#Hesham_Al-Noman:
يقول الأستاذ النعمان : « كان القبيلي المجند الذي قدم من شمال صنعاء إلى سهول تهامة وإب وتعز والبيضاء لا يسمى جندياً بل مجاهداً في سبيل الله وعلى هذا الأساس أبيح له أن يسكن في مساكن الأهالي بالقوة حتى لو أدى الأمر "وكثيراً ما كان يؤدي" إلى خروج رب المسكن ليسكنه المجاهد في سبيل الله ويفرض على الزوجة أن تتولى خدمته وإطعامه ما يختار من طعام ، وكم أكواخ وبيوت هدمت وأحرقت لأن فلاحاً أو فلاحة اعتذرت بالفقر عن تلبية الرغبات المسعورة للجنود » .. والكلام مازال للأستاذ النعمان الذي يؤكد بقوله : « لقد وجه الإمام يحي قبائل الشمال التي حاربت تحت قيادته الأتراك نحو الجنوب " تعز وإب " وتهامة بدعوى المحافظة على الراية المحمدية في بلاد « كفار التأويل » و « إخوان النصارى » إنتهى كلام الأستاذ النعمان .
يقول الأستاذ النعمان : « كان القبيلي المجند الذي قدم من شمال صنعاء إلى سهول تهامة وإب وتعز والبيضاء لا يسمى جندياً بل مجاهداً في سبيل الله وعلى هذا الأساس أبيح له أن يسكن في مساكن الأهالي بالقوة حتى لو أدى الأمر "وكثيراً ما كان يؤدي" إلى خروج رب المسكن ليسكنه المجاهد في سبيل الله ويفرض على الزوجة أن تتولى خدمته وإطعامه ما يختار من طعام ، وكم أكواخ وبيوت هدمت وأحرقت لأن فلاحاً أو فلاحة اعتذرت بالفقر عن تلبية الرغبات المسعورة للجنود » .. والكلام مازال للأستاذ النعمان الذي يؤكد بقوله : « لقد وجه الإمام يحي قبائل الشمال التي حاربت تحت قيادته الأتراك نحو الجنوب " تعز وإب " وتهامة بدعوى المحافظة على الراية المحمدية في بلاد « كفار التأويل » و « إخوان النصارى » إنتهى كلام الأستاذ النعمان .
👍1
👍3
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
أحيانا لا نجد تفسيرا لبعض ما يحدث!
يعلنون عن توقيع اتفاق مع إيران لإنشاء بورصة في صنعاء، وفي اليوم الثاني يتم تقديم مشروع قانون إلى مجلس نواب صنعاء لمنع ما يصطلحون عليه "المعاملات الربوية".
أنشأوا في وقت سابق هيئة مصالحة، وفي اليوم التالي تم إسقاط عضوية 44 نائب..
زعيم أنصار الله في خطاب يدعوا إلى التخفيف والاهتمام بأحوال الناس، وفي اليوم الثاني نشاهد مشاريع قوانين جبايات جديدة في مجلس النواب، وجرع ثقيلة تمشي في الشارع على قدمين..
كثير هي الأمثلة والمتناقضات، ونادراً ما نجد لها تفسيراً، وكثيراً لا نجد لها تفسير أو حتى ظن.
غريبة هذه البلاد حتى على أهلها !!
أحيانا لا نجد تفسيرا لبعض ما يحدث!
يعلنون عن توقيع اتفاق مع إيران لإنشاء بورصة في صنعاء، وفي اليوم الثاني يتم تقديم مشروع قانون إلى مجلس نواب صنعاء لمنع ما يصطلحون عليه "المعاملات الربوية".
أنشأوا في وقت سابق هيئة مصالحة، وفي اليوم التالي تم إسقاط عضوية 44 نائب..
زعيم أنصار الله في خطاب يدعوا إلى التخفيف والاهتمام بأحوال الناس، وفي اليوم الثاني نشاهد مشاريع قوانين جبايات جديدة في مجلس النواب، وجرع ثقيلة تمشي في الشارع على قدمين..
كثير هي الأمثلة والمتناقضات، ونادراً ما نجد لها تفسيراً، وكثيراً لا نجد لها تفسير أو حتى ظن.
غريبة هذه البلاد حتى على أهلها !!
❤2
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
السعودية تعطِّف ونحن عادنا بدأنا نفرش.
السعودية مملكة تشهد ثورة اجتماعية عارمة في المجتمع الذي بات يغادر كوابحه وماضية، ويعيد صياغة وعيه من جديد، فكر وثقافة وتعليم وعادات وتقاليد..
فيما اليمن جمهورية تشهد تراجع حضاري صادم ومريع على كل الصعد والمستويات، وتكريس النفايات التي ثارت عليها المملكة نفسها.
شيء لا يصدّق..!!
مفارقة تحكي مدى المأساة التي نعيشها وتعيشها نخبنا البائسة..
السعودية تعطِّف ونحن عادنا بدأنا نفرش.
السعودية مملكة تشهد ثورة اجتماعية عارمة في المجتمع الذي بات يغادر كوابحه وماضية، ويعيد صياغة وعيه من جديد، فكر وثقافة وتعليم وعادات وتقاليد..
فيما اليمن جمهورية تشهد تراجع حضاري صادم ومريع على كل الصعد والمستويات، وتكريس النفايات التي ثارت عليها المملكة نفسها.
شيء لا يصدّق..!!
مفارقة تحكي مدى المأساة التي نعيشها وتعيشها نخبنا البائسة..
👍3
صنعاء .. “يمنات” ينفرد بنشر نص مشروع قانون لمنع المعاملات الربوية قدمته الحكومة لمجلس النواب
يمنات – خاص
قدمت حكومة الانقاذ بصنعاء مشروع قانون جديد إلى مجلس النواب لاقراره.
ومشروع القانون المقدم والذي حصل “يمنات” على نسخة منه يحمل اسم (منع المعاملات الربوية) ويتكون من ١٤ مادة.
كم يتضمن المشروع المقدم شرح حول أسباب تقديمه مكون من ١٦ صفحة.
يرى قانونيون ان مشروع هذا القانون سيسبب ارباك للجهاز المصرفي في اليمن، نظرا لتناقض بعض مواده مع قانون البنوك والقوانين ذات الصلة. مشيرين إلى ان المشروع بحاجة لدراسة مستفيضة من قبل فقهاء القانون وموأمته مع المنظومة القانونية، منعا لأي تعارض. مبدين مخاوفهم من حصول انتكاسة اقتصادية في حال تم اقرار القانون بصورته الحالية، لأن ذلك سيؤدي إلى تعطيل أعمال البنوك. متسائلين عن الجدوى من تقديم هذا المشروع في ظل وضع اقتصادي شبه منهار تعيشه البلاد، وانقسام النظام المصرفي بين صنعاء وعدن.
يمنات – خاص
قدمت حكومة الانقاذ بصنعاء مشروع قانون جديد إلى مجلس النواب لاقراره.
ومشروع القانون المقدم والذي حصل “يمنات” على نسخة منه يحمل اسم (منع المعاملات الربوية) ويتكون من ١٤ مادة.
كم يتضمن المشروع المقدم شرح حول أسباب تقديمه مكون من ١٦ صفحة.
يرى قانونيون ان مشروع هذا القانون سيسبب ارباك للجهاز المصرفي في اليمن، نظرا لتناقض بعض مواده مع قانون البنوك والقوانين ذات الصلة. مشيرين إلى ان المشروع بحاجة لدراسة مستفيضة من قبل فقهاء القانون وموأمته مع المنظومة القانونية، منعا لأي تعارض. مبدين مخاوفهم من حصول انتكاسة اقتصادية في حال تم اقرار القانون بصورته الحالية، لأن ذلك سيؤدي إلى تعطيل أعمال البنوك. متسائلين عن الجدوى من تقديم هذا المشروع في ظل وضع اقتصادي شبه منهار تعيشه البلاد، وانقسام النظام المصرفي بين صنعاء وعدن.
👍4
من مذكراتي
قصتي مع القات
(4)
أنا والمجنون !!
أحمد سيف حاشد
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=pfbid0nYSxcUZX4TmFCxSd9R9dSaigyT94jJLeo7Jp1oj4qvQ9gX3n8534fJHXW9AaoDRRl&id=100000484269812&mibextid=Nif5oz
فتحت الباب لأرى من طارقه؛ فرأيت صديقي وزميلي العزيز صالح عبدالله، والمشهور باسم "الشرعية"، بقامته الفارعة وابتسامته التي تشعرك بألفة عذبة، ودفقة من محبة.. جمعتنا صداقة لا تخلوا من حميمية، فيها انسجام أرواح وطبائع.. لطالما شدّتني إليه طيبته الخالصة، وبعض من نقاء نادر.. هو من محافظة أبين التي أقمتُ فيها عامين ولم أعرفه فيها، ولم أعرفه في عدن التي سكنتها وسكنتني، وإنما عرفته وزاملته وجاورته لفترة في العاصمة صنعاء.
كان يومها هو رئيسا للنيابة العسكرية في المنطقة الشرقية، والتي يشمل نطاق اختصاصها محافظتي حضرموت و"المهره" فيما كنتُ يومها رئيساً للمحكمة العسكرية المركزية في صنعاء.. كان هذا على الأرجح عام 1997.
فاجأني صديقي صالح بزيارته المباغتة دون موعد سابق.. جاء بغرض المقيل معي فيما لازالت علاقتي مع القات في غير وئام، لا أنجر إليه إلا محرجاً أو فيما هو مُلِح، وأول ما أنتهي منه أشعر بكدر وقرف وكآبة.
أهمية لقائي بصديقي صالح هو في كونه يأتي بعد غياب أمتد لشهور طويلة على غير ما أعتدنا عليه، وما يحمله من أخبار المحافظات البعيدة يستحق المقيل؛ وقبل هذا هو عز ونعم الصديق، وما بيننا من شجن يستحق الحفاوة والاهتمام.. رفضتُ عرضه بمقاسمة قاته أو فائضه، فالسوق قريب منّا إن لم يكن على مرمى حجر.. هرعتُ إلى السوق دون مهل.
كنتُ يومها أقيم في منزل واقع بين نهاية شارع "مزدا" وسور الهيئة العامة للمياه المجاورة لسلاح الصيانة في "الحصبة".. كانت الساعة قد تجاوزت الرابعة والنصف بعد العصر.. وجدت القات قد نفذ، والبائعون قد غادروا المكان، ولكنني شاهدت رجل متكوم يمضغ القات في زاوية من الرصيف في "الجولة التي يباع فيها القات.. خلته من بائعي القات.. قلتُ لنفسي: إن القدر لا يريد أن يخذلني مع ضيفي، أو يعيدني من السوق خالي الوفاض، وأعود إلى عرضٍ رفضته.
شاهدتُ أمام الرجل كيس غامق اللون، مصنوع من مادة "النايلون" محشواً بأوراق القات.. ولظنّي أنه أحد بائعي القات، اتجهت نحوه بخطوات حثيثة، وقد أحسست أنني لن أعود من السوق بخيبتي مكسوراً، بل شعرتُ أن لي في الحظ بقية ونصيب.
جلست أمامه القرفصاء، ولكن على نحو لا يخلو من ملامح الاستعجال.
قلت له:
- اقطب.. بكم هذا القات يا حاج؟!
فأجاب دون تردد: بسبعين ريال.
لم أفكر بمساومته، فالسعر "عرطة العرطات" تجعل من المساومة عبثاً وغبناً فاحشاً بحق البائع الطيب. سبعون ريالاً مبلغ لا يقبل المساومة، فهو يكاد يكون مجاناً، والقات في تلك الساعة المتأخرة لا يوجد عند رجل آخر غيره.
شعرتُ أن الرجل أنقذني من إحراج صديقي، وجنبني مقاسمة قات ضيفي، وأخرجني من ورطة العودة بخفي حنين.. أحسست بالامتنان للرجل الذي أغرقني بطيبته.. أعطيته مائة ريال، واستدركت بالقول له: الباقي على شأنك. فيما هو كان قد دسّها في جيبه، دون أن يهتم بإعادة أي شيء.
كان يفترض أن الرخص الباذخ للقات ـ حتى وإن كان السوق بواراً ـ وكثرته اللافتة تثير استغرابي وسؤالي، غير أن هذا لم يحدث ربما بسبب عجلي وغربتي في أمور القات، وأكثر منها سبب أهم يجعلني لا أكترث ولا أهتم بما يهتم به الآخرون من ماضغي القات، حيث يكفيني أنّي أنا من سيمضغ القات لا أحد سواي، وطالما هو يؤدي دوره في المقيل، ويثبت أنّي مخزّن مع من معي، فهو أمر يكفيني، ولا أحتاج أكثر من هذا.
أجفلتُ راضياً عن البائع إلى حد بعيد، ومتجمل منه كمنقذ في توفير حاجتي التي بدت لي ماسة، وفي وقت بدا لي عصيباً.. لم أكن أعلم أنه مجنوناً، وأن كيس القات الذي أمامه، إنما هو نفايات وتوالف قات لا يُشترى ولا يُمضغ، وغير صالح للاستخدام الآدمي، بل ربما تعافه أيضاً الأغنام وتأبى أن تأكله.. أوراق قات متهالكة وتالفة، وبعضها قاسٍ يُستصعب مضغه.. أوراق قات لفلفها الرجل من أمكنة بيع القات وزوايا وحواف الرصيف.. بعض الأوراق ربما مرت عليه الأقدام والأحذية.. حشاها في الكيس، وتعاطى منه، وجلب له الحظ زبون طيب مثلي، ليشتري منه ويمتن له.
بدأنا المقيل أنا وصديقي وبيننا جسر من المودة والشجون.. لأول وهلة لفت كيس القات الكبير نظر زميلي.. كان القات الذي يحتويه يكفي قرية، ولكنه أحجم عن الفضول والسؤال تأدباً وتحاشياً لإي إحراج.
بدأتُ بإخراج بعض وريقات القات من الكيس.. كانت أوراق مفلطحة وعريضة.. بعضها مهترئ، وبعضها قاس وسميك ومتسخ.. كنت أضع الورقة على سروالي فوق فخضي، وأمسحها براحة يدي، ثم أعطفها أربعا أو خمسا، قبل أن أحشيها في فمي.. أول مرة أشعر إن ذلك القات يستقر في فمي وقت أطول قبل أن يغادر إلى بلعومي ومعدتي، غير أن ما كان عالقا بالقات من تراب وغيره ترك أثره المغبر على سروالي على نحو واضح ولافت.
قصتي مع القات
(4)
أنا والمجنون !!
أحمد سيف حاشد
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=pfbid0nYSxcUZX4TmFCxSd9R9dSaigyT94jJLeo7Jp1oj4qvQ9gX3n8534fJHXW9AaoDRRl&id=100000484269812&mibextid=Nif5oz
فتحت الباب لأرى من طارقه؛ فرأيت صديقي وزميلي العزيز صالح عبدالله، والمشهور باسم "الشرعية"، بقامته الفارعة وابتسامته التي تشعرك بألفة عذبة، ودفقة من محبة.. جمعتنا صداقة لا تخلوا من حميمية، فيها انسجام أرواح وطبائع.. لطالما شدّتني إليه طيبته الخالصة، وبعض من نقاء نادر.. هو من محافظة أبين التي أقمتُ فيها عامين ولم أعرفه فيها، ولم أعرفه في عدن التي سكنتها وسكنتني، وإنما عرفته وزاملته وجاورته لفترة في العاصمة صنعاء.
كان يومها هو رئيسا للنيابة العسكرية في المنطقة الشرقية، والتي يشمل نطاق اختصاصها محافظتي حضرموت و"المهره" فيما كنتُ يومها رئيساً للمحكمة العسكرية المركزية في صنعاء.. كان هذا على الأرجح عام 1997.
فاجأني صديقي صالح بزيارته المباغتة دون موعد سابق.. جاء بغرض المقيل معي فيما لازالت علاقتي مع القات في غير وئام، لا أنجر إليه إلا محرجاً أو فيما هو مُلِح، وأول ما أنتهي منه أشعر بكدر وقرف وكآبة.
أهمية لقائي بصديقي صالح هو في كونه يأتي بعد غياب أمتد لشهور طويلة على غير ما أعتدنا عليه، وما يحمله من أخبار المحافظات البعيدة يستحق المقيل؛ وقبل هذا هو عز ونعم الصديق، وما بيننا من شجن يستحق الحفاوة والاهتمام.. رفضتُ عرضه بمقاسمة قاته أو فائضه، فالسوق قريب منّا إن لم يكن على مرمى حجر.. هرعتُ إلى السوق دون مهل.
كنتُ يومها أقيم في منزل واقع بين نهاية شارع "مزدا" وسور الهيئة العامة للمياه المجاورة لسلاح الصيانة في "الحصبة".. كانت الساعة قد تجاوزت الرابعة والنصف بعد العصر.. وجدت القات قد نفذ، والبائعون قد غادروا المكان، ولكنني شاهدت رجل متكوم يمضغ القات في زاوية من الرصيف في "الجولة التي يباع فيها القات.. خلته من بائعي القات.. قلتُ لنفسي: إن القدر لا يريد أن يخذلني مع ضيفي، أو يعيدني من السوق خالي الوفاض، وأعود إلى عرضٍ رفضته.
شاهدتُ أمام الرجل كيس غامق اللون، مصنوع من مادة "النايلون" محشواً بأوراق القات.. ولظنّي أنه أحد بائعي القات، اتجهت نحوه بخطوات حثيثة، وقد أحسست أنني لن أعود من السوق بخيبتي مكسوراً، بل شعرتُ أن لي في الحظ بقية ونصيب.
جلست أمامه القرفصاء، ولكن على نحو لا يخلو من ملامح الاستعجال.
قلت له:
- اقطب.. بكم هذا القات يا حاج؟!
فأجاب دون تردد: بسبعين ريال.
لم أفكر بمساومته، فالسعر "عرطة العرطات" تجعل من المساومة عبثاً وغبناً فاحشاً بحق البائع الطيب. سبعون ريالاً مبلغ لا يقبل المساومة، فهو يكاد يكون مجاناً، والقات في تلك الساعة المتأخرة لا يوجد عند رجل آخر غيره.
شعرتُ أن الرجل أنقذني من إحراج صديقي، وجنبني مقاسمة قات ضيفي، وأخرجني من ورطة العودة بخفي حنين.. أحسست بالامتنان للرجل الذي أغرقني بطيبته.. أعطيته مائة ريال، واستدركت بالقول له: الباقي على شأنك. فيما هو كان قد دسّها في جيبه، دون أن يهتم بإعادة أي شيء.
كان يفترض أن الرخص الباذخ للقات ـ حتى وإن كان السوق بواراً ـ وكثرته اللافتة تثير استغرابي وسؤالي، غير أن هذا لم يحدث ربما بسبب عجلي وغربتي في أمور القات، وأكثر منها سبب أهم يجعلني لا أكترث ولا أهتم بما يهتم به الآخرون من ماضغي القات، حيث يكفيني أنّي أنا من سيمضغ القات لا أحد سواي، وطالما هو يؤدي دوره في المقيل، ويثبت أنّي مخزّن مع من معي، فهو أمر يكفيني، ولا أحتاج أكثر من هذا.
أجفلتُ راضياً عن البائع إلى حد بعيد، ومتجمل منه كمنقذ في توفير حاجتي التي بدت لي ماسة، وفي وقت بدا لي عصيباً.. لم أكن أعلم أنه مجنوناً، وأن كيس القات الذي أمامه، إنما هو نفايات وتوالف قات لا يُشترى ولا يُمضغ، وغير صالح للاستخدام الآدمي، بل ربما تعافه أيضاً الأغنام وتأبى أن تأكله.. أوراق قات متهالكة وتالفة، وبعضها قاسٍ يُستصعب مضغه.. أوراق قات لفلفها الرجل من أمكنة بيع القات وزوايا وحواف الرصيف.. بعض الأوراق ربما مرت عليه الأقدام والأحذية.. حشاها في الكيس، وتعاطى منه، وجلب له الحظ زبون طيب مثلي، ليشتري منه ويمتن له.
بدأنا المقيل أنا وصديقي وبيننا جسر من المودة والشجون.. لأول وهلة لفت كيس القات الكبير نظر زميلي.. كان القات الذي يحتويه يكفي قرية، ولكنه أحجم عن الفضول والسؤال تأدباً وتحاشياً لإي إحراج.
بدأتُ بإخراج بعض وريقات القات من الكيس.. كانت أوراق مفلطحة وعريضة.. بعضها مهترئ، وبعضها قاس وسميك ومتسخ.. كنت أضع الورقة على سروالي فوق فخضي، وأمسحها براحة يدي، ثم أعطفها أربعا أو خمسا، قبل أن أحشيها في فمي.. أول مرة أشعر إن ذلك القات يستقر في فمي وقت أطول قبل أن يغادر إلى بلعومي ومعدتي، غير أن ما كان عالقا بالقات من تراب وغيره ترك أثره المغبر على سروالي على نحو واضح ولافت.
Facebook
Log in or sign up to view
See posts, photos and more on Facebook.
ذكّرني مشهد ما أفعله، برجل في "طور الباحة" كان معه بعير، كان الرجل يقوم بتعطيف أورق اشجار الموز وأحيانا زرع ذو أوراق عريضة، حتى يصيُّرها بشكل حزمة صغيرة، ثم يحشيها في فم البعير.. نعم، إنه تشبيه مع الفارق، والفارق هنا أنني كنتُ أعتمد على نفسي، فأنا من يعطّف أوراق القات، وأحشيها في فمي، دون مساعدة من أحد.
بدأ صديقي يلحظ أن ما أفعله غير طبيعي، وبدأ يشعر بحالة احتدام داخلي مع فضوله يخامره إحراج اللحظة، فيما كنت أنا أتصرف على نحو بارد وغير مبالٍ، ولا يبدو عليّ أي استغراب أو دهشة وكأني أمتحن أعصاب صديقي.. حاشا أن أفعل هذا، ولكن جرت الأمور على ذلك النحو دون علمي وإدراكي أن طريقتي وما أفعله كان مستفزاً إلى حدٍ بعيد.
بدأتُ أعثر في كيس القات على ربلات ومرابط.. أغطية متهتكة لقناني مياه معدنية.. كنتُ ما أجده أرمي به ارضاً دون مبالاة، واستأنفت مضغ القات، وأبدو أمام صديقي مهتماً ومندمجاً بحديث أخباره الحافلة، والتي لا تعكر انسيابها وتدفقها غير المطبات التي كانت تنقله شارداً إلى ما أفعله أمامه.. ما أفعله كان يخرجه من سياقه وانهماكه في الحديث لينشغل بدلا عنه بحركاتي المقرونة ببرود رجل كأنه يقصد استفزاز صاحبه.
لقد كان صديقي يعاني ويغتلي في جواري، ولم يعد يستطع ان يتمالك أعصابه، أو يمنع فضوله من التدخل والسؤال.. كل شيء كان يحدث يثيره ويستفزه فيما هو يحاول قمع ردود فعله بأعصاب تحاول أن تلوذ بثبات لا يخلوا من هشاشة.
ما أخرجه من الكيس من توالف وبقايا أشياء كان يشد الانتباه والنظر دون أن أحاول مداراة ما أفعله، بديتُ وكأنني جريئا بما أفعله، ابتدأ بإخراج أوراق القات من الكيس، ورمي ما أعثر عليه من أشياء في كيس القات، وطريقتي في التعاطي مع كل ذلك، والتي لا تخلوا من براءة وتلقائية، وأكثر من ذلك هدوئي وبرودي في طريقة تنظيفي لأوراق القات، وتعطيفها، قبل أن أحشيها في فمي.. بديت في هيئة رجل أبله لا يكترث ولا يبالي بمن حوله، وبما يفعل.
بعد معاناة زميلي مما يحدث، لم يستطع حبس فضوله أكثر، وأفلت سؤاله عن لجامه بعد معاناة وصبر ثقيل:
- بكم اشتريت القات؟!!
فأجبته بتلقائية وبرود أعصاب: هو طلب سبعين ريال، وأنا أعطيته مائة ريال.. ما كان باقي قات في "المقوت" إلا عنده.. السعر والله "عرطة العرطات"..
ما كان يطفح به صديقي من فضول مكتوم داخله أنني أتحدث بتلقائية وبساطة، ودون أي تكلّف أو مراعاة لأصول المقيل، ولضيفي الذي فاض به الكيل دون أن أعلم.. كانت المفارقة كبيرة بين ما أفعله في تلك اللحظة، وما لدى زميلي من حيرة واستفزاز وفضول مقموع بحيائه.. إنه مشهداً يستحق أن يكون بعض من عمل مسرحي كوميدي بامتياز.
كابد صديقي كثيراً ولم يعد يتحمل مزيداً من إطرائي على بايع القات، وسعره "العرطة" التي ظفرت به.. نفذ صبره وفاض تحمّله، وصار كبح فضوله غير ممكن؛ فمد يده وخطف من أمامي كيس القات كصقر وكأنه كان يرصده من أول المقيل.. أخذ يفتش في داخله بيده وأصابعه المتحفزّة.. ويخرج أشياء ومخلفات وقراطيس وأغطية، وفي كل مرة يخرج شيئا من الكيس كان يردد بدهشة وعجب: الله الله.. الله الله ويرمي به، ثم رمى بالكيس بما فيه إلى باب غرفة مقيلنا، وهو يقول: كل شيء موجود في الكيس.. ما عاد شيء إلا الحنشان.. ثم قسم قاته، وحلف يمين أن لا أخزّن إلا من قاته.. فبرّيت بيمينه وتجنبت سجاله، غير أن ذلك لم يمنع من قهقهتي كمجنون بين حين وآخر، بعد أن بدأت أدرك سوء ما فعلت.
بعد يومين مررت أنا وصديقي في رصيف الشارع الذي يباع فيه القات، وشاهدت الرجل الذي باع لي القات.. شهقتُ ثم قلت:
- هذا هو.. هذا هو الذي باع لي القات.. هذا الذي باع لي القات!!
فرد صديقي:
هذا مجنون!! ما تشوف القراطيس الذي فوق رأسه!!
كان رأسه معصوباً بقراطيس "النايلون" الملونة، ومرابط أخرى، ومشقّر بشرايح قراطيس سجائر محلية.
فأجبت وقد أدركتُ ورطتي:
- يا أخي أنا أصلاً ما كنتُ مركّز على رأس الرجال.. أنا كنت مركّز على القات.
فانطلقت قهقهتنا رغم إرادتنا كصوت رشاش، استرعت انتباه المارة.. ألتفت البعض إلى مصدر الصوت مستغرباً، ومنهم من توقف يبحث عن سبب القهقهة..!!
***
بدأ صديقي يلحظ أن ما أفعله غير طبيعي، وبدأ يشعر بحالة احتدام داخلي مع فضوله يخامره إحراج اللحظة، فيما كنت أنا أتصرف على نحو بارد وغير مبالٍ، ولا يبدو عليّ أي استغراب أو دهشة وكأني أمتحن أعصاب صديقي.. حاشا أن أفعل هذا، ولكن جرت الأمور على ذلك النحو دون علمي وإدراكي أن طريقتي وما أفعله كان مستفزاً إلى حدٍ بعيد.
بدأتُ أعثر في كيس القات على ربلات ومرابط.. أغطية متهتكة لقناني مياه معدنية.. كنتُ ما أجده أرمي به ارضاً دون مبالاة، واستأنفت مضغ القات، وأبدو أمام صديقي مهتماً ومندمجاً بحديث أخباره الحافلة، والتي لا تعكر انسيابها وتدفقها غير المطبات التي كانت تنقله شارداً إلى ما أفعله أمامه.. ما أفعله كان يخرجه من سياقه وانهماكه في الحديث لينشغل بدلا عنه بحركاتي المقرونة ببرود رجل كأنه يقصد استفزاز صاحبه.
لقد كان صديقي يعاني ويغتلي في جواري، ولم يعد يستطع ان يتمالك أعصابه، أو يمنع فضوله من التدخل والسؤال.. كل شيء كان يحدث يثيره ويستفزه فيما هو يحاول قمع ردود فعله بأعصاب تحاول أن تلوذ بثبات لا يخلوا من هشاشة.
ما أخرجه من الكيس من توالف وبقايا أشياء كان يشد الانتباه والنظر دون أن أحاول مداراة ما أفعله، بديتُ وكأنني جريئا بما أفعله، ابتدأ بإخراج أوراق القات من الكيس، ورمي ما أعثر عليه من أشياء في كيس القات، وطريقتي في التعاطي مع كل ذلك، والتي لا تخلوا من براءة وتلقائية، وأكثر من ذلك هدوئي وبرودي في طريقة تنظيفي لأوراق القات، وتعطيفها، قبل أن أحشيها في فمي.. بديت في هيئة رجل أبله لا يكترث ولا يبالي بمن حوله، وبما يفعل.
بعد معاناة زميلي مما يحدث، لم يستطع حبس فضوله أكثر، وأفلت سؤاله عن لجامه بعد معاناة وصبر ثقيل:
- بكم اشتريت القات؟!!
فأجبته بتلقائية وبرود أعصاب: هو طلب سبعين ريال، وأنا أعطيته مائة ريال.. ما كان باقي قات في "المقوت" إلا عنده.. السعر والله "عرطة العرطات"..
ما كان يطفح به صديقي من فضول مكتوم داخله أنني أتحدث بتلقائية وبساطة، ودون أي تكلّف أو مراعاة لأصول المقيل، ولضيفي الذي فاض به الكيل دون أن أعلم.. كانت المفارقة كبيرة بين ما أفعله في تلك اللحظة، وما لدى زميلي من حيرة واستفزاز وفضول مقموع بحيائه.. إنه مشهداً يستحق أن يكون بعض من عمل مسرحي كوميدي بامتياز.
كابد صديقي كثيراً ولم يعد يتحمل مزيداً من إطرائي على بايع القات، وسعره "العرطة" التي ظفرت به.. نفذ صبره وفاض تحمّله، وصار كبح فضوله غير ممكن؛ فمد يده وخطف من أمامي كيس القات كصقر وكأنه كان يرصده من أول المقيل.. أخذ يفتش في داخله بيده وأصابعه المتحفزّة.. ويخرج أشياء ومخلفات وقراطيس وأغطية، وفي كل مرة يخرج شيئا من الكيس كان يردد بدهشة وعجب: الله الله.. الله الله ويرمي به، ثم رمى بالكيس بما فيه إلى باب غرفة مقيلنا، وهو يقول: كل شيء موجود في الكيس.. ما عاد شيء إلا الحنشان.. ثم قسم قاته، وحلف يمين أن لا أخزّن إلا من قاته.. فبرّيت بيمينه وتجنبت سجاله، غير أن ذلك لم يمنع من قهقهتي كمجنون بين حين وآخر، بعد أن بدأت أدرك سوء ما فعلت.
بعد يومين مررت أنا وصديقي في رصيف الشارع الذي يباع فيه القات، وشاهدت الرجل الذي باع لي القات.. شهقتُ ثم قلت:
- هذا هو.. هذا هو الذي باع لي القات.. هذا الذي باع لي القات!!
فرد صديقي:
هذا مجنون!! ما تشوف القراطيس الذي فوق رأسه!!
كان رأسه معصوباً بقراطيس "النايلون" الملونة، ومرابط أخرى، ومشقّر بشرايح قراطيس سجائر محلية.
فأجبت وقد أدركتُ ورطتي:
- يا أخي أنا أصلاً ما كنتُ مركّز على رأس الرجال.. أنا كنت مركّز على القات.
فانطلقت قهقهتنا رغم إرادتنا كصوت رشاش، استرعت انتباه المارة.. ألتفت البعض إلى مصدر الصوت مستغرباً، ومنهم من توقف يبحث عن سبب القهقهة..!!
***
من مذكراتي
قصتي مع القات
(4)
أنا والمجنون !!
أحمد سيف حاشد
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=pfbid0nYSxcUZX4TmFCxSd9R9dSaigyT94jJLeo7Jp1oj4qvQ9gX3n8534fJHXW9AaoDRRl&id=100000484269812&mibextid=Nif5oz
فتحت الباب لأرى من طارقه؛ فرأيت صديقي وزميلي العزيز صالح عبدالله، والمشهور باسم "الشرعية"، بقامته الفارعة وابتسامته التي تشعرك بألفة عذبة، ودفقة من محبة.. جمعتنا صداقة لا تخلوا من حميمية، فيها انسجام أرواح وطبائع.. لطالما شدّتني إليه طيبته الخالصة، وبعض من نقاء نادر.. هو من محافظة أبين التي أقمتُ فيها عامين ولم أعرفه فيها، ولم أعرفه في عدن التي سكنتها وسكنتني، وإنما عرفته وزاملته وجاورته لفترة في العاصمة صنعاء.
كان يومها هو رئيسا للنيابة العسكرية في المنطقة الشرقية، والتي يشمل نطاق اختصاصها محافظتي حضرموت و"المهره" فيما كنتُ يومها رئيساً للمحكمة العسكرية المركزية في صنعاء.. كان هذا على الأرجح عام 1997.
فاجأني صديقي صالح بزيارته المباغتة دون موعد سابق.. جاء بغرض المقيل معي فيما لازالت علاقتي مع القات في غير وئام، لا أنجر إليه إلا محرجاً أو فيما هو مُلِح، وأول ما أنتهي منه أشعر بكدر وقرف وكآبة.
أهمية لقائي بصديقي صالح هو في كونه يأتي بعد غياب أمتد لشهور طويلة على غير ما أعتدنا عليه، وما يحمله من أخبار المحافظات البعيدة يستحق المقيل؛ وقبل هذا هو عز ونعم الصديق، وما بيننا من شجن يستحق الحفاوة والاهتمام.. رفضتُ عرضه بمقاسمة قاته أو فائضه، فالسوق قريب منّا إن لم يكن على مرمى حجر.. هرعتُ إلى السوق دون مهل.
كنتُ يومها أقيم في منزل واقع بين نهاية شارع "مزدا" وسور الهيئة العامة للمياه المجاورة لسلاح الصيانة في "الحصبة".. كانت الساعة قد تجاوزت الرابعة والنصف بعد العصر.. وجدت القات قد نفذ، والبائعون قد غادروا المكان، ولكنني شاهدت رجل متكوم يمضغ القات في زاوية من الرصيف في "الجولة التي يباع فيها القات.. خلته من بائعي القات.. قلتُ لنفسي: إن القدر لا يريد أن يخذلني مع ضيفي، أو يعيدني من السوق خالي الوفاض، وأعود إلى عرضٍ رفضته.
شاهدتُ أمام الرجل كيس غامق اللون، مصنوع من مادة "النايلون" محشواً بأوراق القات.. ولظنّي أنه أحد بائعي القات، اتجهت نحوه بخطوات حثيثة، وقد أحسست أنني لن أعود من السوق بخيبتي مكسوراً، بل شعرتُ أن لي في الحظ بقية ونصيب.
جلست أمامه القرفصاء، ولكن على نحو لا يخلو من ملامح الاستعجال.
قلت له:
- اقطب.. بكم هذا القات يا حاج؟!
فأجاب دون تردد: بسبعين ريال.
لم أفكر بمساومته، فالسعر "عرطة العرطات" تجعل من المساومة عبثاً وغبناً فاحشاً بحق البائع الطيب. سبعون ريالاً مبلغ لا يقبل المساومة، فهو يكاد يكون مجاناً، والقات في تلك الساعة المتأخرة لا يوجد عند رجل آخر غيره.
شعرتُ أن الرجل أنقذني من إحراج صديقي، وجنبني مقاسمة قات ضيفي، وأخرجني من ورطة العودة بخفي حنين.. أحسست بالامتنان للرجل الذي أغرقني بطيبته.. أعطيته مائة ريال، واستدركت بالقول له: الباقي على شأنك. فيما هو كان قد دسّها في جيبه، دون أن يهتم بإعادة أي شيء.
كان يفترض أن الرخص الباذخ للقات ـ حتى وإن كان السوق بواراً ـ وكثرته اللافتة تثير استغرابي وسؤالي، غير أن هذا لم يحدث ربما بسبب عجلي وغربتي في أمور القات، وأكثر منها سبب أهم يجعلني لا أكترث ولا أهتم بما يهتم به الآخرون من ماضغي القات، حيث يكفيني أنّي أنا من سيمضغ القات لا أحد سواي، وطالما هو يؤدي دوره في المقيل، ويثبت أنّي مخزّن مع من معي، فهو أمر يكفيني، ولا أحتاج أكثر من هذا.
أجفلتُ راضياً عن البائع إلى حد بعيد، ومتجمل منه كمنقذ في توفير حاجتي التي بدت لي ماسة، وفي وقت بدا لي عصيباً.. لم أكن أعلم أنه مجنوناً، وأن كيس القات الذي أمامه، إنما هو نفايات وتوالف قات لا يُشترى ولا يُمضغ، وغير صالح للاستخدام الآدمي، بل ربما تعافه أيضاً الأغنام وتأبى أن تأكله.. أوراق قات متهالكة وتالفة، وبعضها قاسٍ يُستصعب مضغه.. أوراق قات لفلفها الرجل من أمكنة بيع القات وزوايا وحواف الرصيف.. بعض الأوراق ربما مرت عليه الأقدام والأحذية.. حشاها في الكيس، وتعاطى منه، وجلب له الحظ زبون طيب مثلي، ليشتري منه ويمتن له.
بدأنا المقيل أنا وصديقي وبيننا جسر من المودة والشجون.. لأول وهلة لفت كيس القات الكبير نظر زميلي.. كان القات الذي يحتويه يكفي قرية، ولكنه أحجم عن الفضول والسؤال تأدباً وتحاشياً لإي إحراج.
بدأتُ بإخراج بعض وريقات القات من الكيس.. كانت أوراق مفلطحة وعريضة.. بعضها مهترئ، وبعضها قاس وسميك ومتسخ.. كنت أضع الورقة على سروالي فوق فخضي، وأمسحها براحة يدي، ثم أعطفها أربعا أو خمسا، قبل أن أحشيها في فمي.. أول مرة أشعر إن ذلك القات يستقر في فمي وقت أطول قبل أن يغادر إلى بلعومي ومعدتي، غير أن ما كان عالقا بالقات من تراب وغيره ترك أثره المغبر على سروالي على نحو واضح ولافت.
قصتي مع القات
(4)
أنا والمجنون !!
أحمد سيف حاشد
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=pfbid0nYSxcUZX4TmFCxSd9R9dSaigyT94jJLeo7Jp1oj4qvQ9gX3n8534fJHXW9AaoDRRl&id=100000484269812&mibextid=Nif5oz
فتحت الباب لأرى من طارقه؛ فرأيت صديقي وزميلي العزيز صالح عبدالله، والمشهور باسم "الشرعية"، بقامته الفارعة وابتسامته التي تشعرك بألفة عذبة، ودفقة من محبة.. جمعتنا صداقة لا تخلوا من حميمية، فيها انسجام أرواح وطبائع.. لطالما شدّتني إليه طيبته الخالصة، وبعض من نقاء نادر.. هو من محافظة أبين التي أقمتُ فيها عامين ولم أعرفه فيها، ولم أعرفه في عدن التي سكنتها وسكنتني، وإنما عرفته وزاملته وجاورته لفترة في العاصمة صنعاء.
كان يومها هو رئيسا للنيابة العسكرية في المنطقة الشرقية، والتي يشمل نطاق اختصاصها محافظتي حضرموت و"المهره" فيما كنتُ يومها رئيساً للمحكمة العسكرية المركزية في صنعاء.. كان هذا على الأرجح عام 1997.
فاجأني صديقي صالح بزيارته المباغتة دون موعد سابق.. جاء بغرض المقيل معي فيما لازالت علاقتي مع القات في غير وئام، لا أنجر إليه إلا محرجاً أو فيما هو مُلِح، وأول ما أنتهي منه أشعر بكدر وقرف وكآبة.
أهمية لقائي بصديقي صالح هو في كونه يأتي بعد غياب أمتد لشهور طويلة على غير ما أعتدنا عليه، وما يحمله من أخبار المحافظات البعيدة يستحق المقيل؛ وقبل هذا هو عز ونعم الصديق، وما بيننا من شجن يستحق الحفاوة والاهتمام.. رفضتُ عرضه بمقاسمة قاته أو فائضه، فالسوق قريب منّا إن لم يكن على مرمى حجر.. هرعتُ إلى السوق دون مهل.
كنتُ يومها أقيم في منزل واقع بين نهاية شارع "مزدا" وسور الهيئة العامة للمياه المجاورة لسلاح الصيانة في "الحصبة".. كانت الساعة قد تجاوزت الرابعة والنصف بعد العصر.. وجدت القات قد نفذ، والبائعون قد غادروا المكان، ولكنني شاهدت رجل متكوم يمضغ القات في زاوية من الرصيف في "الجولة التي يباع فيها القات.. خلته من بائعي القات.. قلتُ لنفسي: إن القدر لا يريد أن يخذلني مع ضيفي، أو يعيدني من السوق خالي الوفاض، وأعود إلى عرضٍ رفضته.
شاهدتُ أمام الرجل كيس غامق اللون، مصنوع من مادة "النايلون" محشواً بأوراق القات.. ولظنّي أنه أحد بائعي القات، اتجهت نحوه بخطوات حثيثة، وقد أحسست أنني لن أعود من السوق بخيبتي مكسوراً، بل شعرتُ أن لي في الحظ بقية ونصيب.
جلست أمامه القرفصاء، ولكن على نحو لا يخلو من ملامح الاستعجال.
قلت له:
- اقطب.. بكم هذا القات يا حاج؟!
فأجاب دون تردد: بسبعين ريال.
لم أفكر بمساومته، فالسعر "عرطة العرطات" تجعل من المساومة عبثاً وغبناً فاحشاً بحق البائع الطيب. سبعون ريالاً مبلغ لا يقبل المساومة، فهو يكاد يكون مجاناً، والقات في تلك الساعة المتأخرة لا يوجد عند رجل آخر غيره.
شعرتُ أن الرجل أنقذني من إحراج صديقي، وجنبني مقاسمة قات ضيفي، وأخرجني من ورطة العودة بخفي حنين.. أحسست بالامتنان للرجل الذي أغرقني بطيبته.. أعطيته مائة ريال، واستدركت بالقول له: الباقي على شأنك. فيما هو كان قد دسّها في جيبه، دون أن يهتم بإعادة أي شيء.
كان يفترض أن الرخص الباذخ للقات ـ حتى وإن كان السوق بواراً ـ وكثرته اللافتة تثير استغرابي وسؤالي، غير أن هذا لم يحدث ربما بسبب عجلي وغربتي في أمور القات، وأكثر منها سبب أهم يجعلني لا أكترث ولا أهتم بما يهتم به الآخرون من ماضغي القات، حيث يكفيني أنّي أنا من سيمضغ القات لا أحد سواي، وطالما هو يؤدي دوره في المقيل، ويثبت أنّي مخزّن مع من معي، فهو أمر يكفيني، ولا أحتاج أكثر من هذا.
أجفلتُ راضياً عن البائع إلى حد بعيد، ومتجمل منه كمنقذ في توفير حاجتي التي بدت لي ماسة، وفي وقت بدا لي عصيباً.. لم أكن أعلم أنه مجنوناً، وأن كيس القات الذي أمامه، إنما هو نفايات وتوالف قات لا يُشترى ولا يُمضغ، وغير صالح للاستخدام الآدمي، بل ربما تعافه أيضاً الأغنام وتأبى أن تأكله.. أوراق قات متهالكة وتالفة، وبعضها قاسٍ يُستصعب مضغه.. أوراق قات لفلفها الرجل من أمكنة بيع القات وزوايا وحواف الرصيف.. بعض الأوراق ربما مرت عليه الأقدام والأحذية.. حشاها في الكيس، وتعاطى منه، وجلب له الحظ زبون طيب مثلي، ليشتري منه ويمتن له.
بدأنا المقيل أنا وصديقي وبيننا جسر من المودة والشجون.. لأول وهلة لفت كيس القات الكبير نظر زميلي.. كان القات الذي يحتويه يكفي قرية، ولكنه أحجم عن الفضول والسؤال تأدباً وتحاشياً لإي إحراج.
بدأتُ بإخراج بعض وريقات القات من الكيس.. كانت أوراق مفلطحة وعريضة.. بعضها مهترئ، وبعضها قاس وسميك ومتسخ.. كنت أضع الورقة على سروالي فوق فخضي، وأمسحها براحة يدي، ثم أعطفها أربعا أو خمسا، قبل أن أحشيها في فمي.. أول مرة أشعر إن ذلك القات يستقر في فمي وقت أطول قبل أن يغادر إلى بلعومي ومعدتي، غير أن ما كان عالقا بالقات من تراب وغيره ترك أثره المغبر على سروالي على نحو واضح ولافت.
Facebook
Log in or sign up to view
See posts, photos and more on Facebook.
ذكّرني مشهد ما أفعله، برجل في "طور الباحة" كان معه بعير، كان الرجل يقوم بتعطيف أورق اشجار الموز وأحيانا زرع ذو أوراق عريضة، حتى يصيُّرها بشكل حزمة صغيرة، ثم يحشيها في فم البعير.. نعم، إنه تشبيه مع الفارق، والفارق هنا أنني كنتُ أعتمد على نفسي، فأنا من يعطّف أوراق القات، وأحشيها في فمي، دون مساعدة من أحد.
بدأ صديقي يلحظ أن ما أفعله غير طبيعي، وبدأ يشعر بحالة احتدام داخلي مع فضوله يخامره إحراج اللحظة، فيما كنت أنا أتصرف على نحو بارد وغير مبالٍ، ولا يبدو عليّ أي استغراب أو دهشة وكأني أمتحن أعصاب صديقي.. حاشا أن أفعل هذا، ولكن جرت الأمور على ذلك النحو دون علمي وإدراكي أن طريقتي وما أفعله كان مستفزاً إلى حدٍ بعيد.
بدأتُ أعثر في كيس القات على ربلات ومرابط.. أغطية متهتكة لقناني مياه معدنية.. كنتُ ما أجده أرمي به ارضاً دون مبالاة، واستأنفت مضغ القات، وأبدو أمام صديقي مهتماً ومندمجاً بحديث أخباره الحافلة، والتي لا تعكر انسيابها وتدفقها غير المطبات التي كانت تنقله شارداً إلى ما أفعله أمامه.. ما أفعله كان يخرجه من سياقه وانهماكه في الحديث لينشغل بدلا عنه بحركاتي المقرونة ببرود رجل كأنه يقصد استفزاز صاحبه.
لقد كان صديقي يعاني ويغتلي في جواري، ولم يعد يستطع ان يتمالك أعصابه، أو يمنع فضوله من التدخل والسؤال.. كل شيء كان يحدث يثيره ويستفزه فيما هو يحاول قمع ردود فعله بأعصاب تحاول أن تلوذ بثبات لا يخلوا من هشاشة.
ما أخرجه من الكيس من توالف وبقايا أشياء كان يشد الانتباه والنظر دون أن أحاول مداراة ما أفعله، بديتُ وكأنني جريئا بما أفعله، ابتدأ بإخراج أوراق القات من الكيس، ورمي ما أعثر عليه من أشياء في كيس القات، وطريقتي في التعاطي مع كل ذلك، والتي لا تخلوا من براءة وتلقائية، وأكثر من ذلك هدوئي وبرودي في طريقة تنظيفي لأوراق القات، وتعطيفها، قبل أن أحشيها في فمي.. بديت في هيئة رجل أبله لا يكترث ولا يبالي بمن حوله، وبما يفعل.
بعد معاناة زميلي مما يحدث، لم يستطع حبس فضوله أكثر، وأفلت سؤاله عن لجامه بعد معاناة وصبر ثقيل:
- بكم اشتريت القات؟!!
فأجبته بتلقائية وبرود أعصاب: هو طلب سبعين ريال، وأنا أعطيته مائة ريال.. ما كان باقي قات في "المقوت" إلا عنده.. السعر والله "عرطة العرطات"..
ما كان يطفح به صديقي من فضول مكتوم داخله أنني أتحدث بتلقائية وبساطة، ودون أي تكلّف أو مراعاة لأصول المقيل، ولضيفي الذي فاض به الكيل دون أن أعلم.. كانت المفارقة كبيرة بين ما أفعله في تلك اللحظة، وما لدى زميلي من حيرة واستفزاز وفضول مقموع بحيائه.. إنه مشهداً يستحق أن يكون بعض من عمل مسرحي كوميدي بامتياز.
كابد صديقي كثيراً ولم يعد يتحمل مزيداً من إطرائي على بايع القات، وسعره "العرطة" التي ظفرت به.. نفذ صبره وفاض تحمّله، وصار كبح فضوله غير ممكن؛ فمد يده وخطف من أمامي كيس القات كصقر وكأنه كان يرصده من أول المقيل.. أخذ يفتش في داخله بيده وأصابعه المتحفزّة.. ويخرج أشياء ومخلفات وقراطيس وأغطية، وفي كل مرة يخرج شيئا من الكيس كان يردد بدهشة وعجب: الله الله.. الله الله ويرمي به، ثم رمى بالكيس بما فيه إلى باب غرفة مقيلنا، وهو يقول: كل شيء موجود في الكيس.. ما عاد شيء إلا الحنشان.. ثم قسم قاته، وحلف يمين أن لا أخزّن إلا من قاته.. فبرّيت بيمينه وتجنبت سجاله، غير أن ذلك لم يمنع من قهقهتي كمجنون بين حين وآخر، بعد أن بدأت أدرك سوء ما فعلت.
بعد يومين مررت أنا وصديقي في رصيف الشارع الذي يباع فيه القات، وشاهدت الرجل الذي باع لي القات.. شهقتُ ثم قلت:
- هذا هو.. هذا هو الذي باع لي القات.. هذا الذي باع لي القات!!
فرد صديقي:
هذا مجنون!! ما تشوف القراطيس الذي فوق رأسه!!
كان رأسه معصوباً بقراطيس "النايلون" الملونة، ومرابط أخرى، ومشقّر بشرايح قراطيس سجائر محلية.
فأجبت وقد أدركتُ ورطتي:
- يا أخي أنا أصلاً ما كنتُ مركّز على رأس الرجال.. أنا كنت مركّز على القات.
فانطلقت قهقهتنا رغم إرادتنا كصوت رشاش، استرعت انتباه المارة.. ألتفت البعض إلى مصدر الصوت مستغرباً، ومنهم من توقف يبحث عن سبب القهقهة..!!
***
بدأ صديقي يلحظ أن ما أفعله غير طبيعي، وبدأ يشعر بحالة احتدام داخلي مع فضوله يخامره إحراج اللحظة، فيما كنت أنا أتصرف على نحو بارد وغير مبالٍ، ولا يبدو عليّ أي استغراب أو دهشة وكأني أمتحن أعصاب صديقي.. حاشا أن أفعل هذا، ولكن جرت الأمور على ذلك النحو دون علمي وإدراكي أن طريقتي وما أفعله كان مستفزاً إلى حدٍ بعيد.
بدأتُ أعثر في كيس القات على ربلات ومرابط.. أغطية متهتكة لقناني مياه معدنية.. كنتُ ما أجده أرمي به ارضاً دون مبالاة، واستأنفت مضغ القات، وأبدو أمام صديقي مهتماً ومندمجاً بحديث أخباره الحافلة، والتي لا تعكر انسيابها وتدفقها غير المطبات التي كانت تنقله شارداً إلى ما أفعله أمامه.. ما أفعله كان يخرجه من سياقه وانهماكه في الحديث لينشغل بدلا عنه بحركاتي المقرونة ببرود رجل كأنه يقصد استفزاز صاحبه.
لقد كان صديقي يعاني ويغتلي في جواري، ولم يعد يستطع ان يتمالك أعصابه، أو يمنع فضوله من التدخل والسؤال.. كل شيء كان يحدث يثيره ويستفزه فيما هو يحاول قمع ردود فعله بأعصاب تحاول أن تلوذ بثبات لا يخلوا من هشاشة.
ما أخرجه من الكيس من توالف وبقايا أشياء كان يشد الانتباه والنظر دون أن أحاول مداراة ما أفعله، بديتُ وكأنني جريئا بما أفعله، ابتدأ بإخراج أوراق القات من الكيس، ورمي ما أعثر عليه من أشياء في كيس القات، وطريقتي في التعاطي مع كل ذلك، والتي لا تخلوا من براءة وتلقائية، وأكثر من ذلك هدوئي وبرودي في طريقة تنظيفي لأوراق القات، وتعطيفها، قبل أن أحشيها في فمي.. بديت في هيئة رجل أبله لا يكترث ولا يبالي بمن حوله، وبما يفعل.
بعد معاناة زميلي مما يحدث، لم يستطع حبس فضوله أكثر، وأفلت سؤاله عن لجامه بعد معاناة وصبر ثقيل:
- بكم اشتريت القات؟!!
فأجبته بتلقائية وبرود أعصاب: هو طلب سبعين ريال، وأنا أعطيته مائة ريال.. ما كان باقي قات في "المقوت" إلا عنده.. السعر والله "عرطة العرطات"..
ما كان يطفح به صديقي من فضول مكتوم داخله أنني أتحدث بتلقائية وبساطة، ودون أي تكلّف أو مراعاة لأصول المقيل، ولضيفي الذي فاض به الكيل دون أن أعلم.. كانت المفارقة كبيرة بين ما أفعله في تلك اللحظة، وما لدى زميلي من حيرة واستفزاز وفضول مقموع بحيائه.. إنه مشهداً يستحق أن يكون بعض من عمل مسرحي كوميدي بامتياز.
كابد صديقي كثيراً ولم يعد يتحمل مزيداً من إطرائي على بايع القات، وسعره "العرطة" التي ظفرت به.. نفذ صبره وفاض تحمّله، وصار كبح فضوله غير ممكن؛ فمد يده وخطف من أمامي كيس القات كصقر وكأنه كان يرصده من أول المقيل.. أخذ يفتش في داخله بيده وأصابعه المتحفزّة.. ويخرج أشياء ومخلفات وقراطيس وأغطية، وفي كل مرة يخرج شيئا من الكيس كان يردد بدهشة وعجب: الله الله.. الله الله ويرمي به، ثم رمى بالكيس بما فيه إلى باب غرفة مقيلنا، وهو يقول: كل شيء موجود في الكيس.. ما عاد شيء إلا الحنشان.. ثم قسم قاته، وحلف يمين أن لا أخزّن إلا من قاته.. فبرّيت بيمينه وتجنبت سجاله، غير أن ذلك لم يمنع من قهقهتي كمجنون بين حين وآخر، بعد أن بدأت أدرك سوء ما فعلت.
بعد يومين مررت أنا وصديقي في رصيف الشارع الذي يباع فيه القات، وشاهدت الرجل الذي باع لي القات.. شهقتُ ثم قلت:
- هذا هو.. هذا هو الذي باع لي القات.. هذا الذي باع لي القات!!
فرد صديقي:
هذا مجنون!! ما تشوف القراطيس الذي فوق رأسه!!
كان رأسه معصوباً بقراطيس "النايلون" الملونة، ومرابط أخرى، ومشقّر بشرايح قراطيس سجائر محلية.
فأجبت وقد أدركتُ ورطتي:
- يا أخي أنا أصلاً ما كنتُ مركّز على رأس الرجال.. أنا كنت مركّز على القات.
فانطلقت قهقهتنا رغم إرادتنا كصوت رشاش، استرعت انتباه المارة.. ألتفت البعض إلى مصدر الصوت مستغرباً، ومنهم من توقف يبحث عن سبب القهقهة..!!
***
من مذكراتي..
(8)
قضاة.. وقضاء وقدر!!
أحمد سيف حاشد
بعد عودتي من مجلس العزاء، والذي وجدت نفسي فيه أحوج للعزاء؛ طلبت من أحد أولادي على الفور أن يغير الأغنية "أنا يا بوي أنا" التي فضحتني في مجلس العزاء، ويستبدلها برنة عادية، أو أي شيء يليق بقاضي وعضو مجلس نواب لازال في مستهل عهده.. ولكن بدلاً من أن يغيرها برنة تليق بأبوه، غيّرها بأغنية لم أفهم من كلماتها غير "عبد القادر يا بو علم" ولم أفهم شيئاً من كلماتها، ولا اسم الفنان الذي يغنيها، ولا جنسيته، ولكنها كانت أغنية شبابية مشهورة ومنتشرة في تلك الأيام.
أنا في الحقيقة وغالبا لا أفرق بين الأغاني التي تليق والأغاني التي لا تليق.. لا أفرق بين أغاني الشباب وأغاني العجائز.. أكثر الأغاني تنال اعجابي واستحساني غالبا بسبب ايقاعاتها واللحن والموسيقى فيها أو العود، بل وأجد نفسي أحيانا استمتع بسماع الأغاني الكردية..
غالبا أنا لا أفهم ما يقول الفنان في الأغنية إلا إذا استعنت بصديق، أو سعيت إلى معرفة كلماتها سعياً، ويكفيني في جل الأغاني إن إيقاعها يأسرني، وترقص معه الروح والقلب والوجدان.. لازالت في ذاكرتي أغنية "بين الدوالي والكرم العالي" الذي كنت اسمعها وأنا صغير من الراديو، وأرددها مع صوت الفنان بكلمات "بين الزاوالي والدرب العالي" وشتان بين المعنيين.
زرتُ تعز.. تواصلت بالقاضي خالد محمد يحيى لأخزن عنده، وهو زميل لي من أيام المعهد العالي للقضاء.. وفي مجلسه، وجدت كثير من القضاة المعممين، والذين تبدو عليهم الهيبة والوقار.. كما أن والد زميلي هذا أعرف أنه قاضي وفقيه ومؤلف.. إنه محمد بن يحيي المطهر.. كان له في أيامه شأنا، ومؤلفات عدة، ومنها مجلدين في الأحوال الشخصية التي اقتنيتها حالما كنت طالباً في المعهد العالي للقضاء.. لا زلتُ أذكر أنني أحترت كثيرا فيما يتعلق بشروط صحة عقد الزواج، ومانع زواج الإنسي من جنية.
زميلي القاضي ومن خلال زمالة المعهد الذي دامت ثلاث سنوات، انطباعي الإجمالي عنه، أنه كان ذكياً في الدراسة، ومتوقد الذهن، ودمث الأخلاق، وذو وقار وكياسة ودين.. يحرص على أهمية مسلك القاضي وسلوكه والحرص حيال ما يجرح عدالة القاضي، وهي تفاصيل مررنا عليها في المعهد العالي للقضاء.
وفيما كان الحديث المحترم في حضرة جلالة القضاء وهيبة القضاة في المجلس الوقور، رن تلفوني، ولكن ليس برنة، وإنما بأغنية "عبد القادر يا ابو علم" أنفجر القضاة بالضحك، وغرقتُ أنا معهم في نوبته، وأدركت أن الفضيحة الثانية قد حلت بي، وزميلي القاضي يقول:
- ما هذه يا قاضي؟!! شبابي هه.. من عمل لك هذه النغمة؟!
- وأنا أرد: هؤلاء العيال اللذين عملوها.. وأنا معرفش أغيرها.
مد القاضي يده، وأخذ منّي التلفون، وبدأ يتعامل معه حتى غيرها إلى رنة قاضي بحق وحقيقة.
الحقيقة لم أخرج من المجلس إلا بعد أن عرفت أن تلفوني اسمه "الرنان" وعرفت كيف أتعامل مع التلفون، وكيف أغير نغماته، وعرفت أيضاً إن الأغنية جزائرية، واسم الأغنية (عبد القادر)، وأن الأغنية شبابية جدا، وأن الفنان اسمه الشاب خالد.. وعرفت أيضاً بعض كلمات الأغنية التي تقول:
عبدالقادر يا بو علم ضاق الحال عليّ
داوي حالي يا بو علم سيدي إرأف عليّ
دعوتي القلّيلة... يانا... ذيك المبلية
خليتني في حيره... يانا... العشرة طويلة
الحقيقة كانت جلستنا رائعة و ودوده، وفيها فائدة ومعرفة لم أسبق إليها من قبل، ابتداء بالتلفون وانتهاء بكلمات الأغنية التي أستصعبتها في البداية.. شُغفتُ بالمعرفة وصرت أشبه بالعربي الذي يتوق ليتعلم اللغة العبرية.
خرجت من المجلس بعد المقيل، وأنا أضحك على نفسي وأحدثها كمجنون: "بعض القضاة خطيرون.. يفهمون في كل شيء" وأنا لا أعرف حتى اسم تلفوني.
وخلال سنوات هذه الحرب اللعينة وما تلاها من هدن ومراوحة، تعرفت على قليل من القضاة المتجاوزين لواقعهم الاستبدادي المريض، وبدوا أكثر انفتاحاً على المرأة وعلى العدالة، ولهم اضطلاع ومعارف في كل الفنون، ولهم أيضاً عالمهم الجميل الغير معلن عنه في الحب والغناء والشعر والحكايات التي لا تُنسي، ولدى بعضهم قلوب مرهفة، وبإمكانك أن تسمع منهم ما لا تعرفه ولا تسمع به من قبل.. فيما بعضهم مأسوف عليه، لازال يعتقد إن النجم سهيل كان عشاراً في اليمن؛ فمسخه الله نجماً ليكون عبرة وموعظة للعالمين.
كما وجدتُ قضاة وما أكثرهم يستجرون كلما هو ظلامي وبائد من عهود خلت وتقادمت، حتى بدو هم والسلطة التي تمثلهم عقبة كأداء أمام أي تقدم أو تطور أو مستقبل، بل يريدون تحويل المستقبل المنشود إلى مسخٍ مرعبٍ من ذلك الماضي المتوحش والدميم الذي يقتاتون تشدده وتزمته بنهم التماسيح.
مسنودين بأيديولوجيا مشبعة بالقتامة ضد المرأة، والثقافة المكتظة بالدونية والعُقد الاجتماعية، والحذر من المرأة كشيطان وفتنة وشر مستطير، وإخمادها بالأبوية والعنصرية والهيمنة الذكورية، وإذلالها وتيئيسها بقمع تطلعاتها في العدالة والمساواة والإنسانية.
(8)
قضاة.. وقضاء وقدر!!
أحمد سيف حاشد
بعد عودتي من مجلس العزاء، والذي وجدت نفسي فيه أحوج للعزاء؛ طلبت من أحد أولادي على الفور أن يغير الأغنية "أنا يا بوي أنا" التي فضحتني في مجلس العزاء، ويستبدلها برنة عادية، أو أي شيء يليق بقاضي وعضو مجلس نواب لازال في مستهل عهده.. ولكن بدلاً من أن يغيرها برنة تليق بأبوه، غيّرها بأغنية لم أفهم من كلماتها غير "عبد القادر يا بو علم" ولم أفهم شيئاً من كلماتها، ولا اسم الفنان الذي يغنيها، ولا جنسيته، ولكنها كانت أغنية شبابية مشهورة ومنتشرة في تلك الأيام.
أنا في الحقيقة وغالبا لا أفرق بين الأغاني التي تليق والأغاني التي لا تليق.. لا أفرق بين أغاني الشباب وأغاني العجائز.. أكثر الأغاني تنال اعجابي واستحساني غالبا بسبب ايقاعاتها واللحن والموسيقى فيها أو العود، بل وأجد نفسي أحيانا استمتع بسماع الأغاني الكردية..
غالبا أنا لا أفهم ما يقول الفنان في الأغنية إلا إذا استعنت بصديق، أو سعيت إلى معرفة كلماتها سعياً، ويكفيني في جل الأغاني إن إيقاعها يأسرني، وترقص معه الروح والقلب والوجدان.. لازالت في ذاكرتي أغنية "بين الدوالي والكرم العالي" الذي كنت اسمعها وأنا صغير من الراديو، وأرددها مع صوت الفنان بكلمات "بين الزاوالي والدرب العالي" وشتان بين المعنيين.
زرتُ تعز.. تواصلت بالقاضي خالد محمد يحيى لأخزن عنده، وهو زميل لي من أيام المعهد العالي للقضاء.. وفي مجلسه، وجدت كثير من القضاة المعممين، والذين تبدو عليهم الهيبة والوقار.. كما أن والد زميلي هذا أعرف أنه قاضي وفقيه ومؤلف.. إنه محمد بن يحيي المطهر.. كان له في أيامه شأنا، ومؤلفات عدة، ومنها مجلدين في الأحوال الشخصية التي اقتنيتها حالما كنت طالباً في المعهد العالي للقضاء.. لا زلتُ أذكر أنني أحترت كثيرا فيما يتعلق بشروط صحة عقد الزواج، ومانع زواج الإنسي من جنية.
زميلي القاضي ومن خلال زمالة المعهد الذي دامت ثلاث سنوات، انطباعي الإجمالي عنه، أنه كان ذكياً في الدراسة، ومتوقد الذهن، ودمث الأخلاق، وذو وقار وكياسة ودين.. يحرص على أهمية مسلك القاضي وسلوكه والحرص حيال ما يجرح عدالة القاضي، وهي تفاصيل مررنا عليها في المعهد العالي للقضاء.
وفيما كان الحديث المحترم في حضرة جلالة القضاء وهيبة القضاة في المجلس الوقور، رن تلفوني، ولكن ليس برنة، وإنما بأغنية "عبد القادر يا ابو علم" أنفجر القضاة بالضحك، وغرقتُ أنا معهم في نوبته، وأدركت أن الفضيحة الثانية قد حلت بي، وزميلي القاضي يقول:
- ما هذه يا قاضي؟!! شبابي هه.. من عمل لك هذه النغمة؟!
- وأنا أرد: هؤلاء العيال اللذين عملوها.. وأنا معرفش أغيرها.
مد القاضي يده، وأخذ منّي التلفون، وبدأ يتعامل معه حتى غيرها إلى رنة قاضي بحق وحقيقة.
الحقيقة لم أخرج من المجلس إلا بعد أن عرفت أن تلفوني اسمه "الرنان" وعرفت كيف أتعامل مع التلفون، وكيف أغير نغماته، وعرفت أيضاً إن الأغنية جزائرية، واسم الأغنية (عبد القادر)، وأن الأغنية شبابية جدا، وأن الفنان اسمه الشاب خالد.. وعرفت أيضاً بعض كلمات الأغنية التي تقول:
عبدالقادر يا بو علم ضاق الحال عليّ
داوي حالي يا بو علم سيدي إرأف عليّ
دعوتي القلّيلة... يانا... ذيك المبلية
خليتني في حيره... يانا... العشرة طويلة
الحقيقة كانت جلستنا رائعة و ودوده، وفيها فائدة ومعرفة لم أسبق إليها من قبل، ابتداء بالتلفون وانتهاء بكلمات الأغنية التي أستصعبتها في البداية.. شُغفتُ بالمعرفة وصرت أشبه بالعربي الذي يتوق ليتعلم اللغة العبرية.
خرجت من المجلس بعد المقيل، وأنا أضحك على نفسي وأحدثها كمجنون: "بعض القضاة خطيرون.. يفهمون في كل شيء" وأنا لا أعرف حتى اسم تلفوني.
وخلال سنوات هذه الحرب اللعينة وما تلاها من هدن ومراوحة، تعرفت على قليل من القضاة المتجاوزين لواقعهم الاستبدادي المريض، وبدوا أكثر انفتاحاً على المرأة وعلى العدالة، ولهم اضطلاع ومعارف في كل الفنون، ولهم أيضاً عالمهم الجميل الغير معلن عنه في الحب والغناء والشعر والحكايات التي لا تُنسي، ولدى بعضهم قلوب مرهفة، وبإمكانك أن تسمع منهم ما لا تعرفه ولا تسمع به من قبل.. فيما بعضهم مأسوف عليه، لازال يعتقد إن النجم سهيل كان عشاراً في اليمن؛ فمسخه الله نجماً ليكون عبرة وموعظة للعالمين.
كما وجدتُ قضاة وما أكثرهم يستجرون كلما هو ظلامي وبائد من عهود خلت وتقادمت، حتى بدو هم والسلطة التي تمثلهم عقبة كأداء أمام أي تقدم أو تطور أو مستقبل، بل يريدون تحويل المستقبل المنشود إلى مسخٍ مرعبٍ من ذلك الماضي المتوحش والدميم الذي يقتاتون تشدده وتزمته بنهم التماسيح.
مسنودين بأيديولوجيا مشبعة بالقتامة ضد المرأة، والثقافة المكتظة بالدونية والعُقد الاجتماعية، والحذر من المرأة كشيطان وفتنة وشر مستطير، وإخمادها بالأبوية والعنصرية والهيمنة الذكورية، وإذلالها وتيئيسها بقمع تطلعاتها في العدالة والمساواة والإنسانية.
👍1
قضاة لا يفرقون بين العادات والعبادات، ولا بين الحقوق والانتهاكات، ويرون أنفسهم وكلاء الله وشرعة في أرضه، وأوصيا مطلقين على أخلاق المجتمع وتفاصيله، مدعومين بسلطة أكثر تغولاً وتخلفاً ورجعية منهم.
***
***
تغاريد غير مشفّرة 1 - 10
قانون يا نفس ما تشتهي
أحمد سيف حاشد
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=pfbid02yk4FMLG9M2Ecp5pcw7r4x4FLFmMrL6fW9tnBxAQi4Z5Kb6FLXey5RnJQ1xq21pxBl&id=100000484269812&mibextid=Nif5oz
(1)
انا ضد مشروع "قانون يا نفس ما تشتهي".
طالما هذا الاشتهاء يزايد على الإسلام تحت عنوان الربا بقصد تأييس المواطنين من أموالهم في البنوك والاستفادة منها و"نهبها".
(2)
رسالة جمعية البنوك لمجلس النواب أشارت إلى عدم قدرتها سداد الأموال المودعة، والبنك المركزي الضامن لا يستطيع أن يفي بالدفع..!!
هل أدركتم ماذا يعني هذا؟؟؟
هل تعي سلطة صنعاء ماذا يعني هذا؟؟؟
السلطة تعي ما تريد..
تريده وتعشق ما تبتغيه..
إنه المال الذي يلعب بحمران العيون
(3)
في الزكاة والربا مسلمين يطننون طنين..
يقولون لك بالفم المليان "هذا كتاب الله" وتسلم من تكفيرهم بالإذعان والخضوع.
وفي الضرائب والجمارك وألف جباية فوقها فرنجة ولا يتركوا ريال.
الحقيقة أنهم براجماتين حتى يوم القيامة..
وجباه حتى صلب النخاع.
(4)
اللجنة المشتركة في مجلس نواب صنعاء والمُحال إليها مشروع قانون ما يسمى بمنع التعاملات الربوية، حاولت أن تعمل وفق مثل "بعض البلاء.. ولا البلاء كله" وتغيير النص الكارثي بنص يحفظ حقوق المواطنين في استرداد رؤوس أموالهم المودعة بمواعيد مزمنة، وبشكل واضح ودقيق تقطعك عن أي مطل أو تلاعب..
في المادة (10) أقرت اللجنة إعادة صياغتها وفقا للمقترح المقدم من النائب عبدالله خيرات ليصبح نص المادة على النحو التالي:
مادة (10):
" لا يسري نفاذ هذا القانون إلا بعد أن تقوم الحكومة بالاشتراك مع البنوك الحكومية والتجارية والمؤسسات المالية والمصرفية في القطاع العام والخاص والمختلط وعلى وجه الوجوب وضع آلية تكفل للمودعين استيفاء رؤوس أموالهم المودعة لدى أي من تلك البنوك والمؤسسات المالية والمصرفية سواءً كان المودعون (طبيعين أو اعتباريين) وفقاً لهذا القانون."
صوت أعضاء اللجنة بشبه إجماع لصالح نص هذه المادة المعدلة، غير أن رفضها قد كشف سوء النية وفساد الطوية عند من رفضها أو يرفضها.
(5)
رفض هذه المادة المعدلة معناه أنك لا تريد فقط تلعب أو تعبث أو تجتزئ الحقوق المالية للمواطنين في البنوك، بل تريد إدخالهم في مجهول ينتهي بالاستيلاء على كل الأموال المودعة في تلك البنوك والمؤسسات المصرفية، بل و"نهب" أموالهم، والتنصل عن أبسط ضمانة أو التزام أو ضابط لاستردادها، بل و"نهب" أموالهم، والتنصل عن أبسط ضمانة أو التزام أو ضابط لاستردادها..
بالإضافة إلى أنك تريد العفو أو عدم المساءلة عن جرائم تلك الأموال التي قد تصرفت فيها أو نهبتها، وذلك بغسلها بهذا القانون الكارثي سيء الصيت.. ثم تدعي أن ما فعلته هو من منطلق الإسلام الصميم المؤيد بنصرتك..
ويبدو دفاعك أنه الحق، وتبرير غضبك وسخطك بما هو مشروع ومُنصب على الربا والباطل وأصحابه ثم تصوم رمضان وتنام هانئا وقد أكلت ما اشتهيت.. مستريح البال ومطمئن، وقد تطهرت مما أثقل ظهرك من الآثام والذنوب، وتزعم بمليء شدقيك أنك انتصرت للإسلام والمسلمين الحقيقيين، وأيدك الله بالحق وآزرك.. فيما الحقيقة تدينك وتدمغك بالظلم كله.
(6)
علَّق النائب خالد مجود الصعدي على مشروع منع التعاملات الربوية بقوله:
المشروع تم تفصيله على نحو يستهدف أموال المودعين وليس قانون للمستقبل.
وأنت افهم يا فهيم.
(7)
العضوان الوحيدان في مجلس نواب صنعاء أنا والأخ النائب خالد مجود الصعدي اللذان رفضنا ووقفنا ضد ما يسمى مشروع قانون منع التعاملات الربوية وأثبتنا هذا الموقف في محضر جلسة مناقشة اللجنة المشتركة المحال إليها مشروع هذا القانون؛ وذلك من منطلق حقوقي ودستوري وتقديرا لما يحمله هذا المشروع من مخاطر كارثية على حقوق المواطنين.
وفي القاعة سنجد أعضاء آخرين معنا لا يساومون، وسننشر اسمائهم، وننشر الأسماء الآخرين المتحمسين للتمرير القانون، ليعرف الشعب من يمثله ومن يمثل به.
(8)
مكررة وبالمناسبة:
وأنا أرفض مشروع هذا القانون، واسجل قراري وموقفي، وأدافع عن قناعاتي ضد هذا المشروع، فأنني أنطلق من جانب أخلاقي وحقوقي ووطني وإنساني محض، منوهاً إلى أنه لا توجد لدي أي أموال في أي بنك محلي أو خارجي.
(9)
تعرفوا معنى إن المدرس يعمل بدون راتب ولا نصف راتب ولا حتى ثلاثين ألف ريال شهريا بدل مواصلات أو حتى صدقة من بيت مال المسلمين..
المعنى أن صنعاء لا تريد تعليم.
(10)
من مذكراتي:
• رهافتي مازالت ترافقني على الكِبر، وترفض أن تغادرني حتّى وإن سخرت منّي مكابرة الرجولة.. لازال ضميري يعاتبني حالما أتجاهله.. لازالت احتجاجات الوجود تضج داخلي وتملؤني بالضجيج. لازال داخلي إنسان يصرخ ويستنطق ضميري في كل موقف ومأساة.
• اليوم كبرتُ وخبرتُ الحياة أكثر، ولازالت رهافتي تتسع، واحتجاجي لازال يكبر.. لازلتُ إلى اليوم في كثير منّي مسكوناً بذلك الطفل الصغير، وقد صرتُ أوغل في المشيب، وربما أدنو من كهولة تقترب.
قانون يا نفس ما تشتهي
أحمد سيف حاشد
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=pfbid02yk4FMLG9M2Ecp5pcw7r4x4FLFmMrL6fW9tnBxAQi4Z5Kb6FLXey5RnJQ1xq21pxBl&id=100000484269812&mibextid=Nif5oz
(1)
انا ضد مشروع "قانون يا نفس ما تشتهي".
طالما هذا الاشتهاء يزايد على الإسلام تحت عنوان الربا بقصد تأييس المواطنين من أموالهم في البنوك والاستفادة منها و"نهبها".
(2)
رسالة جمعية البنوك لمجلس النواب أشارت إلى عدم قدرتها سداد الأموال المودعة، والبنك المركزي الضامن لا يستطيع أن يفي بالدفع..!!
هل أدركتم ماذا يعني هذا؟؟؟
هل تعي سلطة صنعاء ماذا يعني هذا؟؟؟
السلطة تعي ما تريد..
تريده وتعشق ما تبتغيه..
إنه المال الذي يلعب بحمران العيون
(3)
في الزكاة والربا مسلمين يطننون طنين..
يقولون لك بالفم المليان "هذا كتاب الله" وتسلم من تكفيرهم بالإذعان والخضوع.
وفي الضرائب والجمارك وألف جباية فوقها فرنجة ولا يتركوا ريال.
الحقيقة أنهم براجماتين حتى يوم القيامة..
وجباه حتى صلب النخاع.
(4)
اللجنة المشتركة في مجلس نواب صنعاء والمُحال إليها مشروع قانون ما يسمى بمنع التعاملات الربوية، حاولت أن تعمل وفق مثل "بعض البلاء.. ولا البلاء كله" وتغيير النص الكارثي بنص يحفظ حقوق المواطنين في استرداد رؤوس أموالهم المودعة بمواعيد مزمنة، وبشكل واضح ودقيق تقطعك عن أي مطل أو تلاعب..
في المادة (10) أقرت اللجنة إعادة صياغتها وفقا للمقترح المقدم من النائب عبدالله خيرات ليصبح نص المادة على النحو التالي:
مادة (10):
" لا يسري نفاذ هذا القانون إلا بعد أن تقوم الحكومة بالاشتراك مع البنوك الحكومية والتجارية والمؤسسات المالية والمصرفية في القطاع العام والخاص والمختلط وعلى وجه الوجوب وضع آلية تكفل للمودعين استيفاء رؤوس أموالهم المودعة لدى أي من تلك البنوك والمؤسسات المالية والمصرفية سواءً كان المودعون (طبيعين أو اعتباريين) وفقاً لهذا القانون."
صوت أعضاء اللجنة بشبه إجماع لصالح نص هذه المادة المعدلة، غير أن رفضها قد كشف سوء النية وفساد الطوية عند من رفضها أو يرفضها.
(5)
رفض هذه المادة المعدلة معناه أنك لا تريد فقط تلعب أو تعبث أو تجتزئ الحقوق المالية للمواطنين في البنوك، بل تريد إدخالهم في مجهول ينتهي بالاستيلاء على كل الأموال المودعة في تلك البنوك والمؤسسات المصرفية، بل و"نهب" أموالهم، والتنصل عن أبسط ضمانة أو التزام أو ضابط لاستردادها، بل و"نهب" أموالهم، والتنصل عن أبسط ضمانة أو التزام أو ضابط لاستردادها..
بالإضافة إلى أنك تريد العفو أو عدم المساءلة عن جرائم تلك الأموال التي قد تصرفت فيها أو نهبتها، وذلك بغسلها بهذا القانون الكارثي سيء الصيت.. ثم تدعي أن ما فعلته هو من منطلق الإسلام الصميم المؤيد بنصرتك..
ويبدو دفاعك أنه الحق، وتبرير غضبك وسخطك بما هو مشروع ومُنصب على الربا والباطل وأصحابه ثم تصوم رمضان وتنام هانئا وقد أكلت ما اشتهيت.. مستريح البال ومطمئن، وقد تطهرت مما أثقل ظهرك من الآثام والذنوب، وتزعم بمليء شدقيك أنك انتصرت للإسلام والمسلمين الحقيقيين، وأيدك الله بالحق وآزرك.. فيما الحقيقة تدينك وتدمغك بالظلم كله.
(6)
علَّق النائب خالد مجود الصعدي على مشروع منع التعاملات الربوية بقوله:
المشروع تم تفصيله على نحو يستهدف أموال المودعين وليس قانون للمستقبل.
وأنت افهم يا فهيم.
(7)
العضوان الوحيدان في مجلس نواب صنعاء أنا والأخ النائب خالد مجود الصعدي اللذان رفضنا ووقفنا ضد ما يسمى مشروع قانون منع التعاملات الربوية وأثبتنا هذا الموقف في محضر جلسة مناقشة اللجنة المشتركة المحال إليها مشروع هذا القانون؛ وذلك من منطلق حقوقي ودستوري وتقديرا لما يحمله هذا المشروع من مخاطر كارثية على حقوق المواطنين.
وفي القاعة سنجد أعضاء آخرين معنا لا يساومون، وسننشر اسمائهم، وننشر الأسماء الآخرين المتحمسين للتمرير القانون، ليعرف الشعب من يمثله ومن يمثل به.
(8)
مكررة وبالمناسبة:
وأنا أرفض مشروع هذا القانون، واسجل قراري وموقفي، وأدافع عن قناعاتي ضد هذا المشروع، فأنني أنطلق من جانب أخلاقي وحقوقي ووطني وإنساني محض، منوهاً إلى أنه لا توجد لدي أي أموال في أي بنك محلي أو خارجي.
(9)
تعرفوا معنى إن المدرس يعمل بدون راتب ولا نصف راتب ولا حتى ثلاثين ألف ريال شهريا بدل مواصلات أو حتى صدقة من بيت مال المسلمين..
المعنى أن صنعاء لا تريد تعليم.
(10)
من مذكراتي:
• رهافتي مازالت ترافقني على الكِبر، وترفض أن تغادرني حتّى وإن سخرت منّي مكابرة الرجولة.. لازال ضميري يعاتبني حالما أتجاهله.. لازالت احتجاجات الوجود تضج داخلي وتملؤني بالضجيج. لازال داخلي إنسان يصرخ ويستنطق ضميري في كل موقف ومأساة.
• اليوم كبرتُ وخبرتُ الحياة أكثر، ولازالت رهافتي تتسع، واحتجاجي لازال يكبر.. لازلتُ إلى اليوم في كثير منّي مسكوناً بذلك الطفل الصغير، وقد صرتُ أوغل في المشيب، وربما أدنو من كهولة تقترب.
Facebook
Log in or sign up to view
See posts, photos and more on Facebook.
👍2
• نفي النفي ينتظرني على حواف قبر ليهيل على جسدي التراب، والمجهول بات يسارع خطاه في المجيء نحونا دون كفن ولا قبر. القبور تزاحمت.. ضاقت بنا المقابر.. المقابر باتت بلا شُرفات أو منافس، والأجساد باتت تبحث عن أكفانها، في وطن تلاشى حتّى بات أصغر من قبر لازال يجهل عمر صاحبه.
• في الظلام المدلهم ضميري كان نجمي، وفي رأس المحيط كان ضميري البوصلة.. ضميري أولاً قبل الأنا.. قبل الجميع وإن كنتُ فيهم أنا.. ضميري يستصعب الصمت الجبان في وجه طغيان عرمرم.. عالم عبثي يموج بالمرارة والألم، ويوغل في التوحش كل يوم.
• في الظلام المدلهم ضميري كان نجمي، وفي رأس المحيط كان ضميري البوصلة.. ضميري أولاً قبل الأنا.. قبل الجميع وإن كنتُ فيهم أنا.. ضميري يستصعب الصمت الجبان في وجه طغيان عرمرم.. عالم عبثي يموج بالمرارة والألم، ويوغل في التوحش كل يوم.
❤4
Forwarded from احمد سيف حاشد
من مذكراتي:
مائة يوم من مقاطعة القات!
أحمد سيف حاشد
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=pfbid02vFVUGCeqqifdwNfyHNXpALcuBGFw6xDuHA3fEkJj5oaD5xmnWgxdFyp3de4JpLeTl&id=100000484269812&mibextid=Nif5oz
كان قرار مقاطعتي للقات مائة يوم في البداية لأسباب اقتصادية، وظروف معيشية، ورغم حصول عدة انفراجات في هذا الجانب، خلال تلك المدة، إلا أنني مضيتُ في اكمال ما كنت قد بدأته، وعقدتُ العزم عليه، ونجحتُ في أن أكون بمستوى ما اتخذته من قرار، وبمستوى ما فيه من تحدّي، واختبار عصامية أزعم إنني كنت بمستواها، أو هي دوني، أو هكذا أعتقد.
أن لا تخزِّن في اليمن ليس بالأمر السهل، لاسيما إن كنت وجاهة اجتماعية.. كما أن جهاد النفس محل صعوبة، أو على الأقل لا يخلوا من معاناة، في أمر تكتشف أنك أدمنته، وأعتدت عليه.. تشعر حال مقاطعته بوحدتك وغربتك في مجتمع لا يجتمع في الغالب والأعم إلا بالقات والمقيل.
مجتمع يأثر الشخص فيه أن يجوع على أن لا يخزن.. تشعر بعزلة يضربها عليك أفراده وجماعاته.. تشعر أن المحيط يضيّق عليك كل متسع.. تحس على نحو كثيف بالحصار والاختناق وكتم الأنفاس.
شعرت أنني مللت نفسي، وأن الوقت قد صار هو الآخر يملّني.. حاولت أتعلم الرقص لطرد السأم والملل وتخفيف الوزن، ولكن دون فائدة، حاولت أتعلم الرقص مع صديقي عبد الجبار الحاج، فكان كل من حولنا يضحك علينا، حتى أصابتنا العين.
لكسر حالة الملل والسأم، حاولت أن أرافق أصدقائي المخزنين في مقايلهم، وفي مقايل بعض الأصدقاء، ومعي ثلاجة صغيرة اشتريتها لهذا الغرض أملأها بالشاهي المترع بالجوز والهيل والقرنفل، لأقضي معهم بيقظة بعض وقت المقيل، ولكن بدا لي الأمر بائخاً، وربما مُستهجناً من قبل البعض.
كان قبول أصدقائي لقراري الحاسم لا يخلوا من عدم الرضى، بل صارحني أحدهم بأنني خُربت بعد قراري هذا.. كنت أشعر إنهم يتجشمون قراراً فرضته على نفسي عنوة، وفرضت نتائجه عليهم أيضاً باستثناء صديقين، أحدهم زاد على المائة يوم ما شاء الله، وهو القاضي أحمد الخبي، فيما صديقي أنس دماج القباطي ماثلني بقرار المقاطعة للقات مائة يوم، وتعلّم معي الرقص أيضاً دون أن نجيد ما تعلمناه، ولكن أحسست أن ما تعلمته برغم عدمه أو محدوديته التي لا تستحق ذِكراً ولا قياساً كان حاضرا في تحديه القوي يوم احتفالي وحيداً بالثورة السبتمبرية في ساحة مجلس النواب اليمني بالعاصمة صنعاء عام ٢٠٢١
وفي إطار محاولتي كسر عزلتي قررت مع أصدقائي حضور مقيل بمعيتهم لدى مجلس أستاذنا د. سيف العسلي.. كان جميع الحاضرين بمستوى عالي من اليقظة والتوقد والحضور.. فيما كنت ثقيلاً وغاطساً في خمول عميق.. كنت أبلها حتى في تصنّع الحضور.
كنتُ أشاهد زملائي شعلة من التيقظ والتفاعل والتقاط كل شاردة وواردة، فيما كنت في زاويتي أخوض معاركي بانعزالية مع جحافل النعاس، أحاول أستعين بالهيل والقرنفل لأشحذ بعض اليقظة، ولكن دون جدوى.. كنت أفرك عيوني وأقرص جفوني، وأدعك وجهي بيدي، لأنفض عنه نعاسي، فأفشل فشلاً ذريعاً.. أحاول أن أعض بأسناني على أصبعي حتى تكاد تنفطر من عظتي أو تهرُّ دماً؛ لأقاوم نعاسي دون نجاح أو فائدة.
كان النعاس يداهمني كأمواج بحر هائج.. أمواج النعاس تغمرني مراراً.. تعبث بي كعشب في شاطئه، خارت قواه تحت صفعات وضربات أمواجه المتلاطمه والمتعاقبه.. الأمواج تدومه بتكرار وتضربه ذهاباً وإياباً.. مستسلماً في حراكه وحركته، منتظراً انتهاء الوقت وموعد الجزر والرواح.. ثم ألعن نفسي على ما بديت فيه من حال غير مُرضي، وقد أحس بنعاسي جميع من في المقيل.. ربما تحدثوا في نفوسهم عن بؤس حالي وبما يضاعف حرجي وخجلي، أو تندروا في نفوسهم بفكاهات تثير القهقه على من يستحق الرثاء.. فما يُعلن ويقال ربما أهون وأرحم مما يدور ويُعتمل في طي وكتمان.
كنت أحاول أقضي قليلاً من الوقت في محاولة كسر عزلتي، وأذهب لمقيل صديقي محمد المقالح القريب من مكان إقامتي، ولكنني قاطعته بعد أن شبّه حالي في المقيل بالعريان وسط مكتسين، فيما عبد الفتاح حيدرة شبّه حالي بالمخبر وسط جمع المقيل، فيما ثالث شبهه الحال بشيخ يصّلي في وسط بار يكتظ بالسكارى الثملين.. فقررت بدافع من ألم مقاطعة مقيله حتى تمر المائة يوم.
شعرت أيضاً أن بعض رفاقي تضرروا إلى حد بعيد، وربما تفرقوا قليلاً، وتشتت شملهم، وأول مرة تشهد علاقتي بأحدهم قطيعة كادت تطول ولا تعود.. اكتشفتُ أن قرار مقاطعة القات في اليمن ليس سهلاً، وليس مستطاباً، وكان رفاقي وأصدقائي يستعجلون مرور المائة يوم، وما لقاء يمر إلا ويسألون عمّا بقي من أيام مقاطعة القات.. شعرت أن القرار قد نال منهم أكثر مما نال منّي.
حدث لدى أصدقائي هايل القاعدي وعبد الوهاب قطران ونجيب الحاج خطأ في حساب المائة يوم، فاستعجلوها قبل أن تنتهي بثلاث أيام، وفاجئوني بتجهيز احتفالية انقضى المائة يوم قبل انقضاءها بثلاث أيام، فاحتفلنا مقدماً دون أن أعفي نفسي من استكمال المائة يوم بالكمال والتمام دون اختلال أو نقصان.
مائة يوم من مقاطعة القات!
أحمد سيف حاشد
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=pfbid02vFVUGCeqqifdwNfyHNXpALcuBGFw6xDuHA3fEkJj5oaD5xmnWgxdFyp3de4JpLeTl&id=100000484269812&mibextid=Nif5oz
كان قرار مقاطعتي للقات مائة يوم في البداية لأسباب اقتصادية، وظروف معيشية، ورغم حصول عدة انفراجات في هذا الجانب، خلال تلك المدة، إلا أنني مضيتُ في اكمال ما كنت قد بدأته، وعقدتُ العزم عليه، ونجحتُ في أن أكون بمستوى ما اتخذته من قرار، وبمستوى ما فيه من تحدّي، واختبار عصامية أزعم إنني كنت بمستواها، أو هي دوني، أو هكذا أعتقد.
أن لا تخزِّن في اليمن ليس بالأمر السهل، لاسيما إن كنت وجاهة اجتماعية.. كما أن جهاد النفس محل صعوبة، أو على الأقل لا يخلوا من معاناة، في أمر تكتشف أنك أدمنته، وأعتدت عليه.. تشعر حال مقاطعته بوحدتك وغربتك في مجتمع لا يجتمع في الغالب والأعم إلا بالقات والمقيل.
مجتمع يأثر الشخص فيه أن يجوع على أن لا يخزن.. تشعر بعزلة يضربها عليك أفراده وجماعاته.. تشعر أن المحيط يضيّق عليك كل متسع.. تحس على نحو كثيف بالحصار والاختناق وكتم الأنفاس.
شعرت أنني مللت نفسي، وأن الوقت قد صار هو الآخر يملّني.. حاولت أتعلم الرقص لطرد السأم والملل وتخفيف الوزن، ولكن دون فائدة، حاولت أتعلم الرقص مع صديقي عبد الجبار الحاج، فكان كل من حولنا يضحك علينا، حتى أصابتنا العين.
لكسر حالة الملل والسأم، حاولت أن أرافق أصدقائي المخزنين في مقايلهم، وفي مقايل بعض الأصدقاء، ومعي ثلاجة صغيرة اشتريتها لهذا الغرض أملأها بالشاهي المترع بالجوز والهيل والقرنفل، لأقضي معهم بيقظة بعض وقت المقيل، ولكن بدا لي الأمر بائخاً، وربما مُستهجناً من قبل البعض.
كان قبول أصدقائي لقراري الحاسم لا يخلوا من عدم الرضى، بل صارحني أحدهم بأنني خُربت بعد قراري هذا.. كنت أشعر إنهم يتجشمون قراراً فرضته على نفسي عنوة، وفرضت نتائجه عليهم أيضاً باستثناء صديقين، أحدهم زاد على المائة يوم ما شاء الله، وهو القاضي أحمد الخبي، فيما صديقي أنس دماج القباطي ماثلني بقرار المقاطعة للقات مائة يوم، وتعلّم معي الرقص أيضاً دون أن نجيد ما تعلمناه، ولكن أحسست أن ما تعلمته برغم عدمه أو محدوديته التي لا تستحق ذِكراً ولا قياساً كان حاضرا في تحديه القوي يوم احتفالي وحيداً بالثورة السبتمبرية في ساحة مجلس النواب اليمني بالعاصمة صنعاء عام ٢٠٢١
وفي إطار محاولتي كسر عزلتي قررت مع أصدقائي حضور مقيل بمعيتهم لدى مجلس أستاذنا د. سيف العسلي.. كان جميع الحاضرين بمستوى عالي من اليقظة والتوقد والحضور.. فيما كنت ثقيلاً وغاطساً في خمول عميق.. كنت أبلها حتى في تصنّع الحضور.
كنتُ أشاهد زملائي شعلة من التيقظ والتفاعل والتقاط كل شاردة وواردة، فيما كنت في زاويتي أخوض معاركي بانعزالية مع جحافل النعاس، أحاول أستعين بالهيل والقرنفل لأشحذ بعض اليقظة، ولكن دون جدوى.. كنت أفرك عيوني وأقرص جفوني، وأدعك وجهي بيدي، لأنفض عنه نعاسي، فأفشل فشلاً ذريعاً.. أحاول أن أعض بأسناني على أصبعي حتى تكاد تنفطر من عظتي أو تهرُّ دماً؛ لأقاوم نعاسي دون نجاح أو فائدة.
كان النعاس يداهمني كأمواج بحر هائج.. أمواج النعاس تغمرني مراراً.. تعبث بي كعشب في شاطئه، خارت قواه تحت صفعات وضربات أمواجه المتلاطمه والمتعاقبه.. الأمواج تدومه بتكرار وتضربه ذهاباً وإياباً.. مستسلماً في حراكه وحركته، منتظراً انتهاء الوقت وموعد الجزر والرواح.. ثم ألعن نفسي على ما بديت فيه من حال غير مُرضي، وقد أحس بنعاسي جميع من في المقيل.. ربما تحدثوا في نفوسهم عن بؤس حالي وبما يضاعف حرجي وخجلي، أو تندروا في نفوسهم بفكاهات تثير القهقه على من يستحق الرثاء.. فما يُعلن ويقال ربما أهون وأرحم مما يدور ويُعتمل في طي وكتمان.
كنت أحاول أقضي قليلاً من الوقت في محاولة كسر عزلتي، وأذهب لمقيل صديقي محمد المقالح القريب من مكان إقامتي، ولكنني قاطعته بعد أن شبّه حالي في المقيل بالعريان وسط مكتسين، فيما عبد الفتاح حيدرة شبّه حالي بالمخبر وسط جمع المقيل، فيما ثالث شبهه الحال بشيخ يصّلي في وسط بار يكتظ بالسكارى الثملين.. فقررت بدافع من ألم مقاطعة مقيله حتى تمر المائة يوم.
شعرت أيضاً أن بعض رفاقي تضرروا إلى حد بعيد، وربما تفرقوا قليلاً، وتشتت شملهم، وأول مرة تشهد علاقتي بأحدهم قطيعة كادت تطول ولا تعود.. اكتشفتُ أن قرار مقاطعة القات في اليمن ليس سهلاً، وليس مستطاباً، وكان رفاقي وأصدقائي يستعجلون مرور المائة يوم، وما لقاء يمر إلا ويسألون عمّا بقي من أيام مقاطعة القات.. شعرت أن القرار قد نال منهم أكثر مما نال منّي.
حدث لدى أصدقائي هايل القاعدي وعبد الوهاب قطران ونجيب الحاج خطأ في حساب المائة يوم، فاستعجلوها قبل أن تنتهي بثلاث أيام، وفاجئوني بتجهيز احتفالية انقضى المائة يوم قبل انقضاءها بثلاث أيام، فاحتفلنا مقدماً دون أن أعفي نفسي من استكمال المائة يوم بالكمال والتمام دون اختلال أو نقصان.
Facebook
Log in or sign up to view
See posts, photos and more on Facebook.
👍2
يمين الساسة وأيمان القات!
أحمد سيف حاشد
أسواق القات تكتظ بالأيمان وبالناس.. البائع يمطر كل زبون بألف يمين وألف طلاق.. دون دمار دون خراب.. لغو يتلاشى كسراب.. لا فتوى فيها ولا كفارة.. الويل ثم الويل من إيمان يتخاتل.. يتلصص في لج الليل.. الويل من وعدٍ بات هلام، وعهد منكوث بالعيب الأسود، وأيماناً يطلقها الأوغاد.. غبي من صدّقها.
أيمان القات مهما ثقلت وطأتها، وصارت بثقل الفيل.. مهما انتفخت كالمنطاد، تظل أخف وزناً من خف حنين.. أخف من وزن الريشة.. ودون بألف من ويل الساسة، ومكر الأوغاد.. مكر الأوغاد أشد غلاظة.. أيمان القات بنا أرأف بالمليون من فتوى كاهن معبد.. رب المعبد شيخ زاهد، يلقي بكوارثه كرماً في وجه الناس.
يمين الوغد سحقاً مَحقاً لا ترى منه يوماً خيراً.. مهما كدّيت بحثا عنه حد الإعياء ونفاد الصبر.. لن تجد إلا خيبة بطعم العلقم.. يطلق وعداً دون وفاءٍ.. يعاهدكَ ثم يخون في نفس اللحظة، قبل جفاف الحبر على البردة، وإن طال باله وتعمم حكمة، يمكر فيك قبل مرور العام.. إن ضيّقت عليه أشربك السم الناقع.. عهد الوغد لا تأمنه مهما غلظ العهد.. الوغد مملوء بالمكر.. مسكوناً بالحيلة يتنفس كذبه.. يمين الوغد مقلب ماكر لن تنساه مهما حييت.
ندم يحتلك من رأسك إلى قاع القدمين، يستولي على ما بقي لك من عمر وحياة وحنين.. الوغد ينفذ من أنفاسك ومسامك.. يخترقك كالريح الأحمر.. يتسلل تحت الجلد، ولا ينفك منك إلا ونزع عنك اللحم وعض العظم.. يقتاتك بشهية ضبع جائع.
ندم جم يلاحقك كلعنة فرعون.. سم لا يكف عن السريان حتى تغادر روحك خلف الشمس.. معروفك مهما تراكم، وبدا مثل الجبل الضخم، يسحقه الوغد من أول يوم، بل من أول وهلة تمكين.
وعد الوغد آنية زهور.. يرميها من سابع دور عند أول طلعة.. الوغد تصافحه وتستودعه سلاماً باسم الرب، بعد ثوان تتفقد نفسك، وعمّا ضاع منك، وما الناقص فيك؛ فتجد نفسك مقطوع اليد، ومهدود الحيل.
أيمان القات تنفذ من جعبة صاحبها في ساعة أو بعض من يوم.. تتلاشى كسراب أو كخيط دخان.. ولا كأن ما كان في يوم كان.. أيمان الأوغاد والساسة دستورية بتأصيل "فقهي ديني"، فيها سلب للروح.. تجريف للوعي وغصب متوحش لإرادة أمة باسم الله.
الوغد يتسلل تقية.. يخدعُنا حتى يصل البغية.. يصير الطُهر مبغى.. يتفرعن أكثر من فرعون.. يقتل.. ينهب.. يفسد.. يتصحّر في وجه ماء الوجه.. يتصحر في وجه الناس.. يسود الأمة بالسيف وبالغلبة.
يأخذ ما يعجبه من الدستور، وما راق له من القانون.. وتحتفل الحشرات بطنين وضجيج يتلاشى فيها صوتك.. ينفجر بوجهك .. يحطم أضلاعك.. يهرس عظام الساقين.. يكسر رأسك نصفين.. وإن كان القانون ضده، رماه في مزبلة نتنة؛ وقال: هذا القانون رميم.. هذا القانون دميم لا يعنينا البتة.
يبدأ صلواته باسم الله.. يأخذ دارك في الدنيا، ويهديك قبراً بدلا عنه.. حتى القبر بات أغلى من بيت في الزمن الماضي.. لا يظفر بالقبر اليوم إلا من كان سعيداً صاحب مال أو ضربة حظ.. يوعدك بالدار الثاني، ويمنّ الشعب بأماني الوهمٍ، والغيث سرابا في أنفاس القيض..
تشتعل الصحراء بالحر وبالقيض.. تنتصر الخدعة تلو الخدعة، ويحتفل المنتصرون بالنصر الجاثم على حطام وأحلام الناس.. تقع من رأسك، وترتطم بالصخر الصم.. تكتشفَ كم كنت غبياً.. كم كنتَ ضريراً.. كم بلغ فيك العته.. عليك يا هذا أن لا تُخدع، وأن لا تُلدغ من جحر الأفعى أكثر من مرّة.
أيمان الباعة للقات، تتم دون تلفزة أو بث.. دون خسران أو ضجة إعلام.. الساسة على أطياف البث يبثون الدجل اليومي والناس جياع.. كل سياسي يدعمه ألف سفيه يقتات من مال الشعب، ونزيف الروح.. التعيين لا ينفذ دون يمين.. الساسة بألف قناع، وأوغاد الأوغاد من الخلف يديرون المشهد عن بُعد بالموت وبالدم والغلبة.
البائع يحلف أيمانه ويده على قاته أو دونه، فيما الساسة يضعون أيديهم على القرآن.. كتاب الله.. يحلفون الأيمان دون أن تهتز لأحدهم شعرة.. كفوفاً تثقلها الآثام، وأصابع مجذومة تتمطى كتاب الله.. تُستعمر بالدين وبالغلظة.. شعب مغدور بإيمان الساسة وفتاوى رجال الدين.
***
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=pfbid02NbzuCuP66F8cRcyM43cZ4qHLj2K347LDx7cW4zxSAwAmnxXuB1Pom3CxXwPVq35Ll&id=100000484269812&mibextid=Nif5oz
أحمد سيف حاشد
أسواق القات تكتظ بالأيمان وبالناس.. البائع يمطر كل زبون بألف يمين وألف طلاق.. دون دمار دون خراب.. لغو يتلاشى كسراب.. لا فتوى فيها ولا كفارة.. الويل ثم الويل من إيمان يتخاتل.. يتلصص في لج الليل.. الويل من وعدٍ بات هلام، وعهد منكوث بالعيب الأسود، وأيماناً يطلقها الأوغاد.. غبي من صدّقها.
أيمان القات مهما ثقلت وطأتها، وصارت بثقل الفيل.. مهما انتفخت كالمنطاد، تظل أخف وزناً من خف حنين.. أخف من وزن الريشة.. ودون بألف من ويل الساسة، ومكر الأوغاد.. مكر الأوغاد أشد غلاظة.. أيمان القات بنا أرأف بالمليون من فتوى كاهن معبد.. رب المعبد شيخ زاهد، يلقي بكوارثه كرماً في وجه الناس.
يمين الوغد سحقاً مَحقاً لا ترى منه يوماً خيراً.. مهما كدّيت بحثا عنه حد الإعياء ونفاد الصبر.. لن تجد إلا خيبة بطعم العلقم.. يطلق وعداً دون وفاءٍ.. يعاهدكَ ثم يخون في نفس اللحظة، قبل جفاف الحبر على البردة، وإن طال باله وتعمم حكمة، يمكر فيك قبل مرور العام.. إن ضيّقت عليه أشربك السم الناقع.. عهد الوغد لا تأمنه مهما غلظ العهد.. الوغد مملوء بالمكر.. مسكوناً بالحيلة يتنفس كذبه.. يمين الوغد مقلب ماكر لن تنساه مهما حييت.
ندم يحتلك من رأسك إلى قاع القدمين، يستولي على ما بقي لك من عمر وحياة وحنين.. الوغد ينفذ من أنفاسك ومسامك.. يخترقك كالريح الأحمر.. يتسلل تحت الجلد، ولا ينفك منك إلا ونزع عنك اللحم وعض العظم.. يقتاتك بشهية ضبع جائع.
ندم جم يلاحقك كلعنة فرعون.. سم لا يكف عن السريان حتى تغادر روحك خلف الشمس.. معروفك مهما تراكم، وبدا مثل الجبل الضخم، يسحقه الوغد من أول يوم، بل من أول وهلة تمكين.
وعد الوغد آنية زهور.. يرميها من سابع دور عند أول طلعة.. الوغد تصافحه وتستودعه سلاماً باسم الرب، بعد ثوان تتفقد نفسك، وعمّا ضاع منك، وما الناقص فيك؛ فتجد نفسك مقطوع اليد، ومهدود الحيل.
أيمان القات تنفذ من جعبة صاحبها في ساعة أو بعض من يوم.. تتلاشى كسراب أو كخيط دخان.. ولا كأن ما كان في يوم كان.. أيمان الأوغاد والساسة دستورية بتأصيل "فقهي ديني"، فيها سلب للروح.. تجريف للوعي وغصب متوحش لإرادة أمة باسم الله.
الوغد يتسلل تقية.. يخدعُنا حتى يصل البغية.. يصير الطُهر مبغى.. يتفرعن أكثر من فرعون.. يقتل.. ينهب.. يفسد.. يتصحّر في وجه ماء الوجه.. يتصحر في وجه الناس.. يسود الأمة بالسيف وبالغلبة.
يأخذ ما يعجبه من الدستور، وما راق له من القانون.. وتحتفل الحشرات بطنين وضجيج يتلاشى فيها صوتك.. ينفجر بوجهك .. يحطم أضلاعك.. يهرس عظام الساقين.. يكسر رأسك نصفين.. وإن كان القانون ضده، رماه في مزبلة نتنة؛ وقال: هذا القانون رميم.. هذا القانون دميم لا يعنينا البتة.
يبدأ صلواته باسم الله.. يأخذ دارك في الدنيا، ويهديك قبراً بدلا عنه.. حتى القبر بات أغلى من بيت في الزمن الماضي.. لا يظفر بالقبر اليوم إلا من كان سعيداً صاحب مال أو ضربة حظ.. يوعدك بالدار الثاني، ويمنّ الشعب بأماني الوهمٍ، والغيث سرابا في أنفاس القيض..
تشتعل الصحراء بالحر وبالقيض.. تنتصر الخدعة تلو الخدعة، ويحتفل المنتصرون بالنصر الجاثم على حطام وأحلام الناس.. تقع من رأسك، وترتطم بالصخر الصم.. تكتشفَ كم كنت غبياً.. كم كنتَ ضريراً.. كم بلغ فيك العته.. عليك يا هذا أن لا تُخدع، وأن لا تُلدغ من جحر الأفعى أكثر من مرّة.
أيمان الباعة للقات، تتم دون تلفزة أو بث.. دون خسران أو ضجة إعلام.. الساسة على أطياف البث يبثون الدجل اليومي والناس جياع.. كل سياسي يدعمه ألف سفيه يقتات من مال الشعب، ونزيف الروح.. التعيين لا ينفذ دون يمين.. الساسة بألف قناع، وأوغاد الأوغاد من الخلف يديرون المشهد عن بُعد بالموت وبالدم والغلبة.
البائع يحلف أيمانه ويده على قاته أو دونه، فيما الساسة يضعون أيديهم على القرآن.. كتاب الله.. يحلفون الأيمان دون أن تهتز لأحدهم شعرة.. كفوفاً تثقلها الآثام، وأصابع مجذومة تتمطى كتاب الله.. تُستعمر بالدين وبالغلظة.. شعب مغدور بإيمان الساسة وفتاوى رجال الدين.
***
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=pfbid02NbzuCuP66F8cRcyM43cZ4qHLj2K347LDx7cW4zxSAwAmnxXuB1Pom3CxXwPVq35Ll&id=100000484269812&mibextid=Nif5oz
Facebook
Log in or sign up to view
See posts, photos and more on Facebook.
👍2
Forwarded from احمد سيف حاشد
ضد القات (محدّثة)
أحمد سيف حاشد
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=pfbid034xbHDRRJGPdsFsZKYbTBEKoyJnGsqmzsNxBVCmPmgsNbXQs2t9oaVFGrpEuD2E5Bl&id=100000484269812&mibextid=Nif5oz
القات بالنسبة لي في المقام الأول لا يتعدّى جانبه الاجتماعي، حيث لا أجد فيه أكثر من كونه جامع للرفقة والصداقة، وكذا المجاملات، وما تفرضه بعض اللقاءات والمناسبات الاجتماعية، أو المقيل مع أشخاص أرتاح لهم، أو أعتدتُ المقيل معهم، أو أحبذ اللقاء بهم والخوض معهم في أمور شتى ونقاشات متعددة، أو آخرين أجد ما يدفعني للقاء بهم في مقيل بوقت يكفي أو يتسع.
ويأتي هذا منّي تماشياً مع البيئة والوسط الاجتماعي السائد، والأعراف والتقاليد التي يمكنها ـ إن قررتَ مصادمتها وحدك ـ أن تعزلك، وتبعدك عن واقع مجتمع يفرض عليك شروطه وعاداته وتقاليده التي بلغت من زمن عمقه وصميمه.
أشعر أن هذا الواقع المجتمعي يشبه فرض سلطة الأمر الواقع للواقع الذي تريده، والتي تفرض عليك فيه خياراتها، وتصادر أو تضيِّق حقك في اختيار ما تريد، طالما أنت محكوم بواقع يفرض عليك هكذا شروط وخيارات، في عهد نجد فيه ظروف التغيير لازالت عصيّة أو غائبة.
ومع ذلك وعلى المستوى الشخصي استطيع التخلّص من عادة تعاطي القات في أي وقت بعد معاناة ربما لا تخلوا من صعوبة، ولكنها لن تطول، وقد جربتها مرّات عديدة، وسأكون مدعوماً بإرادة ووعي لازمين وكافيين إن جاء هذا المنع بقانون، للخلاص من هذه العادة التي أعتدتها في مجتمع لازال في عاداته وتقاليده الراسخة عصيَّاً على الزحزحة.
إنني مضطراً ومرغماً للخضوع بنسبة ما لمجتمع ثقيل الوطأة وشديد المحافظة، وبطيئاً في حركته نحو المستقبل، بل وتشهد مساراته انكسارات مُرّة، وردّات حضارية صادمة، ومفاعيل رجعية نشطة مدعومة داخلياً وخارجياً تجعلني أحياناً مُذعناً ومُكرهاً فيه على قدر وإرغام.
ومع هذا ورغم ذاك سأكون إلى جانب أي حراك تغييري نحو المستقبل، وفي هذا الإطار سأكون أيضا مع أي قرار أو قانون أو سلطة أو حراك يمنع أو يحد من تعاطي القات في اليمن، أو في أي جزء فيها. بل وسأكون سعيداً بتحقيق هكذا حلم أو هدف.
جل المجتمع مُدمن قات.. أكثر المجتمع مهوساً بالقات من قاع قدميه حتى شعر رأسه.. صار القات عند الغالبية الغالبة الهم اليومي الأول الذي تجاوز ما عداه.. كثيرون هم الذين يحرصون على أكل ما هو رديء وسيء من أجل توفير قيمة قات أفضل، أو أكثر جودة.
كثيرون هم من باعوا أصواتهم الانتخابية يوماً ما بحزمة قات صغيرة ليوم أو أسبوع، ليتلقّوا بعدها لكمات وصفعات عدد من السنين الطوال والعجاف.
كثيرون من يتم تحشيدهم وتسييرهم مسيِرات بعضها كبيرة أو لافتة؛ ينصبُ هدفها أو مبتغاها لتزييف الوعي، ومخادعة الرأي العام لصالح شرعيات زائفة، وسلطات مُغتصِبه بمقابل تخزينة قات ليوم واحد، تتكرر في مناسبة أخرى بحسب ما تحتاجه السلطة المأزومة بفقدان الشرعية، والرغبة الجامحة لصناعة الوهم المُستغفِل والمُستحمر لجماهيرها وأتباعها، والادعاء الكذوب والمكرّس من أنها تمثل شعبها.. إن مثابرة أي سلطة على هكذا تزييف وخداع ومبالغة، إنما تكشف مدى عريها، وعمق أزمتها، وفقدانها للشرعية الشعبية، لا إثباتها كما تزعم وتدّعي.
كثيرون هم من ذهبوا إلى محارق الحرب والموت بدوافع عديدة لا يغيب فيها دافع تعاطي القات وإدمانه، أو تلبية قليل أو كثير من الاحتياج إليه.. يجري توفير القات بكثير من الحرص والاهتمام من قبل كل سلطات الأمر الواقع وأمراء الحرب لدعم قتال كل طرف ضد خصمه، وجلّه يجري أو يتم بعيداً عن مصلحة الوطن، بل ويجري معها استغلال حاجات وعوز الناس وإدمانهم على القات لصالح قتال كل طرف ضد آخر بحثاً عن انتصار زائف، على حساب نزيف شعبنا ومستقبله.
لقد تم إفلاس وتفريغ الجيوب، وقطع المرتبات، وتوسيع رقعة البطالة، وإفقار المجتمع أو الجمهور العريض من أجل تحويله بسهولة ويسر وبدافع الحاجة إلى محاطب ومحارق حرب بحثاً عن غلبة، وادعاء انتصار لحق عريض، ثم يتضح لاحقاًَ أن ذلك كان مجرد خدعة أو محض وهم.
إننا نعيش في مجتمع فيه إدمان القات عادة متجذرة، وعند الصغار مدعاة إلى محاكات الرجولة حتّى وإن كانت كاذبة، فيما نجد الذي يقلع عنه عليه يعاني من عزلة المجتمع، والانطواء والتوحّد بعيداً عن الأصدقاء والرفقة والناس، وشعور ثقيل بالغربة في شعب مُستلب عقله ووعيه.
يجب التصدّي لظاهرة القات في المجتمع من خلال ثورة اجتماعية عريضة تبلغ مرادها ومداها، أو تكون أشبه بالثورة على الأفيون في الصين.. ويستمر الحال، ويبقى السؤال: من لنا ما للصين العظيم؟!
الحقيقة إننا صرنا في مسيس الحاجة وأكثر من أي وقت مضى لإعادة النظر والمراجعة لكثير من قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا التي ترسخت على مدٍ طويل، وإعادة تقييمها بجُرأة، وهدم التالف منها، لاسيما تلك التي ألحقت بالمجتمع ظُلماً وضرراً وتشوهاً، واستبدالها بما هو حميد ومفيد إذا استطعنا أن نُوجد منتزهات ومتنفسات وحدائق ومسارح ومكتبات وصالات رياضية
أحمد سيف حاشد
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=pfbid034xbHDRRJGPdsFsZKYbTBEKoyJnGsqmzsNxBVCmPmgsNbXQs2t9oaVFGrpEuD2E5Bl&id=100000484269812&mibextid=Nif5oz
القات بالنسبة لي في المقام الأول لا يتعدّى جانبه الاجتماعي، حيث لا أجد فيه أكثر من كونه جامع للرفقة والصداقة، وكذا المجاملات، وما تفرضه بعض اللقاءات والمناسبات الاجتماعية، أو المقيل مع أشخاص أرتاح لهم، أو أعتدتُ المقيل معهم، أو أحبذ اللقاء بهم والخوض معهم في أمور شتى ونقاشات متعددة، أو آخرين أجد ما يدفعني للقاء بهم في مقيل بوقت يكفي أو يتسع.
ويأتي هذا منّي تماشياً مع البيئة والوسط الاجتماعي السائد، والأعراف والتقاليد التي يمكنها ـ إن قررتَ مصادمتها وحدك ـ أن تعزلك، وتبعدك عن واقع مجتمع يفرض عليك شروطه وعاداته وتقاليده التي بلغت من زمن عمقه وصميمه.
أشعر أن هذا الواقع المجتمعي يشبه فرض سلطة الأمر الواقع للواقع الذي تريده، والتي تفرض عليك فيه خياراتها، وتصادر أو تضيِّق حقك في اختيار ما تريد، طالما أنت محكوم بواقع يفرض عليك هكذا شروط وخيارات، في عهد نجد فيه ظروف التغيير لازالت عصيّة أو غائبة.
ومع ذلك وعلى المستوى الشخصي استطيع التخلّص من عادة تعاطي القات في أي وقت بعد معاناة ربما لا تخلوا من صعوبة، ولكنها لن تطول، وقد جربتها مرّات عديدة، وسأكون مدعوماً بإرادة ووعي لازمين وكافيين إن جاء هذا المنع بقانون، للخلاص من هذه العادة التي أعتدتها في مجتمع لازال في عاداته وتقاليده الراسخة عصيَّاً على الزحزحة.
إنني مضطراً ومرغماً للخضوع بنسبة ما لمجتمع ثقيل الوطأة وشديد المحافظة، وبطيئاً في حركته نحو المستقبل، بل وتشهد مساراته انكسارات مُرّة، وردّات حضارية صادمة، ومفاعيل رجعية نشطة مدعومة داخلياً وخارجياً تجعلني أحياناً مُذعناً ومُكرهاً فيه على قدر وإرغام.
ومع هذا ورغم ذاك سأكون إلى جانب أي حراك تغييري نحو المستقبل، وفي هذا الإطار سأكون أيضا مع أي قرار أو قانون أو سلطة أو حراك يمنع أو يحد من تعاطي القات في اليمن، أو في أي جزء فيها. بل وسأكون سعيداً بتحقيق هكذا حلم أو هدف.
جل المجتمع مُدمن قات.. أكثر المجتمع مهوساً بالقات من قاع قدميه حتى شعر رأسه.. صار القات عند الغالبية الغالبة الهم اليومي الأول الذي تجاوز ما عداه.. كثيرون هم الذين يحرصون على أكل ما هو رديء وسيء من أجل توفير قيمة قات أفضل، أو أكثر جودة.
كثيرون هم من باعوا أصواتهم الانتخابية يوماً ما بحزمة قات صغيرة ليوم أو أسبوع، ليتلقّوا بعدها لكمات وصفعات عدد من السنين الطوال والعجاف.
كثيرون من يتم تحشيدهم وتسييرهم مسيِرات بعضها كبيرة أو لافتة؛ ينصبُ هدفها أو مبتغاها لتزييف الوعي، ومخادعة الرأي العام لصالح شرعيات زائفة، وسلطات مُغتصِبه بمقابل تخزينة قات ليوم واحد، تتكرر في مناسبة أخرى بحسب ما تحتاجه السلطة المأزومة بفقدان الشرعية، والرغبة الجامحة لصناعة الوهم المُستغفِل والمُستحمر لجماهيرها وأتباعها، والادعاء الكذوب والمكرّس من أنها تمثل شعبها.. إن مثابرة أي سلطة على هكذا تزييف وخداع ومبالغة، إنما تكشف مدى عريها، وعمق أزمتها، وفقدانها للشرعية الشعبية، لا إثباتها كما تزعم وتدّعي.
كثيرون هم من ذهبوا إلى محارق الحرب والموت بدوافع عديدة لا يغيب فيها دافع تعاطي القات وإدمانه، أو تلبية قليل أو كثير من الاحتياج إليه.. يجري توفير القات بكثير من الحرص والاهتمام من قبل كل سلطات الأمر الواقع وأمراء الحرب لدعم قتال كل طرف ضد خصمه، وجلّه يجري أو يتم بعيداً عن مصلحة الوطن، بل ويجري معها استغلال حاجات وعوز الناس وإدمانهم على القات لصالح قتال كل طرف ضد آخر بحثاً عن انتصار زائف، على حساب نزيف شعبنا ومستقبله.
لقد تم إفلاس وتفريغ الجيوب، وقطع المرتبات، وتوسيع رقعة البطالة، وإفقار المجتمع أو الجمهور العريض من أجل تحويله بسهولة ويسر وبدافع الحاجة إلى محاطب ومحارق حرب بحثاً عن غلبة، وادعاء انتصار لحق عريض، ثم يتضح لاحقاًَ أن ذلك كان مجرد خدعة أو محض وهم.
إننا نعيش في مجتمع فيه إدمان القات عادة متجذرة، وعند الصغار مدعاة إلى محاكات الرجولة حتّى وإن كانت كاذبة، فيما نجد الذي يقلع عنه عليه يعاني من عزلة المجتمع، والانطواء والتوحّد بعيداً عن الأصدقاء والرفقة والناس، وشعور ثقيل بالغربة في شعب مُستلب عقله ووعيه.
يجب التصدّي لظاهرة القات في المجتمع من خلال ثورة اجتماعية عريضة تبلغ مرادها ومداها، أو تكون أشبه بالثورة على الأفيون في الصين.. ويستمر الحال، ويبقى السؤال: من لنا ما للصين العظيم؟!
الحقيقة إننا صرنا في مسيس الحاجة وأكثر من أي وقت مضى لإعادة النظر والمراجعة لكثير من قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا التي ترسخت على مدٍ طويل، وإعادة تقييمها بجُرأة، وهدم التالف منها، لاسيما تلك التي ألحقت بالمجتمع ظُلماً وضرراً وتشوهاً، واستبدالها بما هو حميد ومفيد إذا استطعنا أن نُوجد منتزهات ومتنفسات وحدائق ومسارح ومكتبات وصالات رياضية
Facebook
Log in or sign up to view
See posts, photos and more on Facebook.
👍1
تغاريد غير مشفرة 1 - 20
استحمار ومرتبات وطرقات وأحمال كاذبة
أحمد سيف حاشد
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=pfbid02CyHNphdoRm11FVkZp8Si4QSmhyuzR1p85jNjPen9m25dxwar7uWasxqJsqdZxRAcl&id=100000484269812&mibextid=Nif5oz
(1)
نحن لا نشطح ولا نزايد ولا نبالغ، بل ونؤكد أننا لسنا مجانين، ولا "ملبوقين" ولا غير ذلك مما يجري توصيفنا به حالما نحاول افهامكم ما بلغه شعبنا المنكوب من إنهاك وإذلال وعبودية..
فقط نريد أن نبلغكم أن شعبنا منهك للغاية، والواقع ثقيل جداً، وقد بلغ الأمر أوجه، وصار فوق طاقته وقدرته على الاحتمال. مطالبنا يا سادة مثل مطالب شعبنا.. مطالب بسيطة ومتواضعة جداً ويسيرة عليكم، ونحن نعرف هذا تماماً، وإلا لما تفوهنا ببنت شفة.
نناشدكم هنا أن تكفّوا عن مزيد من إفقار شعبنا، ودعونا نشعر على الأقل أن ثمة سلام قادم، وأن الحرب وضعت أوزارها، وأن هناك تحسن نسبي في أحوال المواطنين الذين صبروا على كل شيء ثمان سنوات طوال، وأعلموا أن من صميم حقهم أن يأملوا أن هناك تحسن ملحوظ في معيشهم، ويستطيعوا الحصول على لقمة عيش كريمة غير مغموسة بإذلال.
توقفت الحرب تقريباً باستثناء القصف اليومي الذي يطال مديريات محافظة صعدة، غير أن الجبايات مازالت تشتد وتستعر وتثقل الكواهل، وكأن الحرب لازالت في أوجها.
تم رفع الحصار عن ميناء الحديدة، وصارت المشتقات النفطية تدخل بسهولة ودون "دمرج" أو إعاقة، غير أن الأسعار لم تشهد ما يقابل ذلك من انخفاض كان يفترض أن يكون كبيراً وكثيراً بعد صمود أسطوري لا تقوى عليه الجبال الراسيات.
تراجعت الحرب أو تكاد أن تكون متوقفة بهذه الدرجة أو تلك، غير أننا لم نشهد تراجع عن زمن الحرب على مستوى معيشة المواطن.. لم نشهد تراجع أو تحسن يستحق الذكر.. مازال شعبنا ينزف كل يوم وهو يدفع دم قلبه فارقاً للسعر المتغوّل والمهول.. الفارق الذي لا نعرف إلى أين يذهب، وأي ثقب أسود قادر أن يبتلع كل ما هو باذخ ومهول..!!
الكهرباء لازالت في أعاليها ترفض نزولها إلا بقدر لا نراه حتّى بمائة عدسة مكبرة. ماذا يعني الـ 15 ريال للكيلو وات من سعر يسحق شعبنا كدكاكه..؟!! خمسة عشر ريالاً كل ثلاثة أشهر وأكثر، هي في تقديري أبطأ من سير السلحفاة، ولا نعلم متى نصل بهذا الإيقاع إلى ما هو عادل!! صبر شعبنا ثمان سنوات عجاف، ولا ندري في أي عام سنصل إلى سعر عادل يليق بصمود شعبنا الذي يجري إذلاله بإمعان. لم نعد ولم يعد شعبنا يحتمل المزيد.
وقس على هذا وذاك في كل التفاصيل..!!
الخلاصة شعبنا منهك ويهلك.. شعبنا يستحق منكم على الأقل رد قليل من جميل كثير جحدتموه، ولا زلتم تجحدوه إلى اليوم، وتثقلوه بمزيد من الإذلال والجبايات والفاقة والجوع.. كفوا عن استحمار شعبنا حتى لا تجدوه قيامة عليكم ذات يوم أظنه يقترب.
(2)
هدنة بدون هدنة.. وهدنه للاتفاق على هدنة
"سلام" مشوي بالهدن.. ومرتبات تفحمت من كثرة لتوتها وانتظارها.
وزيادة في الجبايات معلنة وغير معلنة تطالنا بمزيد من الفاقة والعوز والندم.
هدن معلنة وغير معلنة ندفع دم قلوبنا ولم ننال منها حق أو سلام.
يأزف الوقت دون أن يتم إيقاف نزيف شعبنا ومعاناته التي تزداد وتشتد، وتستمر الوعود الزائفة، ويستمر تكرارها دون أمل أو جديد.. الجمعة هي الجمعة والخطبة الخطبة، وديمة خلفنا بابها، فيما يحصد شعبنا مزيد من اليأس والقرف والأحمال الكاذبة.
(3)
يبدو أنه لن يتم دفع المرتبات
ولن تفتح الطرق على الأقل في المدى المنظور
لماذا ؟!
سؤال يكشف جوابه دمامة التسلط وقبح الوجوه.
صارت جميع أطراف الحرب تستسهل الشعب وواثقة أنه لن يحرك ساكنا.
شعبنا فقط يصبر
(4)
مما مضى من مفاوضات، ومعها الجارية اليوم تمعن في مجملها، وتتعمد على نحو بالغ وأكيد في تحقيق مزيد من إنهاك شعبنا وتدميره، وتعميق تمزيقه، وتكريس مخرجات الحرب البشعة، لتكون هذه المخرجات الكارثية أساسا للحاضر والمستقبل الذي يريدوا فرضه على شعبنا المنكوب بهم على الدوام.
(5)
من لم يفهم ولم يتعلم بعد ثمان سنوات طوال، وبعد كل هذا الانكشاف المريع الذي نراه اليوم شاخصا وبارزا للعيان، لن يفهم ولن يتعلم بقية عمره، لاسيما وقد بلغ ما تم هدره كلفة وطن.
(6)
من لم يستطع انتزاع القليل لصالح الوطن قطعا لن يستطيع انتزاع ما هو أهم وأكبر.
كل ما تستطيع فعله أطراف الحرب المحلية هو تنفيذ أجندات الخارج في تمزيق وتوزيع اليمن، وضرب مصالح الوطن الكبرى، ونهب مقدرات شعبنا واستنزافه، واثقاله بمزيد من الفقر والجوع والمجاعات، والمساومة بحقوق شعبنا والوطن لصالح المصالح الضيقة لتلك الأطراف الصغيرة بالغة الأنانية والتفاهة والقرف.
(7)
جميع أطراف الحرب الداخلية وما قامت وتقوم به اليوم هو تنفيذ أجندات الخارج بعلم أو بدون علم على حساب الوطن الذي أسهموا مع غيرهم في وصوله إلى ما وصل إليه من حرب وتمزيق ونهب وجوع وتفريط، بل وكوارث بلا عدد، وجحيم لا ينتهي.
استحمار ومرتبات وطرقات وأحمال كاذبة
أحمد سيف حاشد
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=pfbid02CyHNphdoRm11FVkZp8Si4QSmhyuzR1p85jNjPen9m25dxwar7uWasxqJsqdZxRAcl&id=100000484269812&mibextid=Nif5oz
(1)
نحن لا نشطح ولا نزايد ولا نبالغ، بل ونؤكد أننا لسنا مجانين، ولا "ملبوقين" ولا غير ذلك مما يجري توصيفنا به حالما نحاول افهامكم ما بلغه شعبنا المنكوب من إنهاك وإذلال وعبودية..
فقط نريد أن نبلغكم أن شعبنا منهك للغاية، والواقع ثقيل جداً، وقد بلغ الأمر أوجه، وصار فوق طاقته وقدرته على الاحتمال. مطالبنا يا سادة مثل مطالب شعبنا.. مطالب بسيطة ومتواضعة جداً ويسيرة عليكم، ونحن نعرف هذا تماماً، وإلا لما تفوهنا ببنت شفة.
نناشدكم هنا أن تكفّوا عن مزيد من إفقار شعبنا، ودعونا نشعر على الأقل أن ثمة سلام قادم، وأن الحرب وضعت أوزارها، وأن هناك تحسن نسبي في أحوال المواطنين الذين صبروا على كل شيء ثمان سنوات طوال، وأعلموا أن من صميم حقهم أن يأملوا أن هناك تحسن ملحوظ في معيشهم، ويستطيعوا الحصول على لقمة عيش كريمة غير مغموسة بإذلال.
توقفت الحرب تقريباً باستثناء القصف اليومي الذي يطال مديريات محافظة صعدة، غير أن الجبايات مازالت تشتد وتستعر وتثقل الكواهل، وكأن الحرب لازالت في أوجها.
تم رفع الحصار عن ميناء الحديدة، وصارت المشتقات النفطية تدخل بسهولة ودون "دمرج" أو إعاقة، غير أن الأسعار لم تشهد ما يقابل ذلك من انخفاض كان يفترض أن يكون كبيراً وكثيراً بعد صمود أسطوري لا تقوى عليه الجبال الراسيات.
تراجعت الحرب أو تكاد أن تكون متوقفة بهذه الدرجة أو تلك، غير أننا لم نشهد تراجع عن زمن الحرب على مستوى معيشة المواطن.. لم نشهد تراجع أو تحسن يستحق الذكر.. مازال شعبنا ينزف كل يوم وهو يدفع دم قلبه فارقاً للسعر المتغوّل والمهول.. الفارق الذي لا نعرف إلى أين يذهب، وأي ثقب أسود قادر أن يبتلع كل ما هو باذخ ومهول..!!
الكهرباء لازالت في أعاليها ترفض نزولها إلا بقدر لا نراه حتّى بمائة عدسة مكبرة. ماذا يعني الـ 15 ريال للكيلو وات من سعر يسحق شعبنا كدكاكه..؟!! خمسة عشر ريالاً كل ثلاثة أشهر وأكثر، هي في تقديري أبطأ من سير السلحفاة، ولا نعلم متى نصل بهذا الإيقاع إلى ما هو عادل!! صبر شعبنا ثمان سنوات عجاف، ولا ندري في أي عام سنصل إلى سعر عادل يليق بصمود شعبنا الذي يجري إذلاله بإمعان. لم نعد ولم يعد شعبنا يحتمل المزيد.
وقس على هذا وذاك في كل التفاصيل..!!
الخلاصة شعبنا منهك ويهلك.. شعبنا يستحق منكم على الأقل رد قليل من جميل كثير جحدتموه، ولا زلتم تجحدوه إلى اليوم، وتثقلوه بمزيد من الإذلال والجبايات والفاقة والجوع.. كفوا عن استحمار شعبنا حتى لا تجدوه قيامة عليكم ذات يوم أظنه يقترب.
(2)
هدنة بدون هدنة.. وهدنه للاتفاق على هدنة
"سلام" مشوي بالهدن.. ومرتبات تفحمت من كثرة لتوتها وانتظارها.
وزيادة في الجبايات معلنة وغير معلنة تطالنا بمزيد من الفاقة والعوز والندم.
هدن معلنة وغير معلنة ندفع دم قلوبنا ولم ننال منها حق أو سلام.
يأزف الوقت دون أن يتم إيقاف نزيف شعبنا ومعاناته التي تزداد وتشتد، وتستمر الوعود الزائفة، ويستمر تكرارها دون أمل أو جديد.. الجمعة هي الجمعة والخطبة الخطبة، وديمة خلفنا بابها، فيما يحصد شعبنا مزيد من اليأس والقرف والأحمال الكاذبة.
(3)
يبدو أنه لن يتم دفع المرتبات
ولن تفتح الطرق على الأقل في المدى المنظور
لماذا ؟!
سؤال يكشف جوابه دمامة التسلط وقبح الوجوه.
صارت جميع أطراف الحرب تستسهل الشعب وواثقة أنه لن يحرك ساكنا.
شعبنا فقط يصبر
(4)
مما مضى من مفاوضات، ومعها الجارية اليوم تمعن في مجملها، وتتعمد على نحو بالغ وأكيد في تحقيق مزيد من إنهاك شعبنا وتدميره، وتعميق تمزيقه، وتكريس مخرجات الحرب البشعة، لتكون هذه المخرجات الكارثية أساسا للحاضر والمستقبل الذي يريدوا فرضه على شعبنا المنكوب بهم على الدوام.
(5)
من لم يفهم ولم يتعلم بعد ثمان سنوات طوال، وبعد كل هذا الانكشاف المريع الذي نراه اليوم شاخصا وبارزا للعيان، لن يفهم ولن يتعلم بقية عمره، لاسيما وقد بلغ ما تم هدره كلفة وطن.
(6)
من لم يستطع انتزاع القليل لصالح الوطن قطعا لن يستطيع انتزاع ما هو أهم وأكبر.
كل ما تستطيع فعله أطراف الحرب المحلية هو تنفيذ أجندات الخارج في تمزيق وتوزيع اليمن، وضرب مصالح الوطن الكبرى، ونهب مقدرات شعبنا واستنزافه، واثقاله بمزيد من الفقر والجوع والمجاعات، والمساومة بحقوق شعبنا والوطن لصالح المصالح الضيقة لتلك الأطراف الصغيرة بالغة الأنانية والتفاهة والقرف.
(7)
جميع أطراف الحرب الداخلية وما قامت وتقوم به اليوم هو تنفيذ أجندات الخارج بعلم أو بدون علم على حساب الوطن الذي أسهموا مع غيرهم في وصوله إلى ما وصل إليه من حرب وتمزيق ونهب وجوع وتفريط، بل وكوارث بلا عدد، وجحيم لا ينتهي.
Facebook
Log in or sign up to view
See posts, photos and more on Facebook.
👍1
(8)
نحن بصدد محاولة ترحيل ما هو إنساني من مرتبات وفتح طرقات وتوحيد البنك والعملة والانتقال إلى الشأن السياسي ونظام الحكم؟!!
إن صح هذا فإنه يعني ترك ما يخص الشعب في كل ما ضروري ومهم إلى ما يخص تأمين غنائمهم في اقتسام وتوزيع اليمن بينهم، وتغيير نظام الحكم وشكل الدولة.
منكوبين بهم، ومنكوبين بالحرب التي اشعلوها، ومنكوبين في مفاوضات لازال يحرص أطرافها ومن يقف وراءها على استحقاقات الحرب والغلبة في كل مجمل وتفصيل، وتأمين ما آل إليهم من غنائم الوطن المنكوب، وترحيل قضايا الشعب الملحة والعاجلة والمتعلقة بعيشه وقوته إلى موعد آخر حتى يتقرر أيضا حصة أطراف الحرب منها.
(9)
بشأن موضوع المرتبات مصدر خاص في خارجية صنعاء قال لشبكة_الملصي: العدو السعودي يستخدم ملف المرتبات وسيلة لابتزازنا لتقديم تنازلات تمس الكرامة، كما يحصل في المحافظات المحتلة.
ونحن نقول:
لا تخضعوا للابتزاز وصوناً للكرامة ودفعاً للابتزاز اصرفوها من مهول يتم جبايته.. هذا إن صدقتم.
لستم مضطرين للتنازل ولا نحن مضطرين للانتظار الكذوب.
يريدون أن يقولوا لنا في أول يوم محادثات في أول يوم دوام: لا توجد رواتب..
افهموها.
(10)
سرية المفاوضات ليس من أجل نجاحها
ولكن للحيلولة دون انكشاف مواقفهم فيها
(11)
عندما نرى أبواقهم الإعلامية تشتد على أمريكا وتسكت عما تشهده مديريات محافظة صعدة من قصف مدفعي يسفر عن ضحايا وجرحى كل يوم.
وأكثر من هذا يتحدثون عن المعرقل الأمريكي في المفاوضات فيما هم يتفاوضون مع السعودية وهي المعنية والتي باتت تتحدى أمريكا في سياسات وإجراءات اقتصادية جريئة وغير مسبوقة بل ومصادمة على نحو صادم مع المصالح الأمريكية.
كل هذا يشعرني إنهم زاردين حاجة، أو أن عيونهم على غنيمة ما يجري التفاوض بصددها تحت الطاولة على حساب حقوق واستحقاقات شعبنا ومستقبله.
هل أنتم تشعرون معي بهذا أم أنا أتوهم فقط ما ليس له أساسا من الصحة والوجود؟؟!!
(12)
في صنعاء عيد للعمال
والعمال بدون رواتب
مأساة أم وبال وكارثة
(13)
كثير من الرسائل يوجهها شعبنا للسلطة هنا أو هناك.
وفي المقابل يدفع كلفة كبيرة لإيصالها
فمن لم يفهمها اليوم أو يدير لها قفاه
سيأتي يوم ويفهمها على نحو أكيد
أو تصل إليه صادمة
ولكن بكلفة ثقيلة على تلك السلطة وأربابها، ربما تبلغ بها حد الزوال، وبعد أن يكون قد فاتها القطار، وانتهت أمامها كل الفرص التي عبثت بها فيما رحل، ودون أن تستفيد من واحدة؛ فترحل هي بذاتها وأربابها دون عودة أو إياب.
(14)
ليس التاجر "الكبوس" حتى لا تصير "مصائب قوم عند قوم فوائدُ" بل أجد في طليعة الأسباب المسؤولة عمّا حدث من كارثة الصدقة في مدرسة معين، والتي يتغاضى ويهرب المعنيين من مواجهتها إلى أي مشجب آخر، وعلى رأس تلك الأسباب التالي:
1- انقطاع الرواتب واستمرار هذا الانقطاع لسنوات خلت، وتخلّي سلطة الأمر الواقع عن مسؤوليتها في التصدِّي لها.
2 - اتساع رقعة الفقر وما يوازيها من سياسات إفقار شعبنا، وهي سياسة فادحة النتائج، تشترك فيها ويجري ممارستها وتكريسها من قبل جميع أطراف الحرب داخلية وخارجية دون استثناء.
3- البطالة الكبيرة والتي تتضاعف باستمرار الوضع الراهن وتفاقمه دون وجود أي جهود او حلول أو معالجات للتخفيف منها أو من آثارها أو حتى إيقاف تضاعفها.
4 - عدم شعور سلطات الأمر الواقع بأي مسؤولية ناحية شعبها، وتحللها من أي التزامات أو واجبات اقتصادية أو خدمية حيال هذا الشعب المنكوب. فيما تلك السلطات تمعن في الجبايات التي تضاعفها وتمنح متحصليها نسبة مجزية منها تجعلهم يضاعفوها على حساب حياة شعبنا الذي يعيش مزيداً من الفاقة والجوع والعوز.
5- غياب أي سياسات توقف التدهور المعيشي لشعبنا أو حتى إيقاف ما هو متفاقم ومريع ومستمر، وفقدان الريال لقيمته الشرائية، وزيادة الأعباء المعيشية التي تثقل كاهل شعبنا على نحو مستمر وثقيل.
عدم الوقوف على هذه الأسباب يعني مزيد من الهروب عن استحقاق ضروري وملح للغاية لصالح شعبنا، وتخلِّي عمّا يجب أن يحدث أو يتم القيام به.
(15)
نزلتُ إلى بوابة مدرسة معين ثم ذهبت إلى مستشفى الثورة
وصلتُ قبل وصول المشرف خالد المداني
٧٨ حالة وفاة وهو عدد مرشح للزيادة وأكثر من ٧٢ جريح وعدد من الحالات الحرجة بعضها في غرف العمليات
حالات الاختناق كثيرة، وبعضها اصابات مختلفة وكسور.
السبب فتح بوابة المدرسة والتكوم والتدافع الكبير إلى الدخل والانزلاق من الدرج في البوابة..
لا صحة لما أوردته بعض المصادر أن ما حدث بسبب ماس كهربائي.
ثلاجة المستشفى امتلأت بالجثث وتم التوجيه لمستشفيات أخرى باستقبال الجثث
الضحايا فقراء ومعدمين يبحث كل واحد منهم على خمسة ألف ريال.
نحن بصدد محاولة ترحيل ما هو إنساني من مرتبات وفتح طرقات وتوحيد البنك والعملة والانتقال إلى الشأن السياسي ونظام الحكم؟!!
إن صح هذا فإنه يعني ترك ما يخص الشعب في كل ما ضروري ومهم إلى ما يخص تأمين غنائمهم في اقتسام وتوزيع اليمن بينهم، وتغيير نظام الحكم وشكل الدولة.
منكوبين بهم، ومنكوبين بالحرب التي اشعلوها، ومنكوبين في مفاوضات لازال يحرص أطرافها ومن يقف وراءها على استحقاقات الحرب والغلبة في كل مجمل وتفصيل، وتأمين ما آل إليهم من غنائم الوطن المنكوب، وترحيل قضايا الشعب الملحة والعاجلة والمتعلقة بعيشه وقوته إلى موعد آخر حتى يتقرر أيضا حصة أطراف الحرب منها.
(9)
بشأن موضوع المرتبات مصدر خاص في خارجية صنعاء قال لشبكة_الملصي: العدو السعودي يستخدم ملف المرتبات وسيلة لابتزازنا لتقديم تنازلات تمس الكرامة، كما يحصل في المحافظات المحتلة.
ونحن نقول:
لا تخضعوا للابتزاز وصوناً للكرامة ودفعاً للابتزاز اصرفوها من مهول يتم جبايته.. هذا إن صدقتم.
لستم مضطرين للتنازل ولا نحن مضطرين للانتظار الكذوب.
يريدون أن يقولوا لنا في أول يوم محادثات في أول يوم دوام: لا توجد رواتب..
افهموها.
(10)
سرية المفاوضات ليس من أجل نجاحها
ولكن للحيلولة دون انكشاف مواقفهم فيها
(11)
عندما نرى أبواقهم الإعلامية تشتد على أمريكا وتسكت عما تشهده مديريات محافظة صعدة من قصف مدفعي يسفر عن ضحايا وجرحى كل يوم.
وأكثر من هذا يتحدثون عن المعرقل الأمريكي في المفاوضات فيما هم يتفاوضون مع السعودية وهي المعنية والتي باتت تتحدى أمريكا في سياسات وإجراءات اقتصادية جريئة وغير مسبوقة بل ومصادمة على نحو صادم مع المصالح الأمريكية.
كل هذا يشعرني إنهم زاردين حاجة، أو أن عيونهم على غنيمة ما يجري التفاوض بصددها تحت الطاولة على حساب حقوق واستحقاقات شعبنا ومستقبله.
هل أنتم تشعرون معي بهذا أم أنا أتوهم فقط ما ليس له أساسا من الصحة والوجود؟؟!!
(12)
في صنعاء عيد للعمال
والعمال بدون رواتب
مأساة أم وبال وكارثة
(13)
كثير من الرسائل يوجهها شعبنا للسلطة هنا أو هناك.
وفي المقابل يدفع كلفة كبيرة لإيصالها
فمن لم يفهمها اليوم أو يدير لها قفاه
سيأتي يوم ويفهمها على نحو أكيد
أو تصل إليه صادمة
ولكن بكلفة ثقيلة على تلك السلطة وأربابها، ربما تبلغ بها حد الزوال، وبعد أن يكون قد فاتها القطار، وانتهت أمامها كل الفرص التي عبثت بها فيما رحل، ودون أن تستفيد من واحدة؛ فترحل هي بذاتها وأربابها دون عودة أو إياب.
(14)
ليس التاجر "الكبوس" حتى لا تصير "مصائب قوم عند قوم فوائدُ" بل أجد في طليعة الأسباب المسؤولة عمّا حدث من كارثة الصدقة في مدرسة معين، والتي يتغاضى ويهرب المعنيين من مواجهتها إلى أي مشجب آخر، وعلى رأس تلك الأسباب التالي:
1- انقطاع الرواتب واستمرار هذا الانقطاع لسنوات خلت، وتخلّي سلطة الأمر الواقع عن مسؤوليتها في التصدِّي لها.
2 - اتساع رقعة الفقر وما يوازيها من سياسات إفقار شعبنا، وهي سياسة فادحة النتائج، تشترك فيها ويجري ممارستها وتكريسها من قبل جميع أطراف الحرب داخلية وخارجية دون استثناء.
3- البطالة الكبيرة والتي تتضاعف باستمرار الوضع الراهن وتفاقمه دون وجود أي جهود او حلول أو معالجات للتخفيف منها أو من آثارها أو حتى إيقاف تضاعفها.
4 - عدم شعور سلطات الأمر الواقع بأي مسؤولية ناحية شعبها، وتحللها من أي التزامات أو واجبات اقتصادية أو خدمية حيال هذا الشعب المنكوب. فيما تلك السلطات تمعن في الجبايات التي تضاعفها وتمنح متحصليها نسبة مجزية منها تجعلهم يضاعفوها على حساب حياة شعبنا الذي يعيش مزيداً من الفاقة والجوع والعوز.
5- غياب أي سياسات توقف التدهور المعيشي لشعبنا أو حتى إيقاف ما هو متفاقم ومريع ومستمر، وفقدان الريال لقيمته الشرائية، وزيادة الأعباء المعيشية التي تثقل كاهل شعبنا على نحو مستمر وثقيل.
عدم الوقوف على هذه الأسباب يعني مزيد من الهروب عن استحقاق ضروري وملح للغاية لصالح شعبنا، وتخلِّي عمّا يجب أن يحدث أو يتم القيام به.
(15)
نزلتُ إلى بوابة مدرسة معين ثم ذهبت إلى مستشفى الثورة
وصلتُ قبل وصول المشرف خالد المداني
٧٨ حالة وفاة وهو عدد مرشح للزيادة وأكثر من ٧٢ جريح وعدد من الحالات الحرجة بعضها في غرف العمليات
حالات الاختناق كثيرة، وبعضها اصابات مختلفة وكسور.
السبب فتح بوابة المدرسة والتكوم والتدافع الكبير إلى الدخل والانزلاق من الدرج في البوابة..
لا صحة لما أوردته بعض المصادر أن ما حدث بسبب ماس كهربائي.
ثلاجة المستشفى امتلأت بالجثث وتم التوجيه لمستشفيات أخرى باستقبال الجثث
الضحايا فقراء ومعدمين يبحث كل واحد منهم على خمسة ألف ريال.
👍1
وصول بعض الحالات إلى المستشفى ووجوهها شديدة الزرقة والسواد.
رئيس هيئة الزكاة بتوجيه زعيم أنصار الله منح مليون ريال لكل حالة وفاة، ومائتين الف ريال لكل جريح بالإضافة إلى تكاليف العلاج والمستشفى.
خالد المداني نقل تحيات السيد القائد والرئيس المشاط للجرحى والعزاء لأسر المتوفين.
(16)
شاهدتُ على أسرّت إحدى غرف مستشفى الثورة طفل عمره في حدود الـ 15 سنة يشكو من بطنه وحوضه، وآخر كان في حاله أفضل، وثالث يبدو أنه مهمش، وحالته كانت أكثر سوءاً، وعندما أراد أمين عام مجلس الوزراء أبو راغب إن لم تخني الذاكرة، وهو شخص طيب وصاحب ذوق ويعرفني من سابق، حاول أن يناولني ضرف فيه نقود أعطيها لهذا المهمش، ولكن حال شخص أخر من المتواجدين دون ذلك، وأخذها من أجل التصوير وهو يعطيها المصاب.
وعند وصولي إلى بوابة مدرسة معين في الشارع المقابل وجدت مراسل قناة فضائية يلح على نحو ثقيل بأخذ تصريح، كاد يلاحقني لولا هروبي منه، بعد أن رفضت أن أدلى بأي تصريح كونني واصلاً للتو، ولا توجد لدي أي معلومات عما حدث.
وعندما انتقلت إلى بوابة المدرسة التي كانت مغلقة، وتوجد أمامها سيارة شرطة، وفيما أنا أسأل عمّا حدث، أدركني المراسل مع امرأة حادة الطبع وفجة في الكلام لتتحدث إلى المراسل في وجهي أنها تعرفني، وأنها تسمع عني في الراديو والتلفزيون، وأنني خائن وعميل وأعمل ضد الوطن..
أظن لا تفعل هذا إلا قناة "الهوية".
(17)
حقيقة أم مصادفة؟!!
حالما لفتت نظري الليلة الامرأة التي تحدثت لقناة المسيرة والتي يحاول مضمون كلامها تحميل المسؤولية للتجار، أن صوتها مقارب إن لم يكن نفسه للمرأة التي هرعت مع مراسل القناة اللذان لاحقاني اليوم الأول ليتم التصوير وهي تتهمني باني ضد الوطن ومعارض وخائن .. إلخ
(18)
ستأتي
ولكن من حيث لا تظن
ولا تحتسب..
(19)
أطالب بإطلاق سراح الدكتور مصطفى المتوكل و كل الأبرياء المظلومين المعتقلين على ذمة الحرب. والذين أثبتت كشوفات تبادل الأسرى عدم انتمائهم لأي طرف كما أنهم ليسوا في حسبان كل الأطراف.
(20)
التويتر أكثر أماناً وحرية من الفيسبوك.
الفيسبوك مثقل بالقيود والانحياز، وأكثر منه ملغوم، وعليك أن تحتاط وتحتمل في أي لحظة يصير حسابك وما فيه من جهد السنين الطوال عدما وبددا.
تلك خلاصة أكثر من ١٢ عاما من التعامل والتعاطي المستمر مع تويتر والفيسبوك.
رئيس هيئة الزكاة بتوجيه زعيم أنصار الله منح مليون ريال لكل حالة وفاة، ومائتين الف ريال لكل جريح بالإضافة إلى تكاليف العلاج والمستشفى.
خالد المداني نقل تحيات السيد القائد والرئيس المشاط للجرحى والعزاء لأسر المتوفين.
(16)
شاهدتُ على أسرّت إحدى غرف مستشفى الثورة طفل عمره في حدود الـ 15 سنة يشكو من بطنه وحوضه، وآخر كان في حاله أفضل، وثالث يبدو أنه مهمش، وحالته كانت أكثر سوءاً، وعندما أراد أمين عام مجلس الوزراء أبو راغب إن لم تخني الذاكرة، وهو شخص طيب وصاحب ذوق ويعرفني من سابق، حاول أن يناولني ضرف فيه نقود أعطيها لهذا المهمش، ولكن حال شخص أخر من المتواجدين دون ذلك، وأخذها من أجل التصوير وهو يعطيها المصاب.
وعند وصولي إلى بوابة مدرسة معين في الشارع المقابل وجدت مراسل قناة فضائية يلح على نحو ثقيل بأخذ تصريح، كاد يلاحقني لولا هروبي منه، بعد أن رفضت أن أدلى بأي تصريح كونني واصلاً للتو، ولا توجد لدي أي معلومات عما حدث.
وعندما انتقلت إلى بوابة المدرسة التي كانت مغلقة، وتوجد أمامها سيارة شرطة، وفيما أنا أسأل عمّا حدث، أدركني المراسل مع امرأة حادة الطبع وفجة في الكلام لتتحدث إلى المراسل في وجهي أنها تعرفني، وأنها تسمع عني في الراديو والتلفزيون، وأنني خائن وعميل وأعمل ضد الوطن..
أظن لا تفعل هذا إلا قناة "الهوية".
(17)
حقيقة أم مصادفة؟!!
حالما لفتت نظري الليلة الامرأة التي تحدثت لقناة المسيرة والتي يحاول مضمون كلامها تحميل المسؤولية للتجار، أن صوتها مقارب إن لم يكن نفسه للمرأة التي هرعت مع مراسل القناة اللذان لاحقاني اليوم الأول ليتم التصوير وهي تتهمني باني ضد الوطن ومعارض وخائن .. إلخ
(18)
ستأتي
ولكن من حيث لا تظن
ولا تحتسب..
(19)
أطالب بإطلاق سراح الدكتور مصطفى المتوكل و كل الأبرياء المظلومين المعتقلين على ذمة الحرب. والذين أثبتت كشوفات تبادل الأسرى عدم انتمائهم لأي طرف كما أنهم ليسوا في حسبان كل الأطراف.
(20)
التويتر أكثر أماناً وحرية من الفيسبوك.
الفيسبوك مثقل بالقيود والانحياز، وأكثر منه ملغوم، وعليك أن تحتاط وتحتمل في أي لحظة يصير حسابك وما فيه من جهد السنين الطوال عدما وبددا.
تلك خلاصة أكثر من ١٢ عاما من التعامل والتعاطي المستمر مع تويتر والفيسبوك.
👍1
تأملات تتنهد أساً وأسئلة !
أحمد سيف حاشد
ملاحظة: في هذا الصدد أتحدّث عمّا هو تاريخي لا عمّا نعيشه الأن، حتى وإن تقمصتُ إحساس اللحظة.
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=pfbid0yXK3EFC8HaWrVtUCzAdALrUWZwxpGiD3Uaz6ueGyAcyYQazyT4xyWmYQVVA6GeNol&id=100000484269812&mibextid=Nif5oz
تاريخياً.. باسم الله والذود عنه، ربما تُزهق روحك، ولا تجد ما تدافع به عن نفسك عند شيخ علم مزعوم، يتعمم جهله، ولا يريد أن يسمع إلا صوته الذابح وحده، ويفرض كلالة نظره، وقناعته النخرة على حقك في التأمل والتفكير فيطالك منه سيفاً ويداً وغلظة.
ربما تجد جماعة دينية تظن ما تعتقد هو الحق الذي "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه"، وما يصدر منها حقائق ويقين لا مدخل فيه لشك أو ريب، ولا تقبل منك فسحة رأي حتى بمساحة أضيق من إبط، فيما فتاويها التي لا عقل لها ولا رأس تطلق أعنتها لتستبيح دمك؛ وتصيب الضحية بمقتل أو نكبة كان شعب أو أمة أو إنسان.
وتجد سلطة مأسورة في ضيقها الأضيق من مغبن أصبع، تستجر تالفها وتلوك تخلفها، متكئة على ثقافة ماض أشد ظلاما ورجعية.. سلطة تستسهل قتلك أو دونه لأنك صاحب رأي أو اجتهاد أو فكرة.. هذا الاستسهال ربما يطال وجودك أو سلامة روحك وجسدك لأنك وضعت سؤالاً على الطاولة يمكنه أن يؤدي إلى عصف ذهني يعيد النظر فيما هو قائم ومعتاد، أو يثير الأسئلة الوجودية التي تعيد صياغة الوعي بجديد في مجتمعك المحافظ الذي تعيش فيه.
هناك اسئلةٌ كثيرةٌ منطقيةٌ أو معرفيةٌ، الإعلان عنها أو البحث عن إجابة لها في وسط صدئٍ ومتخلّف، ربما يزُج بك في صدام محتدم مع واقعك القاسي والثقيل، أو تدفع بك إلى المعتقلِ. وربما تُودي بك إلى حتفك الأكيد، وتُصيُّرك قرباناً، وجسرَ عبورٍ لجاهل مشبع بالتعصب والتزمت والرعونة، يبحث عن الجنةِ والغفرانِ بإزهاق روحك الشفيفة!
هذا وذاك بعض من واقع تاريخي مثقل بكهنوته، وحالاً مملوءً بالتحريم والتجريم يثقل كواهلنا، لمجرد أنك ترفض المرور بسلام، بل تأثر الإمعان والاستغراق في التأمل، وتطلق فيما تراه قولا، أو تعلن فكره لا تناسب مجتمع مغيب وعيه، أو سلطة تمكر بالدين، أو جماعة تكهينت، أو احتكرت الدين وتفسير نصوصه، لتصرفه إلى مسالكها لخدمة مصالحها، أو شيخ جاهل يدعي أنه الحق كله.
***
الفلكي والفيلسوف والشاعر الفارسي عمر الخيام صاحب الرباعيات، والمتوفى سنة 1124م كانت حيرته وشكه سبباً في أن يتم اتهامه بالزندقة والإلحاد؛ حالما قال:
"لقد أُكرهت على نزول ساحة الحياة
فما زادتني زيارتها إلا حَيْرة ...
وها أنا أنذا أهجرها مكرهاً
فليتني أعلم القصد من رحيلي، ومن مقدمي وإقامتي!!"
ويبدو أن الشاعر إيليا أبو ماضي في قصيدة (الطلاسم) قد استل فكرة مطلع قصيدته من تلك الرباعية.. لقد أثار هذا الشاعر تساؤلات وجودية كثيرة من خلال قصيدته التي بلغ طولها 340 بيتاً تقريباً أستهلّها بـ :
"جِئتُ لا أَعلَمُ مِن أَين وَلَكِنّي أَتَيتُ
وَلَقَد أَبصَرتُ قُدّامي طَريقاً فَمَشَيتُ
وَسَأَبقى ماشِياً إِن شِئتُ هَذا أَم أَبَيتُ
كَيفَ جِئتُ؟ كَيفَ أَبصَرتُ طَريقي؟
لَستُ أَدري"
ثم تتتابع الأسئلة بتدفق وتتناسل وتكاثر، وتغلق كل مقطوعة منها بجواب ـ لستُ أدري ـ غير أن هذا الإغلاق كان ممتلئاً بالحيرة التي تثير كثيراً من الجاذبية المعرفية، وتستحث مزيداً من الفضول والمحاولة للاستكشاف وسبر الأغوار، وتلقي مزيداً من الأسئلة الولاّدة للمعرفة.. الأسئلة الفاتحة لثقوب الشك التي تتسع، ومطارقها التي تطرق أبواب الوعي، وتظل تلح عليه لتُفتح الأبواب والمغالق.
إيليا أبو ماضي الذي عنون قصيدته بـ “الطلاسم” تحكي وتسأل الغموض الداعي للكشف، والمبهم الذي يستدعي الإزاحة، واللغز الباحث عن الحل.. يسأل البحر، والدير، والمقابر.. ويثير الأسئلة الفلسفية القلقة التي ربما تحاول إعادة الوعي المستلب، وإزاحة بعض اليقينيات الزائفة.
"لست أدري" كان يلقيها في نهاية المقطع كمن يسأل النجاة، بعد تمرير السؤال الجريء الذي يريد الإجابة عليه.. يبدو السؤال كتلك الحجر التي يرميها إلى قاع البركة الهادئة ليرى ماذا يوجد في قاعها، ثم يحاول الكشف والاستبصار وإثارة الاسئلة المعرفية حولها.
يوغل إيليا أبو ماضي في الأسئلة، فيسألُ نفسه أسئلة فلسفية سبق أن أثارها فلاسفة ومتكلمون قبل عهود وقرون مضت، هل يكون الإنسان في هذا الوجود مخيراً أم مسيّرا؟ غير أنه قدم هذه الإشكالية في قالب شعري لافت:
« هل أنا حر طليقٌ أم أسيرٌ في قيود
هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقود
أتمنى أنني أدري ولكن...
لستُ أدري»
وفي مقطع آخر من القصيدة يقول:
أَنتَ يا بَحرُ أَسيرٌ آهِ ما أَعظَمَ أَسرَك
أَنتَ مِثلي أَيُّها الجَبّارُ لا تَملِكُ أَمرَك
أَشبَهَت حالُكَ حالي وَحَكى عُذرِيَ عُذرَك
فَمَتى أَنجو مِنَ الأَسر وَتَنجو؟
لَستُ أَدري
أحمد سيف حاشد
ملاحظة: في هذا الصدد أتحدّث عمّا هو تاريخي لا عمّا نعيشه الأن، حتى وإن تقمصتُ إحساس اللحظة.
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=pfbid0yXK3EFC8HaWrVtUCzAdALrUWZwxpGiD3Uaz6ueGyAcyYQazyT4xyWmYQVVA6GeNol&id=100000484269812&mibextid=Nif5oz
تاريخياً.. باسم الله والذود عنه، ربما تُزهق روحك، ولا تجد ما تدافع به عن نفسك عند شيخ علم مزعوم، يتعمم جهله، ولا يريد أن يسمع إلا صوته الذابح وحده، ويفرض كلالة نظره، وقناعته النخرة على حقك في التأمل والتفكير فيطالك منه سيفاً ويداً وغلظة.
ربما تجد جماعة دينية تظن ما تعتقد هو الحق الذي "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه"، وما يصدر منها حقائق ويقين لا مدخل فيه لشك أو ريب، ولا تقبل منك فسحة رأي حتى بمساحة أضيق من إبط، فيما فتاويها التي لا عقل لها ولا رأس تطلق أعنتها لتستبيح دمك؛ وتصيب الضحية بمقتل أو نكبة كان شعب أو أمة أو إنسان.
وتجد سلطة مأسورة في ضيقها الأضيق من مغبن أصبع، تستجر تالفها وتلوك تخلفها، متكئة على ثقافة ماض أشد ظلاما ورجعية.. سلطة تستسهل قتلك أو دونه لأنك صاحب رأي أو اجتهاد أو فكرة.. هذا الاستسهال ربما يطال وجودك أو سلامة روحك وجسدك لأنك وضعت سؤالاً على الطاولة يمكنه أن يؤدي إلى عصف ذهني يعيد النظر فيما هو قائم ومعتاد، أو يثير الأسئلة الوجودية التي تعيد صياغة الوعي بجديد في مجتمعك المحافظ الذي تعيش فيه.
هناك اسئلةٌ كثيرةٌ منطقيةٌ أو معرفيةٌ، الإعلان عنها أو البحث عن إجابة لها في وسط صدئٍ ومتخلّف، ربما يزُج بك في صدام محتدم مع واقعك القاسي والثقيل، أو تدفع بك إلى المعتقلِ. وربما تُودي بك إلى حتفك الأكيد، وتُصيُّرك قرباناً، وجسرَ عبورٍ لجاهل مشبع بالتعصب والتزمت والرعونة، يبحث عن الجنةِ والغفرانِ بإزهاق روحك الشفيفة!
هذا وذاك بعض من واقع تاريخي مثقل بكهنوته، وحالاً مملوءً بالتحريم والتجريم يثقل كواهلنا، لمجرد أنك ترفض المرور بسلام، بل تأثر الإمعان والاستغراق في التأمل، وتطلق فيما تراه قولا، أو تعلن فكره لا تناسب مجتمع مغيب وعيه، أو سلطة تمكر بالدين، أو جماعة تكهينت، أو احتكرت الدين وتفسير نصوصه، لتصرفه إلى مسالكها لخدمة مصالحها، أو شيخ جاهل يدعي أنه الحق كله.
***
الفلكي والفيلسوف والشاعر الفارسي عمر الخيام صاحب الرباعيات، والمتوفى سنة 1124م كانت حيرته وشكه سبباً في أن يتم اتهامه بالزندقة والإلحاد؛ حالما قال:
"لقد أُكرهت على نزول ساحة الحياة
فما زادتني زيارتها إلا حَيْرة ...
وها أنا أنذا أهجرها مكرهاً
فليتني أعلم القصد من رحيلي، ومن مقدمي وإقامتي!!"
ويبدو أن الشاعر إيليا أبو ماضي في قصيدة (الطلاسم) قد استل فكرة مطلع قصيدته من تلك الرباعية.. لقد أثار هذا الشاعر تساؤلات وجودية كثيرة من خلال قصيدته التي بلغ طولها 340 بيتاً تقريباً أستهلّها بـ :
"جِئتُ لا أَعلَمُ مِن أَين وَلَكِنّي أَتَيتُ
وَلَقَد أَبصَرتُ قُدّامي طَريقاً فَمَشَيتُ
وَسَأَبقى ماشِياً إِن شِئتُ هَذا أَم أَبَيتُ
كَيفَ جِئتُ؟ كَيفَ أَبصَرتُ طَريقي؟
لَستُ أَدري"
ثم تتتابع الأسئلة بتدفق وتتناسل وتكاثر، وتغلق كل مقطوعة منها بجواب ـ لستُ أدري ـ غير أن هذا الإغلاق كان ممتلئاً بالحيرة التي تثير كثيراً من الجاذبية المعرفية، وتستحث مزيداً من الفضول والمحاولة للاستكشاف وسبر الأغوار، وتلقي مزيداً من الأسئلة الولاّدة للمعرفة.. الأسئلة الفاتحة لثقوب الشك التي تتسع، ومطارقها التي تطرق أبواب الوعي، وتظل تلح عليه لتُفتح الأبواب والمغالق.
إيليا أبو ماضي الذي عنون قصيدته بـ “الطلاسم” تحكي وتسأل الغموض الداعي للكشف، والمبهم الذي يستدعي الإزاحة، واللغز الباحث عن الحل.. يسأل البحر، والدير، والمقابر.. ويثير الأسئلة الفلسفية القلقة التي ربما تحاول إعادة الوعي المستلب، وإزاحة بعض اليقينيات الزائفة.
"لست أدري" كان يلقيها في نهاية المقطع كمن يسأل النجاة، بعد تمرير السؤال الجريء الذي يريد الإجابة عليه.. يبدو السؤال كتلك الحجر التي يرميها إلى قاع البركة الهادئة ليرى ماذا يوجد في قاعها، ثم يحاول الكشف والاستبصار وإثارة الاسئلة المعرفية حولها.
يوغل إيليا أبو ماضي في الأسئلة، فيسألُ نفسه أسئلة فلسفية سبق أن أثارها فلاسفة ومتكلمون قبل عهود وقرون مضت، هل يكون الإنسان في هذا الوجود مخيراً أم مسيّرا؟ غير أنه قدم هذه الإشكالية في قالب شعري لافت:
« هل أنا حر طليقٌ أم أسيرٌ في قيود
هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقود
أتمنى أنني أدري ولكن...
لستُ أدري»
وفي مقطع آخر من القصيدة يقول:
أَنتَ يا بَحرُ أَسيرٌ آهِ ما أَعظَمَ أَسرَك
أَنتَ مِثلي أَيُّها الجَبّارُ لا تَملِكُ أَمرَك
أَشبَهَت حالُكَ حالي وَحَكى عُذرِيَ عُذرَك
فَمَتى أَنجو مِنَ الأَسر وَتَنجو؟
لَستُ أَدري
Facebook
Log in or sign up to view
See posts, photos and more on Facebook.