Forwarded from يمنات
تغاريد غير مشفرة (297) .. شكرا لسفهائكم
https://yemenat.net/2020/01/363541/
https://yemenat.net/2020/01/363541/
موقع يمنات الأخباري
تغاريد غير مشفرة (297) .. شكرا لسفهائكم - موقع يمنات الأخباري
يمنات أحمد سيف حاشد (1) الرأي و الرأي الآخر لديهم ينطبق عليه مثل: "إن ابننا ضرب ابنكم جهال و عيسدوا
Forwarded from يمنات
تغاريد غير مشفرة (298) .. لماذا رجالك يكذبون عليك و يقلبون الحقائق رأسا على عقب..؟!!
https://yemenat.net/2020/01/363595/
https://yemenat.net/2020/01/363595/
موقع يمنات الأخباري
تغاريد غير مشفرة (298) .. لماذا رجالك يكذبون عليك و يقلبون الحقائق رأسا على عقب..؟!! - موقع يمنات الأخباري
يمنات أحمد سيف حاشد بعض المحترمين قالوا لي و هم يقرؤوا منشوراتي: "صبر أنصار الله عليك جهاد".. أما أن
ما أجمل الفقراء..
هربت إلى مكان قريب. ثم تسللت إلى مقبرة صغيرة في عرض الجبل”إجت الجفيف”، شعرت بالوحشة ولم اهدأ ولم يأتني نوم ولم اطمئن. كنت أتوجس أن يخرج الأموات من قبورهم. اسمع حكايات كثيرة عن حياة الأموات في قبورهم. أردت أن أجد مكانا أكثر أماناً حتى إذا ما داهمني سبع أو ضبع مفترس أجد من يسارع في نجدتي. لقد سمعت عن رجال كبار أكلتهم الضباع والسباع ولم يبقَ منهم سوى بقايا من عظام وأطراف.
لجأت إلى مكان قريب من منزل شخص كان يطحنه الفقر، شخص اسمه ثابت صالح. كان يكدح من الصباح إلى المساء بإيجار قليل. كان يحرث ويحمل الحجار على ظهره طوال النهار عندما يبني الناس بيوتهم. كان بيته متواضعاً جدا ولكن قلبه كان أكبر من قصر ملك وأخلاقه عظيمةً جداً.
سمع “ثابت” خطواتي في الجبل، والليل في ريفنا له أذان.. سمع حصى تتساقط بسب تسلقي بعض الجدران. ونتوءات الجبل أيقن أن هناك أمرا ما. وجه الضوء نحو الصوت وبدأ ينادي من هناك؟! كرر الأمر مرتين وثلاث. أزداد يقينا بوجود شيء يستدعي الاهتمام.
طلع إلى المكان الذي كنت فيه. وجدني وعرفني وألح عليّ أن أنزل لأبيت عند أسرته. نزلت معه. رحبت بي زوجته وكانت صديقة أمي. لم تصدق أنني من وجده زوجها في الجبل. رحبت بي ترحيب الأم المحب. أكرمتني وأشعرتني أن لدي أب حنون وأم ثانية. سألتني عما حدث في بيتنا ولماذا كان كل ذاك الصراخ الذي سمعوه في بيتنا.
حكيت لها ما حدث. اغرورقت عيناها بالدموع. شعرت بعاطفة جارفة عندهم وحب كبير. ما أجملكم أيها الفقراء. قلوبكم بيضاء نقية دافقة بالحب والطيبة والحنان والمعروف.
وفي اليوم الثاني زفَّت زوجة ثابت الخبر لأمي المريضة وطمأنتها، وبعد ثلاثة أيام عدت للمنزل بعد مفاوضات بدت صعبة لكنها تمت على خير.
عدت إلى المنزل وكان أبي يشكو لأخي الأكبر ـ من أبي ـ “علي” والذي كان مسافراً عندما حدث ما حدث. سمعت أبي وهو يقول له”: شوف أخوك أيش أشتغل”. وكان يريه جدران الديوان وما لحق به من ضرر بسبب الرصاص. ومن يومها أخذني أخي إلى بيته في القرية عند خالتي التي أغرقتني بحنانها وعطفها.
هربت إلى مكان قريب. ثم تسللت إلى مقبرة صغيرة في عرض الجبل”إجت الجفيف”، شعرت بالوحشة ولم اهدأ ولم يأتني نوم ولم اطمئن. كنت أتوجس أن يخرج الأموات من قبورهم. اسمع حكايات كثيرة عن حياة الأموات في قبورهم. أردت أن أجد مكانا أكثر أماناً حتى إذا ما داهمني سبع أو ضبع مفترس أجد من يسارع في نجدتي. لقد سمعت عن رجال كبار أكلتهم الضباع والسباع ولم يبقَ منهم سوى بقايا من عظام وأطراف.
لجأت إلى مكان قريب من منزل شخص كان يطحنه الفقر، شخص اسمه ثابت صالح. كان يكدح من الصباح إلى المساء بإيجار قليل. كان يحرث ويحمل الحجار على ظهره طوال النهار عندما يبني الناس بيوتهم. كان بيته متواضعاً جدا ولكن قلبه كان أكبر من قصر ملك وأخلاقه عظيمةً جداً.
سمع “ثابت” خطواتي في الجبل، والليل في ريفنا له أذان.. سمع حصى تتساقط بسب تسلقي بعض الجدران. ونتوءات الجبل أيقن أن هناك أمرا ما. وجه الضوء نحو الصوت وبدأ ينادي من هناك؟! كرر الأمر مرتين وثلاث. أزداد يقينا بوجود شيء يستدعي الاهتمام.
طلع إلى المكان الذي كنت فيه. وجدني وعرفني وألح عليّ أن أنزل لأبيت عند أسرته. نزلت معه. رحبت بي زوجته وكانت صديقة أمي. لم تصدق أنني من وجده زوجها في الجبل. رحبت بي ترحيب الأم المحب. أكرمتني وأشعرتني أن لدي أب حنون وأم ثانية. سألتني عما حدث في بيتنا ولماذا كان كل ذاك الصراخ الذي سمعوه في بيتنا.
حكيت لها ما حدث. اغرورقت عيناها بالدموع. شعرت بعاطفة جارفة عندهم وحب كبير. ما أجملكم أيها الفقراء. قلوبكم بيضاء نقية دافقة بالحب والطيبة والحنان والمعروف.
وفي اليوم الثاني زفَّت زوجة ثابت الخبر لأمي المريضة وطمأنتها، وبعد ثلاثة أيام عدت للمنزل بعد مفاوضات بدت صعبة لكنها تمت على خير.
عدت إلى المنزل وكان أبي يشكو لأخي الأكبر ـ من أبي ـ “علي” والذي كان مسافراً عندما حدث ما حدث. سمعت أبي وهو يقول له”: شوف أخوك أيش أشتغل”. وكان يريه جدران الديوان وما لحق به من ضرر بسبب الرصاص. ومن يومها أخذني أخي إلى بيته في القرية عند خالتي التي أغرقتني بحنانها وعطفها.
هيفاء..
“1”
“هيفاء” نسمة بحر.. “هيفاء” روح الله.. “هيفاء” أسرار جمال الأرض، “هيفاء” تسبيحات صوفي مسكون بالواحد، وشلال غفران لا ينضب..
“هيفاء” ملكوت الله وتسبيحات الكون باسمه، وصلاة عوالمه لجلالته.. وأنا قليل الحيلة في قاع بير جفت أندب حظي البائس.. كيف أقارن والفارق كالفرق بين مخلوق وخالقه.. الفارق أكبر كالفرق بين ذرّة رمل ومجرَّة.. هي بنت وزير عالٍ وأنا إنسان بسيط جدا ومسحوق حد العدم.. أنا إنسان لا زلت أعيش خواي، وبؤس أسمع صريره في صلب عظامي، وأعيش فراغا في عاطفتي بحجم الكون وأكبر.
قبل سنوات وأنا دون الـ16عام سكنت على سطوح “مصباغة” في المعلا.. كل يوم تضحي الشمس على ظهري وتشويني في الرابعة، ويلهطني شد الحر، من يرحمني من غضب الشمس؟! وحبيبات الحر تسلخ جلدي، وتشوِّه جسدي المنهك، ولا تترك مكانا فيه إلا وأصاب فيه الحر مكمن أو مقتل..
كنت أذرع الشارع وأجوس، أتمنى أن أجد من يتبناني عام أو شهر.. فراغ عاطفي يهرس عظمي.. أبحث عن بيت تأويني وأسرة حانية تهتم لأمري.. كنت أرى من يملك في عدن بيتا من طوب أو بردين أو كوخا من قش أشبه بمن أكمل دينه ودنياه وظفر بفردوس الجنة على الأرض..
أما أنا يا الله لا مأوى لي ولا فرش.. وعندما ظفرت وكأن الدنيا غفرت، وجدت بيتا آوي إليها لم تكتمل بعد، كانت تشبه بيت الفئران، فيما بيت من أحببت في منزلة الله وجواره أو تحت ظلاله وإن دنا من وصفي الفحش أنزل درجة .. جوار سدرة المنتهى أو أرفع .. هكذا بدا لي الفرق بين الاثنين..
يا لفارق يقسم ظهري ويا لطلب يجعل فمي مكتظ بلساني المعقود بخرس الصخر والأحجار لمجرد تفكير غامر ومغامر في أن أطلب يدها ولو حتى في الحلم المشفوع بالنوم الغارق في العمق..
يا إلهي.. أنا ابن الدباغ، كيف يمكن أن أجمع شجاعتي وأفكر بطلب اليد ويدي مقطوعة بالحاجة.. أنني أشبه بمن يفكر بالثورة على مقدَس متجذر في عمق الوعي، ومتأصل في عمق الوجدان في وسط جامع غارق بالتهويم والتحريم الأشد غلاظة..
أي جنون هذا يمكنه أن يحمل فقيرا مهروس بالفقر ليتجرأ بطلب يد فتاة تعلوه الدرجة ضوء بألف سنة مما نعُد..
ماذا سأقول لها ولأهل العد إن سألوني هل لديك فلة أو بيت؟! سؤال يصعق جبلا ويقذف في وجهي خيبات الأرض جحيم جهنم..
هل أنا باغ يا رب لمجرد تفكير في طلب لا أملكه وبحب أبعد من عين الشمس.. عالق بالفرقد.. يبدو أن الله قد كتب لي في لوحه المحفوظ حظّي العاثر بالفقدان والمصلوب بشقاء البؤس وغياب يصل حد المعدوم.
“1”
“هيفاء” نسمة بحر.. “هيفاء” روح الله.. “هيفاء” أسرار جمال الأرض، “هيفاء” تسبيحات صوفي مسكون بالواحد، وشلال غفران لا ينضب..
“هيفاء” ملكوت الله وتسبيحات الكون باسمه، وصلاة عوالمه لجلالته.. وأنا قليل الحيلة في قاع بير جفت أندب حظي البائس.. كيف أقارن والفارق كالفرق بين مخلوق وخالقه.. الفارق أكبر كالفرق بين ذرّة رمل ومجرَّة.. هي بنت وزير عالٍ وأنا إنسان بسيط جدا ومسحوق حد العدم.. أنا إنسان لا زلت أعيش خواي، وبؤس أسمع صريره في صلب عظامي، وأعيش فراغا في عاطفتي بحجم الكون وأكبر.
قبل سنوات وأنا دون الـ16عام سكنت على سطوح “مصباغة” في المعلا.. كل يوم تضحي الشمس على ظهري وتشويني في الرابعة، ويلهطني شد الحر، من يرحمني من غضب الشمس؟! وحبيبات الحر تسلخ جلدي، وتشوِّه جسدي المنهك، ولا تترك مكانا فيه إلا وأصاب فيه الحر مكمن أو مقتل..
كنت أذرع الشارع وأجوس، أتمنى أن أجد من يتبناني عام أو شهر.. فراغ عاطفي يهرس عظمي.. أبحث عن بيت تأويني وأسرة حانية تهتم لأمري.. كنت أرى من يملك في عدن بيتا من طوب أو بردين أو كوخا من قش أشبه بمن أكمل دينه ودنياه وظفر بفردوس الجنة على الأرض..
أما أنا يا الله لا مأوى لي ولا فرش.. وعندما ظفرت وكأن الدنيا غفرت، وجدت بيتا آوي إليها لم تكتمل بعد، كانت تشبه بيت الفئران، فيما بيت من أحببت في منزلة الله وجواره أو تحت ظلاله وإن دنا من وصفي الفحش أنزل درجة .. جوار سدرة المنتهى أو أرفع .. هكذا بدا لي الفرق بين الاثنين..
يا لفارق يقسم ظهري ويا لطلب يجعل فمي مكتظ بلساني المعقود بخرس الصخر والأحجار لمجرد تفكير غامر ومغامر في أن أطلب يدها ولو حتى في الحلم المشفوع بالنوم الغارق في العمق..
يا إلهي.. أنا ابن الدباغ، كيف يمكن أن أجمع شجاعتي وأفكر بطلب اليد ويدي مقطوعة بالحاجة.. أنني أشبه بمن يفكر بالثورة على مقدَس متجذر في عمق الوعي، ومتأصل في عمق الوجدان في وسط جامع غارق بالتهويم والتحريم الأشد غلاظة..
أي جنون هذا يمكنه أن يحمل فقيرا مهروس بالفقر ليتجرأ بطلب يد فتاة تعلوه الدرجة ضوء بألف سنة مما نعُد..
ماذا سأقول لها ولأهل العد إن سألوني هل لديك فلة أو بيت؟! سؤال يصعق جبلا ويقذف في وجهي خيبات الأرض جحيم جهنم..
هل أنا باغ يا رب لمجرد تفكير في طلب لا أملكه وبحب أبعد من عين الشمس.. عالق بالفرقد.. يبدو أن الله قد كتب لي في لوحه المحفوظ حظّي العاثر بالفقدان والمصلوب بشقاء البؤس وغياب يصل حد المعدوم.
(2)
الحب من طرف واحد
كم كنت كتوماً يا “هيفاء”، وسرِّي في الحب أخبي لاعجه من الريح في قاع البير.. مهما كان الحيل جبلاً أو صخراً صلداً، فالحب المكتوم يا “هيفاء” يهد الحيل.. لا يعلم سري مخلوقا، وكتماناً يتلظّى في أعماقي كالبركان..
سنتين يا “هيفاء” بالصمت أمضغ خيباتي بالطول وبالعرض.. أداري عواصف أشواقي عن الأعين.. والشوق المجنون يشعل حرائقه في شراييني، وصقر يتحفز محبوسا في قفصي الصدري بين ضلوع تأكلها النيران.
تيَّمنا الحب الناقص غصبا عنّا، فكتمناه بالسر وبالتقية، واحطناه بأسوار العزلة.. البوح في الحب الآتي من طرف واحد خزي ودوس كرامة.. الكتمان عزّ من ذلٍ ومهانة.. ما أقسى هذا الحب يا “هيفاء” وما أشده على من حب.
في جحيم الحب الناقص صليت منفردا دون جماعة، ومن أبحث عنها لا تسأل عني، ولا تدري أني مصلوبا بالحب الناقص بين ذراعيها.. الحب يا لله بدون تكافؤ فُرصه، عدالة تشبه أسنان التمساح.
“جازم” أستاذي ورفيقي ومسؤولي الحزبي طرق يوماً باب القلب المثقل بالحب وبالأعياء.. سبر أغواري كخبير وطبيب مختص، وأشار بلمح سؤال: لماذا لا تفكر بواحدة منهن؟! فشعرت بأن مجس طبيب أصاب وجعي والداء.. كيف نفذت إلى أعماقي يا رفيق المبدأ والنقد الذاتي؟! كيف سمعت صوت نبضاتي وخفقات القلب؟!!
لم أعترف لرفيقي بالأمر، وحاولت أكابر على جرحي الغائر في أعماق الروح، وأنكر دوائي والداء، فيما النار كانت تشب في كل كياني، وأنا أحاول أن أخمدها في لحظة ارباك، فيما كان الخجل يطويني كقرطاس..
كيف أطلب يدها ويدي مخلوعة من الكتف!! كيف أطلب يدها وحالي أضيق من خرم الإبرة!!
كيف يمكنها أن ترضى بي للعمر وللمستقبل، وأنا أذوي مكسوراً مهزوما أمام الشمس كشمعه.. محسوراً منحسراً لا جاه لا مال لا بيت يليق بملكة.. كيف يمكنني أن أنسي هذا الحب اللاعج وهي تطل بوجهي كل صباح وتزورني في الحلم كنسمة بحر.
الحب من طرف واحد
كم كنت كتوماً يا “هيفاء”، وسرِّي في الحب أخبي لاعجه من الريح في قاع البير.. مهما كان الحيل جبلاً أو صخراً صلداً، فالحب المكتوم يا “هيفاء” يهد الحيل.. لا يعلم سري مخلوقا، وكتماناً يتلظّى في أعماقي كالبركان..
سنتين يا “هيفاء” بالصمت أمضغ خيباتي بالطول وبالعرض.. أداري عواصف أشواقي عن الأعين.. والشوق المجنون يشعل حرائقه في شراييني، وصقر يتحفز محبوسا في قفصي الصدري بين ضلوع تأكلها النيران.
تيَّمنا الحب الناقص غصبا عنّا، فكتمناه بالسر وبالتقية، واحطناه بأسوار العزلة.. البوح في الحب الآتي من طرف واحد خزي ودوس كرامة.. الكتمان عزّ من ذلٍ ومهانة.. ما أقسى هذا الحب يا “هيفاء” وما أشده على من حب.
في جحيم الحب الناقص صليت منفردا دون جماعة، ومن أبحث عنها لا تسأل عني، ولا تدري أني مصلوبا بالحب الناقص بين ذراعيها.. الحب يا لله بدون تكافؤ فُرصه، عدالة تشبه أسنان التمساح.
“جازم” أستاذي ورفيقي ومسؤولي الحزبي طرق يوماً باب القلب المثقل بالحب وبالأعياء.. سبر أغواري كخبير وطبيب مختص، وأشار بلمح سؤال: لماذا لا تفكر بواحدة منهن؟! فشعرت بأن مجس طبيب أصاب وجعي والداء.. كيف نفذت إلى أعماقي يا رفيق المبدأ والنقد الذاتي؟! كيف سمعت صوت نبضاتي وخفقات القلب؟!!
لم أعترف لرفيقي بالأمر، وحاولت أكابر على جرحي الغائر في أعماق الروح، وأنكر دوائي والداء، فيما النار كانت تشب في كل كياني، وأنا أحاول أن أخمدها في لحظة ارباك، فيما كان الخجل يطويني كقرطاس..
كيف أطلب يدها ويدي مخلوعة من الكتف!! كيف أطلب يدها وحالي أضيق من خرم الإبرة!!
كيف يمكنها أن ترضى بي للعمر وللمستقبل، وأنا أذوي مكسوراً مهزوما أمام الشمس كشمعه.. محسوراً منحسراً لا جاه لا مال لا بيت يليق بملكة.. كيف يمكنني أن أنسي هذا الحب اللاعج وهي تطل بوجهي كل صباح وتزورني في الحلم كنسمة بحر.
عندما تكتب للريح..
“هيفاء” كانت عيناها جميلة وناعسة وعميقة.. في عينيها أسرار خالقها وسحر الله في أرضه وملكوته.. هيفاء استحوذت على كل جمال حورياته.. جمال غير مفخخ بالموت وداعش..
وإن كنتُ ضحية لتجربة عاشها طرف دون آخر في حب أسموه بالحب الناقص فربما ليس ذنبنا، وربما بعضها أو جلها كانت من صنع مقادير أقدارنا.. ولكل مقادير ضحايا وخيبات..
خلق الله “هيفاء” حلم لي بعيد المنال، فيما خلقتي تعيس وخائب.. لا أجيد إبحارا ولا عوم.. حظي عاثر وعسير في معظم الأحيان.. أبحر في رحلة التيه دون ماء ولا زاد.. لا أملك في البحر العاصف إلا لوحا من خشب دون شراع، ومجدفاً واحداً ويتيم، وذراعا وحداة عسرا وأخرى مقطوعة من الكتف، وفي الحب خلق من الخيبات لي ما ليس له عدا ولا حصرا..
كتبت عن عينيها في نشرة حائطية.. كتبت عن عيناها بدم قلبي النازف والمثقل بالحب والتعب والأرق.. كتبت عن بحر عيناها العميق، وعن حبي الضارب في الخيبة، وخيبة بحَّار مضطرب أكثر من اضطراب البحر الذي يحاول عبوره، ولا يملك لعبوره إلا لوح ومجداف ويد واحدة..
شاهدتها تقرأ.. يا إلهي!! الآن أريد أن تقرع أجراس كنائس العالم.. الآن أريد أن أعلو كل المآذن وأصلي للرب ألف ركعة.. “هيفاء” تقرأ ما كتبتُ.. أردت أن أجعل من ذلك اليوم عيد قيامة للحب.. ولكن بحجم ما ظننت كانت خيبتي..
بعد خمس دقائق شاهدتها تغادر .. شعرت كأنني كتبت ما كتبت للريح العابرة دون صفير.. بدت لي بليدة الفهم ومتبلدة المشاعر، حيث لا تسمع ولا ترى ولا تحس ولا تجس، أو متغابية لا تريد أن تحس أو تفهم أو تكترث بضحية، وربما كنت أنا البليد والغبي مجتمعين حال كونني لا أفهم كيف أوصل إليها رسائلي، وما يعتلج من حب كثيف وعاصف في أغواري وأعماقي المشتعلة بالحب..
كنت أظنها ستقرأ ما كتبت وتعيد قراءته عشر مرات.. ولكن لا أدري إن كانت مرت على العنوان مرور الغبي أو أنها توقفت دون أن تقرأ أو تكترث، وكان وقوفها مجرد استطلاع عابر سبيل وغير معني بالبحث عن الضحية..
يومها غادرت الكلية ولم أكمل دوام اليوم، وشتمتها في نفسي وشتمت نفسي أكثر وأنا لا أجيد الشتم..
لعنتها ولعنت حظي ولعنت الغباء ولعنت أكثر خجلي العاصف والمتلاطم بالخيبة.
“هيفاء” كانت عيناها جميلة وناعسة وعميقة.. في عينيها أسرار خالقها وسحر الله في أرضه وملكوته.. هيفاء استحوذت على كل جمال حورياته.. جمال غير مفخخ بالموت وداعش..
وإن كنتُ ضحية لتجربة عاشها طرف دون آخر في حب أسموه بالحب الناقص فربما ليس ذنبنا، وربما بعضها أو جلها كانت من صنع مقادير أقدارنا.. ولكل مقادير ضحايا وخيبات..
خلق الله “هيفاء” حلم لي بعيد المنال، فيما خلقتي تعيس وخائب.. لا أجيد إبحارا ولا عوم.. حظي عاثر وعسير في معظم الأحيان.. أبحر في رحلة التيه دون ماء ولا زاد.. لا أملك في البحر العاصف إلا لوحا من خشب دون شراع، ومجدفاً واحداً ويتيم، وذراعا وحداة عسرا وأخرى مقطوعة من الكتف، وفي الحب خلق من الخيبات لي ما ليس له عدا ولا حصرا..
كتبت عن عينيها في نشرة حائطية.. كتبت عن عيناها بدم قلبي النازف والمثقل بالحب والتعب والأرق.. كتبت عن بحر عيناها العميق، وعن حبي الضارب في الخيبة، وخيبة بحَّار مضطرب أكثر من اضطراب البحر الذي يحاول عبوره، ولا يملك لعبوره إلا لوح ومجداف ويد واحدة..
شاهدتها تقرأ.. يا إلهي!! الآن أريد أن تقرع أجراس كنائس العالم.. الآن أريد أن أعلو كل المآذن وأصلي للرب ألف ركعة.. “هيفاء” تقرأ ما كتبتُ.. أردت أن أجعل من ذلك اليوم عيد قيامة للحب.. ولكن بحجم ما ظننت كانت خيبتي..
بعد خمس دقائق شاهدتها تغادر .. شعرت كأنني كتبت ما كتبت للريح العابرة دون صفير.. بدت لي بليدة الفهم ومتبلدة المشاعر، حيث لا تسمع ولا ترى ولا تحس ولا تجس، أو متغابية لا تريد أن تحس أو تفهم أو تكترث بضحية، وربما كنت أنا البليد والغبي مجتمعين حال كونني لا أفهم كيف أوصل إليها رسائلي، وما يعتلج من حب كثيف وعاصف في أغواري وأعماقي المشتعلة بالحب..
كنت أظنها ستقرأ ما كتبت وتعيد قراءته عشر مرات.. ولكن لا أدري إن كانت مرت على العنوان مرور الغبي أو أنها توقفت دون أن تقرأ أو تكترث، وكان وقوفها مجرد استطلاع عابر سبيل وغير معني بالبحث عن الضحية..
يومها غادرت الكلية ولم أكمل دوام اليوم، وشتمتها في نفسي وشتمت نفسي أكثر وأنا لا أجيد الشتم..
لعنتها ولعنت حظي ولعنت الغباء ولعنت أكثر خجلي العاصف والمتلاطم بالخيبة.
4
تردد وخوف..
كنت أعيش مشاعر متناقضة كموج بحر يلتطم ويعترك مع شاطي من صخر أو طقس مضطرب أو زوبعة تركض كحال رجل تلبسه الجن في نوبة غليان.. كنت أشعر بمشاعر تتقاذفني وحدي كأسير في زنزانة أضيق مساحة من مد اليد ، لا أجد فيها فسحة نفس واحد لأفكر أو أجمع شوارد تفكيري من أرجاء التيه..
تقاذفني الإقدام وتردد اكبر.. زحام من حزن وفرج يشق طريقه في الضيق، وحصار من هم يسد الطرقات.. وأمل في وجه جدار اليأس يحاول يحفر ثغرة بحثا عن نور.. وتضيق الجدران أحيانا حتى تلصق بي فأبدو كمصاب بالصرع.
كنت عندما أشاهدها أشعر بقلبي يقفز من بين ضلوعي كعصفور يخرج من قفص أو سجن.. يحتفل بمقدمها ويرقص على إيقاع خطوات الحلم الراقص، وتشتد لحظات إرباكي وتظهر جلية للسطح العاري فأقمعها كطاغية أو دكتاتور لكني أفشل..
عندما تتجاهلني أشعر بتشظي وتناثر أشلائي .. وبحزن يضرب في بالغ أعماقي والوعي، وأرى قلبي قد ذُبح كعصفور أو أنكسر كإبريق صار نثارا أو وقع من سطح عالي وأرتطم بالقاع الصلد..
كنت أريد أصارحها بحبي الجم، ورغبة تعصف بي وطلبي لعقد قران وزواج يدوم العمر.. ولكن كنت أتأنِّي لألتقط رد إشارة يساعدني على استجماع شجاعة من أطراف الدنيا لأكون جريئا بعد الآن.. وعندما لم أجد ردا أو بُدا أتردد خجلاً والخوف يقمعني من أن ترفضني، وهذا الرفض كنت أراه سحقا لي لن أتعافى منه بقيامة..
في إحدى المرات كانت تؤشر لزميلتها فيما كنت أظن أن تلك الإشارة هي لي.. كانت إشارة صارخة كبرق في ليل مسود.. كاد قلبي يقع أو يسقط دهشة.. يا هول مفاجأة أكبر من قدر قادم وبشارة نبوة وولادة.. هل يمكن يا الله أن يكون عبوري للضفة الأخرى بهذا اليسر .. بدت لي صارخة الاستدعاء!! حبيت أن أتأكد إن كنت المقصود بإشارتها، فتبين إنها ليست لي بل لزميلاتها الواقفة خلفي.. في تلك اللحظة تمنيت أن تنشق الأرض وتبلعني مرات عشر .. تمنيت أن يخسف بي الرب وبالأرض التي تحت أقدامي إلى سابع أرض.
راوحت في منطقة الحيرة وترددت كثيرا .. ثم يداهمني الشك وظننت أن الرفض سيكون سيد موقفها أما لغياب الود أو لفوارق طبقية، فضلا عن مانع آخر فأنا أكبرها في العمر بعدد أصابع يد تخنقني بعد أن عاجلني الزمن ليضع الفرق خمسا أراها أكبر من عمر الشمس.. وأنا لا أستحمل رفضا يسحقني ويهزمني لآخر يوما في العمر.. لا أريد أن أتهور فتطويني كالرمة وترميني بكبر أو تكسرني كزجاج لا يعود لسابق عهده .. تحاشيت كسرا لا يجبر ضرره..
تردد وخوف..
كنت أعيش مشاعر متناقضة كموج بحر يلتطم ويعترك مع شاطي من صخر أو طقس مضطرب أو زوبعة تركض كحال رجل تلبسه الجن في نوبة غليان.. كنت أشعر بمشاعر تتقاذفني وحدي كأسير في زنزانة أضيق مساحة من مد اليد ، لا أجد فيها فسحة نفس واحد لأفكر أو أجمع شوارد تفكيري من أرجاء التيه..
تقاذفني الإقدام وتردد اكبر.. زحام من حزن وفرج يشق طريقه في الضيق، وحصار من هم يسد الطرقات.. وأمل في وجه جدار اليأس يحاول يحفر ثغرة بحثا عن نور.. وتضيق الجدران أحيانا حتى تلصق بي فأبدو كمصاب بالصرع.
كنت عندما أشاهدها أشعر بقلبي يقفز من بين ضلوعي كعصفور يخرج من قفص أو سجن.. يحتفل بمقدمها ويرقص على إيقاع خطوات الحلم الراقص، وتشتد لحظات إرباكي وتظهر جلية للسطح العاري فأقمعها كطاغية أو دكتاتور لكني أفشل..
عندما تتجاهلني أشعر بتشظي وتناثر أشلائي .. وبحزن يضرب في بالغ أعماقي والوعي، وأرى قلبي قد ذُبح كعصفور أو أنكسر كإبريق صار نثارا أو وقع من سطح عالي وأرتطم بالقاع الصلد..
كنت أريد أصارحها بحبي الجم، ورغبة تعصف بي وطلبي لعقد قران وزواج يدوم العمر.. ولكن كنت أتأنِّي لألتقط رد إشارة يساعدني على استجماع شجاعة من أطراف الدنيا لأكون جريئا بعد الآن.. وعندما لم أجد ردا أو بُدا أتردد خجلاً والخوف يقمعني من أن ترفضني، وهذا الرفض كنت أراه سحقا لي لن أتعافى منه بقيامة..
في إحدى المرات كانت تؤشر لزميلتها فيما كنت أظن أن تلك الإشارة هي لي.. كانت إشارة صارخة كبرق في ليل مسود.. كاد قلبي يقع أو يسقط دهشة.. يا هول مفاجأة أكبر من قدر قادم وبشارة نبوة وولادة.. هل يمكن يا الله أن يكون عبوري للضفة الأخرى بهذا اليسر .. بدت لي صارخة الاستدعاء!! حبيت أن أتأكد إن كنت المقصود بإشارتها، فتبين إنها ليست لي بل لزميلاتها الواقفة خلفي.. في تلك اللحظة تمنيت أن تنشق الأرض وتبلعني مرات عشر .. تمنيت أن يخسف بي الرب وبالأرض التي تحت أقدامي إلى سابع أرض.
راوحت في منطقة الحيرة وترددت كثيرا .. ثم يداهمني الشك وظننت أن الرفض سيكون سيد موقفها أما لغياب الود أو لفوارق طبقية، فضلا عن مانع آخر فأنا أكبرها في العمر بعدد أصابع يد تخنقني بعد أن عاجلني الزمن ليضع الفرق خمسا أراها أكبر من عمر الشمس.. وأنا لا أستحمل رفضا يسحقني ويهزمني لآخر يوما في العمر.. لا أريد أن أتهور فتطويني كالرمة وترميني بكبر أو تكسرني كزجاج لا يعود لسابق عهده .. تحاشيت كسرا لا يجبر ضرره..
من المسؤول؟
احمد سيف حاشد
• العيب ليس في عدن أو غيرها من مدن اليمن، ولكن في السلطات والنخب التي تداولت حكمها، أو التي حكمت اليمن مشطرا، ثم اليمن الموحد؛ ومن ضمنها الساسة المراهقون، والفاسدون، والعصبويون بمختلف مسمياتهم، من الماضي نسبيا إلى اليوم..
• لقد جرّفت تلك السلطات والنخب التي نحن بصددها، أو ساهمت كل منها بهذا القدر أو ذاك، بتجريف التراكم المعرفي والعملي لمدينة عدن، والذي تكّون خلال ما يقارب المائتين عام أو أكثر، وعلى كل الصعد تقريبا.. المجتمع والثقافة والسياسة، وكذا الإدارة والمؤسسات وبناء الدولة..
• المسؤولية على الساسة والنخب والسلطات التي كانت تحكم عدن ثم اليمن الواحد، وفشلت في حل خلافاتها بالطرق السلمية والمدنية، واستسهلت البدائل الكارثية، حيث غامرت وقامرت باليمن ومستقبله، عندما لجأت لاغتصاب السلطة من خلال الحروب، والغلبة، ودورات العنف، والإقصاء، والتهميش، لمن لا ينتمي لها، أو يختلف معها، أو يعارضها حتى وإن كان هذا المعارض بعض منها..
• المسؤولية على تلك السلطات والنخب والساسة الذين حكموا اليمن، وفرضوا ولاءاتهم المناطقية والجهوية والسياسية والعصبوية، وأمعنوا في أريفت عدن، بل وكل مدن اليمن في الإدارة والمؤسسات والاقتصاد والسياسية والثقافة..
• وقد كان يتم كل هذا على حساب الكفاءة والنزاهة والخبرةاووو والمواطنة والديمقراطية والمدنية.. ولا يختلف الحال كثيرا بالنسبة لصنعاء أيضا.. باتت عدن اليوم، ومثلها صنعاء، غنيمة حرب، وسلطة غلبة متحكمة ومدعومة من الخارج..
• باتت اليوم ـ وعلى صعيد اليمن كله ـ السلطات ونخبها الدميمة فيه ـ مرتهنة لمصالح وأجندات غير وطنية، بل وتتضارب وتتصادم مصالحها وأجنداتها مع المصالح الوطنية، ومع اليمن الواحد القوي، والديمقراطي، والمستقر، بل وتنحاز لصالح التدخل والعدوان والاحتلال، والتخلف العميق كما هو حال صنعاء، وعلى نحو فيه تفريط صارخ، بوحدة اليمن، واليمن الحديث والتنموي، وسلامة أراضيه، واستقلاله وسيادته، ومستقبله، وازدهاره..
احمد سيف حاشد
• العيب ليس في عدن أو غيرها من مدن اليمن، ولكن في السلطات والنخب التي تداولت حكمها، أو التي حكمت اليمن مشطرا، ثم اليمن الموحد؛ ومن ضمنها الساسة المراهقون، والفاسدون، والعصبويون بمختلف مسمياتهم، من الماضي نسبيا إلى اليوم..
• لقد جرّفت تلك السلطات والنخب التي نحن بصددها، أو ساهمت كل منها بهذا القدر أو ذاك، بتجريف التراكم المعرفي والعملي لمدينة عدن، والذي تكّون خلال ما يقارب المائتين عام أو أكثر، وعلى كل الصعد تقريبا.. المجتمع والثقافة والسياسة، وكذا الإدارة والمؤسسات وبناء الدولة..
• المسؤولية على الساسة والنخب والسلطات التي كانت تحكم عدن ثم اليمن الواحد، وفشلت في حل خلافاتها بالطرق السلمية والمدنية، واستسهلت البدائل الكارثية، حيث غامرت وقامرت باليمن ومستقبله، عندما لجأت لاغتصاب السلطة من خلال الحروب، والغلبة، ودورات العنف، والإقصاء، والتهميش، لمن لا ينتمي لها، أو يختلف معها، أو يعارضها حتى وإن كان هذا المعارض بعض منها..
• المسؤولية على تلك السلطات والنخب والساسة الذين حكموا اليمن، وفرضوا ولاءاتهم المناطقية والجهوية والسياسية والعصبوية، وأمعنوا في أريفت عدن، بل وكل مدن اليمن في الإدارة والمؤسسات والاقتصاد والسياسية والثقافة..
• وقد كان يتم كل هذا على حساب الكفاءة والنزاهة والخبرةاووو والمواطنة والديمقراطية والمدنية.. ولا يختلف الحال كثيرا بالنسبة لصنعاء أيضا.. باتت عدن اليوم، ومثلها صنعاء، غنيمة حرب، وسلطة غلبة متحكمة ومدعومة من الخارج..
• باتت اليوم ـ وعلى صعيد اليمن كله ـ السلطات ونخبها الدميمة فيه ـ مرتهنة لمصالح وأجندات غير وطنية، بل وتتضارب وتتصادم مصالحها وأجنداتها مع المصالح الوطنية، ومع اليمن الواحد القوي، والديمقراطي، والمستقر، بل وتنحاز لصالح التدخل والعدوان والاحتلال، والتخلف العميق كما هو حال صنعاء، وعلى نحو فيه تفريط صارخ، بوحدة اليمن، واليمن الحديث والتنموي، وسلامة أراضيه، واستقلاله وسيادته، ومستقبله، وازدهاره..
عدن التي أحببتها
احمد سيف حاشد
• عدن ملاذي الأول، وحبي الأول كان في عدن، وزوجتي أم عيالي من عدن.. نصف حياتي الأجمل كان في عدن، ونصف حزني أيضا في عدن.. رفاة أخي، وإحدى بناتي، واختين لي في حنايا عدن.. عدن بضعة مني وأنا بضعة منها إلى يوم القيامة، إن كان للقيامة قيام.
• تشكَّل وعيي في عدن، وتعليمي الأهم كان في عدن، ورزقنا الأول جاء من عدن، وهجرتنا الأولى والثانية كانت إلى عدن.. ولي في عدن ملاذ ووطن، ولي فيها حبيبة لا تموت إلى أن أموت.
• أحب عدن التي كانت.. عدن الحب، والحنين الجارف، والذكريات التي تجوس في مغاور الوجدان، وتشتعل صبابة في دمي.. عدن الذكريات الندية والعصية التي تتحدّى النسيان، وتمنع عنها غفلة الزمان..
• ذكريات عدن تطل بوجهها البهي مشرقة، كلما تشابهت أيامي الخائبات التي أعيشها اليوم.. ذكريات عدن صارت بعض من كينونتي، وعروتها التي لا تنفصل.. حتى ذكرياتي الحزينة وأيامي الخالية فيها، صارت بطعم النبيذ المعتق، الذي ينسيني بعض مما أعيشه اليوم من غم وهم وقيود، مرغما ومُكرها..
• عدن التي كنت أتجشم وعثاء السفر لأصل إليها، مغالبا القيض والغبار والريح والشمس التي تلفح الوجوه.. أتنفس البنزين المحترق، وبسببه والدوار الشديد، أكاد أتقيأ معدتي ودواخلي.. أغالب ضعف البدن، وأشعر بتهتك أوصالي المبعثرة.. إرهاق يهرس عظمي.. يتمدد في أطرافي المكرفسة .. أحس بمسامير ودبابيس تنغرز رؤوسها الحاده تحت إذني وصدغي وشدقي، وفكي أحيانا عندما أفتحه لأقذف ماء فمي، يعلق.. وأستمر للحظات فاغر الفاه..
• افعل كل ما أمكن، وأنا أتصبب عرقا، ليؤجل القيء قليلا من موعده أو يمدده.. حتى حبوب منع القيء التي استخدمها في بعض السفرات قبل ركوب السيارة، لا تمنع عنّي القي، وأجد مفعولها يأتي بنتائج عكسية، بل وتجلب القيء الشديد، بدلا من طرده، وهو ما أثار استغرابي وحيرتي.. كنت أسأل نفسي: لماذا العلم لم يكتشف حتى الآن ما هو أحسن من هذا العلاج الفاقد للمفعول؟! كل هذا وغيره كان يحدث، ولا يمنعني مانعا عن عدن التي أشتاق لها وألتاع.. أغالب المسافات الطوال، وأكابد العناء الأشد، من أجل أن أصل برحال شوقي إلى معشوقتي عدن..
• كنت أعاني من مشقة السفر إلى عدن، ولكنني لا أتردد في الإقدام عليه رغم ما فيه من ضنك ومشقة.. كنت وأنا مسافر استعجل الوصول إليها، ولطالما تمنيت أن يكون معي بساطا للريح يسابق شوقي الجارف، وينقلني إليها بسرعة وذهول.. ولطالما تمنيت براقا أو معراجا أو كرامة ولي، يملك جنون الدهشة، ويوصلني إليها بسرعة الريح التي أتمناها.. وإن اُستحيل هذا وذاك، تمنيت أن أملك الجن، وأصدر الأمر أن ينقُلني احدهم إليها بلمح البصر.. إنه الشوق الجارف والملتاع يا عدن..
• كانت عدن تأسرني أضواءها المتلألئة، كلما اقتربت منها، وأنا مسافرا إليها ليلا، عبر طور الباحة وخبت الرجاع والوهط.. كنت ما أن أصل إلى مشارف الوهط حتى أفيق وألملم أشتاتي، وأنفض عنّي ما نالني من وعث وإرهاق وقيء.. كان الفرح يملئني، وتتفتح أسارير وجهي المنقبض، وتنتعش وتنشط حواسي كلها، بمجرد أن أصل إلى الطريق الاسفلتية في تقاطع خط الوهط الترابي مع خط عدن لحج الأسفلتي.. كنت اتفرس الناس والسيارات والعمران والحياة على طول خط السير، وفي محاذاته وجنباته حتى أصل إلى قلب عدن الأغن.. كنت في كل مرة أسافر إليها، أبدوا فيها وكأنني أكتشفها لأول مرة، وكنت في كل وصول إليها، أشعر وكأن وصولي هذا هو الوصول الأول..
• عندما كنت أغادر عدن نحو قريتي النائية البعيدة، القابعة خلف حدود الشطرين، أتأمل وأمعن النظر في تفاصيل عدن، وأسأل نفسي بتكرار حزين وحسرة: يا ترى هل سأرى مرة أخرى، ما أراه الآن؟! هل سيطول بي العمر، وأرى عدن مرة ثانية..؟! هل سأعود إليها أم هي المرة الأخيرة التي أرى فيها عدن؟! إنني اشتاق إليها قبل أن أغادرها، وأشتاق إليها حال مغادرتها والرحيل.. أخاف أن لا أرى عدن مرة أخرى؛ لاحتمالات مفجعة تجوس في دهاليز وعيي وردهات مخاوفي..
• عدن التي كانت تثير شجوني وأنا بعيد عنها.. ولطالما أشجاني وأنا بعيد عنها صوت الفنان وهو يغني:" عدن عدن ياريت عدن مسير يوم.. شاسير به ليلة ماشرقد النوم.." وكذا أغنية "يا طائرة طيري على بندر عدن.. زاد الهوى زاد النوى زاد الشجن.. عالهجـر مقـدرش أنـا.. أشـوف يومـي سـنـة.. ذي جنة الدنيا حواها..".
• عدن التي أحببتها هي تلك التي وصفها صديقي محمد اللوزي في إحدى كتابته بقوله "عدن درة المدن، ونجمتنا التي تبزغ فينا ولا تأفل.. زنبقة الفرح، والطلع النضيد.. الدعة التي تجيء إليك راضية، وتقدم نفسها حبا، وتغار من أن أحدا يأخذك خارج مدارها.. عدن رائعة الكون.. عدن الدهشة كلها.. لا يعرف عدن غير العاشق الصب لأنها تسكب روحها فيه.."
• أحببت عدن التي قصدها الشاعر الفرنسي "رامبو" باحثا عن الحرية والعمل، وآثرها على فرنسا، ورغم جحيم عدن وتذمره منها، وهجيه لها مرات عديدة في لحظات ضيقه، إلا أن المقام انتهى به إلى التكيف معها، بل والإقرار إ
احمد سيف حاشد
• عدن ملاذي الأول، وحبي الأول كان في عدن، وزوجتي أم عيالي من عدن.. نصف حياتي الأجمل كان في عدن، ونصف حزني أيضا في عدن.. رفاة أخي، وإحدى بناتي، واختين لي في حنايا عدن.. عدن بضعة مني وأنا بضعة منها إلى يوم القيامة، إن كان للقيامة قيام.
• تشكَّل وعيي في عدن، وتعليمي الأهم كان في عدن، ورزقنا الأول جاء من عدن، وهجرتنا الأولى والثانية كانت إلى عدن.. ولي في عدن ملاذ ووطن، ولي فيها حبيبة لا تموت إلى أن أموت.
• أحب عدن التي كانت.. عدن الحب، والحنين الجارف، والذكريات التي تجوس في مغاور الوجدان، وتشتعل صبابة في دمي.. عدن الذكريات الندية والعصية التي تتحدّى النسيان، وتمنع عنها غفلة الزمان..
• ذكريات عدن تطل بوجهها البهي مشرقة، كلما تشابهت أيامي الخائبات التي أعيشها اليوم.. ذكريات عدن صارت بعض من كينونتي، وعروتها التي لا تنفصل.. حتى ذكرياتي الحزينة وأيامي الخالية فيها، صارت بطعم النبيذ المعتق، الذي ينسيني بعض مما أعيشه اليوم من غم وهم وقيود، مرغما ومُكرها..
• عدن التي كنت أتجشم وعثاء السفر لأصل إليها، مغالبا القيض والغبار والريح والشمس التي تلفح الوجوه.. أتنفس البنزين المحترق، وبسببه والدوار الشديد، أكاد أتقيأ معدتي ودواخلي.. أغالب ضعف البدن، وأشعر بتهتك أوصالي المبعثرة.. إرهاق يهرس عظمي.. يتمدد في أطرافي المكرفسة .. أحس بمسامير ودبابيس تنغرز رؤوسها الحاده تحت إذني وصدغي وشدقي، وفكي أحيانا عندما أفتحه لأقذف ماء فمي، يعلق.. وأستمر للحظات فاغر الفاه..
• افعل كل ما أمكن، وأنا أتصبب عرقا، ليؤجل القيء قليلا من موعده أو يمدده.. حتى حبوب منع القيء التي استخدمها في بعض السفرات قبل ركوب السيارة، لا تمنع عنّي القي، وأجد مفعولها يأتي بنتائج عكسية، بل وتجلب القيء الشديد، بدلا من طرده، وهو ما أثار استغرابي وحيرتي.. كنت أسأل نفسي: لماذا العلم لم يكتشف حتى الآن ما هو أحسن من هذا العلاج الفاقد للمفعول؟! كل هذا وغيره كان يحدث، ولا يمنعني مانعا عن عدن التي أشتاق لها وألتاع.. أغالب المسافات الطوال، وأكابد العناء الأشد، من أجل أن أصل برحال شوقي إلى معشوقتي عدن..
• كنت أعاني من مشقة السفر إلى عدن، ولكنني لا أتردد في الإقدام عليه رغم ما فيه من ضنك ومشقة.. كنت وأنا مسافر استعجل الوصول إليها، ولطالما تمنيت أن يكون معي بساطا للريح يسابق شوقي الجارف، وينقلني إليها بسرعة وذهول.. ولطالما تمنيت براقا أو معراجا أو كرامة ولي، يملك جنون الدهشة، ويوصلني إليها بسرعة الريح التي أتمناها.. وإن اُستحيل هذا وذاك، تمنيت أن أملك الجن، وأصدر الأمر أن ينقُلني احدهم إليها بلمح البصر.. إنه الشوق الجارف والملتاع يا عدن..
• كانت عدن تأسرني أضواءها المتلألئة، كلما اقتربت منها، وأنا مسافرا إليها ليلا، عبر طور الباحة وخبت الرجاع والوهط.. كنت ما أن أصل إلى مشارف الوهط حتى أفيق وألملم أشتاتي، وأنفض عنّي ما نالني من وعث وإرهاق وقيء.. كان الفرح يملئني، وتتفتح أسارير وجهي المنقبض، وتنتعش وتنشط حواسي كلها، بمجرد أن أصل إلى الطريق الاسفلتية في تقاطع خط الوهط الترابي مع خط عدن لحج الأسفلتي.. كنت اتفرس الناس والسيارات والعمران والحياة على طول خط السير، وفي محاذاته وجنباته حتى أصل إلى قلب عدن الأغن.. كنت في كل مرة أسافر إليها، أبدوا فيها وكأنني أكتشفها لأول مرة، وكنت في كل وصول إليها، أشعر وكأن وصولي هذا هو الوصول الأول..
• عندما كنت أغادر عدن نحو قريتي النائية البعيدة، القابعة خلف حدود الشطرين، أتأمل وأمعن النظر في تفاصيل عدن، وأسأل نفسي بتكرار حزين وحسرة: يا ترى هل سأرى مرة أخرى، ما أراه الآن؟! هل سيطول بي العمر، وأرى عدن مرة ثانية..؟! هل سأعود إليها أم هي المرة الأخيرة التي أرى فيها عدن؟! إنني اشتاق إليها قبل أن أغادرها، وأشتاق إليها حال مغادرتها والرحيل.. أخاف أن لا أرى عدن مرة أخرى؛ لاحتمالات مفجعة تجوس في دهاليز وعيي وردهات مخاوفي..
• عدن التي كانت تثير شجوني وأنا بعيد عنها.. ولطالما أشجاني وأنا بعيد عنها صوت الفنان وهو يغني:" عدن عدن ياريت عدن مسير يوم.. شاسير به ليلة ماشرقد النوم.." وكذا أغنية "يا طائرة طيري على بندر عدن.. زاد الهوى زاد النوى زاد الشجن.. عالهجـر مقـدرش أنـا.. أشـوف يومـي سـنـة.. ذي جنة الدنيا حواها..".
• عدن التي أحببتها هي تلك التي وصفها صديقي محمد اللوزي في إحدى كتابته بقوله "عدن درة المدن، ونجمتنا التي تبزغ فينا ولا تأفل.. زنبقة الفرح، والطلع النضيد.. الدعة التي تجيء إليك راضية، وتقدم نفسها حبا، وتغار من أن أحدا يأخذك خارج مدارها.. عدن رائعة الكون.. عدن الدهشة كلها.. لا يعرف عدن غير العاشق الصب لأنها تسكب روحها فيه.."
• أحببت عدن التي قصدها الشاعر الفرنسي "رامبو" باحثا عن الحرية والعمل، وآثرها على فرنسا، ورغم جحيم عدن وتذمره منها، وهجيه لها مرات عديدة في لحظات ضيقه، إلا أن المقام انتهى به إلى التكيف معها، بل والإقرار إ
نها "«أفضل مكان في العالم». وقد أوفت معه عدن بعد موته، وأسمت إحدى شواطئها الجميلة باسمه، وحولت منزله في عدن إلى مركز للقاء والتبادل الابداعي الشعري.
• عدن التي أحببتها هي تلك التي فضلها الشاعر السوداني مبارك حسن الخليفة على "دبي" الإمارات.. الشاعر والدكتور الذي لم يطب له المقام في موطن الثلج، وطابت له عدن اليمن 34 عاما، عمل فيها محاضراً وأديبا وشاعرا وناقدا في جامعاتها.. سكنها وسكنته، وألّف فيها الكتب، ودبج عنها وفيها وفي البعد القصائد، وكان صوتها الأغن بعناوينها النابضة بالجمال والهوى والحنين: «عدن هواها قد تملك مهجتي» و«البعد يا عدن» و« إلى حبيبتي عدن» و«عدن الجميلة».
• أحببت عدن التي جاءها جورج حبش خائفا عليها حد الفجيعة، من قادم ينتظرها، بتحفز شيطان، باكيا عليها بدموع سخينة، محاولا إنقاذها من كارثة حلت عليها لاحقا، في 13 يناير 1986 وكانت دامية ومؤسفة، ولازلنا نعيش آثارها الدميمة إلى اليوم الذي خلناه بعيدا جدا، لن يطول ولن يُطاول.. حلت على عدن الكارثة، كما حلت عليها على ما يبدو اللعنة، والتي لازالت ترفض التلاشي أو المغادرة إلى اليوم..
• أحببت عدن الوفاء التي لاذ بها وإليها أحرار العرب والعالم، ومنهم البروفسور العراقي توفيق رشدي في أواسط سبعينات القرن المنصرم، والذي صار أستاذا يدرّس طلابها في إحدى جامعتها، وعند اغتياله فعلت عدن من أجله ما لم تفعله الدول.. رفضت كل المساومات والمغريات والدعم السخي، مقابل الصمت والسكوت عن مقتله، بل وحاكمت القتلة علانية، وبُثت المحاكمة من قاعة المحكمة، وكشفت كل شيء أمام الرأي العام كله، في فضيحة سياسية غير مسبوقة.. جريمة بحجم فضيحة بكل المقاييس، للقتلة والدولة التي تقف وراءهم..
• عدن التي أحببتها هي تلك التي أنتمي إليها.. عدن الإنسان والأهل والأحباب والناس الطيبين.. عدن التعايش والأمل والعمل والملاذ.. عدن الحب والشوق والعشق والحياة والذكريات..
• عدن التي أحببتها هي تلك التي فضلها الشاعر السوداني مبارك حسن الخليفة على "دبي" الإمارات.. الشاعر والدكتور الذي لم يطب له المقام في موطن الثلج، وطابت له عدن اليمن 34 عاما، عمل فيها محاضراً وأديبا وشاعرا وناقدا في جامعاتها.. سكنها وسكنته، وألّف فيها الكتب، ودبج عنها وفيها وفي البعد القصائد، وكان صوتها الأغن بعناوينها النابضة بالجمال والهوى والحنين: «عدن هواها قد تملك مهجتي» و«البعد يا عدن» و« إلى حبيبتي عدن» و«عدن الجميلة».
• أحببت عدن التي جاءها جورج حبش خائفا عليها حد الفجيعة، من قادم ينتظرها، بتحفز شيطان، باكيا عليها بدموع سخينة، محاولا إنقاذها من كارثة حلت عليها لاحقا، في 13 يناير 1986 وكانت دامية ومؤسفة، ولازلنا نعيش آثارها الدميمة إلى اليوم الذي خلناه بعيدا جدا، لن يطول ولن يُطاول.. حلت على عدن الكارثة، كما حلت عليها على ما يبدو اللعنة، والتي لازالت ترفض التلاشي أو المغادرة إلى اليوم..
• أحببت عدن الوفاء التي لاذ بها وإليها أحرار العرب والعالم، ومنهم البروفسور العراقي توفيق رشدي في أواسط سبعينات القرن المنصرم، والذي صار أستاذا يدرّس طلابها في إحدى جامعتها، وعند اغتياله فعلت عدن من أجله ما لم تفعله الدول.. رفضت كل المساومات والمغريات والدعم السخي، مقابل الصمت والسكوت عن مقتله، بل وحاكمت القتلة علانية، وبُثت المحاكمة من قاعة المحكمة، وكشفت كل شيء أمام الرأي العام كله، في فضيحة سياسية غير مسبوقة.. جريمة بحجم فضيحة بكل المقاييس، للقتلة والدولة التي تقف وراءهم..
• عدن التي أحببتها هي تلك التي أنتمي إليها.. عدن الإنسان والأهل والأحباب والناس الطيبين.. عدن التعايش والأمل والعمل والملاذ.. عدن الحب والشوق والعشق والحياة والذكريات..
👍1
ارشيف الذاكرة .. من المسؤول يا عدن..؟؟
يمنات
أحمد سيف حاشد
– العيب ليس في عدن أو غيرها من مدن اليمن، و لكن في السلطات و النخب التي تداولت حكمها، أو التي حكمت اليمن مشطرا، ثم اليمن الموحد؛ و من ضمنها الساسة المراهقون، و الفاسدون، و العصبويون بمختلف مسمياتهم، من الماضي نسبيا إلى اليوم..
– لقد جرّفت تلك السلطات و النخب التي نحن بصددها، أو ساهمت كل منها بهذا القدر أو ذاك، بتجريف التراكم المعرفي و العملي لمدينة عدن، و الذي تكّون خلال ما يقارب المائتين عام أو أكثر، و على كل الصعد تقريبا .. المجتمع و الثقافة و السياسة، و كذا الإدارة و المؤسسات و بناء الدولة..
– المسؤولية على الساسة و النخب و السلطات التي كانت تحكم عدن ثم اليمن الواحد، و فشلت في حل خلافاتها بالطرق السلمية و المدنية، و استسهلت البدائل الكارثية، حيث غامرت و قامرت باليمن و مستقبله، عندما لجأت لاغتصاب السلطة من خلال الحروب، و الغلبة، و دورات العنف، و الإقصاء، و التهميش، لمن لا ينتمي لها، أو يختلف معها، أو يعارضها حتى و إن كان هذا المعارض بعض منها..
– المسؤولية على تلك السلطات و النخب و الساسة الذين حكموا اليمن، و فرضوا ولاءاتهم المناطقية و الجهوية و السياسية و العصبوية، و أمعنوا في أريفت عدن، بل و كل مدن اليمن في الإدارة و المؤسسات و الاقتصاد و السياسية و الثقافة..
– و قد كان يتم كل هذا على حساب الكفاءة و النزاهة و الخبرة و المواطنة و الديمقراطية و المدنية .. و لا يختلف الحال كثيرا بالنسبة لصنعاء أيضا .. باتت عدن اليوم، و مثلها صنعاء، غنيمة حرب، و سلطة غلبة متحكمة و مدعومة من الخارج..
– باتت اليوم ـ و على صعيد اليمن كله ـ السلطات ونخبها الدميمة فيه ـ مرتهنة لمصالح و أجندات غير وطنية، بل و تتضارب و تتصادم مصالحها و أجنداتها مع المصالح الوطنية، و مع اليمن الواحد القوي، و الديمقراطي، و المستقر، بل و تنحاز لصالح التدخل و العدوان و الاحتلال، و التخلف العميق كما هو حال صنعاء، و على نحو فيه تفريط صارخ، بوحدة اليمن، و اليمن الحديث و التنموي، و سلامة أراضيه، و استقلاله و سيادته، و مستقبله، و ازدهاره..
https://yemenat.net/2020/01/364303/
يمنات
أحمد سيف حاشد
– العيب ليس في عدن أو غيرها من مدن اليمن، و لكن في السلطات و النخب التي تداولت حكمها، أو التي حكمت اليمن مشطرا، ثم اليمن الموحد؛ و من ضمنها الساسة المراهقون، و الفاسدون، و العصبويون بمختلف مسمياتهم، من الماضي نسبيا إلى اليوم..
– لقد جرّفت تلك السلطات و النخب التي نحن بصددها، أو ساهمت كل منها بهذا القدر أو ذاك، بتجريف التراكم المعرفي و العملي لمدينة عدن، و الذي تكّون خلال ما يقارب المائتين عام أو أكثر، و على كل الصعد تقريبا .. المجتمع و الثقافة و السياسة، و كذا الإدارة و المؤسسات و بناء الدولة..
– المسؤولية على الساسة و النخب و السلطات التي كانت تحكم عدن ثم اليمن الواحد، و فشلت في حل خلافاتها بالطرق السلمية و المدنية، و استسهلت البدائل الكارثية، حيث غامرت و قامرت باليمن و مستقبله، عندما لجأت لاغتصاب السلطة من خلال الحروب، و الغلبة، و دورات العنف، و الإقصاء، و التهميش، لمن لا ينتمي لها، أو يختلف معها، أو يعارضها حتى و إن كان هذا المعارض بعض منها..
– المسؤولية على تلك السلطات و النخب و الساسة الذين حكموا اليمن، و فرضوا ولاءاتهم المناطقية و الجهوية و السياسية و العصبوية، و أمعنوا في أريفت عدن، بل و كل مدن اليمن في الإدارة و المؤسسات و الاقتصاد و السياسية و الثقافة..
– و قد كان يتم كل هذا على حساب الكفاءة و النزاهة و الخبرة و المواطنة و الديمقراطية و المدنية .. و لا يختلف الحال كثيرا بالنسبة لصنعاء أيضا .. باتت عدن اليوم، و مثلها صنعاء، غنيمة حرب، و سلطة غلبة متحكمة و مدعومة من الخارج..
– باتت اليوم ـ و على صعيد اليمن كله ـ السلطات ونخبها الدميمة فيه ـ مرتهنة لمصالح و أجندات غير وطنية، بل و تتضارب و تتصادم مصالحها و أجنداتها مع المصالح الوطنية، و مع اليمن الواحد القوي، و الديمقراطي، و المستقر، بل و تنحاز لصالح التدخل و العدوان و الاحتلال، و التخلف العميق كما هو حال صنعاء، و على نحو فيه تفريط صارخ، بوحدة اليمن، و اليمن الحديث و التنموي، و سلامة أراضيه، و استقلاله و سيادته، و مستقبله، و ازدهاره..
https://yemenat.net/2020/01/364303/
موقع يمنات الأخباري
أرشيف الذاكرة .. من المسؤول يا عدن..؟؟ - موقع يمنات الأخباري
يمنات أحمد سيف حاشد - العيب ليس في عدن أو غيرها من مدن اليمن، و لكن في السلطات و النخب التي تداولت ح
عدن التي أحببتها
احمد سيف حاشد
• عدن ملاذي الأول، وحبي الأول كان في عدن، وزوجتي أم عيالي من عدن.. نصف حياتي الأجمل كان في عدن، ونصف حزني أيضا في عدن.. رفاة أخي، وإحدى بناتي، واختين لي في حنايا عدن.. عدن بضعة مني وأنا بضعة منها إلى يوم القيامة، إن كان للقيامة قيام.
• تشكَّل وعيي في عدن، وتعليمي الأهم كان في عدن، ورزقنا الأول جاء من عدن، وهجرتنا الأولى والثانية كانت إلى عدن.. ولي في عدن ملاذ ووطن، ولي فيها حبيبة لا تموت إلى أن أموت.
• أحب عدن التي كانت.. عدن الحب، والحنين الجارف، والذكريات التي تجوس في مغاور الوجدان، وتشتعل صبابة في دمي.. عدن الذكريات الندية والعصية التي تتحدّى النسيان، وتمنع عنها غفلة الزمان..
• ذكريات عدن تطل بوجهها البهي مشرقة، كلما تشابهت أيامي الخائبات التي أعيشها اليوم.. ذكريات عدن صارت بعض من كينونتي، وعروتها التي لا تنفصل.. حتى ذكرياتي الحزينة وأيامي الخالية فيها، صارت بطعم النبيذ المعتق، الذي ينسيني بعض مما أعيشه اليوم من غم وهم وقيود، مرغما ومُكرها..
• عدن التي كنت أتجشم وعثاء السفر لأصل إليها، مغالبا القيض والغبار والريح والشمس التي تلفح الوجوه.. أتنفس البنزين المحترق، وبسببه والدوار الشديد، أكاد أتقيأ معدتي ودواخلي.. أغالب ضعف البدن، وأشعر بتهتك أوصالي المبعثرة.. إرهاق يهرس عظمي.. يتمدد في أطرافي المكرفسة .. أحس بمسامير ودبابيس تنغرز رؤوسها الحاده تحت إذني وصدغي وشدقي، وفكي أحيانا عندما أفتحه لأقذف ماء فمي، يعلق.. وأستمر للحظات فاغر الفاه..
• افعل كل ما أمكن، وأنا أتصبب عرقا، ليؤجل القيء قليلا من موعده أو يمدده.. حتى حبوب منع القيء التي استخدمها في بعض السفرات قبل ركوب السيارة، لا تمنع عنّي القي، وأجد مفعولها يأتي بنتائج عكسية، بل وتجلب القيء الشديد، بدلا من طرده، وهو ما أثار استغرابي وحيرتي.. كنت أسأل نفسي: لماذا العلم لم يكتشف حتى الآن ما هو أحسن من هذا العلاج الفاقد للمفعول؟! كل هذا وغيره كان يحدث، ولا يمنعني مانعا عن عدن التي أشتاق لها وألتاع.. أغالب المسافات الطوال، وأكابد العناء الأشد، من أجل أن أصل برحال شوقي إلى معشوقتي عدن..
• كنت أعاني من مشقة السفر إلى عدن، ولكنني لا أتردد في الإقدام عليه رغم ما فيه من ضنك ومشقة.. كنت وأنا مسافر استعجل الوصول إليها، ولطالما تمنيت أن يكون معي بساطا للريح يسابق شوقي الجارف، وينقلني إليها بسرعة وذهول.. ولطالما تمنيت براقا أو معراجا أو كرامة ولي، يملك جنون الدهشة، ويوصلني إليها بسرعة الريح التي أتمناها.. وإن اُستحيل هذا وذاك، تمنيت أن أملك الجن، وأصدر الأمر أن ينقُلني احدهم إليها بلمح البصر.. إنه الشوق الجارف والملتاع يا عدن..
• كانت عدن تأسرني أضواءها المتلألئة، كلما اقتربت منها، وأنا مسافرا إليها ليلا، عبر طور الباحة وخبت الرجاع والوهط.. كنت ما أن أصل إلى مشارف الوهط حتى أفيق وألملم أشتاتي، وأنفض عنّي ما نالني من وعث وإرهاق وقيء.. كان الفرح يملئني، وتتفتح أسارير وجهي المنقبض، وتنتعش وتنشط حواسي كلها، بمجرد أن أصل إلى الطريق الاسفلتية في تقاطع خط الوهط الترابي مع خط عدن لحج الأسفلتي.. كنت اتفرس الناس والسيارات والعمران والحياة على طول خط السير، وفي محاذاته وجنباته حتى أصل إلى قلب عدن الأغن.. كنت في كل مرة أسافر إليها، أبدوا فيها وكأنني أكتشفها لأول مرة، وكنت في كل وصول إليها، أشعر وكأن وصولي هذا هو الوصول الأول..
• عندما كنت أغادر عدن نحو قريتي النائية البعيدة، القابعة خلف حدود الشطرين، أتأمل وأمعن النظر في تفاصيل عدن، وأسأل نفسي بتكرار حزين وحسرة: يا ترى هل سأرى مرة أخرى، ما أراه الآن؟! هل سيطول بي العمر، وأرى عدن مرة ثانية..؟! هل سأعود إليها أم هي المرة الأخيرة التي أرى فيها عدن؟! إنني اشتاق إليها قبل أن أغادرها، وأشتاق إليها حال مغادرتها والرحيل.. أخاف أن لا أرى عدن مرة أخرى؛ لاحتمالات مفجعة تجوس في دهاليز وعيي وردهات مخاوفي..
• عدن التي كانت تثير شجوني وأنا بعيد عنها.. ولطالما أشجاني وأنا بعيد عنها صوت الفنان وهو يغني:" عدن عدن ياريت عدن مسير يوم.. شاسير به ليلة ماشرقد النوم.." وكذا أغنية "يا طائرة طيري على بندر عدن.. زاد الهوى زاد النوى زاد الشجن.. عالهجـر مقـدرش أنـا.. أشـوف يومـي سـنـة.. ذي جنة الدنيا حواها..".
• عدن التي أحببتها هي تلك التي وصفها صديقي محمد اللوزي في إحدى كتابته بقوله "عدن درة المدن، ونجمتنا التي تبزغ فينا ولا تأفل.. زنبقة الفرح، والطلع النضيد.. الدعة التي تجيء إليك راضية، وتقدم نفسها حبا، وتغار من أن أحدا يأخذك خارج مدارها.. عدن رائعة الكون.. عدن الدهشة كلها.. لا يعرف عدن غير العاشق الصب لأنها تسكب روحها فيه.."
• أحببت عدن التي قصدها الشاعر الفرنسي "رامبو" باحثا عن الحرية والعمل، وآثرها على فرنسا، ورغم جحيم عدن وتذمره منها، وهجيه لها مرات عديدة في لحظات ضيقه، إلا أن المقام انتهى به إلى التكيف معها، بل والإقرار إ
احمد سيف حاشد
• عدن ملاذي الأول، وحبي الأول كان في عدن، وزوجتي أم عيالي من عدن.. نصف حياتي الأجمل كان في عدن، ونصف حزني أيضا في عدن.. رفاة أخي، وإحدى بناتي، واختين لي في حنايا عدن.. عدن بضعة مني وأنا بضعة منها إلى يوم القيامة، إن كان للقيامة قيام.
• تشكَّل وعيي في عدن، وتعليمي الأهم كان في عدن، ورزقنا الأول جاء من عدن، وهجرتنا الأولى والثانية كانت إلى عدن.. ولي في عدن ملاذ ووطن، ولي فيها حبيبة لا تموت إلى أن أموت.
• أحب عدن التي كانت.. عدن الحب، والحنين الجارف، والذكريات التي تجوس في مغاور الوجدان، وتشتعل صبابة في دمي.. عدن الذكريات الندية والعصية التي تتحدّى النسيان، وتمنع عنها غفلة الزمان..
• ذكريات عدن تطل بوجهها البهي مشرقة، كلما تشابهت أيامي الخائبات التي أعيشها اليوم.. ذكريات عدن صارت بعض من كينونتي، وعروتها التي لا تنفصل.. حتى ذكرياتي الحزينة وأيامي الخالية فيها، صارت بطعم النبيذ المعتق، الذي ينسيني بعض مما أعيشه اليوم من غم وهم وقيود، مرغما ومُكرها..
• عدن التي كنت أتجشم وعثاء السفر لأصل إليها، مغالبا القيض والغبار والريح والشمس التي تلفح الوجوه.. أتنفس البنزين المحترق، وبسببه والدوار الشديد، أكاد أتقيأ معدتي ودواخلي.. أغالب ضعف البدن، وأشعر بتهتك أوصالي المبعثرة.. إرهاق يهرس عظمي.. يتمدد في أطرافي المكرفسة .. أحس بمسامير ودبابيس تنغرز رؤوسها الحاده تحت إذني وصدغي وشدقي، وفكي أحيانا عندما أفتحه لأقذف ماء فمي، يعلق.. وأستمر للحظات فاغر الفاه..
• افعل كل ما أمكن، وأنا أتصبب عرقا، ليؤجل القيء قليلا من موعده أو يمدده.. حتى حبوب منع القيء التي استخدمها في بعض السفرات قبل ركوب السيارة، لا تمنع عنّي القي، وأجد مفعولها يأتي بنتائج عكسية، بل وتجلب القيء الشديد، بدلا من طرده، وهو ما أثار استغرابي وحيرتي.. كنت أسأل نفسي: لماذا العلم لم يكتشف حتى الآن ما هو أحسن من هذا العلاج الفاقد للمفعول؟! كل هذا وغيره كان يحدث، ولا يمنعني مانعا عن عدن التي أشتاق لها وألتاع.. أغالب المسافات الطوال، وأكابد العناء الأشد، من أجل أن أصل برحال شوقي إلى معشوقتي عدن..
• كنت أعاني من مشقة السفر إلى عدن، ولكنني لا أتردد في الإقدام عليه رغم ما فيه من ضنك ومشقة.. كنت وأنا مسافر استعجل الوصول إليها، ولطالما تمنيت أن يكون معي بساطا للريح يسابق شوقي الجارف، وينقلني إليها بسرعة وذهول.. ولطالما تمنيت براقا أو معراجا أو كرامة ولي، يملك جنون الدهشة، ويوصلني إليها بسرعة الريح التي أتمناها.. وإن اُستحيل هذا وذاك، تمنيت أن أملك الجن، وأصدر الأمر أن ينقُلني احدهم إليها بلمح البصر.. إنه الشوق الجارف والملتاع يا عدن..
• كانت عدن تأسرني أضواءها المتلألئة، كلما اقتربت منها، وأنا مسافرا إليها ليلا، عبر طور الباحة وخبت الرجاع والوهط.. كنت ما أن أصل إلى مشارف الوهط حتى أفيق وألملم أشتاتي، وأنفض عنّي ما نالني من وعث وإرهاق وقيء.. كان الفرح يملئني، وتتفتح أسارير وجهي المنقبض، وتنتعش وتنشط حواسي كلها، بمجرد أن أصل إلى الطريق الاسفلتية في تقاطع خط الوهط الترابي مع خط عدن لحج الأسفلتي.. كنت اتفرس الناس والسيارات والعمران والحياة على طول خط السير، وفي محاذاته وجنباته حتى أصل إلى قلب عدن الأغن.. كنت في كل مرة أسافر إليها، أبدوا فيها وكأنني أكتشفها لأول مرة، وكنت في كل وصول إليها، أشعر وكأن وصولي هذا هو الوصول الأول..
• عندما كنت أغادر عدن نحو قريتي النائية البعيدة، القابعة خلف حدود الشطرين، أتأمل وأمعن النظر في تفاصيل عدن، وأسأل نفسي بتكرار حزين وحسرة: يا ترى هل سأرى مرة أخرى، ما أراه الآن؟! هل سيطول بي العمر، وأرى عدن مرة ثانية..؟! هل سأعود إليها أم هي المرة الأخيرة التي أرى فيها عدن؟! إنني اشتاق إليها قبل أن أغادرها، وأشتاق إليها حال مغادرتها والرحيل.. أخاف أن لا أرى عدن مرة أخرى؛ لاحتمالات مفجعة تجوس في دهاليز وعيي وردهات مخاوفي..
• عدن التي كانت تثير شجوني وأنا بعيد عنها.. ولطالما أشجاني وأنا بعيد عنها صوت الفنان وهو يغني:" عدن عدن ياريت عدن مسير يوم.. شاسير به ليلة ماشرقد النوم.." وكذا أغنية "يا طائرة طيري على بندر عدن.. زاد الهوى زاد النوى زاد الشجن.. عالهجـر مقـدرش أنـا.. أشـوف يومـي سـنـة.. ذي جنة الدنيا حواها..".
• عدن التي أحببتها هي تلك التي وصفها صديقي محمد اللوزي في إحدى كتابته بقوله "عدن درة المدن، ونجمتنا التي تبزغ فينا ولا تأفل.. زنبقة الفرح، والطلع النضيد.. الدعة التي تجيء إليك راضية، وتقدم نفسها حبا، وتغار من أن أحدا يأخذك خارج مدارها.. عدن رائعة الكون.. عدن الدهشة كلها.. لا يعرف عدن غير العاشق الصب لأنها تسكب روحها فيه.."
• أحببت عدن التي قصدها الشاعر الفرنسي "رامبو" باحثا عن الحرية والعمل، وآثرها على فرنسا، ورغم جحيم عدن وتذمره منها، وهجيه لها مرات عديدة في لحظات ضيقه، إلا أن المقام انتهى به إلى التكيف معها، بل والإقرار إ
نها "«أفضل مكان في العالم». وقد أوفت معه عدن بعد موته، وأسمت إحدى شواطئها الجميلة باسمه، وحولت منزله في عدن إلى مركز للقاء والتبادل الابداعي الشعري.
• عدن التي أحببتها هي تلك التي فضلها الشاعر السوداني مبارك حسن الخليفة على "دبي" الإمارات.. الشاعر والدكتور الذي لم يطب له المقام في موطن الثلج، وطابت له عدن اليمن 34 عاما، عمل فيها محاضراً وأديبا وشاعرا وناقدا في جامعاتها.. سكنها وسكنته، وألّف فيها الكتب، ودبج عنها وفيها وفي البعد القصائد، وكان صوتها الأغن بعناوينها النابضة بالجمال والهوى والحنين: «عدن هواها قد تملك مهجتي» و«البعد يا عدن» و« إلى حبيبتي عدن» و«عدن الجميلة».
• أحببت عدن التي جاءها جورج حبش خائفا عليها حد الفجيعة، من قادم ينتظرها، بتحفز شيطان، باكيا عليها بدموع سخينة، محاولا إنقاذها من كارثة حلت عليها لاحقا، في 13 يناير 1986 وكانت دامية ومؤسفة، ولازلنا نعيش آثارها الدميمة إلى اليوم الذي خلناه بعيدا جدا، لن يطول ولن يُطاول.. حلت على عدن الكارثة، كما حلت عليها على ما يبدو اللعنة، والتي لازالت ترفض التلاشي أو المغادرة إلى اليوم..
• أحببت عدن الوفاء التي لاذ بها وإليها أحرار العرب والعالم، ومنهم البروفسور العراقي توفيق رشدي في أواسط سبعينات القرن المنصرم، والذي صار أستاذا يدرّس طلابها في إحدى جامعتها، وعند اغتياله فعلت عدن من أجله ما لم تفعله الدول.. رفضت كل المساومات والمغريات والدعم السخي، مقابل الصمت والسكوت عن مقتله، بل وحاكمت القتلة علانية، وبُثت المحاكمة من قاعة المحكمة، وكشفت كل شيء أمام الرأي العام كله، في فضيحة سياسية غير مسبوقة.. جريمة بحجم فضيحة بكل المقاييس، للقتلة والدولة التي تقف وراءهم..
• عدن التي أحببتها هي تلك التي أنتمي إليها.. عدن الإنسان والأهل والأحباب والناس الطيبين.. عدن التعايش والأمل والعمل والملاذ.. عدن الحب والشوق والعشق والحياة والذكريات..
• عدن التي أحببتها هي تلك التي فضلها الشاعر السوداني مبارك حسن الخليفة على "دبي" الإمارات.. الشاعر والدكتور الذي لم يطب له المقام في موطن الثلج، وطابت له عدن اليمن 34 عاما، عمل فيها محاضراً وأديبا وشاعرا وناقدا في جامعاتها.. سكنها وسكنته، وألّف فيها الكتب، ودبج عنها وفيها وفي البعد القصائد، وكان صوتها الأغن بعناوينها النابضة بالجمال والهوى والحنين: «عدن هواها قد تملك مهجتي» و«البعد يا عدن» و« إلى حبيبتي عدن» و«عدن الجميلة».
• أحببت عدن التي جاءها جورج حبش خائفا عليها حد الفجيعة، من قادم ينتظرها، بتحفز شيطان، باكيا عليها بدموع سخينة، محاولا إنقاذها من كارثة حلت عليها لاحقا، في 13 يناير 1986 وكانت دامية ومؤسفة، ولازلنا نعيش آثارها الدميمة إلى اليوم الذي خلناه بعيدا جدا، لن يطول ولن يُطاول.. حلت على عدن الكارثة، كما حلت عليها على ما يبدو اللعنة، والتي لازالت ترفض التلاشي أو المغادرة إلى اليوم..
• أحببت عدن الوفاء التي لاذ بها وإليها أحرار العرب والعالم، ومنهم البروفسور العراقي توفيق رشدي في أواسط سبعينات القرن المنصرم، والذي صار أستاذا يدرّس طلابها في إحدى جامعتها، وعند اغتياله فعلت عدن من أجله ما لم تفعله الدول.. رفضت كل المساومات والمغريات والدعم السخي، مقابل الصمت والسكوت عن مقتله، بل وحاكمت القتلة علانية، وبُثت المحاكمة من قاعة المحكمة، وكشفت كل شيء أمام الرأي العام كله، في فضيحة سياسية غير مسبوقة.. جريمة بحجم فضيحة بكل المقاييس، للقتلة والدولة التي تقف وراءهم..
• عدن التي أحببتها هي تلك التي أنتمي إليها.. عدن الإنسان والأهل والأحباب والناس الطيبين.. عدن التعايش والأمل والعمل والملاذ.. عدن الحب والشوق والعشق والحياة والذكريات..
للحوثيين .. مرة أخرى على الشبكات (1 - 5)
احمد سيف حاشد
(1)
عندما تكون لديكم أو عندكم مشكلة حقيقية وفي عقر داركم أو في العاصمة التي تحكموا منها، كان يجب أن تحلوها أنتم بدلا من أن تقوموا بتعقيدها وتصعيدها من جهتكم، إلى حد المطل في تنفيذ الحلول التي أرتضيمتوها أصلا أنتم، بل والاستمرار بنهب ممتلكات مواطنيكم من أصحاب الشبكات خلافا للدستور والقانون، والأسوأ أن تعاندوا بصبيانية فجة في تعقيدها وتصعيدها، ومحاولة فرض باطلكم على مواطنيكم باستخدم ما بأيدكم من سلطة وسطوة ونفوذ ومقدرات شعب ودولة..
(2)
عندما تمنعون قنواتكم الفضائية، والقنوات الملحقة التابعة لكم، من سؤال مواطنيكم المتضررين من إجراءات وتعسف سلطتكم، بل وتستخدموا منظومة إعلامكم في إرهابهم بتخوينهم ونسب لهم ما ليس فيهم، وفرض باطلكم عليهم باستخدام جور السلطة وقمعهم لمجرد رفضهم أو مقاومتهم السلمية الحذرة والمحدودة لتعسف إجراءاتكم الظالمة والفادحة، والتي ألحقت بهم الضرر البالغ بهم وبحقوقهم وعوائلهم، من الطبيعي جدا أن تعرفوا أن إعلام خصومكم السياسيين بل وحتى إعلام أعداءكم أن يستغلوا ما فشلتم به، ويوجهون إعلامهم بالتقاط ما لم تستطيعوا إلتقاطه.. إن لم تدركوا هذا، فهو من فرط غبائكم وأخطائكم وفقدان حكمتكم وصبيانية عنادكم..
(3)
في البداية بدأت بعض وسائل إعلامكم تنشر بعض وجهة نظر أصحاب الشبكات، ولم يكن الإعلام الخارجي أو حتى إعلام خصومكم يتعاطى أو يتحدث عن موضوع الشبكات، وكانوا يرددوا مثل: "ناب كلب في رأس كلب"
وعندما أغلقتم كل منافسكم الإعلامية المحدودة عليهم، وأوصدتم جميع وسائلكم الإعلامية والملحقة في وجوههم، بل وبدأتم بتحويل جل وسائلكم الإعلامية وجيشكم الإلكتروني الذي يشرف عليه رئيس الرئيس أحمد حامد، ورئيس الدائرة الإعلامية في مكتب رئاستكم محمد الوريث بتوجيه حملة ضارية وظالمة على مواطنيكم أصحاب الشبكات لإكراههم على الاستسلام لباطلكم، ولكنهم لم يستسلموا، وظلت نقابتهم تقارع ظلمكم إلى اليوم..
ولكن أنتم من خدمتم بأفعالكم وظلمكم وسائل إعلام خصومكم، وإعلام العدوان أيضا، بل أنكم تنفذون ما يريدوه منكم خصومكم على نحو يثير الحيرة والتساؤل، حتى بدأ الأمر أن ما تفعلوه بأنفسكم أكثر ضررا مما يفعله العدو بكم، وينطبق هذا عليكم إذا فسرنا ما تفعلوه بالغباء المفرط والمدفوع بحسن النية، وأن لديكم دببه انبتموهم بالدفاع عنكم فأضروكم أكثر مما أحسنوا إليكم.. إن الجهل عدو صاحبه.. فإن كان جهلا فأنتم مسؤولين عنه، وإن كان بعلم فقد سرى السم وبات الداء فيكم.. إنه الاختراق، أو أكثر منه..
(4)
عندما تنقلب أنت وتمنع أي وسيلة إعلامية محلية من تناول المشكلة من وجهة نظر من تعتقد من مواطنيك أنهم خصومك، بل وتسخر قنواتك الفضائية والتابعة لها مثل قناة "الساحات" و"معجبها" الذي ليس فيه من العجب إلا ما يصنعه من السقوط الإعلامي المريع وقلة الأدب.. فاعلم أن خصومك سيتناولون مظلمتك التي قدمتها لهم أنت على طبق من ذهب.. أنتم من تصنعون الظلم، وعليكم أن ترفعوه عن المظلوميين أصحاب الشبكات.. أنتم من تقدمون المادة الإعلامية بجوركم الفادح وتجبركم وتكبركم، وليس غيركم من أصحاب الشبكات.. "رمتني بداءها وأنسلت"
عندما تترك مثل "معجب" يهاجم بعض من مواطنيك الذين تحت سلطتك، ويمارس التحريض عليهم وإرهاب السلطة ، ويشكك بولائهم، ويطعن في وطنيتهم، وينسب لهم تهم الفساد الغلاظ، ويخونهم؛ فهو إرهاب سنقاومه ولن تستسلم له..
أن يصرف "معجب" صكوك الوطنية والتخوين لمواطنين تحت سلطتك وفي العاصمة صنعاء وليس الرياض أو الإمارات أو حتى ببيروت، فهذا ما يجعلنا نقول: "ربي أقم الساعة" إن "معجب" هو بعض من انحطاط عهدكم..
أما أنا فقد تنصلت مرارا من هذه القناة وسياستها الإعلامية التي لم يعد يجمعني بها جامع، ومن يعتقد إنها زلتي التي لن أنجوا منها، كما يطرح الفاسد المحمي بسلطة الغلبة محمد العماد، فيجب أن يعرف، ويعرف الجميع أن لدي عقد قانوني مع قناة الساحات والقائمين عليها، يحميني أمام أي جهة قضائية وقانونية، وموثق لدى الجهات الرسمية في اليمن ولبنان..
لم تعد تربطني بهذه القناة رابط من قبل الحرب وليس من اليوم، لإخلال الإدارة بالعقد المبرم وهو إخلال من طرف واحد، والتحلل من التزاماتها الذي يتضمنها العقد، وسأضطر لنشر العقد التي بيني وبين إدارة القناة، إذا ما لزم الأمر لقاهر.. أما العماد فلن ينجو والأيام دول..
(5)
تخوّنوننا نحن وأصحاب الشبكات، وجميعنا أبرياء من تهمكم الابتزازية.. وبخفة تطلقون علينا تهم الخيانة لتمارسون علينا إرهاب السلطة.. ـ فقط لأننا نساند مظلومية.. ولمجرد إنهم يؤنون من ظلمكم، ويحاولون مقاومة هذا الظلم بوسائل سلمية محدودة جدا.. فيما (أنتم) تعقدون مع الخصوم والأعداء الاتفاقيات والصفقات السرية، ومنها على سبيل المثل لا الحصر اتفاقية ظهران الجنوب..
قريبا أو في مدى غير بعيد ستظهر الخيانات بأصولها في اتفاقيات علنية، وسرية ستُنكشف بعد حين.. وسيكتب التاريخ م
احمد سيف حاشد
(1)
عندما تكون لديكم أو عندكم مشكلة حقيقية وفي عقر داركم أو في العاصمة التي تحكموا منها، كان يجب أن تحلوها أنتم بدلا من أن تقوموا بتعقيدها وتصعيدها من جهتكم، إلى حد المطل في تنفيذ الحلول التي أرتضيمتوها أصلا أنتم، بل والاستمرار بنهب ممتلكات مواطنيكم من أصحاب الشبكات خلافا للدستور والقانون، والأسوأ أن تعاندوا بصبيانية فجة في تعقيدها وتصعيدها، ومحاولة فرض باطلكم على مواطنيكم باستخدم ما بأيدكم من سلطة وسطوة ونفوذ ومقدرات شعب ودولة..
(2)
عندما تمنعون قنواتكم الفضائية، والقنوات الملحقة التابعة لكم، من سؤال مواطنيكم المتضررين من إجراءات وتعسف سلطتكم، بل وتستخدموا منظومة إعلامكم في إرهابهم بتخوينهم ونسب لهم ما ليس فيهم، وفرض باطلكم عليهم باستخدام جور السلطة وقمعهم لمجرد رفضهم أو مقاومتهم السلمية الحذرة والمحدودة لتعسف إجراءاتكم الظالمة والفادحة، والتي ألحقت بهم الضرر البالغ بهم وبحقوقهم وعوائلهم، من الطبيعي جدا أن تعرفوا أن إعلام خصومكم السياسيين بل وحتى إعلام أعداءكم أن يستغلوا ما فشلتم به، ويوجهون إعلامهم بالتقاط ما لم تستطيعوا إلتقاطه.. إن لم تدركوا هذا، فهو من فرط غبائكم وأخطائكم وفقدان حكمتكم وصبيانية عنادكم..
(3)
في البداية بدأت بعض وسائل إعلامكم تنشر بعض وجهة نظر أصحاب الشبكات، ولم يكن الإعلام الخارجي أو حتى إعلام خصومكم يتعاطى أو يتحدث عن موضوع الشبكات، وكانوا يرددوا مثل: "ناب كلب في رأس كلب"
وعندما أغلقتم كل منافسكم الإعلامية المحدودة عليهم، وأوصدتم جميع وسائلكم الإعلامية والملحقة في وجوههم، بل وبدأتم بتحويل جل وسائلكم الإعلامية وجيشكم الإلكتروني الذي يشرف عليه رئيس الرئيس أحمد حامد، ورئيس الدائرة الإعلامية في مكتب رئاستكم محمد الوريث بتوجيه حملة ضارية وظالمة على مواطنيكم أصحاب الشبكات لإكراههم على الاستسلام لباطلكم، ولكنهم لم يستسلموا، وظلت نقابتهم تقارع ظلمكم إلى اليوم..
ولكن أنتم من خدمتم بأفعالكم وظلمكم وسائل إعلام خصومكم، وإعلام العدوان أيضا، بل أنكم تنفذون ما يريدوه منكم خصومكم على نحو يثير الحيرة والتساؤل، حتى بدأ الأمر أن ما تفعلوه بأنفسكم أكثر ضررا مما يفعله العدو بكم، وينطبق هذا عليكم إذا فسرنا ما تفعلوه بالغباء المفرط والمدفوع بحسن النية، وأن لديكم دببه انبتموهم بالدفاع عنكم فأضروكم أكثر مما أحسنوا إليكم.. إن الجهل عدو صاحبه.. فإن كان جهلا فأنتم مسؤولين عنه، وإن كان بعلم فقد سرى السم وبات الداء فيكم.. إنه الاختراق، أو أكثر منه..
(4)
عندما تنقلب أنت وتمنع أي وسيلة إعلامية محلية من تناول المشكلة من وجهة نظر من تعتقد من مواطنيك أنهم خصومك، بل وتسخر قنواتك الفضائية والتابعة لها مثل قناة "الساحات" و"معجبها" الذي ليس فيه من العجب إلا ما يصنعه من السقوط الإعلامي المريع وقلة الأدب.. فاعلم أن خصومك سيتناولون مظلمتك التي قدمتها لهم أنت على طبق من ذهب.. أنتم من تصنعون الظلم، وعليكم أن ترفعوه عن المظلوميين أصحاب الشبكات.. أنتم من تقدمون المادة الإعلامية بجوركم الفادح وتجبركم وتكبركم، وليس غيركم من أصحاب الشبكات.. "رمتني بداءها وأنسلت"
عندما تترك مثل "معجب" يهاجم بعض من مواطنيك الذين تحت سلطتك، ويمارس التحريض عليهم وإرهاب السلطة ، ويشكك بولائهم، ويطعن في وطنيتهم، وينسب لهم تهم الفساد الغلاظ، ويخونهم؛ فهو إرهاب سنقاومه ولن تستسلم له..
أن يصرف "معجب" صكوك الوطنية والتخوين لمواطنين تحت سلطتك وفي العاصمة صنعاء وليس الرياض أو الإمارات أو حتى ببيروت، فهذا ما يجعلنا نقول: "ربي أقم الساعة" إن "معجب" هو بعض من انحطاط عهدكم..
أما أنا فقد تنصلت مرارا من هذه القناة وسياستها الإعلامية التي لم يعد يجمعني بها جامع، ومن يعتقد إنها زلتي التي لن أنجوا منها، كما يطرح الفاسد المحمي بسلطة الغلبة محمد العماد، فيجب أن يعرف، ويعرف الجميع أن لدي عقد قانوني مع قناة الساحات والقائمين عليها، يحميني أمام أي جهة قضائية وقانونية، وموثق لدى الجهات الرسمية في اليمن ولبنان..
لم تعد تربطني بهذه القناة رابط من قبل الحرب وليس من اليوم، لإخلال الإدارة بالعقد المبرم وهو إخلال من طرف واحد، والتحلل من التزاماتها الذي يتضمنها العقد، وسأضطر لنشر العقد التي بيني وبين إدارة القناة، إذا ما لزم الأمر لقاهر.. أما العماد فلن ينجو والأيام دول..
(5)
تخوّنوننا نحن وأصحاب الشبكات، وجميعنا أبرياء من تهمكم الابتزازية.. وبخفة تطلقون علينا تهم الخيانة لتمارسون علينا إرهاب السلطة.. ـ فقط لأننا نساند مظلومية.. ولمجرد إنهم يؤنون من ظلمكم، ويحاولون مقاومة هذا الظلم بوسائل سلمية محدودة جدا.. فيما (أنتم) تعقدون مع الخصوم والأعداء الاتفاقيات والصفقات السرية، ومنها على سبيل المثل لا الحصر اتفاقية ظهران الجنوب..
قريبا أو في مدى غير بعيد ستظهر الخيانات بأصولها في اتفاقيات علنية، وسرية ستُنكشف بعد حين.. وسيكتب التاريخ م
ن الذي باع ..ومن الذي خان.. ومن الذي عقد الصفقات السرية ومقابل ماذا..؟! والقادمات أكثر..
بعض تفاصيل حياتي
لم أعلم أن هناك من يروننا دونهم
احمد سيف حاشد
• خلال أكثر من خمسين عام من عمري، لم أكن أعرف أن هناك فئات سكانية أو مجتمعية في اليمن تحتقر مهنة دباغة الجلود والعاملين فيها، وتنظر إليهم بنظره دونية.. كانت الفكرة الراسخة في ذهني إننا ننتمي إلى طبقة الفقراء فحسب، ولم أعلم أن هناك فئات سكانية، وبيئات قبلية، وبدوية، ترانا دونها إلا في فترة متأخرة من حياتي.. ما كنت ألمسه في محيطي وغير محيطي الذي أعرفه أن مهنة دباغة الجلود، لا تختلف عن غيرها من المهن من وجهة نظر الوعي السائد في اليمن كله..
• ما كنت أعلمه في العهد الاشتراكي القائم في عدن ثم فيما تلاه، هو أن أبي بدأ حياته عاملا في مهنة دباغة وتفنيد الجلود، وأنه ينتمي للطبقة العاملة، وإننا ننتمي لطبقات الفقراء، أو قل إن شئت من أسر ذوي الدخل المحدود.. وقد وُجدت في جنوب اليمن إبان العهد الاشتراكي حماية قانونية، ونصوص عقابية لمن يعيّر أو يحتقر أو يسيء إلى أحد المواطنين بسبب انتمائه المهني، أو حتى الطبقي المتدني..
• بل أذكر في بعض ما تعلمته، من قانون العقوبات وشروحاته في كلية الحقوق بعدن، أنه إذا وجه أحدهم إهانة صاعقة أو احتقار شديد أو إساءة بالغة إليه، وأرتكب من وُجهت إليه هذه الإساءة البالغةـ جريمة فعل القتل ضده، تحت تأثير الهياج النفسي الشديد الناتجة عن تلك الإساءة البالغة، فلا يقاد القاتل به..
• وتفسر الشروحات هذا النص، وتعيد السبب؛ لأن فعل القتل تم ارتكابه من قبل الجاني في لحظة الهياج النفسي الشديد جرّا الإساءة البالغة الموجه له من المجني عليه، وعلى نحو أخرجت مرتكب الفعل عن حالته الطبيعية بشدة، فطار صوابه وعقله على نحو أفقده لحظتها الوعي بتقدير أفعاله، تحت تأثير الهياج النفسي الشديد الذي تسبب فيه المجني عليه.. والقانون النافذ أنذك في الجنوب ـ هو قانون جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والصادر في العام 1976 ـ والذي قيّد القاضي بالحد الأقصى للعقوبة وهي خمس سنوات سجن.
• هذه الحماية القانونية قد دعمتها أيضا وعززتها الثقافة السائدة، أو بالأحرى الوعي الاشتراكي السائد في الجنوب، والذي كان منحاز أيديولوجيا لصالح طبقات الفقراء، أو ما كان يسميهم طبقات العمال والفلاحين، وكذا الشرائح الفئات الأخرى مثل الحرفيين والصيادين، أو من يعتبرهم إجمالا بـ "أصحاب المصلحة الحقيقية في الثورة"..
• بل ووصل الأمر بهذا الوعي إلى الحد الذي جعلنا نعتز بهذا الانتماء، ونجل فقرنا باعتزاز، ولم نشعر بأي انتقاص يوما بسبب المهنة، أو تدني المستوى الاجتماعي لنا، وأكثر من هذا، كانت توجد إجراءات اقتصادية، واهتمام لافت وبحماس فياض، يتم بذله من قبل السلطات نحو شريحة المهمشين، والعمل على رفع مستواهم الاقتصادي والتعليمي والاجتماعي، وبذل محاولات كثيرة ومتتابعة لإعادة دمجهم في المجتمع، ولاسيما في عهد الرئيس سالم ربيع علي والمشهور بـ "سالمين"..
• وكانت من الهتافات الأخاذة والآسرة في ذلك الحين، والتي سمعتها بنفسي من قبل المهمشين أثناء دراستي الإعدادية في طور الباحة في سبعينات القرن المنصرم هتاف "سالمين قدام قدام سالمين ماحناش أخدام سالمين عمال بلدية سالمين منشاش اذية " وتم منع وصف أي عامل بلدية بالخادم كما كان.
*
يتبع
لم أعلم أن هناك من يروننا دونهم
احمد سيف حاشد
• خلال أكثر من خمسين عام من عمري، لم أكن أعرف أن هناك فئات سكانية أو مجتمعية في اليمن تحتقر مهنة دباغة الجلود والعاملين فيها، وتنظر إليهم بنظره دونية.. كانت الفكرة الراسخة في ذهني إننا ننتمي إلى طبقة الفقراء فحسب، ولم أعلم أن هناك فئات سكانية، وبيئات قبلية، وبدوية، ترانا دونها إلا في فترة متأخرة من حياتي.. ما كنت ألمسه في محيطي وغير محيطي الذي أعرفه أن مهنة دباغة الجلود، لا تختلف عن غيرها من المهن من وجهة نظر الوعي السائد في اليمن كله..
• ما كنت أعلمه في العهد الاشتراكي القائم في عدن ثم فيما تلاه، هو أن أبي بدأ حياته عاملا في مهنة دباغة وتفنيد الجلود، وأنه ينتمي للطبقة العاملة، وإننا ننتمي لطبقات الفقراء، أو قل إن شئت من أسر ذوي الدخل المحدود.. وقد وُجدت في جنوب اليمن إبان العهد الاشتراكي حماية قانونية، ونصوص عقابية لمن يعيّر أو يحتقر أو يسيء إلى أحد المواطنين بسبب انتمائه المهني، أو حتى الطبقي المتدني..
• بل أذكر في بعض ما تعلمته، من قانون العقوبات وشروحاته في كلية الحقوق بعدن، أنه إذا وجه أحدهم إهانة صاعقة أو احتقار شديد أو إساءة بالغة إليه، وأرتكب من وُجهت إليه هذه الإساءة البالغةـ جريمة فعل القتل ضده، تحت تأثير الهياج النفسي الشديد الناتجة عن تلك الإساءة البالغة، فلا يقاد القاتل به..
• وتفسر الشروحات هذا النص، وتعيد السبب؛ لأن فعل القتل تم ارتكابه من قبل الجاني في لحظة الهياج النفسي الشديد جرّا الإساءة البالغة الموجه له من المجني عليه، وعلى نحو أخرجت مرتكب الفعل عن حالته الطبيعية بشدة، فطار صوابه وعقله على نحو أفقده لحظتها الوعي بتقدير أفعاله، تحت تأثير الهياج النفسي الشديد الذي تسبب فيه المجني عليه.. والقانون النافذ أنذك في الجنوب ـ هو قانون جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والصادر في العام 1976 ـ والذي قيّد القاضي بالحد الأقصى للعقوبة وهي خمس سنوات سجن.
• هذه الحماية القانونية قد دعمتها أيضا وعززتها الثقافة السائدة، أو بالأحرى الوعي الاشتراكي السائد في الجنوب، والذي كان منحاز أيديولوجيا لصالح طبقات الفقراء، أو ما كان يسميهم طبقات العمال والفلاحين، وكذا الشرائح الفئات الأخرى مثل الحرفيين والصيادين، أو من يعتبرهم إجمالا بـ "أصحاب المصلحة الحقيقية في الثورة"..
• بل ووصل الأمر بهذا الوعي إلى الحد الذي جعلنا نعتز بهذا الانتماء، ونجل فقرنا باعتزاز، ولم نشعر بأي انتقاص يوما بسبب المهنة، أو تدني المستوى الاجتماعي لنا، وأكثر من هذا، كانت توجد إجراءات اقتصادية، واهتمام لافت وبحماس فياض، يتم بذله من قبل السلطات نحو شريحة المهمشين، والعمل على رفع مستواهم الاقتصادي والتعليمي والاجتماعي، وبذل محاولات كثيرة ومتتابعة لإعادة دمجهم في المجتمع، ولاسيما في عهد الرئيس سالم ربيع علي والمشهور بـ "سالمين"..
• وكانت من الهتافات الأخاذة والآسرة في ذلك الحين، والتي سمعتها بنفسي من قبل المهمشين أثناء دراستي الإعدادية في طور الباحة في سبعينات القرن المنصرم هتاف "سالمين قدام قدام سالمين ماحناش أخدام سالمين عمال بلدية سالمين منشاش اذية " وتم منع وصف أي عامل بلدية بالخادم كما كان.
*
يتبع
بعض تفاصيل حياتي
كم أنت عظيما يا أبي.. محدثة
احمد سيف حاشد
• بعد انقطاع طال بين أبي ومهنته السابقة، عاد أبي مرة أخرى إليها مضطرا، بعد أن ألجأته إليها مسيس الحاجة والعوز، وبعد أن نفذ ما يملك ويدخر من مال، وبعد تشرد طاله لسنوات، على إثر مقتل أخي علي سيف حاشد في القرية، ومُلاحقة والدي من قبل سلطة صنعاء في ذلك الحين، والتي كانت تسعى لاعتقاله دون أن يقترف أي جريمة أو ذنب غير حمله لحزن ثقيل أناخ على كاهله بمقتل ولده علي.
• استمر أبي بهذا العمل للمرة الثانية "دباغة وتفنيد الجلود" قرابة السنتين أو أكثر، في حي "الخساف" بـ"كريتر" في ثمانينات القرن المنصرم، لدى صديقه الودود محمد عبد الحميد، رغم استمرار معاناة والدي من نوبات السعال الليلي، الناتجة عن عمله السابق بنفس المهنة في شركة "البس"..
• كان عمل أبي في دباغة وتفنيد الجلود هذه المرة مضطرا أكثر من المرة السابقة، وآثر والدي العمل في هذه المهنة التي يجيدها، أو كانت متأتية له للعمل بها، رغم أثرها على مستوى صحته، أو بالأحرى على ما بقي لديه من صحة.. وبين العمل في بداية العمر وغاربة، عمر مديد وعمل كديد، وصحة تذوي ولكنها تقاوم بعناد وصبر لا ينفذ إلا بطلوع الروح..
• هكذا هم الفقراء يؤثرون العمل على الصحة، مهما كان خطرا عليها أو مهددا لها.. أنهم يؤثرون العمل على ما عداه، وإن كان فيه تراجع أو تلاشي أكبر أو محتمل للصحة.. يموتون وهم يعملون بمثابرة دون أن يكلّون أو يملّون، وذلك من أجل أن يعيلوا أسرهم بالرزق الحلال المندّى بعرق الجبين، ولو بما يفي بالحد الأدنى من كرامتهم، وكرامة أسرهم المحرومة من الكثير، ودون أن يخطر لهم بال، أو هاجس شيطان عابر، أو شيطان يجوس في الحمى، ليمارس النهب أو القتل، أو جلب "الفيد" والغنيمة من تحت ظلال السيوف، أو يجني المال الوفير من مصدر مشبوه، أو عمل غير مشروع.. إنني أعترف لأباءنا.. لقد كان آباءنا كبارا بحق وجدارة..
• عرفت أبي خلال مسيرة حياته أنه يقدس العمل، ويقدس مواعيده بدقة حد القلق، ويعمل بمثابرة دون تواني أو كسل، ويبذل جل اهتمامه وعنايته في العمل، ويسعى بمثابرة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الإنجاز.. وينام مُرهقا ولكنه مستريح الضمير، ويقوم باكرا من فراشة، وبنشاط متجدد، ويقضه وجذوة، تستمر معه طوال ساعات العمل..
• في صنعاء خلال سنوات الحرب كتبت منشورا على صفحتي في "الفيسبوك" معتزا بمهنة والدي المتواضعة، ولأول مرة عرفت من صديقي ورفيقي القاضي عبدالوهاب قطران أن مهنة دباغة الجلود لدى بعص مناطق وقبائل الشمال مهنة محتقرة، ويعتبروا أصحابها ناقصين أصل، مثلهم مثل المزاينة والحلاقين والجزارين، ومن في مستواهم، أو دونهم.. فيما بدا لي الأمر، أن دبّاغين الجلود قد تم إلحاقهم بالجزارين أو هم دونهم درجة في نظرة جل من يتعاطى مع هذه التراتبية الاجتماعية أو العنصرية الفجة وعيا وممارسة..
• وعرفت شيئا آخر أثناء حديثي مع زميلي ورفيقي في الكلية العسكرية "حسين" من الجوف، والذي ألتقيت به خلال فترة هذه الحرب الظالمة، وعرفت منه أن البيع والشراء إلى تاريخ غير بعيد، كانت لدى بعض قبائل الجوف معيبة على من يمتهنها، وإنها من وجهة نظر هؤلاء مهنة غير مرغوبة، وغير محترمة، ويلحق العيب بمن يمارسها..
• هكذا يتم قلب المفاهيم والقيم رأسا على عقب، أو أن منتجي تلك القيم هم المقلوبين على رؤوسهم، وبالتالي ينتجون مفاهيما وقيما خاطئة، وبعضها مقلوبة كوضعهم المقلوب، معتقدين سويتها واستقامتها، ليتحول في نظرهم من يمارس العمل الشريف، ومن يأكل من عرق الجبين، مقذوفا بالعيب، ولعنات تلاحقهم كقدر لا مفر منه، هم وبنيهم ومن تناسل منهم.. تدركهم اللعنة لتدمغهم بالعيب والانتقاص والاحتقار والازدراء العنصري الناتج في حقيقته عن خواء عميق في الوعي، وبداوة بدائية غارقة بالقدم، وتفكير زائف، ومنطق سطحي متخلف، أو غارق بالتخلف..
• بيد أن الأهم الذي وجدته أكثر أسى، وأثار فيني كثير من الحزن العميق، ويحكي مفارقة مؤلمة، هو أنني علمتُ أن صديق بمستوى عالي جدا من العلم والثقافة والخُلق والتربية في العاصمة صنعاء، تقدم شاب لخطبة ابنته عبر وسيط، وطلب هذا الصديق من الوسيط التأكد من انتمائه وأصله، والتحري عمّا إذا كان لا ينتمي إلى فيئة المزاينة أو من في حكمهم، وذلك لتحديد الموافقة المبدئية على زواج ابنته من عدمه، رغم ما لدى هذا الشاب من دماثة الخلق، ومستوى تعليمي ومهني يليق..
• راعني ما سمعت.. ولكن لم يقلل هذا بحال من اعتزازي الكبير بعمل والدي، وبكل المهن الذي مارسها طيلة حياته.. ولم انتقص أنا يوما من إنسانية أي فيئة اجتماعية، وأمقت التصنيف العنصري، وتراتبية الأصول التي تؤدي لحصر الأصول الناقصة واحتقارها، وأزدري الاصطفاء، وأرفض التفكير النمطي التقليدي القائم على تراتبية فيها احتقار الإنسان لأخيه الإنسان..
• زدت اعتزازا بمهنة والدي، ونظرت لها ببعد آخر غير البعد الذي ينظر إليها بعض من يعانوا عقد النقص وخلل في الدماغ، أو تلف في مراكز الوع
كم أنت عظيما يا أبي.. محدثة
احمد سيف حاشد
• بعد انقطاع طال بين أبي ومهنته السابقة، عاد أبي مرة أخرى إليها مضطرا، بعد أن ألجأته إليها مسيس الحاجة والعوز، وبعد أن نفذ ما يملك ويدخر من مال، وبعد تشرد طاله لسنوات، على إثر مقتل أخي علي سيف حاشد في القرية، ومُلاحقة والدي من قبل سلطة صنعاء في ذلك الحين، والتي كانت تسعى لاعتقاله دون أن يقترف أي جريمة أو ذنب غير حمله لحزن ثقيل أناخ على كاهله بمقتل ولده علي.
• استمر أبي بهذا العمل للمرة الثانية "دباغة وتفنيد الجلود" قرابة السنتين أو أكثر، في حي "الخساف" بـ"كريتر" في ثمانينات القرن المنصرم، لدى صديقه الودود محمد عبد الحميد، رغم استمرار معاناة والدي من نوبات السعال الليلي، الناتجة عن عمله السابق بنفس المهنة في شركة "البس"..
• كان عمل أبي في دباغة وتفنيد الجلود هذه المرة مضطرا أكثر من المرة السابقة، وآثر والدي العمل في هذه المهنة التي يجيدها، أو كانت متأتية له للعمل بها، رغم أثرها على مستوى صحته، أو بالأحرى على ما بقي لديه من صحة.. وبين العمل في بداية العمر وغاربة، عمر مديد وعمل كديد، وصحة تذوي ولكنها تقاوم بعناد وصبر لا ينفذ إلا بطلوع الروح..
• هكذا هم الفقراء يؤثرون العمل على الصحة، مهما كان خطرا عليها أو مهددا لها.. أنهم يؤثرون العمل على ما عداه، وإن كان فيه تراجع أو تلاشي أكبر أو محتمل للصحة.. يموتون وهم يعملون بمثابرة دون أن يكلّون أو يملّون، وذلك من أجل أن يعيلوا أسرهم بالرزق الحلال المندّى بعرق الجبين، ولو بما يفي بالحد الأدنى من كرامتهم، وكرامة أسرهم المحرومة من الكثير، ودون أن يخطر لهم بال، أو هاجس شيطان عابر، أو شيطان يجوس في الحمى، ليمارس النهب أو القتل، أو جلب "الفيد" والغنيمة من تحت ظلال السيوف، أو يجني المال الوفير من مصدر مشبوه، أو عمل غير مشروع.. إنني أعترف لأباءنا.. لقد كان آباءنا كبارا بحق وجدارة..
• عرفت أبي خلال مسيرة حياته أنه يقدس العمل، ويقدس مواعيده بدقة حد القلق، ويعمل بمثابرة دون تواني أو كسل، ويبذل جل اهتمامه وعنايته في العمل، ويسعى بمثابرة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الإنجاز.. وينام مُرهقا ولكنه مستريح الضمير، ويقوم باكرا من فراشة، وبنشاط متجدد، ويقضه وجذوة، تستمر معه طوال ساعات العمل..
• في صنعاء خلال سنوات الحرب كتبت منشورا على صفحتي في "الفيسبوك" معتزا بمهنة والدي المتواضعة، ولأول مرة عرفت من صديقي ورفيقي القاضي عبدالوهاب قطران أن مهنة دباغة الجلود لدى بعص مناطق وقبائل الشمال مهنة محتقرة، ويعتبروا أصحابها ناقصين أصل، مثلهم مثل المزاينة والحلاقين والجزارين، ومن في مستواهم، أو دونهم.. فيما بدا لي الأمر، أن دبّاغين الجلود قد تم إلحاقهم بالجزارين أو هم دونهم درجة في نظرة جل من يتعاطى مع هذه التراتبية الاجتماعية أو العنصرية الفجة وعيا وممارسة..
• وعرفت شيئا آخر أثناء حديثي مع زميلي ورفيقي في الكلية العسكرية "حسين" من الجوف، والذي ألتقيت به خلال فترة هذه الحرب الظالمة، وعرفت منه أن البيع والشراء إلى تاريخ غير بعيد، كانت لدى بعض قبائل الجوف معيبة على من يمتهنها، وإنها من وجهة نظر هؤلاء مهنة غير مرغوبة، وغير محترمة، ويلحق العيب بمن يمارسها..
• هكذا يتم قلب المفاهيم والقيم رأسا على عقب، أو أن منتجي تلك القيم هم المقلوبين على رؤوسهم، وبالتالي ينتجون مفاهيما وقيما خاطئة، وبعضها مقلوبة كوضعهم المقلوب، معتقدين سويتها واستقامتها، ليتحول في نظرهم من يمارس العمل الشريف، ومن يأكل من عرق الجبين، مقذوفا بالعيب، ولعنات تلاحقهم كقدر لا مفر منه، هم وبنيهم ومن تناسل منهم.. تدركهم اللعنة لتدمغهم بالعيب والانتقاص والاحتقار والازدراء العنصري الناتج في حقيقته عن خواء عميق في الوعي، وبداوة بدائية غارقة بالقدم، وتفكير زائف، ومنطق سطحي متخلف، أو غارق بالتخلف..
• بيد أن الأهم الذي وجدته أكثر أسى، وأثار فيني كثير من الحزن العميق، ويحكي مفارقة مؤلمة، هو أنني علمتُ أن صديق بمستوى عالي جدا من العلم والثقافة والخُلق والتربية في العاصمة صنعاء، تقدم شاب لخطبة ابنته عبر وسيط، وطلب هذا الصديق من الوسيط التأكد من انتمائه وأصله، والتحري عمّا إذا كان لا ينتمي إلى فيئة المزاينة أو من في حكمهم، وذلك لتحديد الموافقة المبدئية على زواج ابنته من عدمه، رغم ما لدى هذا الشاب من دماثة الخلق، ومستوى تعليمي ومهني يليق..
• راعني ما سمعت.. ولكن لم يقلل هذا بحال من اعتزازي الكبير بعمل والدي، وبكل المهن الذي مارسها طيلة حياته.. ولم انتقص أنا يوما من إنسانية أي فيئة اجتماعية، وأمقت التصنيف العنصري، وتراتبية الأصول التي تؤدي لحصر الأصول الناقصة واحتقارها، وأزدري الاصطفاء، وأرفض التفكير النمطي التقليدي القائم على تراتبية فيها احتقار الإنسان لأخيه الإنسان..
• زدت اعتزازا بمهنة والدي، ونظرت لها ببعد آخر غير البعد الذي ينظر إليها بعض من يعانوا عقد النقص وخلل في الدماغ، أو تلف في مراكز الوع
ي، وتشوّه في التربية، والتنشئة الخاطئة.. وفي واقع مثل هذا، تخليت نفسي مثل شجرة السدر أو نبتة الصبار، أو شجرة التين الشوكي النابتة في قلب الصخر، أو في صفاء الجبل الأمرد، وقد تحدت كل الظروف الطاردة للحياة، وعاشت رغم أنف وقسوة الظروف، وشمخت متحدية وباسقة، بل وزادت تزهر وتثمر، في أعز الفصول ضيقا، وكأن وجودها المعاند، فيه حكمة ومقاومة لوجع الطبيعة، وتحدى ظروفها القاتلة، وتشمخ برأسها علوا، وتزهر أطرافها باللون الزهي، وتعطي النحل والناس رحيق العسل، وكلما فيه علاجا وشفاء وطعم ألذ..
• أعتز أنني ابن هذا الأب المكافح، الذي أنتمي إليه، وصار ولده نائبا للشعب، ويمثله بما يليق به، وقد حرصت وأنا أختار أن أكون لا منتمي، أو أكون نائبا برلمانيا مستقلا بحق وحقيقة.. صاحب رأي وموقف حر ومستقل، وأن يكون "الشريم شعاري" وأن يتكثف وعدي الانتخابي المقرون بصورتي بعبارة "انتخبوا من يمثلكم لا من يمثل بكم"
• أغلب الظن أو كما أتخيل نفسي أنني لازلت حريصا ووفيا لهذا الشعب المنكوب بمن قادوه وتسلطوا عليه من أعالي القوم وأشرافه.. لازلت وفيا للعهد والوعد الذي قطعته يوما للوطن، وقد خان أسياد القوم شعبهم، وسقطت المنازل الرفيعة في القيعان السحيقة، وسيكنس التاريخ يوما أصحاب المراتب العالية إلى مزابله المنتنة، وكل من جلبوا لهذا الشعب الكوارث العظام، ومارسوا بحقه الخيانات الكبار بتمادي بالغ، ومجاهرة فجة وصارخة، وأتوا بالعار الذي لا يُمحى ولا يزول إلى اليمن..
• وللخلاصة أنا أمقت التفكير النمطي، في التراتبيات الاجتماعية المتخلفة، أو القائمة على الأصل، أو الحسب والنسب، أو التفكير العنصري بكل مسمياته، وأرفض العصبيات المنتنة، وضخ الكراهية التي تستهدف الوطن في عمقه ووحدته ومستقبله..
وفي مسك الختام هنا لا بأس أن أقول وفاء: كم أنت عظيما يا أبي
***
يتبع
• أعتز أنني ابن هذا الأب المكافح، الذي أنتمي إليه، وصار ولده نائبا للشعب، ويمثله بما يليق به، وقد حرصت وأنا أختار أن أكون لا منتمي، أو أكون نائبا برلمانيا مستقلا بحق وحقيقة.. صاحب رأي وموقف حر ومستقل، وأن يكون "الشريم شعاري" وأن يتكثف وعدي الانتخابي المقرون بصورتي بعبارة "انتخبوا من يمثلكم لا من يمثل بكم"
• أغلب الظن أو كما أتخيل نفسي أنني لازلت حريصا ووفيا لهذا الشعب المنكوب بمن قادوه وتسلطوا عليه من أعالي القوم وأشرافه.. لازلت وفيا للعهد والوعد الذي قطعته يوما للوطن، وقد خان أسياد القوم شعبهم، وسقطت المنازل الرفيعة في القيعان السحيقة، وسيكنس التاريخ يوما أصحاب المراتب العالية إلى مزابله المنتنة، وكل من جلبوا لهذا الشعب الكوارث العظام، ومارسوا بحقه الخيانات الكبار بتمادي بالغ، ومجاهرة فجة وصارخة، وأتوا بالعار الذي لا يُمحى ولا يزول إلى اليمن..
• وللخلاصة أنا أمقت التفكير النمطي، في التراتبيات الاجتماعية المتخلفة، أو القائمة على الأصل، أو الحسب والنسب، أو التفكير العنصري بكل مسمياته، وأرفض العصبيات المنتنة، وضخ الكراهية التي تستهدف الوطن في عمقه ووحدته ومستقبله..
وفي مسك الختام هنا لا بأس أن أقول وفاء: كم أنت عظيما يا أبي
***
يتبع
احمد سيف حاشد
في جبهة نهم الأحكوم اعتقال أم إقبال الحكيمي وأختها فادية وبنت أختها أزهار
فيما سبق الإفراج عن المشرف أبو خليل
في جبهة نهم الأحكوم اعتقال أم إقبال الحكيمي وأختها فادية وبنت أختها أزهار
فيما سبق الإفراج عن المشرف أبو خليل
بوا وأعدموا معه..
أنا من تسكنه تحدي ذلك الإسكافي العظيم (ماسح الأحذية) الذي صار رئيسا لأكثر من مائتين مليون نسمة في البرازيل خامس أكبر دولة في العالم، سواء من حيث المساحة الجغرافية أو عدد السكان.
*
أنا من يجد إلهامه في غاندي ذلك العظيم الذي أسس مدرسة عظيمة في النضال السلمي، وجعل من الهند متعددة الأعراق والقوميات والأديان والطوائف والثقافات بلاد متعايشة ومتنوعة .. الهند أمة المليار نسمة الثانية في العالم من حيث عدد السكان والسابعة من حيث المساحة والاقتصاد.
*
أنا من جُبلت على التسامح، ووجدت في ذلك العظيم نلسون منديلا المناضل الأفريقي الأسود قدوة ومثالا وملهما.. مانديلا الذي ناهض سياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا ومكث في سجون نظامه أكثر من 27 عاما وخرج منها غير حاقد أو منتقم..
منديلا الذي منح عفوا فرديا لكل من يدلي بشهادته حول الجرائم التي ارتكبت وبجلسات سماع استمرت عامين حول عمليات الاغتصاب والتعذيب والتفجيرات والاغتيالات، وهو ما ساعد خروج جنوب أفريقيا من ماضيها الثقيل، والابتعاد عنه والتركيز على الحاضر والمستقبل.
أنا من أجد نفسي في كل إنسان..
أنا إنسان.
***
يتبع..
أنا من تسكنه تحدي ذلك الإسكافي العظيم (ماسح الأحذية) الذي صار رئيسا لأكثر من مائتين مليون نسمة في البرازيل خامس أكبر دولة في العالم، سواء من حيث المساحة الجغرافية أو عدد السكان.
*
أنا من يجد إلهامه في غاندي ذلك العظيم الذي أسس مدرسة عظيمة في النضال السلمي، وجعل من الهند متعددة الأعراق والقوميات والأديان والطوائف والثقافات بلاد متعايشة ومتنوعة .. الهند أمة المليار نسمة الثانية في العالم من حيث عدد السكان والسابعة من حيث المساحة والاقتصاد.
*
أنا من جُبلت على التسامح، ووجدت في ذلك العظيم نلسون منديلا المناضل الأفريقي الأسود قدوة ومثالا وملهما.. مانديلا الذي ناهض سياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا ومكث في سجون نظامه أكثر من 27 عاما وخرج منها غير حاقد أو منتقم..
منديلا الذي منح عفوا فرديا لكل من يدلي بشهادته حول الجرائم التي ارتكبت وبجلسات سماع استمرت عامين حول عمليات الاغتصاب والتعذيب والتفجيرات والاغتيالات، وهو ما ساعد خروج جنوب أفريقيا من ماضيها الثقيل، والابتعاد عنه والتركيز على الحاضر والمستقبل.
أنا من أجد نفسي في كل إنسان..
أنا إنسان.
***
يتبع..