https://www.facebook.com/share/p/1A1WpGMFC9/

منشور للأستاذ الفاضل مصطفى ثابت يذكر فيه دراسة ونقلا لنص يصف آخر أيام الإمام الفخر الرازي رحمه الله ورضي عنه وجزاه عن المسلمين خيرا.

ذكر الإمام اللقاني وغيره من علمائنا رحمهم الله وجزاهم عن المسلمين خيرا أن الإمام الشيخ أبا منصور الماتريدي رضي الله عنه قال إن علم العبد بربه فطري.
ورأيت أن أحد الإخوة يخطّئ نسبة هذا القول إلى الشيخ.

لكن الشيخ رحمه الله يقول في كتاب (التوحيد) في مبحث (مسائل في الإرادة): "ثبت أن عقد جملة المسلمين قبل تمويه المعتزلة واحد، وهو كما قال (كل مولود يولد على الفطرة إلا أن أبويه يهودانه وينصرانه ويمجسانه) يوجب شهادة ودلالة وحدانية الله تعالى حتى يجيء التلبيس ممن ذكر. وكذلك أمر المشيئة عند الجميع قبل تلبيس المعتزلة. ولا قوة إلا بالله".

والذي يظهر من عبارته رضي الله عنه أنه يثبت بالحديث الشريف كون الشهادة بوحدانية الله تعالى فطرية.

وقد يكون هذا المرجع الذي أخذ منه بعض علمائنا رحمهم الله نسبة هذا القول إلى الشيخ الماتريدي رحمه الله.

ااااااااااااااااااااااااااااااا

وقد صرح الإمام الغزالي رضي الله عنه في بعض رسائله بهذا المعنى.
والحق أن هذا القول في نفسه باطل، لقول الله تعالى: ﴿والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون﴾.
والحديث الشريف (كل ابن آدم يولد على الفطرة...).
فسره بعضهم بالإسلام، وهذا الذي لا يصح إن كان المراد دين الإسلام، ويصح لو أريد الإسلام بالمعنى اللغوي.
وفسره بعضهم بالخلقة التي هي الجاهزية: السمع والأبصار والأفئدة، كما أخبر الله عز وجل.
وفسره بعضهم بما كتب للإنسان وهو في بطن أمه من كونه سعيدا أو شقيا (نسأله تعالى السعادة ونعوذ به من الشقاوة).

وللفقير مقال في بحث الفطرة، هنا:

https://aslein.net/showthread.php?t=19525

قناة أخي الكريم الشيخ عثمان النابلسي في يوتيوب، جزاه الله عنا وعن المسلمين خيرا وبارك فيه وتقبل منه

https://youtube.com/@othman_ayoub?si=dJGO0GXG9taDO0eJ

ما يستحق أن يسمى (فلسفة إسلامية)

لا ريب في كون فلسفة المشائين غير إسلامية، فليس منشؤها إسلاميا ولا ما تتضمنه من مقالاتٍ إسلاميةٌ.
فحتى إن كان هناك قائمون بهذه الفلسفة في بلاد المسلمين وممن كانوا في الأصل مسلمين فلا يصبِّر ذلك هذه فلسفة إسلامية.
وكل ما قدمه هؤلاء لا يعدو محاولة لتمويه التقارب بين الإسلام وفلسفتهم في بعض المقالات، أما أصولهم فمباينة لما جاء سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا بالضرورة.

وإننا إن أردنا تصور ما يصح أن يسمى (فلسفة إسلامية) فيلزم أن نتصور ما الذي يتضمنه هذا التعبير...
فالفلسفة بالمعنى الأعم البحث في المعرفة والوجود.
والنسبة إلى الإسلام بكون الإسلام هو الأصل والمرجع لهذا المنسوب.

بهذا الاعتبار فإن الحركة الفكرية الراجعة إلى أصل إسلامي المراجعة لمقالاتها باعتبار الشرع الشريف هي التي تستحق أن تسمى فلسفة إسلامية.
وهذه الحركة إنما تصدق على ما يسمى (علم الكلام) الذي كان في نشأته الأولى في مقابلة ضلال الضالين في فهم القرآن الكريم والسنة المشرفة داخليا وضلال الضالين في إنكار صحة الإسلام خارجيا.

ولما كانت الفلسفة بحثا نظريا فمن الطبيعي أن تختلف الأنظار وتتضارب، وإذ إنها إسلامية فالأصل أن لا يكون الخلاف فيها في الضروريات من الدين (وإن كان بعضها بدعيا ضلاليا مذموما مستقبحا مفسّقا لصاحبه...).
فيكفي بعد ثبوت الضروريات في المذهب دعوى أنه فلسفة إسلامية باعتبار أن نظر هذا الفريق الاجتهادي في المسائل باعتبار ما جاء به سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا قد أوصله إلى حقيّة كذا و كذا.
ولذلك يلزمنا تصحيح كون مقالات المعتزلة مثلا مع ضلالها مقالات (إسلامية) وأن فلسفتهم (إسلامية)، وكذلك مقالات الرافضة (ما لم يقولوا بالكفريات كالبداء وتحريف القرآن الكريم والطعن في أمنا عائشة رضي الله عنها وأن الأئمة يوحى إليهم...).
وحتى بعض القائلين بوحدة الوجود يغلب أنهم منطلقون من أصل إسلامي متوهمون أنهم في مقالاتهم ناصرون لما جاء به سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا (لكن لا بمعنى دعوى أنه -حاشاه- يكذب على الناس بإظهار ما الحق خلافه، فهذا كفر بالإسلام).
وكذلك فإن الظاهر أن مقالات ابن تيمية مبنية على وهمه الفاسد وضعف نظره وفهمه بأن الشرع الشريف قد جاء بها (إلا مقالات معينة حقيقتها مخالفة الضروري من الدين كالقول بفناء النار وانتفاع الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا بأفعاله، وغير ذلك... فتلك المقالات قطعا تخرج عن كونها إسلامية أو كلامية. بل هي مفرية، لكن قد ينقلب الضروري نظريا في حق الجاهل ضعيف الفهم فلا يلزم تكفيره).
فيمكن تسمية هذه المقالات المختلفة بكونها (كلامية) أو أنها من الفلسفات الإسلامية، وإن كان بعضها سخيفا ساقطا.
في مقابل مقالات الإسماعيلية والقاديانية مثلا، فإن مقالاتهم مبنية على مخالفة أصل الإسلام والضروري منه.

كثير من الشباب المتصدرين للرد على الملاحدة يعتمدون على ردود نصارى الغرب، مع جهلهم الواضح بالتراث الكلامي الإسلامي.

قبل فترة قرأتُ مقالًا لأحد المسؤولين عن مركزٍ للدفاع عن الإسلام، يعالج فيه "مشكلة الشر" ويردّ فيه شبهات الملاحدة، فإذا به يعتمد بشكل كبير على كلام Leibniz ومن تأثر به، ويقرر أنّ قدرة الله لا تتعلق بعالمٍ غير هذا العالم، لأنه من المحال عقلًا وجود عالمٍ متمحضٍ في الخير وخال عن الشر، والقدرة لا تتعلق بالمحال العقلي!

ولست أعيب على هؤلاء الإخوة الاستفادة من كتب الغربيين، بل هذا أمرٌ ضروري لكل مشتغل بالحركة الفكرية المعاصرة، وأنا شخصيًا أتابع كل جديد في هذا الباب يمكنني الوصول اليه، لكنّ الأمر المعيب امتعاضهم من دراسة علم الكلام الإسلامي والاستفادة منه (باستثناء الاطلاع الجزئي على تراث الشيخ ابن تيمية)، مع تهافتهم على نتاج الغربيين وضعف قدرتهم على تمييز الغث من السمين.. وإن حسبوا أنفسهم خلاف ذلك.

ونصيحتي لهم أن يقبلوا على الدراسة الجادّة المعمقة لمؤلفات علماء الإسلام وتراثهم الكلامي، من مختلف المدارس الكلامية، ويستثمروا ما فيها من كنوز وقواعد وتأصيلات، وسيرون أن ذلك أنجع وأنفع في مواجهة التيارات الفكرية المعاصرة، وأقرب إلى روح الإسلام من النتاج الغربي الراجع إلى روح النصرانية في الغالب.

(ماذا يعني هذا؟!)

1- هذا ما كانت تنشره جريدةُ الشَّيخ ابن باديس من تلميعٍ للقتلةِ التَّكفيريِّين = الوَهَّابيِّين! [جريدة الشِّهاب الجزء: (7)، المجلد: (9)، عام: 1933م].

2- ومع ذلك، فإنَّ الشَّيخَ ابنَ باديس نفسَه يُقرُّ بأنَّه يكاد يجهلُ سيرةَ ومسيرةَ وكتاباتِ السَّفَّاح مؤسِّسِ البدعةِ الوَهَّابيَّة المدعو: محمَّد بن عبد الوهَّاب! [جريدة السُّنَّة العدد: (3) نقلًا عن الآثار (5/103)، ط. وزارة الثَّقافة].

وهذا؛ مع توفُّرِ بعضِ كتبِ الوَهَّابي في مكتبةِ "رودوسي"، كما شهد بذلك مُفتي الجمعيَّة: الشَّيخ أبو يَعلى الزَّواوي!.

3- من هنا ـ يا عبدَ الله ـ اعتنقتِ الباديسيَّةُ بدعةَ الوَهَّابيَّة في الجزائر، فسوَّغَتها وزيَّنتها، وحشَت بها عقولَ الأجيال، وبهرَجَت مَظاهرَها، حتى غدت خِنجرًا مسمومًا في ظهرِ مَرجعيَّتِنا الدِّينيَّة الأصيلة.

وستُكتبُ شهادُتهم ويُسألون.

﴿لَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مُعۡجِزِینَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ وَمَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُۖ وَلَبِئۡسَ ٱلۡمَصِیرُ﴾ [النور ٥٧]

نُبشّر الإخوة طلاب العلم في تركيا بتوفّر أحدث مؤلفات فضيلة الشيخ الدكتور سعيد فودة في المكتبات التالية:

• مكتبة الشفقة
هاتف: 00905386118595

• دار الشامي
هاتف: 00905557016602

🎓 250 منحة دراسية مجانية لطلاب غزة!

الفرصة وصلت 👇
قدّم الآن وابدأ دراستك الجامعية مجانًا في كلية الفقه الشافعي – جامعة العلوم الإسلامية العالمية.

📖 ماذا تشمل المنحة؟
✅ تعليم عن بُعد من أي مكان في غزة
✅ تغطية كاملة لجميع رسوم الساعات الدراسية
✅ إعفاء كامل من رسوم التسجيل
✅ شهادة رسمية معتمدة من وزارة التعليم العالي الأردني

💬 لمن المنحة؟
لكل طالب من غزة يطمح لتعلّم العلوم الشرعية وبناء مستقبله بثقة وإرادة 💪

🌟 لا تنتظر!
اغتنم الفرصة الآن وسجّل لتكون من طلاب كلية الفقه الشافعي وتبدأ رحلتك نحو العلم والعطاء.

📞 للتواصل: 00962792001350
🌐 التقديم المباشر: https://admission.wise.edu.jo/welcome

#كلية_الفقه_الشافعي #منحة_غزة #تعليم_مجاني #جامعة_العلوم_الإسلامية #تعليم_عن_بعد #صمود_غزة #فرصة_ذهبية #علم_وعطاء

مشاركة تلفزيونية 20-10-2025

انضباط الفتوى الفقهية والاعتقادية وأثره في وحدة صف الأمة

ضيف الحلقة : فضيلة المفتي د. جاد الله بسام

محاور الحلقة :

١. الفتاوى الفقهية: حكم التوسل وزيارة القبر الشريف على صاحبه أفضل الصلاة والسلام، ومفهوم البدعة.

٢. الفتاوى الاعتقادية: المذهب الأشعري، نبذة عن أبي الحسن الأشعري، كلمة عن كتاب الإبانة وكيفية فهم نصوصه، قضية التراجع المزعوم لأبي الحسن الأشعري.

٣. نسبة مذهب أهل السنة للأشعري، لماذا؟

٤. دور دائرة الإفتاء العام والمؤسسات الدينية في المحافظة على الهوية الدينية السنية.

🔹الحكمة هي النبوة وعلم الشرائع:

قال الإمام السياح الفقيه المتكلم كمال الدين الأندكاني الحنفي الماتريدي (ت ٧٧٧ هـ) في <صدق الكلام في علم الكلام>:

"ثم إن بعض المارقين من دين الإسلام من هذه الأمة لما اطلعوا على اصطلاحات أولئك، وأُشربوا في قلوبهم معتقداتهم = ظنوا أن العلم هو الفلسفة لا غير، فتفلسفوا مثلهم، وغيروا اللفظ من الفلسفة إلى الحكمة، وسموا أنفسهم حكماء، وصنفوا كتبا وسموها كتب الحكمة، وليست هي من الحكمة في شيء، ولذلك ترى الجهال في زماننا يعتقدونهم حكماء.

إنما الحكمة هي النبوة وعلم الشرائع، على اختلاف الأقوال في تفسير قوله تعالى: {وءاته الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء}، وقوله تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة}.

فإياك وإياهم ومطالعة كتبهم كإلهيات أبي علي وغيرها من مصنفاته وغير ذلك، فإنها مملوءة كفرا، فربما يطالعها الجاهل ويعتقد شيئا منها—لكونه مموها بوجه معقول في زعمه—فيكفر ولا يشعر.

وهؤلاء المتأخرون منهم أكثر إفسادا للدين من متقدميهم؛ لأن أولئك استقلوا بعقولهم ولم يعتقدوا دينا سماويا، وهؤلاء يدعون أنهم في دين محمد عليه الصلاة والسلام، ويدعون غيرهم من المسلمين إلى الفلسفة، ويموهون يتزويداتهم أنها هو العلم، حتى رأيت كثيرا من الطلبة المبتدئين مائلين إليها معتقدين لنا خائضين فيها.

وسمعت واحدا من جهلة المقلِّدة المقلَّدة منصب القضاء، وكان قاضي القضاة بتبريز، يقول: من لم يمارس الحكمة والمعقول—وان اكتسب الأدبية والشرائع من الفروع والأصول—فهو الذي أولى الفهم وَذَوى العقل، لا يُسوَّى بمثقال حبة من خردل من ثمن البقل. فقلت: ومن تفوه بتلك الهنة، ورضي بذلك القول، فهو لدى أرباب العلم أضل من العجول، وما أراه إلا كونه مشرب القلب ضلَّالا على الجهل، كما أشربت السامرية في قلوبهم العجل".

الاحتلال يُغرق سوق غزّة بالكماليات والبضائع التي لا تُنقذ حياة أحد
شوكولاتة فاخرة، قهوة مستوردة، رفوف ممتلئة بما لا حاجة له، بينما يمنع دخول الدواء والغذاء والمواد الأساسية للبقاء.

في غزة التي تُصارع الموت
تجد النسكافيه.. ولا تجد المضاد الحيوي
تجد الشوكولاتة.. ولا تجد أساسيات الغذاء

المشافي بلا شاشٍ ولا أدوية ولا مسكنات
والصيدليات أرفف صامتة تنتظر حياةً لا تصل

إنه حصارٌ وتجويعٌ مُتنكّر في هيئة تجارة..

هكذا يصنع الاحتلال جوعاً محسوباً
ويروّج مشهد الحياة الطبيعية زوراً
والعالم يتفرّج على شعبٍ يُحاصَر حتى في حقّه بالبقاء.

الحمد لله على أن أغلب المسلمين لم يتأثروا بهذا مع طول المحاولة المتعمدة لتشويه انتمائهم.

بفضل الله تعالى ورحمته تتضمن بِنية الإسلام أن يترشح في القلوب بحيث يكفي القليل من التذكير به في هدم مكر طويل من أعداء الدين.

" الجامعة المصرية قررت في عهد وزارة على علوبة باشا أن تكون شارات حراسها من صور آلهة المصريين القدماء فتكون شارة كلية الزراعة إله الزراعة وشارة كلية الطب صور إله الحكمة وهلم جرا، فكتب صديقي الشيخ عبد المجيد اللبان يستنكر هذا القرار ويلفت نظر الجامعة والوزارة إلى واجبها نحو دين الدولة الذي هو الإسلام البعيد كل البعد عن الوثنية ورموزها، فلم تسمعا له وسكتت مشيخة الأزهر عن تأييده واستقرت شارات الآلهة"
شيخ الإسلام مصطفى صبري.
موقف العقل.

يذكرني النقل ده بالكميت وتعظيمهم لآلهة مصر الوثنية.

في "ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن"

اشتهر عند السلف والخلف رضي الله عنهم التعبير بأن ما لم يشأ الله عز وجل لم يكن، وقد روي بإسناد ضعيف عن سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا...
وكان ذلك ليكفي أخانا البردوني لكي يراجع بحثه في هذه العبارة جيدا بدل أن يتسرع في نقضها بما ليس بشيء...
فلعل سقطته هذه تكون داعية له لكي لا يتسرع في بحثه في المسائل، ولكي يراجع مقالات العلماء فيها مع بحثه فيها ليتصور ما قد يغيب عنه ا١ا.

ااااااا

والمسألة من حيث البحث العقلي واضحة، فإن السؤال الوارد هنا: "هل يمكن أن تتعلق الإرادة بعدم شيء"؟

والجواب: لا، فإن العدم (لا شيء)، ولا معنى لإرادة (لا شيء) ا٢ا.
والمحقَّق عند أهل السنة رضي الله عنهم أن الشيء هو الموجود وأن المعدوم ليس شيئا -وقد خالف في ذلك بعض المعتزلة-. فقبل وجود زيد والقلم ليس (هناك) زيد معدوم و قلم معدوم، بل مجرد لا شيء، ويُفهم هذا من قول الله تعالى لسيدنا زكريا على نبينا وعليه الصلاة والسلام: ﴿وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا﴾.
فإنه ليس هناك (هوية) للمعدوم في حال عدمه.
ولهذا فإنه ليس هناك تمايز (ذاتي) بين المعدومات، أي إنه لا معنى لأن نقول إن عدم زيد متمايز ((في نفسه)) عن عدم القلم، هذا التمييز تقديري منا نحن فقط.

وإرادة شيء والمشيئة له بالمعنى المصدري ترجيح له، ولا معنى للقول بترجيح (لا شيء).
يهذا يُحقق أن (إرادة عدم زيد) أمر مفروض لا معنى له.

ااااااا

وقد تعلق بهذا سؤال بأنه "كيف يُعدم الله تعالى المخلوق"؟
فقرر الإمام الشيخ الأشعري رضي الله عنه أن فناء جوهر يكون بقطع الإمداد عنه، فإن الله تعالى يبقي الجوهر يخلق بقاء ثم بقاء ثم بقاء... فما دام له بقاء فيبقى موجودا، فإذا لم يخلق فيه بقاء في آن كان الجوهر منعدما ذلك الآن.
وقال الإمام الباقلاني رضي الله عنه إن عدم الجوهر بقطع الإمداد بالأعراض التي يشترط بقاء الجوهر بوجودها، فإذا لم يخلق الله تعالى في آن معين للجوهر حركة ولا سكونا -مثلا- فإن الجوهر ينعدم ذلك الآن.
وذلك لأن عدم الجوهر مجرد (لا شيء)، و (الفعل) تأثير في شيء، فلا يتعلق التأثير بعدم شيء.
وعبر الإمام الغزالي رضي الله عنه عن هذا بأننا إن فرضنا أن الله تعالى يفعل إعدام شيء فسيكون فعلا لا لمفعول ا٣ا.
ومن علمائنا -رحمهم الله جميعا- من قال إن قدرة الله تعالى تتعلق بالإمكان إيجادا وإعداما...
فهذا قد يكون على سبيل التسامح (بمعنى أن الله تعالى إذ لم يرد وجود الجوهر، فعُبر عن ذلك بأنه تعالى أراد عدمه).
وقد يُوجه بأن المراد خلق ضد وجوديّ، كإفناء الكرسي بخلق حركات لأجزاء الكرسي متباعدة.
وإلا فإن هذا التعبير خطأ قطعا.

ااااااا

والعبارة (ما لم يشأ الله تعالى لم يكن) تفيد (ما) فيها العموم، فتكون كلية موجبة معدولة الطرفين...
كل ما لم يشأ الله تعالى لم يكن.
أو: كل غيرِ مراد لله تعالى غيرُ كائن.
وعكس النقيض الموافق له هو: كل كائنٍ مرادٌ لله تعالى ا٤ا.
وهذه العبارة صحيحة قطعا مع لفت النظر إلى القرينة العقلية بأن المريد لا يريد نفسه، فليس الله تعالى مريدا لنفسه ولا لصفاته.
ويظهر أن يصح أن نعتبر (كان) هنا تامة، فلا يبقى إشكال.

ااااااا

قد يرد الوهم هنا بأن يقاس على ما تقرر من أن الممكن لا يستحق الوجود لذاته، وبهذا انتقلنا إلى أن وجوده الممكن بغيره...
فعلى هذا فإن عدم الممكن كذلك ليس مستحقا للممكن لذاته، فعدم الممكن لا بد أن يكون بغيره.

والجواب -بناء على ما سبق- بأن الممكن في حال عدمه (لا شيء)، فلا يلزم حتى يكون الممكنُ (لا شيء) اعتبار أمر آخر، وعلى هذا فإنه يكفي عدم السبب لكي يرجح جانب العدم الممكن.

فصار هاهنا اعتباران للممكن:
الأول: بحسب الممكن نفسه، وهو تساوي الوجود والعدم.
الثاني: باعتبار أن جانب العدم للممكن لا يحتاج لتحققه إلى أمر آخر، بما يُعبّر عنه بأن "سبب العدم عدم السبب".

وعلى هذا فقد قرر علماؤنا رضي الله عنهم أن الواجب للممكن ((باعتبار عدم سببه)) أن يكون معدوما ا٥ا.

ااااااا

يبقى اعتبار لفظ (عدم إرادة شيء ما)، فيمكن أن يكون لإرادة ضد وجوديّ، كما في قول الله تعالى: ﴿أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم﴾[المائدة: ٤١].
فالله تعالى خالق لذلك الرجس في قلوب أولئك الكفرة.
ويمكن أن يكون بأن لا يريد الله تعالى وجود زيد فلا يوجد زيد.

ااااااا

انتهاء...
من المعيب تضييع أوقات طلبة العلم من المسلمين في مثل هذا التخبيص، وإنما مقام المسألة أن تحقق في الدرس الكلامي للطالب في المستوى المتوسط، ويكون به تمرين الطالب في التفكير في تحليل أطراف المسألة.

ااااااااااااااااااااااااااااااا

ا١ا وهذه حالة شائعة في جيلنا، وإن انضم إليها عدم تريُّض الطالب على شيخ محقق يراجعه في أبحاثه مراجعة حقيقية فسيتصدّر بتخبيصاته متوهما أنه هو الإمام المحقق.
ا٢ا الأدق أن العدم: (لا)، لكن نعبّر بـ (لا شيء) لتقريب لفظي لا أكثر.
ا٣ا ومن المعتزلة من قال إن الله تعالى يخلق فناء هو عرض موجود للجوهر فيفنى الجوهر في الآن بعده. وهو قول ساقط.
ومنهم ومن الكرامية من قال إن الله تعالى لا يمكن أن يعدم شيئا بعد أن خلقه باعتبار أن العدم لا يمكن فعله.
ا٤ا كما نجده في متن الخريدة البهية للشيخ الدردير رضي الله عنه: "وكل شيء كائن أراده".
ا٥ا فلا يلزم أن يكون هذا حكما للممكن من حيث هو ممكن فقط، كما توهم أخي أحمد إبراهيم.