قناة الأستاذ / أحمد سالم
56.6K subscribers
325 photos
60 videos
226 files
393 links
قناة خاصة بالأستاذ أحمد سالم، يتولى هو إدارتها، وينشر فيها محتواه الثقافي، متنوع المجالات.
رقم الحجز للدورات والاستشارات: 00201272632921
Download Telegram
التصوف اسم لكل الاتجاهات التي زاد اعتناؤها بأبواب العمل الباطن، وتدور نصوصهم وممارساتهم حول القلب وعباداته وأمراضه، والنفس وتزكيتها وعيوبها، مع مبالغة في الزهد والتعبد وقطع الاشتغال بالدين طلبًا لتصفية النفس ومعرفة الحق من طريق التقوى والعمل والعرفان.

وهذه الاتجاهات ظهرت بداية من القرن الأول الهجري في البصرة، ومن أعلامها الحسن البصري ومالك بن دينار، وحصل لها نوع تأثر بالزهد المسيحي، مع وجود مساحة حق كبيرة تتقاطع مع السلوك النبوي وهدي الصحابة.

ولم نصل إلى القرن الخامس الهجري حتى كان التصوف قد ترسخ في البنية الثقافية والمجتمعية الإسلامية وصار واقع الاشتغال الديني الإسلامي يقسم إلى:

النظر في أبواب العقائد نظرًا معرفيًا، وهذه وظيفة المتكلمين.

النظر في أبواب الأعمال والفروع وهذه وظيفة الفقهاء.

النظر في إصلاح القلب والجوارح، والعمل بالعلم الذي في القسمين السابقين، وهي وظيفة علماء السلوك والتصوف.

وصار لكل عالم معتقده الكلامي، ومذهبه الفقهي وطريقته الصوفية.

مع التطور ‍التاريخي دخلت ثلاثة مكونات على هذه الصورة، قد تجتمع في اتجاه أو شخص وقد تفترق:

الأول: التأثر بالغنوصية والفلسفات الباطنية اليهودية والمسيحية والهندية والفارسية.
الثاني: التأثر بالمذاهب الحلولية بالتحديد من تلك الفلسفات.
الثالث: دخول الممارسات البدعية، ثم الوثنية والشركية وعبادة القبور ورفع مراتب الأولياء حتى تصرف لهم بعض العبادات التي يعد صرفها لغير الله شرك.

فصار التصوف على أربعة أنواع:

الأول: تصوف سني قريب جدًا من السلوك النبوي وهدي الصحابة والتابعين، فيه أنواع من المبالغة والتدقيق وطرف من الآراء والممارسات الخاطئة لكن تظل داخل دائرة الاجتهاد في طلب السنة لا يوجد فيها أصل بدعي وفق المفهوم الكلامي للافتراق عن السنة (الذي يشترط المخالفة في أصل كبير)، ومن أمثلته تصوف الحسن والمحاسبي والجنيد والجيلاني وابن الجوزي وابن القيم في بعض نصوصه.

الثاني: تصوف بدعي، فيه من طلب الحق والسنة الكثير لكن لا يخلو من بعض البدع كتدقيقات أوغل في العجمة وأبعد عن السنة من تدقيقات النوع الأول، وبدع في السلوك والعمل كالسماع والرقص والطرق والعهود ونحو ذلك، ومن أمثلته تصوف السلمي والقشيري والهروي والغزالي.

الثالث: تصوف شركي، وفيه ما عند الطائفتين السابقتين ويزيد عليه بدع القبور وشركيات الاستغاثة بالأولياء، ويوجد عند السبكي والسيوطي وكثير من أعلام ما بعد القرن الثامن الهجري.

الرابع: تصوف فلسفي غنوصي باطني أو حلولي اتحادي، وهو أبعد مراتب التصوف عن مقالات الإسلاميين وكثير من أعلامه قيل بكفرهم، ومنهم السهروردي المقتول، وابن عربي، والرومي وابن سبعين.
س: لو كرست كل وقتي لتخصصي على اساس اني اكون من احسن الناس فيه .. هل دا يعتبر سعي للدنيا .. وازا لا هل لي الاجر كاني باتعلم العلم الشرعياصلو انا شايف قليل جدا من الملتزمين دينيا كويسين في شغلهم ودا شيء مدايقني جدا.

ج:

بداية ضعف إتقان العمل سمة إنسانية، وبتزيد جدًا في العالم العربي كجزء من حالة التخلف وضعف ثقافة الإتقان والإنجاز والجودة واختلال معايير التنافس.
فالملتزمين دينيا هما جزء من كل، الفكرة بس إن ممكن واحد فيهم يحب يسند كسله وعجزه بأسانيد دينية، وغالبًا هتلاقيه دينيا برضه غير متقن أو منجز، بيسيب دراسته أو شغله أو التفوق فيهما عشان طلب العلم، وعلميًا بتعدي السنين وما بيعملش حاجة.
زي ما فيه تطرف مقابل يزري على أي تفرغ للآخرة ويخلي العمل الدنيوي أفضل، وأصل العمل عبادة وبتاع، التطرفين غلط.
وده ما يمنعش وجود قلة بتخلي أولويتها التفوق في مجالات دينية وبتنجح في ده وما يمنعش وجود ناس أولويتهم التفوق الدنيوي معترفين بمشروعية التفوق الديني.

بالنسبة لإجابة سؤالك:
السعي للدنيا هو السعي فيما لا ينفع في الآخرة، أي سعي ينفع في الاخرة فليس سعيًا للدنيا المحضة.
وفي الحديث أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مر بهم رجل فتعجبوا من خَلقه فقالوا: لو كان هذا في سبيل الله فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن كان يسعى على أبويه شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على ولد صغار فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على نفسه ليغنيها ويكافئ الناس فهو في سبيل الله)).
ويُرسخ النبي صلى الله عليه وسلم هذا المفهوم في سياق آخر فيقول: ((إن من أفضل دينار: دينار أنفقه الرجل على عياله، ودينار أنفقه على أصحابه في سبيل الله، ودينار أنفقه على دابته في سبيل الله)). قال أبو قلابة: ((وبدأ بالعيال، وأي رجل أعظم أجرًا من رجل ينفق على عيال صغار حتى يغنيهم الله عز وجل)).
فالعبادة المحضة ما ليس لها اتصال مادي مباشر بصلاح الدنيا.
والدنيا المحضة ما ليس لها اتصال مباشر بصلاح الآخرة.
وبينهما: الدنيا التي تنفع في الآخرة، والعبادة التي تلحقها تابعة بعض مصالح الدنيا، كالحج وفيه قول الله: { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}.

الله عز وجل خلقنا مختلفين، فالإنسان الذي يرجو صلاح دينه ودنياه، يبذل فيما يرى أنه سيتقن فيه ثم يجعله من حلال ثم يجعله محفوفًا بإطار من القيمة وإرادة وجه الله، وتوليد إطار القيمة وإرادة وجه الله ممكن من أي تخصص حلال؛ فإطار القيمة ليس ملموسًا ماديًا، مش لازم يكون بسهولة: طبيب عشان في القرآن ومن أحياها، لأ عادي والله ممكن تكون بتبيع مسامير ترجو بذلك الحلال، وتسعى لإنك تكون أحسن واحد بيبيع مسامير لأنك بتحب كده وفي حب ذلك بهجة نفسك، والقيمة والعبادة موجودة في نشاطات حياتك التانية، مش لازم تكون طالب علم ولا شيخ ولا حتى في شغلانة توليد القيمة منها مباشر.
التجارة من الأعمال المهلكة، ولا تكاد تنجح بدون تفرغ للسعي لها، وفي الحديث المختلف في صحته: التاجر الأمين الصدوق المسلم، مع الشهداء يوم القيامة.
وصح عن بعض السلف: التاجر الأمين الصدوق مع السبعة في ظل العرش يوم القيامة.
كل المطلوب ممن تفرغ للسعي للدنياألا يلهيه ذلك عن زاد روحه وقلبه وأن يكون عمله تمثلًا لمنظومة قيمه ووحيه ويرجو بذلك وجه الله محافظًا على الدين مرجعية عليا لحياته حتى لو كان بيبيع مسامير.
أجرة التعليم خير من جوائز السلطان ، وجوائز السلطان خير من صلة الإخوان .

أحمد بن حنبل.

قلت: وهذا في التعليم الديني المحض كتعليم القرآن والعبادات، أما ما ليس كذلك فلا خلاف في إباحته.
وقد احتج أحمد وغيره بقول رسول الله: إن أحق ما اتخذتم عليه أجرًا كتاب الله.

والعجيب هنا أن أحمد على تشدده في أبواب السلطة والصد عنها جعل جوائز السلطان وعطاياه أحسن من قبولك لعطايا أصدقائك.

أتدري لماذا؟

لقلة المروءة في الأصحاب.
للروح والنفس بناؤها العضلي كما للجسد بناؤه العضلي، ومران الجسد على تجاوز الراحة بما يستفز قدراته هو طريق بنائه، وبناء النفس إنما يكمن في اختبار الخير والشر والصواب والخطأ والنافع والضار وأي ذلك كله تختار.
وفي كل مفترق طرق تختار فيه الخيار الصائب، ومع كل محنة تعبرها بسلام صابرًا راضيًا، ومع كل تمرين عملي على فعل الخير وترك الشر= فإن قوة تحمل نفسك لاختبارات الحياة ترتفع، وقابلية بنائك الروحي لمواصلة طريق العبودية تزاداد، وبمضي عمرك وتتابع قيامك بتمارين الاختيار تصلب روحك حتى تريك منك ما لم تحسب يومًا أنه يكون منك.

رغم ذلك وكما في التمارين العضلية الجسدية: يؤدي الإسراف في حمل الأثقال، وعدم مراعاة حاجة العضلة للاستشفاء= إلى ضعف العضلة وهدمها، وكما تخور قوة الجسم فيخون صاحبه، تخور النفس وتقعد ولا تحمل ما كان صاحبها يظن أنه يؤهلها لحمله؛ جراء تلك الآصار والأغلال التي كلف نفسه حملها يحسب أنه يبنيها وهو هادمها.

الإسراف في تعريض النفس لاختيارات لا داعي لها، وتحميل كل تصرف بالقيمة بحيث يُطلب لكل تصرف إجابة نموذجية قيمية.
تمني البلاء وتعريض النفس للمحن بل لوم النفس على يسر العيش.
شهوة التشديد على النفس وحملها على مشاق قد تطيقها لكنها تهدم قابليتها للحمل على المدى البعيد.
ترك إجمام النفس بما يمتعها والترويح عنها بما يصلحها.

وبين البلاء الغالب وهو ضعف النفس وترك مجاهدتها على العمل وتربية قدرتها على التحمل بتمرينها على أنواع ومراتب الاختيارات، والبلاء الأقل بأخذ النفس بالعزائم والمشاق حتى تخور العزيمة فيقوم الليل كله وتنهدم عضلته عن صلاة الفريضة= بين هذين البلائين يٌضيع الناس نفوسهم التي هي دابتهم وسفينة رحلتهم، فهم بين متفنن في تخريق سفينته تحصيلًا لعاجل شهوته، ومنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى.
فتوى الإمام الأكبر، شيخ الجامع الأزهر، العلامة محمود شلتوت رحمه الله، حول الصلاة في المساجد ذات القبور:

في بعض المساجد توجد أضرحة ومقابر، فما حكم إقامتها؟ وما حكم الصلاة إليها؟ والصلاة فيها؟

شُرِعَتْ الصَّلاةُ في الإسلام لتكونَ رباطًا بين العبد وربِّه، يقضي فيها بين يديه خاشعًا ضارعًا يناجيه، مستشعرًا عظمتَه، مستحضرًا جلالَه، ملتمسًا عفوَه ورضاه؛ فتسمو نفسُه، وتزكو روحُه، وترتفع همته عن ذل العبودية والخضوع لغير مولاه {إيَّاكَ نَعْبُدُ وإيَّاكَ نَسْتَعِيُن}
وكان من لوازم ذلك الموقف، والمحافظة فيه على قلب المصلى، أن يخلص قلبه في الاتجاه إليه سبحانه، وأن يُحال بينه وبين مشاهدَ من شأنها أن تبعث في نفسه شيئًا من تعظيم غير الله، فيُصرَف عن تعظيمه إلى تعظيم غيره، أو إلى إشراك غيره معه في التعظيم.
ولذلك كان من أحكام الإسلام فيما يختص بأماكن العبادة تطهيرُها من هذه المشاهد. {وَعَهِدْنَا إلى إبْرَاهِيمَ وإسْمَاعِيلَ أنْ طَهِّرَا بيتيَ للطَّائِفينَ والعَاكِفِينَ والرُّكَّعِ السُّجُود} {وإِذْ بَوَّأْنَا لإبْرَاهِيمَ مَكَانَ البَيْتِ أنْ لا تُشْرِكَ بي شَيئًا وطَهِّرْ بَيْتِيَ للطَّائِفينَ والقَائِمِينَ والرُّكَّعِ السُّجُود} {إنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ الله مَنْ آمَنَ بالله واليوم الآخر وأقام الصَّلاة وآتى الزَّكاة ولم يَخْشَ إلا الله} {وأنَّ المساجِدَ لله فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا}.
وما زلَّ العقلُ الإنسانيُّ وخرج عن فطرة التوحيد الخالص فعبد غيرَ الله، أو أشرك معه غيره في العبادة والتقديس؛ إلا عن طريق هذه المشاهد التي اعتقد أنَّ لأربابها والثَّاوِينَ فيها صلةً خاصةً بالله، بها يُقرَّبون إليه، وبها يشفعون عنده؛ فعظَّمها واتجه إليها، واستغاث بها، وأخيرًا طاف وتعلَّق، وفعل بين يديها كل ما يفعله أمام الله من عبادة وتقدیس.

والإسلام من قواعده الإصلاحية أن يسد بين أهله وذرائع الفساد، وتطبيقًا لهذه القاعدة صحَّ عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إنَّ مَنْ كان قَبْلَكم كانوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبورَ مساجدَ، إنِّى أنهاكم عن ذلك»
نهى الرسول، وشدد في النهي عن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد، وذلك يصدق بالصلاة إليها، والصلاة فيها، وأشار الرسول إلى أنَّ ذلك كان سببًا في انحراف الأمم السابقة عن إخلاص العبادة لله، وقد قال العلماء : إنه لما كثُر المسلمون، وفكَّر أصحابُ الرسول في توسيع مسجده، وامتدت الزيادة إلى أن دخلت فيه بيوت أمهات المؤمنين، وفيها حجرة عائشة، مَدْفن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصاحبَيْه أبي بكرٍ وعمرَ، فبنوا على القبر حيطانًا مرتفعة تدور حوله مخافة أن تظهر القبور في المسجد فيصلي إليها الناس، ويقعوا في الفتنة والمحظور.

وإذا كان الافتتان بالأنبياء والصالحين -كما نراه ونعلمه- شأنَ كثيرٍ من النَّاس في كل زمان ومكان؛ فإنه يجب -محافظة على عقيدة المسلم- إخفاءُ الأضرحةِ من المساجد، وألا تُتَّخذَ لها أبوابٌ ونوافذُ فيها، وبخاصةٍ إذا كانت في جهة القبلة. يجب أن تُفصلَ عنها فصلًا تامًّا بحيث لا تقع أبصار المصلين عليها، ولا يتمكنون من استقبالها و هُمْ بين يدي الله، ومن باب أولى؛ يجب منعُ الصَّلاة في نفس الضريح، وإزالة المحاريب من الأضرحة.
وإنَّ ما نراه في المساجد التي فيها الأضرحة، ونراه في نفس الأضرحة، لمِمَّا يبعث في نفوس المؤمنين سرعةَ العمل في ذلك، وقايةً لعقائد المسلمين وعباداتهم من مظاهرَ لا تتفق وواجب الإخلاص في العقيدة والتوحيد، ومن هنا؛ رأى العلماءُ أنَّ الصلاةَ إلى القبر
-أيًّا كان- محرَّمةٌ، ونهى عنها، واستظهر بعضُهم -بحكم النَّهي- بطلانَها؛ فليتنبه المسلمون إلى ذلك، وليُسرع أولياءُ الأمر في البلاد الإسلامية إلى إخلاص المساجد لله كما قال الله:
{وأنَّ المساجدَ لله فَلا تَدْعُوا معَ اللهِ أحدًا}
دار الإفتاء المصرية زمان قبل الغزو الوهابي المزعوم

ما حكم الصلاة فى المساجد التي فيها قبور؟
فأجاب فضيلة الشيخ عبد المجيد سليم- مفتى الديار المصرية وقتها وتولى منصب شيخ الأزهر- قائلا:

" كتبت وزارة الأوقاف ما يأتى: يوجد فى مسجد عز الدين أيبك قبران ورد ذكرهما فى الخطط التوفيقية وتقام الشعائر أمامهما وخلفهما وقد طلب رئيس خدم هذا المسجد دفنه فى أحد هذين القبرين لأن جده الذي حدد بناء المسجد مدفون بأحدهما فنرجو التفضل ببيان الحكم الشرعى فى ذلك

الجواب
انه قد أفتى شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله بانه" لا يجوز أن يدفن فى المسجد ميت لا صغير ولا كبير ولا جليل ولا غيره فان المساجد لا يجوز تشبيهها بالمقابر"
وقال فى فتوى أخرى " انه لا يجوز دفن ميت فى مسجد فان كان المسجد قبل الدفن غير اما بتسوية القبر واما بنبشه ان كان جديدا"

وذلك لأن الدفن فى المسجد اخراج لجزء من المسجد عما جعل له من صلاة المكتوبات وتوابعها من النفل والذكر وتدريس العلم وذلك غير جائز شرعا ولأن اتخاذ قبر فى المسجد على الوجه الوارد فى السؤال يؤدى الى الصلاة الى هذا القبر او عنده وقد وردت أحاديث كثيرة دالة على حظر ذلك.

قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فى كتاب " اقتضاء الصراط المستقيم" ما نصه " ان النصوص عن النبى صلى الله عليه وسلم تواترت بالنهى عن الصلاة فى القبور مطلقا وعن اتخاذها مساجد أو بناء المساجد عليها"
ومن الأحاديث ما رواه مسلم عن أبى مرثد الغنوى قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا اليها"
وقال ابن القيم فى " زاد المعاد" نص الامام أحمد وغيره على أنه اذا دفن ميت فى مسجد نبش
وقال ابن القيم أيضا: لا يجتمع فى دين الاسلام قبر ومسجد بل أيهما طرأ على الأخر منع منه والحكم للسابق
وقال الامام النووى فى " شرح المهذب" ما نصه " اتفقت نصوص الشافعية والأصحاب على كراهة بناء مسجد على القبر سواء كان الميت مشهور بالصلاح أو غيره لعموم الأحاديث قال الشافعى والأصحاب: وتكره الصلاة الى القبور سواء كان الميت صالحا أو غيره
قال الحافظ أبو موسى : قال الأمام الزعفرانى رحمه الله " ولا يصلى الى قبر ولا عنده تبركا به ولا اعظاما له للأحاديث"
وقد نص الحنيفية على كراهة صلاة الجنازة فى المسجد لقوله صلى الله عليه وسلم " من صلى على جنازة فى المسجد فلا أجر له"( هذا حديث ضعيفا لأجل صالح ابن نبهان فقد تكلم فيه غير واحد من أهل العلم والا فاذا ثبت الحديث فالمقصود نقصان الأجر
وعلل صاحب الهداية هذه الكراهة بعلتين:
احداهما : أن المسجد بنى لأداء المكتوبات يعنى وتوابعها من النوافل والذكر وتدريس العلم واذا كانت صلاة الجنازة فى المسجد مكروهه للعلة المذكورة كراهة تحريم كما هو احدى الروايتين وهى التى اختارها العلامة قاسم وغيره
كتن الدفن فى المسجد أولى بالحظر لأن الدفن فى المسجد اخراج الجزء المدفون فيه عما جعل له فى المسجد من صلاة المكتوبات وتوابعها وهذا مما لا شك في عدم جوازه شرعا والله أعلم"... أنظر كذلك فتاوى دار الإفتاء المصرية ج 7 - 154
يا شيخ أنا دائما حاسة إن الدولة الإسلامية معدلهاش قومه؛ وده بيخذل جهادي في الدين والدعوة، بحس كل حاجة اضطربت وأن الحل قيام الساعة، وأشعر أن علي إثم كبير لهذا الشعور وأنه يأس من روح الله. أوصني!

ج/ ((لم ينشغلوا بتغيير العالم، كان كل طموحهم ينحصر في إيصال أقلام الرصاص لأطفال المدارس في القبائل الأفريقية)).

متى مضى على اقتناعي بالمفهوم الذي تشير له هذه العبارة المقتبسة؟
أظن عشر سنوات.

سعادة الإنسان ومفتاح خلوصه من إحباطات الحياة المتتالية، ومفتاح العمل الحقيقي لا بطالة الشعارات= يكمن في نجاحه في صناعة الإنجازات الصغيرة المنتظمة والمتتابعة، التغييرات التي لا يشعر بها معظم الناس، ولا يجدونها أعمالًا عظيمة، لكنها تمثل شيئًا عظيمًا جدًا للذين فعلتها لهم.

وكما في اقتباس عظيم آخر:
- إنَّ كل هذا الذي تفعله، ليس إلا قطرة في بحر.
- ربما، ولكن، ليس البحر يا سيدي إلا كمًّا من القطرات.

الفسيلة لن تغير العالم، لكنك أمرت بغرسها ولو قامت القيامة؛ لأنك تجدها في ميزان حسناتك تثقله، وهذا هو المهم.

الله لا يكلف نفسا إلا وسعها وما آتاها، وقد كان الكفار يعذبون المسلمين بمشهد من النبي وصحابته، ولم يقل أحد أنهم كانوا مؤاخذين، بل ما زاد رسول الله على الدعاء وأمر المعذبين بالصبر وأمر غيرهم بالهجرة لما أذن لهم.

خرافات الناس الجهلة هي الل بتعطل حياتكم وتفسدها.

يوم القيامة لن تسأل إلا عن المشروع الذي تقدر عليه من عمل يومك وليلتك، لا خلاف في هذا بين أهل العلم، وواجبك نحو مصاب المسلمين هو أن تكره حدوثه وتغضب على فاعله وترجو زواله (فرض عين) وتدعو الله وتنفع من تيسر لك سبيل نفعه من المصابين (فرض كفاية)، ولا يجب عليك غير هذا.

لا تتولوا ما كُفيتم، ولا تُضيعوا ما وُليتُم.
هذا هو أصل الإصلاح وذروة سنامه؛ ألا يشغل الإنسانُ عمرَه إلا بما يتقنه، ويقدر على تجويده والتميز فيه.

ابحث بهدوء وأناة عن مواهبك ومكامن تميزك، وطورها، وأصلحها، وأصلح بها.

فاعلية المجموع من فاعلية الأفراد، وعندما لا يقوم كل فرد بدوره على أتم وجه= لا تنتظر من أية أمَّةٍ أن تكون أمَّةً فاعلةً مؤثرةً.

وقيام كل فرد بدوره يعني عدة أمور:

أولاً: أن يبذل أقصى جهده في الفعل المتقَن المجود، وأن يكون هذا الفعل مما يُحسنه.

ثانيًا: أن يستمر في تطوير نفسه على مستوى الرؤى والأفكار، ثم على مستوى تجويد الأدوات، وتجويد الفعل، وتجويد ما يُحسن وزيادته.

ثالثًا: أن ينطلق في فعله من مرتكزاته الخُلقية والقِيمية، وأن يجعلها أساس تحديد الخيارات.

رابعًا: شُعَبُ الخير والإيمان وأبواب خدمة الدين كثيرة؛ فلا تنصرف عما تحسن إلى شيء لا تُحسنه، أو إلى شيء لا تطيقه، أو إلى شيء قد قام به أو: عليه، من يُحسنه.

خامسًا: دوائر اهتمامك لا ينبغي أن تطغى على دوائر تأثيرك، اهتم بقضايا المسلمين، لكن لا تبذل في هذا الاهتمام إلا أقل طاقتك، والباقي اصرفه للقضايا التي تستطيع أن تُحدث فيها تغييرًا ملموسًا.

ستؤجر على كل باب من أبواب المسلمين تحمل همَّه، لكنك ستُسأل عن كل باب لم تقم فيه بما كان في وسعك، ووزر التقصير يأكل أجر الهمِّ العاري عن الفعل.

شُعَب الإيمان على طرف الثُّمَامِ منك تنتظر من يشغلها، فلا تضيعها، وتنشغل بالبكاء على ما لا طاقة لك به.

أي شيء ينفعك أن تكتفي بالهم والحيرة والضيق بواقع المسلمين= بينما أمام عينك وبجوار بيتك، وعلى طَرَفِ الثُّمَامِ منك، وبين جنبات نفسك= أبوابٌ مُشرعةٌ، وشُعبُ إيمان تنتظر من يشغلها؟!
بعد الحرب العالمية الثانية والآثار المدمرة التي نتجت عنها وانعكست على الإنسان قبل العمران؛ حصل إقبال كبير على علم النفس واستثماره للتعامل مع تبعات الكوارث والصدمات التي نتجت عن الحرب.
وبالتوازي مع ذلك حصل نوع من الشعور بخيبة الأمل تجاه الحضارة الغربية وأفكار الحداثة والتقدم، كان من آثاره الإقبال على الفلسفات والثقافات الشرقية والتماس السكينة والأمل في موروثها.
هذان المساران أنتجا مسارًا جانبيًا كان موجودًا من قبل لكن زادت الحاجة ليه بشدة، وهو ما يتعلق بمساعدة الذات وتطويرها،وكتابات النجاح والثراء وما إلى ذلك، والمسار الجانبي ده اعتمد على نتائج علم النفس وبعض مفاهيم الفلسفات والديانات الشرقية، بالإضافة للخبرات الخاصة لرواد المجالات دي.

وزي أي مجال وارد جدًا يكون فيه الجيد والرديء، وفي السبعينات والثمانينات تم دعم هذا المسار باتجاه البرمجة اللغوية العصبية، واللي هو كمان فيه الجيد وفيه الرديء، فمجال المساعدة الذاتية خليط من مل ده، ففيه موروث من علم النفس، وفيه علم زائف وفيه خبرات شخصية غير قابلة للتعميم على نطاق واسع، وفيه أفكار صالحة للتطبيق في سياق وسياق تاني بتكون غير صالحة فتعميمها غلط (زي الصورة اللي مع البوست ده كده).

في الثمانينات والتسعينات بعض الرواد العرب كانوا في الخارج واستوردوا هذا المسار الجانبي وبدأوا في نشره في العالم العربي، وحصل استيراد للجيد والرديء، وعملية الاستيراد نفسها بعضها كان جيدًا وبعضها كان رديئًا،

مساعدة الذات وتطويرها، واللي زاد عليها البرمجة اللغوية العصبية هو ده الخليط اللي بيتسمى بالتنمية البشرية (وهي ترجمة فيها مشاكل طبعًا والأحسن تسمية المجال بمجال المساعدة الذاتية)، والمجال سُمعته تشوهت في الآونة الأخيرة نتيجة لوجود تطبيقات خاطئة لمفاهيمه، ولوجود استغلالات تجارية من مشعوذين ومدعين وكمان لوجود أخطاء فيه طبعًا بيتم التركيز عليها مع إغفال مناطق النفع.

اللي عاوزين نقوله هو ثلاثة أشياء:

أولًا: التنمية البشرية تظل زي أي منتج إنساني قابل للتمييز بين النافع وغير النافع، الأحكام العامة عليها مش صح.
ثانيًا: التنمية البشرية بتستفيد من علم النفس وبتتقاطع معاه لكن علم النفس حقل واسع ومختلف وله تقنياته المعرفية فما تخليش التشابه والتقاطع يخليك تسمي مسارات علم مهم زي علم النفس إنها تنمية بشرية.
ثالثًا: علم التربية وعلم الاجتماع وعلم الإدارة بتتقاطع برضه مع التنمية البشرية فما تغلطش معاها نفس الغلطة اللي فاتت.

اتسحروا كويس وكل سنة وانتم طيبين.

منقول من الفيسبوك:

Page,Inside.
تتجلى العبودية في أنصع صورها: في صراع الإنسان مع هواه وشيطانه، هذا الصراع نفسه -بما فيه من جولات نصر وهزيمة- هو اللهب الذي يضيء إرادة العبودية في نفس الإنسان.
هذه الفكرة واضحة، دعني أقودك لأختها، وإن كانت أخفى منها:

لو أراد الله لجعل دينه محكمًا كله، بيِّنًا كله، في قراطيس تحويها الأرفف، لا يُحوجنا في معرفة أحكامه إلا إلى نظرة، وقراءة، وفهم لن يجعله الله يلتبس.
لكن معاناة الاجتهاد، واشتجار المحابر على الأوراق، تُجاهدُ لمعرفة مراد الله، واستخراج النور الأول الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم = هذه المعاناة نفسها: هي ضرب آخر من تجليات العبودية.
و لو أتى البيان سهلاً رهوًا= لما ضجت الأرض بصريف أقلام المجتهدين، يتعبدون ربهم، ويطلبون مراده.

هذه الفكرة -مع خفائها- ليست أخفى من أختٍ لها دقيقة، دعني أقودك إليها:

لو أراد الله لجعل الدنيا منذ وفاة نبيه إلى أن يقضي الله الأرض ومن عليها= خلافة راشدة، يُقام فيها الدين، ويُعز فيها أهل الإيمان، ويُبسط سلطان الله على الأرض.
لكنه سبحانه لم يجعلها سوى قرابة ثلاثين عامًا، مع أخوات لها قليلة متفرقات، تَهِبُّ كلحظة النسيم عبر مجرى التاريخ.
أتدري لماذا؟
لأن العبودية لا تأتلق بأعظم بريقها؛ إلا في وسط المعاناة.
الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة، والله لم يخلق المؤمنين لمتاعها وسكنها ورخاء ما يطلبون منها، وإنما خلقهم لعبادته، وحملهم أمانة ثقيلة، وامتحنهم بحملها وفي حملها، وإنما جعل سبحانه أَلْقَ العبودية على المعاناة= ليجد الناس جزاء ذلك في الجنة؛ فإنها حُفت بالمكاره، حتى إن سَراء الدنيا لتكون محنةً وفتنةً.

إقامة الدين كمثل القابض على الجمر تتناوشه الخصوم، ويأبى إلا أن يقوم بأمر الله.
السنون الخداعات، وآلات الباطل التي تعجب كيف تبقى للحق معها قائمة، وعملك وسط أَتُونها تسعى ما استطعت، وتقوم بما أُمرت، لا تتولَّ ما كُفيتَ، ولا تُضيِّعْ ما وُلِّيتَ، ولا تطلب ما عجزتَ، ولا تُهدر ما عليه قَدرت.

هذا هو لهب المعاناة الذي يجعل العبودية بحيث يباهي الله بها ملائكته: إني حملتهم أمانة، واختبرتُ بلاءهم، فأطاعوا عن اختيار، وتابوا عند المعصية مع استغفار، علموا أن لهم ربًا، فهم يقيمون دينه ما أطاقوا، لا كسل ولا عجز، بل على الضراء والصعب والمحن قد باعوا لله أنفسهم، والله اشترى.
ازاي اشيل الميول "الصيعة" من دماغي .. انا التزمت من ٦ سنين الحمد لله انا ٢٢ سنة بس بحب الموتسكلات و السهر بالليل و الرياضة و كمان عصبية شويه كنت عايزة اخذ مهدئات مامي موفقتش علشان بتعمل تعود ففكرت اجرب الحشيش..الحمد لله معملتش حاجة حرام بس بيجيلي افكار من ده خصوصا اني في طبقة اجتماعية منتشر فيها ده

ج)
الالتزام هو كود أخلاقي، الكود الأخلاقي لواحده ما بيعملش لايف ستايل، لذلك الغلطة المشهورة اللي بتحصل لكتير من الناس لما بيلتزموا، إنهم بيستوردوا لايف ستايل من أقرب مجموعة أفراد للكود الأخلاقي ده (مثلًا: تلبس النقاب وتحضر دروس سلفية وتدقق في الوردة اللي على الجوانتي).
وبعد كده تبدأ تغذي اللايف ستايل المتسرع ده بأسسه القيمية اللي ترسخه.
الطريقة دي بتنجح مع ناس، ومع ناس تانية بتكون سوفت وير بيضرب بعدها بفترة وننزل مكانه سوفت وير جديد، أبعد أو أقرب.

الطريقة الأصح والأثبت والأنجح: هي اعتبار مرحلتك الحالية جزء من رحلة طويلة هتخوضيها بصبر وتأني لبناء إنسانة على المستوى الديني والأخلاقي والفكري والنفسي والاجتماعي، وفي الرحلة دي هتبني معالم نظام حياتك ونمطها من جديد وعلى مهلك، علاقتك بالصلاة وبالقرآن والدعاء، علاقتك بالقراءة اللي تطور معارفك وأفكارك ووعيك، علاقتك بأقرب دايرة أصحاب ممكن تلاقي حاجات مشتركة معاهم بدون ما تتورطي في حاجة انت شايفة خلاص إنها ما ترضيش ربنا، المهدئات مش مسألة تعود، هي بس وسيلة تخدير هتعوقك عن التعامل الواعي مع تحديات المرحلة دي.
التدين مش سجن ولا كبت، هو بس محتاج وعي وتدرج ورفق بالنفس عشان تستمتعي بيه وتقدري تختاري لنفسك النسيج والتمط اللي يمثل قيمك وذوقك والمبني على وعيك بقيمك ومتطلباتها وبنفسك واحتياجاتها.
ومما أتلمسه كلما سمعته= أدعية العامة؛ فإن فيها من صدق الإبانة، وحرارة الطلب ما لا تجده في تكلف متفاصحي المحاريب.

ولا شيء أقرب إلى ربك من انصراف الكلام من قلبك إلى لسانك لا تتكلف فصاحته ولا إعرابه، ففي صدق البيان وحراراة اللجوء ما يغنيك عن تشقيق الألفاظ.

ومن بديع كلام شيخ الإسلام رحمه الله: إن أصل الدعاء من القلب، واللسان تابع للقلب، ومن جعل همته في الدعاء تقويم لسانه أضعف توجه قلبه.
ما يقوله الرجل في الفرد أو الجماعة من الناس ليس ميزانه فحسب هل هو صادق أمين أم كذاب مفتري.

فإن الرجل قد ينجو من تعمد الكذب ويكون عادلاً لم يظلم، لكنه ‍يقع في شُعب أخرى من قلة الدين أو قلة الورع أو قلة المروءة:

ومنها:

أن يخلط الرواية بالرأي فيسوق ظنونه وتخميناته مقام من يسوق شيئاً رآه وسمعه، فتجده يبني على واحدة صادقة عشراً هي حدس وظن وتخمين كثيراً ما يكون عارياً عن البينة الصحيحة ثم هو يسوق كل ذلك مساق الواحدة الصادقة الأولى التي رآها وسمعها.

ومنها:

أن تقوم عنده بينة لكنها بينة ليست عالية الرتبة؛ فإن البينات درجات ومراتب، ومنها ما يسوغ للرجل أن يقول في خاصته وأصحابه المأمونين ممن يحسنون قياس البينات لكنه لا يسوغ له أن يقوله في مشهد من الناس مختلطي الدرجات فيهم من لا يميز رتب البينات.

ومنها:

ما يقوله الرجل في الفرد أو الجماعة وهو حق لكنه يسوقه يريد أن يستطيل ويبغي أو يريد الفضيحة لا النصيحة، ويريد الانتقام والمعرة لا الهداية والرحمة، أو يريد أن يُقوي به حجة من يستطيل ويبغي، ‍فيكون قد وضع حقاً في غير موضعه، واستعان به على باطل وشر كثير.

وبعد..

فإن قلة الدين وقلة الورع وقلة المروءة أبواب شتى، وقد يكون الرجل وهو يحسب أن لم يكذب ولم يظلم وهو محتطب لغابة من الإثم على ظهره لا يشعر بعاقبتها إلا يوم يتلقى كتابه بين يدي الحكم العدل الخبير سبحانه.

وهذا كله إذا لم يكذب أو يظلم ، فكيف إذا كان كذابًا فاجرًا يرسل الكذب فيصفق له الفجرة أمثاله!

والذين يحمون أسماعهم وأبصارهم يقولون ما علمنا إلا خيرًا، والذين استزلهم الشيطان إنما يتبعون قصصًا يرويها موتور لم تكتسب وجودها إلا على لسانه، ولعنة الله على الكاذبين.
إن الله عز وجل يبتلي عباده ليرفع درجات الصابرين، ويزيد في عذاب الظالمين، ويمحص صف المؤمنين، ولتقام بهم الحجة على عذاب المجرم يوم القيامة فلا يشفق عليه أحد، ولا يعتذر عنه أحد، وليمتحن الله بهم أمثالنا من المؤمنين أيثبتون أم يستزلهم الشيطان فيكفروا.

أما المبتلون= فغمسة في الجنة تنسي كل شقاء كأن لم يكن، يخلقهم الله خلقًا آخر هو ربهم وملكهم لولاه ما كانوا.

وهو سبحانه ذكر لنا في محكم التنزيل خبر المؤمنين يلقون في أخدود النار، ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك موقفًا عظيمًا فيقول صلى الله عليه وسلم: "جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام يا أم اصبري فإنك على الحق".

إن طائفة المؤمنين الذين أعد الله لهم جنات النعيم= يعلمون أن الدنيا وشرها كله يسير في مقابل جنة الخلد ونعيم لا يفنى، ونظرة إلى وجهه الكريم لا يبقى في النفس بعدها شيء غير النعيم تذكره.

إن إلى ربك الرجعى، من وعى هذه الحقيقة= نجاه الله من مصير الذين خسروا أنفسهم فصاروا يُحاسبون الله على فعله، ويقضون عليه في خلقه.
العقيدة، أو التوحيد أو الإيمان، كلُّها أسماء لعلم واحد، والمفترض أن عناية هذا العلم من حيث الأصل هي بمباحث الإيمان المذكورة في حديث جبريل: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره . فتعتني مباحث هذا العلم بشرح كل ركن من أركان الإيمان، والمسائل والأدلة المتعلقة بكل ركن .
وقد اختلفت الاتجاهات الإسلامة في تراثنا حول قضايا ومسائل هذا العلم، فنشأت فرق تقول في هذه القضايا بأقوال شديدة الضلال وهم: الخوارج والقدرية والرافضة والجهمية والمعتزلة.
ووقف في مجابهتهم السلف الصالح بداية من الصحابة فالتابعين وأتباعهم.
في القرن الثالث الهجري حصلت مواجهة عنيفة بين المعتزلة وهم أكثر هذه الفرق إنتاجًا وأعمقها بناء وبين أهل الحديث الذين رفعوا راية وراثة علم السلف من الصحابة فمن بعدهم، واستوى بصورة تامة مصطلح أهل السنة في مقابل تلك الفرق البدعية كلها.
ثم كان هناك رجل اسمه: عبد الله بن سعيد بن كلاب، أنشأ أقوالًا هي وسط بين عقائد وأقوال المعتزلة وبين أقوال أهل الحديث.
وتأثر به رجلان هما:
أبو الحسن الأشعري، وأبو منصور الماتريدي.
وتبعهما اتجاهان علميان دان بهما كثير من علماء المسلمين منذ القرن الخامس الهجري وهما الأشاعرة والماتريدية.
وحاصل مذهب الاتجاهين: أنه تقريرات في قضايا ومسائل الاعتقاد فيها اختيار لأقوال توسطت بين مذهب المعتزلة وبين مذهب أهل الحديث، وهذا التوصيف هو الصواب في الجملة ولكن يزعم بعض المنتسبين للاتجاهين أن الاتجاهين يتفقان مع أهل الحديث، وهذا في الواقع ليس صوابًا بل الصواب ما حققه ابن تيمية أن مذهب أهل الحديث مغاير لهؤلاء.
ووفقًا لتصور ابن تيمية الذي نرى صوابه في الجملة: في مسائل الاعتقاد طريقة أهل الحديث هي في الجملة طريقة الصحابة والتابعين وأتباعهم، وأما طريق الأشاعرة والماتريدية ففيها موافقات لطريقة السلف وفيها مخالفات هي حاصل عملية تلفيقية امتزجت فيها أقوال المعتزلة بأقوال الكلابية ببقايا من أقوال أهل الحديث، فأنتجت أقوالًا في مسائل صفات الله ومسائل القدر وبعض مسائل النبوات= مخالفة للنصوص القطعية ومخالفة لنصوص السلف وتقريرات أهل الحديث.
ومع قيام دول التتر امتزجت بعض تيارات الأشعرية والماتريدية بتصوف القبور والاستغاثة بالأولياء فدخل عليهما مكون خرافي شركي فيه إحياء للوثنية القديمة مع إلباسها لبوس الشرع.
فصار حاصل الخلاف مع الأشاعرة والماتريدية في ثلاثة مجالات:
الأول: قضايا الاعتقاد والتوحيد والصفات والقدر والنبوات، ولتفصيل مسائل الخلاف فيها يراجع كتاب منهج الأشاعرة في العقيدة لسفر الحوالي مع شرحي عليه الذي سأعيد نشره هذا العام بإذن الله.
الثاني: مسائل التصوف الشركي والاستغاثة بالأولياء، ولتفصيل مسائل الخلاف فيها يراجع كتاب كشف الشبهات للشيخ محمد بن عبد الوهاب مع أحد شروحه.
الثالث: مسائل متفرقة في بدع القبور والأضرحة وبدع التعبد والتعصب المذهبي.
ومجموع هذه الثلاثة هو ما شكل معالم الصراع بين السلفية المعاصرة والأشاعرة والماتريدية، وكلا طرفي الصراع قصر في أبواب من العلم والعدل وسياسة الخلاف، لكن هذا لا ينبغي أن يلفتنا على أن أصل الخلاف خلاف عظيم ومهم يتعلق بحقيقة فقه ما أتى به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
واعتقادي هو أنَّ طريقة أهل الحديث هي أصح الطرق في تحرير تلك الأبواب، وأنَّها من حيث الواقع أقرب الطرق لِـمَا تدلُّ عليه النصوص، ولِـمَا كان عليه صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنَّ الخلاف في تلك الأبواب كثير منه لا يسوغ، وإن أمكن إعذار المخالف فيها والشهادة له بإرادة الحق من جهة الله والرسول.
ليس إذا ما ابتلى الله الإنسان فأكرمه ونعمه يكون ذلك إكرامًا مطلقًا وليس إذا ما قدر عليه رزقه يكون ذلك إهانة بل هو ابتلاء في الموضعين، وهو الاختبار والامتحان.

فإن شكر الله على الرخاء وصبر على الشدة= كان كل واحد من الحالين خيرا له، وإن لم يشكر ولم يصبر= كان كل واحد من الحالين شرا له.

ثم تلك السراء التي هي من ثواب طاعته إذا عصي الله فيها= كانت سببا لعذابه.
والمكاره التي هي عقوبة معصيته إذا أطاع الله فيها= كانت سببا لسعادته.

فتدبر هذا؛ لتعلم أن الأعمال بخواتيمها، وأن ما ظاهره نعمة هو لذة عاجلة: قد تكون سببًا للعذاب، وما ظاهره عذاب وهو ألم عاجل: قد يكون سببًا للنعيم، وما هو طاعه فيما يرى الناس: قد يكون سببًا لهلاك العبد برجوعه عن الطاعة إذا ابتلي في هذه الطاعة، وما هو معصية فيما يرى الناس: قد يكون سببًا لسعادة العبد بتوبته منه وتصبره على المصيبة التي هي عقوبة ذلك الذنب.

شيخ الإسلام ابن تيمية.
لا تتولوا ما كُفيتم، ولا تُضيعوا ما وُليتُم.
هذا هو أصل الإصلاح وذروة سنامه؛ ألا يشغل الإنسانُ عمرَه إلا بما يتقنه، ويقدر على تجويده والتميز فيه.
ابحث بهدوء وأناة عن مواهبك ومكامن تميزك، وطورها، وأصلحها، وأصلح بها.
فاعلية المجموع من فاعلية الأفراد، وعندما لا يقوم كل فرد بدوره على أتم وجه= لا تنتظر من أية أمَّةٍ أن تكون أمَّةً فاعلةً مؤثرةً.
وقيام كل فرد بدوره يعني عدة أمور:
أولاً: أن يبذل أقصى جهده في الفعل المتقَن المجود، وأن يكون هذا الفعل مما يُحسنه.
ثانيًا: أن يستمر في تطوير نفسه على مستوى الرؤى والأفكار، ثم على مستوى تجويد الأدوات، وتجويد الفعل، وتجويد ما يُحسن وزيادته.
ثالثًا: أن ينطلق في فعله من مرتكزاته الخُلقية والقِيمية، وأن يجعلها أساس تحديد الخيارات.
رابعًا: شُعَبُ الخير والإيمان وأبواب خدمة الدين كثيرة؛ فلا تنصرف عما تحسن إلى شيء لا تُحسنه، أو إلى شيء لا تطيقه، أو إلى شيء قد قام به أو: عليه، من يُحسنه.
خامسًا: دوائر اهتمامك لا ينبغي أن تطغى على دوائر تأثيرك، اهتم بقضايا المسلمين، لكن لا تبذل في هذا الاهتمام إلا أقل طاقتك، والباقي اصرفه للقضايا التي تستطيع أن تُحدث فيها تغييرًا ملموسًا.
ستؤجر على كل باب من أبواب المسلمين تحمل همَّه، لكنك ستُسأل عن كل باب لم تقم فيه بما كان في وسعك، ووزر التقصير يأكل أجر الهمِّ العاري عن الفعل.
شُعَب الإيمان على طرف الثُّمَامِ منك تنتظر من يشغلها، فلا تضيعها، وتنشغل بالبكاء على ما لا طاقة لك به.
أي شيء ينفعك أن تكتفي بالهم والحيرة والضيق بواقع المسلمين= بينما أمام عينك وبجوار بيتك، وعلى طَرَفِ الثُّمَامِ منك، وبين جنبات نفسك= أبوابٌ مُشرعةٌ، وشُعبُ إيمان تنتظر من يشغلها؟!