(22)
فشل ولكن ليس للأبد
احمد سيف حاشد
ربما بديتُ فاشلا، بل وشعرتُ مليا بالفشل في لحظة ما، وربما رافقني هذا الفشل سنوات طوال، ولكن ليس إلى الأبد.. فشلت في كتابة القصة، ولكني أعاود كتابتها اليوم في تفاصيل قصة حياتي.. فشلت في الشعر، ولكن أحاول اليوم اجترح أحد فنونه فيما اكتب على نحو مختلف.. فشلت في الحب ولكن ليس إلى الأبد.. حلمت أن أكون صحفيا وفشلت، ولكن عاودت السعي في تحقيق الحلم، وصار لي صحيفة وموقع اخباري.. لا يستطيع الإنسان كما يقول الروائي البرازيلي "باولو كويلو" أن يتوقف أبدا عن الحلم، والفشل من وقت إلى آخر طبيعيا، ولكن الشيء الوحيد الذي لا يستطيع فعله المرء هو نسيان ذلك.
• اينما فشلتُ يظل الحنين جارف لما كنت أروم وأحلم، والنسيان غير ممكن.. أستعيد نفسي وأنفاسي، وأحاول أن أصبر بجلد ومغالبة، ثم أعاود مسعاي لتحقيق حلمي مرة وثانية حتى يتم تحقيقه، أو أنال باع منه، وإن استولى الفشل على حلمي لسنوات طوال، لا أنساه حتى أنال من حلمي ما استطيع من الشرف، وإن نام حلمي من الإعياء والتعب استرخى واستريح ، ريثما تتبدل الأحوال، ثم يستيقظ ويثب في أول فرصة، وأعيد المحاولة كرة وكرتين، فيبدو ما كان مستصعبا أو مستحيلا قد أصبح ممكنا، أو ورهن التحقيق..
• حلمت أن أكون قاضيا أو محاميا، فصرت قاضيا بالفعل لأكثر من خمس سنوات، ثم مدافعا عن حقوق الانسان وحرياته إلى اليوم.. تطلعت إلى الحصول على منحة دراسية في العلاقات الدولية أو العلوم السياسية، فلم تتاح لي الفرصة لأفعل، ولكن بعد سنوات طوال حصلت على شهادة الدبلوم في العلوم السياسية من كلية الاقتصاد في جامعة صنعاء..
• تطلعت أن أكون صوتا لهذا الشعب المقموع، فصرت نائبا له، والأهم أنني لم أقايض صعودي بأي سقوط.. اقتحمت السياسية من وقت مبكر غير أن الأهم وكما أزعم أنني مارستها بأخلاق وسوية.. أعتقد أن ما مريتُ به من اخفاقات وفشل إنما هو من أعطى للنجاح قيمته الفذة ومعناة الحقيقي، أو على حد تعبير الروائي الأمريكي " ترومان كابوتي" أن الفشل هو ذلك البهار الذي يعطي النجاح نكهته المتميزة.
• إنني أبحث عن تحقيق اسطورتي مهما كانت الكوابح والمعوقات، كما فعل "سنتياجو" في قصة "الخيميائي" لـ "باولو كويلو".. "سنتياجو" الذي يتمسك بحلمه، ويغالب كل ما يحول دون تحقيق ذلك الحلم والمراد، وفي نهاية المطاف يصل إليه.. أما أنا وحتى على فرضية عدم الوصول، فيكفيني شرف المحاولة.. اليوم حلمي وأمنيتي أن تتاح لي الظروف فيما بقي من أيامي القليلة أن أكمل كتابة قصتي للناس وهي قصتهم في أول المقام.
***
• كنت في كل عدد انتظر يوم صدور صحيفة الراية بفارغ الصبر، ثم أفتش بصفحاتها بشغف كمن يبحث عن نفسه أو ولده الذي شرد منه؛ فإن وجده غمرته الفرحة، وسرت المسرة من محيّاه حتى أطراف أصابعه، وإن لم يجده اكتسحته الخيبة العارمة..
• كنت عندما أجد ما كتبته منشورا، وأقرأه للوهلة الأولى، استلذ به، وربما تخامرني غيمة نرجسية، وعندما أكرر قراءة ما تم نشره مرات عديدة، وفي أوقات متفاوتة، تتلاشى تلك الغيمة، واكتشف مع كل قراءة عورها وأخطاءها التي تزداد؛ فنقص هنا كان ينبغي إضافته، واضافة هنا ما كان داع لها، وجملة كان يفترض تأخيرها، وأخرى كان يتعين تقديمها، وعبارة كان بالإمكان تحسينها، وأشعر أن تلك القراءة المتكررة لو حدثت قبل النشر لكان ما كتبته أجمل وأرصن، إن لم يكن أقل عيوبا، وكان هذا يعني بالإمكان اشباع ما كتبت، ليس ليغدو أكثر امتلاء، ولكن ليغدو أقل أخطاء ومثالب.. وكنت عند النشر أشتري عدة نسخ للأرشفة والحفظ..
• في لواء الوحدة كنت أشتري الصحف، وأتابع الأخبار، وأتمنى أن أعمل في الصحافة، وكانت رغبتي بالعمل فيها جامحة، ولكن تخصصي كان ليس له صله بالإعلام، وإنما له صلة بالتكتيك العسكري، والتدريب الناري، والعلوم العسكرية إجمالا، بعيدا عن تخصص الإعلام والصحافة..
• كنت أساير رغبتي لتسويغ الانتقال من تخصص إلى آخر، وأحدّث نفسي: أحمد بهاء الدين خريج كلية الحقوق، ولكنه صار من ألمع الصحفيين الذين تولوا رئاسة تحرير العديد من الصحف والمجلات، مثل "صباح الخير" و "الأهرام" و "العربي" و"آخر ساعة" و "دار الهلال".. عديدون هم الذين برعوا واحترفوا الصحافة بعد أن تركوا تخصصاتهم التي درسوها، وصار كل واحد منهم نجم مشهور واسمه نارا على علم.. وفي المقابل هناك خريجين من كلية الإعلام تركوا التخصص الذي درسوه، وصاروا نجوم في مجال آخر، وآخرون قاموا بأشياء مذهلة في مجالات غير تخصصاتهم، بلغت حد الاختراع..
• وينطبق هذا أيضا على كثير من النجوم والممثلين المشهورين، فمثلا أحمد مظهر هو في الأصل خريج الكلية الحربية، وصلاح ذو الفقار خريج كلية الشرطة، وفؤاد المهندس ومحمود ياسين خريجي كلية الحقوق، ويحيى الفخرانى خريج كلية الطب، وعادل امام وسمير غانم وصلاح السعدنى خريجو كلية الزراعة، ودريد لحام خريج كلية العلوم قسم الكيمياء.. كثير ممن فشلوا أو تركوا تخصصاتهم، ذاع صيتهم ونجاحهم في مجال آخر..
• ك
فشل ولكن ليس للأبد
احمد سيف حاشد
ربما بديتُ فاشلا، بل وشعرتُ مليا بالفشل في لحظة ما، وربما رافقني هذا الفشل سنوات طوال، ولكن ليس إلى الأبد.. فشلت في كتابة القصة، ولكني أعاود كتابتها اليوم في تفاصيل قصة حياتي.. فشلت في الشعر، ولكن أحاول اليوم اجترح أحد فنونه فيما اكتب على نحو مختلف.. فشلت في الحب ولكن ليس إلى الأبد.. حلمت أن أكون صحفيا وفشلت، ولكن عاودت السعي في تحقيق الحلم، وصار لي صحيفة وموقع اخباري.. لا يستطيع الإنسان كما يقول الروائي البرازيلي "باولو كويلو" أن يتوقف أبدا عن الحلم، والفشل من وقت إلى آخر طبيعيا، ولكن الشيء الوحيد الذي لا يستطيع فعله المرء هو نسيان ذلك.
• اينما فشلتُ يظل الحنين جارف لما كنت أروم وأحلم، والنسيان غير ممكن.. أستعيد نفسي وأنفاسي، وأحاول أن أصبر بجلد ومغالبة، ثم أعاود مسعاي لتحقيق حلمي مرة وثانية حتى يتم تحقيقه، أو أنال باع منه، وإن استولى الفشل على حلمي لسنوات طوال، لا أنساه حتى أنال من حلمي ما استطيع من الشرف، وإن نام حلمي من الإعياء والتعب استرخى واستريح ، ريثما تتبدل الأحوال، ثم يستيقظ ويثب في أول فرصة، وأعيد المحاولة كرة وكرتين، فيبدو ما كان مستصعبا أو مستحيلا قد أصبح ممكنا، أو ورهن التحقيق..
• حلمت أن أكون قاضيا أو محاميا، فصرت قاضيا بالفعل لأكثر من خمس سنوات، ثم مدافعا عن حقوق الانسان وحرياته إلى اليوم.. تطلعت إلى الحصول على منحة دراسية في العلاقات الدولية أو العلوم السياسية، فلم تتاح لي الفرصة لأفعل، ولكن بعد سنوات طوال حصلت على شهادة الدبلوم في العلوم السياسية من كلية الاقتصاد في جامعة صنعاء..
• تطلعت أن أكون صوتا لهذا الشعب المقموع، فصرت نائبا له، والأهم أنني لم أقايض صعودي بأي سقوط.. اقتحمت السياسية من وقت مبكر غير أن الأهم وكما أزعم أنني مارستها بأخلاق وسوية.. أعتقد أن ما مريتُ به من اخفاقات وفشل إنما هو من أعطى للنجاح قيمته الفذة ومعناة الحقيقي، أو على حد تعبير الروائي الأمريكي " ترومان كابوتي" أن الفشل هو ذلك البهار الذي يعطي النجاح نكهته المتميزة.
• إنني أبحث عن تحقيق اسطورتي مهما كانت الكوابح والمعوقات، كما فعل "سنتياجو" في قصة "الخيميائي" لـ "باولو كويلو".. "سنتياجو" الذي يتمسك بحلمه، ويغالب كل ما يحول دون تحقيق ذلك الحلم والمراد، وفي نهاية المطاف يصل إليه.. أما أنا وحتى على فرضية عدم الوصول، فيكفيني شرف المحاولة.. اليوم حلمي وأمنيتي أن تتاح لي الظروف فيما بقي من أيامي القليلة أن أكمل كتابة قصتي للناس وهي قصتهم في أول المقام.
***
• كنت في كل عدد انتظر يوم صدور صحيفة الراية بفارغ الصبر، ثم أفتش بصفحاتها بشغف كمن يبحث عن نفسه أو ولده الذي شرد منه؛ فإن وجده غمرته الفرحة، وسرت المسرة من محيّاه حتى أطراف أصابعه، وإن لم يجده اكتسحته الخيبة العارمة..
• كنت عندما أجد ما كتبته منشورا، وأقرأه للوهلة الأولى، استلذ به، وربما تخامرني غيمة نرجسية، وعندما أكرر قراءة ما تم نشره مرات عديدة، وفي أوقات متفاوتة، تتلاشى تلك الغيمة، واكتشف مع كل قراءة عورها وأخطاءها التي تزداد؛ فنقص هنا كان ينبغي إضافته، واضافة هنا ما كان داع لها، وجملة كان يفترض تأخيرها، وأخرى كان يتعين تقديمها، وعبارة كان بالإمكان تحسينها، وأشعر أن تلك القراءة المتكررة لو حدثت قبل النشر لكان ما كتبته أجمل وأرصن، إن لم يكن أقل عيوبا، وكان هذا يعني بالإمكان اشباع ما كتبت، ليس ليغدو أكثر امتلاء، ولكن ليغدو أقل أخطاء ومثالب.. وكنت عند النشر أشتري عدة نسخ للأرشفة والحفظ..
• في لواء الوحدة كنت أشتري الصحف، وأتابع الأخبار، وأتمنى أن أعمل في الصحافة، وكانت رغبتي بالعمل فيها جامحة، ولكن تخصصي كان ليس له صله بالإعلام، وإنما له صلة بالتكتيك العسكري، والتدريب الناري، والعلوم العسكرية إجمالا، بعيدا عن تخصص الإعلام والصحافة..
• كنت أساير رغبتي لتسويغ الانتقال من تخصص إلى آخر، وأحدّث نفسي: أحمد بهاء الدين خريج كلية الحقوق، ولكنه صار من ألمع الصحفيين الذين تولوا رئاسة تحرير العديد من الصحف والمجلات، مثل "صباح الخير" و "الأهرام" و "العربي" و"آخر ساعة" و "دار الهلال".. عديدون هم الذين برعوا واحترفوا الصحافة بعد أن تركوا تخصصاتهم التي درسوها، وصار كل واحد منهم نجم مشهور واسمه نارا على علم.. وفي المقابل هناك خريجين من كلية الإعلام تركوا التخصص الذي درسوه، وصاروا نجوم في مجال آخر، وآخرون قاموا بأشياء مذهلة في مجالات غير تخصصاتهم، بلغت حد الاختراع..
• وينطبق هذا أيضا على كثير من النجوم والممثلين المشهورين، فمثلا أحمد مظهر هو في الأصل خريج الكلية الحربية، وصلاح ذو الفقار خريج كلية الشرطة، وفؤاد المهندس ومحمود ياسين خريجي كلية الحقوق، ويحيى الفخرانى خريج كلية الطب، وعادل امام وسمير غانم وصلاح السعدنى خريجو كلية الزراعة، ودريد لحام خريج كلية العلوم قسم الكيمياء.. كثير ممن فشلوا أو تركوا تخصصاتهم، ذاع صيتهم ونجاحهم في مجال آخر..
• ك
ان يتداخل لدي الاهتمام والبحث عن الذات بين القصة والشعر والكتابة السياسية.. كنت أبعث بما اكتب إلى صحيفة الراية عبر ألملازم أول أحمد مسعد القردعي مراسل الصحيفة في اللواء، وكان هذا الزميل من العناصر النشطة والجريئة وذوي الطموح البالغ أيضا.. وبعد غياب وانقطاع دام طويلا بيننا، وظن أنه شبع موتا، نشرت قبل عام صورة له أسأل عنه، فوجدته لازال حيا ولكنه لا يُرزق في التوجيه المعنوي بصنعاء..
• كنت أبعثت إلى صحيفة (الراية) التابعة لوزارة الدفاع في عدن ببعض الكتابات والمشاركات ومواضيع السياسية الدولية، وهذه الأخيرة على قلتها كانت تنشر كاملة دون تبعيض أو نقصان.. ولازلت أحتفظ ببعضها إلى اليوم بعد 36 عاما من نشرها.
• كنت أتابع أخبار العالم من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، ومن القضايا الكبرى إلى أصغر التفاصيل.. اكتب عن التدخلات العسكرية الأمريكية كبيرها وصغيرها في حق الشعوب والأمم، وفرض وصايتها وهيمنتها عقب تلك التدخلات.. أذكر أنني كتبت حتى على عن احتلال القوات الأمريكية لجزيرة "جرينادا" التي كنت حينها أتابع أخبار معركتها على مدار الساعة، وكأنها مسقط رأسي..
• كانت كتاباتي السياسية تحظى بالنشر، في الصفحة الرئيسية المخصصة للشؤون الدولية، ولازلت أذكر مقالين تم نشرهما احدهما تحت عنوان "على هامش التدخلات الأمريكية" والثاني أيضا في نفس السياق تقريبا تحت عنوان "شر البلية ما يضحك" والذي تناولت فيه المبررات والذرائع المعلنة والواهية للتدخلات الأمريكية والبريطانية في العالم، والتي من خلالها تفرض إرادتهما ووصايتهما على الشعوب والأوطان بتلك الحجج والذرائع، وينطبق على كل منها مثل "عذر أقبح من ذنب"..
• اهتمامي هذا ربما كان يجعل العلوم السياسية والعلاقات الدولية من بين الخيارات التي أفكر فيها، بل وقد دفعني مثل هذا الاهتمام لاحقا إلى دراسة العلوم السياسية، والحصول على دبلوم سياسة دولية بعد الجامعة، بالتزامن مع دراستي السنة الأولى أو الثانية في معهد القضاء العالي بصنعاء.
• أما رغبة الصحافة فظل حلم ينازع مسار حياتي، وأذكر أنني أول ما قرأت في الصحافة، كتاب "مدخل إلى الصحافة" في النصف الأول من عقد الثمانينات من القرن المنصرم، وبعد العام 2000صرت أتعاطى معها كواقع وحقيقة، أبتدأ برئاسة تحرير نشرة "القبيطة" أو صحيفة المجانين كما كان يسميها البعض، وحتى صرت مالكا لصحيفة خاصة "المستقلة" وموقع يمنات الإخباري، اللذين أشارك في تحرير بعض موادهما، حوارات واستطلاعات ولقطات وأخبار وتحرير بعض الصفحات.. ورغم أن ظروف الحال والواقع تكالبوا ضدي أثناء هذه الحرب، وأردوا الإجهاز على ما تحقق من حُلم ورغبة، إلا أنني لازلت أقاوم، ولم استسلم للحسرة والخسران، رغم أن ما يحدث قد بات كونيا وليس فقط أكبر منّا.. وكان لمواقفي من أطراف الحرب والصراع في اليمن كُلفته أيضا، ولازلت أدفع هذه الكُلفة إلى اليوم.
***
يتبع
بعض من تفصيل حياتي
• كنت أبعثت إلى صحيفة (الراية) التابعة لوزارة الدفاع في عدن ببعض الكتابات والمشاركات ومواضيع السياسية الدولية، وهذه الأخيرة على قلتها كانت تنشر كاملة دون تبعيض أو نقصان.. ولازلت أحتفظ ببعضها إلى اليوم بعد 36 عاما من نشرها.
• كنت أتابع أخبار العالم من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، ومن القضايا الكبرى إلى أصغر التفاصيل.. اكتب عن التدخلات العسكرية الأمريكية كبيرها وصغيرها في حق الشعوب والأمم، وفرض وصايتها وهيمنتها عقب تلك التدخلات.. أذكر أنني كتبت حتى على عن احتلال القوات الأمريكية لجزيرة "جرينادا" التي كنت حينها أتابع أخبار معركتها على مدار الساعة، وكأنها مسقط رأسي..
• كانت كتاباتي السياسية تحظى بالنشر، في الصفحة الرئيسية المخصصة للشؤون الدولية، ولازلت أذكر مقالين تم نشرهما احدهما تحت عنوان "على هامش التدخلات الأمريكية" والثاني أيضا في نفس السياق تقريبا تحت عنوان "شر البلية ما يضحك" والذي تناولت فيه المبررات والذرائع المعلنة والواهية للتدخلات الأمريكية والبريطانية في العالم، والتي من خلالها تفرض إرادتهما ووصايتهما على الشعوب والأوطان بتلك الحجج والذرائع، وينطبق على كل منها مثل "عذر أقبح من ذنب"..
• اهتمامي هذا ربما كان يجعل العلوم السياسية والعلاقات الدولية من بين الخيارات التي أفكر فيها، بل وقد دفعني مثل هذا الاهتمام لاحقا إلى دراسة العلوم السياسية، والحصول على دبلوم سياسة دولية بعد الجامعة، بالتزامن مع دراستي السنة الأولى أو الثانية في معهد القضاء العالي بصنعاء.
• أما رغبة الصحافة فظل حلم ينازع مسار حياتي، وأذكر أنني أول ما قرأت في الصحافة، كتاب "مدخل إلى الصحافة" في النصف الأول من عقد الثمانينات من القرن المنصرم، وبعد العام 2000صرت أتعاطى معها كواقع وحقيقة، أبتدأ برئاسة تحرير نشرة "القبيطة" أو صحيفة المجانين كما كان يسميها البعض، وحتى صرت مالكا لصحيفة خاصة "المستقلة" وموقع يمنات الإخباري، اللذين أشارك في تحرير بعض موادهما، حوارات واستطلاعات ولقطات وأخبار وتحرير بعض الصفحات.. ورغم أن ظروف الحال والواقع تكالبوا ضدي أثناء هذه الحرب، وأردوا الإجهاز على ما تحقق من حُلم ورغبة، إلا أنني لازلت أقاوم، ولم استسلم للحسرة والخسران، رغم أن ما يحدث قد بات كونيا وليس فقط أكبر منّا.. وكان لمواقفي من أطراف الحرب والصراع في اليمن كُلفته أيضا، ولازلت أدفع هذه الكُلفة إلى اليوم.
***
يتبع
بعض من تفصيل حياتي
جميل مفرح:
المصيبة التي حلت بنا كيمنيين أننا بلينا
بسلطتين عررررطة بتعيرنا وتمن علينا بأنها مزقتنا شر ممزق..!!
#بغرررررنا
المصيبة التي حلت بنا كيمنيين أننا بلينا
بسلطتين عررررطة بتعيرنا وتمن علينا بأنها مزقتنا شر ممزق..!!
#بغرررررنا
اصداء من الوتس:
يا قاضى..
الامر الوحيد الذى جعلنى متمسك بالبقاء فى المجموعة هو كتاباتك ومنشوراتك وخاصة المتعلقة بسيرة حياتكم لما تتضمنه فى طياتها من ارتباط بالحالة الاجتماعية والسياسية والواقعية والمعيشية للمجتمع وتؤرخ لمرحلة هامة من تاريخ هذا الوطن فضلا عن تميزكم بالكتابة بأسلوب السهل الممتنع وذات طابع مرهف وحساس ومشوق يجعل من القارئ المحايد مجبرا على متابعتها وانتظار الجديد منها
قد نتفق او نختلف معك فى رؤيتك و اتجاهك ونظرتك للاحداث و المتغيرات وكيفية تعاطيكم معها ولكنك تظل دوما فى نظرنا القاضى المثقف السياسى الاديب المواطن البسيط الشجاع .
فى الاخير
صدفة رائعة انت تراسلنى على الخاص وبدون سابق معرفة
وتقبلوا تحياتى
يا قاضى..
الامر الوحيد الذى جعلنى متمسك بالبقاء فى المجموعة هو كتاباتك ومنشوراتك وخاصة المتعلقة بسيرة حياتكم لما تتضمنه فى طياتها من ارتباط بالحالة الاجتماعية والسياسية والواقعية والمعيشية للمجتمع وتؤرخ لمرحلة هامة من تاريخ هذا الوطن فضلا عن تميزكم بالكتابة بأسلوب السهل الممتنع وذات طابع مرهف وحساس ومشوق يجعل من القارئ المحايد مجبرا على متابعتها وانتظار الجديد منها
قد نتفق او نختلف معك فى رؤيتك و اتجاهك ونظرتك للاحداث و المتغيرات وكيفية تعاطيكم معها ولكنك تظل دوما فى نظرنا القاضى المثقف السياسى الاديب المواطن البسيط الشجاع .
فى الاخير
صدفة رائعة انت تراسلنى على الخاص وبدون سابق معرفة
وتقبلوا تحياتى
الحصاد المر:
"لقد انقسم اليمن فعلياً إلى دويلات صغيرة لا تملك سوى ارتباط بسيط بما يُطلق عليه مجازاً حكومة مركزية. ولن يكون لوفاة هادي سوى أن تسرّع من دوران عجلة انقسام الدولة اليمنية. فبعد هادي، سيأتي الانهيار."
د. غريغوري جونسن عضو فريق خبراء لجنة العقوبات المتعلقة باليمن في مجلس الأمن الدولي خلال الفترة 2016 و2018
"لقد انقسم اليمن فعلياً إلى دويلات صغيرة لا تملك سوى ارتباط بسيط بما يُطلق عليه مجازاً حكومة مركزية. ولن يكون لوفاة هادي سوى أن تسرّع من دوران عجلة انقسام الدولة اليمنية. فبعد هادي، سيأتي الانهيار."
د. غريغوري جونسن عضو فريق خبراء لجنة العقوبات المتعلقة باليمن في مجلس الأمن الدولي خلال الفترة 2016 و2018
هناك سلطة غاشمة هي التي ترفض تخفيض سعر المشتقات النفطية في صنعاء
هناك لوبي فساد مستفيد من إبقاء الأسعار على ما هي عليه.. هذا اللوبي هو من يحكمنا
هناك سلطة دميمة تستفيد المليارات يوميا وليس شركة النفط..
هناك سلطة جشعة مجرمة لا تأبه ولا تخشى ولا تستحي ولا تعر بالا لمواطنيها
ولا تتنازل عن حصصها وفوائدها التي يتم دفعها من دم قلوبكم ونزيفكم..
سلطة صارت تعتبر ما تجبيه استحقاق لها أنتزعته منكم بالقوة والغلبة
ضعوا أصابعكم في عين تلك السلطة المستبدة حتى تتراجع عن استخفافها بكم واستهتارها بوجودكم ورجولتكم.. سلطة لا تعر أهمية لكم إلا كدافعي مال أذلاء حتى وإن دفعتموه مما بقي منكم وما بقي من نزيفكم ودم قلوبكم..
هناك لوبي فساد مستفيد من إبقاء الأسعار على ما هي عليه.. هذا اللوبي هو من يحكمنا
هناك سلطة دميمة تستفيد المليارات يوميا وليس شركة النفط..
هناك سلطة جشعة مجرمة لا تأبه ولا تخشى ولا تستحي ولا تعر بالا لمواطنيها
ولا تتنازل عن حصصها وفوائدها التي يتم دفعها من دم قلوبكم ونزيفكم..
سلطة صارت تعتبر ما تجبيه استحقاق لها أنتزعته منكم بالقوة والغلبة
ضعوا أصابعكم في عين تلك السلطة المستبدة حتى تتراجع عن استخفافها بكم واستهتارها بوجودكم ورجولتكم.. سلطة لا تعر أهمية لكم إلا كدافعي مال أذلاء حتى وإن دفعتموه مما بقي منكم وما بقي من نزيفكم ودم قلوبكم..
أتحدى سلطة النفط في صنعاء
أن تكشف قائمة التكاليف لدبة البترول والديزل سعة 20 لتر
لو فعلت ستكتشفون كم هي كاذبة
وكم حججها واهية
وكم هي دميمة ومجرمة..
أن تكشف قائمة التكاليف لدبة البترول والديزل سعة 20 لتر
لو فعلت ستكتشفون كم هي كاذبة
وكم حججها واهية
وكم هي دميمة ومجرمة..
لماذا تدفعون الغرامات عن التجار أصلا؟!!
لماذا التجار لا يشتكون للأمم المتحدة فيما تزعموه؟!!
لماذا الأمم المتحدة تقول أنها لم تتلق أي شكاوى بخصوص احتجاز سفن مشتقات نفطية لا من التجار ولا من شركة النفط؟!!
لماذا التجار لا يشتكون للأمم المتحدة فيما تزعموه؟!!
لماذا الأمم المتحدة تقول أنها لم تتلق أي شكاوى بخصوص احتجاز سفن مشتقات نفطية لا من التجار ولا من شركة النفط؟!!
تزعمون أنهم يحتجزون سفنكم المحملة بالمشتقات النفطية في عرض البحر..
لماذا لا تضربون سفنهم النفطية أو منشآتهم التي تصدر النفط؟!!!
أجيب عنكم..
لأنكم تكذبون..
لماذا لا تضربون سفنهم النفطية أو منشآتهم التي تصدر النفط؟!!!
أجيب عنكم..
لأنكم تكذبون..
لماذا لا تسمح للتجار أن يتنافسون على استيراد المشتقات النفطية؟!
لماذا يتم احتكار استيراد النفط في مجموعة تجار فقط؟!
الجمع بين التجارة والسلطة فساد مغلظ..
لماذا يتم احتكار استيراد النفط في مجموعة تجار فقط؟!
الجمع بين التجارة والسلطة فساد مغلظ..
بدلا من أن تحاسبوا الفاسدين
صرتم ترقونهم وتحصنونهم
وتناقلوهم من منصب إلى آخر.. إنكم تنكشفون كل يوم..
صرتم ترقونهم وتحصنونهم
وتناقلوهم من منصب إلى آخر.. إنكم تنكشفون كل يوم..
هل فهمتم درس يوم أمس..
حسنا سأقوله لكم:
يوم أمس كان استفتاء جاء في غير صالحكم بل كان الفوز ساحقا عليكم..
الجميع تضامن مع الرويشان ضدكم حتى كارهيه..
هذا معناه أن الشعب بات يكرهكم ولم تعد تنطلي عليه أكاذيبكم..
هذا هو الاستفتاء الثاني
والأول كان عند خلافكم مع سلطان السامعي
لم يعد مثقفا محترما يقف معكم..
سمعتكم ومصداقيتكم تآكلت حتى أنكشف العظم..
حسنا سأقوله لكم:
يوم أمس كان استفتاء جاء في غير صالحكم بل كان الفوز ساحقا عليكم..
الجميع تضامن مع الرويشان ضدكم حتى كارهيه..
هذا معناه أن الشعب بات يكرهكم ولم تعد تنطلي عليه أكاذيبكم..
هذا هو الاستفتاء الثاني
والأول كان عند خلافكم مع سلطان السامعي
لم يعد مثقفا محترما يقف معكم..
سمعتكم ومصداقيتكم تآكلت حتى أنكشف العظم..
هاشم المؤيد
ثم صار هاشم المداني
ثم صار بدون مؤيد وبدون مداني حال تعيينه محافظا للبنك
هروب مكشوف من كشف تسليل التعيينات
ثم صار هاشم المداني
ثم صار بدون مؤيد وبدون مداني حال تعيينه محافظا للبنك
هروب مكشوف من كشف تسليل التعيينات
من يرد منكم؟؟؟
هذه لقطه من برنامج تتبع شبيه ببرامج تتبع الطايرات ولكن للسفن وبامكان مستخدمه متابعه السفن
والصوره توضح السفن التي وصلت الحديده اليوم
السفن الحمرا هي ناقلات نفط
كل يوم تدخل ناقلات نفط
Marine radar trafic
مارين رادار ترافيك
اسم البرنامج
هذه لقطه من برنامج تتبع شبيه ببرامج تتبع الطايرات ولكن للسفن وبامكان مستخدمه متابعه السفن
والصوره توضح السفن التي وصلت الحديده اليوم
السفن الحمرا هي ناقلات نفط
كل يوم تدخل ناقلات نفط
Marine radar trafic
مارين رادار ترافيك
اسم البرنامج
(23)
دورة صاعقة.. المعسكر والمدرسة
• طلبت وزارة الدفاع في عدن من كل لواء عسكري ابتعاث ضابط، فيما طلبت من ألوية محددة ابتعاث ضابطين إلى اللواء الخامس (مضلات) من أجل الحاقهم مدة أربعة أشهر في دورة "صاعقة".. وفي لواء الوحدة وقع الاختيار عليّ وعلى زميلي سند الرهوه.. دورة الصاعقة بالنسبة لي كانت تعني تدريب شاق ومضني، واكتساب معارف عسكرية نوعية جديدة، وكنت أحمل لها في وجداني جلالا ومهابة، ربما لأن أخي الأكبر كان قد أرتادها في صنعاء خلال ستينات القرن الماضي..
• كانت فرحتنا أنا وسند بهذا الاختيار كبيرة وغامرة، وكنّا نحمل حيال بعض كثير من التقدير والاحترام والمشاعر النبيلة.. ولكن لماذا أنا وسند من نُبتعث على وجه التحديد؟! ماهي المعايير التي تم إعمالها، أو تم اختيارنا على أساسها؟! الحقيقة لا أدري!! بل لم يكن مثل هذا السؤال يومها يساورني أو يدور في خُلدي، ولم أفكر فيه من الأصل!! ولم يكن لدي أي ظنون أو تفسيرات أو توجهات جهوية أو مناطقية تدفعني لأبحث أو أقف على مثل تلك الأسباب..
• بيد أن أحداث يناير كشفت لاحقا قبح الواقع المرعب والمروّع، وتساءلت: هل كانت للجهوية والمناطقية دورا في ذلك الاختيار؟! ولاسيما أنني كنت شماليا، فيما كان زميلي سند جنوبيا من محافظة أبين!! هل بلغ التقاسم الجهوي إلى حد تلك التفاصيل الصغيرة.. الحقيقة لم أستطع أجزم بهذا، بل وربما أعلل أو أعيد ما حدث إلى الصدفة.. ولكن لماذا كان قائد اللواء من أبين الجنوب، فيما أركان اللواء من حجرية الشمال؟!! هل هذا هو الآخر كان أيضا مصادفة!! أم كان يجري في إطار حسابات جهوية ومناطقية يجري تعميقها، أو التأسيس لها بعمق، من قبل أعلى المستويات إلى أدناها؟!
• ومهما يكن من أمر، فالأهم وما أريد الإشارة إليه، أن إعمال وإحلال المعايير الجهوية والمناطقية أي كانت، محل المعايير الموضوعية، أو استبدال المواطنة بها، سياسة خطرة في مآلها، وتؤدي قطعا عند تراكم معيّن، إلى تدمير ليس فقط الحاضر، بل والمستقبل أيضا، من خلال ما يجري من تفخيخ المجتمع، وتمزيق نسيجه الاجتماعي، وتدمير وحدته.. ومع ذلك إن قارنا ما يجري اليوم بما حدث آنذاك، فلا مندوحة أن نجد حاضرنا اليوم قد بات أكثر اسودادا وقتامة، ويؤدي إلى دمار وخراب مرعب للمستقبل أيضا.. فمدخلات ومخرجات هذه الحرب اللعينة التي نعيش سنتها السادسة، بل ومن قبلها أيضا، قد أسهمت على نحو كبير في مأساة هذا الوطن، بل وستؤدي بنا في النهاية إلى القول بندم بالغ: "كان هنا يمن" أو التحسر على أحلامنا التي ضاعت ونقول "كان لنا يوما وطن".
• مدرسة "البيروليتاريا" التي درست فيها المرحلة الثانوية، والتي تقع على طريق عدن لحج، وقضيت فيها ثلاث سنوات، صارت معسكرا للواء الخامس، وهو لواء مستحدث.. هذا التبدل الذي وعيته لاحقا، كان يعني تراجع المدرسة لصالح المعسكر.. فعندما تتحول المدرسة إلى معسكر كما حدث في الماضي، أو تتحول المدارس إلى سجون كما هو الحال الذي نعيشه اليوم، فإن هذا معناه أن المستقبل إن وجد قد بات على كف عفريت، أو صار مفخخا بما يشظيه، أو بصيغة أخرى أن ثمة خلل موجود في الطائرة التي نركبها جميعا، وأن السياسات باتت تنحدر نحو مهاوي سحيقة ومخيفة، وأن الخلل صار خطيرا وفادحا في وعي القائمين على تلك السياسيات، التي يجب لعنها ومقاومتها في آن..
• على غير ما كانت عليه المدرسة المهملة، صار المعسكر الذي قدمت إليه محل اهتمام بالغ، من حيث الغذاء والصيانة والترميمات والتجهيزات، والقاعدة المادية، وهو الأمر الذي يعكس ملمح واضح عن المكانة الذي يحتلها المعسكر في الوعي السياسي الذي يقود المسيرة، مقارنة بالمدرسة المُهملة، والتي تشمل أيضا قسم الطلاب الداخلي.. الطلاب الذين انتفضوا يوما احتجاجا على بؤسها وبؤسهم.. فالمدرسة أتينا إليها ولم تكن على ما يرام، ولم تشهد أي ترميم أو صيانة خلال دراستنا فيها طيلة الثلاث سنوات.. كانت المفارقة شتى بين حال المدرسة الذي كان بآسا، وحال المعسكر الذي غدا مجهزا بقاعدة مادية ممتازة وامكانات وافرة، فضلا عن ترميم كامل، لا يخلوا من فخامة، وجهوزية بكل ما يحتاج ويليق..
• كما تم استحداث بنى تحتية كاملة للمعسكر، شملت كل الوسائل اللازمة للتدريبات العسكرية للصاعقة والمضلات، بما فيها الحواجز الهندسية، والحلبات، ومتطلبات التدريب الميدانية، بالإضافة إلى توفير ضباط أكفاء ذوي رتب عالية أنيطت بهم مهمة تدريب الدورة، وكان جميعهم ينتمي إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين..
أضافت هذه الدورة لمعارفي معارف جديدة، وعلى قدر من الأهمية، لطالما تمنيتها من سنوات طوال.. كان هؤلاء الضباط المدربين أكفاء ومحترفين، ويحملون وعيا ونضجا ومعرفة فارقة، جعلتنا نحترمهم ونجلّهم في نفوسنا، ونبذل مجهودا كبيرا لنيل رضاهم من خلال مزيدا من بذل الجهد والتعلم والانضباط..
• أحببت هؤلاء المدربين كما أحببت من خلالهم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ورئيسها "جورج حبش" الذي كانوا يسمونه بـ (الحكيم).. ولابأس أن أشير ه
دورة صاعقة.. المعسكر والمدرسة
• طلبت وزارة الدفاع في عدن من كل لواء عسكري ابتعاث ضابط، فيما طلبت من ألوية محددة ابتعاث ضابطين إلى اللواء الخامس (مضلات) من أجل الحاقهم مدة أربعة أشهر في دورة "صاعقة".. وفي لواء الوحدة وقع الاختيار عليّ وعلى زميلي سند الرهوه.. دورة الصاعقة بالنسبة لي كانت تعني تدريب شاق ومضني، واكتساب معارف عسكرية نوعية جديدة، وكنت أحمل لها في وجداني جلالا ومهابة، ربما لأن أخي الأكبر كان قد أرتادها في صنعاء خلال ستينات القرن الماضي..
• كانت فرحتنا أنا وسند بهذا الاختيار كبيرة وغامرة، وكنّا نحمل حيال بعض كثير من التقدير والاحترام والمشاعر النبيلة.. ولكن لماذا أنا وسند من نُبتعث على وجه التحديد؟! ماهي المعايير التي تم إعمالها، أو تم اختيارنا على أساسها؟! الحقيقة لا أدري!! بل لم يكن مثل هذا السؤال يومها يساورني أو يدور في خُلدي، ولم أفكر فيه من الأصل!! ولم يكن لدي أي ظنون أو تفسيرات أو توجهات جهوية أو مناطقية تدفعني لأبحث أو أقف على مثل تلك الأسباب..
• بيد أن أحداث يناير كشفت لاحقا قبح الواقع المرعب والمروّع، وتساءلت: هل كانت للجهوية والمناطقية دورا في ذلك الاختيار؟! ولاسيما أنني كنت شماليا، فيما كان زميلي سند جنوبيا من محافظة أبين!! هل بلغ التقاسم الجهوي إلى حد تلك التفاصيل الصغيرة.. الحقيقة لم أستطع أجزم بهذا، بل وربما أعلل أو أعيد ما حدث إلى الصدفة.. ولكن لماذا كان قائد اللواء من أبين الجنوب، فيما أركان اللواء من حجرية الشمال؟!! هل هذا هو الآخر كان أيضا مصادفة!! أم كان يجري في إطار حسابات جهوية ومناطقية يجري تعميقها، أو التأسيس لها بعمق، من قبل أعلى المستويات إلى أدناها؟!
• ومهما يكن من أمر، فالأهم وما أريد الإشارة إليه، أن إعمال وإحلال المعايير الجهوية والمناطقية أي كانت، محل المعايير الموضوعية، أو استبدال المواطنة بها، سياسة خطرة في مآلها، وتؤدي قطعا عند تراكم معيّن، إلى تدمير ليس فقط الحاضر، بل والمستقبل أيضا، من خلال ما يجري من تفخيخ المجتمع، وتمزيق نسيجه الاجتماعي، وتدمير وحدته.. ومع ذلك إن قارنا ما يجري اليوم بما حدث آنذاك، فلا مندوحة أن نجد حاضرنا اليوم قد بات أكثر اسودادا وقتامة، ويؤدي إلى دمار وخراب مرعب للمستقبل أيضا.. فمدخلات ومخرجات هذه الحرب اللعينة التي نعيش سنتها السادسة، بل ومن قبلها أيضا، قد أسهمت على نحو كبير في مأساة هذا الوطن، بل وستؤدي بنا في النهاية إلى القول بندم بالغ: "كان هنا يمن" أو التحسر على أحلامنا التي ضاعت ونقول "كان لنا يوما وطن".
• مدرسة "البيروليتاريا" التي درست فيها المرحلة الثانوية، والتي تقع على طريق عدن لحج، وقضيت فيها ثلاث سنوات، صارت معسكرا للواء الخامس، وهو لواء مستحدث.. هذا التبدل الذي وعيته لاحقا، كان يعني تراجع المدرسة لصالح المعسكر.. فعندما تتحول المدرسة إلى معسكر كما حدث في الماضي، أو تتحول المدارس إلى سجون كما هو الحال الذي نعيشه اليوم، فإن هذا معناه أن المستقبل إن وجد قد بات على كف عفريت، أو صار مفخخا بما يشظيه، أو بصيغة أخرى أن ثمة خلل موجود في الطائرة التي نركبها جميعا، وأن السياسات باتت تنحدر نحو مهاوي سحيقة ومخيفة، وأن الخلل صار خطيرا وفادحا في وعي القائمين على تلك السياسيات، التي يجب لعنها ومقاومتها في آن..
• على غير ما كانت عليه المدرسة المهملة، صار المعسكر الذي قدمت إليه محل اهتمام بالغ، من حيث الغذاء والصيانة والترميمات والتجهيزات، والقاعدة المادية، وهو الأمر الذي يعكس ملمح واضح عن المكانة الذي يحتلها المعسكر في الوعي السياسي الذي يقود المسيرة، مقارنة بالمدرسة المُهملة، والتي تشمل أيضا قسم الطلاب الداخلي.. الطلاب الذين انتفضوا يوما احتجاجا على بؤسها وبؤسهم.. فالمدرسة أتينا إليها ولم تكن على ما يرام، ولم تشهد أي ترميم أو صيانة خلال دراستنا فيها طيلة الثلاث سنوات.. كانت المفارقة شتى بين حال المدرسة الذي كان بآسا، وحال المعسكر الذي غدا مجهزا بقاعدة مادية ممتازة وامكانات وافرة، فضلا عن ترميم كامل، لا يخلوا من فخامة، وجهوزية بكل ما يحتاج ويليق..
• كما تم استحداث بنى تحتية كاملة للمعسكر، شملت كل الوسائل اللازمة للتدريبات العسكرية للصاعقة والمضلات، بما فيها الحواجز الهندسية، والحلبات، ومتطلبات التدريب الميدانية، بالإضافة إلى توفير ضباط أكفاء ذوي رتب عالية أنيطت بهم مهمة تدريب الدورة، وكان جميعهم ينتمي إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين..
أضافت هذه الدورة لمعارفي معارف جديدة، وعلى قدر من الأهمية، لطالما تمنيتها من سنوات طوال.. كان هؤلاء الضباط المدربين أكفاء ومحترفين، ويحملون وعيا ونضجا ومعرفة فارقة، جعلتنا نحترمهم ونجلّهم في نفوسنا، ونبذل مجهودا كبيرا لنيل رضاهم من خلال مزيدا من بذل الجهد والتعلم والانضباط..
• أحببت هؤلاء المدربين كما أحببت من خلالهم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ورئيسها "جورج حبش" الذي كانوا يسمونه بـ (الحكيم).. ولابأس أن أشير ه
نا إلى أنه قبل أن يكون هذا المكان معسكرا، كان مدرسة، وضمن طاقمها عددا من المدرسين الذي ينتمي بعضهم أيضا للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأذكر منهم أستاذ مادة الفلسفة، واللغة العربية، والأحياء، وأستاذة لبنانية من أصل فلسطيني تدرس أيضا بعض تفريعات اللغة العربية، وغيرهم.. لقد كانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هي المشترك بين المدرسة التي كانت في الأمس، والمعسكر الذي نتدرب فيه اليوم، وكانت الكفاءة والاخلاق والاحترافية تميز جميعهم..
• أحببت الأستاذ أبو علي الذي تعلمنا منه معارف عسكرية لم يكن يعرفها الجيش اليمني من قبل.. كانت مادته علينا جديدة ومتميزة، بل وسلسة أيضا وجاذبة إن لم تكن ممتلئة بالعجب والدهشة.. كنت أكثر في الدرس من الأسئلة التي أجدها تتناسل وتتكاثر من ذات نفسها، فيما هو يجيب ويعرِّج على أشياء فيها كثير من التفاصيل المهمة، ويضيف لنا كل يوما فرقا في المعرفة العسكرية.. كان هذا المدرب يعتبرني تلميذه النجيب في الدارسين أو هذا ما أحسسته منه..
• كما أحببت المدرب (أبو فراس) والذي كان يدربنا تدريبا ميدانيا عنيفا.. فيه الاشتباك والركض وتجاوز الحرائق والحواجز الهندسية والمعوقات الطبيعية...الخ .. وكنت في نفس الوقت قد أحببت الجبهة الشعبية أكثر من بقية الفصائل الفلسطينية الأخرى، ربما لأنها جديرة بهذا الحب، أو لأنني تأثرت بمن عرفتهم منها.. وظل قائدها الحكيم "جورج حبش" محل اعجابي وتقديري على الدوام الذي زاد لاحقا، وهو يحاول تجنيبنا الكارثة التي حدثت لاحقا في 13 يناير، حتى قيل أنه أجهش بالبكاء وهو يحاول..
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
• أحببت الأستاذ أبو علي الذي تعلمنا منه معارف عسكرية لم يكن يعرفها الجيش اليمني من قبل.. كانت مادته علينا جديدة ومتميزة، بل وسلسة أيضا وجاذبة إن لم تكن ممتلئة بالعجب والدهشة.. كنت أكثر في الدرس من الأسئلة التي أجدها تتناسل وتتكاثر من ذات نفسها، فيما هو يجيب ويعرِّج على أشياء فيها كثير من التفاصيل المهمة، ويضيف لنا كل يوما فرقا في المعرفة العسكرية.. كان هذا المدرب يعتبرني تلميذه النجيب في الدارسين أو هذا ما أحسسته منه..
• كما أحببت المدرب (أبو فراس) والذي كان يدربنا تدريبا ميدانيا عنيفا.. فيه الاشتباك والركض وتجاوز الحرائق والحواجز الهندسية والمعوقات الطبيعية...الخ .. وكنت في نفس الوقت قد أحببت الجبهة الشعبية أكثر من بقية الفصائل الفلسطينية الأخرى، ربما لأنها جديرة بهذا الحب، أو لأنني تأثرت بمن عرفتهم منها.. وظل قائدها الحكيم "جورج حبش" محل اعجابي وتقديري على الدوام الذي زاد لاحقا، وهو يحاول تجنيبنا الكارثة التي حدثت لاحقا في 13 يناير، حتى قيل أنه أجهش بالبكاء وهو يحاول..
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي