موقع الدكتور الشيخ محمود عكام
573 subscribers
525 photos
1 video
2 files
465 links
تتناول هذه القناة نشاطات وأخبار الدكتور الشيخ محمود عكام.
Download Telegram
ملامح رعاية الإسلام للأسرة/ ندوة وزارة الأوقاف
ضمن فعاليات "البرنامج التثقيفي الحواري الذي أطلقته وزارة الأوقاف للأئمّة والخطباء ومعلّمات القرآن الكريم وكوادر التّعليم الشّرعي في المحافظات السورية، والمستمر طيلة شهر شباط ٢٠٢٤ أقيمت ظهر اليوم الثلاثاء 13/2/2024 في "مركز إرشاد التأهيلي التخصصي بحلب" ندوةٌ حِوارية لسماحة الشيخ الدُّكتور محمود عكام مفتي حلب، عضو المجلس العلمي الفقهي في وزارة الأوقاف وحملت عنوان: "دَورُ التَّربية والتَّعليم في النَّشأة الاجتماعية السَّليمة للأسرة"، قدم من خلالها سماحة الدكتور عكام محاضرة بعنوان: (ملامح رعاية الإسلام للأسرة)، وفيما يلي نص المحاضرة:
ملامح رعاية الإسلام للأسرة
مقدمة:
لعلنا إذا عُدنا إلى اللغة عبر قواميسها وجدنا أنَّ الأسرة تعني في الأصل الدِّرع الحصينة، وفعلاً فإن الأسرة بمفهومها الاجتماعي درع، وأعظِم بها من درع يلبسه الفرد أو يتلبسه، فيغدو بها مَحمياً ومرعياً. أما الحماية: ‏فمن كل أذىً يمسُّ الإنسان فرداً، ويستعدي عليه وحيداً. ‏والأذى الذي يمسُّ الإنسان فرداً هو الكآبة الموحشة، والوحشة الكئيبة. ‏
وأما الأذى الذي يَستعدي على الإنسان وحيداً فالقلق والشعور بالضعف، وحاجة النَّصير. وعلى هذا فالأسرة مَطلب فطري. وتطلع إنساني لابديل له ولاغنى عنه، رضي من رضي، وسخط من سخط، وهو في الوقت نفسه نواة مجتمع يعني في النهاية درعاً كبرى، تحمي من تشرذم وفرقة ومخاوف تنتج عنهما، اي عن التشرذم والفرقة. ‏
لقد جهد بعض المعتدين على الإنسان في إزالة الدِّرع عنه، بحجة ثقلها الموهن لكاهله، ولكنهم بذلك ما دروا أنَّ المحمي الجميل الناعم اللطيف حَلَّ مَحَل الحامي، فاشتدَّ تعرضه للنوائب الجائحة، واختلط الظرف بالمظروف، والقلب بالقفص الصَّدري، وهذا ما لايقول بنجاعته عاقل.
وأما الرِّعاية: ‏فلكل قيمة إنسانية تشكل جزءاً من هذا المخلوق الأسمى، وأهمُّ قيمة ترعى بدرع الأسرة «الوفاء» المؤدِّي الى البناء، و «الحب» المفضي إلى التعاون والإخاء. ‏والوفاء والحبُّ أرفع قيمتين إنسانيتين، ومحل تشكلهما هو الأسرة، لأنَّ المسببات والمجليات لهما واضحة بينة، فالوالدية عَطاءٌ يُقابَل بوفاء، والوليدية بقاء تقابل بحرص وحب وتمسك، وحَدِّث بعد ذلك عن مَخاضات الصفات والقيم في هذا المحضن ولاحرج.
ستبقى الأسرةُ محلَّ عِناية ورعاية من ربِّ الإنسان دائماً، وعليها فإن كل من أوفدوا رسلاً منه إلى الإنسان نقلوا آيات الدَّعوة إلى تكوين الأسرة وإلى التَّحسين والتَّجويد بعد التكوين، حتى لكأن كثرة ما جاء في ذلك من آياتٍ في صحف ابراهيم، وزبور داود، وإنجيل عيسى، وتوراة موسى، وقرآن الفرقان، توحي ُبضرورة الحديث عن «الأسرة» والداً ووالدة وأولاداً وأبوة وأمومة وأخوة وبنوة، على أساسٍ من العبادة الصِّرفة، التي لا تقبل تحويراً ولا تعليلاً، بل هي قضية فوق العقل اصطفاها الله لتحكي - أبد الدَّهر - حكاية الإحسان البشري لينفذ منه إلى الإحسان الإلهي الربَّاني: ‏(وقَضَى ربُّك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) الاسراء /23/.
أولاً: بيان ملامح رعاية الإسلام للأسرة:
لقد رعى الإسلامُ الإنسان في كلِّ تـجليَّات وجوده، فرداً كان أو أسرة، مجتمعاً كان أو دولة، ورعايةُ الإسلام تعني:
أولاً: التأسيس مِنْ خلال التكوين.
ثانياً: الاستمرار عبر الحماية والعناية.
ثالثاً: التوريث بواسطة التَّـنفيذ الواعي الذي يوجِـده النَّموذجُ الـمقنع.
كلُّ ذلك في إطارٍ مستوعِب من الإيمان بالله عزَّ وجلَّ: (ألا يعلم مَنْ خلقَ وهو اللطيف الخبير)، وحين نتوخَّى المرحلةَ الأهمَّ في تجليَّات وجود الإنسان التي ذكرنا، تبرز الأسرة حالةً هامَّـة فاعلة خطيرة، تحتضن الفرد في أبعاده وتطلُّعاته ودوافعه واندماجه في مجتمعه، وتشكِّل في الوقت ذاته منطلقاً لمجتمع متراصٍّ متماسك، وكأنِّي بها وهي صالحة يصلح بها الفرد والمجتمع، وكأنِّي بها وهي فاشلة يفشل المجتمع والفرد من خلالها.
وإذا ما أردنا الحديث عن التكوين والحماية والعناية والتنفيذ الواعي في مجال الأسرة، فإنَّنا نتحدث عن:
أولاً - التأسيس من خلال التكوين، الذي يتجلَّى مِنْ خلال مقوِّماته:
1- أمَّا المقوِّم الأول لتكوين الأسرة وتأسيسها التأسيسَ القويَّ فهو الاختيار السليم منَ الرجل للمرأة، ومِنَ المرأة للرجل، ومنْ أجل هذا فقد جعل الإسلام الاختيارَ مبدئياً، فقال صلى الله عليه وآله وسلم للرجل وهو يختار المرأة: (تُنكَحُ المرأةُ لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ودينها، فاظفر بذات الدِّين تَـرِبَتْ يداك) رواه البخاري ومسلم، وفي رواية أحمد: (فخُذ ذاتَ الدِّين والخُلُق تربت يداك)، ووجَّـه المرأة كما وجَّـه الرجل، فقال للمرأة وهي تختار وتبحث: لِيكُن اختيارك مبدئياً فلقد ورد في سنن أبي داود أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا أتاكمْ مَنْ ترْضَون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرض وفسادٌ عريض)، وأنتِ أيَّتها المرأة يا صاحبة المبدأ، يا مَنْ
اعترف ديننا الإسلام بحقك، أنت التي تختارين. وها هي القصة التي يرويـها ابن ماجه و أحمد، تعبِّر عن مدى احترام الإسلام لاختـيار المرأة، يـوم جاءت فـتاة إلى النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فقالت له: يا رسول الله، إنَّ أبي زوَّجني ابنَ أخيه، ليرفعَ بي خسيسته، وأنا له كارهة، فخيَّرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أيْ جَعَلَ لها الخيار في أنْ تقبل ذلك أو ترفضه، فقالت: يا رسول الله قد أجَـزْتُ ما صنع أبي، ولكنْ أردتُ أنْ يعلَمَ الناس أنْ ليس إلى الآباء مِنْ الأمر شيء. أيْ في الاختيار الذي ينبع منَ الفتاة المسلمة صاحبة المبدأ.
2- وأمَّا المقوِّم الثاني بعد الاختيار، ومنْ أجل تكوينٍ سليم يعني التأسيسَ القوي، تأتي قضية المهر، ولقد دعا الإســلام إلى عدم التَّغالي في المهر، وقال صلى الله عليه وآله وسلم يوم سمع بإنسان أصْدقَ زوجتَـه أربـعَ أواقٍ منْ فـضة: (كأنَّما تَنحِتون الفضة منْ عرض هذا الجبل ؟!)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم في حديث آخر: (إنَّ مِنْ يُمْنِ المرأة تيسير صَداقها). هذه هي مرحلة التكوين.
ثانياً - الاستمرار عبر الحماية والرعاية: أما الحماية والرعاية اللتان تُـوجِدان الاستمرار، فبالحماية والرعاية تستمرُّ الأسرة أسرةً معطاءة، منْ أجل أنْ تقدِّم النموذجَ الخـِّير، ولذلك فقد حماها الإسلام بتشريعاتٍ وقوانين كانت لها رائعة.
أ- فقال لها أولاً: أيَّتها الأسرة، أيُّها الزوج، أيَّتها الزوجة: لتكونوا في حِمْيةٍ مِنْ أفعالٍ تؤثـِّر على مسار هذه الأسرة: فلا طلاقَ، والطلاق في ساحة البغضاء وضعه الله عز وجلَّ، ولا زنى، لأنَّه مِعْولٌ يهدم الأسرة، وليس مِنْ معولٍ يهدم الأسرة أخطر منَ الزنى، إذ يهدم الأسرة بكل كيانها ليأتي بعد ذلك على هدم المجتمع،
ب- ورعَى الإسلام الأسرة بعد ذلك، فقدَّم لها تشريع عناية: إذ قال للزوجة: أيتها الزوجة، هيا مِنْ أجل أنْ تتحلَّي بالطاعة الواعية الهادفة للزوج، فلقد ورد في الطبراني، أنَّ امرأةً جاءت إلى النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وقالت: يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك، الرجال يجاهدون معك ولا جهاد لنا، فقال لها النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: (أبلِغي مَنْ لقيتِ منَ النساء أنَّ طاعة الزوج واعترافاً بحقِّه يعدل ذلك). وقال للزوج وهو يعتني بالأسرة: أيُّها الزوج كنْ صاحب خُـلقٍ حسن مـع زوجـك في بيتك، فلقد قال ربُّـنا سبحانه وتعالى: (وعاشروهنَّ بالمعروف)، وقال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: (استوصوا بالنساء خيراً)، ويروي ابن ماجه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: (خـيركمْ خـيركم لأهله، وأنا خـيركم لأهلي)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم كما يروي الترمذي: (إنَّ مِنْ أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً وألطفهم بأهله).
وتابع الإسلام طريق العناية مِنْ أجل استمرارٍ رائع، مِنْ أجل مسيرة أسرة تشكِّل النواةَ الخيِّرة لمجتمع فاضل متكامل فقال للأولاد: هيَّا أيُّها الأولاد إلى برِّ آبائكم، هيَّا إلى برِّ أمهاتكم: (وقضى ربُّك ألا تعبدوا إلا إيَّاه وبالوالدين إحسانا). ويروي البيهقي أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ما مِنْ ولدٍ ينظر إلى أبيه أو أمِّه نظرةَ رحمة إلا كتبَ الله له بهذه النظرةِ حجةً مبرورة). فقال رجلٌ: (يا رسول الله، أرأيتَ إنْ نظرتُ إليه مئة مرةٍ في اليوم ؟)، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (نعمْ، الله أطيبُ وأكرم). وتتابع العناية ليتوجَّه الإسلام إلى الأباء منْ أجل عطفٍ وحُـنوٍ على الأبناء، ويقول الإسلام لهؤلاء الآباء: هيَّا وتجلببوا بجلباب الرَّحمة والإحسان، بجلباب العطف على الأولاد، وما أروعَ القصة التي يرويها البخاري، يوم جاء الأقرع بن حابس إلى النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، فرآه يُـقبِّل الحسين رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، إنَّ لي عشرةً منَ الأولاد ما قبَّـلت واحداً منهم أبداً ! فقال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: (أوَ أملكُ لك أنْ نَـزع الله مِنْ قلبك الرَّحمة ؟! مَنْ لا يَرحم لايُرحَم). ويروي البيهقي أنَّ رجلاً كان جالساً بقرب النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، فدخل على الرجل ابنٌ له، فقبَّله ووضعه في حِجْره، ثمَّ دخلتْ عليه ابنةٌ له فوضعها إلى جانبه، ولم يقبِّلها، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: (ما عدلتَ بينهما). إنَّها الحماية، إنَّها الرعاية، تثبِّـتان الاستمرار الرائع.
ثالثاً - التوريث بواسطة التنفيذ الواعي: ويأتي بعد ذلك التوريث، الذي يظهر ويتجلَّى عبر النموذج المقنع، وها هو النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يشكِّل هذا النموذج، ها هم صحابته، وها هم العاملون، وها هم المؤمنون الصادقون، يـبنون نماذجَ رائعة، ويشــكِّلون أسوةً ستبقى محلَ إكبارٍ وإعجاب، لكلِّ أولئك الذين يَـنشدون أسَرا ً طيبة خيِّرة، تشكِّل مجتمعاً طيِّباً خيِّراً.
وإنْ سألنا عن أسرة الحبيب الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، عن روعتها، عن نموذجيَّتها، عن أسوتها، إذ بنا نقرأ ملامحها في طيفٍ ملَّون رائع، يأتي قوساً منوَّراً لكلِّ منْ ادلهمَّ به الظلام، أو وقع في الغياهب والسراديب. ومَنْ أراد عرضاً لهذه الملامح الكريمة فليقرأ ما قالته السيدة عائشة رضي الله عنها، كما في الطبقات، حينما وصفتْ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: (كان ألينَ الناس بسَّـاماً ضحَّـاكا). وحين نسأل أنس بن مالك يقول لنا: (ما رأيتُ أحداً كان أرحمَ بالعيال مِنْ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم). وحينما نسأل هذه الأسرة الكريمة عن سلوك الزوجة، يطالعنا التاريخ بكلماتٍ ستبقى الطغراء في صفحة الحياة، حين قالت السيِّدة خديجة رضي الله عنها للمصطفى صلى الله عليه وآله وسلم يوم جاءها ترتعد فرائـصُه لما هبط عليه الوحي، قالت هذه الزوجة الرائدة الرائعة الواعية: "كلا، والله ما يخزيك الله أبداً، إنَّك لتصل الرَّحم، وتحمل الكلَّ، وتكْسِب المعدوم، وتُعين على نوائب الحق". ويجلل كلَّ ذلك الحبُّ، فلا أسرة مِنْ غير حبٍّ، ولا مجتمعَ مِنْ غير مودَّة، وإنَّ الأسرة التي انهزم منها الحبُّ، وإنَّ المجتمع الذي حادَ عن مسيرةِ الحبِّ، مجتمعٌ وأسرة ينبغي أنْ ينظرا نظرةً فاحصة في واقعهما. الحبُّ سيبقى الغيمةَ الخيِّـرة المدرَّة للمطر الخيِّر، منْ أجل أنْ تُـنْبِتَ هذه العلائق والصلات كلَّ ملامح الخير، وكلَّ معالمه، وكلَّ ثماره التي تنفع الناس، وحياةٌ وأسرة ومجتمعٌ مِنْ غير حبٍّ، مجتمعٌ لا ثمرَ فيه، ولا ماء فيه، ولا حياة فيه. وإنَّي لأرجو الله وأنا أتحدَّث عن هذه الخليَّـة، أتحدث عن هذه النواة، أتحدث عن الأسرة، أنْ يجعل ربِّي بلدنا، أنْ يجعل ربِّي سوريةَ الحبيبة أسرة تكون النموذجَ والقدوة لكل البلاد، وعلى مستوى كلِّ بقاع الأرض، على مستَوى كلِّ الـدُّول التي تَسعَى مِنْ أجل أنْ تكون معطاءةً خيِّرة مبدئيَّة. أرجو الله أنْ يجعل مِنْ سورية أسرة خيِّـرةً بعطائها، باحترام صغيرها لكبيرها، وبعطفِ كبيرها على صغيرها، وبأنْ تكون دائماً مَرعيَّـةً بقيادةٍ مؤمنة، لتشكِّل - وهذا الذي نصبوا إليه - وطناً نظيفاً يستظلُّ بظلِّ دينٍ حنيف، فعنوان أسرتنا في سورية: "وطنٌ نظيفٌ يستظلُّ بدينٍ حنيف".
أسأل الله أنْ يوفـِّـقنا جميعاً، حيثما كنَّا، لنكونَ على مستوى العطاء في أسَرنا، وفي مجتمعاتنا. آمين، والحمد لله ربِّ العالمين.
ثانياً: ثمة ثلاثة ضوامن:
الضَّامن الأول: وصية الرجال بالنساء خيراً، قال تعالى: (وعاشرهن بالمعروف) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (استوصوا بالنساء خيراً) متفق عليه. ويقول: (فاتقوا الله في النساء) رواه مسلم. ويقول: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخيارهم خيارهم لنسائهم) رواه أحمد والترمذي. وفي رواية: (خياركم خياركم لنسائهم) رواه ابن ماجه، وفي رواية ثالثة أيضاً: (خيركم خيركم لأهله) الدارمي بسند صحيح على شرط البخاري. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ".. وكنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا على الأنصار إذا قوم تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذون من أدب نساء الأنصار، فصخبت على امرأتي فراجعتني فأنكرتُ أن تراجعني، قالت: ولمَ تنكر أن أراجعك ؟ فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه.." متفق عليه.‏
الضَّامن الثاني: فهو "حدود الله": فالله حَدَّ حُدوداً لا يجوز تَعدِّيها ولا تجاوزها ولا حتى الاقتراب منها ولذلك جاءت الآيات القرآنية الكثيرة تدعو المؤمنين إلى التوقف عند حدود الله، وعدم التجاوز - بل كما قلنا - عدم الاقتراب قال تعالى: (ولا تباشروهنَّ وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها)، وقال: (تلك حدود الله فلا تعتدوها)، وقال: (تلك حدود الله ومن يتعدَّ حدود الله فقد ظلم نفسه). إذن فالله ربنا وضع لنا المعالم الأساسية وترك لنا الحرية في التفاصيل، وفيما قبل الحدود بمسافة. الضامن الثالث: التدخل الفوري لمجرد مخافة حدوث ما يخلّ بالكيان "الأسرة العائلة". فربُّ العالمين يقول: (فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة)، وهذا يعني مجرد خوف أو اشتباه، ولا يحتمل الأمر انتظار التيقن بعدم العدل، وقال أيضاً: (فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت)، ويقول: (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جُناحَ عليهما أن يصلحا بينهما صُلحاً والصلح خير)، ويقول: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها..) إلى سواها.. والحمد لله رب العالمين.
الدكتور محمود عكام
لقراءة النص من المصدر، لطفاً اضغط هنا
http://www.akkam.org/topics/5239/
"إِسرائيل" المنكَر الأفظَع فلنغيِّره
أمَّا بعد، فيا أيها الإخوةُ المسلمونَ المؤمنون إنْ شَاءَ الله:
قال لي أحدُ الطلاب يوماً: يا أستاذنا ثَمَّة حديثٌ يقول فيه النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (مَن رَأى منكم مُنكَراً فليُغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبِه وذلك أضعفُ الإيمان)، والسؤال: هل هذا حديثٌ صحيح ؟ أجبته: نعم، هو حديث صحيح، رواه الإمام مسلم في صحيحه. فقال لي: أعطِنا مثالاً تطبيقياً على هذا الحديث. وهنا قلت له: سآتي بمثالٍ لا أوضَح ولا أبْيَنَ منه. يا هذا ما المنكر اليوم الأفظع في حياتنا على مستوى الدنيا ؟ المنكر الأفظع اليوم هو هذا الكيان الغاصِب المسمَّى "إسرائيل" والذي لا يَمُتُّ إلى "إسرائيل" النبيِّ بِصِلة، هذا الكيانُ الأثيم السَّفاح السَّفاك هو أفظع مُنكَر اليوم على وجه الأرض، وها أنذا أقول لك: (مَن رأى مِنكم مُنكَراً فليُغيِّره بيده) وكلنا يعلَم من أقصى الدُّنيا إلى أقصاها أنَّ هذا الكِيان مُنكَرٌ بامتياز، فما علينا إلا أن نُغَيِّره ونُزيلَه بأيدينا، ونحن قادرون إذا كُنَّا مُعتَصمين بحبل الله، لم نَقُم بإزالة هذا المنكر بأيدينا، وبالأمسِ القريب، ومنذ أشهر قامَ إخوةٌ لنا مُجاهدون بإزالة هذا المنكر بأيديهم، هذا المنكر الذي لا يَشُكُّ عاقلٌ في مُنكَرِيَّته، أما أنت يا سائلي فلم تستطع تغيير هذا المنكر بيدك، إذاً عليك أن تنتقل إلى المرحلة التالية، أن تُزيلَه بلسانك، وكيف يتمُّ ذلك ? يتم ذلك بشَرحِكَ وتِبيانك بأنَّ هذا الكِيانَ غاصب، وأنَّه لا حَقَّ له في فلسطين، ولا حق له في القُدس، ولا حَقَّ له في كنيسة القيامة، ولا حَقَّ له في بيت لحم، ولا حَقَّ له في أي بُقعةٍ من بِقاع هذه الأرضِ الطَّاهرة، عليكَ أن تُبّيِّنَ بلسانك زِيفَه وسُوءَه وضَرَره وصَلَفه وظُلمَه، عليك أن تُبيِّن بلسانك أنَّ الأقصى للمسلمين، ولشرفاء العالم، أن تُبيِّن بلسانك بأنَّ هذا الأقصى من حقِّ المسلمين، وحقِّ الشُّرفاء في كل الدُّنيا، بيِّن هذا فأنتَ تُغيِّر المنكرَ بلسانك، وإياكَ أن تَسكُت إن كنتَ تعلم عن هذا الأمرِ أشياء وأشياء بيِّنها، وهنا أطالبُ المثقَّفين وعُلماء التاريخ، وأطالبُ السِّياسيين والمحلِّلين أن يقوموا بإزالة هذا المنكر الأفظع من خلال الكلمة والبيان، فإن لم تستطع، لم تُجاهِد مع المجاهدين، ولم تَستطع تبيان ما يجبُ تبيانه في هذا الأمر وتلك القضية، إذاً ما عليك إلا أن تقولَ بقلبك، وبينك وبين رَبِّك: اللهمَّ إني أسألك أن تُوفِّقني من أجل أن أجاهد وأن أغيِّر هذا المنكر بيدي، أو بلساني. عليك أن تدعوَ بقلبك وفي خَلوتك، أن تدعوَ للمجاهدين، وأن تقولَ: اللهمَّ انصُرهم على عَدوِّهم وعَدوِّنا وعدوِّ الإنسانية نَصراً مُؤزَّراً، اللهمَّ أهلِك الصَّهاينة. ادعُ في خَلوتك، في صَلواتك، فهذا من بابِ تغيير المنكر بقلبك، وهل ثَمَّةَ من يمنعك من أن تدعو ربك على هذا العدوُّ الأثيم، على هذا العدو الضالِّ المضل، على هذا العدوِّ المعتدي السَّفاح السَّفاك، (فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعفُ الإيمان) أضعف الإيمان يعني هذا أصل الإيمان، فإن انتفَى هذا كما قال الإمام عليٌّ كَرَّمَ اللهُ وجهَه، يقول: "إذا لم يعرف قلبُك المعروف، ولم يُنكِر المنكر فقد انتكَس" فأنتَ صاحبُ قلبٍ مَنكوس، لذلك أقولُ لكل الذين لا يقومون بأضعفٍ الإيمان، بأصل الإيمان: انتبهوا إلى قُلوبكم، فإنَّها مُنتَكِسة، وإنَّها بلا شكَّ على غيرِ طَبيعةِ الإيمان، وإنها لتكادُ تكون قد طُبعَ عليها، ونسألُ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أن يحفَظَنا من هذا.
مَن لم يَعرِف قلبُه المعروف، وينكر المنكر فقد انتكَس، ويُؤيِّدُ ذلك حَديثٌ معروفٌ مَشهور، يرويه الحافظُ الهيثمي في "مَجمَع الزَّوائد"، لن أسرد الحديث كُلَّه، ولكن سأقولُ موضع الشاهد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوماً: كيف أنتم إذا تركتم الأمرَ بالمعروف، والنَّهيَ عن المنكر ؟ فقال الصَّحابة: وكَائنٌ ذلكَ يا رسول الله ? يعني هل هذا سيكون ? فقال النبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام: وأشدُّ منه سيكون. وفي روايةٍ: (والذي نفسُ مُحمَّد بيده، وأشدُّ منه سيكون. قالوا: وما أشدُّ منه يا رسول الله ? قال: كيف أنتم إذا رأيتم المنكرَ مَعروفاً، والمعروفَ مُنكَراً ? قالوا: وكَائِنٌ ذلكَ يا رسول الله ? قال: والذي نفسُ محمدٍ بيده وأشدُّ منه سيكون، قالوا: وما أشدُّ منه يا رسول الله ؟ قال: كيف أنتم إذا أمرتُم بالمنكَر، ونَهيتُم عن المعروف ؟ قالوا: وَكَائنٌ ذلكَ يا رسول الله ? قال: وأشدُّ منه سيكون. قالوا: وما أشدُّ منه يا رسول الله ? والذي نفس محمد بيده، يقول الله: بي حلفت، لأتيحنَّ لهم فِتنة يَصيرُ الحَليمُ فيها حَيران) وفعلاً تكادُ الفِتنُ تَتراكمُ علينا، فهناك رجلٌ من بني جِلدتنا، أو إنسانٌ من بني جلدتنا، نقول إنسان من بابِ التَّجاوز، من باب المشاكلة، من بني جلدتنا ويزعمُ أنَّه مِن ديننا، وفي الوقتِ نفسِه يَدعَمُ المنكر، ويَضُرُّ بالمعروف، يَدعَمُ الكِيانَ الغَاصِب تَأييداً ودَعماً وعَطاءً، وبالنِّسبة للمجاهدين للمعروف يَقِفُ أمامهم مُعادياً، إن لم أَقُل يقفُ أمامهم مُقاتِلاً، يا اخوتي (لأُتيحَنَّ لهم فتنةً يَصيرُ الحليمُ فيها حَيران) "إسرائيل" مُنكَر، يا أيها المسلمون في كلِّ بِقاعِ الأرض، يا أيها العرب، يا أيها العُقلاء، يا أيها الشُّرفاء: "إسرائيل" مُنكَرٌ، وعليكم من أجل أن تُثبِتُوا شَرَفَكم وتُثبِتوا دِينَكم وتُثبِتُوا إنسانيَّتكم، عليكم أن تُزيلُوا هذا المنكر، إما باليد وأنتم قَادِرون، وإما باللسان وأنتم قَادِرون، وإما بالقلب، وهذا خِطابي لأولئك الذينَ لا يَستطيعونَ قَولاً ولا يَقدِرونَ على فِعلِ شيءٍ، وإنما سَلَّموا أمرهم إلى الله عَزَّ وجَل، فلا أقلَّ من أن يكونوا بينهم وبينَ أنفسهم من الذين يتبتَّلون إلى ربِّهم داعين: اللهم انصُر المسلمينَ الحقيقيين يا ربَّ العالمين، اللهم انصُر إخوتنا المجاهدين في فلسطين، اللهم انصُر إخوتنا أولئك الذين يَسعَوْنَ لإزالةِ الظُّلمِ الذي تُجَسِّده الصُّهيونية المجرمة، المتمثلة بالكيانِ الغَاصِب، وبمن يَدعَمُ هذا الكِيانَ من كُل الأصنافِ، ومِن كُلِّ الأجناسِ، ومِن كُلِّ الأديانِ، ومِن كُلِّ الطَّبائع، ومن كُلِّ الفئات.
في النهاية: أتدرُونَ لماذا كُنَّا خيرَ أمة ? لماذا قالَ اللهُ عنَّا بأننا خيرُ أمة ? لأنَّنا نأمرُ بالمعروف، ونَنهَى عن المنكر، نأمُر بالمعروف الذي عَرفَهُ الشَّرعُ الحَكيم، وننهَى عن المنكر الذي أَنكَرهُ الشَّرعُ الحكيم، (كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت للنَّاس تأمرونَ بالمعروفِ وتَنهَونَ عَن المنكر وتُؤمِنونَ بالله) إن لم يكن الأمرُ بالمعروف والنَّهي عن المنكر وأؤكد على أنَّ الأمر بالمعروف ينبغي أن يكونَ مُستضِيئاً بِضِياءِ الشَّرعِ الحَنيفِ الحق، فَهِمَ بعضُ النَّاسِ في يومٍ من الأيَّامِ الأمرَ بالمعروف على غَيرِ ما يجب أن يفهموه، لذلك نراهم الآن جاؤوا ليؤيِّدُوا المنكر ويُنكِروا على المعروف، وكُلُّنا يعلمُ ما المقصود الواقعي من كلامي هذا الذي قُلتُه، وبالمقابل فإنَّ بني إسرائيل لُعِنوا كَما جاءَ في كتابِ الله عَزَّ وجَل لُعِنوا لأنهم لم يأمروا بالمعروف ولم يَنهَوا عن المنكر، (لُعِنَ الذينَ كفروا مِن بني إسرائيلَ على لِسانِ دَاوودَ وعيسى ابنِ مَريم ذلكَ بما عَصَوا وكَانُوا يَعتَدُون. كَانوا لا يَتَناهَوْنَ عَن مُنكَرٍ فَعَلُوه لَبِئسَ مَا كَانُوا يَفعلون) اللهمَّ وَفِّقنا للقيامِ بأوامرك حَقَّ القيام معَ النِّية الخالصة لوجهك الكريم، نِعْمَ مَن يُسأَلُ أنت، ونَعْمَ النَّصيرُ أنت، أقولُ هذا القولَ وأستغفِرُ الله.
ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السَّلام بحلب الجديدة بتاريخ 16/2/2024
لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا
https://fb.watch/qf3iWwfSFX/
لقراءة النص من المصدر، لطفاً اضغط هنا
http://www.akkam.org/topics/5240/
#خطبة_الجمعة
الدكتور #محمود_عكام
ِسرائيل_المنكَر_الأفظَع_فلنغيِّره
ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب
https://www.facebook.com/akkamorg/
اللهمَّ هَذا ذُلِّي بَين يَدَيك
فأَنزِل على ذُلِّي عِزَّاً، وعَلى فَقْري غِنىً، وعَلى عَجْزِي قُدرةً، وعَلى ضَعْفي قُوَّةً، وكُلُّ ذلكَ عَليْكَ هَيِّنٌ وعَليَّ عَظيمٌ وَفير.
اللهمَّ لا تَدَعْنَا في غَمْرَة، ولا تَأخُذنا عَلى غِرَّة، وكُن لَنا هَادِياً ومُعِيناً وكَافِياً وحَفيظاً.
دَعَوْناكَ يا رَبِّ ويَقينُنا بالإجابةِ حَق، فَأَرِنا عَجَائبَ فَضلِكَ وعَطائك في الإجابةِ على أكبرِ وأكثرِ ممَّا تَوقَّعنا ونَتوقَّعُ ونَأمَلُ ونُؤَمِّل.
اللهمَّ وما أدعُو به لِنفسي أدعُوه لِكُلِّ مَنْ حَولي ولِكُلِّ عِبادك كَافَّةً عَامَّةً، وكذلك للأماكنِ والبلادِ والأصقاعِ والأوطان، ووَسِيلتي في الدُّعاءِ أولياؤُك المصطَفون وعلى رَأسِهم سَيِّدُهم وقائدُهم وعظيمُهم وحَامي حِماهم المصطفى المجتبى مُحمَّد صَلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسَلَّم.
يا ربَّ العَالمين، يا مُجيبَ السَّائلين، يا كَافِيَ الأُمَم، يا مُسبِلَ النِّعم، يا رَحمنُ يا رَحيم.
حلب
20/2/2024
الدكتور محمود عكام
ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب
https://www.facebook.com/akkamorg/
لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.
https://t.me/akkamorg
الإخلاصُ شَرْطُ قَبول الأعمال
أمَّا بعد، فيا أيها الإخوةُ المسلمونَ المؤمنون إنْ شَاءَ الله:
ها هو ذا شعبان يُظَلِّلنا، وها نحن أولاءِ نعيش في رحابه، وهو شهرٌ كما قال النبيُّ الأعظم عليه الصَّلاة والسَّلام (تُرفَع فيه الأعمال إلى الله عَزَّ وجَلَّ) أعمالُك تُرفَعُ في هذا الشَّهر المبارك، وبعدَ الرَّفع نسألُ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أن يَضَعَ عليها خَتْمَ القَبول من ربنا الرَّحمن الرَّحيم، وأُذكِّر نفسي وإيَّاكم بأنَّ خَتمَ القَبول يَشتَرِطُ الإخلاص، أنتَ عَمِلت عَمَلاً صالحاً، سَيُرفَعُ هذا العملُ ولكن من أجل أن يكونَ مقبولاً فتِّش هل كُنتَ مُخلِصاً في هذا العمل، وهل كانت نِيَّتك لله عَزَّ وجَلَّ ? (وما أُمِرُوا إلا ليَعبُدوا اللهَ مُخلِصين لَه الدِّين)، والنبيُّ الأعظم يقول: (إنَّ اللهَ لا يقبلُ من العمل إلا ما كان خالصاً له وابتُغيَ به وَجهُه)، الإخلاصُ شَرْطٌ أساسٌ لقَبول الأعمال بمنطوق القرآن الكريم ومفهومه، وبمنطوقِ الأحاديث الشريفة وبمفهومها. تكلَّم كثيرون عن الإخلاص، وكان للإخلاصِ أكثرُ من تعريف، سأذكر بعضاً منها من أجلِ أن تُراجِعَ نفسَك، وأن تقولَ لنفسِك: هل أنا مُخلِصٌ في صلاتي، في عبادتي، في بيعي، في شرائي، في تدريسي، في جهادي، في مقاتلتي. سَألَ الحَواريُّون سيِّدَنا عيسى عليه السلام فقالوا: ما الخالِصُ من الأعمال ؟ فقال: الخالِصُ من الأعمال أن تعملَ لله وأن تُحِبَّ ألا يَحمَدَكَ على العَملِ أحد. ويقولُ الجُنيدُ الصُّوفي، بل سَيِّدُ الصُّوفية رضي الله عنه، يقول: "إنَّ لله عباداً عَقَلُوا، فَلَمَّا عَقَلُوا عَمِلُوا، فلما عملوا أخلَصُوا، فاستدعاهُمُ الإخلاص إلى أبواب الخير والبِرِّ عَامَّة"، عَقِلتَ فعَمِلتَ فأخلَصتَ فوقَفتَ على أبوابِ البِرِّ والخيرِ كُلِّها. ويقول بعضهم: "الإخلاصُ دَوامُ المراقبة، ونِسيانُ الحظوظ" لا تُدخِل حَظَّ نفسِكَ، دَوَامُ المراقبة، ونِسيانُ الحظوظ، فاللهمَّ اجعلنا في أعمالنا مخلصين، وكذلك في أقوالِنا حتى يتمَّ القَبولُ منكَ يا ربَّ العالمين.
إن أخلصتَ أيها الإنسان المسلم المؤمن، فالنتيجةُ فَرَجٌ كَبير، أوَمَا سمعتَ تلكَ القِصَّة من فَمِ النبيِّ الأعظم عليه الصَّلاة والسَّلام عن الثلاثةِ الذين دَخَلُوا الغَارَ فوقعَت صَخرةٌ فَسَدَّت بابَ الغَار، انفرجت الصَّخرة ولا أريد أن أسوقَ الحديثَ كُلَّه، انزاحتِ الصَّخرة بِدُعائهم، إذ قالَ كُلُّ واحدٍ منهم عَمَلاً عَمِلَهُ في حياته، وأعقبَ هذا الحديثَ عن عَمَلِه بقوله: "اللهمَّ إن كنتُ قد فعلتُ هذا ابتغاءَ وَجهِك فافرُجْ عنا ما نحن فيه" فانزاحتِ الصَّخرة. الثلاثة كُلُّ واحدٍ منهم حَدَّثنا عن عَمَلٍ عَمله، ثم قال: اللهمَّ إن كنتُ قد فعلتُ هذا ابتغاءَ وجهك فَافْرُجْ عَنَّا ما نحنُ فيه. اللهم بِسِرِّ مَن عَمِلَ مِنَّا عَمَلاً ابتَغَى فيه وجهَك الكريم فَرِّج عَنَّا ما نحنُ فيه، اللهمَّ بِسِرِّ أولئك الذين يُقاتِلون ولا يبتغون في قِتالهم إلا وَجهَك الكريم فَرِّج عَنَّا وعنهُم ما هُم فيه، وما نحنُ فيه.
الإخلاصَ الإخلاصَ يا إخوتي، نتيجةُ الإخلاصِ فَرَج، الخَلاصُ يحتاجُ إلى إخلاص، (المخلصون) هكذا قالَ النبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام: (المخلِصونَ أولئكَ مصابيحُ الهُدى، تَنجَلي عنهُم كُلُّ فتنةٍ عمياء) الإخلاصُ طريقُ الفَرج، والإخلاصُ طريقُ الاستظلال بِظِلِّ ربِّنا يومَ القِيامة كما وَرَدَ عن النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلام: (ورَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالياً ففاضَت عيناه) كانَ مُخلِصاً بينَه وبينَ رَبِّه، اللهمَّ اجعَلنا من أولئكَ الذينَ يُخلِصُون في الخَلَوات وفي الجَلَوات، اللهمَّ اجعلنا من المخلِصين في أعمالنا وأقوالنا ظاهراً وباطناً حيثُ كُنَّا يا ربَّ العالمين، لأنك أنت الرقيب علينا، ونحن نتوجَّهُ إليكَ بالعبادة، ولا نتوجَّه إلى سِواك، ومَنْ لم يُخلِص، يقولُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ في الحديث القدسي: (مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أشركَ فيه مَعِي غَيري تركتُه وشِركَه)، وفي روايةٍ: (فأنا بريءٌ منه)، مَحِصُّوا نِيَّاتكم، واجعَلُوها خالصةً لوجهِ الله، (ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بصدقةٍ فأخفاها) إخلاصا للهِ عَزَّ وجَلَّ (حتى لا تعلمَ شِمالُه ما أنفقت يمينه) أيها المزكون، أيها المتصَدِّقون، أيها المتكلمون: أخلِصُوا لربكم باللهِ عليكم وعلينا، من أجلِ أن يأتيَ الفرجُ ومن أجلِ أن لا نكون من أولئكَ الذين تَطحَنُهم الفِتن وتقضي عليهم، ومن أجلِ أن نَستظلَّ بِظِلِّ اللهِ يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه، (تركتُه وشِركَه) وفي رواية: (فأنا بريءٌ منه).
أيها الاخوة: نحنُ في شعبان، وليلةُ النِّصفِ من شعبان بعدَ يوم، ليلةٌ أريدُ لنفسِي من خِلالِ هذه الليلة أن أجعَلَها ليلةً لتمحيصِ النية في كُلِّ أعمالي، لأنَّ اللهَ يَطَّلعُ في هذه الليلة كما جاءَ عن النبيِّ الأعظم: (إنَّ اللهَ ليطَّلعُ في ليلةِ النِّصفِ من شعبان على جميعِ خَلقِه، فيَغفِرُ للمستغفرين، ويَرحَمُ المسترحمين)، فاللهمَّ اغفِر لنا أعمالاً كُنَّا غير فيها مُخلِصين، اللهمَّ تَقَبَّل أعمالَنا، وَحَوِّلنا من الرِّياء الى الإخلاص، من الشِّرك إلى الإخلاص، من النِّفاق إلى الإيمان، يقول عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: (إنَّ اللهَ ليَطَّلعُ على جميعِ خَلْقِه في ليلةِ النِّصفِ مِن شَعبان، فيغفرُ لجميعِ خَلقِه إلا لِمُشَاحِن) إذا كانَ بينك وبين آخر شَحناء، فلَن يُغفَرَ لكَ في هذه الليلة، إلا إذا قلتَ: سامحَهُ الله مَن كان. اللهمَّ إني أُشهِدُك بأنَّني سامحتُ مَنْ أساءَ إليَّ ومَن لم يُسِئ إليَ، سامحنا كُلَّ أولئك حتى لا نكونَ من أهلِ الشَّحناء وحتى يُغفَرَ لنا في ليلةِ النِّصفِ من شعبان، في روايةٍ: (فيغفِرُ لجميعِ خَلقِه إلا لمشركٍ أو منافق) ذاك الذي يُحَسِّنُ ظاهِرَه، ويَبقى باطِنُه سَيِّئاً فاسداً، اللهمَّ أبعِدنا عن الشَّحناء والنِّفاق والبَغضاء، ونقول ما كانَ يُردِّدُ الشَّافعي رضيَ الله عنه:
مَنْ نَالَ مِنِّي أو عَلِقْتُ بِذِمَّتِه سَامحتُه للهِ رَاجِيَ مِنَّته
كَيْ لا أُعوِّقَ مُؤمِناً يومَ الجَزا ولا أسِيءَ مُحمَّداُ في أمَّته
أقولُ هذا القولَ وأستغفِرُ الله.
ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السَّلام بحلب الجديدة بتاريخ 23/2/2024
لقراءة النص من المصدر، لطفاً اضغط هنا
http://www.akkam.org/topics/5242/
#خطبة_الجمعة
الدكتور #محمود_عكام
#الإخلاصُ_شَرْطُ_قَبول_الأعمال
لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا
https://fb.watch/qogXkfMBcP/
ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب
https://www.facebook.com/akkamorg/
اللهمَّ أنت مَلاذي ومَوئلي ومُعتَمدي
في شهرِ شَعبان المكرَّم أرفعُ إليك يا إلهي دُعائي، فيا ربَّ شعبان ويا ربَّ الأرباب افتح لنا بفاتحة الكتاب على الأمان والاطمئنان خيرَ باب، وافتح لنا بسورة الفتحِ على النَّصرِ والعزَّةِ والرِّفعة أفضل كتاب، تَوَلَّ أمرَنا واشرَح صدرنا وأَعِنَّا وكُنْ معنَا، واحفظنا بالإسلامِ قائمين وقاعدين وراقدين وعَادلين ولا تُشمتْ بنا أعداءً ولا حاسدين، فإنَّك أجَلُّ وأكبرُ مما نخاف ونحذر، وزُجَّنا في عينِ عِنايتك، وأدخِلنا في رُكنك المكين، وحِرزكَ المتين، يا عزيزُ يا رحمنُ يا رحيم.
اللهمَّ هيِّئ لنا من شعبان مَدخَلاً رشيداً لرمضان، واجعلنا في رمضان من عتقائك من النار يا غفور يا ستَّار. اللهمَّ أنت ربي ونِعمَ الربُّ ربِّي، وأنت حسبي وعليك اتِّكالي وإليك مآلي. لا إله إلا أنت، عَزَّ شأنُك، وجَلَّ جلالك.
حلب
26/2/2024
الدكتور محمود عكام
ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب
https://www.facebook.com/akkamorg/
لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.
https://t.me/akkamorg
الفَقيه الرَّشيد الدُّكتور الشّيخ عبد المجيد معاذ في ذِمَّة الله
هو عَالمٌ عَامل بامتياز، وفقيهٌ نَبيل رَشيد، أَكَبَّ على العلم بوفاء، ودرَّسَ بأمانةٍ وصدق وصفاء، يشهدُ له كُلُّ مَن عَرفه بالتَّحقيق والتَّدقيق والتَّوثيق، وإن أنسَ فلَن أنسَى سَاعاتٍ قَضيتُها معه نَتذاكرُ ونَتدارسُ وكانَت قَريحته الفقهية والأُصولية تَجُود وتَجُود، وتقدِّم النَّافع الماتع، كَما لَن أنسى تلكَ الرَّسائل المتبادلة بيني وبينه يومَ كانَ مُدرِّساً نَاجحاً ومُربِّياً نَاصحاً في المدينة المنورة على سَاكنها أفضلُ الصَّلوات والسَّلامات والتَّبريكات، وكذلك حين شُرفت به جامعة الكويت، وإن أنتَ عرَّجتَ على التقوى والصَّلاح فاذكُر الشيخ عبد المجيد في أنصعِ صَفحاتهما. فاللهمّ ارحمه وارضَ عنه وتقبَّله في عِليِّين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
18 شعبان 1445 هجرية
28 شباط 2024 ميلادية
لقراءة النص من المصدر، لطفاً اضغط هنا
http://www.akkam.org/topics/5244/
ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب
https://www.facebook.com/akkamorg/
مُقوِّمات الشَّخصيَّة
أمَّا بعد، فيا أيها الإخوةُ المسلمونَ المؤمنون إنْ شَاءَ الله:
للإنسانِ تَجلِّيان، تَجَلٍّ مادِّي يُسمَّى حِينها "شَخصاً"، وتجلٍّ معنوي يُسمَّى حِينها "شخصية"، الفرقُ بين الشخص والشخصية أنَّ الشَّخصَ هو التَّجلِّي المادِّي للإنسان، "فالشخص" مُقوِّماته: رأسٌ، أعضاء، أحشاء، جِذع إلى آخره، أما التَّجلِّي المعنوي، البعدُ للإنسان هو "الشخصية"، وكما أن للشَّخصِ مُقوِّمات، أيضاً للشَّخصية مُقوِّمات، فهل مقومات شخصيتك متكاملة فيك ؟ ستسألني وما هي هذه المقوِّمات والمكوِّنات والعناصر ؟ أقول لك: مُقوِّمات الشخصية، التي هي التجلِّي المعنوي للإنسان، مقومات الشَّخصية من خلال مَرصَد دِيننا أمور خمسة:
المقوِّم والمكون الأول: الإيمان بالله. فهل أنت مؤمن بالله ? إذاً أنت تمتلك مقوماً من مقومات الشخصية في نظر دينك الحنيف، هل أنت مؤمن بالله حقاً ? والإيمان يُورِّثُ الأمن، (الذين آمنوا ولم يَلبِسُوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون)، الإيمان بالله (إنَّا آمنَّا بربِّنا ليغفرَ لنا خَطايانا وما أكرهتَنا عليه من السِّحر واللهُ خيرٌ وأبقى).
المقوِّم الثاني: العلمُ النَّاجح. انظُر نفسَك من أجل أن تتكاملَ شخصيتك، هل يمكن أن تُسمِّي نفسَك عالماً، أم أنَّك في جهل ? هل تُدعَى عالماً أم تدعى جاهلاً ? ولا أعني بالعلم ذاكَ الذي يُسمَّى به كبار العلماء، ولكن هل أنت تعلمُ العلمَ النَّافع الذي يفيدك في دينك، ويفيدك في دنياك، ويفيدك في أحوالك كُلِّها ؟ والعلمُ النَّافع يورثُ الحِكمة، فهل أنتَ حَكيم نتيجة العِلم ؟ (ومَن يُؤتَ الحِكمةَ فقد أوتيَ خَيراً كثيراً).
المقوِّم الثالث: العملُ الصَّالح، (هو أنشأكُم من الأرض واستعمركم فيها) العملُ الصَّالح يُورِّثُ عَمَارة الأرض، فهل أنت مِمَّن يعمُر الأرض أم من الذين يُخرِّبونها ؟ (لَعَنَ اللهُ مَن غيَّرَ مَنَارَاتِ الأرض) كَمَا قال عليه الصَّلاة والسلام، العملُ الصَّالح يُورِّثُ حياةً طيبةً هانئةً وعَمارةً للأرض، (مَنْ عَمِلَ صَالحاً مِن ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فلنُحيِيَنَّه حياةً طَيِّبة) انظُر عَمَلك، هل هُو صالحٌ يَصُبُّ في مَصَبِّ الحياة الطيبة لكَ ولغيرك ؟ ليسَ لكَ فقط وإنما لغيرك أيضا، للنَّاسِ كافَّة، (أحَبُّ الخَلقِ إلى الله أنفعُهم لعياله)، (المؤمنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ على دمائهم وأموالهم) على أعراضهم.
المقوِّم الرابع: الخُلُقُ الحَميد. هل أنتَ صاحبُ خُلُق ? هل يُقالُ عنك بأنَّكَ ذُو أخلاق ? هل تَتمتَّعُ بالخُلُقِ الحَسن ? هل أنتَ من أولئك الذين يَصِفُهم المجتمع بذوي الأخلاقِ الحسنة ? هل أنتَ من أولئك الذين يَقتدُون بصاحبِ الخُلُق العظيم، (وإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظيم) الخُلُق الحَميد يُورِّثُ قَبولاً في السَّماء وفي الأرض، في الدُّنيا وفي الآخرة، (فَبِمَا رحمةٍ من اللهِ لِنْتَ لهم ولو كُنتَ فَظَّاً غَليظَ القلب لانفضُّوا مِن حولك) يقولُ عليه الصَّلاة والسلام: (إنَّكُم لا تَسَعُون الناسَ بأموالكم) أيها الغني: مَالُك لك، ولن تَسَعَ النَّاسَ بمالك حتى ولو أنفقتَه كُلَّه ما لم تَتَمتَّع بالخُلُق الحسن، (إنَّكم لا تسعونَ النَاس بأموالكم، فليسَعُهم منكم حُسنُ خُلُق وبَسْطُ وجه) لَن ينفَعَك مالُك حتى ولو أنفقتَته كله، (لو أنفقتَ ما في الأرضِ جَميعاً ما ألَّفتَ بين قلوبهم ولكنَّ اللهَ ألَّفَ بينهم) مِن خِلالك يا محمد، لأنَّكَ على خُلُقِ عَظيم، و (المؤمنُ آلِفٌ مألوف، ولا خَيْرَ في مَن لا يَألَفُ ولا يُؤلف)، (ليسَ المؤمنُ بالطَعَّانِ ولا اللعَّانِ ولا الفاحشِ ولا البذيء) هكذا قال سيدُ الأخلاقِ الحميدة عليه الصلاة والسلام، اسمعوا يا أمةَ صاحبِ الخُلُق العظيم، اسمعوا هذه الأحاديث وطَبِّقوها بالله عليكم، يقول عليه الصلاة والسلام: (مَا مِن شيءٍ أثقلُ في مِيزانِ العبدِ يومَ القِيامة مِن خُلُقٍ حَسَن) حتى ليَكادُ يَفوقُ دَرجةَ الصِّيام والقِيام، الخلق الحسن يورِّثُ قَبولاً عندَ الله وعندَ النَّاس، عند عُقلاء الناس، أما سفهاء الناس فلا نَسألُ عنهم، (وإذا خَاطَبهم الجاهلونَ قالوا سَلاماً).
المقوِّم الخامس: الذكر. ذكر الله، فهل أنتَ تذكرُ الله ? (اذكُروا اللهَ كثيراً)، هل تذكر الله، هل تتذكَّرُ الله ? الذكرُ يفضي إلى التَّذكر، إن كُنتَ في عَملك فاذكُر الله من أجل أن تتذكَّر شرعه، وماذا يأمُرك في هذا العمل، وما المطلوبُ منك شرعاً في هذا العمل وفي هذا القول، وفي تلك الفِعلة، وفي تلك الحركة، وفي تلك البسَمة، وفي تلك الكلمة، وفي هذا الحرف الذي سيخرجُ مِن فَمك، اذكرِ اللهَ من أجلِ أن تتذكره، (واذكُر ربَّك إذا نسيتَ وقُل عَسى أن يهدينِ ربِّي لأقربَ من هذا رشداً)، يقولُ عليه الصَّلاةُ والسَّلام: (ألا أنبِّئكم بخيرِ أعمالِكم، وأزكاها عند مَلِيكِكم، وأرفَعِها في درجاتِكم، وخيرٌ لكُم من إنفاقِ الذَّهب والوَرِق "والفضة"، وخيرٌ لكُم مِن أن تَلقَوا عَدوَّكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ ألا أنبِّئكم بخيرٍ من هذا كُلِّه ? قالوا: بلى يا رسول الله. قالَ: ذِكرُ الله) اللهُ أنعمَ عليك، فاذكُر المنعِم في حِلِّك وترحالِك، في قيامك وقُعودِك، (يذكُرونَ اللهَ قِياماً وقُعودَاً وعلى جُنوبهم) الذكر للتذكر، وذكر الله يُورثُ الاطمئنان، (الذين آمنوا وتَطمئنُّ قُلوبُهم بذكر الله ألا بذكرِ اللهِ تَطمئنُّ القلوب) لعلَّ قلبَك قَلِق، لعلَّ قَلبَك مُضطَرب، لعلَّ قلبَك في تَحوُّلٍ وتَغَيُّر وتَبدُّل ؟ إن أردتَ أن يطمئنَّ قلبُك، وإن أردتَ أن يرتاحَ ضميرُك، وإن أردتَ أن يستقرَّ داخِلُه فقُل: (الله)، اذكُرِ اللهَ عَزَّ وجَل، يا رسولَ الله: إنَّ شَرائعَ الإسلامِ كَثُرت عَليَّ فمُرني بشيءٍ أتشَبَّثُ به ? قال: (لا يزالُ لِسانُكَ رَطباً بذكر الله)، اذكُروا الله، ليكُن لكم أورادٌ تذكرون اللهَ، تُسبِّحون الله، تَحمَدُون الله، تَشكُرونَ الله، تُكَبِّرون الله، إذا أويتَ إلى فِراشِك ليلاً فاذكر الله، وإن استيقظتَ صباحاَ فاذكُر الله، وإن ذهبتَ إلى عَملك أو دِراستك أو أيِّ شيءٍ كان، فاذكُر الله، وإن دخلتَ بيتَك فاذكُر الله، وإن تقدمتَ للطَّعام فاذكر الله، وإن نُصِّبتَ مُديراً أو وزيراً أو حَاكماً أو أو... فاذكُرِ الله، وقُل: الحمدُ لله، سبحان الله، والحمد لله، ولا إلهَ إلا الله، واللهُ أكبر، نريدُ للأجواءِ أن تكونَ أجواءً مُنعِشة، وأن تكونَ أجواءً مُفيدة من خلالِ تَعبِئة الهواءِ بذكرِ الله عَزَّ وجَل، اللهمَّ اجعَلنا من الذَّاكرين كَثيراً والذَّاكرات. أَحفِظتُم يا إخوتي مُقوِّمات الشَّخصية والتجلي المعنوي للإنسان ؟ إيمانٌ بالله، عِلمٌ نافع، عَمَلٌ صالح، خُلُقٌ حَميد، ذِكرٌ للهِ عَزَّ وجَل، اللهمَّ اجعَل شَخصيَّتنا وِفقَ المعايير التي أتى بها حَبيبُك مُحمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم، نِعْمَ مَن يُسأَلُ أنت، ونَعْمَ النَّصيرُ أنت، أقولُ هذا القولَ وأستغفِرُ الله.
ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السَّلام بحلب الجديدة بتاريخ 1/3/2024
لقراءة النص من المصدر، لطفاً اضغط هنا
http://www.akkam.org/topics/5245/
الدكتور #محمود_عكام
ُقوِّمات_الشَّخصيَّة
#خطبة_الجمعة
لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا
https://fb.watch/qxxi_G7OYR/
ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب
https://www.facebook.com/akkamorg/
لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.
https://t.me/akkamorg
القَلبُ السَّليم
أمَّا بعد، فَيَا أيُّها الإخوةُ المسلمونَ المؤمنون إنْ شَاءَ الله:
قال لي أحدُ الشَّباب: عَلى مَاذا أُركِّز في رَمضان ? قلتُ له: رَكِّز في رَمَضان وفي غَيرِ رَمَضان على قَلبك. فالقلبُ أساسٌ لا شكَّ في ذلك ولا رَيب، (ألا وإنَّ في الجسدِ مُضغة، إذا صَلُحَت صَلُحَ الجسدُ كُلُّه، وإذا فَسَدت فَسَدَ الجسدُ كُلُّه، ألا وهي القَلب) كما تُعنَى بِصِحَّةِ قلبِك المادِّي وتَعتَبرُ القلبَ مَدَارَ وأساسَ الصِّحة العامة الجسدية المادية، فالقلبُ أيضاً من حيثُ الصِّحة الإيمانية والصِّحة الجسدية أساس، (يَومَ لا يَنفعُ مَالٌ ولا بَنون. إلا مَن أتى اللهَ بِقَلبٍ سليم) القلبَ القلبَ يا أخي، اعتنِ به واجعله سَليماً مُنيباً مُطمئناً. القلبُ - يا سائلي - مَحَلُّ نَظَرِ الله عَزَّ وجَلَّ (إنَّ الله لا ينظر إلى صُوركم ولا إلى أجسادكم ولا إلى أموالكم، ولكن ينظُر إلى قُلوبِكم) وأعمالكم التي تصدرُ عن قلوبكم، الأعمال الخالصة المخلصة (لأنَّ اللهَ لا يَقبلُ من العملِ إلا ما كانَ خَالصاً وابتُغِيَ به وجهُه)، القلبُ مَحَطُّ تَنزُّلاتِ المواهب الرحمانية، (نَزَلَ به الرُّوحُ الأمين. على قلبِكَ لتكونَ مِن المنذِرين. بلسانٍ عَربيٍّ مُبين) القلبُ مَقَرُّ الإخلاص، وعَمَلٌ من غيرِ إخلاص لا قِيمةَ له، القلبُ مُستودَع الإخلاص، ولذلكَ قالَ النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلام: (التَّقوى هَهنا، التَّقوى هَهنا) والتَّقوى هي الإخلاص، (أولئكَ الذينَ امتحنَ اللهُ قُلوبَهم للتَّقوى)، (التقوى هَهنا، بحسبِ امرئٍ من الشَّرِّ أن يَحقِرَ أخاهُ المسلم، كُلُّ المسلمِ على المسلمِ حرام) القلبُ المدارُ عليه وهو المعيار في القَبول وفي الرَّفض، (يَومَ لا يَنفعُ مَالٌ ولا بَنون. إلا مَن أتى اللهَ بِقَلبٍ سليم) من الضَّغائن، من الأحقاد، من الشَّحناء، من النِّفاق، من الرِّياء، من التَّطلُّع للناس، من التَّعلُّق بالدُّنيا، سليم وقَد مُلئَ رَغبةً ورَهبة، (يَدعُونَنا رَغَباً ورَهَباً وكانُوا لنا خَاشعين) هذا القلبُ مَملوءٌ بمحبةِ الله عَزَّ وجَل (يُحِبُّهُم ويُحبُّونه)، هذا القلب مَملوءٌ بالتَّوجه إلى الله عَزَّ وجَل، "إلهي أنتَ مَقصُودي، ورِضاكَ مَطلوبي"، (مَن عَمِلَ عَمَلاً أشركَ فيه مَعِي غَيري تَركتُه وشِركَه)، (ويُؤخِّر أهلَ الحِقدِ كما هم) كما قلنا في أحاديثِ شَعبان. القلبُ مِحور أساس، بل هو المحور الوحيد، (فإنَّها لا تَعمَى الأبصار ولكن تَعْمَى القلوبُ التي في الصُّدور)، انظُر قلبَك في بدايةِ رَمضان، وانظُر قلبَك في مُنتَصفِ رَمضان، وانظُر قلبَك في نهايةِ رمضان، هل تَحَسَّن قَلبُك من حيثُ الصَّفاء والنَّقاء والوَفاء والإخلاص والعَطاء ? هل تَحَسَّن قلبُك من حيثُ التَّوجُّهُ للهِ عَزَّ وجَل ? هل كانَ قلبُك ينبِضُ بـ: "لا إلهَ إلا الله حَقَّاً وصِدقاً، أم إنَّ قلبَك مُهمَلٌ مِن قِبلك، ولا تُعنَى إلا بالطُّقوسِ والشَّكليات ؟ تَصُومُ صِياماً تمتنعُ عن المفطِّرات الحِسِّية، ولا تَصومُ صَوماً تمتنعُ عن المفطِّراتِ المعنوية مِن كذبٍ وحَسَدٍ وحِقدٍ وغِيبةٍ ونَميمة ؟ انظر قلبك في أول رمضان، وفي مُنتصَف رمضان، وفي ليلةِ القدرِ من رمضان، وفي آخر رَمضان، فهل أنتَ صُمتَ رَمضان من خِلالِ قَلبك، أم صُمتَ رَمضان من خِلالِ جَسدك، (مَن صامَ رَمضان إيماناً واحتساباً) للهِ عَزَّ وجَلَّ، ليسَ من أجلِ الصِّحة، وليس من أجل العافية، وليسَ من أجل أن يُقالَ بأنَّني صائم، وليس من أجل أن أُحَسِّنَ وَضعي الصِّحي، وليسَ وليس... ولكنني أصوم لأنَّ الله الذي أُحبُّه وأعبُده وتعلَّقَ به قلبي قال لي صُم، فأنا أصومُ عُبوديةً لله، وأصومُ مَحبَّةً لله، وأصومُ طاعةً لله، (مَن صامَ رَمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ من ذِنبه)، انظُر قَلبَك في كُلِّ ليلةٍ عند الإفطار وعندَ السُّحور، وعندما تأوي إلى الفِراش هَل قَلبُك مُعلَّقٌ بِربِّك ? هل قلبُك يقول: (الله) كما قال الإمام عبد القادر الجيلاني رَحمه الله ورضي الله عنه: "الإخلاص أن تقولَ (الله) وليسَ في قَلبِكَ سِواه". رَكِّز على قلبِك، وانظُر قلبَك، واشتغِل بقلبك، وعليكَ أن تتعلَّق وأن تنظُر إلى قلبك، "عَليكَ قَلبَك" أي الزَم قَلبَك من أجلِ أن يتحسَّنَ، لأنَّ القلبَ عليه المدار والاعتبار، لأنَّ القلب هو المقصودُ في النِّهاية من حيثُ الأمر والنَّهي الذي جاءَ من عندِ الله عَزَّ وجَل. قولوا جميعاً بقلوبٍ صادقة، وبقلوبٍ لا تعرفُ الرِّياء ولا تعرفُ الغَيرية، توجَّهوا إلى اللهِ عَزَّ وجَل وقولوا: اللهمَّ إنا نعوذُ بِكَ مِن قُلوبٍ لا تَخشع، ومن عَينٍ لا تَدمع، ومن عِبادةٍ ليسَ فيها إخلاص، توجَّهوا إلى الله عَزَّ وجَلَّ بالقلوب التي تَنشُدونها، بالقلوب التي تَبغُونها، ونحن نبغي قُلوباً مُطمئنَّة سَليمة رَاضية مُنيبة، ولا نَبغي، وحاشا لله، ولا نبغي قُلوباً سَوداء مُظلمة مَحشوَّة حِقداً وضغينة وعَداوة وبَغضاء.
توجَّهُوا إلى الله بتلكَ القُلوب، وقولوا: اللهمَّ انصُر إخوتنا في فلسطين، يا نَاصِرَ المؤمنين انصُر إخوتَنا في فِلسطين. ومما يُساعدُ على جعلِ القلبِ سَليماً فريضةُ الصِّيام، لذلك قال الله عَزَّ وجَل في الحديث القدسي: (كُل عَملِ ابنِ آدمَ لَهُ إلا الصَّوم فإنَّه لي) لأنَّ الصومَ ليسَ له تَجَلٍّ ظاهر، أنت تُصلِّي، الصلاةُ لها تجلياتٌ ظَاهرة، تصلِّي الناسُ يرونك تصلي، أنت تحجُّ الناسُ يَرونك وأنت تحج، أنت تُزكِّي الناسُ يَرونك وأنت تُزكِّي وأنت تعطي، حتى ولو كان الذي يراك واحداً، أما الصَّوم فمَن الذي يَراك صائماً ? تمتنعُ سواءً أكان ذلك في رمضان أو في غير رمضان، تمتنعُ عن الطَّعام والشَّراب أمامي، لذلكَ قالَ اللهُ في الحديثِ القدسي: (إلا الصَّوم، فإنَّه لي وأنا أجزي به) الصِّيامُ يُعلِّمك الإخلاص، ويُعلمك أن يكون قَلبُك سَليماً بإذن الله عز وجل، ولهذا كانَ القلبُ المتَّقي غاية الصيام، (كُتِبَ عليكم الصِّيام كما كُتبَ على الذين من قبلكم لعلَّكم تتقون) والتَّقوى هي الإخلاص، والإخلاص مَقَرُّه ومُستودَعُه ومَحَلُّه القلب، اللهمَّ اجعَلنا في أعمالنا من المخلِصين، واجعل قُلوبنا سَليمة، وانصر المجاهدين في فلسطين وفي غيرِ فلسطين على أعداء الإنسانية يا ربَّ العَالمين، نِعْمَ مَن يُسأَلُ أنت، ونَعْمَ النَّصيرُ أنت، أقولُ هذا القولَ وأستغفِرُ الله.
ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السَّلام بحلب الجديدة بتاريخ 8/3/2024
لقراءة النص من المصدر، لطفاً اضغط هنا
http://www.akkam.org/topics/5246/
الدكتور #محمود_عكام
#القَلبُ_السَّليم
#خطبة_الجمعة
لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا
https://fb.watch/qGJxZqLmcz/
ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب
https://www.facebook.com/akkamorg/
رَمَضان الأكرم مَرحباً بك
رَمَضَانُ أَيُّها الشَّهر الفَضيل حَيَّاك الله.
رَمَضَانُ أَيُّها الشَّهر الفَضيل دُمتَ سَاحةَ أمان ومَحَطَّة اطمئنان.
رَمَضَانُ أَيُّها الشَّهر الذي فَرَضَ عَلينا المولى جَلَّ وعَلا صِيامه وسَنَّ لنا المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم قِيامه، للهِ أنتَ ما أروعَ صِيامك وقِيامك، وما أعظمَ الإفطار والسَّحور وما ألذَّ المناجاة والدُّعاء بينهما وكَذلك طَلبُ الغُفران والإحسان مِن الغَفور الشَّكور الحَميد الصَّبور.
رَمَضَانُ يا شَهراً حَوَى الرَّحمةَ والمغفرةَ والعِتقَ من النَّار، ووَعَدَ مَن صَامَه وقَامَه بالجنة من بابِ الريَّان، وحَوَى ليلةً هي خيرٌ من ألفِ شَهر كما ذكر القرآن.
رَمَضَانُ نتوسَّلُ ونَتوجَّهُ إلى اللهِ جَلَّ وعَلا وأنتَ على الأبواب أن يُبلِّغنا ويتوبَ عَلينا ويَرحمنا ويَتولانا ويَشفينا ويعافينا ويحفظَ بلادنا من كُلِّ مَكروه وينصرَ إخوتنا في فلسطين ويُصلِحَ أحوالَ الدُّنيا كُلها لتكونَ مُصطبغةً بِعُبودية الواحد الأحَد الصَّمد ويَرُدَّنا إلى دِينه الحنيف رَدَّاً جَميلاً.
حلب
29 شعبان 1445
10 آذار 2024
لقراءة النص من المصدر، لطفاً اضغط هنا
http://www.akkam.org/topics/5247/