بعض تفاصيل حياتي
لم أعلم أن هناك من يروننا دونهم
احمد سيف حاشد
• خلال أكثر من خمسين عام من عمري، لم أكن أعرف أن هناك فئات سكانية أو مجتمعية في اليمن تحتقر مهنة دباغة الجلود والعاملين فيها، وتنظر إليهم بنظره دونية.. كانت الفكرة الراسخة في ذهني إننا ننتمي إلى طبقة الفقراء فحسب، ولم أعلم أن هناك فئات سكانية، وبيئات قبلية، وبدوية، ترانا دونها إلا في فترة متأخرة من حياتي.. ما كنت ألمسه في محيطي وغير محيطي الذي أعرفه أن مهنة دباغة الجلود، لا تختلف عن غيرها من المهن من وجهة نظر الوعي السائد في اليمن كله..
• ما كنت أعلمه في العهد الاشتراكي القائم في عدن ثم فيما تلاه، هو أن أبي بدأ حياته عاملا في مهنة دباغة وتفنيد الجلود، وأنه ينتمي للطبقة العاملة، وإننا ننتمي لطبقات الفقراء، أو قل إن شئت من أسر ذوي الدخل المحدود.. وقد وُجدت في جنوب اليمن إبان العهد الاشتراكي حماية قانونية، ونصوص عقابية لمن يعيّر أو يحتقر أو يسيء إلى أحد المواطنين بسبب انتمائه المهني، أو حتى الطبقي المتدني..
• بل أذكر في بعض ما تعلمته، من قانون العقوبات وشروحاته في كلية الحقوق بعدن، أنه إذا وجه أحدهم إهانة صاعقة أو احتقار شديد أو إساءة بالغة إليه، وأرتكب من وُجهت إليه هذه الإساءة البالغةـ جريمة فعل القتل ضده، تحت تأثير الهياج النفسي الشديد الناتجة عن تلك الإساءة البالغة، فلا يقاد القاتل به..
• وتفسر الشروحات هذا النص، وتعيد السبب؛ لأن فعل القتل تم ارتكابه من قبل الجاني في لحظة الهياج النفسي الشديد جرّا الإساءة البالغة الموجه له من المجني عليه، وعلى نحو أخرجت مرتكب الفعل عن حالته الطبيعية بشدة، فطار صوابه وعقله على نحو أفقده لحظتها الوعي بتقدير أفعاله، تحت تأثير الهياج النفسي الشديد الذي تسبب فيه المجني عليه.. والقانون النافذ أنذك في الجنوب ـ هو قانون جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والصادر في العام 1976 ـ والذي قيّد القاضي بالحد الأقصى للعقوبة وهي خمس سنوات سجن.
• هذه الحماية القانونية قد دعمتها أيضا وعززتها الثقافة السائدة، أو بالأحرى الوعي الاشتراكي السائد في الجنوب، والذي كان منحاز أيديولوجيا لصالح طبقات الفقراء، أو ما كان يسميهم طبقات العمال والفلاحين، وكذا الشرائح الفئات الأخرى مثل الحرفيين والصيادين، أو من يعتبرهم إجمالا بـ "أصحاب المصلحة الحقيقية في الثورة"..
• بل ووصل الأمر بهذا الوعي إلى الحد الذي جعلنا نعتز بهذا الانتماء، ونجل فقرنا باعتزاز، ولم نشعر بأي انتقاص يوما بسبب المهنة، أو تدني المستوى الاجتماعي لنا، وأكثر من هذا، كانت توجد إجراءات اقتصادية، واهتمام لافت وبحماس فياض، يتم بذله من قبل السلطات نحو شريحة المهمشين، والعمل على رفع مستواهم الاقتصادي والتعليمي والاجتماعي، وبذل محاولات كثيرة ومتتابعة لإعادة دمجهم في المجتمع، ولاسيما في عهد الرئيس سالم ربيع علي والمشهور بـ "سالمين"..
• وكانت من الهتافات الأخاذة والآسرة في ذلك الحين، والتي سمعتها بنفسي من قبل المهمشين أثناء دراستي الإعدادية في طور الباحة في سبعينات القرن المنصرم هتاف "سالمين قدام قدام سالمين ماحناش أخدام سالمين عمال بلدية سالمين منشاش اذية " وتم منع وصف أي عامل بلدية بالخادم كما كان.
*
يتبع
لم أعلم أن هناك من يروننا دونهم
احمد سيف حاشد
• خلال أكثر من خمسين عام من عمري، لم أكن أعرف أن هناك فئات سكانية أو مجتمعية في اليمن تحتقر مهنة دباغة الجلود والعاملين فيها، وتنظر إليهم بنظره دونية.. كانت الفكرة الراسخة في ذهني إننا ننتمي إلى طبقة الفقراء فحسب، ولم أعلم أن هناك فئات سكانية، وبيئات قبلية، وبدوية، ترانا دونها إلا في فترة متأخرة من حياتي.. ما كنت ألمسه في محيطي وغير محيطي الذي أعرفه أن مهنة دباغة الجلود، لا تختلف عن غيرها من المهن من وجهة نظر الوعي السائد في اليمن كله..
• ما كنت أعلمه في العهد الاشتراكي القائم في عدن ثم فيما تلاه، هو أن أبي بدأ حياته عاملا في مهنة دباغة وتفنيد الجلود، وأنه ينتمي للطبقة العاملة، وإننا ننتمي لطبقات الفقراء، أو قل إن شئت من أسر ذوي الدخل المحدود.. وقد وُجدت في جنوب اليمن إبان العهد الاشتراكي حماية قانونية، ونصوص عقابية لمن يعيّر أو يحتقر أو يسيء إلى أحد المواطنين بسبب انتمائه المهني، أو حتى الطبقي المتدني..
• بل أذكر في بعض ما تعلمته، من قانون العقوبات وشروحاته في كلية الحقوق بعدن، أنه إذا وجه أحدهم إهانة صاعقة أو احتقار شديد أو إساءة بالغة إليه، وأرتكب من وُجهت إليه هذه الإساءة البالغةـ جريمة فعل القتل ضده، تحت تأثير الهياج النفسي الشديد الناتجة عن تلك الإساءة البالغة، فلا يقاد القاتل به..
• وتفسر الشروحات هذا النص، وتعيد السبب؛ لأن فعل القتل تم ارتكابه من قبل الجاني في لحظة الهياج النفسي الشديد جرّا الإساءة البالغة الموجه له من المجني عليه، وعلى نحو أخرجت مرتكب الفعل عن حالته الطبيعية بشدة، فطار صوابه وعقله على نحو أفقده لحظتها الوعي بتقدير أفعاله، تحت تأثير الهياج النفسي الشديد الذي تسبب فيه المجني عليه.. والقانون النافذ أنذك في الجنوب ـ هو قانون جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والصادر في العام 1976 ـ والذي قيّد القاضي بالحد الأقصى للعقوبة وهي خمس سنوات سجن.
• هذه الحماية القانونية قد دعمتها أيضا وعززتها الثقافة السائدة، أو بالأحرى الوعي الاشتراكي السائد في الجنوب، والذي كان منحاز أيديولوجيا لصالح طبقات الفقراء، أو ما كان يسميهم طبقات العمال والفلاحين، وكذا الشرائح الفئات الأخرى مثل الحرفيين والصيادين، أو من يعتبرهم إجمالا بـ "أصحاب المصلحة الحقيقية في الثورة"..
• بل ووصل الأمر بهذا الوعي إلى الحد الذي جعلنا نعتز بهذا الانتماء، ونجل فقرنا باعتزاز، ولم نشعر بأي انتقاص يوما بسبب المهنة، أو تدني المستوى الاجتماعي لنا، وأكثر من هذا، كانت توجد إجراءات اقتصادية، واهتمام لافت وبحماس فياض، يتم بذله من قبل السلطات نحو شريحة المهمشين، والعمل على رفع مستواهم الاقتصادي والتعليمي والاجتماعي، وبذل محاولات كثيرة ومتتابعة لإعادة دمجهم في المجتمع، ولاسيما في عهد الرئيس سالم ربيع علي والمشهور بـ "سالمين"..
• وكانت من الهتافات الأخاذة والآسرة في ذلك الحين، والتي سمعتها بنفسي من قبل المهمشين أثناء دراستي الإعدادية في طور الباحة في سبعينات القرن المنصرم هتاف "سالمين قدام قدام سالمين ماحناش أخدام سالمين عمال بلدية سالمين منشاش اذية " وتم منع وصف أي عامل بلدية بالخادم كما كان.
*
يتبع
بعض تفاصيل حياتي
كم أنت عظيما يا أبي.. محدثة
احمد سيف حاشد
• بعد انقطاع طال بين أبي ومهنته السابقة، عاد أبي مرة أخرى إليها مضطرا، بعد أن ألجأته إليها مسيس الحاجة والعوز، وبعد أن نفذ ما يملك ويدخر من مال، وبعد تشرد طاله لسنوات، على إثر مقتل أخي علي سيف حاشد في القرية، ومُلاحقة والدي من قبل سلطة صنعاء في ذلك الحين، والتي كانت تسعى لاعتقاله دون أن يقترف أي جريمة أو ذنب غير حمله لحزن ثقيل أناخ على كاهله بمقتل ولده علي.
• استمر أبي بهذا العمل للمرة الثانية "دباغة وتفنيد الجلود" قرابة السنتين أو أكثر، في حي "الخساف" بـ"كريتر" في ثمانينات القرن المنصرم، لدى صديقه الودود محمد عبد الحميد، رغم استمرار معاناة والدي من نوبات السعال الليلي، الناتجة عن عمله السابق بنفس المهنة في شركة "البس"..
• كان عمل أبي في دباغة وتفنيد الجلود هذه المرة مضطرا أكثر من المرة السابقة، وآثر والدي العمل في هذه المهنة التي يجيدها، أو كانت متأتية له للعمل بها، رغم أثرها على مستوى صحته، أو بالأحرى على ما بقي لديه من صحة.. وبين العمل في بداية العمر وغاربة، عمر مديد وعمل كديد، وصحة تذوي ولكنها تقاوم بعناد وصبر لا ينفذ إلا بطلوع الروح..
• هكذا هم الفقراء يؤثرون العمل على الصحة، مهما كان خطرا عليها أو مهددا لها.. أنهم يؤثرون العمل على ما عداه، وإن كان فيه تراجع أو تلاشي أكبر أو محتمل للصحة.. يموتون وهم يعملون بمثابرة دون أن يكلّون أو يملّون، وذلك من أجل أن يعيلوا أسرهم بالرزق الحلال المندّى بعرق الجبين، ولو بما يفي بالحد الأدنى من كرامتهم، وكرامة أسرهم المحرومة من الكثير، ودون أن يخطر لهم بال، أو هاجس شيطان عابر، أو شيطان يجوس في الحمى، ليمارس النهب أو القتل، أو جلب "الفيد" والغنيمة من تحت ظلال السيوف، أو يجني المال الوفير من مصدر مشبوه، أو عمل غير مشروع.. إنني أعترف لأباءنا.. لقد كان آباءنا كبارا بحق وجدارة..
• عرفت أبي خلال مسيرة حياته أنه يقدس العمل، ويقدس مواعيده بدقة حد القلق، ويعمل بمثابرة دون تواني أو كسل، ويبذل جل اهتمامه وعنايته في العمل، ويسعى بمثابرة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الإنجاز.. وينام مُرهقا ولكنه مستريح الضمير، ويقوم باكرا من فراشة، وبنشاط متجدد، ويقضه وجذوة، تستمر معه طوال ساعات العمل..
• في صنعاء خلال سنوات الحرب كتبت منشورا على صفحتي في "الفيسبوك" معتزا بمهنة والدي المتواضعة، ولأول مرة عرفت من صديقي ورفيقي القاضي عبدالوهاب قطران أن مهنة دباغة الجلود لدى بعص مناطق وقبائل الشمال مهنة محتقرة، ويعتبروا أصحابها ناقصين أصل، مثلهم مثل المزاينة والحلاقين والجزارين، ومن في مستواهم، أو دونهم.. فيما بدا لي الأمر، أن دبّاغين الجلود قد تم إلحاقهم بالجزارين أو هم دونهم درجة في نظرة جل من يتعاطى مع هذه التراتبية الاجتماعية أو العنصرية الفجة وعيا وممارسة..
• وعرفت شيئا آخر أثناء حديثي مع زميلي ورفيقي في الكلية العسكرية "حسين" من الجوف، والذي ألتقيت به خلال فترة هذه الحرب الظالمة، وعرفت منه أن البيع والشراء إلى تاريخ غير بعيد، كانت لدى بعض قبائل الجوف معيبة على من يمتهنها، وإنها من وجهة نظر هؤلاء مهنة غير مرغوبة، وغير محترمة، ويلحق العيب بمن يمارسها..
• هكذا يتم قلب المفاهيم والقيم رأسا على عقب، أو أن منتجي تلك القيم هم المقلوبين على رؤوسهم، وبالتالي ينتجون مفاهيما وقيما خاطئة، وبعضها مقلوبة كوضعهم المقلوب، معتقدين سويتها واستقامتها، ليتحول في نظرهم من يمارس العمل الشريف، ومن يأكل من عرق الجبين، مقذوفا بالعيب، ولعنات تلاحقهم كقدر لا مفر منه، هم وبنيهم ومن تناسل منهم.. تدركهم اللعنة لتدمغهم بالعيب والانتقاص والاحتقار والازدراء العنصري الناتج في حقيقته عن خواء عميق في الوعي، وبداوة بدائية غارقة بالقدم، وتفكير زائف، ومنطق سطحي متخلف، أو غارق بالتخلف..
• بيد أن الأهم الذي وجدته أكثر أسى، وأثار فيني كثير من الحزن العميق، ويحكي مفارقة مؤلمة، هو أنني علمتُ أن صديق بمستوى عالي جدا من العلم والثقافة والخُلق والتربية في العاصمة صنعاء، تقدم شاب لخطبة ابنته عبر وسيط، وطلب هذا الصديق من الوسيط التأكد من انتمائه وأصله، والتحري عمّا إذا كان لا ينتمي إلى فيئة المزاينة أو من في حكمهم، وذلك لتحديد الموافقة المبدئية على زواج ابنته من عدمه، رغم ما لدى هذا الشاب من دماثة الخلق، ومستوى تعليمي ومهني يليق..
• راعني ما سمعت.. ولكن لم يقلل هذا بحال من اعتزازي الكبير بعمل والدي، وبكل المهن الذي مارسها طيلة حياته.. ولم انتقص أنا يوما من إنسانية أي فيئة اجتماعية، وأمقت التصنيف العنصري، وتراتبية الأصول التي تؤدي لحصر الأصول الناقصة واحتقارها، وأزدري الاصطفاء، وأرفض التفكير النمطي التقليدي القائم على تراتبية فيها احتقار الإنسان لأخيه الإنسان..
• زدت اعتزازا بمهنة والدي، ونظرت لها ببعد آخر غير البعد الذي ينظر إليها بعض من يعانوا عقد النقص وخلل في الدماغ، أو تلف في مراكز الوع
كم أنت عظيما يا أبي.. محدثة
احمد سيف حاشد
• بعد انقطاع طال بين أبي ومهنته السابقة، عاد أبي مرة أخرى إليها مضطرا، بعد أن ألجأته إليها مسيس الحاجة والعوز، وبعد أن نفذ ما يملك ويدخر من مال، وبعد تشرد طاله لسنوات، على إثر مقتل أخي علي سيف حاشد في القرية، ومُلاحقة والدي من قبل سلطة صنعاء في ذلك الحين، والتي كانت تسعى لاعتقاله دون أن يقترف أي جريمة أو ذنب غير حمله لحزن ثقيل أناخ على كاهله بمقتل ولده علي.
• استمر أبي بهذا العمل للمرة الثانية "دباغة وتفنيد الجلود" قرابة السنتين أو أكثر، في حي "الخساف" بـ"كريتر" في ثمانينات القرن المنصرم، لدى صديقه الودود محمد عبد الحميد، رغم استمرار معاناة والدي من نوبات السعال الليلي، الناتجة عن عمله السابق بنفس المهنة في شركة "البس"..
• كان عمل أبي في دباغة وتفنيد الجلود هذه المرة مضطرا أكثر من المرة السابقة، وآثر والدي العمل في هذه المهنة التي يجيدها، أو كانت متأتية له للعمل بها، رغم أثرها على مستوى صحته، أو بالأحرى على ما بقي لديه من صحة.. وبين العمل في بداية العمر وغاربة، عمر مديد وعمل كديد، وصحة تذوي ولكنها تقاوم بعناد وصبر لا ينفذ إلا بطلوع الروح..
• هكذا هم الفقراء يؤثرون العمل على الصحة، مهما كان خطرا عليها أو مهددا لها.. أنهم يؤثرون العمل على ما عداه، وإن كان فيه تراجع أو تلاشي أكبر أو محتمل للصحة.. يموتون وهم يعملون بمثابرة دون أن يكلّون أو يملّون، وذلك من أجل أن يعيلوا أسرهم بالرزق الحلال المندّى بعرق الجبين، ولو بما يفي بالحد الأدنى من كرامتهم، وكرامة أسرهم المحرومة من الكثير، ودون أن يخطر لهم بال، أو هاجس شيطان عابر، أو شيطان يجوس في الحمى، ليمارس النهب أو القتل، أو جلب "الفيد" والغنيمة من تحت ظلال السيوف، أو يجني المال الوفير من مصدر مشبوه، أو عمل غير مشروع.. إنني أعترف لأباءنا.. لقد كان آباءنا كبارا بحق وجدارة..
• عرفت أبي خلال مسيرة حياته أنه يقدس العمل، ويقدس مواعيده بدقة حد القلق، ويعمل بمثابرة دون تواني أو كسل، ويبذل جل اهتمامه وعنايته في العمل، ويسعى بمثابرة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الإنجاز.. وينام مُرهقا ولكنه مستريح الضمير، ويقوم باكرا من فراشة، وبنشاط متجدد، ويقضه وجذوة، تستمر معه طوال ساعات العمل..
• في صنعاء خلال سنوات الحرب كتبت منشورا على صفحتي في "الفيسبوك" معتزا بمهنة والدي المتواضعة، ولأول مرة عرفت من صديقي ورفيقي القاضي عبدالوهاب قطران أن مهنة دباغة الجلود لدى بعص مناطق وقبائل الشمال مهنة محتقرة، ويعتبروا أصحابها ناقصين أصل، مثلهم مثل المزاينة والحلاقين والجزارين، ومن في مستواهم، أو دونهم.. فيما بدا لي الأمر، أن دبّاغين الجلود قد تم إلحاقهم بالجزارين أو هم دونهم درجة في نظرة جل من يتعاطى مع هذه التراتبية الاجتماعية أو العنصرية الفجة وعيا وممارسة..
• وعرفت شيئا آخر أثناء حديثي مع زميلي ورفيقي في الكلية العسكرية "حسين" من الجوف، والذي ألتقيت به خلال فترة هذه الحرب الظالمة، وعرفت منه أن البيع والشراء إلى تاريخ غير بعيد، كانت لدى بعض قبائل الجوف معيبة على من يمتهنها، وإنها من وجهة نظر هؤلاء مهنة غير مرغوبة، وغير محترمة، ويلحق العيب بمن يمارسها..
• هكذا يتم قلب المفاهيم والقيم رأسا على عقب، أو أن منتجي تلك القيم هم المقلوبين على رؤوسهم، وبالتالي ينتجون مفاهيما وقيما خاطئة، وبعضها مقلوبة كوضعهم المقلوب، معتقدين سويتها واستقامتها، ليتحول في نظرهم من يمارس العمل الشريف، ومن يأكل من عرق الجبين، مقذوفا بالعيب، ولعنات تلاحقهم كقدر لا مفر منه، هم وبنيهم ومن تناسل منهم.. تدركهم اللعنة لتدمغهم بالعيب والانتقاص والاحتقار والازدراء العنصري الناتج في حقيقته عن خواء عميق في الوعي، وبداوة بدائية غارقة بالقدم، وتفكير زائف، ومنطق سطحي متخلف، أو غارق بالتخلف..
• بيد أن الأهم الذي وجدته أكثر أسى، وأثار فيني كثير من الحزن العميق، ويحكي مفارقة مؤلمة، هو أنني علمتُ أن صديق بمستوى عالي جدا من العلم والثقافة والخُلق والتربية في العاصمة صنعاء، تقدم شاب لخطبة ابنته عبر وسيط، وطلب هذا الصديق من الوسيط التأكد من انتمائه وأصله، والتحري عمّا إذا كان لا ينتمي إلى فيئة المزاينة أو من في حكمهم، وذلك لتحديد الموافقة المبدئية على زواج ابنته من عدمه، رغم ما لدى هذا الشاب من دماثة الخلق، ومستوى تعليمي ومهني يليق..
• راعني ما سمعت.. ولكن لم يقلل هذا بحال من اعتزازي الكبير بعمل والدي، وبكل المهن الذي مارسها طيلة حياته.. ولم انتقص أنا يوما من إنسانية أي فيئة اجتماعية، وأمقت التصنيف العنصري، وتراتبية الأصول التي تؤدي لحصر الأصول الناقصة واحتقارها، وأزدري الاصطفاء، وأرفض التفكير النمطي التقليدي القائم على تراتبية فيها احتقار الإنسان لأخيه الإنسان..
• زدت اعتزازا بمهنة والدي، ونظرت لها ببعد آخر غير البعد الذي ينظر إليها بعض من يعانوا عقد النقص وخلل في الدماغ، أو تلف في مراكز الوع
ي، وتشوّه في التربية، والتنشئة الخاطئة.. وفي واقع مثل هذا، تخليت نفسي مثل شجرة السدر أو نبتة الصبار، أو شجرة التين الشوكي النابتة في قلب الصخر، أو في صفاء الجبل الأمرد، وقد تحدت كل الظروف الطاردة للحياة، وعاشت رغم أنف وقسوة الظروف، وشمخت متحدية وباسقة، بل وزادت تزهر وتثمر، في أعز الفصول ضيقا، وكأن وجودها المعاند، فيه حكمة ومقاومة لوجع الطبيعة، وتحدى ظروفها القاتلة، وتشمخ برأسها علوا، وتزهر أطرافها باللون الزهي، وتعطي النحل والناس رحيق العسل، وكلما فيه علاجا وشفاء وطعم ألذ..
• أعتز أنني ابن هذا الأب المكافح، الذي أنتمي إليه، وصار ولده نائبا للشعب، ويمثله بما يليق به، وقد حرصت وأنا أختار أن أكون لا منتمي، أو أكون نائبا برلمانيا مستقلا بحق وحقيقة.. صاحب رأي وموقف حر ومستقل، وأن يكون "الشريم شعاري" وأن يتكثف وعدي الانتخابي المقرون بصورتي بعبارة "انتخبوا من يمثلكم لا من يمثل بكم"
• أغلب الظن أو كما أتخيل نفسي أنني لازلت حريصا ووفيا لهذا الشعب المنكوب بمن قادوه وتسلطوا عليه من أعالي القوم وأشرافه.. لازلت وفيا للعهد والوعد الذي قطعته يوما للوطن، وقد خان أسياد القوم شعبهم، وسقطت المنازل الرفيعة في القيعان السحيقة، وسيكنس التاريخ يوما أصحاب المراتب العالية إلى مزابله المنتنة، وكل من جلبوا لهذا الشعب الكوارث العظام، ومارسوا بحقه الخيانات الكبار بتمادي بالغ، ومجاهرة فجة وصارخة، وأتوا بالعار الذي لا يُمحى ولا يزول إلى اليمن..
• وللخلاصة أنا أمقت التفكير النمطي، في التراتبيات الاجتماعية المتخلفة، أو القائمة على الأصل، أو الحسب والنسب، أو التفكير العنصري بكل مسمياته، وأرفض العصبيات المنتنة، وضخ الكراهية التي تستهدف الوطن في عمقه ووحدته ومستقبله..
وفي مسك الختام هنا لا بأس أن أقول وفاء: كم أنت عظيما يا أبي
***
يتبع
• أعتز أنني ابن هذا الأب المكافح، الذي أنتمي إليه، وصار ولده نائبا للشعب، ويمثله بما يليق به، وقد حرصت وأنا أختار أن أكون لا منتمي، أو أكون نائبا برلمانيا مستقلا بحق وحقيقة.. صاحب رأي وموقف حر ومستقل، وأن يكون "الشريم شعاري" وأن يتكثف وعدي الانتخابي المقرون بصورتي بعبارة "انتخبوا من يمثلكم لا من يمثل بكم"
• أغلب الظن أو كما أتخيل نفسي أنني لازلت حريصا ووفيا لهذا الشعب المنكوب بمن قادوه وتسلطوا عليه من أعالي القوم وأشرافه.. لازلت وفيا للعهد والوعد الذي قطعته يوما للوطن، وقد خان أسياد القوم شعبهم، وسقطت المنازل الرفيعة في القيعان السحيقة، وسيكنس التاريخ يوما أصحاب المراتب العالية إلى مزابله المنتنة، وكل من جلبوا لهذا الشعب الكوارث العظام، ومارسوا بحقه الخيانات الكبار بتمادي بالغ، ومجاهرة فجة وصارخة، وأتوا بالعار الذي لا يُمحى ولا يزول إلى اليمن..
• وللخلاصة أنا أمقت التفكير النمطي، في التراتبيات الاجتماعية المتخلفة، أو القائمة على الأصل، أو الحسب والنسب، أو التفكير العنصري بكل مسمياته، وأرفض العصبيات المنتنة، وضخ الكراهية التي تستهدف الوطن في عمقه ووحدته ومستقبله..
وفي مسك الختام هنا لا بأس أن أقول وفاء: كم أنت عظيما يا أبي
***
يتبع
احمد سيف حاشد
في جبهة نهم الأحكوم اعتقال أم إقبال الحكيمي وأختها فادية وبنت أختها أزهار
فيما سبق الإفراج عن المشرف أبو خليل
في جبهة نهم الأحكوم اعتقال أم إقبال الحكيمي وأختها فادية وبنت أختها أزهار
فيما سبق الإفراج عن المشرف أبو خليل
بوا وأعدموا معه..
أنا من تسكنه تحدي ذلك الإسكافي العظيم (ماسح الأحذية) الذي صار رئيسا لأكثر من مائتين مليون نسمة في البرازيل خامس أكبر دولة في العالم، سواء من حيث المساحة الجغرافية أو عدد السكان.
*
أنا من يجد إلهامه في غاندي ذلك العظيم الذي أسس مدرسة عظيمة في النضال السلمي، وجعل من الهند متعددة الأعراق والقوميات والأديان والطوائف والثقافات بلاد متعايشة ومتنوعة .. الهند أمة المليار نسمة الثانية في العالم من حيث عدد السكان والسابعة من حيث المساحة والاقتصاد.
*
أنا من جُبلت على التسامح، ووجدت في ذلك العظيم نلسون منديلا المناضل الأفريقي الأسود قدوة ومثالا وملهما.. مانديلا الذي ناهض سياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا ومكث في سجون نظامه أكثر من 27 عاما وخرج منها غير حاقد أو منتقم..
منديلا الذي منح عفوا فرديا لكل من يدلي بشهادته حول الجرائم التي ارتكبت وبجلسات سماع استمرت عامين حول عمليات الاغتصاب والتعذيب والتفجيرات والاغتيالات، وهو ما ساعد خروج جنوب أفريقيا من ماضيها الثقيل، والابتعاد عنه والتركيز على الحاضر والمستقبل.
أنا من أجد نفسي في كل إنسان..
أنا إنسان.
***
يتبع..
أنا من تسكنه تحدي ذلك الإسكافي العظيم (ماسح الأحذية) الذي صار رئيسا لأكثر من مائتين مليون نسمة في البرازيل خامس أكبر دولة في العالم، سواء من حيث المساحة الجغرافية أو عدد السكان.
*
أنا من يجد إلهامه في غاندي ذلك العظيم الذي أسس مدرسة عظيمة في النضال السلمي، وجعل من الهند متعددة الأعراق والقوميات والأديان والطوائف والثقافات بلاد متعايشة ومتنوعة .. الهند أمة المليار نسمة الثانية في العالم من حيث عدد السكان والسابعة من حيث المساحة والاقتصاد.
*
أنا من جُبلت على التسامح، ووجدت في ذلك العظيم نلسون منديلا المناضل الأفريقي الأسود قدوة ومثالا وملهما.. مانديلا الذي ناهض سياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا ومكث في سجون نظامه أكثر من 27 عاما وخرج منها غير حاقد أو منتقم..
منديلا الذي منح عفوا فرديا لكل من يدلي بشهادته حول الجرائم التي ارتكبت وبجلسات سماع استمرت عامين حول عمليات الاغتصاب والتعذيب والتفجيرات والاغتيالات، وهو ما ساعد خروج جنوب أفريقيا من ماضيها الثقيل، والابتعاد عنه والتركيز على الحاضر والمستقبل.
أنا من أجد نفسي في كل إنسان..
أنا إنسان.
***
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
أنا ابن الدباغ .. الإنسان
احمد سيف حاشد
• بعد ما قاله لي صديقي حسين، وما كشفه لي رفيقي عبدالوهاب قطران عن معنى انتمائي وأمثالي في المخيال الشعبي، لدى بعض قبائل ومناطق اليمن، أو بعض المجتمعات المحلية فيها، وما يلحق صاحبها من الانتقاص والنظرة الدونية، لم أخجل ولم أتخفِ ولم أحاول جبر ما بدا مكسورا، أو ستر ما أنكشف، بل على العكس، دافعت عما أعتقد باعتزاز يليق، ولم أخش من معايرة، ولم أتحرج من عمل والدي، أو من المهن التي أرتادها خلال تاريخ حياته، بل اعتزيت بنفسي كثيرا، وبأبي الذي حفر بالصخر من أجلنا لنعيش بكرامة، واعتززت بانتمائي الذي استطاع أن يحجز له مكانا في الصخر الصلد، وبتحدي مضاعف، ليكون وأكون كما يجب..
• غير أن الأهم أنني لم أنجر إلى البحث عن عصبية صغيرة مقابلة، تقتل أو تشوّه الإنسان الكبير الذي يملاني، ويسكن وعيي، ويدأب إلى تحصيني من أي هشاشة تعتريني، ولم أتنازل عن الضابط الاخلاقي المنسجم مع هذا الإنسان الذي يسكنني، والإنسان الذي أبحث عنه خارجي، وخارج انتمائي..
• ولا يعني هذا أنني لا أقاوم، ولا أهاجم الاستصغار الذي يحيط بي، أو يحاول أن ينال منّا كشرائح وفئات مجتمعية، من حقها أن تحظى بحقوقها كاملة، وأولها حق المواطنة.. ولم ابحث يوما عن انتماء آخر لا يليق بي كإنسان أولا.. وفي هذا السياق وإطار ما أشرت، كتبت تحت عنوان "أنا إنسان" التالي:
أنا لست ابن السماء .. أنا ابن الدباغ الذي يثور على واقعه كل يوم دون أن يكل أو يمل أو يستسلم لغلبة..
أنا ابن الدباغ الذي لا يستسلم لأقداره، ولا ينوخ، وإن كانت البلايا بثقل الجبال الثقال.. ابن الدباغ المجالد الذي يعترك مع ما يبتليه، ويقاوم حتى النزع الأخير..
ابن الدباغ الذي يتمرد على مجتمع لازال يقدس مستبديه.. ابن الدباغ الذي يقاوم نظام لا يستحي عندما يدّعي.. نظام يدعي العدل، وهو يتعالى على الوطن الكبير.. يخصخص المواطنة، ويغيب المساواة، وينشر الفقر كالظلام الكثيف، ويحبس الحرية في محبس من حديد..
أنا الحر الذي يجرّم القتل ولا يستسهله، ولا يشرب الدم ولا يسفكه، ولكنه متهما بشرب الكحول..
أنا ابن لأب لا يبيع الموت ولا يهديه ولا يجعله مقاسا للرجولة أو معبرا للبطولة..
أنا ابن صانع الحلوى والبائع لها، يأكل من كده وعرق الجبين .. أنا ابن أب يصنع الحلوى ويهديها للأصدقاء والفقراء المعدمين..
أنا ابن صانع الحلوى .. ابن الحياة.. أرفض الحرب والمآسي العراض، ولن أكون يوما من صّناعها أو تجّارها، ولم أعش يوما عليها، ولم ابنِ مجدا على جماجمها الكثيرة، ولم أحتفِ يوما باتساع المقابر، أو بطوابير النعوش الطويلة، ولم أطرب لركام الضحايا الكبير، ولم أضخ الكراهية، وغلائل الحقد التي لا تنتهي.
*
وفي مناسبة وتاريخ آخر كتبت:
أنا لم أقِم الحزن يوما في مبيتٍ
لا أبيع الوهم والأفيون للمرضى
لا ادفع الناس أفواجا للمهالك
أنا لا أنشر الموت بين الناس وعدا
في حياة أخرى ودار ثانية..
وأداري تحت العمامة ألف جزار وجلاد وليل..
إن شربت الكيف خلسه، فإلى الله أسافر..
لا أنافق.. لا أزايد..
ولا آم القوم ثملا في صلاة كالوليد ابن عقبة
ولا أنام الليل فوق نهود العذارى
وحلمات الجواري كالخليفة هارون الرشيد
*
أنا لا أفاخر بهندِ ولا بمن تأكل الأكباد.. ولا أفاخر بنسب أو قبيلة أو بقاتل.. أنا بقابيل لا أكترث..
لا أتسول التاريخ زادي، ولا أدعي فيه سلطان وميراث.. ولا أدّعي حقا من قبل آدم وحواء، أو ما قبل الثريا..
أنا لست من ماء السماء، ولا سليل من علي و فاطمة.. أنا الفتى ابن أبي .. وأبي ذلك الدبّاغ الذي كابد الدهر، وعانا العناء، وأقتات من عرق الجبين..
*
وحتى لا تُفهم الأنا المكررة فيما سبق غرقا في النرجسية أو الأنانية أو العصبية المقابلة كتبت:
عندما أقول أنا، فليست هي الأنا المثقلة بالأنانية والاستحقاق الغير مشروع؛ لاسيما عندما تقذف بها في وجه الظالم المستبد، أو تحاول بها إزاحة الظلم الكبير الذي يثقل كاهلك..
انها الأنا المعتزة التي ترمي بها غرور من لا زال يراك دونه هوية ومواطنة، ويدّعي خيلاء ومكابرة في الألفية الثلاثة أنه من ماء السماء، و يراك مجرد كائنا يدب على أربع جاء من روث الحمير..
إنها "أنا" المقاومة التي تقذف بها وجه من يختزل الوطن بشخصه، أو يحصرها في نسل أو قبيلة أو جغرافية صغيرة..
المثقف العضوي يجب أن يكون في الطليعة من أجل الناس، وقد قالها يوما ممن ينتمي لهم رانيا لمستقبل نتطلع إليه، قالها بمعنى: طالما أنك تعبر عن حقوق ومستقبل الناس، وتعبر عن تطلعات شعبك، فأنت تصير الشعب مهما كنت قليلا..
أنا الحالم ابن كل هؤلاء الأحبة .. أنتمي للحلم الكبير كبر المجرة، بل كبر هذا الكون الفسيح الذي يكسر محبسه ويسافر للبعيد دون حدود أو منتهى.
*
وكشفا لمن أراهم ملهمين لي وأشعر بانتمائي لهم كتبت:
أنا من تسكنه روح قائد ثورة العبيد “سبارتاكوس” الذي ثار ضد الاسترقاق في عهد العبودية الثقيل، له المجد والخلود ولمن قتلوا وصل
أنا ابن الدباغ .. الإنسان
احمد سيف حاشد
• بعد ما قاله لي صديقي حسين، وما كشفه لي رفيقي عبدالوهاب قطران عن معنى انتمائي وأمثالي في المخيال الشعبي، لدى بعض قبائل ومناطق اليمن، أو بعض المجتمعات المحلية فيها، وما يلحق صاحبها من الانتقاص والنظرة الدونية، لم أخجل ولم أتخفِ ولم أحاول جبر ما بدا مكسورا، أو ستر ما أنكشف، بل على العكس، دافعت عما أعتقد باعتزاز يليق، ولم أخش من معايرة، ولم أتحرج من عمل والدي، أو من المهن التي أرتادها خلال تاريخ حياته، بل اعتزيت بنفسي كثيرا، وبأبي الذي حفر بالصخر من أجلنا لنعيش بكرامة، واعتززت بانتمائي الذي استطاع أن يحجز له مكانا في الصخر الصلد، وبتحدي مضاعف، ليكون وأكون كما يجب..
• غير أن الأهم أنني لم أنجر إلى البحث عن عصبية صغيرة مقابلة، تقتل أو تشوّه الإنسان الكبير الذي يملاني، ويسكن وعيي، ويدأب إلى تحصيني من أي هشاشة تعتريني، ولم أتنازل عن الضابط الاخلاقي المنسجم مع هذا الإنسان الذي يسكنني، والإنسان الذي أبحث عنه خارجي، وخارج انتمائي..
• ولا يعني هذا أنني لا أقاوم، ولا أهاجم الاستصغار الذي يحيط بي، أو يحاول أن ينال منّا كشرائح وفئات مجتمعية، من حقها أن تحظى بحقوقها كاملة، وأولها حق المواطنة.. ولم ابحث يوما عن انتماء آخر لا يليق بي كإنسان أولا.. وفي هذا السياق وإطار ما أشرت، كتبت تحت عنوان "أنا إنسان" التالي:
أنا لست ابن السماء .. أنا ابن الدباغ الذي يثور على واقعه كل يوم دون أن يكل أو يمل أو يستسلم لغلبة..
أنا ابن الدباغ الذي لا يستسلم لأقداره، ولا ينوخ، وإن كانت البلايا بثقل الجبال الثقال.. ابن الدباغ المجالد الذي يعترك مع ما يبتليه، ويقاوم حتى النزع الأخير..
ابن الدباغ الذي يتمرد على مجتمع لازال يقدس مستبديه.. ابن الدباغ الذي يقاوم نظام لا يستحي عندما يدّعي.. نظام يدعي العدل، وهو يتعالى على الوطن الكبير.. يخصخص المواطنة، ويغيب المساواة، وينشر الفقر كالظلام الكثيف، ويحبس الحرية في محبس من حديد..
أنا الحر الذي يجرّم القتل ولا يستسهله، ولا يشرب الدم ولا يسفكه، ولكنه متهما بشرب الكحول..
أنا ابن لأب لا يبيع الموت ولا يهديه ولا يجعله مقاسا للرجولة أو معبرا للبطولة..
أنا ابن صانع الحلوى والبائع لها، يأكل من كده وعرق الجبين .. أنا ابن أب يصنع الحلوى ويهديها للأصدقاء والفقراء المعدمين..
أنا ابن صانع الحلوى .. ابن الحياة.. أرفض الحرب والمآسي العراض، ولن أكون يوما من صّناعها أو تجّارها، ولم أعش يوما عليها، ولم ابنِ مجدا على جماجمها الكثيرة، ولم أحتفِ يوما باتساع المقابر، أو بطوابير النعوش الطويلة، ولم أطرب لركام الضحايا الكبير، ولم أضخ الكراهية، وغلائل الحقد التي لا تنتهي.
*
وفي مناسبة وتاريخ آخر كتبت:
أنا لم أقِم الحزن يوما في مبيتٍ
لا أبيع الوهم والأفيون للمرضى
لا ادفع الناس أفواجا للمهالك
أنا لا أنشر الموت بين الناس وعدا
في حياة أخرى ودار ثانية..
وأداري تحت العمامة ألف جزار وجلاد وليل..
إن شربت الكيف خلسه، فإلى الله أسافر..
لا أنافق.. لا أزايد..
ولا آم القوم ثملا في صلاة كالوليد ابن عقبة
ولا أنام الليل فوق نهود العذارى
وحلمات الجواري كالخليفة هارون الرشيد
*
أنا لا أفاخر بهندِ ولا بمن تأكل الأكباد.. ولا أفاخر بنسب أو قبيلة أو بقاتل.. أنا بقابيل لا أكترث..
لا أتسول التاريخ زادي، ولا أدعي فيه سلطان وميراث.. ولا أدّعي حقا من قبل آدم وحواء، أو ما قبل الثريا..
أنا لست من ماء السماء، ولا سليل من علي و فاطمة.. أنا الفتى ابن أبي .. وأبي ذلك الدبّاغ الذي كابد الدهر، وعانا العناء، وأقتات من عرق الجبين..
*
وحتى لا تُفهم الأنا المكررة فيما سبق غرقا في النرجسية أو الأنانية أو العصبية المقابلة كتبت:
عندما أقول أنا، فليست هي الأنا المثقلة بالأنانية والاستحقاق الغير مشروع؛ لاسيما عندما تقذف بها في وجه الظالم المستبد، أو تحاول بها إزاحة الظلم الكبير الذي يثقل كاهلك..
انها الأنا المعتزة التي ترمي بها غرور من لا زال يراك دونه هوية ومواطنة، ويدّعي خيلاء ومكابرة في الألفية الثلاثة أنه من ماء السماء، و يراك مجرد كائنا يدب على أربع جاء من روث الحمير..
إنها "أنا" المقاومة التي تقذف بها وجه من يختزل الوطن بشخصه، أو يحصرها في نسل أو قبيلة أو جغرافية صغيرة..
المثقف العضوي يجب أن يكون في الطليعة من أجل الناس، وقد قالها يوما ممن ينتمي لهم رانيا لمستقبل نتطلع إليه، قالها بمعنى: طالما أنك تعبر عن حقوق ومستقبل الناس، وتعبر عن تطلعات شعبك، فأنت تصير الشعب مهما كنت قليلا..
أنا الحالم ابن كل هؤلاء الأحبة .. أنتمي للحلم الكبير كبر المجرة، بل كبر هذا الكون الفسيح الذي يكسر محبسه ويسافر للبعيد دون حدود أو منتهى.
*
وكشفا لمن أراهم ملهمين لي وأشعر بانتمائي لهم كتبت:
أنا من تسكنه روح قائد ثورة العبيد “سبارتاكوس” الذي ثار ضد الاسترقاق في عهد العبودية الثقيل، له المجد والخلود ولمن قتلوا وصل
بعض تفاصيل حياتي
احمد سيف حاشد
من طفولتي الأولى
(2)
مغالبة “الحصبة”
أراد أبي أن يلم شملنا تحت سقف واحد في عدن.. أراد أن يلملم أشتات أسرتنا الصغيرة والبعيدة، بمسكن صغير في أطراف ضواحي المدينة بـ "دار سعد" يأوينا إليه، محاطين بقدر من السكينة والدعة التي نبحث عنها.. أسرتنا كانت خمستنا دون دخيل.. ولكن دخلت علينا الحصبة بدمامتها وقُبحها، وما تحمله من بشاعة وافتراس..
في عدن مرضتُ بالحصبة .. كان مرض الحصبة ينتشر ويفتك بالأطفال.. الحصبة فيروس انتقالي حاد ومعدي يصيب الأطفال، ويسبب لهم مضاعفات خطيرة في بعض الأحيان.
كان مرض الحصبة أكثر الأمراض انتشارا في سن الطفولة بصفه خاصة، ومن أعراضه ارتفاع في درجة الحرارة مصحوب برشح وسعال ورمد وطفح جلدي على جميع أجزاء الجسم.. ورغم اكتشاف لقاح الحصبة في ستينات القرن الماضي، إلا أنه لم يقوض هذا المرض ويصيره نادرا إلا في بداية التسعينات من القرن الماضي.
أول معركة ربما خضتها وأنا طفل في عدن مع هذا الفيروس القاتل للأطفال.. كان نذير موت يتهدد حياتي، ويتربص بي بإصرار واشتهاء.. كل يوم يمُرُّ وأنا لازلت على قيد الحياة كان يعني لأبي وأمي معجزة من الصمود العنيد في مواجهة الموت، وربما كان يعني مرور اليوم بالنسبة لي، اجتراح بطولة خارقة على مرض يتسع وينتشر.. يفتك بالطفولة دون أن يراعي أو يكترث.. فيروس موت لا يعود من بيت فقير إلا وقد نهب من أطفالها روح من يشتهي..
غالبتُ مرض الحصبة، وقويت على المقاومة والصمود، بفضل بعض النصائح التي أسدتها جارتنا لأمي التي كانت لاتزال قليلة التجربة، أو معدومة الخبرة والمعرفة في أمور كتلك.. استفادت أمي من نصائح جارتها التي كان لديها بعض الدراية بكيفية التعاطي مع هكذا حالة، ومعرفة بالوسائل التي باستطاعتها أن تخفف من وحشية وآثار هذا المرض، فالجهل يمكن أن يضاعف الحالة ويفاقمها، وهو المساند الأول للمرض، وربما يلعب دور السبب الأول للوفاة قبل المرض إن لم يحتاط له.. تضافرت أسباب الحياة وسندت بعضها، وانتصرت على فيروس الموت، وتعافيت منه، واكتسبت مناعة منه مدى الحياة.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
(3)
سقم وهزال
وبعد شهور مرضت بمرض لا أعرفه.. أصابني هزال وفقدان شهية.. هزل جسمي إلى درجة جعلني أشبه بأطفال مجاعة إفريقيا الذين نشاهدهم في الصور وشاشات التلفزة.. طفولتنا كانت بائسة، نعيش فيها صراع مع الموت من أجل البقاء.. أمّا أن تغلب المرض أو يغلبك.. الموت يحوم عليك ويتربص بك في كل يوم وساعة..
جارنا عبد الكريم فاضل كان صديقاً لوالدي، عندما شاهدني قال لأبي بذهول ودون مقدمات: “ابنك سيموت ولن يعيش”. جملة صغيرة ربما نزلت على رأس أبي مثل ضرب المطرقة.. أثارت مخاوفه واستنفرت اهتمامه.. ربما هذه الجملة الصغيرة والصادمة، كانت سببا لأن أتجاوز الموت وأعيش.. هذه الجملة المشبعة بالمخاوف، بدت صاعقة لأبي، وجعلته يهرع توا وعلى الفور إلى مشفى في عدن، غير أن الطبيب أخبره أن حالتي صعبة، والأمل في أن أعيش ضعيف.
شار جارنا لوالدي أن يذهب بي إلى طبيب ماهر في لحج، لربما هناك وجد بصيص أمل.. أبي الباحث عن أمل يذوي ويخفت في سواد كثيف ووخيم من اليأس العميم، ينتابه هلع شديد.. أستطيع أن أتخيل هلع أبي وأنا في حضنه أو مسنودا بيده إلى ضلعه الحنون.. اسمع خافقه.. قلبه يدق كالطبل، صعود وهبوط أنفاسه ككير حداد.. ودمدمة هلعه تهز وجدانه وكيانه..
هذا ما شعرت به يوما أنا أيضا، عندما كنت أسابق الموت، وأحاول إنقاذ أبني فادي، عندما كان أيضا بسني تقريبا أو أكبر قليلا.. كان والدي يحاول إنقاذي، وهو مصحوبا بالهلع.. الشعور إنك تسابق الموت وتمنعه عن انتزاع طفلك من بين يديك، شعور كثيف الحضور، ولا يمكن نسيانه مهما طال بك العمر.. لقد عشت مثل هذه اللحظة الكثيفة طفلا كما عشتها أبا.. سارع والدي لإنقاذي من موت محقق بات يثقل جفوني المسبلة..
و في لحج قال الطبيب لوالدي بأن حالتي سيئة جداً، وأنني لم أعد أحتمل الإبر، ولن استطيع أن أتحمَّل المرض أكثر، ولكن “لعل وعسى” قرر لي وصفة علاج دون إبر..
استجاب جسمي للعلاج وأخذت حالتي تتحسن ببطء، بدأت أقبل على الطعام بنهم يزداد كل يوم، ومن أجلي كان أبي يجلب لنا رطل من اللحم في اليوم الواحد أتناوله كله لوحدي، ولا أترك لأهلي شيئا منه يأكلونه. هذا ما كانت تحكيه لي أمي.. كانوا إذا أعطوني قطعة منه، ما ألبث أن أعود أطلب أخرى، حتى أنتهي من آخر قطعة اشتراها والدي.. استطيع أن أتخيل سعادة أبي وأمي.. أستطيع أن أتخيل لحظتها قلب أمي صرة فرح، يكاد أن يطير من بين جوانحها.. أستطيع أن أتخيل أبي والسعادة تغمره، وتتفتح أسارير وجهه كزنابق على شرفات عريس.. يا له من شعور أخاذ وآسر..
نجوت وتعافيت، بل وصرت مشاغباً وشقياً.. كنت أخرِّب الجدران وأخربشها.. أكسر زير الماء.. أرمي بمجالس الأكل على أي شيء.. اكسر الزجاج .. أرمي بأواني الطعام.. ارتكب كل الحماقات وأرمي كل ما تطاله يدي على ما تقع عليه عيني.. فيما كانت أمي تبكي من أفعالي أحيانا،
احمد سيف حاشد
من طفولتي الأولى
(2)
مغالبة “الحصبة”
أراد أبي أن يلم شملنا تحت سقف واحد في عدن.. أراد أن يلملم أشتات أسرتنا الصغيرة والبعيدة، بمسكن صغير في أطراف ضواحي المدينة بـ "دار سعد" يأوينا إليه، محاطين بقدر من السكينة والدعة التي نبحث عنها.. أسرتنا كانت خمستنا دون دخيل.. ولكن دخلت علينا الحصبة بدمامتها وقُبحها، وما تحمله من بشاعة وافتراس..
في عدن مرضتُ بالحصبة .. كان مرض الحصبة ينتشر ويفتك بالأطفال.. الحصبة فيروس انتقالي حاد ومعدي يصيب الأطفال، ويسبب لهم مضاعفات خطيرة في بعض الأحيان.
كان مرض الحصبة أكثر الأمراض انتشارا في سن الطفولة بصفه خاصة، ومن أعراضه ارتفاع في درجة الحرارة مصحوب برشح وسعال ورمد وطفح جلدي على جميع أجزاء الجسم.. ورغم اكتشاف لقاح الحصبة في ستينات القرن الماضي، إلا أنه لم يقوض هذا المرض ويصيره نادرا إلا في بداية التسعينات من القرن الماضي.
أول معركة ربما خضتها وأنا طفل في عدن مع هذا الفيروس القاتل للأطفال.. كان نذير موت يتهدد حياتي، ويتربص بي بإصرار واشتهاء.. كل يوم يمُرُّ وأنا لازلت على قيد الحياة كان يعني لأبي وأمي معجزة من الصمود العنيد في مواجهة الموت، وربما كان يعني مرور اليوم بالنسبة لي، اجتراح بطولة خارقة على مرض يتسع وينتشر.. يفتك بالطفولة دون أن يراعي أو يكترث.. فيروس موت لا يعود من بيت فقير إلا وقد نهب من أطفالها روح من يشتهي..
غالبتُ مرض الحصبة، وقويت على المقاومة والصمود، بفضل بعض النصائح التي أسدتها جارتنا لأمي التي كانت لاتزال قليلة التجربة، أو معدومة الخبرة والمعرفة في أمور كتلك.. استفادت أمي من نصائح جارتها التي كان لديها بعض الدراية بكيفية التعاطي مع هكذا حالة، ومعرفة بالوسائل التي باستطاعتها أن تخفف من وحشية وآثار هذا المرض، فالجهل يمكن أن يضاعف الحالة ويفاقمها، وهو المساند الأول للمرض، وربما يلعب دور السبب الأول للوفاة قبل المرض إن لم يحتاط له.. تضافرت أسباب الحياة وسندت بعضها، وانتصرت على فيروس الموت، وتعافيت منه، واكتسبت مناعة منه مدى الحياة.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
(3)
سقم وهزال
وبعد شهور مرضت بمرض لا أعرفه.. أصابني هزال وفقدان شهية.. هزل جسمي إلى درجة جعلني أشبه بأطفال مجاعة إفريقيا الذين نشاهدهم في الصور وشاشات التلفزة.. طفولتنا كانت بائسة، نعيش فيها صراع مع الموت من أجل البقاء.. أمّا أن تغلب المرض أو يغلبك.. الموت يحوم عليك ويتربص بك في كل يوم وساعة..
جارنا عبد الكريم فاضل كان صديقاً لوالدي، عندما شاهدني قال لأبي بذهول ودون مقدمات: “ابنك سيموت ولن يعيش”. جملة صغيرة ربما نزلت على رأس أبي مثل ضرب المطرقة.. أثارت مخاوفه واستنفرت اهتمامه.. ربما هذه الجملة الصغيرة والصادمة، كانت سببا لأن أتجاوز الموت وأعيش.. هذه الجملة المشبعة بالمخاوف، بدت صاعقة لأبي، وجعلته يهرع توا وعلى الفور إلى مشفى في عدن، غير أن الطبيب أخبره أن حالتي صعبة، والأمل في أن أعيش ضعيف.
شار جارنا لوالدي أن يذهب بي إلى طبيب ماهر في لحج، لربما هناك وجد بصيص أمل.. أبي الباحث عن أمل يذوي ويخفت في سواد كثيف ووخيم من اليأس العميم، ينتابه هلع شديد.. أستطيع أن أتخيل هلع أبي وأنا في حضنه أو مسنودا بيده إلى ضلعه الحنون.. اسمع خافقه.. قلبه يدق كالطبل، صعود وهبوط أنفاسه ككير حداد.. ودمدمة هلعه تهز وجدانه وكيانه..
هذا ما شعرت به يوما أنا أيضا، عندما كنت أسابق الموت، وأحاول إنقاذ أبني فادي، عندما كان أيضا بسني تقريبا أو أكبر قليلا.. كان والدي يحاول إنقاذي، وهو مصحوبا بالهلع.. الشعور إنك تسابق الموت وتمنعه عن انتزاع طفلك من بين يديك، شعور كثيف الحضور، ولا يمكن نسيانه مهما طال بك العمر.. لقد عشت مثل هذه اللحظة الكثيفة طفلا كما عشتها أبا.. سارع والدي لإنقاذي من موت محقق بات يثقل جفوني المسبلة..
و في لحج قال الطبيب لوالدي بأن حالتي سيئة جداً، وأنني لم أعد أحتمل الإبر، ولن استطيع أن أتحمَّل المرض أكثر، ولكن “لعل وعسى” قرر لي وصفة علاج دون إبر..
استجاب جسمي للعلاج وأخذت حالتي تتحسن ببطء، بدأت أقبل على الطعام بنهم يزداد كل يوم، ومن أجلي كان أبي يجلب لنا رطل من اللحم في اليوم الواحد أتناوله كله لوحدي، ولا أترك لأهلي شيئا منه يأكلونه. هذا ما كانت تحكيه لي أمي.. كانوا إذا أعطوني قطعة منه، ما ألبث أن أعود أطلب أخرى، حتى أنتهي من آخر قطعة اشتراها والدي.. استطيع أن أتخيل سعادة أبي وأمي.. أستطيع أن أتخيل لحظتها قلب أمي صرة فرح، يكاد أن يطير من بين جوانحها.. أستطيع أن أتخيل أبي والسعادة تغمره، وتتفتح أسارير وجهه كزنابق على شرفات عريس.. يا له من شعور أخاذ وآسر..
نجوت وتعافيت، بل وصرت مشاغباً وشقياً.. كنت أخرِّب الجدران وأخربشها.. أكسر زير الماء.. أرمي بمجالس الأكل على أي شيء.. اكسر الزجاج .. أرمي بأواني الطعام.. ارتكب كل الحماقات وأرمي كل ما تطاله يدي على ما تقع عليه عيني.. فيما كانت أمي تبكي من أفعالي أحيانا،
وتغضب أحيانا أخرى، وتعاقبني بقسوة في معظم الأحيان, كان بكائي الصارخ والضجيج يملأ البيت كل ساعة، حتى شكا الجيران ومؤجر البيت إلى أبي بسبب إزعاجي وبكائي.. كنت مزعجا لأهلي وللجيران والمؤجر .. لم أكف عن الشقاوة والبكاء والضجيج والصراخ.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
(4)
بؤس وشقاوة
كان أبي يقضي بحدود العشر ساعات في العمل المضنى والجهيد، من أجل إبقاءنا على قيد الحياة، وسد لقمة عيشنا المتواضعة، وكذا عيش أسرته الأخرى التي يعيلها في القرية، والتي تنتظر بفارغ الصبر ما يأتيها من والدي المثقل بمسؤولية إعاشتنا جميعا..
كانت الحياة صعبة، وصراعنا كان هو من أجل البقاء، فالستر واستمرارنا بالحياة هي أقصى ما نحلم به ونريد.
كانت أمي تطلب من أبي أن يغلق علينا الباب من الخارج، خوفاً من أن يطالها قول أو شائعة، فهي ابنة “شيخ” كما كانت تصف نفسها وتعتز، وكان أبي لا يرفض طلبها، ويغلق الباب علينا من الخارج حتى يعود من العمل آخر النهار.
كانت أمي شديدة الحياء والمحافظة والتوجس إلى درجة حبس نفسها بين الجدران.. لا تفتح نافذة ولا باب.. أبي هو وحده من يفتح الباب ومن يغلقه، فيما كانت أمي تشغل وقتها بالتنظيف، وغسل الملابس والطبخ والقيام بجميع أعمال البيت..
ولكن لماذا أنا أيضا يتم حبسي ولا يُسمح لي أن أخرج للشارع لألعب مع الاطفال أو أطل عليهم من نافذة.. أريد أن أرى ماذا يحدث خارج جدران البيت.. أريد أرى الوجوه والناس والحركة وصخب الحياة..
كل ساعات النهار والليل ـ عدا النوم ـ نظري يرتطم بالجدران وسقف البيت.. لا يوجد شق في نافذة ولا خرم مفتاح في باب..
أسمع بعض ما يحدث خارج البيت ولكنني لا أراه.. فضولي مقموعا بجدران من اسمنت، وخشب من ساج، ولا مجال ولا أمل أن أرى ماذا يحدث في الشارع من ضوضاء وعراك وقهقهه..
أريد أن اعرف العالم خارج حيطان بيتنا.. أريد أن أرى أبناء الجيران و(شمس) المجنونة على سريرها في الشارع، والمحوطة بالصرر والقراطيس والأشياء الفارغة التي رأيتها ذات مرة عندما خرجت مع أبي مريضا من أجل العلاج..
أريد أن أرى كل التفاصيل خارج حيطان البيت المتواضع الذي نستأجره.. ليس أمامي من طريق أن أرى العالم خارج جدران بيتنا.. كل شيء ضيق في البيت كصدري الضيق، وجمجمتي الصغيرة.. أشعر أنني أقضي أيامي في قمقم صغير مغلق بالحديد، يحصرني ويحاصرني ويكتم أنفاسي.. فكان طبيعيا أن أكون شقيا، وأن يجد هذا الحرمان والمعاناة انعكاسه في سلوكي الشقي والمتمرد بين جدران البيت وسقفه وحصاره.
***
يتبع..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
(4)
بؤس وشقاوة
كان أبي يقضي بحدود العشر ساعات في العمل المضنى والجهيد، من أجل إبقاءنا على قيد الحياة، وسد لقمة عيشنا المتواضعة، وكذا عيش أسرته الأخرى التي يعيلها في القرية، والتي تنتظر بفارغ الصبر ما يأتيها من والدي المثقل بمسؤولية إعاشتنا جميعا..
كانت الحياة صعبة، وصراعنا كان هو من أجل البقاء، فالستر واستمرارنا بالحياة هي أقصى ما نحلم به ونريد.
كانت أمي تطلب من أبي أن يغلق علينا الباب من الخارج، خوفاً من أن يطالها قول أو شائعة، فهي ابنة “شيخ” كما كانت تصف نفسها وتعتز، وكان أبي لا يرفض طلبها، ويغلق الباب علينا من الخارج حتى يعود من العمل آخر النهار.
كانت أمي شديدة الحياء والمحافظة والتوجس إلى درجة حبس نفسها بين الجدران.. لا تفتح نافذة ولا باب.. أبي هو وحده من يفتح الباب ومن يغلقه، فيما كانت أمي تشغل وقتها بالتنظيف، وغسل الملابس والطبخ والقيام بجميع أعمال البيت..
ولكن لماذا أنا أيضا يتم حبسي ولا يُسمح لي أن أخرج للشارع لألعب مع الاطفال أو أطل عليهم من نافذة.. أريد أن أرى ماذا يحدث خارج جدران البيت.. أريد أرى الوجوه والناس والحركة وصخب الحياة..
كل ساعات النهار والليل ـ عدا النوم ـ نظري يرتطم بالجدران وسقف البيت.. لا يوجد شق في نافذة ولا خرم مفتاح في باب..
أسمع بعض ما يحدث خارج البيت ولكنني لا أراه.. فضولي مقموعا بجدران من اسمنت، وخشب من ساج، ولا مجال ولا أمل أن أرى ماذا يحدث في الشارع من ضوضاء وعراك وقهقهه..
أريد أن اعرف العالم خارج حيطان بيتنا.. أريد أن أرى أبناء الجيران و(شمس) المجنونة على سريرها في الشارع، والمحوطة بالصرر والقراطيس والأشياء الفارغة التي رأيتها ذات مرة عندما خرجت مع أبي مريضا من أجل العلاج..
أريد أن أرى كل التفاصيل خارج حيطان البيت المتواضع الذي نستأجره.. ليس أمامي من طريق أن أرى العالم خارج جدران بيتنا.. كل شيء ضيق في البيت كصدري الضيق، وجمجمتي الصغيرة.. أشعر أنني أقضي أيامي في قمقم صغير مغلق بالحديد، يحصرني ويحاصرني ويكتم أنفاسي.. فكان طبيعيا أن أكون شقيا، وأن يجد هذا الحرمان والمعاناة انعكاسه في سلوكي الشقي والمتمرد بين جدران البيت وسقفه وحصاره.
***
يتبع..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
تغاريد غير مشفرة (300) .. لـ”الحوثيين” مرة أخرى عن شبكات الواي فاي
يمنات
أحمد سيف حاشد
(1)
عندما تكون لديكم أو عندكم مشكلة حقيقية و في عقر داركم أو في العاصمة التي تحكموا منها، كان يجب أن تحلوها أنتم بدلا من أن تقوموا بتعقيدها و تصعيدها من جهتكم، إلى حد المطل في تنفيذ الحلول التي أرتضيمتوها أصلا أنتم، بل و الاستمرار بنهب ممتلكات مواطنيكم من أصحاب الشبكات خلافا للدستور و القانون، و الأسوأ أن تعاندوا بصبيانية فجة في تعقيدها و تصعيدها، و محاولة فرض باطلكم على مواطنيكم باستخدام ما بأيدكم من سلطة و سطوة و نفوذ و مقدرات شعب و دولة..
(2)
عندما تمنعون قنواتكم الفضائية، و القنوات الملحقة التابعة لكم، من سؤال مواطنيكم المتضررين من إجراءات و تعسف سلطتكم، بل و تستخدموا منظومة إعلامكم في إرهابهم بتخوينهم و نسب لهم ما ليس فيهم، و فرض باطلكم عليهم باستخدام جور السلطة لقمعهم لمجرد رفضهم أو مقاومتهم السلمية الحذرة و المحدودة لتعسف إجراءاتكم الظالمة و الفادحة، و التي ألحقت الضرر البالغ بهم و بحقوقهم و عوائلهم، من الطبيعي جدا أن تعرفوا أن إعلام خصومكم السياسيين بل و حتى إعلام أعداءكم أن يستغلوا ما فشلتمم به، و يوجهون إعلامهم بالتقاط ما لم تستطيعون التقاطه .. إن لم تدركوا هذا، فهو من فرط غباؤكم و أخطاؤكم و فقدان حكمتكم و صبيانية عنادكم..
(3)
في البداية بدأت بعض وسائل إعلامكم تنشر بعض وجهة نظر أصحاب الشبكات، و لم يكن الإعلام الخارجي أو حتى إعلام خصومكم يتعاطى أو يتحدث عن موضوع الشبكات، و كانوا يرددوا مثل: “ناب كلب في رأس كلب”..
و عندما أغلقتم كل منافسكم الإعلامية المحدودة عليهم، و أوصدتم جميع وسائلكم الإعلامية و الملحقة في وجوههم، بل و بدأتم بتحويل جل وسائلكم الإعلامية و جيشكم الإلكتروني الذي يشرف عليه رئيس الرئيس أحمد حامد، و رئيس الدائرة الإعلامية في مكتب رئاستكم محمد الوريث بتوجيه حملة ضارية و ظالمة على مواطنيكم أصحاب الشبكات لإكراههم على الاستسلام لباطلكم، و لكنهم لم يستسلموا، و ظلت نقابتهم تقارع ظلمكم إلى اليوم..
و لكن أنتم من خدمتم بأفعالكم و ظلمكم وسائل إعلام خصومكم، و إعلام العدوان أيضا، بل أنكم تنفذون ما يريدوه منكم خصومكم على نحو يثير الحيرة و التساؤل، حتى بدأ الأمر أن ما تفعلوه بأنفسكم أكثر ضررا مما يفعله العدو بكم، و ينطبق هذا عليكم إذا فسرنا ما تفعلوه بالغباء المفرط و المدفوع بحسن النية، و أن لديكم دببه انبتموهم بالدفاع عنكم فأضروكم أكثر مما أحسنوا إليكم .. إن الجهل عدو صاحبه .. فإن كان جهلا فأنتم مسؤولين عنه، و إن كان بعلم فقد سرى السم و بات الداء فيكم .. إنه الاختراق، أو أكثر منه..
(4)
عندما تنقلب أنت و تمنع أي وسيلة إعلامية محلية من تناول المشكلة من وجهة نظر من تعتقد من مواطنيك أنهم خصومك، بل و تسخر قنواتك الفضائية و التابعة لها مثل قناة “الساحات” و “معجبها” الذي ليس فيه من العجب إلا ما يصنعه من السقوط الإعلامي المريع و قلة الأدب .. فاعلم أن خصومك سيتناولون مظلمتك التي قدمتها لهم أنت على طبق من ذهب .. أنتم من تصنعون الظلم، و عليكم أن ترفعوه عن المظلومين أصحاب الشبكات .. أنتم من تقدمون المادة الإعلامية بجوركم الفادح و تجبركم و تكبركم، و ليس غيركم من أصحاب الشبكات .. “رمتني بداءها و أنسلت”..
عندما تترك مثل “معجب” يهاجم بعض من مواطنيك الذين تحت سلطتك، و يمارس التحريض عليهم و إرهاب السلطة، و يشكك بولائهم، و يطعن في وطنيتهم، و ينسب لهم تهم الفساد الغلاظ، و يخونهم؛ فهو إرهاب سنقاومه و لن نستسلم له..
أن يصرف “معجب” صكوك الوطنية و التخوين لمواطنين تحت سلطتك و في العاصمة صنعاء و ليس الرياض أو الإمارات أو حتى في بيروت، فهذا ما يجعلنا نقول: “ربي أقم الساعة” إن “معجب” هو بعض من انحطاط عهدكم..
أما أنا فقد تنصلت مرارا من هذه القناة و سياستها الإعلامية التي لم يعد يجمعني بها جامع، و من يعتقد إنها زلتي التي لن أنجوا منها، كما يطرح الفاسد المحمي بسلطة الغلبة محمد العماد، فيجب أن يعرف، و يعرف الجميع أن لدي عقد قانوني مع قناة الساحات و القائمين عليها، يحميني أمام أي جهة قضائية و قانونية، و موثق لدى الجهات الرسمية في اليمن و لبنان..
لم يعد يربطني بهذه القناة رابط من قبل الحرب و ليس من اليوم، لإخلال الإدارة بالعقد المبرم و هو إخلال من طرف واحد، و التحلل من التزاماتها الذي يتضمنها العقد، و سأضطر لنشر العقد التي بيني و بين إدارة القناة، إن لزم الأمر لقاهر .. أما العماد فلن ينجو و الأيام دول..
(5)
تخوّنوننا نحن و أصحاب الشبكات، و جميعنا أبرياء من تهمكم الابتزازية .. و بخفة تطلقون علينا تهم الخيانة لتمارسون علينا إرهاب السلطة .. ـ فقط لأننا نساند مظلومية .. و لمجرد إنهم يئنون من ظلمكم، و يحاولون مقاومة هذا الظلم بوسائل سلمية محدودة جدا .. فيما (أنتم) تعقدون مع الخصوم و الأعداء الاتفاقيات و الصفقات السرية، و منها على سبيل المثل لا ال
يمنات
أحمد سيف حاشد
(1)
عندما تكون لديكم أو عندكم مشكلة حقيقية و في عقر داركم أو في العاصمة التي تحكموا منها، كان يجب أن تحلوها أنتم بدلا من أن تقوموا بتعقيدها و تصعيدها من جهتكم، إلى حد المطل في تنفيذ الحلول التي أرتضيمتوها أصلا أنتم، بل و الاستمرار بنهب ممتلكات مواطنيكم من أصحاب الشبكات خلافا للدستور و القانون، و الأسوأ أن تعاندوا بصبيانية فجة في تعقيدها و تصعيدها، و محاولة فرض باطلكم على مواطنيكم باستخدام ما بأيدكم من سلطة و سطوة و نفوذ و مقدرات شعب و دولة..
(2)
عندما تمنعون قنواتكم الفضائية، و القنوات الملحقة التابعة لكم، من سؤال مواطنيكم المتضررين من إجراءات و تعسف سلطتكم، بل و تستخدموا منظومة إعلامكم في إرهابهم بتخوينهم و نسب لهم ما ليس فيهم، و فرض باطلكم عليهم باستخدام جور السلطة لقمعهم لمجرد رفضهم أو مقاومتهم السلمية الحذرة و المحدودة لتعسف إجراءاتكم الظالمة و الفادحة، و التي ألحقت الضرر البالغ بهم و بحقوقهم و عوائلهم، من الطبيعي جدا أن تعرفوا أن إعلام خصومكم السياسيين بل و حتى إعلام أعداءكم أن يستغلوا ما فشلتمم به، و يوجهون إعلامهم بالتقاط ما لم تستطيعون التقاطه .. إن لم تدركوا هذا، فهو من فرط غباؤكم و أخطاؤكم و فقدان حكمتكم و صبيانية عنادكم..
(3)
في البداية بدأت بعض وسائل إعلامكم تنشر بعض وجهة نظر أصحاب الشبكات، و لم يكن الإعلام الخارجي أو حتى إعلام خصومكم يتعاطى أو يتحدث عن موضوع الشبكات، و كانوا يرددوا مثل: “ناب كلب في رأس كلب”..
و عندما أغلقتم كل منافسكم الإعلامية المحدودة عليهم، و أوصدتم جميع وسائلكم الإعلامية و الملحقة في وجوههم، بل و بدأتم بتحويل جل وسائلكم الإعلامية و جيشكم الإلكتروني الذي يشرف عليه رئيس الرئيس أحمد حامد، و رئيس الدائرة الإعلامية في مكتب رئاستكم محمد الوريث بتوجيه حملة ضارية و ظالمة على مواطنيكم أصحاب الشبكات لإكراههم على الاستسلام لباطلكم، و لكنهم لم يستسلموا، و ظلت نقابتهم تقارع ظلمكم إلى اليوم..
و لكن أنتم من خدمتم بأفعالكم و ظلمكم وسائل إعلام خصومكم، و إعلام العدوان أيضا، بل أنكم تنفذون ما يريدوه منكم خصومكم على نحو يثير الحيرة و التساؤل، حتى بدأ الأمر أن ما تفعلوه بأنفسكم أكثر ضررا مما يفعله العدو بكم، و ينطبق هذا عليكم إذا فسرنا ما تفعلوه بالغباء المفرط و المدفوع بحسن النية، و أن لديكم دببه انبتموهم بالدفاع عنكم فأضروكم أكثر مما أحسنوا إليكم .. إن الجهل عدو صاحبه .. فإن كان جهلا فأنتم مسؤولين عنه، و إن كان بعلم فقد سرى السم و بات الداء فيكم .. إنه الاختراق، أو أكثر منه..
(4)
عندما تنقلب أنت و تمنع أي وسيلة إعلامية محلية من تناول المشكلة من وجهة نظر من تعتقد من مواطنيك أنهم خصومك، بل و تسخر قنواتك الفضائية و التابعة لها مثل قناة “الساحات” و “معجبها” الذي ليس فيه من العجب إلا ما يصنعه من السقوط الإعلامي المريع و قلة الأدب .. فاعلم أن خصومك سيتناولون مظلمتك التي قدمتها لهم أنت على طبق من ذهب .. أنتم من تصنعون الظلم، و عليكم أن ترفعوه عن المظلومين أصحاب الشبكات .. أنتم من تقدمون المادة الإعلامية بجوركم الفادح و تجبركم و تكبركم، و ليس غيركم من أصحاب الشبكات .. “رمتني بداءها و أنسلت”..
عندما تترك مثل “معجب” يهاجم بعض من مواطنيك الذين تحت سلطتك، و يمارس التحريض عليهم و إرهاب السلطة، و يشكك بولائهم، و يطعن في وطنيتهم، و ينسب لهم تهم الفساد الغلاظ، و يخونهم؛ فهو إرهاب سنقاومه و لن نستسلم له..
أن يصرف “معجب” صكوك الوطنية و التخوين لمواطنين تحت سلطتك و في العاصمة صنعاء و ليس الرياض أو الإمارات أو حتى في بيروت، فهذا ما يجعلنا نقول: “ربي أقم الساعة” إن “معجب” هو بعض من انحطاط عهدكم..
أما أنا فقد تنصلت مرارا من هذه القناة و سياستها الإعلامية التي لم يعد يجمعني بها جامع، و من يعتقد إنها زلتي التي لن أنجوا منها، كما يطرح الفاسد المحمي بسلطة الغلبة محمد العماد، فيجب أن يعرف، و يعرف الجميع أن لدي عقد قانوني مع قناة الساحات و القائمين عليها، يحميني أمام أي جهة قضائية و قانونية، و موثق لدى الجهات الرسمية في اليمن و لبنان..
لم يعد يربطني بهذه القناة رابط من قبل الحرب و ليس من اليوم، لإخلال الإدارة بالعقد المبرم و هو إخلال من طرف واحد، و التحلل من التزاماتها الذي يتضمنها العقد، و سأضطر لنشر العقد التي بيني و بين إدارة القناة، إن لزم الأمر لقاهر .. أما العماد فلن ينجو و الأيام دول..
(5)
تخوّنوننا نحن و أصحاب الشبكات، و جميعنا أبرياء من تهمكم الابتزازية .. و بخفة تطلقون علينا تهم الخيانة لتمارسون علينا إرهاب السلطة .. ـ فقط لأننا نساند مظلومية .. و لمجرد إنهم يئنون من ظلمكم، و يحاولون مقاومة هذا الظلم بوسائل سلمية محدودة جدا .. فيما (أنتم) تعقدون مع الخصوم و الأعداء الاتفاقيات و الصفقات السرية، و منها على سبيل المثل لا ال
تغاريد غير مشفرة (300) .. لـ”الحوثيين” مرة أخرى عن شبكات الواي فاي
يمنات
أحمد سيف حاشد
(1)
عندما تكون لديكم أو عندكم مشكلة حقيقية و في عقر داركم أو في العاصمة التي تحكموا منها، كان يجب أن تحلوها أنتم بدلا من أن تقوموا بتعقيدها و تصعيدها من جهتكم، إلى حد المطل في تنفيذ الحلول التي أرتضيمتوها أصلا أنتم، بل و الاستمرار بنهب ممتلكات مواطنيكم من أصحاب الشبكات خلافا للدستور و القانون، و الأسوأ أن تعاندوا بصبيانية فجة في تعقيدها و تصعيدها، و محاولة فرض باطلكم على مواطنيكم باستخدام ما بأيدكم من سلطة و سطوة و نفوذ و مقدرات شعب و دولة..
(2)
عندما تمنعون قنواتكم الفضائية، و القنوات الملحقة التابعة لكم، من سؤال مواطنيكم المتضررين من إجراءات و تعسف سلطتكم، بل و تستخدموا منظومة إعلامكم في إرهابهم بتخوينهم و نسب لهم ما ليس فيهم، و فرض باطلكم عليهم باستخدام جور السلطة لقمعهم لمجرد رفضهم أو مقاومتهم السلمية الحذرة و المحدودة لتعسف إجراءاتكم الظالمة و الفادحة، و التي ألحقت الضرر البالغ بهم و بحقوقهم و عوائلهم، من الطبيعي جدا أن تعرفوا أن إعلام خصومكم السياسيين بل و حتى إعلام أعداءكم أن يستغلوا ما فشلتمم به، و يوجهون إعلامهم بالتقاط ما لم تستطيعون التقاطه .. إن لم تدركوا هذا، فهو من فرط غباؤكم و أخطاؤكم و فقدان حكمتكم و صبيانية عنادكم..
(3)
في البداية بدأت بعض وسائل إعلامكم تنشر بعض وجهة نظر أصحاب الشبكات، و لم يكن الإعلام الخارجي أو حتى إعلام خصومكم يتعاطى أو يتحدث عن موضوع الشبكات، و كانوا يرددوا مثل: “ناب كلب في رأس كلب”..
و عندما أغلقتم كل منافسكم الإعلامية المحدودة عليهم، و أوصدتم جميع وسائلكم الإعلامية و الملحقة في وجوههم، بل و بدأتم بتحويل جل وسائلكم الإعلامية و جيشكم الإلكتروني الذي يشرف عليه رئيس الرئيس أحمد حامد، و رئيس الدائرة الإعلامية في مكتب رئاستكم محمد الوريث بتوجيه حملة ضارية و ظالمة على مواطنيكم أصحاب الشبكات لإكراههم على الاستسلام لباطلكم، و لكنهم لم يستسلموا، و ظلت نقابتهم تقارع ظلمكم إلى اليوم..
و لكن أنتم من خدمتم بأفعالكم و ظلمكم وسائل إعلام خصومكم، و إعلام العدوان أيضا، بل أنكم تنفذون ما يريدوه منكم خصومكم على نحو يثير الحيرة و التساؤل، حتى بدأ الأمر أن ما تفعلوه بأنفسكم أكثر ضررا مما يفعله العدو بكم، و ينطبق هذا عليكم إذا فسرنا ما تفعلوه بالغباء المفرط و المدفوع بحسن النية، و أن لديكم دببه انبتموهم بالدفاع عنكم فأضروكم أكثر مما أحسنوا إليكم .. إن الجهل عدو صاحبه .. فإن كان جهلا فأنتم مسؤولين عنه، و إن كان بعلم فقد سرى السم و بات الداء فيكم .. إنه الاختراق، أو أكثر منه..
(4)
عندما تنقلب أنت و تمنع أي وسيلة إعلامية محلية من تناول المشكلة من وجهة نظر من تعتقد من مواطنيك أنهم خصومك، بل و تسخر قنواتك الفضائية و التابعة لها مثل قناة “الساحات” و “معجبها” الذي ليس فيه من العجب إلا ما يصنعه من السقوط الإعلامي المريع و قلة الأدب .. فاعلم أن خصومك سيتناولون مظلمتك التي قدمتها لهم أنت على طبق من ذهب .. أنتم من تصنعون الظلم، و عليكم أن ترفعوه عن المظلومين أصحاب الشبكات .. أنتم من تقدمون المادة الإعلامية بجوركم الفادح و تجبركم و تكبركم، و ليس غيركم من أصحاب الشبكات .. “رمتني بداءها و أنسلت”..
عندما تترك مثل “معجب” يهاجم بعض من مواطنيك الذين تحت سلطتك، و يمارس التحريض عليهم و إرهاب السلطة، و يشكك بولائهم، و يطعن في وطنيتهم، و ينسب لهم تهم الفساد الغلاظ، و يخونهم؛ فهو إرهاب سنقاومه و لن نستسلم له..
أن يصرف “معجب” صكوك الوطنية و التخوين لمواطنين تحت سلطتك و في العاصمة صنعاء و ليس الرياض أو الإمارات أو حتى في بيروت، فهذا ما يجعلنا نقول: “ربي أقم الساعة” إن “معجب” هو بعض من انحطاط عهدكم..
أما أنا فقد تنصلت مرارا من هذه القناة و سياستها الإعلامية التي لم يعد يجمعني بها جامع، و من يعتقد إنها زلتي التي لن أنجوا منها، كما يطرح الفاسد المحمي بسلطة الغلبة محمد العماد، فيجب أن يعرف، و يعرف الجميع أن لدي عقد قانوني مع قناة الساحات و القائمين عليها، يحميني أمام أي جهة قضائية و قانونية، و موثق لدى الجهات الرسمية في اليمن و لبنان..
لم يعد يربطني بهذه القناة رابط من قبل الحرب و ليس من اليوم، لإخلال الإدارة بالعقد المبرم و هو إخلال من طرف واحد، و التحلل من التزاماتها الذي يتضمنها العقد، و سأضطر لنشر العقد التي بيني و بين إدارة القناة، إن لزم الأمر لقاهر .. أما العماد فلن ينجو و الأيام دول..
(5)
تخوّنوننا نحن و أصحاب الشبكات، و جميعنا أبرياء من تهمكم الابتزازية .. و بخفة تطلقون علينا تهم الخيانة لتمارسون علينا إرهاب السلطة .. ـ فقط لأننا نساند مظلومية .. و لمجرد إنهم يئنون من ظلمكم، و يحاولون مقاومة هذا الظلم بوسائل سلمية محدودة جدا .. فيما (أنتم) تعقدون مع الخصوم و الأعداء الاتفاقيات و الصفقات السرية، و منها على سبيل المثل لا ال
يمنات
أحمد سيف حاشد
(1)
عندما تكون لديكم أو عندكم مشكلة حقيقية و في عقر داركم أو في العاصمة التي تحكموا منها، كان يجب أن تحلوها أنتم بدلا من أن تقوموا بتعقيدها و تصعيدها من جهتكم، إلى حد المطل في تنفيذ الحلول التي أرتضيمتوها أصلا أنتم، بل و الاستمرار بنهب ممتلكات مواطنيكم من أصحاب الشبكات خلافا للدستور و القانون، و الأسوأ أن تعاندوا بصبيانية فجة في تعقيدها و تصعيدها، و محاولة فرض باطلكم على مواطنيكم باستخدام ما بأيدكم من سلطة و سطوة و نفوذ و مقدرات شعب و دولة..
(2)
عندما تمنعون قنواتكم الفضائية، و القنوات الملحقة التابعة لكم، من سؤال مواطنيكم المتضررين من إجراءات و تعسف سلطتكم، بل و تستخدموا منظومة إعلامكم في إرهابهم بتخوينهم و نسب لهم ما ليس فيهم، و فرض باطلكم عليهم باستخدام جور السلطة لقمعهم لمجرد رفضهم أو مقاومتهم السلمية الحذرة و المحدودة لتعسف إجراءاتكم الظالمة و الفادحة، و التي ألحقت الضرر البالغ بهم و بحقوقهم و عوائلهم، من الطبيعي جدا أن تعرفوا أن إعلام خصومكم السياسيين بل و حتى إعلام أعداءكم أن يستغلوا ما فشلتمم به، و يوجهون إعلامهم بالتقاط ما لم تستطيعون التقاطه .. إن لم تدركوا هذا، فهو من فرط غباؤكم و أخطاؤكم و فقدان حكمتكم و صبيانية عنادكم..
(3)
في البداية بدأت بعض وسائل إعلامكم تنشر بعض وجهة نظر أصحاب الشبكات، و لم يكن الإعلام الخارجي أو حتى إعلام خصومكم يتعاطى أو يتحدث عن موضوع الشبكات، و كانوا يرددوا مثل: “ناب كلب في رأس كلب”..
و عندما أغلقتم كل منافسكم الإعلامية المحدودة عليهم، و أوصدتم جميع وسائلكم الإعلامية و الملحقة في وجوههم، بل و بدأتم بتحويل جل وسائلكم الإعلامية و جيشكم الإلكتروني الذي يشرف عليه رئيس الرئيس أحمد حامد، و رئيس الدائرة الإعلامية في مكتب رئاستكم محمد الوريث بتوجيه حملة ضارية و ظالمة على مواطنيكم أصحاب الشبكات لإكراههم على الاستسلام لباطلكم، و لكنهم لم يستسلموا، و ظلت نقابتهم تقارع ظلمكم إلى اليوم..
و لكن أنتم من خدمتم بأفعالكم و ظلمكم وسائل إعلام خصومكم، و إعلام العدوان أيضا، بل أنكم تنفذون ما يريدوه منكم خصومكم على نحو يثير الحيرة و التساؤل، حتى بدأ الأمر أن ما تفعلوه بأنفسكم أكثر ضررا مما يفعله العدو بكم، و ينطبق هذا عليكم إذا فسرنا ما تفعلوه بالغباء المفرط و المدفوع بحسن النية، و أن لديكم دببه انبتموهم بالدفاع عنكم فأضروكم أكثر مما أحسنوا إليكم .. إن الجهل عدو صاحبه .. فإن كان جهلا فأنتم مسؤولين عنه، و إن كان بعلم فقد سرى السم و بات الداء فيكم .. إنه الاختراق، أو أكثر منه..
(4)
عندما تنقلب أنت و تمنع أي وسيلة إعلامية محلية من تناول المشكلة من وجهة نظر من تعتقد من مواطنيك أنهم خصومك، بل و تسخر قنواتك الفضائية و التابعة لها مثل قناة “الساحات” و “معجبها” الذي ليس فيه من العجب إلا ما يصنعه من السقوط الإعلامي المريع و قلة الأدب .. فاعلم أن خصومك سيتناولون مظلمتك التي قدمتها لهم أنت على طبق من ذهب .. أنتم من تصنعون الظلم، و عليكم أن ترفعوه عن المظلومين أصحاب الشبكات .. أنتم من تقدمون المادة الإعلامية بجوركم الفادح و تجبركم و تكبركم، و ليس غيركم من أصحاب الشبكات .. “رمتني بداءها و أنسلت”..
عندما تترك مثل “معجب” يهاجم بعض من مواطنيك الذين تحت سلطتك، و يمارس التحريض عليهم و إرهاب السلطة، و يشكك بولائهم، و يطعن في وطنيتهم، و ينسب لهم تهم الفساد الغلاظ، و يخونهم؛ فهو إرهاب سنقاومه و لن نستسلم له..
أن يصرف “معجب” صكوك الوطنية و التخوين لمواطنين تحت سلطتك و في العاصمة صنعاء و ليس الرياض أو الإمارات أو حتى في بيروت، فهذا ما يجعلنا نقول: “ربي أقم الساعة” إن “معجب” هو بعض من انحطاط عهدكم..
أما أنا فقد تنصلت مرارا من هذه القناة و سياستها الإعلامية التي لم يعد يجمعني بها جامع، و من يعتقد إنها زلتي التي لن أنجوا منها، كما يطرح الفاسد المحمي بسلطة الغلبة محمد العماد، فيجب أن يعرف، و يعرف الجميع أن لدي عقد قانوني مع قناة الساحات و القائمين عليها، يحميني أمام أي جهة قضائية و قانونية، و موثق لدى الجهات الرسمية في اليمن و لبنان..
لم يعد يربطني بهذه القناة رابط من قبل الحرب و ليس من اليوم، لإخلال الإدارة بالعقد المبرم و هو إخلال من طرف واحد، و التحلل من التزاماتها الذي يتضمنها العقد، و سأضطر لنشر العقد التي بيني و بين إدارة القناة، إن لزم الأمر لقاهر .. أما العماد فلن ينجو و الأيام دول..
(5)
تخوّنوننا نحن و أصحاب الشبكات، و جميعنا أبرياء من تهمكم الابتزازية .. و بخفة تطلقون علينا تهم الخيانة لتمارسون علينا إرهاب السلطة .. ـ فقط لأننا نساند مظلومية .. و لمجرد إنهم يئنون من ظلمكم، و يحاولون مقاومة هذا الظلم بوسائل سلمية محدودة جدا .. فيما (أنتم) تعقدون مع الخصوم و الأعداء الاتفاقيات و الصفقات السرية، و منها على سبيل المثل لا ال
تغاريد غير مشفرة (300) .. لـ”الحوثيين” مرة أخرى عن شبكات الواي فاي
يمنات
أحمد سيف حاشد
(1)
عندما تكون لديكم أو عندكم مشكلة حقيقية و في عقر داركم أو في العاصمة التي تحكموا منها، كان يجب أن تحلوها أنتم بدلا من أن تقوموا بتعقيدها و تصعيدها من جهتكم، إلى حد المطل في تنفيذ الحلول التي أرتضيمتوها أصلا أنتم، بل و الاستمرار بنهب ممتلكات مواطنيكم من أصحاب الشبكات خلافا للدستور و القانون، و الأسوأ أن تعاندوا بصبيانية فجة في تعقيدها و تصعيدها، و محاولة فرض باطلكم على مواطنيكم باستخدام ما بأيدكم من سلطة و سطوة و نفوذ و مقدرات شعب و دولة..
(2)
عندما تمنعون قنواتكم الفضائية، و القنوات الملحقة التابعة لكم، من سؤال مواطنيكم المتضررين من إجراءات و تعسف سلطتكم، بل و تستخدموا منظومة إعلامكم في إرهابهم بتخوينهم و نسب لهم ما ليس فيهم، و فرض باطلكم عليهم باستخدام جور السلطة لقمعهم لمجرد رفضهم أو مقاومتهم السلمية الحذرة و المحدودة لتعسف إجراءاتكم الظالمة و الفادحة، و التي ألحقت الضرر البالغ بهم و بحقوقهم و عوائلهم، من الطبيعي جدا أن تعرفوا أن إعلام خصومكم السياسيين بل و حتى إعلام أعداءكم أن يستغلوا ما فشلتمم به، و يوجهون إعلامهم بالتقاط ما لم تستطيعون التقاطه .. إن لم تدركوا هذا، فهو من فرط غباؤكم و أخطاؤكم و فقدان حكمتكم و صبيانية عنادكم..
(3)
في البداية بدأت بعض وسائل إعلامكم تنشر بعض وجهة نظر أصحاب الشبكات، و لم يكن الإعلام الخارجي أو حتى إعلام خصومكم يتعاطى أو يتحدث عن موضوع الشبكات، و كانوا يرددوا مثل: “ناب كلب في رأس كلب”..
و عندما أغلقتم كل منافسكم الإعلامية المحدودة عليهم، و أوصدتم جميع وسائلكم الإعلامية و الملحقة في وجوههم، بل و بدأتم بتحويل جل وسائلكم الإعلامية و جيشكم الإلكتروني الذي يشرف عليه رئيس الرئيس أحمد حامد، و رئيس الدائرة الإعلامية في مكتب رئاستكم محمد الوريث بتوجيه حملة ضارية و ظالمة على مواطنيكم أصحاب الشبكات لإكراههم على الاستسلام لباطلكم، و لكنهم لم يستسلموا، و ظلت نقابتهم تقارع ظلمكم إلى اليوم..
و لكن أنتم من خدمتم بأفعالكم و ظلمكم وسائل إعلام خصومكم، و إعلام العدوان أيضا، بل أنكم تنفذون ما يريدوه منكم خصومكم على نحو يثير الحيرة و التساؤل، حتى بدأ الأمر أن ما تفعلوه بأنفسكم أكثر ضررا مما يفعله العدو بكم، و ينطبق هذا عليكم إذا فسرنا ما تفعلوه بالغباء المفرط و المدفوع بحسن النية، و أن لديكم دببه انبتموهم بالدفاع عنكم فأضروكم أكثر مما أحسنوا إليكم .. إن الجهل عدو صاحبه .. فإن كان جهلا فأنتم مسؤولين عنه، و إن كان بعلم فقد سرى السم و بات الداء فيكم .. إنه الاختراق، أو أكثر منه..
(4)
عندما تنقلب أنت و تمنع أي وسيلة إعلامية محلية من تناول المشكلة من وجهة نظر من تعتقد من مواطنيك أنهم خصومك، بل و تسخر قنواتك الفضائية و التابعة لها مثل قناة “الساحات” و “معجبها” الذي ليس فيه من العجب إلا ما يصنعه من السقوط الإعلامي المريع و قلة الأدب .. فاعلم أن خصومك سيتناولون مظلمتك التي قدمتها لهم أنت على طبق من ذهب .. أنتم من تصنعون الظلم، و عليكم أن ترفعوه عن المظلومين أصحاب الشبكات .. أنتم من تقدمون المادة الإعلامية بجوركم الفادح و تجبركم و تكبركم، و ليس غيركم من أصحاب الشبكات .. “رمتني بداءها و أنسلت”..
عندما تترك مثل “معجب” يهاجم بعض من مواطنيك الذين تحت سلطتك، و يمارس التحريض عليهم و إرهاب السلطة، و يشكك بولائهم، و يطعن في وطنيتهم، و ينسب لهم تهم الفساد الغلاظ، و يخونهم؛ فهو إرهاب سنقاومه و لن نستسلم له..
أن يصرف “معجب” صكوك الوطنية و التخوين لمواطنين تحت سلطتك و في العاصمة صنعاء و ليس الرياض أو الإمارات أو حتى في بيروت، فهذا ما يجعلنا نقول: “ربي أقم الساعة” إن “معجب” هو بعض من انحطاط عهدكم..
أما أنا فقد تنصلت مرارا من هذه القناة و سياستها الإعلامية التي لم يعد يجمعني بها جامع، و من يعتقد إنها زلتي التي لن أنجوا منها، كما يطرح الفاسد المحمي بسلطة الغلبة محمد العماد، فيجب أن يعرف، و يعرف الجميع أن لدي عقد قانوني مع قناة الساحات و القائمين عليها، يحميني أمام أي جهة قضائية و قانونية، و موثق لدى الجهات الرسمية في اليمن و لبنان..
لم يعد يربطني بهذه القناة رابط من قبل الحرب و ليس من اليوم، لإخلال الإدارة بالعقد المبرم و هو إخلال من طرف واحد، و التحلل من التزاماتها الذي يتضمنها العقد، و سأضطر لنشر العقد التي بيني و بين إدارة القناة، إن لزم الأمر لقاهر .. أما العماد فلن ينجو و الأيام دول..
(5)
تخوّنوننا نحن و أصحاب الشبكات، و جميعنا أبرياء من تهمكم الابتزازية .. و بخفة تطلقون علينا تهم الخيانة لتمارسون علينا إرهاب السلطة .. ـ فقط لأننا نساند مظلومية .. و لمجرد إنهم يئنون من ظلمكم، و يحاولون مقاومة هذا الظلم بوسائل سلمية محدودة جدا .. فيما (أنتم) تعقدون مع الخصوم و الأعداء الاتفاقيات و الصفقات السرية، و منها على سبيل المثل لا ال
يمنات
أحمد سيف حاشد
(1)
عندما تكون لديكم أو عندكم مشكلة حقيقية و في عقر داركم أو في العاصمة التي تحكموا منها، كان يجب أن تحلوها أنتم بدلا من أن تقوموا بتعقيدها و تصعيدها من جهتكم، إلى حد المطل في تنفيذ الحلول التي أرتضيمتوها أصلا أنتم، بل و الاستمرار بنهب ممتلكات مواطنيكم من أصحاب الشبكات خلافا للدستور و القانون، و الأسوأ أن تعاندوا بصبيانية فجة في تعقيدها و تصعيدها، و محاولة فرض باطلكم على مواطنيكم باستخدام ما بأيدكم من سلطة و سطوة و نفوذ و مقدرات شعب و دولة..
(2)
عندما تمنعون قنواتكم الفضائية، و القنوات الملحقة التابعة لكم، من سؤال مواطنيكم المتضررين من إجراءات و تعسف سلطتكم، بل و تستخدموا منظومة إعلامكم في إرهابهم بتخوينهم و نسب لهم ما ليس فيهم، و فرض باطلكم عليهم باستخدام جور السلطة لقمعهم لمجرد رفضهم أو مقاومتهم السلمية الحذرة و المحدودة لتعسف إجراءاتكم الظالمة و الفادحة، و التي ألحقت الضرر البالغ بهم و بحقوقهم و عوائلهم، من الطبيعي جدا أن تعرفوا أن إعلام خصومكم السياسيين بل و حتى إعلام أعداءكم أن يستغلوا ما فشلتمم به، و يوجهون إعلامهم بالتقاط ما لم تستطيعون التقاطه .. إن لم تدركوا هذا، فهو من فرط غباؤكم و أخطاؤكم و فقدان حكمتكم و صبيانية عنادكم..
(3)
في البداية بدأت بعض وسائل إعلامكم تنشر بعض وجهة نظر أصحاب الشبكات، و لم يكن الإعلام الخارجي أو حتى إعلام خصومكم يتعاطى أو يتحدث عن موضوع الشبكات، و كانوا يرددوا مثل: “ناب كلب في رأس كلب”..
و عندما أغلقتم كل منافسكم الإعلامية المحدودة عليهم، و أوصدتم جميع وسائلكم الإعلامية و الملحقة في وجوههم، بل و بدأتم بتحويل جل وسائلكم الإعلامية و جيشكم الإلكتروني الذي يشرف عليه رئيس الرئيس أحمد حامد، و رئيس الدائرة الإعلامية في مكتب رئاستكم محمد الوريث بتوجيه حملة ضارية و ظالمة على مواطنيكم أصحاب الشبكات لإكراههم على الاستسلام لباطلكم، و لكنهم لم يستسلموا، و ظلت نقابتهم تقارع ظلمكم إلى اليوم..
و لكن أنتم من خدمتم بأفعالكم و ظلمكم وسائل إعلام خصومكم، و إعلام العدوان أيضا، بل أنكم تنفذون ما يريدوه منكم خصومكم على نحو يثير الحيرة و التساؤل، حتى بدأ الأمر أن ما تفعلوه بأنفسكم أكثر ضررا مما يفعله العدو بكم، و ينطبق هذا عليكم إذا فسرنا ما تفعلوه بالغباء المفرط و المدفوع بحسن النية، و أن لديكم دببه انبتموهم بالدفاع عنكم فأضروكم أكثر مما أحسنوا إليكم .. إن الجهل عدو صاحبه .. فإن كان جهلا فأنتم مسؤولين عنه، و إن كان بعلم فقد سرى السم و بات الداء فيكم .. إنه الاختراق، أو أكثر منه..
(4)
عندما تنقلب أنت و تمنع أي وسيلة إعلامية محلية من تناول المشكلة من وجهة نظر من تعتقد من مواطنيك أنهم خصومك، بل و تسخر قنواتك الفضائية و التابعة لها مثل قناة “الساحات” و “معجبها” الذي ليس فيه من العجب إلا ما يصنعه من السقوط الإعلامي المريع و قلة الأدب .. فاعلم أن خصومك سيتناولون مظلمتك التي قدمتها لهم أنت على طبق من ذهب .. أنتم من تصنعون الظلم، و عليكم أن ترفعوه عن المظلومين أصحاب الشبكات .. أنتم من تقدمون المادة الإعلامية بجوركم الفادح و تجبركم و تكبركم، و ليس غيركم من أصحاب الشبكات .. “رمتني بداءها و أنسلت”..
عندما تترك مثل “معجب” يهاجم بعض من مواطنيك الذين تحت سلطتك، و يمارس التحريض عليهم و إرهاب السلطة، و يشكك بولائهم، و يطعن في وطنيتهم، و ينسب لهم تهم الفساد الغلاظ، و يخونهم؛ فهو إرهاب سنقاومه و لن نستسلم له..
أن يصرف “معجب” صكوك الوطنية و التخوين لمواطنين تحت سلطتك و في العاصمة صنعاء و ليس الرياض أو الإمارات أو حتى في بيروت، فهذا ما يجعلنا نقول: “ربي أقم الساعة” إن “معجب” هو بعض من انحطاط عهدكم..
أما أنا فقد تنصلت مرارا من هذه القناة و سياستها الإعلامية التي لم يعد يجمعني بها جامع، و من يعتقد إنها زلتي التي لن أنجوا منها، كما يطرح الفاسد المحمي بسلطة الغلبة محمد العماد، فيجب أن يعرف، و يعرف الجميع أن لدي عقد قانوني مع قناة الساحات و القائمين عليها، يحميني أمام أي جهة قضائية و قانونية، و موثق لدى الجهات الرسمية في اليمن و لبنان..
لم يعد يربطني بهذه القناة رابط من قبل الحرب و ليس من اليوم، لإخلال الإدارة بالعقد المبرم و هو إخلال من طرف واحد، و التحلل من التزاماتها الذي يتضمنها العقد، و سأضطر لنشر العقد التي بيني و بين إدارة القناة، إن لزم الأمر لقاهر .. أما العماد فلن ينجو و الأيام دول..
(5)
تخوّنوننا نحن و أصحاب الشبكات، و جميعنا أبرياء من تهمكم الابتزازية .. و بخفة تطلقون علينا تهم الخيانة لتمارسون علينا إرهاب السلطة .. ـ فقط لأننا نساند مظلومية .. و لمجرد إنهم يئنون من ظلمكم، و يحاولون مقاومة هذا الظلم بوسائل سلمية محدودة جدا .. فيما (أنتم) تعقدون مع الخصوم و الأعداء الاتفاقيات و الصفقات السرية، و منها على سبيل المثل لا ال
حصر اتفاقية “ظهران الجنوب”..
قريبا أو في مدى غير بعيد ستظهر الخيانات بأصولها في اتفاقيات علنية و سرية، ستُنكشف بعد حين .. و سيكتب التاريخ من الذي باع .. و من الذي خان .. و من الذي عقد الصفقات السرية و مقابل ماذا..؟! و القادمات أكثر..
https://yemenat.net/2020/01/364395/
قريبا أو في مدى غير بعيد ستظهر الخيانات بأصولها في اتفاقيات علنية و سرية، ستُنكشف بعد حين .. و سيكتب التاريخ من الذي باع .. و من الذي خان .. و من الذي عقد الصفقات السرية و مقابل ماذا..؟! و القادمات أكثر..
https://yemenat.net/2020/01/364395/
موقع يمنات الأخباري
تغاريد غير مشفرة (300) .. لـ”الحوثيين” مرة أخرى عن شبكات الواي فاي - موقع يمنات الأخباري
يمنات أحمد سيف حاشد (1) عندما تكون لديكم أو عندكم مشكلة حقيقية و في عقر داركم أو في العاصمة التي تحك
تغاريد غير مشفرة (300) .. لـ”الحوثيين” مرة أخرى عن شبكات الواي فاي
يمنات
أحمد سيف حاشد
(1)
عندما تكون لديكم أو عندكم مشكلة حقيقية و في عقر داركم أو في العاصمة التي تحكموا منها، كان يجب أن تحلوها أنتم بدلا من أن تقوموا بتعقيدها و تصعيدها من جهتكم، إلى حد المطل في تنفيذ الحلول التي أرتضيمتوها أصلا أنتم، بل و الاستمرار بنهب ممتلكات مواطنيكم من أصحاب الشبكات خلافا للدستور و القانون، و الأسوأ أن تعاندوا بصبيانية فجة في تعقيدها و تصعيدها، و محاولة فرض باطلكم على مواطنيكم باستخدام ما بأيدكم من سلطة و سطوة و نفوذ و مقدرات شعب و دولة..
(2)
عندما تمنعون قنواتكم الفضائية، و القنوات الملحقة التابعة لكم، من سؤال مواطنيكم المتضررين من إجراءات و تعسف سلطتكم، بل و تستخدموا منظومة إعلامكم في إرهابهم بتخوينهم و نسب لهم ما ليس فيهم، و فرض باطلكم عليهم باستخدام جور السلطة لقمعهم لمجرد رفضهم أو مقاومتهم السلمية الحذرة و المحدودة لتعسف إجراءاتكم الظالمة و الفادحة، و التي ألحقت الضرر البالغ بهم و بحقوقهم و عوائلهم، من الطبيعي جدا أن تعرفوا أن إعلام خصومكم السياسيين بل و حتى إعلام أعداءكم أن يستغلوا ما فشلتمم به، و يوجهون إعلامهم بالتقاط ما لم تستطيعون التقاطه .. إن لم تدركوا هذا، فهو من فرط غباؤكم و أخطاؤكم و فقدان حكمتكم و صبيانية عنادكم..
(3)
في البداية بدأت بعض وسائل إعلامكم تنشر بعض وجهة نظر أصحاب الشبكات، و لم يكن الإعلام الخارجي أو حتى إعلام خصومكم يتعاطى أو يتحدث عن موضوع الشبكات، و كانوا يرددوا مثل: “ناب كلب في رأس كلب”..
و عندما أغلقتم كل منافسكم الإعلامية المحدودة عليهم، و أوصدتم جميع وسائلكم الإعلامية و الملحقة في وجوههم، بل و بدأتم بتحويل جل وسائلكم الإعلامية و جيشكم الإلكتروني الذي يشرف عليه رئيس الرئيس أحمد حامد، و رئيس الدائرة الإعلامية في مكتب رئاستكم محمد الوريث بتوجيه حملة ضارية و ظالمة على مواطنيكم أصحاب الشبكات لإكراههم على الاستسلام لباطلكم، و لكنهم لم يستسلموا، و ظلت نقابتهم تقارع ظلمكم إلى اليوم..
و لكن أنتم من خدمتم بأفعالكم و ظلمكم وسائل إعلام خصومكم، و إعلام العدوان أيضا، بل أنكم تنفذون ما يريدوه منكم خصومكم على نحو يثير الحيرة و التساؤل، حتى بدأ الأمر أن ما تفعلوه بأنفسكم أكثر ضررا مما يفعله العدو بكم، و ينطبق هذا عليكم إذا فسرنا ما تفعلوه بالغباء المفرط و المدفوع بحسن النية، و أن لديكم دببه انبتموهم بالدفاع عنكم فأضروكم أكثر مما أحسنوا إليكم .. إن الجهل عدو صاحبه .. فإن كان جهلا فأنتم مسؤولين عنه، و إن كان بعلم فقد سرى السم و بات الداء فيكم .. إنه الاختراق، أو أكثر منه..
(4)
عندما تنقلب أنت و تمنع أي وسيلة إعلامية محلية من تناول المشكلة من وجهة نظر من تعتقد من مواطنيك أنهم خصومك، بل و تسخر قنواتك الفضائية و التابعة لها مثل قناة “الساحات” و “معجبها” الذي ليس فيه من العجب إلا ما يصنعه من السقوط الإعلامي المريع و قلة الأدب .. فاعلم أن خصومك سيتناولون مظلمتك التي قدمتها لهم أنت على طبق من ذهب .. أنتم من تصنعون الظلم، و عليكم أن ترفعوه عن المظلومين أصحاب الشبكات .. أنتم من تقدمون المادة الإعلامية بجوركم الفادح و تجبركم و تكبركم، و ليس غيركم من أصحاب الشبكات .. “رمتني بداءها و أنسلت”..
عندما تترك مثل “معجب” يهاجم بعض من مواطنيك الذين تحت سلطتك، و يمارس التحريض عليهم و إرهاب السلطة، و يشكك بولائهم، و يطعن في وطنيتهم، و ينسب لهم تهم الفساد الغلاظ، و يخونهم؛ فهو إرهاب سنقاومه و لن نستسلم له..
أن يصرف “معجب” صكوك الوطنية و التخوين لمواطنين تحت سلطتك و في العاصمة صنعاء و ليس الرياض أو الإمارات أو حتى في بيروت، فهذا ما يجعلنا نقول: “ربي أقم الساعة” إن “معجب” هو بعض من انحطاط عهدكم..
أما أنا فقد تنصلت مرارا من هذه القناة و سياستها الإعلامية التي لم يعد يجمعني بها جامع، و من يعتقد إنها زلتي التي لن أنجوا منها، كما يطرح الفاسد المحمي بسلطة الغلبة محمد العماد، فيجب أن يعرف، و يعرف الجميع أن لدي عقد قانوني مع قناة الساحات و القائمين عليها، يحميني أمام أي جهة قضائية و قانونية، و موثق لدى الجهات الرسمية في اليمن و لبنان..
لم يعد يربطني بهذه القناة رابط من قبل الحرب و ليس من اليوم، لإخلال الإدارة بالعقد المبرم و هو إخلال من طرف واحد، و التحلل من التزاماتها الذي يتضمنها العقد، و سأضطر لنشر العقد التي بيني و بين إدارة القناة، إن لزم الأمر لقاهر .. أما العماد فلن ينجو و الأيام دول..
(5)
تخوّنوننا نحن و أصحاب الشبكات، و جميعنا أبرياء من تهمكم الابتزازية .. و بخفة تطلقون علينا تهم الخيانة لتمارسون علينا إرهاب السلطة .. ـ فقط لأننا نساند مظلومية .. و لمجرد إنهم يئنون من ظلمكم، و يحاولون مقاومة هذا الظلم بوسائل سلمية محدودة جدا .. فيما (أنتم) تعقدون مع الخصوم و الأعداء الاتفاقيات و الصفقات السرية، و منها على سبيل المثل لا ال
يمنات
أحمد سيف حاشد
(1)
عندما تكون لديكم أو عندكم مشكلة حقيقية و في عقر داركم أو في العاصمة التي تحكموا منها، كان يجب أن تحلوها أنتم بدلا من أن تقوموا بتعقيدها و تصعيدها من جهتكم، إلى حد المطل في تنفيذ الحلول التي أرتضيمتوها أصلا أنتم، بل و الاستمرار بنهب ممتلكات مواطنيكم من أصحاب الشبكات خلافا للدستور و القانون، و الأسوأ أن تعاندوا بصبيانية فجة في تعقيدها و تصعيدها، و محاولة فرض باطلكم على مواطنيكم باستخدام ما بأيدكم من سلطة و سطوة و نفوذ و مقدرات شعب و دولة..
(2)
عندما تمنعون قنواتكم الفضائية، و القنوات الملحقة التابعة لكم، من سؤال مواطنيكم المتضررين من إجراءات و تعسف سلطتكم، بل و تستخدموا منظومة إعلامكم في إرهابهم بتخوينهم و نسب لهم ما ليس فيهم، و فرض باطلكم عليهم باستخدام جور السلطة لقمعهم لمجرد رفضهم أو مقاومتهم السلمية الحذرة و المحدودة لتعسف إجراءاتكم الظالمة و الفادحة، و التي ألحقت الضرر البالغ بهم و بحقوقهم و عوائلهم، من الطبيعي جدا أن تعرفوا أن إعلام خصومكم السياسيين بل و حتى إعلام أعداءكم أن يستغلوا ما فشلتمم به، و يوجهون إعلامهم بالتقاط ما لم تستطيعون التقاطه .. إن لم تدركوا هذا، فهو من فرط غباؤكم و أخطاؤكم و فقدان حكمتكم و صبيانية عنادكم..
(3)
في البداية بدأت بعض وسائل إعلامكم تنشر بعض وجهة نظر أصحاب الشبكات، و لم يكن الإعلام الخارجي أو حتى إعلام خصومكم يتعاطى أو يتحدث عن موضوع الشبكات، و كانوا يرددوا مثل: “ناب كلب في رأس كلب”..
و عندما أغلقتم كل منافسكم الإعلامية المحدودة عليهم، و أوصدتم جميع وسائلكم الإعلامية و الملحقة في وجوههم، بل و بدأتم بتحويل جل وسائلكم الإعلامية و جيشكم الإلكتروني الذي يشرف عليه رئيس الرئيس أحمد حامد، و رئيس الدائرة الإعلامية في مكتب رئاستكم محمد الوريث بتوجيه حملة ضارية و ظالمة على مواطنيكم أصحاب الشبكات لإكراههم على الاستسلام لباطلكم، و لكنهم لم يستسلموا، و ظلت نقابتهم تقارع ظلمكم إلى اليوم..
و لكن أنتم من خدمتم بأفعالكم و ظلمكم وسائل إعلام خصومكم، و إعلام العدوان أيضا، بل أنكم تنفذون ما يريدوه منكم خصومكم على نحو يثير الحيرة و التساؤل، حتى بدأ الأمر أن ما تفعلوه بأنفسكم أكثر ضررا مما يفعله العدو بكم، و ينطبق هذا عليكم إذا فسرنا ما تفعلوه بالغباء المفرط و المدفوع بحسن النية، و أن لديكم دببه انبتموهم بالدفاع عنكم فأضروكم أكثر مما أحسنوا إليكم .. إن الجهل عدو صاحبه .. فإن كان جهلا فأنتم مسؤولين عنه، و إن كان بعلم فقد سرى السم و بات الداء فيكم .. إنه الاختراق، أو أكثر منه..
(4)
عندما تنقلب أنت و تمنع أي وسيلة إعلامية محلية من تناول المشكلة من وجهة نظر من تعتقد من مواطنيك أنهم خصومك، بل و تسخر قنواتك الفضائية و التابعة لها مثل قناة “الساحات” و “معجبها” الذي ليس فيه من العجب إلا ما يصنعه من السقوط الإعلامي المريع و قلة الأدب .. فاعلم أن خصومك سيتناولون مظلمتك التي قدمتها لهم أنت على طبق من ذهب .. أنتم من تصنعون الظلم، و عليكم أن ترفعوه عن المظلومين أصحاب الشبكات .. أنتم من تقدمون المادة الإعلامية بجوركم الفادح و تجبركم و تكبركم، و ليس غيركم من أصحاب الشبكات .. “رمتني بداءها و أنسلت”..
عندما تترك مثل “معجب” يهاجم بعض من مواطنيك الذين تحت سلطتك، و يمارس التحريض عليهم و إرهاب السلطة، و يشكك بولائهم، و يطعن في وطنيتهم، و ينسب لهم تهم الفساد الغلاظ، و يخونهم؛ فهو إرهاب سنقاومه و لن نستسلم له..
أن يصرف “معجب” صكوك الوطنية و التخوين لمواطنين تحت سلطتك و في العاصمة صنعاء و ليس الرياض أو الإمارات أو حتى في بيروت، فهذا ما يجعلنا نقول: “ربي أقم الساعة” إن “معجب” هو بعض من انحطاط عهدكم..
أما أنا فقد تنصلت مرارا من هذه القناة و سياستها الإعلامية التي لم يعد يجمعني بها جامع، و من يعتقد إنها زلتي التي لن أنجوا منها، كما يطرح الفاسد المحمي بسلطة الغلبة محمد العماد، فيجب أن يعرف، و يعرف الجميع أن لدي عقد قانوني مع قناة الساحات و القائمين عليها، يحميني أمام أي جهة قضائية و قانونية، و موثق لدى الجهات الرسمية في اليمن و لبنان..
لم يعد يربطني بهذه القناة رابط من قبل الحرب و ليس من اليوم، لإخلال الإدارة بالعقد المبرم و هو إخلال من طرف واحد، و التحلل من التزاماتها الذي يتضمنها العقد، و سأضطر لنشر العقد التي بيني و بين إدارة القناة، إن لزم الأمر لقاهر .. أما العماد فلن ينجو و الأيام دول..
(5)
تخوّنوننا نحن و أصحاب الشبكات، و جميعنا أبرياء من تهمكم الابتزازية .. و بخفة تطلقون علينا تهم الخيانة لتمارسون علينا إرهاب السلطة .. ـ فقط لأننا نساند مظلومية .. و لمجرد إنهم يئنون من ظلمكم، و يحاولون مقاومة هذا الظلم بوسائل سلمية محدودة جدا .. فيما (أنتم) تعقدون مع الخصوم و الأعداء الاتفاقيات و الصفقات السرية، و منها على سبيل المثل لا ال
بعض من تفاصيل حياتي..
احمد سيف حاشد
من طفولتي الأولى
(5)
الموت يداهمنا.. تساؤل ..
لماذا الموت يا إلهي؟! أعلم أنك حكيم، ولكن السؤال أيضا يبحث عن الحكمة والبيان؟! نحن شغوفون بالمعرفة، وربما جُبلنا على هذا، وربما في المعرفة تحدي وجودي للإنسان.. إننا نحاول فهم ما لا يتأتى فهمه، وإماطة اللثام عنه، وكشف ألغازه ومجاهله، ومعرفة ما لا نعرفه، حتى وإن كان عصيا عن الفهم والمعرفة منذ البداية، أو تحتاج الإجابة على الأسئلة إلى مداها الزمني المستحق، إلا أن شرف المحاولة فيه ممارسة وجودية، تجعلنا نستحق هذا الوجود الذي نعيشه..
المعرفة ربما لا تأتي بالتسليم، أو بتجاهل مالا ينبغي تجاهله، ولكنها تأتي من اعتمال العقل والتجربة، واثارت الأسئلة، ومناقشة الفرضيات والنظريات، أو استبدالها أو تصحيحها.. فالخواء لا يقدم علم أو معرفة أو فهم.. ينبغي للأسئلة لتفعل فعلها، أن تنفذ إلى الدخل وتغوص في العمق، ويجري البحث عن الإجابة عليها، وبذل ما في الوسع والاستطاعة من الجهد؛ لاكتشاف ما هو مجهول وغامض، وإزالة كل لبس أو غبش.. سلطان العلم هو ما نحتاجه لننفذ به إلى أقطار السموات العُلا، والأشياء الكبيرة كما قالوا تبدأ بسؤال صغير".. وقيل "إنما شفاء العي السؤال".
الأسئلة هي بوابات المعرفة، وهي السبيل إلى ما نسعى إليه من يقين، أو هي وسيلة تدلنا من أجل الوصول إليه.. نحن هنا نسأل أو نتسأل لنبدد حيرة، تجلي شيئا من معرفة، أو ناصية من علم، أو دليل أو وسيلة، في خدمة الإنسان ومستقبله..
ما كان في دروب الأمس عصيا على الفهم والعلم، أو مستحيلا عليه، صار اليوم معلوما أو واقعا مفهوما وماثلا أمام العيون، ويغدو المستحيل ممكنا، وما كان اليوم عصيا على الفهم والعلم، ربما يصير غدا بديهية معرفية، وما لا نطول جوابه اليوم، سنطوله غدا، وغدا لا ينفذ ولا ينتهي في درب الزمن الطويل أو السرمدي..
المستقبل الذي نروم ونعمل لأجله، سيفكك كثير من أسرار الكون وغموضه.. فالكون مكنوز بالأسرار الهائلة التي لا تنتهي، وربما تفوق كل تصور وخيال.. والمعرفة لا حدود لها.. وطالما بقي إنسان في وجوده، سيظل يحتار ويسأل ويتسأل حتى يصل ويطمئن إلى ما يمكن الوصول إليه، أو يظل يعدل فيما كان يظنه يقين، حتى يصل إليه، أو الحد الأدنى منه، ويستمر تراكم العلم لاكتشاف المزيد، ويستمر الإنسان في حصاد المعرفة، وفي مدى ربما لا ينتهي..
يتسأل البعض: إن كان الموت ضرورة والحياة ضرورة فأنت يا الله على كل شيء قدير.. ماذا كان سيحدث إن عُدمت الضرورات، ولم يخلق الله الخلائق، ولم تشهد الأكوان والعوالم حياة ولا موت؟!
ثم يجيب: ربما لو حدث هذا لانعدم الحزن الوخيم الذي يملئ هذا الوجود على اتساع ما نتخيله..
هكذا أحيانا يجوس ويتمرد علينا السؤال في محبسه، ولاسيما عندما تصير كلفة السؤال أو الإجابة عليه حياة صاحبه..
أنا أكره الموت يا الله، عندما يخطف منا من نعزّهم ونحبّهم.. البقاء غريزة قوية فينا أو جاءت معنا عندما جئنا، لا دخل لنا فيها، ولا حولا ولا قوة.. أكره الموت عندما يخطف منا حبيبا أو عزيزا أو كريما..
الموت رهيب جدا.. الموت سكونا موحشا.. ربما عدما وفراغا يدوم.. ربما الموت فراق للأبد، ورحيل بلا نهاية.. الموت خراب وحزن ثقيل جدا على بني البشر.. هذا ما أشعر به عند رحيل كل عزيز وحبيب، فيما الموت عند الميت ربما شيء مغاير ومختلف..
الموت حالة ربما تتأخر، ولكن مجيئها في حكم الأكيد.. كبار المسلَّمات ربما تكون محل ظن وشك، وأما الموت فحقيقة ويقين.. هو ناموس كما قيل، لا يقبل الشك ولا التفاوض.. ولكن لا يدري الجميع أو الكثير أو البعض بيقين ماذا يحدث لنا بعد الموت والغياب الطويل..
***
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
(6)
موت الأختين
أسرتنا الصغيرة في عدن ـ كما قلت سالفا ـ كانت تتكون من أبي وأمي وأنا وأختين توأم، نور وسامية.. أسرة صغيرة وبسيطة تربص بها الموت مليا حتى ظفر بالزهرتين..
جاء الموت على نحو غريب وغامض، لا زلت أجهل سببه وتفسيره إلى اليوم. شيء أخذ من أسرتنا الصغيرة الأختين (نور، وسامية) وكدت أكون أنا الثالث لولا اللطائف.
أختي نور ماتت، وكان عمرها لا يتجاوز العام .. كانت تصرخ فجأة صراخ طافح وقوي، وما أن يتم حملها تسكت، وعندما يتم وضعها على الأرض تعود بنفس الصراخ، حتى يكاد ينقطع نفسها، فيتم المسارعة لحملها من قبل أبي أو أمي، فتكف عن الصراخ، ويستمر هذا الحال فترة طويلة إلى أن تنام محمولة.. وفجأة صرخت ولم تستعد أنفاسها، وماتت في الحال.
أختي (سامية) عندما كان عمرها أكثر من عام، تكرر معها نفس الحال والأعراض.. تصرخ فجأة دون سبب معروف، ثم يتم المسارعة لحملها من قبل أبي أو أمي فتسكت، وعندما يتم إنزالها إلى القاع أو الفراش، تصرخ مجددا وبصوت قارح، فيتم حملها بسرعة، وينتهي الأمر إلى أن تنام محمولة..
وفي يوم صرخت أختي سامية، فسارع أبي لحملها، ولكن أنقطع نفَسها، ولم تعد، ولم نعرف سببا لموتها إلى اليوم.. قال البعض هراء: ماتت لأن البيت التي نحن فيها مسك
احمد سيف حاشد
من طفولتي الأولى
(5)
الموت يداهمنا.. تساؤل ..
لماذا الموت يا إلهي؟! أعلم أنك حكيم، ولكن السؤال أيضا يبحث عن الحكمة والبيان؟! نحن شغوفون بالمعرفة، وربما جُبلنا على هذا، وربما في المعرفة تحدي وجودي للإنسان.. إننا نحاول فهم ما لا يتأتى فهمه، وإماطة اللثام عنه، وكشف ألغازه ومجاهله، ومعرفة ما لا نعرفه، حتى وإن كان عصيا عن الفهم والمعرفة منذ البداية، أو تحتاج الإجابة على الأسئلة إلى مداها الزمني المستحق، إلا أن شرف المحاولة فيه ممارسة وجودية، تجعلنا نستحق هذا الوجود الذي نعيشه..
المعرفة ربما لا تأتي بالتسليم، أو بتجاهل مالا ينبغي تجاهله، ولكنها تأتي من اعتمال العقل والتجربة، واثارت الأسئلة، ومناقشة الفرضيات والنظريات، أو استبدالها أو تصحيحها.. فالخواء لا يقدم علم أو معرفة أو فهم.. ينبغي للأسئلة لتفعل فعلها، أن تنفذ إلى الدخل وتغوص في العمق، ويجري البحث عن الإجابة عليها، وبذل ما في الوسع والاستطاعة من الجهد؛ لاكتشاف ما هو مجهول وغامض، وإزالة كل لبس أو غبش.. سلطان العلم هو ما نحتاجه لننفذ به إلى أقطار السموات العُلا، والأشياء الكبيرة كما قالوا تبدأ بسؤال صغير".. وقيل "إنما شفاء العي السؤال".
الأسئلة هي بوابات المعرفة، وهي السبيل إلى ما نسعى إليه من يقين، أو هي وسيلة تدلنا من أجل الوصول إليه.. نحن هنا نسأل أو نتسأل لنبدد حيرة، تجلي شيئا من معرفة، أو ناصية من علم، أو دليل أو وسيلة، في خدمة الإنسان ومستقبله..
ما كان في دروب الأمس عصيا على الفهم والعلم، أو مستحيلا عليه، صار اليوم معلوما أو واقعا مفهوما وماثلا أمام العيون، ويغدو المستحيل ممكنا، وما كان اليوم عصيا على الفهم والعلم، ربما يصير غدا بديهية معرفية، وما لا نطول جوابه اليوم، سنطوله غدا، وغدا لا ينفذ ولا ينتهي في درب الزمن الطويل أو السرمدي..
المستقبل الذي نروم ونعمل لأجله، سيفكك كثير من أسرار الكون وغموضه.. فالكون مكنوز بالأسرار الهائلة التي لا تنتهي، وربما تفوق كل تصور وخيال.. والمعرفة لا حدود لها.. وطالما بقي إنسان في وجوده، سيظل يحتار ويسأل ويتسأل حتى يصل ويطمئن إلى ما يمكن الوصول إليه، أو يظل يعدل فيما كان يظنه يقين، حتى يصل إليه، أو الحد الأدنى منه، ويستمر تراكم العلم لاكتشاف المزيد، ويستمر الإنسان في حصاد المعرفة، وفي مدى ربما لا ينتهي..
يتسأل البعض: إن كان الموت ضرورة والحياة ضرورة فأنت يا الله على كل شيء قدير.. ماذا كان سيحدث إن عُدمت الضرورات، ولم يخلق الله الخلائق، ولم تشهد الأكوان والعوالم حياة ولا موت؟!
ثم يجيب: ربما لو حدث هذا لانعدم الحزن الوخيم الذي يملئ هذا الوجود على اتساع ما نتخيله..
هكذا أحيانا يجوس ويتمرد علينا السؤال في محبسه، ولاسيما عندما تصير كلفة السؤال أو الإجابة عليه حياة صاحبه..
أنا أكره الموت يا الله، عندما يخطف منا من نعزّهم ونحبّهم.. البقاء غريزة قوية فينا أو جاءت معنا عندما جئنا، لا دخل لنا فيها، ولا حولا ولا قوة.. أكره الموت عندما يخطف منا حبيبا أو عزيزا أو كريما..
الموت رهيب جدا.. الموت سكونا موحشا.. ربما عدما وفراغا يدوم.. ربما الموت فراق للأبد، ورحيل بلا نهاية.. الموت خراب وحزن ثقيل جدا على بني البشر.. هذا ما أشعر به عند رحيل كل عزيز وحبيب، فيما الموت عند الميت ربما شيء مغاير ومختلف..
الموت حالة ربما تتأخر، ولكن مجيئها في حكم الأكيد.. كبار المسلَّمات ربما تكون محل ظن وشك، وأما الموت فحقيقة ويقين.. هو ناموس كما قيل، لا يقبل الشك ولا التفاوض.. ولكن لا يدري الجميع أو الكثير أو البعض بيقين ماذا يحدث لنا بعد الموت والغياب الطويل..
***
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
(6)
موت الأختين
أسرتنا الصغيرة في عدن ـ كما قلت سالفا ـ كانت تتكون من أبي وأمي وأنا وأختين توأم، نور وسامية.. أسرة صغيرة وبسيطة تربص بها الموت مليا حتى ظفر بالزهرتين..
جاء الموت على نحو غريب وغامض، لا زلت أجهل سببه وتفسيره إلى اليوم. شيء أخذ من أسرتنا الصغيرة الأختين (نور، وسامية) وكدت أكون أنا الثالث لولا اللطائف.
أختي نور ماتت، وكان عمرها لا يتجاوز العام .. كانت تصرخ فجأة صراخ طافح وقوي، وما أن يتم حملها تسكت، وعندما يتم وضعها على الأرض تعود بنفس الصراخ، حتى يكاد ينقطع نفسها، فيتم المسارعة لحملها من قبل أبي أو أمي، فتكف عن الصراخ، ويستمر هذا الحال فترة طويلة إلى أن تنام محمولة.. وفجأة صرخت ولم تستعد أنفاسها، وماتت في الحال.
أختي (سامية) عندما كان عمرها أكثر من عام، تكرر معها نفس الحال والأعراض.. تصرخ فجأة دون سبب معروف، ثم يتم المسارعة لحملها من قبل أبي أو أمي فتسكت، وعندما يتم إنزالها إلى القاع أو الفراش، تصرخ مجددا وبصوت قارح، فيتم حملها بسرعة، وينتهي الأمر إلى أن تنام محمولة..
وفي يوم صرخت أختي سامية، فسارع أبي لحملها، ولكن أنقطع نفَسها، ولم تعد، ولم نعرف سببا لموتها إلى اليوم.. قال البعض هراء: ماتت لأن البيت التي نحن فيها مسك
ونة بالجن، وقال آخرون ماتت "فرحة".. وأي فرحة إذاً وصرخة موتها يشق الجدار.
كنت أحب أختي سامية، كانت جميلة وبهية.. كانت حياتها خاطفة وسريعة.. حياة قصيرة كلحظة عاشق.. كحلم عَجول.. أما أختي نور فكانت حياتها أقصر وأسرع وتفاصيلها عصية على الذاكرة، بعد خمسين عاماً من طفولة باكرة.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
(7)
فقدان موحش وغياب لا ينتهي
لازلت أذكر سامية وهي مسجاة على الفراش.. كانت الرغبة تستبد بي لأعرف ماذا حدث!! كان الغموض عندي بكثافة مجرة مملوءة بالأسرار العصية على الفهم..
كنت أنظر إليها مشدوها كأنني أشاهدها واكتشفها لأول مرة.. رغم الموت كان وجهها نابضا بالنور، وعيونها مشرقة رغم السكون، كانت تلبس ثوبا بلون دم الغزال.. لا زال هذا اللون أثيرا لنفسي وإن كان يذكرني بفراق طويل..
لم أكن أدرك حينها إن الموت خطفها وغيبها للأبد.. لم استوعب أنها لم تعد بيننا وإنها لن تعود..
كنت ابحث عنها على الدوام وابكي وأقول لأمي ابحثي عنها في مكان نومها، أريد أختي، أريد ألعب معها.. لم تحتمل أمي كلماتي الموجعة التي تنز دما وحرقة.. كانت تحاول تبلع غصصها وتداري حسرتها البالغة، فيفضحها انهمار دموعها، فتنفجر بالبكاء وأبكي معها دون أن أعرف السبب..
كرهت الموت من حينها، غير أن أمي كانت تعزيني، وتخفف من وجعي ووجعها، وتقول إنها في السماء، وإنها مرتاحة هناك، وسعيدة بين بنات الحور، وإنها تأكل التفاح واللحم وكل أنواع الفاكهة.. كل ما أنا محروم منه في الدنيا الفانية هي تأكله، وتنعم به في الحياة الثانية..
ربما بعد حين هممت بمغادرة هذا الدنيا الفانية إلى دار الآخرة، لاستمتع بتلك الحياة الرغيدة، وأعوض كل حرمان عشته في هذه الدنيا، ولكن شق علي أن أترك أمي وحدها تنتحب بقية عمرها.. رأيت أن المغادرة بمفردي دونها أنانية تبتليني، ورأيت إن البقاء عذاب لا ينتهي إلا برحيلي.. هكذا بات الأمر سيان، وكأنني أدور في مدار من عذاب لا يريد أن ينتهي.
أخبرتني أمي أنني سألتقي بأختي نور وسامية يوم القيامة.. ومتى ستأتي يوم القيامة؟! إنني أكره الموت والفراق الطويل؟! العجيب إن أمي بعد حين، كانت تقول لي أن الإخوة لا يلتقون في الدار الثانية إلا يوم القيامة، أما بعد القيامة، فلا وصل ولا لقاء بين الإخوة، بنينا أو بنات.. ربما كانت أمي أو من جلب لها هذا القول، يقصد تعميق أواصر الأخوة وتوثيق المحبة بين الإخوة في هذه الدنيا، ولكن كان الأمر بالنسبة لي يعني حزن عميق على فراق لازال بعيد، وحسرة طويلة من الفراق الأبدي البعيد يأتي بعد يوم القيامة..
من فرط تعلقي بأختي سامية، جاءت مولودة لاحقا، فأسموها سامية، تعويضا وتخفيفا من فراغ موحش تركه هذا الموت الذي يغيِّب عنّا من نحب.. هذا الموت القاسي والخالي من الرحمة والمشاعر.. سامية أختي الجديدة جاءت شفيفة ومرهفة وحميمة، ومسكونة بالسمو والنبل الجميل.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
(8)
كدت أموت
ماتت نور وسامية وكدت أكون ثالثهما.. مررت بنفس الحال والأعراض.. كنت أصرخ فجأة كزمجرة رعد على حين غرة، فيما يسارع أبي أو أمي في حملي من الأرض أو قاع المكان، وما أن أعود للأرض مرة أخرى حتى يعود الصراخ.. وأظل محمولا حتى أنام، وأحياناً أقوم من نومي صارخا، ويتكرر المشهد، وتزداد مخاوف أبي وأمي وتوجسهما أنني للحياة مفارق.
لماذا أصرخ ؟! لا زلت أذكر.. لا أستطيع أنسى ما كنت أشاهده.. ما زال المشهد عالقا بالذاكرة، حافرا فيها، وما زال تفسيره وكنهه غامضا وعصيّا على فهمي إلى اليوم.
كنت أشاهد ثعبان أبيض يخرج من القاع.. طوله بحدود المتر.. له أرجل.. أرجله منتشرة على حافتيه ورأسه مربعا متناسق مع جسمه باستثناء أنه مميز بعينين مدورتين، وعرض رأسه أكبر بقليل من عرض جسمه، ولديه شعرتان في مقدمة رأسه وكأنها للاستشعار..
أشاهده بغته يخرج من القاع يجري؛ فأصرخ بهلع بالغ، كما كانت تصرخ الأختان (نور، سامية) صراخ قارح وناري يشق الجدار.. كزمجرة رعد يأتي بغته على نحو صادم في لحظة شرود وتيه.. صراخ ليس له موعدا يشق الليل أو النهار.. ينم عن مشاهدة أمر صادم، مرعب وفظيع.. شيء ما يجعل الفزع والجزع يشقني نصفين.
وعندما كانا يحملاني أبي أو أمي يختفي هذا الثعبان بالقاع، لا أدري كيف يختفي، ولكنه يختفي، وعندما يطرحاني على الأرض، أراه من جديد يخرج من الإسمنت، ويزحف بسرعة في قاع الغرفة، ويتكرر هذا المشهد، ومعه يتكرر الصراخ.. أبي وأمي لا يرونه، أنا كنت الوحيد الذي أراه، ولذلك لم يستطيعا اكتشاف سبب الصراخ وما أشاهده، إن كان لما أشاهده وجود.
في إحدى المرات، تكرر مشهد الصراخ وعندما لمح أبي على يدي خربشات قلم، قام بمسحها، فانتهى صراخي ولم أعد أراه.. فهم الأمر على ما كان سائدا من وعي وثقافة، وتبّدا له الأمر أنني كتبت على يدي اسم شيطان.. ولكن هذا التفسير غير مقنع، ولا يستقيم، لأن حالات كثيرة تكررت معي ومع سامية ونور، دون أن تكون هناك كتابة أو شخابيط .. كم أخشى من ظُلمنا للشيطان، وربما الشيطان بنا كان رحيم.
كنت أحب أختي سامية، كانت جميلة وبهية.. كانت حياتها خاطفة وسريعة.. حياة قصيرة كلحظة عاشق.. كحلم عَجول.. أما أختي نور فكانت حياتها أقصر وأسرع وتفاصيلها عصية على الذاكرة، بعد خمسين عاماً من طفولة باكرة.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
(7)
فقدان موحش وغياب لا ينتهي
لازلت أذكر سامية وهي مسجاة على الفراش.. كانت الرغبة تستبد بي لأعرف ماذا حدث!! كان الغموض عندي بكثافة مجرة مملوءة بالأسرار العصية على الفهم..
كنت أنظر إليها مشدوها كأنني أشاهدها واكتشفها لأول مرة.. رغم الموت كان وجهها نابضا بالنور، وعيونها مشرقة رغم السكون، كانت تلبس ثوبا بلون دم الغزال.. لا زال هذا اللون أثيرا لنفسي وإن كان يذكرني بفراق طويل..
لم أكن أدرك حينها إن الموت خطفها وغيبها للأبد.. لم استوعب أنها لم تعد بيننا وإنها لن تعود..
كنت ابحث عنها على الدوام وابكي وأقول لأمي ابحثي عنها في مكان نومها، أريد أختي، أريد ألعب معها.. لم تحتمل أمي كلماتي الموجعة التي تنز دما وحرقة.. كانت تحاول تبلع غصصها وتداري حسرتها البالغة، فيفضحها انهمار دموعها، فتنفجر بالبكاء وأبكي معها دون أن أعرف السبب..
كرهت الموت من حينها، غير أن أمي كانت تعزيني، وتخفف من وجعي ووجعها، وتقول إنها في السماء، وإنها مرتاحة هناك، وسعيدة بين بنات الحور، وإنها تأكل التفاح واللحم وكل أنواع الفاكهة.. كل ما أنا محروم منه في الدنيا الفانية هي تأكله، وتنعم به في الحياة الثانية..
ربما بعد حين هممت بمغادرة هذا الدنيا الفانية إلى دار الآخرة، لاستمتع بتلك الحياة الرغيدة، وأعوض كل حرمان عشته في هذه الدنيا، ولكن شق علي أن أترك أمي وحدها تنتحب بقية عمرها.. رأيت أن المغادرة بمفردي دونها أنانية تبتليني، ورأيت إن البقاء عذاب لا ينتهي إلا برحيلي.. هكذا بات الأمر سيان، وكأنني أدور في مدار من عذاب لا يريد أن ينتهي.
أخبرتني أمي أنني سألتقي بأختي نور وسامية يوم القيامة.. ومتى ستأتي يوم القيامة؟! إنني أكره الموت والفراق الطويل؟! العجيب إن أمي بعد حين، كانت تقول لي أن الإخوة لا يلتقون في الدار الثانية إلا يوم القيامة، أما بعد القيامة، فلا وصل ولا لقاء بين الإخوة، بنينا أو بنات.. ربما كانت أمي أو من جلب لها هذا القول، يقصد تعميق أواصر الأخوة وتوثيق المحبة بين الإخوة في هذه الدنيا، ولكن كان الأمر بالنسبة لي يعني حزن عميق على فراق لازال بعيد، وحسرة طويلة من الفراق الأبدي البعيد يأتي بعد يوم القيامة..
من فرط تعلقي بأختي سامية، جاءت مولودة لاحقا، فأسموها سامية، تعويضا وتخفيفا من فراغ موحش تركه هذا الموت الذي يغيِّب عنّا من نحب.. هذا الموت القاسي والخالي من الرحمة والمشاعر.. سامية أختي الجديدة جاءت شفيفة ومرهفة وحميمة، ومسكونة بالسمو والنبل الجميل.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
(8)
كدت أموت
ماتت نور وسامية وكدت أكون ثالثهما.. مررت بنفس الحال والأعراض.. كنت أصرخ فجأة كزمجرة رعد على حين غرة، فيما يسارع أبي أو أمي في حملي من الأرض أو قاع المكان، وما أن أعود للأرض مرة أخرى حتى يعود الصراخ.. وأظل محمولا حتى أنام، وأحياناً أقوم من نومي صارخا، ويتكرر المشهد، وتزداد مخاوف أبي وأمي وتوجسهما أنني للحياة مفارق.
لماذا أصرخ ؟! لا زلت أذكر.. لا أستطيع أنسى ما كنت أشاهده.. ما زال المشهد عالقا بالذاكرة، حافرا فيها، وما زال تفسيره وكنهه غامضا وعصيّا على فهمي إلى اليوم.
كنت أشاهد ثعبان أبيض يخرج من القاع.. طوله بحدود المتر.. له أرجل.. أرجله منتشرة على حافتيه ورأسه مربعا متناسق مع جسمه باستثناء أنه مميز بعينين مدورتين، وعرض رأسه أكبر بقليل من عرض جسمه، ولديه شعرتان في مقدمة رأسه وكأنها للاستشعار..
أشاهده بغته يخرج من القاع يجري؛ فأصرخ بهلع بالغ، كما كانت تصرخ الأختان (نور، سامية) صراخ قارح وناري يشق الجدار.. كزمجرة رعد يأتي بغته على نحو صادم في لحظة شرود وتيه.. صراخ ليس له موعدا يشق الليل أو النهار.. ينم عن مشاهدة أمر صادم، مرعب وفظيع.. شيء ما يجعل الفزع والجزع يشقني نصفين.
وعندما كانا يحملاني أبي أو أمي يختفي هذا الثعبان بالقاع، لا أدري كيف يختفي، ولكنه يختفي، وعندما يطرحاني على الأرض، أراه من جديد يخرج من الإسمنت، ويزحف بسرعة في قاع الغرفة، ويتكرر هذا المشهد، ومعه يتكرر الصراخ.. أبي وأمي لا يرونه، أنا كنت الوحيد الذي أراه، ولذلك لم يستطيعا اكتشاف سبب الصراخ وما أشاهده، إن كان لما أشاهده وجود.
في إحدى المرات، تكرر مشهد الصراخ وعندما لمح أبي على يدي خربشات قلم، قام بمسحها، فانتهى صراخي ولم أعد أراه.. فهم الأمر على ما كان سائدا من وعي وثقافة، وتبّدا له الأمر أنني كتبت على يدي اسم شيطان.. ولكن هذا التفسير غير مقنع، ولا يستقيم، لأن حالات كثيرة تكررت معي ومع سامية ونور، دون أن تكون هناك كتابة أو شخابيط .. كم أخشى من ظُلمنا للشيطان، وربما الشيطان بنا كان رحيم.
بعض من تفاصيل حياتي
(9)
احمد سيف حاشد
العودة من عدن إلى القرية
بعد سنتين من إقامتنا في عدن استغنت شركة "البس" التي كان يعمل فيها والدي عن عدد من العمال، وكان أبي من ضمنهم.. مصاب جلل، وقدر بات أكبر منّا.. أي نكبة أصابتنا يا الله؟! يا لسوء الطالع وعاثر الحظ، وخوفنا مما هو قادم ومجهول!! أبي فقد عمله، ولا بديل يعوضه، ولا من يسد لنا هذا القدر الذي بدا أمامنا ثقبا أسودا، وفراغا كونيا يريد ابتلاعنا وتغييبنا في جحيم مجاهله..
لا رجاء سعفنا، ولا بارقة أمل تلوح في الأفق.. وجوم في السماء، وكلح في الأرض، ويأس يتمطى في الشرايين.. لم يعد هنالك من مصدر دخل لنا.. ظروفنا ازدادت سوءًا وانحدارا، وزدنا نحن عوزا وفاقة.. لم يكن أمام أبي من خيار إلا أن يعود بنا إلى قريتنا التي يهرسها بؤسا وشقاء شديدا، ومعاناة تطول، ولا نور في نهاية النفق..
ما أسود الحياة عندما تفقد عملك، وتُقطع أسباب رزقك.. فادح أصابنا، وفادح مضاعف أصاب أبي.. مأساة أسرة فقد فيها ربها دخله المحدود، وأسرة أخرى في القرية تتضور جوعا، لا دخل لها من غير أبي، ولا عوض.. حكم إعدام أنزله علينا القدر دون إمهال أو إنذار..
أبي يهيم على وجهه، يبحث عن وجه الله لعله يجده.. كان الشعور بالضياع وفقدان الأمل قاسيا وساحقا.. أتخيل الحال أن صخرة بحجم مجرة، قذفتها السماء على رأس أبي، وأصابتنا معه في مقتل أطاح بالجميع.. الخيارات محدودة وصعبة، بل في الحقيقة ليس أمامنا من خيار.. لا عمل ولا فرصة عمل أخرى، وكل ما يمكن أن تفكر به من مساعدة غائب ومعدوم.. أنت مبلوع في لجة البحر، بلا يد ولا مجذاف ولا لوح ولا وسيلة خلاص.. لا قشة ترجوها أو تمسك بها مسكت غريق.. جميعنا يغرق في التيه والمجهول وأصقاع الضياع..
عاد بنا أبي إلى القرية.. وباتت المصاب والألم مضاعف.. اسرتين تعاني الجوع، وكل شيء هناك عزيز، ولا أمل في الانتظار ينقذنا من حالنا البائس، ولم تبق أمام أبي إلا المغامرة والرحيل إلى الغربة، يبحث فيها عن فرصة عمل أخرى تسعفنا من حالة البؤس والموت البطيء..
ما حدث لنا ولليمن اليوم، تجعل مأساتنا في الأمس رغم كبرها وفداحتها بالنسبة لنا تبدو بحجم رأس الدبوس، مقارنة بما نشهده اليوم، وهو محيط من العذاب والموت والبشاعة.. نحن اليوم في زمن تعاظمت فيه مصائبه وبشاعاته.. وما كان في الأمس مصابا مقدور عليه بممكن أو بمعركة مستحيل، بات اليوم كوارث تفوق ما تحتمله الجبال، بل ولا تقوى عليه اليمن كلها، وقد جمع لنا العالم وصب فوق رؤوسنا، كل بشاعته وفساده وإنحطاطه وقذارته..
الفارق بين مصائب الأمس وازدحام كوارث اليوم بات خرافيا وغير معقول.. خمس سنوات حرب ضروس، وحروب متعددة تشب وتنشب هنا وهناك.. خمس سنوات عجاف أكل فيها شعبنا دواخله، وأكل المجتمع الواحد بعضه بعض، وأكلت النار معظمه.. خمس سنوات حروب بشعة ودميمة، سحقت شعبنا طولا وعرضا.. مـأساة بعمق سحيق، وطول وعرض تبدّى لنا محيط دون أطراف ولا خلجان ولا منتهى..
كيف لك أن تتخيل حجم الكارثة، وأنت ترى اليوم مليون ونصف المليون موظف ومتقاعد ومستفيد قد قطعت رواتبهم، وقطعت معها أسباب رزقهم.. وتكايدت أطراف الحرب مع بعضها لتتخلى عن المسؤولية حيال رواتب مليون ونصف عامل وموظف ومتقاعد، يعيلون ما لا يقل عن عشرة مليون إنسان، باتوا مفقرين ومعدمين، تفتك بهم الأمراض والأوبئة والمجاعة والتشرد، كما تفتك بهم الحرب منذ خمس سنوات طوال، وفي محيطنا عالم متوحش، غارق بالبشاعة والدمامة والإجرام..
أكثر من مليون مواطن يقتل بعضه بعضا في الخنادق والجبهات، بل وحماية الحدود الأجنبية أيضا.. سلطات مُغتصِبة وأرض مُغتصَبه، وقيم إنسانية مُهدرة، وحقوق شعب مستباح، ونهب وانهيار، وجهلة وأمراء حرب يحكمون ويتسلطون.. وأكثر من هذا عدوان كبير، واحتلال همجي بشع وغير مسبوق في تاريخ اليمن من أوله إلى يوم بدأت هذه الحروب اللعينة قبل خمس سنوات، ولا تزال.. ما حدث كان أكبر من أن يوصف، ولم يكن يخطر من قبل ببال ولا حسبان..
أعود إلى الماضي ومحنة والدي الذي فقد عمله.. وكان هذا قبل استقلال الجنوب من الاحتلال البريطاني.. وبعد أن ضاقت الدنيا في وجه أبي ودلهمت.. وبعد أن فقدنا مصدر رزقنا وما نقتات في عدن.. عدنا إلى القرية التي جئنا منها، كأسماك السليمون التي تعود من مهجرها لتموت في مسقط رأسها، أما أبي فعليه أن يواصل البحث والهيام في فرصة عمل ولا عذر ليتخلى عن مسؤولياته وإن كان مصابنا وقدرنا أكبر من الجميع.. فكانت وجهته هذه المرة إلى "بربرة" الصومال الشقيق.
في طريق عودتنا إلى القرية ومغادرتنا لعدن كنت أشاهد عساكر الإنجليز في النقاط والحواجز العسكرية.. كانوا يلبسون القميص الكاكي والسروال القصير وطاقية الرأس العسكرية.. الغريب أنهم كانوا يودعوننا بتعظيم سلام.. يضع العسكري يده على محيّاه ويحيِّنا بتحية تَكرِم وتليق..
يحيِّنا وهو بوضع الاستعداد والانتباه بتحية عسكرية مملوءة بالمهابة والتقدير.. وكان رأسي الصغير وأنا أشاهدهم يعج بالأسئلة..
كنت أسأل
(9)
احمد سيف حاشد
العودة من عدن إلى القرية
بعد سنتين من إقامتنا في عدن استغنت شركة "البس" التي كان يعمل فيها والدي عن عدد من العمال، وكان أبي من ضمنهم.. مصاب جلل، وقدر بات أكبر منّا.. أي نكبة أصابتنا يا الله؟! يا لسوء الطالع وعاثر الحظ، وخوفنا مما هو قادم ومجهول!! أبي فقد عمله، ولا بديل يعوضه، ولا من يسد لنا هذا القدر الذي بدا أمامنا ثقبا أسودا، وفراغا كونيا يريد ابتلاعنا وتغييبنا في جحيم مجاهله..
لا رجاء سعفنا، ولا بارقة أمل تلوح في الأفق.. وجوم في السماء، وكلح في الأرض، ويأس يتمطى في الشرايين.. لم يعد هنالك من مصدر دخل لنا.. ظروفنا ازدادت سوءًا وانحدارا، وزدنا نحن عوزا وفاقة.. لم يكن أمام أبي من خيار إلا أن يعود بنا إلى قريتنا التي يهرسها بؤسا وشقاء شديدا، ومعاناة تطول، ولا نور في نهاية النفق..
ما أسود الحياة عندما تفقد عملك، وتُقطع أسباب رزقك.. فادح أصابنا، وفادح مضاعف أصاب أبي.. مأساة أسرة فقد فيها ربها دخله المحدود، وأسرة أخرى في القرية تتضور جوعا، لا دخل لها من غير أبي، ولا عوض.. حكم إعدام أنزله علينا القدر دون إمهال أو إنذار..
أبي يهيم على وجهه، يبحث عن وجه الله لعله يجده.. كان الشعور بالضياع وفقدان الأمل قاسيا وساحقا.. أتخيل الحال أن صخرة بحجم مجرة، قذفتها السماء على رأس أبي، وأصابتنا معه في مقتل أطاح بالجميع.. الخيارات محدودة وصعبة، بل في الحقيقة ليس أمامنا من خيار.. لا عمل ولا فرصة عمل أخرى، وكل ما يمكن أن تفكر به من مساعدة غائب ومعدوم.. أنت مبلوع في لجة البحر، بلا يد ولا مجذاف ولا لوح ولا وسيلة خلاص.. لا قشة ترجوها أو تمسك بها مسكت غريق.. جميعنا يغرق في التيه والمجهول وأصقاع الضياع..
عاد بنا أبي إلى القرية.. وباتت المصاب والألم مضاعف.. اسرتين تعاني الجوع، وكل شيء هناك عزيز، ولا أمل في الانتظار ينقذنا من حالنا البائس، ولم تبق أمام أبي إلا المغامرة والرحيل إلى الغربة، يبحث فيها عن فرصة عمل أخرى تسعفنا من حالة البؤس والموت البطيء..
ما حدث لنا ولليمن اليوم، تجعل مأساتنا في الأمس رغم كبرها وفداحتها بالنسبة لنا تبدو بحجم رأس الدبوس، مقارنة بما نشهده اليوم، وهو محيط من العذاب والموت والبشاعة.. نحن اليوم في زمن تعاظمت فيه مصائبه وبشاعاته.. وما كان في الأمس مصابا مقدور عليه بممكن أو بمعركة مستحيل، بات اليوم كوارث تفوق ما تحتمله الجبال، بل ولا تقوى عليه اليمن كلها، وقد جمع لنا العالم وصب فوق رؤوسنا، كل بشاعته وفساده وإنحطاطه وقذارته..
الفارق بين مصائب الأمس وازدحام كوارث اليوم بات خرافيا وغير معقول.. خمس سنوات حرب ضروس، وحروب متعددة تشب وتنشب هنا وهناك.. خمس سنوات عجاف أكل فيها شعبنا دواخله، وأكل المجتمع الواحد بعضه بعض، وأكلت النار معظمه.. خمس سنوات حروب بشعة ودميمة، سحقت شعبنا طولا وعرضا.. مـأساة بعمق سحيق، وطول وعرض تبدّى لنا محيط دون أطراف ولا خلجان ولا منتهى..
كيف لك أن تتخيل حجم الكارثة، وأنت ترى اليوم مليون ونصف المليون موظف ومتقاعد ومستفيد قد قطعت رواتبهم، وقطعت معها أسباب رزقهم.. وتكايدت أطراف الحرب مع بعضها لتتخلى عن المسؤولية حيال رواتب مليون ونصف عامل وموظف ومتقاعد، يعيلون ما لا يقل عن عشرة مليون إنسان، باتوا مفقرين ومعدمين، تفتك بهم الأمراض والأوبئة والمجاعة والتشرد، كما تفتك بهم الحرب منذ خمس سنوات طوال، وفي محيطنا عالم متوحش، غارق بالبشاعة والدمامة والإجرام..
أكثر من مليون مواطن يقتل بعضه بعضا في الخنادق والجبهات، بل وحماية الحدود الأجنبية أيضا.. سلطات مُغتصِبة وأرض مُغتصَبه، وقيم إنسانية مُهدرة، وحقوق شعب مستباح، ونهب وانهيار، وجهلة وأمراء حرب يحكمون ويتسلطون.. وأكثر من هذا عدوان كبير، واحتلال همجي بشع وغير مسبوق في تاريخ اليمن من أوله إلى يوم بدأت هذه الحروب اللعينة قبل خمس سنوات، ولا تزال.. ما حدث كان أكبر من أن يوصف، ولم يكن يخطر من قبل ببال ولا حسبان..
أعود إلى الماضي ومحنة والدي الذي فقد عمله.. وكان هذا قبل استقلال الجنوب من الاحتلال البريطاني.. وبعد أن ضاقت الدنيا في وجه أبي ودلهمت.. وبعد أن فقدنا مصدر رزقنا وما نقتات في عدن.. عدنا إلى القرية التي جئنا منها، كأسماك السليمون التي تعود من مهجرها لتموت في مسقط رأسها، أما أبي فعليه أن يواصل البحث والهيام في فرصة عمل ولا عذر ليتخلى عن مسؤولياته وإن كان مصابنا وقدرنا أكبر من الجميع.. فكانت وجهته هذه المرة إلى "بربرة" الصومال الشقيق.
في طريق عودتنا إلى القرية ومغادرتنا لعدن كنت أشاهد عساكر الإنجليز في النقاط والحواجز العسكرية.. كانوا يلبسون القميص الكاكي والسروال القصير وطاقية الرأس العسكرية.. الغريب أنهم كانوا يودعوننا بتعظيم سلام.. يضع العسكري يده على محيّاه ويحيِّنا بتحية تَكرِم وتليق..
يحيِّنا وهو بوضع الاستعداد والانتباه بتحية عسكرية مملوءة بالمهابة والتقدير.. وكان رأسي الصغير وأنا أشاهدهم يعج بالأسئلة..
كنت أسأل
نفسي ببراءة طفل: هل يتحركون؟! هل يستمرون بهذه الهيئة ليل ونهار؟! كنت أتمنى أن تتوقف سيارة (اللاندروفر) التي تقلّنا وقت طويل أمام كل واحد منهم لأراهم كم يستمرون على (تعظيم سلام)، كنتُ أريد أن أملئ عيوني من كل واحد منهم ساعات طوال.. اليوم بدا لي أنهم يريدون بهذا الوداع الجميل أن يتركوا انطباعاً حسناً لدى المغادرين إلى أرض الشمال.. وبين أمس واليوم عوالم وتحوّلات لم تكن تخطر ببال.
عدنا من عدن إلى قريتنا (شرار) في (القبيطة) مثقلين بالحزن، والفراق الطويل.. عدنا نمضغ بؤسنا كماضغ الملح والصديد.. عدنا وجراحنا عميقة وغائرة في النفوس.. عدنا وقد نقصنا عن عدد مجيئنا اثنين "نور وسامية"، وكدت أكون ثالثهما.. مؤسف أن نعود وقد نقص من عدد أسرتنا الصغيرة اثنين.. يا لهول الخسارة.. عدنا ونحن نحمل حزنا ثقيلا وقليلا من المتاع.. عدنا وقد تركنا فيها ذكريات أليمة، وقبرين صغيرين، حصيلة غربة بدت لنا فادحة ومكلفة.
***
يتبع
عدنا من عدن إلى قريتنا (شرار) في (القبيطة) مثقلين بالحزن، والفراق الطويل.. عدنا نمضغ بؤسنا كماضغ الملح والصديد.. عدنا وجراحنا عميقة وغائرة في النفوس.. عدنا وقد نقصنا عن عدد مجيئنا اثنين "نور وسامية"، وكدت أكون ثالثهما.. مؤسف أن نعود وقد نقص من عدد أسرتنا الصغيرة اثنين.. يا لهول الخسارة.. عدنا ونحن نحمل حزنا ثقيلا وقليلا من المتاع.. عدنا وقد تركنا فيها ذكريات أليمة، وقبرين صغيرين، حصيلة غربة بدت لنا فادحة ومكلفة.
***
يتبع
دأ بالسير والصعود نحو مقام "الشيخ حي" في تلة الجبل.. يتحرك الجمع رويدا رويدا وهم ينبضون ويفيضون بالنور، والجمع أبهى من ألف عريس.. وما يفعله المجاذيب يأسرون طفولتك بما لا يُنسى من العجب..
لازلت أذكر المجذوب هنا، وهو يبدأ في الارتعاش.. أخرج جنبيته من غمدها، وبدأ يضع رأسها في راحة يده اليسرى ويمناه قابضة على مقبضها.. مايلها ومايل يديه مرتين وثلاث على زاوية من عينيه، وكأنه يبحث في لمعانها عن شفرة أو سر ينتظر موعده أو تدفقه..
قالوا إنه يبحث وينتظر الشارة التي تأذن له في الدخول إلى غمرة الجذب.. بدأ يهتز كغصن في وجه الريح، أو شجرة كافور في وجه عاصفة.. ثم يجثوا على ركبتيه، ويضرب بحد الجنبية كتفيه ايمنا وأيسرا، دون أن نرى دما أو أثرا.. يعيد وضعية جثيه على أطراف أصابع قدميه متحفزا، ويهيل الضربات على سرفتيه.. يطعن بطنه بضربات متلاحقة، ولا يترك أثر على جسمه رغم كل ما فعل.. لم يترك أثر غير حيرة ودهشة تكسي وجوه طفولتنا الباكرة.. ثم يعود ويفوق من غمرته، ويخرج من نوبة حالته، ويعود إلى طبيعته ولا كأن أمر خارق قد حدث..
ما أجمل تلك الأيام القلائل، وما أجمل الطفولة فيها، وكلاهما قطعا لن تعود..
***
يتبع
لازلت أذكر المجذوب هنا، وهو يبدأ في الارتعاش.. أخرج جنبيته من غمدها، وبدأ يضع رأسها في راحة يده اليسرى ويمناه قابضة على مقبضها.. مايلها ومايل يديه مرتين وثلاث على زاوية من عينيه، وكأنه يبحث في لمعانها عن شفرة أو سر ينتظر موعده أو تدفقه..
قالوا إنه يبحث وينتظر الشارة التي تأذن له في الدخول إلى غمرة الجذب.. بدأ يهتز كغصن في وجه الريح، أو شجرة كافور في وجه عاصفة.. ثم يجثوا على ركبتيه، ويضرب بحد الجنبية كتفيه ايمنا وأيسرا، دون أن نرى دما أو أثرا.. يعيد وضعية جثيه على أطراف أصابع قدميه متحفزا، ويهيل الضربات على سرفتيه.. يطعن بطنه بضربات متلاحقة، ولا يترك أثر على جسمه رغم كل ما فعل.. لم يترك أثر غير حيرة ودهشة تكسي وجوه طفولتنا الباكرة.. ثم يعود ويفوق من غمرته، ويخرج من نوبة حالته، ويعود إلى طبيعته ولا كأن أمر خارق قد حدث..
ما أجمل تلك الأيام القلائل، وما أجمل الطفولة فيها، وكلاهما قطعا لن تعود..
***
يتبع