أحمد سيف حاشد
341 subscribers
2.77K photos
6 videos
5 files
2.86K links
عضو برلمان
Download Telegram
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
يريدون ارهابنا حتى لا نتحدث عن فسادهم.. عن استيلائهم على المؤسسات العامة وتحويلها إلى انتفاع خاص وممتلكات خاصة.. يستخدمون كل الأساليب ليستمرون بنهبنا بمبرر العدوان.. ينهبون حقوق ومكتسبات شعب ظل يبنيها وينميها مدة أكثر من ستين عام بالعرق والكدح ودم القلوب..
لن ترهبونا وأن صلبتمونا على مأذن صنعاء كلها..
صيروا العدوان مشجب لفسادهم الثقيل على أرواحنا المتعبة وحقوقنا المنهوبة..

***
نص المنشور كاملا:
في كتاب "يتيمة الأحزان" لتقية بنت الإمام يحيى حميد الدين قرأت عن المشفى التركي في صنعاء والذي حوله الإمام إلى بيت لزوجاته، والذي صار يعرف بدار السعادة".
حق عام كيف يتحول إلى خاص، ومشفى كيف يتحول إلى مسكن شخصي!!
ما أشبه اليوم بالبارحة مع فارق طفيف..
أن يتحول المركز الطبي التابع لوزارة للشباب والرياضة في صنعاء لسكن شخصي لبعض أتباع الجماعة وأقاربهم من أنصارها أمر يذكرنا بماض يتكرر.
إنها نفس الثقافة لم تتغير..!!
سلطة الغنيمة والفيد تحول ممتلكات الشعب إلى حصص يتقاسمها شركاء السلطة في صنعاء.. نعم إنها سلطة الغنيمة التي تزيل الحدود بين العام والخاص، وتجعل الحاكم يتصرف بأملاك الدولة والشعب وكأنها ملكه الخاص.
ولها نظائر في سلطات الأمر الواقع في أكثر من مكان..
لازلنا محكومين بنفس الثقافة..
ولازالت سلطة الغنيمة تحكمنا إلى اليوم..
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
ألم أقل لكم أنهم لا يستحون !!
بدلا من محاسبة الذين يستغلون السلطة ويسيئون استخدامها ويحتلون مؤسسات الدولة ويحولوها إلى انتفاع خاص وملكية خاصة، يذهبون إلى إرهاب من يكشف الفساد ويتوعدون بخلس ظهورنا نحن من نكشفه..
هذا الفساد الكبير ينيخ بثقله على صدورنا وعلى هذه البلاد التي تنزف وتموت تحت أقدامهم..
هل هو الحول في العيون؟!
أم هم بعض من هذا الفساد الوخيم الذي نهب الحياة وكد جيلين أو ثلاثة..
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
النوايا السيئة تظهر ولو بعد حين..
جهاز الامن القومي كان اسمه يدل على اختصاصه..
جهاز الامن السياسي كان اسمه ايضا يدل على اختصاصة..
هذه الأيام يسموه جهاز الامن والمخابرات "بتاع كله"..!!
إننا امام سلطة بوليسية تتشكل وستتدخل في كل تفاصيل حياتنا من ألفها إلى ياءها..
صار جهاز الأمن والمخابرات جهة اختصاص حتى في البيع والشراء..
باتت اختصاصاته ولاية عامة وزائدا عليها لها الصلاحية الكاملة في كل التفاصيل..
طيب ايش فائدة الجهات المعنية الأخرى اذا جهاز الامن والمخابرات بتاع كله..؟!!
هذا التعميم مصادم للدستور والقانون والاختصاصات..
إنهم يهرولون بنا إلى الجحيم..
نريد دولة..

ملاحظة: الوثيقة صحيحة وقد استوثقت من ناشرها قبل نشرها
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
من هامش مذكراتي:
"وفي لحظة كثيفة الوجع، وحالما كان صديقي مجيد الشعبي يحثني على الصبر؛ تذكرت واقتبست في مقال، ما قرأته في رواية حنامينه (الثلج يأتي من النافذة) حيث يقول فياض لصديقه خليل الذي كان يحثه على الصبر:

(ولكني أتعذب يا خليل. في كل ليلة اجر الى التحقيق، وفي كل ليلة أجلد بالسياط، وحين يُغمى عليّ، يسكب الماء البارد على جسدي. ينقعونه جيدا، كالجلد قبل وضعه على السندان، ويضربونه حتى يتمزق، ويخرج اللحم مع السياط، ويتناثر على الجدران؛ فيحملوني في بطانية، ويلقوني في الزنزانة.. ومن جديد، بعد يوم أو يومين، بعد اسبوع، اجر الى التحقيق وتتجدد عملية التعذيب.. أنا فياض.. احس بهذا لأني اعرفه ، لأني اعيشه، ولأني اتحرق الى وقفه)."
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
من مذكراتي..
(17)
طفل مُرهف !
كنت طفلا صغيرا مُرهف الحس والحواس.. جياش العواطف والمشاعر.. كثير من التصرفات التي تبدّت منّي في تلك المرحلة ربما كانت طبيعية بفعل كثافة وتدافع تلك الأحاسيس والمشاعر في عهد الطفولة المتـأججة بها، أمّا أن ترافقني بعضها في كِبري، بل وأنا متجها نحو ستينات عمري، فربما بدت للكثيرين غير سوية، إن لم تكن بلهاء وساذجة..

لازلت أتذكّر وأنا أضع أنواع من الحبوب على أبوب بيوت النمل لتقتات منها، وقد رمتُ أن تعيش برغد ورخاء، أو أخفف عنها تعب وإملاق، وأجنّبها خطر أشد.. أحيانا أفيض عليها بالكرم إن توقعتُ تأخر مجيئي إليها في المرة القادمة.. كنت لا أريدها أن تذهب بعيدا عن بيوتها، حتى لا تخاطر بحياتها، وتتعرض للدوس تحت أقدام البشر، أو السحق تحت حوافر الماشية..

أساعدها في بناء بيوت لها غائرة في الطين، وأحصّنها بالحجارة والصفيح حتى أقيئها من خراب السيل، وغمر المطر، وحتّى تظل بيوتها عامرة لا يطولها هدم أو خراب.. هكذا كنتُ أفكر، وأكثر منه أحاول التحدث إليها في خلوتي معها لإفهامها بما أفعله، وما أريده منها، وما أحاول أن أجنّبها إياه من المخاطر التي أراها وشيكة أو مُحدقة..

كنت أحيانا أجمع بعض النمل الشارد والتائه، وأبني لها مستوطنة، داخل صفيح عُلبة الحليب “النيدو” الفارغة، بعد أن أملاؤها بعجين الطين، وابني لها غرف ومخازن أقوم بتعبئتها بأنواع الحبوب، حتى لا تموت ولا تجوع، ولا تهجر ديارها المستحدثة..

حرستُ النمل ورعيتها أياما وأسابيعا، وعند سفري الى عدن ذهبت بعلبة الصفيح إلى مكان قصي وآمن.. غرستها في أرض أبي، ووفرت لها كثيرا من الحبوب لتقتات وتعيش أطول فترة ممكنة، رغم ضجيج الخالة، ومعارضتها لما أفعله، حتى بديت أمامها كطفل مختل ومعتوه وهي تسترق السمع، وأنا أتحدث إلى النمل في خلوتي معها..

*
وفي واقعة أخرى وضعتُ مصيدة للفئران.. وفي الصباح وجدت الفأرة هامدة، وقد وقعت في قبضة المصيدة الضارب حديدها على عنقها المخنوق، والمسنود من الأسفل بنتوءات وأسنان حداد صارت ناشبة في أسفل عنقها، وقد فاض روحها، ربما منذ ساعات..

رأيتُ فأرا صغيرا بجوارها، يكاد يكون لصيقا بها في مشهد مؤثر ومُحزن.. شاهدته وكأن الحسرة تتملكه وتشل قواه.. رأيته يتنفس بسرعة، مثقلا بحزن وحيرة.. توقعتُ أن يهرب لمجرد أن يرى قدومي إليه وأنا أقترب منه، ولكنه لم يهرب ولم يحاول.. حاولتُ أن أستثير نفوره وأثير فيه غريزة الحياة أو النجاة، لكنه بدأ لي غير مبال ولا مكترث.. رفض الهروب أو مبارحة المكان.. تسألت مع نفسي: هل هو قليل الخبرة بالموت أم أنه لا يدرك أفعال البشر..؟! أم أنه لم يأنس إلا بالبقاء جوار أمه المخنوقة، واستحال عليه فراقها، حتى وإن لحق بها؟!

تأثرت بالمشهد، وساحت من عيوني الدموع.. رجوتُ الصفح من ضحية فارقتها الحياة، غير أنها لم تعد تقوى على الصفح والغفران، وقد ذهبت روحها إلى باريها في السماء.. حاولت أن أكفّر عن جريرتي بإطعام صغيرها، وتحريره بنقله إلى مكان يقتات منه، وتشتد فيه قواه، ويعيش حرا طليقا، ودعوتُ له بطول العُمر وطيب الإقامة..

ربما تمنيت أن أرثي الأم القتيلة، ولكن من يوحي لي بآية، أو يتلبسني لإبداع القصيدة؟!! ندمت على فعلتي أشد الندم.. حزنتُ كثيرا لهذا القدر.. دعوتُ الله، وطلبت منه المغفرة، وقرأت لروحها ما حفظتُ من سور قصار من القرآن، وشيعتها بمراسيم دفن بدت مهيبة.. رحلت روحها إلى باريها، وبقي السؤال إلى اليوم ينهش رأسي المنبوش، وينقر ذاكرتي المنهكة؛ لماذا يحدث كل هذا وما ماثله، وأكثر منه ما هو فادح في حرب أكثر بشاعة و وخامه..؟! الحقيقة أنه أكثر من سؤال.. أكبر من حيرة، وألغز من لغز لم أجب عليه حتى يومنا هذا، وقد صرتُ أدنو من الستين..!! فيما رجع الصدى كان يقول ويعترض: لا يمكن أن تكون عبثية الحياة والموت حكمة!!

*


في العام 2005 إن لم يكن في العام الذي يليه، حدثت حالة مماثلة، في عمارة “الفاقوس” بصنعاء التي كنت أقيم فيها، بعد أن وضع أحد أبنائي دون علمي مصيدة للفئران؛ فأمسكت بيد أحد الفئران، والعجيب أن عدد من الفئران ظلوا يحومون حوله.. ربما يحاولون فعل شيء ليس بمقدورهم فعله، وربما حتّى فهمه.. كانوا يتوجعون لما أصاب رفيقهم، وربما يحاولون إنقاذه، أو هذا ما كانوا يرجونه في لحظة قاسية كتلك..

عندما رأيت هذا المشهد، هرعت لإطلاق الفأر الواقع يده في قبضة شرك المصيدة، وفضلا عن ذلك حرصتُ على منح النجاة لجميع الفئران الذين كانوا يحومون حوله، وعلى مقربة منه.. إنهم يستحقون النجاة على الأقل لأنهم لم يخذلوه ولم يتركوه.. كانوا الأكثر وفاء له في محنته، وفي أسره ومُصابه..

***

كنت وأنا صغيرا أمنع أمي أن تذبح دجاجة لتعينني على المرض.. معالجة المرض بمرق الدجاج ولحمها، كان لدي غير مستساغ ولا مستلطف، إن لم يكن أشبه بمعالجة المريض بالكي ووسم الجلد بالنار..
كنت أشعر بسعادة غامرة، وأنا أطيل في عمر دجاجنا، وأكتفي ببيضها.. أشعر براحة عميقة، وأنا أرى الدجاج تعيش، وقد أنقذتها من مصير ذابح وأليم.. تغمرني السعادة وأنا أسمع صوتها طربة في الأيام التي تلي يوم إنقاذها، أو أراها مشرقة وعاشقة للحياة.. أشعر مليا أن الحياة أولى وأحق من الموت والمرض.. ولكن واقع اليوم صادم ومُراغم فرض علينا شروطه وقسوته، والعالم مُحيّر عظيم، والحيرة صارت كبيرة، وطغيانها علينا صار أشد وأثقل.

*

تملكتُ يوما أنثى قرد صغيرة أهدتني إياها إحدى العجائز، أو ربما اشترتها لي أمي بعد أن لاحظت تعلقي بها من النظرة الأولى كعاشق لهوف.. الحقيقة لم أعد أذكر كيف تملكتها، ولكن أذكر إن السعادة كانت تغمرني إلى حد يفوق التصور.. أول مرة أرى "قردة" بهذا القُرب في المسافة، وأرى بعض تصرفاتها تحاكي أو تقارب تصرفاتنا، بل وتمنحنا الفرح والضحك والابتسامات العريضة والمُشرقة..

كانت هذه “القردة” تلاطفني وتبادلني مشاعر الود والبراءة.. تملأ فراغي وتجلب لي كثير من الفرح والسعادة والعجب.. كانت تملأ حياتي بهجة، وربما أعوّضها وتعوضني كثير من حنان فقده كلانا.. أحبها بجنون.. تأسرني وآسرها بحميمية تغمرنا وتفيض.. أهتم بها إلى حد بعيد، وهي أيضا تهتم بي على نحو لا يصدق..

جاء والدي من عدن، وأول ما رآني معها وكأن تدرّعه ألف شيطان.. ضربني وضربها على نحو لا يعرف الرحمة.. كنت جلدا وقادرا على احتمال الضرب، غير أنني غير قادرا على فراقها.. ولكنه أرغمني مكرها على تركها للجبل، ومصير لازال مجهول..

كانت الفكرة لديّ والتي سمعتها من إحدى العمّات بما معناه أن قطيع القرود في الجبل لا يقبلوا ”قردة” من خارج قطيعهم بل سيهاجمونها بشدة.. سيفتكون بها وسيأكلونها، لأنها فقط غريبة عنهم ولا تنتمي إلى قطيعهم، ولأن رائحة البشر تظل عالقة فيها ولن تفارقها.. كنت أتخيل مصيرها فاجعا ووحشيا..

عشتُ ألما بالغا ربما أضعاف الألم الذي كنتُ أتخيلها فيه.. عشت كآبة تشبه كآبة الحِداد.. حسرة بدت لي لا حدود لها.. كان حالي أشبه بمن فقد عزيز حميم لا يستطيع العيش دونه.. حميم غيب الموت صاحبه، أو حبيب غيب الموت محبه للأبد..

كنت أتخيّلها وهي في الجبل تعاني الجوع والعطش, ويعصرها ألم الفراق، وكثير مما لا تطيق من تيه وفقدان، ومصير بات مجهولا، واحتمالاته مفُزعة.. أغلب الظن بل لا شك إن نهايتها ستكون فاجعة وأليمة..

صرتُ لوقت أعاني أكثر مما أحتمل.. أشعر أن جسمي النحيل بات محطما ومهدودا لا حيل له.. خيالي يسرح بعيدا مستقصيا معاناتها المريرة.. مصابنا جلل، ومعاناة كلانا أكبر من مهولة..
كنت أتخيلها وهي تلوذ إلى قطيع القردة تسترحمهم وترجوهم، فيما القرود تهاجمها ببشاعة، وتنهشها بشراهة وحوش آكلة اللحوم.. تُمزق جلدها، وتغرس أنيابها في جسدها النحيل، وتتنازع أوصالها وأشلاءها.. عشت ألم وحسرة فاق يومها ذاكرتي المنهكة..

لقد كانت طفولة في جانب منها تنزع نحو تمرد إنساني ربما في بعضها كان من نوع آخر.. أحسست أنها طفولة تليق بإنسانيتي، وفيه يختلج احتجاج على الموت والعبث وهذه الحياة البائسة..

*


رهافتي لازالت ترافقني على الكِبر، وترفض أن تغادرني حتّى وإن سخرت منّي مكابرة الرجولة.. لازال ضميري يعاتبني حالما أتجاهله.. لازالت احتجاجات الوجود تضج داخلي وتملئني بالضجيج.. لازال داخلي إنسان يصرخ ويستنطق ضميري في كل موقف ومأساة..

في هذه الحرب البشعة والمرعبة باتت مأساتنا أجل وأكبر من هذا الكون الكبير، ومن هذه الحرب الضروس التي طال آمادها.. هذه الحرب التي صبت على رؤوسنا جحيما وويلات كبار، ولم تعد تميّز بين الحجارة والبشر.. كبرتُ وخبرتُ الحياة أكثر، ولازالت رهافتي تتسع، واحتجاجي لازال يكبر..

لازلتُ إلى اليوم في كثير منّي مسكونا بذلك الطفل الصغير، وقد صرتُ أوغل في المشيب، وربما أدنو من كهولة تقترب.. باتت السنة الواحدة في هذه الحرب الضروس أكبر من سبع سنوات عجاف، وصارت الحرب بطولها لا تريد أن تنتهي.. ما هذا الجحيم أيها الرب؟!..

نفي النفي ينتظرني على حواف قبر ليهيل على جسدي التراب، والمجهول بات يسارع خطاه في المجيء نحونا دون كفن ولا قبر.. القبور تزاحمت.. ضاقت بنا المقابر.. المقابر باتت بلا شُرفات أو منافس، والأجساد باتت تبحث عن أكفانها، في وطن تلاشى حتّى بات أصغر من قبر لازال يجهل عمر صاحبه..

***

(18)
توجهات ونوازع وشرور

في المرحلة الأولى من حياتي كنتُ حساسا كجهاز قياس شديد الحساسية.. انطوائي وخجول وشفاف.. مرهف الحس وجياش العواطف.. متمردا إلى الحد الذي أثور فيه على أبي.. عاطفي إلى الحد الذي أفكر فيه بالخلاص من الحياة.. شقيا أحيانا إلى حد الجنون.. صراع أنتهى أن أنتصر فيه الخير على الشر، والحياة على الموت، والإنسان على ما عداه..
ربما يوما عبرت فكرة فاسدة في خاطري، ولكن سرعان ما يقاومها نقيضها داخلي.. ربما أردت يوما أن تكون لدي خيزرانه أنال بها من هم دوني كما كان يفعل الأستاذ مع طلابه، ثم أتذكر ما مررت به، فأطردها ولا أسمح لها أن تعاودني..

في طفولتي اعتديت على بيوت الدبابير، وكانت توا تلاحقني، ونالت لسعاتها مني، وتورم من لسعاتها وجهي، وثخن عنقي وأطرافي، وسرى سمّها في جسدي النحيل، وكان بعضها يحتاج إلى أيام لأتعافى وأبرأ من ورمها، والحمّى التي تعتريني بسبب لسعاتها..

كنت يومها أنا المعتدي، وكانت هي تدافع عن حقها في الحياة.. حقها في أن تعيش وقد وجدت نفسها في حياة مُرغمة.. لم أفطن هذا الحال يومها.. وعندما كبرت وجدت تلك الحياة لا تروقني، وتؤلمني شرورها.. أبحث عن العدالة، والخير المحض، وعالم لم يأت بعد وربما لن يأتي..

*

حلمتُ أن أكون شهيدا.. تأثرت بقصة استشهاد سناء محيدلي.. كبرت ولم أنس قصتها، وأسميت ابنتي الأولى سناء تيمنا وأعجابا بهذه الفتاة اللبنانية التي نفذت عملية انتحارية ضد رتل من عربات الاحتلال الصهيوني لجنوب لبنان..

أعجبت وقرأت عن الثورة الكوبية، وعن الثوري جيفارا في مرحلة باكرة من حياتي.. أسميت ابني فيدل قبل أن يصير اسمه فادي عرفانا لفيدل كسترو ولكوبا قلعة الصمود، والصوت الذي كان ينحاز إلى قضايا العرب في المحافل الدولية إبان حرب "أمريكا" على العراق..

انتميت إلى اليسار، وأسميت ابني الثاني يسار قبل أن يصير اسمه يسري.. في مرحلة من حياتي صار انحيازي للفقراء ولليسار في الاقتصاد، وربما في مرحلة أخرى ملت للبرله فيما يتعلق بحرية الفكر، ولكن لاحقا وجدت أن اللبرلة كلها ربما لا تتسع لفكرة أو كتاب.

أما اليوم فأدعي أنني صرت صاحب رأي، وأنتمي للإنسان أولا، وأنزع للاستقلالية كثيرا، وأرفض أن أكون واحد في القطيع، ولا أحب القيود التي تريدني أن أعيش في جحورها، أو ماضيها البليد.. أقاوم الظلم والقهر والاستبداد تحت أي عنوان يجيء به، أو بأي مسمى كان.. صرت أعشق الحرية الى أبعد الحدود..

*


أن تكون في مرحلة من طفولتك أو كلّها مرهف الحس ورقيق المشاعر لا يعني أنك لم ترتكب في مرحلة ما حماقات وانفعالات وأفعال غير سوية، ربما يصل بعضها حد الجريمة أو يكاد.. عوامل شتّى ربما تدفعك في لحظة حرجه إلى فقدان صوابك، وعدم تقدير نتائج أفعالك، وربما تكون أنت والضحية معا ضحايا لواقعك..

أن تكون طفلا جيّاش العواطف لا يعني أنك ستكون حدثا سويا على وجه التمام، وأن حياتك المراهقة ستكون خالية من النتوءات الحادة أحيانا، وأنها لن تخرج عن المسلك السوي، وربما على نحو فظ.. حياة سيكتنفها كثير من التمرد، وربما الشقاوة والقساوة أيضا بوجه ما في مجتمع يمارس القسوة كفضيلة..

عشت قسوة الحياة في واقع أشد قساوة، وربما وجدت نفسي في لحظات ما وإن كانت عابرة مطبوعا بانفعال حاد، وارتكبت أو كدت أرتكب ما هو خارج سياقي ويتعارض مع طبيعتي وفطرتي، ولكن سرعان ما يعقبها الندم، أو الشعور بالذنب، والتمنّي أن لا أكون قد فعلت ما فعلته..

حياتي في جزء من طفولتي ومراهقتي ربما أتسمت فيها علاقتي مع والدي في بعضها بالقسوة، ولكن يمكنني القول أنه في العشر السنوات الأخيرة من حياة أبي قبل وفاته والذي توفى على الأرجح في الربع الأخير من نهاية العام 1997 كانت على خير ما يرام.. حب وود وإحساس كثيف كل منّا بالأخر..

مات أبي وهو راض عنّي إلى حد بعيد، وكنت راضيا عنه إلى ذلك الحد وأكثر.. تنازل هو عن قسوته وسلطته الأبوية الآمرة، وتنازلت أنا عن تمرداتي عليه.. وساد بيننا كثيرا من الحب والاحترام والتقدير..

فيما ظل تمردي ضد السلطة السياسية إلى يومنا هذا.. أعيش عناد لا يكل.. رفض ومراغمة ومقاومة مستمرة معها، ربما لأن السلطة المستبدة بأي لباس كانت غير أبي، ترفض التنازل عن سلطتها للناس، وتسعى بكدها وكديدها وعنفها إلى إخضاعهم لها، وتملكهم، وتملك حاضرهم ومستقبلهم أيضا..

لا أملك إلا أن أقول شكرا يا أبي، كنت لي مدرسة تعلمت ونهلت منها أن أقاوم السلطة التي تسعى لفرض سطوتها وسلطتها ورؤاها على الناس، وتريد أن تتملكهم، وتتملك حاضرهم ومستقبلهم إلى الأبد.

وفي المقام نفسه أزعم أن الحياة والمآسي والمشاهد الكثيرة والقراءة لما هو إنساني علمتني مجملة أن أرفض ممارسة الظلم وقهر الناس، وأتجنب الطيش والانفعالات الحادة التي تؤدي بي إلى الندم والشعور بالذنب.. أحرص أن يكون ضميري هو دليلي ورقيبي، ضد الظلم تحت أي مسمى كان..

ضد انتهاكات حقوق الإنسان وحرياته مهما كانت ادعاءات السلطة المنتهكة لحقوق الإنسان.. ضد الظلم والاستبداد بكل صُوره وأولها اللابسة لباس الدين والتي تلبس ظلمها واستبدادها لباس المقدّس.. منحاز لقضايا الفقراء الذي أجد نفسي منتميا لهم، ولكن دون أن ينال ذلك من مكان ومقام الإنسان وكرامته.. درست القانون والقضاء ودافعت عن حقوق وحريات الناس.. أعشق الحريات وأحلم أن يكون سقفها السماء، بل وأكثر من ذلك إن أمكن..

***
أعلم أن المجرم لم يُخلق مجرما، أو يُولد وهو يشتهي الإجرام، ولكن هناك عوامل شتى، وظروف متكاثرة وضاغطة تتظافر، ودروب زلقة تغلب المحاذير.. فبعض بني البشر ينفذ صبرهم في لحظة ضعف وأنانية، أو عجل و حمق و طيش..

بين السوية والإجرام الذي أعنيه خيط رفيع في لحظة ضيق وعمى لا نراه، فننزلق إلى ما لا يُحمد عقباه، وإن داهم الندم أي منّا؛ ردت الأقدار عليه: لقد أطلقت للجنون عنانة؛ فانزلقت شر منزلق، ووقعت في محذور جلل، و “لات ساعة مندم”.. هنا تكون سلطة العقاب ضرورية دون إفراط أو تسيس أو إخلال بالعدالة..

ربما تصير النسمات الندية في موقد الحدّاد كتلة من لهب.. ربما يصير رقيق الإحساس ورهيف المشاعر مجرم يتهدد من حوله بالخطر، ومن كان حساسا وجياش العواطف، ربما تجتاحه لوثة في عقلة، أو نوبة من جنون.. ربما من كان يرعى النمل ويطعمها ويحنو عليها، ومن كان يطلق سراح الفئران من المصيدة ويتعاطف معها ويتفهم حاجتها للحياة، يصير مرة واحدة، قاتل أبيه..

ربما من كان مقدّرا له أن يكون في مستقبل حياته قاضيا أو محاميا أو حقوقيا من الطراز الرفيع، يصير بسقطة في ليل، أو فلتة في نهار قاتل لإنسان.. ربما السوي في لحظة ضعف أو نوبة غضب، يصير مجرما..

*

أنا بشر كاد يغلبني الشر يوما.. كدت أكون يوما ضحية ظروفي، وطيشي الأول، و تعجّلي وحماقاتي، وربما أيضا انانيتي البغيضة، وانفعالاتي الشاردة التي فلت منّي عقالها وراغمت المحاذير.. كدت يوما أن أكون مجرما قاتل أبيه، وفي نفس الوقت ضحية هذا الواقع المحكوم بالأقدار والمجاهيل..

لازلت أذكر عندما ذهبت أبحث عن ماء النار في قطيع عدن، لأشتريه بمال قليل كنت أعوز إليه في حاجتي الأخرى.. و لكن قال لي البائع يومها أنه لا يبيع ماء النار إلا بترخيص..

ذهبت أبحث عن وسيلة أخرى، و أنا أغتلي وأثور.. أكظم غيضي الكبير، وأداري حممي في دواخلي إلى حين.. اشتريت سكينا و طويتها بورقة بيضاء، ووضعتها تحت الحزام.. أخفيتها بقميصي ومازري.. وذهبت أبحث عنه في المساجد المعتاد ارتيادها، ولكنني لم أجده، وكأن “الحافظ” يومها حماه أو أنحاز إليه.. أو كنت أنا محميا بملاك أو حظ أو لطائف قدر..

بحثت عنه في كل الأمكنة التي يرتادها، والمفترض أن أجده فيها، ولكن يومها لم أجد له أثرا أو لمح بصر، وكأن الحظ أو لطف القدر كان قاصدا و متعمدا أن يحميني من نفسي و ينجيه..

كنت وأنا أبحث عنه أتخيل ما سأفعله.. كانت يدي اليمنى تتحفز كصقر يتحين الانقضاض.. كانت تقفز يدي منّي في الهواء لتفعل ما أتخيله وانتويه.. كنت وأنا أسير بعصبية شبيه ذلك المجنون الذي يُدعى “العولقية” المنعوت بها، وشهرة غلبت اسمه الذي تلاشى في مدارات الضياع..

كان يطلق يده بعصبية في الهواء، وكأنه يقصد غرز يده في بطن من يراه أمامه ونحن لا نراه ونتعجب.. كأنها عقدة تتنفس من محبسها الغائر والدفين..

عندما هدأ الدم في عروقي المشتعلة، وخمدت الحمم والنيران التي كانت تجتاحني وتأكلني وتضطرم في دواخلي الغاضبة، شعرت بالندم الكبير، فاتجهت إلى “صالح الهارش” في “الخساف”، وأهديته السكين ربما دون أن أخبره بقصتها، وشكرت في داخل نفسي الحظ والقدر الحليف؛ لأنه خذلني في نوبة من طيشي وجنوني.. كان عمري يومها دون الـ 18 عام..

اليوم ومخيالي يستعيد ذاكرة طمرها الزمن وألقى عليها سدوله، أتخيل ذلك الموقف المرعب والمخيف، وأرى نفسي أنني كدت أن أكون أشبه بأولئك المجرمين الذين وقعوا فيما هو محذور و جلل، في لحظة ضعف وأنانية، أو طيش غضوب، أو رعونة مُستفزة.. أتذكر الحماقة التي كادت يوما تأخذني معها إلى السجن، وعار سيلاحقني دون أن ينتهي، وأقضي بعدها بقية عمري نادما وحزينا وحسيرا..

وبين اليوم و الأمس البعيد أختلف كل شيء .. صرت أرى مد اليد تخلفا فظا، وبذاءة اللسان أمرا لا يليق بإنسان..

*
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
الان اتلقي رسائل تهديدات
من تلفونات عدة
اي مكروه يصيبني احمل المسؤولية أنصار الله
لا سواهم
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
التهديدات لا تطالني وحدي
ولكن تطال ايضا أسرتي في صنعاء
وقد بدأ تدشين حملة التحريض من قبل ذباب واعضاء جماعة انصار الله في تويتر
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
لن يرهبوني..
غدا ساخرج من منزلي صباحا اتحدي الموت وكل الاحتمالات،،
لن أكن يوما جبان ..
الموت في عهدهم شرف وعزة..
الحياه في ظل حكمهم فساد وعبودية وإذلال..
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
حملة التحريض والتهديدات جاءت على خلفية منشوراتي التي تناهض فساد سلطة الغنيمة في صنعاء.
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
ربما يتم تعطيل حسابي هذا قريبا
استعدوا معي للانتقال إلى حساب جديد في حال تعطيله
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
ربما أناشد مجلس الأمن والدول الخمس مضطرا
أنني أعيش تهديدات وضغوط كثيرة..
أتمنى أن لا يستمر هذا الحال..
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
إنني أخوض معركتي مع الفساد
أخوض معركتي مع كبار الفاسدين
وكبار المنتهكين للحقوق والحريات في صنعاء..
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
بعض من تهديدات الأمس الواصلة إلى تلفوني.
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
بعض من التهديدات التي وصلتني أمس إلى تلفوني