أحمد سيف حاشد
341 subscribers
2.77K photos
6 videos
5 files
2.86K links
عضو برلمان
Download Telegram
حيان, كان بكائي الصارخ والضجيج يملأ البيت كل ساعة، حتى شكا الجيران ومؤجر البيت إلى أبي بسبب إزعاجي وبكائي.. كنت مزعجا لأهلي وللجيران والمؤجر .. لم أكف عن الشقاوة والبكاء والضجيج والصراخ.

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

(3)
بؤس وشقاوة
كان أبي يقضي بحدود العشر ساعات في العمل المضنى والجهيد، من أجل إبقاءنا على قيد الحياة، وسد لقمة عيشنا المتواضعة، وكذا عيش أسرته الأخرى التي يعيلها في القرية، والتي تنتظر بفارغ الصبر ما يأتيها من والدي المثقل بمسؤولية إعاشتنا جميعا..

كانت الحياة صعبة، وصراعنا كان هو من أجل البقاء، فالستر واستمرارنا بالحياة هي أقصى ما نحلم به ونريد.

كانت أمي تطلب من أبي أن يغلق علينا الباب من الخارج، خوفاً من أن يطالها قول أو شائعة، فهي ابنة “شيخ” كما كانت تصف نفسها وتعتز، وكان أبي لا يرفض طلبها، ويغلق الباب علينا من الخارج حتى يعود من العمل آخر النهار.

كانت أمي شديدة الحياء والمحافظة والتوجس إلى درجة حبس نفسها بين الجدران.. لا تفتح نافذة ولا باب.. أبي هو وحده من يفتح الباب ومن يغلقه، فيما كانت أمي تشغل وقتها بالتنظيف، وغسل الملابس والطبخ والقيام بجميع أعمال البيت..

ولكن لماذا أنا أيضا يتم حبسي ولا يُسمح لي أن أخرج للشارع لألعب مع الاطفال أو أطل عليهم من نافذة.. أريد أن أرى ماذا يحدث خارج جدران البيت.. أريد أرى الوجوه والناس والحركة وصخب الحياة..

كل ساعات النهار والليل ـ عدا النوم ـ نظري يرتطم بالجدران وسقف البيت.. لا يوجد شق في نافذة ولا خرم مفتاح في باب..

أسمع بعض ما يحدث خارج البيت ولكنني لا أراه.. فضولي مقموعا بجدران من اسمنت، وخشب من ساج، ولا مجال ولا أمل أن أرى ماذا يحدث في الشارع من ضوضاء وعراك وقهقهه..

أريد أن اعرف العالم خارج حيطان بيتنا.. أريد أن أرى أبناء الجيران و(شمس) المجنونة على سريرها في الشارع، والمحوطة بالصرر والقراطيس والأشياء الفارغة التي رأيتها ذات مرة عندما خرجت مع أبي مريضا من أجل العلاج..

أريد أن أرى كل التفاصيل خارج حيطان البيت المتواضع الذي نستأجره.. ليس أمامي من طريق أن أرى العالم خارج جدران بيتنا.. كل شيء ضيق في البيت كصدري الضيق، وجمجمتي الصغيرة.. أشعر أنني أقضي أيامي في قمقم صغير مغلق بالحديد، يحصرني ويحاصرني ويكتم أنفاسي.. فكان طبيعيا أن أكون شقيا، وأن يجد هذا الحرمان والمعاناة انعكاسه في سلوكي الشقي والمتمرد بين جدران البيت وسقفه وحصاره.

***
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

(4)
الموت يداهمنا.. تساؤل ..

لماذا الموت يا إلهي؟! أعلم أنك حكيم، ولكن السؤال أيضا يبحث عن الحكمة والبيان؟! نحن شغوفون بالمعرفة، وربما جُبلنا على هذا، وربما في المعرفة تحدي وجودي للإنسان.. إننا نحاول فهم ما لا يتأتى فهمه، وإماطة اللثام عنه، وكشف ألغازه ومجاهله، ومعرفة ما لا نعرفه، حتى وإن كان عصيا عن الفهم والمعرفة منذ البداية، أو تحتاج الإجابة على الأسئلة إلى مداها الزمني المستحق، إلا أن شرف المحاولة فيه ممارسة وجودية، تجعلنا نستحق هذا الوجود الذي نعيشه..

المعرفة ربما لا تأتي بالتسليم، أو بتجاهل مالا ينبغي تجاهله، ولكنها تأتي من اعتمال العقل والتجربة، واثارت الأسئلة، ومناقشة الفرضيات والنظريات، أو استبدالها أو تصحيحها.. فالخواء لا يقدم علم أو معرفة أو فهم.. ينبغي للأسئلة لتفعل فعلها، أن تنفذ إلى الدخل وتغوص في العمق، ويجري البحث عن الإجابة عليها، وبذل ما في الوسع والاستطاعة من الجهد؛ لاكتشاف ما هو مجهول وغامض، وإزالة كل لبس أو غبش.. سلطان العلم هو ما نحتاجه لننفذ به إلى أقطار السموات العُلا، والأشياء الكبيرة كما قالوا تبدأ بسؤال صغير".. وقيل "إنما شفاء العي السؤال".

الأسئلة هي بوابات المعرفة، وهي السبيل إلى ما نسعى إليه من يقين، أو هي وسيلة تدلنا من أجل الوصول إليه.. نحن هنا نسأل أو نتسأل لنبدد حيرة، تجلي شيئا من معرفة، أو ناصية من علم، أو دليل أو وسيلة، في خدمة الإنسان ومستقبله..

ما كان في دروب الأمس عصيا على الفهم والعلم، أو مستحيلا عليه، صار اليوم معلوما أو واقعا مفهوما وماثلا أمام العيون، ويغدو المستحيل ممكنا، وما كان اليوم عصيا على الفهم والعلم، ربما يصير غدا بديهية معرفية، وما لا نطول جوابه اليوم، سنطوله غدا، وغدا لا ينفذ ولا ينتهي في درب الزمن الطويل أو السرمدي..

المستقبل الذي نروم ونعمل لأجله، سيفكك كثير من أسرار الكون وغموضه.. فالكون مكنوز بالأسرار الهائلة التي لا تنتهي، وربما تفوق كل تصور وخيال.. والمعرفة لا حدود لها.. وطالما بقي إنسان في وجوده، سيظل يحتار ويسأل ويتسأل حتى يصل ويطمئن إلى ما يمكن الوصول إليه، أو يظل يعدل فيما كان يظنه يقين، حتى يصل إليه، أو الحد الأدنى منه، ويستمر تراكم العلم لاكتشاف المزيد، ويستمر الإنسان في حصاد المعرفة، وفي مدى ربما لا ينتهي..

يتسأل البعض: إن كان الموت ضرورة والحياة ضرورة فأنت يا الله على كل شيء قدير.. ماذا كان سيحدث إن عُدمت الضرورات، ولم يخلق الله الخلائ
ق، ولم تشهد الأكوان والعوالم حياة ولا موت؟!
ثم يجيب: ربما لو حدث هذا لانعدم الحزن الوخيم الذي يملئ هذا الوجود على اتساع ما نتخيله..
هكذا أحيانا يجوس ويتمرد علينا السؤال في محبسه، ولاسيما عندما تصير كلفة السؤال أو الإجابة عليه حياة صاحبه..

أنا أكره الموت يا الله، عندما يخطف منا من نعزّهم ونحبّهم.. البقاء غريزة قوية فينا أو جاءت معنا عندما جئنا، لا دخل لنا فيها، ولا حولا ولا قوة.. أكره الموت عندما يخطف منا حبيبا أو عزيزا أو كريما..

الموت رهيب جدا.. الموت سكونا موحشا.. ربما عدما وفراغا يدوم.. ربما الموت فراق للأبد، ورحيل بلا نهاية.. الموت خراب وحزن ثقيل جدا على بني البشر.. هذا ما أشعر به عند رحيل كل عزيز وحبيب، فيما الموت عند الميت ربما شيء مغاير ومختلف..

الموت حالة ربما تتأخر، ولكن مجيئها في حكم الأكيد.. كبار المسلَّمات ربما تكون محل ظن وشك، وأما الموت فحقيقة ويقين.. هو ناموس كما قيل، لا يقبل الشك ولا التفاوض.. ولكن لا يدري الجميع أو الكثير أو البعض بيقين ماذا يحدث لنا بعد الموت والغياب الطويل..

***
(5)
موت الأختين

أسرتنا الصغيرة في عدن ـ كما قلت سالفا ـ كانت تتكون من أبي وأمي وأنا وأختين توأم، نور وسامية.. أسرة صغيرة وبسيطة تربص بها الموت مليا حتى ظفر بالزهرتين..

جاء الموت على نحو غريب وغامض، لا زلت أجهل سببه وتفسيره إلى اليوم. شيء أخذ من أسرتنا الصغيرة الأختين (نور، وسامية) وكدت أكون أنا الثالث لولا اللطائف.

أختي نور ماتت، وكان عمرها لا يتجاوز العام .. كانت تصرخ فجأة صراخ طافح وقوي، وما أن يتم حملها تسكت، وعندما يتم وضعها على الأرض تعود بنفس الصراخ، حتى يكاد ينقطع نفسها، فيتم المسارعة لحملها من قبل أبي أو أمي، فتكف عن الصراخ، ويستمر هذا الحال فترة طويلة إلى أن تنام محمولة.. وفجأة صرخت ولم تستعد أنفاسها، وماتت في الحال.

أختي (سامية) عندما كان عمرها أكثر من عام، تكرر معها نفس الحال والأعراض.. تصرخ فجأة دون سبب معروف، ثم يتم المسارعة لحملها من قبل أبي أو أمي فتسكت، وعندما يتم إنزالها إلى القاع أو الفراش، تصرخ مجددا وبصوت قارح، فيتم حملها بسرعة، وينتهي الأمر إلى أن تنام محمولة..

وفي يوم صرخت أختي سامية، فسارع أبي لحملها، ولكن أنقطع نفَسها، ولم تعد، ولم نعرف سببا لموتها إلى اليوم.. قال البعض هراء: ماتت لأن البيت التي نحن فيها مسكونة بالجن، وقال آخرون ماتت "فرحة".. وأي فرحة إذاً وصرخة موتها يشق الجدار.

كنت أحب أختي سامية، كانت جميلة وبهية.. كانت حياتها خاطفة وسريعة.. حياة قصيرة كلحظة عاشق.. كحلم عَجول.. أما أختي نور فكانت حياتها أقصر وأسرع وتفاصيلها عصية على الذاكرة، بعد خمسين عاماً من طفولة باكرة.

(6)
فقدان موحش وغياب لا ينتهي
لازلت أذكر سامية وهي مسجاة على الفراش.. كانت الرغبة تستبد بي لأعرف ماذا حدث!! كان الغموض عندي بكثافة مجرة مملوءة بالأسرار العصية على الفهم..

كنت أنظر إليها مشدوها كأنني أشاهدها واكتشفها لأول مرة.. رغم الموت كان وجهها نابضا بالنور، وعيونها مشرقة رغم السكون، كانت تلبس ثوبا بلون دم الغزال.. لا زال هذا اللون أثيرا لنفسي وإن كان يذكرني بفراق طويل..

لم أكن أدرك حينها إن الموت خطفها وغيبها للأبد.. لم استوعب أنها لم تعد بيننا وإنها لن تعود..

كنت ابحث عنها على الدوام وابكي وأقول لأمي ابحثي عنها في مكان نومها، أريد أختي، أريد ألعب معها.. لم تحتمل أمي كلماتي الموجعة التي تنز دما وحرقة.. كانت تحاول تبلع غصصها وتداري حسرتها البالغة، فيفضحها انهمار دموعها، فتنفجر بالبكاء وأبكي معها دون أن أعرف السبب..

كرهت الموت من حينها، غير أن أمي كانت تعزيني، وتخفف من وجعي ووجعها، وتقول إنها في السماء، وإنها مرتاحة هناك، وسعيدة بين بنات الحور، وإنها تأكل التفاح واللحم وكل أنواع الفاكهة.. كل ما أنا محروم منه في الدنيا الفانية هي تأكله، وتنعم به في الحياة الثانية..

ربما بعد حين هممت بمغادرة هذا الدنيا الفانية إلى دار الآخرة، لاستمتع بتلك الحياة الرغيدة، وأعوض كل حرمان عشته في هذه الدنيا، ولكن شق علي أن أترك أمي وحدها تنتحب بقية عمرها.. رأيت أن المغادرة بمفردي دونها أنانية تبتليني، ورأيت إن البقاء عذاب لا ينتهي إلا برحيلي.. هكذا بات الأمر سيان، وكأنني أدور في مدار من عذاب لا يريد أن ينتهي.

أخبرتني أمي أنني سألتقي بأختي نور وسامية يوم القيامة.. ومتى ستأتي يوم القيامة؟! إنني أكره الموت والفراق الطويل؟! العجيب إن أمي بعد حين، كانت تقول لي أن الإخوة لا يلتقون في الدار الثانية إلا يوم القيامة، أما بعد القيامة، فلا وصل ولا لقاء بين الإخوة، بنينا أو بنات.. ربما كانت أمي أو من جلب لها هذا القول، يقصد تعميق أواصر الأخوة وتوثيق المحبة بين الإخوة في هذه الدنيا، ولكن كان الأمر بالنسبة لي يعني حزن عميق على فراق لازال بعيد، وحسرة طويلة من الفراق الأبدي البعيد يأتي بعد يوم القيامة..

من فرط تعلقي بأختي سامية، جاءت مولودة لاحقا،
ضد الحرب..
اوقفوا الحرب في اليمن
اوقفوا الحرب على اليمن
الحروب وسيلة قذرة لفرض الاجندات القذرة
فأسموها سامية، تعويضا وتخفيفا من فراغ موحش تركه هذا الموت الذي يغيِّب عنّا من نحب.. هذا الموت القاسي والخالي من الرحمة والمشاعر.. سامية أختي الجديدة جاءت شفيفة ومرهفة وحميمة، ومسكونة بالسمو والنبل الجميل.

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

(7)
كدت أموت
ماتت نور وسامية وكدت أكون ثالثهما.. مررت بنفس الحال والأعراض.. كنت أصرخ فجأة كزمجرة رعد على حين غرة، فيما يسارع أبي أو أمي في حملي من الأرض أو قاع المكان، وما أن أعود للأرض مرة أخرى حتى يعود الصراخ.. وأظل محمولا حتى أنام، وأحياناً أقوم من نومي صارخا، ويتكرر المشهد، وتزداد مخاوف أبي وأمي وتوجسهما أنني للحياة مفارق.

لماذا أصرخ ؟! لا زلت أذكر.. لا أستطيع أنسى ما كنت أشاهده.. ما زال المشهد عالقا بالذاكرة، حافرا فيها، وما زال تفسيره وكنهه غامضا وعصيّا على فهمي إلى اليوم.

كنت أشاهد ثعبان أبيض يخرج من القاع.. طوله بحدود المتر.. له أرجل.. أرجله منتشرة على حافتيه ورأسه مربعا متناسق مع جسمه باستثناء أنه مميز بعينين مدورتين، وعرض رأسه أكبر بقليل من عرض جسمه، ولديه شعرتان في مقدمة رأسه وكأنها للاستشعار..

أشاهده بغته يخرج من القاع يجري؛ فأصرخ بهلع بالغ، كما كانت تصرخ الأختان (نور، سامية) صراخ قارح وناري يشق الجدار.. كزمجرة رعد يأتي بغته على نحو صادم في لحظة شرود وتيه.. صراخ ليس له موعدا يشق الليل أو النهار.. ينم عن مشاهدة أمر صادم، مرعب وفظيع.. شيء ما يجعل الفزع والجزع يشقني نصفين.

وعندما كانا يحملاني أبي أو أمي يختفي هذا الثعبان بالقاع، لا أدري كيف يختفي، ولكنه يختفي، وعندما يطرحاني على الأرض، أراه من جديد يخرج من الإسمنت، ويزحف بسرعة في قاع الغرفة، ويتكرر هذا المشهد، ومعه يتكرر الصراخ.. أبي وأمي لا يرونه، أنا كنت الوحيد الذي أراه، ولذلك لم يستطيعا اكتشاف سبب الصراخ وما أشاهده، إن كان لما أشاهده وجود.

في إحدى المرات، تكرر مشهد الصراخ وعندما لمح أبي على يدي خربشات قلم، قام بمسحها، فانتهى صراخي ولم أعد أراه.. فهم الأمر على ما كان سائدا من وعي وثقافة، وتبّدا له الأمر أنني كتبت على يدي اسم شيطان.. ولكن هذا التفسير غير مقنع، ولا يستقيم، لأن حالات كثيرة تكررت معي ومع سامية ونور، دون أن تكون هناك كتابة أو شخابيط .. كم أخشى من ظُلمنا للشيطان، وربما الشيطان بنا كان رحيم.

***
حبي الأول في عدن
اعتذار إلى زوجتي وبناتي العزيزات..
خلال دراستي في ثانوية "البروليتاريا" أحببت فتاة من عدن.. جميلة ورقيقة وجاذبة.. كانت حبي الأول الذي لم تكتب له الأقدار نصيبا أو حتى لقاء عابر سبيل.. حب مشبوب باشتياقي المنفرد الذي استمر متأججا دون انقطاع ثلاث سنوات طوال.. أنا أبن الريف المملوء بالحياء والمسكون بالخجل الوخيم.. اشتياقي يشتعل تحت طبقات صمتي بين الضلوع وأجنحتي المتكسرة.. أنا المصلوب بخجلي الذي لا يبارى، ولا يوجد ما يضاهيه..

كنت أقطع المسافات الطوال من المدرسة إلى "قطيع عدن" لأراها فقط عندما تطل من بلكونة بيتها.. خمسة عشر كيلو متر أقطعها في الذهاب، ومثلها في الإياب، وبعض من هذه وتلك أقطعها راجلا بحذاء مهتري، وأعود من رحلتي ـ التي تشبه غزوة أو سفر ـ أما متوجا بالنصر والفرح إن رأيتها، أو مكسورا ومهزوما وحاملا كُرب ألف منكوب إن لم تكتحل عيني بها..

بفارغ الصبر انتظر يوم الخميس، بقلب ولوع ووجدان مشتعل.. استعجل الأيام إلى يوم الخميس.. انتظره كمن ينتظر ليلة القدر أو "كريسميس" رأس السنة.. أخرج من سكني الداخلي في المدرسة وأقطع تلك المسافة لأراها فقط..

إن رأيتها يصيبني في الوهلة الأولى إرباك كوني يسري بفوضوية في جميع أوصالي وأرجائي.. ترتجف أطرافي وكأنها مسكونة بالعفاريت.. يُربك كياني بزلزال اضطراب واحتدام مشاعري.. استعيد بعضي بعد وهلة، فتداهمني دهشة بحجم السماء.. يتخلق فيني وجود آخر حافل بالعجب، وكأن انفجار كوني قد حدث وتولّد هذا الوجود الذي يزدحم ويكتظ داخلي.. ثم يتبدى أمامي كرنفال من الفرح بعد جزع ودهشة.. قلبي يرقص كمهرجان في الفضاء، ثم يهمي كالمطر.. لحظات كثيفة تحتدم في الوعي حتى شعرت أن لا أحد غيري يعيش مثلها، أو يمر بها في الدنيا سواي..

“بلكون” بيتها في الطابق الثاني، فيما بيت قريبنا مقابلها في الطابق الثالث.. انتظرها كثيرا حتى يحبِّر الانتظار شرفة قلبي المتيم.. أحاول أطل من النافذة كلما وجدت ثغرة للمرور في حقل ألغام العيون، أو فسحة أو فرصة في غفلة من الحضور.. أناور وانتظر.. قلبي يخفق وعيوني تلتاع وتضطرب في انتظار يطول معظم الأحيان..

تخرج لنشر أو جلب الثياب التي جفت على حبل الغسيل.. وأحيانا منتزهة متفتحة كأزهار الربيع.. تقف على السياج ملكة بكنز جمالها وتاجها وسحرها الذي يخطف الألباب والأفئدة، فيما عيوني تتوسل وتستجدي عيونها، وترتجى منها المدد..

إن لمحتها ومنعني محيطي من الطلول؛ أو أفسدت صدفتنا النحوس الباذخة.. أضطرب وألفت نظر من في الجوار، فأبدو وكأن الطير على رأسي وقف.. أحاول أن أداري اضطرابي وأجمع أشتات صوابي فيدركني الفشل؛ فأدّعي أنني معتري ومحموم المفاصل والجسد.. معركة صامته أخوضها في الآن نفسه على جبهتي.. الأولى مع نفسي المتحفزة بالشوق والمُربكة بالاضطراب، والثانية مع الحصار الذي يضربه عليّ من في الجوار..

عندما أراها أهفو إليها بجماح خيل محبوس في قبوه، ومربوط إلى وتد الحديد.. ملجوما وممنوعا من الحراك والصهيل.. روحي تريد أن تغادرني وتتحرر من قيد الجسد.. أنا المكبل بقيودي واختناقي من ثقل الركام.. أنا الرازح تحت ركام العيب أكثر من ألف عام.. خجلي ووجلي أثقلا كاهلي.. انتظرها على صفيح ساخن لأختلس نظرة محب أظناه الهوى.. استجدي منها لفتة أو رشقة حور.. آه يا قلبي المحب كم حملت من الحب الذي تيم صاحبه، وكم عانيت من العذاب والصبر الثقيل!!

أراقبها حتى تغبش عيوني المتعبة.. انتظرها ساعات طوال، فإن ظفرت بنظرة منها، أقع أنا وقلبي من سابع سماء.. تبرق سحبي وتمطر سماء قلبي بمزن البهجة والفرح.. وترقص روحي كطفل تحت المطر..

ثلاث سنوات أتلوع بها.. غارقا إلى شعر رأسي في حبها.. وهي لم تدرِ ولم تعلم بحبي لها إلا قبل رحيلها ببرهة زمن.. ثلاث سنين ذهبت سدى؛ فما عساي وما عسانا أن نفعل عند ساعات الرحيل؟!! فات القطار .. فات القطار.. يبست الأحلام الندية في مدرات الفراغ.. يا لخيبة رجائي التي ابتلعت أرجائي وأبعادي الأربعة، وقبلها أنا وحبي المُنتحب..

يا لحظّي الذي أدركته تعاسة وخيبة كل الحظوظ.. قلبت لي الأرض المجن، وأدارت لي السماء قفاها المبتئس، وعواثري بحوافر وحشية رفست أزهاري الجميلة بألف رفسه.. بلعت الخيبة آمالي العراض.. صرتُ مُشبع بالوهم حتى صار الوهم على الوهم مصاب جلل.. يا لخسراني المبين!! لا عزاء للمُصاب.. رحلت هي إلى الأبد وأقام في روحي الكمد..


أقداري راكمتني بخيباتها، واستكثرت أن ألتقي يوما بها.. صادر النحس الصُدف، وتخلّت عنّي كل الحظوظ السعيدة.. ثلاث سنوات طوال وحبي الجم ملجوما ومحبوسا ومكبوسا في أعماقي السحيقة، مسيجا بكتمانه الشديد، وبالعوازل والحديد.. يا لقهقه تشبه انفجار الحزن في أعماقي السحيقة..

غادرت مع أهلها حي “القطيع”.. كل الطرق تؤدي إلى "روما"، غير أن "روميتي" لا أثر لها.. لا دليل ولا طريق.. تقطعت كل السبل في متاه المستحيل.. فألهمتني بوحا في التمرد، وثورتني في وجه الغياب..

حد العصيان أحببتها.. اجتاحني تسونامي
حبها، واجتاحني معه الفشل الذريع.. احتشدت في وجهي قرارات الاتهام وسبابات الأصابع حين قالت: من هنا مر الفشل.. ثارت ثورتي وتمردي.. أجتاح الكفر البواح كفر النعمة والمجاز.. تمردت حياتي على مسلماتي الكاسحة، وثارت الأسئلة في وجه الرتابة والثوابت والغياب؛ فكتبت على لوح نافذة غرفة سكني الداخلي ما بلغ إليه تمردي، ووجعي الذي باح بكاتمي.. ورغم فداحة خيبتي والمصاب، إلا إنها منحتني الأهم.. فقد أصابت ثورتي رأس الحقيقة أو بعضها..

خانتني شجاعتي، ولم أجروا على السؤال!! ما اسمها؟! أثقل العيب كواهلي، وصيرني ركاما من حطام.. جمعت أشتات شجاعتي من الدنا والأقاص، في وجه خجلي العرمرم؛ ثم سألت ابن قريبنا عن اسمها؛ فأجاباني.. خانني السمع وتوسدنِ الخجل.. لم أجروا على السؤال ثانية.. يا لخذلان وعطب الذاكرة.. هل اسمها ليندا؟!! أم اسمها رنده..؟!! هل ينتهي اسمها بألف أم بياء مقصورة أم بهاء ؟!! لطالما ألتبس عليّ اسمها دون أن أرسي إلى مرسى أو استقر على اسم ضاعت مني أحرفه!!

انقضى عهد وسنوات طوال.. وبقي الحنين ممانعا عني الرحيل.. أسميت أحدى بناتي رنده، والأخرى ليندا تحوطا ومداركة.. هكذا هو جنون الحب الذي لا ندركه.. يا للحنين المقاوم لنسياننا.. والصامد في وجه السنين الطوال مهما تقادمت.. يا للحنين الذي يأبى أن يموت أو ينطفئ..

كم أنا “خائن” في الحب يا زوجتي وحبيبتي، وكم هو عمري مكللا بـ "الخيانة".. لا تغضبين، فأنت البقية الباقية.. أنت العشرة الطويلة وما بقى لي في حياتي الباقية.. حبنا الأكيد باقي وعشرتنا الطويلة لطالما أمتحنها الزمان ألف مرّة.. صمدنا في وجه أحداث كبار وخضات كثيرة.. عبرنا حروب وصمدنا في وجه الأخيرة التي صارت أهوالها أكبر من أهوال يوم القيامة.. كم أنا بشر يا زوجتي وبناتي العزيزات.. اجعلن من الصفح والغفران والعفو الكريم مسك ختام حتى تسكن وترتاح روحي المتعبة..

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
ازمات المشتقات النفطية في جلها تنتهي بجرعة جديدة ثم تنتهي الأزمة
سياسة لطالما عشناها على نحو مكرر.. ونظل نحن ندور في حلقة مفرغة
وثائق جديدة عن مخالفات رئاسة مجلس النواب
وأمانتها العامة
وثائق جديدة عن مخالفات رئاسة مجلس النواب
وأمانتها العامة
هل تعلم؟!
فقط بدل سكن هيئة رئاسة مجلس نواب صنعاء لشهري مارس وإبريل 2019 ثلاثة مليون ريال رغم أن لديهم سكن إن لم تكن مساكن.. منازل إن لم تكن قصور..!!!
المصدر: وثيقة موجودة لدينا
من أوجه الفساد المالي في مجلس النواب
تم صرف قرابة خمسة مليون ريال من بند الجزاءات بهدف تصفيرها فيما كان يفترض أن يعاد توريدها لحساب المجلس في البنك المركزي وهو ما يعد وجها من أوجه الفساد المالي في المجلس.
المصدر وثيقة موجودة لدينا.
حبي الأول في عدن .. اعتذار إلى زوجتي وبناتي العزيزات
أحمد سيف حاشد
حبي الأول في عدن
اعتذار إلى زوجتي وبناتي العزيزات..
خلال دراستي في ثانوية "البروليتاريا" أحببت فتاة من عدن.. جميلة ورقيقة وجاذبة.. كانت حبي الأول الذي لم تكتب له الأقدار نصيبا أو حتى لقاء عابر سبيل.. حب مشبوب باشتياقي المنفرد الذي استمر متأججا دون انقطاع ثلاث سنوات طوال.. أنا أبن الريف المملوء بالحياء والمسكون بالخجل الوخيم.. اشتياقي يشتعل تحت طبقات صمتي بين الضلوع وأجنحتي المتكسرة.. أنا المصلوب بخجلي الذي لا يبارى، ولا يوجد ما يضاهيه..

كنت أقطع المسافات الطوال من المدرسة إلى "قطيع عدن" لأراها فقط عندما تطل من بلكونة بيتها.. خمسة عشر كيلو متر أقطعها في الذهاب، ومثلها في الإياب، وبعض من هذه وتلك أقطعها راجلا بحذاء مهتري، وأعود من رحلتي ـ التي تشبه غزوة أو سفر ـ أما متوجا بالنصر والفرح إن رأيتها، أو مكسورا ومهزوما وحاملا كُرب ألف منكوب إن لم تكتحل عيني بها..

بفارغ الصبر انتظر يوم الخميس، بقلب ولوع ووجدان مشتعل.. استعجل الأيام إلى يوم الخميس.. انتظره كمن ينتظر ليلة القدر أو "كريسميس" رأس السنة.. أخرج من سكني الداخلي في المدرسة وأقطع تلك المسافة لأراها فقط..

إن رأيتها يصيبني في الوهلة الأولى إرباك كوني يسري بفوضوية في جميع أوصالي وأرجائي.. ترتجف أطرافي وكأنها مسكونة بالعفاريت.. يُربك كياني بزلزال اضطراب واحتدام مشاعري.. استعيد بعضي بعد وهلة، فتداهمني دهشة بحجم السماء.. يتخلق فيني وجود آخر حافل بالعجب، وكأن انفجار كوني قد حدث وتولّد هذا الوجود الذي يزدحم ويكتظ داخلي.. ثم يتبدى أمامي كرنفال من الفرح بعد جزع ودهشة.. قلبي يرقص كمهرجان في الفضاء، ثم يهمي كالمطر.. لحظات كثيفة تحتدم في الوعي حتى شعرت أن لا أحد غيري يعيش مثلها، أو يمر بها في الدنيا سواي..

“بلكون” بيتها في الطابق الثاني، فيما بيت قريبنا مقابلها في الطابق الثالث.. انتظرها كثيرا حتى يحبِّر الانتظار شرفة قلبي المتيم.. أحاول أطل من النافذة كلما وجدت ثغرة للمرور في حقل ألغام العيون، أو فسحة أو فرصة في غفلة من الحضور.. أناور وانتظر.. قلبي يخفق وعيوني تلتاع وتضطرب في انتظار يطول معظم الأحيان..

تخرج لنشر أو جلب الثياب التي جفت على حبل الغسيل.. وأحيانا منتزهة متفتحة كأزهار الربيع.. تقف على السياج ملكة بكنز جمالها وتاجها وسحرها الذي يخطف الألباب والأفئدة، فيما عيوني تتوسل وتستجدي عيونها، وترتجى منها المدد..

إن لمحتها ومنعني محيطي من الطلول؛ أو أفسدت صدفتنا النحوس الباذخة.. أضطرب وألفت نظر من في الجوار، فأبدو وكأن الطير على رأسي وقف.. أحاول أن أداري اضطرابي وأجمع أشتات صوابي فيدركني الفشل؛ فأدّعي أنني معتري ومحموم المفاصل والجسد.. معركة صامته أخوضها في الآن نفسه على جبهتي.. الأولى مع نفسي المتحفزة بالشوق والمُربكة بالاضطراب، والثانية مع الحصار الذي يضربه عليّ من في الجوار..

عندما أراها أهفو إليها بجماح خيل محبوس في قبوه، ومربوط إلى وتد الحديد.. ملجوما وممنوعا من الحراك والصهيل.. روحي تريد أن تغادرني وتتحرر من قيد الجسد.. أنا المكبل بقيودي واختناقي من ثقل الركام.. أنا الرازح تحت ركام العيب أكثر من ألف عام.. خجلي ووجلي أثقلا كاهلي.. انتظرها على صفيح ساخن لأختلس نظرة محب أظناه الهوى.. استجدي منها لفتة أو رشقة حور.. آه يا قلبي المحب كم حملت من الحب الذي تيم صاحبه، وكم عانيت من العذاب والصبر الثقيل!!

أراقبها حتى تغبش عيوني المتعبة.. انتظرها ساعات طوال، فإن ظفرت بنظرة منها، أقع أنا وقلبي من سابع سماء.. تبرق سحبي وتمطر سماء قلبي بمزن البهجة والفرح.. وترقص روحي كطفل تحت المطر..

ثلاث سنوات أتلوع بها.. غارقا إلى شعر رأسي في حبها.. وهي لم تدرِ ولم تعلم بحبي لها إلا قبل رحيلها ببرهة زمن.. ثلاث سنوات ذهبت سدى؛ فما عساي وما عسانا أن نفعل عند ساعات الرحيل؟!! فات القطار .. فات القطار.. يبست الأحلام الندية في مدرات الفراغ.. يا لخيبة رجائي التي ابتلعت أرجائي وأبعادي الأربعة، وقبلها أنا وحبي المُنتحب..

يا لحظّي الذي أدركته تعاسة وخيبة كل الحظوظ.. قلبت لي الأرض المجن، وأدارت لي السماء قفاها المبتئس، وعواثري بحوافر وحشية رفست أزهاري الجميلة بألف رفسه.. بلعت الخيبة آمالي العراض.. صرتُ مُشبع بالوهم حتى صار الوهم على الوهم مصاب جلل.. يا لخسراني المبين!! لا عزاء للمُصاب.. رحلت هي إلى الأبد وأقام في روحي الكمد..


أقداري راكمتني بخيباتها، واستكثرت أن ألتقي يوما بها.. صادر النحس الصُدف، وتخلّت عنّي كل الحظوظ السعيدة.. ثلاث سنوات طوال وحبي الجم ملجوما ومحبوسا ومكبوسا في أعماقي السحيقة، مسيجا بكتمانه الشديد، وبالعوازل والحديد.. يا لقهقه تشبه انفجار الحزن في أعماقي السحيقة..

غادرت مع أهلها حي “القطيع”.. كل الطرق تؤدي إلى "روما"، غير أن "روميتي" لا أثر لها.. لا دليل ولا طريق.. تقطعت كل السبل في متاه المستحيل.. فألهمتني بوحا في
أنت منهوب حيا أو ميتا..
تنص لائحة المجلس عند وفاة عضو مجلس النواب تواسى أسرته بمبلغ 700 ألف ريال فيما لم تتسلم أسرة النائب المتوفي الخضر العزاني،سوى 400 ألف ريال فقط،تحت مسمى مساعدة وفاة..
قال مصدر برلماني لـ”يمنات” أن هذه الوثيقة تثبت أن هيئة رئاسة مجلس النواب بصنعاء،تأكل حقوق أعضاء المجلس أحياء و أمواتا.
المصدر: موقع يمنات الإخبري
أطلقت السعودية على سفينتين تابعة لها مسمى “سقطرى1” و “سقطرى2″
متابعون يرون أن اطلاق السعودية مسمى “سقطرى” على سفن عسكرية، يكشف الأطماع السعودية في الجزيرة اليمنية
المصدر: موقع يمنات الإخباري
السعودية فصلت التفاوض حول ارخبيل سقطرى عن المفاوضات التي تدور حول تشكيل حكومة جديدة وتنفيذ اتفاق الرياض بين حكومة هادي والمجلس الانتقالي
يرى مراقبون أن السعودية تسعى من وراء فصل المحادثات إلى استحداث وضع جديد للجزيرة بما يؤدي إلى وضعها تحت الوصاية السعودية
موقع يمنات الإخباري
التمرد، وثورتني في وجه الغياب..

حد العصيان أحببتها.. اجتاحني تسونامي حبها، واجتاحني معه الفشل الذريع.. احتشدت في وجهي قرارات الاتهام وسبابات الأصابع حين قالت: من هنا مر الفشل.. ثارت ثورتي وتمردي.. أجتاح الكفر البواح كفر النعمة والمجاز.. تمردت حياتي على مسلماتي الكاسحة، وثارت الأسئلة في وجه الرتابة والثوابت والغياب؛ فكتبت على لوح نافذة غرفة سكني الداخلي ما بلغ إليه تمردي، ووجعي الذي باح بكاتمي.. ورغم فداحة خيبتي والمصاب، إلا إنها منحتني الأهم.. فقد أصابت ثورتي رأس الحقيقة أو بعضها..

خانتني شجاعتي، ولم أجروا على السؤال!! ما اسمها؟! أثقل العيب كواهلي، وصيرني ركاما من حطام.. جمعت أشتات شجاعتي من الدنا والأقاص، في وجه خجلي العرمرم؛ ثم سألت ابن قريبنا عن اسمها؛ فأجابني.. خانني السمع وتوسدنِ الخجل.. لم أجروا على السؤال ثانية.. يا لخذلان وعطب الذاكرة.. هل اسمها ليندا؟!! أم اسمها رنده..؟!! هل ينتهي اسمها بألف أم بياء مقصورة أم بهاء ؟!! لطالما ألتبس عليّ اسمها دون أن أرسي إلى مرسى أو استقر على اسم ضاعت مني أحرفه!!

انقضى عهد وسنوات طوال.. وبقي الحنين ممانعا عني الرحيل.. أسميت أحدى بناتي رنده، والأخرى ليندا تحوطا ومداركة.. هكذا هو جنون الحب الذي لا ندركه.. يا للحنين المقاوم لنسياننا.. والصامد في وجه السنين الطوال مهما تقادمت.. يا للحنين الذي يأبى أن يموت أو ينطفئ..

كم أنا “خائن” في الحب يا زوجتي وحبيبتي، وكم هو عمري مكللا بـ "الخيانة".. لا تغضبين، فأنت البقية الباقية.. أنت العشرة الطويلة وما بقى لي في حياتي الباقية.. حبنا الأكيد باقي وعشرتنا الطويلة لطالما أمتحنها الزمان ألف مرّة.. صمدنا في وجه أحداث كبار وخضات كثيرة.. عبرنا حروب وصمدنا في وجه الأخيرة التي صارت أهوالها أكبر من أهوال يوم القيامة.. كم أنا بشر يا زوجتي وبناتي العزيزات.. اجعلن من الصفح والغفران والعفو الكريم مسك ختام حتى تسكن وترتاح روحي المتعبة..

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي

https://yemenat.net/2020/07/372367/
اصداء من الوتس..
احمد علي محمد جحاف:

︎كم هذا النائب الأديب الحصيف بارع في رحلاته المتتابعة إلى الماضي‼️

︎يبحر بنا في خضم ذلك المحيط بمهارة البحار العارف القدير على سبر الأغوار ووصف الأحوال من موج الأحداث وطبيعة الطقس وجغرافية المكان

︎يجيد فن السرد السلس الذي يكمن جماله في بساطته وفيه تشويق ودقة بحيث يجعلك مشدودا منجذب اليه لكي تتابع لدرجة شعورك انك صرت جزء من الحدث وهذا نجاح وفلاح

¤بالأمس القريب رحل بنا في عدة غدوات وروحات متتابعة إلى عالم الجن فأحسن التفصيل والوصف وسرد الأحداث والنهايات والبدايات والاسقاطات منها على النفس والروح والوعي والمحيط الأسري والاجتماعي

¤اجاد واحسن الوصف حين كان الجن في طفولتنا له عيش مشترك معنا فهو شريكتا في السكن وفي ظلام الشارع وفي الحقل وفي الوديان والديوان وغرفة النوم والحمام اما المطبخ فهو دائم التواجد فيه كلما خفت الضوء وغشي الظلام

◇ والان عاد ليرحل في عالم الحب والغرام و الشوق والعشق والهيام و بتلقائية جميلة فيها وصف دقيق وبأسلوب رشيق

◇ تلك الرحلات جعلتني استحضر ماضي طفولتي واعيشها من جديد ولكن بوعي وعقل اليوم فاكتشف فيها مواطن متعة وجمال ولها طعم مختلف ونكة مختلفة ومغايره لما فات

◇والغريب أن تفاصيل التجربة تتشابه عندي وعنده واعتقد عند الجميع وتصل أحيانا إلى حد التطابق وتختلف التفاصيل بحسب اختلاف جغرافية ومكونات البيئة فقط اما سلوكيات الجن وطبيعة تعاملهم وكثيرا من صفاتهم فهي متطابقة حتى تفاصيل جمال نسائهم لم تختلف عندي وعنده وعندكم

◇ من اول رحلة له في عالم الحب والغرام أرى أن الأحداث تسير باتجاه التشابه مع اختلاف اليسير من التفاصيل

لكم وله التحية

......................

حبي الأول في عدن
اعتذار إلى زوجتي وبناتي العزيزات..
أحمد سيف حاشد

خلال دراستي في ثانوية "البروليتاريا" أحببت فتاة من عدن.. جميلة ورقيقة وجاذبة.. كانت حبي الأول الذي لم تكتب له الأقدار نصيبا أو حتى لقاء عابر سبيل.. حب مشبوب باشتياقي المنفرد الذي استمر متأججا دون انقطاع ثلاث سنوات طوال.. أنا أبن الريف المملوء بالحياء والمسكون بالخجل الوخيم.. اشتياقي يشتعل تحت طبقات صمتي بين الضلوع وأجنحتي المتكسرة.. أنا المصلوب بخجلي الذي لا يبارى، ولا يوجد ما يضاهيه..

كنت أقطع المسافات الطوال من المدرسة إلى "قطيع عدن" لأراها فقط عندما تطل من بلكونة بيتها.. خمسة عشر كيلو متر أقطعها في الذهاب، ومثلها في الإياب، وبعض من هذه وتلك أقطعها راجلا بحذاء مهتري، وأعود من رحلتي ـ التي تشبه غزوة أو سفر ـ أما متوجا بالنصر والفرح إن رأيتها، أو مكسورا ومهزوما وحاملا كُرب ألف منكوب إن لم تكتحل عيني بها..

بفارغ الصبر انتظر يوم الخميس، بقلب ولوع ووجدان مشتعل.. استعجل الأيام إلى يوم الخميس.. انتظره كمن ينتظر ليلة القدر أو "كريسميس" رأس السنة.. أخرج من سكني الداخلي في المدرسة وأقطع تلك المسافة لأراها فقط..

إن رأيتها يصيبني في الوهلة الأولى إرباك كوني يسري بفوضوية في جميع أوصالي وأرجائي.. ترتجف أطرافي وكأنها مسكونة بالعفاريت.. يُربك كياني بزلزال اضطراب واحتدام مشاعري.. استعيد بعضي بعد وهلة، فتداهمني دهشة بحجم السماء.. يتخلق فيني وجود آخر حافل بالعجب، وكأن انفجار كوني قد حدث وتولّد هذا الوجود الذي يزدحم ويكتظ داخلي.. ثم يتبدى أمامي كرنفال من الفرح بعد جزع ودهشة.. قلبي يرقص كمهرجان في الفضاء، ثم يهمي كالمطر.. لحظات كثيفة تحتدم في الوعي حتى شعرت أن لا أحد غيري يعيش مثلها، أو يمر بها في الدنيا سواي..

“بلكون” بيتها في الطابق الثاني، فيما بيت قريبنا مقابلها في الطابق الثالث.. انتظرها كثيرا حتى يحبِّر الانتظار شرفة قلبي المتيم.. أحاول أطل من النافذة كلما وجدت ثغرة للمرور في حقل ألغام العيون، أو فسحة أو فرصة في غفلة من الحضور.. أناور وانتظر.. قلبي يخفق وعيوني تلتاع وتضطرب في انتظار يطول معظم الأحيان..

تخرج لنشر أو جلب الثياب التي جفت على حبل الغسيل.. وأحيانا منتزهة متفتحة كأزهار الربيع.. تقف على السياج ملكة بكنز جمالها وتاجها وسحرها الذي يخطف الألباب والأفئدة، فيما عيوني تتوسل وتستجدي عيونها، وترتجى منها المدد..

إن لمحتها ومنعني محيطي من الطلول؛ أو أفسدت صدفتنا النحوس الباذخة.. أضطرب وألفت نظر من في الجوار، فأبدو وكأن الطير على رأسي وقف.. أحاول أن أداري اضطرابي وأجمع أشتات صوابي فيدركني الفشل؛ فأدّعي أنني معتري ومحموم المفاصل والجسد.. معركة صامته أخوضها في الآن نفسه على جبهتي.. الأولى مع نفسي المتحفزة بالشوق والمُربكة بالاضطراب، والثانية مع الحصار الذي يضربه عليّ من في الجوار..

عندما أراها أهفو إليها بجماح خيل محبوس في قبوه، ومربوط إلى وتد الحديد.. ملجوما وممنوعا من الحراك والصهيل.. روحي تريد أن تغادرني وتتحرر من قيد الجسد.. أنا المكبل بقيودي واختناقي من ثقل الركام.. أنا الرازح تحت ركام العيب أكثر من ألف عام.. خجلي ووجلي أثقلا كاهلي.. ا
نتظرها على صفيح ساخن لأختلس نظرة محب أظناه الهوى.. استجدي منها لفتة أو رشقة حور.. آه يا قلبي المحب كم حملت من الحب الذي تيم صاحبه، وكم عانيت من العذاب والصبر الثقيل!!

أراقبها حتى تغبش عيوني المتعبة.. انتظرها ساعات طوال، فإن ظفرت بنظرة منها، أقع أنا وقلبي من سابع سماء.. تبرق سحبي وتمطر سماء قلبي بمزن البهجة والفرح.. وترقص روحي كطفل تحت المطر..

ثلاث سنوات أتلوع بها.. غارقا إلى شعر رأسي في حبها.. وهي لم تدرِ ولم تعلم بحبي لها إلا قبل رحيلها ببرهة زمن.. ثلاث سنين ذهبت سدى؛ فما عساي وما عسانا أن نفعل عند ساعات الرحيل؟!! فات القطار .. فات القطار.. يبست الأحلام الندية في مدرات الفراغ.. يا لخيبة رجائي التي ابتلعت أرجائي وأبعادي الأربعة، وقبلها أنا وحبي المُنتحب..

يا لحظّي الذي أدركته تعاسة وخيبة كل الحظوظ.. قلبت لي الأرض المجن، وأدارت لي السماء قفاها المبتئس، وعواثري بحوافر وحشية رفست أزهاري الجميلة بألف رفسه.. بلعت الخيبة آمالي العراض.. صرتُ مُشبع بالوهم حتى صار الوهم على الوهم مصاب جلل.. يا لخسراني المبين!! لا عزاء للمُصاب.. رحلت هي إلى الأبد وأقام في روحي الكمد..


أقداري راكمتني بخيباتها، واستكثرت أن ألتقي يوما بها.. صادر النحس الصُدف، وتخلّت عنّي كل الحظوظ السعيدة.. ثلاث سنوات طوال وحبي الجم ملجوما ومحبوسا ومكبوسا في أعماقي السحيقة، مسيجا بكتمانه الشديد، وبالعوازل والحديد.. يا لقهقه تشبه انفجار الحزن في أعماقي السحيقة..

غادرت مع أهلها حي “القطيع”.. كل الطرق تؤدي إلى "روما"، غير أن "روميتي" لا أثر لها.. لا دليل ولا طريق.. تقطعت كل السبل في متاه المستحيل.. فألهمتني بوحا في التمرد، وثورتني في وجه الغياب..

حد العصيان أحببتها.. اجتاحني تسونامي حبها، واجتاحني معه الفشل الذريع.. احتشدت في وجهي قرارات الاتهام وسبابات الأصابع حين قالت: من هنا مر الفشل.. ثارت ثورتي وتمردي.. أجتاح الكفر البواح كفر النعمة والمجاز.. تمردت حياتي على مسلماتي الكاسحة، وثارت الأسئلة في وجه الرتابة والثوابت والغياب؛ فكتبت على لوح نافذة غرفة سكني الداخلي ما بلغ إليه تمردي، ووجعي الذي باح بكاتمي.. ورغم فداحة خيبتي والمصاب، إلا إنها منحتني الأهم.. فقد أصابت ثورتي رأس الحقيقة أو بعضها..

خانتني شجاعتي، ولم أجروا على السؤال!! ما اسمها؟! أثقل العيب كواهلي، وصيرني ركاما من حطام.. جمعت أشتات شجاعتي من الدنا والأقاص، في وجه خجلي العرمرم؛ ثم سألت ابن قريبنا عن اسمها؛ فأجابني.. خانني السمع وتوسدنِ الخجل.. لم أجروا على السؤال ثانية.. يا لخذلان وعطب الذاكرة.. هل اسمها ليندا؟!! أم اسمها رنده..؟!! هل ينتهي اسمها بألف أم بياء مقصورة أم بهاء ؟!! لطالما ألتبس عليّ اسمها دون أن أرسي إلى مرسى أو استقر على اسم ضاعت مني أحرفه!!

انقضى عهد وسنوات طوال.. وبقي الحنين ممانعا عني الرحيل.. أسميت أحدى بناتي رنده، والأخرى ليندا تحوطا ومداركة.. هكذا هو جنون الحب الذي لا ندركه.. يا للحنين المقاوم لنسياننا.. والصامد في وجه السنين الطوال مهما تقادمت.. يا للحنين الذي يأبى أن يموت أو ينطفئ..

كم أنا “خائن” في الحب يا زوجتي وحبيبتي، وكم هو عمري مكللا بـ "الخيانة".. لا تغضبين، فأنت البقية الباقية.. أنت العشرة الطويلة وما بقى لي في حياتي الباقية.. حبنا الأكيد باقي وعشرتنا الطويلة لطالما أمتحنها الزمان ألف مرّة.. صمدنا في وجه أحداث كبار وخضات كثيرة.. عبرنا حروب وصمدنا في وجه الأخيرة التي صارت أهوالها أكبر من أهوال يوم القيامة.. كم أنا بشر يا زوجتي وبناتي العزيزات.. اجعلن من الصفح والغفران والعفو الكريم مسك ختام حتى تسكن وترتاح روحي المتعبة..

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي