🕊جلسة الصفا 🕊
8 ذي الحجة 1440
9 آب 2019
لفضيلة الشيخ 🔸
🔸محمد نعيم عرقسوسي🔸
💥بعنوان:
*الأضحية والإطعام*
📒هناك عبادات فاضلة في هذا العشر المبارك ، منها *الأضحية* وهي سنة مؤكدة، وأوجبهابعض الفقهاء على من ملك نصاباً،
🌴 *وقد روى البخاري* عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ ضحى بكبشين أملحين أقرنين، رأيته يذبحهما بيده وكبَّر وسمَّى الله عز وجل، وفي رواية جابر عند الإمام أحمد وأبي داود والترمذي قال: صليت مع رسول الله ﷺ عيد الأضحى فلما انصرف أُتي بكبش فذبحه، فقال: بسم الله، الله أكبر، اللهم هذا عني وعمن لم يضحِّ من أمتي،
✍ *لذلك قال العلماء*: يجوز الإشراك في الثواب في الأضحية ، أي تقول عندما تضحي: اللهم هذا عني وعن أبي وأمي و زوجتي وأولادي.
🌴 *وروى الإمام الترمذي* أن رجلاُ سأل سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن الأضحية، أواجبة هي؟؟، فقال: ضحَّى رسول الله ﷺ والمسلمون، فأعادها عليه، فقال: ضحَّى رسول الله ﷺ والمسلمون، فأعادها عليه، فقال: أتعقل ؟؟!!، ضحَّى رسول الله ﷺ والمسلمون.
يعني من أكرمه الله بالمال ووسع عليه في الرزق فالأولى أن يُضحِّي، فللأضحية فوائد كثيرة، فهي
🌈أولاً: اقتداء بسيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين قال سبحانه وتعالى عن سيدنا إسماعيل: *وفديناه بذبح عظيم*.
🌈والأمر الآخر في فوائد الأضحية أنها مناسبة للتعاطف والتراحم بين المسلمين، إذ في الإسلام مناسبات كثيرة من أجل التعاطف والتراحم والتكافل بين المسلمين.
منها يوم الفطر إذ تجب فيه صدقة الفطر، توزع على الفقراء والمساكين، ومنها إذا حلف المسلم يميناً وحنث بيمينه فعليه أن يُطعم عشرة مساكين، وكثير من الكفارات إنما يُراد بها إطعام الفقراء،
وكذا الأضحية، الله تعالى نصَّ فيها على الإطعام فقال سبحانه وتعالى في سورة الحج:
💫 *وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ*.
وقال تعالى :
💫 *وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ*
فهذه الآيات وغيرها فيها الحضُّ على إطعام الفقراء والمحتاجين،
وقال تعالى عن الأضاحي والهدي :
*لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ* ،
أي في الدنيا وفي الثواب العظيم في الآخرة.
✍وقد نقل سفيان الثوري عن أحد المحدثين أنه كان يستدين ويسوق البدن(الإبل والبقر)، فقيل له: تستدين وتسوق البدن؟؟!!، فقال: نعم، لأني سمعت الله يقول:
💫 *لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ*.
وتأكيد الله تعالى على الإطعام في قوله: *فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا* يبين ان من أهم مقاصد الشرع، أن نتقاسم نعمة الله تعالى، وان نشارك الآخرين في هذه النعم
والأحاديث النبوية التي فيها الحض على الإطعام كثيرة منها أن النبي ﷺ لما قدم المدينة المنورة، أول حديث قاله فيما رواه الإمام الترمذي عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه:
🌴 *أيها الناس، أفشوا السلام وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام*.
و ذكر الله تعالى أن اطعام الطعام من صفات الأبرار فقال :
💫 *إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا* إلى أن قال: *وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا*
فمع أنهم يحبون أن يبقى هذا الطعام عندهم، ينفقونه،
قال تعالى:
💫 *لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ*.
وإطعام الطعام من صفات أصحاب الميمنة، قال الله تعالى:
💫 *فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16)ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18)*
و *المسغبة* : أيام المجاعة، وهي من أفضل أيام إطعام الطعام.
وإطعام الطعام من أسباب النجاة من النار، قال ﷺ:
🌴 *اتقوا النار ولو بشق تمرة*
وإطعام الطعام من خير الأعمال، فقد روى الإمام البخاري ومسلم
🌴عن سيدنا عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، أن رجلاً سأل رسول الله ﷺ أي الإسلام خير(أي أي أعمال الإسلام خير)؟، قال:
*تُطعم الطعام وتَقْرأُ السلام على من عرفت ومن لم تعرف*
وقال النبي ﷺ:
🌴 *أَحَبُّ الأعمال إلى الله سرورٌ تدخلهُ على قلب مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تطرد عنه جوعاً، أو تقضي عنه ديناً*
وروى الإمام أحمد عن صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:
🌴 *خياركُم من أطعم الطعام*
ولما قال سيدنا عمر رضي الله عنه لصهيب رأيتك تُكثر من إطعا
8 ذي الحجة 1440
9 آب 2019
لفضيلة الشيخ 🔸
🔸محمد نعيم عرقسوسي🔸
💥بعنوان:
*الأضحية والإطعام*
📒هناك عبادات فاضلة في هذا العشر المبارك ، منها *الأضحية* وهي سنة مؤكدة، وأوجبهابعض الفقهاء على من ملك نصاباً،
🌴 *وقد روى البخاري* عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ ضحى بكبشين أملحين أقرنين، رأيته يذبحهما بيده وكبَّر وسمَّى الله عز وجل، وفي رواية جابر عند الإمام أحمد وأبي داود والترمذي قال: صليت مع رسول الله ﷺ عيد الأضحى فلما انصرف أُتي بكبش فذبحه، فقال: بسم الله، الله أكبر، اللهم هذا عني وعمن لم يضحِّ من أمتي،
✍ *لذلك قال العلماء*: يجوز الإشراك في الثواب في الأضحية ، أي تقول عندما تضحي: اللهم هذا عني وعن أبي وأمي و زوجتي وأولادي.
🌴 *وروى الإمام الترمذي* أن رجلاُ سأل سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن الأضحية، أواجبة هي؟؟، فقال: ضحَّى رسول الله ﷺ والمسلمون، فأعادها عليه، فقال: ضحَّى رسول الله ﷺ والمسلمون، فأعادها عليه، فقال: أتعقل ؟؟!!، ضحَّى رسول الله ﷺ والمسلمون.
يعني من أكرمه الله بالمال ووسع عليه في الرزق فالأولى أن يُضحِّي، فللأضحية فوائد كثيرة، فهي
🌈أولاً: اقتداء بسيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين قال سبحانه وتعالى عن سيدنا إسماعيل: *وفديناه بذبح عظيم*.
🌈والأمر الآخر في فوائد الأضحية أنها مناسبة للتعاطف والتراحم بين المسلمين، إذ في الإسلام مناسبات كثيرة من أجل التعاطف والتراحم والتكافل بين المسلمين.
منها يوم الفطر إذ تجب فيه صدقة الفطر، توزع على الفقراء والمساكين، ومنها إذا حلف المسلم يميناً وحنث بيمينه فعليه أن يُطعم عشرة مساكين، وكثير من الكفارات إنما يُراد بها إطعام الفقراء،
وكذا الأضحية، الله تعالى نصَّ فيها على الإطعام فقال سبحانه وتعالى في سورة الحج:
💫 *وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ*.
وقال تعالى :
💫 *وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ*
فهذه الآيات وغيرها فيها الحضُّ على إطعام الفقراء والمحتاجين،
وقال تعالى عن الأضاحي والهدي :
*لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ* ،
أي في الدنيا وفي الثواب العظيم في الآخرة.
✍وقد نقل سفيان الثوري عن أحد المحدثين أنه كان يستدين ويسوق البدن(الإبل والبقر)، فقيل له: تستدين وتسوق البدن؟؟!!، فقال: نعم، لأني سمعت الله يقول:
💫 *لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ*.
وتأكيد الله تعالى على الإطعام في قوله: *فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا* يبين ان من أهم مقاصد الشرع، أن نتقاسم نعمة الله تعالى، وان نشارك الآخرين في هذه النعم
والأحاديث النبوية التي فيها الحض على الإطعام كثيرة منها أن النبي ﷺ لما قدم المدينة المنورة، أول حديث قاله فيما رواه الإمام الترمذي عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه:
🌴 *أيها الناس، أفشوا السلام وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام*.
و ذكر الله تعالى أن اطعام الطعام من صفات الأبرار فقال :
💫 *إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا* إلى أن قال: *وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا*
فمع أنهم يحبون أن يبقى هذا الطعام عندهم، ينفقونه،
قال تعالى:
💫 *لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ*.
وإطعام الطعام من صفات أصحاب الميمنة، قال الله تعالى:
💫 *فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16)ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18)*
و *المسغبة* : أيام المجاعة، وهي من أفضل أيام إطعام الطعام.
وإطعام الطعام من أسباب النجاة من النار، قال ﷺ:
🌴 *اتقوا النار ولو بشق تمرة*
وإطعام الطعام من خير الأعمال، فقد روى الإمام البخاري ومسلم
🌴عن سيدنا عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، أن رجلاً سأل رسول الله ﷺ أي الإسلام خير(أي أي أعمال الإسلام خير)؟، قال:
*تُطعم الطعام وتَقْرأُ السلام على من عرفت ومن لم تعرف*
وقال النبي ﷺ:
🌴 *أَحَبُّ الأعمال إلى الله سرورٌ تدخلهُ على قلب مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تطرد عنه جوعاً، أو تقضي عنه ديناً*
وروى الإمام أحمد عن صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:
🌴 *خياركُم من أطعم الطعام*
ولما قال سيدنا عمر رضي الله عنه لصهيب رأيتك تُكثر من إطعا
م الطعام وذلك سرف!!، فأجابه صهيب رضي الله عنه: أنا أُطْعِم الطعام لأنني سمعت الرسول ﷺ يقول:
🌴 *خياركُم من أطعم الطعام*.
والله تعالى ينمي للمؤمن صدقة إطعامه يوم القيامة فقال ﷺ:
🌴 *إن الله ليُربِّي لأحدكم التمرة واللقمة كما يُرَبِّي أحدكم فلوَّه حتى يكون مثل أحد*
لذلك نؤكد على إطعام الطعام في مناسبة الأضحية والإكثار من الإطعام للفقراء والمساكين والمنكوبين لما فيه من الخير العظيم، وما تطعمه هو الذي يبقى لك، كما روى الترمذي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنهم ذبحوا شاة، فقال النبي ﷺ:
🌴 *ما بقي منها؟ قالت: ما بقي منها إلا كتفها، قال: بقي كلها إلا كتفها*
فإذا كان ثواب إطعام اللقمة والتمرة يصبح يوم القيامة مثل جبل أحد، فكم سيكون ثواب من يقوم بتوزيع الأضحية؟؟!!، فعلينا أن نجود بذلك وتطيب به نفوسنا، فهذا خيرٌ ساقه الله إلينا.
🤲 *اللهم اجعلنا ممن يُطعم الطعام وتقبله منا يا رب العالمين ، إنك سميع قريب مجيب*
🌾 🍂
🌾 🍂 🍃 🍂 🌾
🌴 *خياركُم من أطعم الطعام*.
والله تعالى ينمي للمؤمن صدقة إطعامه يوم القيامة فقال ﷺ:
🌴 *إن الله ليُربِّي لأحدكم التمرة واللقمة كما يُرَبِّي أحدكم فلوَّه حتى يكون مثل أحد*
لذلك نؤكد على إطعام الطعام في مناسبة الأضحية والإكثار من الإطعام للفقراء والمساكين والمنكوبين لما فيه من الخير العظيم، وما تطعمه هو الذي يبقى لك، كما روى الترمذي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنهم ذبحوا شاة، فقال النبي ﷺ:
🌴 *ما بقي منها؟ قالت: ما بقي منها إلا كتفها، قال: بقي كلها إلا كتفها*
فإذا كان ثواب إطعام اللقمة والتمرة يصبح يوم القيامة مثل جبل أحد، فكم سيكون ثواب من يقوم بتوزيع الأضحية؟؟!!، فعلينا أن نجود بذلك وتطيب به نفوسنا، فهذا خيرٌ ساقه الله إلينا.
🤲 *اللهم اجعلنا ممن يُطعم الطعام وتقبله منا يا رب العالمين ، إنك سميع قريب مجيب*
🌾 🍂
🌾 🍂 🍃 🍂 🌾
🕊جلسة الصفا 🕊
15 ذي الحجة 1440
16 آب 2019
لفضيلة الشيخ 🔸
🔸محمد نعيم عرقسوسي🔸
💥بعنوان:
*وجوب الألفة بين المسلمين وتحريم التفرق بسبب الاجتهادات الفقهية*
📕مرَّ معنا في الدرس الماضي ما وقع من خلاف حول صوم يوم السبت، وأنَّ بعضهم حرَّم صومه إلا أن يكون في الفريضة، والبعض الآخر وهم الأكثر، لم يرَ بأساً بصيامه نافلة، لأمور وحيثيات ذكرناها لكم في الدرس الماضي.
📕والذي نريد قوله اليوم:
1⃣: هو أنه لا ينبغي لمن يُستفتى في مسألة فيها أقوال عديدة أن يَذْكُر فيها قولاً واحداً ويُغفل أو يُهمل بقية الأقوال، والأمانة العلمية والأمانة الشرعية تقتضيان أن يذكر جميع الأقوال الواردة في مسألة ما، لا أن يقتصر على قول واحد، ويُلغي ما عداه، ويُخطئ من أخذ به وعمل به، لئلا يحجر واسعاً، ويضيِّق على الناس فيما فيه رحابة وتنوع.
2⃣ : هو أن ما كان فيه اجتهادات متنوعة وأقوالاً متعددة لا يجوز أن يُفضي إلى الشقاق والنزاع بين من اختار قولاً واختار غيره قولاً آخر، فخلاف الأمة في صفات العبادات لا يقتضي الشقاق والنزاع ولا يورث الريبة في أحكام الشريعة.
فقد حصل اختلاف بين الأئمة وبين السلف الصالح في كثير من الفروع الفقهية مثل الأذان والإقامة والجهر بالبسملة ، والقنوت في الفجر، ورفع الأيدي في الصلاة حال الركوع والرفع منه، ومثل التمتع والإفراد والقران في الحج أيها أفضل، مع أن النبي ﷺ حجَّ حجة واحدة، إلى غير ذلك من المسائل، وهذا الاختلاف لم يجرهم إلى التنازع فيما بينهم، لأن التنازع يوجب أنواعاً من الفساد الذي يكرهه الله ورسوله وعباده المؤمنون.
🌈فالجهر بالبسملة والمخافتة بها كلاهما جائز ولا يُبطل الصلاة، وإن كان من العلماء من يستحب أحدهما أو يكره الآخر، أو يختار ألا يقرأ بها، فالمنازعة بينهم في المستحب، وإلا فالصلاة بأحدهما جائزة عند عامة العلماء.
وقد كان في الصحابة من يجهر بالبسملة كعبد الله بن الزبير رضي الله عنه ونحوه، ومنهم من لم يكن يجهر بها كعبد الله بن مسعود رضي الله عنه وغيره، وتكلم الصحابة في ذلك، ولم يبطل أحد منهم صلاة أحد في ذلك.
🌈وكذلك القنوت في الفجر، إنما النزاع بينهم في استحبابه أو كراهيته وسجود السهو لتركه أو فعله، وإلا فعامتهم متفقون على صحة صلاة من ترك القنوت وانه ليس بواجب، وكذلك من فعله، إذ هو تطويل يسير للاعتدال ، ودعاء لله في هذا الموضع، ولو فعل ذلك في غير الفجر لم تبطل صلاته باتفاق العلماء.
🌈وكذلك الخلاف في القنوت في الوتر، هل هو في جميع العام؟، أو في النصف الآخر من رمضان؟، إنما هو في الاستحباب، إذ لا نزاع أنه لا يجب القنوت ولا تبطل الصلاة به، وكذلك كونه قبل الركوع أو بعده.
🌈وكذلك التسليمة الثانية في صلاة الجنازة، هل هي مشروعة أم لا؟، فقد صح عن عدد من الصحابة أنهم كانوا يسلمون تسليمة واحدة، وهذا هو مذهب الإمام أحمد، وذهب بعض العلماء إلى أن السنة في صلاة الجنازة أن يُسلم تسليمتين، وهو مذهب الحنفية والشافعية.
🌈وكذلك أنواع التشهدات كلها جائزة، وإنما النزاع في المستحب.
🌈وكذلك أنواع الاستفتاح في الصلاة وأصل الاستفتاح، فالخلاف في استحبابه وفي أي الأنواع أفضل، والخلاف في وجوبه خلاف قليل يذكر قولاً واحداً في مذهب الإمام أحمد.
وهذا الاختلاف في الاستحباب هو بمنزلة القراءات في القرآن فإن جميعها جائز، وإن كان من الناس من يختار بعض القراءات على بعض.
وهذه الصور المتعددة إن رجَّح بعض الناس بعضها وكانت عنده أفضل، لم يجز أن يُظلم من يختار المفضول ولا يذم ولا يعاب بإجماع المسلمين.
فإن السلف فعلوا هذا وهذا، كانوا يصلون تارة بالجهر بالبسملة وتارة بغير جهر بها، وتارة باستفتاح، وتارة بغير استفتاح، وتارة برفع اليدين في المواطن الثلاثة، وتارة بغير رفع اليدين، وتارة يسلمون تسليمتين في صلاة الجنازة، وتارة تسليمة واحدة، وتارة يقرؤون خلف الإمام بالسر، وتارة لا يقرؤون، وتارة يكبرون على الجنازة أربعا ، وتارة خمساً، وتارة سبعاً، كان فيهم من يفعل هذا، وفيهم من يفعل هذا.
🌈كل هذا ثابت عن الصحابة، كما ثبت عنهم أن منهم من كان يُرَجِّع في الآذان ومنهم من لم يُرَجِّع، ومنهم من كان يوتر الإقامة ومنهم من كان يشفعها، وكلاهما ثابت عن النبي ﷺ.
فهذه الأمور وإن كان أحدها أرجح من الآخر، فمن فعل المرجوح بنظر غيره فقد فعل جائزاَ، وقد يكون فعل المرجوح أرجح للمصلحة الراجحة.
وقد يكون تركُ بعض المستحبات أفضل من فعلها لمصلحة راجحة، لأنه من المعلوم أن *تآلف قلوب الأمة أعظم في الدين من بعض هذه المستحبات، ومصلحة تآلف القلوب فوق مصلحة ذلك المستحب.*
وقد أخرج البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال لها:
🌴 *لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية(بكُفر) لنقضت الكعبة ثم لبنيتها على أساس إبراهيم عليه السلام، فإن قريشاً استقصرت بناءه، ولجعلت لها بابين، باب يدخل الناس، وباب يخرجون*.
واحتج الإمام البخاري وغيره بهذا الحديث على أن الإمام قد يترك بعض الأمور ا
15 ذي الحجة 1440
16 آب 2019
لفضيلة الشيخ 🔸
🔸محمد نعيم عرقسوسي🔸
💥بعنوان:
*وجوب الألفة بين المسلمين وتحريم التفرق بسبب الاجتهادات الفقهية*
📕مرَّ معنا في الدرس الماضي ما وقع من خلاف حول صوم يوم السبت، وأنَّ بعضهم حرَّم صومه إلا أن يكون في الفريضة، والبعض الآخر وهم الأكثر، لم يرَ بأساً بصيامه نافلة، لأمور وحيثيات ذكرناها لكم في الدرس الماضي.
📕والذي نريد قوله اليوم:
1⃣: هو أنه لا ينبغي لمن يُستفتى في مسألة فيها أقوال عديدة أن يَذْكُر فيها قولاً واحداً ويُغفل أو يُهمل بقية الأقوال، والأمانة العلمية والأمانة الشرعية تقتضيان أن يذكر جميع الأقوال الواردة في مسألة ما، لا أن يقتصر على قول واحد، ويُلغي ما عداه، ويُخطئ من أخذ به وعمل به، لئلا يحجر واسعاً، ويضيِّق على الناس فيما فيه رحابة وتنوع.
2⃣ : هو أن ما كان فيه اجتهادات متنوعة وأقوالاً متعددة لا يجوز أن يُفضي إلى الشقاق والنزاع بين من اختار قولاً واختار غيره قولاً آخر، فخلاف الأمة في صفات العبادات لا يقتضي الشقاق والنزاع ولا يورث الريبة في أحكام الشريعة.
فقد حصل اختلاف بين الأئمة وبين السلف الصالح في كثير من الفروع الفقهية مثل الأذان والإقامة والجهر بالبسملة ، والقنوت في الفجر، ورفع الأيدي في الصلاة حال الركوع والرفع منه، ومثل التمتع والإفراد والقران في الحج أيها أفضل، مع أن النبي ﷺ حجَّ حجة واحدة، إلى غير ذلك من المسائل، وهذا الاختلاف لم يجرهم إلى التنازع فيما بينهم، لأن التنازع يوجب أنواعاً من الفساد الذي يكرهه الله ورسوله وعباده المؤمنون.
🌈فالجهر بالبسملة والمخافتة بها كلاهما جائز ولا يُبطل الصلاة، وإن كان من العلماء من يستحب أحدهما أو يكره الآخر، أو يختار ألا يقرأ بها، فالمنازعة بينهم في المستحب، وإلا فالصلاة بأحدهما جائزة عند عامة العلماء.
وقد كان في الصحابة من يجهر بالبسملة كعبد الله بن الزبير رضي الله عنه ونحوه، ومنهم من لم يكن يجهر بها كعبد الله بن مسعود رضي الله عنه وغيره، وتكلم الصحابة في ذلك، ولم يبطل أحد منهم صلاة أحد في ذلك.
🌈وكذلك القنوت في الفجر، إنما النزاع بينهم في استحبابه أو كراهيته وسجود السهو لتركه أو فعله، وإلا فعامتهم متفقون على صحة صلاة من ترك القنوت وانه ليس بواجب، وكذلك من فعله، إذ هو تطويل يسير للاعتدال ، ودعاء لله في هذا الموضع، ولو فعل ذلك في غير الفجر لم تبطل صلاته باتفاق العلماء.
🌈وكذلك الخلاف في القنوت في الوتر، هل هو في جميع العام؟، أو في النصف الآخر من رمضان؟، إنما هو في الاستحباب، إذ لا نزاع أنه لا يجب القنوت ولا تبطل الصلاة به، وكذلك كونه قبل الركوع أو بعده.
🌈وكذلك التسليمة الثانية في صلاة الجنازة، هل هي مشروعة أم لا؟، فقد صح عن عدد من الصحابة أنهم كانوا يسلمون تسليمة واحدة، وهذا هو مذهب الإمام أحمد، وذهب بعض العلماء إلى أن السنة في صلاة الجنازة أن يُسلم تسليمتين، وهو مذهب الحنفية والشافعية.
🌈وكذلك أنواع التشهدات كلها جائزة، وإنما النزاع في المستحب.
🌈وكذلك أنواع الاستفتاح في الصلاة وأصل الاستفتاح، فالخلاف في استحبابه وفي أي الأنواع أفضل، والخلاف في وجوبه خلاف قليل يذكر قولاً واحداً في مذهب الإمام أحمد.
وهذا الاختلاف في الاستحباب هو بمنزلة القراءات في القرآن فإن جميعها جائز، وإن كان من الناس من يختار بعض القراءات على بعض.
وهذه الصور المتعددة إن رجَّح بعض الناس بعضها وكانت عنده أفضل، لم يجز أن يُظلم من يختار المفضول ولا يذم ولا يعاب بإجماع المسلمين.
فإن السلف فعلوا هذا وهذا، كانوا يصلون تارة بالجهر بالبسملة وتارة بغير جهر بها، وتارة باستفتاح، وتارة بغير استفتاح، وتارة برفع اليدين في المواطن الثلاثة، وتارة بغير رفع اليدين، وتارة يسلمون تسليمتين في صلاة الجنازة، وتارة تسليمة واحدة، وتارة يقرؤون خلف الإمام بالسر، وتارة لا يقرؤون، وتارة يكبرون على الجنازة أربعا ، وتارة خمساً، وتارة سبعاً، كان فيهم من يفعل هذا، وفيهم من يفعل هذا.
🌈كل هذا ثابت عن الصحابة، كما ثبت عنهم أن منهم من كان يُرَجِّع في الآذان ومنهم من لم يُرَجِّع، ومنهم من كان يوتر الإقامة ومنهم من كان يشفعها، وكلاهما ثابت عن النبي ﷺ.
فهذه الأمور وإن كان أحدها أرجح من الآخر، فمن فعل المرجوح بنظر غيره فقد فعل جائزاَ، وقد يكون فعل المرجوح أرجح للمصلحة الراجحة.
وقد يكون تركُ بعض المستحبات أفضل من فعلها لمصلحة راجحة، لأنه من المعلوم أن *تآلف قلوب الأمة أعظم في الدين من بعض هذه المستحبات، ومصلحة تآلف القلوب فوق مصلحة ذلك المستحب.*
وقد أخرج البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال لها:
🌴 *لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية(بكُفر) لنقضت الكعبة ثم لبنيتها على أساس إبراهيم عليه السلام، فإن قريشاً استقصرت بناءه، ولجعلت لها بابين، باب يدخل الناس، وباب يخرجون*.
واحتج الإمام البخاري وغيره بهذا الحديث على أن الإمام قد يترك بعض الأمور ا
لمختارة من أجل تأليف القلوب ودفع نفرتها.
ولهذا نصَّ الإمام أحمد على أن يجهر بالبسملة إذا كان بالمدينة،
✍قال القاضي أبو يعلى الفراء: لأن أهلها إذ ذاك كانوا يجهرون، فيجهر بها للتأليف ليعلمهم أنه يُقرأ بها.
وهذا القسم من الاختلاف هو اختلاف تنوع، لا يجوز فيه التنازع والتفرق، وقد حدث في بعض الأحايين أنه وقع اقتتال بين طوائف على شفع الإقامة وايتارها ونحو ذلك، وهذا عين المحرم، ومن لم يبلغ هذا المبلغ فتجد بعضهم في قلبه من الهوى لأحد هذه الأنواع والإعراض عن الآخر أو النهي عنه ما دخل به فيما نهى عنه النبي ﷺ.
✍قال تقي الدين الحراني:
وهذا القسم الذي سميناه اختلاف التنوع كل واحد من المختلفين مصيب فيه بلا تردد، لكن الذم واقع على من بغى على الآخر فيه، وقد دلَّ القرآن الكريم على حمد كل واحدة من الطائفتين في مثل ذلك إذا لم يحصل بغي، كما في قوله تعالى:
💫 *مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ*
🌈فقد كانوا اختلفوا في قطع الأشجار، فقطع قوم، وترك آخرون.
وكما في إقرار النبي ﷺ يوم قريظة لمن صلى العصر في وقتها، وقالوا: إن النبيﷺ أراد بقوله لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة، إنما أراد التعجيل لا تفويت الصلاة، وأخَّرها قوم إلى أن وصلوا، وصلوها بعد الوقت تمسكاً بظاهر اللفظ، فلم يعنف النبي ﷺ واحدة من الطائفتين.
وقد اتفق الصحابة -في مسائل اختلفوا فيها- على إقرار كل فريق للفريق الآخر على العمل باجتهادهم، كمسائل في العبادات والمواريث والعطاء والسياسة وغير ذلك، وهم الأئمة الذين ثبت بالنصوص أنهم لا يجتمعون على باطل ولا ضلالة، ودلت الآثار على وجوب متابعتهم.
وتنازعوا كذلك في مسائل علمية اعتقادية كسماع الميت صوت الحي، وتعذيب الميت ببكاء أهله، ورؤية سيدنا محمد ﷺ ربه في ليلة المعراج، مع بقاء الجماعة والألفة.
💥والخلاصة التي يجب الانتهاء إليها، أنه لا يجوز للاختلاف في الآراء والاجتهادات الفقهية أن يكون سبباً للتفرق والتنازع، *لأن التآلف ووحدة الكلمة واجتماع القلوب من أعظم مقاصد الشرع*، والأدلة على ذلك كثيرة جداً ومعروفة.
🤲 *اللهم ألَّف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور يا رب العالمين*
🌾 🍂
🍂 🌾 🍂 🌾 🍂 🌾
ولهذا نصَّ الإمام أحمد على أن يجهر بالبسملة إذا كان بالمدينة،
✍قال القاضي أبو يعلى الفراء: لأن أهلها إذ ذاك كانوا يجهرون، فيجهر بها للتأليف ليعلمهم أنه يُقرأ بها.
وهذا القسم من الاختلاف هو اختلاف تنوع، لا يجوز فيه التنازع والتفرق، وقد حدث في بعض الأحايين أنه وقع اقتتال بين طوائف على شفع الإقامة وايتارها ونحو ذلك، وهذا عين المحرم، ومن لم يبلغ هذا المبلغ فتجد بعضهم في قلبه من الهوى لأحد هذه الأنواع والإعراض عن الآخر أو النهي عنه ما دخل به فيما نهى عنه النبي ﷺ.
✍قال تقي الدين الحراني:
وهذا القسم الذي سميناه اختلاف التنوع كل واحد من المختلفين مصيب فيه بلا تردد، لكن الذم واقع على من بغى على الآخر فيه، وقد دلَّ القرآن الكريم على حمد كل واحدة من الطائفتين في مثل ذلك إذا لم يحصل بغي، كما في قوله تعالى:
💫 *مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ*
🌈فقد كانوا اختلفوا في قطع الأشجار، فقطع قوم، وترك آخرون.
وكما في إقرار النبي ﷺ يوم قريظة لمن صلى العصر في وقتها، وقالوا: إن النبيﷺ أراد بقوله لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة، إنما أراد التعجيل لا تفويت الصلاة، وأخَّرها قوم إلى أن وصلوا، وصلوها بعد الوقت تمسكاً بظاهر اللفظ، فلم يعنف النبي ﷺ واحدة من الطائفتين.
وقد اتفق الصحابة -في مسائل اختلفوا فيها- على إقرار كل فريق للفريق الآخر على العمل باجتهادهم، كمسائل في العبادات والمواريث والعطاء والسياسة وغير ذلك، وهم الأئمة الذين ثبت بالنصوص أنهم لا يجتمعون على باطل ولا ضلالة، ودلت الآثار على وجوب متابعتهم.
وتنازعوا كذلك في مسائل علمية اعتقادية كسماع الميت صوت الحي، وتعذيب الميت ببكاء أهله، ورؤية سيدنا محمد ﷺ ربه في ليلة المعراج، مع بقاء الجماعة والألفة.
💥والخلاصة التي يجب الانتهاء إليها، أنه لا يجوز للاختلاف في الآراء والاجتهادات الفقهية أن يكون سبباً للتفرق والتنازع، *لأن التآلف ووحدة الكلمة واجتماع القلوب من أعظم مقاصد الشرع*، والأدلة على ذلك كثيرة جداً ومعروفة.
🤲 *اللهم ألَّف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور يا رب العالمين*
🌾 🍂
🍂 🌾 🍂 🌾 🍂 🌾
🕊جلسة الصفا 🕊
22 ذي الحجة 1440
23 آب 2019
لفضيلة الشيخ 🔸
🔸محمد نعيم عرقسوسي🔸
💥بعنوان:
*تحريم التفرق والتنازع بسبب الاختلاف في الاجتهادات الفقهية(2)*
📕تكلمنا في الدرس الماضي أن الاختلاف في الاجتهادات الفقهية في فروع المسائل لا يجوز أن يُفضي إلى النزاع بين أفراد الأمة، ذلك أن الاختلاف في هذه الفروع لا بد منه، لأسباب عديدة منها أن كثيراً من النصوص القرآنية أوالحديثية تحتمل هذا الاختلاف وهذه الوجوه المتعددة، وضربنا على ذلك مثلاً قول النبي ﷺ بعد غزوة الخندق:
🌴 *لا يُصلينَّ أحد منكم العصر إلا في بني قريظة* ، فبعض الصحابة صلى العصر في الطريق قبل أن يصل إلى بني قريظة، قالوا: إن النبي ﷺ أراد التعجيل لم يرد تفويت الصلاة، والبعض الآخر صلى العصر في بني قريظة بعد أن فات وقتها، تمسكاً بحرفية قول النبي ﷺ، ولم يُعنِّف النبي ﷺ أحداً منهم .
وهناك مثال آخر في قوله تعالى:
💫 *وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ*
والقرء في اللغة: هو الحيض وهو الطهر، فالله تعالى ذكر في عدة الطلاق كلمة تحتمل المعنيين، في حين لما ذكر عدة الوفاة ذكر نصاً لايحتمل أي خلاف فقال تعالى:
💫 *وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا* ففي هذه الايه لا يوجد أي اختلاف
اما في الآية السابقة،فقد قال بعض الفقهاء: إن القروء هي الأطهار، والبعض الآخر قال: القروء ثلاث حيضات، وهذا يعني أن الله عز وجل أراد التوسعة على عباده لاختلاف أحوالهم وأوضاعهم وظروفهم، فكل يأخذ ما يناسب حاله وظروفه.
✍لذلك قال العلماء:
*لا ينبغي لمن فهم فهماً ما من هذه النصوص أن يُشنع أو يُنكر على من فهم فهماً آخر يحتمله النص*.
واختلاف الصحابة والسلف الصالح عموماً في هذه الفروع الفقهية كان مشهوراً وبيناً، لكن اختلافهم في الرأي لم يكن سبباً لافتراقهم، إنهم اختلفوا لكنهم لم يتفرقوا، ولم تتغير قلوبهم، لأن وحدة القلوب كانت أكبر من أن ينال منها شيء، فقد تخلصوا من العلل النفسية ومن الآفات القلبية، وعلموا أن اختلافهم في هذه الفروع لم تخرجهم عن دائرة الإسلام، بل كانت توسعة على عباد الله تعالى، وصرحوا بذلك في أقوالهم وأفعالهم.
✍فقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وهو من كبار الفقهاء:
*ما أحب أن أصحاب رسول الله ﷺ لم يختلفوا، لأنه لو كان قولاُ واحداً كان الناس في ضيق،ولأنهم إذا اجتمعوا على قول واحد وخالفهم رجل، كان ضالاً، وإذا اختلفوا فأخذ رجل بقول هذا، ورجل بقول هذا كان في الأمر سعة*
✍ *وقال القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه* عن القراءة خلف الإمام في الصلاة السرية:
إن قرأت فلك في رجال من أصحاب رسول الله ﷺ أسوة، وإذا لم تقرأ فلك في رجال من أصحاب رسول الله أسوة.
✍وقال يحيى بن سعيد:
*ما برح أولو الفتوى يفتون، فيحلُّ هذا ويُحرِّم هذا، فلا يرى المُحل أن المُحرم هلك لتحريمه، ولا يرى المُحرم أن المُحل هلك لتحليله* .
✍وقال أيضاً:
*اختلاف أهل العلم توسعة، وما برح المفتون يختلفون، فلا يعيب هذا على هذا ولا هذا على هذا*.
✍قال سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث:
*إذا رأيت الرجل يعمل عملاً قد اختُلف فيه وأنت ترى غيره فلا تنهه*.
✍وهذا أخذه من قول البراء بن عازب رضي الله عنه:
*ما كرهت فدعه ولا تحرِّمه على أحد*.
✍وقال ابن عابدين صاحب الحاشية:
*الاختلاف بين المجتهدين في الفروع من آثار الرحمة، فإن اختلافهم توسعة للناس*.
واختلافهم هذا كان مع الحفاظ على أدب الخلاف والألفة والمحبة والتوقير واحترام رأي المخالف،
بل وصل حد احترام رأي المخالف إلى درجة أنهم لم يرضوا أن يفرضوا آراءهم واجتهاداتهم على مخالفيهم، ✍فروى أبو نعيم في كتابه "حلية الأولياء"، والخطيب في كتاب "الرواة عن مالك"، عن مالك بن أنس إمام دار الهجرة رحمه الله قال:
شاورني هارون الرشيد أن يُعلق "الموطأ" في الكعبة ويحمل الناس على ما فيه، فقلت: يا أمير المؤمنين لا تفعل، فإن أصحاب رسول الله ﷺ اختلفوا في الفروع، وتفرقوا في البلدان، وكل عند نفسه مصيب، وكل على هدى، وكل يريد الله تعالى، فقال: وفقك الله يا أبا عبد الله.
وذكروا أن رجلاً صنف كتاباً في اختلاف الفقهاء، وعرضه على الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، فقال له: لا تُسمِّه كتاب الاختلاف، ولكن سَمِّه كتاب السعة.
✍ *وكان طلحة بن مُصرِّف* كذلك- فيما ذكر أبو نُعيم في الحلية- إذا ذُكِرَ عنده الاختلاف، قال: لا تقولوا: الاختلاف، ولكن قولوا: السعة.
✍ *وقال ابن قدامة* في رسالته "لمعة الاعتقاد" :
*الاختلاف في الفروع رحمة، والمختلفون فيه محمودون في اختلافهم، مثابون في اجتهادهم، واختلافهم رحمة واسعة، واتفاقهم حجة قاطعة*.
فمن اختار وجهاً غير ما اختاره الآخر لا يُبَدَّع ولا يُفَسَّق ولا يُضَلَّل بإجماع الأئمة، بل حافظ هؤلاء الفقهاء على المودة والأخوة مع اختلاف المسالك والآراء.
✍ *نقل الإم
22 ذي الحجة 1440
23 آب 2019
لفضيلة الشيخ 🔸
🔸محمد نعيم عرقسوسي🔸
💥بعنوان:
*تحريم التفرق والتنازع بسبب الاختلاف في الاجتهادات الفقهية(2)*
📕تكلمنا في الدرس الماضي أن الاختلاف في الاجتهادات الفقهية في فروع المسائل لا يجوز أن يُفضي إلى النزاع بين أفراد الأمة، ذلك أن الاختلاف في هذه الفروع لا بد منه، لأسباب عديدة منها أن كثيراً من النصوص القرآنية أوالحديثية تحتمل هذا الاختلاف وهذه الوجوه المتعددة، وضربنا على ذلك مثلاً قول النبي ﷺ بعد غزوة الخندق:
🌴 *لا يُصلينَّ أحد منكم العصر إلا في بني قريظة* ، فبعض الصحابة صلى العصر في الطريق قبل أن يصل إلى بني قريظة، قالوا: إن النبي ﷺ أراد التعجيل لم يرد تفويت الصلاة، والبعض الآخر صلى العصر في بني قريظة بعد أن فات وقتها، تمسكاً بحرفية قول النبي ﷺ، ولم يُعنِّف النبي ﷺ أحداً منهم .
وهناك مثال آخر في قوله تعالى:
💫 *وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ*
والقرء في اللغة: هو الحيض وهو الطهر، فالله تعالى ذكر في عدة الطلاق كلمة تحتمل المعنيين، في حين لما ذكر عدة الوفاة ذكر نصاً لايحتمل أي خلاف فقال تعالى:
💫 *وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا* ففي هذه الايه لا يوجد أي اختلاف
اما في الآية السابقة،فقد قال بعض الفقهاء: إن القروء هي الأطهار، والبعض الآخر قال: القروء ثلاث حيضات، وهذا يعني أن الله عز وجل أراد التوسعة على عباده لاختلاف أحوالهم وأوضاعهم وظروفهم، فكل يأخذ ما يناسب حاله وظروفه.
✍لذلك قال العلماء:
*لا ينبغي لمن فهم فهماً ما من هذه النصوص أن يُشنع أو يُنكر على من فهم فهماً آخر يحتمله النص*.
واختلاف الصحابة والسلف الصالح عموماً في هذه الفروع الفقهية كان مشهوراً وبيناً، لكن اختلافهم في الرأي لم يكن سبباً لافتراقهم، إنهم اختلفوا لكنهم لم يتفرقوا، ولم تتغير قلوبهم، لأن وحدة القلوب كانت أكبر من أن ينال منها شيء، فقد تخلصوا من العلل النفسية ومن الآفات القلبية، وعلموا أن اختلافهم في هذه الفروع لم تخرجهم عن دائرة الإسلام، بل كانت توسعة على عباد الله تعالى، وصرحوا بذلك في أقوالهم وأفعالهم.
✍فقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وهو من كبار الفقهاء:
*ما أحب أن أصحاب رسول الله ﷺ لم يختلفوا، لأنه لو كان قولاُ واحداً كان الناس في ضيق،ولأنهم إذا اجتمعوا على قول واحد وخالفهم رجل، كان ضالاً، وإذا اختلفوا فأخذ رجل بقول هذا، ورجل بقول هذا كان في الأمر سعة*
✍ *وقال القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه* عن القراءة خلف الإمام في الصلاة السرية:
إن قرأت فلك في رجال من أصحاب رسول الله ﷺ أسوة، وإذا لم تقرأ فلك في رجال من أصحاب رسول الله أسوة.
✍وقال يحيى بن سعيد:
*ما برح أولو الفتوى يفتون، فيحلُّ هذا ويُحرِّم هذا، فلا يرى المُحل أن المُحرم هلك لتحريمه، ولا يرى المُحرم أن المُحل هلك لتحليله* .
✍وقال أيضاً:
*اختلاف أهل العلم توسعة، وما برح المفتون يختلفون، فلا يعيب هذا على هذا ولا هذا على هذا*.
✍قال سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث:
*إذا رأيت الرجل يعمل عملاً قد اختُلف فيه وأنت ترى غيره فلا تنهه*.
✍وهذا أخذه من قول البراء بن عازب رضي الله عنه:
*ما كرهت فدعه ولا تحرِّمه على أحد*.
✍وقال ابن عابدين صاحب الحاشية:
*الاختلاف بين المجتهدين في الفروع من آثار الرحمة، فإن اختلافهم توسعة للناس*.
واختلافهم هذا كان مع الحفاظ على أدب الخلاف والألفة والمحبة والتوقير واحترام رأي المخالف،
بل وصل حد احترام رأي المخالف إلى درجة أنهم لم يرضوا أن يفرضوا آراءهم واجتهاداتهم على مخالفيهم، ✍فروى أبو نعيم في كتابه "حلية الأولياء"، والخطيب في كتاب "الرواة عن مالك"، عن مالك بن أنس إمام دار الهجرة رحمه الله قال:
شاورني هارون الرشيد أن يُعلق "الموطأ" في الكعبة ويحمل الناس على ما فيه، فقلت: يا أمير المؤمنين لا تفعل، فإن أصحاب رسول الله ﷺ اختلفوا في الفروع، وتفرقوا في البلدان، وكل عند نفسه مصيب، وكل على هدى، وكل يريد الله تعالى، فقال: وفقك الله يا أبا عبد الله.
وذكروا أن رجلاً صنف كتاباً في اختلاف الفقهاء، وعرضه على الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، فقال له: لا تُسمِّه كتاب الاختلاف، ولكن سَمِّه كتاب السعة.
✍ *وكان طلحة بن مُصرِّف* كذلك- فيما ذكر أبو نُعيم في الحلية- إذا ذُكِرَ عنده الاختلاف، قال: لا تقولوا: الاختلاف، ولكن قولوا: السعة.
✍ *وقال ابن قدامة* في رسالته "لمعة الاعتقاد" :
*الاختلاف في الفروع رحمة، والمختلفون فيه محمودون في اختلافهم، مثابون في اجتهادهم، واختلافهم رحمة واسعة، واتفاقهم حجة قاطعة*.
فمن اختار وجهاً غير ما اختاره الآخر لا يُبَدَّع ولا يُفَسَّق ولا يُضَلَّل بإجماع الأئمة، بل حافظ هؤلاء الفقهاء على المودة والأخوة مع اختلاف المسالك والآراء.
✍ *نقل الإم
ام الذهبي* في كتابه "سير أعلام النبلاء" عن الإمام أبي موسى يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري، أحد أصحاب الإمام الشافعي قال: ما رأيت أعقل من الشافعي ناظرته يوماً في مسألة(يعني اختلفنا فيها) ثم افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي، ثم قال: يا أبا موسى ، ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسالة؟؟.
✍قال الإمام الذهبي تعليقاً على ذلك: وهذا يدل على كمال عقل هذا الإمام وفقه نفسه، فما زال النظراء يختلفون.
✨ومن حفاظهم على الألفة والجماعة، أنهم مع اختلاف الاجتهادات والآراء كان يُصلي بعضهم خلف بعض، ولم يعرف عنهم خلاف ذلك، فكان الصحابة والتابعون لهم بإحسان ومن بعدهم من الأئمة الأربعة يصلي بعضهم خلف بعض مع اختلافهم في مسائل الفروع الفقهية.
فكان الإمام الشافعي وأصحابه وأصحاب الإمام أبي حنيفة يصلون خلف أئمة أهل المدينة من المالكية ، مع أنهم كانوا لا يقرؤون البسملة لا سراً ولا جهراً.
وكان الإمام أحمد بن حنبل كذلك يرى الوضوء من الحجامة والرعاف، فقيل له:
فإن كان الإمام قد خرج منه الدم ولم يتوضأ تصلي خلفه؟؟، فقال: كيف لا أصلي خلف سعيد بن المسيَّب ومالك.
🌈وصلى أبو يوسف، وهو من أصحاب أبي حنيفة خلف الرشيد وكان قد احتجم، وأفتاه مالك بأنه لا يتوضأ، فصلى خلفه أبو يوسف ولم يُعد الصلاة، مع أنه يرى وجوب الوضوء من الحجامة.
🌈وكذلك سُئل عن الصلاة خلف من يُجيز المسح على الجوارب، فقال الإمام أحمد فيما نقله ابن قدامه في"المغني": يُذكر المسح على الجوربين عن سبعة أو ثمانية من أصحاب رسول الله ﷺ.
✍ونقل ابن قدامة في كتابه "المغني" أيضاً عن ابن المنذر قال: ويُروى إباحة المسح على الجوربين عن تسعة من أصحاب رسول الله ﷺ، منهم سيدنا علي وعمار وأنس وابن عمر والبراء وبلال وابن أبي أوفى رضي الله عنهم، وبه قال عطاء بن أبي رباح والحسن البصري وسعيد بن المسيب واسحق والنخعي وسعيد بن جبير والأعمش وسفيان الثوري وابن المبارك وغيرهم.
✍وقال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي ومجاهد وعمرو بن دينار والشافعي: لا يجوز المسح عليهما إلا أن يُنعلا، لأنهما لا يمكن متابعة المشي عليهما.
✍قال ابن قدامة:
ولنا(أي دليلنا على صحة المسح على الجورب) أن النبي ﷺ مسح على الجوربين والنعلين،
✍قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، قال ابن قدامة: وهذا يدل على أن النعلين لم يكونا عليهما، لأنهما لو كانا كذلك لم يذكر النعلين، ولأن الصحابة رضي الله عنهم مسحوا على الجورب ولم يظهر لهم مخالف في عصرهم فكان إجماعا، ولأنه ساتر لمحل الفرض، ويثبت في القدم فجاز المسح عليه كالنعل.
وقدذكر ابن قدامة شرط الجورب الذي يمسح عليه، أن يكون مما يثبت بنفسه ويمكن متابعة المشي فيه، وأما الرقيق فليس بساتر، إذن المسح على الجورب من الأمور المختلف فيها، فبعضهم أباحه وبعضهم منعه،
✍وكما قال سفيان الثوري:
*إذا رأيت الرجل يعمل بعمل قد اختلف فيه وأنت ترى غيره فلا تنهه*.
✍وقال إمام الحرمين:
*ليس للمجتهد أن يعترض بالردع والزجر على مجتهد آخر في موقع الخلاف، إذ كل مجتهد في الفروع مصيب عندنا*.
وقد شرط الأصوليون في المفتي أن يكون على علم باختلاف العلماء، لأنه إن أفتى الناس بمذهبه الذي يعرفه فقط أوقعهم في الحرج والمشقة.
✨ومن العبادات التي تتجلى فيها حكمة الاختلاف في الفروع فريضة الحج، فلو أن ثلاثة ملايين حاج أرادوا أن يطوفوا طواف الإفاضة يوم النحر كما طاف النبي ﷺ لشق عليهم، لهذا كان وقت طواف الإفاضة واسعاً وغير مقيَّد بيوم النحر، فمن الفقهاء من حده بأيام التشريق، ومنهم من وسعه إلى نهاية ذي الحجة، لكن من أخره إلى نهاية شهر ذي الحجة فعليه دم عند المالكية.
✍ *قال ابن قدامة*:
والصحيح أن آخر وقته غير محدود، فإنه من أتى به صح بغير خلاف، وإنما الخلاف في وجوب الدم.
وهناك مناسك كثيرة في الحج تعدد الأقوال فيها رحمة وتوسعة على العباد، فلا ينكر أحد على أحد بغير قوله.
🤲 *اللهم عرِّفنا دينك وفهِّمنا شريعتك يا رب العالمين*
🌾 🍂 🍂 🌾
✍قال الإمام الذهبي تعليقاً على ذلك: وهذا يدل على كمال عقل هذا الإمام وفقه نفسه، فما زال النظراء يختلفون.
✨ومن حفاظهم على الألفة والجماعة، أنهم مع اختلاف الاجتهادات والآراء كان يُصلي بعضهم خلف بعض، ولم يعرف عنهم خلاف ذلك، فكان الصحابة والتابعون لهم بإحسان ومن بعدهم من الأئمة الأربعة يصلي بعضهم خلف بعض مع اختلافهم في مسائل الفروع الفقهية.
فكان الإمام الشافعي وأصحابه وأصحاب الإمام أبي حنيفة يصلون خلف أئمة أهل المدينة من المالكية ، مع أنهم كانوا لا يقرؤون البسملة لا سراً ولا جهراً.
وكان الإمام أحمد بن حنبل كذلك يرى الوضوء من الحجامة والرعاف، فقيل له:
فإن كان الإمام قد خرج منه الدم ولم يتوضأ تصلي خلفه؟؟، فقال: كيف لا أصلي خلف سعيد بن المسيَّب ومالك.
🌈وصلى أبو يوسف، وهو من أصحاب أبي حنيفة خلف الرشيد وكان قد احتجم، وأفتاه مالك بأنه لا يتوضأ، فصلى خلفه أبو يوسف ولم يُعد الصلاة، مع أنه يرى وجوب الوضوء من الحجامة.
🌈وكذلك سُئل عن الصلاة خلف من يُجيز المسح على الجوارب، فقال الإمام أحمد فيما نقله ابن قدامه في"المغني": يُذكر المسح على الجوربين عن سبعة أو ثمانية من أصحاب رسول الله ﷺ.
✍ونقل ابن قدامة في كتابه "المغني" أيضاً عن ابن المنذر قال: ويُروى إباحة المسح على الجوربين عن تسعة من أصحاب رسول الله ﷺ، منهم سيدنا علي وعمار وأنس وابن عمر والبراء وبلال وابن أبي أوفى رضي الله عنهم، وبه قال عطاء بن أبي رباح والحسن البصري وسعيد بن المسيب واسحق والنخعي وسعيد بن جبير والأعمش وسفيان الثوري وابن المبارك وغيرهم.
✍وقال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي ومجاهد وعمرو بن دينار والشافعي: لا يجوز المسح عليهما إلا أن يُنعلا، لأنهما لا يمكن متابعة المشي عليهما.
✍قال ابن قدامة:
ولنا(أي دليلنا على صحة المسح على الجورب) أن النبي ﷺ مسح على الجوربين والنعلين،
✍قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، قال ابن قدامة: وهذا يدل على أن النعلين لم يكونا عليهما، لأنهما لو كانا كذلك لم يذكر النعلين، ولأن الصحابة رضي الله عنهم مسحوا على الجورب ولم يظهر لهم مخالف في عصرهم فكان إجماعا، ولأنه ساتر لمحل الفرض، ويثبت في القدم فجاز المسح عليه كالنعل.
وقدذكر ابن قدامة شرط الجورب الذي يمسح عليه، أن يكون مما يثبت بنفسه ويمكن متابعة المشي فيه، وأما الرقيق فليس بساتر، إذن المسح على الجورب من الأمور المختلف فيها، فبعضهم أباحه وبعضهم منعه،
✍وكما قال سفيان الثوري:
*إذا رأيت الرجل يعمل بعمل قد اختلف فيه وأنت ترى غيره فلا تنهه*.
✍وقال إمام الحرمين:
*ليس للمجتهد أن يعترض بالردع والزجر على مجتهد آخر في موقع الخلاف، إذ كل مجتهد في الفروع مصيب عندنا*.
وقد شرط الأصوليون في المفتي أن يكون على علم باختلاف العلماء، لأنه إن أفتى الناس بمذهبه الذي يعرفه فقط أوقعهم في الحرج والمشقة.
✨ومن العبادات التي تتجلى فيها حكمة الاختلاف في الفروع فريضة الحج، فلو أن ثلاثة ملايين حاج أرادوا أن يطوفوا طواف الإفاضة يوم النحر كما طاف النبي ﷺ لشق عليهم، لهذا كان وقت طواف الإفاضة واسعاً وغير مقيَّد بيوم النحر، فمن الفقهاء من حده بأيام التشريق، ومنهم من وسعه إلى نهاية ذي الحجة، لكن من أخره إلى نهاية شهر ذي الحجة فعليه دم عند المالكية.
✍ *قال ابن قدامة*:
والصحيح أن آخر وقته غير محدود، فإنه من أتى به صح بغير خلاف، وإنما الخلاف في وجوب الدم.
وهناك مناسك كثيرة في الحج تعدد الأقوال فيها رحمة وتوسعة على العباد، فلا ينكر أحد على أحد بغير قوله.
🤲 *اللهم عرِّفنا دينك وفهِّمنا شريعتك يا رب العالمين*
🌾 🍂 🍂 🌾
🕊جلسة الصفا 🕊
29 ذي الحجة 1440
30 آب 2019
لفضيلة الشيخ 🔸
🔸محمد نعيم عرقسوسي🔸
💥بعنوان:
*ما هو حظك من الهجرة*
*(الهجرة الباقية التي لا تنقطع)*
📕نستقبل يوم غد ذكرى حدثٍ من أعظم أحداث البشرية إن لم يكن أعظمها على الإطلاق، ألا وهو حدث الهجرة الذي غيَّر مسيرة التاريخ، وانتقل فيها المسلمون من الاستضعاف والاضطهاد إلى العزة والتمكين، وانتقلت فيها دعوة الإسلام من الدعوة المحلية المحصورة بين شعاب مكة إلى الدعوة العالمية التي وصل نورها وصوتها إلى العالم أجمع، ويكفي لكي نقدر هذا الحدث العظيم قدره، أن نذكر أن دين الإسلام الذي ننعم به الآن ونَعِمَ به مئات ملايين البشر منذ أربعة عشر قرناً إلى يومنا هذا وإلى قيام الساعة، إنما أشرقت شمسه الخالدة وسطعت على العالم أجمع من أفق الهجرة، وانطلق صوته من بوابة الهجرة، ولذلك وللأهمية الكبرى لحدث الهجرة أرَّخَ المسلمون بالهجرة وكانت الهجرة فاتحة التاريخ الإسلامي.
📝 وأول من أرَّخَ بالهجرة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سنة سبع عشرة للهجرة، فروى أبو نعيم أن أبا موسى كتب إلى سيدنا عمر: إنه يأتينا منك كُتُب ليس لها تاريخ، فجمع عمر الناس يستشيرهم، فقال بعضهم: أرِّخ بالمبعث، وقال بعضهم: أرِّخ بالهجرة، فقال عمر: الهجرة فرَّقت بين الحق والباطل، فأرَّخوا بها.
🌾و روى الإمام أحمد: أنه رُفع إلى سيدنا عمر صك محله في شعبان، فقال: أي شعبان هذا؟، الذي مضى أو الذي نحن فيه أو الآتي؟؟، ضعوا للناس شيئاً يعرفونه،
🌾وفي رواية عند الحاكم عن سعيد بن المسيَّب قال:
جمع سيدنا عمر الناس، فسألهم عن أول يوم يكتب فيه التاريخ، فقال سيدنا علي رضي الله عنه: من يوم هاجر النبي ﷺ وترك أرض الشرك، ففعله سيدنا عمر.
ومعلوم أن الهجرة إلى المدينة ومقدمه ﷺ إليها كان في ربيع الأول فلمَ جعلوا بداية العام من المحرَّم؟
✍ يقول الحافظ ابن حجر:
وإنما أخَّروه من ربيع الأول إلى المحرم، لأن ابتداء العزم على الهجرة كان في المحرم، إذ البيعة وقعت في أثناء ذي الحجة، وهي مُقَدِّمةُ الهجرة، فكان أولُ هلال استهل به بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال المحرم، فناسب أن يجعل مبتدأ.
✍ قال الحافظ ابن حجر:
وهذا أقوى ما وقفت عليه من مناسبة الابتداء بالمحرم.
.
💥لقد أظهرت الهجرة مفهوماً عظيماً وحقيقة قاطعة بأنه من يؤثر مرضاة الله تعالى وطاعته على عرض الدنيا الزائل ومتاعها الفاني فإن الله تعالى لن يُضيعه وإنما سيعوضه خيراً مما تركه في دينه وفي دنياه، كما في الأثر، (من ترك شيئاُ لله عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه) ، لقد ترك النبي ﷺ مكة وهي من أحبِّ بقاع الأرض إليه، وترك الصحابة أموالهم وديارهم فأعادهم الله تعالى إليها ثم فتح لهم العالم أجمع، قال تعالى:
💫 *لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ*
ومن هؤلاء الذين آثروا مرضاة الله تعالى واللحاق بالنبي ﷺ إلى المدينة صُهيب بن سنان، فقد خرج متخفياً من مكة قاصداً المدينة، ففطن له كفار قريش ولحقوا به ووصلوا إليه، وقالوا: جئتنا صعلوكاً فقيراً لا مال لك، وتخرج من بيننا وقد كثر مالك؟ والله لا يكون ذلك أبداً، فنزل عن راحلته وأنثل ما في كنانته، ثم قال: يا معشر قريش قد علمتم أني من أرماكم رجلاً، وأنتم والله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم في كنانتي، ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، وإن شئتم دللتكم على مالي بمكة تأخذونه وتخلون سبيلي ، قالوا: نعم، فدلَّهم على ماله، فأخذوه، وخلوا سبيله، فلما قدم على النبي ﷺ قال:
🌴 *ربح البيع يا صهيب، ربح البيع يا صهيب، ربح البيع يا صهيب*،
وفي رواية أن الصحابة تلقوه في طرف المدينة، وقالوا: ربح البيع، فقال لهم: و أنتم فلا أخسر الله تجارتكم، وما ذاك؟ فأخبروه أن الله أنزل فيه هذه الآية:
💫 *وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَاد*
إن إيثار مرضاة الله تعالى وإيثار طاعته وعبادته وامتثالَ أمره خير من مال الدنيا وثرواتها وكنوزها، وهو الربح الحقيقي، وهو العز الحقيقي في الدنيا والآخرة.
ولقد بين لنا النبي ﷺ أن الهجرة من مكة إلى المدينة قد انتهت وانقطعت بعد فتح مكة فقال عليه الصلاة والسلام:
🌴 *لا هجرة بعد الفتح*.
لكنه ﷺ بيَّن أيضاً أن ثمة هجرةً لا تنقطع ولا تنتهي، وأنها منهج ثابت وشرعة قائمة إلى أن تقوم الساعة، هذه *الهجرة الواجبة هي هجرة المعاصي والذنوب، هي هجرة الأشرار ومفارقة الأعمال السيئة والخصال الذميمة*.
فقد روى الإمام أحمد وابن حبان وغيرهما عن فضالة بن عبيد أن النبي ﷺ قال في حجة الوداع:
🌴 ألا أخبركم بالمؤمن؟، من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم،
والمسلم؟، من سلم المسلمون من لسانه ويده،
والمجاهد؟، من جاهد نفسه في طاعة الله،
*والمهاجر؟، من هجر الخطايا وا
29 ذي الحجة 1440
30 آب 2019
لفضيلة الشيخ 🔸
🔸محمد نعيم عرقسوسي🔸
💥بعنوان:
*ما هو حظك من الهجرة*
*(الهجرة الباقية التي لا تنقطع)*
📕نستقبل يوم غد ذكرى حدثٍ من أعظم أحداث البشرية إن لم يكن أعظمها على الإطلاق، ألا وهو حدث الهجرة الذي غيَّر مسيرة التاريخ، وانتقل فيها المسلمون من الاستضعاف والاضطهاد إلى العزة والتمكين، وانتقلت فيها دعوة الإسلام من الدعوة المحلية المحصورة بين شعاب مكة إلى الدعوة العالمية التي وصل نورها وصوتها إلى العالم أجمع، ويكفي لكي نقدر هذا الحدث العظيم قدره، أن نذكر أن دين الإسلام الذي ننعم به الآن ونَعِمَ به مئات ملايين البشر منذ أربعة عشر قرناً إلى يومنا هذا وإلى قيام الساعة، إنما أشرقت شمسه الخالدة وسطعت على العالم أجمع من أفق الهجرة، وانطلق صوته من بوابة الهجرة، ولذلك وللأهمية الكبرى لحدث الهجرة أرَّخَ المسلمون بالهجرة وكانت الهجرة فاتحة التاريخ الإسلامي.
📝 وأول من أرَّخَ بالهجرة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سنة سبع عشرة للهجرة، فروى أبو نعيم أن أبا موسى كتب إلى سيدنا عمر: إنه يأتينا منك كُتُب ليس لها تاريخ، فجمع عمر الناس يستشيرهم، فقال بعضهم: أرِّخ بالمبعث، وقال بعضهم: أرِّخ بالهجرة، فقال عمر: الهجرة فرَّقت بين الحق والباطل، فأرَّخوا بها.
🌾و روى الإمام أحمد: أنه رُفع إلى سيدنا عمر صك محله في شعبان، فقال: أي شعبان هذا؟، الذي مضى أو الذي نحن فيه أو الآتي؟؟، ضعوا للناس شيئاً يعرفونه،
🌾وفي رواية عند الحاكم عن سعيد بن المسيَّب قال:
جمع سيدنا عمر الناس، فسألهم عن أول يوم يكتب فيه التاريخ، فقال سيدنا علي رضي الله عنه: من يوم هاجر النبي ﷺ وترك أرض الشرك، ففعله سيدنا عمر.
ومعلوم أن الهجرة إلى المدينة ومقدمه ﷺ إليها كان في ربيع الأول فلمَ جعلوا بداية العام من المحرَّم؟
✍ يقول الحافظ ابن حجر:
وإنما أخَّروه من ربيع الأول إلى المحرم، لأن ابتداء العزم على الهجرة كان في المحرم، إذ البيعة وقعت في أثناء ذي الحجة، وهي مُقَدِّمةُ الهجرة، فكان أولُ هلال استهل به بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال المحرم، فناسب أن يجعل مبتدأ.
✍ قال الحافظ ابن حجر:
وهذا أقوى ما وقفت عليه من مناسبة الابتداء بالمحرم.
.
💥لقد أظهرت الهجرة مفهوماً عظيماً وحقيقة قاطعة بأنه من يؤثر مرضاة الله تعالى وطاعته على عرض الدنيا الزائل ومتاعها الفاني فإن الله تعالى لن يُضيعه وإنما سيعوضه خيراً مما تركه في دينه وفي دنياه، كما في الأثر، (من ترك شيئاُ لله عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه) ، لقد ترك النبي ﷺ مكة وهي من أحبِّ بقاع الأرض إليه، وترك الصحابة أموالهم وديارهم فأعادهم الله تعالى إليها ثم فتح لهم العالم أجمع، قال تعالى:
💫 *لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ*
ومن هؤلاء الذين آثروا مرضاة الله تعالى واللحاق بالنبي ﷺ إلى المدينة صُهيب بن سنان، فقد خرج متخفياً من مكة قاصداً المدينة، ففطن له كفار قريش ولحقوا به ووصلوا إليه، وقالوا: جئتنا صعلوكاً فقيراً لا مال لك، وتخرج من بيننا وقد كثر مالك؟ والله لا يكون ذلك أبداً، فنزل عن راحلته وأنثل ما في كنانته، ثم قال: يا معشر قريش قد علمتم أني من أرماكم رجلاً، وأنتم والله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم في كنانتي، ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، وإن شئتم دللتكم على مالي بمكة تأخذونه وتخلون سبيلي ، قالوا: نعم، فدلَّهم على ماله، فأخذوه، وخلوا سبيله، فلما قدم على النبي ﷺ قال:
🌴 *ربح البيع يا صهيب، ربح البيع يا صهيب، ربح البيع يا صهيب*،
وفي رواية أن الصحابة تلقوه في طرف المدينة، وقالوا: ربح البيع، فقال لهم: و أنتم فلا أخسر الله تجارتكم، وما ذاك؟ فأخبروه أن الله أنزل فيه هذه الآية:
💫 *وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَاد*
إن إيثار مرضاة الله تعالى وإيثار طاعته وعبادته وامتثالَ أمره خير من مال الدنيا وثرواتها وكنوزها، وهو الربح الحقيقي، وهو العز الحقيقي في الدنيا والآخرة.
ولقد بين لنا النبي ﷺ أن الهجرة من مكة إلى المدينة قد انتهت وانقطعت بعد فتح مكة فقال عليه الصلاة والسلام:
🌴 *لا هجرة بعد الفتح*.
لكنه ﷺ بيَّن أيضاً أن ثمة هجرةً لا تنقطع ولا تنتهي، وأنها منهج ثابت وشرعة قائمة إلى أن تقوم الساعة، هذه *الهجرة الواجبة هي هجرة المعاصي والذنوب، هي هجرة الأشرار ومفارقة الأعمال السيئة والخصال الذميمة*.
فقد روى الإمام أحمد وابن حبان وغيرهما عن فضالة بن عبيد أن النبي ﷺ قال في حجة الوداع:
🌴 ألا أخبركم بالمؤمن؟، من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم،
والمسلم؟، من سلم المسلمون من لسانه ويده،
والمجاهد؟، من جاهد نفسه في طاعة الله،
*والمهاجر؟، من هجر الخطايا وا
لذنوب*.
لقد حدد النبي ﷺ في هذا الحديث المفاهيم الحقيقية لهذه المفردات، وبيَّن المضامين الحقيقية لهذه المصطلحات.
💥إن الهجرة الواجبة على كل مسلم هي الانتقال من الحال التي تسخط الله تعالى من الانفلات الأخلاقي واللهث وراء المتع المحرمة والشهوات المحظورة والكبائر واكل أموال الناس بالباطل وأكل المال الحرام مطلقاً، إلى الحال التي ترضي الله تعالى وتكون طريقك إلى جنته ورضوانه.
🌴وأخرج الإمام أحمد عن عمرو بن عبسة أنه سأل النبي ﷺ:
أي الهجرة أفضل؟ قال:
*أن تهجر ما كره ربك عزَّ وجل*.
🌴وروى ابن حبان وغيره أن أحد الصحابة ويدعى فُديكاً، أتى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله إنهم يزعمون أنه من لم يهاجر هلك، فقال رسول الله ﷺ: يا فُديك أقم الصلاة ، واهجر السوء، واسكن من أرض قومك حيث شئت تكن مهاجراً.
والله تعالى أشار إلى هذا كله في آية مختصرة جامعة، فقال تعالى:
💫 *وَالرُّجْزَ فَاهْجُر* .
أي اترك كل قبيح مستقذر من سيء القول والأفعال والأخلاق.
وهذه الهجرة من الرذائل والمحرمات والخصال الذميمة شرعة ثابتة لا تنقطع،
🌴فأخرج الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما أن النبي ﷺ قال:
لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ( وفي رواية: ما تقبلت توبة) ولا تنقطع التوبة حتى تخرج الشمس من مغربها.
🌈فمن الهجرة بالنسبة لنا هجر أماكن المعاصي والفسق والفجور والتي تُثار فيها الغرائز وتُهيَّج فيها الشهوات، قال تعالى:
💫 *وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ*.
والخوض في معصية الله تعالى كالخوض في آيات الله، ولذلك نصح العالم ذاك الذي قتل مئة نفس وأراد أن يتوب، فقال له: انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناساً يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء.
🌈فمن الهجرة أن تهجر المكان أو البلد الذي تخشى فيه على دينك أو دين أولادك، فالدنيا لا تدوم والعمر سينتهي يوماً،
🌈وأن تهجر المكان الذي تخشى فيه على أخلاقك،
🌈 وأن تهجر رفاق السوء الذين يزينون لك المعصية وييسرونها لك، فهؤلاء ليسوا نصحة، وسيندم من صاحب هؤلاء يوم القيامة أشدَّ أنواع الندم، وذكر الله تعالى لنا شدة ندمه فقال تعالى:
💫 *وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا*
🌈ومن الهجرة للمرأة المسلمة أن تهجر هذه الثياب الفاضحة أن تهجر هذه الثياب الممزقة التي تُبدي ما أمرها ربها وخالقها بستره من جسمها، هذه الثياب التي تُضيع به جمالها الحقيقي، لأن جمال المرأة بالستر والحشمة، لا بالتهتك والتعرّي، تخطئ هذه المرأة التي تظن أن جمالها يكون بهذه الثياب الممزقة المخرقة، وتكون بذلك قد انساقت إلى مكائد الشيطان الذي يسعى بكل ما أوتي من مكر وفن ودعاية أن يروج لهذه الثياب الفاضحة، ولقد حذرنا الله تعالى من مكره وحبائله فقال:
💫 *يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا*
📌ولا شك أن التاجر الذي يروِّج ويبيع هذه الثياب المخرقة الممزقة عليه أن يعلم أنه يكسب المال الحرام، الذي سيكون وبالاً عليه يوم القيامة.
لذلك من الهجرة :
🌈التوبة والرجوع إلى الله تعالى، وعلى المرأة التي تريد أجر الصحابة وأجر الهجرة، عليها أن تهجر هذه الثياب الخبيثة الفاضحة وتتوب إلى الله عز وجل.
🌈 ومن الهجرة أن يهجر الشباب مواقع التواصل الإباحية، 🌈وأن يهجر الناس جميعاً المواقع التي تثير الأحقاد وترسخ الطائفية وتثير الكراهية بين أبناء البلد الواحد،
فهذه يجب أن تهجر ويجب أن تترك، *لأن هذا من أعظم الهجرة إلى الله تعالى والتي يهاجر فيها العبد إلى ربه ومولاه، هجرة دائمة بقلبه وجوارحه وحواسه وعقله وتفكيره*.
✍قال الإمام العز بن عبد السلام:
*الهجرة هجرتان:
📍 هجرة الأوطان،
📍 وهجرة الإثم والعدوان، أفضلها هجرة الإثم والعدوان، لما فيها من إرضاء للرحمن، وإرغام النفس والشيطان.
✍وقال ابن القيم:
الهجرة فرض عين على كل أحد في كل وقت ولا انفكاك لأحد من وجوبها، إذ الهجرة هجرتان:
📍هجرة بالجسم من بلد إلى بلد،
📍والهجرة الثانية الهجرة بالقلب إلى الله ورسوله، وهذه هي الهجرة الحقيقية، وهي الأصل، وهجرة الجسد تابعة لها.
فإذا هاجر القلب إلى الله تعالى تبعه الجسد، فلن يجلس في الأماكن المحرمة، ولن يجلس مع رفاق السوء.
ويعظم أجر هذه الهجرة في وقت الفساد وشيوع المنكرات وانتشار الموبقات، فقال عليه الصلاة والسلام:
🌴 عبادة في هرج كهجرة إلي.
🤲 *اللهم أكرمنا بأن تجعلنا من المهاجرين إليك وإلى طاعتك وعبوديتك وإلى الانقياد لأمرك والانتهاء عن نواهيك يا رب العالمي
لقد حدد النبي ﷺ في هذا الحديث المفاهيم الحقيقية لهذه المفردات، وبيَّن المضامين الحقيقية لهذه المصطلحات.
💥إن الهجرة الواجبة على كل مسلم هي الانتقال من الحال التي تسخط الله تعالى من الانفلات الأخلاقي واللهث وراء المتع المحرمة والشهوات المحظورة والكبائر واكل أموال الناس بالباطل وأكل المال الحرام مطلقاً، إلى الحال التي ترضي الله تعالى وتكون طريقك إلى جنته ورضوانه.
🌴وأخرج الإمام أحمد عن عمرو بن عبسة أنه سأل النبي ﷺ:
أي الهجرة أفضل؟ قال:
*أن تهجر ما كره ربك عزَّ وجل*.
🌴وروى ابن حبان وغيره أن أحد الصحابة ويدعى فُديكاً، أتى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله إنهم يزعمون أنه من لم يهاجر هلك، فقال رسول الله ﷺ: يا فُديك أقم الصلاة ، واهجر السوء، واسكن من أرض قومك حيث شئت تكن مهاجراً.
والله تعالى أشار إلى هذا كله في آية مختصرة جامعة، فقال تعالى:
💫 *وَالرُّجْزَ فَاهْجُر* .
أي اترك كل قبيح مستقذر من سيء القول والأفعال والأخلاق.
وهذه الهجرة من الرذائل والمحرمات والخصال الذميمة شرعة ثابتة لا تنقطع،
🌴فأخرج الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما أن النبي ﷺ قال:
لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ( وفي رواية: ما تقبلت توبة) ولا تنقطع التوبة حتى تخرج الشمس من مغربها.
🌈فمن الهجرة بالنسبة لنا هجر أماكن المعاصي والفسق والفجور والتي تُثار فيها الغرائز وتُهيَّج فيها الشهوات، قال تعالى:
💫 *وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ*.
والخوض في معصية الله تعالى كالخوض في آيات الله، ولذلك نصح العالم ذاك الذي قتل مئة نفس وأراد أن يتوب، فقال له: انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناساً يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء.
🌈فمن الهجرة أن تهجر المكان أو البلد الذي تخشى فيه على دينك أو دين أولادك، فالدنيا لا تدوم والعمر سينتهي يوماً،
🌈وأن تهجر المكان الذي تخشى فيه على أخلاقك،
🌈 وأن تهجر رفاق السوء الذين يزينون لك المعصية وييسرونها لك، فهؤلاء ليسوا نصحة، وسيندم من صاحب هؤلاء يوم القيامة أشدَّ أنواع الندم، وذكر الله تعالى لنا شدة ندمه فقال تعالى:
💫 *وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا*
🌈ومن الهجرة للمرأة المسلمة أن تهجر هذه الثياب الفاضحة أن تهجر هذه الثياب الممزقة التي تُبدي ما أمرها ربها وخالقها بستره من جسمها، هذه الثياب التي تُضيع به جمالها الحقيقي، لأن جمال المرأة بالستر والحشمة، لا بالتهتك والتعرّي، تخطئ هذه المرأة التي تظن أن جمالها يكون بهذه الثياب الممزقة المخرقة، وتكون بذلك قد انساقت إلى مكائد الشيطان الذي يسعى بكل ما أوتي من مكر وفن ودعاية أن يروج لهذه الثياب الفاضحة، ولقد حذرنا الله تعالى من مكره وحبائله فقال:
💫 *يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا*
📌ولا شك أن التاجر الذي يروِّج ويبيع هذه الثياب المخرقة الممزقة عليه أن يعلم أنه يكسب المال الحرام، الذي سيكون وبالاً عليه يوم القيامة.
لذلك من الهجرة :
🌈التوبة والرجوع إلى الله تعالى، وعلى المرأة التي تريد أجر الصحابة وأجر الهجرة، عليها أن تهجر هذه الثياب الخبيثة الفاضحة وتتوب إلى الله عز وجل.
🌈 ومن الهجرة أن يهجر الشباب مواقع التواصل الإباحية، 🌈وأن يهجر الناس جميعاً المواقع التي تثير الأحقاد وترسخ الطائفية وتثير الكراهية بين أبناء البلد الواحد،
فهذه يجب أن تهجر ويجب أن تترك، *لأن هذا من أعظم الهجرة إلى الله تعالى والتي يهاجر فيها العبد إلى ربه ومولاه، هجرة دائمة بقلبه وجوارحه وحواسه وعقله وتفكيره*.
✍قال الإمام العز بن عبد السلام:
*الهجرة هجرتان:
📍 هجرة الأوطان،
📍 وهجرة الإثم والعدوان، أفضلها هجرة الإثم والعدوان، لما فيها من إرضاء للرحمن، وإرغام النفس والشيطان.
✍وقال ابن القيم:
الهجرة فرض عين على كل أحد في كل وقت ولا انفكاك لأحد من وجوبها، إذ الهجرة هجرتان:
📍هجرة بالجسم من بلد إلى بلد،
📍والهجرة الثانية الهجرة بالقلب إلى الله ورسوله، وهذه هي الهجرة الحقيقية، وهي الأصل، وهجرة الجسد تابعة لها.
فإذا هاجر القلب إلى الله تعالى تبعه الجسد، فلن يجلس في الأماكن المحرمة، ولن يجلس مع رفاق السوء.
ويعظم أجر هذه الهجرة في وقت الفساد وشيوع المنكرات وانتشار الموبقات، فقال عليه الصلاة والسلام:
🌴 عبادة في هرج كهجرة إلي.
🤲 *اللهم أكرمنا بأن تجعلنا من المهاجرين إليك وإلى طاعتك وعبوديتك وإلى الانقياد لأمرك والانتهاء عن نواهيك يا رب العالمي