#القاضي_احمد_سيف_حاشد
مبروووك لمنتخب بلادنا للناشئيين انتصاراتهم اليمنية العظيمة..
شكرا لكم ايها الكبار وانتم اليوم بنقاء وحماسة الروح الوحدوية واقدامكم الطرية تنتصرون لليمن التي هزمهتها وتهزمها عقول الصغار بأفكارها الملوثة واطماع نفوسهم الخبيثة..
اليمن ولادة.. اليمن لن تموت
مبروووك لمنتخب بلادنا للناشئيين انتصاراتهم اليمنية العظيمة..
شكرا لكم ايها الكبار وانتم اليوم بنقاء وحماسة الروح الوحدوية واقدامكم الطرية تنتصرون لليمن التي هزمهتها وتهزمها عقول الصغار بأفكارها الملوثة واطماع نفوسهم الخبيثة..
اليمن ولادة.. اليمن لن تموت
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
هيئة رئاسة مجلس نواب صنعاء لم توافق بنزول لجنة التعليم العالي في المجلس الى الجامعات الأهلية رغم إلحاح اللجنة على طلب النزول ورغم ان الشهادات الجامعية اليمنية لم يعد معترف بها في كثير من جامعات دول العالم؟!!!
هيئة رئاسة مجلس نواب صنعاء لم توافق بنزول لجنة التعليم العالي في المجلس الى الجامعات الأهلية رغم إلحاح اللجنة على طلب النزول ورغم ان الشهادات الجامعية اليمنية لم يعد معترف بها في كثير من جامعات دول العالم؟!!!
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
رئيس جامعة صنعاء تم تعينه دون علم وزير التعليم العالي..
هذا ما كشفه الأن وزير التعليم العالي في حكومة صنعاء امام مجلس نواب صنعاء..
رئيس جامعة صنعاء تم تعينه دون علم وزير التعليم العالي..
هذا ما كشفه الأن وزير التعليم العالي في حكومة صنعاء امام مجلس نواب صنعاء..
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
فريق رياضي يوحد ما تشظى..
دعوة لوزارة الشباب والاتحاد العام
مهما تكن نتيجة مبارات الغد مع ثقتي بفوز منتخبنا وهو الفائز في كل الأحوال..
اطالب وزارة الشباب والرياضة والاتحاد العام إلى إنشاء متحف رياضي توضع فيه جميع الملبوسات الرياضية التي ارتداها هذا الفريق في مبارياته وكذا الصور التي التقطت لهم وجميع فيديوهات المباريات والتعليقات التي بثت على القنوات الفضائية والبث المباشر. مع إعطاء مكانة للمعلق العراقي الشقيق لاوين هابيل الكردي..
وكذلك كل من قدموا عطاءات في المنتخبات اليمنية من اللاعبين والطواقم الفنية والطبية في مختلف الألعاب الرياضية. وايضا صور الجمهور المؤازر طوال تاريخ اليمن الكروي.
متحف يعكس صورة تاريخ الروح اليمنية الواحدة والوثابة يعترف لها بحقها من الاحترام والتقدير ويحفظ لها إنجازاتها ويخلدها في أذهان الأجيال.
فريق رياضي يوحد ما تشظى..
دعوة لوزارة الشباب والاتحاد العام
مهما تكن نتيجة مبارات الغد مع ثقتي بفوز منتخبنا وهو الفائز في كل الأحوال..
اطالب وزارة الشباب والرياضة والاتحاد العام إلى إنشاء متحف رياضي توضع فيه جميع الملبوسات الرياضية التي ارتداها هذا الفريق في مبارياته وكذا الصور التي التقطت لهم وجميع فيديوهات المباريات والتعليقات التي بثت على القنوات الفضائية والبث المباشر. مع إعطاء مكانة للمعلق العراقي الشقيق لاوين هابيل الكردي..
وكذلك كل من قدموا عطاءات في المنتخبات اليمنية من اللاعبين والطواقم الفنية والطبية في مختلف الألعاب الرياضية. وايضا صور الجمهور المؤازر طوال تاريخ اليمن الكروي.
متحف يعكس صورة تاريخ الروح اليمنية الواحدة والوثابة يعترف لها بحقها من الاحترام والتقدير ويحفظ لها إنجازاتها ويخلدها في أذهان الأجيال.
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
(5)
التحيُّز العنصري والسياسي حيال بعض الأسماء
أحمد سيف حاشد هاشم
نشأتُ وترعرعت دون أن أشعر إن اسمي عبء على كاهلي.. لم يكن لي مع اسمي الرابع مشكلة.. لم أجد بصدده ما يجعله محل مأخذ أو نظر.. وفي عدن وخلال مدة طويلة حللتُ وأقمتُ فيها لم أشعر يوما إن اسمي كان عبئا أو عقبة أمام نيل حقوقي أو مسّها بحال.. كل شيء كان يسير على ما يرام.
في عدن وتحديدا في السبعينات على الأرجح، تم إلغاء أسماء المحافظات الست المكونة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية واستبدالها بالأرقام.. عدن المحافظة الأولى، ولحج الثانية، وأبين الثالثة، وشبوه الرابعة، وحضرموت الخامسة، والمهرة السادسة، وتم منع نسب الأسماء إلى المناطق أو إلى القبائل.. خطوة أو خطوات كانت في الإتجاه الصحيح..
تم إلغاء لقب الجوفي والحسني والمهري وغيرها من ألقاب كبار أسماء قادة البلاد، ومع ذلك وبسبب الصراع السياسي في النصف الأول من الثمانينات أنقلب الحال، وتم التحريض والتعبئة المناطقية بفجاجة، وعلى نحو جرّار، ثم تم تعميدها بالدم والدموع..
*
في هذه الحرب المرعبة التي نعيش أوارها باتت جل سلطات الأمر الواقع هنا وهناك تتعاطى مع الأسماء كانتماءات سياسية وطائفية وجهوية وقبلية ومناطقية تكلف أحيانا دفع كلفة باهضه على أصحابها.. ربما بسببها تكلّفك بعض مشقة في حياتك، أو تطول وتستهدف حريتك أو حياتك نفسها.. من المحتمل بسببها تفقد أشياء كثيرة، وربما تفقد كل الأشياء بسبب اسمك المرتاب به..
أصبحت بعض الأسماء عبء على أصحابها، فإن كانت هنا تجلب لك حظ ووفرة وتسهيل، فإنها في منطقة أخرى ربما تعني تهديد وخسران.. في الحرب وفي هذا العهد الأكثر توحش ودمامة صارت اسمائنا عبء علينا وربما خطرا محتملا يتهدد حياتنا، في واقع قبلي ومناطقي وعنصري يتعقب الأسماء، ويبحث عن أنفاسها حتى وإن كانت بدون أنفاس..
*
عندما أتيتُ إلى صنعاء من عدن عام 1990بعد الوحدة كان اسمي أحمد سيف حاشد هاشم. كان هذا هو اسمي في بطائقي وكل وثائقي التي أتيت بها معي من ألفها إلى ياءها.. جميعها تحكي هذا الاسم لا سواه.. لا تغيير فيه ولا تبديل..
في 1990عندما أتيت إلى صنعاء ليس على اسمي لبس أو غبار، ثم تم تغيير اسم "حاشد" إلى اسم "قائد" في كشوفات الدائرة المالية التابعة لوزارة الدفاع، وخضت مراجعة مضنية استمرت لشهور؛ لأستعيد اسم جدي حاشد في كشف المرتب الشهري، فيما ابن عمي عبده فريد حاشد المستشار في وزارة الخارجية في إحدى معاملاته استبدلوا اسم حاشد بـ "حامد" حتى تمكن هو الآخر من استعادة اسم جده بعد مراجعة..
لم أسي الظن يومها بما حدث، ولم أرجعه إلى سوء فهم أو فساد طوية، ولكن في إحدى نقاشاتي اللاحقة مع أحد مدراءي المنتمي إلى حجة، أحسست باستكثار أن يكون اسم جدي حاشد، وكان يومها لحاشد القبيلة جاه وهيبة، ومكانة اجتماعية أكثر من غيرها..
أما اليوم وفي ظل سلطة الأمر الواقع في صنعاء، فقد صادرت من كلينا اسم جدنا "هاشم".
*
عندما بدأ عهد "الفيسيوك"، كنت لا أحسن استخدامه في أول الأمر.. كان يتم فتح حسابات في "الفيسبوك" بأسمائنا دون علمنا.. كان بعض الخبثاء ينتحلوا شخصياتنا ويتلبسون بأسمائنا..
طلبتُ من صديقي وأحد المساعدين لي وهو صادق غانم أن يفتح لي حساب "فيسبوكي" باسمي حيث كنت حينها لا أجيد فتح حساب لي فيه.. كان لدي "الفيسبوك" لا زال عالم مجهول لا أعرف منه غير عتبة داره، وبالكاد..
فتح صادق غانم لي حساب باسم أحمد حاشد هاشم، وأخبرني أن الفيس رفض قبول اسم سيف لوجود حسابات أخرى تطابق اسمي، فاستعاض عن اسم أحمد سيف حاشد هاشم بأحمد حاشد هاشم، وهو ما كان متاحا يومها.
اسم هاشم هذا هو اسم جدي الثاني، وهو اسم حقيقي، وليس مجلوبا أو دخيلا على اسمي الرباعي، وتعاطيت مع اسم أحمد حاشد هاشم في وسائل التواصل الاجتماعي، دون تسيس أو بحث عن انتماء نسب، أو توجه سياسي، بل لم أفكر في أمر كهذا مطلقا حتى من باب الاحتمال.. لم أكن أفكر أو أعلم بمكسب أو عبئ وتبعات لهذا الاسم، وصديقي أيضا هو الأخر لم يفكر بهذا..
لم أكن أعلم أن هاشم وهو بعض من اسمي الرباعي سيتم استخدامه للإساءة، ويتم اتهامي باستخدام اسم "هاشم" لأغراض انتهازية أو سياسية أو اجتماعية..
*
وظف ناشطوا حزب التجمع اليمني للإصلاح اسم هاشم للنيل مني على نحو واسع وكثيف.. شنوا بكثافة حملة شعواء على هذا الاسم، وتحديدا بعد مؤتمر “اليمن إلى أين” عام 2012 والذي أنعقد في بيروت.. خصصت صحيفة "الناس" و "الأهالي" مقالات عدة ومتجنية علي شخصي وبسبب اسم "هاشم".. رموني بما هو فيهم من تخلف وعاهة..
ورغم توضيحي الصادق الذي نشرته في صحيفة "المستقلة" يومها إلا أن كثافة الضخ لاسيما في وسائل التواصل الاجتماعي كانت طاغية على الحقيقة، ووجدتُ نفسي وأنا أوغل في الإيضاح كمن يحرثُ في البحر.
***
(5)
التحيُّز العنصري والسياسي حيال بعض الأسماء
أحمد سيف حاشد هاشم
نشأتُ وترعرعت دون أن أشعر إن اسمي عبء على كاهلي.. لم يكن لي مع اسمي الرابع مشكلة.. لم أجد بصدده ما يجعله محل مأخذ أو نظر.. وفي عدن وخلال مدة طويلة حللتُ وأقمتُ فيها لم أشعر يوما إن اسمي كان عبئا أو عقبة أمام نيل حقوقي أو مسّها بحال.. كل شيء كان يسير على ما يرام.
في عدن وتحديدا في السبعينات على الأرجح، تم إلغاء أسماء المحافظات الست المكونة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية واستبدالها بالأرقام.. عدن المحافظة الأولى، ولحج الثانية، وأبين الثالثة، وشبوه الرابعة، وحضرموت الخامسة، والمهرة السادسة، وتم منع نسب الأسماء إلى المناطق أو إلى القبائل.. خطوة أو خطوات كانت في الإتجاه الصحيح..
تم إلغاء لقب الجوفي والحسني والمهري وغيرها من ألقاب كبار أسماء قادة البلاد، ومع ذلك وبسبب الصراع السياسي في النصف الأول من الثمانينات أنقلب الحال، وتم التحريض والتعبئة المناطقية بفجاجة، وعلى نحو جرّار، ثم تم تعميدها بالدم والدموع..
*
في هذه الحرب المرعبة التي نعيش أوارها باتت جل سلطات الأمر الواقع هنا وهناك تتعاطى مع الأسماء كانتماءات سياسية وطائفية وجهوية وقبلية ومناطقية تكلف أحيانا دفع كلفة باهضه على أصحابها.. ربما بسببها تكلّفك بعض مشقة في حياتك، أو تطول وتستهدف حريتك أو حياتك نفسها.. من المحتمل بسببها تفقد أشياء كثيرة، وربما تفقد كل الأشياء بسبب اسمك المرتاب به..
أصبحت بعض الأسماء عبء على أصحابها، فإن كانت هنا تجلب لك حظ ووفرة وتسهيل، فإنها في منطقة أخرى ربما تعني تهديد وخسران.. في الحرب وفي هذا العهد الأكثر توحش ودمامة صارت اسمائنا عبء علينا وربما خطرا محتملا يتهدد حياتنا، في واقع قبلي ومناطقي وعنصري يتعقب الأسماء، ويبحث عن أنفاسها حتى وإن كانت بدون أنفاس..
*
عندما أتيتُ إلى صنعاء من عدن عام 1990بعد الوحدة كان اسمي أحمد سيف حاشد هاشم. كان هذا هو اسمي في بطائقي وكل وثائقي التي أتيت بها معي من ألفها إلى ياءها.. جميعها تحكي هذا الاسم لا سواه.. لا تغيير فيه ولا تبديل..
في 1990عندما أتيت إلى صنعاء ليس على اسمي لبس أو غبار، ثم تم تغيير اسم "حاشد" إلى اسم "قائد" في كشوفات الدائرة المالية التابعة لوزارة الدفاع، وخضت مراجعة مضنية استمرت لشهور؛ لأستعيد اسم جدي حاشد في كشف المرتب الشهري، فيما ابن عمي عبده فريد حاشد المستشار في وزارة الخارجية في إحدى معاملاته استبدلوا اسم حاشد بـ "حامد" حتى تمكن هو الآخر من استعادة اسم جده بعد مراجعة..
لم أسي الظن يومها بما حدث، ولم أرجعه إلى سوء فهم أو فساد طوية، ولكن في إحدى نقاشاتي اللاحقة مع أحد مدراءي المنتمي إلى حجة، أحسست باستكثار أن يكون اسم جدي حاشد، وكان يومها لحاشد القبيلة جاه وهيبة، ومكانة اجتماعية أكثر من غيرها..
أما اليوم وفي ظل سلطة الأمر الواقع في صنعاء، فقد صادرت من كلينا اسم جدنا "هاشم".
*
عندما بدأ عهد "الفيسيوك"، كنت لا أحسن استخدامه في أول الأمر.. كان يتم فتح حسابات في "الفيسبوك" بأسمائنا دون علمنا.. كان بعض الخبثاء ينتحلوا شخصياتنا ويتلبسون بأسمائنا..
طلبتُ من صديقي وأحد المساعدين لي وهو صادق غانم أن يفتح لي حساب "فيسبوكي" باسمي حيث كنت حينها لا أجيد فتح حساب لي فيه.. كان لدي "الفيسبوك" لا زال عالم مجهول لا أعرف منه غير عتبة داره، وبالكاد..
فتح صادق غانم لي حساب باسم أحمد حاشد هاشم، وأخبرني أن الفيس رفض قبول اسم سيف لوجود حسابات أخرى تطابق اسمي، فاستعاض عن اسم أحمد سيف حاشد هاشم بأحمد حاشد هاشم، وهو ما كان متاحا يومها.
اسم هاشم هذا هو اسم جدي الثاني، وهو اسم حقيقي، وليس مجلوبا أو دخيلا على اسمي الرباعي، وتعاطيت مع اسم أحمد حاشد هاشم في وسائل التواصل الاجتماعي، دون تسيس أو بحث عن انتماء نسب، أو توجه سياسي، بل لم أفكر في أمر كهذا مطلقا حتى من باب الاحتمال.. لم أكن أفكر أو أعلم بمكسب أو عبئ وتبعات لهذا الاسم، وصديقي أيضا هو الأخر لم يفكر بهذا..
لم أكن أعلم أن هاشم وهو بعض من اسمي الرباعي سيتم استخدامه للإساءة، ويتم اتهامي باستخدام اسم "هاشم" لأغراض انتهازية أو سياسية أو اجتماعية..
*
وظف ناشطوا حزب التجمع اليمني للإصلاح اسم هاشم للنيل مني على نحو واسع وكثيف.. شنوا بكثافة حملة شعواء على هذا الاسم، وتحديدا بعد مؤتمر “اليمن إلى أين” عام 2012 والذي أنعقد في بيروت.. خصصت صحيفة "الناس" و "الأهالي" مقالات عدة ومتجنية علي شخصي وبسبب اسم "هاشم".. رموني بما هو فيهم من تخلف وعاهة..
ورغم توضيحي الصادق الذي نشرته في صحيفة "المستقلة" يومها إلا أن كثافة الضخ لاسيما في وسائل التواصل الاجتماعي كانت طاغية على الحقيقة، ووجدتُ نفسي وأنا أوغل في الإيضاح كمن يحرثُ في البحر.
***
واليوم وفي هذه الحرب لازلتُ أدفع ثمن اسم لم أختاره أنا، ولكن ببساطة أجدادنا لم يعلموا أنه سيأتي عهد متخلّف وأحمق ندفع نحن فيه ثمن الأسماء التي اختارها آباء أجددانا لأبنائهم..
آباء أجددانا كانوا بسطاء ولا يعلمون أننا سنأتي على أيام غارقة في الجهل والعصبيات المنتنة.. لم يكن يخطر ببالهم إن الأمور ستأخذ هذا المنحى، وهذا القدر من الهبوط والانحطاط الذي وصلنا إليه اليوم.. كانوا لا يعلمون أن أسماء مثل حاشد وهاشم ستصير جريرة أو خطيئة على أبنائهم وأحفادهم.. كانوا لا يدركون إننا سنستجير صراع 1400 عام، ونستعيد ذكرياته الأليمة، بل ونحييه بانتشاء وانتقام، ونعيد إحياء عهده بإمعان وإصرار.
*
توجهتُ في نهاية شهر ديسمبر 2016 مع زملاء في لجنة العفو العام الفرعية والخاصة بأبناء محافظة لحج من صنعاء إلى تعز، وكانت وجهتنا إلى سجون مدينة الصالح في تعز؛ وذلك لتطبيق القرار بحدود الاختصاص، وكانت هي المرة الأولى التي اتجه فيها إلي تعز منذ بداية الحرب..
والعجيب أن سلطة صنعاء في الحرب غيرت أسم جامع الصالح إلى جامع الشعب، ومؤسسة الصالح إلى مؤسسة الشعب، ولكنها لم تغير أسم مدينة الصالح التي استحدثوا فيها أو حولوا بعضها إلى سجون، موزعين فيها المعتقلين الكثار.. لم يتم تحويل اسمها إلى "سجن الشعب" على غرار جامع الشعب أو مؤسسة الشعب، وإنما أبقوا على اسمها وأضافوا إليها اسم "سجن" لتصير "سجن مدينة الصالح"!
في رحلتي تلك شاهدت عشرات النقاط العسكرية على طول طريق صنعاء تعز، ولم أشاهد علم الجمهورية باستثناء علم واحد في نقطة واحدة بعد نقيل يسلح، بل هو بقايا علم ممزق ومهترئ ومتآكل يجسد الحال كما هو في الواقع دون زيف أو رتوش، فيما علم الجماعة كان في كل نقطة عسكرية يعلن سيادته وانتصاره.
بعض النقاط العسكرية عندما كانت تسألني عن هويتي كنتُ أعرض بطاقة عضويتي الخاصة بمجلس النواب، والثابت اسمي فيها "أحمد سيف حاشد هاشم".. كنت ألاحظ أحيانا لمن يقرأ حيرة من يطلبها، ثم يعلِّق بعضهم بسؤال: كيف حاشد وهاشم ؟! كان يعقّب بعضهم: حاشد وهاشم ما تركب!! ويسألني بعضهم: هاشم من أين؟!
*
كل وثائقي ومؤهلاتي بما فيها بطاقتي الشخصية العسكرية تحكي اسمي الرباعي، غير أن جواز سفري تم إثبات وتغيير اسم "هاشم" باسم منطقتي دون رغبتي وإرادتي، وفي هذه الحرب أيضا تم منحي بطاقة شخصية تم فيها تغيير هاشم بنسبي إلى منطقتي رغما عن إرادتي أيضا، وعن حقيقة اسمي الرباعي..
وفي هذه الأيام مضى أكثر من عام ، وأنا أدنو من الأجل أريد تسجيل رقمي الوظيفي في الخدمة المدنية، ولا أريد أن أورّث أبنائي المتاعب في حقوق تخصهم بعد رحيلي في هذا العهد المُغالِ أو العصي لهوله حتى على التسمية والتعاريف..
سنة كاملة من المتابعة ولم أستطع استعادة اسمي الرباعي.. لقد قضموا أكثر من خُمس اسمي بكبر وعصبية وباذخ من عناد.. كم سنة أحتاج لدى أمن ومخابرات صنعاء لأثبت لهم اسمي الثابت في وثائقي الأكيدة والمسلمة نسخة لها عبر مندوب الأحوال الشخصية ولأكثر من مرة.؟!. كم أحتاج من الوقت ليقبلوا اسمي كما هو..؟! ما ذنبي أن يأتي اسم "حاشد" على "هاشم". ولماذا يستكثرون اسم "هاشم" علىّ وأنا لا أعده أكثر من اسم متمما لاسمي الرباعي؟!
إنه بعض من اسمي الحقيقي لا يجوز إقصائه أو تغييره واستبداله.. إنني لم أدّعِ ولا أنازع به في ملك ولا ولاية.. إنني أدعو دوما للمساواة والمواطنة والعدالة منذ ريعان شبابي إلى اليوم، ولم أحيد عنها يوما قيد أنملة.. إنني أريد فقط تأكيد حقيقة اسمي وهويتي التي تريد عُقدهم المتجذرة في وعيهم مصادرتها عنّي.. أريد بطاقة تثبت هويتي بالاسم الذي يتطابق مع كل مؤهلاتي ووثائقي ومع الحقيقة قبلها.. أنا لا أدعو ولن أدعو يوما إلى أي عصبية منتنة.. أنا إنسان لم أتنازل يوما عن إنسانيتي.. شعاري هو إنسانيتي أولا.
من مأساة الوعي والتاريخ أن نجد أنفسنا ندفع ثمنا في حياتنا لما لم يكن على بال.. إننا اليوم نعيش عهد الحمقى الناضح بالرداءة والتعاسة، والوعي المشوه والدميم.. عهد صارت فيه الأسماء والألقاب تجني على أصحابها المعاناة، وربما تبلغ حد مصادرة مستقبل أصحابها، أو قطع العيش والمعاش عنهم، وربما استلاب الحياة..
اسمي تتفحصه وتمنعه عنّي المخابرات .. ما هذا السمج والهراء والعقل المثقل بعصبية لا تطاق.. من أين آتي لهم باسم آخر؟! اسمي أحمد سيف حاشد هاشم.. ليس لدي مشكلة مع الأسماء.. هذا اسمي الحقيقي منذ الولادة وسيظل كذلك حتى بعد الرحيل، وأظنه بات وشيكاً.. يصرون على استنفاذ ما بقي لدي من حياة في متابعة استعادة اسمي الرباعي الذي صادروه، أو يريدون مصادرته ما بقيت حيا، ثم ميتا وإلى الأبد إن كان هذا بإمكان..
لقد نشرت تعليقا على هذه المعاناة بالقول: أريد أن أنتزع منهم حقي في اسمي قبل أن يقتلوني..!! هل يريدون الانتقام حتى من أطفالنا في حقوقهم بعد أن نموت.. كم هم مرعبين وحاقدين وصغار.. ما أصغرهم..!!
آباء أجددانا كانوا بسطاء ولا يعلمون أننا سنأتي على أيام غارقة في الجهل والعصبيات المنتنة.. لم يكن يخطر ببالهم إن الأمور ستأخذ هذا المنحى، وهذا القدر من الهبوط والانحطاط الذي وصلنا إليه اليوم.. كانوا لا يعلمون أن أسماء مثل حاشد وهاشم ستصير جريرة أو خطيئة على أبنائهم وأحفادهم.. كانوا لا يدركون إننا سنستجير صراع 1400 عام، ونستعيد ذكرياته الأليمة، بل ونحييه بانتشاء وانتقام، ونعيد إحياء عهده بإمعان وإصرار.
*
توجهتُ في نهاية شهر ديسمبر 2016 مع زملاء في لجنة العفو العام الفرعية والخاصة بأبناء محافظة لحج من صنعاء إلى تعز، وكانت وجهتنا إلى سجون مدينة الصالح في تعز؛ وذلك لتطبيق القرار بحدود الاختصاص، وكانت هي المرة الأولى التي اتجه فيها إلي تعز منذ بداية الحرب..
والعجيب أن سلطة صنعاء في الحرب غيرت أسم جامع الصالح إلى جامع الشعب، ومؤسسة الصالح إلى مؤسسة الشعب، ولكنها لم تغير أسم مدينة الصالح التي استحدثوا فيها أو حولوا بعضها إلى سجون، موزعين فيها المعتقلين الكثار.. لم يتم تحويل اسمها إلى "سجن الشعب" على غرار جامع الشعب أو مؤسسة الشعب، وإنما أبقوا على اسمها وأضافوا إليها اسم "سجن" لتصير "سجن مدينة الصالح"!
في رحلتي تلك شاهدت عشرات النقاط العسكرية على طول طريق صنعاء تعز، ولم أشاهد علم الجمهورية باستثناء علم واحد في نقطة واحدة بعد نقيل يسلح، بل هو بقايا علم ممزق ومهترئ ومتآكل يجسد الحال كما هو في الواقع دون زيف أو رتوش، فيما علم الجماعة كان في كل نقطة عسكرية يعلن سيادته وانتصاره.
بعض النقاط العسكرية عندما كانت تسألني عن هويتي كنتُ أعرض بطاقة عضويتي الخاصة بمجلس النواب، والثابت اسمي فيها "أحمد سيف حاشد هاشم".. كنت ألاحظ أحيانا لمن يقرأ حيرة من يطلبها، ثم يعلِّق بعضهم بسؤال: كيف حاشد وهاشم ؟! كان يعقّب بعضهم: حاشد وهاشم ما تركب!! ويسألني بعضهم: هاشم من أين؟!
*
كل وثائقي ومؤهلاتي بما فيها بطاقتي الشخصية العسكرية تحكي اسمي الرباعي، غير أن جواز سفري تم إثبات وتغيير اسم "هاشم" باسم منطقتي دون رغبتي وإرادتي، وفي هذه الحرب أيضا تم منحي بطاقة شخصية تم فيها تغيير هاشم بنسبي إلى منطقتي رغما عن إرادتي أيضا، وعن حقيقة اسمي الرباعي..
وفي هذه الأيام مضى أكثر من عام ، وأنا أدنو من الأجل أريد تسجيل رقمي الوظيفي في الخدمة المدنية، ولا أريد أن أورّث أبنائي المتاعب في حقوق تخصهم بعد رحيلي في هذا العهد المُغالِ أو العصي لهوله حتى على التسمية والتعاريف..
سنة كاملة من المتابعة ولم أستطع استعادة اسمي الرباعي.. لقد قضموا أكثر من خُمس اسمي بكبر وعصبية وباذخ من عناد.. كم سنة أحتاج لدى أمن ومخابرات صنعاء لأثبت لهم اسمي الثابت في وثائقي الأكيدة والمسلمة نسخة لها عبر مندوب الأحوال الشخصية ولأكثر من مرة.؟!. كم أحتاج من الوقت ليقبلوا اسمي كما هو..؟! ما ذنبي أن يأتي اسم "حاشد" على "هاشم". ولماذا يستكثرون اسم "هاشم" علىّ وأنا لا أعده أكثر من اسم متمما لاسمي الرباعي؟!
إنه بعض من اسمي الحقيقي لا يجوز إقصائه أو تغييره واستبداله.. إنني لم أدّعِ ولا أنازع به في ملك ولا ولاية.. إنني أدعو دوما للمساواة والمواطنة والعدالة منذ ريعان شبابي إلى اليوم، ولم أحيد عنها يوما قيد أنملة.. إنني أريد فقط تأكيد حقيقة اسمي وهويتي التي تريد عُقدهم المتجذرة في وعيهم مصادرتها عنّي.. أريد بطاقة تثبت هويتي بالاسم الذي يتطابق مع كل مؤهلاتي ووثائقي ومع الحقيقة قبلها.. أنا لا أدعو ولن أدعو يوما إلى أي عصبية منتنة.. أنا إنسان لم أتنازل يوما عن إنسانيتي.. شعاري هو إنسانيتي أولا.
من مأساة الوعي والتاريخ أن نجد أنفسنا ندفع ثمنا في حياتنا لما لم يكن على بال.. إننا اليوم نعيش عهد الحمقى الناضح بالرداءة والتعاسة، والوعي المشوه والدميم.. عهد صارت فيه الأسماء والألقاب تجني على أصحابها المعاناة، وربما تبلغ حد مصادرة مستقبل أصحابها، أو قطع العيش والمعاش عنهم، وربما استلاب الحياة..
اسمي تتفحصه وتمنعه عنّي المخابرات .. ما هذا السمج والهراء والعقل المثقل بعصبية لا تطاق.. من أين آتي لهم باسم آخر؟! اسمي أحمد سيف حاشد هاشم.. ليس لدي مشكلة مع الأسماء.. هذا اسمي الحقيقي منذ الولادة وسيظل كذلك حتى بعد الرحيل، وأظنه بات وشيكاً.. يصرون على استنفاذ ما بقي لدي من حياة في متابعة استعادة اسمي الرباعي الذي صادروه، أو يريدون مصادرته ما بقيت حيا، ثم ميتا وإلى الأبد إن كان هذا بإمكان..
لقد نشرت تعليقا على هذه المعاناة بالقول: أريد أن أنتزع منهم حقي في اسمي قبل أن يقتلوني..!! هل يريدون الانتقام حتى من أطفالنا في حقوقهم بعد أن نموت.. كم هم مرعبين وحاقدين وصغار.. ما أصغرهم..!!
مأساة أسماءنا تطول وتذكرني بما كتبه الأديب السوري الساخر محمد الماغوط:
"سأنجب طفلا أسميه آدم، لأن الأسماء في زماننا تهمة"
*
أنا أحمد سيف حاشد هاشم ابن الدباغ الإنسان.. الطريف أن أحد المرافقين لمسؤول كبير أخبرني أن كنيته كانت "أبو هاشم" وعندما قرأ في تفاصيل حياتي إنني ابن "الدباغ" قلب اسمه إلى أبو علي.. أنا أحترم كل المهن وكل الناس الذين يأكلون من كدهم وعرق جبينهم، بل واعتبرهم عظماء كبار.. ليس لدي عُقد أو مواقف استنقاص حيال أي إنسان حر وشريف..
واذا كان لدينا مأخذا أو نقدا في المسميات فهي تلك التي تحتدم أسماءها مع جوهرها ومضامينها.. تلك الأسماء التي تتنافي مع توجهات وحقيقة مسمياتها المظللة والمخادعة للناس والشعب، مثل مسميات حزب "الإصلاح" و "أنصار الله" التي جلبت لنا وللوطن أقدارا من الجحيم.. جعلونا فحما وشواء.. صلبونا على جدران الجوع.. سامونا الضيم والعذاب.. معاناة تطول ولا تنتهي بانتهاء ما بقي لنا من عمر، بل وعمر أولادنا وأحفادنا..
الصورة لجدي حاشد هاشم
يتبع..
*
"سأنجب طفلا أسميه آدم، لأن الأسماء في زماننا تهمة"
*
أنا أحمد سيف حاشد هاشم ابن الدباغ الإنسان.. الطريف أن أحد المرافقين لمسؤول كبير أخبرني أن كنيته كانت "أبو هاشم" وعندما قرأ في تفاصيل حياتي إنني ابن "الدباغ" قلب اسمه إلى أبو علي.. أنا أحترم كل المهن وكل الناس الذين يأكلون من كدهم وعرق جبينهم، بل واعتبرهم عظماء كبار.. ليس لدي عُقد أو مواقف استنقاص حيال أي إنسان حر وشريف..
واذا كان لدينا مأخذا أو نقدا في المسميات فهي تلك التي تحتدم أسماءها مع جوهرها ومضامينها.. تلك الأسماء التي تتنافي مع توجهات وحقيقة مسمياتها المظللة والمخادعة للناس والشعب، مثل مسميات حزب "الإصلاح" و "أنصار الله" التي جلبت لنا وللوطن أقدارا من الجحيم.. جعلونا فحما وشواء.. صلبونا على جدران الجوع.. سامونا الضيم والعذاب.. معاناة تطول ولا تنتهي بانتهاء ما بقي لنا من عمر، بل وعمر أولادنا وأحفادنا..
الصورة لجدي حاشد هاشم
يتبع..
*
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
اليمن يفوز ببطولة اتحاد غرب آسيا
فريق الناشئين يوحد اليمنيين في الداخل والخارج.. ألف ألف مبروك لليمنيين
اليمن يفوز ببطولة اتحاد غرب آسيا
فريق الناشئين يوحد اليمنيين في الداخل والخارج.. ألف ألف مبروك لليمنيين
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
ألف ألف مبروووك منتخبنا اليمني للناشئين .. ومهجنا كؤوسا لكم.
ألف ألف مبروووك وانتم تهدون ليمنكم هذه الفرحة التي كان حتى الحلم بها قد وأدوه وحاولوا بكل قوة مواراته.
بيمنيكم الصادقة وبإسم اليمن الكبير يظللكم علمها الجمهوري ولها لعبتم فكبرتم واكبرتم وانتصرتم مقدمين أعظم دروس التاريخ للأقزام بأن اليمن كبير وبها ولها فقط يكبر من أراد. وانه كلما حاول قزم تقزيمها أو استقطاع جزء منها على مقاسه؛ كلما ظهرت اليمن الكبير قائلة ( إني ولادة الكبار).
ألف ألف مبروووك منتخبنا اليمني للناشئين .. ومهجنا كؤوسا لكم.
ألف ألف مبروووك وانتم تهدون ليمنكم هذه الفرحة التي كان حتى الحلم بها قد وأدوه وحاولوا بكل قوة مواراته.
بيمنيكم الصادقة وبإسم اليمن الكبير يظللكم علمها الجمهوري ولها لعبتم فكبرتم واكبرتم وانتصرتم مقدمين أعظم دروس التاريخ للأقزام بأن اليمن كبير وبها ولها فقط يكبر من أراد. وانه كلما حاول قزم تقزيمها أو استقطاع جزء منها على مقاسه؛ كلما ظهرت اليمن الكبير قائلة ( إني ولادة الكبار).
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
الشكر كل الشكر لإخواننا المغتربين في المملكة الذين آزروا منتخبنا مؤازرة منقطعة النظير مجسدين أروع صور وطنية نفتخر بها وكانوا الشريك الأهم في صناعة هذه الفرحة وفيها ايضا .
الشكر كل الشكر لإخواننا المغتربين في المملكة الذين آزروا منتخبنا مؤازرة منقطعة النظير مجسدين أروع صور وطنية نفتخر بها وكانوا الشريك الأهم في صناعة هذه الفرحة وفيها ايضا .
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
اطلاق يد الجباه بحيث يتم تحصيل الاستحقاق الواحد على نحو متكرر بسبب تعدد الجباه وكل هذا يحتسب على كاهل المواطن
اطلاق يد الجباه بحيث يتم تحصيل الاستحقاق الواحد على نحو متكرر بسبب تعدد الجباه وكل هذا يحتسب على كاهل المواطن
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
(8)
تجربة أثيرية لعبور اللاوعي.. رسالة إلى أبي
أحمد سيف حاشد
كم أحبك يا أبي.. عندما كنت أكتب عنك شاهدتك في الحلم غاضبا ووحيدا.. ربما اعتدت أن أراك غاضبا، ولكن ما آلمني أن أراك وحيدا.. لا أقصد الانتقاص منك، فأنا بعض منك ومن مداك في سلسلة طويلة من امتداد يغالب الفناء والرحيل والانقطاع.. كما لا أقصد يا أبي تسجيل أي بطولة عليك، وأي بطولة هذه التي يمكن أن يسجلها ولد على والده.. لست أنا من يسجل بطولة على أبيه، حتى وإن ابلغت العضات والعبر لمن يحتاجها في بيئة تكاد تغلق بابها على نفسها وتختنق، في وسط باذخ بالعيب والنفاق والزيف والادعاء..
كم مزقني مشهد أن اراك وحيدا في الحلم.. أحسست أنك تعتب وأنا أذهب إلى أصغر التفاصيل.. شعرت كأنني أحاكمك في غيابك محاكمة غير عادلة تشبه محاكمة متهم في غيابه.. أحسست أنني أصادر حق حضورك.. ولكن كيف يكون حضورك وكيف استحضر روحك الشفيفة؟!!
حاولت تحضير روحك مستزيد بما قرأت.. حاولت أن ابلغك وحشتي وافتقادي الكبير لك.. شغوف أنا بمعرفة تفاصيل عالمك الذي رحلت إليه.. لقد حاولتُ بالفعل وفي ليل شديد السواد أن أستحضر روحك الندية.. شعرت بما يشبه موجات أثيرية تداهمني وتسري في جسدي من أسفله إلى أعلاه.. تيار من موجات الأثير تكتسحني من القدمين إلى الكتفين وتصعد إلى الحنجرة.. عودة وتكرار وكأنني أتشبع بالأثير.. الموجات الأخيرة كانت أقوى من تلك التي قبلها..
صوتك تحشرج في حنجرتي، أو حنجرتي هي التي كانت تحشرج بما خلته صوتك، أو كان صوتي يحاول العبور إليك، أو كان صوتك وصوتي يحاولان العبور إلى ما هو مستحيل.. بدأ الصوت في حنجرتي ثقيلا وساحب كصوت مسجل نفذت طاقة أو صلاحية البطارية المشغلة لها.. شعرت إن احدنا قد تقمص الآخر.. أحسست بحالة تلبس.. قلبي كاد يقفز من فمي.. لم أحتمل التجربة..
قمتُ فزعا مرعوبا والهلع يستحوذ أوصالي، ووجهي شاحب وممتقع.. لم تكن تجربتي الأولى التي أحاول استحضار روحك يا أبي، ولم أستطع أن أكمل ما بدأت من تجربة مضنية لا أعرف ما ستفضي نتيجتها، هل إلى كشف عمّا أبحث عنه، أم موت الذي يتحدّى الاستحالة، أو العبور إلى اللاوعي، أو الاجتياز إلى عالم الجنون وزوال العقل؟!!
ربما بعض ما حدث كان وهما أو خيالا في المستحيل، ولكن الأهم أنه يكشف عن حاجتي لك ورغبتي في عناقك الذي لم أتجاسر أن أطلبه منك في حياتك لهيبتك.. لقد كانت السبع السنوات الأخيرة من حياتك الندية مشبعة بالود والعطاء وأنت تسندني، وتخفف عني ما أثقل كاهلي..
أردت أن استسمحك وأستأذنك.. أردت أن أسألك عن عالمك الذي صرت إليه، وأبحث من خلالك عن سر الحقيقة أو تفاصيلها التي نبحث عنها ولم نجدها! أردت أن أقطع الشك باليقين، وأن أتحقق من كل الأقاويل والمزاعم التي تكتظ في رؤوسنا منذ بدأ الإنسان يسأل عن وجوده، فجاءت جل الاجابات بما ينطبق عليها قول الشاعر:
“وكلٌّ يدّعي وصلاً بليلى *** وليلى لا تقرُّ لهم وِصالاً”
لقد أحسست بعتبك وأنا أكتب عنك، فعدت لأكتب عن ذلك الكبير الذي كان يسكنك، وما يليق بك كأب وإنسان.. لا زلت أذكر ذلك اليوم الذي وجدتك بالصدفة وأمي جوارك، وأنت تجهش بالبكاء ودموعك تنهمر.. تشهق روحك إلى أعلى وكأنها لا تريد أن تعود إليك، وتنتحب أنت بحرقة ومرارة وكربة لا تريد أن تغادر جسدك المثقل بتداعي الحزن والألم..
تفاجأت وأنت توغل في البكاء الأجش، وتحمل ذلك القدر من القهر الذي طفح، لم أدرِ يومها ما سبب بكائك، ولم تخبرني أمي عن أي قهر قد أصابك.. ولكن عرفت لاحقا السبب الذي كتمته عنّي أمي، ثم سرتني به بعد إلحاح منّي وتردد منها..
ليس عيبا يا أبي أن نرى دموعك.. ليس عيبا أن ترينا تفاصيل حزنك في وجهك الباكي أيها الإنسان.. ما كان عليك أن تشيح عنّا بوجهك لتخفيه عن عيوننا، وأنت تجهش بالبكاء، وتحاول أن تدس رأسك بين أكياس “قشر البن” التي بجوارك في ركن دكانك الحزين، لتولي لنا ظهرك، وتواري عنا خريطة حزنك في وجهك العاري، وعيونك الذابلة التي غيب الحزن لمعانها، ودموعك التي لمحتها عند استدارتك وكانت تنهمر كالمطر..
علمت يا أبي بعد حين إنك كنت تستذكر وتبكي ولدك علي، رغم مرور السنوات الطوال على رحيله.. كيف استطعت أن تخبوا عنا كل هذا الحزن الذي يسكُنك، والقهر الذي أثقل روحك سنوات بكتمان الرجال الذين يصمدون ويصبرون.. رائع أنت يا أبي.. لم أكن أعلم أنك تخفي عنّا كل هذا العذاب والغياب والفقدان داخلك، وداريت عنّا كل هذا الكمد الذي يبدو أنه صار أكبر منك، فتمرد عليك بكل هذا العنفوان..
أردت أن أقول لك يومها: ابكي ما استطعت يا أبي، ودع الدموع تنهمر كما تشاء، ولا تمانعها ولا تقم بقمعها، ولا تخجل وتتحرج منّا أيها الإنسان، واستعن بالصبر المجالد حيال ما يسببه الموت من وحشة وغياب سرمدي لأعز من نحب..
(8)
تجربة أثيرية لعبور اللاوعي.. رسالة إلى أبي
أحمد سيف حاشد
كم أحبك يا أبي.. عندما كنت أكتب عنك شاهدتك في الحلم غاضبا ووحيدا.. ربما اعتدت أن أراك غاضبا، ولكن ما آلمني أن أراك وحيدا.. لا أقصد الانتقاص منك، فأنا بعض منك ومن مداك في سلسلة طويلة من امتداد يغالب الفناء والرحيل والانقطاع.. كما لا أقصد يا أبي تسجيل أي بطولة عليك، وأي بطولة هذه التي يمكن أن يسجلها ولد على والده.. لست أنا من يسجل بطولة على أبيه، حتى وإن ابلغت العضات والعبر لمن يحتاجها في بيئة تكاد تغلق بابها على نفسها وتختنق، في وسط باذخ بالعيب والنفاق والزيف والادعاء..
كم مزقني مشهد أن اراك وحيدا في الحلم.. أحسست أنك تعتب وأنا أذهب إلى أصغر التفاصيل.. شعرت كأنني أحاكمك في غيابك محاكمة غير عادلة تشبه محاكمة متهم في غيابه.. أحسست أنني أصادر حق حضورك.. ولكن كيف يكون حضورك وكيف استحضر روحك الشفيفة؟!!
حاولت تحضير روحك مستزيد بما قرأت.. حاولت أن ابلغك وحشتي وافتقادي الكبير لك.. شغوف أنا بمعرفة تفاصيل عالمك الذي رحلت إليه.. لقد حاولتُ بالفعل وفي ليل شديد السواد أن أستحضر روحك الندية.. شعرت بما يشبه موجات أثيرية تداهمني وتسري في جسدي من أسفله إلى أعلاه.. تيار من موجات الأثير تكتسحني من القدمين إلى الكتفين وتصعد إلى الحنجرة.. عودة وتكرار وكأنني أتشبع بالأثير.. الموجات الأخيرة كانت أقوى من تلك التي قبلها..
صوتك تحشرج في حنجرتي، أو حنجرتي هي التي كانت تحشرج بما خلته صوتك، أو كان صوتي يحاول العبور إليك، أو كان صوتك وصوتي يحاولان العبور إلى ما هو مستحيل.. بدأ الصوت في حنجرتي ثقيلا وساحب كصوت مسجل نفذت طاقة أو صلاحية البطارية المشغلة لها.. شعرت إن احدنا قد تقمص الآخر.. أحسست بحالة تلبس.. قلبي كاد يقفز من فمي.. لم أحتمل التجربة..
قمتُ فزعا مرعوبا والهلع يستحوذ أوصالي، ووجهي شاحب وممتقع.. لم تكن تجربتي الأولى التي أحاول استحضار روحك يا أبي، ولم أستطع أن أكمل ما بدأت من تجربة مضنية لا أعرف ما ستفضي نتيجتها، هل إلى كشف عمّا أبحث عنه، أم موت الذي يتحدّى الاستحالة، أو العبور إلى اللاوعي، أو الاجتياز إلى عالم الجنون وزوال العقل؟!!
ربما بعض ما حدث كان وهما أو خيالا في المستحيل، ولكن الأهم أنه يكشف عن حاجتي لك ورغبتي في عناقك الذي لم أتجاسر أن أطلبه منك في حياتك لهيبتك.. لقد كانت السبع السنوات الأخيرة من حياتك الندية مشبعة بالود والعطاء وأنت تسندني، وتخفف عني ما أثقل كاهلي..
أردت أن استسمحك وأستأذنك.. أردت أن أسألك عن عالمك الذي صرت إليه، وأبحث من خلالك عن سر الحقيقة أو تفاصيلها التي نبحث عنها ولم نجدها! أردت أن أقطع الشك باليقين، وأن أتحقق من كل الأقاويل والمزاعم التي تكتظ في رؤوسنا منذ بدأ الإنسان يسأل عن وجوده، فجاءت جل الاجابات بما ينطبق عليها قول الشاعر:
“وكلٌّ يدّعي وصلاً بليلى *** وليلى لا تقرُّ لهم وِصالاً”
لقد أحسست بعتبك وأنا أكتب عنك، فعدت لأكتب عن ذلك الكبير الذي كان يسكنك، وما يليق بك كأب وإنسان.. لا زلت أذكر ذلك اليوم الذي وجدتك بالصدفة وأمي جوارك، وأنت تجهش بالبكاء ودموعك تنهمر.. تشهق روحك إلى أعلى وكأنها لا تريد أن تعود إليك، وتنتحب أنت بحرقة ومرارة وكربة لا تريد أن تغادر جسدك المثقل بتداعي الحزن والألم..
تفاجأت وأنت توغل في البكاء الأجش، وتحمل ذلك القدر من القهر الذي طفح، لم أدرِ يومها ما سبب بكائك، ولم تخبرني أمي عن أي قهر قد أصابك.. ولكن عرفت لاحقا السبب الذي كتمته عنّي أمي، ثم سرتني به بعد إلحاح منّي وتردد منها..
ليس عيبا يا أبي أن نرى دموعك.. ليس عيبا أن ترينا تفاصيل حزنك في وجهك الباكي أيها الإنسان.. ما كان عليك أن تشيح عنّا بوجهك لتخفيه عن عيوننا، وأنت تجهش بالبكاء، وتحاول أن تدس رأسك بين أكياس “قشر البن” التي بجوارك في ركن دكانك الحزين، لتولي لنا ظهرك، وتواري عنا خريطة حزنك في وجهك العاري، وعيونك الذابلة التي غيب الحزن لمعانها، ودموعك التي لمحتها عند استدارتك وكانت تنهمر كالمطر..
علمت يا أبي بعد حين إنك كنت تستذكر وتبكي ولدك علي، رغم مرور السنوات الطوال على رحيله.. كيف استطعت أن تخبوا عنا كل هذا الحزن الذي يسكُنك، والقهر الذي أثقل روحك سنوات بكتمان الرجال الذين يصمدون ويصبرون.. رائع أنت يا أبي.. لم أكن أعلم أنك تخفي عنّا كل هذا العذاب والغياب والفقدان داخلك، وداريت عنّا كل هذا الكمد الذي يبدو أنه صار أكبر منك، فتمرد عليك بكل هذا العنفوان..
أردت أن أقول لك يومها: ابكي ما استطعت يا أبي، ودع الدموع تنهمر كما تشاء، ولا تمانعها ولا تقم بقمعها، ولا تخجل وتتحرج منّا أيها الإنسان، واستعن بالصبر المجالد حيال ما يسببه الموت من وحشة وغياب سرمدي لأعز من نحب..
اليوم يا أبي صرنا نعيش المصائب كلها.. اليوم يتمدد الموت وتزدهر المقابر.. كم هي عظيمة أيامكم رغم بؤسها وحرمانها.. لم تعد من مقارنة لنا بين أيامنا وأمسكم.. اليوم توالت وتكالبت علينا الاعسار والمصائب كلها في حضرة الحرب والموت والبشاعة..
اليوم همجية الاحتلال باتت في وعيهم تحريرا مصانا، وما هو محتل صيروه على نقيض اسمه أو مصادما لمسماه!! والفجاجة العنصرية قالوا عنها: قرآن كريم احذروا أن تمسّوه باعتراض.. تبدلت المفاهيم يا أبي على نحو فاق التصور.. صار الموت باذخا، والبشاعة تعبث بالوطن، ونحن في زحام حضورنا موغلين في الغياب، ومنهكين في همنا اليومي.. بات الجمال بأبعاده الأربعة ينعب وينتحب.. يا لبؤس المرحلة..
يتبع..
***
اليوم همجية الاحتلال باتت في وعيهم تحريرا مصانا، وما هو محتل صيروه على نقيض اسمه أو مصادما لمسماه!! والفجاجة العنصرية قالوا عنها: قرآن كريم احذروا أن تمسّوه باعتراض.. تبدلت المفاهيم يا أبي على نحو فاق التصور.. صار الموت باذخا، والبشاعة تعبث بالوطن، ونحن في زحام حضورنا موغلين في الغياب، ومنهكين في همنا اليومي.. بات الجمال بأبعاده الأربعة ينعب وينتحب.. يا لبؤس المرحلة..
يتبع..
***
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
بيان نعي صادر عن قطاع التلفزيون في وفاة الأستاذ القدير فاضل ردمان مدير عام الشؤون المالية والإدارية بقناة اليمن
الحمد لله القائل : (( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي )) . صدق الله العظيم.
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره ينعي قطاع التلفزيون (قناة اليمن) الأستاذ القدير فاضل ردمان القباطي مدير عام الشؤون المالية والإدارية بقناة اليمن الذي انتقل إلى جوار ربه يومنا هذا الأربعاء إثر حادث مروري مؤسف بالعاصمة صنعاء بعد حياة حافلة بالعطاء .
إن رحيل هذه القامة الوطنية يشكل خسارة فادحة خسر قطاع التلفزيون (قناة اليمن) برحيله واحداً من أبرز كوادرها الذين بذلوا أنفسهم في خدمة القضايا الوطنية والمجتمعية المختلفة وفي خدمة زملائه ومتابعة شؤونهم وحل إشكالياتهم والعمل على التخفيف من معاناتهم ، وكان رحمه الله من الكفاءات الناجحة التي عملت في صمت وبكل تفانٍ وإخلاص وقدم نموذجاً مشرفاً للموظف المخلص والمثابر في عمله وأدائه لواجبه المهني والوطني .
إن قطاع التلفزيون وهو ينعي الأستاذ القدير فاضل ردمان ليتقدم بخالص العزاء والمواساة إلى أسرة الفقيد وكل زملائه وأصدقائه ومحبيه راجياً من الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته وغفرانه وأن يسكنه فسيح جناته .
هذا وسيتم تشيع جثمان الأستاذ فاضل ردمان إلى مثواه الأخير في مقبرة الرحمة هبرة شارع مطهر تقي بعد الصلاة عليه في جامع الخير هبرة ..ظهر غدٍ الخميس ، في حين سيتم استقبال العزاء في قاعة اليمامة جوار منزله بهبرة .
إنا لله وإنا إليه راجعون
صادر عن قطاع التلفزيون (قناة اليمن الفضائية من اليمن)
الأربعاء 11 جمادى الأولى 1443هـ
الموافق 15 ديسمبر 2021 م
بيان نعي صادر عن قطاع التلفزيون في وفاة الأستاذ القدير فاضل ردمان مدير عام الشؤون المالية والإدارية بقناة اليمن
الحمد لله القائل : (( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي )) . صدق الله العظيم.
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره ينعي قطاع التلفزيون (قناة اليمن) الأستاذ القدير فاضل ردمان القباطي مدير عام الشؤون المالية والإدارية بقناة اليمن الذي انتقل إلى جوار ربه يومنا هذا الأربعاء إثر حادث مروري مؤسف بالعاصمة صنعاء بعد حياة حافلة بالعطاء .
إن رحيل هذه القامة الوطنية يشكل خسارة فادحة خسر قطاع التلفزيون (قناة اليمن) برحيله واحداً من أبرز كوادرها الذين بذلوا أنفسهم في خدمة القضايا الوطنية والمجتمعية المختلفة وفي خدمة زملائه ومتابعة شؤونهم وحل إشكالياتهم والعمل على التخفيف من معاناتهم ، وكان رحمه الله من الكفاءات الناجحة التي عملت في صمت وبكل تفانٍ وإخلاص وقدم نموذجاً مشرفاً للموظف المخلص والمثابر في عمله وأدائه لواجبه المهني والوطني .
إن قطاع التلفزيون وهو ينعي الأستاذ القدير فاضل ردمان ليتقدم بخالص العزاء والمواساة إلى أسرة الفقيد وكل زملائه وأصدقائه ومحبيه راجياً من الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته وغفرانه وأن يسكنه فسيح جناته .
هذا وسيتم تشيع جثمان الأستاذ فاضل ردمان إلى مثواه الأخير في مقبرة الرحمة هبرة شارع مطهر تقي بعد الصلاة عليه في جامع الخير هبرة ..ظهر غدٍ الخميس ، في حين سيتم استقبال العزاء في قاعة اليمامة جوار منزله بهبرة .
إنا لله وإنا إليه راجعون
صادر عن قطاع التلفزيون (قناة اليمن الفضائية من اليمن)
الأربعاء 11 جمادى الأولى 1443هـ
الموافق 15 ديسمبر 2021 م
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
السلسلة الخامسة - تسع حلقات
أبي
أحمد سيف حاشد
(1)
منكوبون بالبطالة وبطالة اليوم كارثة مستمرة
بعد سنتين من إقامتنا في عدن استغنت شركةُ “البِس” التي كان يعمل فيها والدي عن عددٍ من العمّال، وكان أبي من ضمنهم.. مصابٌ جلل، وقدرٌ بات أكبرَ منّا.. أيُّ نكبةٍ أصابتنا يا الله؟! يا لسوء الطالعِ وعاثرِ الحظّ.. خوفنا مما هو قادم ومجهول بات يزداد ويتسع!! أبي فقد عمله، ولا بديل يعوضه، ولا من يسدُّ لنا هذا القدَر الّذي بدا أمامنا ثقبا أسودا، وفراغا كونيَّاً يريد ابتلاعنا وتغييبنا في مجاهل الجحيم..
لا رجاء يسعفنا، ولا بارقة أمل تلوح في الأفق.. وجُومٌ في السماء، وكلَحٌ في الأرض، ويأس يتمطّى في الشرايين.. لم يعُد هنالك من مصدرِ دخلٍ لنا.. ظروفنا ازدادت سوءًا وانحدارا، وزدنا نحن عوزا وفاقة.. لم يكن أمام أبي من خَيارٍ إلّا أنْ يعودَ بنا إلى قريتنا التي تُهرسُ بؤسا وشقاءً شديدا، ومعاناة تطول، ولا نور في نهاية النفق.. ما أسود الحياة عندما تفقد عملك، وتُقطع أسباب رزقك!
فادحا أصابنا، وفادحٌ مضاعفٌ أصابَ أبي.. مأساةُ أسرةٍ فقد فيها ربها دخله المحدود، وأسرة أخرى في القرية تتضور جوعا، لا دخل لها ولا عوض غير ما يرسل به أبي.. حكم إعدام أنزله علينا القدر دون تروٍ أو مَهَل..
أبي يَهيمُ على وجهه، يبحث عن وجهِ الله لعلَّه يجده.. كان الشعور بالضَّياع وفقدانِ الأمل قاسيا بل وساحقا.. أتخيل الحالَ أنَّ صخرةً بحجمِ كوكبٍ عبوس، قذفتها السماء على رأس أبي، وأصابتنا معه في مقتلٍ أطاحَ بالجميع..
الخَيارات محدودةٌ وصعبة، بل في الحقيقة ليس أمامنا من خَيار.. لا عملَ ولا أيّ فرصةٍ تنجي
لقمة عيشنا، وكلَّ ما يمكن أن تفكِّر به من مساعدة غائبٍ ومعدوم.. أنت مبلوع في لُجَّة البحر، بلا يد ولا مجداف ولا حتّى قشة ترجوها أو تمسك بها مسكة غريق.. جميعنا يغرق في التّيهِ والمجهول وأصقاعِ الضياع..
عاد بنا أبي إلى القرية.. وبات المُصاب والألم مضاعف.. أسرتان تعانيان الجوع، وكل شيء فيها عزيز، ولا أمل في انتظار ينقذنا من حالنا البائس، ولم تبق أمام أبي إلّا المُغامرةُ والرحيلُ إلى الغربة؛ يبحث فيها عن فرصة عمل أخرى تسعفنا من حالة البؤس والموت البطيء..
حدث هذا قبلَ استقلالِ الجنوبِ من الاحتلال البريطاني.. ضاقت الدنيا في وجهِ أبي ودلهمّت.. بعد أن فقدنا مصدر رزقنا وما نقتات في عدن عُدنا مع أبي إلى القرية التي جئنا منها، كأسماك السّلمون التي تعود من مهجرها لتموت في مسقط رأسها، أمّا أبي فعليه أن يواصل الهِيامَ والبحثَ عن فرصة عمل.. عليه أن يشقّ البرَّ والبحر؛ ليجد عملا نقتات منه، ولا عذر ليتخلّى عن مسؤوليته، حتى وإن كان مصابنا وقدرنا أكبر من الجميع.. فكانت وجهته هذه المرة إلى “بربرة” في الصومال الشقيق.
***
اليومَ يا أبي أسوأ من أمسه المنكوب.. فما حدث لنا ولليمن تجعل مأساتنا في الأمس رغم كبرها تبدو بحجم رأس دبوس في محيط.. ما نشهده اليوم، هو محيط من العذاب والموت والبشاعة..
نحن في زمن بات وقد تعاظمت فيه مصائبه وبشاعته.. وما كان في الأمس مصابٌ مقدورٌ عليه بممكن أو بمعركة مع المستحيل، بات اليومَ كوارثُ تفوقُ ما تحتمله الجبالُ، بل ولا تقوى عليه اليمن كلُّها، وقد جمع لنا العالمُ، وصبَّ فوق رؤوسنا، كلَّ فساده ورعبه وبشاعته..
الفارقُ بين مصائبِ الأمسِ وازدحامِ كوارث اليوم تفوق كل ممكن ومعقول.. اليوم السّنة السابعة نعيشُ حربا ضروسا، وهروبا إلى مزيد من التشظّي والجحيم.. حروب متعددة تشُبُّ وتنشب هنا وهناك بألف رأسٍ وأميرِ حرب.. اليمن باتت نتفا ممزقة بينهم.. كل يقضم منها ما أستطاع؛
وصار السؤال الأهم أين هي اليمن؟! وياتي الجواب الصادم من واقع الحال: كانت هنا يمن..!!
سنواتٌ عجاف أكل فيها شعبُنا دواخلَه، وأكل المجتمعُ الواحدُ بعضَه بعضا، وأكلت النار معظمه.. حروبٌ دميمة وبشعة، سحقت شعبنا طولا وعرضا.. مـأساةٌ بعمقٍ سحيق، وطولٍ وأبعادٍ تبدّت لنا كمحيط دون أطراف ولا خِلجان ولا منتهى..
لك أن تتخيَّلَ حجم الكارثة، وأنت ترى العملة تتدهور على نحو غير مسبوق، بل أن قدرتها الشرائية باتت تتلاشى على نحو فاجع ومخيف، دون اكتراث أو شعور بالمسؤولية من قبل سلطات الأمر الواقع الغارقة بالنهب واللصوصية والفساد المهول.
أكثر من مليون ونصف موظفٍ ومتقاعدٍ، ومستفيدٍ، قُطعت رواتبهم، وقُطعت معها أسبابٌ الرزق الشريف، وأطراف الحرب والصراع تتكايد مع بعضها لتتخلى عن المسؤولية حيال هذا العدد الذي يعيل قرابة عشرة مليون مواطن، باتوا مُفقرين ومعدمِين ومُعوزين..
تزداد البطالة كل يوم، وربما تتضاعف كل عام، وتُمارس أطراف الحرب سياسة إفقار متعمدة حيال هذا الشعب المنكوب بها، وتنتشر الأمراض والأوبئة، والمجاعة والتشرّد، والضياع، كما تفتِك الحربُ بهذا الشعب المنهك منذُ سنواتٍ طوال، وفي محيطنا عالمٌ متوحِّش لا يبالي بما وصلنا إليه من حال ومحال..
السلسلة الخامسة - تسع حلقات
أبي
أحمد سيف حاشد
(1)
منكوبون بالبطالة وبطالة اليوم كارثة مستمرة
بعد سنتين من إقامتنا في عدن استغنت شركةُ “البِس” التي كان يعمل فيها والدي عن عددٍ من العمّال، وكان أبي من ضمنهم.. مصابٌ جلل، وقدرٌ بات أكبرَ منّا.. أيُّ نكبةٍ أصابتنا يا الله؟! يا لسوء الطالعِ وعاثرِ الحظّ.. خوفنا مما هو قادم ومجهول بات يزداد ويتسع!! أبي فقد عمله، ولا بديل يعوضه، ولا من يسدُّ لنا هذا القدَر الّذي بدا أمامنا ثقبا أسودا، وفراغا كونيَّاً يريد ابتلاعنا وتغييبنا في مجاهل الجحيم..
لا رجاء يسعفنا، ولا بارقة أمل تلوح في الأفق.. وجُومٌ في السماء، وكلَحٌ في الأرض، ويأس يتمطّى في الشرايين.. لم يعُد هنالك من مصدرِ دخلٍ لنا.. ظروفنا ازدادت سوءًا وانحدارا، وزدنا نحن عوزا وفاقة.. لم يكن أمام أبي من خَيارٍ إلّا أنْ يعودَ بنا إلى قريتنا التي تُهرسُ بؤسا وشقاءً شديدا، ومعاناة تطول، ولا نور في نهاية النفق.. ما أسود الحياة عندما تفقد عملك، وتُقطع أسباب رزقك!
فادحا أصابنا، وفادحٌ مضاعفٌ أصابَ أبي.. مأساةُ أسرةٍ فقد فيها ربها دخله المحدود، وأسرة أخرى في القرية تتضور جوعا، لا دخل لها ولا عوض غير ما يرسل به أبي.. حكم إعدام أنزله علينا القدر دون تروٍ أو مَهَل..
أبي يَهيمُ على وجهه، يبحث عن وجهِ الله لعلَّه يجده.. كان الشعور بالضَّياع وفقدانِ الأمل قاسيا بل وساحقا.. أتخيل الحالَ أنَّ صخرةً بحجمِ كوكبٍ عبوس، قذفتها السماء على رأس أبي، وأصابتنا معه في مقتلٍ أطاحَ بالجميع..
الخَيارات محدودةٌ وصعبة، بل في الحقيقة ليس أمامنا من خَيار.. لا عملَ ولا أيّ فرصةٍ تنجي
لقمة عيشنا، وكلَّ ما يمكن أن تفكِّر به من مساعدة غائبٍ ومعدوم.. أنت مبلوع في لُجَّة البحر، بلا يد ولا مجداف ولا حتّى قشة ترجوها أو تمسك بها مسكة غريق.. جميعنا يغرق في التّيهِ والمجهول وأصقاعِ الضياع..
عاد بنا أبي إلى القرية.. وبات المُصاب والألم مضاعف.. أسرتان تعانيان الجوع، وكل شيء فيها عزيز، ولا أمل في انتظار ينقذنا من حالنا البائس، ولم تبق أمام أبي إلّا المُغامرةُ والرحيلُ إلى الغربة؛ يبحث فيها عن فرصة عمل أخرى تسعفنا من حالة البؤس والموت البطيء..
حدث هذا قبلَ استقلالِ الجنوبِ من الاحتلال البريطاني.. ضاقت الدنيا في وجهِ أبي ودلهمّت.. بعد أن فقدنا مصدر رزقنا وما نقتات في عدن عُدنا مع أبي إلى القرية التي جئنا منها، كأسماك السّلمون التي تعود من مهجرها لتموت في مسقط رأسها، أمّا أبي فعليه أن يواصل الهِيامَ والبحثَ عن فرصة عمل.. عليه أن يشقّ البرَّ والبحر؛ ليجد عملا نقتات منه، ولا عذر ليتخلّى عن مسؤوليته، حتى وإن كان مصابنا وقدرنا أكبر من الجميع.. فكانت وجهته هذه المرة إلى “بربرة” في الصومال الشقيق.
***
اليومَ يا أبي أسوأ من أمسه المنكوب.. فما حدث لنا ولليمن تجعل مأساتنا في الأمس رغم كبرها تبدو بحجم رأس دبوس في محيط.. ما نشهده اليوم، هو محيط من العذاب والموت والبشاعة..
نحن في زمن بات وقد تعاظمت فيه مصائبه وبشاعته.. وما كان في الأمس مصابٌ مقدورٌ عليه بممكن أو بمعركة مع المستحيل، بات اليومَ كوارثُ تفوقُ ما تحتمله الجبالُ، بل ولا تقوى عليه اليمن كلُّها، وقد جمع لنا العالمُ، وصبَّ فوق رؤوسنا، كلَّ فساده ورعبه وبشاعته..
الفارقُ بين مصائبِ الأمسِ وازدحامِ كوارث اليوم تفوق كل ممكن ومعقول.. اليوم السّنة السابعة نعيشُ حربا ضروسا، وهروبا إلى مزيد من التشظّي والجحيم.. حروب متعددة تشُبُّ وتنشب هنا وهناك بألف رأسٍ وأميرِ حرب.. اليمن باتت نتفا ممزقة بينهم.. كل يقضم منها ما أستطاع؛
وصار السؤال الأهم أين هي اليمن؟! وياتي الجواب الصادم من واقع الحال: كانت هنا يمن..!!
سنواتٌ عجاف أكل فيها شعبُنا دواخلَه، وأكل المجتمعُ الواحدُ بعضَه بعضا، وأكلت النار معظمه.. حروبٌ دميمة وبشعة، سحقت شعبنا طولا وعرضا.. مـأساةٌ بعمقٍ سحيق، وطولٍ وأبعادٍ تبدّت لنا كمحيط دون أطراف ولا خِلجان ولا منتهى..
لك أن تتخيَّلَ حجم الكارثة، وأنت ترى العملة تتدهور على نحو غير مسبوق، بل أن قدرتها الشرائية باتت تتلاشى على نحو فاجع ومخيف، دون اكتراث أو شعور بالمسؤولية من قبل سلطات الأمر الواقع الغارقة بالنهب واللصوصية والفساد المهول.
أكثر من مليون ونصف موظفٍ ومتقاعدٍ، ومستفيدٍ، قُطعت رواتبهم، وقُطعت معها أسبابٌ الرزق الشريف، وأطراف الحرب والصراع تتكايد مع بعضها لتتخلى عن المسؤولية حيال هذا العدد الذي يعيل قرابة عشرة مليون مواطن، باتوا مُفقرين ومعدمِين ومُعوزين..
تزداد البطالة كل يوم، وربما تتضاعف كل عام، وتُمارس أطراف الحرب سياسة إفقار متعمدة حيال هذا الشعب المنكوب بها، وتنتشر الأمراض والأوبئة، والمجاعة والتشرّد، والضياع، كما تفتِك الحربُ بهذا الشعب المنهك منذُ سنواتٍ طوال، وفي محيطنا عالمٌ متوحِّش لا يبالي بما وصلنا إليه من حال ومحال..