قبل عشرون دقيقة فقط فاجأوني أبنائي بهدية متواضعة في أول دقيقة تدخل من يوم عيد ميلادي.
كانت ولادتي في 16 فبراير 1962
تمنياتي أن تنتهي هذه الحرب وأن تكونوا في حال أفضل..
وفي هذه المناسبة أهديكم هذه السلسلة وهي بعض من كتاباتي التي أعيد نشرها هنا..
قبل وجودي أستهليته بحثكم على كتابة مذكرات حياتكم.. أنتم العظماء لا هم
.......................................................
بعض من تفاصيل حياتي
السلسلة الأولى
(1)
اكتبوا مذكراتكم وتاريخكم.. أنتم العظماء
اُكْتُبُوا مُذكِّراتِكمْ وسِيَرَكمْ، وتَجَارِبَكم، ومعاناتِكُمْ، وتاريخَكُمْ.. اكتبوا عمّا عِشتموه أو كنتم عليهِ شُهودٌ.. أنتم أوْلَى وأنْزَهُ مَنْ يكتبُ التَّاريخَ بموضُوعيَّةٍ تُقاربُ الحقيقة.. لا تدَعُوا المنتصرينَ يغتالونَ الحقيقةَ، ويُزيِّفُونَ الوعيَ، ويُفسدونَ التَّاريخَ والحياةَ، والهواءَ الذي تتنفسونه..
العظماءُ أنتُم لا هُمْ.. أنتُمُ الَّذينَ لا تُشعِلونَ الحُروبَ الضَّروسةَ، ولا تَصْنعُونَ المآسيَ العِراض، ولا تستبِدُّونَ على الشُّعوبِ، ولا تَنْهبونَها، ولا تُمارسونَ الطُّغيانَ أو بيْعَ الأوطانِ.. أنتم ضحايا الواقعِ الجَهم، والظُّلمِ المُسْتبِد، والاضطهادِ العنيف..
أنتُم أعظمُ مِن الّذينَ صنعَتْهُم الأموالُ القذرةُ وماكناتُ الإعلامِ والإعلانات الكاذبة، من صنعت شهرتهم وسائل الدِّعايةِ ومساحيق الزَّيف.. أنتُم أعظمُ مِن الّذينَ تَوالدوا مِنْ مخرجاتِ الحُروبِ الدميمةِ والخياناتِ الكبيرة.. أنتُم العطاءُ والجمالُ كلُّه، بكدِّكُم وبساطتِكُم، وأحلامِكُمُ الجميلةِ.. نحنُ بعض منكم، وإليكُم ننحازُ ونَنْتَمِي..
أنتُم أكبرُ مِنْ نُجومِيَّتِهمْ ومِنْ زَيفِهِم،ْ وخَوائهم الكبير.. رُبّما تخلّتْ عنكمُ الحظُوظُ والأقدار.. رُبّما الفارقُ أنّ الأقدارَ هي مَنْ دعمَتْهُم أو تواطأتْ معهُم، وفي المقابلِ خانتْكُم أو خذلَتْكُم، أو لم تأخذْ بأيدِيْكم كما فعلَتْ معَهُم.. ومع ذلك تَظلُّونَ أنتم العظماءُ الَّذينَ تَسْتحِقُّون كلَّ حبٍّ وتقديرٍ، واحترام..
عظمتُكُم أنّ حياتَكُم حافلةٌ بالكثيرِ مِنْ الكِفاحِ والعطاءِ، والضمير، فأزدتُموها عظمةً بِتواضعِكُم الجَم، ونُكرانِ ذواتِكم، فكنتم عظماءَ مجهولين أو مُغيّبين في حاضركم الذي عشتموه.. ومعَ هذا تُلحُّ الحاجةُ لمعرفةِ الكثيرِ مِمّا كان يجبُ أنْ يَعرِفُوه ويَعْلمُوه مَنْ جاء بعدِكُم، إنّه حقٌّ لهم عليكُم.. لا تنازلَ عنهُ ولا انتِقاصا مِنْهُ طَالَما كانَ بِإمْكانِكُم أنْ تؤدُّونَهُ أو تقُومُونَ بِه..
دوِّنوا ما لم تُدوِّنُوه.. اُكْتُبُوا عَمّا حاطَ بِكُم وما عِشْتُمُوهُ مِنْ تحدٍّ كبيرٍ ومعاناةٍ ثقيلةٍ.. اكتبوا عن أفراحِكُم وأحزانِكُم، وتجارِبِكُم، وتاريخِكُم وعَمّا فعلَتْهُ الحروبُ بِكُم، وكيف تآمرَ عليكم عالَمُ الرأس مال الباذخُ بالتوحش والقبح!! وكيف تعمَّدَ إفْنَاءَكُم قتلاً وجوعاً!! أناطَ بِكم الواجبُ اليومَ، أنْ تُساهِمُوا بجُهدٍ جهيدٍ في إعادةِ صياغةِ وعيِ مُجْتمعِكُم والأجيال القادمة.. ما أحوجَنا وأحوجَكم والأجيالَ إليه..
اُكْتبُوا تاريخَكُم قبلَ أنْ يزوِّرُوهُ أو يُفسدُوه.. إنّهُ تاريخٌ عظيمٌ يستحقُّ القراءةَ والإيْغالَ في الفَهْمِ، واسْتِكْناهَ العِظاتِ والعِبَرِ منه.. استحِثُّوا ما فيكم مِنْ عَظَمَةٍ وسُمُو، وعزَّةِ النفسِ دونَ أنْ تَبْخسُوا غيرَكُم إلّا بِقدرِ تعالِيهِ عليكُم، وما يكتظ به مِنْ أنانيَّةٍ وغُرورٍ، وخَوَاء.. كُونُوا كِباراً، ولنْ تكونوا كذلك إلّا بقدرِ انتمائكُم للإنسانِ والضميرِ والمستقبل..
اُكتبوا ما عِشتمُوهُ لِيهتديَ ويتّعِظَ مَنْ يأتي بعدَكم.. ستجدونَ فيهِ الكثيرَ ممّا يستحقُّ القراءةَ والإلهامَ والعِضةَ.. رُبّما حياتُكم أَوْلَى بالتّدوينِ والأهميّةِ مِنْ سيَرِ تلك الّتي زعَمَتْ الأقاويلَ إنهم عظماءُ وأفذاذٌ وقادةٌ كبار، وهم في الحقيقةِ مُجرّدُ سفاحين ومجرمينَ، وفاسدين.. نهابين ولصوصٌ.. قراصنة وقطَّاعُ طُرقٍ.. تجارُ رقيق نُصبت لهم التماثيل في الساحات العامة.. طغاةٌ ودجّالون.. مستعمِرون وحكّامٌ مستبدون..
أنتم العظماءُ لا هُم.. وربّما هُم الأصفارُ وأنتم الأرقامُ الّتي وضَعتْ لَهُم قيمةً ومكانةً دونَ أنْ تدروا أو تعلموا؛ فصيّرونَكم أتْباعاً وقِطْعانا وعبيدا منقادين.. وفي المقابلِ كثيرٌ من العُظماءِ باستحقاقٍ وجدارةٍ لم نسمعْ عنهُم، ولم تلتفتْ لهُم شُهرةٌ، وتَمَّ تجاهلُهُم، أو تغْييبُهم بِعمْديةٍ مستغرقةٍ، رُبّما بعضُها أو جلُّها جاءت من الّذينَ كانوا يَمْنعونها عنهم، بلْ ويمنعون أيضا على المجتمعِ العيشَ الكريمَ، ومعهُ الضوءَ والهواءَ إنْ استطاعوا..
كانت ولادتي في 16 فبراير 1962
تمنياتي أن تنتهي هذه الحرب وأن تكونوا في حال أفضل..
وفي هذه المناسبة أهديكم هذه السلسلة وهي بعض من كتاباتي التي أعيد نشرها هنا..
قبل وجودي أستهليته بحثكم على كتابة مذكرات حياتكم.. أنتم العظماء لا هم
.......................................................
بعض من تفاصيل حياتي
السلسلة الأولى
(1)
اكتبوا مذكراتكم وتاريخكم.. أنتم العظماء
اُكْتُبُوا مُذكِّراتِكمْ وسِيَرَكمْ، وتَجَارِبَكم، ومعاناتِكُمْ، وتاريخَكُمْ.. اكتبوا عمّا عِشتموه أو كنتم عليهِ شُهودٌ.. أنتم أوْلَى وأنْزَهُ مَنْ يكتبُ التَّاريخَ بموضُوعيَّةٍ تُقاربُ الحقيقة.. لا تدَعُوا المنتصرينَ يغتالونَ الحقيقةَ، ويُزيِّفُونَ الوعيَ، ويُفسدونَ التَّاريخَ والحياةَ، والهواءَ الذي تتنفسونه..
العظماءُ أنتُم لا هُمْ.. أنتُمُ الَّذينَ لا تُشعِلونَ الحُروبَ الضَّروسةَ، ولا تَصْنعُونَ المآسيَ العِراض، ولا تستبِدُّونَ على الشُّعوبِ، ولا تَنْهبونَها، ولا تُمارسونَ الطُّغيانَ أو بيْعَ الأوطانِ.. أنتم ضحايا الواقعِ الجَهم، والظُّلمِ المُسْتبِد، والاضطهادِ العنيف..
أنتُم أعظمُ مِن الّذينَ صنعَتْهُم الأموالُ القذرةُ وماكناتُ الإعلامِ والإعلانات الكاذبة، من صنعت شهرتهم وسائل الدِّعايةِ ومساحيق الزَّيف.. أنتُم أعظمُ مِن الّذينَ تَوالدوا مِنْ مخرجاتِ الحُروبِ الدميمةِ والخياناتِ الكبيرة.. أنتُم العطاءُ والجمالُ كلُّه، بكدِّكُم وبساطتِكُم، وأحلامِكُمُ الجميلةِ.. نحنُ بعض منكم، وإليكُم ننحازُ ونَنْتَمِي..
أنتُم أكبرُ مِنْ نُجومِيَّتِهمْ ومِنْ زَيفِهِم،ْ وخَوائهم الكبير.. رُبّما تخلّتْ عنكمُ الحظُوظُ والأقدار.. رُبّما الفارقُ أنّ الأقدارَ هي مَنْ دعمَتْهُم أو تواطأتْ معهُم، وفي المقابلِ خانتْكُم أو خذلَتْكُم، أو لم تأخذْ بأيدِيْكم كما فعلَتْ معَهُم.. ومع ذلك تَظلُّونَ أنتم العظماءُ الَّذينَ تَسْتحِقُّون كلَّ حبٍّ وتقديرٍ، واحترام..
عظمتُكُم أنّ حياتَكُم حافلةٌ بالكثيرِ مِنْ الكِفاحِ والعطاءِ، والضمير، فأزدتُموها عظمةً بِتواضعِكُم الجَم، ونُكرانِ ذواتِكم، فكنتم عظماءَ مجهولين أو مُغيّبين في حاضركم الذي عشتموه.. ومعَ هذا تُلحُّ الحاجةُ لمعرفةِ الكثيرِ مِمّا كان يجبُ أنْ يَعرِفُوه ويَعْلمُوه مَنْ جاء بعدِكُم، إنّه حقٌّ لهم عليكُم.. لا تنازلَ عنهُ ولا انتِقاصا مِنْهُ طَالَما كانَ بِإمْكانِكُم أنْ تؤدُّونَهُ أو تقُومُونَ بِه..
دوِّنوا ما لم تُدوِّنُوه.. اُكْتُبُوا عَمّا حاطَ بِكُم وما عِشْتُمُوهُ مِنْ تحدٍّ كبيرٍ ومعاناةٍ ثقيلةٍ.. اكتبوا عن أفراحِكُم وأحزانِكُم، وتجارِبِكُم، وتاريخِكُم وعَمّا فعلَتْهُ الحروبُ بِكُم، وكيف تآمرَ عليكم عالَمُ الرأس مال الباذخُ بالتوحش والقبح!! وكيف تعمَّدَ إفْنَاءَكُم قتلاً وجوعاً!! أناطَ بِكم الواجبُ اليومَ، أنْ تُساهِمُوا بجُهدٍ جهيدٍ في إعادةِ صياغةِ وعيِ مُجْتمعِكُم والأجيال القادمة.. ما أحوجَنا وأحوجَكم والأجيالَ إليه..
اُكْتبُوا تاريخَكُم قبلَ أنْ يزوِّرُوهُ أو يُفسدُوه.. إنّهُ تاريخٌ عظيمٌ يستحقُّ القراءةَ والإيْغالَ في الفَهْمِ، واسْتِكْناهَ العِظاتِ والعِبَرِ منه.. استحِثُّوا ما فيكم مِنْ عَظَمَةٍ وسُمُو، وعزَّةِ النفسِ دونَ أنْ تَبْخسُوا غيرَكُم إلّا بِقدرِ تعالِيهِ عليكُم، وما يكتظ به مِنْ أنانيَّةٍ وغُرورٍ، وخَوَاء.. كُونُوا كِباراً، ولنْ تكونوا كذلك إلّا بقدرِ انتمائكُم للإنسانِ والضميرِ والمستقبل..
اُكتبوا ما عِشتمُوهُ لِيهتديَ ويتّعِظَ مَنْ يأتي بعدَكم.. ستجدونَ فيهِ الكثيرَ ممّا يستحقُّ القراءةَ والإلهامَ والعِضةَ.. رُبّما حياتُكم أَوْلَى بالتّدوينِ والأهميّةِ مِنْ سيَرِ تلك الّتي زعَمَتْ الأقاويلَ إنهم عظماءُ وأفذاذٌ وقادةٌ كبار، وهم في الحقيقةِ مُجرّدُ سفاحين ومجرمينَ، وفاسدين.. نهابين ولصوصٌ.. قراصنة وقطَّاعُ طُرقٍ.. تجارُ رقيق نُصبت لهم التماثيل في الساحات العامة.. طغاةٌ ودجّالون.. مستعمِرون وحكّامٌ مستبدون..
أنتم العظماءُ لا هُم.. وربّما هُم الأصفارُ وأنتم الأرقامُ الّتي وضَعتْ لَهُم قيمةً ومكانةً دونَ أنْ تدروا أو تعلموا؛ فصيّرونَكم أتْباعاً وقِطْعانا وعبيدا منقادين.. وفي المقابلِ كثيرٌ من العُظماءِ باستحقاقٍ وجدارةٍ لم نسمعْ عنهُم، ولم تلتفتْ لهُم شُهرةٌ، وتَمَّ تجاهلُهُم، أو تغْييبُهم بِعمْديةٍ مستغرقةٍ، رُبّما بعضُها أو جلُّها جاءت من الّذينَ كانوا يَمْنعونها عنهم، بلْ ويمنعون أيضا على المجتمعِ العيشَ الكريمَ، ومعهُ الضوءَ والهواءَ إنْ استطاعوا..
كثيرونَ مِن العُظماءِ لَمْ يَنالوا حقَّهُم في التَّقديرِ الّذي يجبُ، أو لم يَصِلوا إلى المكانةِ الجديرين باستحقاقها، لِمَا أحاطتْ بهم مِنْ ظروفِ منعٍ وصَدٍّ، وابتلاءٍ، أو رُبّمَا لأنَّهم سَبِحوا ضدَّ التّيَّارِ الجارفِ في مَجْرَى النَّهرِ العنيد شديد الإنحدار، ورُبّما لأنَّ عظمتَهُم لم تصِلْ إليها الأضواءُ كما كان يُفْتَرِضُ، أو لأنّ العُظماءَ المُشْبعينَ بالحُرِّيةِ كانوا كِباراً لا يسقطون، ولا تَروقُهُمُ العُبُوديَّةُ والإذعانُ والنفاقُ، والِابْتذال..
عظماءُ كبارٌ وأبطالٌ ميامينُ لا نَسْمعُ عنْهُم. رُبَّما لأنَّه ليسَ لديْهِم ماكيناتُ إعلامٍ تساندُهُم وتُسَوِّقُهُم، وتَصْنعُ لهُم النُّجُوميَّةَ والشُّهْرةَ في عصرِ التّفاهةِ والتّافهين، ورُبّمَا لأنَّهُم عاشوا في بِيئةٍ طاردةٍ لهم ولآمالِهم، وأحلامِهم، وتطلُّعاتِهم، ولم تُعْطِهِمُ الحياةُ فُرصةً مُتساويةً لِلسِّباقِ مع غيرِهِم مِمَّن أحرزوا البُطولةَ، وهم في حقيقتِهِم خَواءٌ ومحضُ زَيْفٍ..
كونوا معَ العظماءِ والأبطالِ الميامينِ، عاشقيّ المجدِ الّذينَ رَاغمُوا الظّروفَ وواجهوا التَّحدياتِ، وعبروا النَّفقَ المُظلمَ والطويلَ إلى واجهةِ الكَوْنِ وعالَمِ النُّور.. كونوا مع هؤلاءِ العُظماءِ الّذينَ يَسْكنونَكُم أو يعيشونَ في دواخلِكُم دونَ خُيَلاءَ أو تعالٍ ونَرْجسيَّة..
أنصِفوا صُنَّاعَ المجدِ المُتوَارِينَ عن العَرْضِ، أو توارَوا عنْهُ خجلاً وحياءً، وتوَاضُعاً أو كانوا مِنْ ناكري الذَّات، أو خذلَتْهُمُ الأقدارُ، وابتلتْهم النُّحوسُ الكثيرةُ، ولم تُعْطِهِمُ الحياةُ فُرْصةً مُتساويةً معَ غيرِهِم.. انحازوا للمستقبلِ وللإنسانِ أينَمَا كان، وستكونون عظماءَ كباراَ بشهرةٍ أو دونَ شهرة..
*
(2)
قبل وجودي.. حيرةٌ وأسئلةُ..
لا أدري كيف كان مجيئي إلى هذا العالمِ الصاخبِ بالجلبةِ والضوضاءِ! المزدحمِ والمحتدمِ بالصراعِ والغضبِ والجنونِ.. المليءِ بالقتلِ والمظالمِ والبشاعاتِ.. عالمٍ يُنحرُ فيه حقَّ الحياةِ باسم الحياةِ، وتُصلب فيه العدالةُ باسمِ العدالةِ، وتغيب عنه المساواةُ في تكافؤ الفرصِ حدَّ العدمِ أغلب الأحيان!!
جبابرةٌ وطغاةٌ حكموا العالمَ ولا زالوا، بصيغةٍ أو بأخرى يحكمونه إلى اليومِ .. بنوا مجدهم الذي يتغنون به، على حساب دماءِ الشعوبِ المنهوبةِ، واستباحة كرامةِ الإنسانِ، وجوعهِ ووجعهِ وتبديد أحلامهِ ورجائه..
فقراءٌ وبسطاءٌ ومحرومون.. مخدوعون ومبتلون بلعنات الأقدارِ وسوءِ الطالع وعاثرِ الحظِ.
الحياةُ بالبر والبحر والجو كاسرةٌ ومتوحشةٌ، وممتلئةٌ بالظلمِ والألمِ والجنونِ..
عالمٌ تمَّ حكمُه ولا زال محكوما في الغالب بشريعة الغابِ، وشروط البقاء فيه، لازال للأقوى والأدهى والأمكر، وكثيرون ممن يسفكون الدمَ باسم الله، أو من أجلِ السلطة، أو من أجل أنانيةٍ مفرطةٍ ومستبدةٍ، وجشعٍ يزداد ويستمرُ ولا يتوقف.
*
كيف جئنا؟! هل وُجِدنا صدفةً أم ضرورة، أم هناك جوابٌ آخر، أم أنَّ الجوابَ سرٌّ عصيٌّ في عالم الغيبِ؟!
سؤالٌ يمكن أنْ يُكلِّفك حياتك وتُزهق روحك باسم الله والذود عنه.. هناك اسئلةٌ كثيرةٌ منطقيةٌ ومعرفيةٌ الإعلان عنها، أو البحث عن إجابة لها، ربما تزُج بك في صدام محتدم مع واقعك الثقيل والقاسي، أو تدفعك إلى المعتقلِ، أو تُودي بك إلى حتفك الأكيد، أو تُصيُّرك قربانا، وجسر عبورٍ لجاهل، يبحث عن الجنةِ والغفرانِ بإزهاق روحك؟!
يرى البعضُ أنَّ الحياةَ هي شقاءٌ وتعاسةٌ وعذابٌ للنفس.. وأنَّ الفوزَ بها إنَّما هو فوزٌ بالألمِ والنَّدم والوهمِ، وما يتصوره البعضُ خسرانا، يراه البعضُ الآخر تحرراً مسبقاً من آلام الحياةِ وأوجاعها ومشقَّاتِها التي لا تنتهي إلاّ بالموتِ.
فمثلما هي الحياة عند "راسل" هي المنافسة، وعند "نيتشه" هي القوة، وعند "بيكاسو" هي الفن، وعند "غاندي" هي الحُب، وعند "اينشتاين" هي المعرفة، وعند "ستيفن هوپكنز" هي الامل.. فإنها عند "دوستويفسكي" هي الجحيم، وعند "سقراط" الابتلاء، وعند "شوبنهاور" هي المعاناة..
***
في سباق الـ 300 مليون حيوان منوي، واحد فقط من يلقِّح البويضةَ، ويتخلَّق في رحم الأمِ، وما عدا ذلك يفنا ويموت. فإيُّهما المحظوظُ، هل من ظفر بالحياة أم من أدركه الموتُ والفناءُ؟!
الفيلسوف "إميل سيوران" يرى إن المحظوظين هم أولئك الذين لم يوصلوا إلى البويضةِ، أما التعساءِ فهم من وصلوا لها..
ويرى البعض أنَّ ارتقاءك بوعيك، وتراكم معرفتك، يزيد من جحيمك، ومعاناتك في الحياة.. فكافكا يقول: أول علامات بداية الفهمِ أنْ ترغب في الموتِ، وأنَّ الإفراطَ في الوعي وإدراك الأشياءِ اشدُ خطورة من المخدراتِ.. ويرى سيوران أنَّ الوعي لعنةٌ مزمنةٌ، وكارِثةٌ مهُولةٌ، ويؤكد دوستويفسكي إنَّ الإفراطَ في امتلاك الوعي علَّةٌ مرضيةٌ حقيقيةٌ وتامةٌ..
عظماءُ كبارٌ وأبطالٌ ميامينُ لا نَسْمعُ عنْهُم. رُبَّما لأنَّه ليسَ لديْهِم ماكيناتُ إعلامٍ تساندُهُم وتُسَوِّقُهُم، وتَصْنعُ لهُم النُّجُوميَّةَ والشُّهْرةَ في عصرِ التّفاهةِ والتّافهين، ورُبّمَا لأنَّهُم عاشوا في بِيئةٍ طاردةٍ لهم ولآمالِهم، وأحلامِهم، وتطلُّعاتِهم، ولم تُعْطِهِمُ الحياةُ فُرصةً مُتساويةً لِلسِّباقِ مع غيرِهِم مِمَّن أحرزوا البُطولةَ، وهم في حقيقتِهِم خَواءٌ ومحضُ زَيْفٍ..
كونوا معَ العظماءِ والأبطالِ الميامينِ، عاشقيّ المجدِ الّذينَ رَاغمُوا الظّروفَ وواجهوا التَّحدياتِ، وعبروا النَّفقَ المُظلمَ والطويلَ إلى واجهةِ الكَوْنِ وعالَمِ النُّور.. كونوا مع هؤلاءِ العُظماءِ الّذينَ يَسْكنونَكُم أو يعيشونَ في دواخلِكُم دونَ خُيَلاءَ أو تعالٍ ونَرْجسيَّة..
أنصِفوا صُنَّاعَ المجدِ المُتوَارِينَ عن العَرْضِ، أو توارَوا عنْهُ خجلاً وحياءً، وتوَاضُعاً أو كانوا مِنْ ناكري الذَّات، أو خذلَتْهُمُ الأقدارُ، وابتلتْهم النُّحوسُ الكثيرةُ، ولم تُعْطِهِمُ الحياةُ فُرْصةً مُتساويةً معَ غيرِهِم.. انحازوا للمستقبلِ وللإنسانِ أينَمَا كان، وستكونون عظماءَ كباراَ بشهرةٍ أو دونَ شهرة..
*
(2)
قبل وجودي.. حيرةٌ وأسئلةُ..
لا أدري كيف كان مجيئي إلى هذا العالمِ الصاخبِ بالجلبةِ والضوضاءِ! المزدحمِ والمحتدمِ بالصراعِ والغضبِ والجنونِ.. المليءِ بالقتلِ والمظالمِ والبشاعاتِ.. عالمٍ يُنحرُ فيه حقَّ الحياةِ باسم الحياةِ، وتُصلب فيه العدالةُ باسمِ العدالةِ، وتغيب عنه المساواةُ في تكافؤ الفرصِ حدَّ العدمِ أغلب الأحيان!!
جبابرةٌ وطغاةٌ حكموا العالمَ ولا زالوا، بصيغةٍ أو بأخرى يحكمونه إلى اليومِ .. بنوا مجدهم الذي يتغنون به، على حساب دماءِ الشعوبِ المنهوبةِ، واستباحة كرامةِ الإنسانِ، وجوعهِ ووجعهِ وتبديد أحلامهِ ورجائه..
فقراءٌ وبسطاءٌ ومحرومون.. مخدوعون ومبتلون بلعنات الأقدارِ وسوءِ الطالع وعاثرِ الحظِ.
الحياةُ بالبر والبحر والجو كاسرةٌ ومتوحشةٌ، وممتلئةٌ بالظلمِ والألمِ والجنونِ..
عالمٌ تمَّ حكمُه ولا زال محكوما في الغالب بشريعة الغابِ، وشروط البقاء فيه، لازال للأقوى والأدهى والأمكر، وكثيرون ممن يسفكون الدمَ باسم الله، أو من أجلِ السلطة، أو من أجل أنانيةٍ مفرطةٍ ومستبدةٍ، وجشعٍ يزداد ويستمرُ ولا يتوقف.
*
كيف جئنا؟! هل وُجِدنا صدفةً أم ضرورة، أم هناك جوابٌ آخر، أم أنَّ الجوابَ سرٌّ عصيٌّ في عالم الغيبِ؟!
سؤالٌ يمكن أنْ يُكلِّفك حياتك وتُزهق روحك باسم الله والذود عنه.. هناك اسئلةٌ كثيرةٌ منطقيةٌ ومعرفيةٌ الإعلان عنها، أو البحث عن إجابة لها، ربما تزُج بك في صدام محتدم مع واقعك الثقيل والقاسي، أو تدفعك إلى المعتقلِ، أو تُودي بك إلى حتفك الأكيد، أو تُصيُّرك قربانا، وجسر عبورٍ لجاهل، يبحث عن الجنةِ والغفرانِ بإزهاق روحك؟!
يرى البعضُ أنَّ الحياةَ هي شقاءٌ وتعاسةٌ وعذابٌ للنفس.. وأنَّ الفوزَ بها إنَّما هو فوزٌ بالألمِ والنَّدم والوهمِ، وما يتصوره البعضُ خسرانا، يراه البعضُ الآخر تحرراً مسبقاً من آلام الحياةِ وأوجاعها ومشقَّاتِها التي لا تنتهي إلاّ بالموتِ.
فمثلما هي الحياة عند "راسل" هي المنافسة، وعند "نيتشه" هي القوة، وعند "بيكاسو" هي الفن، وعند "غاندي" هي الحُب، وعند "اينشتاين" هي المعرفة، وعند "ستيفن هوپكنز" هي الامل.. فإنها عند "دوستويفسكي" هي الجحيم، وعند "سقراط" الابتلاء، وعند "شوبنهاور" هي المعاناة..
***
في سباق الـ 300 مليون حيوان منوي، واحد فقط من يلقِّح البويضةَ، ويتخلَّق في رحم الأمِ، وما عدا ذلك يفنا ويموت. فإيُّهما المحظوظُ، هل من ظفر بالحياة أم من أدركه الموتُ والفناءُ؟!
الفيلسوف "إميل سيوران" يرى إن المحظوظين هم أولئك الذين لم يوصلوا إلى البويضةِ، أما التعساءِ فهم من وصلوا لها..
ويرى البعض أنَّ ارتقاءك بوعيك، وتراكم معرفتك، يزيد من جحيمك، ومعاناتك في الحياة.. فكافكا يقول: أول علامات بداية الفهمِ أنْ ترغب في الموتِ، وأنَّ الإفراطَ في الوعي وإدراك الأشياءِ اشدُ خطورة من المخدراتِ.. ويرى سيوران أنَّ الوعي لعنةٌ مزمنةٌ، وكارِثةٌ مهُولةٌ، ويؤكد دوستويفسكي إنَّ الإفراطَ في امتلاك الوعي علَّةٌ مرضيةٌ حقيقيةٌ وتامةٌ..
*
نجاحُ الواحد في سباق الـ 300 مليون، هو الواحد الذي كان سبباً لوجود كل واحد منّا؟! وجودٌ لو حاكيناه ربما أختاره البعضُ على أمل، وربما رأى البعضُ في المجهولِ شك، ولا أمل في عالم مملؤ بالوهمِ والأكاذيبِ..
ربما رفض البعضُ هذا الوجود لو أُتيحت له الحرية و الإرادة في الاختيارِ.. الاختيارُ الذي يقوم بحسب فلسفة ورأي هؤلاء على إدراك عميق ومعرفةٍ مستفيضةٍ..
الأديبُ والكاتبُ الروسي الشهير "فيودور دوستويفسكي " يقول: لو كانت ولادتي مرهونة بإرادتي لرفضتُ الوجودَ في ظلِّ ظروفٍ ساخرةٍ إلى هذا الحد." وفي موضع آخر يقول: "أوليس من الجنونِ أن نأتي بأطفالٍ في ظل هذه الظروف الحقيرةِ."
الفيلسوف "اميل سيوران" يقول: "مِن أجل نشوة لا تتعدى تسع ثوانٍ ، يُولد إنسانٌ يشقى سبعين عاماً".. «اقترفتُ كل الجرائم باستثناء أن أكون أباً».
والشاعر والفيلسوف أبو العلاء المعري أوصى أن يكتبوا على قبره:
"هذا ما جناه عليَّ أبي ... وما جنيت على أحدِ"
فيما تبدو الحياةُ في نظر فرانس كافكا حرب: "حرب مع نفسك.. وحرب مع ظروفك.. وحرب مع الحمقى الذين خلقوا هذه الظروف".
فيما يرى أنطون تشيخوف أنَّه مع الموت ستكون أنت الرابحُ الأكبرُ، فلا حاجةَ للَّهث وراء الطعامِ ولا الشرابِ ولا حاجة لدفع الضرائب ولا حاجة ابداً للجدالِ مع الآخرين..
أمَّا الكاتبُ والأديبُ الأمريكي الساخر مارك توين فيقول: "يُولد الناسُ ليؤلِم بعضهم بعضا، ثم يموتون"
وسخر بعضهم من عبثيةِ الحياةِ كمثل الذي قال: خُلقتْ القطط لتأكل الفئران، وخُلقتْ الفئرانُ لتأكلها القطط.
وتساءل آخرون: إذا كنّا نعرف أنّ من يولد الآن، سيموت فيما بعد .. فلماذا تتركنا الطبيعةُ نواصل ارتكاب هذه الخطيئة؟!!..
*
كم هي الصدف التي أنتجتها أو حركَتها الضروراتُ في عملية طويلةٍ ومعقَدةٍ، وربما محيَرة حداً يفوق الخيال؟!
سلسلةُ طويلةُ من الصدف والضروراتِ لا تكُف ولا تتوقفُ، لا ندري بدايتها الأولى، ولا ندري إلى أين تسيرُ، ولا ندري أين ستنتهي إن وجد للأمرِ نهاية!
المكانُ لا يكُفُّ عن السير، والزمنُ يتسرمد للأبد، ومآلاتُ الكون غامضةٌ ومجهولةٌ.
ولكن لماذا من علِق منّا في رحمِ الأم، وتخلَّق تسعة أشهر، يخرج إلى واجهةِ الكونِ صارخا بالبكاءِ؟! هل هذا البكاء أو الصراخ إعلانُ وجود، أم هو رفضٌ واحتجاجٌ على هكذا وجود؟! هل هو فزعٌ من العالم أم خوفٌ من المجهولِ؟!
لماذا لا نخرج إلى واجهةِ الكون فرحين أو مقهقهين، أو حتى مبتسمين؟! لماذا المولودُ من بني البشر لا يستهلُّ حياته إلاّ بصرخةِ بكاءٍ حادةٍ؟! هل صرخةُ البكاء هذه هي تعبيرٌ عن رفضٍ لقدرٍ لم يخترْه هذا المولود، أو لم يكن لإرادته فيه شأنٌ أو خيارٌ؟!
يحاولُ أنْ يجيبَ الشاعرُ والكاتبُ المسرحي الإنجليزي وليام شكسبير بقوله ساخرا: "في لحظة الولادة نبكي؛ لأننا قادمون إلى مسرحٍ مكتظٍ بالحمقى".
بين صرخةِ الولادةِ وشهقةِ الموت عمرٌ مُثقلٌ بالمعاناةِ، وعَالَمٌ من المتاعبِ والأحزانِ، والأشياء، والتفاصيلِ.
عندما تتعثر خطاك على الدوامِ، ويلحقُ السوءُ بحظك كلعنةٍ لا تفارقك، وتخيب أمنياتُ حياتك، وتبطش بك الأقدارُ يميناً وشمالاً، وتصيرُ فريسةً للحرمانِ والمتاعب.. هل تكفرُ بنعمةِ مَنْ كانَ سبباً ومعجزةً في وجودك، أم تلعن تلك الصُدفة التي جلبت لك كلَّ ما هو تعيسٌ وخائبٌ؟!
*
أبي وأمي .. جدي وجدتي .. لولا هؤلاءِ لما أتيتُ إلى هذا الوجود، وكنتُ في حكم العدمِ.. وينطبقُ هذه على التراتُبياتِ كلّها.. إلى كلِّ الأجيال.. إلى الجذر الأول.. إلى الإنسان البدائي الأول على أي نحو كان.
ماذا لو أجهضتني أمي في بطنها، حالما كنت لا أعي، ولا أفقهُ شيئاً ولا أبالي بألم؟!
ماذا لو انتحرتُ يوماً، أسحقُ فيه أنانيَّتي، وغريزةً تتشبث بحياةٍ من جحيمٍ، أبقتني مثقلا بمعاناةٍ مؤلمةٍ، وآلامِ عمرٍ مُجهد، امتدَّ طويلاً حتى شارف على بلوغِ كهولته؟!!
وماذا نقول عمّا أسمَوه قتل الرحمةِ إشفاقا بصاحبه، وخلاصا من مرضٍ أدركهُ اليأسُ، وألمٌ يلسعُ كالنارِ، لا يُوقفه إلاّ عتقُ النفسِ وتحريرُها من محبسِها الجسدي الضيّق، والأشدِّ من محبسِ الحديدِ..؟!!
*
(3)
زواج "أمّي":
تزوجت "أمّي" مرتين قبل أبي.. كنتُ يومَها في حُكمِ العدمِ.. يبدو ذلك العدمُ حالَ مقارنتهِ بوجودي اللاحقِ خالياً من كلِّ شيء.. فراغٌ كبيرٌ، لا مكانَ له ولا زمان.. فراغٌ لا وعاءَ له ولا حدود.. ليس فيه همٌّ ولا معاناةٌ، ولا جحيمٌ.. لا يوجد فيه أيُّ مظهرٍ من مظاهرِ الإحساسِ، أو الوجود من أيِّ نوعٍ كان.. حالةٌ لا يمكن تصوُّرُها أو وصفها بغير العدم أو ما في حكمه..
لتجد مقاربةً لفهمِ عدمك، عليك إطلاقُ عنانِ وعيك، لتتصوَّرَ هذا العدم.. عليك أنْ تتخيَّلَ عدمَك إنْ كنتَ تَغرقُ في الخيالِ، والتفكيرِ العميقِ.. عليك أنْ تطلقَ الأسئلةَ في فضاءاتِ استكشاف الوجودِ واللاوجود..
نجاحُ الواحد في سباق الـ 300 مليون، هو الواحد الذي كان سبباً لوجود كل واحد منّا؟! وجودٌ لو حاكيناه ربما أختاره البعضُ على أمل، وربما رأى البعضُ في المجهولِ شك، ولا أمل في عالم مملؤ بالوهمِ والأكاذيبِ..
ربما رفض البعضُ هذا الوجود لو أُتيحت له الحرية و الإرادة في الاختيارِ.. الاختيارُ الذي يقوم بحسب فلسفة ورأي هؤلاء على إدراك عميق ومعرفةٍ مستفيضةٍ..
الأديبُ والكاتبُ الروسي الشهير "فيودور دوستويفسكي " يقول: لو كانت ولادتي مرهونة بإرادتي لرفضتُ الوجودَ في ظلِّ ظروفٍ ساخرةٍ إلى هذا الحد." وفي موضع آخر يقول: "أوليس من الجنونِ أن نأتي بأطفالٍ في ظل هذه الظروف الحقيرةِ."
الفيلسوف "اميل سيوران" يقول: "مِن أجل نشوة لا تتعدى تسع ثوانٍ ، يُولد إنسانٌ يشقى سبعين عاماً".. «اقترفتُ كل الجرائم باستثناء أن أكون أباً».
والشاعر والفيلسوف أبو العلاء المعري أوصى أن يكتبوا على قبره:
"هذا ما جناه عليَّ أبي ... وما جنيت على أحدِ"
فيما تبدو الحياةُ في نظر فرانس كافكا حرب: "حرب مع نفسك.. وحرب مع ظروفك.. وحرب مع الحمقى الذين خلقوا هذه الظروف".
فيما يرى أنطون تشيخوف أنَّه مع الموت ستكون أنت الرابحُ الأكبرُ، فلا حاجةَ للَّهث وراء الطعامِ ولا الشرابِ ولا حاجة لدفع الضرائب ولا حاجة ابداً للجدالِ مع الآخرين..
أمَّا الكاتبُ والأديبُ الأمريكي الساخر مارك توين فيقول: "يُولد الناسُ ليؤلِم بعضهم بعضا، ثم يموتون"
وسخر بعضهم من عبثيةِ الحياةِ كمثل الذي قال: خُلقتْ القطط لتأكل الفئران، وخُلقتْ الفئرانُ لتأكلها القطط.
وتساءل آخرون: إذا كنّا نعرف أنّ من يولد الآن، سيموت فيما بعد .. فلماذا تتركنا الطبيعةُ نواصل ارتكاب هذه الخطيئة؟!!..
*
كم هي الصدف التي أنتجتها أو حركَتها الضروراتُ في عملية طويلةٍ ومعقَدةٍ، وربما محيَرة حداً يفوق الخيال؟!
سلسلةُ طويلةُ من الصدف والضروراتِ لا تكُف ولا تتوقفُ، لا ندري بدايتها الأولى، ولا ندري إلى أين تسيرُ، ولا ندري أين ستنتهي إن وجد للأمرِ نهاية!
المكانُ لا يكُفُّ عن السير، والزمنُ يتسرمد للأبد، ومآلاتُ الكون غامضةٌ ومجهولةٌ.
ولكن لماذا من علِق منّا في رحمِ الأم، وتخلَّق تسعة أشهر، يخرج إلى واجهةِ الكونِ صارخا بالبكاءِ؟! هل هذا البكاء أو الصراخ إعلانُ وجود، أم هو رفضٌ واحتجاجٌ على هكذا وجود؟! هل هو فزعٌ من العالم أم خوفٌ من المجهولِ؟!
لماذا لا نخرج إلى واجهةِ الكون فرحين أو مقهقهين، أو حتى مبتسمين؟! لماذا المولودُ من بني البشر لا يستهلُّ حياته إلاّ بصرخةِ بكاءٍ حادةٍ؟! هل صرخةُ البكاء هذه هي تعبيرٌ عن رفضٍ لقدرٍ لم يخترْه هذا المولود، أو لم يكن لإرادته فيه شأنٌ أو خيارٌ؟!
يحاولُ أنْ يجيبَ الشاعرُ والكاتبُ المسرحي الإنجليزي وليام شكسبير بقوله ساخرا: "في لحظة الولادة نبكي؛ لأننا قادمون إلى مسرحٍ مكتظٍ بالحمقى".
بين صرخةِ الولادةِ وشهقةِ الموت عمرٌ مُثقلٌ بالمعاناةِ، وعَالَمٌ من المتاعبِ والأحزانِ، والأشياء، والتفاصيلِ.
عندما تتعثر خطاك على الدوامِ، ويلحقُ السوءُ بحظك كلعنةٍ لا تفارقك، وتخيب أمنياتُ حياتك، وتبطش بك الأقدارُ يميناً وشمالاً، وتصيرُ فريسةً للحرمانِ والمتاعب.. هل تكفرُ بنعمةِ مَنْ كانَ سبباً ومعجزةً في وجودك، أم تلعن تلك الصُدفة التي جلبت لك كلَّ ما هو تعيسٌ وخائبٌ؟!
*
أبي وأمي .. جدي وجدتي .. لولا هؤلاءِ لما أتيتُ إلى هذا الوجود، وكنتُ في حكم العدمِ.. وينطبقُ هذه على التراتُبياتِ كلّها.. إلى كلِّ الأجيال.. إلى الجذر الأول.. إلى الإنسان البدائي الأول على أي نحو كان.
ماذا لو أجهضتني أمي في بطنها، حالما كنت لا أعي، ولا أفقهُ شيئاً ولا أبالي بألم؟!
ماذا لو انتحرتُ يوماً، أسحقُ فيه أنانيَّتي، وغريزةً تتشبث بحياةٍ من جحيمٍ، أبقتني مثقلا بمعاناةٍ مؤلمةٍ، وآلامِ عمرٍ مُجهد، امتدَّ طويلاً حتى شارف على بلوغِ كهولته؟!!
وماذا نقول عمّا أسمَوه قتل الرحمةِ إشفاقا بصاحبه، وخلاصا من مرضٍ أدركهُ اليأسُ، وألمٌ يلسعُ كالنارِ، لا يُوقفه إلاّ عتقُ النفسِ وتحريرُها من محبسِها الجسدي الضيّق، والأشدِّ من محبسِ الحديدِ..؟!!
*
(3)
زواج "أمّي":
تزوجت "أمّي" مرتين قبل أبي.. كنتُ يومَها في حُكمِ العدمِ.. يبدو ذلك العدمُ حالَ مقارنتهِ بوجودي اللاحقِ خالياً من كلِّ شيء.. فراغٌ كبيرٌ، لا مكانَ له ولا زمان.. فراغٌ لا وعاءَ له ولا حدود.. ليس فيه همٌّ ولا معاناةٌ، ولا جحيمٌ.. لا يوجد فيه أيُّ مظهرٍ من مظاهرِ الإحساسِ، أو الوجود من أيِّ نوعٍ كان.. حالةٌ لا يمكن تصوُّرُها أو وصفها بغير العدم أو ما في حكمه..
لتجد مقاربةً لفهمِ عدمك، عليك إطلاقُ عنانِ وعيك، لتتصوَّرَ هذا العدم.. عليك أنْ تتخيَّلَ عدمَك إنْ كنتَ تَغرقُ في الخيالِ، والتفكيرِ العميقِ.. عليك أنْ تطلقَ الأسئلةَ في فضاءاتِ استكشاف الوجودِ واللاوجود..
اسأل وعيك إنْ كنت تعي: ماذا كنتَ قبلَ ألفِ عام؟! وماذا كان يعني لك هذا الكونُ قبلَ مليون سنة؟! وماذا كنت تعني لهذا العالم قبل هكذا تاريخ؟! حتى الصفر لو قارنته بك في ذلك اليوم، ستكون دونه إن كان للصفرِ دون..
زوج "أمّي" الأول:
أعودُ من هذا التِّيه في العدمِ واللاوجود، إلى الوجودِ، وما أنا بصددهِ هُنا..
كان زوجُ "أمي" الأول من أقاربها.. كان هذا الزواجُ على "أمي" باكرا، ولم يغادرْ عمرُ "أمي" عندَ عَقدِ هذا القران، سنَّ الطفولةِ الباكر.. كانت قاصرةٌ، وعمرها لم يتعدَّ في أفضل الأحوال الـ 12عاما، فيما الشابُ الَّذي تزوجها كان يَكبُرُها بأعوام..
استمرَّ زواجهما أربع سنوات، أو دونها، أو أزيد منها بقليلٍ، ولم تنجب "أمّي" من هذا الزواجِ الذي جاء ربَّما قبلَ طمثِها الأول بسنين، ومع ذلك لم اسمعْ من أمِّي يوما أنَّها ذمّت هذا الزواج، أو قدحتْ فيه، إمَّا لجهلها أو لرضاها، أولبقايا ذكرياتٍ وحنينٍ جميل تنزع إليه..
أراد زوجها أنْ يذهبَ بها معهُ إلى مدينة عدن، حيثُ يعملُ ويقيم، غيرَ أنَّ أبَ الزوج كانت له سلطةُ القرارالأولِ في الرفضِ أو القبول، وكان منه المنعُ والرفضُ جازما وحازما، وفرض على الزوجين خيارهُ هو لا سواه.. كانت سلطته الأبوية تتعدى إلى أكثر التفاصيلِ.. كان بإمكانهِ أنْ يتدخلَ ويعترض حتى على الهدايا التي يرسلها ابنه من عدن لزوجتهِ في القرية، وهو ما حدث، وكان باب لمشكلةٍ يوما تداعت..
كان على الزوجةِ رغمَ صِغَرِ سنّها، بذل ما في وسعها لخدمةِ أسرة الأب وطاعته، أمّا الابنُ فيجبُ أن يكون خاضعا ومطيعا، لا يُرد للأب أمرا، ولا له حقُّ أنْ يعترضَ أو يغالبَ إرادةِ والدهِ إذا ما شاءَ وأراد..
كان من المعيبِ، بل ومن المعصيةِ والعقوقِ أنْ يتصدَّى الابنُ لرغبةِ وسلطةِ أبيه، حتى وإنْ سحقَ الأبُ سعادةَ ابنهِ وحُبهِ لزوجته.. وبالمقابل كانت تتدخل سلطةُ أسرةِ الزوجةِ هي الأخرى، وبدعوى حمايةِ ابنتهم من تعسفِ أسرةِ الزوجِ، فتبدأ المقامرةُ بمصيرِ الزوجيةِ ومستقبلِها، وكثيرا ما كان يؤدّي هذا التدخلُ والتضادُ، إلى الطلاق والفراقِ الكبير..
تدخلتْ سلطةُ "أم أمّي" وكانت الأم ذو شخصيةٍ نافذة، وإرادةٍ قوية.. أخذت ابنتها إلى بيتها.. فيما الزوجين يُجهشانِ بالبكاء، لا يريدان طلاقا أو فراقا.. الاثنان يُجهشانِ بالبكاء، ويزيد من مرارة الحالِ، أنْ ليس لهما في مصيرِ زواجهما وحبِّهما حولا ولا قوةً، ولا يدَ لهما في وقف التداعي، وما تؤول إليه مقامرةُ أربابِ الأسر، وباحتدامِ الخلافِ بين أبِ الزوجِ وأمِّ الزوجةِ، وعدم الاكتراثِ والحفاظ على ما أمكن، خسر الحبُّ المغلوبُ بالطاعةِ والمقامرة، وأنتهي به المآلُ الى الُخُلع، والفراقِ إلى الأبد..
***
زوج "أمّي" الثاني:
تزوجتْ "أمي" للمرةِ الثانيةِ من منطقةٍ بعيدةٍ نسبيا، ومن غيرِ الأقارب.. ولكنْ هذا الزواجُ كان قصيرا وعابرا.. لم تمكث "أمّي" لدى هذا الزوجِ الطيبِ والكريم، غيرَ أسابيعٍ قليلةٍ، كان الحبُّ ناقصا، ومن طرف واحد، ولم يستطعْ سخاءُ الزوجِ وكرمِه، أن يسدَّ ما نقصَ من الحب الفاقدِ نصفُه..
لقد تم زفاف "أمّي" في زواجها الثاني، دون سابقِ معرفةٍ بمن أرادها للزواج، بل ودون أنْ تراه أو تُستشار، ودون أنْ يكونَ لها كلمةٌ في قبولٍ أو رفضٍ أو خيار.. لم تراه "أمي" إلا في ليلةِ الزفافِ.. كان الزواجُ بالنسبةِ لـ "أمي" ورُبّما للزوجِ أيضا، أشبهَ بالبختِ، وضربِ الحظ، واليانصيب..
يبدو أنَّ قلبَ "أمي" لم ينجذبْ لمن أختاره لها أهلُها، أو لمن كان له طلبُ اليدِ والاختيار.. ربما أخفق حظُّها، أو كان قلبُ "أمي" مُحبطا، أو معلَّقا في رجاءٍ يائس، أو ربما لازال بعضٌ من الحبِّ القديمِ ينبضُ بسرٍّ وكتمان.. فالأشياء التي نتركها مرغمين، نظل متعلقين بها، ونأبى مفارقتَها، وتظل في الذاكرة فترةً قد تطول وتمتد إلى الكهولةِ، ويظل الحنينُ إلى القديم يرفض أن يغادر أو يموت..
ما لبث عَقد هذا الزواج أن انفض وأدركه الفراقُ باكرا، ورغم أيامه القصيرة، إلا أنّه أدركه الحمل، ورُزقت "أمي" منه بنتا، والبنت أنثى في واقعنا الذكوري، يلزمها دفع كلفةٍ باهظةٍ، تستمر من الولادة حتى آخر العمرِ.. واقعٌ اجتماعيٌّ ثقيلٌ وظالمٌ، يحملها على أن تدفعَ ضريبةَ وجودِها وجعا وإرغاما، وانتقاصأ يدوم من الولادة حتى أرذل العمر، بل وتلاحقها عنصرية الذكور إلى الكفن والقبر، وحتى بعد أن يهال عليها الترابُ!.
لماذا على المرء أن يظل يتحمل نتيجةِ أخطاءِ غيرِه، وعلى هذا النحوِ من الكلفةِ الباهظةِ التي ترافقه حتى اللحظةِ الأخيرةِ من العمر، بل وتمتدُّ إلى تحتِ الترابِ؟! لماذا بني البشر ـ إن كان الأمر كذلك ـ يستمرون بتحمل نتيجة خطيئةٍ وأخطاءٍ لم تكن من صنعهم، أو لم يصنعوها هم؟!
لماذا الأبناءُ والأحفادُ يتحملون أخطاءِ وخطايا الأجدادِ البعاد؟!! لماذا على بني البشر أجمعين ـ إن كان هذا هو الحال ـ أن يتحملوا خطيئةَ أمِّنا حواء وأبونا آدم إلى آخر الزمانِ، إن كان للزمان آخر وختام؟!
زوج "أمّي" الأول:
أعودُ من هذا التِّيه في العدمِ واللاوجود، إلى الوجودِ، وما أنا بصددهِ هُنا..
كان زوجُ "أمي" الأول من أقاربها.. كان هذا الزواجُ على "أمي" باكرا، ولم يغادرْ عمرُ "أمي" عندَ عَقدِ هذا القران، سنَّ الطفولةِ الباكر.. كانت قاصرةٌ، وعمرها لم يتعدَّ في أفضل الأحوال الـ 12عاما، فيما الشابُ الَّذي تزوجها كان يَكبُرُها بأعوام..
استمرَّ زواجهما أربع سنوات، أو دونها، أو أزيد منها بقليلٍ، ولم تنجب "أمّي" من هذا الزواجِ الذي جاء ربَّما قبلَ طمثِها الأول بسنين، ومع ذلك لم اسمعْ من أمِّي يوما أنَّها ذمّت هذا الزواج، أو قدحتْ فيه، إمَّا لجهلها أو لرضاها، أولبقايا ذكرياتٍ وحنينٍ جميل تنزع إليه..
أراد زوجها أنْ يذهبَ بها معهُ إلى مدينة عدن، حيثُ يعملُ ويقيم، غيرَ أنَّ أبَ الزوج كانت له سلطةُ القرارالأولِ في الرفضِ أو القبول، وكان منه المنعُ والرفضُ جازما وحازما، وفرض على الزوجين خيارهُ هو لا سواه.. كانت سلطته الأبوية تتعدى إلى أكثر التفاصيلِ.. كان بإمكانهِ أنْ يتدخلَ ويعترض حتى على الهدايا التي يرسلها ابنه من عدن لزوجتهِ في القرية، وهو ما حدث، وكان باب لمشكلةٍ يوما تداعت..
كان على الزوجةِ رغمَ صِغَرِ سنّها، بذل ما في وسعها لخدمةِ أسرة الأب وطاعته، أمّا الابنُ فيجبُ أن يكون خاضعا ومطيعا، لا يُرد للأب أمرا، ولا له حقُّ أنْ يعترضَ أو يغالبَ إرادةِ والدهِ إذا ما شاءَ وأراد..
كان من المعيبِ، بل ومن المعصيةِ والعقوقِ أنْ يتصدَّى الابنُ لرغبةِ وسلطةِ أبيه، حتى وإنْ سحقَ الأبُ سعادةَ ابنهِ وحُبهِ لزوجته.. وبالمقابل كانت تتدخل سلطةُ أسرةِ الزوجةِ هي الأخرى، وبدعوى حمايةِ ابنتهم من تعسفِ أسرةِ الزوجِ، فتبدأ المقامرةُ بمصيرِ الزوجيةِ ومستقبلِها، وكثيرا ما كان يؤدّي هذا التدخلُ والتضادُ، إلى الطلاق والفراقِ الكبير..
تدخلتْ سلطةُ "أم أمّي" وكانت الأم ذو شخصيةٍ نافذة، وإرادةٍ قوية.. أخذت ابنتها إلى بيتها.. فيما الزوجين يُجهشانِ بالبكاء، لا يريدان طلاقا أو فراقا.. الاثنان يُجهشانِ بالبكاء، ويزيد من مرارة الحالِ، أنْ ليس لهما في مصيرِ زواجهما وحبِّهما حولا ولا قوةً، ولا يدَ لهما في وقف التداعي، وما تؤول إليه مقامرةُ أربابِ الأسر، وباحتدامِ الخلافِ بين أبِ الزوجِ وأمِّ الزوجةِ، وعدم الاكتراثِ والحفاظ على ما أمكن، خسر الحبُّ المغلوبُ بالطاعةِ والمقامرة، وأنتهي به المآلُ الى الُخُلع، والفراقِ إلى الأبد..
***
زوج "أمّي" الثاني:
تزوجتْ "أمي" للمرةِ الثانيةِ من منطقةٍ بعيدةٍ نسبيا، ومن غيرِ الأقارب.. ولكنْ هذا الزواجُ كان قصيرا وعابرا.. لم تمكث "أمّي" لدى هذا الزوجِ الطيبِ والكريم، غيرَ أسابيعٍ قليلةٍ، كان الحبُّ ناقصا، ومن طرف واحد، ولم يستطعْ سخاءُ الزوجِ وكرمِه، أن يسدَّ ما نقصَ من الحب الفاقدِ نصفُه..
لقد تم زفاف "أمّي" في زواجها الثاني، دون سابقِ معرفةٍ بمن أرادها للزواج، بل ودون أنْ تراه أو تُستشار، ودون أنْ يكونَ لها كلمةٌ في قبولٍ أو رفضٍ أو خيار.. لم تراه "أمي" إلا في ليلةِ الزفافِ.. كان الزواجُ بالنسبةِ لـ "أمي" ورُبّما للزوجِ أيضا، أشبهَ بالبختِ، وضربِ الحظ، واليانصيب..
يبدو أنَّ قلبَ "أمي" لم ينجذبْ لمن أختاره لها أهلُها، أو لمن كان له طلبُ اليدِ والاختيار.. ربما أخفق حظُّها، أو كان قلبُ "أمي" مُحبطا، أو معلَّقا في رجاءٍ يائس، أو ربما لازال بعضٌ من الحبِّ القديمِ ينبضُ بسرٍّ وكتمان.. فالأشياء التي نتركها مرغمين، نظل متعلقين بها، ونأبى مفارقتَها، وتظل في الذاكرة فترةً قد تطول وتمتد إلى الكهولةِ، ويظل الحنينُ إلى القديم يرفض أن يغادر أو يموت..
ما لبث عَقد هذا الزواج أن انفض وأدركه الفراقُ باكرا، ورغم أيامه القصيرة، إلا أنّه أدركه الحمل، ورُزقت "أمي" منه بنتا، والبنت أنثى في واقعنا الذكوري، يلزمها دفع كلفةٍ باهظةٍ، تستمر من الولادة حتى آخر العمرِ.. واقعٌ اجتماعيٌّ ثقيلٌ وظالمٌ، يحملها على أن تدفعَ ضريبةَ وجودِها وجعا وإرغاما، وانتقاصأ يدوم من الولادة حتى أرذل العمر، بل وتلاحقها عنصرية الذكور إلى الكفن والقبر، وحتى بعد أن يهال عليها الترابُ!.
لماذا على المرء أن يظل يتحمل نتيجةِ أخطاءِ غيرِه، وعلى هذا النحوِ من الكلفةِ الباهظةِ التي ترافقه حتى اللحظةِ الأخيرةِ من العمر، بل وتمتدُّ إلى تحتِ الترابِ؟! لماذا بني البشر ـ إن كان الأمر كذلك ـ يستمرون بتحمل نتيجة خطيئةٍ وأخطاءٍ لم تكن من صنعهم، أو لم يصنعوها هم؟!
لماذا الأبناءُ والأحفادُ يتحملون أخطاءِ وخطايا الأجدادِ البعاد؟!! لماذا على بني البشر أجمعين ـ إن كان هذا هو الحال ـ أن يتحملوا خطيئةَ أمِّنا حواء وأبونا آدم إلى آخر الزمانِ، إن كان للزمان آخر وختام؟!
أختي هذه بنقاء البلور وبساطةِ القديسين.. مستسلمةٌ للأقدار بصبر من ليس له حولا ولا قوة.. لازالت إلى اليوم تدفع ثمنِ أخطاءِ آخرين.. مستسلمةً لأقدار لم تصنعْها، ولم تشاركْ في صنعها، بل كانت ضحيتها المستمرة حتى يومنا هذا. عاشت طفولةً بائسة، وزُوجت وهي طفلةٌ لرجلٍ يكبُرها بحدود الثلاثين عاما.. أختي هذه إلى اليوم تتقاذفها الأقدارُ السيئة على غيرِ ما تريد... آخرُ نكبةٍ لها وآخر مُصابٍ جللٍ أصابها كان مقتلُ ولدها، في هذه الحرب اللعينة، والتي حُرمت حتى من راتبه الشهري، الذي تمّ الاستيلاءُ عليه من قبلِ أمراء الحرب، وأرباب الفسادِ، وتجار الحروبِ والأوطانِ.. حتى اسمها يبدو أنه قدرٌ مخادعٌ..
اسمها ليس على مسمى، ولم تجد هناء للهناء في حياتها وجوداً أو بقايا أثر.. حتى أسماؤنا بِتنا مخدوعين بها، يختارونها لنا؛ فنكتشف في آخر العمر، أنها كانت مجرد وهمٍ على وهمٍ، وسرابٍ فوق سراب.
*
زواج "أمي" من أبي:
كانت أمي لا تريد الزواج مرةً ثالثة.. أرادت أن تكتفي بالتفرغ لتربية ابنتها من الزوج الثاني.. ولكنْ تمّ إقناعها بالزواج للمرةِ الثالثة من قِبَلِ إخوانها، وإغرائها بوصف "أبي" ـ التي لا تعرفه ـ بالشهامةِ والمروءة والشرف، وتشجيعها على الزواج الآتي لإنجاب ولد..
قالوا لها: إنّ البنتَ لن تفيدكِ في حياتِك، إنّها ستكبر وستتزوج، وستكون هي تبكي وأنتِ تبكين معها، بينما الولد سيكون لك خيرٌ عائنٌ وساندٌ في حياتك، وضمانٌ لمستقبلك من قادم الأيامِ، وما قد تحمله لك من نوائبِ ومجهولِ..
كلٌّ له منطقهُ وحججهُ في ظل واقعٍ ملغومٍ، وغير آمنٍ للمرأة، وفيه للرجل على المرأة سلطةٌ عميقةٌ ومتجذِّرةٌ، وفي المحصلةِ كلمته عليها هي فصل الخطاب.. وليس لـ"حذام" قولٌ هنا، ولم تقطعْ "جهينة" قولَ كلِّ خطيب..
"أبي" شاهد "أمي" في الطريق، فعقد عزمه على الزواج بها.. تزوج "أبي" قبل "أمي" خمس نساء، تم تطليقهن باستثناء واحدةٍ بقت في عصمته، إنها أم أخي علي.. كان علي الولد الناجي الوحيد من الموت، والمتبقي لها، وظلت زوجةً لأبي حتى توفاها الأجل، وكانت أمي أمّا لسبعة ناجين بناتٍ وبنين، وكانت أمي مسكَ الختامِ..
عندما تزوجت أمي من أبي، إحدى النساء تُدعى "البقطة علّقت على هذا الزواج بقولها: "حنش مع محنوش" وكأنَّ لسانَ حالِها يقول: خيبتها على خيبته.. "جنِّي تزوج جنِّية".. تعدد زواج "أبي"، وتعدد أزواج "أمي"، فـ "أبي" سبق أن تزوج قبل "أمي" أربع زيجات، وأمي تزوجت قبل "أبي" اثنين وتلاهما "أبي" ثالثاً..
رُبما بدأ الأمرُ في نظر البعض تجاربَ فشلٍ متعددةٍ من الجانبين، ورُبما نظر البعضُ أنّ كليهما بات خبيرا في الفشل.. ورغم هذا وما قيل، صمد هذا الزواجُ إلى نهايةِ العمر، متحديا ومغالبا عواصفَ هوجاءَ وأحداثَ دهماء، ومصائبَ عظام، وما كان ليصمدَ من الزواجِ أعظمُه أمام واحدةٍ منها..
استمر هذا الزواجُ طويلا في صمودٍ اسطوري ندر مثلُه.. زواجٌ اشبه بزواجِ البحرِ والجبل.. عراك دائم مدّاً وجزرا.. ضجيجٌ مستمرٌ لا يقرُّ ولا يستكين، ولكنه لم يتخلّ أو يُدرْ احدٌهما ظهره للآخر في قطيعةٍ تدوم.. عظمةُ هذا الزواجِ هو صمودُه الخرافي، واستمرارُه مقاوما كلَّ عواملِ الفراقِ والانفصال، ودون أن يستسلم أمام أيِّ صدامٍ أو احتدام.. لم يستسلم لعاملٍ أو طارئ، وإنْ كان بحجم كارثة، ولم يهتزْ بجزعٍ أو هلع، أو بقطع رِجْلٍ ويد، بل لم ينته إلا بالموت مسكا للختام..
أمّا أنا فكنتُ الجامعُ والمشتِركُ الذي ظلَّ يمنح الصبر والبقاء، والرقمُ الذي رفض أنْ يخرجَ من حسابِ المعادلة بينهما.. أنا الولدُ الغائبُ الذي حضر بعد انتظار، وسبق أن تحدثوا عنه أخوالي، قبل عَقد قرانِ "أمي" على "أبي".. أنا الذي سيكونُ في حياةِ أمّي ضماناً لمستقبلها في قادمِ الأيام، وما قد تحملهُ من نوائبَ ومجهول.. وكنت لها هذا الضمان، بل والوجود كلُّه..
*
اسمها ليس على مسمى، ولم تجد هناء للهناء في حياتها وجوداً أو بقايا أثر.. حتى أسماؤنا بِتنا مخدوعين بها، يختارونها لنا؛ فنكتشف في آخر العمر، أنها كانت مجرد وهمٍ على وهمٍ، وسرابٍ فوق سراب.
*
زواج "أمي" من أبي:
كانت أمي لا تريد الزواج مرةً ثالثة.. أرادت أن تكتفي بالتفرغ لتربية ابنتها من الزوج الثاني.. ولكنْ تمّ إقناعها بالزواج للمرةِ الثالثة من قِبَلِ إخوانها، وإغرائها بوصف "أبي" ـ التي لا تعرفه ـ بالشهامةِ والمروءة والشرف، وتشجيعها على الزواج الآتي لإنجاب ولد..
قالوا لها: إنّ البنتَ لن تفيدكِ في حياتِك، إنّها ستكبر وستتزوج، وستكون هي تبكي وأنتِ تبكين معها، بينما الولد سيكون لك خيرٌ عائنٌ وساندٌ في حياتك، وضمانٌ لمستقبلك من قادم الأيامِ، وما قد تحمله لك من نوائبِ ومجهولِ..
كلٌّ له منطقهُ وحججهُ في ظل واقعٍ ملغومٍ، وغير آمنٍ للمرأة، وفيه للرجل على المرأة سلطةٌ عميقةٌ ومتجذِّرةٌ، وفي المحصلةِ كلمته عليها هي فصل الخطاب.. وليس لـ"حذام" قولٌ هنا، ولم تقطعْ "جهينة" قولَ كلِّ خطيب..
"أبي" شاهد "أمي" في الطريق، فعقد عزمه على الزواج بها.. تزوج "أبي" قبل "أمي" خمس نساء، تم تطليقهن باستثناء واحدةٍ بقت في عصمته، إنها أم أخي علي.. كان علي الولد الناجي الوحيد من الموت، والمتبقي لها، وظلت زوجةً لأبي حتى توفاها الأجل، وكانت أمي أمّا لسبعة ناجين بناتٍ وبنين، وكانت أمي مسكَ الختامِ..
عندما تزوجت أمي من أبي، إحدى النساء تُدعى "البقطة علّقت على هذا الزواج بقولها: "حنش مع محنوش" وكأنَّ لسانَ حالِها يقول: خيبتها على خيبته.. "جنِّي تزوج جنِّية".. تعدد زواج "أبي"، وتعدد أزواج "أمي"، فـ "أبي" سبق أن تزوج قبل "أمي" أربع زيجات، وأمي تزوجت قبل "أبي" اثنين وتلاهما "أبي" ثالثاً..
رُبما بدأ الأمرُ في نظر البعض تجاربَ فشلٍ متعددةٍ من الجانبين، ورُبما نظر البعضُ أنّ كليهما بات خبيرا في الفشل.. ورغم هذا وما قيل، صمد هذا الزواجُ إلى نهايةِ العمر، متحديا ومغالبا عواصفَ هوجاءَ وأحداثَ دهماء، ومصائبَ عظام، وما كان ليصمدَ من الزواجِ أعظمُه أمام واحدةٍ منها..
استمر هذا الزواجُ طويلا في صمودٍ اسطوري ندر مثلُه.. زواجٌ اشبه بزواجِ البحرِ والجبل.. عراك دائم مدّاً وجزرا.. ضجيجٌ مستمرٌ لا يقرُّ ولا يستكين، ولكنه لم يتخلّ أو يُدرْ احدٌهما ظهره للآخر في قطيعةٍ تدوم.. عظمةُ هذا الزواجِ هو صمودُه الخرافي، واستمرارُه مقاوما كلَّ عواملِ الفراقِ والانفصال، ودون أن يستسلم أمام أيِّ صدامٍ أو احتدام.. لم يستسلم لعاملٍ أو طارئ، وإنْ كان بحجم كارثة، ولم يهتزْ بجزعٍ أو هلع، أو بقطع رِجْلٍ ويد، بل لم ينته إلا بالموت مسكا للختام..
أمّا أنا فكنتُ الجامعُ والمشتِركُ الذي ظلَّ يمنح الصبر والبقاء، والرقمُ الذي رفض أنْ يخرجَ من حسابِ المعادلة بينهما.. أنا الولدُ الغائبُ الذي حضر بعد انتظار، وسبق أن تحدثوا عنه أخوالي، قبل عَقد قرانِ "أمي" على "أبي".. أنا الذي سيكونُ في حياةِ أمّي ضماناً لمستقبلها في قادمِ الأيام، وما قد تحملهُ من نوائبَ ومجهول.. وكنت لها هذا الضمان، بل والوجود كلُّه..
*
غدا من المقرر ان تأتي حكومة "الإنقاذ" الى "مجلس النواب" في صنعاء.. سأسلم نسخة من اسئلتكم وملاحظاتكم الى "رئيس الوزراء" يدا بيد..
ما هي الثلاثين الالف وما هي المائة؟!!
إنها اقل من صدقة في عهد السوق السوداء التي تعتاش على نزيفنا اليومي..
إنهم يستبخسوننا ويوغلون في اذلالنا
إنها اقل من صدقة في عهد السوق السوداء التي تعتاش على نزيفنا اليومي..
إنهم يستبخسوننا ويوغلون في اذلالنا
عندما يكون المعلم في مدارس التربية والتعليم يعمل بلا راتب ولا غذاء
والمعلم في المدارس الاهلية يستلم ٣٠ الف ريال فقط نكون قد انتقلنا الى مرحلة اسوأ من الإذلال والعبودية
والمعلم في المدارس الاهلية يستلم ٣٠ الف ريال فقط نكون قد انتقلنا الى مرحلة اسوأ من الإذلال والعبودية
السلطة التي تطلب منها حقك
وكأنك تطلب منها قلع عينها
هي سلطة مستبدة وسادية ليس لها علاقة بمصالح وحقوق الناس
وكأنك تطلب منها قلع عينها
هي سلطة مستبدة وسادية ليس لها علاقة بمصالح وحقوق الناس
لا يبقون لك حق وإن ابقوه لك فيبقوه تحت مسمى آخر لينزعوه منك متى ارادوا وليبتزونك ويذلونك به
انظروا لهذا "الحوثي" الذي لا يستحي اسمه Mohammed Abbas
يقول ما قاله لنتخلى عن مطالب الناس..
لن نتخلى عن الناس ولا عن مطالبهم العادلة..
لن نتازل عن حقوقنا التي تمنون علينا بها وقد صارت صدقة وتريدوها أن تكون رشوه لنسكت عن مطالب الناس..
بلد نهبتم مواردها وتمنون علينا بفتاتها
انتم لستم كرما لتعطونا هذا المبلغ حتى يوم القيامه..
انتم لا تكرمونا إلا بابتزازكم الباذخ...
أنتم تعطون قليل القليل مقابل وطن تصادروه كل يوم ومواطنة نُحرم من حقها وقد صرنا مواطنين من الدرجة العاشرة..
اصرفوا الرواتب بدلا من أن تريدون اسكاتنا عن المطالبة بحقوق الموظفين والمعلمين والقضاة التي تنهبونها..
يريدوا أن يقولوا لنا "كل سلتة واسكت"..
ونحن نقول لهم:
لن نسكت وأنتم تأكلون رواتب الناس وأكبادهم
...........................
Mohammed Abbas:
وعندما يتقاضى عضو مجلس النواب الذي يعتبر ممثل للشعب راتب وحوافز تصل الى 2 مليون ريال يصبح ممثل على الشعب وليس ممثلاً له.. يعني زيك بالضبط
يقول ما قاله لنتخلى عن مطالب الناس..
لن نتخلى عن الناس ولا عن مطالبهم العادلة..
لن نتازل عن حقوقنا التي تمنون علينا بها وقد صارت صدقة وتريدوها أن تكون رشوه لنسكت عن مطالب الناس..
بلد نهبتم مواردها وتمنون علينا بفتاتها
انتم لستم كرما لتعطونا هذا المبلغ حتى يوم القيامه..
انتم لا تكرمونا إلا بابتزازكم الباذخ...
أنتم تعطون قليل القليل مقابل وطن تصادروه كل يوم ومواطنة نُحرم من حقها وقد صرنا مواطنين من الدرجة العاشرة..
اصرفوا الرواتب بدلا من أن تريدون اسكاتنا عن المطالبة بحقوق الموظفين والمعلمين والقضاة التي تنهبونها..
يريدوا أن يقولوا لنا "كل سلتة واسكت"..
ونحن نقول لهم:
لن نسكت وأنتم تأكلون رواتب الناس وأكبادهم
...........................
Mohammed Abbas:
وعندما يتقاضى عضو مجلس النواب الذي يعتبر ممثل للشعب راتب وحوافز تصل الى 2 مليون ريال يصبح ممثل على الشعب وليس ممثلاً له.. يعني زيك بالضبط
ابلغونا امس ان نكون جاهزين الحكومة ستحضر واليوم ابلغونا ان الوزراء المطلوبين اعتذروا وان الحكومة ستحضر الاسبوع القادم
ابلغنا اليوم رئيس مجلس نواب صنعاء في الجلسة أنه يوجد تفهم لدى القيادة السياسيةبشأن اعادة النظر بأحكام الإعدام الصادرة ضد اعضاء في المجلس.. ولم يتطرق الى ممتلكاتهم
(1)
عندما تحول مبالغ مالية بالريال من صنعاء إلى عدن يفترض أن يتم اضافة الفارق الـ 50% إلى المبالغ المالية المحولة لصالح المرسل، ولكن هذا لا يحدث في الواقع خلافا لكل قوانين الاقتصاد لو أفترضنا إننا قد صرنا في دويلات العملتين..
لصالح من يذهب هذا الفارق
هل لصالح الصراف
أم لصالح سلطة الأمر الواقع في صنعاء
الذي يفترض إن السلطة تحمي مواطنيها من الصرافين
والمنطقي أكثر إن السلطة في صنعاء باتت تتخلى عن حماية رعايها مقابل نسبة كبيرة تحصل عليه من الصرافين تحصل على نصيب الأسد ويربح الصراف..
هكذا تجتمع على كواهلنا نحن المواطنين توحش السلطة التي تتخلى عنّا لصالح الراسمال مقابل ما تحصل عليه وهي حصة الأسد..
السلطة والصرافين يتقاسمون التوحش والفوارق ويستغلون الحرب على نحو أكثر بشاعة من الحرب نفسها..
إننا نعيش سلطة متوحشة وراسمال شريك في التوحش ومواطن يدفع الثمن وحده.
جميعهم مرعبين ونحن صرنا نعيش حرب على حرب
هذا وجه واحد من المسألة والوجه الأخر يفوق هذا الوجه بأضعاف من البشاعة
كيف لحرب أن تنتهي وأصحابها يحصدون كل هذا المال.
عندما تحول مبالغ مالية بالريال من صنعاء إلى عدن يفترض أن يتم اضافة الفارق الـ 50% إلى المبالغ المالية المحولة لصالح المرسل، ولكن هذا لا يحدث في الواقع خلافا لكل قوانين الاقتصاد لو أفترضنا إننا قد صرنا في دويلات العملتين..
لصالح من يذهب هذا الفارق
هل لصالح الصراف
أم لصالح سلطة الأمر الواقع في صنعاء
الذي يفترض إن السلطة تحمي مواطنيها من الصرافين
والمنطقي أكثر إن السلطة في صنعاء باتت تتخلى عن حماية رعايها مقابل نسبة كبيرة تحصل عليه من الصرافين تحصل على نصيب الأسد ويربح الصراف..
هكذا تجتمع على كواهلنا نحن المواطنين توحش السلطة التي تتخلى عنّا لصالح الراسمال مقابل ما تحصل عليه وهي حصة الأسد..
السلطة والصرافين يتقاسمون التوحش والفوارق ويستغلون الحرب على نحو أكثر بشاعة من الحرب نفسها..
إننا نعيش سلطة متوحشة وراسمال شريك في التوحش ومواطن يدفع الثمن وحده.
جميعهم مرعبين ونحن صرنا نعيش حرب على حرب
هذا وجه واحد من المسألة والوجه الأخر يفوق هذا الوجه بأضعاف من البشاعة
كيف لحرب أن تنتهي وأصحابها يحصدون كل هذا المال.
👍1
(2)
السلطة التي تسمي نفسها بالشرعية تطبع العملة دون تغطية وبالتالي تتدهور القدرة الشرائية للريال والمواطن وحده هو من يدفع قيمة هذا التدهور من لقمة عيشه وقد غدا راتبه يتلاشى على الدوام إلى زوال وانقراض.
عندما يتم إرسال تلك المرتبات للنازحين ومحافظات الشمال نلاحظ أن الريال القعيطي ينهار وتزداد عمولة الحولات لتصل إلى 50% والتي يستولي عليها الصرافين والسلطة هناك ويتم مقاسمة راتب الموظف في عيشه المنهك أصلا..
سلطات مرعبة تعتاش على محنة شعبها وراس مال مستفيد من هذه المحنة ويبحث عن مزيد من المحن فيما الشعب وحده كان في الجنوب أو الشمال يدفع الثمن نصف قوته لصالح سلطات الأمر الواقع هناك ومعها الصرافين ..
وهؤلاء الطرفين ليس من مصلحتهم أن تنتهي الحرب لأنهم يربحون فيها على نحو يفوق التصور..
المواطن وحده من ينزف ويستمر في نزيفه وموته البطيء.
السلطة التي تسمي نفسها بالشرعية تطبع العملة دون تغطية وبالتالي تتدهور القدرة الشرائية للريال والمواطن وحده هو من يدفع قيمة هذا التدهور من لقمة عيشه وقد غدا راتبه يتلاشى على الدوام إلى زوال وانقراض.
عندما يتم إرسال تلك المرتبات للنازحين ومحافظات الشمال نلاحظ أن الريال القعيطي ينهار وتزداد عمولة الحولات لتصل إلى 50% والتي يستولي عليها الصرافين والسلطة هناك ويتم مقاسمة راتب الموظف في عيشه المنهك أصلا..
سلطات مرعبة تعتاش على محنة شعبها وراس مال مستفيد من هذه المحنة ويبحث عن مزيد من المحن فيما الشعب وحده كان في الجنوب أو الشمال يدفع الثمن نصف قوته لصالح سلطات الأمر الواقع هناك ومعها الصرافين ..
وهؤلاء الطرفين ليس من مصلحتهم أن تنتهي الحرب لأنهم يربحون فيها على نحو يفوق التصور..
المواطن وحده من ينزف ويستمر في نزيفه وموته البطيء.
(3)
كان سعر الدولار 250 ريال
واليوم صار في عدن 900 ريال وفي صنعاء بحدود 600 ريال
هذا الفارق المضاعف من دفعه؟!
دفعه المواطن وحده من القدرة الشرائية لراتبه الذي ظل يتلاشى ولم تدفع سلطات الحرب شيئا بل ظلت تربح وتستغل معاناة المواطن اليمني.. وأكثر من ذلك تقطع الرواتب وتتحلل من مسؤولية إلتزامها بدفعها فيما الجبايات تزداد وتتكاثر تحت ألف مسمى..
سلطات الحرب استفادت هنا أو هناك من هذا التدهور المعيشي للمواطن، بل وأيضا وجدت محاطب الحرب في مساحة الفقر الذي يتسع.
سلطات الأمر الواقع على مختلف مسمياتها تتربح من الحرب وتستفيد من إطالتها، وطالما هي تستفيد من الرواتب المقطوعة ومن فارق الصرف والتدهور المعيشي المستمر للمواطن، فالحرب ستستمر لأنها مربحة جدا..
كان سعر الدولار 250 ريال
واليوم صار في عدن 900 ريال وفي صنعاء بحدود 600 ريال
هذا الفارق المضاعف من دفعه؟!
دفعه المواطن وحده من القدرة الشرائية لراتبه الذي ظل يتلاشى ولم تدفع سلطات الحرب شيئا بل ظلت تربح وتستغل معاناة المواطن اليمني.. وأكثر من ذلك تقطع الرواتب وتتحلل من مسؤولية إلتزامها بدفعها فيما الجبايات تزداد وتتكاثر تحت ألف مسمى..
سلطات الحرب استفادت هنا أو هناك من هذا التدهور المعيشي للمواطن، بل وأيضا وجدت محاطب الحرب في مساحة الفقر الذي يتسع.
سلطات الأمر الواقع على مختلف مسمياتها تتربح من الحرب وتستفيد من إطالتها، وطالما هي تستفيد من الرواتب المقطوعة ومن فارق الصرف والتدهور المعيشي المستمر للمواطن، فالحرب ستستمر لأنها مربحة جدا..