وشاهدا على قبح الفعل وإجرام صاحبه..
ملابس عسكرية ومدنية عليها الدماء مرمية على الأرض.. رائحة الدم كانت لا تزال نفاثة.. الممرات تحكي إن الموت مر من هنا.. الموت صال وجال وعبث هنا وهناك .. الوحشة تسكن الأمكنة والزوايا .. والمجازر قابلتها مجازر من الطرف الآخر، أغلبها كان بدافع الانتقام، دون أن يخلوا هذا من طابعه المناطقي، واكتظت الأرض بالضحايا..
الملازم علوان من أبناء محافظة إب كان في نفس سريتي وأيضا جاري في السكن بعدن وهو من خريجي الكلية العسكرية الدفعة الحادية عشر .. أصيب بطلقة في خاصرته عند محاولة الهرب من مصير أكيد وموت محقق لا يفصله عنه غير ساعة زمن أو أقل من ساعة.. نجا بأعجوبة ..
جاء في روايته إن لم تخنِّ الذاكرة:
((أخذونا من السجن مليان بابور بعد أن ربطوا أيدينا إلى الخلف وجميعنا من أبنا الشمال ويافع والضالع وردفان.. كنت أشعر أنهم يريدون تصفيتنا، وكنت أحك الحبل الذي يقيد كفاي إلى نتوء في البابور .. وكان الوقت ليلا والظلام دامس ..
في الطريق تأكدت أنه سيتم تصفيتنا في وادي حسان.. وبعد جهد جهيد استطعت أن أمزق وثاقي بذلك النتوء الذي ظللت أحك وثاقي به خلال مسافة الطريق.. كان بعض الزملاء بعد أن عرفوا وجهتهم وإن الموت صار قريب، بعضهم كان يبكي وبعضهم يترجى..
أحد الضباط اسمه نصر من أبناء ردفان، وكان كما عرفته يغلب عليه حسن النية، بعد أن أدرك أنه ذاهبين به إلى وادي حسان، وإن هناك الموت ينتظرهم هناك، طلب منهم التفاوض وهو يضطرب.. كان أشبه بغريق يحاول الإمساك بقشة.. ولكنهم سخروا منه ومن طلبه.. الضابط نصر واحد من الطيبين الذين لا يعيرون بالا للساسة والسياسة..
الكلام لا زال لعلوان: أنا الوحيد الذي استطعت تمزيق رباطي والقفز من فوق البابور، فتداركوني بإطلاق النار وأصبت برصاصة في خاصرتي، وثانية في يدي، وكان الظلام كثيف، واستمريت بالركض وأنا أنزف ولم يستطيعوا اللحاق بي وقد ساعدني الظلام على الهروب.. عصبت جرحي بقميصي، وأمضيت ساعات طويلة في الركض، وأنا أنزف في الصحراء، حتى وصلت إلى منطقة العلم بين عدن وأبين، وهناك أغمي عليّ حتى وجدتني قوات الاتجاه الآخر فتم إسعافي ونجاة حياتي..))
هناك روايات فاجعة كثيرة .. زميلي الملازم أول الحياني قائد فصيلة في سرية الاستطلاع في اللواء كان ضمن آخرين محشورين في محبس، بلغ عددهم فيه أكثر من ثلاثين ضابط وجندي وصف.. تم إطلاق النار الكثيف عليهم، وقد أصيب الحياني بالرصاص، ولكن لم يمت.. فجاء أحدهم ورمى بقنبلة إلى الغرفة لتقضي على من نجاء من الرصاص ليقضي نحبه بقنبلة..
***
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
(11)
خراب على خراب
بعد تاريخ 20 يناير 1986على الأرجح، صعدت باصا للركاب من كريتر باتجاه خور مكسر، وعلى طريق ساحل أبين صعد إلى الباص ثلاثة من طلبة الكلية العسكرية، يبحثون عن بطائق الهوية، وعندما اتموا التحقق من الهويات، أعتذر أحدهم بالقول: “آسفين نحن نبحث عن أصحاب شبوة وأبين”..
كان للتعبئة المناطقية والجهوية دورا مهما في النتائج الكارثية لأحداث 13يناير.. كنت أسأل نفسي كيف لفضاء الأممية أن يصغر ويضيق إلى هذا الحد؟! لماذا تلك النخب أعدمت فضاء كان يمتد من أقصى الأرض إلى أدناها، واستبدلته بعصبيات تصغر وتضيق، حتى بات أكبرها أصغر من قُطر عقلة أصبع!..
لقد كانت التصفيات والاعتقالات في المقام الأول تتم بحسب بطاقة الهوية.. كانت الهوية هي المحور والأساس.. أيام عصيبة صار فيها الاعتقال والموت يختار ضحاياه بحسب البطاقة أو المحافظة والمنطقة..
تم تصفية كثير من رفاقي وزملائي في لواء الوحدة لاعتبارات الانتماء الجغرافي في المقام الأول.. تم استهداف من ينتمي جغرافيا إلى الشمال، ومناطق الضالع وردفان ويافع، وتم التنفيذ بطريقة مروعة.. وفي المقابل حدثت أفعال انتقامية من الطرف الآخر لا تقل مأساة وترويع عمّا أرتكبه الفريق الأول.. لقد أبكت تلك الأحداث السماء دما..
لماذا تم إعدام رفيقي محمد عبدالله العفريت، وجمال محمد عبدالله، وعبده مانع الصعدي، ومحمد عايض الحنشلي، وأحمد حسين الرباط و والريمي ومحمد صالح محمد "عبود"، وهذا الأخير لم يمضِ على توزيعه على قوة اللواء غير ليلة واحدة من 13 يناير؟!!
لماذا تم إعدام المساعد عبده علي، والمساعد حسن ابراهيم، والمساعد البرح وجميعهم من أبناء الشمال؟!! لماذا تم تصفية صديقي محمود سالم من يافع معربان، والملازم الطيب نصر من ردفان، والملازم النقي الحياني من إب، والأخ زيد، وأخاه الطيب النقي علوان الذبحاني، والعشرات من أمثالهم؟!!
لماذا قتلوا عثمان.. الفنان عثمان أرق من نسمة.. الفنان عثمان الصوت الطالع من أعماق الروح.. لماذا أعدموه؟! هذا الذي غنّى للشاعر السوري أيمن أبو الشعر بلحن وصوت شجي وعميق:
علمني بوح جدار السجن أن ارادة رجل حر أقوى من قفل السجان
علمني قبر فدائي أن ركوع شهيد فوق التربة أسمى آيات الايمان..
لماذا قتلتم الأحرار، والنقاء الذي لاذ إليكم، ليحتمي من جور الشمال، فوجد في الجنوب ما هو أ
ملابس عسكرية ومدنية عليها الدماء مرمية على الأرض.. رائحة الدم كانت لا تزال نفاثة.. الممرات تحكي إن الموت مر من هنا.. الموت صال وجال وعبث هنا وهناك .. الوحشة تسكن الأمكنة والزوايا .. والمجازر قابلتها مجازر من الطرف الآخر، أغلبها كان بدافع الانتقام، دون أن يخلوا هذا من طابعه المناطقي، واكتظت الأرض بالضحايا..
الملازم علوان من أبناء محافظة إب كان في نفس سريتي وأيضا جاري في السكن بعدن وهو من خريجي الكلية العسكرية الدفعة الحادية عشر .. أصيب بطلقة في خاصرته عند محاولة الهرب من مصير أكيد وموت محقق لا يفصله عنه غير ساعة زمن أو أقل من ساعة.. نجا بأعجوبة ..
جاء في روايته إن لم تخنِّ الذاكرة:
((أخذونا من السجن مليان بابور بعد أن ربطوا أيدينا إلى الخلف وجميعنا من أبنا الشمال ويافع والضالع وردفان.. كنت أشعر أنهم يريدون تصفيتنا، وكنت أحك الحبل الذي يقيد كفاي إلى نتوء في البابور .. وكان الوقت ليلا والظلام دامس ..
في الطريق تأكدت أنه سيتم تصفيتنا في وادي حسان.. وبعد جهد جهيد استطعت أن أمزق وثاقي بذلك النتوء الذي ظللت أحك وثاقي به خلال مسافة الطريق.. كان بعض الزملاء بعد أن عرفوا وجهتهم وإن الموت صار قريب، بعضهم كان يبكي وبعضهم يترجى..
أحد الضباط اسمه نصر من أبناء ردفان، وكان كما عرفته يغلب عليه حسن النية، بعد أن أدرك أنه ذاهبين به إلى وادي حسان، وإن هناك الموت ينتظرهم هناك، طلب منهم التفاوض وهو يضطرب.. كان أشبه بغريق يحاول الإمساك بقشة.. ولكنهم سخروا منه ومن طلبه.. الضابط نصر واحد من الطيبين الذين لا يعيرون بالا للساسة والسياسة..
الكلام لا زال لعلوان: أنا الوحيد الذي استطعت تمزيق رباطي والقفز من فوق البابور، فتداركوني بإطلاق النار وأصبت برصاصة في خاصرتي، وثانية في يدي، وكان الظلام كثيف، واستمريت بالركض وأنا أنزف ولم يستطيعوا اللحاق بي وقد ساعدني الظلام على الهروب.. عصبت جرحي بقميصي، وأمضيت ساعات طويلة في الركض، وأنا أنزف في الصحراء، حتى وصلت إلى منطقة العلم بين عدن وأبين، وهناك أغمي عليّ حتى وجدتني قوات الاتجاه الآخر فتم إسعافي ونجاة حياتي..))
هناك روايات فاجعة كثيرة .. زميلي الملازم أول الحياني قائد فصيلة في سرية الاستطلاع في اللواء كان ضمن آخرين محشورين في محبس، بلغ عددهم فيه أكثر من ثلاثين ضابط وجندي وصف.. تم إطلاق النار الكثيف عليهم، وقد أصيب الحياني بالرصاص، ولكن لم يمت.. فجاء أحدهم ورمى بقنبلة إلى الغرفة لتقضي على من نجاء من الرصاص ليقضي نحبه بقنبلة..
***
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
(11)
خراب على خراب
بعد تاريخ 20 يناير 1986على الأرجح، صعدت باصا للركاب من كريتر باتجاه خور مكسر، وعلى طريق ساحل أبين صعد إلى الباص ثلاثة من طلبة الكلية العسكرية، يبحثون عن بطائق الهوية، وعندما اتموا التحقق من الهويات، أعتذر أحدهم بالقول: “آسفين نحن نبحث عن أصحاب شبوة وأبين”..
كان للتعبئة المناطقية والجهوية دورا مهما في النتائج الكارثية لأحداث 13يناير.. كنت أسأل نفسي كيف لفضاء الأممية أن يصغر ويضيق إلى هذا الحد؟! لماذا تلك النخب أعدمت فضاء كان يمتد من أقصى الأرض إلى أدناها، واستبدلته بعصبيات تصغر وتضيق، حتى بات أكبرها أصغر من قُطر عقلة أصبع!..
لقد كانت التصفيات والاعتقالات في المقام الأول تتم بحسب بطاقة الهوية.. كانت الهوية هي المحور والأساس.. أيام عصيبة صار فيها الاعتقال والموت يختار ضحاياه بحسب البطاقة أو المحافظة والمنطقة..
تم تصفية كثير من رفاقي وزملائي في لواء الوحدة لاعتبارات الانتماء الجغرافي في المقام الأول.. تم استهداف من ينتمي جغرافيا إلى الشمال، ومناطق الضالع وردفان ويافع، وتم التنفيذ بطريقة مروعة.. وفي المقابل حدثت أفعال انتقامية من الطرف الآخر لا تقل مأساة وترويع عمّا أرتكبه الفريق الأول.. لقد أبكت تلك الأحداث السماء دما..
لماذا تم إعدام رفيقي محمد عبدالله العفريت، وجمال محمد عبدالله، وعبده مانع الصعدي، ومحمد عايض الحنشلي، وأحمد حسين الرباط و والريمي ومحمد صالح محمد "عبود"، وهذا الأخير لم يمضِ على توزيعه على قوة اللواء غير ليلة واحدة من 13 يناير؟!!
لماذا تم إعدام المساعد عبده علي، والمساعد حسن ابراهيم، والمساعد البرح وجميعهم من أبناء الشمال؟!! لماذا تم تصفية صديقي محمود سالم من يافع معربان، والملازم الطيب نصر من ردفان، والملازم النقي الحياني من إب، والأخ زيد، وأخاه الطيب النقي علوان الذبحاني، والعشرات من أمثالهم؟!!
لماذا قتلوا عثمان.. الفنان عثمان أرق من نسمة.. الفنان عثمان الصوت الطالع من أعماق الروح.. لماذا أعدموه؟! هذا الذي غنّى للشاعر السوري أيمن أبو الشعر بلحن وصوت شجي وعميق:
علمني بوح جدار السجن أن ارادة رجل حر أقوى من قفل السجان
علمني قبر فدائي أن ركوع شهيد فوق التربة أسمى آيات الايمان..
لماذا قتلتم الأحرار، والنقاء الذي لاذ إليكم، ليحتمي من جور الشمال، فوجد في الجنوب ما هو أ
أو موقف يراه صاحبه إنه الصواب، ثم تظل تنتظره شهور وسنوات، وربما بقية العمر مصلوبة على جدار الانتظار.. إنه عذاب جحيمي طويل، ودرك أسفل من النار..
كثيرون هم الذين دفعوا ثمن أخطاء وخطايا غيرهم.. القادة الذين يرتكبون الحماقات المهلكة بحق الشعوب، وحتى بحق أنصارهم واتباعهم الذي سلّموا وجهلوا ما حدث ويحدث، وتحملوا تبعات وأوزار ما لم يفعلوه.. الضحايا يذهبون إلى الموت والضياع.. كثيرون هم الضحايا الذين تسوقهم قيادتهم في مقامرتها ومغامرتها إلى الهلاك والجحيم.. كثيرون هم ضحايا الحروب والأطماع والتسلّط والشمولية المستبدة..
***
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
تصفيات..
(10)
جاءت أحداث 13 يناير 1986 وأنا متفرغاً للدراسة سنة أولى كلية الحقوق، ولكن سأذكر هنا الشطر المتعلق بلواء الوحدة، الذي كان يقيم معسكرة في محافظة أبين، ويبعد عن "زنجبار" عاصمة المحافظة " مسافة 2-3 كيلو متر تقريبا، وينتمي كثير من أفراده وضباطه إلى ما كان يُعرف بشمال الوطن الحبيب.. وأزعم أن تفرغي للدراسة في كلية الحقوق هو من أنجاني من موت أكيد، ليس لشيء، وإنما لأنني فقط من الشمال، وقد تم تحت عنوان "شمالي" تصفية جل الضباط والصف والجنود الشماليين..، ولم ينجو منهم إلا القليل، أما أقل القليل وهم بعدد أصابع اليدين، فحامت حولهم حيرة وسؤال..
كان قائد اللواء وكذا رئيس عمليات اللواء لا يروقاني ولا أنا أروقهم.. كنت أشعر بالغربة بمجرد مقابلتهما.. روحي تنقبض كلما تقابلت مع أي منهما، أو حتى مررت بجوارهما.. كان أحيانا يخامرني إحساس ما غير مفهوم يثير انقباضي والشعور بغربتي، ثم كشفت الأيام أنني كنت محقا فيما أشعر وأحدس..
كما كنت غير منحاز سياسيا لهم، وعلاقتي وصداقتي الأكثر كانت بأحد الضباط المشهور باسم "العفريت" وكان نائبا سياسيا لأحدى الكتائب الرئيسية الثلاث في اللواء، وهو من ضمن الذين قدموا من الشمال في أحداث عبدالله عبد العالم، وينتمي سياسيا للحزب الديمقراطي الثوري، ثم إلى حزب الوحدة الشعبية بعد الدمج، فيما كان اجتماعيا ينحدر إلى إحدى الفئات المهمشة، وكان مثلي لا يروق لقائد اللواء، ورئيس العمليات، والعكس أيضا، وقد تمت تصفيته بالفعل في أحداث يناير..
كما كنت مرصودا لديهم بأنني مسؤول خلية حزبية في اللواء، اسمها "خلية الشهيد عبداللطيف الحالمي" تابعة لحزب الوحدة الشعبية "حوشي"، ورغم أن عملنا الحزبي كان ينصب في إطار العمل السياسي والحزبي في الشمال، ولكنه كان يكفي هذا لديهم أن أكون مشبوها بامتياز..
بعد أسبوعين من بداية أحداث 13 يناير ذهبت إلى مقر اللواء، وعرفت أن 85% تقريبا من أصدقائي وزملائي قد تم تصفينهم ضباط وصف ضباط وجنود.. بعضهم تم قتلهم في وادي حسان، وبعضهم في السجون والزنازين والمعتقلات، وبعض آخر تم تصفيتهم في معسكر اللواء نفسه، ممن ملص أو تخلص من الطابور..
لو بقيت في اللواء ما كنت لأنجو أو أفلت من أي مجزرة، حيث كنت منضبط، ودقيق في المواعيد، ولا أخرج من المعسكر إلا قليلا، ولا أزوغ ولا أتهرّب من أي عمل أو مهمة أو مبادرة، ولا أغيب ولا آخذ إجازات مرضية، وبالتالي فأنني في متناول الاستهداف السهل، ونجاتي من أي مجزرة كانت مستحيلة..
ما عرفته خلال زيارتي عما حدث على صعيد اللواء، أنه صباح 13 يناير تم ابلاغ الضباط والصف والجنود بالجمع طوابير بحجة كاذبة هي الخروج لمبادرة بلباس مدني، فيما الحقيقة المُرّة كانت فخا كبيرا، وتنفيذا للمرحلة الأولى من المؤامرة في اللواء، حيث تم الفرز المناطقي الغير معلن في الطابور، ثم تم نقلهم للمعتقلات، ثم جرت في المرحلة الثانية التصفية الجسدية بمجازر بشعة ومروعة..
لقد استهدف هذا الفرز بحدود 85% من ضباط وصف وجنود اللواء المنتميون لمناطق الشمال والضالع ويافع وردفان في اللواء على أساس مناطقي في المقام الأول.. كانت تلك هي المرحلة الأولى من تنفيذ المخطط على صعيد المعسكر.. هكذا تم الاستيلاء على اللواء.. فيما المدنيين في مناطق شتّى طلبوا منهم ضرورة الحضور في اجتماعات حزبية، ومنها تمت الاعتقالات، ولاحقا تمت التصفيات الجسدية.. الحقيقة أن من أطلق على 13 يناير اسم المؤامرة كان محقا إلى حد بعيد..
أسوأ قاعدة لـ "ميكافلي" تم تنفيذها هنا على نحو بشع.. إنها قاعدة "الغاية تبرر الوسيلة".. دمامة المؤامرة، وقبح الغدر والخديعة .. وبشاعة في التنفيذ.. والأكثر سوءا وتخلفا ورعبا أن أول معايير واعتبارات الفرز، كانت مناطقية على نحو فج وصارخ..
لقد تم تصفية الكثير لمجرد انتماؤهم الجغرافي للشمال والضالع و ردفان ويافع.. بعض من تم تصفيتهم أعرفهم جيدا، وكان لا يهتم ولا يكترث بالسياسة، ولا تربطه رابط بها، ولكن حتى هذا لم يشفع لهم أو يخفف عنهم .. تمت تصفيتهم في جزء تنفيذا لمخطط دامي، وانتقاما لهزيمة مدوية..
عند زيارتي للواء شعرت بالأسى والوحشة والحزن العميق .. شاهدت أثار الدماء على أرض الغرف والجدران .. بقايا شعر رؤوس آدمية هنا وهناك، وبعضها لا زال ملتصق بجدران الغرف وآثار الرصاص لا زال شاخصا
كثيرون هم الذين دفعوا ثمن أخطاء وخطايا غيرهم.. القادة الذين يرتكبون الحماقات المهلكة بحق الشعوب، وحتى بحق أنصارهم واتباعهم الذي سلّموا وجهلوا ما حدث ويحدث، وتحملوا تبعات وأوزار ما لم يفعلوه.. الضحايا يذهبون إلى الموت والضياع.. كثيرون هم الضحايا الذين تسوقهم قيادتهم في مقامرتها ومغامرتها إلى الهلاك والجحيم.. كثيرون هم ضحايا الحروب والأطماع والتسلّط والشمولية المستبدة..
***
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
تصفيات..
(10)
جاءت أحداث 13 يناير 1986 وأنا متفرغاً للدراسة سنة أولى كلية الحقوق، ولكن سأذكر هنا الشطر المتعلق بلواء الوحدة، الذي كان يقيم معسكرة في محافظة أبين، ويبعد عن "زنجبار" عاصمة المحافظة " مسافة 2-3 كيلو متر تقريبا، وينتمي كثير من أفراده وضباطه إلى ما كان يُعرف بشمال الوطن الحبيب.. وأزعم أن تفرغي للدراسة في كلية الحقوق هو من أنجاني من موت أكيد، ليس لشيء، وإنما لأنني فقط من الشمال، وقد تم تحت عنوان "شمالي" تصفية جل الضباط والصف والجنود الشماليين..، ولم ينجو منهم إلا القليل، أما أقل القليل وهم بعدد أصابع اليدين، فحامت حولهم حيرة وسؤال..
كان قائد اللواء وكذا رئيس عمليات اللواء لا يروقاني ولا أنا أروقهم.. كنت أشعر بالغربة بمجرد مقابلتهما.. روحي تنقبض كلما تقابلت مع أي منهما، أو حتى مررت بجوارهما.. كان أحيانا يخامرني إحساس ما غير مفهوم يثير انقباضي والشعور بغربتي، ثم كشفت الأيام أنني كنت محقا فيما أشعر وأحدس..
كما كنت غير منحاز سياسيا لهم، وعلاقتي وصداقتي الأكثر كانت بأحد الضباط المشهور باسم "العفريت" وكان نائبا سياسيا لأحدى الكتائب الرئيسية الثلاث في اللواء، وهو من ضمن الذين قدموا من الشمال في أحداث عبدالله عبد العالم، وينتمي سياسيا للحزب الديمقراطي الثوري، ثم إلى حزب الوحدة الشعبية بعد الدمج، فيما كان اجتماعيا ينحدر إلى إحدى الفئات المهمشة، وكان مثلي لا يروق لقائد اللواء، ورئيس العمليات، والعكس أيضا، وقد تمت تصفيته بالفعل في أحداث يناير..
كما كنت مرصودا لديهم بأنني مسؤول خلية حزبية في اللواء، اسمها "خلية الشهيد عبداللطيف الحالمي" تابعة لحزب الوحدة الشعبية "حوشي"، ورغم أن عملنا الحزبي كان ينصب في إطار العمل السياسي والحزبي في الشمال، ولكنه كان يكفي هذا لديهم أن أكون مشبوها بامتياز..
بعد أسبوعين من بداية أحداث 13 يناير ذهبت إلى مقر اللواء، وعرفت أن 85% تقريبا من أصدقائي وزملائي قد تم تصفينهم ضباط وصف ضباط وجنود.. بعضهم تم قتلهم في وادي حسان، وبعضهم في السجون والزنازين والمعتقلات، وبعض آخر تم تصفيتهم في معسكر اللواء نفسه، ممن ملص أو تخلص من الطابور..
لو بقيت في اللواء ما كنت لأنجو أو أفلت من أي مجزرة، حيث كنت منضبط، ودقيق في المواعيد، ولا أخرج من المعسكر إلا قليلا، ولا أزوغ ولا أتهرّب من أي عمل أو مهمة أو مبادرة، ولا أغيب ولا آخذ إجازات مرضية، وبالتالي فأنني في متناول الاستهداف السهل، ونجاتي من أي مجزرة كانت مستحيلة..
ما عرفته خلال زيارتي عما حدث على صعيد اللواء، أنه صباح 13 يناير تم ابلاغ الضباط والصف والجنود بالجمع طوابير بحجة كاذبة هي الخروج لمبادرة بلباس مدني، فيما الحقيقة المُرّة كانت فخا كبيرا، وتنفيذا للمرحلة الأولى من المؤامرة في اللواء، حيث تم الفرز المناطقي الغير معلن في الطابور، ثم تم نقلهم للمعتقلات، ثم جرت في المرحلة الثانية التصفية الجسدية بمجازر بشعة ومروعة..
لقد استهدف هذا الفرز بحدود 85% من ضباط وصف وجنود اللواء المنتميون لمناطق الشمال والضالع ويافع وردفان في اللواء على أساس مناطقي في المقام الأول.. كانت تلك هي المرحلة الأولى من تنفيذ المخطط على صعيد المعسكر.. هكذا تم الاستيلاء على اللواء.. فيما المدنيين في مناطق شتّى طلبوا منهم ضرورة الحضور في اجتماعات حزبية، ومنها تمت الاعتقالات، ولاحقا تمت التصفيات الجسدية.. الحقيقة أن من أطلق على 13 يناير اسم المؤامرة كان محقا إلى حد بعيد..
أسوأ قاعدة لـ "ميكافلي" تم تنفيذها هنا على نحو بشع.. إنها قاعدة "الغاية تبرر الوسيلة".. دمامة المؤامرة، وقبح الغدر والخديعة .. وبشاعة في التنفيذ.. والأكثر سوءا وتخلفا ورعبا أن أول معايير واعتبارات الفرز، كانت مناطقية على نحو فج وصارخ..
لقد تم تصفية الكثير لمجرد انتماؤهم الجغرافي للشمال والضالع و ردفان ويافع.. بعض من تم تصفيتهم أعرفهم جيدا، وكان لا يهتم ولا يكترث بالسياسة، ولا تربطه رابط بها، ولكن حتى هذا لم يشفع لهم أو يخفف عنهم .. تمت تصفيتهم في جزء تنفيذا لمخطط دامي، وانتقاما لهزيمة مدوية..
عند زيارتي للواء شعرت بالأسى والوحشة والحزن العميق .. شاهدت أثار الدماء على أرض الغرف والجدران .. بقايا شعر رؤوس آدمية هنا وهناك، وبعضها لا زال ملتصق بجدران الغرف وآثار الرصاص لا زال شاخصا
بكره عرسها..
احمد سيف حاشد
• في سباق عمري مع الزمن أنخفض سقف شروطي حيال الفتاة التي أبحث عنها لتكون شريكة حياتي في المستقبل، بعد أن أحسست إن العمر يذهب سريعا، وأني أرزح تحت ضغوط نفسية واجتماعية شتّى ترى من غير العادة والسوية حيال كل من تقدم بالعمر نحو الثلاثين دون زواج، فيما جل أقراني كانوا قد تزوجوا قبل أن يبلغوا سن العشرين عام، أو أكثر بقليل لمن تأخر..
• بدخولي سن الثمان والعشرين عام أحسست أني أخوض مواجهة تشتد كل يوم مع وعي مجتمع مثقل ومحكوم بطغيان موروث من العادات والتقاليد والثقافات التي تستنكر وتنتقص من أي شخص يمضى نحو الثلاثين وهو أعزب.. لا أذكر أحد من اسرتنا أو قبيلتنا قد تأخر في زواجه إلى مثل هذا السن..
• إن ولوجي في عمر الثمان والعشرين سنة قد جعل العنوسة بمعيار مجتمعي تزحف نحوي كتمساح.. تطرق بابي بيد من خشب.. تقذف وجهي الخجول والمتسربل بالحياء بشرر نظراتها وسهامها الحداد.. ومع ذلك لم أتنازل عن الجمال الذي أبحث عنه، وإن تنازلت عن المغالاة المفرطة فيه، واستمريت متمسكا برفضي الشديد أن أفطر بالبصل بعد صيام دام طويلا، وصبر أشبه بـ"صبر الحجر في مدرب السيل وأكثر"..
• كنت أحدث نفسي: إذا توفر الجمال الذي يناسبني، فكل شيء غيره قابل للبحث والتعاطي؛ فطالما هناك فترة خطوبة فالأمر فيه رحب وسعة.. لابأس أن تكون مرحلة الخطوبة مرحلة أفرز فيها ما هو ممكن عمّا هو مستحيل.. تفاوض أحاول أن أجد فيه نفسي أو أحاول إعادة صياغتها في مخاضي مع الحبيب، ثم نمضي معا لنكمل مشوار العمر الطويل، أو ما تبقي لنا منه..
• في فترة الخطوبة يمكن بحث كل شيء، وأولها الملائمة، وأعني ملائمة كل منا للآخر.. وتقدير مدى إمكانية نجاح الزواج مستقبلا من عدمه، ثم اتخاذ القرار أما بالمضي إلى الأمام، أو التراجع إلى الخلف إن وجدت أسباب جدية تحملني على هذا التراجع وفسخ الخطوبة.. هكذا كنت أحدث نفسي، وأنا أفكر وأفترض كل الاحتمالات..
***
• في إحدى الأيام وفيما كنت ذاهبا إلى بيت عمي "الحربي" في دار سعد، شاهدت بالصدفة فتاة تطل من باب بيتها جوار منزله القريب.. استبشرتُ بها وملئني الفرح وغمرتني السعادة.. ظننتها صدفة العمر التي لا تعوض.. ليلة القدر التي لا تعود.. أو على الأقل الفرصة التي يجب أن لا أهدرها دون محاولة.. لقد ملئت تلك الفتاة عيوني وأعادت ثقتي بأن الدنيا لازالت بخير..
• ورغم أن وجهها كان مخلوب بالحنّا، إلا أنه لم يستطع الانتقاص من جمالها الفارط.. وجهها كالشمس التي تتحدى الغيوم.. محياها يشرق وهجاً وبهجة.. صوتها وهي تدعو الصغيرة كالناي والحنين.. رأسها معصوب بقماش ملون تبدو فيه متوجا بجمال الطواويس.. ملكة بكل المقاييس..
• مررتُ من زقاق صغير على مقربة منها، لأن الطريق العام كانت مسدودة بـ "مخدرة" تم تحضيرها لعرس.. وما أن اقتربت من الفتاة أكثر حتى بدت في عيوني مكبّره، سحر يحلق في البعيد.. يحملك إلى أحلامك التي ترف في السماء.. رقة تحتويك من ألفك إلى ياءك ولا تبقي لك همزة.. أنوثة تناديك وتفجر فيك عوالم من شوق وعشق وفرح.. جمالها الطاغي يترامى في مداك، ويتسع بعد احتلاك.. غرقتُ في ذهولي حتى قاع المحيط..
• آسرة إبهارا ودهشة.. رشيقة كغزالة كادت أن تطير.. متحفزه بعنفوان مهرة برّية.. نهودها حقول وضباء وأيائل.. شفتاها نبيذ معتق يصطفيك.. عيونها تبرق حنينا وتغدق بالمطر الهتون.. سحرها غالب لا يُقاوم.. اصطادت قلبي كعصفور.. صادتني بيسر وسهولة.. بديت في لحظة دهشة كسمكة على سناره صياد محترف.. تراجعت إلى الوراء، فتبعتها روحي الهائمة..
• دخلتُ إلى بيت عمي، وقد تملكت الفتاة روحي وقلبي ومشاعري.. رحب عمي بمقدمي والذي كنت أزوره على فترات متباعدة.. جلست وأنا مسلوب اللباب، شاردا في ذهول عميق، فيما كانت خيولي داخلي تركض وتصهل في اشتياق ولوع.. بديت موزعا بين شرودي واضطرابي المحتدم..
- سألني عمي: مالك.. أيش في؟!
أجبت: عادي .. ولا شيء.. تمام
أحسست وأنا أقولها أن لساني تجرُّ قطارا دون عجل.. لم يقتنع عمي بإجابتي وبدأ كأنه يريد أن يساعدني باختراع عذر فقال:
- بائن عليك تعبان.. مريض.. محموم..
أجبته: ولا شيء.. أنا تمام..
أحسست أن الكلمات تفر مني، وعقلي لم يعد قادرا على جمع حروف مفردة واحدة..
حاول عمّي أن يوفر بعض من إحراجي الذي يجتاحني.. أراد أن يخفف عنّي.. دخل إلى غرفة في الجوار ربما لإعطائي فسحة استجمع فيها أشتاتي وكلماتي.. أستعيد اتزاني وبعض من وعيي الشارد أو المضطرب..
• حدثت نفسي وقلت: إنها فرصة يجب أن لا تفوتني.. لطالما الخجل ألحقني بالخسران.. يجب أن أسأل عمّي عن تلك الفتاة! ومدى امكانية طلب يدها؟! يكفي ما أهدرته من فرص وسنين طوال.. أهدراي للفرص يعني أنني لا أستحقها.. فرصة مثل هذه يجب أن لا تذهب سدى!! لطالما أهدرتُ الفرص وخذلتها وخذلتُ معها روحي المتعبة..
• كان بإمكان فرصة واحدة أن تغيّر مجرى النهر.. كان بمقدور فرصة واحدة أن تغيّر ممشى الطريق، وتختصر مشوار الألف ميل.. فرصة واحدة من
احمد سيف حاشد
• في سباق عمري مع الزمن أنخفض سقف شروطي حيال الفتاة التي أبحث عنها لتكون شريكة حياتي في المستقبل، بعد أن أحسست إن العمر يذهب سريعا، وأني أرزح تحت ضغوط نفسية واجتماعية شتّى ترى من غير العادة والسوية حيال كل من تقدم بالعمر نحو الثلاثين دون زواج، فيما جل أقراني كانوا قد تزوجوا قبل أن يبلغوا سن العشرين عام، أو أكثر بقليل لمن تأخر..
• بدخولي سن الثمان والعشرين عام أحسست أني أخوض مواجهة تشتد كل يوم مع وعي مجتمع مثقل ومحكوم بطغيان موروث من العادات والتقاليد والثقافات التي تستنكر وتنتقص من أي شخص يمضى نحو الثلاثين وهو أعزب.. لا أذكر أحد من اسرتنا أو قبيلتنا قد تأخر في زواجه إلى مثل هذا السن..
• إن ولوجي في عمر الثمان والعشرين سنة قد جعل العنوسة بمعيار مجتمعي تزحف نحوي كتمساح.. تطرق بابي بيد من خشب.. تقذف وجهي الخجول والمتسربل بالحياء بشرر نظراتها وسهامها الحداد.. ومع ذلك لم أتنازل عن الجمال الذي أبحث عنه، وإن تنازلت عن المغالاة المفرطة فيه، واستمريت متمسكا برفضي الشديد أن أفطر بالبصل بعد صيام دام طويلا، وصبر أشبه بـ"صبر الحجر في مدرب السيل وأكثر"..
• كنت أحدث نفسي: إذا توفر الجمال الذي يناسبني، فكل شيء غيره قابل للبحث والتعاطي؛ فطالما هناك فترة خطوبة فالأمر فيه رحب وسعة.. لابأس أن تكون مرحلة الخطوبة مرحلة أفرز فيها ما هو ممكن عمّا هو مستحيل.. تفاوض أحاول أن أجد فيه نفسي أو أحاول إعادة صياغتها في مخاضي مع الحبيب، ثم نمضي معا لنكمل مشوار العمر الطويل، أو ما تبقي لنا منه..
• في فترة الخطوبة يمكن بحث كل شيء، وأولها الملائمة، وأعني ملائمة كل منا للآخر.. وتقدير مدى إمكانية نجاح الزواج مستقبلا من عدمه، ثم اتخاذ القرار أما بالمضي إلى الأمام، أو التراجع إلى الخلف إن وجدت أسباب جدية تحملني على هذا التراجع وفسخ الخطوبة.. هكذا كنت أحدث نفسي، وأنا أفكر وأفترض كل الاحتمالات..
***
• في إحدى الأيام وفيما كنت ذاهبا إلى بيت عمي "الحربي" في دار سعد، شاهدت بالصدفة فتاة تطل من باب بيتها جوار منزله القريب.. استبشرتُ بها وملئني الفرح وغمرتني السعادة.. ظننتها صدفة العمر التي لا تعوض.. ليلة القدر التي لا تعود.. أو على الأقل الفرصة التي يجب أن لا أهدرها دون محاولة.. لقد ملئت تلك الفتاة عيوني وأعادت ثقتي بأن الدنيا لازالت بخير..
• ورغم أن وجهها كان مخلوب بالحنّا، إلا أنه لم يستطع الانتقاص من جمالها الفارط.. وجهها كالشمس التي تتحدى الغيوم.. محياها يشرق وهجاً وبهجة.. صوتها وهي تدعو الصغيرة كالناي والحنين.. رأسها معصوب بقماش ملون تبدو فيه متوجا بجمال الطواويس.. ملكة بكل المقاييس..
• مررتُ من زقاق صغير على مقربة منها، لأن الطريق العام كانت مسدودة بـ "مخدرة" تم تحضيرها لعرس.. وما أن اقتربت من الفتاة أكثر حتى بدت في عيوني مكبّره، سحر يحلق في البعيد.. يحملك إلى أحلامك التي ترف في السماء.. رقة تحتويك من ألفك إلى ياءك ولا تبقي لك همزة.. أنوثة تناديك وتفجر فيك عوالم من شوق وعشق وفرح.. جمالها الطاغي يترامى في مداك، ويتسع بعد احتلاك.. غرقتُ في ذهولي حتى قاع المحيط..
• آسرة إبهارا ودهشة.. رشيقة كغزالة كادت أن تطير.. متحفزه بعنفوان مهرة برّية.. نهودها حقول وضباء وأيائل.. شفتاها نبيذ معتق يصطفيك.. عيونها تبرق حنينا وتغدق بالمطر الهتون.. سحرها غالب لا يُقاوم.. اصطادت قلبي كعصفور.. صادتني بيسر وسهولة.. بديت في لحظة دهشة كسمكة على سناره صياد محترف.. تراجعت إلى الوراء، فتبعتها روحي الهائمة..
• دخلتُ إلى بيت عمي، وقد تملكت الفتاة روحي وقلبي ومشاعري.. رحب عمي بمقدمي والذي كنت أزوره على فترات متباعدة.. جلست وأنا مسلوب اللباب، شاردا في ذهول عميق، فيما كانت خيولي داخلي تركض وتصهل في اشتياق ولوع.. بديت موزعا بين شرودي واضطرابي المحتدم..
- سألني عمي: مالك.. أيش في؟!
أجبت: عادي .. ولا شيء.. تمام
أحسست وأنا أقولها أن لساني تجرُّ قطارا دون عجل.. لم يقتنع عمي بإجابتي وبدأ كأنه يريد أن يساعدني باختراع عذر فقال:
- بائن عليك تعبان.. مريض.. محموم..
أجبته: ولا شيء.. أنا تمام..
أحسست أن الكلمات تفر مني، وعقلي لم يعد قادرا على جمع حروف مفردة واحدة..
حاول عمّي أن يوفر بعض من إحراجي الذي يجتاحني.. أراد أن يخفف عنّي.. دخل إلى غرفة في الجوار ربما لإعطائي فسحة استجمع فيها أشتاتي وكلماتي.. أستعيد اتزاني وبعض من وعيي الشارد أو المضطرب..
• حدثت نفسي وقلت: إنها فرصة يجب أن لا تفوتني.. لطالما الخجل ألحقني بالخسران.. يجب أن أسأل عمّي عن تلك الفتاة! ومدى امكانية طلب يدها؟! يكفي ما أهدرته من فرص وسنين طوال.. أهدراي للفرص يعني أنني لا أستحقها.. فرصة مثل هذه يجب أن لا تذهب سدى!! لطالما أهدرتُ الفرص وخذلتها وخذلتُ معها روحي المتعبة..
• كان بإمكان فرصة واحدة أن تغيّر مجرى النهر.. كان بمقدور فرصة واحدة أن تغيّر ممشى الطريق، وتختصر مشوار الألف ميل.. فرصة واحدة من
سنين طوال كان بإمكانها أن تغيير الحال إلى أفضله.. عاشق وزوج وأب لأطفال يكبرون..
• احتدم التناقض داخلي.. تجاذبني التردد والخجل واستصعاب الحديث، وبين فرصة تستدعي جمع شجاعتي وجُرأتي.. وفي مخاضه قررت الانتصار للفرصة التي لربما تنتظرني، والبوح لعمّي عمّا يُعتمل داخلي من وقوع واحتدام..
وما أن دخل عمّي قلت له وأنا أتصبب عرقا:
- أريد أتزوج يا عم.. فترة طويلة وأنا أبحث عن فتاة تناسبني.. قبل قليل شاهدت فتاة ملئت عيوني في باب البيت التي في جواركم القريب.. أريد أن أخطبها.. أتمنى أن تساعدني في طرح الأمر على أسرتها وتعرفني عليهم ويتعرفون بي.. لعلي أجد فيها نصيب..
• أستفسرني عمّي عن البيت وصفات الفتاة التي شاهدتها بتفصيل أكثر.. فذهبت أصف كل التفاصيل من الصغيرة إلى الكبيرة، حتى لا يحدث أي التباس أو أدنى خطاء يمكنه أن يوقعني ويوقعه في حفرة كبيرة وإحراج أشد..
• أجابني عمي وقد فلتت عليه ضحكة.. أحسست إنها أصابتني بزلزلة.. ثم أعلمني إن “المخدرة” التي تم تجهيزها في الشارع أمام بيتها هي لعرسها.. أمتقع وجهي.. لحظة إرباك اجتاحت كياني.. زادت نبضاتي حتى انعدمت فواصلها وصارت كتيار كهربائي.. عاد قلبي من لديها عصفورا بلا جناح ولا ريش.. عاد يحشرج بصوت مخنوق بغصة ذابحة..
• أحسست بالخجل الأشد يستولى على كياني.. خيبة علقتني فيما يشبه المشنقة.. أردت مواراة وجهي سريعا عندما لم أجد مكانا أدسه فيه.. تمنيت لحظتها حضن أمي لأدس وجهي فيه، وأجهش بالبكاء حتى آخر نشيج، ولكن أمي كانت في البعيد..
• نهضت دون سيقان تقوى على حملي، وأنا أقول: "ليس لي نصيب" فيما كان عمي يطلب استبقائي لأستريح ونتغدّى معا، فيما أنا أستعجل أمري نحو المغادرة، والحزن يعتري بدني والصدمة تكاد تفجر عظامي.. حملت رجلاي التي خارت قواها، ولم تعد تقوى على المشي، وخرجت وأنا مكسورا ومكسوفا ومقطوب الوجه والحاجبين..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
• احتدم التناقض داخلي.. تجاذبني التردد والخجل واستصعاب الحديث، وبين فرصة تستدعي جمع شجاعتي وجُرأتي.. وفي مخاضه قررت الانتصار للفرصة التي لربما تنتظرني، والبوح لعمّي عمّا يُعتمل داخلي من وقوع واحتدام..
وما أن دخل عمّي قلت له وأنا أتصبب عرقا:
- أريد أتزوج يا عم.. فترة طويلة وأنا أبحث عن فتاة تناسبني.. قبل قليل شاهدت فتاة ملئت عيوني في باب البيت التي في جواركم القريب.. أريد أن أخطبها.. أتمنى أن تساعدني في طرح الأمر على أسرتها وتعرفني عليهم ويتعرفون بي.. لعلي أجد فيها نصيب..
• أستفسرني عمّي عن البيت وصفات الفتاة التي شاهدتها بتفصيل أكثر.. فذهبت أصف كل التفاصيل من الصغيرة إلى الكبيرة، حتى لا يحدث أي التباس أو أدنى خطاء يمكنه أن يوقعني ويوقعه في حفرة كبيرة وإحراج أشد..
• أجابني عمي وقد فلتت عليه ضحكة.. أحسست إنها أصابتني بزلزلة.. ثم أعلمني إن “المخدرة” التي تم تجهيزها في الشارع أمام بيتها هي لعرسها.. أمتقع وجهي.. لحظة إرباك اجتاحت كياني.. زادت نبضاتي حتى انعدمت فواصلها وصارت كتيار كهربائي.. عاد قلبي من لديها عصفورا بلا جناح ولا ريش.. عاد يحشرج بصوت مخنوق بغصة ذابحة..
• أحسست بالخجل الأشد يستولى على كياني.. خيبة علقتني فيما يشبه المشنقة.. أردت مواراة وجهي سريعا عندما لم أجد مكانا أدسه فيه.. تمنيت لحظتها حضن أمي لأدس وجهي فيه، وأجهش بالبكاء حتى آخر نشيج، ولكن أمي كانت في البعيد..
• نهضت دون سيقان تقوى على حملي، وأنا أقول: "ليس لي نصيب" فيما كان عمي يطلب استبقائي لأستريح ونتغدّى معا، فيما أنا أستعجل أمري نحو المغادرة، والحزن يعتري بدني والصدمة تكاد تفجر عظامي.. حملت رجلاي التي خارت قواها، ولم تعد تقوى على المشي، وخرجت وأنا مكسورا ومكسوفا ومقطوب الوجه والحاجبين..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
بكره عرسها..
• في سباق عمري مع الزمن أنخفض سقف شروطي حيال الفتاة التي أبحث عنها لتكون شريكة حياتي في المستقبل، بعد أن أحسست إن العمر يذهب سريعا، وأني أرزح تحت ضغوط نفسية واجتماعية شتّى ترى من غير العادة والسوية حيال كل من تقدم بالعمر نحو الثلاثين دون زواج، فيما جل أقراني كانوا قد تزوجوا قبل أن يبلغوا سن العشرين عام، أو أكثر بقليل لمن تأخر..
• بدخولي سن الثمان والعشرين عام أحسست أني أخوض مواجهة تشتد كل يوم مع وعي مجتمع مثقل ومحكوم بطغيان موروث من العادات والتقاليد والثقافات التي تستنكر وتنتقص من أي شخص يمضى نحو الثلاثين وهو أعزب.. لا أذكر أحد من اسرتنا أو قبيلتنا قد تأخر في زواجه إلى مثل هذا السن..
• إن ولوجي في عمر الثمان والعشرين سنة قد جعل العنوسة بمعيار مجتمعي تزحف نحوي كتمساح.. تطرق بابي بيد من خشب.. تقذف وجهي الخجول والمتسربل بالحياء بشرر نظراتها وسهامها الحداد.. ومع ذلك لم أتنازل عن الجمال الذي أبحث عنه، وإن تنازلت عن المغالاة المفرطة فيه، واستمريت متمسكا برفضي الشديد أن أفطر بالبصل بعد صيام دام طويلا، وصبر أشبه بـ"صبر الحجر في مدرب السيل وأكثر"..
• كنت أحدث نفسي: إذا توفر الجمال الذي يناسبني، فكل شيء غيره قابل للبحث والتعاطي؛ فطالما هناك فترة خطوبة فالأمر فيه رحب وسعة.. لابأس أن تكون مرحلة الخطوبة مرحلة أفرز فيها ما هو ممكن عمّا هو مستحيل.. تفاوض أحاول أن أجد فيه نفسي أو أحاول إعادة صياغتها في مخاضي مع الحبيب، ثم نمضي معا لنكمل مشوار العمر الطويل، أو ما تبقي لنا منه..
• في فترة الخطوبة يمكن بحث كل شيء، وأولها الملائمة، وأعني ملائمة كل منا للآخر.. وتقدير مدى إمكانية نجاح الزواج مستقبلا من عدمه، ثم اتخاذ القرار أما بالمضي إلى الأمام، أو التراجع إلى الخلف إن وجدت أسباب جدية تحملني على هذا التراجع وفسخ الخطوبة.. هكذا كنت أحدث نفسي، وأنا أفكر وأفترض كل الاحتمالات..
***
• في إحدى الأيام وفيما كنت ذاهبا إلى بيت عمي "الحربي" في دار سعد، شاهدت بالصدفة فتاة تطل من باب بيتها جوار منزله القريب.. استبشرتُ بها وملئني الفرح وغمرتني السعادة.. ظننتها صدفة العمر التي لا تعوض.. ليلة القدر التي لا تعود.. أو على الأقل الفرصة التي يجب أن لا أهدرها دون محاولة.. لقد ملئت تلك الفتاة عيوني وأعادت ثقتي بأن الدنيا لازالت بخير..
• ورغم أن وجهها كان مخلوب بالحنّا، إلا أنه لم يستطع الانتقاص من جمالها الفارط.. وجهها كالشمس التي تتحدى الغيوم.. محياها يشرق وهجاً وبهجة.. صوتها وهي تدعو الصغيرة كالناي والحنين.. رأسها معصوب بقماش ملون تبدو فيه متوجا بجمال الطواويس.. ملكة بكل المقاييس..
• مررتُ من زقاق صغير على مقربة منها، لأن الطريق العام كانت مسدودة بـ "مخدرة" تم تحضيرها لعرس.. وما أن اقتربت من الفتاة أكثر حتى بدت في عيوني مكبّره، سحر يحلق في البعيد.. يحملك إلى أحلامك التي ترف في السماء.. رقة تحتويك من ألفك إلى ياءك ولا تبقي لك همزة.. أنوثة تناديك وتفجر فيك عوالم من شوق وعشق وفرح.. جمالها الطاغي يترامى في مداك، ويتسع بعد احتلاك.. غرقتُ في ذهولي حتى قاع المحيط..
• آسرة إبهارا ودهشة.. رشيقة كغزالة كادت أن تطير.. متحفزه بعنفوان مهرة برّية.. نهودها حقول وضباء وأيائل.. شفتاها نبيذ معتق يصطفيك.. عيونها تبرق حنينا وتغدق بالمطر الهتون.. سحرها غالب لا يُقاوم.. اصطادت قلبي كعصفور.. صادتني بيسر وسهولة.. بديت في لحظة دهشة كسمكة على سناره صياد محترف.. تراجعت إلى الوراء، فتبعتها روحي الهائمة..
• دخلتُ إلى بيت عمي، وقد تملكت الفتاة روحي وقلبي ومشاعري.. رحب عمي بمقدمي والذي كنت أزوره على فترات متباعدة.. جلست وأنا مسلوب اللباب، شاردا في ذهول عميق، فيما كانت خيولي داخلي تركض وتصهل في اشتياق ولوع.. بديت موزعا بين شرودي واضطرابي المحتدم..
- سألني عمي: مالك.. أيش في؟!
أجبت: عادي .. ولا شيء.. تمام
أحسست وأنا أقولها أن لساني تجرُّ قطارا دون عجل.. لم يقتنع عمي بإجابتي وبدأ كأنه يريد أن يساعدني باختراع عذر فقال:
- بائن عليك تعبان.. مريض.. محموم..
أجبته: ولا شيء.. أنا تمام..
أحسست أن الكلمات تفر مني، وعقلي لم يعد قادرا على جمع حروف مفردة واحدة..
حاول عمّي أن يوفر بعض من إحراجي الذي يجتاحني.. أراد أن يخفف عنّي.. دخل إلى غرفة في الجوار ربما لإعطائي فسحة استجمع فيها أشتاتي وكلماتي.. أستعيد اتزاني وبعض من وعيي الشارد أو المضطرب..
• حدثت نفسي وقلت: إنها فرصة يجب أن لا تفوتني.. لطالما الخجل ألحقني بالخسران.. يجب أن أسأل عمّي عن تلك الفتاة! ومدى امكانية طلب يدها؟! يكفي ما أهدرته من فرص وسنين طوال.. أهدراي للفرص يعني أنني لا أستحقها.. فرصة مثل هذه يجب أن لا تذهب سدى!! لطالما أهدرتُ الفرص وخذلتها وخذلتُ معها روحي المتعبة..
• كان بإمكان فرصة واحدة أن تغيّر مجرى النهر.. كان بمقدور فرصة واحدة أن تغيّر ممشى الطريق، وتختصر مشوار الألف ميل.. فرصة واحدة من سنين طوال كان
• في سباق عمري مع الزمن أنخفض سقف شروطي حيال الفتاة التي أبحث عنها لتكون شريكة حياتي في المستقبل، بعد أن أحسست إن العمر يذهب سريعا، وأني أرزح تحت ضغوط نفسية واجتماعية شتّى ترى من غير العادة والسوية حيال كل من تقدم بالعمر نحو الثلاثين دون زواج، فيما جل أقراني كانوا قد تزوجوا قبل أن يبلغوا سن العشرين عام، أو أكثر بقليل لمن تأخر..
• بدخولي سن الثمان والعشرين عام أحسست أني أخوض مواجهة تشتد كل يوم مع وعي مجتمع مثقل ومحكوم بطغيان موروث من العادات والتقاليد والثقافات التي تستنكر وتنتقص من أي شخص يمضى نحو الثلاثين وهو أعزب.. لا أذكر أحد من اسرتنا أو قبيلتنا قد تأخر في زواجه إلى مثل هذا السن..
• إن ولوجي في عمر الثمان والعشرين سنة قد جعل العنوسة بمعيار مجتمعي تزحف نحوي كتمساح.. تطرق بابي بيد من خشب.. تقذف وجهي الخجول والمتسربل بالحياء بشرر نظراتها وسهامها الحداد.. ومع ذلك لم أتنازل عن الجمال الذي أبحث عنه، وإن تنازلت عن المغالاة المفرطة فيه، واستمريت متمسكا برفضي الشديد أن أفطر بالبصل بعد صيام دام طويلا، وصبر أشبه بـ"صبر الحجر في مدرب السيل وأكثر"..
• كنت أحدث نفسي: إذا توفر الجمال الذي يناسبني، فكل شيء غيره قابل للبحث والتعاطي؛ فطالما هناك فترة خطوبة فالأمر فيه رحب وسعة.. لابأس أن تكون مرحلة الخطوبة مرحلة أفرز فيها ما هو ممكن عمّا هو مستحيل.. تفاوض أحاول أن أجد فيه نفسي أو أحاول إعادة صياغتها في مخاضي مع الحبيب، ثم نمضي معا لنكمل مشوار العمر الطويل، أو ما تبقي لنا منه..
• في فترة الخطوبة يمكن بحث كل شيء، وأولها الملائمة، وأعني ملائمة كل منا للآخر.. وتقدير مدى إمكانية نجاح الزواج مستقبلا من عدمه، ثم اتخاذ القرار أما بالمضي إلى الأمام، أو التراجع إلى الخلف إن وجدت أسباب جدية تحملني على هذا التراجع وفسخ الخطوبة.. هكذا كنت أحدث نفسي، وأنا أفكر وأفترض كل الاحتمالات..
***
• في إحدى الأيام وفيما كنت ذاهبا إلى بيت عمي "الحربي" في دار سعد، شاهدت بالصدفة فتاة تطل من باب بيتها جوار منزله القريب.. استبشرتُ بها وملئني الفرح وغمرتني السعادة.. ظننتها صدفة العمر التي لا تعوض.. ليلة القدر التي لا تعود.. أو على الأقل الفرصة التي يجب أن لا أهدرها دون محاولة.. لقد ملئت تلك الفتاة عيوني وأعادت ثقتي بأن الدنيا لازالت بخير..
• ورغم أن وجهها كان مخلوب بالحنّا، إلا أنه لم يستطع الانتقاص من جمالها الفارط.. وجهها كالشمس التي تتحدى الغيوم.. محياها يشرق وهجاً وبهجة.. صوتها وهي تدعو الصغيرة كالناي والحنين.. رأسها معصوب بقماش ملون تبدو فيه متوجا بجمال الطواويس.. ملكة بكل المقاييس..
• مررتُ من زقاق صغير على مقربة منها، لأن الطريق العام كانت مسدودة بـ "مخدرة" تم تحضيرها لعرس.. وما أن اقتربت من الفتاة أكثر حتى بدت في عيوني مكبّره، سحر يحلق في البعيد.. يحملك إلى أحلامك التي ترف في السماء.. رقة تحتويك من ألفك إلى ياءك ولا تبقي لك همزة.. أنوثة تناديك وتفجر فيك عوالم من شوق وعشق وفرح.. جمالها الطاغي يترامى في مداك، ويتسع بعد احتلاك.. غرقتُ في ذهولي حتى قاع المحيط..
• آسرة إبهارا ودهشة.. رشيقة كغزالة كادت أن تطير.. متحفزه بعنفوان مهرة برّية.. نهودها حقول وضباء وأيائل.. شفتاها نبيذ معتق يصطفيك.. عيونها تبرق حنينا وتغدق بالمطر الهتون.. سحرها غالب لا يُقاوم.. اصطادت قلبي كعصفور.. صادتني بيسر وسهولة.. بديت في لحظة دهشة كسمكة على سناره صياد محترف.. تراجعت إلى الوراء، فتبعتها روحي الهائمة..
• دخلتُ إلى بيت عمي، وقد تملكت الفتاة روحي وقلبي ومشاعري.. رحب عمي بمقدمي والذي كنت أزوره على فترات متباعدة.. جلست وأنا مسلوب اللباب، شاردا في ذهول عميق، فيما كانت خيولي داخلي تركض وتصهل في اشتياق ولوع.. بديت موزعا بين شرودي واضطرابي المحتدم..
- سألني عمي: مالك.. أيش في؟!
أجبت: عادي .. ولا شيء.. تمام
أحسست وأنا أقولها أن لساني تجرُّ قطارا دون عجل.. لم يقتنع عمي بإجابتي وبدأ كأنه يريد أن يساعدني باختراع عذر فقال:
- بائن عليك تعبان.. مريض.. محموم..
أجبته: ولا شيء.. أنا تمام..
أحسست أن الكلمات تفر مني، وعقلي لم يعد قادرا على جمع حروف مفردة واحدة..
حاول عمّي أن يوفر بعض من إحراجي الذي يجتاحني.. أراد أن يخفف عنّي.. دخل إلى غرفة في الجوار ربما لإعطائي فسحة استجمع فيها أشتاتي وكلماتي.. أستعيد اتزاني وبعض من وعيي الشارد أو المضطرب..
• حدثت نفسي وقلت: إنها فرصة يجب أن لا تفوتني.. لطالما الخجل ألحقني بالخسران.. يجب أن أسأل عمّي عن تلك الفتاة! ومدى امكانية طلب يدها؟! يكفي ما أهدرته من فرص وسنين طوال.. أهدراي للفرص يعني أنني لا أستحقها.. فرصة مثل هذه يجب أن لا تذهب سدى!! لطالما أهدرتُ الفرص وخذلتها وخذلتُ معها روحي المتعبة..
• كان بإمكان فرصة واحدة أن تغيّر مجرى النهر.. كان بمقدور فرصة واحدة أن تغيّر ممشى الطريق، وتختصر مشوار الألف ميل.. فرصة واحدة من سنين طوال كان
بإمكانها أن تغيير الحال إلى أفضله.. عاشق وزوج وأب لأطفال يكبرون..
• احتدم التناقض داخلي.. تجاذبني التردد والخجل واستصعاب الحديث، وبين فرصة تستدعي جمع شجاعتي وجُرأتي.. وفي مخاضه قررت الانتصار للفرصة التي لربما تنتظرني، والبوح لعمّي عمّا يُعتمل داخلي من وقوع واحتدام..
وما أن دخل عمّي قلت له وأنا أتصبب عرقا:
- أريد أتزوج يا عم.. فترة طويلة وأنا أبحث عن فتاة تناسبني.. قبل قليل شاهدت فتاة ملئت عيوني في باب البيت التي في جواركم القريب.. أريد أن أخطبها.. أتمنى أن تساعدني في طرح الأمر على أسرتها وتعرفني عليهم ويتعرفون بي.. لعلي أجد فيها نصيب..
• أستفسرني عمّي عن البيت وصفات الفتاة التي شاهدتها بتفصيل أكثر.. فذهبت أصف كل التفاصيل من الصغيرة إلى الكبيرة، حتى لا يحدث أي التباس أو أدنى خطاء يمكنه أن يوقعني ويوقعه في حفرة كبيرة وإحراج أشد..
• أجابني عمي وقد فلتت عليه ضحكة.. أحسست إنها أصابتني بزلزلة.. ثم أعلمني إن “المخدرة” التي تم تجهيزها في الشارع أمام بيتها هي لعرسها.. أمتقع وجهي.. لحظة إرباك اجتاحت كياني.. زادت نبضاتي حتى انعدمت فواصلها وصارت كتيار كهربائي.. عاد قلبي من لديها عصفورا بلا جناح ولا ريش.. عاد يحشرج بصوت مخنوق بغصة ذابحة..
• أحسست بالخجل الأشد يستولى على كياني.. خيبة علقتني فيما يشبه المشنقة.. أردت مواراة وجهي سريعا عندما لم أجد مكانا أدسه فيه.. تمنيت لحظتها حضن أمي لأدس وجهي فيه، وأجهش بالبكاء حتى آخر نشيج، ولكن أمي كانت في البعيد..
• نهضت دون سيقان تقوى على حملي، وأنا أقول: "ليس لي نصيب" فيما كان عمي يطلب استبقائي لأستريح ونتغدّى معا، فيما أنا أستعجل أمري نحو المغادرة، والحزن يعتري بدني والصدمة تكاد تفجر عظامي.. حملت رجلاي التي خارت قواها، ولم تعد تقوى على المشي، وخرجت وأنا مكسورا ومكسوفا ومقطوب الوجه والحاجبين..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
• احتدم التناقض داخلي.. تجاذبني التردد والخجل واستصعاب الحديث، وبين فرصة تستدعي جمع شجاعتي وجُرأتي.. وفي مخاضه قررت الانتصار للفرصة التي لربما تنتظرني، والبوح لعمّي عمّا يُعتمل داخلي من وقوع واحتدام..
وما أن دخل عمّي قلت له وأنا أتصبب عرقا:
- أريد أتزوج يا عم.. فترة طويلة وأنا أبحث عن فتاة تناسبني.. قبل قليل شاهدت فتاة ملئت عيوني في باب البيت التي في جواركم القريب.. أريد أن أخطبها.. أتمنى أن تساعدني في طرح الأمر على أسرتها وتعرفني عليهم ويتعرفون بي.. لعلي أجد فيها نصيب..
• أستفسرني عمّي عن البيت وصفات الفتاة التي شاهدتها بتفصيل أكثر.. فذهبت أصف كل التفاصيل من الصغيرة إلى الكبيرة، حتى لا يحدث أي التباس أو أدنى خطاء يمكنه أن يوقعني ويوقعه في حفرة كبيرة وإحراج أشد..
• أجابني عمي وقد فلتت عليه ضحكة.. أحسست إنها أصابتني بزلزلة.. ثم أعلمني إن “المخدرة” التي تم تجهيزها في الشارع أمام بيتها هي لعرسها.. أمتقع وجهي.. لحظة إرباك اجتاحت كياني.. زادت نبضاتي حتى انعدمت فواصلها وصارت كتيار كهربائي.. عاد قلبي من لديها عصفورا بلا جناح ولا ريش.. عاد يحشرج بصوت مخنوق بغصة ذابحة..
• أحسست بالخجل الأشد يستولى على كياني.. خيبة علقتني فيما يشبه المشنقة.. أردت مواراة وجهي سريعا عندما لم أجد مكانا أدسه فيه.. تمنيت لحظتها حضن أمي لأدس وجهي فيه، وأجهش بالبكاء حتى آخر نشيج، ولكن أمي كانت في البعيد..
• نهضت دون سيقان تقوى على حملي، وأنا أقول: "ليس لي نصيب" فيما كان عمي يطلب استبقائي لأستريح ونتغدّى معا، فيما أنا أستعجل أمري نحو المغادرة، والحزن يعتري بدني والصدمة تكاد تفجر عظامي.. حملت رجلاي التي خارت قواها، ولم تعد تقوى على المشي، وخرجت وأنا مكسورا ومكسوفا ومقطوب الوجه والحاجبين..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
"أم شريف" أعانت وصولي إلى نصفي
احمد سيف حاشد
• "أم شريف" امرأة بلغت سن التقاعد، ولكنها كانت تبدو متينة وكرّاره.. تشبه الصناعة الجرمانية في قوتها وصلابتها.. وجهها الطولي ذو قسمات وملامح جاذبة تجعلها محل رضى وقبول.. متعافية وتتمتع بصحة وافرة.. لديها من الجُرأة ما تبلغ بها أحيانا حد المغامرة.. تجمعني بها صلة قرابة عن طريق بعض الأقارب من جهة أمي.
• وجدتُ ضالتي في "أم شريف".. إنها الصدفة التي أعانتني في الوصول إلى ما أريد.. فعندما ألتقيت بها كنت محبطا للغاية.. أحسست أن بمقدورها أن تساعد نصف وجودي بالعثور على نصفه الآخر الذي لازال في ظهر الغيب.. لذتُ إليها لاعتقادي أنها ستسرّع خطاي من أجل العثور على زوجة مناسبة، بعد فشلي الذريع وحصادي المُر للخيبات المتعاقبة..
• قلت لها:
- يا أم شريف.. أنا احتاجك.. أعتقد أنك تستطيعين مساعدتي أكثر من أي شخص آخر.. أنتِ "الكمندوز" الذي أراهن عليه.. أنت الإنزال المظلي الذي أعول عليه في الوصول إلى ما لا أستطيع الوصول إليه.. بإمكاني أن أعبر من خلالك الأبواب والغرف المغلقة.. أدخل البيوت التي لم أستطع الدخول إليها.. أنت جسر عبوري أتجاوز بك ما أستصعبه.. أصل من خلالك إلى فتاة أحلامي التي لطالما رمتها، وأخفقتُ في الوصول إليها..
يا أم شريف.. أتوق إلى فتاة جميلة وفقيرة وطيبة لأتزوجها.. لا أهتم كثيرا إن كانت تعمل أو لا تعمل.. لا أكترث إن كانت تقرأ أو لا تقرأ.. أهم شيء لدي أن تكون فتاة جميلة، ولديها الاستعداد أن تعيش ظروفي كيفما كانت، وتعبر معي وادي الجحيم دون حذاء إن أقتضى الحال.. أريد فتاة وفيّة تشاركني وجودي حتى آخر العمر..
• أبدت أم شريف استعدادها الجم واستجابتها المتحمسة والمجملة لما طلبتُ منها، وصرتُ أصحبها معي في غزواتي.. سرية استطلاعي ومفرزتي المتقدمة.. عندما أكلفها بمهمة مهما كانت صعبة وشاقة كانت تؤدّيها بنجاح وجسارة فذه.. انطلاقها عند تنفيذ بعض المهام كانت تشبه الصاروخ وهو ينطلق إلى هدفه.. هكذا كنت أشيد فيها وامتداحها من باب التشبيه وضرب المثل مع الفارق..
• وفي مرحلة من مراحل البحث عن شريكة حياتي شعرتُ أني استنفذت حيلتي، وبديتُ مثل ذلك "الهندي" الذي من شدة ما يعيشه من فقر وطفر يعود ويفتش سجلات جده لعله يجد على الغير دينا مهملا لصالح جده؛ فيذهب يبحث عن المديونيات، ويقوم بتحصيلها.. إنه مثال مع الفارق أيضا.. فتشتُ في ذاكرتي القصيّة.. وعصرت ذهني عشر مرات.. وتذكرتُ وجود أختين ينضحان بالجمال الذي يسلب العقول ويستولي على الوجدان.. عرفتهن قاصرات قبل سنوات حالما كنت أسكن عند عمي فريد في "دار سعد"..
- قلت لأم شريف:
الأن لاشك أن الزهرتين قد بلغتا سن الزواج.. لعل أجد نصيبي في إحداهن.. ربما القدر يعوضني عمّا فاتني من فرص وما طال من انتظار، ويجبر ما لحقني من عذابات وما أصابني من خيبات كثار.. إنهن جميلات يجبرن مصابي مهما بلغ.. جمال ينافس بعضه، ومفاتن تتملك القلوب وتسلب الألباب..
• وعندما سألتني أم شريف عمّا إذا كنت أعرف بيتهن، سارعتُ بالإجابة: نعم؛ ثم صحبتها معي حتى وصلنا باب العمارة، وأطلقتها في المهمة، بعد أن أرأتها الباحة القريبة التي سأنتظر فيها..
• كان قلبي يرجف ويوجف في انتظار طال.. قلق يغلي على موقد نار.. احتدام بين توقعي لخبر سار ومفرح، ينازعه بشدة خوف يبلغ حد الهلع من خيبة أخرى إن أصابتني ستكون فوق بلوغها صادمة تزلزل كياني وتهدهُ إلى آخره.. وجدتُ نفسي في انتظاري بين سقف توقعاتي العالي، وقاع صلد يُحتمل سقوطي عليه من برج مشيّد..
• لم أعد قادرا على ضبط إيقاعات نبضي السريع.. خرج قلبي عن السيطرة.. شعرت بوجود فجوة داخلي تشبه المغارة، وفراغ يتكور في صدري يكبر ويتسع.. قلق واضطراب يزداد ويشتد على روحي الممزقة.. إحساس يخامرني مع كل دقيقة من الوقت تمر أشبه بعربة مجرورة بثمانية وعشرين حصان تمر سنابكها على جسدي المنهك بالبحث والانتظار الذي طال..
• كلما تمادى الوقت أجد نفسي أدور وأذرع المكان الذي أقف عليه طولا وعرضا.. أنتظر الرد بفارغ الصبر.. أتوقع وأفترض وأتكهن.. أزداد اضطرابا كلما طال الانتظار أكثر..
• كنت أسأل نفسي وأتوجس:
- ماذا يا ترى يتحدثون كل هذا الوقت؟! هل أم شريف أحسنت العرض كما يجب؟! هل ارتابوا بقواها العقلية؟! لماذا لا ينادوني إن أرادوا التعرف على شخصي؟! هل أخبرتهم أم شريف بالمكان الذي أقف عليه؟! هل عاينوني من ثقب صغير أو من تحت ستارة النافذة؟! هل شاهدوا حركاتي القلقة ودوراني وذرعي للمكان، فاستمرأوا المشاهدة؛ ليخلصوا إلى الشك بسلامة قواي العقلية والذهنية؟! لماذا لا يدعونني لأثبت لهم أن قواي العقلية سليمة ومعافاة، وإن اعتراها بعض الضيق والإرباك والقلق؟! كانت الأسئلة تتزاحم، ورأسي يكاد ينفجر، فيما الانتظار لازال يطول ويضخ مزيدا من الأسئلة الأكثر قلقا..
• خرجت أم شريف من المنزل وفي صحبتها فتاة أظنها في سن العاشرة أو أكثر بقليل.. كان المفترض أن تأتيني أم شريف وتخبرني بالنتيجة، غير أنها رأتني
احمد سيف حاشد
• "أم شريف" امرأة بلغت سن التقاعد، ولكنها كانت تبدو متينة وكرّاره.. تشبه الصناعة الجرمانية في قوتها وصلابتها.. وجهها الطولي ذو قسمات وملامح جاذبة تجعلها محل رضى وقبول.. متعافية وتتمتع بصحة وافرة.. لديها من الجُرأة ما تبلغ بها أحيانا حد المغامرة.. تجمعني بها صلة قرابة عن طريق بعض الأقارب من جهة أمي.
• وجدتُ ضالتي في "أم شريف".. إنها الصدفة التي أعانتني في الوصول إلى ما أريد.. فعندما ألتقيت بها كنت محبطا للغاية.. أحسست أن بمقدورها أن تساعد نصف وجودي بالعثور على نصفه الآخر الذي لازال في ظهر الغيب.. لذتُ إليها لاعتقادي أنها ستسرّع خطاي من أجل العثور على زوجة مناسبة، بعد فشلي الذريع وحصادي المُر للخيبات المتعاقبة..
• قلت لها:
- يا أم شريف.. أنا احتاجك.. أعتقد أنك تستطيعين مساعدتي أكثر من أي شخص آخر.. أنتِ "الكمندوز" الذي أراهن عليه.. أنت الإنزال المظلي الذي أعول عليه في الوصول إلى ما لا أستطيع الوصول إليه.. بإمكاني أن أعبر من خلالك الأبواب والغرف المغلقة.. أدخل البيوت التي لم أستطع الدخول إليها.. أنت جسر عبوري أتجاوز بك ما أستصعبه.. أصل من خلالك إلى فتاة أحلامي التي لطالما رمتها، وأخفقتُ في الوصول إليها..
يا أم شريف.. أتوق إلى فتاة جميلة وفقيرة وطيبة لأتزوجها.. لا أهتم كثيرا إن كانت تعمل أو لا تعمل.. لا أكترث إن كانت تقرأ أو لا تقرأ.. أهم شيء لدي أن تكون فتاة جميلة، ولديها الاستعداد أن تعيش ظروفي كيفما كانت، وتعبر معي وادي الجحيم دون حذاء إن أقتضى الحال.. أريد فتاة وفيّة تشاركني وجودي حتى آخر العمر..
• أبدت أم شريف استعدادها الجم واستجابتها المتحمسة والمجملة لما طلبتُ منها، وصرتُ أصحبها معي في غزواتي.. سرية استطلاعي ومفرزتي المتقدمة.. عندما أكلفها بمهمة مهما كانت صعبة وشاقة كانت تؤدّيها بنجاح وجسارة فذه.. انطلاقها عند تنفيذ بعض المهام كانت تشبه الصاروخ وهو ينطلق إلى هدفه.. هكذا كنت أشيد فيها وامتداحها من باب التشبيه وضرب المثل مع الفارق..
• وفي مرحلة من مراحل البحث عن شريكة حياتي شعرتُ أني استنفذت حيلتي، وبديتُ مثل ذلك "الهندي" الذي من شدة ما يعيشه من فقر وطفر يعود ويفتش سجلات جده لعله يجد على الغير دينا مهملا لصالح جده؛ فيذهب يبحث عن المديونيات، ويقوم بتحصيلها.. إنه مثال مع الفارق أيضا.. فتشتُ في ذاكرتي القصيّة.. وعصرت ذهني عشر مرات.. وتذكرتُ وجود أختين ينضحان بالجمال الذي يسلب العقول ويستولي على الوجدان.. عرفتهن قاصرات قبل سنوات حالما كنت أسكن عند عمي فريد في "دار سعد"..
- قلت لأم شريف:
الأن لاشك أن الزهرتين قد بلغتا سن الزواج.. لعل أجد نصيبي في إحداهن.. ربما القدر يعوضني عمّا فاتني من فرص وما طال من انتظار، ويجبر ما لحقني من عذابات وما أصابني من خيبات كثار.. إنهن جميلات يجبرن مصابي مهما بلغ.. جمال ينافس بعضه، ومفاتن تتملك القلوب وتسلب الألباب..
• وعندما سألتني أم شريف عمّا إذا كنت أعرف بيتهن، سارعتُ بالإجابة: نعم؛ ثم صحبتها معي حتى وصلنا باب العمارة، وأطلقتها في المهمة، بعد أن أرأتها الباحة القريبة التي سأنتظر فيها..
• كان قلبي يرجف ويوجف في انتظار طال.. قلق يغلي على موقد نار.. احتدام بين توقعي لخبر سار ومفرح، ينازعه بشدة خوف يبلغ حد الهلع من خيبة أخرى إن أصابتني ستكون فوق بلوغها صادمة تزلزل كياني وتهدهُ إلى آخره.. وجدتُ نفسي في انتظاري بين سقف توقعاتي العالي، وقاع صلد يُحتمل سقوطي عليه من برج مشيّد..
• لم أعد قادرا على ضبط إيقاعات نبضي السريع.. خرج قلبي عن السيطرة.. شعرت بوجود فجوة داخلي تشبه المغارة، وفراغ يتكور في صدري يكبر ويتسع.. قلق واضطراب يزداد ويشتد على روحي الممزقة.. إحساس يخامرني مع كل دقيقة من الوقت تمر أشبه بعربة مجرورة بثمانية وعشرين حصان تمر سنابكها على جسدي المنهك بالبحث والانتظار الذي طال..
• كلما تمادى الوقت أجد نفسي أدور وأذرع المكان الذي أقف عليه طولا وعرضا.. أنتظر الرد بفارغ الصبر.. أتوقع وأفترض وأتكهن.. أزداد اضطرابا كلما طال الانتظار أكثر..
• كنت أسأل نفسي وأتوجس:
- ماذا يا ترى يتحدثون كل هذا الوقت؟! هل أم شريف أحسنت العرض كما يجب؟! هل ارتابوا بقواها العقلية؟! لماذا لا ينادوني إن أرادوا التعرف على شخصي؟! هل أخبرتهم أم شريف بالمكان الذي أقف عليه؟! هل عاينوني من ثقب صغير أو من تحت ستارة النافذة؟! هل شاهدوا حركاتي القلقة ودوراني وذرعي للمكان، فاستمرأوا المشاهدة؛ ليخلصوا إلى الشك بسلامة قواي العقلية والذهنية؟! لماذا لا يدعونني لأثبت لهم أن قواي العقلية سليمة ومعافاة، وإن اعتراها بعض الضيق والإرباك والقلق؟! كانت الأسئلة تتزاحم، ورأسي يكاد ينفجر، فيما الانتظار لازال يطول ويضخ مزيدا من الأسئلة الأكثر قلقا..
• خرجت أم شريف من المنزل وفي صحبتها فتاة أظنها في سن العاشرة أو أكثر بقليل.. كان المفترض أن تأتيني أم شريف وتخبرني بالنتيجة، غير أنها رأتني
في باحتي دون أن تعرني بالا، بل تجاهلتني على نحو غريب، ومضت منقادة كمسحورة خلف الفتاة الصغيرة.. غرقت في استغرابي وحيرتي!! لم أعد أفهم ماذا الذي يحدث؟! تبعتهما وكانت عيناي مصوبة نحوهما وتقتفي أثرهما، فيما قدماي تتخلف عني وكأني أسحب شجرة..
• دخلن إلى شارع فرعي فقير وقصير وغير متسع.. فيه ضوضاء وحركة وأطفال صغار.. تبعتهما بحذر وبمسافة أكبر.. شاهدت الفتاة وأم شريف يدخلان إحدى البيوت المتواضعة.. زدتُ غرقاً في حيرتي وذهولي دون أن أفهم ما الذي يحدث؟! ولماذا تجري الأمور على ذلك النحو؟! بديت غاضبا من أم شريف لأنها لم تكشف لي عند خروجها عمّا حدث!! لم تُفهمني إلى ماذا آل أمري؟! وماذا بخصوص من أتيت لأجلهن؟!
• كان عليّ الانتظار حتى تخرج أم شريف من البيت الأخير الذي ولجته لأسألها عمّا حدث ويحدث، وقد بدأ الغضب يغل ويحتدم في صدري.. وبعد قرابة النصف ساعة ـ وهي فترة بالنسبة لي كانت طويلة وقلقها أشد ـ خرجت من البيت بمفردها.. حاولت أكظم غيضي لأسمع أي نثرة قد حدثت دون علمي.. وما أن وصلت إلى عندي أجابتني باقتضاب وعجل:
- ما لك نصيب في البنات التي تشتي واحده منهن.. الكبيرة تزوجت، والصغيرة مخطوبة..
قلت لها: وليش تتأخرين مادام ليس لي نصيب.. "كلمة ورد غطاها".. أيش جلستي تفعلي كل هذا الوقت بدون فائدة..
- أجابت: جلسنا نتكلم عن بنت دلتني عليها "أم البنات".. ثم ارسلت معي الصغيرة، ودخلتُ أشوف البنت ما شاء الله عليها..
قلت لها: يعني خطبتي لي واحده ما شفتهاش.. ماعرفهاش.. أعجبتك أنتِ.. أنا ماعرفيش حتى بصورة..
- قالت: البنت حلوة وصغيرة ويتيمة بتعجبك.. أني فقط شاورت عليها.. أمها لم تكن موجودة.. قالوا أخوها مات، وراحت بيت الميت، وما بتعود من بيت الميت إلا بعد أسبوع.. عندما تجي سوف يردوا لي جواب..
قلت لها وهواجسي تهاجمني من كل صوب:
ما أدراني إنها جميلة؟! كيف أركن على عيونك؟! أبي شاف أمي ثم ذهب يطلب يدها من أهلها.. كان هذا قبل ثلاثين سنة، وأنا اليوم أطلب يد بنت ما شفتها!! هذه قده يانصيب!! أنا لا أعرفها وهي لا تعرفني.. لم يحدث هذا حتى في زمن جدي!!!
• أحسست أني قد وقعت في ورطة تكاد تكون غلطة العمر.. أتحرق وأشتاط على نفسي في داخلي.. أحاول أكظم غيظي وما يعتمل فيني من غضب.. شرر يتطاير منه إلى خارجي..
قلت لها:
"غلطة الشاطر بعشر" .. من قال لي أصطحب معي مجنونة؟! كم فيني هبالة وخفة عقل!! أين هذه الكلية التي تعلمتُ فيها، وعاد اسمها كلية الحقوق.. والله ما استاهل حتّى بصلة..
فردت أم شريف وقد بدأ غيضها يفيض:
- إذا ما تريدها عادي.. نحن لا خطبنا ولا تزوجنا.. نحن شاورنا بس.. وهم ماردوا.. قالوا لما تعود الأم لنا خبر..
• عادت أم شريف أدراجها، وبقيت أنا أحاول أن أرى الفتاة بأي طريقة، فيما لازالت كلمات أم شريف ترن في مسامعي " بنت ما شاء الله عليها.. حلوه وصغيرة ويتيمة" أثارت تلك الكلمات جماح فضولي.. جعلتني أكثر شغفا لأن أراها.. يومها صلت وجلت في الشارع ولكني لم أراها.. حاولت أمر من أمام بابها مرات عديدة، ولكنها لم تخرج ولم تطل برأسها.. عدتُ مرهقا، ولكن مع إرهاقي ليلتها لم أنم.. عشت ليلا أستعجل صبحه الذي تأخر.. وما أن أشرق الصبح حتى غادرت مكان إقامتي في "القلوعة" نحو بيتها في دار سعد.. أصريتُ أن أراها قبل أن أبدأ بأي خطوة أخرى..
• وفي اليوم الثاني لم تأت الساعة التاسعة صباحا إلا وكنت أنتظرها في مكان يسمح لي أن أرى الدخول والخروج من باب بيتها.. وبعد ساعات رأيت فتاة تكنس وتكرع الكنيس إلى الخارج.. هرعت نحوها.. استطعت أن أشاهدها وهي أيضا شاهدتني.. عدت كرة أخرى فأحسست أنها هي، فيما هي أيضا أحست أنني هو..
• غمرتني سعادة بطول وعرض السماء.. كدت أصرخ مثل أرخميدس "وجدتها.. وجدتها" كدت أطير من الفرح فوق السحاب.. صار حلمي أمام عيوني يقول لي: أنا هنا مُد يداك..
• بات الأمل أكبر مني، فيما اليأس الذي ظل يلاحقني وكاد في الأمس أن يدركني صار مهزوما ومكسورا يتلاشى إلى زوال.. باتت مقولة ناظم حكمت تدق باب قلبي وهي تردد "أجمل الأيام تلك التي لم تأت بعد" خُسراني بات معوضا، وما أصابني من فادح الخيبات صار مجبورا ومملوء بالعافية.. إنها صدفة القدر.. صدفة عثوري على نصف وجودي الذي كاد يتحول إلى مستحيل.. شكرا.. شكراً يا أم شريف..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
• دخلن إلى شارع فرعي فقير وقصير وغير متسع.. فيه ضوضاء وحركة وأطفال صغار.. تبعتهما بحذر وبمسافة أكبر.. شاهدت الفتاة وأم شريف يدخلان إحدى البيوت المتواضعة.. زدتُ غرقاً في حيرتي وذهولي دون أن أفهم ما الذي يحدث؟! ولماذا تجري الأمور على ذلك النحو؟! بديت غاضبا من أم شريف لأنها لم تكشف لي عند خروجها عمّا حدث!! لم تُفهمني إلى ماذا آل أمري؟! وماذا بخصوص من أتيت لأجلهن؟!
• كان عليّ الانتظار حتى تخرج أم شريف من البيت الأخير الذي ولجته لأسألها عمّا حدث ويحدث، وقد بدأ الغضب يغل ويحتدم في صدري.. وبعد قرابة النصف ساعة ـ وهي فترة بالنسبة لي كانت طويلة وقلقها أشد ـ خرجت من البيت بمفردها.. حاولت أكظم غيضي لأسمع أي نثرة قد حدثت دون علمي.. وما أن وصلت إلى عندي أجابتني باقتضاب وعجل:
- ما لك نصيب في البنات التي تشتي واحده منهن.. الكبيرة تزوجت، والصغيرة مخطوبة..
قلت لها: وليش تتأخرين مادام ليس لي نصيب.. "كلمة ورد غطاها".. أيش جلستي تفعلي كل هذا الوقت بدون فائدة..
- أجابت: جلسنا نتكلم عن بنت دلتني عليها "أم البنات".. ثم ارسلت معي الصغيرة، ودخلتُ أشوف البنت ما شاء الله عليها..
قلت لها: يعني خطبتي لي واحده ما شفتهاش.. ماعرفهاش.. أعجبتك أنتِ.. أنا ماعرفيش حتى بصورة..
- قالت: البنت حلوة وصغيرة ويتيمة بتعجبك.. أني فقط شاورت عليها.. أمها لم تكن موجودة.. قالوا أخوها مات، وراحت بيت الميت، وما بتعود من بيت الميت إلا بعد أسبوع.. عندما تجي سوف يردوا لي جواب..
قلت لها وهواجسي تهاجمني من كل صوب:
ما أدراني إنها جميلة؟! كيف أركن على عيونك؟! أبي شاف أمي ثم ذهب يطلب يدها من أهلها.. كان هذا قبل ثلاثين سنة، وأنا اليوم أطلب يد بنت ما شفتها!! هذه قده يانصيب!! أنا لا أعرفها وهي لا تعرفني.. لم يحدث هذا حتى في زمن جدي!!!
• أحسست أني قد وقعت في ورطة تكاد تكون غلطة العمر.. أتحرق وأشتاط على نفسي في داخلي.. أحاول أكظم غيظي وما يعتمل فيني من غضب.. شرر يتطاير منه إلى خارجي..
قلت لها:
"غلطة الشاطر بعشر" .. من قال لي أصطحب معي مجنونة؟! كم فيني هبالة وخفة عقل!! أين هذه الكلية التي تعلمتُ فيها، وعاد اسمها كلية الحقوق.. والله ما استاهل حتّى بصلة..
فردت أم شريف وقد بدأ غيضها يفيض:
- إذا ما تريدها عادي.. نحن لا خطبنا ولا تزوجنا.. نحن شاورنا بس.. وهم ماردوا.. قالوا لما تعود الأم لنا خبر..
• عادت أم شريف أدراجها، وبقيت أنا أحاول أن أرى الفتاة بأي طريقة، فيما لازالت كلمات أم شريف ترن في مسامعي " بنت ما شاء الله عليها.. حلوه وصغيرة ويتيمة" أثارت تلك الكلمات جماح فضولي.. جعلتني أكثر شغفا لأن أراها.. يومها صلت وجلت في الشارع ولكني لم أراها.. حاولت أمر من أمام بابها مرات عديدة، ولكنها لم تخرج ولم تطل برأسها.. عدتُ مرهقا، ولكن مع إرهاقي ليلتها لم أنم.. عشت ليلا أستعجل صبحه الذي تأخر.. وما أن أشرق الصبح حتى غادرت مكان إقامتي في "القلوعة" نحو بيتها في دار سعد.. أصريتُ أن أراها قبل أن أبدأ بأي خطوة أخرى..
• وفي اليوم الثاني لم تأت الساعة التاسعة صباحا إلا وكنت أنتظرها في مكان يسمح لي أن أرى الدخول والخروج من باب بيتها.. وبعد ساعات رأيت فتاة تكنس وتكرع الكنيس إلى الخارج.. هرعت نحوها.. استطعت أن أشاهدها وهي أيضا شاهدتني.. عدت كرة أخرى فأحسست أنها هي، فيما هي أيضا أحست أنني هو..
• غمرتني سعادة بطول وعرض السماء.. كدت أصرخ مثل أرخميدس "وجدتها.. وجدتها" كدت أطير من الفرح فوق السحاب.. صار حلمي أمام عيوني يقول لي: أنا هنا مُد يداك..
• بات الأمل أكبر مني، فيما اليأس الذي ظل يلاحقني وكاد في الأمس أن يدركني صار مهزوما ومكسورا يتلاشى إلى زوال.. باتت مقولة ناظم حكمت تدق باب قلبي وهي تردد "أجمل الأيام تلك التي لم تأت بعد" خُسراني بات معوضا، وما أصابني من فادح الخيبات صار مجبورا ومملوء بالعافية.. إنها صدفة القدر.. صدفة عثوري على نصف وجودي الذي كاد يتحول إلى مستحيل.. شكرا.. شكراً يا أم شريف..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
تغاريد غير مشفرة 1 - 18
(1)
من المهم أن تسحق مخاوفك..
اعترف..
اتصالح مع نفسك
اسقط كل ما لديهم من ورق..
وافهم من يعتقد أنه سوف يستغل نقاط ضعفك ومخاوفك ليستعبدك
ان الأحرار لا يستعبدون..
أخبرهم أن بإمكانك أن تحويل مخاوفك إلى قوة إن سحقتها..
انتصر على مخاوفك حتى وإن طالك بعض الضرر
"الرصاصة التي لم تصبك تقويك"
ستظل تهزمهم..
والأهم أن يكون ضميرك دوما دليلك إلى ما تريد..
أنك الأنقى والأصدق والأشجع حتى وإن حاصرتك قذارات العالم من كل جانب..
كن عظيما بنفسك رغم أنف حقارة العالم حتى وإن اجتمعت عليك كلها..
(2)
صدق من قال والقائل مجهول:
"نحن نعيش في أسوأ عصر في التاريخ
نحن وسط أقذر مجموعة بشرية
وجدت على الاطلاق"
(3)
لقد بتنا نرى ونسمع ونتألم
نعيش اللحظة بتفاصيلها الحقيرة
بتنا نفهم.. وان تفهم أكثر
يعني أنك صرت فائضا عن الحاجة بل يجب أن تموت
(4)
السفير البريطاني: نحن قريبون من نهاية الحرب في اليمن
قريبون يعني سنة أخرى حرب
وذلك حتى تتمكن بريطانيا وأخواتها من استكمال تقسيم اليمن
ما كذب من قال الاستعمار البغيض
(5)
حقارة العالم تتفرج ونحن نُقتل ونموت ونُغرق..
(6)
يبدو أن موانينا ليست معطلة فقط
ولكن أيضا مفخخة
وجاهزة
إلى أن يحتاج العدو تفجيرها
(7)
الجميع يتعرّى ومن لا يتعرّى سيتم نزع جلده، بل وعورته أيضا التي سيتم نشرها على الجميع سيظل التعرّي مستمرا حتى يصيروا هياكل عظمية أو رميم في متحف يشرح مراحل التعري والبشاعة التي رافقتها حتى صيرتها رميم أتحدث عن النخب السياسية المرتهنة وملحقاتها التي ستوصلنا نحن والوطن إلى خبر كان
(8)
من تقسيم الحصص
إلى تقسيم الوطن
إلى تقاسمه..
رحلة انتهت بنا إلى الجحيم الوخيم
(9)
نريد وقف الحروب على اليمن
نريد وقف الحروب في اليمن
لا نريد تشكيل حكومات..
(10)
ما حدث ويحدث جرائم مؤكدة
تُرتكب بصيغ متعددة
بحق الوطن
(11)
ألا يبرر الفقر الجائح هذا التعري الذي تقع عليه العيون..
كيف يرون التعري حتى وإن كان بحجم حلمة ثدي أنثى
أو حرف اشتياق يكسر رتابة الحياة التي صيروها تشبه الموت..
ولا يرون هذا الكون المتعري
وهذا الفقر الجائح..
والمجاعة التي تتسع كل يوم .
رابط المنشور هنا
(12)
ونحن في العشرين عام من الألفية الثالثة لا توجد لدى السلطة التشريعية في اليمن وهي السلطة الرقابية الأولى نظام محاسبي، بل حتى سجلات محاسبية على النحو الذي يجب..
علما أن (النظام المحاسبي ) في اليمن يعود إلى ما يزيد عن 2500 عام
اليمنيون ابتكروا الدورة المستندية المحاسبية في ذلك التاريخ..
فيما مجلسنا التشريعي اليوم لازال يشكو عدم وجود نظام محاسبي..
إنه الفساد والتخلف الذي ينيخ بثقله على كاهل هذا المجلس، واستمرار تكريسه من قبل سلطة الأمر الواقع..
(13)
مرتب
أنت لا تجيد الحساب..
أو أنك لا تعاني..
أو تعاني الغباء
أنت تستلم صدقة أو فتات..
أنت تنزف ولكنك لا تعي إلى أي حد قد نزفت
أنت تعاني الغياب
وعيك مفقود أو يعاني الدوار
إن كنت لا تستلم
أنت ميت ولكن..
تنتظر أن توارى الثرى
أو تأكل بقاياك الضباع..
(14)
حروب التسويات والتقاسم والمحاصصة..
والحروب الصغيرة المؤجلة..
والنزيف المستمر..
حروب رسم الحدود الداخلية على حساب الوطن الكبير..
لم تعد تضيف شيئا غير مزيد من إضاعة الوقت وهزيمة الوطن..
(15)
فطنا يباع ويُنهب كل يوم
ونحن نتقاتل بشراسة وحميّة
فيما نعيش أزمة مشتقات خانقة
نتناحر وننتحر
نختنق بقدر ما نقتتل
وبقدر ما ينهبون، نحن لا نعترض
نشتريه من السوق السوداء
بما يزيد أربعة أضعاف قيمته
فقدنا إحساسنا
وفقدنا كل الحواس
هذا بعض ما تصنعه الحروب التي لا يريدون لها أن تنتهي.
(16)
بعد شهر من الحظر الظالم أعود وأقول لكم:
الفيسبوك وسيلة تواصل اجتماعي غير مأمونة..
يجب أن تحفظوا ما تكتبونه في الفيس في مكان غيره حتى لا ينتهي ما تكتبوه بسنين طوال خلال لحظة شيطانية..
واعلموا أن الحسابات في الفيس مهددة بالإغلاق والمصادرة..
أقول هذا بعد أن تم إغلاق حسابي السابق ولي فيه أكثر من 58 ألف متابع مضى عليه أكثر من ست سنوات على الأرجح
وصفحة يمنات التي كان لديها أكثر من مليونين متابع ومليونين معجب عمرها اثناء عشر عام وفجأة وكأنها لم تكن.. تم اغلاقها للأبد..
الذباب الإلكتروني التابعة للسلطات أو الجهات والسلطات الممولة للجيوش الإلكترونية هي من تتحكم بمن يبقى ومن يجب أن يرحل عنه.. من خلال البلاغات
كما أن هناك جهات أمنية للسلطات تستطيع اختراق وحذف الاصدقاء وتقليل عدد مشاهديه بوسائل شتّى.. وهذا ما علمته من إحدى المصادر الرفيعة..
تعلمت بكلفة وخسارة أظنها فادحة على شخص مثلي.. فتعلموا أنتم بكلفة أقل واستفيدوا مما مررت به..
لقد لجأت لتوثيق ما أنشر وبعضها لانتشار ما أنشر بوسائل التواصل الاجتماعي الأخرى وهي أفضل وفي الأسوأ أقل ضررا..
1- التويتر
2- الوتس
3- التلجرام
(17)
نريد أولا تغيير "الصلاحي"
عاقل حارة القبة الخضراء
راحوا غيروا محمد البخيتي
وعينوه محافظ لذمار
(18)
من رسالة الأديب ال
(1)
من المهم أن تسحق مخاوفك..
اعترف..
اتصالح مع نفسك
اسقط كل ما لديهم من ورق..
وافهم من يعتقد أنه سوف يستغل نقاط ضعفك ومخاوفك ليستعبدك
ان الأحرار لا يستعبدون..
أخبرهم أن بإمكانك أن تحويل مخاوفك إلى قوة إن سحقتها..
انتصر على مخاوفك حتى وإن طالك بعض الضرر
"الرصاصة التي لم تصبك تقويك"
ستظل تهزمهم..
والأهم أن يكون ضميرك دوما دليلك إلى ما تريد..
أنك الأنقى والأصدق والأشجع حتى وإن حاصرتك قذارات العالم من كل جانب..
كن عظيما بنفسك رغم أنف حقارة العالم حتى وإن اجتمعت عليك كلها..
(2)
صدق من قال والقائل مجهول:
"نحن نعيش في أسوأ عصر في التاريخ
نحن وسط أقذر مجموعة بشرية
وجدت على الاطلاق"
(3)
لقد بتنا نرى ونسمع ونتألم
نعيش اللحظة بتفاصيلها الحقيرة
بتنا نفهم.. وان تفهم أكثر
يعني أنك صرت فائضا عن الحاجة بل يجب أن تموت
(4)
السفير البريطاني: نحن قريبون من نهاية الحرب في اليمن
قريبون يعني سنة أخرى حرب
وذلك حتى تتمكن بريطانيا وأخواتها من استكمال تقسيم اليمن
ما كذب من قال الاستعمار البغيض
(5)
حقارة العالم تتفرج ونحن نُقتل ونموت ونُغرق..
(6)
يبدو أن موانينا ليست معطلة فقط
ولكن أيضا مفخخة
وجاهزة
إلى أن يحتاج العدو تفجيرها
(7)
الجميع يتعرّى ومن لا يتعرّى سيتم نزع جلده، بل وعورته أيضا التي سيتم نشرها على الجميع سيظل التعرّي مستمرا حتى يصيروا هياكل عظمية أو رميم في متحف يشرح مراحل التعري والبشاعة التي رافقتها حتى صيرتها رميم أتحدث عن النخب السياسية المرتهنة وملحقاتها التي ستوصلنا نحن والوطن إلى خبر كان
(8)
من تقسيم الحصص
إلى تقسيم الوطن
إلى تقاسمه..
رحلة انتهت بنا إلى الجحيم الوخيم
(9)
نريد وقف الحروب على اليمن
نريد وقف الحروب في اليمن
لا نريد تشكيل حكومات..
(10)
ما حدث ويحدث جرائم مؤكدة
تُرتكب بصيغ متعددة
بحق الوطن
(11)
ألا يبرر الفقر الجائح هذا التعري الذي تقع عليه العيون..
كيف يرون التعري حتى وإن كان بحجم حلمة ثدي أنثى
أو حرف اشتياق يكسر رتابة الحياة التي صيروها تشبه الموت..
ولا يرون هذا الكون المتعري
وهذا الفقر الجائح..
والمجاعة التي تتسع كل يوم .
رابط المنشور هنا
(12)
ونحن في العشرين عام من الألفية الثالثة لا توجد لدى السلطة التشريعية في اليمن وهي السلطة الرقابية الأولى نظام محاسبي، بل حتى سجلات محاسبية على النحو الذي يجب..
علما أن (النظام المحاسبي ) في اليمن يعود إلى ما يزيد عن 2500 عام
اليمنيون ابتكروا الدورة المستندية المحاسبية في ذلك التاريخ..
فيما مجلسنا التشريعي اليوم لازال يشكو عدم وجود نظام محاسبي..
إنه الفساد والتخلف الذي ينيخ بثقله على كاهل هذا المجلس، واستمرار تكريسه من قبل سلطة الأمر الواقع..
(13)
مرتب
أنت لا تجيد الحساب..
أو أنك لا تعاني..
أو تعاني الغباء
أنت تستلم صدقة أو فتات..
أنت تنزف ولكنك لا تعي إلى أي حد قد نزفت
أنت تعاني الغياب
وعيك مفقود أو يعاني الدوار
إن كنت لا تستلم
أنت ميت ولكن..
تنتظر أن توارى الثرى
أو تأكل بقاياك الضباع..
(14)
حروب التسويات والتقاسم والمحاصصة..
والحروب الصغيرة المؤجلة..
والنزيف المستمر..
حروب رسم الحدود الداخلية على حساب الوطن الكبير..
لم تعد تضيف شيئا غير مزيد من إضاعة الوقت وهزيمة الوطن..
(15)
فطنا يباع ويُنهب كل يوم
ونحن نتقاتل بشراسة وحميّة
فيما نعيش أزمة مشتقات خانقة
نتناحر وننتحر
نختنق بقدر ما نقتتل
وبقدر ما ينهبون، نحن لا نعترض
نشتريه من السوق السوداء
بما يزيد أربعة أضعاف قيمته
فقدنا إحساسنا
وفقدنا كل الحواس
هذا بعض ما تصنعه الحروب التي لا يريدون لها أن تنتهي.
(16)
بعد شهر من الحظر الظالم أعود وأقول لكم:
الفيسبوك وسيلة تواصل اجتماعي غير مأمونة..
يجب أن تحفظوا ما تكتبونه في الفيس في مكان غيره حتى لا ينتهي ما تكتبوه بسنين طوال خلال لحظة شيطانية..
واعلموا أن الحسابات في الفيس مهددة بالإغلاق والمصادرة..
أقول هذا بعد أن تم إغلاق حسابي السابق ولي فيه أكثر من 58 ألف متابع مضى عليه أكثر من ست سنوات على الأرجح
وصفحة يمنات التي كان لديها أكثر من مليونين متابع ومليونين معجب عمرها اثناء عشر عام وفجأة وكأنها لم تكن.. تم اغلاقها للأبد..
الذباب الإلكتروني التابعة للسلطات أو الجهات والسلطات الممولة للجيوش الإلكترونية هي من تتحكم بمن يبقى ومن يجب أن يرحل عنه.. من خلال البلاغات
كما أن هناك جهات أمنية للسلطات تستطيع اختراق وحذف الاصدقاء وتقليل عدد مشاهديه بوسائل شتّى.. وهذا ما علمته من إحدى المصادر الرفيعة..
تعلمت بكلفة وخسارة أظنها فادحة على شخص مثلي.. فتعلموا أنتم بكلفة أقل واستفيدوا مما مررت به..
لقد لجأت لتوثيق ما أنشر وبعضها لانتشار ما أنشر بوسائل التواصل الاجتماعي الأخرى وهي أفضل وفي الأسوأ أقل ضررا..
1- التويتر
2- الوتس
3- التلجرام
(17)
نريد أولا تغيير "الصلاحي"
عاقل حارة القبة الخضراء
راحوا غيروا محمد البخيتي
وعينوه محافظ لذمار
(18)
من رسالة الأديب ال
روسي العظيم دوستويفسكي من سجنه لأخيه:
“إذا لم يُسمح لي في الكتابة فأظن أنني سوف أموت، وخير لي من ذلك أن أسجن خمسة عشر عاما ويكون في يدي قلم”
...
كثير من النقاد يقولون:
اعترافات جان جاك روسو
أصدق من اعترافات القديس أوغسطين
“إذا لم يُسمح لي في الكتابة فأظن أنني سوف أموت، وخير لي من ذلك أن أسجن خمسة عشر عاما ويكون في يدي قلم”
...
كثير من النقاد يقولون:
اعترافات جان جاك روسو
أصدق من اعترافات القديس أوغسطين
"أم شريف" أعانت وصولي إلى نصفي
احمد سيف حاشد
• "أم شريف" امرأة بلغت سن التقاعد، ولكنها كانت تبدو متينة وكرّاره.. تشبه الصناعة الجرمانية في قوتها وصلابتها.. وجهها الطولي ذو قسمات وملامح جاذبة تجعلها محل رضى وقبول.. متعافية وتتمتع بصحة وافرة.. لديها من الجُرأة ما تبلغ بها أحيانا حد المغامرة.. تجمعني بها صلة قرابة عن طريق بعض الأقارب من جهة أمي.
• وجدتُ ضالتي في "أم شريف".. إنها الصدفة التي أعانتني في الوصول إلى ما أريد.. فعندما ألتقيت بها كنت محبطا للغاية.. أحسست أن بمقدورها أن تساعد نصف وجودي بالعثور على نصفه الآخر الذي لازال في ظهر الغيب.. لذتُ إليها لاعتقادي أنها ستسرّع خطاي من أجل العثور على زوجة مناسبة، بعد فشلي الذريع وحصادي المُر للخيبات المتعاقبة..
• قلت لها:
- يا أم شريف.. أنا احتاجك.. أعتقد أنك تستطيعين مساعدتي أكثر من أي شخص آخر.. أنتِ "الكمندوز" الذي أراهن عليه.. أنت الإنزال المظلي الذي أعول عليه في الوصول إلى ما لا أستطيع الوصول إليه.. بإمكاني أن أعبر من خلالك الأبواب والغرف المغلقة.. أدخل البيوت التي لم أستطع الدخول إليها.. أنت جسر عبوري أتجاوز بك ما أستصعبه.. أصل من خلالك إلى فتاة أحلامي التي لطالما رمتها، وأخفقتُ في الوصول إليها..
يا أم شريف.. أتوق إلى فتاة جميلة وفقيرة وطيبة لأتزوجها.. لا أهتم كثيرا إن كانت تعمل أو لا تعمل.. لا أكترث إن كانت تقرأ أو لا تقرأ.. أهم شيء لدي أن تكون فتاة جميلة، ولديها الاستعداد أن تعيش ظروفي كيفما كانت، وتعبر معي وادي الجحيم دون حذاء إن أقتضى الحال.. أريد فتاة وفيّة تشاركني وجودي حتى آخر العمر..
• أبدت أم شريف استعدادها الجم واستجابتها المتحمسة والمجملة لما طلبتُ منها، وصرتُ أصحبها معي في غزواتي.. سرية استطلاعي ومفرزتي المتقدمة.. عندما أكلفها بمهمة مهما كانت صعبة وشاقة كانت تؤدّيها بنجاح وجسارة فذه.. انطلاقها عند تنفيذ بعض المهام كانت تشبه الصاروخ وهو ينطلق إلى هدفه.. هكذا كنت أشيد فيها وامتداحها من باب التشبيه وضرب المثل مع الفارق..
• وفي مرحلة من مراحل البحث عن شريكة حياتي شعرتُ أني استنفذت حيلتي، وبديتُ مثل ذلك "الهندي" الذي من شدة ما يعيشه من فقر وطفر يعود ويفتش سجلات جده لعله يجد على الغير دينا مهملا لصالح جده؛ فيذهب يبحث عن المديونيات، ويقوم بتحصيلها.. إنه مثال مع الفارق أيضا.. فتشتُ في ذاكرتي القصيّة.. وعصرت ذهني عشر مرات.. وتذكرتُ وجود أختين ينضحان بالجمال الذي يسلب العقول ويستولي على الوجدان.. عرفتهن قاصرات قبل سنوات حالما كنت أسكن عند عمي فريد في "دار سعد"..
- قلت لأم شريف:
الأن لاشك أن الزهرتين قد بلغتا سن الزواج.. لعل أجد نصيبي في إحداهن.. ربما القدر يعوضني عمّا فاتني من فرص وما طال من انتظار، ويجبر ما لحقني من عذابات وما أصابني من خيبات كثار.. إنهن جميلات يجبرن مصابي مهما بلغ.. جمال ينافس بعضه، ومفاتن تتملك القلوب وتسلب الألباب..
• وعندما سألتني أم شريف عمّا إذا كنت أعرف بيتهن، سارعتُ بالإجابة: نعم؛ ثم صحبتها معي حتى وصلنا باب العمارة، وأطلقتها في المهمة، بعد أن أرأتها الباحة القريبة التي سأنتظر فيها..
• كان قلبي يرجف ويوجف في انتظار طال.. قلق يغلي على موقد نار.. احتدام بين توقعي لخبر سار ومفرح، ينازعه بشدة خوف يبلغ حد الهلع من خيبة أخرى إن أصابتني ستكون فوق بلوغها صادمة تزلزل كياني وتهدهُ إلى آخره.. وجدتُ نفسي في انتظاري بين سقف توقعاتي العالي، وقاع صلد يُحتمل سقوطي عليه من برج مشيّد..
• لم أعد قادرا على ضبط إيقاعات نبضي السريع.. خرج قلبي عن السيطرة.. شعرت بوجود فجوة داخلي تشبه المغارة، وفراغ يتكور في صدري يكبر ويتسع.. قلق واضطراب يزداد ويشتد على روحي الممزقة.. إحساس يخامرني مع كل دقيقة من الوقت تمر أشبه بعربة مجرورة بثمانية وعشرين حصان تمر سنابكها على جسدي المنهك بالبحث والانتظار الذي طال..
• كلما تمادى الوقت أجد نفسي أدور وأذرع المكان الذي أقف عليه طولا وعرضا.. أنتظر الرد بفارغ الصبر.. أتوقع وأفترض وأتكهن.. أزداد اضطرابا كلما طال الانتظار أكثر..
• كنت أسأل نفسي وأتوجس:
- ماذا يا ترى يتحدثون كل هذا الوقت؟! هل أم شريف أحسنت العرض كما يجب؟! هل ارتابوا بقواها العقلية؟! لماذا لا ينادوني إن أرادوا التعرف على شخصي؟! هل أخبرتهم أم شريف بالمكان الذي أقف عليه؟! هل عاينوني من ثقب صغير أو من تحت ستارة النافذة؟! هل شاهدوا حركاتي القلقة ودوراني وذرعي للمكان، فاستمرأوا المشاهدة؛ ليخلصوا إلى الشك بسلامة قواي العقلية والذهنية؟! لماذا لا يدعونني لأثبت لهم أن قواي العقلية سليمة ومعافاة، وإن اعتراها بعض الضيق والإرباك والقلق؟! كانت الأسئلة تتزاحم، ورأسي يكاد ينفجر، فيما الانتظار لازال يطول ويضخ مزيدا من الأسئلة الأكثر قلقا..
• خرجت أم شريف من المنزل وفي صحبتها فتاة أظنها في سن العاشرة أو أكثر بقليل.. كان المفترض أن تأتيني أم شريف وتخبرني بالنتيجة، غير أنها رأتني
احمد سيف حاشد
• "أم شريف" امرأة بلغت سن التقاعد، ولكنها كانت تبدو متينة وكرّاره.. تشبه الصناعة الجرمانية في قوتها وصلابتها.. وجهها الطولي ذو قسمات وملامح جاذبة تجعلها محل رضى وقبول.. متعافية وتتمتع بصحة وافرة.. لديها من الجُرأة ما تبلغ بها أحيانا حد المغامرة.. تجمعني بها صلة قرابة عن طريق بعض الأقارب من جهة أمي.
• وجدتُ ضالتي في "أم شريف".. إنها الصدفة التي أعانتني في الوصول إلى ما أريد.. فعندما ألتقيت بها كنت محبطا للغاية.. أحسست أن بمقدورها أن تساعد نصف وجودي بالعثور على نصفه الآخر الذي لازال في ظهر الغيب.. لذتُ إليها لاعتقادي أنها ستسرّع خطاي من أجل العثور على زوجة مناسبة، بعد فشلي الذريع وحصادي المُر للخيبات المتعاقبة..
• قلت لها:
- يا أم شريف.. أنا احتاجك.. أعتقد أنك تستطيعين مساعدتي أكثر من أي شخص آخر.. أنتِ "الكمندوز" الذي أراهن عليه.. أنت الإنزال المظلي الذي أعول عليه في الوصول إلى ما لا أستطيع الوصول إليه.. بإمكاني أن أعبر من خلالك الأبواب والغرف المغلقة.. أدخل البيوت التي لم أستطع الدخول إليها.. أنت جسر عبوري أتجاوز بك ما أستصعبه.. أصل من خلالك إلى فتاة أحلامي التي لطالما رمتها، وأخفقتُ في الوصول إليها..
يا أم شريف.. أتوق إلى فتاة جميلة وفقيرة وطيبة لأتزوجها.. لا أهتم كثيرا إن كانت تعمل أو لا تعمل.. لا أكترث إن كانت تقرأ أو لا تقرأ.. أهم شيء لدي أن تكون فتاة جميلة، ولديها الاستعداد أن تعيش ظروفي كيفما كانت، وتعبر معي وادي الجحيم دون حذاء إن أقتضى الحال.. أريد فتاة وفيّة تشاركني وجودي حتى آخر العمر..
• أبدت أم شريف استعدادها الجم واستجابتها المتحمسة والمجملة لما طلبتُ منها، وصرتُ أصحبها معي في غزواتي.. سرية استطلاعي ومفرزتي المتقدمة.. عندما أكلفها بمهمة مهما كانت صعبة وشاقة كانت تؤدّيها بنجاح وجسارة فذه.. انطلاقها عند تنفيذ بعض المهام كانت تشبه الصاروخ وهو ينطلق إلى هدفه.. هكذا كنت أشيد فيها وامتداحها من باب التشبيه وضرب المثل مع الفارق..
• وفي مرحلة من مراحل البحث عن شريكة حياتي شعرتُ أني استنفذت حيلتي، وبديتُ مثل ذلك "الهندي" الذي من شدة ما يعيشه من فقر وطفر يعود ويفتش سجلات جده لعله يجد على الغير دينا مهملا لصالح جده؛ فيذهب يبحث عن المديونيات، ويقوم بتحصيلها.. إنه مثال مع الفارق أيضا.. فتشتُ في ذاكرتي القصيّة.. وعصرت ذهني عشر مرات.. وتذكرتُ وجود أختين ينضحان بالجمال الذي يسلب العقول ويستولي على الوجدان.. عرفتهن قاصرات قبل سنوات حالما كنت أسكن عند عمي فريد في "دار سعد"..
- قلت لأم شريف:
الأن لاشك أن الزهرتين قد بلغتا سن الزواج.. لعل أجد نصيبي في إحداهن.. ربما القدر يعوضني عمّا فاتني من فرص وما طال من انتظار، ويجبر ما لحقني من عذابات وما أصابني من خيبات كثار.. إنهن جميلات يجبرن مصابي مهما بلغ.. جمال ينافس بعضه، ومفاتن تتملك القلوب وتسلب الألباب..
• وعندما سألتني أم شريف عمّا إذا كنت أعرف بيتهن، سارعتُ بالإجابة: نعم؛ ثم صحبتها معي حتى وصلنا باب العمارة، وأطلقتها في المهمة، بعد أن أرأتها الباحة القريبة التي سأنتظر فيها..
• كان قلبي يرجف ويوجف في انتظار طال.. قلق يغلي على موقد نار.. احتدام بين توقعي لخبر سار ومفرح، ينازعه بشدة خوف يبلغ حد الهلع من خيبة أخرى إن أصابتني ستكون فوق بلوغها صادمة تزلزل كياني وتهدهُ إلى آخره.. وجدتُ نفسي في انتظاري بين سقف توقعاتي العالي، وقاع صلد يُحتمل سقوطي عليه من برج مشيّد..
• لم أعد قادرا على ضبط إيقاعات نبضي السريع.. خرج قلبي عن السيطرة.. شعرت بوجود فجوة داخلي تشبه المغارة، وفراغ يتكور في صدري يكبر ويتسع.. قلق واضطراب يزداد ويشتد على روحي الممزقة.. إحساس يخامرني مع كل دقيقة من الوقت تمر أشبه بعربة مجرورة بثمانية وعشرين حصان تمر سنابكها على جسدي المنهك بالبحث والانتظار الذي طال..
• كلما تمادى الوقت أجد نفسي أدور وأذرع المكان الذي أقف عليه طولا وعرضا.. أنتظر الرد بفارغ الصبر.. أتوقع وأفترض وأتكهن.. أزداد اضطرابا كلما طال الانتظار أكثر..
• كنت أسأل نفسي وأتوجس:
- ماذا يا ترى يتحدثون كل هذا الوقت؟! هل أم شريف أحسنت العرض كما يجب؟! هل ارتابوا بقواها العقلية؟! لماذا لا ينادوني إن أرادوا التعرف على شخصي؟! هل أخبرتهم أم شريف بالمكان الذي أقف عليه؟! هل عاينوني من ثقب صغير أو من تحت ستارة النافذة؟! هل شاهدوا حركاتي القلقة ودوراني وذرعي للمكان، فاستمرأوا المشاهدة؛ ليخلصوا إلى الشك بسلامة قواي العقلية والذهنية؟! لماذا لا يدعونني لأثبت لهم أن قواي العقلية سليمة ومعافاة، وإن اعتراها بعض الضيق والإرباك والقلق؟! كانت الأسئلة تتزاحم، ورأسي يكاد ينفجر، فيما الانتظار لازال يطول ويضخ مزيدا من الأسئلة الأكثر قلقا..
• خرجت أم شريف من المنزل وفي صحبتها فتاة أظنها في سن العاشرة أو أكثر بقليل.. كان المفترض أن تأتيني أم شريف وتخبرني بالنتيجة، غير أنها رأتني
في باحتي دون أن تعرني بالا، بل تجاهلتني على نحو غريب، ومضت منقادة كمسحورة خلف الفتاة الصغيرة.. غرقت في استغرابي وحيرتي!! لم أعد أفهم ماذا الذي يحدث؟! تبعتهما وكانت عيناي مصوبة نحوهما وتقتفي أثرهما، فيما قدماي تتخلف عني وكأني أسحب شجرة..
• دخلن إلى شارع فرعي فقير وقصير وغير متسع.. فيه ضوضاء وحركة وأطفال صغار.. تبعتهما بحذر وبمسافة أكبر.. شاهدت الفتاة وأم شريف يدخلان إحدى البيوت المتواضعة.. زدتُ غرقاً في حيرتي وذهولي دون أن أفهم ما الذي يحدث؟! ولماذا تجري الأمور على ذلك النحو؟! بديت غاضبا من أم شريف لأنها لم تكشف لي عند خروجها عمّا حدث!! لم تُفهمني إلى ماذا آل أمري؟! وماذا بخصوص من أتيت لأجلهن؟!
• كان عليّ الانتظار حتى تخرج أم شريف من البيت الأخير الذي ولجته لأسألها عمّا حدث ويحدث، وقد بدأ الغضب يغل ويحتدم في صدري.. وبعد قرابة النصف ساعة ـ وهي فترة بالنسبة لي كانت طويلة وقلقها أشد ـ خرجت من البيت بمفردها.. حاولت أكظم غيضي لأسمع أي نثرة قد حدثت دون علمي.. وما أن وصلت إلى عندي أجابتني باقتضاب وعجل:
- ما لك نصيب في البنات التي تشتي واحده منهن.. الكبيرة تزوجت، والصغيرة مخطوبة..
قلت لها: وليش تتأخرين مادام ليس لي نصيب.. "كلمة ورد غطاها".. أيش جلستي تفعلي كل هذا الوقت بدون فائدة..
- أجابت: جلسنا نتكلم عن بنت دلتني عليها "أم البنات".. ثم ارسلت معي الصغيرة، ودخلتُ أشوف البنت ما شاء الله عليها..
قلت لها: يعني خطبتي لي واحده ما شفتهاش.. ماعرفهاش.. أعجبتك أنتِ.. أنا ماعرفيش حتى بصورة..
- قالت: البنت حلوة وصغيرة ويتيمة بتعجبك.. أني فقط شاورت عليها.. أمها لم تكن موجودة.. قالوا أخوها مات، وراحت بيت الميت، وما بتعود من بيت الميت إلا بعد أسبوع.. عندما تجي سوف يردوا لي جواب..
قلت لها وهواجسي تهاجمني من كل صوب:
ما أدراني إنها جميلة؟! كيف أركن على عيونك؟! أبي شاف أمي ثم ذهب يطلب يدها من أهلها.. كان هذا قبل ثلاثين سنة، وأنا اليوم أطلب يد بنت ما شفتها!! هذه قده يانصيب!! أنا لا أعرفها وهي لا تعرفني.. لم يحدث هذا حتى في زمن جدي!!!
• أحسست أني قد وقعت في ورطة تكاد تكون غلطة العمر.. أتحرق وأشتاط على نفسي في داخلي.. أحاول أكظم غيظي وما يعتمل فيني من غضب.. شرر يتطاير منه إلى خارجي..
قلت لها:
"غلطة الشاطر بعشر" .. من قال لي أصطحب معي مجنونة؟! كم فيني هبالة وخفة عقل!! أين هذه الكلية التي تعلمتُ فيها، وعاد اسمها كلية الحقوق.. والله ما استاهل حتّى بصلة..
فردت أم شريف وقد بدأ غيضها يفيض:
- إذا ما تريدها عادي.. نحن لا خطبنا ولا تزوجنا.. نحن شاورنا بس.. وهم ماردوا.. قالوا لما تعود الأم لنا خبر..
• عادت أم شريف أدراجها، وبقيت أنا أحاول أن أرى الفتاة بأي طريقة، فيما لازالت كلمات أم شريف ترن في مسامعي " بنت ما شاء الله عليها.. حلوه وصغيرة ويتيمة" أثارت تلك الكلمات جماح فضولي.. جعلتني أكثر شغفا لأن أراها.. يومها صلت وجلت في الشارع ولكني لم أراها.. حاولت أمر من أمام بابها مرات عديدة، ولكنها لم تخرج ولم تطل برأسها.. عدتُ مرهقا، ولكن مع إرهاقي ليلتها لم أنم.. عشت ليلا أستعجل صبحه الذي تأخر.. وما أن أشرق الصبح حتى غادرت مكان إقامتي في "القلوعة" نحو بيتها في دار سعد.. أصريتُ أن أراها قبل أن أبدأ بأي خطوة أخرى..
• وفي اليوم الثاني لم تأت الساعة التاسعة صباحا إلا وكنت أنتظرها في مكان يسمح لي أن أرى الدخول والخروج من باب بيتها.. وبعد ساعات رأيت فتاة تكنس وتكرع الكنيس إلى الخارج.. هرعت نحوها.. استطعت أن أشاهدها وهي أيضا شاهدتني.. عدت كرة أخرى فأحسست أنها هي، فيما هي أيضا أحست أنني هو..
• غمرتني سعادة بطول وعرض السماء.. كدت أصرخ مثل أرخميدس "وجدتها.. وجدتها" كدت أطير من الفرح فوق السحاب.. صار حلمي أمام عيوني يقول لي: أنا هنا مُد يداك..
• بات الأمل أكبر مني، فيما اليأس الذي ظل يلاحقني وكاد في الأمس أن يدركني صار مهزوما ومكسورا يتلاشى إلى زوال.. باتت مقولة ناظم حكمت تدق باب قلبي وهي تردد "أجمل الأيام تلك التي لم تأت بعد" خُسراني بات معوضا، وما أصابني من فادح الخيبات صار مجبورا ومملوء بالعافية.. إنها صدفة القدر.. صدفة عثوري على نصف وجودي الذي كاد يتحول إلى مستحيل.. شكرا.. شكراً يا أم شريف..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
• دخلن إلى شارع فرعي فقير وقصير وغير متسع.. فيه ضوضاء وحركة وأطفال صغار.. تبعتهما بحذر وبمسافة أكبر.. شاهدت الفتاة وأم شريف يدخلان إحدى البيوت المتواضعة.. زدتُ غرقاً في حيرتي وذهولي دون أن أفهم ما الذي يحدث؟! ولماذا تجري الأمور على ذلك النحو؟! بديت غاضبا من أم شريف لأنها لم تكشف لي عند خروجها عمّا حدث!! لم تُفهمني إلى ماذا آل أمري؟! وماذا بخصوص من أتيت لأجلهن؟!
• كان عليّ الانتظار حتى تخرج أم شريف من البيت الأخير الذي ولجته لأسألها عمّا حدث ويحدث، وقد بدأ الغضب يغل ويحتدم في صدري.. وبعد قرابة النصف ساعة ـ وهي فترة بالنسبة لي كانت طويلة وقلقها أشد ـ خرجت من البيت بمفردها.. حاولت أكظم غيضي لأسمع أي نثرة قد حدثت دون علمي.. وما أن وصلت إلى عندي أجابتني باقتضاب وعجل:
- ما لك نصيب في البنات التي تشتي واحده منهن.. الكبيرة تزوجت، والصغيرة مخطوبة..
قلت لها: وليش تتأخرين مادام ليس لي نصيب.. "كلمة ورد غطاها".. أيش جلستي تفعلي كل هذا الوقت بدون فائدة..
- أجابت: جلسنا نتكلم عن بنت دلتني عليها "أم البنات".. ثم ارسلت معي الصغيرة، ودخلتُ أشوف البنت ما شاء الله عليها..
قلت لها: يعني خطبتي لي واحده ما شفتهاش.. ماعرفهاش.. أعجبتك أنتِ.. أنا ماعرفيش حتى بصورة..
- قالت: البنت حلوة وصغيرة ويتيمة بتعجبك.. أني فقط شاورت عليها.. أمها لم تكن موجودة.. قالوا أخوها مات، وراحت بيت الميت، وما بتعود من بيت الميت إلا بعد أسبوع.. عندما تجي سوف يردوا لي جواب..
قلت لها وهواجسي تهاجمني من كل صوب:
ما أدراني إنها جميلة؟! كيف أركن على عيونك؟! أبي شاف أمي ثم ذهب يطلب يدها من أهلها.. كان هذا قبل ثلاثين سنة، وأنا اليوم أطلب يد بنت ما شفتها!! هذه قده يانصيب!! أنا لا أعرفها وهي لا تعرفني.. لم يحدث هذا حتى في زمن جدي!!!
• أحسست أني قد وقعت في ورطة تكاد تكون غلطة العمر.. أتحرق وأشتاط على نفسي في داخلي.. أحاول أكظم غيظي وما يعتمل فيني من غضب.. شرر يتطاير منه إلى خارجي..
قلت لها:
"غلطة الشاطر بعشر" .. من قال لي أصطحب معي مجنونة؟! كم فيني هبالة وخفة عقل!! أين هذه الكلية التي تعلمتُ فيها، وعاد اسمها كلية الحقوق.. والله ما استاهل حتّى بصلة..
فردت أم شريف وقد بدأ غيضها يفيض:
- إذا ما تريدها عادي.. نحن لا خطبنا ولا تزوجنا.. نحن شاورنا بس.. وهم ماردوا.. قالوا لما تعود الأم لنا خبر..
• عادت أم شريف أدراجها، وبقيت أنا أحاول أن أرى الفتاة بأي طريقة، فيما لازالت كلمات أم شريف ترن في مسامعي " بنت ما شاء الله عليها.. حلوه وصغيرة ويتيمة" أثارت تلك الكلمات جماح فضولي.. جعلتني أكثر شغفا لأن أراها.. يومها صلت وجلت في الشارع ولكني لم أراها.. حاولت أمر من أمام بابها مرات عديدة، ولكنها لم تخرج ولم تطل برأسها.. عدتُ مرهقا، ولكن مع إرهاقي ليلتها لم أنم.. عشت ليلا أستعجل صبحه الذي تأخر.. وما أن أشرق الصبح حتى غادرت مكان إقامتي في "القلوعة" نحو بيتها في دار سعد.. أصريتُ أن أراها قبل أن أبدأ بأي خطوة أخرى..
• وفي اليوم الثاني لم تأت الساعة التاسعة صباحا إلا وكنت أنتظرها في مكان يسمح لي أن أرى الدخول والخروج من باب بيتها.. وبعد ساعات رأيت فتاة تكنس وتكرع الكنيس إلى الخارج.. هرعت نحوها.. استطعت أن أشاهدها وهي أيضا شاهدتني.. عدت كرة أخرى فأحسست أنها هي، فيما هي أيضا أحست أنني هو..
• غمرتني سعادة بطول وعرض السماء.. كدت أصرخ مثل أرخميدس "وجدتها.. وجدتها" كدت أطير من الفرح فوق السحاب.. صار حلمي أمام عيوني يقول لي: أنا هنا مُد يداك..
• بات الأمل أكبر مني، فيما اليأس الذي ظل يلاحقني وكاد في الأمس أن يدركني صار مهزوما ومكسورا يتلاشى إلى زوال.. باتت مقولة ناظم حكمت تدق باب قلبي وهي تردد "أجمل الأيام تلك التي لم تأت بعد" خُسراني بات معوضا، وما أصابني من فادح الخيبات صار مجبورا ومملوء بالعافية.. إنها صدفة القدر.. صدفة عثوري على نصف وجودي الذي كاد يتحول إلى مستحيل.. شكرا.. شكراً يا أم شريف..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
أسبوع قبل الخطوبة!
رأيتها وجزمتُ للوهلة الأولى أنها هي لا غيرها، بإشراقها وجمالها وإحساسي بها، بيد أن شك جاس فيني وأعترى.. هاجس إلى نفسي تسرّب وأنتشر.. تشربت منه ظنوني، وأيقظ الشك فيني الأسئلة!! ما أحوج حاصد الخيبات لقلب مطمئن.. لطالما صادني البخت النحوس.. كم خانني الظن، وكم قلَب الحظ في وجهي المجن، كم هويت في مهاوي مُهلكات، وكم وقعتُ في درب الهوى "رأسا على عقب"!
رأيتها في المرة الأولى بأم عيني الاثنتين.. أبهرتني وأحيت الروح فيني من جديد.. عاد الأمل بعد إخفاق ويأس.. رغم هذا بقى في صدري هاجس يجوس.. ربما عيوني كانت مجهدة.. عدتُ وعاودتُ النظر.. فركتُ عيوني ودعكتها بالأصابع واليدين..
سألتُ نفسي: هل ما رأيتُ هي الحقيقة ذاتها؟!
- أجابتني الحقيقة: ذلك ما رأيت..
رغم هذا ظل شيء داخلي يشدّني دون علمي ما هو!! اعتلال أم اختلال واضطراب؟! أخشى التوهم والسراب.. نفسي تريد أن تُصدّق بعد يأس وانتظار!! بلغت الدهشة مبلغا لا يصدّق.. وجب التحقُق والتأكد مرتين..
بعد العيان كرّتين، قالت عيوني "هي.. هي.." طرتُ بأجنحة الفرح فوق السِّحاب.. حلّقتُ في السماء البعيدة والفضاءات الرحيبة.. ثقب من الخوف تسلل إلى نفسي وقال:
- ان تهوي من فوق السحاب أنت مقتُولا لا محالة..
قلت لنفسي: لن أترك باب موارب، أو التباس يربك أم الحواس.. لزم التحرّي وسد كل الشقوق والثقوب والثغور.. لزم التحرر من كل الظنون والمخاوف.. حيرتي أشغلتني.. يا أم شريف بددي حيرة نازعتني بين أكسوم ومارب..
ذهبتُ لأم شريف وأنا مثقلا بالهم الثقيل.. أريد أن أقطع شكّي باليقين.. استجديتها ورجوتها أن تستفيض بما رأت، وما تنامى للمسامع، وتزيل عن فهمي كل لبس محتمل.
أفهمتني وأكدت أنها هي لا سواها.. أختها الكبرى متزوجه، والثانية لازالت صغيرة.. فصلّت أوصافها، وأنا مُنهمك أطابق.. أعاير قولها على ما رأيتُ.. ثم صرتُ أنا من يصف، وهي تردد وتؤكد كل فقرة مرتين.. تلألأت في وجهي العبوس وهج الشموس البهيجة.. كل شيء بات فيني يضيء ويحتفل..
سعادتي باتت أكبر من وجودي.. ورغم هذا لازال فيني إحساس يجوس!! هاجس في داخلي يحثني لتكبير الحقيقة.. لابد للقلب الشغوف أن يطمئن ويستريح.. قلبي الذي عاش أكواما وأكوانا من الخيبة الثقيلة.. كل حيرة يجب أن تبددها الحقيقة.. أو هكذا صرتُ أفكُر عندما أجد الوجود لا يتسع لفرحتي الكبيرة!!
***
في اليوم الثالث ذهبت لعمتي أم عبده فريد، اليد التي التقطت خروجي لواجهة الوجودِ.. طلبت منها أن تزرها وتقريني تفاصيل الكتاب.. تتأكد بأم عينها مما رأيت.. يومها كانت تقيم في مكان قريب من بيت الفتاة.. أعطيتها أوصافها وما سمعتُ من الكلام؛ عادت بتأكيد المؤكد.. ثم قالت: آية في الحسن ومعجزة قلما جاد بمثلهما الزمان..
استمعت لها بألف اذن وألف لهفة، ولم أكف عن السؤال!! بديت كطفل في سن الحضانة.. فاغر الفاه مبلودا بدهشة، وأحيانا أعيد السؤال وأكرره كأبله.. يا لقلة حيلتي!! وعندنا تفرغ ما لديها من الكلام، أرجوها بأن تستمر ولا تتم.. أريد أن أوغل في السماع حتى أسكر..
كنت أرجوها أن تُسهب وتُكثر في الحديث.. وأكثر من الكثير إن تأتّى.. تستفيض إن كان ممكن.. تعرّقتُ وشعرتُ بحرج أشد وهي ترسل نصف ابتسامة حالما سألتها عن نهود من رأيت.. بديتُ كرضيع أو دون سن الفطام.. ظللت مشدوها إلى فمها وهي تُحدّث عمن أحب.. معلقا أنا على الشفة كأجراس الكنيسة.. وشغفي بمعرفة المزيد لا ينتهي، ولا يحط له رحال..
أسبوع كامل صرت فيه أحلم أكثر مما أنام.. أستقطع من يقظتي أكثر من بواقيها.. أنشغل بحلمي أكثر من وقت انشغالاتي، حتى بديتُ حالما على حلم أستغرق صاحبه ألف مرة.. نهاية الأسبوع أرسلتُ رسولي لأكمل ما بديت، غير أن أم الفتاة استمهلت للسؤال عنّي حتى لا تجازف.. وكان عليّ الانتظار..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
يتبع..
بعض تفاصيل حياتي
رأيتها وجزمتُ للوهلة الأولى أنها هي لا غيرها، بإشراقها وجمالها وإحساسي بها، بيد أن شك جاس فيني وأعترى.. هاجس إلى نفسي تسرّب وأنتشر.. تشربت منه ظنوني، وأيقظ الشك فيني الأسئلة!! ما أحوج حاصد الخيبات لقلب مطمئن.. لطالما صادني البخت النحوس.. كم خانني الظن، وكم قلَب الحظ في وجهي المجن، كم هويت في مهاوي مُهلكات، وكم وقعتُ في درب الهوى "رأسا على عقب"!
رأيتها في المرة الأولى بأم عيني الاثنتين.. أبهرتني وأحيت الروح فيني من جديد.. عاد الأمل بعد إخفاق ويأس.. رغم هذا بقى في صدري هاجس يجوس.. ربما عيوني كانت مجهدة.. عدتُ وعاودتُ النظر.. فركتُ عيوني ودعكتها بالأصابع واليدين..
سألتُ نفسي: هل ما رأيتُ هي الحقيقة ذاتها؟!
- أجابتني الحقيقة: ذلك ما رأيت..
رغم هذا ظل شيء داخلي يشدّني دون علمي ما هو!! اعتلال أم اختلال واضطراب؟! أخشى التوهم والسراب.. نفسي تريد أن تُصدّق بعد يأس وانتظار!! بلغت الدهشة مبلغا لا يصدّق.. وجب التحقُق والتأكد مرتين..
بعد العيان كرّتين، قالت عيوني "هي.. هي.." طرتُ بأجنحة الفرح فوق السِّحاب.. حلّقتُ في السماء البعيدة والفضاءات الرحيبة.. ثقب من الخوف تسلل إلى نفسي وقال:
- ان تهوي من فوق السحاب أنت مقتُولا لا محالة..
قلت لنفسي: لن أترك باب موارب، أو التباس يربك أم الحواس.. لزم التحرّي وسد كل الشقوق والثقوب والثغور.. لزم التحرر من كل الظنون والمخاوف.. حيرتي أشغلتني.. يا أم شريف بددي حيرة نازعتني بين أكسوم ومارب..
ذهبتُ لأم شريف وأنا مثقلا بالهم الثقيل.. أريد أن أقطع شكّي باليقين.. استجديتها ورجوتها أن تستفيض بما رأت، وما تنامى للمسامع، وتزيل عن فهمي كل لبس محتمل.
أفهمتني وأكدت أنها هي لا سواها.. أختها الكبرى متزوجه، والثانية لازالت صغيرة.. فصلّت أوصافها، وأنا مُنهمك أطابق.. أعاير قولها على ما رأيتُ.. ثم صرتُ أنا من يصف، وهي تردد وتؤكد كل فقرة مرتين.. تلألأت في وجهي العبوس وهج الشموس البهيجة.. كل شيء بات فيني يضيء ويحتفل..
سعادتي باتت أكبر من وجودي.. ورغم هذا لازال فيني إحساس يجوس!! هاجس في داخلي يحثني لتكبير الحقيقة.. لابد للقلب الشغوف أن يطمئن ويستريح.. قلبي الذي عاش أكواما وأكوانا من الخيبة الثقيلة.. كل حيرة يجب أن تبددها الحقيقة.. أو هكذا صرتُ أفكُر عندما أجد الوجود لا يتسع لفرحتي الكبيرة!!
***
في اليوم الثالث ذهبت لعمتي أم عبده فريد، اليد التي التقطت خروجي لواجهة الوجودِ.. طلبت منها أن تزرها وتقريني تفاصيل الكتاب.. تتأكد بأم عينها مما رأيت.. يومها كانت تقيم في مكان قريب من بيت الفتاة.. أعطيتها أوصافها وما سمعتُ من الكلام؛ عادت بتأكيد المؤكد.. ثم قالت: آية في الحسن ومعجزة قلما جاد بمثلهما الزمان..
استمعت لها بألف اذن وألف لهفة، ولم أكف عن السؤال!! بديت كطفل في سن الحضانة.. فاغر الفاه مبلودا بدهشة، وأحيانا أعيد السؤال وأكرره كأبله.. يا لقلة حيلتي!! وعندنا تفرغ ما لديها من الكلام، أرجوها بأن تستمر ولا تتم.. أريد أن أوغل في السماع حتى أسكر..
كنت أرجوها أن تُسهب وتُكثر في الحديث.. وأكثر من الكثير إن تأتّى.. تستفيض إن كان ممكن.. تعرّقتُ وشعرتُ بحرج أشد وهي ترسل نصف ابتسامة حالما سألتها عن نهود من رأيت.. بديتُ كرضيع أو دون سن الفطام.. ظللت مشدوها إلى فمها وهي تُحدّث عمن أحب.. معلقا أنا على الشفة كأجراس الكنيسة.. وشغفي بمعرفة المزيد لا ينتهي، ولا يحط له رحال..
أسبوع كامل صرت فيه أحلم أكثر مما أنام.. أستقطع من يقظتي أكثر من بواقيها.. أنشغل بحلمي أكثر من وقت انشغالاتي، حتى بديتُ حالما على حلم أستغرق صاحبه ألف مرة.. نهاية الأسبوع أرسلتُ رسولي لأكمل ما بديت، غير أن أم الفتاة استمهلت للسؤال عنّي حتى لا تجازف.. وكان عليّ الانتظار..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
يتبع..
بعض تفاصيل حياتي
تغاريد غير مشفرة
ضد تطبيع القتل والتمزيق
احمد سيف حاشد (1)
أنجزوا مهمة تمزيق الأوطان
وإشعال التناحر والاقتتال فيها
وبدأوا في التطبيع المريح والمعلن
وقد صار كل شيئا جاهز لما بعده
(2)
صار كل شيء مُغتصب
وطننا
شعبنا
أطفالنا
ثرواتنا
مستقبلنا
مغتصبين في الوطن
في السجون
في العمل
في المنفى
في المهجر
في الحدود
وفيما يقع تحت سلطات أمراء الحرب
(3)
التطبيع الذي يأتي
على حساب قتلنا وحصارنا
وتمزيق شعوبنا وأوطاننا
واستباحة إنسانيتنا أرفضه ولا أطيقه
(4)
تطبيع الإمارات
أضعفت "حلفاءها" في اليمن وليبيا
وقوّت خصومهم
(5)
مشكلة القوى السياسية اليمنية أو معظمها
لا تضع مسافة بينها وبين داعميها
ولا يتحولون أشخاصها إلى أتباع فقط
وإنما يتحولون إلى واقيات ذكرية
وزائد على هذا تتنافس فيما بينها لتقديم المزيد من التنازل لتكون الأفضل..
إنه حال أكثر من مؤسف
(6)
تستطيع أن ترى مدى العهر السياسي القائم
ونحن نرى الأتباع
بل "العبيد"
وهم يتجادلون ويدافعون عن أصنامهم بحق وباطل
(7)
هناك من القوى السياسية اليمنية
من تريد أوطان أصغر من البحرين بالنسبة للسعودية
وأقل من البحرين بالنسبة للإمارات
(8)
في هذا السقوط المخزي والمريع
هناك يمنيين رخاص ومبتذلين
يريدون أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك
واحد أراد أن يعطيني ألف قرش
وأراد أن يقرشني معه بفلم ملون
والله لا أدردح بكم أمام العالم وأقول كل حاجة..
قدنا ذاك المجنون والمنتحر..
ضد تطبيع القتل والتمزيق
احمد سيف حاشد (1)
أنجزوا مهمة تمزيق الأوطان
وإشعال التناحر والاقتتال فيها
وبدأوا في التطبيع المريح والمعلن
وقد صار كل شيئا جاهز لما بعده
(2)
صار كل شيء مُغتصب
وطننا
شعبنا
أطفالنا
ثرواتنا
مستقبلنا
مغتصبين في الوطن
في السجون
في العمل
في المنفى
في المهجر
في الحدود
وفيما يقع تحت سلطات أمراء الحرب
(3)
التطبيع الذي يأتي
على حساب قتلنا وحصارنا
وتمزيق شعوبنا وأوطاننا
واستباحة إنسانيتنا أرفضه ولا أطيقه
(4)
تطبيع الإمارات
أضعفت "حلفاءها" في اليمن وليبيا
وقوّت خصومهم
(5)
مشكلة القوى السياسية اليمنية أو معظمها
لا تضع مسافة بينها وبين داعميها
ولا يتحولون أشخاصها إلى أتباع فقط
وإنما يتحولون إلى واقيات ذكرية
وزائد على هذا تتنافس فيما بينها لتقديم المزيد من التنازل لتكون الأفضل..
إنه حال أكثر من مؤسف
(6)
تستطيع أن ترى مدى العهر السياسي القائم
ونحن نرى الأتباع
بل "العبيد"
وهم يتجادلون ويدافعون عن أصنامهم بحق وباطل
(7)
هناك من القوى السياسية اليمنية
من تريد أوطان أصغر من البحرين بالنسبة للسعودية
وأقل من البحرين بالنسبة للإمارات
(8)
في هذا السقوط المخزي والمريع
هناك يمنيين رخاص ومبتذلين
يريدون أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك
واحد أراد أن يعطيني ألف قرش
وأراد أن يقرشني معه بفلم ملون
والله لا أدردح بكم أمام العالم وأقول كل حاجة..
قدنا ذاك المجنون والمنتحر..
لا أسوأ من هذه المأساة.. الرعب المهول.. الفاجعة الإنسانية الكارثية
إلا من يوظفونها ويكايدون بها سياسيا.. وبسقوط قيمي واخلاقي مريع
إلا من يوظفونها ويكايدون بها سياسيا.. وبسقوط قيمي واخلاقي مريع
https://ahmedsaifhashedhashem.wordpress.com/2020/08/05/8877-9/
لا أسوأ من هذه المأساة.. الرعب المهول.. الفاجعة الإنسانية الكارثية
لا أسوأ من هذه المأساة.. الرعب المهول.. الفاجعة الإنسانية الكارثية
مدونة النائب أحمـــد سيـــف حاشـــد
لا أسوأ من هذه المأساة.. الرعب المهول.. الفاجعة الإنسانية الكارثية
لا أسوأ من هذه المأساة.. الرعب المهول.. الفاجعة الإنسانية الكارثيةإلا من يوظفونها ويكايدون بها سياسيا.. وبسقوط قيمي واخلاقي مريع…
الخطوبة
طلبت أم الفتاة مهلة من أجل السؤال عنّي، وهو ما كان يعني بالنسبة لي مزيد من الانتظار والأرق الذي لا أعلم كم سيستمر.. صرت لا أحتمل كثيرا من الانتظار دون جواب، أو جواب يستغرق كثيرا من الوقت للوصول إليه.. بات قلق الانتظار يجهدني ويستنزف روحي المتعبة الباحثة عن توأمها في مدارات الصدف، وبقاياي لم تعد قادرة على الصمود تحت رحى ودوران الانتظار الثقيل..
لم أعد أطيق خيبات أخرى وقد امتلأتُ بها فيما مضى من الوقت.. كاهلي مثقل بالهزائم ولم يعد بمقدور الحيل المهدود تحمّل نصف هزيمة أو ربعها.. لا يوجد في العمر بقية تسعفني لتجارب أخرى، أو فشل ذريع آخر.. صرتُ وكأنني أعيش الوقت الضائع، وبقية من فرصة أخيرة إهدارها يعني الضياع والتلاشي إلى بدد..
حالفني الحظ هذه المرة، ولم يستغرق أهل الفتاة في البحث عن مصدر المعلومة والإجابات على أسئلتهم غير أيام قليلة.. كانت إقامتي السابقة عند عمي فريد الذي كان يقيم في مكان قريب، وكذا بيت عمي الحربي الكائن في مكان غير بعيد، ووجود عدد غير قليل من معاريفنا ومعاريفهم المحيطين بنا قد ساعدهم في الحصول على ما يريدون من المعلومات بيسر وسهولة..
كنت أنا أيضا بالموازاة أبحث لأعرف وأستوثق وأطمئن أكثر عن الفتاة التي صادت فؤادي، وأردتها أن تكون شريكة حياتي حتّى آخر العمر.. لحسن الحظ كل الإجابات جاءت بما يسر ولصالح كلينا..
أراد أهل الفتاة معاينة بيت الزوجية ليطمئنوا على مدى صلاحيتها؛ فكان لهم ذلك، وكانت النتيجة كما بدت لي في خلاصتها بدرجة مقبول.. شعرت أن هذه النتيجة تشبه نتائجي في مادة اللغة الإنجليزية في الجامعة.. غير أن الأهم لدي ظل هو تجاوز ما أخشاه.
البيت كانت عبارة عن بيت شعبي أرضي متواضع للغاية ينطبق عليه مثل "دبر حالك".. شكلها أشبه بزقاق أو ممشى طولي تم تقطيعه.. غرفة تليها غرفة ثانية، بسقف خشبي رفيع وخفيف يعلوه زنك، وتلي الغرفتان دارة غير مسقوفة، ثم يليهما مطبخ وحمام.. كنت يومها أعيش في هذه البيت أنا وخالتي أم أخي، وأطفال أخي منصور وندى..
الحقيقة لم أكن المتقدم الأول لطلب يد تلك الفتاة، بل سبقني إليها عدد من المتقدمين بعضهم لم يصل إلى مرحلة الخطوبة، وبعضهم وصل ولكن تم الفسخ، وإحداهم وصل إلى مرحلة العقد، ولم يصل إلى الزفاف، ولم تستغرق أطول تلك المراحل والفترات إلى أكثر من بضعة أشهر..
كانت الفتاة ترفض فتستجيب الأم لرفضها، وعندما تكرر الأمر تدخلت سلطة الأم القوية، وباتت الفتاة تُرغم على الموافقة، وكان تمردها ومعاملتها لمن تم فرضهم عليها سببا آل إلى الفشل.. هذا وغيره كنت قد عرفته مسبقا من خلال رفيقتي أم شريف.
كانت أم الفتاة ذو شخصية قوية ومهابة، وفي نفس الوقت لا تخلو من طيبة.. كانت تملك سلطة قوية ونافذة في بيتها على جميع أفراد الأسرة، بما فيهم زوجها الطيب الذي توفى قبل سنين من مجيئي إليها.. كدت أكون أنا أيضا واحدا منهم لاسيما في فترة الخطوبة والعقد إلى يوم الزفاف.. كانت هي صاحبة الكلمة النافذة في البيت، بما فيها حتى تلك التي تخرج منها تعاطفا أو تبدو استجابة لرغبة المعني الأول في الشأن بعد تصويب ومراجعة..
الأم تفرض كلمتها على ابنتها في قبول الخطوبة أو العقد، فيما الفتاة تتمرد وتلعب دور تأزيم العلاقة وإفسادها وإيصال الأمور إلى طريقها المسدود.. كانت تُضرب وتُرغم على القبول، ثم تعاني وتتمرد وتفسد ما تم، وتُفشل مخرجات هذا الإرغام.. ثم تراجع الأم موقفها وتتخذ قرار التراجع الأخير الذي ظل هو الآخر بيدها.
كنتُ المتقدم الوحيد الذي حصلتُ ابتداء على موافقة ورغبة الفتاة في أن أكون شريكا لحياتها أو تكون هي شريكة لحياتي بمليء إرادتها واختيارها.. ربما كان هذا هو الفارق مع من سبقوني إليها.. ربما بديت هنا بالنسبة لها فارس أحلامها، وربما أيضا المُنقذ لها من إخفاق وإرغام، فيما كانت هي حلمي الكبير وآمادي القصية، ونصف وجودي الذي أعياني البحث عنه..
أختها الصغرى إشراق هي من قالت لي: "أنت أول شخص توافق عليه من غير ضغط.. كانت مبسوطة بمقدمك ومتحمسة للخطبة والزواج.. كانت طائرة من الفرح.. وكنتُ مستغربة سبب فرحتها فيك، وكأنها كانت على علاقة بك.. مستغربة لأني كنت أراك شخص ريفي، فيما كانت هي قبل أن تأتي إليها تتخيل فارس أحلامها بقصة شعر موضة، ولبس آخر موديل.."
لقد كانت بالنسبة لي نصف وجودي الذي أعياني البحث عنه.. لقد عاش كل منّا تجربته الخاصة بمعزل عن الأخر، وعانى كل منا الكثير من الفشل وعناء البحث، فيما القدر كان يخطط من وراءنا بصمت أن نكون لبعض، وكانت الصدفة جامعة لنا، وقررت أقدارنا أن نجتمع إلى آخر العمر..
خطبتها رسميا بحفلة متواضعة جدا.. لم يتعد الحضور غير بعض من أسرتها وأم شريف وابن عمي عبده فريد، ولم يتعد الاحتفال شرب البرتقال "السنكويك" ، وجلوسنا جوار بعض، والتصوير، ولبس دبل الخطوبة.. كل هذا حدث في وقت ربما لا يتجاوز الساعة.. مرق الوقت كلمح البصر.. كشهقة عاشق في ذروة الحنين.. أسيف على لحظة تلاشت بسرعة وقد انتظرتها عمرا بكا
طلبت أم الفتاة مهلة من أجل السؤال عنّي، وهو ما كان يعني بالنسبة لي مزيد من الانتظار والأرق الذي لا أعلم كم سيستمر.. صرت لا أحتمل كثيرا من الانتظار دون جواب، أو جواب يستغرق كثيرا من الوقت للوصول إليه.. بات قلق الانتظار يجهدني ويستنزف روحي المتعبة الباحثة عن توأمها في مدارات الصدف، وبقاياي لم تعد قادرة على الصمود تحت رحى ودوران الانتظار الثقيل..
لم أعد أطيق خيبات أخرى وقد امتلأتُ بها فيما مضى من الوقت.. كاهلي مثقل بالهزائم ولم يعد بمقدور الحيل المهدود تحمّل نصف هزيمة أو ربعها.. لا يوجد في العمر بقية تسعفني لتجارب أخرى، أو فشل ذريع آخر.. صرتُ وكأنني أعيش الوقت الضائع، وبقية من فرصة أخيرة إهدارها يعني الضياع والتلاشي إلى بدد..
حالفني الحظ هذه المرة، ولم يستغرق أهل الفتاة في البحث عن مصدر المعلومة والإجابات على أسئلتهم غير أيام قليلة.. كانت إقامتي السابقة عند عمي فريد الذي كان يقيم في مكان قريب، وكذا بيت عمي الحربي الكائن في مكان غير بعيد، ووجود عدد غير قليل من معاريفنا ومعاريفهم المحيطين بنا قد ساعدهم في الحصول على ما يريدون من المعلومات بيسر وسهولة..
كنت أنا أيضا بالموازاة أبحث لأعرف وأستوثق وأطمئن أكثر عن الفتاة التي صادت فؤادي، وأردتها أن تكون شريكة حياتي حتّى آخر العمر.. لحسن الحظ كل الإجابات جاءت بما يسر ولصالح كلينا..
أراد أهل الفتاة معاينة بيت الزوجية ليطمئنوا على مدى صلاحيتها؛ فكان لهم ذلك، وكانت النتيجة كما بدت لي في خلاصتها بدرجة مقبول.. شعرت أن هذه النتيجة تشبه نتائجي في مادة اللغة الإنجليزية في الجامعة.. غير أن الأهم لدي ظل هو تجاوز ما أخشاه.
البيت كانت عبارة عن بيت شعبي أرضي متواضع للغاية ينطبق عليه مثل "دبر حالك".. شكلها أشبه بزقاق أو ممشى طولي تم تقطيعه.. غرفة تليها غرفة ثانية، بسقف خشبي رفيع وخفيف يعلوه زنك، وتلي الغرفتان دارة غير مسقوفة، ثم يليهما مطبخ وحمام.. كنت يومها أعيش في هذه البيت أنا وخالتي أم أخي، وأطفال أخي منصور وندى..
الحقيقة لم أكن المتقدم الأول لطلب يد تلك الفتاة، بل سبقني إليها عدد من المتقدمين بعضهم لم يصل إلى مرحلة الخطوبة، وبعضهم وصل ولكن تم الفسخ، وإحداهم وصل إلى مرحلة العقد، ولم يصل إلى الزفاف، ولم تستغرق أطول تلك المراحل والفترات إلى أكثر من بضعة أشهر..
كانت الفتاة ترفض فتستجيب الأم لرفضها، وعندما تكرر الأمر تدخلت سلطة الأم القوية، وباتت الفتاة تُرغم على الموافقة، وكان تمردها ومعاملتها لمن تم فرضهم عليها سببا آل إلى الفشل.. هذا وغيره كنت قد عرفته مسبقا من خلال رفيقتي أم شريف.
كانت أم الفتاة ذو شخصية قوية ومهابة، وفي نفس الوقت لا تخلو من طيبة.. كانت تملك سلطة قوية ونافذة في بيتها على جميع أفراد الأسرة، بما فيهم زوجها الطيب الذي توفى قبل سنين من مجيئي إليها.. كدت أكون أنا أيضا واحدا منهم لاسيما في فترة الخطوبة والعقد إلى يوم الزفاف.. كانت هي صاحبة الكلمة النافذة في البيت، بما فيها حتى تلك التي تخرج منها تعاطفا أو تبدو استجابة لرغبة المعني الأول في الشأن بعد تصويب ومراجعة..
الأم تفرض كلمتها على ابنتها في قبول الخطوبة أو العقد، فيما الفتاة تتمرد وتلعب دور تأزيم العلاقة وإفسادها وإيصال الأمور إلى طريقها المسدود.. كانت تُضرب وتُرغم على القبول، ثم تعاني وتتمرد وتفسد ما تم، وتُفشل مخرجات هذا الإرغام.. ثم تراجع الأم موقفها وتتخذ قرار التراجع الأخير الذي ظل هو الآخر بيدها.
كنتُ المتقدم الوحيد الذي حصلتُ ابتداء على موافقة ورغبة الفتاة في أن أكون شريكا لحياتها أو تكون هي شريكة لحياتي بمليء إرادتها واختيارها.. ربما كان هذا هو الفارق مع من سبقوني إليها.. ربما بديت هنا بالنسبة لها فارس أحلامها، وربما أيضا المُنقذ لها من إخفاق وإرغام، فيما كانت هي حلمي الكبير وآمادي القصية، ونصف وجودي الذي أعياني البحث عنه..
أختها الصغرى إشراق هي من قالت لي: "أنت أول شخص توافق عليه من غير ضغط.. كانت مبسوطة بمقدمك ومتحمسة للخطبة والزواج.. كانت طائرة من الفرح.. وكنتُ مستغربة سبب فرحتها فيك، وكأنها كانت على علاقة بك.. مستغربة لأني كنت أراك شخص ريفي، فيما كانت هي قبل أن تأتي إليها تتخيل فارس أحلامها بقصة شعر موضة، ولبس آخر موديل.."
لقد كانت بالنسبة لي نصف وجودي الذي أعياني البحث عنه.. لقد عاش كل منّا تجربته الخاصة بمعزل عن الأخر، وعانى كل منا الكثير من الفشل وعناء البحث، فيما القدر كان يخطط من وراءنا بصمت أن نكون لبعض، وكانت الصدفة جامعة لنا، وقررت أقدارنا أن نجتمع إلى آخر العمر..
خطبتها رسميا بحفلة متواضعة جدا.. لم يتعد الحضور غير بعض من أسرتها وأم شريف وابن عمي عبده فريد، ولم يتعد الاحتفال شرب البرتقال "السنكويك" ، وجلوسنا جوار بعض، والتصوير، ولبس دبل الخطوبة.. كل هذا حدث في وقت ربما لا يتجاوز الساعة.. مرق الوقت كلمح البصر.. كشهقة عاشق في ذروة الحنين.. أسيف على لحظة تلاشت بسرعة وقد انتظرتها عمرا بكا
مله.. مرّت بعجالة دون إمهال، وقبل أن أملئ منها النظر، وفي يوم كان يفترض أن يكون لنا طرب وأعياد..
أعجبتني بساطة الاحتفال إلى حد بعيد.. أحسست بوجودي وأنا جالس جوارها.. رعشة كانت تصاحب أصابعي وأنا أمسك يدها وألبسها دبلة الخطوبة.. رأيت الحياة تبتسم وتبارك لنا بعد انتظار طال.. غير أن اقتضاب الوقت نال من غمرة هذه السعادة، ومن بوح الفرح الذي لطالما انتظرته طويلا بصبر مُجالد..
بعد مغادرتي لبيت الفتاة اجتاحتني الأسئلة القلقة، وظلت تلح على ذهني باحثة عن إجابة:
- هل سأنجح في الإبحار حتى النهاية؟! هل سأصل إلى بر الأمان؟! أم سأكون أحد المهزومين الذين مروا من هنا؟! هل سأنجح حتى الأخير في العبور إلى مناي الذي لطالما أهدرت العمر بحثا عنه؟! أم سأكون مجرد اضافة خيبة لي ولها في سلسلة الخيبات المتعاقبة التي عجزت أن تصنع فارقا أو اضافة للحياة التي نرمها؟! هل سأكون الفارس الذي أنتصر أم سأكون واحدا من المكسورين والعائدين الذين يجرون أذيال الهزيمة والخيبة؟! هل بإمكاني العبور إلى نهاية الطريق أم ستخور قواي قبل الوصول؟!
إثر تلك الأسئلة فاضت حميتي وعلت همتي وحماستي فقلت لنفسي وأجبت:
- سأعض على هذا النصيب بالنواجذ.. لن أترك له مجالا للتملص أو الفكاك.. لن أغفل عنه دقيقة واحدة حتى لا أندم وأقول فلت منّي في غفلة بلحظة زمن شاردة "ولات ساعة مندم".. سأستميت من أجله في اليوم عشر مرات إن لزم الأمر.. سأنشب فيه أطرافي وبكل قوتي، وسأدافع عنه ببسالة.. ستشبث به بيداي وأسناني وكل جوارحي.. فلتفض روحي وتذهب قبل أن يذهب منّي مناي.. مستعد من أجله أن أحارب بقية العمر إن أقتضى الحال.. لامجال للتخلي عنه تحت أي قوة أو مبرر أو عنوان أو مسمي..
أول أغنية أهديتها لها "مش هتنازل عنك أبدا مهما يكون" للفنانة المغربية سميرة سعيد لتعبّر عن بعض ما يجيش في وجداني من حب، وعن لسان حالي وإصراري، أقتضب من كلماتها:
"ياللي اديت لحياتي في حبك طعم ولون
مش هتنازل عنك ابدا مهما يكون
دا احنا لبعض حنفضل دايما
طول العمر حنفضل دايما
مهما يكون ... مهما يكون
انا حبيتك لما لاقيتك قدام عيني حلم بعيد
كان في عنيا صعب عليا وبعد شويه بقي في اليد"
أكبر أشقائها كنت أراه عندما أصادفه متجهما وغضوبا.. لا أذكر أنه مر من جانبي خلال تلك الفترة وألقى عليّ السلام.. كان حاد الطباع ويبدو متشددا في الرأي.. كنت أشعر أنه غير راض عنّي، بل ومعارضا لي بشدة، وهو شعور لطالما اجتاحني مرارا.. لا أدري ما السبب؟! أظنه ضاق من تكرار فشل خطوبة شقيقته أكثر من مرة، أو ربما بسبب عدم توفق صديقه في خطوبتها التي آلت إلى الفسخ، وربما لسبب أخر لا أعرفه.. كل ما أنا متأكد منه هو إحساسي أنه لا يطيقني، ولم يكن بيننا أي كيمياء ولا ود من أي نوع كان؛ ولذلك كنت أشعر أن المجهول لازال يتربص بي.. أحسست أن الطريق أمامي لازالت غير سالكة على النحو الذي أروم..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي..
أعجبتني بساطة الاحتفال إلى حد بعيد.. أحسست بوجودي وأنا جالس جوارها.. رعشة كانت تصاحب أصابعي وأنا أمسك يدها وألبسها دبلة الخطوبة.. رأيت الحياة تبتسم وتبارك لنا بعد انتظار طال.. غير أن اقتضاب الوقت نال من غمرة هذه السعادة، ومن بوح الفرح الذي لطالما انتظرته طويلا بصبر مُجالد..
بعد مغادرتي لبيت الفتاة اجتاحتني الأسئلة القلقة، وظلت تلح على ذهني باحثة عن إجابة:
- هل سأنجح في الإبحار حتى النهاية؟! هل سأصل إلى بر الأمان؟! أم سأكون أحد المهزومين الذين مروا من هنا؟! هل سأنجح حتى الأخير في العبور إلى مناي الذي لطالما أهدرت العمر بحثا عنه؟! أم سأكون مجرد اضافة خيبة لي ولها في سلسلة الخيبات المتعاقبة التي عجزت أن تصنع فارقا أو اضافة للحياة التي نرمها؟! هل سأكون الفارس الذي أنتصر أم سأكون واحدا من المكسورين والعائدين الذين يجرون أذيال الهزيمة والخيبة؟! هل بإمكاني العبور إلى نهاية الطريق أم ستخور قواي قبل الوصول؟!
إثر تلك الأسئلة فاضت حميتي وعلت همتي وحماستي فقلت لنفسي وأجبت:
- سأعض على هذا النصيب بالنواجذ.. لن أترك له مجالا للتملص أو الفكاك.. لن أغفل عنه دقيقة واحدة حتى لا أندم وأقول فلت منّي في غفلة بلحظة زمن شاردة "ولات ساعة مندم".. سأستميت من أجله في اليوم عشر مرات إن لزم الأمر.. سأنشب فيه أطرافي وبكل قوتي، وسأدافع عنه ببسالة.. ستشبث به بيداي وأسناني وكل جوارحي.. فلتفض روحي وتذهب قبل أن يذهب منّي مناي.. مستعد من أجله أن أحارب بقية العمر إن أقتضى الحال.. لامجال للتخلي عنه تحت أي قوة أو مبرر أو عنوان أو مسمي..
أول أغنية أهديتها لها "مش هتنازل عنك أبدا مهما يكون" للفنانة المغربية سميرة سعيد لتعبّر عن بعض ما يجيش في وجداني من حب، وعن لسان حالي وإصراري، أقتضب من كلماتها:
"ياللي اديت لحياتي في حبك طعم ولون
مش هتنازل عنك ابدا مهما يكون
دا احنا لبعض حنفضل دايما
طول العمر حنفضل دايما
مهما يكون ... مهما يكون
انا حبيتك لما لاقيتك قدام عيني حلم بعيد
كان في عنيا صعب عليا وبعد شويه بقي في اليد"
أكبر أشقائها كنت أراه عندما أصادفه متجهما وغضوبا.. لا أذكر أنه مر من جانبي خلال تلك الفترة وألقى عليّ السلام.. كان حاد الطباع ويبدو متشددا في الرأي.. كنت أشعر أنه غير راض عنّي، بل ومعارضا لي بشدة، وهو شعور لطالما اجتاحني مرارا.. لا أدري ما السبب؟! أظنه ضاق من تكرار فشل خطوبة شقيقته أكثر من مرة، أو ربما بسبب عدم توفق صديقه في خطوبتها التي آلت إلى الفسخ، وربما لسبب أخر لا أعرفه.. كل ما أنا متأكد منه هو إحساسي أنه لا يطيقني، ولم يكن بيننا أي كيمياء ولا ود من أي نوع كان؛ ولذلك كنت أشعر أن المجهول لازال يتربص بي.. أحسست أن الطريق أمامي لازالت غير سالكة على النحو الذي أروم..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي..
Forwarded from احمد سيف حاشد
احمد سيف حاشد
بلقيس الحداد.. مجرد أسئلة أو رمي حجر في الماء الآسن!
لماذا فقد الناس الثقة في اتمان البنوك والصرافين والمؤسسات والسياسات المالية..
فيما اعطوا ثقتهم لامرأة اسمها بلقيس الحداد لسنوات تتالت وحصدت ثقة متزايدة ومضطرده؟؟؟؟؟!
هل هو الفشل المالي والإداري أم الإجراءات التعسفية للسلطات التي ضربت الائتمان على نحو غير مسبوق أم هي هذا وذاك؟!
لماذا المواطن فقد الثقة بالسلطات بما فيها السلطة القضائية ولم يفقد الثقة ببلقيس الحداد ومثاله 350 ألف مواطن مستفيد؟!
350 ألف مستفيد تدير أموالهم امرأة وبثقة هذا العدد أمر محير حتى وإن افترضنا صحة ما يكال لها من تهم..
امرأة تهزم كل البنوك والمؤسسات المالية وأرباب المال وتحظى بمساندة 350 ألف أسرة يمنية مستفيدة أمر جدير بالدراسة..
لو ترشحت للرئاسة في اليمن إن جاء مثل هذا اليوم في المستقبل أثق إنها ستهزم كل السياسيين..
لو طالها تعسف كل السلطات واستمر الإضرار بالمستفيدين هل ستنموا حركة احتجاجية متنامية تقودها النساء؟!
لمصلحة من أن يفقر 350 ألف أسرة يمنية مضروبة في متوسط عدد أفراد الأسرة ليبلغ عدد المتضررين قرابة المليونين نسمة..
لماذا ظلت تعمل تحت نظر السلطات كل هذه السنوات دون اعتراض وعندما أتجهت لتأسيس بنك يضمن حقوق المستفيدين حدث ما حدث؟!
لماذا نجحت حيث فشل الآخرون بما فيها ما يسمونها دولة في مكافحة الفقر وتأمين وقوع هذا العدد في الفقر المدقع؟!
لماذا لا يتم اطلاقها بالضمان الأكيد الذي يضمن حقوق المستفيدين لا أكثر منها؟!
لماذا بعض المصرفيين يعملون بأريحية ويأخذون ما نسبته 21%من تحويلات المواطنين فيما بلقيس الحداد عرف عنها أنها تعيد الوفر وفرين؟!
من الأكثر نصبا.. هل من يستولي على راتب أكثر من مليون موظف أم بلقيس الحداد؟! لماذا نرى النصب بعين واحدة ولا نحاسب الاثنين إن افترضنا إن بلقيس كذلك؟!
لماذا لم يتم توجه تهمة لبلقيس الحداد حتى الآن فيما الذي يجري حتى الآن غير ذلك؟!
إذا أرادت بلقيس الحداد أن تعيد أموال المودعين أو المستفيدين الآن .. هل ترضي السلطات؟! سمعت أن السلطات رفضت هذا!!
مجرد أسئلة أو ظاهره في خلاصتها تستحق الدراسة أو الإجابة على الأسئلة أو حتى اعتبارها رمي حجر في الماء الآسن.. هذا ما أقصده لا أكثر..
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=630576177897312&id=100028348056925
بلقيس الحداد.. مجرد أسئلة أو رمي حجر في الماء الآسن!
لماذا فقد الناس الثقة في اتمان البنوك والصرافين والمؤسسات والسياسات المالية..
فيما اعطوا ثقتهم لامرأة اسمها بلقيس الحداد لسنوات تتالت وحصدت ثقة متزايدة ومضطرده؟؟؟؟؟!
هل هو الفشل المالي والإداري أم الإجراءات التعسفية للسلطات التي ضربت الائتمان على نحو غير مسبوق أم هي هذا وذاك؟!
لماذا المواطن فقد الثقة بالسلطات بما فيها السلطة القضائية ولم يفقد الثقة ببلقيس الحداد ومثاله 350 ألف مواطن مستفيد؟!
350 ألف مستفيد تدير أموالهم امرأة وبثقة هذا العدد أمر محير حتى وإن افترضنا صحة ما يكال لها من تهم..
امرأة تهزم كل البنوك والمؤسسات المالية وأرباب المال وتحظى بمساندة 350 ألف أسرة يمنية مستفيدة أمر جدير بالدراسة..
لو ترشحت للرئاسة في اليمن إن جاء مثل هذا اليوم في المستقبل أثق إنها ستهزم كل السياسيين..
لو طالها تعسف كل السلطات واستمر الإضرار بالمستفيدين هل ستنموا حركة احتجاجية متنامية تقودها النساء؟!
لمصلحة من أن يفقر 350 ألف أسرة يمنية مضروبة في متوسط عدد أفراد الأسرة ليبلغ عدد المتضررين قرابة المليونين نسمة..
لماذا ظلت تعمل تحت نظر السلطات كل هذه السنوات دون اعتراض وعندما أتجهت لتأسيس بنك يضمن حقوق المستفيدين حدث ما حدث؟!
لماذا نجحت حيث فشل الآخرون بما فيها ما يسمونها دولة في مكافحة الفقر وتأمين وقوع هذا العدد في الفقر المدقع؟!
لماذا لا يتم اطلاقها بالضمان الأكيد الذي يضمن حقوق المستفيدين لا أكثر منها؟!
لماذا بعض المصرفيين يعملون بأريحية ويأخذون ما نسبته 21%من تحويلات المواطنين فيما بلقيس الحداد عرف عنها أنها تعيد الوفر وفرين؟!
من الأكثر نصبا.. هل من يستولي على راتب أكثر من مليون موظف أم بلقيس الحداد؟! لماذا نرى النصب بعين واحدة ولا نحاسب الاثنين إن افترضنا إن بلقيس كذلك؟!
لماذا لم يتم توجه تهمة لبلقيس الحداد حتى الآن فيما الذي يجري حتى الآن غير ذلك؟!
إذا أرادت بلقيس الحداد أن تعيد أموال المودعين أو المستفيدين الآن .. هل ترضي السلطات؟! سمعت أن السلطات رفضت هذا!!
مجرد أسئلة أو ظاهره في خلاصتها تستحق الدراسة أو الإجابة على الأسئلة أو حتى اعتبارها رمي حجر في الماء الآسن.. هذا ما أقصده لا أكثر..
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=630576177897312&id=100028348056925
عقد قراني وتناقضاتي..
احمد سيف حاشد
بعد أن كاد اليأس يدركني، تفاجأت أن أم الفتاة قد حسمت قرارها لصالحي، ورتبت أمور العقد على نحو لا يؤثر فيه غياب ابنها الذي كان يفترض أن يتولى أمر العقد.. بدت الأم وهي تدير الأمور من خلف جدار كأنها شجرة الدر.. أسندت لأخيها إدارة جلسة العقد، وكان خلف الزمام زمام تمسك به سلطة الأم القوية.. فيما أسندت لابنها الأكبر الغير شقيق اتمام العقد.. بدى لي أن الأم قد حققت إجماعا من الرضى والقبول لدى كل أفراد الأسرة، باستثناء ابنها النافر والغضوب.. هكذا خمنتُ الأمور، أو بدت لي على ذلك النحو.
بدأ خال الفتاة يدير جلسة العقد، وحدد ما يتعين دفعه بثلاثة عشر ألف شلن.. كان اطلاق هذا الرقم أشبه بمن نصع النصع.. إنه نفس المبلغ الذي أملكه بعد أن راكمته في حساب توفير بريدي خلال فترة ليست بالقصيرة.. استغربت على تحديد هذا المبلغ، وكيف تطابق مع رقم المبلغ الذي أملكه ولم أبح به لأحدا غيري!! هل هي الصدفة، فيما الصدفة نادرة وتصير أحيانا مثل المعجزة؟! لماذا هذا الرقم بالتحديد وليس غيره؟! هل لديهم شياطين أخبروهم بما أذخره على وجه الدقة والتحديد؟! هل قرأوا أفكاري؟! ما قصة هذا الرقم؟! رقم 13 هذا يحيرني فضلا أنه يثير قلقي وتوجسي، وزائد على هذا هو رقم معروف بشؤمه لدى عدد من الشعوب والمجتمعات..
كان اطلاق هذا الرقم أشبه بمطرقة هوت على رأسي.. حاولت أن أبدو متماسكا دون فائدة.. بديت لبرهة أشبه بمصعوق، ثم صرتُ شارد الوعي في تيه بعيد.. ظهر على وجهي كل شيء أردت مداراته عن العيون.. حتى الطفل الذي لازال حديث عهد في النطق والتهجّي صار بإمكانه أن يقرأ اللحظة في وجهي بسهولة شرب الماء..
حاولت بصوت خفيض مثقلا بالحياء أن أطلب إعادة النظر في المبلغ، فبدى لي الأمر غير قابل للنقاش.. لا توجد مساحة أو هامش لمن يدير الجلسة.. "رفعت الأقلام وجفت الصحف".. قُضي الأمر وأنتهى.. حتى القانون العسكري "نفذ ثم ناقش" لا يتم العمل به هنا.. كلما فعله الخال الطيب هو شرح التفاصيل التي لا تغير من واقع الأمر غير اضافة ما كان محسوبا أيضا أن تكون عليّ تكاليف حفلة "الصبحية" وعليهم تكاليف حفلة الدخلة أو ليلة العرس..
كنت أريد أن أضيف جملة في مجلس العقد وهي: "لستُ بخيلا ولكن الحيل مهدود" وهو قول بدا لي لاحقا إنه مجازف وربما تكون كُلفته فادحة.. ربما ينقلب الأمر على رأسي.. ألتقط اللحظة الحرجة ابن عمي عبده فريد وكان محقا.. وافق سريعا، ولملم الأمر بحنكة، ولم يترك فسحة للشيطان، والحقيقة لا أريد أتهم الشيطان الذي أفتريه.. إن مضيتُ فيما فكرتُ فيه لكان كل شيء أنتهي إلى زوال، وآل إلى حزن وخيم.. لو حدث مثل هذا كنت سأنزل على نفسي عقاب جم، وندم يرافقني إلى آخر العمر، ولن أسمح لنفسي في الحديث حتى في يوم العيد.
تم الأمر على هذا الإنقاذ المتدخل كقدر حسن، وتم العقد على المعتاد.. سمعتُ زغردة الفرح تنتشر من أمكنة البيت، وكانت أول زغردة فرح في حياتي أفسدها هم ثقيل وحيرة خانقة، وغصة سؤال تقول: من أين؟!! ما العمل لإكمال مشوار الزفاف؟!! أحتاج إلى سحر وساحر، أو قدر يقول للشيء كون فيكون؟! أحتاج إلى رحلة مضنية أخرى لأتمكن من جمع مبلغ يقارب المبلغ المدفوع أو دونه بقليل لأتم الزفاف، والانتقال إلى بيت الزوجية..
بديت في لحظة أكثر من مربكة أعتب فيها على نفسي وأقرّعها:
- أنا طالب فاشل جدا في الحساب.. ضعيف جدا في الاقتصاد.. حديث عهد وتجربة في شؤون الحياة.. عديم الخبرة في شؤون المقبلين على الزواج.. استصعب مراكمة النقود على نحو يفوق التصوّر.. لا أدري كيف ستكون النتيجة!! هل سأصل إلى يوم الزفاف أم إن الخيبة القاتلة ستحل محلها، ومحل من أحب؟!!
صرتُ أرزح تحت واقع ثقيل، ومُرغما على التعاطي معه.. أحسست أني والقانون نعيش مأساة واحدة.. يومها كانت الوحدة تطرق الأبواب، فيما كثير من الحقوق باتت أكثر من أي وقت مضى مهددة بالانتقاص والنيل..
طلبتُ عند العقد مهلة ثلاثة أشهر، غير أن هذه المهلة وجدتها في الواقع لا تكفي بأن أكون جاهزا لأصل إلى ليلة الزفاف، وإن ضربتُ على تبذير اليدين قيدا من حديد..
تذكرتُ أن لي أم حنونة في القرية تحبني إلى درجة لا تصدّق.. لن تبخل من أجلي بروحها إن طلبته منها.. أمي التي فدتني بعمرها في كل مرة.. أمي التي صبرت لأجلي وتحملت ما لا تطيقه أثقال الجبال.. فكانت وجهتي الأولى إليها..
أمي التي لطالما ألحّت هي عليّ بإتمام نصف ديني، فجاء الوقت لأطلب غرمها في الدين.. نصف ديني الذي ظننته أيسر من اليسر كان ثقيلا يفوق الاحتمال.. ليس آية من القرآن أو خاتم من الحديد، فالواقع كان أكثر ثقلا وجهما وشراسة في وجه خيالي الحالم، والشطح في البعيد..
أمي التي ظلت تهتم لأمري ونصف ديني سنوات طوال آن لها أن تساهم، ناولتني ما كانت تملكه وتحتاط به للزمن.. ثلاثون جرام من الذهب "شعيرية".. مهرها ومكسبها الذي خزنته لفرحة كهذه أو لأيام الشدة التي قد تداهمنا دون إنذار.. فرحت أمي لفرحتي حتى كادت تطير.. الحلم الذي ظلت تن
احمد سيف حاشد
بعد أن كاد اليأس يدركني، تفاجأت أن أم الفتاة قد حسمت قرارها لصالحي، ورتبت أمور العقد على نحو لا يؤثر فيه غياب ابنها الذي كان يفترض أن يتولى أمر العقد.. بدت الأم وهي تدير الأمور من خلف جدار كأنها شجرة الدر.. أسندت لأخيها إدارة جلسة العقد، وكان خلف الزمام زمام تمسك به سلطة الأم القوية.. فيما أسندت لابنها الأكبر الغير شقيق اتمام العقد.. بدى لي أن الأم قد حققت إجماعا من الرضى والقبول لدى كل أفراد الأسرة، باستثناء ابنها النافر والغضوب.. هكذا خمنتُ الأمور، أو بدت لي على ذلك النحو.
بدأ خال الفتاة يدير جلسة العقد، وحدد ما يتعين دفعه بثلاثة عشر ألف شلن.. كان اطلاق هذا الرقم أشبه بمن نصع النصع.. إنه نفس المبلغ الذي أملكه بعد أن راكمته في حساب توفير بريدي خلال فترة ليست بالقصيرة.. استغربت على تحديد هذا المبلغ، وكيف تطابق مع رقم المبلغ الذي أملكه ولم أبح به لأحدا غيري!! هل هي الصدفة، فيما الصدفة نادرة وتصير أحيانا مثل المعجزة؟! لماذا هذا الرقم بالتحديد وليس غيره؟! هل لديهم شياطين أخبروهم بما أذخره على وجه الدقة والتحديد؟! هل قرأوا أفكاري؟! ما قصة هذا الرقم؟! رقم 13 هذا يحيرني فضلا أنه يثير قلقي وتوجسي، وزائد على هذا هو رقم معروف بشؤمه لدى عدد من الشعوب والمجتمعات..
كان اطلاق هذا الرقم أشبه بمطرقة هوت على رأسي.. حاولت أن أبدو متماسكا دون فائدة.. بديت لبرهة أشبه بمصعوق، ثم صرتُ شارد الوعي في تيه بعيد.. ظهر على وجهي كل شيء أردت مداراته عن العيون.. حتى الطفل الذي لازال حديث عهد في النطق والتهجّي صار بإمكانه أن يقرأ اللحظة في وجهي بسهولة شرب الماء..
حاولت بصوت خفيض مثقلا بالحياء أن أطلب إعادة النظر في المبلغ، فبدى لي الأمر غير قابل للنقاش.. لا توجد مساحة أو هامش لمن يدير الجلسة.. "رفعت الأقلام وجفت الصحف".. قُضي الأمر وأنتهى.. حتى القانون العسكري "نفذ ثم ناقش" لا يتم العمل به هنا.. كلما فعله الخال الطيب هو شرح التفاصيل التي لا تغير من واقع الأمر غير اضافة ما كان محسوبا أيضا أن تكون عليّ تكاليف حفلة "الصبحية" وعليهم تكاليف حفلة الدخلة أو ليلة العرس..
كنت أريد أن أضيف جملة في مجلس العقد وهي: "لستُ بخيلا ولكن الحيل مهدود" وهو قول بدا لي لاحقا إنه مجازف وربما تكون كُلفته فادحة.. ربما ينقلب الأمر على رأسي.. ألتقط اللحظة الحرجة ابن عمي عبده فريد وكان محقا.. وافق سريعا، ولملم الأمر بحنكة، ولم يترك فسحة للشيطان، والحقيقة لا أريد أتهم الشيطان الذي أفتريه.. إن مضيتُ فيما فكرتُ فيه لكان كل شيء أنتهي إلى زوال، وآل إلى حزن وخيم.. لو حدث مثل هذا كنت سأنزل على نفسي عقاب جم، وندم يرافقني إلى آخر العمر، ولن أسمح لنفسي في الحديث حتى في يوم العيد.
تم الأمر على هذا الإنقاذ المتدخل كقدر حسن، وتم العقد على المعتاد.. سمعتُ زغردة الفرح تنتشر من أمكنة البيت، وكانت أول زغردة فرح في حياتي أفسدها هم ثقيل وحيرة خانقة، وغصة سؤال تقول: من أين؟!! ما العمل لإكمال مشوار الزفاف؟!! أحتاج إلى سحر وساحر، أو قدر يقول للشيء كون فيكون؟! أحتاج إلى رحلة مضنية أخرى لأتمكن من جمع مبلغ يقارب المبلغ المدفوع أو دونه بقليل لأتم الزفاف، والانتقال إلى بيت الزوجية..
بديت في لحظة أكثر من مربكة أعتب فيها على نفسي وأقرّعها:
- أنا طالب فاشل جدا في الحساب.. ضعيف جدا في الاقتصاد.. حديث عهد وتجربة في شؤون الحياة.. عديم الخبرة في شؤون المقبلين على الزواج.. استصعب مراكمة النقود على نحو يفوق التصوّر.. لا أدري كيف ستكون النتيجة!! هل سأصل إلى يوم الزفاف أم إن الخيبة القاتلة ستحل محلها، ومحل من أحب؟!!
صرتُ أرزح تحت واقع ثقيل، ومُرغما على التعاطي معه.. أحسست أني والقانون نعيش مأساة واحدة.. يومها كانت الوحدة تطرق الأبواب، فيما كثير من الحقوق باتت أكثر من أي وقت مضى مهددة بالانتقاص والنيل..
طلبتُ عند العقد مهلة ثلاثة أشهر، غير أن هذه المهلة وجدتها في الواقع لا تكفي بأن أكون جاهزا لأصل إلى ليلة الزفاف، وإن ضربتُ على تبذير اليدين قيدا من حديد..
تذكرتُ أن لي أم حنونة في القرية تحبني إلى درجة لا تصدّق.. لن تبخل من أجلي بروحها إن طلبته منها.. أمي التي فدتني بعمرها في كل مرة.. أمي التي صبرت لأجلي وتحملت ما لا تطيقه أثقال الجبال.. فكانت وجهتي الأولى إليها..
أمي التي لطالما ألحّت هي عليّ بإتمام نصف ديني، فجاء الوقت لأطلب غرمها في الدين.. نصف ديني الذي ظننته أيسر من اليسر كان ثقيلا يفوق الاحتمال.. ليس آية من القرآن أو خاتم من الحديد، فالواقع كان أكثر ثقلا وجهما وشراسة في وجه خيالي الحالم، والشطح في البعيد..
أمي التي ظلت تهتم لأمري ونصف ديني سنوات طوال آن لها أن تساهم، ناولتني ما كانت تملكه وتحتاط به للزمن.. ثلاثون جرام من الذهب "شعيرية".. مهرها ومكسبها الذي خزنته لفرحة كهذه أو لأيام الشدة التي قد تداهمنا دون إنذار.. فرحت أمي لفرحتي حتى كادت تطير.. الحلم الذي ظلت تن