ول أنك أعطيتهم مبررا كافيا عندما كذّبت الوزير؟
• أظن أن الذي لا يعرف حقيقة هذا المجلس هو من يقول هذا.. عمر هذا المجلس لم يكسب قضية واحدة ضد الحكومة أو ضد وزير أو حتّى ضد فاسد صغير.. هذا المجلس لم يحل مدة الأربع السنوات الفائتة مسئولاً واحدا إلى استجواب رغم أن الأسئلة تنهال في المجلس مثل المطر.. لماذا لم يستطع هذا المجلس أن يستجوب حتى وزير واحد فيما مجلس الأمة الكويتي مثلا في سنتين أستجوب سبعة وزراء!!
على فرض أنه خانني التعبير وجاءت الخلاصة في المقدمة عند الرد على الوزير لماذا لا يطلب مني الاعتذار وسحب الكلام ومواصلة الموضوع وهو ما يحدث كثيراً من قبل النواب أو الوزراء؟! لماذا لم يسمح لي نائب رئيس المجلس بالكلام وسرد الوقائع التي حدثت بعد أن أعيد الاجتماع في نفس اليوم أو في اليوم التالي أو الذي يليه.. لماذا تصرف العميد الراعي كأفندم ولم يتصرف كنائب يرأس مجلس نواب!! أظن أن ثمة أمر بالفركشة كان حاضراً أكثر من الواجب.. ثم أن الأعضاء الذين يلقون باللوم عليّ لماذا لا يفتحون ملفات سجناء وضحايا الأمن السياسي وهو موضوع أظنه أهم من قضيتي ويستحق كل الاهتمام.. إن الهجمة على ضحية مثلي تكون سهلة لمخالب اللائمين فيما تغيب تلك المخالب والأظافر وحتى الأصابع أمام الأفندم الراعي.. أقول للائمين تعالوا لنواجه سوية بالكلمة والموقف لننتصر لضحايا الأمن السياسي.. شكلوا لجنة خاصة مهمتها النزول المباغت لسجون الأمن السياسي لترون الفظائع والفضائح.. هناك ألف قضية يمكن أن تكونوا فيها أسود.. فكونوا أسود إن استطعتم ولا تلقون اللائمة على الضحية وتغضون الطرف عن الجلاد..
الوزير مرافق
– لماذا لم يتحدث رئيس الجهاز في نفس الجلسة؟
• لأن وزير الداخلية كان هو المرافق لرئيس الجهاز والمتكفل بالرد.. كما أن استعلاء الأمن وانبطاح كثير من النواب يندرج ضمن الأسباب.. وثالثة الأثافي أن عقلية نائب رئيس المجلس لم تستوعب بعد على ما يبدو امكانية استدعاء مخبر إلى مجلس نواب الشعب.. تصوروا عندما اتخذ القرار من قبل المجلس بحضور غالب القمش رئيس جهاز الأمن السياسي لم يتجاسر العميد والفندم يحي الراعي أن يلفظ حتى أسمه أو منصبه واستعاض عن هذا بقوله: (هذا الذي قلتم عليه) هذه العقلية هي التي لا زالت تحكم المجلس حتى اليوم..
– ما هو ردك على مطالبة رئيس الجهاز الاكتفاء باستدعاء الوزير كونه مجرد عضو في اللجنة الأمنية العليا التي يرأسها الوزير؟
• هذا بعض مما عندهم.. نعم هذا بعض من استعلاء رئيس الجهاز واستخفافه واستهتاره بمجلس نواب الشعب الذي لا زال على ما يبدو لا يستحق شرف استجواب وزير كما قد يرون..
– هل ترى أن رفع الجلسة من قبل يحي الراعي كان قانونيا؟
• لا.. مخالف للائحة المجلس.. والأسوأ أنه كان يحي الراعي هو من أوعز للوزير ورئيس الجهاز بالانسحاب.. والأكثر سوءاً مباركة البركاني و(ضباط الأمن) المحسوبين على المجلس للانسحاب.. ما حدث كان يدل على نية مبيته لتنتهي الأمور إلى هرج ومرج..
بعض من مأساة
– ما تعليقك على احتشاد مجموعة من النواب حول وزير الداخلية في قاعة المجلس لغرض معاملات خاصة؟
• إنها بعض مأساة هذا المجلس…
- هل تتوقع الآن إعادة تضامن النواب معك؟
• لا أظن ذلك إلا إذا حدث ظرف طارئ أو مستجد مهم.. ولكن أمام النواب ما يمكن أن يفعلوه حيال الأمن السياسي إن توفرت إرادة لذلك.. ولا أظن مثل هذه الإرادة يمكنها أن تتوفر إلا عند القليلين ،على الأقل في الوقت الحاضر..
- من وجهة نظرك هل ترى أن هذه القضية قد انتهت؟
• لا..
- ما لذي تنوي القيام به بعد تمييع القضية؟
• لست ممن ينكسر عظمه حتى ولو كان المصاب جلل، ولأن كانوا كسبوا المعركة فسأعمل على كسب الحرب..
***
بعض من تفاصيل حياتي
يتبع..
• أظن أن الذي لا يعرف حقيقة هذا المجلس هو من يقول هذا.. عمر هذا المجلس لم يكسب قضية واحدة ضد الحكومة أو ضد وزير أو حتّى ضد فاسد صغير.. هذا المجلس لم يحل مدة الأربع السنوات الفائتة مسئولاً واحدا إلى استجواب رغم أن الأسئلة تنهال في المجلس مثل المطر.. لماذا لم يستطع هذا المجلس أن يستجوب حتى وزير واحد فيما مجلس الأمة الكويتي مثلا في سنتين أستجوب سبعة وزراء!!
على فرض أنه خانني التعبير وجاءت الخلاصة في المقدمة عند الرد على الوزير لماذا لا يطلب مني الاعتذار وسحب الكلام ومواصلة الموضوع وهو ما يحدث كثيراً من قبل النواب أو الوزراء؟! لماذا لم يسمح لي نائب رئيس المجلس بالكلام وسرد الوقائع التي حدثت بعد أن أعيد الاجتماع في نفس اليوم أو في اليوم التالي أو الذي يليه.. لماذا تصرف العميد الراعي كأفندم ولم يتصرف كنائب يرأس مجلس نواب!! أظن أن ثمة أمر بالفركشة كان حاضراً أكثر من الواجب.. ثم أن الأعضاء الذين يلقون باللوم عليّ لماذا لا يفتحون ملفات سجناء وضحايا الأمن السياسي وهو موضوع أظنه أهم من قضيتي ويستحق كل الاهتمام.. إن الهجمة على ضحية مثلي تكون سهلة لمخالب اللائمين فيما تغيب تلك المخالب والأظافر وحتى الأصابع أمام الأفندم الراعي.. أقول للائمين تعالوا لنواجه سوية بالكلمة والموقف لننتصر لضحايا الأمن السياسي.. شكلوا لجنة خاصة مهمتها النزول المباغت لسجون الأمن السياسي لترون الفظائع والفضائح.. هناك ألف قضية يمكن أن تكونوا فيها أسود.. فكونوا أسود إن استطعتم ولا تلقون اللائمة على الضحية وتغضون الطرف عن الجلاد..
الوزير مرافق
– لماذا لم يتحدث رئيس الجهاز في نفس الجلسة؟
• لأن وزير الداخلية كان هو المرافق لرئيس الجهاز والمتكفل بالرد.. كما أن استعلاء الأمن وانبطاح كثير من النواب يندرج ضمن الأسباب.. وثالثة الأثافي أن عقلية نائب رئيس المجلس لم تستوعب بعد على ما يبدو امكانية استدعاء مخبر إلى مجلس نواب الشعب.. تصوروا عندما اتخذ القرار من قبل المجلس بحضور غالب القمش رئيس جهاز الأمن السياسي لم يتجاسر العميد والفندم يحي الراعي أن يلفظ حتى أسمه أو منصبه واستعاض عن هذا بقوله: (هذا الذي قلتم عليه) هذه العقلية هي التي لا زالت تحكم المجلس حتى اليوم..
– ما هو ردك على مطالبة رئيس الجهاز الاكتفاء باستدعاء الوزير كونه مجرد عضو في اللجنة الأمنية العليا التي يرأسها الوزير؟
• هذا بعض مما عندهم.. نعم هذا بعض من استعلاء رئيس الجهاز واستخفافه واستهتاره بمجلس نواب الشعب الذي لا زال على ما يبدو لا يستحق شرف استجواب وزير كما قد يرون..
– هل ترى أن رفع الجلسة من قبل يحي الراعي كان قانونيا؟
• لا.. مخالف للائحة المجلس.. والأسوأ أنه كان يحي الراعي هو من أوعز للوزير ورئيس الجهاز بالانسحاب.. والأكثر سوءاً مباركة البركاني و(ضباط الأمن) المحسوبين على المجلس للانسحاب.. ما حدث كان يدل على نية مبيته لتنتهي الأمور إلى هرج ومرج..
بعض من مأساة
– ما تعليقك على احتشاد مجموعة من النواب حول وزير الداخلية في قاعة المجلس لغرض معاملات خاصة؟
• إنها بعض مأساة هذا المجلس…
- هل تتوقع الآن إعادة تضامن النواب معك؟
• لا أظن ذلك إلا إذا حدث ظرف طارئ أو مستجد مهم.. ولكن أمام النواب ما يمكن أن يفعلوه حيال الأمن السياسي إن توفرت إرادة لذلك.. ولا أظن مثل هذه الإرادة يمكنها أن تتوفر إلا عند القليلين ،على الأقل في الوقت الحاضر..
- من وجهة نظرك هل ترى أن هذه القضية قد انتهت؟
• لا..
- ما لذي تنوي القيام به بعد تمييع القضية؟
• لست ممن ينكسر عظمه حتى ولو كان المصاب جلل، ولأن كانوا كسبوا المعركة فسأعمل على كسب الحرب..
***
بعض من تفاصيل حياتي
يتبع..
طعام حتى الموت.. فهل هذا يحتاج إلى إذن وزارة الداخلية؟!! ثم أن الاعتصام الذي تدعي وزارة الداخلية بأنه غير قانوني تم من قبل المعتصمين أولاً أمام النيابة العامة وليومين؛ فلماذا لم تجرّمه طالما النيابة هي المناط بها تحريك الدعاوى الجزائية ضد المعتصمين؟! ثم لماذا لم تبلغ وزارة الداخلية النائب العام بهذا الخرق الذي تدعيه؟! ولماذا لم يجر التحقيق مع المعتصمين إن تبين أن ما حدث مجرّم ويعاقب عليه القانون.. وعلى فرض أن ما وقع مني من اعتصام هو جريمة من وجهة نظر وزارة الداخلية أو الأمن السياسي لماذا لم يتم ابلاغ القضاء ويباشر القضاء طلب رفع الحصانة من مجلس النواب عني.. لماذا ولماذا ولماذا؟ أسئلة لا تنتهي تسقط حجة وزير الداخلية أمام القضاء والتي هي أوهى من خيط دخّان في وجه عاصفة.
بين الجريمة وإثباتها ثمة فرق
– ما سبب التقاطك صورة فوتوغرافية لمبنى جهاز الأمن السياسي وأفراد الحراسة كما يقول الجانب الرسمي؟
• لم أصور مبنى الأمن السياسي على الإطلاق، وما حدث هو تصوير أحد الأشخاص بالكاميرا التابعة لي أثناء محاولة ضباط الأمن السياسي ارتكاب الاعتداء على المعتصمين.. ثم هل تصوير الجريمة جريمة أم هو دليل على الجريمة؟ الفرق بين الاثنين بيِّن إلا لمن يعاني الحول أو أصابه العمى..
ما حدث بحقي كمواطن جريمة تصل عقوبتها خمس سنوات سجن
– ما ردك على القاعدة القائلة أن التصوير في محيط الأمن السياسي حالة تلبس تتعالى على الحصانات الدستورية؟
• أولاً: لا توجد لوحة في ذلك المكان تشير من قريب أو بعيد الى منع التصوير..
ثانياً: لم أقم أنا أصلا بالتصوير..
ثالثاً: ما حدث هو محاولة إثبات جريمة لا جريمة..
رابعاً: حتى على فرض وجود التلبس يشترط القانون إبلاغ هيئة رئاسة مجلس النواب بما حدث للتحقق من سلامة الإجراءات وهذا لم يحدث أصلا ولم يتم إبلاغ هيئة رئاسة مجلس النواب بما حدث.. بل ما حدث هو اقتراف ثلاثة من ضابط الأمن السياسي جريمة بحقي كمواطن أولاً بحبس وتقييد حريتي بطريقة يعاقب عليها قانون العقوبات النافذ بالحبس مدة تصل إلى خمس سنوات.. فضلا عن انتهاك حصانة برلمانية.
غضب أجهزة الأمن
– برأيك لماذا تغضب الأجهزة الأمنية من التصوير؟
• ربما خوفا من إثبات ما تقترفه من جرائم.. بالإضافة إلى أن هذه الأجهزة لا زالت تعيش عقلية السبعينيات والثمانينيات بل وتعيش في غربة عن العصر وتقنياته.. مثلا هي لا تفهم بأنه يمكن تصوير الأمن السياسي ومرافقه بالنت من البيت أو أي مقهى انترنت… إن الجهل والغربة عن العصر من أهم مآسي هذا الأمن الذي يفترض أن يكون بائداً منذ زمن..
لماذا غضب بعض النواب من التصوير
– وماذا عن غضب النواب من التصوير أيضاً؟
• إن رؤية النواب وهم يستجدون توجيهات وتوصيات الوزراء والمسئولين المطلوبين للرد على أسئلة النواب في قاعة المجلس يكشف عن هشاشة وضعف هذا المجلس.. إنه وضع مزر ومهين.. إنها الحقيقة المرة التي تفصح وتكشف موطن الضعف والاعتلال والخلل في تكوين هذا المجلس ومأساته.. كيف لمجلس أن يحاسب وزيراً وأعضائه يتوسلون التوصيات والأوامر ويستجدون شخطة قلم الوزراء المطلوبين للمساءلة أو الرد على أسئلة.. إن كثير من النواب هم مأساة هذا الشعب وتعبيراً عن محنته وبلواه…
سابقة كسرت هيبة الأمن
– كيف كان شعورك حينما رأيت جهاز الأمن السياسي وهو يلبي دعوة البرلمان لأول مرة وقد تكون أخر مرة؟
• أظن أن إعلاني الاعتصام في قاعة المجلس والإضراب عن الطعام حتى الموت والجديّة في هذا الإعلان لعبت دورا مهما في إصرار البرلمان على حضور رئيس الجهاز الأمن السياسي وهي سابقة تحدث لأول مرة.. نعم كانت سابقة كسرت هيبة هذا الأمن الذي اكتسب قوته وهيبته من بطشه وطول يده وخرقه للقانون على مدى عقود طويلة… غير أن بعض أعضاء المجلس الذين يتحركون بالريموت كنترول، قد أُوكلت لهم كما يبدو مهمة فركشة هذا الاستجواب بأية حجة وبأي ثمن وبأي طريقة.. وما حدث من مستهل الجلسة كان يشير إلى هذا.. وحدث ما خطط له من قبل من يريد أن يظل هذا المجلس راكعا ومستباحا وهو أمر يؤسف له..
مجلس النواب أسد في مفرشة
– ما تفسيرك لتضامن النواب معك مسبقا وانقلابهم مؤخراً ضدك وبعد 48 ساعة فقط؟
• لقد كان إعلان إضرابي عن الطعام يحتمل أن يكون له تداعيات على المجلس وأعضائه.. وأنقلب الأمر بالتوجيهات العليا التي جاءت لبعضهم وما أنيط بهم من دور ولاسيما النواب الذين ينتمون للمؤسسة الأمنية.. كان هذا واضحا.. ثم أن ما حدث لا يخرج عن القاعدة الرئيسة لهذا المجلس.. ترى المجلس في قضية ما في البداية مثل القاتل ألف والآسر ألف.. ولكنه ما يلبث أن يروض أغلبه في ساعات أو سويعات قليلة.. خذ مثلاً الاعتماد الإضافي.. عندما ينزل إلى المجلس يستنفر المجلس ويتوحد ضده ثم ما يلبث في سويعات أو أيام قليلة أن ينقلب الحال إلى ضده ثم يمر هذا الاعتماد في المجلس مثل لمح البصر عند التصويت رغم أنه طافح بالفساد والوباء..
مجلس النواب لم يكسب قضية واحدة
– البعض يق
بين الجريمة وإثباتها ثمة فرق
– ما سبب التقاطك صورة فوتوغرافية لمبنى جهاز الأمن السياسي وأفراد الحراسة كما يقول الجانب الرسمي؟
• لم أصور مبنى الأمن السياسي على الإطلاق، وما حدث هو تصوير أحد الأشخاص بالكاميرا التابعة لي أثناء محاولة ضباط الأمن السياسي ارتكاب الاعتداء على المعتصمين.. ثم هل تصوير الجريمة جريمة أم هو دليل على الجريمة؟ الفرق بين الاثنين بيِّن إلا لمن يعاني الحول أو أصابه العمى..
ما حدث بحقي كمواطن جريمة تصل عقوبتها خمس سنوات سجن
– ما ردك على القاعدة القائلة أن التصوير في محيط الأمن السياسي حالة تلبس تتعالى على الحصانات الدستورية؟
• أولاً: لا توجد لوحة في ذلك المكان تشير من قريب أو بعيد الى منع التصوير..
ثانياً: لم أقم أنا أصلا بالتصوير..
ثالثاً: ما حدث هو محاولة إثبات جريمة لا جريمة..
رابعاً: حتى على فرض وجود التلبس يشترط القانون إبلاغ هيئة رئاسة مجلس النواب بما حدث للتحقق من سلامة الإجراءات وهذا لم يحدث أصلا ولم يتم إبلاغ هيئة رئاسة مجلس النواب بما حدث.. بل ما حدث هو اقتراف ثلاثة من ضابط الأمن السياسي جريمة بحقي كمواطن أولاً بحبس وتقييد حريتي بطريقة يعاقب عليها قانون العقوبات النافذ بالحبس مدة تصل إلى خمس سنوات.. فضلا عن انتهاك حصانة برلمانية.
غضب أجهزة الأمن
– برأيك لماذا تغضب الأجهزة الأمنية من التصوير؟
• ربما خوفا من إثبات ما تقترفه من جرائم.. بالإضافة إلى أن هذه الأجهزة لا زالت تعيش عقلية السبعينيات والثمانينيات بل وتعيش في غربة عن العصر وتقنياته.. مثلا هي لا تفهم بأنه يمكن تصوير الأمن السياسي ومرافقه بالنت من البيت أو أي مقهى انترنت… إن الجهل والغربة عن العصر من أهم مآسي هذا الأمن الذي يفترض أن يكون بائداً منذ زمن..
لماذا غضب بعض النواب من التصوير
– وماذا عن غضب النواب من التصوير أيضاً؟
• إن رؤية النواب وهم يستجدون توجيهات وتوصيات الوزراء والمسئولين المطلوبين للرد على أسئلة النواب في قاعة المجلس يكشف عن هشاشة وضعف هذا المجلس.. إنه وضع مزر ومهين.. إنها الحقيقة المرة التي تفصح وتكشف موطن الضعف والاعتلال والخلل في تكوين هذا المجلس ومأساته.. كيف لمجلس أن يحاسب وزيراً وأعضائه يتوسلون التوصيات والأوامر ويستجدون شخطة قلم الوزراء المطلوبين للمساءلة أو الرد على أسئلة.. إن كثير من النواب هم مأساة هذا الشعب وتعبيراً عن محنته وبلواه…
سابقة كسرت هيبة الأمن
– كيف كان شعورك حينما رأيت جهاز الأمن السياسي وهو يلبي دعوة البرلمان لأول مرة وقد تكون أخر مرة؟
• أظن أن إعلاني الاعتصام في قاعة المجلس والإضراب عن الطعام حتى الموت والجديّة في هذا الإعلان لعبت دورا مهما في إصرار البرلمان على حضور رئيس الجهاز الأمن السياسي وهي سابقة تحدث لأول مرة.. نعم كانت سابقة كسرت هيبة هذا الأمن الذي اكتسب قوته وهيبته من بطشه وطول يده وخرقه للقانون على مدى عقود طويلة… غير أن بعض أعضاء المجلس الذين يتحركون بالريموت كنترول، قد أُوكلت لهم كما يبدو مهمة فركشة هذا الاستجواب بأية حجة وبأي ثمن وبأي طريقة.. وما حدث من مستهل الجلسة كان يشير إلى هذا.. وحدث ما خطط له من قبل من يريد أن يظل هذا المجلس راكعا ومستباحا وهو أمر يؤسف له..
مجلس النواب أسد في مفرشة
– ما تفسيرك لتضامن النواب معك مسبقا وانقلابهم مؤخراً ضدك وبعد 48 ساعة فقط؟
• لقد كان إعلان إضرابي عن الطعام يحتمل أن يكون له تداعيات على المجلس وأعضائه.. وأنقلب الأمر بالتوجيهات العليا التي جاءت لبعضهم وما أنيط بهم من دور ولاسيما النواب الذين ينتمون للمؤسسة الأمنية.. كان هذا واضحا.. ثم أن ما حدث لا يخرج عن القاعدة الرئيسة لهذا المجلس.. ترى المجلس في قضية ما في البداية مثل القاتل ألف والآسر ألف.. ولكنه ما يلبث أن يروض أغلبه في ساعات أو سويعات قليلة.. خذ مثلاً الاعتماد الإضافي.. عندما ينزل إلى المجلس يستنفر المجلس ويتوحد ضده ثم ما يلبث في سويعات أو أيام قليلة أن ينقلب الحال إلى ضده ثم يمر هذا الاعتماد في المجلس مثل لمح البصر عند التصويت رغم أنه طافح بالفساد والوباء..
مجلس النواب لم يكسب قضية واحدة
– البعض يق
قصتي مع الأمن السياسي
أحمد سيف حاشد
https://yemenat.net/2021/04/386152/
(1)
احتجازي في الأمن السياسي
في تاريخ 10 اكتوبر 2006 أتجهنا من مكتب النائب العام إلى بوابة الأمن السياسي بعد أن حصلنا على الأرجح معلومة غير مؤكدة، وربما استنتاج شبه مؤكد أن الأمن السياسي هو من مارس الإخفاء القسري بحق الناشط الحقوقي علي الديلمي، وأنه الآن معتقل في مبنى جهاز الأمن السياسي في صنعاء..
أذكر أنني كنت أحد أصحاب اقتراح نقل تجمعنا واحتجاجنا من النيابة العامة إلى أمام بوابة الأمن السياسي، حاملين مذكرة من النائب العام موجهة إلى رئيس جهاز الأمن السياسي تتضمن السؤال، وطلب الافادة عمّا إذا كان علي الديلمي محتجزا لديهم..
كان جهاز الأمن السياسي آنذاك مهابا إلى حد بعيد، وربما الاحتجاج أمام بوابته كان محذورا لا يخلوا من مغامرة، وزائد عليه أنه فعل غير مسبوق.. خطوة غير معتادة تنال من هيبة هذا الجهاز ومقامه ليس فقط في وعي الناس، بل حتى في وعي العاملين فيه والقائمين عليه..
انتقلنا من مكتب النائب العام إلى أمام بوابة المقر الرئيسي للجهاز، وعندما كنّا نتعرض إلى الإبعاد قسرا من البوابة الرئيسية تحت عنوان “ممنوع” انسحبنا إلى تحت الشجرة التي تبعد بحدود المائة متر أو أكثر من البوابة الرئيسية..
ورغم هذا أستمرت ضدنا الاستفزازات اللافتة من قبل ضباط وجنود الأمن، وحدثت بعض المناوشات المستفزة من قبلهم، وكانت تجري اتصالات بين ضباط الأمن ومسؤوليه على الأرجح.. لا أعرف مضمونها، ولكن تلك الاستفزازات كانت تكبر، وتكاد تتحول إلى اعتداء على المعتصمين..
أخرجت الكاميرا من الجاكت الذي كنت ارتديه، وربما أنا من حاول التصوير أو ناولتها شخص من المحتجين ليقوم به.. وأتذكر إن اضاءة فلاش الكاميرا عند التصوير قد لفتت نظر ضباط وجنود الأمن..
هرعوا نحونا وكأنهم ممسوسين.. بعضهم كان قريبا جدا منّا، وبعضهم كان بعيدا.. فلاش كاميرا كان يكفي لاستنفار واسع لا مبرر له غير الهلع.. ناولتُ الكاميرا التي صارت في يدي لرضية المتوكل التي كانت تقف خلفي، والتي أخبتها في حقيبتها..
لم يستطع الجنود معرفة أين ذهبت الكاميرا، ولكني أخبرتهم أنها تتبعني، ولم أكشف لهم أين هي، أو بأي حيازة صارت.. كانوا مصرّين على الوصول إليها وأخذها.. وعوضا عن هذا أخبرتهم أنني عضو مجلس النواب، وأنني من قمتُ بالتصوير.. فيما ظلت مطالبتهم بتسليم الكاميرا لحوحة ومتشددة..
تمت اتصالات عدة بين ضباط الأمن ومسؤوليهم، ويبدو أن الأوامر صدرت باحتجازي.. هددوني باستخدام القوة ضدي، وسحبي من بين المحتجين، ثم حاولوا بالفعل انفاذ تهديدهم والذي يبدو أنه كان تنفيذا لأوامر تلقوها من قيادتهم العليا.. بدا لي الأمر لا يقبل المراوحة، ومع ذلك ظللت مستغرقا في رفضي أن أسلم لهم الكاميرا أو أدلهم عليها.
بدت لي بوادر المواجهة تشتد وتكاد تحتدم.. شاهدت رجال الأمن يحاولون انتزاعي من بين المحتجين، فيما المحتجين يحاولون منعهم، بل والدفاع عني حد المواجهة.. بدت المواجهة بتدافع الأيدي والأجساد بين مهاجم ومدافع..
كان الأمر يحتاج إلى مبادرة وقرار إنقاذ سريع من قبلي.. أحسست إن نتيجة أي مواجهه ستكون بكلفة أكبر، ومفتوحة على المجهول؛ فخرجت من الجمع، وقررت أن أذهب معهم برغبتي وإرادتي تجنبا لما كان سيحدث.. أظن أن قراري هذا كان صائبا إلى حد بعيد، لا سيما أن المواجهة كادت تكون أكيدة، والاحتدام وشيك.. لم أرغب بمزيد من التداعي للموقف الذي بدا لي حساسا، وينذر بشؤم الاحتدام..
ذهبت معهم إلى داخل مبنى الجهاز.. تركت خلفي مخاوف الأحبة، وحبهم الذي ذادوا به عني.. تهيئت لكل احتمال ومجهول بعيدا عنهم.. اقتادوني مجموعة من الضباط والجنود إلى الداخل.. أول مرة أتجاوز بوابة جهاز الأمن السياسي إلى الداخل.. وفي الداخل شاهدت الفناء واسعا.. مباني متعددة.. طرق ومماشي عدة.. بديت وهم حولي وخلفي أشبه بمن نفذوا غزوة حربية، وعادوا بي إلى ديارهم كغنيمة حرب..
اقتادوني يسارا ويمين.. ثم يمينا ويسار.. سلموني لأحدهم كان في انتظاري يبدو أنه ضباط أرفع رتبة.. كان مرتديا قميصا وسروالا مدنيا.. بدا لي حاد الملامح وشديد التحفز لالتهامي دفعة واحدة.. وجهه مستطيل لا يخلوا من تكشيرة كلب بولسي حالما ينقض على مجرم خطير بتوجيه من سيده..
.....
البقية اضغط على الرابط
أحمد سيف حاشد
https://yemenat.net/2021/04/386152/
(1)
احتجازي في الأمن السياسي
في تاريخ 10 اكتوبر 2006 أتجهنا من مكتب النائب العام إلى بوابة الأمن السياسي بعد أن حصلنا على الأرجح معلومة غير مؤكدة، وربما استنتاج شبه مؤكد أن الأمن السياسي هو من مارس الإخفاء القسري بحق الناشط الحقوقي علي الديلمي، وأنه الآن معتقل في مبنى جهاز الأمن السياسي في صنعاء..
أذكر أنني كنت أحد أصحاب اقتراح نقل تجمعنا واحتجاجنا من النيابة العامة إلى أمام بوابة الأمن السياسي، حاملين مذكرة من النائب العام موجهة إلى رئيس جهاز الأمن السياسي تتضمن السؤال، وطلب الافادة عمّا إذا كان علي الديلمي محتجزا لديهم..
كان جهاز الأمن السياسي آنذاك مهابا إلى حد بعيد، وربما الاحتجاج أمام بوابته كان محذورا لا يخلوا من مغامرة، وزائد عليه أنه فعل غير مسبوق.. خطوة غير معتادة تنال من هيبة هذا الجهاز ومقامه ليس فقط في وعي الناس، بل حتى في وعي العاملين فيه والقائمين عليه..
انتقلنا من مكتب النائب العام إلى أمام بوابة المقر الرئيسي للجهاز، وعندما كنّا نتعرض إلى الإبعاد قسرا من البوابة الرئيسية تحت عنوان “ممنوع” انسحبنا إلى تحت الشجرة التي تبعد بحدود المائة متر أو أكثر من البوابة الرئيسية..
ورغم هذا أستمرت ضدنا الاستفزازات اللافتة من قبل ضباط وجنود الأمن، وحدثت بعض المناوشات المستفزة من قبلهم، وكانت تجري اتصالات بين ضباط الأمن ومسؤوليه على الأرجح.. لا أعرف مضمونها، ولكن تلك الاستفزازات كانت تكبر، وتكاد تتحول إلى اعتداء على المعتصمين..
أخرجت الكاميرا من الجاكت الذي كنت ارتديه، وربما أنا من حاول التصوير أو ناولتها شخص من المحتجين ليقوم به.. وأتذكر إن اضاءة فلاش الكاميرا عند التصوير قد لفتت نظر ضباط وجنود الأمن..
هرعوا نحونا وكأنهم ممسوسين.. بعضهم كان قريبا جدا منّا، وبعضهم كان بعيدا.. فلاش كاميرا كان يكفي لاستنفار واسع لا مبرر له غير الهلع.. ناولتُ الكاميرا التي صارت في يدي لرضية المتوكل التي كانت تقف خلفي، والتي أخبتها في حقيبتها..
لم يستطع الجنود معرفة أين ذهبت الكاميرا، ولكني أخبرتهم أنها تتبعني، ولم أكشف لهم أين هي، أو بأي حيازة صارت.. كانوا مصرّين على الوصول إليها وأخذها.. وعوضا عن هذا أخبرتهم أنني عضو مجلس النواب، وأنني من قمتُ بالتصوير.. فيما ظلت مطالبتهم بتسليم الكاميرا لحوحة ومتشددة..
تمت اتصالات عدة بين ضباط الأمن ومسؤوليهم، ويبدو أن الأوامر صدرت باحتجازي.. هددوني باستخدام القوة ضدي، وسحبي من بين المحتجين، ثم حاولوا بالفعل انفاذ تهديدهم والذي يبدو أنه كان تنفيذا لأوامر تلقوها من قيادتهم العليا.. بدا لي الأمر لا يقبل المراوحة، ومع ذلك ظللت مستغرقا في رفضي أن أسلم لهم الكاميرا أو أدلهم عليها.
بدت لي بوادر المواجهة تشتد وتكاد تحتدم.. شاهدت رجال الأمن يحاولون انتزاعي من بين المحتجين، فيما المحتجين يحاولون منعهم، بل والدفاع عني حد المواجهة.. بدت المواجهة بتدافع الأيدي والأجساد بين مهاجم ومدافع..
كان الأمر يحتاج إلى مبادرة وقرار إنقاذ سريع من قبلي.. أحسست إن نتيجة أي مواجهه ستكون بكلفة أكبر، ومفتوحة على المجهول؛ فخرجت من الجمع، وقررت أن أذهب معهم برغبتي وإرادتي تجنبا لما كان سيحدث.. أظن أن قراري هذا كان صائبا إلى حد بعيد، لا سيما أن المواجهة كادت تكون أكيدة، والاحتدام وشيك.. لم أرغب بمزيد من التداعي للموقف الذي بدا لي حساسا، وينذر بشؤم الاحتدام..
ذهبت معهم إلى داخل مبنى الجهاز.. تركت خلفي مخاوف الأحبة، وحبهم الذي ذادوا به عني.. تهيئت لكل احتمال ومجهول بعيدا عنهم.. اقتادوني مجموعة من الضباط والجنود إلى الداخل.. أول مرة أتجاوز بوابة جهاز الأمن السياسي إلى الداخل.. وفي الداخل شاهدت الفناء واسعا.. مباني متعددة.. طرق ومماشي عدة.. بديت وهم حولي وخلفي أشبه بمن نفذوا غزوة حربية، وعادوا بي إلى ديارهم كغنيمة حرب..
اقتادوني يسارا ويمين.. ثم يمينا ويسار.. سلموني لأحدهم كان في انتظاري يبدو أنه ضباط أرفع رتبة.. كان مرتديا قميصا وسروالا مدنيا.. بدا لي حاد الملامح وشديد التحفز لالتهامي دفعة واحدة.. وجهه مستطيل لا يخلوا من تكشيرة كلب بولسي حالما ينقض على مجرم خطير بتوجيه من سيده..
.....
البقية اضغط على الرابط
إن الكذب دميم، والسياسية أكثر قبحا ودمامة عندما تعتاش عليه، أو يعتاش عليه ساستنا الذين أنهكونا وأفسدوا حياتنا في الأمس واليوم، وقد صار الكذب قُوتهم اليومي عشاء وصباحا، وأسوأ منه حالا أن نجدهم، وقد اختطفوا منّا وطنا جميلا افتديناه، ومستقبلا لطالما بحثنا عنه، وتوقنا إليه..
- من مذكراتي
- من مذكراتي
- من مذكراتي قبل وجودي وبعد وفاتي!!
قبل وجودي تزوجت "أمّي" مرتين قبل أبي.. كنتُ يومَها في حُكمِ العدمِ.. يبدو ذلك العدمُ حالَ مقارنتهِ بوجودي اللاحقِ خالياً من كلِّ شيء.. فراغٌ كبيرٌ، لا مكانَ له ولا زمان.. فراغٌ لا وعاءَ له ولا حدود.. ليس فيه همٌّ ولا معاناةٌ، ولا جحيمٌ.. لا يوجد فيه أيُّ مظهرٍ من مظاهرِ الإحساسِ، أو الوجود من أيِّ نوعٍ كان.. حالةٌ لا يمكن تصوُّرُها أو وصفها بغير العدم، أو ما في حكمه، أو مقاربا له..
لتجد مقاربةً لفهمِ عدمك، عليك إطلاقُ عنانِ وعيك، لتتصوَّرَ هذا العدم.. عليك أنْ تتخيَّلَ عدمَك إنْ كنتَ تَغرقُ في الخيالِ، والتفكيرِ العميقِ.. عليك أنْ تطلقَ الأسئلةَ في فضاءاتِ استكشاف الوجودِ واللاوجود.. اسأل وعيك إنْ كنت تعي: ماذا كنتَ قبلَ ألفِ عام؟! وماذا كان يعني لك هذا الكونُ قبلَ مليون سنة؟! ماذا كنت تعني لهذا العالم قبل هكذا تاريخ؟! حتى الصفر لو قارنته بك في ذلك اليوم، ستكون دونه إن كان للصفرِ دون.
وبعد وفاتك لن تعني الوجود في شيء، غير مرورك العابر والقصير في هذه الحياة، وما كنتَ عليه فيها.. عمرك القصير الذي يشبه لمح البصر، أو أسرع منه بألف ومليون مرة بمقياس الزمن المسرمد في الأزل، لا بأس هنا أن تطلق عنان خيالك، ولا تثريب عليك، ومع ذلك ربما ترتكب خطيئة أو ألف خطيئة، وتورثها للوجود قبل رحيلك عنه، ودون أن تعلم نهاية لها، وربما كنت أنت وأنا ـ إن لم يكن في حكم الأكيد ـ وليدا لها.
قبل وجودي تزوجت "أمّي" مرتين قبل أبي.. كنتُ يومَها في حُكمِ العدمِ.. يبدو ذلك العدمُ حالَ مقارنتهِ بوجودي اللاحقِ خالياً من كلِّ شيء.. فراغٌ كبيرٌ، لا مكانَ له ولا زمان.. فراغٌ لا وعاءَ له ولا حدود.. ليس فيه همٌّ ولا معاناةٌ، ولا جحيمٌ.. لا يوجد فيه أيُّ مظهرٍ من مظاهرِ الإحساسِ، أو الوجود من أيِّ نوعٍ كان.. حالةٌ لا يمكن تصوُّرُها أو وصفها بغير العدم، أو ما في حكمه، أو مقاربا له..
لتجد مقاربةً لفهمِ عدمك، عليك إطلاقُ عنانِ وعيك، لتتصوَّرَ هذا العدم.. عليك أنْ تتخيَّلَ عدمَك إنْ كنتَ تَغرقُ في الخيالِ، والتفكيرِ العميقِ.. عليك أنْ تطلقَ الأسئلةَ في فضاءاتِ استكشاف الوجودِ واللاوجود.. اسأل وعيك إنْ كنت تعي: ماذا كنتَ قبلَ ألفِ عام؟! وماذا كان يعني لك هذا الكونُ قبلَ مليون سنة؟! ماذا كنت تعني لهذا العالم قبل هكذا تاريخ؟! حتى الصفر لو قارنته بك في ذلك اليوم، ستكون دونه إن كان للصفرِ دون.
وبعد وفاتك لن تعني الوجود في شيء، غير مرورك العابر والقصير في هذه الحياة، وما كنتَ عليه فيها.. عمرك القصير الذي يشبه لمح البصر، أو أسرع منه بألف ومليون مرة بمقياس الزمن المسرمد في الأزل، لا بأس هنا أن تطلق عنان خيالك، ولا تثريب عليك، ومع ذلك ربما ترتكب خطيئة أو ألف خطيئة، وتورثها للوجود قبل رحيلك عنه، ودون أن تعلم نهاية لها، وربما كنت أنت وأنا ـ إن لم يكن في حكم الأكيد ـ وليدا لها.
منشور من صفحة ماجد زايد على الفيس بوك
الحرب من الداخل..
#مأرب بين السقوط والمقاومة.
(الجزء الأول)
عام ونصف قضيتها في مأرب، كانت فترة من العمر لا تنسى ولا تحدث، فترة من الزمن البطيء والسريع والمتلاحق بالأحداث، خلالها تعرفت على ملامح الحياة وطبيعة السكان والقادمون الجدد الى المدينة المتشكلة حديثًا، عاصرت بالفعل تشكلًا جديدًا لمدينة ناشئة مع حدوث متغيرات ديموغرافية واضحة، وبالرغم من أنها تبدو في حالة توسع مستمر، إلّا أن نموها السكاني حدث تدريجيًا كنتيجة إيجابية عن فترة سلبية من المنظور العام، محافظة مأرب مرت بدورات ديموغرافية متلاحقة ومتزايدة خلال توقيت قصير، وبينما تمكنت طفرتها الحديثة في العقارات والمباني من التصدي للتحديات التي أوجدها ارتفاع عدد السكان وتزايدهم المفاجئ، ظهرت عقبات جديدة تزامنت مع تحدياتها؛ فعلى سبيل المثال، أثمر النمو العمراني المتسارع جدًا منذ سبعة أعوام على إيجاد حلول لبعض الصعوبات المرتبطة بالتزايد البشري والتدفق الشبابي على المدينة، لكنها أيضًا خلقت طفرة أدت الى ظهور نمط متفاقم من الإحتكار والتربح والإستغلال وهذا أفرز إرتفاعًا متلاحقًا في قيمة العيش المادية، تكلفة السكن في مأرب تقارن بمدن خليجية من حيث تكلفتها المالية، وقيمة المواد الإستهلاكية مرتفعة جدًا، هذه المدينة مرت بحقبة تغيير جذري يعتبر الأكثر تسارعًا بين سابقاتها من المدن اليمنية، ومن ناحية متصلة تؤدي أربع قوى مترابطة دورًا كبيرًا في التأثير على الطريقة التي تتطور بها المدينة: الموارد النفطية، وإستثمارات القيادات المسلحة، وأسعار العقارات المرتفعة، بالإضافة الى قيادات الإصلاح القادمين من مناطق صنعاء وتوابعها للإستثمار في المدينة والإحتماء بها، الحياة في مأرب ليست رداءًا جديدًا من الإنفتاح والتطوير، بقدر ماهي إكتضاضًا بالغًا جلب الإنفتاح والتكيف والتطوير، شوارع المدينة بدأت بالرصف والتسوية والتوسع، ألة البنية التحتية تسير بشكل متسارع منذ البدايات، كأنها تسابق الزمن وتلاحق الأضواء والقناعات، لكتها أيضًا شكلًا أخر عن إرضاء الذات المقهورة أو الذات المنافسة على الحكم في المدينة خصوصًا مع خلافات التنظيم المدفونة مع مشائخ المدينة الأصليون، وهي أيضًا محاولة لإيجاد البديل الحضاري لحياة الحكام السابقين لصنعاء، ربما لإثبات نموذج ناجح عن الكفاءة والأحقية والبرجماتيا، وربما كبديل عن خيالات العودة لمدينة قديمة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لا زالت المدينة تعاني من الخوف الوجودي، والنار المدفونة بين فصيلين نديان لبعضهما، والقبضة الأمنية المشككة في كل شيء يسير في الشوارع..!
هذا المقال سيسرد كثيرًا من الحقائق والتجارب والتحليلات والشواهد المختلفة، وبعناوين مختلفة عن أمور متقاربة ومنفصلة وقريبة من الحرب والواقع والمستقبل القادم..
الخوف الحائر:
خلال الأشهر الأخيرة، يعيش الناس في مأرب بشتى إنتماءاتهم وتكويناتهم على خيالات الخوف من القادم، الخوف من الحرب الحتمية على إستقرارهم ونموهم، وتمامًا كما يقول "بيكساي": في كل منعطف تاريخي يلبس "الخوف" الإنساني لبوسًا جديدًا.. هذا ما يعكسة تفاعلات الناس في المدينة وخيالاتهم المضطربة وغير المستقرة، تفاعلاتهم التي تشكلت في غايتها ووجودها لردع فكرة "الخوف والخطر"، الخوف الذي يسكنهم حيال الحرب الحوثية عليهم، والخطر المتصاعد تجاه مدينتهم، وما تلك المظاهر المسلحة والمتزايدة في شوارعهم سوى صورة أخرى عن فكرة البحث عن حالة "الاطمئنان"، أي الاستمتاع بـ "فكرة الحياة المستقرة والنمو الجديد" دون التفكير في "خطر الحوثي المتفاقم حول المدينة"!
أدعيتهم في المساجد لا تكاد تتوقف، خطب الجمعة وتحشيداتهم خلالها، التحذير المهووس من الخلايا المندسة، الإتهامات الداخلية البينية، التشكيك الممنهج بكل ما يعيش بينهم، التهويل الكبير لفكرة الحق والإنتصار، كل هذه الأمور إنعكاسًا واضحًا لحالة الخوف العام من خطر قادم.. لذا ظلت مقاومة "الخوف" هاجسًا مؤرقًا، كلما أرادوا مطاردته، عاد إليهم على هيئة جبهة أخرى وتحشيد أكبر، الإنسان كثيراً ما يصنع الخوف ثم يحاربه، هكذا يقول "بيكساي" فكلما أعتقدوا بأن سلاحًا جديدًا يحميهم اكتشفوا أن هناك سلاحًا أشرس منه في يد خصومهم، إكتشفوا أن الحرب عليهم مفتوحة من كل الجهات وعلى كل الجبهات، والموت في كل ركن، لهذا ظل الخوف قائم، والبحث عن مقاومة الخوف قائمة، وصناعة "الخوف" قائمة أيضًا.
مأرب، الناس والزحام والحياة:
مازلت محتفطًا بكلماتي عن المدينة وتفاجئي منها منذ البداية، الكلمات التي لم أتوقع عبرها أبدًا وأنا في طريقي إليها أن أصير أحد العاشقين لها ولشوارعها وزحامها وأسواقها وناسها المتمسكين بعروبة الصحراء وشهامة الأقحاح وكبرياء البدو المحاربين، في مأرب بالفعل إمتزجت الأحلام والإمنيات المكسورة بأمل التضحيات والعبور على صراط الأخوة والذود عنها مهما بلغت التكاليف، شباب المدينة الأصليون أو القادمون الجدد يشبهون الوطن،
الحرب من الداخل..
#مأرب بين السقوط والمقاومة.
(الجزء الأول)
عام ونصف قضيتها في مأرب، كانت فترة من العمر لا تنسى ولا تحدث، فترة من الزمن البطيء والسريع والمتلاحق بالأحداث، خلالها تعرفت على ملامح الحياة وطبيعة السكان والقادمون الجدد الى المدينة المتشكلة حديثًا، عاصرت بالفعل تشكلًا جديدًا لمدينة ناشئة مع حدوث متغيرات ديموغرافية واضحة، وبالرغم من أنها تبدو في حالة توسع مستمر، إلّا أن نموها السكاني حدث تدريجيًا كنتيجة إيجابية عن فترة سلبية من المنظور العام، محافظة مأرب مرت بدورات ديموغرافية متلاحقة ومتزايدة خلال توقيت قصير، وبينما تمكنت طفرتها الحديثة في العقارات والمباني من التصدي للتحديات التي أوجدها ارتفاع عدد السكان وتزايدهم المفاجئ، ظهرت عقبات جديدة تزامنت مع تحدياتها؛ فعلى سبيل المثال، أثمر النمو العمراني المتسارع جدًا منذ سبعة أعوام على إيجاد حلول لبعض الصعوبات المرتبطة بالتزايد البشري والتدفق الشبابي على المدينة، لكنها أيضًا خلقت طفرة أدت الى ظهور نمط متفاقم من الإحتكار والتربح والإستغلال وهذا أفرز إرتفاعًا متلاحقًا في قيمة العيش المادية، تكلفة السكن في مأرب تقارن بمدن خليجية من حيث تكلفتها المالية، وقيمة المواد الإستهلاكية مرتفعة جدًا، هذه المدينة مرت بحقبة تغيير جذري يعتبر الأكثر تسارعًا بين سابقاتها من المدن اليمنية، ومن ناحية متصلة تؤدي أربع قوى مترابطة دورًا كبيرًا في التأثير على الطريقة التي تتطور بها المدينة: الموارد النفطية، وإستثمارات القيادات المسلحة، وأسعار العقارات المرتفعة، بالإضافة الى قيادات الإصلاح القادمين من مناطق صنعاء وتوابعها للإستثمار في المدينة والإحتماء بها، الحياة في مأرب ليست رداءًا جديدًا من الإنفتاح والتطوير، بقدر ماهي إكتضاضًا بالغًا جلب الإنفتاح والتكيف والتطوير، شوارع المدينة بدأت بالرصف والتسوية والتوسع، ألة البنية التحتية تسير بشكل متسارع منذ البدايات، كأنها تسابق الزمن وتلاحق الأضواء والقناعات، لكتها أيضًا شكلًا أخر عن إرضاء الذات المقهورة أو الذات المنافسة على الحكم في المدينة خصوصًا مع خلافات التنظيم المدفونة مع مشائخ المدينة الأصليون، وهي أيضًا محاولة لإيجاد البديل الحضاري لحياة الحكام السابقين لصنعاء، ربما لإثبات نموذج ناجح عن الكفاءة والأحقية والبرجماتيا، وربما كبديل عن خيالات العودة لمدينة قديمة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لا زالت المدينة تعاني من الخوف الوجودي، والنار المدفونة بين فصيلين نديان لبعضهما، والقبضة الأمنية المشككة في كل شيء يسير في الشوارع..!
هذا المقال سيسرد كثيرًا من الحقائق والتجارب والتحليلات والشواهد المختلفة، وبعناوين مختلفة عن أمور متقاربة ومنفصلة وقريبة من الحرب والواقع والمستقبل القادم..
الخوف الحائر:
خلال الأشهر الأخيرة، يعيش الناس في مأرب بشتى إنتماءاتهم وتكويناتهم على خيالات الخوف من القادم، الخوف من الحرب الحتمية على إستقرارهم ونموهم، وتمامًا كما يقول "بيكساي": في كل منعطف تاريخي يلبس "الخوف" الإنساني لبوسًا جديدًا.. هذا ما يعكسة تفاعلات الناس في المدينة وخيالاتهم المضطربة وغير المستقرة، تفاعلاتهم التي تشكلت في غايتها ووجودها لردع فكرة "الخوف والخطر"، الخوف الذي يسكنهم حيال الحرب الحوثية عليهم، والخطر المتصاعد تجاه مدينتهم، وما تلك المظاهر المسلحة والمتزايدة في شوارعهم سوى صورة أخرى عن فكرة البحث عن حالة "الاطمئنان"، أي الاستمتاع بـ "فكرة الحياة المستقرة والنمو الجديد" دون التفكير في "خطر الحوثي المتفاقم حول المدينة"!
أدعيتهم في المساجد لا تكاد تتوقف، خطب الجمعة وتحشيداتهم خلالها، التحذير المهووس من الخلايا المندسة، الإتهامات الداخلية البينية، التشكيك الممنهج بكل ما يعيش بينهم، التهويل الكبير لفكرة الحق والإنتصار، كل هذه الأمور إنعكاسًا واضحًا لحالة الخوف العام من خطر قادم.. لذا ظلت مقاومة "الخوف" هاجسًا مؤرقًا، كلما أرادوا مطاردته، عاد إليهم على هيئة جبهة أخرى وتحشيد أكبر، الإنسان كثيراً ما يصنع الخوف ثم يحاربه، هكذا يقول "بيكساي" فكلما أعتقدوا بأن سلاحًا جديدًا يحميهم اكتشفوا أن هناك سلاحًا أشرس منه في يد خصومهم، إكتشفوا أن الحرب عليهم مفتوحة من كل الجهات وعلى كل الجبهات، والموت في كل ركن، لهذا ظل الخوف قائم، والبحث عن مقاومة الخوف قائمة، وصناعة "الخوف" قائمة أيضًا.
مأرب، الناس والزحام والحياة:
مازلت محتفطًا بكلماتي عن المدينة وتفاجئي منها منذ البداية، الكلمات التي لم أتوقع عبرها أبدًا وأنا في طريقي إليها أن أصير أحد العاشقين لها ولشوارعها وزحامها وأسواقها وناسها المتمسكين بعروبة الصحراء وشهامة الأقحاح وكبرياء البدو المحاربين، في مأرب بالفعل إمتزجت الأحلام والإمنيات المكسورة بأمل التضحيات والعبور على صراط الأخوة والذود عنها مهما بلغت التكاليف، شباب المدينة الأصليون أو القادمون الجدد يشبهون الوطن،
أو يبحثون عنه في معظم التفاصيل، ينتظرونه كل يوم ويصنعون منه وطنًا أخر للمستجيرين من الخوف والعنف والبهتان، في مأرب أصبحت الحياة بملامحها الشعبية والبسيطة جميلة كقلوب الصغار بينما يسيرون في حدائق المدينة وأسواقها المسائية، الحياة هناك مكتملة الملامح لكنها تنتظر السلام بعد أن رسمته في تفاصيلها الكثيرة، لكنها تخشى الحرب وتتجنب التفكير في عاقبتها، في مأرب الجود والكرم، الشهامة والإباء، الناس الطيبون، الصمود والرفاق، الحب حينما يدوس على المدافع، بعد وقوع القلب في حب الكلمات الغريبة عن المدن البعيدة، كلمات الإباء والكبرياء وإرغام النفس على الحياة لأجل الأخرين.
مأرب كمدينة أصبح لها ملامح من الاشكال الحديثة، لكنها بالرغم من هذا تعاني من إستغلال التجار وجشعهم وربما إحتكارهم، المطعم في مأرب يطلب أسعارًا مضاعفة، صاحب البقالة، تاجر المواد الغذائية، سائق النقل، بائع البطاط، صاحب الشبكة، صالون الحلاقة، محلات الملابس والأحذية والكماليات والمفروشات والأثاث والمكتبات والفنادق والاستراحات والإيجارات وكل شيء، المقاوته الأوغاد أيضًا، الجميع يطلبون أسعارًا مضاعفة، مضاعفة بكثير، كأنهم ينهبون الناس بشكل صامت، لا أحد يدري أو يتحدث عنهم،، لا أحد يجرؤ ربما، التجار في مأرب يحددون مقدار أرباحهم ومكاسبهم وفقًا لأهواءهم ومزاجهم في اللحظة الأنية، هذا ما يحدث فعلًا عندما يكون الجانب التجاري والإستهلاكي بلا رقابة، سترتفع الأسعار وسيزداد الجشع وسيكثر التذمر في ذات الجغرافيا المتروكة بلا حملات تفتيش للأسعار. العملة أيضًا تنهار بفعل هؤلاء الإنتهازيين، بفعل تجاهل السلطة لهم، هذه جبهة أكثر من الحرب في أهميتها وفداحتها، لقد تركوا الجشع يستحوذ على السوق فيها، لقد تركوا التجار يبتزون المستهلك المسكين، في مأرب أسعار الكهرباء مرتفعة أيضًا، وكل تجارها يشتكون من مضاعفة الأسعار على الكهرباء دون مسوقات، لكنها تظل مجانية للحارات والبيوت، هذه حقيقة، وحقيقة أخرى يجب أن يعرفها الجميع; الحياة في المناطق عالية الحرارة دون كهرباء أو كهرباء بديلة معاناة وجريمة تمنع الحياة عن الإستمرار، تصبح التفاصيل فيها أشكالًا بلا معنى، بلا رغبة، بلا حياة من أساسها، لا قيمة للأفكار والأمور الكمالية فيها دون هواء بارد. الكهرباء شريان حياة وضرورة بقاء حتمية ووجودية، وإنعدامها موت نهائي. الكهرباء أوكسجين للناس، خبز يعتق الجوعى من الموت، شريان دم يصل الرأس بالقلب، وإنقطاعها جريمة حرب، جريمة لا تسقط مع الأيام، جريمة تقذف في الجحيم من تسببوا في خرابها أو من يمنعونها عن الناس.
بمعنى أخر ظهرت في مأرب نماذج مبالغ فيها عن اقتصاد الحرب، فانهيار الدولة والظروف غير الاعتيادية للحرب أتاح لأشخاص في أماكن سياسية وعسكرية أن يكسبوا أرباحًا مادية بطرق لم تكن ممكنة في وقت السلم، بمعنى أن الفساد يتفشى بشكل كبير في المدينة واستغلال ظرف الحرب أيضًا بنفس القدر في بقية المدن التابعة لحكومة هادي..
مأرب، والنازحين..
يوجد في مأرب 138 مخيمًا للنازحين منها خمسة تم إلغاءها وثلاثة تم إجلاءها من مناطق الصراع المسلح، هذه المخيمات موزعة على أطراف مأرب وصحرائها ومناطقها المحاددة للمدينة، بالإضافة لحارات الجفينة وإمتداداتها المترامية بعيدًا، المخيم قد يكون حارة، أو عدة منازل بمنطقة معينة، ولكنها لا تحظى بالخدمات الإنسانية الضرورية في حدها الأدنى. تلك الأعداد من النازحين جلبت للمدينة عشرات المنظمات الدولية والموظفيين الإنسانيين الأجانب والحاليين، الموظفين الأجانب بالإضافة الى مهامهم الإنسانية يقومون بالتواصل مع الوكالات الإخبارية والقنوات الغربية لتزويدهم بالمعلومات المستجدة، وهذا الأمر هو مصدر بعض الأخبار المغايرة للواقع، الأخبار التي تثير حفيظة ناشظي المدينة وصحة ما يروجون له عن سير خط المعارك والمواجهات، لهذا لا تستغربون من رويترز أو الوكالة الفرنسية حينما تنشر أخبارًا تتعارض مع ما يريده ناشطوا المدينة، لأن مصدرهم فعليًا يعيش داخل المدينة وقريب من السلطة ومتعاقدين مع عدة موظفين محليين يزودونهم بالمعلومات والمستجدات بغض النظر عن طبيعة المعلومات.. هؤلاء العاملين الأجانب فروا من المدينة الى فنادق سيئون مرتين وعادوا بعدها خلال شهرين ماضيين وبالطبع خوفًا من إقتراب الحرب بإتجاه المدينة، هذه مؤشرات قناعتهم الخفية بأن المدينة ستسقط في يد الحوثي المسلحة وهو ما ينسفه الواقع في كل مرة..
في مخيمات النزوح بمأرب يقضي الناس حياتهم باحثين عن مجرد بقاء، ولسانهم في صمته يقول: وطن لله يا محسنين، هذه حقيقة ما يجري، تلك الصحراء اليمنية الحارقة تحوي بين جنباتها وترابها عشرات الالاف من النازحين المشردين، ومئات الخيام وعشرات المخيمات والعمل الإنساني المتزايد يومًا بعد أخر، وبجوارهم في أماكن قريبة يرتص المشردون القادمون من أفريقيا، يرتصون بخيباتهم جوار شقاءهم ويعيشون منتظرين شيئًا من الله يحدث ليّخلصهم أيضًا من بلاءهم، كأن التشرد والخذلان
مأرب كمدينة أصبح لها ملامح من الاشكال الحديثة، لكنها بالرغم من هذا تعاني من إستغلال التجار وجشعهم وربما إحتكارهم، المطعم في مأرب يطلب أسعارًا مضاعفة، صاحب البقالة، تاجر المواد الغذائية، سائق النقل، بائع البطاط، صاحب الشبكة، صالون الحلاقة، محلات الملابس والأحذية والكماليات والمفروشات والأثاث والمكتبات والفنادق والاستراحات والإيجارات وكل شيء، المقاوته الأوغاد أيضًا، الجميع يطلبون أسعارًا مضاعفة، مضاعفة بكثير، كأنهم ينهبون الناس بشكل صامت، لا أحد يدري أو يتحدث عنهم،، لا أحد يجرؤ ربما، التجار في مأرب يحددون مقدار أرباحهم ومكاسبهم وفقًا لأهواءهم ومزاجهم في اللحظة الأنية، هذا ما يحدث فعلًا عندما يكون الجانب التجاري والإستهلاكي بلا رقابة، سترتفع الأسعار وسيزداد الجشع وسيكثر التذمر في ذات الجغرافيا المتروكة بلا حملات تفتيش للأسعار. العملة أيضًا تنهار بفعل هؤلاء الإنتهازيين، بفعل تجاهل السلطة لهم، هذه جبهة أكثر من الحرب في أهميتها وفداحتها، لقد تركوا الجشع يستحوذ على السوق فيها، لقد تركوا التجار يبتزون المستهلك المسكين، في مأرب أسعار الكهرباء مرتفعة أيضًا، وكل تجارها يشتكون من مضاعفة الأسعار على الكهرباء دون مسوقات، لكنها تظل مجانية للحارات والبيوت، هذه حقيقة، وحقيقة أخرى يجب أن يعرفها الجميع; الحياة في المناطق عالية الحرارة دون كهرباء أو كهرباء بديلة معاناة وجريمة تمنع الحياة عن الإستمرار، تصبح التفاصيل فيها أشكالًا بلا معنى، بلا رغبة، بلا حياة من أساسها، لا قيمة للأفكار والأمور الكمالية فيها دون هواء بارد. الكهرباء شريان حياة وضرورة بقاء حتمية ووجودية، وإنعدامها موت نهائي. الكهرباء أوكسجين للناس، خبز يعتق الجوعى من الموت، شريان دم يصل الرأس بالقلب، وإنقطاعها جريمة حرب، جريمة لا تسقط مع الأيام، جريمة تقذف في الجحيم من تسببوا في خرابها أو من يمنعونها عن الناس.
بمعنى أخر ظهرت في مأرب نماذج مبالغ فيها عن اقتصاد الحرب، فانهيار الدولة والظروف غير الاعتيادية للحرب أتاح لأشخاص في أماكن سياسية وعسكرية أن يكسبوا أرباحًا مادية بطرق لم تكن ممكنة في وقت السلم، بمعنى أن الفساد يتفشى بشكل كبير في المدينة واستغلال ظرف الحرب أيضًا بنفس القدر في بقية المدن التابعة لحكومة هادي..
مأرب، والنازحين..
يوجد في مأرب 138 مخيمًا للنازحين منها خمسة تم إلغاءها وثلاثة تم إجلاءها من مناطق الصراع المسلح، هذه المخيمات موزعة على أطراف مأرب وصحرائها ومناطقها المحاددة للمدينة، بالإضافة لحارات الجفينة وإمتداداتها المترامية بعيدًا، المخيم قد يكون حارة، أو عدة منازل بمنطقة معينة، ولكنها لا تحظى بالخدمات الإنسانية الضرورية في حدها الأدنى. تلك الأعداد من النازحين جلبت للمدينة عشرات المنظمات الدولية والموظفيين الإنسانيين الأجانب والحاليين، الموظفين الأجانب بالإضافة الى مهامهم الإنسانية يقومون بالتواصل مع الوكالات الإخبارية والقنوات الغربية لتزويدهم بالمعلومات المستجدة، وهذا الأمر هو مصدر بعض الأخبار المغايرة للواقع، الأخبار التي تثير حفيظة ناشظي المدينة وصحة ما يروجون له عن سير خط المعارك والمواجهات، لهذا لا تستغربون من رويترز أو الوكالة الفرنسية حينما تنشر أخبارًا تتعارض مع ما يريده ناشطوا المدينة، لأن مصدرهم فعليًا يعيش داخل المدينة وقريب من السلطة ومتعاقدين مع عدة موظفين محليين يزودونهم بالمعلومات والمستجدات بغض النظر عن طبيعة المعلومات.. هؤلاء العاملين الأجانب فروا من المدينة الى فنادق سيئون مرتين وعادوا بعدها خلال شهرين ماضيين وبالطبع خوفًا من إقتراب الحرب بإتجاه المدينة، هذه مؤشرات قناعتهم الخفية بأن المدينة ستسقط في يد الحوثي المسلحة وهو ما ينسفه الواقع في كل مرة..
في مخيمات النزوح بمأرب يقضي الناس حياتهم باحثين عن مجرد بقاء، ولسانهم في صمته يقول: وطن لله يا محسنين، هذه حقيقة ما يجري، تلك الصحراء اليمنية الحارقة تحوي بين جنباتها وترابها عشرات الالاف من النازحين المشردين، ومئات الخيام وعشرات المخيمات والعمل الإنساني المتزايد يومًا بعد أخر، وبجوارهم في أماكن قريبة يرتص المشردون القادمون من أفريقيا، يرتصون بخيباتهم جوار شقاءهم ويعيشون منتظرين شيئًا من الله يحدث ليّخلصهم أيضًا من بلاءهم، كأن التشرد والخذلان
وطن واحد للمحرومين جميعًا.
أخيرًا، ومع تزايد وتيرة الحرب، تبقى المأساة الإنسانية هي الجزء المغيب في تداولات أخبار المعارك بالمدينة، إذ يبقى مصير مئات الآلاف من النازحين الذين يسكنون أطراف مأرب، والمنتشرين في مخيمات نزوحها، كارثة حقيقية نتيجة اقتراب المعارك باتجاههم. يتزامن ذلك، مع غياب الموقف الدولي المسؤول لإيقاف هذه الكارثة.
ماجد زايد
كاتب يمني وناشط سياسي.
الجزء الثاني يحوي العناوين التالية:
- إستعارات الحرب.
- القيادات والتجنيد.
- العرادة، شخصية القائد وتوازن القوة.
- لعبة الخلايا.
- جغرافية المعارك.
- ملحمة البلق.
- طيران محلق، وصواريخ باليستية.
- الندية وسياسة السعودية تجاه الإصلاح.
- القبيلة ورماد الصراع.
- صافر وإشتعالات النفط.
- نظرة مستقلية
- خاتمة
أخيرًا، ومع تزايد وتيرة الحرب، تبقى المأساة الإنسانية هي الجزء المغيب في تداولات أخبار المعارك بالمدينة، إذ يبقى مصير مئات الآلاف من النازحين الذين يسكنون أطراف مأرب، والمنتشرين في مخيمات نزوحها، كارثة حقيقية نتيجة اقتراب المعارك باتجاههم. يتزامن ذلك، مع غياب الموقف الدولي المسؤول لإيقاف هذه الكارثة.
ماجد زايد
كاتب يمني وناشط سياسي.
الجزء الثاني يحوي العناوين التالية:
- إستعارات الحرب.
- القيادات والتجنيد.
- العرادة، شخصية القائد وتوازن القوة.
- لعبة الخلايا.
- جغرافية المعارك.
- ملحمة البلق.
- طيران محلق، وصواريخ باليستية.
- الندية وسياسة السعودية تجاه الإصلاح.
- القبيلة ورماد الصراع.
- صافر وإشتعالات النفط.
- نظرة مستقلية
- خاتمة
منشور من صفحة ماجد زايد على الفيس بوك
الحرب من الداخل..
#مأرب بين السقوط والمقاومة.
(الجزء الثاني)
لا يمكن لأي حرب أن تتفادى الاستعارات والمجازات والتضخيمات العاطفية، طالما وهي عبارة عن مزيج من النوازع الثقافية والمعنوية والأيديولوجية والدعائية، كل هذا بقدر ما فيها من موجودات مادية تتعلق بالسلاح والإمداد والخطط القتالية والتدريب، القادة العسكريون يدركون ذلك جيدًا، ويدركون أهمية التحشيد النفسي ورفع المعنويات المجازية والرأي العام المساند لها، ولأجل هذا وأكثر يحضر المجاز بشدة في خطابات طرفي الحرب المحرضين على القتال، خصوصًا الأصوات الداعية للنفير العام والإستعداد الشعبي لماهو قادم، هذه الإستعارات العاطفية إحدى ضروريات المعارك في سياقها اليومي، وحتى بعد أن تضع الحرب أوزارها، وهي أيضًا رأس المصائب ومصبرها المستمر طويلًا، هؤلاء الإستعاريون المحرضون بشدة من قادة وصحفيون وناشطون وسياسيون يعظمون النصر الخاص بهم، لأنه سلعتهم، ويقللون من شأن الهزائم إن سقطت على رؤوسهم.
ولا تقتصر الاستعارات في الحرب على العبارات والخطابات، إنما تمتد إلى الصور والمقاطع والرموز والأفكار والأغاني والموسيقى والإستعراضات، الى جانب إستحضار الصراعات المدفونة والإستعارة بمدلولاتها المرتبطة باللحظة الأنية، كأن تبعث فكرة الأقيال والعباهلة لتعزيز فكرة إجتثاث الهاشمية السياسية والقضاء عليها، أيضًا إستغلال فكرة الهاشمية كسلالة بمئات الألاف للإستحواذ على السلطة والقضاء على الأخر، ولو تأملتم جيدًا في واقع صنعاء ومأرب، لوجدتم مأرب بيئة خصبة للأقيال وإستدعاءها لمواجهة الهاشميين، وبالنقيض من ذلك صنعاء أيضًا أصبحت بيئة للهاشميين السياسيين وورقة شديدة التأثير في التحشيد والقتال والسيطرة، هما أيضًا تموذجان متناقضان لمدينتان متقاتلتان بوسائل لا تختلف عن بعضهما، وإستعارات تتكرر وتشبه بعضها البعض، وفي الحقيقة هؤلاء المتصارعون بحاجة ماسة إلى المجاز، ليس فقط في الدعاية أثناء المعركة، الدعاية ذات الجرس والإيقاع المدوي الذي يجاري دقات الطبول وأسلحة التدمير، إنما في الادعاءات التي تعقب توقف القتال أيضًا، عندما يبدأ كل طرف في سرد ما جرى من وجهة نظره البعيدة كليًا عن وجهة نظر الأخر، وبالطبع وجهة النظر التي تخدم مصالحه المحصورة، في مسعى برجماتي يهدف إلى إقناع الشعب بها، وتسجيلها في كتب الأحداث..
محمود درويش الشاعر والأديب المعروف تمكن في إحدى قصائده من شرح ذلك حينما قال:
مجازًا أقول: انتصرت
لئلا أقول: انكسرت
لئلا أقول: خسرت الرهان
الواقعية كمصادر منطقية في نقل صورة الحرب المصيرية على حدود مأرب من ثلاث إتجاهات تكاد تكون منعدمة تمامًا للإعلام والصحافة، الإّ أن معظمها تبقى نتيجة تفاعلات وولاءات وصراعات دافعها الحقيقي متمحور حول الإستعارات والمجازات المصاحبة، لا حقيقة منطقية عند أي طرف سوى حقيقته هو، ولا أحداث تجري سوى ما يريد أن يقولها هو، وهذا بالطبع يفرز ما نحن به من رمادية وغموض وتراكم في التجهيل والتحشيد والإنقسام..
القيادات والتجنيد..
في مدينة مأرب على مدى عام ونصف قابلت الكثير من المجندين الشباب والمراهقين، بعضهم عن معرفة سابقة، وأخرين نتيجة روتين حياة وإندماج شعبي مع حياة الناس، (ر. ق) شاب لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره، تعرفت عليه في أحد أيام المدينة، مراهق بسيط ينتمي لمديرية أرحب، جاء الى مدينة مأرب منذ ما يقارب العامين والنصف، إستقدمه أحد القادة الجدد بالجيش الشرعي، عامين ونصف وهو يعيش في معسكر داخل المدينة دون راتب، عامين ونصف لم يجد منهم ريالًا واحدًا، وخلالها ظل مرغمًا على البقاء في المعسكر يأكل ويشرب فقط، ويتهرب من الرد على إتصالات والدته ووالده بصنعاء، كان في حياته القديمة كيير إخوته ونجل المنزل الإيجار في صنعاء، كان الكبير والسبيل الأخير لديمومة بقاء إخوته ووالديه، كان يقضي أيامه في المعسكر متنقلًا بين الجبهات والمتارس والوعود الكاذبة، مرت الأيام وتبدلت الاحداث وساءت الظروف عليه حتى تأثرت حالته النفسية جدًا، لقد صارت حياته جحيمًا وإنقطاع، هكذا قال لي ذات يوم، وعودته لمنطقته في شملان بصنعاء أصبحت أمنيته مستحيلة، ومجازفة بعد تهديدات المحرضين عليه هناك لكنها أمنيته الوحيدة، أمنية الرجوع لحضن والدته الحزينة ووالده المقهور ومنزله المشتاق إليه، هذا الشاب المراهق كان يبكي أمامي بينما يسرد حكايته، أقسم بهذا، كان يتمنى صاروخًا مجهولًا يقضي عليه الى الأبد، هو مجرد ضحية لأحلام رجل مخادع، لقد إستدرجه أحد القادة اللاحقين بجيش الوهميين، هو وعشرين أخرين بدون أن يستطيع تجنيدهم بأرقام عسكرية ومرتبات شهرية، هكذا منذ عامين ونصف، مايزال يتذكر ذلك جيدًا، يوم جاء للمدينة بملابسه وكيسه الأحمر، منذ آتى بأحلامه من صنعاء وحتى اليوم، أحلامه التي لم يستطع شراء أدناها، عامين ونصف لم يتمكن خلالها الشاب من شراء ملابس أخرى غير التي جاء بها، لقد تنازل كثيرًا عن كبرياءه، وبدأ بالبحث عن
الحرب من الداخل..
#مأرب بين السقوط والمقاومة.
(الجزء الثاني)
لا يمكن لأي حرب أن تتفادى الاستعارات والمجازات والتضخيمات العاطفية، طالما وهي عبارة عن مزيج من النوازع الثقافية والمعنوية والأيديولوجية والدعائية، كل هذا بقدر ما فيها من موجودات مادية تتعلق بالسلاح والإمداد والخطط القتالية والتدريب، القادة العسكريون يدركون ذلك جيدًا، ويدركون أهمية التحشيد النفسي ورفع المعنويات المجازية والرأي العام المساند لها، ولأجل هذا وأكثر يحضر المجاز بشدة في خطابات طرفي الحرب المحرضين على القتال، خصوصًا الأصوات الداعية للنفير العام والإستعداد الشعبي لماهو قادم، هذه الإستعارات العاطفية إحدى ضروريات المعارك في سياقها اليومي، وحتى بعد أن تضع الحرب أوزارها، وهي أيضًا رأس المصائب ومصبرها المستمر طويلًا، هؤلاء الإستعاريون المحرضون بشدة من قادة وصحفيون وناشطون وسياسيون يعظمون النصر الخاص بهم، لأنه سلعتهم، ويقللون من شأن الهزائم إن سقطت على رؤوسهم.
ولا تقتصر الاستعارات في الحرب على العبارات والخطابات، إنما تمتد إلى الصور والمقاطع والرموز والأفكار والأغاني والموسيقى والإستعراضات، الى جانب إستحضار الصراعات المدفونة والإستعارة بمدلولاتها المرتبطة باللحظة الأنية، كأن تبعث فكرة الأقيال والعباهلة لتعزيز فكرة إجتثاث الهاشمية السياسية والقضاء عليها، أيضًا إستغلال فكرة الهاشمية كسلالة بمئات الألاف للإستحواذ على السلطة والقضاء على الأخر، ولو تأملتم جيدًا في واقع صنعاء ومأرب، لوجدتم مأرب بيئة خصبة للأقيال وإستدعاءها لمواجهة الهاشميين، وبالنقيض من ذلك صنعاء أيضًا أصبحت بيئة للهاشميين السياسيين وورقة شديدة التأثير في التحشيد والقتال والسيطرة، هما أيضًا تموذجان متناقضان لمدينتان متقاتلتان بوسائل لا تختلف عن بعضهما، وإستعارات تتكرر وتشبه بعضها البعض، وفي الحقيقة هؤلاء المتصارعون بحاجة ماسة إلى المجاز، ليس فقط في الدعاية أثناء المعركة، الدعاية ذات الجرس والإيقاع المدوي الذي يجاري دقات الطبول وأسلحة التدمير، إنما في الادعاءات التي تعقب توقف القتال أيضًا، عندما يبدأ كل طرف في سرد ما جرى من وجهة نظره البعيدة كليًا عن وجهة نظر الأخر، وبالطبع وجهة النظر التي تخدم مصالحه المحصورة، في مسعى برجماتي يهدف إلى إقناع الشعب بها، وتسجيلها في كتب الأحداث..
محمود درويش الشاعر والأديب المعروف تمكن في إحدى قصائده من شرح ذلك حينما قال:
مجازًا أقول: انتصرت
لئلا أقول: انكسرت
لئلا أقول: خسرت الرهان
الواقعية كمصادر منطقية في نقل صورة الحرب المصيرية على حدود مأرب من ثلاث إتجاهات تكاد تكون منعدمة تمامًا للإعلام والصحافة، الإّ أن معظمها تبقى نتيجة تفاعلات وولاءات وصراعات دافعها الحقيقي متمحور حول الإستعارات والمجازات المصاحبة، لا حقيقة منطقية عند أي طرف سوى حقيقته هو، ولا أحداث تجري سوى ما يريد أن يقولها هو، وهذا بالطبع يفرز ما نحن به من رمادية وغموض وتراكم في التجهيل والتحشيد والإنقسام..
القيادات والتجنيد..
في مدينة مأرب على مدى عام ونصف قابلت الكثير من المجندين الشباب والمراهقين، بعضهم عن معرفة سابقة، وأخرين نتيجة روتين حياة وإندماج شعبي مع حياة الناس، (ر. ق) شاب لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره، تعرفت عليه في أحد أيام المدينة، مراهق بسيط ينتمي لمديرية أرحب، جاء الى مدينة مأرب منذ ما يقارب العامين والنصف، إستقدمه أحد القادة الجدد بالجيش الشرعي، عامين ونصف وهو يعيش في معسكر داخل المدينة دون راتب، عامين ونصف لم يجد منهم ريالًا واحدًا، وخلالها ظل مرغمًا على البقاء في المعسكر يأكل ويشرب فقط، ويتهرب من الرد على إتصالات والدته ووالده بصنعاء، كان في حياته القديمة كيير إخوته ونجل المنزل الإيجار في صنعاء، كان الكبير والسبيل الأخير لديمومة بقاء إخوته ووالديه، كان يقضي أيامه في المعسكر متنقلًا بين الجبهات والمتارس والوعود الكاذبة، مرت الأيام وتبدلت الاحداث وساءت الظروف عليه حتى تأثرت حالته النفسية جدًا، لقد صارت حياته جحيمًا وإنقطاع، هكذا قال لي ذات يوم، وعودته لمنطقته في شملان بصنعاء أصبحت أمنيته مستحيلة، ومجازفة بعد تهديدات المحرضين عليه هناك لكنها أمنيته الوحيدة، أمنية الرجوع لحضن والدته الحزينة ووالده المقهور ومنزله المشتاق إليه، هذا الشاب المراهق كان يبكي أمامي بينما يسرد حكايته، أقسم بهذا، كان يتمنى صاروخًا مجهولًا يقضي عليه الى الأبد، هو مجرد ضحية لأحلام رجل مخادع، لقد إستدرجه أحد القادة اللاحقين بجيش الوهميين، هو وعشرين أخرين بدون أن يستطيع تجنيدهم بأرقام عسكرية ومرتبات شهرية، هكذا منذ عامين ونصف، مايزال يتذكر ذلك جيدًا، يوم جاء للمدينة بملابسه وكيسه الأحمر، منذ آتى بأحلامه من صنعاء وحتى اليوم، أحلامه التي لم يستطع شراء أدناها، عامين ونصف لم يتمكن خلالها الشاب من شراء ملابس أخرى غير التي جاء بها، لقد تنازل كثيرًا عن كبرياءه، وبدأ بالبحث عن
أدنى عمل لنفسه، تاركًا المعسكر الموبوء بالمخادعين، هكذا يقول لي، لكنه لا يجد، ولم يلتفت إليه أحد حتى بقيمة الطعام والسكن، والده يترجاه في مكالماته ورسائله الفائتة واليومية بأن يرسل إليه بقدر المستطاع، لكنه لا يملك سوى ثوبه الممزق القديم، ولا شيء أخر، في الليل يقضي الشاب حياته مشاهدًا لمسلسلات تركية، أرطغرل وعثمان والدولة السلجوقية، ومسرحيات قحطان، وتفكيره المتراكم مشغول بالخوف من الطائرات المسيرة وصواريخها المفاجئة، لكنه بعد هذا كله لم يعد يخشى الموت على نفسه، هي أمنية واحدة متبقية له، أن يسامحه والده ووالدته لأنه هرب من البيت ولم يخبر أحدًا بمغادرته، لكنه يشاهد ثلاثة من رفاقه بالعنبر وقد فقدوا عقولهم وجنوا بالفعل من طول الإنتظار والصبر واليأس، قال لي ذات يوم، أريد أن أموت، هذا الخوف في رأسي والهم يقتلني الف مرة في اللحظة الواحدة، أرجوك يا صديقي أبحث لي عن عمل، عن أي فرصة، لا أريد أن أصبح شحاتًا، أنا لا أستطيع تقبل ذلك..! لكنني لا أجد شيئًا أخر في هذه المدينة، ولا سبيل للهروب من هنا، مازلت أتذكره جيدًا في ذلك الليل بعد المنتصف حينما جاء اليّ وهو يلهث من الجوع، أقسم أنه كان يذرف الدموع من عينيه..!
هذا نموذج واحد عن الاف المقاتلين الشباب المراهقين المستقطبين بغاية شخصية لا تتجاوز الرتبة والرقم البشري الرخيص، أولئك القادة كانوا يستقدمون الشباب من القرى والمدن والأرياف كمجرد أرقام وكشوفات ليجندونهم تحت أنفسهم، ليقودونهم ويصبحون عليهم قادة ورتبًا وبدائل مصروفات، الشخص الذي يستقدم عددًا كبيرًا يصبح قائدًا كبيرًا ذا رتبة مرموقة ومصروفات كبيرة، هذه الحقيقية، شاب أخر أعرفه من صنعاء (ي.م 28 عام) إستقدمه أحد القاده للإنضمام للجيش الجديد، جاء منذ عامين والتحق بالمعسكرات وبدأ بالقتال معهم وأصيب باحدى المعارك في رقبته، بعدها أصبح متروكًا وعاجزًا، لم يعد ذا أهمية وشأن كما كان، أعطوه قطعة أرض صغيرة في مخيم الجفينة ليبني لنفسه غرفتين في مخيم المدينة، وبالفعل بنى لأسرته بيتًا هشًا بلا أدنى ضرورات الحياة، وبدأ مصيره فيه مع زوجته وعياله، قابلته إحدى المرات، كان رثًا منهكًا محطمًا مستحقرًا وغريب، لم أتوقع قط ما حدث له، يونها تذكرت ماضبه، وكيف كان في بيته بصنعاء معززًا مكرمًا عاملًا بمستوى محترم، لكنه الخداع والإستجداء الكاذب للشباب، ذات يوم حلف لي برأس عياله وقال: والله العظيم يا ماجد لو تموت لأجلهم هانا ما توصل لمستوى ورتبة الشخص المنتمي لهم تنظيميًا..! وحديثه هذا إشارة لجنود القوات الخاصة المنتمية بالضرورة للتجمع اليمني للإصلاح..
قوات تنظيمية..
قوات الأمن المركزي الخاصة، أْسِست كجناح عسكري يتبع فعليًا سلطة الإصلاح بمأرب ، قوات مدربة ومجهزة ومدعومة ومؤذلجة عقائديًا، وحصرية للشباب المؤهلين تنظيميًا وفكريًا، معظم شباب هذه القوات من ريمة وحبيش والعدين وتعز حيث المناطق المناوئة مذهبيًا للطرف الحوثي، بعكس شباب المناطق الشمالية المندمجين فعليًا مع الفكر الزيدي والتواجد الحوثي، القوات الخاصة في مأرب هي جناح الإصلاح وثقلها العسكري الحقيقي.. وهي القوة الضاربة المسيطرة على مفاصل المدينة ومديرياتها، وهي بالفعل المدافع الحقيقي عن المدينة.. ومن ناحية أخرى، مثلت قوات الأمن الخاصة بمأرب مصدر خلافات وعداوات وإتهامات متكررة ومتنامية بين القبيلة ومشائخها وبين التجمع اليمني للإصلاح..
العرادة، شخصية القائد وتوازن القوة..
ذات يوم، وصل العرادة بسيارته الى حشود بالشارع العام وسط المدينة، حشود تستقبل العائدين من صفقة الإفراج، لم يكن أمام العرادة يومها طريق أخر للعبور ولا طريق خلفي للعودة، كانت الجماهير تحيط به وتهتف له وتشير اليه، أوقف سيارته في المنتصف وفتح بابسيارته وصعد على متنها يحيي الجماهير ويخاطبهم، يومها جعل من سيارته منصة لمهاطبة الجماهير..!
كانت معنى أخر للقيادة، وعشقًا نادرًا لعشق الجماهير، اللواء سلطان العرادة، محافظة محافظة مأرب، رجل مفصلي في حاضر المدينة ومجرياتها، وقائد من واقع البداوة ودهاء السياسة، وهو بمثابة رجل من عهد صالح وصاحب رتبة عسكرية، هذا الرجل حال منذ سنوات دون إنهزام المدينة، وتصارعها البيني، هذه حقيقة واقعية عن المدينة، لا أحد ينكر أبدًا الخلاف المدفون بين تنظيم الإصلاح المسيطر على تفاصيل السلطة في مأرب مع قبائل وبدو مأرب، ولكن العرادة كشخصية لها ثقلها القبلي والعسكري حال دون ذلك، وأنتج وجوده توازنًا عميقًا بين كفتين وقوتين متناقضتين، ولولاه كانت المدينة قد تداخلت جدًا في خلافاتها وصراعها الداخلي، خصوصًا مع ثروة المدينة النفطية، الثورة المقسمة بالتراضي بين شيوخ القبائل وسلطتها السياسية والامنية، في مأرب منذ سنوات تمت التسوية بين القوتين على إساس تقاسم النفوذين والسلطة، كان الإتفاق بينهما مبني على عدم تدخل الإصلاح في ثروة النفط والغاز وإنتاجهما وبيعهما، وبالطبع مقابل حصوله على حصته المخصصة، مقابل بقاءهم كسلطة تحكم المدينة
هذا نموذج واحد عن الاف المقاتلين الشباب المراهقين المستقطبين بغاية شخصية لا تتجاوز الرتبة والرقم البشري الرخيص، أولئك القادة كانوا يستقدمون الشباب من القرى والمدن والأرياف كمجرد أرقام وكشوفات ليجندونهم تحت أنفسهم، ليقودونهم ويصبحون عليهم قادة ورتبًا وبدائل مصروفات، الشخص الذي يستقدم عددًا كبيرًا يصبح قائدًا كبيرًا ذا رتبة مرموقة ومصروفات كبيرة، هذه الحقيقية، شاب أخر أعرفه من صنعاء (ي.م 28 عام) إستقدمه أحد القاده للإنضمام للجيش الجديد، جاء منذ عامين والتحق بالمعسكرات وبدأ بالقتال معهم وأصيب باحدى المعارك في رقبته، بعدها أصبح متروكًا وعاجزًا، لم يعد ذا أهمية وشأن كما كان، أعطوه قطعة أرض صغيرة في مخيم الجفينة ليبني لنفسه غرفتين في مخيم المدينة، وبالفعل بنى لأسرته بيتًا هشًا بلا أدنى ضرورات الحياة، وبدأ مصيره فيه مع زوجته وعياله، قابلته إحدى المرات، كان رثًا منهكًا محطمًا مستحقرًا وغريب، لم أتوقع قط ما حدث له، يونها تذكرت ماضبه، وكيف كان في بيته بصنعاء معززًا مكرمًا عاملًا بمستوى محترم، لكنه الخداع والإستجداء الكاذب للشباب، ذات يوم حلف لي برأس عياله وقال: والله العظيم يا ماجد لو تموت لأجلهم هانا ما توصل لمستوى ورتبة الشخص المنتمي لهم تنظيميًا..! وحديثه هذا إشارة لجنود القوات الخاصة المنتمية بالضرورة للتجمع اليمني للإصلاح..
قوات تنظيمية..
قوات الأمن المركزي الخاصة، أْسِست كجناح عسكري يتبع فعليًا سلطة الإصلاح بمأرب ، قوات مدربة ومجهزة ومدعومة ومؤذلجة عقائديًا، وحصرية للشباب المؤهلين تنظيميًا وفكريًا، معظم شباب هذه القوات من ريمة وحبيش والعدين وتعز حيث المناطق المناوئة مذهبيًا للطرف الحوثي، بعكس شباب المناطق الشمالية المندمجين فعليًا مع الفكر الزيدي والتواجد الحوثي، القوات الخاصة في مأرب هي جناح الإصلاح وثقلها العسكري الحقيقي.. وهي القوة الضاربة المسيطرة على مفاصل المدينة ومديرياتها، وهي بالفعل المدافع الحقيقي عن المدينة.. ومن ناحية أخرى، مثلت قوات الأمن الخاصة بمأرب مصدر خلافات وعداوات وإتهامات متكررة ومتنامية بين القبيلة ومشائخها وبين التجمع اليمني للإصلاح..
العرادة، شخصية القائد وتوازن القوة..
ذات يوم، وصل العرادة بسيارته الى حشود بالشارع العام وسط المدينة، حشود تستقبل العائدين من صفقة الإفراج، لم يكن أمام العرادة يومها طريق أخر للعبور ولا طريق خلفي للعودة، كانت الجماهير تحيط به وتهتف له وتشير اليه، أوقف سيارته في المنتصف وفتح بابسيارته وصعد على متنها يحيي الجماهير ويخاطبهم، يومها جعل من سيارته منصة لمهاطبة الجماهير..!
كانت معنى أخر للقيادة، وعشقًا نادرًا لعشق الجماهير، اللواء سلطان العرادة، محافظة محافظة مأرب، رجل مفصلي في حاضر المدينة ومجرياتها، وقائد من واقع البداوة ودهاء السياسة، وهو بمثابة رجل من عهد صالح وصاحب رتبة عسكرية، هذا الرجل حال منذ سنوات دون إنهزام المدينة، وتصارعها البيني، هذه حقيقة واقعية عن المدينة، لا أحد ينكر أبدًا الخلاف المدفون بين تنظيم الإصلاح المسيطر على تفاصيل السلطة في مأرب مع قبائل وبدو مأرب، ولكن العرادة كشخصية لها ثقلها القبلي والعسكري حال دون ذلك، وأنتج وجوده توازنًا عميقًا بين كفتين وقوتين متناقضتين، ولولاه كانت المدينة قد تداخلت جدًا في خلافاتها وصراعها الداخلي، خصوصًا مع ثروة المدينة النفطية، الثورة المقسمة بالتراضي بين شيوخ القبائل وسلطتها السياسية والامنية، في مأرب منذ سنوات تمت التسوية بين القوتين على إساس تقاسم النفوذين والسلطة، كان الإتفاق بينهما مبني على عدم تدخل الإصلاح في ثروة النفط والغاز وإنتاجهما وبيعهما، وبالطبع مقابل حصوله على حصته المخصصة، مقابل بقاءهم كسلطة تحكم المدينة
وتتصدر الواجهة، كان الإصلاح يعي أهمية السلطة الداخلية ويعلم جيدًا تعقيدات الصراع الجاري على النفط، هذا التعقد أرغمهم على تفادي نشوب أي صراع في الوقت الحالي منتجًا إنسياقًا أخر خلف فكرة ضمان الإستحواذ الجغرافي وحمايته من المهاجمين، خصوصًا وعدوهم الأكبر يصارع الجغرافيا للوصول إليهم كل يوم، الشيخ سلطان العرادة في مأرب كان سر الإتفاق والتقسيم، ووجوده مثل الثوازن الفعلي بين القوة والموارد والقبيلة، وبالفعل لو لم يكن هذا الرجل حاضرًا في هذا الظرف الزمني المعقد كانت المدينة قد سقطت منذ سنوات، نتيجة الصراع الداخلي، ونتيجة الضغط العسكري على الإرض والتناقض السياسي الأقليمي حول سيطرة الإصلاح على المدينة، بغض النظر عن سقوط الإنهزام أمام قوة الحوثيين الزاحفة فيما لو حدث..
لعبة الخلايا..
بمجرد تجولك في المدينة، ستصادق لافتات كبيرة وصغيرة ومنتشرة بمعظم تفاصيل الشوارع والحارات، للتحذير من الخلايا الحوثية المندسة بالمدينة، هذه الفكرة أرقت كاهل السلطة المحلية وأثقلت كاهل الخطباء وأئمة المساجد، ذات يوم كان صعتر يخطب في مسجد وسط المدينة وبالجوار منه مسجد أخر يخطب فيه فؤاد الحميري، كانا يصرخان بقوة ويحذران بشدة من خطر الخلايا الحوثية المختبئة في أوساط الناس، ولأجل هذا إعتقلت وإحتجزت قوات الأمن السياسي في المدينة مئات الدراجات النارية، ومئات الباصات الصغيرة، ليثبت مالكوها برائتهم من تهمة الإندساس عبر تقديم معرفين وضامنين شخصيين لهم، كان الأمر أشبه بإعتقال شعب كبير دون أدنى تهمة، فقط لمجرد الشك والخوف والشعور بالخطر.. هذه القبضة أفرزت خلوًا نهائيًا لأي أصوات أخرى من شأنها التفكير بالمعارضة السياسية في المدينة، هذه الأصوات تدرك جيدًا بأن تهمتها معدة مسبقًا، وهو الإخفاء القسري الطويل والبعيد.. ومن ناحية متصلة، لو لم يتم تفادي خطر الخلايا الموجودة بالمدينة، كانت الحرب ستأخذ منحًا أخر في سياقها على الارض..
جغرافية المعارك..
على خط سير المعارك المحيطة بمأرب، يحتدم القتال في خمس جبهات مفتوحة، وثلاثة إتجاهات نارية، لشهور فائته ظل القتال يشتد ويشتد والمقاتلون يطوقون مأرب أكثر مع مرور الوفت، ويتوافدون بالمئات ليصبحون بالألاف مع تفاقم الحصار الجغرافي على المدينة، الهجوم الشرس على المدينة مفتوح على مصراعيه من ثلاثة إتجاهات، صنعاء والجوف والبيضاء، ومعه ظلت قوات الأمن الخاصة تقاتل في كل هذه الإتجاهات والجبهات، ومع هذا فأن كفة القوة دائمًا تكون في جانب المهاجم، فمن لا يهاجم ينهزم بالضرورة، المدافع لا ينتصر أبداً.. الدفاع يعني تلقى ضربات المهاجمين.. وهذا منطقيًا يجعلك في النهاية مهزومًا.. لكنك لم تمت بعد.!
في فبراير الفائت كان هناك هجومًا مفاجئًا بطريقة أذكى وأسرع مستغلًا إنشغال قوات الشرعية في معاركها ببقية الجبهات المفتوحة الأخرى، كانت نقطة الهجوم بإتجاه جبل البلق الغربي أو الأوسط وجبل البلق الشمالي أو القبلي، وهما جبلان محاددان لسد مأرب وقريبان من مناطق الأشراف الموالية ضمنيًا لقوات صنعاء (الحوثيون)، وجغرافيًا تْعد هذه المناطق المرتفعة هي الأقرب باتجاه مأرب والسيطرة النارية لغرب المدينة تكون للمستحوذ الفعلي عليهما، معركة البلق نموذج متكرر عن ميكانيزم الحوثيين في إشغال الطرف المدافع للإختراق من مناطق جديدة، هذا ما حدث في البلق وفي الكسارة وفي كثير من حروبهم على مأرب بدءًا من نهم ومرورًا بالجوف ومركزها وصولًا حتى جبهات مأرب الغربية (الزور، السد، البلق، الطلعة الحمراء، المشجع، جبل هيلان، العطيف، أم الخنازير، عودان، تبة ماهر، جبال الخشب) كذلك جبهات مأرب الشمالية (الكسارة، الفرع، ملبودة.. الخ)
ملحمة البلق..
الخامس والعشرين من فبراير، كانت المعارك مشتعلة ومحتدمة وعلى أشدها في خمس جبهات مفتوحة وثلاثة إتجاهات فعلية، كان القتال يشتد ويشتد والمقاتلون يطوقون مأرب أكثر وأكثر ويتوافدون بالمئات ليصبحون بالألاف مع تفاقم الحصار الجغرافي على المدينة، يومها كان الهجوم الشرس مفتوح على مصراعيه من ثلاثة إتجاهات، صنعاء والجوف والبيضاء، ومعه كانت قوات الأمن الخاصة تقاتل في كل الإتجاهات.
مع غروب شمس ذلك اليوم الجمعة، إعتلت قوت صنعاء (الحوثيون) وسيطرت على البلق الغربي وتمكنت من إلتقاط صور للمدينة، أبو محمد شعلان في ثنايا زياراته وحركيته بين الجنود والمقاتلين آنذاك علم بالإختراق الخطير، أخذ نفسه ومرافقيه وذهب للمكان، كان المقاتلين هناك في حالة صدمة وتراجع وعزيمة منهزمة.. لقد سقط الجبل، لقد تمكنوا منا، لم نتوقع ما حدث، لم نكن سوى بضعة مقاتلين أمام تيارات بشرية تقاتل بشراسة لم يعهدها أحد، لم يتأثر شعلان من شعور الإنهزام والخوف في نفوس مقاتليه، أخبرهم بأن إستقدام قوات مساندة في هذه اللحظة فكرة لن تحدث، الأمر أسرع من مكالمة وإستجداء وإتباتات للقيادة، أخبرهم بأن الحرب على عاتقنا، لنقاتل بما نملك، أخذ نفسه وسلاحه وتبعه مقاتلوه وصولًا لمناطق التماس المنحدرة والقريبة من
لعبة الخلايا..
بمجرد تجولك في المدينة، ستصادق لافتات كبيرة وصغيرة ومنتشرة بمعظم تفاصيل الشوارع والحارات، للتحذير من الخلايا الحوثية المندسة بالمدينة، هذه الفكرة أرقت كاهل السلطة المحلية وأثقلت كاهل الخطباء وأئمة المساجد، ذات يوم كان صعتر يخطب في مسجد وسط المدينة وبالجوار منه مسجد أخر يخطب فيه فؤاد الحميري، كانا يصرخان بقوة ويحذران بشدة من خطر الخلايا الحوثية المختبئة في أوساط الناس، ولأجل هذا إعتقلت وإحتجزت قوات الأمن السياسي في المدينة مئات الدراجات النارية، ومئات الباصات الصغيرة، ليثبت مالكوها برائتهم من تهمة الإندساس عبر تقديم معرفين وضامنين شخصيين لهم، كان الأمر أشبه بإعتقال شعب كبير دون أدنى تهمة، فقط لمجرد الشك والخوف والشعور بالخطر.. هذه القبضة أفرزت خلوًا نهائيًا لأي أصوات أخرى من شأنها التفكير بالمعارضة السياسية في المدينة، هذه الأصوات تدرك جيدًا بأن تهمتها معدة مسبقًا، وهو الإخفاء القسري الطويل والبعيد.. ومن ناحية متصلة، لو لم يتم تفادي خطر الخلايا الموجودة بالمدينة، كانت الحرب ستأخذ منحًا أخر في سياقها على الارض..
جغرافية المعارك..
على خط سير المعارك المحيطة بمأرب، يحتدم القتال في خمس جبهات مفتوحة، وثلاثة إتجاهات نارية، لشهور فائته ظل القتال يشتد ويشتد والمقاتلون يطوقون مأرب أكثر مع مرور الوفت، ويتوافدون بالمئات ليصبحون بالألاف مع تفاقم الحصار الجغرافي على المدينة، الهجوم الشرس على المدينة مفتوح على مصراعيه من ثلاثة إتجاهات، صنعاء والجوف والبيضاء، ومعه ظلت قوات الأمن الخاصة تقاتل في كل هذه الإتجاهات والجبهات، ومع هذا فأن كفة القوة دائمًا تكون في جانب المهاجم، فمن لا يهاجم ينهزم بالضرورة، المدافع لا ينتصر أبداً.. الدفاع يعني تلقى ضربات المهاجمين.. وهذا منطقيًا يجعلك في النهاية مهزومًا.. لكنك لم تمت بعد.!
في فبراير الفائت كان هناك هجومًا مفاجئًا بطريقة أذكى وأسرع مستغلًا إنشغال قوات الشرعية في معاركها ببقية الجبهات المفتوحة الأخرى، كانت نقطة الهجوم بإتجاه جبل البلق الغربي أو الأوسط وجبل البلق الشمالي أو القبلي، وهما جبلان محاددان لسد مأرب وقريبان من مناطق الأشراف الموالية ضمنيًا لقوات صنعاء (الحوثيون)، وجغرافيًا تْعد هذه المناطق المرتفعة هي الأقرب باتجاه مأرب والسيطرة النارية لغرب المدينة تكون للمستحوذ الفعلي عليهما، معركة البلق نموذج متكرر عن ميكانيزم الحوثيين في إشغال الطرف المدافع للإختراق من مناطق جديدة، هذا ما حدث في البلق وفي الكسارة وفي كثير من حروبهم على مأرب بدءًا من نهم ومرورًا بالجوف ومركزها وصولًا حتى جبهات مأرب الغربية (الزور، السد، البلق، الطلعة الحمراء، المشجع، جبل هيلان، العطيف، أم الخنازير، عودان، تبة ماهر، جبال الخشب) كذلك جبهات مأرب الشمالية (الكسارة، الفرع، ملبودة.. الخ)
ملحمة البلق..
الخامس والعشرين من فبراير، كانت المعارك مشتعلة ومحتدمة وعلى أشدها في خمس جبهات مفتوحة وثلاثة إتجاهات فعلية، كان القتال يشتد ويشتد والمقاتلون يطوقون مأرب أكثر وأكثر ويتوافدون بالمئات ليصبحون بالألاف مع تفاقم الحصار الجغرافي على المدينة، يومها كان الهجوم الشرس مفتوح على مصراعيه من ثلاثة إتجاهات، صنعاء والجوف والبيضاء، ومعه كانت قوات الأمن الخاصة تقاتل في كل الإتجاهات.
مع غروب شمس ذلك اليوم الجمعة، إعتلت قوت صنعاء (الحوثيون) وسيطرت على البلق الغربي وتمكنت من إلتقاط صور للمدينة، أبو محمد شعلان في ثنايا زياراته وحركيته بين الجنود والمقاتلين آنذاك علم بالإختراق الخطير، أخذ نفسه ومرافقيه وذهب للمكان، كان المقاتلين هناك في حالة صدمة وتراجع وعزيمة منهزمة.. لقد سقط الجبل، لقد تمكنوا منا، لم نتوقع ما حدث، لم نكن سوى بضعة مقاتلين أمام تيارات بشرية تقاتل بشراسة لم يعهدها أحد، لم يتأثر شعلان من شعور الإنهزام والخوف في نفوس مقاتليه، أخبرهم بأن إستقدام قوات مساندة في هذه اللحظة فكرة لن تحدث، الأمر أسرع من مكالمة وإستجداء وإتباتات للقيادة، أخبرهم بأن الحرب على عاتقنا، لنقاتل بما نملك، أخذ نفسه وسلاحه وتبعه مقاتلوه وصولًا لمناطق التماس المنحدرة والقريبة من
مرتفعات الجبل، كان قائد عملياته "الحوري" قد قتل في مترسه، ترجل شعلان وقاتل في مكانه، قاتل بسلاحه الشخصي، وقتل في ذات المكان، ومرافقوه يراقبونه من متارسهم المتأخرة، قتل الرجل وتراجع المرافقون أمام قوة النار المصوبة تجاههم، وصلت قوات صنعاء وسيطرت على المكان وجثث شعلان وقائد عنلياته الحوري، في البدء لم يعلم مقاتلوا الحوثي أن هذا الرجل الذي بحوزتهم قائدًا مطلوبًا وسببًا حقيقيًا لإشعال الحرب على مأرب، أبو محمد شعلان كان أبرز الذين يطلبهم الحوثيون من مأرب، ورأسًا لداعي القبائل وتحشيداتهم في الشمال جراء عملياته في مناطق الأشراف وخلايا المندسين في المدينة، بعد ساعتين علم بعض المقاتلون هناك أن الرجل قائد القوات الخاصة من رسالة ببزته العسكرية، وفي الحال أعلنوا قتلهم لقائد القوات الخاصة بمأرب وإستحواذهم على جثته، كانت سلطة مأرب ومقاتليها مفجوعون جدًا من مآلات مقتل شعلان، كانت الصدمة أبلغ من الحديث عنها وجثته لم تزل بعد في متناول الطرف الأخر، وفي الحال كذّبوا الأخبار وأعلنوا أن قائد القوات الخاصة مازال بخير ولا صحة للأخبار التي تتحدث عن مقتله، كان الأمر تلافيًا لحالة التوسع المخيف لنفسية الإنهزام كتلك التي حدثت بعمران بعد مقتل القشيبي، وبالفعل وقع الحوثيون في فخ النفي الرسمي بمأرب، وتجاهلت أجهزتهم الإعلامية وناشطوها خبر قتل شعلان الى حين تأكيده، بين هذه اللحطتان الزمنيتان المتلاحقتان، لحظة القتل والتأكيد، شنت قوات الأمن الخاصة مسنودة برغبة الإنتقام والثأر لقائدها ومصحوبًا بعشرات الطائرات المحلقة والحاملة للصواريخ الحارقة، كانت الحرب بعد منتصف ليل ذلك اليوم حربًا شرسة وبشعة ومدوية، عشرات ومئات الغارات، عشرات المدافع والصواريخ المنطلقة من داخل المدينة صوب البلق، كان المساء يومها نارًا على الجميع، وجنونًا لا يوصف من حالة الهجوم الإنعكاسي لقوات الأمن الخاصة، مع فجر ذلك اليوم إستعادت القوات الشرعية جبل البلق وجثث قادتها ومقاتليها وتراجعت قوات صنعاء الى أسفل الجبل باتجاه منطقة الزور الشرقية، بعدها أعلنت مأرب إستردادها للجبل وسيطرتها على المرتفعات المطلة على المدينة، ونعت قائد قواتها الخاصة، صباح ذلك اليوم لم تكن قوات صنعاء الميدانية تعلم بسقوط البلق من أيديهم، كان على ما يبدو خللًا في إتصالاتهم وتواصلهم على الارض، صبيحة السبت السابع والعشرين من فبراير جهزت قوات صنعاء كتيبتها المخصصة لإجتياح مأرب، كانت أعدادهم تتجاوز الثلاث مائة مقاتل بينما يرتدون بزات عسكرية مطابقة لبزات قوات مأرب الخاصة، كانت كتيبة من ذروة المقاتلين وأشرسهم وأكثرهم إعدادًا وتدريبًا، بعد ظهيرة ذلك اليوم إلتفت هذه الكتيبة من جبل البلق الشمالي مع ظنها بأن لديها تغطية نارية من أعلى جبل البلق، وبالفعل مرت القوات ونجحت الخدعة والمخطط، وأجتاحت المناطق وتقدمت دون مواجهات، كانت بالقرب من المدينة وإجتياحعا، حينها حدث مالم يكن بالحسبان، أحد ضباط الشرعية في جبهة البلق أخذ جهاز الإتصال وصرخ وقال: تلك القوات المتجهة صوب هيئة مستشفى مأرب العام من الخلف ليست حليفة، تلك قوات متنكرة، تلك قوات متنكرة، تلك قوات متنكرة، إستجابوا لصراخه، وتأكدوا من هوية المتقدمين، وبلغوا طيرانهم المساند، كان المقاتلون يسيرون جوار بعضهم، كانوا متجمعين بالقرب من أنفسهم، ولم يكونوا متفرقين أو متباعدين، كان الأمر أشبه بالطعم الجاهز، جاء الطيران مهووسًا بالقتل والخوف، كانت صواريخه على المقاتلين تحرق مافي المكان ولا تترك أي شيء على قيد الحياة، قتل جميع أولئك المقاتلين بطريقة بشعة جوار بعضهم وممسكين ببعضهم، كانت تلك اللحظة من هذا الزمن لحظة دامية وبشعة ومخيفة لكنها الحرب وطقوسها الغرائزية المرعبة..
الندية وسياسة السعودية تجاه الإصلاح.
بعد معركة البلق الفاصلة، أدركت المملكة السعودية خطورة الوضع، وتداركته بموقف متقدم، وأرسلت ناطق تحالفها العربي "المالكي" لزيارة مأرب والظهور معه بصورة عند سد مأرب مع محافظة المدينة اللواء سلطان العرادة، هذا الموقف كان رسالة تقول في سطورها أن السعودية لن تتخلى عن مأرب وستحارب فيها كند حقيقي لمواجهة الخطر المتقارب، هذا الموقف المتقدم أتى بعد مقابلة العرادة مع مركز صنعاء الذي أعلن فيه عن خسائر الحرب وإمكانية سقوط المدينة، اللقاء الذي قال فيه بصدق: لولا المملكة العربية السعودية لسقطت المدينة..!
السعودية ايضًا تسعى لإضعاف تجمع الإصلاح سياسيًا وعسكريًا من خلال إيقاف رواتب المقاتلين في العديد من جبهات مأرب، وخفض مستوى الدعم العسكري واللوجستي، بالإضافة لتنفيذ حملات إعلامية تشويهية في الكثير من الصحف والمواقع السعودية أو المحسوبة عليها مستهدفة الإصلاح ومتهمة إياه بالتقاعس في حربه مع الحوثيين.
الندية وسياسة السعودية تجاه الإصلاح.
بعد معركة البلق الفاصلة، أدركت المملكة السعودية خطورة الوضع، وتداركته بموقف متقدم، وأرسلت ناطق تحالفها العربي "المالكي" لزيارة مأرب والظهور معه بصورة عند سد مأرب مع محافظة المدينة اللواء سلطان العرادة، هذا الموقف كان رسالة تقول في سطورها أن السعودية لن تتخلى عن مأرب وستحارب فيها كند حقيقي لمواجهة الخطر المتقارب، هذا الموقف المتقدم أتى بعد مقابلة العرادة مع مركز صنعاء الذي أعلن فيه عن خسائر الحرب وإمكانية سقوط المدينة، اللقاء الذي قال فيه بصدق: لولا المملكة العربية السعودية لسقطت المدينة..!
السعودية ايضًا تسعى لإضعاف تجمع الإصلاح سياسيًا وعسكريًا من خلال إيقاف رواتب المقاتلين في العديد من جبهات مأرب، وخفض مستوى الدعم العسكري واللوجستي، بالإضافة لتنفيذ حملات إعلامية تشويهية في الكثير من الصحف والمواقع السعودية أو المحسوبة عليها مستهدفة الإصلاح ومتهمة إياه بالتقاعس في حربه مع الحوثيين.
وفي بعض الأحيان تتهمه بعقد اتفاقات سرية مع الحوثيين، هذا الإضعاف في الواقع جعل الإصلاح عاجزًا عن الإعتراض على سياسة المملكة، ويرغمهم بالمواجهة المستميتة كطريق إجباري ووحيد، ومعه سيتحول كيان الإصلاح إلى التبعية الكاملة لها، خصوصًا بعد أن استحوذت على قرارات الحكومة اليمنية ورئيسها المتواجد في الرياض.
صافر وإشتعالات النفط..
النفط والثروة النفطية هي مربط القتال والإستنزاف الحقيقي، هي دوافع إهلاك الحرث والنسل والبشر، ولولاه لما حدثت المجازر البشعة في جغرافيا قاسية ووعرة وشاقة، النفط والغاز هو الغريزة البشرية المهلكة لحياة اليمنيين، وهي السلعة المغرية لديمومة السلطة بشكلها المتمترس أيًا كانت، هذه الثروة النفطية لو كانت مدفونة في صنعاء أيضًا لحدث هذا الصراع على حدود صنعاء، ولو كانت صنعاء تملك آبار نفط ما سقطت منذ أول أيانها، لكنها المطامع والمخطذات والنوايا الضيقة، تقع مصفاة صافر بالشرق من محافظة مأرب، وتحيطها مئات المتارس والتحصينات المجهزة بإمكانيات مرتفعة، في خط السير بين مأرب وشبوة ستشاهد ملامح الناقلات المحروقة على جانبي الطريق، سيخبرك سائق السيارة بأنها ملامح عن إستهدافات لناقلات النفط قام بها قبائل غاضبون من سلطة التقاسم خلال السنوات الأخيرة، بوصولك لصافر سترى شعلات النار المرتفعة… في ذلك اليوم، عندما مررت بجوار حقول صافر النفطية والغازية.. كانت شُعل النار الكبيرة جدًا والكثيرة أيضًا تتباهى بعظمتها وكبرياءها صوب السماء كأنها تصرف رواتب اليمنيين وتغطي حاجاتهم وحياتهم، لم تكن تعلم تلك النار المشتعلة والمحتكرة بينما ترتفع كل يوم حتى السماء أن إيراداتها وثروتها وخزائنها لا تتجاوز حدود السلطة الخرسانية الضيقة جدًا.. لم تكن تعلم أبدًا أنها سببًا وحيدًا لموت عشرات الألاف من الشباب اليمنيين يوميًا..!
طيران محلق، وصواريخ باليستية..
يستهدف الحوثيون مأرب بصواريخهم البالستية وطيرانهم المتحرك، يراقبون المدينة من السماء ويقصفونها من الإرض، في رسالة يومية مضمونها; نحن القوة والسلطة والحاكمين، وبحسب التقارير والمراقبين وتواجدي هناك، فأن الصواريخ البالستية لا تخطئ أهدافها، ومعظم الإستهدافات تكون لمناطق عسكرية وأمنية وبعيدة عن مساكن المدنيين، ما عدا صاروخ واحد سقط على ورشة ميكانيكية أودى بجياة شخصين، هذه الدقة الحوثية بخلاف ما يجري بتعز ومناطق الصراع الأخرى..ولكنها في مأرب مؤرق حقيقي وهاجس يبعث الخوف على مدار الساعة، ولأجل تفاديه أقام الموظفون الأجانب لأنفسهم غرفًا محصنة ومدرعة من الصواريخ، للحيلولة دون سقوطهم كضحايا في حال تدهور الصراع وساءت التوقعات.. أيضًا لن تصدقوا لو أخبرتكم أن البعثات الإنسانية هناك تأخذ تصريحات للتنقل الميداني في المدينة من طرفين، سلطة مأرب وسلطة الحوثيين بصنعاء، في تفادي واضح لإمكانية إستهدافهم بالطيران المسير من قبل الحوثيين، وهو ما حدث فعليًا ذات مرة حينما تجاهل الفريق الأجنبي أخذ تصريح من صنعاء للوصول بسياراتهم الى مديرية مدغل، يومها بعد دخول فريق الأجانب للمستشفى فوجئوا بصاروخ جوار سور المستشفى ورسالة نصية قالوا لهم فيها، هذه المرة مجرد تحذير، والمرات القادمة سيكون الصاروخ على رؤوسكم..!
نظرة مستقبلية..
هذه النظرة المرتبطة بالمستجدات القادمة والأحداث المتسارعة قالها يومًا "ماجد المذحجي" المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات، في ختام زيارته الميدانية لمأرب وجبهاتها، وهي في الواقع خلاصة الحقائق وأكثر التوقعات السياسية القريبة من المنطق وفق المعطيات على الأرض، يومها قال المذحجي في تقريره الشهير:
انتصار أي من الطرفين في معركة مأرب سيكون نقطة تحول في حرب اليمن. من شأن انتصار الحوثيين أن يعيد صياغة اليمن بشكل جذري ويمنحهم سيطرة شبه كاملة على المحافظات الشمالية، والأهم من ذلك، الوصول إلى موارد البلاد من النفط والغاز والعائدات التي ترافقها. كان الحوثيون يحلمون بمثل هذه المكاسب منذ بداية هذا الصراع الذي امتد لسنوات. وعلى الجانب الآخر، فإن هزيمتهم في مأرب بعد استثمارهم فيها بالتجهيزات والمقاتلين سيمثل انتكاسة رئيسية لهم. أحد الأمور التي يجب عليهم أن يقلقوا بشأنها نتيجة فشلهم في الاستيلاء على مأرب هي صورتهم كقوة عسكرية باطشة سواء أمام جمهورهم أو خصومهم، وليس فقط داخل اليمن بل أيضًا خارجها. المجتمع الدولي يراقب معركة مأرب باهتمام إذ أنه يدرك أن النتيجة، بطريقة أو بأخرى، ستشكل مستقبل الحرب والسلام المحتمل في اليمن.
ماجد زايد
كاتب يمني وناشط سياسي
1. مايو. 2021
صافر وإشتعالات النفط..
النفط والثروة النفطية هي مربط القتال والإستنزاف الحقيقي، هي دوافع إهلاك الحرث والنسل والبشر، ولولاه لما حدثت المجازر البشعة في جغرافيا قاسية ووعرة وشاقة، النفط والغاز هو الغريزة البشرية المهلكة لحياة اليمنيين، وهي السلعة المغرية لديمومة السلطة بشكلها المتمترس أيًا كانت، هذه الثروة النفطية لو كانت مدفونة في صنعاء أيضًا لحدث هذا الصراع على حدود صنعاء، ولو كانت صنعاء تملك آبار نفط ما سقطت منذ أول أيانها، لكنها المطامع والمخطذات والنوايا الضيقة، تقع مصفاة صافر بالشرق من محافظة مأرب، وتحيطها مئات المتارس والتحصينات المجهزة بإمكانيات مرتفعة، في خط السير بين مأرب وشبوة ستشاهد ملامح الناقلات المحروقة على جانبي الطريق، سيخبرك سائق السيارة بأنها ملامح عن إستهدافات لناقلات النفط قام بها قبائل غاضبون من سلطة التقاسم خلال السنوات الأخيرة، بوصولك لصافر سترى شعلات النار المرتفعة… في ذلك اليوم، عندما مررت بجوار حقول صافر النفطية والغازية.. كانت شُعل النار الكبيرة جدًا والكثيرة أيضًا تتباهى بعظمتها وكبرياءها صوب السماء كأنها تصرف رواتب اليمنيين وتغطي حاجاتهم وحياتهم، لم تكن تعلم تلك النار المشتعلة والمحتكرة بينما ترتفع كل يوم حتى السماء أن إيراداتها وثروتها وخزائنها لا تتجاوز حدود السلطة الخرسانية الضيقة جدًا.. لم تكن تعلم أبدًا أنها سببًا وحيدًا لموت عشرات الألاف من الشباب اليمنيين يوميًا..!
طيران محلق، وصواريخ باليستية..
يستهدف الحوثيون مأرب بصواريخهم البالستية وطيرانهم المتحرك، يراقبون المدينة من السماء ويقصفونها من الإرض، في رسالة يومية مضمونها; نحن القوة والسلطة والحاكمين، وبحسب التقارير والمراقبين وتواجدي هناك، فأن الصواريخ البالستية لا تخطئ أهدافها، ومعظم الإستهدافات تكون لمناطق عسكرية وأمنية وبعيدة عن مساكن المدنيين، ما عدا صاروخ واحد سقط على ورشة ميكانيكية أودى بجياة شخصين، هذه الدقة الحوثية بخلاف ما يجري بتعز ومناطق الصراع الأخرى..ولكنها في مأرب مؤرق حقيقي وهاجس يبعث الخوف على مدار الساعة، ولأجل تفاديه أقام الموظفون الأجانب لأنفسهم غرفًا محصنة ومدرعة من الصواريخ، للحيلولة دون سقوطهم كضحايا في حال تدهور الصراع وساءت التوقعات.. أيضًا لن تصدقوا لو أخبرتكم أن البعثات الإنسانية هناك تأخذ تصريحات للتنقل الميداني في المدينة من طرفين، سلطة مأرب وسلطة الحوثيين بصنعاء، في تفادي واضح لإمكانية إستهدافهم بالطيران المسير من قبل الحوثيين، وهو ما حدث فعليًا ذات مرة حينما تجاهل الفريق الأجنبي أخذ تصريح من صنعاء للوصول بسياراتهم الى مديرية مدغل، يومها بعد دخول فريق الأجانب للمستشفى فوجئوا بصاروخ جوار سور المستشفى ورسالة نصية قالوا لهم فيها، هذه المرة مجرد تحذير، والمرات القادمة سيكون الصاروخ على رؤوسكم..!
نظرة مستقبلية..
هذه النظرة المرتبطة بالمستجدات القادمة والأحداث المتسارعة قالها يومًا "ماجد المذحجي" المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات، في ختام زيارته الميدانية لمأرب وجبهاتها، وهي في الواقع خلاصة الحقائق وأكثر التوقعات السياسية القريبة من المنطق وفق المعطيات على الأرض، يومها قال المذحجي في تقريره الشهير:
انتصار أي من الطرفين في معركة مأرب سيكون نقطة تحول في حرب اليمن. من شأن انتصار الحوثيين أن يعيد صياغة اليمن بشكل جذري ويمنحهم سيطرة شبه كاملة على المحافظات الشمالية، والأهم من ذلك، الوصول إلى موارد البلاد من النفط والغاز والعائدات التي ترافقها. كان الحوثيون يحلمون بمثل هذه المكاسب منذ بداية هذا الصراع الذي امتد لسنوات. وعلى الجانب الآخر، فإن هزيمتهم في مأرب بعد استثمارهم فيها بالتجهيزات والمقاتلين سيمثل انتكاسة رئيسية لهم. أحد الأمور التي يجب عليهم أن يقلقوا بشأنها نتيجة فشلهم في الاستيلاء على مأرب هي صورتهم كقوة عسكرية باطشة سواء أمام جمهورهم أو خصومهم، وليس فقط داخل اليمن بل أيضًا خارجها. المجتمع الدولي يراقب معركة مأرب باهتمام إذ أنه يدرك أن النتيجة، بطريقة أو بأخرى، ستشكل مستقبل الحرب والسلام المحتمل في اليمن.
ماجد زايد
كاتب يمني وناشط سياسي
1. مايو. 2021
"يمكن أن تكون المجتمعات جاهلة ومتخلفة
الأخطر أن ترى جهلها مقدساً."
- بيرتراند راسل
الأخطر أن ترى جهلها مقدساً."
- بيرتراند راسل
من مذكرات الطفولة:
مشاهد أخرى رأيتها بأم عيناي حالما كنت طفلا.. كانوا ناس غرباء يطوفون البيوت، ويقومون بـ "الجذب"، مقابل بعض العطايا البسيطة، جلّها كان من الحبوب دخنا أو ذرة أو شعيرا أو نحوه.. كنّا نسميهم "مجاذيب احمد ابن علوان" رأيت فيهم من يخرج عينه من محجرها بالجنبية، ويبقيها معلقة لبرهة، ثم يعيدها إلى موضعها، ومن يطعن بطنه بصورة متكرره وأماكن أخرى من جسده بخنجر أو سيف..
وكان المشهد الأكثر إثارة ورسوخا في ذاكرتي إلى اليوم، هو ذلك الرجل الأربعيني من العمر على الأرجح، المائل لونه قليلا إلى السمرة، وكانت صلعته واضحة جدا، وتمتد من مقدمة رأسه إلى بعض قفاه.. كان يبدأ يقرع ما نسميها "الطبيلة" تهيئا لما سيقوم به، ويرتعش جسده وكأن شيئا ما قد تلبسه.. ثم يطعن بالجنبية أجزاء متفرقة من جسده..
غير أن الأكثر دهشه وبقاء في الذاكرة أنه كان يضرب وسط صلعة رأسه بالجنبية مرة وثانية وثالثة، ويتركها في الضربة الأخيرة ناشبة في صلعة رأسه، وقد أبعد من مقبضها كلتى يديه، ثم يدلي لنا رأسه من عنقه، ليرينا الجنبية الناشب نصفها قي صلعته اللامعة، وليثبت لنا يقين ما نشاهده بأم عيوننا.. وبإمكانك أن تمعن النظر مليا، لتتأكد أن ما تشاهده حقيقة جلية لا خفة فيها ولا بهلوان.. وتظل عيوننا مشدوهة ومعلقة بذهول فيما نراه، ثم يعلق المشهد بالذاكرة إلى آخر العمر، دون أن يساورنا فيما رأيناه شك أو احتمال..
بعض من تفاصيل حياتي..
مشاهد أخرى رأيتها بأم عيناي حالما كنت طفلا.. كانوا ناس غرباء يطوفون البيوت، ويقومون بـ "الجذب"، مقابل بعض العطايا البسيطة، جلّها كان من الحبوب دخنا أو ذرة أو شعيرا أو نحوه.. كنّا نسميهم "مجاذيب احمد ابن علوان" رأيت فيهم من يخرج عينه من محجرها بالجنبية، ويبقيها معلقة لبرهة، ثم يعيدها إلى موضعها، ومن يطعن بطنه بصورة متكرره وأماكن أخرى من جسده بخنجر أو سيف..
وكان المشهد الأكثر إثارة ورسوخا في ذاكرتي إلى اليوم، هو ذلك الرجل الأربعيني من العمر على الأرجح، المائل لونه قليلا إلى السمرة، وكانت صلعته واضحة جدا، وتمتد من مقدمة رأسه إلى بعض قفاه.. كان يبدأ يقرع ما نسميها "الطبيلة" تهيئا لما سيقوم به، ويرتعش جسده وكأن شيئا ما قد تلبسه.. ثم يطعن بالجنبية أجزاء متفرقة من جسده..
غير أن الأكثر دهشه وبقاء في الذاكرة أنه كان يضرب وسط صلعة رأسه بالجنبية مرة وثانية وثالثة، ويتركها في الضربة الأخيرة ناشبة في صلعة رأسه، وقد أبعد من مقبضها كلتى يديه، ثم يدلي لنا رأسه من عنقه، ليرينا الجنبية الناشب نصفها قي صلعته اللامعة، وليثبت لنا يقين ما نشاهده بأم عيوننا.. وبإمكانك أن تمعن النظر مليا، لتتأكد أن ما تشاهده حقيقة جلية لا خفة فيها ولا بهلوان.. وتظل عيوننا مشدوهة ومعلقة بذهول فيما نراه، ثم يعلق المشهد بالذاكرة إلى آخر العمر، دون أن يساورنا فيما رأيناه شك أو احتمال..
بعض من تفاصيل حياتي..
#احمد_سيف_حاشد
خصي كبش العيد - محدّثة
لازلت أتذكر وهم يخصون كبش العيد.. شاهدتهم بكثرتهم وهم ينزلون عليه بكل قواهم وأثقالهم.. يأخذونه بأربعته ورأسه ومؤخرته، ويمددونه على الارض، ويفتحون رجليه، فيما يحاول هو الركل والمقاومة بددا.. وضعوا حجرا أملسا صلدا قرب فخضا رجليه، ووضعوا خصيتيه على تلك الحجر، ثم شرعوا بضرب الخصيتين وأعقابها، بمطرقة من حديد، فيما كان هو يتألم ويقاوم عبثا دون جدوى أو خلاص تحت طائل كثرة وقوة نازلة عليه كالقدر، ولمّا أتموا ما يريدونه حتى النهاية، اطلقوا سراحه بعد أن قتلوا فحولته بمطرقة من حديد..
كنت غارقا في ذهول.. لا أعرف ماذا يفعلون!! لم يقولوا لي شيئا من قبل، أو عمّا ينتون فعله، أو ما سيقدمون عليه.. كنت متحيرا لماذا يفعلوا ما يفعلون.. لماذا يضربوا خصيتيه بالمطرقة؟!! ماذا فعلت بهم الخصيتين؟! كنت الوحيد من الموجودين الذي أعيش جحيم اللحظة، وأشاركه فيها الألم ..
كنت الوحيد الغارق في الذهول حيال ما يحدث!! والوحيد الذي يجوس في أعماقه السؤال!! فيما الآخرين لم يكترثوا بي، ولم يكن بيدي سلطة أو قرار يمنعهم عن فعلهم بالغ القسوة..
فضولي الذي ظل حبيسا داخلي لم يستطع الاعتراض، ولكن أستطاع سؤال أمي بعد أن أنتهى كل شيء.. ماذا فعلتم ولماذا؟! فكانت إجابة أمي: من أجل أن يكبر بسرعة، ويطيب لحمه وشحمه في العيد.. الحقيقة لم تكن الإجابة تفِ برضاي!! فما علاقة خصيتيه بما زعمه الجواب.. والشيء بالشيء يذكر، فعندما كبرت تذكرت ما قالته أمي مع ما قرأته عن عذر خصي المطربين لتجميل أصواتهم.
عندما كبرت قرأت أيضا ما هو أكثر غرابة وذهول.. قرأت رأي فقهي يقول بضرورة خصي الفنان حتى لا يغوي النساء.. روي أن الخليفة عبد الملك بن مروان بسبب أن جاريته صبت الماء بعيدا عن يديه لسماعها صوت احد المغنّيين وهو يترنم من بعيد، أمر بخصيه مخافةً على نساء المسلمين. وأن الخليفة سليمان بن عبد الملك حالما كان في نزهة أمر بخصى أحد المغنّين حينما سمع صوته الرخيم، وأعتقد أنه يشكل خطرا على عفاف النساء.
وأكثر من هذا ما رواه الأصفهاني أن ذبابة أدت إلى خصي المطربين في "المدينة" عندما أمر أحد خلفاء القرن السابع والي المدينة بـ "إحصاء" المطربين، وأن الوالي رأى نقطة على الحاء تركتها ذبابة لتتحول الكلمة إلى «إخصاء» بدلاً من «إحصاء»، فأمر الخليفة بإخصائهم جميعاً، وكان «الدّلال» - وهو من أشهر مطربي "المدينة" وأكثرهم ظرافة وجمالا وحسن بيان - ضمن قائمة المخصيّين..
وكان يجري أيضا خصي الإرقاء الذين يعملون داخل قصور السلاطين ودور النساء في تلك القصور للحيلولة دون الخوف منهم عليهن فيها.. وكانوا أيضا يخصون أطفال وصبيان الأعداء الذي يجري استرقاقهم، رغبة في قطع نسلهم، وكبت الشعور الجنسي لديهم.
وعندما كبرت ونضجت عرفت أيضا كيف يتم خصي الرجال، وكيف يمارس المال سلطته على كثير من المثقفين، وحملة الشهادات العليا والأكاديميين الذين يتحولون إلى أبواق بلا إرادة ولا موقف ولا ضمير.. عرفت حجم خواء المثقف المنقاد وراء السياسي الوغد، أو المستعبد من قبل السلطة.. عرفت الكثير من المخصيين، وأيضا من يمارسون الخصي والنذالة..
عرفت هشاشة المثقف الذي يبيع ضميره من أول عرض.. الهشاشة التي تنهار من أول ضربة مطرقة تنزل على الرأس أو على الخصيتين.. المثقف الذي بات تابعا يدور في مدار صنمه وطمطمه، فاقدا لضميره ووجوده.. عرفت أتباعا بلا عقل ولا مبدأ ولا قيم، ورجالا بلا رجولة ولا فحولة ولا وجود..
وفي المقابل عرفت أناسا أفذاذ بقامة النخيل وصمود الجبال الرواسي.. أحرارا ميامين يأثرون التضحية على الاستسلام، والمقاومة على الخضوع، والشجاعة على الخوف.. لا يبيع ولا يساوم ضميرهم القلق واليقظ دوما، وإن عرضوا لأصحابه مال الأرض، ونجوم السماء، ووعدوه أيضا بالآخرة أو الدار الثانية، ولم تستطع جهنم الحمراء والسوداء أن تكرههم على الاستكانة والخضوع للطغاة وأرباب الحكم المُغتصب..
بعض من تفاصيل حياتي..
خصي كبش العيد - محدّثة
لازلت أتذكر وهم يخصون كبش العيد.. شاهدتهم بكثرتهم وهم ينزلون عليه بكل قواهم وأثقالهم.. يأخذونه بأربعته ورأسه ومؤخرته، ويمددونه على الارض، ويفتحون رجليه، فيما يحاول هو الركل والمقاومة بددا.. وضعوا حجرا أملسا صلدا قرب فخضا رجليه، ووضعوا خصيتيه على تلك الحجر، ثم شرعوا بضرب الخصيتين وأعقابها، بمطرقة من حديد، فيما كان هو يتألم ويقاوم عبثا دون جدوى أو خلاص تحت طائل كثرة وقوة نازلة عليه كالقدر، ولمّا أتموا ما يريدونه حتى النهاية، اطلقوا سراحه بعد أن قتلوا فحولته بمطرقة من حديد..
كنت غارقا في ذهول.. لا أعرف ماذا يفعلون!! لم يقولوا لي شيئا من قبل، أو عمّا ينتون فعله، أو ما سيقدمون عليه.. كنت متحيرا لماذا يفعلوا ما يفعلون.. لماذا يضربوا خصيتيه بالمطرقة؟!! ماذا فعلت بهم الخصيتين؟! كنت الوحيد من الموجودين الذي أعيش جحيم اللحظة، وأشاركه فيها الألم ..
كنت الوحيد الغارق في الذهول حيال ما يحدث!! والوحيد الذي يجوس في أعماقه السؤال!! فيما الآخرين لم يكترثوا بي، ولم يكن بيدي سلطة أو قرار يمنعهم عن فعلهم بالغ القسوة..
فضولي الذي ظل حبيسا داخلي لم يستطع الاعتراض، ولكن أستطاع سؤال أمي بعد أن أنتهى كل شيء.. ماذا فعلتم ولماذا؟! فكانت إجابة أمي: من أجل أن يكبر بسرعة، ويطيب لحمه وشحمه في العيد.. الحقيقة لم تكن الإجابة تفِ برضاي!! فما علاقة خصيتيه بما زعمه الجواب.. والشيء بالشيء يذكر، فعندما كبرت تذكرت ما قالته أمي مع ما قرأته عن عذر خصي المطربين لتجميل أصواتهم.
عندما كبرت قرأت أيضا ما هو أكثر غرابة وذهول.. قرأت رأي فقهي يقول بضرورة خصي الفنان حتى لا يغوي النساء.. روي أن الخليفة عبد الملك بن مروان بسبب أن جاريته صبت الماء بعيدا عن يديه لسماعها صوت احد المغنّيين وهو يترنم من بعيد، أمر بخصيه مخافةً على نساء المسلمين. وأن الخليفة سليمان بن عبد الملك حالما كان في نزهة أمر بخصى أحد المغنّين حينما سمع صوته الرخيم، وأعتقد أنه يشكل خطرا على عفاف النساء.
وأكثر من هذا ما رواه الأصفهاني أن ذبابة أدت إلى خصي المطربين في "المدينة" عندما أمر أحد خلفاء القرن السابع والي المدينة بـ "إحصاء" المطربين، وأن الوالي رأى نقطة على الحاء تركتها ذبابة لتتحول الكلمة إلى «إخصاء» بدلاً من «إحصاء»، فأمر الخليفة بإخصائهم جميعاً، وكان «الدّلال» - وهو من أشهر مطربي "المدينة" وأكثرهم ظرافة وجمالا وحسن بيان - ضمن قائمة المخصيّين..
وكان يجري أيضا خصي الإرقاء الذين يعملون داخل قصور السلاطين ودور النساء في تلك القصور للحيلولة دون الخوف منهم عليهن فيها.. وكانوا أيضا يخصون أطفال وصبيان الأعداء الذي يجري استرقاقهم، رغبة في قطع نسلهم، وكبت الشعور الجنسي لديهم.
وعندما كبرت ونضجت عرفت أيضا كيف يتم خصي الرجال، وكيف يمارس المال سلطته على كثير من المثقفين، وحملة الشهادات العليا والأكاديميين الذين يتحولون إلى أبواق بلا إرادة ولا موقف ولا ضمير.. عرفت حجم خواء المثقف المنقاد وراء السياسي الوغد، أو المستعبد من قبل السلطة.. عرفت الكثير من المخصيين، وأيضا من يمارسون الخصي والنذالة..
عرفت هشاشة المثقف الذي يبيع ضميره من أول عرض.. الهشاشة التي تنهار من أول ضربة مطرقة تنزل على الرأس أو على الخصيتين.. المثقف الذي بات تابعا يدور في مدار صنمه وطمطمه، فاقدا لضميره ووجوده.. عرفت أتباعا بلا عقل ولا مبدأ ولا قيم، ورجالا بلا رجولة ولا فحولة ولا وجود..
وفي المقابل عرفت أناسا أفذاذ بقامة النخيل وصمود الجبال الرواسي.. أحرارا ميامين يأثرون التضحية على الاستسلام، والمقاومة على الخضوع، والشجاعة على الخوف.. لا يبيع ولا يساوم ضميرهم القلق واليقظ دوما، وإن عرضوا لأصحابه مال الأرض، ونجوم السماء، ووعدوه أيضا بالآخرة أو الدار الثانية، ولم تستطع جهنم الحمراء والسوداء أن تكرههم على الاستكانة والخضوع للطغاة وأرباب الحكم المُغتصب..
بعض من تفاصيل حياتي..
#احمد_سيف_حاشد
من لا يستطيع ان يتصالح مع نفسه لن يستطيع ان يتصالح مع العالم..
فجوة كبيرة بين ما نقول وما نفعل
واكثر من هذا حتى اقوالنا نفسها تتناقض مع نفسها على نحو فج وصارخ .. نقول جادلهم بالتي هي احسن ثم نلعن ونسب ونشتم الاخر على نحو يظهر خواءنا وافتقار الحجة لدينا واضطراب تفكيرنا حد الاحتدام..
من لا يستطيع ان يتصالح مع نفسه لن يستطيع ان يتصالح مع العالم..
فجوة كبيرة بين ما نقول وما نفعل
واكثر من هذا حتى اقوالنا نفسها تتناقض مع نفسها على نحو فج وصارخ .. نقول جادلهم بالتي هي احسن ثم نلعن ونسب ونشتم الاخر على نحو يظهر خواءنا وافتقار الحجة لدينا واضطراب تفكيرنا حد الاحتدام..
#احمد_سيف_حاشد
خصي كبش العيد.. استيفاء
وفي عهد الأئمة في اليمن وتحديدا عهد الإمام يحيى حمید الدین قرأت في "الرهينة" لزيد مطيع دماج السياسة المتبعة لهم في إخضاع القبائل، وضمان ولاؤهم له، وعدم الانقلاب عليه من خلال نظام الرهائن المتبع، حيث يأخذ الإمام أبناء الشيوخ ، ورؤساء القبائل رهائن لديه، ومن يحاول الهروب ويتم القبض عليه يكبلوه بالقيود الحديدية في قلعة القاهرة مدى الحياة.
كما كان يتم اختيار صبيان من الرهائن ممن لا تتعدى أعمارهم سن الحلم لخدمة حرم الإمام وخاصته، وبعض نوابه وأمرائه، فإن بلغوا سن الحلم يتم إعادتهم إلى القلعة، أو يتم خصيهم إن تم إلحاقهم في خدمة القصور، وذلك لكي لا يمارسوا عملا جنسيا مشينا، وكان يطلق عليهم اسم الـ "دویدار" وهم من يقومون بعمل العبید المخصيين..
ويحكي زيد مطيع دماج في "الرهينة" أن من مارسوا أعمال "الدویدار" وعادوا إلى قلعة القاھرة مرة أخرى، كانوا يحكون أشياء غريبة وعجيبة.. ويقول: كنت ألاحظ أن معظم العائدين منهم إلى القلعة قد تغيرت ملامحهم , حيث غدوا مصفري الوجوه، ونعومة شاملة في أجسامهم مع شيء من الترھل والذبول في غیر أوانه." ولاحظ أيضا اهتمام حرس القلعة بهؤلاء ناعمي الملمس رقيقي الأصوات، بملابسهم النظيفة المرسلة حتى الأرض، و"الكوافي" المزركشة التي حاكتها نساء القصور، لتخفي شعرهم المجعد الممشط، الذي تفوح منه رائحة الدهون المعطرة التي يستنشقها بلذة أفراد الحرس ..
كانوا يصونون عفاف نسائهم بخصي أولئك الصبية بإكراه وإرغام.. يعالجون نقصهم بنقص أشد.. مثقلين بعقد وعاهات لا شفاء لها.. أما اليوم فقد صار أسوأ وأوجع من أمسه، حيث نشاهد الخصي قد صار أكثر انتشارا واتساعا وبشاعة، حيث تُخصى العقول والأصوات والأقلام والأفعال.. أنه خصي أشد وأوجع..
عرفتُ اليوم كيف تمارس السلطة خصي الرجال، وكيف تستلب مستقبل لطالما رمناه.. عرفتُ كيف يتم تحويل الرجال من أندادا وأفذاذا إلى حملة مباخر، واتباعا خاضعين ومستلبين الإرادة والفعل، لا حولا لهم ولا قوة.. عرفتُ كيف تمارس السلطة والمال نفوذهما على كثير من المثقفين، وحملة الشهادات العليا، والأكاديميين، وكيف يتم تحويل الرجال إلى أبواق بلا إرادة ولا موقف ولا ضمير.. عرفت خواء المثقف والإعلامي الذي يزيف الوعي، وينقاد وراء السياسي كرمّة أو نعجة تُسلخ ولا تنطح.. عرفت الكثير من المخصيين، وعرفت أكثر دمامة السلطة التي تمارس الخصي والنذالة..
عرفت هشاشة المثقف الذي يبيع ضميره من أول عرض.. الهشاشة التي تنهار من أول ضربة مطرقة تنزل على الرأس أو على الخصيتين.. المثقف الذي بات تابعا يدور في مدار صنمه وطمطمه، فاقدا لضميره ووجوده.. عرفت أتباعا بلا عقل ولا مبدأ ولا قيم، ورجالا بلا رجولة ولا فحولة ولا وجود..
وفي المقابل عرفت أناسا أفذاذ بقامة النخيل وصمود الجبال الرواسي.. أحرارا ميامين يأثرون التضحية على الاستسلام، والمقاومة على الخضوع، والشجاعة على الخوف.. ضميرهم القلق واليقظ دوما لا يبيع ولا يساوم، وإن عرضوا لأصحابه مال الأرض، ونجوم السماء، ووعدوه أيضا بالآخرة أو الدار الثانية، ولم تستطع جهنم الحمراء والسوداء أن تكرههم على الاستكانة والخضوع للطغاة وأرباب الحكم المُغتصب..
خصي كبش العيد.. استيفاء
وفي عهد الأئمة في اليمن وتحديدا عهد الإمام يحيى حمید الدین قرأت في "الرهينة" لزيد مطيع دماج السياسة المتبعة لهم في إخضاع القبائل، وضمان ولاؤهم له، وعدم الانقلاب عليه من خلال نظام الرهائن المتبع، حيث يأخذ الإمام أبناء الشيوخ ، ورؤساء القبائل رهائن لديه، ومن يحاول الهروب ويتم القبض عليه يكبلوه بالقيود الحديدية في قلعة القاهرة مدى الحياة.
كما كان يتم اختيار صبيان من الرهائن ممن لا تتعدى أعمارهم سن الحلم لخدمة حرم الإمام وخاصته، وبعض نوابه وأمرائه، فإن بلغوا سن الحلم يتم إعادتهم إلى القلعة، أو يتم خصيهم إن تم إلحاقهم في خدمة القصور، وذلك لكي لا يمارسوا عملا جنسيا مشينا، وكان يطلق عليهم اسم الـ "دویدار" وهم من يقومون بعمل العبید المخصيين..
ويحكي زيد مطيع دماج في "الرهينة" أن من مارسوا أعمال "الدویدار" وعادوا إلى قلعة القاھرة مرة أخرى، كانوا يحكون أشياء غريبة وعجيبة.. ويقول: كنت ألاحظ أن معظم العائدين منهم إلى القلعة قد تغيرت ملامحهم , حيث غدوا مصفري الوجوه، ونعومة شاملة في أجسامهم مع شيء من الترھل والذبول في غیر أوانه." ولاحظ أيضا اهتمام حرس القلعة بهؤلاء ناعمي الملمس رقيقي الأصوات، بملابسهم النظيفة المرسلة حتى الأرض، و"الكوافي" المزركشة التي حاكتها نساء القصور، لتخفي شعرهم المجعد الممشط، الذي تفوح منه رائحة الدهون المعطرة التي يستنشقها بلذة أفراد الحرس ..
كانوا يصونون عفاف نسائهم بخصي أولئك الصبية بإكراه وإرغام.. يعالجون نقصهم بنقص أشد.. مثقلين بعقد وعاهات لا شفاء لها.. أما اليوم فقد صار أسوأ وأوجع من أمسه، حيث نشاهد الخصي قد صار أكثر انتشارا واتساعا وبشاعة، حيث تُخصى العقول والأصوات والأقلام والأفعال.. أنه خصي أشد وأوجع..
عرفتُ اليوم كيف تمارس السلطة خصي الرجال، وكيف تستلب مستقبل لطالما رمناه.. عرفتُ كيف يتم تحويل الرجال من أندادا وأفذاذا إلى حملة مباخر، واتباعا خاضعين ومستلبين الإرادة والفعل، لا حولا لهم ولا قوة.. عرفتُ كيف تمارس السلطة والمال نفوذهما على كثير من المثقفين، وحملة الشهادات العليا، والأكاديميين، وكيف يتم تحويل الرجال إلى أبواق بلا إرادة ولا موقف ولا ضمير.. عرفت خواء المثقف والإعلامي الذي يزيف الوعي، وينقاد وراء السياسي كرمّة أو نعجة تُسلخ ولا تنطح.. عرفت الكثير من المخصيين، وعرفت أكثر دمامة السلطة التي تمارس الخصي والنذالة..
عرفت هشاشة المثقف الذي يبيع ضميره من أول عرض.. الهشاشة التي تنهار من أول ضربة مطرقة تنزل على الرأس أو على الخصيتين.. المثقف الذي بات تابعا يدور في مدار صنمه وطمطمه، فاقدا لضميره ووجوده.. عرفت أتباعا بلا عقل ولا مبدأ ولا قيم، ورجالا بلا رجولة ولا فحولة ولا وجود..
وفي المقابل عرفت أناسا أفذاذ بقامة النخيل وصمود الجبال الرواسي.. أحرارا ميامين يأثرون التضحية على الاستسلام، والمقاومة على الخضوع، والشجاعة على الخوف.. ضميرهم القلق واليقظ دوما لا يبيع ولا يساوم، وإن عرضوا لأصحابه مال الأرض، ونجوم السماء، ووعدوه أيضا بالآخرة أو الدار الثانية، ولم تستطع جهنم الحمراء والسوداء أن تكرههم على الاستكانة والخضوع للطغاة وأرباب الحكم المُغتصب..
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
ازدهار جرائم غسيل الاموال في اليمن..
سعر الاراضي ارتفعت بعشرات أضعافها في عملية غسيل اموال هائلة لكل مناطق الواقعة تحت سلطات الأمر الواقع
والمواطن البسيط هو دائما المتضرر والضحية..
ازدهار جرائم غسيل الاموال في اليمن..
سعر الاراضي ارتفعت بعشرات أضعافها في عملية غسيل اموال هائلة لكل مناطق الواقعة تحت سلطات الأمر الواقع
والمواطن البسيط هو دائما المتضرر والضحية..
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
سياسة إفقار المجتمع
واحتكار الخير وتسيسه
وتوظيفه والهمينة عليه
ماذا يعني؟؟؟
https://twitter.com/CivicCoalition?s=09
سياسة إفقار المجتمع
واحتكار الخير وتسيسه
وتوظيفه والهمينة عليه
ماذا يعني؟؟؟
https://twitter.com/CivicCoalition?s=09
Twitter
أحمد سيف حاشد هاشم (@CivicCoalition) | Twitter
The latest Tweets from أحمد سيف حاشد هاشم (@CivicCoalition). أحمد سيف حاشد، برلماني يمني وناشر صحيفة المستقلة وموقع يمنات الإخباري. Yemen