أحمد سيف حاشد
341 subscribers
2.77K photos
6 videos
5 files
2.86K links
عضو برلمان
Download Telegram
رد لأحدهم وأمثاله..
أحكي قصة حياة كفاحي ومستقبل أجيال سرقتموها ونهبتموها.. أحكي قصة حياة مملوءة بالكفاح الذي أعتز به، ولا أستعار منه.. وفي كل حال حياتي أشرف ألف مرة من حياة قادتكم الطغاة والمستبدين والقتلة والفاسدين والنهابة واللصوص وقطاع الطرق.. صفحات حياتي أنصع وأشرف من صفحات قادتكم بمختلف مسمياتهم الذين دمروا اليمن ودمروا الحياة والإنسان والمستقبل، فيما أنتم تنقادون بعدهم كالعبيد المستلذين بعبوديتهم، كالمغتصبين المستمتعين باغتصابهم، وفضلا عن ذلك تضربون لهم كل صباح تعظيم سلام وموالاة وعبودية..
(20)
تحوّل معرفي جديد:
في المرحلة الثانوية كنت أقرأ وأتأمل وأنا أجوب الصحراء في عصر كل يوم.. أوزع الاتجاهات على الأيام وأذرع كل يوم اتجاها، وأحيانا أقصد وجهة في الاتجاه بزاوية معينة في الصحراء ذات الامتداد العريض، ثم أعود دون أن أسلك بالضرورة نفس الطريق.. أولغ فيها أقصى ما يمكنني بلوغه، مع مراعاة وقت العودة والغروب، حتى لا يهبط الظلام قبل عودتي إلى مكان السكن في القسم الداخلي.. كنت أشعر وكأنني أول بشر يجوب تلك الصحراء التي تبدو من ناحية الغرب بكرا، ولا أثر لافت لفعل الإنسان فيها، وعلى امتداد عريض.. كنت ابدو كأول رحالة على ظهرها يطويها بقدميه..

مثلما كنت اطلق في الصحراء صوتي العالي، كنت أيضا أطلق العنان لعقلي المتسائل، وأمام الشك كنت أفتح الباب على مصرعيه.. كانت الحيرة المتسائلة تستحوذ على كثيرا من تفكيري.. كان التناقض يحتدم بين التصورات التي تنشأت عليها، وما تعلمته في مادة التربية الإسلامية، وبين ما أتعلمه في الجغرافيا والأحياء والفلسفة وبقية العلوم.. كانت الأسئلة تحفّز عقلي ووعيي الذي لازال طريا وقليل المعرفة، ويحب أن يعرف كل جديد..

عرفت أن التسليم لا يصنع وعيا ولا معرفة ولا تراكم مفيد، بل يصنع تخلفا وبلادة وخمولا.. الجدل والتناقض والإجابة على الاسئلة التي تعتمل في الوعي ـ حتى ما كان بسيطا منها ـ هي من تخلِّق المعرفة وتضيف إليها، وتراجع مع علق في الذهن من وعي زائف أو فهم خاطئ.. كانت الأسئلة المشككة تفتح ذهني لمعرفة أكثر، ومنها بعض تلك الأسئلة العصية على الجواب، والتي كانت تغضب منها أمي في عهد طفولتي البريئة والمتسائلة..

كنت أتأمل الصحراء وأوغل فيها أكثر رغم هجيرها، ولفح الريح والرمال المتحركة الساخنة.. كنت أسأل نفسي: هل كانت هذه الصحراء على هذا الحال منذ خلق الله البسيطة؟!

كنت أتوقف على قطع من الأحجار الصغيرة السوداء المجدرة وخفيفة الوزن، والغير متجانسة مع الصحراء، والواضح أنها قادمة من مكان ووسط يختلف تماما عنها، وكان أغلبها بحجم قبضة الكف أو أكبر منها قليلا، وأسأل نفسي: هل هذه القطع كانت يوما ما أجرام سماوية تسبح بالفضاء؟! هل هذه بعض من النيازك والشهب التي يرمي بها الله الشياطين؟!

وحالما أشاهد القواقع المتنوعة في الصحراء كنت أسأل: هل كان البحر يغطي كل هذه اليابسة؟! متى صعد البحر إلى هنا أم كان البحر هنا ثم أنحسر؟! وهل كانت القواقع درجة في سلّم تطور هذه الحياة؟!

أعجبني استاذ الأحياء الفلسطيني وهو يشرح نظرية “داروين” في النشؤ والارتقاء.. كنت أتابعه باندهاش وذهول، وأنا أحدث نفسي بالقول: تبدو معقولة ومنطقية إلى حد بعيد أو على الأقل بعض منها، ولاسيما المؤيدة بالأدلة أو التي أيدها العلم لاحقا..

ما أسمعه من أستاذ الأحياء لم يسبق أن سمعت مثله من قبل.. كان كلام لافت وجدير بالاهتمام، وهو يتحدث عن سُلم التطور والارتقاء وكثير من التفاصيل.. ووجدت بعض من مشترك أو مقاربة عن أصل الإنسان بين نظرية التطور والارتقاء لداروين، وبعض ما أورده إنجلز في كتابه أصل العائلة..

ربما أحسست بمنطقية النظرية أو جلها، وهي في الحال الأسوأ لا تخلو من صحيح ومفيد.. استمتعت بطريقة عرضها، وبعض المؤيدات لبعض وجوهها.. ربما زعزعت بعض قناعاتي بكثير من الشكوك، أو صدّعت بعض من مسلماتي الراسخة والضاربة الجذور في وعيي، فضلا عن كونها تبحث للممكن عن آفاق عريضة..

أعجبتُ بمادة الفلسفة ومواد العلوم والاجتماعيات إجمالا وشعرت أنها تشكل وعي، وتصنع فرقا في معارفي المدرسية والعامة.. كانت تطرح على عقلي كثير من الأسئلة التي تقود إلى معرفة جديدة أو أكثر إشراقا.. تبدلت أشياء كثيرة في ذهني الصغير مما كنت أظن واعتقد.. كنت أشعر أنها تضيف لي شيئا جديدا لم أعهده ولم أعرفه من قبل.

وفي صف ثالث ثانوي بدأت المسافة بيني وبين ما كنت أعتقد تنزاح لصالح الشك أو بعضه.. استحضرت تلك الأسئلة التي كنت أطلقها وأنا صغير بتلقائية وعفوية وبراءة.. بدأت قناعات جديدة تتشكل وهي قناعات أكثر منطقية ومعقولية وبعضها مدعوما بالأدلة.. شعرت أن مفاهيم جديدة تتبلور وتتشكل في عقلي بعيدة عن العواطف والوجدان والخزعبلات..

***
يتبع..
غصة وأسف..
بعض من تفاصيل حياتي
احمد سيف حاشد:
رد لأحدهم وأمثاله..

أحكي قصة حياة كفاحي ومستقبل أجيال سرقتموها ونهبتموها.. أحكي قصة حياة مملوءة بالكفاح الذي أعتز به، ولا أستعار منه.. وفي كل حال حياتي أشرف ألف مرة من حياة قادتكم الطغاة والمستبدين والقتلة والفاسدين والنهابة واللصوص وقطاع الطرق.. صفحات حياتي أنصع وأشرف من صفحات قادتكم بمختلف مسمياتهم الذين دمروا اليمن ودمروا الحياة والإنسان والمستقبل، فيما أنتم تنقادون بعدهم كالعبيد المستلذين بعبوديتهم.. كالمغتصبين المستمتعين باغتصابهم.. وفضلا عن ذلك تضربون لهم كل صباح تعظيم سلام وموالاة وعبودية..
........................................

(20)
تحوّل معرفي جديد
احمد سيف حاشد
في المرحلة الثانوية كنت أقرأ وأتأمل وأنا أجوب الصحراء في عصر كل يوم.. أوزع الاتجاهات على الأيام وأذرع كل يوم اتجاها، وأحيانا أقصد وجهة في الاتجاه بزاوية معينة في الصحراء ذات الامتداد العريض، ثم أعود دون أن أسلك بالضرورة نفس الطريق.. أولغ فيها أقصى ما يمكنني بلوغه، مع مراعاة وقت العودة والغروب، حتى لا يهبط الظلام قبل عودتي إلى مكان السكن في القسم الداخلي.. كنت أشعر وكأنني أول بشر يجوب تلك الصحراء التي تبدو من ناحية الغرب بكرا، ولا أثر لافت لفعل الإنسان فيها، وعلى امتداد عريض.. كنت ابدو كأول رحالة على ظهرها يطويها بقدميه..

مثلما كنت اطلق في الصحراء صوتي العالي، كنت أيضا أطلق العنان لعقلي المتسائل، وأمام الشك كنت أفتح الباب على مصرعيه.. كانت الحيرة المتسائلة تستحوذ على كثيرا من تفكيري.. كان التناقض يحتدم بين التصورات التي تنشأت عليها، وما تعلمته في مادة التربية الإسلامية، وبين ما أتعلمه في الجغرافيا والأحياء والفلسفة وبقية العلوم.. كانت الأسئلة تحفّز عقلي ووعيي الذي لازال طريا وقليل المعرفة، ويحب أن يعرف كل جديد..

عرفت أن التسليم لا يصنع وعيا ولا معرفة ولا تراكم مفيد، بل يصنع تخلفا وبلادة وخمولا.. الجدل والتناقض والإجابة على الاسئلة التي تعتمل في الوعي ـ حتى ما كان بسيطا منها ـ هي من تخلِّق المعرفة وتضيف إليها، وتراجع مع علق في الذهن من وعي زائف أو فهم خاطئ.. كانت الأسئلة المشككة تفتح ذهني لمعرفة أكثر، ومنها بعض تلك الأسئلة العصية على الجواب، والتي كانت تغضب منها أمي في عهد طفولتي البريئة والمتسائلة..

كنت أتأمل الصحراء وأوغل فيها أكثر رغم هجيرها، ولفح الريح والرمال المتحركة الساخنة.. كنت أسأل نفسي: هل كانت هذه الصحراء على هذا الحال منذ خلق الله البسيطة؟!

كنت أتوقف على قطع من الأحجار الصغيرة السوداء المجدرة وخفيفة الوزن، والغير متجانسة مع الصحراء، والواضح أنها قادمة من مكان ووسط يختلف تماما عنها، وكان أغلبها بحجم قبضة الكف أو أكبر منها قليلا، وأسأل نفسي: هل هذه القطع كانت يوما ما أجرام سماوية تسبح بالفضاء؟! هل هذه بعض من النيازك والشهب التي يرمي بها الله الشياطين؟!

وحالما أشاهد القواقع المتنوعة في الصحراء كنت أسأل: هل كان البحر يغطي كل هذه اليابسة؟! متى صعد البحر إلى هنا أم كان البحر هنا ثم أنحسر؟! وهل كانت القواقع درجة في سلّم تطور هذه الحياة؟!

أعجبني استاذ الأحياء الفلسطيني وهو يشرح نظرية “داروين” في النشؤ والارتقاء.. كنت أتابعه باندهاش وذهول، وأنا أحدث نفسي بالقول: تبدو معقولة ومنطقية إلى حد بعيد أو على الأقل بعض منها، ولاسيما المؤيدة بالأدلة أو التي أيدها العلم لاحقا..

ما أسمعه من أستاذ الأحياء لم يسبق أن سمعت مثله من قبل.. كان كلام لافت وجدير بالاهتمام، وهو يتحدث عن سُلم التطور والارتقاء وكثير من التفاصيل.. ووجدت بعض من مشترك أو مقاربة عن أصل الإنسان بين نظرية التطور والارتقاء لداروين، وبعض ما أورده إنجلز في كتابه أصل العائلة..

ربما أحسست بمنطقية النظرية أو جلها، وهي في الحال الأسوأ لا تخلو من صحيح ومفيد.. استمتعت بطريقة عرضها، وبعض المؤيدات لبعض وجوهها.. ربما زعزعت بعض قناعاتي بكثير من الشكوك، أو صدّعت بعض من مسلماتي الراسخة والضاربة الجذور في وعيي، فضلا عن كونها تبحث للممكن عن آفاق عريضة..

أعجبتُ بمادة الفلسفة ومواد العلوم والاجتماعيات إجمالا وشعرت أنها تشكل وعي، وتصنع فرقا في معارفي المدرسية والعامة.. كانت تطرح على عقلي كثير من الأسئلة التي تقود إلى معرفة جديدة أو أكثر إشراقا.. تبدلت أشياء كثيرة في ذهني الصغير مما كنت أظن واعتقد.. كنت أشعر أنها تضيف لي شيئا جديدا لم أعهده ولم أعرفه من قبل.

وفي صف ثالث ثانوي بدأت المسافة بيني وبين ما كنت أعتقد تنزاح لصالح الشك أو بعضه.. استحضرت تلك الأسئلة التي كنت أطلقها وأنا صغير بتلقائية وعفوية وبراءة.. بدأت قناعات جديدة تتشكل وهي قناعات أكثر منطقية ومعقولية وبعضها مدعوما بالأدلة.. شعرت أن مفاهيم جديدة تتبلور وتتشكل في عقلي بعيدة عن العواطف والوجدان والخزعبلات..

***
يتبع..
غصة وأسف..
بعض من تفاصيل حياتي
في السلك العسكري
الالتحاق بالكلية العسكرية
احمد سيف حاشد

لأول مرة يظهر اسمي في لائحة الشرف على بوابة الكلية العسكرية بعد أن أحرزت المركز الأول في الدفعة.. لأول مرة استلم جائزة من رئيس يمني.. المرة الأولى التي أسافر فيها إلى خارج اليمن.. المرة الأولى التي أركب فيها طائرة.. لأول مرة أشاهد العالم من علو مرتفع.. أول مرة أعرف "المترو" والتنقل في أنفاق طويلة تحت الأرض في عاصمة عظيمة.. لأول مرة أشاهد رجال يقبّلون حبيباتهم وزوجاتهم في أمكنة عامة.. لأول مرة أدخل "سيرك".. لأول مرة أشاهد بأم عيني حضارة أخرى، وعالم مختلف عمّا أعتدته وألفته..
***
(١)
اختيار وعيب وفحص

ما أن أتممت الثانوية العامة عام 1981حتى كان عليّ أن أحسن اختيار الجواب على سؤال: ماذا بعد؟؟! كنت أشــعر أن الجواب مهم، وعليّ أن أجيد الاختيار؛ لأن مستقبلي سيكون محكوما به.. كنت أشعر إن الإجــابة تحتاج لبعض من التريث والاستغراق.. شعرت في بعض الأحايين حيال ذلك بالحيرة والأرق.. وجدت أنني على مفترق طرق، وأنني سأدفع ثمن أي خطأ في الاختيار، وربما ترافقني الخيبة ما بقي من العمر إن لم أحسن الاختيار أو يسيء تقديري فيه.. وقد داهمتني في حياتي الماضية خيبات عديدة جعلتني أردد قول الشاعر:
”مَا كلُّ ما يَتَمَنّى المَرْءُ يُدْرِكُهُ... تجرِي الرّياحُ بمَا لا تَشتَهي السّفُنُ”.

تمنيت أن أحصل على منحة دراسية بعد الثانوية العامة في الخارج شأني شأن عدد غير قليل من أقراني، ومن هم دون مستواي؛ حيث كانت محصلة نتيجتي في الثانوية العامة جيد جداً.. كنت أريد أن أحصل على منحة دراسة في الإعلام أو الآداب أو العلاقات الدولية أو العلوم السياسية أو الفلسفة أو علم الاجتماع أو نحو ذلك.. لكن على ما يبدو كنت عاثر الحظ، وقليل الحيلة، ولم أتلقِ دعم من أي جهة أو شخصية حتى في حدود ما يسمح لي بالوصول إلى المنافسة التي تتيح لي فرصة السباق والمفاضلة للفوز بمنحة دراسية..

وبعد هذا الإخفاق لا بأس الآن .. سألتحق بالكلية العسكرية.. كان هذا الاختيار يعني أنني سأختصر الطريق.. اختصار من عمر لا أريد أن أبدد منه سنتين في الخدمة العسكرية، وفيما بعدها ينتظرني المجهول، لماذا لا ألتحق بالكلية العسكرية الآن طالما يمكنني الالتحاق بها، وأتقاضى منها راتبا، وأتخرج منها برتبة ملازم ثاني؟! هكذا فكرت أو دارت الأفكار في خلدي على ذلك النحو..

بدا لي هذا الاختيار متاحا وممكنا ولاسيما أنه يختصر مشوار السنتين التي يقف المجهول عند نهايتها، ودون أن تضيفا شيئا إلى مستقبل انشده.. فيما سأجد في الكلية معارف عسكرية أهم وأكثر، ربما احتاجها في نضالي القادم في الشمال..

كما أن أخي علي سيف حاشد كان هو الآخر خريجاً من الكلية الحربية بصنعاء في مطلع الستينات، وكان له دور نضالي في حماية الجمهورية، وكسر حصار السبعين يوم على صنعاء مع زملائه الأفذاذ، عبد الرقيب عبد الوهاب والوحش وصالح سرحان وغيرهم..

لقد كنت بالفعل فخورا بما أنجزه أخي في الحياة العسكرية دفاعاً عن الثورة والنظام الجمهوري.. أردت أن أكون مثله أو أكثر منه إن استطعت رغم تغير الظروف وتبدل الأحوال.. كان أخي شجاعا ومقداما ومحبوبا ويحمل صفات قيادية كثيرة ومتعددة.. كنت أريد أن أسلك مسلكاً يحاكي تجربته في الحياة، أو على الأقل أختط خطاً مقارباً له.. كان ضابطا مشهوداً له بالشجاعة والبسالة، وكان يسارياً ثورياً ومنتمي تنظيميا للحزب الديمقراطي الثوري، ومتمرداً على النظام في الشمال، ويرى في قضايا الناس والتقدم قضيته الأولى.

كان يتوقف قبولي في الكلية العسكرية على اجتياز الفحص الطبي.. كنت أظن أن القبول يتوقف فقط على اللياقة البدنية، وربما فحص طبي، ولكن لم يتبادر إلى ذهني أنه سيشمل الأعضاء التناسلية..

قبل المعاينة الطبية كنت أشعر بالخجل من معاينة الطبيب لأعضائي التناسلية.. كنت أسأل نفسي: كيف يتجرأ الطبيب أن يفعل هذا؟! وأين سأدس وجهي من الخجل حين يفعل؟! وكيف سيكون هذا الفعل؟!

ما حدث لم أكن أتوقعه قبل أن أقرر انضمامي للكلية العسكرية، ولو كنت أعلم هذا ما كنت أختار هذا الانضمام؟! لم أتصور أن شيئا من هذا القبيل سيحدث في هذا العبور الذي فاجئني ولم يكن بحسباني، وقد شعرتُ عند المعاينة أن الخجل يبلعني من قمة رأسي إلى أخمس قدماي..

غالبت نفسي، وقمعتُ عقد الممانعة، واجتزت الفحص الطبي بنجاح، وكذا اللياقة البدنية، وكانت خشيتي كبيرة ألا أجتاز الفحص الطبي بسبب وجود دوالي خفيفة في الخصيتين، غير أن الأمر كان بسيطا وغير ملحوظ، ولم يشكل أي مانع من الالتحاق بالكلية العسكرية..

حصلت على مقعد من المقاعد المخصصة لما كانت تُعرف بالجبهة الوطنية الديمقراطية (جودي) التي تم تخصيص حوالي 12 مقعداً لها في تلك الدفعة وهي الدفعة العاشرة، وكانت هنالك مقاعد أخرى تمنح أيضا لما يعرف بحركة التحرر الوطني، مخصصة لفلسطينيين وأكراد وشيوعيين عراقيين وعمانيين..

تذكرت “علوان” في قريتنا.. الرجل الحساس والخجول والقبيلي المعتز بقيم العيب ومفهوم الر
جولة المطبوعة في تصوره الأخلاقي، والذي لم يفرط باقلّها هونا، حتى وإن قتل نفسه، بل وآثر الانتحار على أن يمس بعيب حتى من قبل الطبيب، لن يساوم فيما يراه من عيب وإن بات ما يعانيه خطرا يتهدد حياته..

"علوان" الذي آثر الموت على معاينة الطبيب للباسور الذي كان على ما يبدو قد بلغ حد لا يحتمل من التضخم والنزيف والألم البالغ، وهو ما أدّى به إلى اتخاذ قرار الانتحار، وتنفيذ هذا القرار؛ للخلاص من الألم الذي يعذبه بكتمان، والعيب الذي يثقله، والحيلولة دون أن يرى الطبيب فتحت شرجه.. كم نحن مثقلين بالعيب والحياء والحرج والخجل إلى حد ربما يفوق التصور في بعض الأحيان!!

كيف لنا أن نفكك تلك العاهات التي تنشّأنا عليها منذ سنوات الحضانة، وتجذرت في سنوات الطفولة الأولى، ثم السنوات التي تليها، وما بعدها؟! ما أحوجنا أن نعيد صياغة الوعي المعطوب، أو المشوه بالعيب الشائه؟! كم هي الحاجة ملحة لتفكيك العُقد المستحكمة والمتحكمة في حياتنا ومستقبلنا، والتي تظل تلازمنا من الحضانة حتى أزيف العمر؟!

ما أحوجنا أن نبدد الظلام الكثيف الذي أستولي على براءة طفولتنا الأولى، ويريد أن يثقل كواهلنا حتى آخر العمر بالتصورات المختلة للأخلاق، والقيم المختلة والمشوهة للوعي والتربية؟!! كم نحن بحاجة أن نتصالح مع أنفسنا لنتعايش مع حقيقتنا بدون أقنعة، وبدون تزييف أو تزوير أو مساحيق تجميل؟!!

كم نحن بحاجة لأن نتعلم التصالح مع أنفسنا في الطفولة ومقتبل العمر لنقبل على الحياة متعافين بسوية، وحياة خالية من العاهات والعقد والتشوهات الأخرى التي تدمر الوعي أو تعطبه، أو تجعله كسيحا ومثقلا بالإعاقة والكلفة البالغة وفادح قد يصل إلى انتزاع الروح؟!..

***
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
سلطة صنعاء وكابوس حاشد
صلاح القرشي:

محمد العماد كان باقي يقول ان النائب حاشد هو الذي قتل بطائراته الحربية قاسم سليماني وابو مهدي المهندس ، اثناء مهاجمته له في برنامجه (من دون سياسة) يوم امس

يبدو ان الحوثيين ومحمد العماد لم يستطيعوا بالقانون عمل شيء لحاشد ، فتحولوا الى محاولة التخلص منه باي وسيلة وتحت اي مبرر وتهم يختلقونها ، وإلصاقها بحاشد ، وحتى تهم مايقومون به خصومهم ضدهم الذين يتآمرون عليهم ، والخلايا التي اوقفوها تحت شعار (فٱحبط اعمالهم ) والقول ان سبب قيام اعضاء هولاء الخلايا العميلة هو متابعتهم وقراءتهم لما يكتبه حاشد في شبكة التواصل الاجتماعي.

قليل عقول ، فماهو الذي كتبه حاشد لكي يلصقون به هذه التهمة ؟ . حاشد كل كتاباته تقريبا تتوزع بين الدفاع عن المال العام من سطوة اللصوص والمتنفذين ، او الدفاع عن مظلومية الناس في وجه تعسف مشرفي وقادة الاجهزة الامنية ومسؤولي السلطة ، مثل قضية إقبال الحكيمي وغيرها وغيرها، او بتضامنه ودفاعه عن حقوق الناس مثل ما دافع عن حقوق اصحاب شبكات النت من تعسف وزير الاتصالات ، يعني معظم كتابات حاشد تدور حول هذه المواضيع وما يقوم به في مجلس النواب ووفقا للقانون ولائحة المجلس ، فلماذا تحملون حاشد تآمر تحالف العدوان ضدكم وبما يفعلوه خصومكم من الاحزاب السياسية ومراكز القوى السابقة ضدكم ، وخلاياهم التجسسية ؟ ، وتحاولون الزج بٱسمه في هذه الاحداث وهذه التهم ؟

بصراحة عندما نتابع هجوم اعلام الحوثيين و بعض قياداتهم على النائب احمد حاشد، يصاب الواحد بالغثيان ، و نستنتج ان سلطة الحوثيين اصبحت تنظر لحاشد وكٱنه يمثل كابوس لها اكثر ما تمثله الجبهات العسكرية لها ، لماذا؟

براي لانه يعري اعمالها التي تخالف الدستور والقانون ، ولانه يكشفبعض فساد قيادة السلطة وإنحرافاتها ، ولانه يفضح دجلهم على الشعب تحت مبررات عنصرية ومذهبية ودينية، .ولانه يفضح نوايا سلطة الامر الواقع في صنعاء في إقامة حكم كهنوتي ظلامي عنصري مستبد لفئة معينه تستفرد بالسلطة والثروة والقوة وتستعبد اليمنين في جزء من الوطن اليمني ، مفرطة بوحدة الوطن لصالح الغزاة والطامعين واصحاب المشاريع المناطقية والطائفية ومتقاسمة معهم الارض والحكم ، وممزقة للنسيج الاجتماعي لليمنين ، ولاتضع لقيم العدالة والمساوءة والحرية بين الناس اي اعتبار ،

هذه هي الحقيقة .التي تريد سلطة صنعاء اخفائها تحت مبررات (انها تتصدى لعشرات الدول وتحشر ابناء القبائل الى الجبهات كجهاد في سبيل الله ضد المنافقين والكفرة الذين لايقبل الله ايمانهم ولا اسلامهم لانهم يرفضون التسليم لحكم "السادة" المطلق من ذوي الاصول الفارسية في الهضبة الشمالية اليمنية ومن اجل وتحرير القدس وفلسطين )
وكلها شعارات مخادعة وخرافية تستخدمها لتثبيت سلطتها مستغلة جهل الكثير من اليمنين ، ومستغلة ايضا حبهم للال البيت وللامام علي كرم الله وجه .

لذلك هذه السلطة تخشى من الحقيقة ومن العدالة ومن المساوءة ، ومن تطبيق القانون والدستور ، اكثر مما تخشاه في جبهات القتال، ولهذا تحاول اسكات او التخلص من الاصوات الوطنية المحبة والمخلصة للشعب والوطن مثل النائب حاشد .
# بقلم _صلاح _ القرشي
16/3/2020
.................................................
صلاح القرشي:

قلت الحقيقة يا نزار الخالد ، ماكتبته بحق حاشد كنت راااائعا فيه ، لقد وصفت بعض من حقائق وخصال رجل يمني يملك شموخ وعزة بشموخ جبال اليمن ، يعشق الحرية محبا ومخلصا لشعبه ووطنه بلا حدود، شجاع ومسارع لنصرة المستضعفين والمظلومين ايضا بلا حدود ، يعرف بالمدافع الامين والشرس عن مصالح الشعب والمال العام من نهب المتنفذين والفاسدين ، وامراء الحرب وسارقي السلطة ،
لا يخشى طغيانهم ولا ترهيبهم ، فلا حدود الموت وازهاق حياته تنفع معه لتوقفه ، ولا حدود السجن والترهيب والتهديد نفعت معه، لكي تثنيه عن خطه الوطني ونضاله وكفاحة من اجل تعزيز و تثبت ونشر قيم الحرية والعدالة والمساوءة ، فهو جاهز ومستعد لدفع الثمن وهي اغلى ما يملكه وهي حياته في سبيل ذلك .
رجل بقامة وهامة النائب البرلماني احمد سيف حاشد من الطبيعي ان لاينفع معه طغيان وجبروت فراعنة السلطة ، لان نبتته اصيله ومكونة من خلاصة عصارة معادن وملح ارض اليمن الطاهرة ، االممزوجه بمعاناة وقيم وعادات وتراث وتاريخ شعب اليمن العظيم ،
فلا هو طارئ على جغرافية اليمن ولا هو دخيل عليها، ليكون جبارا شقيا إنتهازيا مستعبدا وقاتلا للٱبناء شعب اليمن، ناهبا لثرواتهم ، ومفرطا بٱرضهم لصالح الغزاة والطامعين .
فالتحية والاجلال لك ياحاشد .
…………………………………………………………………

حاشد و باقزقوز
نزار الخالد

الوطن يحتاج الي رجال من خاص و مميزين شجعان و مخلصين للدفاع عنه يآثرون على انفسهم وان كان بهم خصاصه, يدافعون عن الشعب و لقمة عيشه و كرامته و حقه الطبيعي في الامن و الاستقرار دون
انتظار الثمن يأتون في كل مرحله زمنيه وهنا الان قله و في المقدمة البرلماني الوطني ( اليمني) احمد سيف حاشد وهو اختيار رباني والذي لا انكر اننا كنت الي قبل خمس سنوات اقولها علانيه ان فيه مس من الجنون و في الحقيقه انه مجموعة انسان حنون علي شعبه ووطنه.

الاخر ناصر باقزقوز لا يقل مقارعه للظلم و الاضطهاد عن احمد سيف حاشد يجتمعان في الاسلوب و القضيه و لا يختلفان في الطريقه ولديه انفه و كبرياء تجعل المحيطين به يعيدون حساباتهم مع الاخرين في عدم الرضوخ للطغيان و التكبر و الاستكبار و الغطرسه, و مقاتل شرس و تاريخه النضالي الطويل جعل منه صعب المراس.

ان حاشد و باقزقوز كانا قادرين ان يكونان من اصحاب المال و النفوذ سواء مع نظام صنعاء بشرط ان يصمتان و لا يتدخلان بشئ و يأخذان المعلوم و المقسوم و سيتوليان اعلى مراتب المسؤوليه او هناك حيث العماله ان قبلا فانهما فأنهما في بحبوحه من العيش الرغيد ولكن المدرسه النصاليه الذي ينتميان اليها جعلت منهما يرفضان كل المغريات في الداخل و الخارج من اجل المواطن و الوطن.

هناك من رموز الاستكبار, و نهب المال العام, يعتبر هذا جنون, و انهما مصابان بلوثه عقليه, مع انهما مصابان بنوبه وطنيه واخلاقيه تجاه وطنهما و شعبهما عندما يلمسان كل هذه المعاناه و الهموم و الجوع و الظلم و يجعل الكثير يقتدي بهما و لا يستطيع احد تصنيف ( حاشد) فهو متمرد. على الاشتراكي و مخالف للناصري و ثائر على المؤتمر و معاكس لكل نظام و تجد فيه قبيله فتعتقد في الوهله الاولى انه رجعي وهو ابعد منها, تجادله فتضن انه علماني وهو في قمة تصوفه, تجده عاقل في قمة الهيجان السياسي للبلاد و بركان يقود عاصفة تمرد من تحت هدوء السكينه السياسيه, لا يستطيع تيار سياسي ان يدعي انتمائه مع انه الاقرب اليهم و كل هذا وذاك تجد المتمرد اولآ على نفسه و تشكوه منه اليه و لا ينصفها و لا يسيطر عليه غير حزمه من الضعفاء و الفقراء انه الانسان القدوه في التصوف و التمرد.
تغاريد غير مشفرة
احمد سيف حاشد
(1)
عندما يهددك أحدهم من الجماعة بالقتل لأنك أبديت رأي في قيادة الجماعة فهذا يعني أنك تصنع التطرف وتفخخ عقول المنتمين لك شأنك شأن داعش وتلحقهم بفرق الاغتيالات التي تعدها.. ثم تكلفهم عند الحاجة بتصفية خصومك السياسيين، وتدعي أنهم أشخاص منفلتين..
الجماعات الدينية خطر على حاضر ومستقبل اليمن..

(2)
عندما تطلق أعضاء التنظيمات الإرهابية من سجونك؛ فهذا يعني إنك تعقد الصفقات معهم، وتعمل على توظيفهم لصالح أجنداتك، ومن ضمنها تصفية خصومك السياسيين عند الحاجة..

(3)
على يد من تريد أن تموت؟!
هذا السؤال هو كل ما يمكن أن يقدمه لك أحد أطراف الحرب والصراع في اليمن!!
أما العزة والكرامة والحرية والمواطنة والتحرير والاستقلال والسيادة فلن تجدها عند أي منهم..
تلاشت الفروقات حتى صار القبح ينافس نفسه..

(4)
النائب العام في قضية أم اقبال الحكيمي..
أنتِ متهمة ومحبوسة إلى أن تثبتِ براءتك..
ردنا:
ستبت الأيام إن القتلة والنهابة مطلقين السراح..
وأن أولياء الدم الضحايا مرميين في السجون..
تذكروا هذا.. لأنني سأعيد نشره يوم ينقلب الحال.. لتعرفوا وجه الطغيان الذي كان..

(5)
إن كنتم تفترون علينا بهذا القدر الفاجع والمبتذل من الهراء الفاسد
فكيف تريدوننا نصدقكم فيما تقولونه على خصومكم؟!!!
باتت مصداقيتكم كمجاري الصرف الصحي..
.............
هل سمعتم اعترافات الخونة والعملاء
قالوا منشورات أحمد سيف حاشد التحريضية، كانت تمثل لهم خطة عمل في إثارة الشارع اليمني ضد السلطات اليمنية..
فيصل مدهش
.............
(6)
رد لأحدهم وأمثاله..
أحكي قصة حياة كفاحي ومستقبل أجيال سرقتموها ونهبتموها.. أحكي قصة حياة مملوءة بالكفاح الذي أعتز به، ولا أستعار منه.. وفي كل حال حياتي أشرف ألف مرة من حياة قادتكم الطغاة والمستبدين والقتلة والفاسدين والنهابة واللصوص وقطاع الطرق.. صفحات حياتي أنصع وأشرف من صفحات قادتكم بمختلف مسمياتهم الذين دمروا اليمن ودمروا الحياة والإنسان والمستقبل، فيما أنتم تنقادون بعدهم كالعبيد المستلذين بعبوديتهم، كالمغتصبين المستمتعين باغتصابهم، وفضلا عن ذلك تضربون لهم كل صباح تعظيم سلام وموالاة وعبودية..

(7)
ليست المشكلة في الناشطين الذين يكتبون
المشكلة في الفساد والنهب والظلم
الذي وصل حمولته إلى حدوده القصوى

(8)
استثمار التربية والتعليم..
من أجل رواتب المعلمين..
ما أكذبكم..
الأولى مستفزة والثانية مستفزة أكثر.

(9)
من شهور محامي اسرة اقبال الحكيمي يطالب بصورة من ملف القضية ولكن لم تتم الاستجابه
حتى توجيهات النائب العام لا تنفذ.. اين نذهب لنشكوا طغيانكم؟!

(10)
ظلمكم الوخيم والساحق
جعلنا لم نأبه لانتصاراتكم
ظلمكم صار اكبر من كل انتصاراتكم

(11)
في صنعاء ..
صدق أو لا تصدق..
في مقررات امتحانات ثالث إعدادي تم حذف تاريخ الثورة اليمنية..
وإقرار الثورة الصومالية..
مبروك للثورة الصومالية..

(12)
هل هناك إذلال أكثر ثقلا
من أن تحوّل المعلم إلى شحات
عهد منحط
إنه عهد التافهين بامتياز
(13)
من يذل المعلم في راتبه يستحق العار إلى أن يموت..

القدرة الشرائية تراجعت عما كان يتقاضاه من راتب حتى بات أقل من الثلث..

غلاء كل احتياجات المعلم الضرورية بأضعاف مما كانت عليه..

ما يتقاضاه المعلم اليوم أقل من صدقة في كل شهرين..

لقد مات حياءهم في الوجوه.. وسقطت مرؤوستهم في القيعان السحيقة..

وأكثر من هذا الحال استفزازا أنه يتم استكثاره عليهم من قبل سلطات الأمر الواقع النهبوية بكل مسمياتها..

من ينهبون مرتبات الموظفين وعلى رأسهم المعلمين هم أحوج للمحاكمة والألزم وضعهم خلف القضبان..

يجب أن يبقى العار الوخيم يلاحق النهابة والفاسدين إلى يوم القيامة..

الصغار ليس نحن.. وإنما من يأكل رواتب المعلمين ويحاول بإمعان إذلالهم فيما الوفر كبير ولكن يأكله اللصوص والنهابة والفاسدين..

كم أنتم صغار أيها الأقزام الذين لم ولن تكبرون بل تزدادون صغرا..

أكبركم أصغر من حبة خردل..

(14)
لو تحرروا تل ابيب
لن تتغير وجهة نظرنا فيكم
نهابة وفاسدين ولصوص ومستبدين
ومشروعكم خاص وصغير

(15)
راتب المدّرس يعني كرامته
عن أي كرامة تتحدثون؟!
اعرفوا أولا ماهي الكرامة
هل الكرامة تحويل المعلّم إلى شحّات؟!!

(16)
صنعاء تحول المدرسين إلى شحاتين
شهرين معاش في الشهر
و 25 ألف يريدون إحلالهم
بدلا عن 25 ألف مدرس من ذوي الخدمة

(17)
كامل تضامني
مع عدنان المداني
ضحية الفساد والعدالة المفقودة

(18)
دعني وشأني أنشغل في كتابة سيرتي التي لم تدمر حجرا ولم تقطع شجرة ولم تجلب لشعبي المآسي العظام.. لم أفسد ولم أتزوج مثنى وثلاث ورباع
السقوط المريع لمصداقيتكم..
احمد سيف حاشد

بعد محاولتكم إرغام ازهار الحكيمي بأن تشهد على جدتها أنها قتلت أمها قبل عشر سنين لم نعد نصدقكم..

بعد إنكاركم لحبس أزهار الحكيمي التي أصيبت باللوق في حبسكم وأمضت عشرين يوما فيه لحملها على الشهادة الكاذبة ضد جدتها، فيما كانت تشهد أن امها ماتت وإنه تم تغسيلها وتكفينها أمامها وتم قبرها في تعز قبل عشر سنوات، ولم تُقتل ولم تقبر في بيتها بالاحكوم، والذي جاء تقرير المستشفى مؤيدا لها.. لكل ذلك لم نعد نصدقكم..

بعد حبسكم لأم اقبال لإرغامها على الاعتراف إنها قتلت ابنتها لم نعد نصدقكم..

بعد إرغام عارف الحكيمي على الاعتراف أنه قتل أخته لم نعد نصدقكم..

بعد محاولتكم اسناد تهمة القتل لإقبال الحكيمي بقتل أختها لم نعد نصدقكم..

بعد تحويل مشرفيكم إلى أبرياء، وتحويل أولياء الدم إلى جناة هروبا من استحقاق القصاص لأولياء الدم .. لم نعد نصدقكم..

بعد نزول لجانكم المتتابعة لتبرئة مشرفيكم وتغطية جرائمهم ورفع غطاء الحماية عن المجني عليهم وإنحيازكم للجناة لم نعد نصدقكم..

بعد جرائم النهب التي طالت 37 بيت في الأعبوس ومحاولة تغطية جرائم مشرفيكم دون أن تحيلوا واحد من الجناة للقضاء أو القضاء العسكري لم نعد نصدقكم..

بعد رفضكم معاقبة أو احالة مشرفيكم للقضاء والذي تضمنهم تقرير المسؤول الثقافي لمسيرتكم في حيفان أبوعلي لم نعد نصدقكم..

بعد الاتهامات التي وجهت لعلي الشرعبي وما تم عرضه على قناة المسيرة وحكايات الخلايا لم نعد نصدقكم، ولا نصدق اعلامكم بشأن الخلايا وكثير غيرها..

بل وقد طالنا نحن أيضا اتهام أكبر من قبل اعلامكم على اثر خروجنا في 25 مايو 2017 لرفض الجرع والاحتجاج على عدم صرف الرواتب بعد ان تأكدت لنا قدرتكم عليها.. تم اتهامنا من قبل اعلامكم بالخيانة والعمالة، بل واختطفتم نايف المشرع وعذبتموه لإجباره على الاعتراف إننا نتحصل على أموال من السعودية، وأن خروجنا كان مدفوعا..

وعندما طالننا بإيقاف الحرب بحملة (اوقفوا الحرب) صهينتمونا واتهمتمونا بالعمالة والارتزاق والحرب الناعمة الممولة من المنظمات الدولية والصهيونية.. وانتم تعلمون انها اتهامات باطلة وكذوبة وعارية من أي صحة..

وتتكرر اليوم الاتهامات والفبركات ضدنا من قبلكم فيما يسمى الخلايا ومن قبل اعلامكم الكذوب في محاولة لإسكاتنا.. لقد عشنا ولازلنا نعيش اتهاماتكم الباطلة الذي يكذبها الواقع كل يوم وخلال خمس سنوات حرب..
وغير هذا كثير ومنها بعض من تلك القضايا التي تابعتها شخصيا..

لقد سقطت مصداقيتكم على نحو لم نكن نتصوره ولم يكن يدور ببال أحد..
لن تستطيعوا ترميم مصداقيتكم لدينا ولدى كل من عرفكم.. بل ليس لديكم ممكنات إعادتها وأنتم كل يوم توغلون بمزيد من الاباطيل والأكاذيب..

لقد سقطت مصداقيتكم سقوط مريع.. وكل يوم تستمرون في هذا السقوط..
في السلك العسكري.. الكلية العسكرية
احمد سيف حاشد
(2)
الرقم ( 573)
في نهاية عام 1981 تم قبولي في الدفعة العاشرة بالكلية العسكرية، وكان رقمي العسكري (573/10)، وكان مثل هذا الرقم يشير إلى أن الملتحق بالدفعة العاشرة منتمي لحركة التحرر الوطني، فيما الطلاب الذين ينتمون لليمن الديمقراطية كانوا بأرقام عسكرية داخلة في قوم أرقام القوات المسلحة لليمن الديمقراطية، وهي أرقام مختلفة عن أرقامنا، وجلها أرقام تدخل في عدد الواحد والسبعين ألف وكسور..

كان المساعد البركاني و "المقط" يدهشونني بحفظ أرقام طلاب الدفعة، وكان في طليعة من يحفظونهم هم المخالفين، فإن ارتكبتَ مخالفة أو حتى تأخرت ثواني عن الطابور ووقعت عليك عقوبة، تكون قد دخلت في رأس البركاني و"المقط".. الحقيقة لا أعرف ماذا يعني اسم المقط! ولكن ربما كان له من اسمه نصيب.. كان الطلبة في الدفعة يعرفون بعضهم بأرقامهم ربما أكثر من أسمائهم.. وكان اختلاف الأرقام، لا يمس بحال الحقوق والواجبات، أو أي شكل من أشكال التمييز من أي نوع كان بين طلاب الدفعة في الكلية..

اعتبرت هذا الرقم (573) رقم فال حسن، وخصوصا أنه أرتبط عند تخرجي من الكلية بإحراز المرتبة الأولى في الدفعة، وهو رقم معناه بالنسبة لي أنه لا يُنسى، رغم أنني كثير النسيان للأرقام، وقليل الحفظ لها، ولا اهتم كثيرا بها.. لقد نسيت مرارا تاريخ ميلادي، ولم اهتدِ إلى صحيحه، ولم أتم توثيقه على نحو صحيح إلا قبل سنوات قليلة، وأدّى هذا الاضطراب والتضارب إلى فشلي في استعادة كثير من حساباتي في وسائل التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" التي تم اغلاقها بسبب البلاغات الكاذبة من الجيوش الإلكترونية، وكنت كل مرة أفقد الآلاف وعشرات الآلاف من المتابعين..

لقد كنت أظن أن رقم (573) هو رقم فال حسن.. وزائد على هذا كنت استحضره في إنشاء كلمات السر الخاص بي، حتى على مستوى كلمة سر التلفون.. ربما أيضا في اختيار أرقام الحظ على أمل أن يأتي من الحظ أحسنه، وأكثر من ذلك إنني حشرته حتى في توقيع التوفير البريدي قبل الوحدة، بل وإلى اليوم محشورا في زاوية من توقيعي البنكي، فيما يخص ايداع وسحب النقود..

لقد تعاطيت مع هذا الرقم باهتمام، وكأنه شيفرة دافينشي، أو رقم وهبني إياه قدر ما، أو رقم اختاره لي "علم" الرمل أو الفلك، ورغم ذلك لم يجلب لي أي تفوقا في المال، حيث وجدت نفسي وعلى نحو مستمر فاشلا جدا في مراكمة المال، بل ومديونا جدا جدا..

عندما كانت لدي صحيفة "المستقلة" الورقية كان حسابي البنكي نشط في السحب والإيداع وعلى نحو شبه يومي، ولكنه لم يعرف تراكم يصنفني بأي حال من الأحوال برجل مال واعمال.. لم يتضخم رصيدي يوما حتى إلى الحد الأدنى في تأمين بعض مستقبلي من الفقر، بل تعايشت مع الفقر أكثر ما تعايشت مع الحال المقبول لعيش كريم، أما اليوم ولسنوات خلت فأنا مثقلا بالديون..

في عهد حكومة "الوفاق" والتي كان للإصلاح النفوذ الأكبر فيها، أثير اللغط وانتشرت الاشاعات الكاذبة عن ممتلكاتي وحساباتي البنكية في إبريل 2012 وعندما تم استضافتي في منتدى الفقيد عمر الجاوي في 18 إبريل وحضره عشرات المثقفين والصحفيين والحقوقيين، فاجأتُ الجميع بكشف ذمتي المالية، مدعومة بالكشوفات البنكية والوثائق، وأكثر من هذا نشرت ذمتي المالية للرأي العام في صحيفة "يمنات" الورقية بعد أسبوع، في الصفحة الأولى وبالبنط العريض بعنوان: "قدم براءة بالذمة المالية وكشف عن ممتلكاته وارصدته وتحدى الاحزاب والمسئولين ان يحذوا حذوه"، ولكن لم يجرَ أي منهم على فعل ما فعلته، وكنت أقصد على وجه التحديد حزب الإصلاح التي روجت بعض صحفه لتلك المزاعم العارية من الصحة، وكذا أحد الناشطين الحقوقيين المشبوهين الذي يلعب بالبيضة والحجر، وصار في حكومة هادي وزيرا "حقوقيا" ثم صار سفيرا..

وفي عهد الحوثيين وعندما كنت أجوع وأتقشف أنا وأسرتي والعاملين معي، وألاعن الاحتلال والعدوان والحرب، كانت مخابراتهم ودوائرهم الأمنية وبسرية تامة تبحث عن حساباتي وأرصدتي في البنوك.. شعرت حينها منهم بالخساسة والغيلة والوضاعة ومقدار سوء الظن رغم وضوحي معهم وصدقي وعفة يدي..

بيد أن الأهم لم يجدوا إلا ما هو صادم لما كانوا يظنون ويتوقعون.. كانت خيبة كبيرة، وكانت الحسرة وحدها هي الأرقام التي وجدوها.. ولم يحصدوا مما فعلوا إلا الخسران، ولعنة ستظل تلاحقهم حتى يسقطون ويتلاشون، وقد سقطت سمعتهم، وستسقط سلطتهم في مدى لن يطول، وما كانوا ليستمروا إلى اليوم لولا رداءة وقبح أطراف الحرب والصراع الأخرى..

عندما ألتقيت بمهدي المشاط عقب توليته رئاسة المجلس السياسي، ومحمد علي الحوثي رئيس اللجنة الثورية، عاتبتهم بمرارة أن يبلغ الأمر بأجهزتهم الأمنية هذا الحد من الحقارة وسوء الظن، لم يردا وكنت حريصا أن ابلغهم أنني لا اطلق الكلام على عواهنه، ولا ألقيه عليهم جزافا، ولكنني أتحدث عن معلومة..

ورغم خيباتي السابقة واللاحقة في هذا الرقم (573) وتوقيعي المحشور به حشرا، ولاسيما فيما يخص تراكم المال، إلا أن
ني اعتز به لأنه بقدر ما كان عنونا للتفوق الدراسي في الكلية، كان أيضا ولازال إلى اليوم عنوانا لتفوق النزاهة، وهي أكثر ما أعتز بها أمام النهابين واللصوص والفاسدين الأولين والحاليين الذين مارسوا كل هذا بفجاجة وطغيان..

***
يتبع..
من تفاصيل حياتي..
‌‎Abduljabar Alkousaa:‌‏
قضية اقبال الحكيمي وقلم حاشد وامن تعز

قبل ثلاثة اسابيع من اليوم.. جمعنا لقاء مع الاخ محافظ تعز الاستاذ سليم المغلس وبحضور الاخ امين حميدان مدير امن المحافظة واخرون كثيرون ..

في المقيل تعارفنا واشار بعضهم الى ما يكتبه الاستاذ احمد سيف حاشد عن قضية اقبال الحكيمي وباقي افراد اسرتها .. واشار احدهم اليّ بانني من اصحاب حاشد وهنا وجه مدير الامن حميدان كلامه لي قائلا : يا اخ عبدالجبار الحاج كلم صاحبك حاشد هذا .. كل يوم جالس بيكتب علينا بهذل بنا ياخي في قضية اقبال .....

قلت له وكيف لي ان اطلب منه ان يكف الكتابة عن هكذا قضية واحتجاز وتغييب للقضاء ثم انا شخصيا من كتب اكثر من مرة في هذه القضية المعروفة بقضية اقبال الحكيمي .....وانا شخصيا من سمعت من احد افراد اسرة اقبال مر الشكوى ومن اختها وامها وصهرهما معا ..

قلت له: ماذا لديك انت يا اخ امين لتقنعني بمبررات اجراءاتكم القاسية ضد كامل اسرة اقبال واحتجاز كامل الاسرة في حين بقي زوج القتيلة طليقا ؟!!

ثم تم اعفائه من مهامه في تلك منطقة الاحكوم مكان اسرة اقبال ومكان حدوث الجريمة دون اي اجراء ... على الاقل بحكم انه كان جزء من الاسرة كزوج للقتيلة ..

هنا قال لي امين حميدان كلاما كثيرا لا قناعي وزاد على ذلك ان طلب مني البقاء في مقيل ذلك اليوم ريثما ينسخ ويعطيني نسخة من الملف لاطلع عليه واخذ رقم هاتفي لاحد مرافقيه وطلب منه ان يزودني بكامل الملف..

كان ذلك بحضور المحافظ سليم مغلس ووكلاء محافظة واسماء كثيرة..
غادر المحافظ جلستنا منتصف المقيل لعمل اخر ..
ثم انني انتظرت الملف المزعوم ولم ياتِ بالملف الي احد..

عند مغادرتي المقيل اكد لي اخي امين وانا اغادر انه سيتصل بي شخصا من قبله او مرافقيه ويسلمني الملف على انني بعد اطلاعي الملف انقل قناعتي ان اقتنعت للصديق احمد سيف حاشد او نسخ صورة الملف له..

مرت يومان ولا ملف وفي اليوم الثالث التقيت الاخ مدير الامن في مكتب مدير مكتب المحافظ فقلت له : واين الملف حقك ما وصلش عندي ؟!
تلعثم في الرد قليلا ثم قال لي لقد سلمت الملف المحافظ .. قلت له انت طلبت مني ان احث الاخ حاشد على التريث وانا طلبت منك الاطلاع ان وجدت ما يقنعي واقنع به غيري .. لكن خلاص يا اخ امين الوجه من الوجه ابيض ..

وهاهي الثلاثة الاسابيع مرت ولم نر الملف ولم تزل المظلمة رهن الرغبات والاهواء، الامنية لدى قيادة امن محافظة تعز ..

ليست قضية اقبال الا نموذج الاداء السيئ
(3)
الإرغام على الالتحاق بالكلية العسكرية
احمد سيف حاشد
كان هنالك حرصاً من قبل القائمين على الكلية العسكرية ووزارة الدفاع على ضمان توفير الحد الأدنى من تمثيل المحافظات في صفوف الملتحقين بالكلية، وكان أبناء عدن تحديدا أكثر من يحجمون عن الالتحاق بها، إلاّ في حدود أعداد ضئيلة وقليلة جداً، ربما بسبب مزاجهم المدني الذي لا يميل للسلك العسكري، أو لأن معظمهم ربما لا يطمئن له كمستقبل..

شاهدت في أول يوم وأنا استعد لحلاقة رأسي ثلاث مجموعات من الطلبة وهم يجتمعون على ثلاثة من أبناء عدن ليرغمونهم على حلاقة شعر الرأس (صفرا) وكانت هذه الحلاقة من الشروط الأولية والبديهية للالتحاق بالكلية العسكرية.. وقد ذكّرني هذا الفعل القمعي بالفلكة التي أنزلها الاستاذ على أحمد سعد وعدد من الطلبة على قدماي، عقابا على غيابي وتهربي من المدرسة..

الفارق إن جماعة الإرغام في الكلية استهدفت رؤوسهم لحلاقته، فيما جماعة الفلكة استهدفت قاعة قدماي لإلحاق أكبر قدر من الألم زجرا وعقوبة للحيلولة دون التهرب مرة أخرى من المدرسة.. لقد كان الإرغام هو المشترك بين الفعلين.

شاهدت هذا الإرغام بأم عيني، وسمعت صراخ المُرغمين الطافح، وتألمت أن يتم حمل بعض الشباب على الالتحاق بالكلية العسكرية كارهين.. إنه أشبه بالإرغام على الزواج بمن لا تعشق ولا تحب، بل وبمن تعاف وتكره.. وقد ذكرني سماع صراخهم المشبوب بالنار، بصراخي وأنا تلميذ افتلك بالخيزران..

من المجحف أن تُرغم على ما لا تريد، وأن تشرب مما تعاف، لاسيما بعد بلوغ ورشد.. وأي نظام أو سلطة أو حتى رب أسرة يجري تغييب المعني الأول، واصدار القرار عنه، في خيارات هي من صميم حياته، وتتعلق بمستقبله أو بجانب منه، أمر فادح الإجحاف، لاسيما عندما تتجاهل تلك السلطة إرادة ورغبة وخيارات المعنيين باتخاذها..

كثير من الآباء حددوا بعض خيارات الحياة لأبنائهم في التعليم أو العمل أو الزواج، ولكن أيضا كثير منهم أنتهى بهم المطاف إلى الفشل أو التعثر أو تحقيق نسبة أقل من النجاح عمّا يُرام أو يُفترض، وأحيانا ينقلب بعضهم على تلك الخيارات التي فُرضت عليهم من غيرهم، أو حتى من ظروف الواقع التي حملتهم على ما تريد، وعلى نحو مغاير لرغبات وتمنيات أصحابها..

أحيانا يقضي بعضهم سنوات في خيارات غير تلك التي كانوا يتطلعون إليها، ثم يعودون بعدها يبحثون عن ذاتهم، وعن خيارات الرغبة التي يريدونها، أو تمنونها يوما ولم يطولوها، ولم يتمكنوا منها سابقا.. ويمكن القول أن المقموع في خيارته، يعيش مُراغما لواقعه، ويكون حصاد تلك الخيارات، ضئيلا أو قليلا أو في مستوى غير مُرضٍ لصاحبه..

إنه لمن الخطاء فرض القناعات والخيارات على الناس بسطوة السلطة والغلبة، بعيدا عن إقناعهم وصناعة الوعي المؤيد لتلك القناعات والخيارات.. من الفادح فرض قناعتك وتصوراتك واختياراتك على ناس لا يرون ما تراه، أو تفرض عليهم ما تعتقد أنه محل نموذج ومثال، وهو مع الواقع في صدام وتنافر لا يقبل بعضه..

عليك أن تقنع الناس بصواب رؤيتك، وارفع من وعيهم إن كانوا لا يدركون صوابك أو كانوا يجهلون مصلحتهم، ولا تستخدم سلطتك القمعية وأسلوبك البيروقراطي في فرضها واستمرارها تعسفا على إرادات الناس وقناعتهم..

كثير من الإجراءات القسرية والبيروقراطية التي تعسفت الواقع وقامت بالتهجير والدمج القسري بين الجماعات أو القوميات أو الشعوب انتهت إلى الفشل بعد أن اهدرت كثيرا من الجهد والوقت والامكانيات.. فشلت لأنها أرادت فرض النظريات المتعسفة على الواقع، والاقتصار والاعتماد على القمع والإرغام في تنفيذ تلك السياسات الغير عادلة، والتي يكون مصيرها الإخفاق والفشل، بل والفشل الذريع الذي حوّل الآمال العراض إلى ردة حضارية بكل المقاييس..

***
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
يوسف الحواتي
كلام عجيب يقال عن المناضل ألقاضي احمد سيف حاشد وان يصنف ضمن الخونه بالقيل والقال وهو الذي يجاهر بمعارضته وبصوت مسموع أن كان داخل مجلس النواب اوخارجه وهو الصوت الوحيد المنحاز علنا ضد كل المظالم ويقف مع الغلابه من ابناء هذا الشعب وهو صاحب اللا التي تزلزل الفاسدين وتدوخ المتنفذين وتقلق ذوي ألمصالح الضيقه للذين يسرقون قوت الشعب ويتكلمون باسم الشعب.

إن تخوين حاشد هي خطوه لتجريمه بالقيل والقال ونحن نعلم ان الفاسد والخائن لا يمكن ان يجأهر بمعارضته للظلم لانه جزء من منظومه لا يعلوا صوتها ابدا علي الفساد اوالظلم ان الخونه والفاسدين دائما يعملون من تحت الطاوله وليس لهم راي واضح في القضايا العامه لانهم عبيد ووسائل هدم خاصيتهم السلبيه ولا صوت لهم في الواقع

والمناضل حاشد رجل حر ويمتلك راي حر ويعبر عنه بقوة وبصوت عالي.. نحن نسمعه لانه الصوت الاقرب الينا والي هذا الشعب المغلوب علي امره؛ فهو واحد مننا وصوته صوتنا فلا تشوهوا صورته لانها رسخت في اذهان ووجدان الكثير من ابناء هذا الشعب

والحمدلله نحن عرفناه كشخص محب للوطن ومنحاز للشعب والوطن وصوتك وحده اخي احمد زلزال عنيف لقوي الفساد ولهذا هم مشغولين بتفصيل التهم عليك وعلي ما اعتقد لم يعثروا علي التهمه التي تناسب حجمك ومازال البحث جاري فانت قامه مقاساتها غير متوفره لكنهم سيبذلون الجهد لتفصيل تهمه لتجريمك عاجلا ام اجلا
(4)
فترة الاستجداد..
احمد سيف حاشد

كانت فترة (الإستجداد) في الكلية العسكرية بعدن خمسة وأربعين يوما، يبدأ احتسابها من يوم الالتحاق بالكلية، وهي فترة ثقيلة وشديدة الوطأة على الطالب، ويعطي عبورها مؤشرا أوليا على قدرة الطالب، واستعداده اللاحق على تجاوز ما بعدها.. كان عدد غير قليل من الطلاب، يتسربون أو يهربون خلال فترة الاستجداد، عندما لا يستطيعون تجاوزها، أو يهربون من اكمالها..

كان يتم قبول عدد أكبر مما يتعين قبوله في الدفعة، أو بالأحرى على نحو يزيد عمّا هو مطلوب، ثم تتم التصفية ويتناقص العدد حتى يصل إلى العدد المطلوب.. تبدت لي نظرية البقاء للأقوى أو للأصلح فاعلة خلال مرحلة الاستجداد، وكانت تلك المرحلة هي الأصعب خلال العامين الدراسيين، والسؤال المُلح أمام الطالب خلال فترة الاستجداد هو: هل تستطيع اكمال فترة 45 يوم أم لا ؟؟

فترة الاستجداد كانت علينا عصيبة ومرهقة جدا.. مثقلة بالحزم والشدة والصرامة.. عقوبات شديدة لأبسط وأتفه سبب أو خطأ ترتكبه، بل أحيانا يصل إلى الحد الذي لا تستطع أن تدرك ما بدر منك من خطاء.. كنت أشعر أن من يتخذون تلك العقوبات يقصدون التطفيش لا أكثر، وأحيانا أشعر وكأنهم يمارسون الانتقام والتشفي في آن.. وفي أحايين أخرى أشعر أن من يتخذوا بعض تلك العقوبات علينا، مرضى بالسادية وعقد النقص..

كانت ساعات الحركة النظامية طويلة ومرهقة.. ابسط خطأ يقابله عقابا شديدا ومضنيا، وما تقضيه في الحركة النظامية والتدريب والتعليم وتنفيذ العقوبات الواقعة عليك، والعقوبات الجماعية المرهقة التي تطالك، لا تبقي لك من الوقت إلا أقل من القليل، وهي عبارة عن فسحات محدودة وضيقة، أهمها فسح تناول وجبات الطعام الثلاث..

أي ضابط مناوب أو حتى ضابط عابر في ساحة وحرم الكلية، يمكنه أن يوقع عليك العقوبة الشاقة التي يريد، بل حتى الطالب من الدفعة السابقة، والتي لم تتخرج بعد، يمكنه أن يوقع عليك العقوبة التي يريدها، وما عليك إلا التنفيذ دون اعتراض..

كانت العقوبات الجماعية أيضا شديدة الحضور من قبل بعض الضباط المناوبين.. عقوبات جماعية تتخذ أحيانا لأسباب لا وزن لها ضد كتيبة أو سرية كاملة أو فصيلة أو حضيرة، ولا يوجد من يمانعها أو يعترض عليها، غير التمرد المسكون في بعضنا، والذي نعبر عنه بالتململ، أو اللعن في غيبته، ونظرات الإزدراء التي نطلقها عليه في حضوره..

كان الضابط مصدّقا علينا ولا يُرد له كلام، بل كان أي طالب من الدفعة السابقة التي لم تتخرج بعد، مصدّقا علينا دون شك أو ظن.. كان النظام المتبع يقوم على مبدأ "نفذ ثم ناقش" ومن ضمنها تنفيذ العقوبات.. وإذا تظلمت من إجراء أو عقوبة ليس عليه أن يثبت أو يقدم دليلا، لأنه وفق ما هو ساري ونافذ من نظام متبع هو الصادق وأنت الكذوب، وإذا أردت أن تتظلم لزمك إحضار الدليل وإثبات ما تدّعيه..

ممنوع المشي أو السير البطيء في الكلية، عليك دائما الركض، فإن توانيت أو تساهلت أو أبطأت فيه، يتم إيقاع العقوبة عليك؛ لأنك خالفت نظام الكلية، ولا حتى عقوبة محددة تساوي قدر المخالفة، فالأمر يرجع إلى من ضبط المخالفة، وبالتالي يتخذ الجزاء الذي يراه مناسب.. الركض هو الأسلوب الوحيد الذي عليك اتباعه أثناء تحركك في أروقة الكلية..

فترة الإستجداد في الكلية هي المرحلة الأكثر صعوبة وتستدعي من الطالب كثيرا من الانضباط والجلَد.. وهي الخطوة الأولى التي تنقلك من رجل مدني إلى رجل عسكري مختلف الطباع.. مرحلة الاستجداد هي محك حقيقي واختبار مضن يتحول خلالها الطالب من المدنية إلى العسكرية بصرامتها وضوابطها.. مرحلة “الضبط والربط العسكري”.

الملابس العسكرية النظامية كنت اشعر انها ثقيلة جداً، وتضايقني عند التدريب خاصة مع فصل الصيف الطويل والشاق.. وبعد فترة الاستجداد كان يتاح لنا الخروج يوماً واحداً في الأسبوع ..

وأنا أخرج من حرم الكلية بملابسي المدنية اشعر بحرية كبيرة لا تضاهى كشعور أسير تحرر من قيوده الثقيلة التي ظلت قدماه ترسف بها طويلاً .. أحس أنني خفيف الوزن كعصفور .. أشعر بلياقة ورشاقة وخفة وزن لم أكن أشعر بها من قبل.. أخرج من عالم ضاغط إلى عالم حر ومريح.. خروجي من الكلية إلى المدينة والناس، يجلب لي الشعور بالسعادة الغامرة.

كنّا إذا خلعنا ملابسنا الثقيلة بعد ساعات طوال في الكلية نلبس ثياب الرياضة الخفيفة بقية اليوم وهي عبارة عن (فنله) بيضاء وسروال قصيرة أزرق .. كنت أشعر إن ذلك اللباس القصير عورة ولا يليق، ولكن مع مضي الأيام اعتدتُ عليها، بل وأحبذها على الملابس الثقيلة التي أُلزم على ارتداءها لساعات طوال في أوقات النهار.

كنت منزوٍ وخجول.. وكانت أكثر الأوقات إحراجاً لي هي تلك القترة الصباحية التي نغتسل فيها فجر كل يوم، وأحيانا نكررها عند الظهيرة أيضا، خصوصا في فصل الصيف.. كانت حمامات سكن الطلاب مصممة دون أبواب، وزائد على ذلك إنها متقابلة، وكل شخص يغتسل يشاهد الآخر عاريا أمامه، وكان هذا الحال يضايقني كثيرا، وأشعر أنه يخدش حيائي بسكين، ويسبب لي كثيراً م
ن الخجل الذي اراه فوق طاقة الاحتمال..

أنا وصديقي الطيب في مدرسة البروليتاريا وثبنا يوما من سطح أحد أبنية القسم الداخلي التي كانت لاتزال غير مأهولة وجاهزة.. بدأ صديقي بالقفز، وأثناء القفز رفع الريح سترته، فبانت عورته.. كان الإحراج عليه شديدا، وحمرة الخجل الأشد على وجهه كان يخالطها السواد، وتحتاج لمرور بعض الوقت لتتلاشى، وربما ظلت الصورة عالقة رغما عنا بعض الوقت، ونحن نحاول أن نتجاوزها ولا نريد تذكّرها..

هاجس جاس في مخيلتي يوما، وجعلني أتخيل غسلي بعد موتي من قبل غاسل الموتى.. شعرت بالعيب وعار العورة، وغصت بالحياء رغم افتراض موتي.. كان حياءنا الباذخ يغلب الموت..

ونحن بهذه الدرجة من وعي العيب كنت أسأل: كيف يمكن أن نغتسل وكل العورة بادية للعيان؟! كنت أرى الأمر عقبة كأداء أغالبها بصعوبة جمة وحياء كثيف.. إنها أكبر من تجربة معاينة وفحص الطبيب التي مررت بها..

وفيما كنت أمر به صرت كحال ذلك الذي ورد في قول المتنبي:
"انا الغريق فما خوفي من البلل"

ومع تكرار فعل الاغتسال، وتكراره من قبل الأخرين، تحول الأمر عاديا ومعتادا، واكتشفت أن العورة تسكن الوعي أكثر من أي مكان آخر..

تعايشنا مع الأمر الواقع، وصرنا معتادين الحال، بعد أن كنت أراه مستحيلا، أو أخاله أكبر من المستحيل.. ومن هذا عرفت مليا أن المرء على بيئته ووسطه وما يعتاد عليه.. بإمكانه الانتقال والتكيف في الوسط البيئي الذي ينتقل إليه.

***
يتبع
بعض من تفاصيل حياتي
(5)
الحركة النظامية والعقوبات ونفذ ثم ناقش
احمد سيف حاشد

كانت الحركة النظامية في الكلية العسكرية يومية ومكثفة، ولاسيما في فترة الإستجداد، إن لم يكن في العام الأول كلية، حيث تم تخصيص وقتا أطول لها في جدول الحصص، يزيد عما تم تخصيصه لأهم المساقات الدراسية مثل مساق التكتيك أو التدريب الناري.. الحقيقة لم أكن راضيا عنها، ولم أسترح لها، ولم تطب نفسي منها.. لم أجد كيمياء مشتركة أو انسجام بيني وبين مدربيها "البركاني" و"المقط".. كنت أقع اثنائها بأخطاء طفيفة تعرضني لإحراجات كبيرة أمام زملائي.. استنكرها في أعماقي، وكلِّي تطلُّع لأن نتعلم كل ما من شأنه أن يجعلنا مقاتلين صناديد، وقادة أفذاذ، وليس بما يستحيلنا إلى كائنات استعراضية لا يستفاد منها شيء في ميادين الحرب والقتال.. هكذا كنت أرى الأمر وأنا أحدث نفسي.

كنت أزدري في نفسي العقوبات الجسدية التي تطالنا، لاسيما ما كان يعرف بـ (السحك) وهو أن ينبطح الطالب ثم يزحف على بطنه بمساعدة يديه ورجليه.. أحتقر تلك العقوبات ومن يتخذها.. أشعر أنها تنطوي على إرغام وإذلال.. أظن أن الآمر بها مريض ولديه مركب نقص.. أرى أن التعاطي مع تلك الأوامر يجب أن يكون في إطار التدريب، وليس في إطار تنفيذ العقوبات.. أن تأتي عقوبة "السحك" في إطار التدريب العسكري أمرا استسيغه وأعيه بل وأدرك أهميته، أما أن يمارسها الآمرون على المأمورين كعقوبة، فأرى فيها انتقاص من كرامة الطالب، وشتان ما بين الاثنين كما أظن وأعتقد..

كنت أرى عقوبة (الخسارة) أيضا خاطئة، خاصة وهي تطال راتب الطالب، ولكنها لا تطاله وحده، بل تطال أفراد عائلته في مأكلهم ومشربهم! أمقت كل عقوبة تعم، أو تتعدى مرتكب المخالفة، أو تصل إلى انتزاع شيئا من لقمة عيش أطفاله وأسرته..

تسحق وجودي العقوبات الجماعية التي يصدرها بعض الضباط الذين كان يخيل لي بأنهم مرضى بالسادية أكثر من كونهم قادة ينبغي اجلالهم وتقديرهم.. لقد كان لدي القائد الذي يستحق الإجلال هو السوي الذي يفرض احترامه بسلوكه الجيد، ويقدم شخصيته على نحو يصير معها نموذجا ومثالاً وقدوة، يحظى بحب طلابه واحترامهم.

لازلت أذكر عقوبة جماعية أرغمتنا على الصعود إلى قمة الجبل الشاهق والمسمى (a.r) كدت أسقط منه بسبب أن بيادتي علقت بسلك كان ممدودا على ظهر الجبل.. كنت مثقلا بحقيبة الظهر، وخوذة الحديد الثقيلة، والملابس الميدانية، وتوابعها "المجعبة".. أتكردحت وأنا نازل منه، وكدت أهوى من ظهر الجبل إلى اسفله.. صارت لدي عقدة رهاب أعاني منها، وقد كرّست عقدة رهاب أخرى قديمة، حالما كنت طفلا وتدحرجت من رأس الجبل، حتى حواني نتوء فيه، وكان تحته منحدر شديد، إن هويت فيه، سأتمزق إربا يصعب جمعها..

صار لدي رهاب مكرر من الأماكن المرتفعة، غير أن ما كان لدي أهم، إن الحادث الأخير لم يكن ناتجا عن تدريب عسكري أو حتى اختبار لياقة أو نحو ذلك مما يمكن تسويغه، ولكنه كان ناتجا عن عقوبة جماعية، نالتني دون أن ارتكب مخالفة.. لم استسيغ العقوبات الجماعية إلى اليوم إلا محمولا بالأديان وغضب الرب..

العقوبات الجماعية تطال الأبرياء والأطفال ومن رُفع عنهم القلم.. غضب يتم اطلاقه في غير محل.. لا استسيغ تلك العقوبات إلا من باب التسليم الواردة في الأديان، وليس إعمالا للعقل والفكر والمنطق..

كان إذا صدر خطأ أو صوت ينم عن احتجاج أو عدم رضا أو تململ ناقد أو صوت مشوش من أحد الطلاب في الطابور الصباحي ولا يستطيع الضابط المناوب معرفة مصدره ولا يرغب صاحب الصوت أو من يحيط به كشفه، لا يعمد الضابط إلى الإقناع ومحاولة إيجاد المنطق أو الطريقة التي تحمل هذا الطالب أو من يحيطون به على الاعتراف أو الشهادة عليه، بل يسارع بحمق إلى عقوبة جماعية كمنتقم ثأري؛ فيصدر أمره الجازم الذي لا يخلو من حمق وقلة حيلة، بعقاب كل الفصيلة، أو السرية أو الدفعة كاملة في بعض الأحيان ..

ما ذنب من لا يسمع مصدر الصوت لتناله العقوبة إذاً؟! إذا كانت الجريمة شخصية فما حدث هو دون الجريمة، إنها مخالفة تستحق الجزاء لمرتكبها، أو حتى لمن تواطأ معه، ولكن لا يجب أن تطال من لم يعلم، ومن لم يسمع الصوت الذي صدرت بسبه هذه العقوبة أو تلك، ولطالما تساءلت مع نفسي في هذا الأمر…!

كنت أشعر إن العقوبات الجماعية انتقام.. تدمير للقيم والأخلاق والحقوق.. تنكيل انتقامي ليس له علاقة بالرشد.. بل هو أسلوب انتقام ثأري أحمق لا يخلوا من عجز، وينم عن عُقد ومركب نقص، وربما يتحول من يستلذ به إلى خطر مدمر ومستبد إذا ما أمتلك السلطة والقرار.. العقوبات الجماعية أكثر السياسات سوءا ووبالا..

تبدت لي العقوبات العسكرية بانطوائها على قمع واستبداد وتراتبية صارمة.. لطالما مقتُ بعض القواعد التي يكرسون تعليمها في العسكرية.. أمقت تلك القاعدة المعمول بها والتي تقول : (نفذ ثم ناقش).. أشعر أن هذه القاعدة تلغي عقولنا وتحولنا إلى مجرد أدوات منفذة بيد من يقودونا لتنفيذ ما يريدون..

إنه يجري تحويلنا إلى أدوات منفذة غير واعية وغير عاقلة.. أشعر أن إنفاذ أ
وامر عمياء قد تجلب ضرراً فادحاً لنا ولغيرنا .. كثير من الجرائم في دورات العنف التي كان يشهدها الجنوب ترجع إلى مثل تلك الفداحة، وتلك الأوامر الخطيرة أحيانا، والتي تم الإمر بإنفاذها، فدمرت الوطن وكانوا ضحاياها أكثر من أن يعدّوا..

كثير هم من أنفذوا أوامر جلبت لأصحابها وللناس الهلاك والضرر الكبير.. كثير من إنفاذ الأوامر غير المناسبة نتج عنها مآسٍ مؤلمة وفادحة كان بالإمكان تفاديها لو تم استحضار قليل من العقل أو حتى التساؤل قبل تنفيذها، والتسبب بنتائجها المدمرة والمريرة التي لم نجتاز آثارها إلى اليوم ..

لكل ذلك، كنت أسأل نفسي: يبدو أن التحاقي بالسلك العسكري جاء عن طريق الخطأ.. ولكن من أين للمرء أن يدرك عواقب وتفاصيل كل المسارات التي يحلم بها! لطالما يجد المرء واقعا يختلف عن ذلك الحلم المرسوم في الذهن، ليكتشف أنه وقع في سوء تقدير كبير.

***
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
(6)
تعلُّم وتغيير واكتساب صفات
احمد سيف حاشد

الحركة النظامية التي كانت لا تروقني، وكثيرا ما تكدر صفوي، بل وكنت أمقتها، وأصب عليها اللعن، صارت بعد العام تثير فيني طربا ودمدمة شجون.. فبمجرد أن أسمع صوت الفرقة يتناغم، أو حتى الطبل بمفرده، أجد نفسي منسابا كالماء إليها دون شعور.. ضربات الطبل تحرك أعماقي كدوامة إعصار، تحفز أقدامي؛ فأجدها تضرب الأرض على إيقاع الطبل..

في الواحد والعشرين يوم، معهودا لي يوما بقيادتها وبحسب الدور، الفصيلة الأولى مشاة.. يتحسن أدائي حتى تجاوزت خجلي المعهود.. تجاوزت ما كنت أعاني من إعاقة في ضبط الحركة، وبلادة في تقدير ما يفعله الإيقاع.. صار طولي الفارع مع مدت ساقي، وضربات الطبل، تتوحد في مقام يعلو زهوا حتى بلغ القمة..

صرت أشعر وكأن هناك عملاقا نائم في أعماقي.. ما أن يسمع إيقاع الموسيقى ودقات الطبل، حتى ينهض كالمارد.. يرقص بنشوة فارس، وولعة مجنون عاشق.. ترقص أقدامي ومعها نياط وأوتار القلب.. كل شيء نائم يستيقظ، مع أول دقة.. عزف والحركة نظام.. يوم يتجدد، وعشق يتأجج، وطرب يشجي ما في النفس.. كل صار مدمج في روحي.. روحي راقصة لا تتعب.. راسي مملوء بالنشوة، وأقدامي تنجذب بلهفة شوق جارف نحو دمدمة الطبل، تسكر على إيقاعه، وكل يعزف ما راق للنفس وأسكر..

كانت خجولا إلى تلك الدرجة التي يخجل فيها المرء من صوته.. وبعد مضي الوقت في التدريب، تراجع خجلي وقلل من رفسه.. كان يرفسني من الداخل كحمار وحشي.. تحررت من بعض قيودي، ومن أسري الكابح لنفسي المخذولة.. صرت اصرخ بأعلى صوتي.. صار صوتي قويا كزمجرة الرعد، في وجه خجلي الذي يستعمرني حد الاستعباد.. تحررت كثيرا من وطأة خجلي الذي يمنع صوتي، أو يجعله مغلولا حد الصمت.. فاعتدل الأمر عمّا فات، وشعرت أن العسكرة صنعت فيني الفارق..

كانت أصرخ بالصوت (أخي).. كصوت المدفع أطلقها في أي تمام وبلاغ .. صرخة تحمل في معناها رفض للدونية.. ترفع مقامي العالي إلى أكبر قائد.. صرخة غير الصرخة في الشطر الآخر حاضر يا (فندم) .. حاضر ياسيدي..

تعلمت أن أكون مجتهدا أكثر في التعليم، حد مقاسمة جسدي المثقل بالإجهاد لأقل فسحة أو راحة خُص بها جسد كاد أن يفقد وعيه.. يرتاح هنيئة.. يستعيد فيها أنفاسه المقطوعة.. تعلمت الصبر وجالدت، وعبرت بحر العامين.. برنامج مكتظ وثقيل.. بين الميدان والمرمى والصف والركض طوال اليوم.. يبدأ من فجر الله، وينتهي في العاشرة ليلا، حين تُطفأ فيه أنوار مساكننا..

تعلمت الضبط والربط.. وقلقي مثل غليان الماء في المرجل.. منضبطا مثل الساعة، مضبوطا كريشة بين أنامل رسام ماهر.. لا أسمح للموعد أن يتباطئ، ولا يأخذوني الإهمال.. والأخطاء ابذل فيها ما في الوسع، إلا ما جاء بقدر وقضاء.. وفي الهامش مقبول وارد.. مواعيدي أحرسها بقلق جم.. احتاط دوما في الوقت، وفي الشدة احتاط أكثر، والذرب أكبر من موعد..

تخصصت مشاة، لأن القائد في الميدان مشاة.. جميع القادة تحت لواءه.. دبابات وصواريخ ومدافع، وحتى الطيران.. للمشاة الكل يُقاد، هذا المعروف وما كان يقال.. المشاة وزير دفاع، ورئيس هيئة أركان.. والجندي كما قال لينين، من لا يحلم أن يكون جنرالا فهو جندي خامل.

تعلمت أن أكون على درجة أكبر التزام ونظام.. إجمالا وتفاصيلا.. وضع حذاءك جوار عمود سريرك على خط بلاط، لا يخرج عنه سنتيمتر واحد.. والخوذة على الدولاب، وفرشك وملائتك وبطانيتك وملابسك على عطفات محسوبة بالأرقام.. نموذج والكل عليه.. أدوات طعامك ودولابك وما تحويه عتلتك وحقيبة ظهرك..

النظافة إلى أقصاها مدى.. ملبس مكوي ونظيف.. جزمة لابد ان تسحرك فيها اللمعه.. وعلى الرأس مهابة تاج.. وضع سريرك بمقاييس بلاط الغرفة.. كل يوم نظافة.. الغرفة ..الحمام.. الممشى ..الردهة.. محيط المبنى والميدان.. الحضور خلال ثواني إلى الطابور فور اطلاق الصفارة..

***
يتبع
بعض من تفاصيل حياتي
(7)
اعتز بنفسك.. ارفع رأسك .. أنت قائد
احمد سيف حاشد

لستُ من يعجب بقائده بسهولة.. أزدري منافقة القادة إلى حد بعيد.. لا اتملق ولا أشهد الزور.. لست من يحب قائده من أول وهلة.. أعيد النظر والتقييم مرارا.. أمقت المتملقين والانتهازيين والوصولين.. لا أزجي المديح ولا أميل للإطراء، إلا بقدر ما يستحقه القائد، وما يثيره فيني من إعجاب ودهشة، وما لديه من مصداقية وتواضع ونكران ذات.. لا أبحث في القائد عن الكمال، ولكنني أبحث عن الأفضل، الذي أجد فيه استحقاق أن يكون نموذجي ومثالي في حدود الممكن لا المستحيل.. هكذا أظن واعتقد أو أزعم هذا..

أكثر الذين أعجبت بهم في الكلية العسكرية، هو قائد الكلية أحمد صالح عليوه من محافظة شبوة.. وجدته قيادي فذ، وممتلئ، وصادق، وعلى مستوى عالي من الوعي والمسؤولية، ولا يعمد إلى فرض شخصيته إلا بوعيه وحنكته وتواضعه، وتميّزه، وما لديه من حكمة ومصداقية وشجاعة، وما تتمتع به شخصيته من حيوية ونشاط وألق وجاذبية..

في الوقت الذي أعجبت بأحمد صالح عليوه قائد الكلية، لم أُعجب بوزير الدفاع صالح مصلح.. أذكر أنني ذهبت أنا وصديقي محمد عبدالملك بعد التخرج من الثانوية للتسجيل والالتحاق بالكلية العسكرية؛ فقالوا لنا اذهبوا إلى بيت وزير الدفاع.. قصدنا بيت وزير الدفاع، وأبلغنا حراسته أننا نريد ابلاغه بوجودنا، ونريد مقابلته، أو تحديد موعد لمقابلته في الوقت والمكان الذي يحدده، غير أن الرد الذي جاءنا أن الوزير غير موجود، وبعد دقائق نتفاجأ بخروج الوزير بسيارته من البيت.. كان بإمكانه أن يقول لنا أي شيء إلا أن يكذب.. لم ايأس واستمريت بالمتابعة، وساعدني "حسن الأعور" النائب السياسي للمليشيا في معسكر عشرين في المتابعة، فيما صديقي محمد عبد الملك أُحبط وذهب ليلتحق بالتجنيد وتأدية الخدمة العسكرية..

كان أحمد صالح عليوه قائد عسكريا وتربويا محنكاً.. يمتلك شخصية قوية وجذابة تخطف إعجابنا وحبنا الكبير.. دأب يغرس في أعماقنا الاعتزاز بالنفس والثقة والشجاعة وقوة الشخصية.. مازال صوته الجهوري حياً في مسمعي وهو يقول: “طالب اعتز بنفسك.. ارفع رأسك.. أنت قائد.. ” كنت معجباً به وأشعر أنه ممتلئاً وأكثر من يستحق أن يكون قائداً لجيش بلد تستحقه.. أشعر أن ذكائه وقدرته وثقافته وحيويته كبيرة وفائقة..

كان رجلاً يمتلك قدرة قيادية فذة ومؤثرة، ويحظى باحترام وتقدير من يقودهم.. سمعت بعد سنوات أنهم أهملوا وحطموا ذلك القائد .. حطمه الفاشلون.. قالوا إنه أصيب بحالة نفسية، ثم رحل ليترك عالماً من الفاشلين.. آه يا بلد.. رجالك المخلصين والقادرين ينتهون إلى الجنون أو الضياع أو التلاشي.

كانت فصيلتنا هي الأولى مشاة، إنها من قوام ثلاث فصائل مشاة، والمشرف على الفصيلة الملازم عبد الرقيب ثابت الذي يدربنا مادة التكتيك أيضا، والحائز على المرتبة الأولى في دفعته الثامنة.. أردت أن أكون مثله الأول في دفعتي العاشرة.. أعجبت به لأنه كان يميل للإقناع والإفهام، ولا يذهب إلى طرق القسوة المُذلة التي تهتك المشاعر وتنتقص من كرامة الإنسان كما هو الحال لدى بعض أقرانه، وذلك على حساب صناعة الوعي والرفع من شأنه.. اليوم هذا القائد لم أعد أسمع به، وإنما صرت أسمع عن قادة إمعات دون وعي أو فكرة أو موقف أو انتماء للوطن.. قادة صغار أتباع منقادين آخر حسابات لديهم هو الوطن الذي لايعرفوه..

رفع الوعي هو الأمر الذي أتعلق به، وأقابله بتقدير واحترام .. الشخط والنخط والتعالي سلوك لا يروقني من الضباط، بل أشعر أن صاحبه يعاني من عقد نفسية ومركبات نقص.. أحب تواضع القادة دون أن أنال من حزمهم الذي أتفهم ضرورته في الحياة العسكرية.. وعي القائد وحزمه الواعي هو من يأسرني، وليس الحزم المهلل بالثقوب والعور..

تعلمتُ في الكلية العسكرية القيادة حيث كان على الطالب قيادة فصيلته لمدة 24 ساعة كلما أتى عليه الدور بالتناوب لكل واحد عشرين يوم .. لقد بدا لي هذا الدور في البداية صعبا، غير أنني ما أن كسرت هذا التهيب في المرة الأولى حتى صار الأمر عاديا إن لم يكن قد أستثار في أعماقي تحدّي ذلك الرجل الخجول الذي يتحول إلى قائد بكل ما للكلمة من معنى..

روحي متمردة وثائرة على كل سلطة أبوية تحت أي لباس أو مسمى.. أتمرد على كل سلطة تتجاهلني، أو تقلل من شأني، أو تريد أن تلغيني، أو تصادر عقلي وإرادتي وكينونتي.. القائد هو ذاك الذي يمارس الوعي ويرفع من شأنه ويمتلك الصفات التي تؤهله أو ترفعه إلى مصاف القيادة، وتجعل منه قائدا بجدارة..

***
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي