال بالمنامات على إحداث البدع تخصيصاً قوله: (وجهل أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يأمر بعد وفاته إلّا بما يوافق ما شرّعه الله على لسانه في حياته، وقد نهى الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز عن الزيادة فيما شرعه حيث يقول: أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ).

واليوم إذا أحدث بعض الناس بدعة في الدين فأنكر عليهم منكر جاءهم متعاقل ثالث وأخذ يتذمر من الصراعات بين المسلمين والحوارات في هذه القضايا.

وهذا غلط، إذ أن فيه تسوية بين الحق والباطل في اللوم، وفي السنة إن لصاحب الحق مقالاً (يعني لا ينبغي لومه)

ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه، فأغلظ فهم به أصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوه، فإن لصاحب الحق مقالا»، ثم قال: «أعطوه سنا مثل سنه»، قالوا: يا رسول الله، إلا أمثل من سنه، فقال: «أعطوه، فإن من خيركم أحسنكم قضاء».

وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: المستبان ما قالا فعلى البادئ، ما لم يعتد المظلوم.

وأفضل طريقة لجمع الأمة ترك البدع، لأن البدعة ليست واجبة، ولا مستحبة، ولا هي من أركان الإسلام باتفاق الجميع، فلماذا لا تترك، وتتحد الكلمة بدلاً من الحرص عليها مما يهيج المنكرين.

قال المروزي في السنة: "حدثنا أحمد بن عبده، ثنا حماد بن زيد، عن عاصم الأحول، قال: قال لنا أبو العالية: " تعلموا الإسلام فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم فإنه الإسلام، ولا تحرفوا الصراط يمينا وشمالا، وعليكم بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم والذي كانوا عليه من قبل أن يقتلوا صاحبهم ويفعلوا الذي فعلوا، فإنا قد قرأنا القرآن من قبل أن يقتلوا صاحبهم ومن قبل أن يفعلوا الذي فعلوا بخمسة عشر سنة، وإياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين الناس العداوة والبغضاء، فأخبرت به الحسن فقال: صدق ونصح، وحدثت به حفصة بنت سيرين فقالت لي: بأهلي أنت هل حدثت بهذا محمدا؟ قلت: لا، قالت: فحدثه إياه".

وقد رواه معمر في جامعه، وابن عدي في الكامل.

تأمل قوله (والذي كانوا عليه من قبل أن يقتلوا صاحبهم ويفعلوا الذي فعلوا) يقصد فتنة عثمان فإذا كانت هذه الموعظة في ذلك الزمان المتقدم فهذا يقال في كل ما أحدث المتأخرون واجتهدوا في الاستدلال له من محدثات قام داعيها في زمن السلف وما فعلوها، وهذا طريق الاجتماع الحق، لا السكوت على الباطل، ولا التهوين من شأنه، ولا التسوية بين أهل الحق وأهل الباطل، أو الدعوات الحالمة للتهدئة، والتي من التزم بها فهو مغبون إذ أن خصمه لا يسكت.
اللوازم الشديدة لاعتقاد ضلال العامة في صفة العلو

كتب أحد الأخوة الأفاضل ما يلي:

[من يعتقد كفر العوام لاعتقادهم "المكان والحيز والجهة" لله مع علمه أن هذا لازم للنبي صلى الله عليه وسلم بتعليمه إياهم، فهو كافر، واعتقاد العوام لظواهر النصوص ليس بقبيح.

قال محمد بن أبي بكر المرعشي الأشعري، المعروف بساجقلي زاده، في "رسالة التنزيهات"، وهي رسالة في تنزيه الله عن المكان والحيز والجهة، ص٨٣- ٨٤، طبعة: دار الفتح:

( فإن علم من يقول أو يعتقد أن العوام الجهلة يكفرون بذلك الاعتقاد، -أي المكان والحيز والجهة- لزوم تقرير النبي صلى الله عليه وسلم إياهم على كفرهم يكفر، وإن لم يعلم فلا، وقد علمنا ذلك اللزوم فلا نقول بملزومه، ولا نعتقد ذلك الملزوم... فظهر أن اعتقاد العوام الجهلة ما دل عليه ظوهر النصوص من الأمور المذكورة ليس بقبيح).

أقول: وفي كلام ساجقلي زاده أن اعتقاد العوام بخلاف اعتقاد الأشعرية، وأن أكثر الأمة وهم العوام على اعتقاد ظواهر النصوص].

أقول: تصريح ساجقلي زادة ليس فريداً من نوعه.

قال الغزالي: "فإن قيل: فلِمَ لم يَكشف الغطاء عن المراد بإطلاق لفظ الإله ولم يَقل (الرسول صلى الله عليه وسلم) أنه موجود ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ولا هو داخل العالم ولا خارجه ولا متَّصل و لا مُنفصل ولا هو في مكان ولا هو في جهة، بل الجهات كلُّها خالية عنه. فهذا هو الحق عند قوم والإفصاح عنه كذلك كما فصح عنه المتكلِّمون ممكن، ولم يكن في عبارته قصور ولا في رغبته في كشف الحق فتور ولا في معرفته نقصان.

قلنا: من رأى هذا حقيقة الحق اعتذر بأنَّ هذا لو ذكره لنفَرَ الناس عن قبوله، ولبادروا بالإنكار وقالوا: هذا عين المحال، ووقعوا في التعطيل، ولا خير في المبالغة في تنزيه يُنتِج التعطيلَ في حق الكافة إلا الأقلِّين، وقد بُعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) داعيًا للخلق إلى سعادة الآخرة رحمة للعالمين، كيف ينطق بما فيه هلاك الأكثرين.. وأمّا إثبات موجود في الاعتقاد على ما ذكرناه من المبالغة في التنزيه شديد جدًّا بل لا يقبله واحد من الألف لا سيما الأمَّة الأمية".
[إلجام العوام عن علم الكلام]

فهنا الغزالي يعترف أن عقيدتهم في الله لا يقبلها إلا واحد من الألف في الأمة!

قال السنوسي في (شرح أم البراهين): "وأما العامة فأكثرهم ممن لا يعتني بحضور مجالس العلماء، ومخالطة أهل الخير، يتحقق منهم اعتقاد التجسيم والجهة، وتأثير الطبيعة –القول بالأسباب–، وكون أفعال الله تعالى معللة لغرض، وكون كلامه جل وعلا حرفًا وصوتًا، ومرة يتكلم ومرة يسكت، كسائر البشر، ونحو ذلك من اعتقادات أهل الباطل، وبعض اعتقاداتهم أجمع العلماء على كفر معتقدها". اهـ

أظن هذه النصوص كافية لبيان أن اعتقاد عامة المسلمين على خلاف اعتقاد الأشاعرة، وبعض الناس من الأشاعرة وغير الأشاعرة يزعمون أنه وإن كان العوام في غالبهم على هذه العقيدة فغالب علماء الأمة أشاعرة. وبلغني للرد عن شخص مشتغل بمقارنة الأديان أنه يزعم أن 90% من علماء المسلمين بعد القرن الثالث إلى يومنا هذا على عقيدة الأشعرية، وعليه لو تكلم إنسان فيهم بكلام غليظ هم والمعتزلة والفلاسفة فإنه يلزمه ذلك في هذه النسبة التي قدحها من رأسه، وأبان عن مستواه العقلي فضلاً عن العلمي.

هذا الأمر يلزم منه لوازم شديدة.

أولها: أن الأمة لم تزل عامتها في ضلال وخواصها في هدى أو العكس، وهذه صورة مظلمة جداً عن الأمة.

ثانيها: أن العلماء ما نفعهم علمهم الاعتقاد الصحيح، وأنهم لو بقوا من العوام لكان خيراً لهم في اعتقادهم مع حسن قصدهم وتبحرهم في العلوم.

ثالثها: أن العقيدة الصحيحة إن كانت في القرآن فهذه ينبغي أن يحسن العلماء تلقينها للعوام فربك يقول: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}

وإن لم تكن في القرآن والسنة بل في ظاهر القرآن والسنة ما يناقضها فكيف يكون القرآن هدى ونورا وشفاء لما في الصدور.

وهل أراد الله لعباده أن يكونوا عواماً وخواصاً كل واحد يعتقد عقيدة مناقضة للآخر، هذا عقيدته صحيحة بحسبه وهذا عقيدته صحيحة بحسبه، فإن كان الناس سيقرون على الباطل فلم الوحي إذن؟

اللوازم السابقة لازمة لكل من يدعي هذه الدعوى، والصحيح أن الأمة لم يزل فيها فرقة ناجية، وطائفة منصورة، بل ومبتدعة ما وصلوا لضلال أهل الكلام.

وأن من تأثر بالمقالات الشديدة لأهل الكلام وأعظمها إنكار العلو إنما جماعة من الخواص خالفهم غيرهم ممن هم خير منهم، ولم يزالوا منكرين عليهم أو ناقلين لكلام السلف المنكرين، وما حصل منهم من كتابات جيدة في الفقه والأصول والحديث والتفسير فذلك من بركة ما تلقوه عن السلف، غير أنهم أخذوا الفرع وفرطوا في الأصل.

ثم إن الخواص في القرون الثلاثة الأولى على غير هذه العقيدة باتفاق الجميع.
=
=
قال ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية: "قال «ابن فورك»: «وقال -يعني: ابن كلاب- في كتاب «الصفات» في بيان القول في الاستواء: «ورسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صفوة الله من خلقه، وخيرته من بريته، وأعلمهم جميعًا به، يجيز قول الأين ويقوله، ويستصوب قول القائل: إنه في السماء، ويشهد له بالإيمان عند ذلك، وجهم بن صفوان وأصحابه، لا يجيزون الذي زعموا، ويحيلون القول به» قال: «ولو كان خطأ كان رسول الله أحق بالإنكار له، وكان ينبغي أن يقول لها: لا تقولي ذلك، فتوهمين أنه عز وجل محدود، وأنه في مكان دون مكان، ولكن قولي: إنه في كل مكان، لأنه هو الصواب دون ما قلت، كلا لقد أجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع علمه بما فيه، وأنه أصوب الأقاويل، والأمر الذي يجلب الإيمان لقائله، ومن أجله شهد لها بالإيمان حين قال، وكيف يكون الحق في خلاف ذلك؟ والكتاب ناطق به وشاهد له، ولو لم يشهد لصحة مذهب الجماعة في هذا الفن خاصة إلا ما ذكرت من هذه الأمور، لكان فيه ما يكفي، كيف وقد غرس في بَنية الفطرة، وتَعَارف الآدميين من ذلك ما لا شيء أبين منه ولا أوكد، بل لاتسأل أَحدًا من الناس عنه عربيًّا ولا عجميًّا ولا مؤمنًا ولا كافرًا، فتقول: أين ربك؟ إلا قال: في السماء، إن أفصح، أو أومأ بيده أو أشار بطرفه، إن كان لا يفصح، لا يشير إلى غير ذلك من أرض ولا سهل ولا جبل، ولا رأينا أحدًا داعيًا له إلا رافعًا يديه إلى السماء، ولا وجدنا أحدًا غير الجهمية يسأل عن ربه فيقول: في كل مكان، كما يقولون، وهم يدّعون أنهم أفضل الناس كلهم، فتاهت العقول، وسقطت الأخبار، واهتدى «جهم» وحده وخمسون رجلًا معه، نعوذ بالله من مضلات الفتن".

فابن كلاب يقول أن إنكار العلو هو عقيدة الجهم ومعه خمسون رجلاً فقط، ثم فجأة صارت هذه العقيدة عند بعضهم عقيدة 90% من علماء الأمة بعد القرن الثالث.

وكنت قد تكلمت على هذه الدعوى في صوتيتين بعنوان السواد الأعظم المنسي وهنا رابطهما:

1_ https://youtu.be/Q2OZmCp2TCQ

2_ https://youtu.be/9nxsTp1Tb8M

في الأولى بينت أن العلماء المؤلفين من أهل القرون الثلاث الأولى عددهم يفوق عدد مؤلفي القوم في كل القرون ممن مصنفاتهم بين أيدينا، أو يقاربه علماً، العلماء لا يحصرون في المؤلفين -فهناك علماء رواة- ولا بمن مصنفاتهم مطبوعة أو مشهورة (فهناك المغمور والمخطوط والذي أثره واضح في المطبوع لمن تدبر) ثم إن المسألة ليست عدداً فإمام مجتهد واحد بألف مقلد.

وفي الثانية تكلمت على المصنفين في الحديث في كل القرون، وكثير من الناس لا يفهم ما تقتضيه كلمة 90 % هذه، ومعناها أنه أمام كل عالم سني أو مبتدع ما بلغ ضلالة المتكلمين الكبرى لا بد أن تأتي بتسعة من المتكلمين حتى تتحقق لك هذه النسبة.

وقد نظرت للتو في آخر كتاب الاحتجاج بالآثار السلفية للشيخ عادل آل حمدان، وقد ذكر مجموعة من المؤلفات المطبوعة في العقيدة السلفية، فنظرت في أسماء المؤلفين من القرن الثالث إلى السادس فقط فظهر أن عددهم 33 (وكان عندي استدراكات)

فبدا لي أن أختبر دعوى ال 90 % علماً أن هؤلاء هم أصحاب الكتب المطبوعة، وهناك غيرهم لهم كتب مخطوطة أو مفقودة، وهؤلاء لهم شيوخ وتلاميذ مشاهير على طريقتهم، وهناك مؤلفين لم يؤلفوا عقيدة خاصة، ولكن عقيدتهم سلفية أو على الأقل لم تصل لإنكار العلو أو القول بخلق القرآن.

فظهر لي أنني لا بد أن آتي ب297 أشعرياً وماتردياً ومعتزلياً مقابل هؤلاء ال33، يكونون قد صنفوا في عقائد القوم، ومعلوم لكل عارف أن عدد المشاهير في القوم لا يصل لهذا ولا نصفه.

فكيف إذا أضفنا الناس بعد ظهور ابن تيمية وتلاميذه، وظهور الدعوة الإصلاحية في نجد، وحال السلفية المعاصرة، فسيظهر أن هذه النسبة سراب، وأنه لو تحقق نصفها فذاك إنجاز كبير جداً، فكيف إذا أضفنا القرون الثلاثة الفاضلة. علماً أن الأمر على ما شرحت ليس بالأعداد، بل هذه حجة متغيرة، فعلماء الأمة يزيدون وستتغير النسبة، علماً أن المدح تعلق بالقرون الفاضلة.

وهذا ابن عساكر المتوفى عام 571هـ يقول في تبيين كذب المفتري: "فقد قال في التبيين: "فإن قيل: إن الجم الغفير في سائر الأزمان وأكثر العامة في جميع البلدان لا يقتدون بالأشعري ولا يقلدونه، ولا يرون مذهبه، وهم السواد الأعظم، وسبيلهم السبيل الأقوم".
ثم أجاب بأخبار الغربة.

وعلق عليه ابن المبرد في جمع الجيوش والدساكر بقوله: "وهذا الكلام يدل على صحة ما قلنا، وأنه في ذلك العصر وما قبله كانت الغلبة عليهم، وبعد لم يظهر شأنهم".

وقد ذكر أكثر من 400 عالم وفقيه وعابد مجانبين للأشعري ذامين له، وتذكر أنك تحتاج إلى تسعة مقابل كل واحد من هؤلاء حتى تصح لك تلك النسبة اللوذعية، وهذا كله بعيداً عن القرون الثلاثة الفاضلة!


=
=
ويا ليت شعري ما الذي تستفيده من عد القرطبي على سبيل المثال وهو معترف بأن عقيدة إثبات العلو هي عقيدة السلف! حيث يقول في تفسيره: "وقد كان السلف الأول رضي الله عنهم لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله. ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة. وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته، وإنما جهلوا كيفية الاستواء فإنه لا تعلم حقيقته. قال مالك رحمه الله: الاستواء معلوم- يعني في اللغة- والكيف مجهول، والسؤال عن هذا بدعة. وكذا قالت أم سلمة رضي الله عنها. وهذا القدر كاف، ومن أراد زيادة عليه فليقف عليه في موضعه من كتب العلماء. والاستواء في كلام العرب هو العلو والاستقرار".

وما الذي تستفيده من عد ابن حجر في الأشاعرة، وهو معترف أن عقيدة الأشاعرة تخالف عقيدة الإمام أحمد.

حيث قال في الفتح: "وقالت الأشاعرة كلام الله ليس بحرف ولا صوت وأثبتت الكلام النفسي، وحقيقته معنى قائم بالنفس وإن اختلفت عنه العبارة كالعربية والعجمية، واختلافها لا يدل على اختلاف المعبر عنه، والكلام النفسي هو ذلك المعبر عنه .
وأثبتت الحنابلة أن الله متكلم بحرف وصوت ، أما الحروف فللتصريح بها في ظاهر القرآن.
وأما الصوت فمن منع قال: إن الصوت هو الهواء المنقطع المسموع من الحنجرة، وأجاب من أثبته بأن الصوت الموصوف بذلك هو المعهود من الآدميين كالسمع والبصر، وصفات الرب بخلاف ذلك فلا يلزم المحذور المذكور مع اعتقاد التنزيه وعدم التشبيه، وأنه يجوز أن يكون من غير الحنجرة فلا يلزم التشبيه، وقد قال عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب السنة: سألت أبي عن قوم يقولون لما كلم الله موسى لم يتكلم بصوت، فقال لي أبي: بل تكلم بصوت، هذه الأحاديث تروى كما جاءت وذكر حديث ابن مسعود وغيره"

وقد ترك ابن حجر تتمة الرواية لشدتها على النفوس حيث قال عبد الله: وقال أبي رحمه الله: حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- ربه "إذا تكلم الله عز وجل سمع له صوت كجر السلسلة على الصفوان" قال أبي: وهذا الجهمية تنكره.
وقال أبي: هؤلاء كفار يريدون أن يموهوا على الناس، من زعم أن الله عز وجل لم يتكلم فهو كافر (يعني الكلام المعروف). ألا إنا نروي هذه الأحاديث كما جاءت.

واستدل ابن تيمية بهذه الروايات في الدرء على منكري الأفعال الاختيارية، وقال ابن تيمية في الدرء: "قال الخلال: (وأنبأنا أبو بكر المروزي: سمعت أبا عبد الله -وقيل له: إن عبد الوهاب قد تكلم وقال: من زعم أن الله كلم موسى بلا صوت فهو جهمي عدو الله وعدو الإسلام- فتبسم أبو عبد الله وقال (ما أحسن ما قال! عافاه الله!)".

وما فائدة أن تعد السبكي وهو معترف أن اعتقاد السلف في الإيمان غير اعتقاد الأشعري! حيث قال في كتابه السيف المسلول: "مذهب الأشعري وأكثر أصحابه أن الإيمان هو التصديق، واختلف جوابه في معنى التصديق، هل هو المعرفة أو هو قول النفس على تحقيق ومن ضرورته المعرفة، وهو الذي ارتضاه القاضي ابن الباقلاني.

ومذهب السلف أن الإيمان معرفة بالجنان، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان، وأنه يزيد وينقص، وأنه لا ينتفي بانتفاء الأعمال، ومذهب السلف في هذا هو الحق".

ثم هذا السلفي الذي يعتقد بتلك النسبة العجيبة، نسأله عن موقفه من مسألة الاستغاثة بغير الله فإن قال أنها شرك، طلبنا منه أن يسقط من حسابه كل أشعري يجوز الاستغاثة بغير الله، فلا يصلح أن تكاثر مخالفك بالواقع في الشرك عندك.

ونسأله هل يوافق على عد ابن تيمية وقبله الكثير جدا من العلماء للأشاعرة في المرجئة، فإذا كان 90% من علماء الأمة مرجئة وربما خرج 10% من الأشاعرة ليسوا كذلك، فما العجب في انتشار الإرجاء الذي يعوق حرب الطواغيت! والمعتزلة وعيدية، فلا عجب من انتشار الغلو، وأما أصحاب العقيدة الصحيحة فمساكين ما كانوا سوى 10% من الأمة ما عساهم أن يفعلوا.
نبي الله شعيب واستخلاف ابن أم مكتوم 👇
تنبيهان حول هلاك الرسام السويدي...

فرح الناس واستبشروا لما هلك الرسام السويدي الذي أساء لمقام النبي صلى الله عليه وسلم، وقد هلك محروقاً في الدنيا قبل الآخرة، فكان موعظة حاضرة.

غير أن هناك أمرين أود التنبيه عليهما:

الأول: كثرة سؤال الناس (هل يشهد عليه بالنار؟) وإذا رأوا من يقول ذهب إلى جهنم أو هو من حصب النار أو كلمات نحوها، بادروا بالإنكار عليه ومساءلته عن قوله.

وبحسب علمي القاصر ما كان المسلمون هكذا طوال تاريخهم، فبغض النظر عن تحرير المسألة (وقد بحثتها في مقالات عدة، من أهمها مقال ثلاث مسائل مهمة في التكفير، ولعل أحد الأخوة ينشر شيئاً في الأمر قريباً) ما كان الناس يوقفون هذا الإيقاف، خصوصاً مع كافر من العتاة الذين حاربوا الله ورسوله.

وأزيد هنا فائدة مما لم أذكره في المقالات، جاء في كتاب أخبار الزجاجي هذا الخبر: "وشبيه بهذا من الجوابات المسكتة ما روى عن الخنساء حين دخلت على عائشة فأنشدتها قولها في أخيها صخر:
ألا يا صخر أن أبكيت عيني ... لقد أضحكتني زمنا طويلا
بكيتك في نساء معولات ... وكنت أحق من أبدى العويلا
دفعت بك الخطوب وأنت حي ... فمن ذا يدفع الخطب الجليلا
إذا قبح البكاء على قتيل ... رأيت بكاءك الحسن الجميلا
فقالت لها عائشة رضي الله عنها: أتبكين صخرا وهو جمرة في النار؟ فقالت: يا أم المؤمنين، ذاك أشد لجزعي عليه وأبعث لبكائي".

هذا الخبر مع عدم وروده بإسناد قوي إلا أنني رأيت الأدباء من عقائد مختلفة يوردونه دون أن يتوقفوا أو يعلقوا على قول عائشة "جمرة في النار".

وقال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى: "العربية إنما احتاج المسلمون إليها لأجل خطاب الرسول بها فإذا أعرض عن الأصل كان أهل العربية بمنزلة شعراء الجاهلية أصحاب المعلقات السبع ونحوهم من حطب النار".

والشيخ قصد التغليب، وإلا فلبيد بن ربيعة أسلم، والشيخ قائل بأخبار أهل الفترة، غير أنه تكلم بهذه الكلمة تغليباً أو لأخبار دلت عنده على أن القوم كذلك.

وقال الخلال في السنة: 1768 - أخبرني أحمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة، قال: سمعت الميموني، يقول: قلت لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله، لما أخرجت جنازة ابن طراح، جعلوا الصبيان يصيحون: اكتب إلى مالك: قد جاء حطب النار. قال: فجعل أبو عبد الله يستر وجعل يقول: «يصيحون، يصيحون»

وقد كان ابن الطراح جهمياً، وما أنكر أحمد تلك الكلمة على الصبيان.

الثاني: هذا الرسام سويدي، وقد هلك قبله رسام دانماركي.

النظرة السائدة في مجتمعاتنا عن هؤلاء أنهم في دول إسكندنافية متقدمة ومسالِمة، فلماذا يأبهون للمسلمين؟ ولماذا يحاولون استفزازهم بهذه الطريقة؟

علماً أنه لا يوجد عندهم ما يسمونه عمليات إرهابية، بل ربما الاعتداء على المهاجرين المسلمين عندهم أكثر.

ودولهم من دول عدم الانحياز، فيفترض أنه لا يوجد بينهم وبين المسلمين حرب أو عداء، بل كثير من المنتسبين للملة يضربون المثل بهم في التقدم وربما الرقي والأخلاق.

فالسؤال لماذا يفعلون هذا؟

باختصار، الأمر عقيدة وليس فقط بغضاً في المهاجرين، هؤلاء الرسامون لا يختلفون عن الشعراء الذين هجوا النبي صلى الله عليه وسلم بعدما عقلوا ما جاء به، وعلموا أنه ضد أهوائهم وما ورثوه عن آبائهم.

ودعوى أنهم بلغهم الإسلام مشوهاً بعيدة، فيمكنهم الدراسة عن الإسلام بسهولة في هذه الأزمنة قبل اللجوء إلى خطوة مثل الرسوم المسيئة، ولكنهم علموا أن الإسلام لا يجتمع مع قيمهم الإنسانوية والليبرالية والنسوية المنحلة لهذا أبغضوه، هذا الأمر باختصار.
التطبيع مع العلاقات المحرمة بين الجنسين في اليوتيوب العربي..

مما ينبغي أن يتنبه له الدعاة والمربون ما يُدخله اليوتيوبي على الناشئة.

الشباب والشابات في هذا الزمان، الذي يتأخر فيه الزواج جدًّا وتكثر فيه المهيجات مع ضعف الديانة، تتشوَّف نفوسهم لما يسمى بقصص الحب والرومانسية.

وصناع المحتوى في اليوتيوب يبحثون عن المشاهدات بأي طريقة فهذا مصدر رزقهم.

اجتمع من الأمرين السابقين أن بعض صناع المحتوى بدت لهم فكرة، وهي أن يقيم علاقة مع شابة من صانعات المحتوى ويظهر معها وتظهر معه باستمرار.

وهنا يصير الصغار المتعطشون لإشباع مشاعر داخلية عندهم في هذا السياق يتابعون هذه المواد وينشرونها بين أصدقائهم، وهكذا يحصِّل صناع المحتوى ما يريدون.

والعلاقات بين الذكور والإناث في اليوتيوب على ثلاث مستويات:

١) المحتوى العائلي، ويكون بين زوج وزوجة، وهذا خطير أيضًا مع أنه بين زوج وزوجة.

وذلك أن الزوجات لا يلتزمن حجابًا، بل كثير منهن كن يضعن على رؤوسهن شيئًا ثم تركنه بعد الشهرة، ثم هؤلاء الأزواج يستضيفون أهل المستويات الثانية.

مع كونهم يُظهرون لحظات حميمية أمام الكاميرا لجلب المشاهدات.

٢) علاقة العشاق، وهي التي تكون بين شاب وشابة ليسا متزوجين ولا مخطوبين، ولكنهما يُظهران أحوال الحب والعشق، وهذا المحتوى هو الأخطر، وله جمهور كبير بين المراهقين.

٣) علاقة الصداقة، التي يُزعم أنها بريئة، شاب وشابة تجمعهما علاقة عمل ويذهبان ويأتيان مع بعضهما البعض بدون عشق أو زواج، وتُرَسَّخ فكرة العلاقات الأفلاطونية بين الذكر والأنثى، وهذا مفتاح شر عظيم( وغالبا يكون المتابعون غير مقتنعين بذلك وينتظرون تحول العلاقة إلى عشق ثم زواج ) .

وهذا كله تحصيل مشاهدات من خلال المتاجرة بشهوات المراهقين، وهذا يُلقي عبئًا على المربِّين أن يُثبتوا في الناشئة عدة معانٍ:

أولها: معنى الغيرة على الزوجة وأن هذا خلق محمود، وأن المال ليس كل شيء بل إن العرض فوق المال، المال يُؤخذ ليُصان به العرض ولا يُبذل العرض لأجل المال.

ثانيها: أنه لا يوجد علاقات صداقة وذهاب وإتيان وخلوة بين الذكور والإناث إلا بزواج وما سوى ذلك محرم.

قد يظن بعض الناس أنني أتكلم في بديهيات أو أتحدث عن أمر هامشي، ولكن من رأى قنوات اليوتيوب التي فيها هذا المحتوى والعدد الهائل من المتابعين ودرس تعليقات المتابعين سيعلم أننا أمام ظاهرة خطيرة.
باب فيمن شملته سعادة العرب والمسلمين!

حين هاجم ابن سينا الأمة العربية الإسلامية وصغرها أمام اليونان، رد عليه ابن تيمية -رحمه الله- بغضب وكان مما قاله في الدرء (٥/٧١):

"فأين هذا من لسان أصحابك الطماطم، الذين يسردون ألفاظاً طويلة والمعنى خفيف؟ ولولا أن مثلك وأمثالك ممن شملته بعض سعادة المسلمين والعرب، فصار فيكم بعض كمال الإنسان في العقل واللسان، فعربتم تلك الكتب وهذبتموها وقربتموها إلى العقول، وإلا لكان فيها من التطويل والهذيان ما يشح بمثله على الزمان".

لفتت نظري كلمة الشيخ (شملته بعض سعادة المسلمين والعرب)

وما فيها من فتوح وحل إشكالات، فهناك شخصيات تاريخية ذات إنجاز تجريبي أو علمي أو سياسي أو عسكري ولكنها ابتليت بسوء المعتقد.

فيجد المرء في نفسه تقديرا لما فعلوا، ولكنه يتحاشى سوء معتقدهم.

وفي كلمة الشيخ ما يبين أن هذه الانجازات من بركة الأمة التي بوركت بالوحي، وإن كان هؤلاء خالفوها في معتقدها الأساس إلا أن عيشهم بين المسلمين كان له بركته عليهم، كما نبه ابن تيمية على أن ابن سينا انتفع باللسان العربي وطريقة أهله في البيان فأحسن التهذيب والترتيب.

وممن أدركته بعض سعادة الأمة، وليته أدركها كاملة، طلائع بن رزيك قال عنه المقريزي في المواعظ والاعتبار:

"وكان شجاعا كريما جوادا فاضلا محبا لأهل الأدب جيد الشعر، رجل وقته فضلا وعقلا وسياسة وتدبيرا، وكان مهابا في شكله، عظيما في سطوته، وجمع أموالا عظيمة، وكان محافظا على الصلوات فرائضها ونوافلها، شديد المغالات في التشيع، صنف كتابا سماه الاعتماد في الردّ على أهل العناد، جمع له الفقهاء وناظرهم عليه، وهو يتضمن إمامة عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، والكلام على الأحاديث الواردة في ذلك، وله شعر كثير يشتمل على مجلدين في كلّ فن، فمنه في اعتقاده:

يا أمة سلكت ضلالا بينا ... حتى استوى إقرارها وجحودها

ملتم إلى أنّ المعاصي لم يكن ... إلّا بتقدير الإله وجودها

إلى أن قال :

وكان له مجلس في الليل يحضره أهل العلم ويدوّنون شعره، ولم يترك مدّة أيامه غزو الفرنج وتسيير الجيوش لقتالهم في البرّ والبحر، وكان يخرج البعوث في كل سنة مرارا، وكان يحمل في كلّ عام إلى أهل الحرمين مكة والمدينة من الأشراف سائر ما يحتاجون إليه من الكسوة وغيرها".

فهذا الرجل على تشيعه وسبه للأمة تعلم منهم أمر الجهاد والسخاء، فهذه الأحوال سنها أهل القرون الفاضلة عملا بالكتاب والسنة.

ونظير ما ذكرنا هنا معتزلي تفقه للشافعي، أو أي منحرف عقدي، فتجده يدركه من بركة علم الشافعي عليه الشيء العظيم، ولكنه يكون كابن سينا انتفع باللسان وترك أصول الاعتقاد.
البعد العقائدي لموضوع بر الوالدين 👇
هل العقيدة السليمة في الصفات تحمي الناس من الإلحاد؟

حين ندعو لاتحاد فرقتين أمام أهل الإلحاد فلا بد أن تكون كلتاهما على مستوى واحد تجاه الإلحاد، بمعنى أنه لا يوجد في المذهبين مذهب يقرِّب الناس إلى الإلحاد.

ولا أدري كيف يؤمن مسلم بأن هذا المذهب هو السنة وذاك المذهب هو البدعة ثم يعتقد أن السنة والبدعة يقفان الموقف نفسه أمام الإلحاد؟!

أو أن البحث يمكن أن يكون محايدًا، بحيث يمكن أن نوجد خطة عمل مشتركة لمهاجمة الإلحاد.

كثير من علماء أهل الكلام لمّا وجدوا النصوص تخالف ما هم عليه في باب الصفات وأُورِد عليهم هذا الإشكال: إذا كان ما تقولونه حقًّا لماذا ما جاء واضحًا جدًّا في النصوص؟ بل بالعكس، الكثير من النصوص ظواهرها تخالف ما تقولون به لذا تضطرون لإعمال أداة التحريف الذي تسمونه تأويلًا.

كان جواب العديد منهم أن هذه النصوص جاءت لمسايرة العامة لأنهم لو كلَّمتهم بالتنزيه على طريقة المتكلمين فلن يفهموا إلا التعطيل (أي الإلحاد)، ولن يتميز الأمر عندهم، فلا يثبت عندهم إله لا يُشار إليه ولا يُرى ولا تُفهم صفاته.

ومن المعلوم أن الموجة الإلحادية تستهدف العوام أصالةً، وعليه فعقائد المتكلمين تُسهِّل للإلحاد وليست تقاومه، والعقيدة الصحيحة السلفية المناقضة لعقيدتهم تُبعد عن الإلحاد.

فإن قال قائل: أين قال المتكلمون هذا؟

نشر الأخ محمد ياسين ما يلي: قال محمد بن أبي بكر المرعشي المعروف بساجقلي زاده، في رسالة التنزيهات، وهي رسالة في تنزيه الله عن المكان والحيز والجهة، ص١٤٥، طبعة: دار الفتح، ما نصه: (ورَدَ ظاهر الكتاب والسنة بكونه تعالى جسما لطيفا أكبر من كل شيء في جهة الفوق على العرش تارة، وفي السماء أخرى، له صورة ويد ووجه وعين وقدم وقيام وقعود إلى غير ذلك مما ورد به ظاهرهما، ولم يشتملا على ذكره تعالى على ما هو الحق؛ لئلا يقع العوام في التعطيل).

وقال الرازي في تفسيره: "الوجه الخامس: وهو السبب الأقوى في هذا الباب أن القرآن كتاب مشتمل على دعوة الخواص والعوام بالكلية، وطبائع العوام تنبو في أكثر الأمر عن إدراك الحقائق، فمن سمع من العوام في أول الأمر إثبات موجود ليس بجسم ولا بمتحيز ولا مشار إليه، ظن أن هذا عدم ونفي فوقع في التعطيل، فكان الأصلح أن يخاطَبوا بألفاظ دالة على بعض ما يناسب ما يتوهمونه ويتخيلونه، ويكون ذلك مخلوطا بما يدل على الحق الصريح".

وقال العز بن عبد السلام قوله في القواعد ص(٢٠١): "أن من جملة العقائد التي لا تستطيع العامة فهمها هو أنه تعالى لا داخل العالم ولا خارجه ولا منفصل عن العالم ولا متصل به".

وقال التفتازاني:
"فإن قيل: إذا كان الدين الحق نفي الحيز والجهة فما بال الكتب السماوية والأحاديث النبوية مشعرة في مواضع لا تحصى بثبوت ذلك من غير أن يقع في موضع واحد تصريح بنفي ذلك؟ أجيب بأنه: لما كان التنزيه عن الجهة مما تقصر عنه عقول العامة حتى تكاد تجزم بنفي ما ليس في الجهة؛ كان الأنسب في خطاباتهم والأقرب إلى إصلاحهم والأليق بدعوتهم إلى الحق ما يكون ظاهرًا في التشبيه". [شرح المقاصد ٢/ ٥٠]

وقال أبو البقاء الهاشمي في كتابه التخجيل لمن حرف التوراة والإنجيل: "وهذا كما هفا قوم في لفظ الاستواء والنُّزُول إلى سماء الدنيا ولفظ الوجه والعين واليد والقدم وغير ذلك فحملوا الأمر في هذه التّسميات على ما يبتدر إلى أفهام العوام فزلوا".

هذه اعترافات في أن العوام في كل عصر ومصر على غير عقيدتهم ويؤمنون بظواهر النصوص، غير أن الاعتراف الأهم قولهم (لئلا يقع العوام في التعطيل) وقولهم في العامة (تكاد تجزم بنفي ما ليس في الجهة) فهذه كلها تؤكد على أن العقائد الكلامية تُقرِّب العامة للإلحاد ولا تبعدهم عنه باعتراف أساطين المتكلمين.
=
=
وقال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري (١٣/ ٤٠٢) نقلًا عن القرطبي: "وكأن لفظ الشخص أطلق مبالغة في إثبات إيمان من يتعذر على فهمه موجود لا يشبه شيئا من الموجودات، لئلا يفضي به ذلك إلى النفي والتعطيل، وهو نحو قوله صلى الله عليه وسلم للجارية "أين الله؟ قالت في السماء" فحكم بإيمانها مخافة أن تقع في التعطيل لقصور فهمها عما ينبغي له من تنزيهه مما يقتضي التشبيه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا".

فعندهم الجارية التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالإيمان قاصرة الفهم عما ينبغي لله من التنزيه فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم على هذا ولم يشرح لها التنزيه لأنه لو شرحه لها ستقع في التعطيل (أي الإلحاد)!

ولا يخفى ما في هذا من نسبة النبي صلى الله عليه وسلم إلى العجز عن البيان في أصول الدين، وهذا بلاء.

وقال ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل (١٠/ ٢٧٠):
"فيقال: هذا الرجل يرى رأي ابن سينا ونحوه من المتفلسفة والباطنية، الذين يقولون: إن الرسل أظهرت للناس في الإيمان بالله واليوم الآخر خلاف ما هو الأمر عليه في نفسه، لينتفع الجمهور بذلك، إذ كانت الحقيقة لو أظهرت لهم لما فهم منها إلا التعطيل، فخيلوا ومثلوا لهم ما يناسب الحقيقة نوع مناسبة، على وجه ينتفعون به.

وأبو حامد في مواضع يرى هذا الرأي، ونهيه عن التأويل في إلجام العوام والتفرقة بين الإيمان والزندقة مبني على هذا الأصل، وهؤلاء يرون إقرار النصوص على ظواهرها هو المصلحة التي يجب حمل الناس عليها، مع اعتقادهم أن الأنبياء لم يبينوا الحق، ولم يورثوا علمًا ينبغي للعلماء معرفته، وإنما المورث عندهم للعلم الحقيقي هم الجهمية والدهرية، ونحوهم من حزب التعطيل والجحود.

وما ذكره هذا في النور أخذه من مشكاة أبي حامد وقد دخل معهم في هذا طوائف ممن راج عليهم هذا الإلحاد في أسماء الله وآياته، من أعيان الفقهاء والعباد.

وكل من اعتقد نفي ما أثبته الرسول حصل في نوع من الإلحاد بحسب ذلك، وهؤلاء كثيرون في المتأخرين، قليلون في السلف.

ومن تدبر كلام كثير من مفسري القرآن، وشارحي الحديث، ومصنفي العقائد النافية والكلام، وجد فيه من هذا ما يتبين له به حقيقة الأمر".

ولو كان ابن تيمية حيًّا في زماننا لقالوا له: هل تقصد أن فلانًا وفلانًا من شراح الحديث ومفسري القرآن عندهم إلحاد في أسماء الله وصفاته؟

أنت تنسب ٩٠% من علماء الأمة بعد القرون الفاضلة إلى الإلحاد! (وطبعًا هذه نسبة كاذبة جدًّا).

أنت مجنون تنسب معظم علماء الأمة إلى الإلحاد! (وهذا كذب، فلا هم معظم علماء الأمة ولا هم على عقيدة عوام المسلمين، وعامة أئمة الاجتهاد الكبار في الفقه والتفسير والحديث الذين هم عالة عليهم ليسوا على عقيدتهم).
حين يجتمع الخوف مع الشهوة!

في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ورد ذكر: "ورَجلٌ دَعَتْهُ امرأَةٌ ذاتُ منصبٍ وجمالٍ فقال: إِنِّي أخافُ الله".

ذكر المنصب لأنها قد تؤذيه إن لم يستجب لها.

وذكر الجمال لبيان أن مثلها يُرغب بها وهي محل شهوة.

هذا نظير ما حصل لنبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام حين دُعِي للفاحشة وهُدِّد بالسجن إن لم يستجب.

فقال عليه الصلاة والسلام: (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ).

اجتماع الخوف مع الشهوة الممحِّص للإيمان لا يقتصر على مثل هذا المثال الشديد، بل له صور كثيرة.

فعلى سبيل المثال، في زماننا قد تكون شهوة الإنسان في الشهرة والدعة وثناء الناس، ويقع في نفسه أنه لو قال كلمة حق في سياق معين فإنه سيُلاك بألسنة حداد، فيُتَّهم بالتشدد أو الرجعية أو نحوها من التهم، وربما هُدِّد بالسجن أو رأى نظيرا له سُجِن.

فهنا شهوة وخوف أيضًا يُمتحن بها إيمانه وتوكله على الله.

وكثيرون قد يسكتون عن قول كلمة الحق خوفًا، وربما كانت لهم رخصة، غير أن البلاء طغيان الشهوة بحيث يتكلم بنقيض الحق ليُثنى عليه.

ومن الناس من خوفه وشهوته متعلق بسلطة، وآخر بمنظمات حقوقية، وآخر بالنساء، وآخر بالجمهور، وآخر بالحزب.. وهكذا.

وتأمل مآل الصابرين، يوسف مُكِّن له في الأرض، والرجل المذكور في الحديث يُظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

وفي باب اجتماع الخوف والشهوة جاء أمر الصدقة وأن خير الصدقات وأنت صحيح شحيح ترجو الغنى (شهوة) وتخشى الفقر (خوف).

ولهذا كان المؤمن في ظل صدقته يوم القيامة جزاءً لمغالبة الخوف والشهوة.

واليوم الحجاب والنقاب في عدد من البلدان يجتمع فيه الأمران، فتخاف الفتاة من أن توصف بالتخلف والرجعية إن لبسته، وترجو في تركه إشباع شهوة باطنة، فمن غالبت الأمرين رُجِيَ لها الأجر العظيم والظل الظليل.