تحت غطاء الحرب واستعادة الشرعية ماذا يحدث في الواقع..
السعودية والإمارات تحتلان جزيرة سقطرى أحد عجائب الدنيا العشر..
السعودية تمارس الاحتلال في محافظة المهرة وميناء شحن وجزيرة بكلان وبعض أراضي محافظتي صعدة وحجة وميناء ميدي بالإضافة إلى استقطاع 42 ألف كيلو متر مربع من محافظة حضرموت..
والإمارات تمارس احتلال الموانئ اليمنية والساحل وما حاذاه من الأرض، وتمارس دور الاحتلال والسيادة على المياه الإقليمية اليمنية، فضلا عن احتلالها لجزيرة ميون الاستراتيجية..
أطراف الحرب المحلية تشكل غطاء للحيلولة دون دخول الإمارات والسعودية في أي تفاوض واعتبارهما رعاه..
تصوير الصراع والحرب في اليمن إنها بينية حصرا على الأطراف اليمنية يلازمها تبعا لذلك تسيير المفاوضات المتغاضية عن الاحتلال وأطماعه التوسعية..
استمرار الحرب يعني مزيدا من التمكين والاحتلال على حساب مصالح و وحدة اليمن وسلامة أراضيه وحقه في السيادة والاستقلال..
السعودية والإمارات تحتلان جزيرة سقطرى أحد عجائب الدنيا العشر..
السعودية تمارس الاحتلال في محافظة المهرة وميناء شحن وجزيرة بكلان وبعض أراضي محافظتي صعدة وحجة وميناء ميدي بالإضافة إلى استقطاع 42 ألف كيلو متر مربع من محافظة حضرموت..
والإمارات تمارس احتلال الموانئ اليمنية والساحل وما حاذاه من الأرض، وتمارس دور الاحتلال والسيادة على المياه الإقليمية اليمنية، فضلا عن احتلالها لجزيرة ميون الاستراتيجية..
أطراف الحرب المحلية تشكل غطاء للحيلولة دون دخول الإمارات والسعودية في أي تفاوض واعتبارهما رعاه..
تصوير الصراع والحرب في اليمن إنها بينية حصرا على الأطراف اليمنية يلازمها تبعا لذلك تسيير المفاوضات المتغاضية عن الاحتلال وأطماعه التوسعية..
استمرار الحرب يعني مزيدا من التمكين والاحتلال على حساب مصالح و وحدة اليمن وسلامة أراضيه وحقه في السيادة والاستقلال..
http://yemenat.net/2018/10/336105/من أرشيف الذاكرة .. مقتل صهري وسائقي
أحمد سيف حاشد
– هناك أحداث غير عادية تعصف بحياة الشخص، و لا يستطيع أن ينساها، ليس لأنه حقودا أو أنه غير متسامح، بل لأنها تصل إلى عمقه، و تشرخ في عمق وجدانه، و تترك أثرها ندوبا عميقة في ذاكرته، و تلازمه في حاضره و مستقبله .. إنها أمر يشبه بمن تسبب لك بعاهة أو إعاقة دائمة، و التسامح عن هذا الحد أيضا ممكنا و مقدورا عليه .. غير إن الأهم من هذا، هو أن المتسبب يظل يستخف بك و بقدرتك، و يتعمد تكريسها بأقوال أو بوقائع مستمرة ضدك، و أكثر من هذا إنه يريد سحقك، أو اخضاعك، أو اذلالك، أو تكريس سلطته الظالمة عليك، و رفضه إنصافك و رفع ظلمه عن كاهلك.
– تجربتي مع جماعة أنصار الله حافلة بهذا .. ابتداء من 4 أغسطس 2014 و مرورا بـ 25 مايو 2017 ثم بحملة أوقفوا الحرب في 2018 ثم بمحاولة اخراس ما بقي لي من صوتي، و ممارسة وجودي، و مصادرة حقي في الرأي و التعبير، و الذي بلغت حد استخدام ذبابهم الإلكترونية للإبلاغ الكيدي، و تعطيل حسابين لي في الفيسبوك كانا أكثرا معزة من أولادي .. كانا جزء مني .. فيهما كل شيء بالنسبة لي .. الألم و الوجع و البوح و المقاومة و الذكرى و الحنين و الأمل و التاريخ الأهم في حياتي .. وقائع كثيرة و حافلة سأكتب عنها بدمي، لا بقلمي فقط.
– و قبلها تجربتي المريرة مع حزب الإصلاح و من إليه من العام 2011 – 2014 و قبل هذا و ذاك مع نظام صالح .. و بصدد هذا الأخيرة أعرض واحدة من القضايا و التي كانت ضمن قضايا شتى مما صاغت مواقفي في تلك الفترة، و ما تلاها..
– إنها قضية مقتل صهري و سائقي عادل صالح يحيى والتي كتبتها في 2004 و نشرتها صحيفة الأيام في عددها رقم 4182 و اعدت نشرها في نشرة “القبيطة” في يونيو 2004 بعنوان وطن حزين و عدالة مفقودة .. و أعيد نشرها هنا “من أرشيف الذاكرة” كونها تتضمن إحدى المحن التي عشتها في حياتي.
***
وطن حزين وعدالة مفقودة
أحمد سيف حاشد
– عادل صالح يحيى الذي قتل حزيناً و مقهوراً و يائساً من أن يطال نتف من حق مسلوب و عدل مفقود ضاعا بين سطوة القبيلة و نفوذ الفساد و تواطؤ الجهات المسؤولة و عجرفة بعض أبناء المسؤولين..
– عادل .. لا يحمل مسدساً بل لا يحمل حتى سكيناً .. ليس له قبيلة تؤازره أو تأخذ بحقه أو تثأر له في دولة لا زالت القبيلة تنتعل القانون و تكتم أنفاس الوعي و تقتله خنقاً و شنقا..
– عادل .. من أبناء عدن الطيبين المعهودين بالبساطة و النقاوة و المسالمة التي يذبحها كل يوم الاستقواء بالمال و القبيلة و السلطة و غرور الباطل و عجرفة الطائشين من أبناء المسؤولين.
– حادث صدام طفيف و أضراره لا تذكر .. تم إيقاف السيارتين و جاء رجل المرور الذي كان على بعد مائتي متر أو أقل و طلبنا منه أن يقوم بواجبه وفق النظام و القانون.
– تدخل الناس و كادت القضية تنتهي على خير و يا شارع ما دخلك شر .. و ذهبت أنا الى وجهتي و تركت الامر و الحل وشيك..
– افضل ما يمكن أن يقال بحق ابن المسؤول انه أستكثر أن يستوقفه رجل المرور لدقائق على قارعة الطريق .. و قبل أن تنتهي عشر دقائق يبلغني المجني عليه بصوت مذبوح و قلب مفطور أن ابن المسؤول الذي لا يتجاوز عمره العشرين سنة قد جاء بأربع سيارات شرطة و جيش محملة برجال كثر بعصي غلاظ و جنابي حداد..
– لقد أستأسد عشرون (رجلاُ) على اثنين عزل من السلاح لا يحملان معهم حتى عود عنب و لا يحلمان بغير أن يريا النوارس و اسراب الحمام تطير في سماء و فضاءات الوطن الحزين..
– انهالوا عليهما بالضرب و الركل و استباحوا و عاثوا بكل شيء اسمه إنسان .. لم يتركوا لهما فرصة يسمعون منهما منطق أو حجة، بل و لم يتركوا لهما حتى فرصة الهروب من الجنابي التي كادت تقتل لولا تدخل بعض المارة الذين حالوا دون ان تصل الى أجساد المجني عليهما .. و لم يفلحوا بالوصول الى النائب الذي كانوا يبحثون عنه.
– احد المجني عليهما تحفظ عن التصريح باسمه لأنه شعر بمرارة لا تطاق و انكسار لا حدود له .. لا تحزن يا عزيزي .. أنهم أبطال من ورق، و الإ كيف لعش دبابير أن يهاجمون نحلة .. معادلة غير متكافئة في وطن يستبيح فيه المال و عربدة المسؤولين و سلطان القبيلة كل شيء .. و أول ما يستباح هو كرامة الإنسان لأنها في قواميسهم أسهل من السهل غير الممتنع و أرخص من البقل و الكراث..
– نعم .. يبدون أمامنا ديناصورات لأننا عاشقون للورد و حالمون بالسلام، و لكنهم في الحقيقة أمام من هم أقوى منهم زيف و هراء و خواء مخجل .. كل يوم ينكسرون أمام العدو عشرات المرات .. قواهم تخور، و سلطانهم يتهالك، و عزيمتهم تموت قبل أن يبدأ العدو معهم أول نزال .. فلا تصدقوا هراهم فهم أجبن من فأر..
– و لأنكما مسالمان كتب عليكما أن تكونا مجني عليكما، و لن تكونا غير ذلك لأنكما تحملان مناديل بيضاء و عصافير ملونة و قلوبا أنصع بياضاً من القطن و ندف الثلج..
أحمد سيف حاشد
– هناك أحداث غير عادية تعصف بحياة الشخص، و لا يستطيع أن ينساها، ليس لأنه حقودا أو أنه غير متسامح، بل لأنها تصل إلى عمقه، و تشرخ في عمق وجدانه، و تترك أثرها ندوبا عميقة في ذاكرته، و تلازمه في حاضره و مستقبله .. إنها أمر يشبه بمن تسبب لك بعاهة أو إعاقة دائمة، و التسامح عن هذا الحد أيضا ممكنا و مقدورا عليه .. غير إن الأهم من هذا، هو أن المتسبب يظل يستخف بك و بقدرتك، و يتعمد تكريسها بأقوال أو بوقائع مستمرة ضدك، و أكثر من هذا إنه يريد سحقك، أو اخضاعك، أو اذلالك، أو تكريس سلطته الظالمة عليك، و رفضه إنصافك و رفع ظلمه عن كاهلك.
– تجربتي مع جماعة أنصار الله حافلة بهذا .. ابتداء من 4 أغسطس 2014 و مرورا بـ 25 مايو 2017 ثم بحملة أوقفوا الحرب في 2018 ثم بمحاولة اخراس ما بقي لي من صوتي، و ممارسة وجودي، و مصادرة حقي في الرأي و التعبير، و الذي بلغت حد استخدام ذبابهم الإلكترونية للإبلاغ الكيدي، و تعطيل حسابين لي في الفيسبوك كانا أكثرا معزة من أولادي .. كانا جزء مني .. فيهما كل شيء بالنسبة لي .. الألم و الوجع و البوح و المقاومة و الذكرى و الحنين و الأمل و التاريخ الأهم في حياتي .. وقائع كثيرة و حافلة سأكتب عنها بدمي، لا بقلمي فقط.
– و قبلها تجربتي المريرة مع حزب الإصلاح و من إليه من العام 2011 – 2014 و قبل هذا و ذاك مع نظام صالح .. و بصدد هذا الأخيرة أعرض واحدة من القضايا و التي كانت ضمن قضايا شتى مما صاغت مواقفي في تلك الفترة، و ما تلاها..
– إنها قضية مقتل صهري و سائقي عادل صالح يحيى والتي كتبتها في 2004 و نشرتها صحيفة الأيام في عددها رقم 4182 و اعدت نشرها في نشرة “القبيطة” في يونيو 2004 بعنوان وطن حزين و عدالة مفقودة .. و أعيد نشرها هنا “من أرشيف الذاكرة” كونها تتضمن إحدى المحن التي عشتها في حياتي.
***
وطن حزين وعدالة مفقودة
أحمد سيف حاشد
– عادل صالح يحيى الذي قتل حزيناً و مقهوراً و يائساً من أن يطال نتف من حق مسلوب و عدل مفقود ضاعا بين سطوة القبيلة و نفوذ الفساد و تواطؤ الجهات المسؤولة و عجرفة بعض أبناء المسؤولين..
– عادل .. لا يحمل مسدساً بل لا يحمل حتى سكيناً .. ليس له قبيلة تؤازره أو تأخذ بحقه أو تثأر له في دولة لا زالت القبيلة تنتعل القانون و تكتم أنفاس الوعي و تقتله خنقاً و شنقا..
– عادل .. من أبناء عدن الطيبين المعهودين بالبساطة و النقاوة و المسالمة التي يذبحها كل يوم الاستقواء بالمال و القبيلة و السلطة و غرور الباطل و عجرفة الطائشين من أبناء المسؤولين.
– حادث صدام طفيف و أضراره لا تذكر .. تم إيقاف السيارتين و جاء رجل المرور الذي كان على بعد مائتي متر أو أقل و طلبنا منه أن يقوم بواجبه وفق النظام و القانون.
– تدخل الناس و كادت القضية تنتهي على خير و يا شارع ما دخلك شر .. و ذهبت أنا الى وجهتي و تركت الامر و الحل وشيك..
– افضل ما يمكن أن يقال بحق ابن المسؤول انه أستكثر أن يستوقفه رجل المرور لدقائق على قارعة الطريق .. و قبل أن تنتهي عشر دقائق يبلغني المجني عليه بصوت مذبوح و قلب مفطور أن ابن المسؤول الذي لا يتجاوز عمره العشرين سنة قد جاء بأربع سيارات شرطة و جيش محملة برجال كثر بعصي غلاظ و جنابي حداد..
– لقد أستأسد عشرون (رجلاُ) على اثنين عزل من السلاح لا يحملان معهم حتى عود عنب و لا يحلمان بغير أن يريا النوارس و اسراب الحمام تطير في سماء و فضاءات الوطن الحزين..
– انهالوا عليهما بالضرب و الركل و استباحوا و عاثوا بكل شيء اسمه إنسان .. لم يتركوا لهما فرصة يسمعون منهما منطق أو حجة، بل و لم يتركوا لهما حتى فرصة الهروب من الجنابي التي كادت تقتل لولا تدخل بعض المارة الذين حالوا دون ان تصل الى أجساد المجني عليهما .. و لم يفلحوا بالوصول الى النائب الذي كانوا يبحثون عنه.
– احد المجني عليهما تحفظ عن التصريح باسمه لأنه شعر بمرارة لا تطاق و انكسار لا حدود له .. لا تحزن يا عزيزي .. أنهم أبطال من ورق، و الإ كيف لعش دبابير أن يهاجمون نحلة .. معادلة غير متكافئة في وطن يستبيح فيه المال و عربدة المسؤولين و سلطان القبيلة كل شيء .. و أول ما يستباح هو كرامة الإنسان لأنها في قواميسهم أسهل من السهل غير الممتنع و أرخص من البقل و الكراث..
– نعم .. يبدون أمامنا ديناصورات لأننا عاشقون للورد و حالمون بالسلام، و لكنهم في الحقيقة أمام من هم أقوى منهم زيف و هراء و خواء مخجل .. كل يوم ينكسرون أمام العدو عشرات المرات .. قواهم تخور، و سلطانهم يتهالك، و عزيمتهم تموت قبل أن يبدأ العدو معهم أول نزال .. فلا تصدقوا هراهم فهم أجبن من فأر..
– و لأنكما مسالمان كتب عليكما أن تكونا مجني عليكما، و لن تكونا غير ذلك لأنكما تحملان مناديل بيضاء و عصافير ملونة و قلوبا أنصع بياضاً من القطن و ندف الثلج..
– عدت بعد ربع ساعة الى مكان الاعتداء و وجدت سماء من حزن و جرح يتسع لوطن مقهور و معذب، و إنسان يقبض على وجعه .. و الأخر أشلاء و وقار ممزق .. غير أن ما يحز في النفس أكثر أن تجدهما يداريان عنك جراحهما الغائرة، و يمعنان في الحرص أن لا تصيبك شظية حزن أو شرر من وجع مما حل بهما .. أنه الحب و الأحبة و نبل المشاعر و بعض من نبوة..
– عدت و قد انتهى كل شيء و المجني عليهما قد شربا كأساً من علقم و كاسات من الانكسار الحزين و شربت معهما من الانكسار كؤوسا..
– انهم يستقوون علنا بالمال و القبيلة و المسؤولية و السلطان و لكننا نعلم أنهم أمام الأقوياء قواهم تخور و جبنهم أكبر من عشرين وطناً..
– لجأنا للقانون عساه أن ينصفنا، و طلبنا من النيابة التحقيق في الشكوى و ضبط المعتدين غير أن النيابة المختصة أثرت إحالة القضية لأمن منطقة الوحدة لأنها لمحت فيها ما يعكر صفوها و يوجع رأسها.
– استمعت إدارة أمن منطقة الوحدة لأقوال المجني عليهما و كذا أقوال بعض الشهود و كنا نتطلع أن تباشر إجراءات متابعة المعتدين و ضبطهم و لكن ظل ذلك منا أمر بعيد المنال..
– نصف شهر يمر و لم يحرك أمن المنطقة ساكناً و لم يتم رفع محاضر جمع الاستدلالات للنيابة .. و عندما سألنا عن مصير القضية قال لنا أحدهم في درج المدير .. ربما كانت ترتعي وبلاً أو تخمد لتفقس صوص و كتاكيت..
– عندما ألححنا على مسؤول طيب في المنطقة بمتابعة و ضبط المعتدين أعرب عن خوفه و خشيته أن يتحول الى شاؤوش .. فقلت لنفسي: إذا كانت أجهزة الأمن لا تجرؤ على سؤال أبن مدير فكيف يكون حالها مع ابن الوكيل وابن الوزير و لا أزيد..؟!! و إذا كان هذا يحدث مع نائب فكيف يكون الحال مع المواطن المغلوب الغارق في الهم اليومي و المخنوق بحبال الفقر و النكد و سطوة الحاجة..؟!! إنها مفارقات تكشف عن بشاعة و مساوئ تقتل الإنسان و تذبح مشاعره دون استئذان..
– بعد نصف شهر من وجود القضية في أمن المنطقة و بعد أن يئسنا من أن تقوم إدارة الأمن برفعها للنيابة أو باتخاذ أي إجراء ضد المعتدين، و بعد أن لقى المجني عليه حتفه أتصلت بمدير أمن المنطقة لأبلغه عتبي و خيبة أملي و شدة صدمتي؛ فأجابني بصوت غير عابئ لا يحمل وزناً لضحية مثل الغلبان المقهور عادل: (أنا لست موظفاً معك) .. بعدها أدركت أن هذا الخطاب يقف وراءه دعم و سلطان و تعالي مسؤول .. نعم هذا يحدث مع نائب فكيف الحال مع المواطن المكدود الذي تسحقه الظروف و يطحنه الواقع المأزوم الطافح بالفساد و القبيلة و عنترية المسؤولين.
– و لا أخفي سراً إن قلت: لقد كنت أتمنى أن تعلم وزارة الداخلية لمثل هؤلاء مادة القانون و لكن صرت أتمنى اليوم أن تدرسهم أيضاً الذوق و الأخلاق مع المواطن، لأن المصيبة أكبر و الأمر جلل عندما يجتمع الجهل مع عدم الذوق في رجل يفترض أن يحمي كرامة و حرية و دماء و أعراض الناس.
– و للحريات أحزان و ماسٍ أخرى .. لقد أتصلت بعد سويعات من وقوع الاعتداء بواحد ممن يدعون أنهم حماة الحقوق و الحريات، و أخبرته بقلب دام بما حدث ، و لكنني يا ليت ما فعلت، فقد تلذذ الرجل بما حصل، و عرفت أنه مدع عابث لا يعرف للحقوق و الحريات طريق، بل اكتشفت أنه رجل أمن لا زال يعيش بعقلية الحرس القديم التي كانت تصول و تجول في حقبة السبعينات و الثمانينات رغم أنه حديث ولادة و طري عهد .. و اكتشفت أيضاً و هو ما لم أكن أعرفه من قبل إن لدينا ليس فقراً في الغذاء فقط، و لكن لدينا فقر كذلك في السياسة و الحقوق و الحريات، و كلل في النظر و عمى في البصيرة..
– و في مجلس النواب قمت بجمع حملة توقيعات من أعضاء مجلس النواب لهيئة رئاسة المجلس بلغت في ساعة أكثر من تسعين توقيعاً على عريضة يطلبون فيها من هيئة رئاسة المجلس تشكيل لجنة تحقيق و متابعة لضبط المعتدين غير أن الرئاسة أحالت الأمر على لجنة الدفاع و الأمن و الذي أبلغني بعض أعضائها إن (المسؤول) قد حكم باثنين بنادق .. و ضغط البعض لأقبل التحكيم، بل و ألمح أحدهم أن تقرير اللجنة سيقع مثل تقرير رداع و لا زلت لا أعلم شيئاً عن تقرير رداع، و لكني فهمت أن الأمور ستأتي بما لا يسر إن لم أسر بإجراءات التحكيم.
عادل صالح يحيى
– لقد حاولت دون جدوى أن أفهم بعض (الناصحين) و غيرهم أن أبن المسؤول و جماعته ما كانوا يجرؤون على فعل ما فعلوه لو أدركوا أن القانون يطالهم و لو بحبس يوم واحد، و عرفت أن فلسفتهم تقول: أكسر كرامة المواطن الطيب و الغلبان كعود ثقاب ثم أسليه و ارضيه بذبح شاة أو عقر ثور .. و يظل هو الشامخ على مر السنين .. ظافراً و منتصراً و منتشياً على الوطن البائس و المواطن الغلبان.
– عدت و قد انتهى كل شيء و المجني عليهما قد شربا كأساً من علقم و كاسات من الانكسار الحزين و شربت معهما من الانكسار كؤوسا..
– انهم يستقوون علنا بالمال و القبيلة و المسؤولية و السلطان و لكننا نعلم أنهم أمام الأقوياء قواهم تخور و جبنهم أكبر من عشرين وطناً..
– لجأنا للقانون عساه أن ينصفنا، و طلبنا من النيابة التحقيق في الشكوى و ضبط المعتدين غير أن النيابة المختصة أثرت إحالة القضية لأمن منطقة الوحدة لأنها لمحت فيها ما يعكر صفوها و يوجع رأسها.
– استمعت إدارة أمن منطقة الوحدة لأقوال المجني عليهما و كذا أقوال بعض الشهود و كنا نتطلع أن تباشر إجراءات متابعة المعتدين و ضبطهم و لكن ظل ذلك منا أمر بعيد المنال..
– نصف شهر يمر و لم يحرك أمن المنطقة ساكناً و لم يتم رفع محاضر جمع الاستدلالات للنيابة .. و عندما سألنا عن مصير القضية قال لنا أحدهم في درج المدير .. ربما كانت ترتعي وبلاً أو تخمد لتفقس صوص و كتاكيت..
– عندما ألححنا على مسؤول طيب في المنطقة بمتابعة و ضبط المعتدين أعرب عن خوفه و خشيته أن يتحول الى شاؤوش .. فقلت لنفسي: إذا كانت أجهزة الأمن لا تجرؤ على سؤال أبن مدير فكيف يكون حالها مع ابن الوكيل وابن الوزير و لا أزيد..؟!! و إذا كان هذا يحدث مع نائب فكيف يكون الحال مع المواطن المغلوب الغارق في الهم اليومي و المخنوق بحبال الفقر و النكد و سطوة الحاجة..؟!! إنها مفارقات تكشف عن بشاعة و مساوئ تقتل الإنسان و تذبح مشاعره دون استئذان..
– بعد نصف شهر من وجود القضية في أمن المنطقة و بعد أن يئسنا من أن تقوم إدارة الأمن برفعها للنيابة أو باتخاذ أي إجراء ضد المعتدين، و بعد أن لقى المجني عليه حتفه أتصلت بمدير أمن المنطقة لأبلغه عتبي و خيبة أملي و شدة صدمتي؛ فأجابني بصوت غير عابئ لا يحمل وزناً لضحية مثل الغلبان المقهور عادل: (أنا لست موظفاً معك) .. بعدها أدركت أن هذا الخطاب يقف وراءه دعم و سلطان و تعالي مسؤول .. نعم هذا يحدث مع نائب فكيف الحال مع المواطن المكدود الذي تسحقه الظروف و يطحنه الواقع المأزوم الطافح بالفساد و القبيلة و عنترية المسؤولين.
– و لا أخفي سراً إن قلت: لقد كنت أتمنى أن تعلم وزارة الداخلية لمثل هؤلاء مادة القانون و لكن صرت أتمنى اليوم أن تدرسهم أيضاً الذوق و الأخلاق مع المواطن، لأن المصيبة أكبر و الأمر جلل عندما يجتمع الجهل مع عدم الذوق في رجل يفترض أن يحمي كرامة و حرية و دماء و أعراض الناس.
– و للحريات أحزان و ماسٍ أخرى .. لقد أتصلت بعد سويعات من وقوع الاعتداء بواحد ممن يدعون أنهم حماة الحقوق و الحريات، و أخبرته بقلب دام بما حدث ، و لكنني يا ليت ما فعلت، فقد تلذذ الرجل بما حصل، و عرفت أنه مدع عابث لا يعرف للحقوق و الحريات طريق، بل اكتشفت أنه رجل أمن لا زال يعيش بعقلية الحرس القديم التي كانت تصول و تجول في حقبة السبعينات و الثمانينات رغم أنه حديث ولادة و طري عهد .. و اكتشفت أيضاً و هو ما لم أكن أعرفه من قبل إن لدينا ليس فقراً في الغذاء فقط، و لكن لدينا فقر كذلك في السياسة و الحقوق و الحريات، و كلل في النظر و عمى في البصيرة..
– و في مجلس النواب قمت بجمع حملة توقيعات من أعضاء مجلس النواب لهيئة رئاسة المجلس بلغت في ساعة أكثر من تسعين توقيعاً على عريضة يطلبون فيها من هيئة رئاسة المجلس تشكيل لجنة تحقيق و متابعة لضبط المعتدين غير أن الرئاسة أحالت الأمر على لجنة الدفاع و الأمن و الذي أبلغني بعض أعضائها إن (المسؤول) قد حكم باثنين بنادق .. و ضغط البعض لأقبل التحكيم، بل و ألمح أحدهم أن تقرير اللجنة سيقع مثل تقرير رداع و لا زلت لا أعلم شيئاً عن تقرير رداع، و لكني فهمت أن الأمور ستأتي بما لا يسر إن لم أسر بإجراءات التحكيم.
عادل صالح يحيى
– لقد حاولت دون جدوى أن أفهم بعض (الناصحين) و غيرهم أن أبن المسؤول و جماعته ما كانوا يجرؤون على فعل ما فعلوه لو أدركوا أن القانون يطالهم و لو بحبس يوم واحد، و عرفت أن فلسفتهم تقول: أكسر كرامة المواطن الطيب و الغلبان كعود ثقاب ثم أسليه و ارضيه بذبح شاة أو عقر ثور .. و يظل هو الشامخ على مر السنين .. ظافراً و منتصراً و منتشياً على الوطن البائس و المواطن الغلبان.
– نصحني أحد الزملاء أن أحتاط و أبحث عن بعض القتلة و قطاع الطرق ليكونوا لي حراسا و مرافقين و أعواناً أصون فيهم كرامتي و حياتي و حياة و كرامة من معي مثل ما يفعل أخرون كثيرون، و لا بأس أن أعتدي على من هو أصغر مني إن شئت لأبني مجداً حتى لو كان من أشلاء ضحايا المجد في وطن بائس و حزين و موجوع أكثر منا .. فقلت له لن أفعل و إن ظلوا هم كذلك يفعلون.
– و ما زالت رحلتي مع العدالة المهترئة مضنية و شاقة، و ما زلت في أول الطريق، و ما زالت أطالب بضبط بقية المعتدين و هم كثر، و طريق العدالة في بلادنا متاهة لا تنتهي، و قد ينتهي بك العمر قبل أن تطال أريجاً منها .. و لكن هذا قدرنا في بلد لا زال قدرها يعبث به المال و الجاه و الفساد و سلطان القبيلة و بعض من أبناء المسؤولين.
– و ما زلت أسمع حي المجني عليه قبل أن يموت و هو يطلب من المحقق أن يضبط المعتدين و يأخذ القانون مجراه، بينما يقاطعه صوت موجوع أخر و يقول: لا قانون و لا يحزنون لمن ليس لديه مال أو جاه أو سلطة أو قبيلة .. و أنا لا أملك غير كلمة موجوعة و عزاء متشح بالحزن و متلوي بالألم أقدمه لأم عادل المشلولة و الثكلى و أبنائه القصر و زوجته و ذويه المحزونين .. و أملنا في غد أفضل و وطن سعيد ينتصر فيه العدل و يسود فيه القانون..
– و ما زالت رحلتي مع العدالة المهترئة مضنية و شاقة، و ما زلت في أول الطريق، و ما زالت أطالب بضبط بقية المعتدين و هم كثر، و طريق العدالة في بلادنا متاهة لا تنتهي، و قد ينتهي بك العمر قبل أن تطال أريجاً منها .. و لكن هذا قدرنا في بلد لا زال قدرها يعبث به المال و الجاه و الفساد و سلطان القبيلة و بعض من أبناء المسؤولين.
– و ما زلت أسمع حي المجني عليه قبل أن يموت و هو يطلب من المحقق أن يضبط المعتدين و يأخذ القانون مجراه، بينما يقاطعه صوت موجوع أخر و يقول: لا قانون و لا يحزنون لمن ليس لديه مال أو جاه أو سلطة أو قبيلة .. و أنا لا أملك غير كلمة موجوعة و عزاء متشح بالحزن و متلوي بالألم أقدمه لأم عادل المشلولة و الثكلى و أبنائه القصر و زوجته و ذويه المحزونين .. و أملنا في غد أفضل و وطن سعيد ينتصر فيه العدل و يسود فيه القانون..
http://yemenat.net/2018/10/335958/من أرشيف الذاكرة .. الفشل والبحث عن الذات من أجل المجموع
أحمد سيف حاشد
– فكرت أن أكون شاعرا فوجدت الشعر عصيا، وفشلت مرارا أن أكون شاعرا.. تأكدت أنني لست من الشعراء ولست موهوبا في الشعر.. حاولت كتابة القصة القصير إلا أن محاولاتي كانت محدودة للغاية ولم استمر فيها..
– في كتابة القصة القصيرة، كانت لي محاولة بدت لي شاقة، ولم أفطن للمعايير الأدبية والجمالية التي يبحث فيها كتاب القصة القصيرة ونقادها، ولكنها محاولة وجدتها جزءا أصيلا مني، وهذا يعد سببا كافيا لاهتمامي بها، وقد ضمنتها بعض أرائي وفلسفتي الخاصة في بعض مناحي الحياة، وفيها تعرضت إلى أهمية التحرر من ربقة الماضي الثقيل، ومن ضروب التخلف التي تريد أن تفرض واقعها المظلم والسيء على حاضرنا ومستقبلنا، غصبا وكرها وعنوة..
– لقد رمزت للماضي المتخلف بشخصية “الشيخ عتيق”.. وفي المقابل رفضت الحاضر والمستقبل القادم باسم العولمة، والتي جسدتها في شخصية “حُضير” الذي يقدم المصالح على حساب الإنسان، وعلى حساب الحقوق والقيم والمثل والمبادئ التي تستشرف المستقبل، والعدالة التي أبحث عنها..
– انحزت، وتنحاز القصة وتنتصر في مجملها، بل وتفاصيلها أيضا، إلى الأمل والتمرد والثورة والحب والحرية والوفاء والعدالة والتضحية، فيما هي من جانب آخر تغالب التخلف والقيم البالية، وتقاوم اليأس والانكسار والفشل والخديعة..
– نشرتُ هذه القصة أو بالأحرى المحاولة في كتابة القصة القصيرة في العدد (18) من نشرة “القبيطة” قبل ما يقارب الـ 17 سنة، وتحديدا في تاريخ 15 ديسمبر 2001 وأعيد نشرها اليوم هنا كما نشرتها قبل 17 عام دون أي مس أو تغيير لكلمة فيها، لأعيد أكتشف نفسي فيها ومن خلالها مرة ثانية..
– بعد رحلة دامت قرابة 17عاما مضت وجدتها إنها لازالت جزء أصيل مني، لم تتغير هي ولم أتغير أنا، وجميعنا خلال هذه الرحلة نكبر ونسمو دون تقزّم أو سقوط. وإليكم القصة كما وردت، ولكم الرأي والحكم:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمل والأشباح
أبو فادي
– الليل داج والطقس شات، والصمت الموحش مطبق على حال المدن التي لم تطل من التمدن غير قشره ونفاياته.. الرتابة والبلادة تكتم الأنفاس، والجدب والعطش لا يتركان مكاناً إلا ونال منه مقتلاً.. القرى البائسة هزيلة وشاحبة تبدو كأنها موميات يرجع تاريخها الى عهد ما قبل الفراعنة.. الخيبة كبيرة والحزن يلف بسواده القاتم بوابات الفرح الموصدة، وشرفات الانتظار المبلولة بالدم والدموع..
– (أمل) فتاة تجمع في طباعها بين عنفوان الشباب وروحه المتأججة، والحصافة والنضج ودماثة الأخلاق.. لا تترك أمراً قبل أن تتبينه، ولا تبدي رأيها فيه إلا إذا وجدته سديداً أو راجحاً في الصواب.. تحب الوفاء وتشغف فيه وتتحمل تبعاته وإن بلغ بها الأمر إلى دفع حياتها ثمناً لذلك الوفاء.. إن حبت أخلصت، وإن وعدت وفت.. تميل إلى الرفض والتمرد والثورة على ما ترى فيه استبداداً أو ضيماُ أو عبودية..
– سئمت (أمل) وضع البلاد والعباد.. تحررت من خوفها.. كسرت أغلال عبوديتها.. ثارت على الضيم الذي أستبد ببنات جنسها منذ عهود بعيدة، وخرجت من سجنها تحمل مشعل الأمل والحرية..
– خرجت (أمل) بمشعلها.. من محبس قبرها تشق لها طريقاُ في زحام العتمة وأشجار الصبار والعوسج تبحث عن حبيبها.. فارس أحلامها الذي قتلوه أو طردوه بتهمة حبه لها في بلد درج عرفه على اعتبار الحب رذيلة، ولقاء الأحبة جريرة لا تغتفر..
– (عتيق) شيخ مشهور بالزيغ والكذب وإيقاع النساء في حبائله حتى أطلق عليه البعض اسم (مُوقع ومروّض النساء) بلغ من العمر ستين عاماُ.. عمامته كبيرة، وقميصه الأبيض يفوح بالطيب والعطور..
– أعترض عتيق مسار(أمل) وهو يتظاهر لها بعفة حبه وحشمة وقاره وشغفه بحب الخير والادعاء لنفسه بالحكمة وإدراك بواطن الأشياء وعواقب الأمور..
– بعد تحية القاها عليها، ومجاذبة لأطراف الحديث معها قال:
– كم أنت جميلة يا أمل، غير إن بعض النساء لا يعرفن وزن جمالهن!
– لاذت أمل بلحظة صمت ثم قالت:
– الجمال جمال الروح أو لا تعرف هذا يا شيخ؟
– قال مستدركاً ومحاولاً القرب مما يروم:
– بل أنت جميلة الروح والجسد معاً؛ لقد حباك الله بجمال لم يعطه لغيرك من النساء؛ لماذا تعبثي به في البحث والسفر والترحال؟ المرء لا يعيش في هذه الدنيا مرتين.. لا أذيع سراُ إن قلت إنك تحتلين من القلب منزلة لم تطلها أو تتشرف بها امرأة من قبلك.
– قالت وهي كمن يلوذ إلى ملجا:
– إننا نسأل الله أن تكون منزلتنا عالية بين خلائقه يوم القيامة.
– لم يحسن إخفاء ما يعتلج في نفسه؛ فقال:
– إن كنت تصرين على العبث فالأمر سيان.. تعالي نعبث بالحب، فعبث الحب لذيذ..
– فقاطعته قائلة:
– نحن لا نعبث بالحب، ولا نحب العبث، إنني أبحث عن حبيب ذهب يصلي الفجر، فلم يعد ولم يطلع الفجر.
– قال:
أحمد سيف حاشد
– فكرت أن أكون شاعرا فوجدت الشعر عصيا، وفشلت مرارا أن أكون شاعرا.. تأكدت أنني لست من الشعراء ولست موهوبا في الشعر.. حاولت كتابة القصة القصير إلا أن محاولاتي كانت محدودة للغاية ولم استمر فيها..
– في كتابة القصة القصيرة، كانت لي محاولة بدت لي شاقة، ولم أفطن للمعايير الأدبية والجمالية التي يبحث فيها كتاب القصة القصيرة ونقادها، ولكنها محاولة وجدتها جزءا أصيلا مني، وهذا يعد سببا كافيا لاهتمامي بها، وقد ضمنتها بعض أرائي وفلسفتي الخاصة في بعض مناحي الحياة، وفيها تعرضت إلى أهمية التحرر من ربقة الماضي الثقيل، ومن ضروب التخلف التي تريد أن تفرض واقعها المظلم والسيء على حاضرنا ومستقبلنا، غصبا وكرها وعنوة..
– لقد رمزت للماضي المتخلف بشخصية “الشيخ عتيق”.. وفي المقابل رفضت الحاضر والمستقبل القادم باسم العولمة، والتي جسدتها في شخصية “حُضير” الذي يقدم المصالح على حساب الإنسان، وعلى حساب الحقوق والقيم والمثل والمبادئ التي تستشرف المستقبل، والعدالة التي أبحث عنها..
– انحزت، وتنحاز القصة وتنتصر في مجملها، بل وتفاصيلها أيضا، إلى الأمل والتمرد والثورة والحب والحرية والوفاء والعدالة والتضحية، فيما هي من جانب آخر تغالب التخلف والقيم البالية، وتقاوم اليأس والانكسار والفشل والخديعة..
– نشرتُ هذه القصة أو بالأحرى المحاولة في كتابة القصة القصيرة في العدد (18) من نشرة “القبيطة” قبل ما يقارب الـ 17 سنة، وتحديدا في تاريخ 15 ديسمبر 2001 وأعيد نشرها اليوم هنا كما نشرتها قبل 17 عام دون أي مس أو تغيير لكلمة فيها، لأعيد أكتشف نفسي فيها ومن خلالها مرة ثانية..
– بعد رحلة دامت قرابة 17عاما مضت وجدتها إنها لازالت جزء أصيل مني، لم تتغير هي ولم أتغير أنا، وجميعنا خلال هذه الرحلة نكبر ونسمو دون تقزّم أو سقوط. وإليكم القصة كما وردت، ولكم الرأي والحكم:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمل والأشباح
أبو فادي
– الليل داج والطقس شات، والصمت الموحش مطبق على حال المدن التي لم تطل من التمدن غير قشره ونفاياته.. الرتابة والبلادة تكتم الأنفاس، والجدب والعطش لا يتركان مكاناً إلا ونال منه مقتلاً.. القرى البائسة هزيلة وشاحبة تبدو كأنها موميات يرجع تاريخها الى عهد ما قبل الفراعنة.. الخيبة كبيرة والحزن يلف بسواده القاتم بوابات الفرح الموصدة، وشرفات الانتظار المبلولة بالدم والدموع..
– (أمل) فتاة تجمع في طباعها بين عنفوان الشباب وروحه المتأججة، والحصافة والنضج ودماثة الأخلاق.. لا تترك أمراً قبل أن تتبينه، ولا تبدي رأيها فيه إلا إذا وجدته سديداً أو راجحاً في الصواب.. تحب الوفاء وتشغف فيه وتتحمل تبعاته وإن بلغ بها الأمر إلى دفع حياتها ثمناً لذلك الوفاء.. إن حبت أخلصت، وإن وعدت وفت.. تميل إلى الرفض والتمرد والثورة على ما ترى فيه استبداداً أو ضيماُ أو عبودية..
– سئمت (أمل) وضع البلاد والعباد.. تحررت من خوفها.. كسرت أغلال عبوديتها.. ثارت على الضيم الذي أستبد ببنات جنسها منذ عهود بعيدة، وخرجت من سجنها تحمل مشعل الأمل والحرية..
– خرجت (أمل) بمشعلها.. من محبس قبرها تشق لها طريقاُ في زحام العتمة وأشجار الصبار والعوسج تبحث عن حبيبها.. فارس أحلامها الذي قتلوه أو طردوه بتهمة حبه لها في بلد درج عرفه على اعتبار الحب رذيلة، ولقاء الأحبة جريرة لا تغتفر..
– (عتيق) شيخ مشهور بالزيغ والكذب وإيقاع النساء في حبائله حتى أطلق عليه البعض اسم (مُوقع ومروّض النساء) بلغ من العمر ستين عاماُ.. عمامته كبيرة، وقميصه الأبيض يفوح بالطيب والعطور..
– أعترض عتيق مسار(أمل) وهو يتظاهر لها بعفة حبه وحشمة وقاره وشغفه بحب الخير والادعاء لنفسه بالحكمة وإدراك بواطن الأشياء وعواقب الأمور..
– بعد تحية القاها عليها، ومجاذبة لأطراف الحديث معها قال:
– كم أنت جميلة يا أمل، غير إن بعض النساء لا يعرفن وزن جمالهن!
– لاذت أمل بلحظة صمت ثم قالت:
– الجمال جمال الروح أو لا تعرف هذا يا شيخ؟
– قال مستدركاً ومحاولاً القرب مما يروم:
– بل أنت جميلة الروح والجسد معاً؛ لقد حباك الله بجمال لم يعطه لغيرك من النساء؛ لماذا تعبثي به في البحث والسفر والترحال؟ المرء لا يعيش في هذه الدنيا مرتين.. لا أذيع سراُ إن قلت إنك تحتلين من القلب منزلة لم تطلها أو تتشرف بها امرأة من قبلك.
– قالت وهي كمن يلوذ إلى ملجا:
– إننا نسأل الله أن تكون منزلتنا عالية بين خلائقه يوم القيامة.
– لم يحسن إخفاء ما يعتلج في نفسه؛ فقال:
– إن كنت تصرين على العبث فالأمر سيان.. تعالي نعبث بالحب، فعبث الحب لذيذ..
– فقاطعته قائلة:
– نحن لا نعبث بالحب، ولا نحب العبث، إنني أبحث عن حبيب ذهب يصلي الفجر، فلم يعد ولم يطلع الفجر.
– قال:
– وضحت الصورة، وأدركت (أمل) إن الأمل لا زال بعيداً، غير أن ذلك لم ينل من وفائها، ولم يفل عزمها، ولم يثنها عن السفر والترحال والبحث عن حبيبها.. لا تكل ولا تمل، ولا تعد الخطى، ولم تقعدها الحيرة والحزن ثكلى على قارعة الطريق تعد الحصى .. ظل الأمل عند (أمل) هاجساً حياً.. وإن وهنت قواها في الضيق والشدة، فجر الأمل فيها مكامن قوته ومعجزاته..
– ظلت أمل تبحث عن حبيبها في كل الزوايا والأمكنة القريبة والبعيدة إلى أن وجدته على سفح الجبل جريحاً يغالب الموت.. سمع إيقاع قدمي أمل فانتفض كالمارد على الموت.. خفقات قلبهما كانت تضرب كما تضرب الدفوف في ليالي الأفراح والولائم والأعراس.. أفرد يديه وفتح صدره بامتدادات شاسعة كالبحر ليحتضن حبيبته التي غالب الموت من أجلها..
– مشهد قيامي تفجر بالحب والوفاء والحياة.. كل واحد منهم أمطر الآخر بالقبلات والرعشات ليبلغ الحب مداه وذروته في سفح الجبل.. قبلاتهما وأنفاسها ورعشاتهما كانت تصعد إلى عنان السماء وتتكور شموساً تضيء سماء المحبين، وتبدد العتمة وتطارد فلول الأشباح..
– من سفح الجبل انبجست العيون، وساح الماء لامعاً كالنصال تحت أشعة الشمس الطالعة، ينحر الجدب والعطش.. ومطلع الخير يفتح ابواب الفرح الموصدة، والأمل يرتسم عريضاَ على الوجوه المتعبة التي أذبلها الشقاء وأعياها الانتظار..
– ظلت أمل تبحث عن حبيبها في كل الزوايا والأمكنة القريبة والبعيدة إلى أن وجدته على سفح الجبل جريحاً يغالب الموت.. سمع إيقاع قدمي أمل فانتفض كالمارد على الموت.. خفقات قلبهما كانت تضرب كما تضرب الدفوف في ليالي الأفراح والولائم والأعراس.. أفرد يديه وفتح صدره بامتدادات شاسعة كالبحر ليحتضن حبيبته التي غالب الموت من أجلها..
– مشهد قيامي تفجر بالحب والوفاء والحياة.. كل واحد منهم أمطر الآخر بالقبلات والرعشات ليبلغ الحب مداه وذروته في سفح الجبل.. قبلاتهما وأنفاسها ورعشاتهما كانت تصعد إلى عنان السماء وتتكور شموساً تضيء سماء المحبين، وتبدد العتمة وتطارد فلول الأشباح..
– من سفح الجبل انبجست العيون، وساح الماء لامعاً كالنصال تحت أشعة الشمس الطالعة، ينحر الجدب والعطش.. ومطلع الخير يفتح ابواب الفرح الموصدة، والأمل يرتسم عريضاَ على الوجوه المتعبة التي أذبلها الشقاء وأعياها الانتظار..
– حبيبك مات وفجرك انتحر.. لا تضيعي شبابك تبحثين عن حبيب صار في عداد الموتى وحطام الأشياء.. لقد قتلوه وصلبوه قبل سنين.
– قالت وهي تتشبث بالأمل وتعض عليه بالنواجذ:
– هذا غير صحيح، فحدسي لا يكذب، ونفسي تحدثني بأنه حي، ولكنه يعاني من ضيق وشدة..
– قال وهو كمن يبدي مواساته لها دون أن ينسي مقصده منها:
– أما أنا فقد شهدت قتله وصلبه على باب المدينة، وكنت حزيناُ لمصرعه.. أوصيك يا أختاه أن تلوذي بالصبر.. الله لا يترك عبده ما دام العبد في عون أخيه.. الله سيعوضك بأفضل منه.. إن عوضه لا يبعد عنك بضعة بنان أو مدت يد واحدة.
– قالت وأثر الصدمة والمفاجأة بادية عليها:
– لا لم يمت ولم يصلب.. إنك توهمت الأمر أو إنك تكذب وتخادع..
– قال مؤكداُ ما يقول:
– صدقيني حبيبك مات وقد شبع موتاً وسكينة.. لا تتعلقي يا (أمل) بأمل ما عاد لك فيه غير الوهم والعدم.. ما تفعلينه عبث يكلفك الكثير دون أن تطالي من أمره شيئاً.
– قالت:
– إن كان ذلك هو العبث فقد صرت أحب العبث.. أني واثقة بأنني سأجده وإن طال البحث والترحال والسفر.. لن أترك ذلك ما دام في العمر بقية.
– قال محاولاً إدخال اليأس إليها:
– لن تطاليه، وإن طلتيه ستطولينه رميماُ دون روح أو جسد..
– قالت وقد بدت أكثر تشبثاُ بالأمل:
– الأمل لا يموت.. أسمعت عن بعض الأوفياء الذين قضوا العمر بطوله وعرضه ولم يسأمون من انتظار المهدي المنتظر، وآخرون ينتظرون عودة سيدنا المسيح دون أن يكلوا أو يملوا الانتظار.. وأنا لم أنتظر، بل تراني في بحث وترحال وسفر دائم.. من يعلم لربما بيني وبينة الآن رمية حجر.. إنني أسمع صوته يناديني، ويطلب مني أن نلتقي على سفح الجبل..
– قال ناصحاً ومحذراً، وهو يحاول أن يستعيد وقاره ويظهر بمظهر الشيخ الحكيم:
– لا تتهوري، ومن تهور لقى حتفه.. انظري.. هناك نحروا الشفق ، وهناك قتلوا الألق، وهناك تاهت الحكمة في مدلهم الغسق.. لا تغامري.. لا زلت في مقتبل العمر.. وأنا لا أريد أن يطالك عبث الموت.
– تحامي الجدل بينهما؛ فقالت وقد أدركت ما يبتغي:
– لعل الموت الكاسر أرحم من وحوش البراري.. انت لا تعرف الوفاء.. إن نال مني الموت فذلك يعني أن روحي ستتحرر من جسدي، وستعانق روحه ذات يوم دون موعد في عنان السماء الواسعة ورحاب الفضاء الفسيح.. الحب هناك حر طليق .. لا سجون ولا حدود .. لا حرس ولا خفر ولا عيون .. إن ذلك أفضل.
– قال وقد بدأ صبره ينفد:
– ما تقولينه هراء.. أنا أشتهيك ليس كما يشتهي الذئب طريدته، ولكن كما يشتهي المرء حبيبته.. اشتهائي لا يقاوم، وليس بوسع أحد كسر جماحه غيرك.. أترضين أن تكوني الزوجة الرابعة.. إن رضيت سأكون سعيداً بهذا الاختيار.
– قالت وقد بدأت تضيق صبراً:
– أنت كاذب ومخادع..
– قال وقد تداعى بعض اتزانه، ولعاب الاشتهاء تسيل من فمه كالذئب الذي أوشك أن ينقض على طريدته:
– لا بأس أن تكوني خليلة، فالخليلات كثير، غير أنني سأجعل لك السيادة والوصاية عليهن.. سأجعلك تسوسيهن كما يسوس الراعي القطيع..
– بلغ الغيظ منها مبلغه فقالت:
– ما وجدت لهذا.. نجوم الظهر أقرب لك مما تروم.. اتركني أذهب لحال سبيلي.. فقد أدركت وتيقنت من شر طويتك..
– أدرك الشيخ أن حيلته قد خابت، وصبره قد نفد، واسترضاءه لأمل قد فشل؛ فقال:
– النساء حبائل إبليس ومصائده.. كل القواميس والكتب قد ذمت النساء، ووضعت لهن من المنازل وضيعها.. الله يهب رحمته لأشد الخطاة وأكثرهم شراً وفظاعة إلا المرأة.. إن المرأة قرينة إبليس.
– قالت وقد فاض بها الكيل، وهي تحبس وراء كلماتها كرهاً شديداً:
– الآن فقط أدركت أكثر مدى ما تضمره من شرور وبشاعة..
– هاج غضبه وثارت شهيته كحيوان بري متوحش يريد استباحة الجسد بعد أن فشل أن يستبيح الروح والجسد معاُ، غير أنها تمكنت بعد شجار وحوار وحيلة من الإفلات من قبضته، بعد أن كشفت خبث مقصده وسوء نيته وفساد طويته..
– صفير الريح يقض المضاجع، والذئاب أشداقها فاغرة، وعويلها تزيد الظلمة وحشة، وفحيح الأفاعي تقشعر منها الأبدان.. الأشباح ترصد الأنفاس وتترصد الخطى، وتعتقل نسمات الهواء العليل، وتضمر لأمل الشر والغدر والفجيعة..
– وبينما كانت أمل غاشية بالبحث والتفتيش عن أملها بين حطام الأشياء وركام الرماد، ظهر لها رجل اسمه (حُضير) وسيماً وجذاباً يلبس قميصاً وبنطالاً ورباطة عنق، يدعى الثقافة والتحضر ويبدي في مظهره من الذوق ما يليق..
– بعد مجاملة وملاطفة من معسول القول قالت:
– عندما تتصادم المثل مع المصالح لمن تنتصر؟
– بعد لحظة تريث قال:
– نحن في عصر العولمة، والاهتمام بالمثل أقل بكثير من الاهتمام بالمصالح.
– قالت متوجسة:
– وهل أنت من أنصار المثل أم المصالح؟
– أجاب:
– أحترم المثل بالقدر الذي تسمح به المصلحة.
– قالت وهي تتشبث بالأمل وتعض عليه بالنواجذ:
– هذا غير صحيح، فحدسي لا يكذب، ونفسي تحدثني بأنه حي، ولكنه يعاني من ضيق وشدة..
– قال وهو كمن يبدي مواساته لها دون أن ينسي مقصده منها:
– أما أنا فقد شهدت قتله وصلبه على باب المدينة، وكنت حزيناُ لمصرعه.. أوصيك يا أختاه أن تلوذي بالصبر.. الله لا يترك عبده ما دام العبد في عون أخيه.. الله سيعوضك بأفضل منه.. إن عوضه لا يبعد عنك بضعة بنان أو مدت يد واحدة.
– قالت وأثر الصدمة والمفاجأة بادية عليها:
– لا لم يمت ولم يصلب.. إنك توهمت الأمر أو إنك تكذب وتخادع..
– قال مؤكداُ ما يقول:
– صدقيني حبيبك مات وقد شبع موتاً وسكينة.. لا تتعلقي يا (أمل) بأمل ما عاد لك فيه غير الوهم والعدم.. ما تفعلينه عبث يكلفك الكثير دون أن تطالي من أمره شيئاً.
– قالت:
– إن كان ذلك هو العبث فقد صرت أحب العبث.. أني واثقة بأنني سأجده وإن طال البحث والترحال والسفر.. لن أترك ذلك ما دام في العمر بقية.
– قال محاولاً إدخال اليأس إليها:
– لن تطاليه، وإن طلتيه ستطولينه رميماُ دون روح أو جسد..
– قالت وقد بدت أكثر تشبثاُ بالأمل:
– الأمل لا يموت.. أسمعت عن بعض الأوفياء الذين قضوا العمر بطوله وعرضه ولم يسأمون من انتظار المهدي المنتظر، وآخرون ينتظرون عودة سيدنا المسيح دون أن يكلوا أو يملوا الانتظار.. وأنا لم أنتظر، بل تراني في بحث وترحال وسفر دائم.. من يعلم لربما بيني وبينة الآن رمية حجر.. إنني أسمع صوته يناديني، ويطلب مني أن نلتقي على سفح الجبل..
– قال ناصحاً ومحذراً، وهو يحاول أن يستعيد وقاره ويظهر بمظهر الشيخ الحكيم:
– لا تتهوري، ومن تهور لقى حتفه.. انظري.. هناك نحروا الشفق ، وهناك قتلوا الألق، وهناك تاهت الحكمة في مدلهم الغسق.. لا تغامري.. لا زلت في مقتبل العمر.. وأنا لا أريد أن يطالك عبث الموت.
– تحامي الجدل بينهما؛ فقالت وقد أدركت ما يبتغي:
– لعل الموت الكاسر أرحم من وحوش البراري.. انت لا تعرف الوفاء.. إن نال مني الموت فذلك يعني أن روحي ستتحرر من جسدي، وستعانق روحه ذات يوم دون موعد في عنان السماء الواسعة ورحاب الفضاء الفسيح.. الحب هناك حر طليق .. لا سجون ولا حدود .. لا حرس ولا خفر ولا عيون .. إن ذلك أفضل.
– قال وقد بدأ صبره ينفد:
– ما تقولينه هراء.. أنا أشتهيك ليس كما يشتهي الذئب طريدته، ولكن كما يشتهي المرء حبيبته.. اشتهائي لا يقاوم، وليس بوسع أحد كسر جماحه غيرك.. أترضين أن تكوني الزوجة الرابعة.. إن رضيت سأكون سعيداً بهذا الاختيار.
– قالت وقد بدأت تضيق صبراً:
– أنت كاذب ومخادع..
– قال وقد تداعى بعض اتزانه، ولعاب الاشتهاء تسيل من فمه كالذئب الذي أوشك أن ينقض على طريدته:
– لا بأس أن تكوني خليلة، فالخليلات كثير، غير أنني سأجعل لك السيادة والوصاية عليهن.. سأجعلك تسوسيهن كما يسوس الراعي القطيع..
– بلغ الغيظ منها مبلغه فقالت:
– ما وجدت لهذا.. نجوم الظهر أقرب لك مما تروم.. اتركني أذهب لحال سبيلي.. فقد أدركت وتيقنت من شر طويتك..
– أدرك الشيخ أن حيلته قد خابت، وصبره قد نفد، واسترضاءه لأمل قد فشل؛ فقال:
– النساء حبائل إبليس ومصائده.. كل القواميس والكتب قد ذمت النساء، ووضعت لهن من المنازل وضيعها.. الله يهب رحمته لأشد الخطاة وأكثرهم شراً وفظاعة إلا المرأة.. إن المرأة قرينة إبليس.
– قالت وقد فاض بها الكيل، وهي تحبس وراء كلماتها كرهاً شديداً:
– الآن فقط أدركت أكثر مدى ما تضمره من شرور وبشاعة..
– هاج غضبه وثارت شهيته كحيوان بري متوحش يريد استباحة الجسد بعد أن فشل أن يستبيح الروح والجسد معاُ، غير أنها تمكنت بعد شجار وحوار وحيلة من الإفلات من قبضته، بعد أن كشفت خبث مقصده وسوء نيته وفساد طويته..
– صفير الريح يقض المضاجع، والذئاب أشداقها فاغرة، وعويلها تزيد الظلمة وحشة، وفحيح الأفاعي تقشعر منها الأبدان.. الأشباح ترصد الأنفاس وتترصد الخطى، وتعتقل نسمات الهواء العليل، وتضمر لأمل الشر والغدر والفجيعة..
– وبينما كانت أمل غاشية بالبحث والتفتيش عن أملها بين حطام الأشياء وركام الرماد، ظهر لها رجل اسمه (حُضير) وسيماً وجذاباً يلبس قميصاً وبنطالاً ورباطة عنق، يدعى الثقافة والتحضر ويبدي في مظهره من الذوق ما يليق..
– بعد مجاملة وملاطفة من معسول القول قالت:
– عندما تتصادم المثل مع المصالح لمن تنتصر؟
– بعد لحظة تريث قال:
– نحن في عصر العولمة، والاهتمام بالمثل أقل بكثير من الاهتمام بالمصالح.
– قالت متوجسة:
– وهل أنت من أنصار المثل أم المصالح؟
– أجاب:
– أحترم المثل بالقدر الذي تسمح به المصلحة.
http://yemenat.net/2018/10/336168/من أرشيف الذاكرة .. عندما قررت أكون كتلة لوحدي
أحمد سيف حاشد
– نجحت في انتخابات عضوية مجلس النواب في إبريل 2003 في دائرتي الانتخابية رقم (70) و التي تشمل 14 مركزا انتخابيا؛ سبعة منها في “عزلة القبيطة”، و السبعة الأخرى في “عزلة الأعبوس”، و الظريف، بل و الغريب أن عزلة “القبيطة” كانت تتبع إداريا محافظة لحج، فيما “عزلة الأعبوس” تتبع إداريا محافظة تعز..
– هكذا بدت دائرتي الانتخابية مقسومة إداريا بين محافظتين، و بديت أنا مثلها مقسوما على اثنين..
– كان للبعد المناطقي نزاع أحاطني وأربكني في الانتخابات، وفيما بعد الانتخابات أيضا، وكان يوجد على مستوى الإطار الحزبي أضداد وتنافر أيضا، ففي الوقت الذي دعمتني فيه كثير من قواعد الاشتراكي التي تمردت على قيادتها، دعمني المؤتمر الشعبي العام قيادة و قواعد..
– و رغم أنني كنت أميل و أخلص في حبي لقواعد الاشتراكي التي ساندتي و كنت أشعر بالانتماء الأصيل إليها، و للفريق الانتخابي الذي ساندني، حرصت بنفس القدر أن لا أقلل من تقديري لمؤازرة المؤتمر، و دوره في تحقيق الفوز المؤزر به..
– و الحقيقة أن قيادة المؤتمر كانت أكثر صوابا من تقديرات قيادة الحزب الاشتراكي، التي حسمت خيارها ضدي، بعد رفضي الانسحاب من الترشيح، و أنزلت مرشحها منافسا لي، معتبرة أن الدائرة معقلها دون منازع، و الفوز فيها أكيد و مضمون، و قد هاجمتني صحيفته “الثوري” قبل عشية يوم الاقتراع، ما ترك أثرا و غصة في حلقي، تلاشت بعد عتابي مع رئيس تحريرها الرائع و الفذ خالد سلمان الذي أعتذر لي، و فتح صحيفته لمقالاتي، و لم يبخل بإطراء جميل و تشجيع لافت عقب نشر كل مقال.
– كنت حذرا و أنا أتعامل مع الفريقين اللذان يسانداني، و تنازعا الفريقان مع بعضهما في عدد من مواقف و مهرجانات حملتي الانتخابية، و كنت أحاول ما استطعت تجنب ما يفسد نجاح حملتي الانتخابية، و أشعر بالذعر عند احتكاك الفريقين ببعضها..
– كنت أشبه من يسير على حبل رفيع، و كنت خائفا أن أقع من على الحبل، و حاولت أسوس توازني بصعوبة حتى أنجو و أبلغ المنتهى، و كان لمساندة و توجيه من أعزهم و يعزوني من الفريقين، دورا أكيدا في مساعدتي و تجاوزي لبلوغ النجاة و النجاح المشرّف..
– و في المجلس كنت أول من صوت ضد موازنة و برنامج أول حكومة مؤتمرية بعد الانتخابات، و كنت أجد مواقفي في صف المعارضة، و نادرا إن لم يكن أكثر من النادر أن أجد نفسي في اتجاه المؤتمر أو منحازا لسلطة الحكم .. غير أن الأهم أن تلك المواقف كانت نابعة من قناعاتي الشخصية المحضة، و محكومة بضميري فقط دون غيره أو سواه..
– في مستهل عهد المجلس، تم تشكيل كتل نيابية لكل محافظة .. و تشكلت كتلة محافظة لحج، و لم تستدعني إليها، و استبعدتني من تشكيلها، و اجتمعت كتلة محافظة تعز، و لم تستدعني هي الأخرى للانضمام إليها، و استبعدتني أيضا من تشكيلها و اجتماعاتها .. المهم أنني كنت الوحيد في المجلس الذي بقيت وحيدا دون كتلة..
– نعم .. لقد وجدت نفسي لوحدي مستبعدا من الكتلتين، بل و من كل كتل المحافظات .. فقررت أن أكون كتلة لوحدي، و من يوم تشكيل تلك الكتل إلى اليوم لا زلت كتلة لوحدي، أو هكذا أظن، و لطالما وجدت نفسي وحيدا في مواقف شتى و كثيرة..
أحمد سيف حاشد
– نجحت في انتخابات عضوية مجلس النواب في إبريل 2003 في دائرتي الانتخابية رقم (70) و التي تشمل 14 مركزا انتخابيا؛ سبعة منها في “عزلة القبيطة”، و السبعة الأخرى في “عزلة الأعبوس”، و الظريف، بل و الغريب أن عزلة “القبيطة” كانت تتبع إداريا محافظة لحج، فيما “عزلة الأعبوس” تتبع إداريا محافظة تعز..
– هكذا بدت دائرتي الانتخابية مقسومة إداريا بين محافظتين، و بديت أنا مثلها مقسوما على اثنين..
– كان للبعد المناطقي نزاع أحاطني وأربكني في الانتخابات، وفيما بعد الانتخابات أيضا، وكان يوجد على مستوى الإطار الحزبي أضداد وتنافر أيضا، ففي الوقت الذي دعمتني فيه كثير من قواعد الاشتراكي التي تمردت على قيادتها، دعمني المؤتمر الشعبي العام قيادة و قواعد..
– و رغم أنني كنت أميل و أخلص في حبي لقواعد الاشتراكي التي ساندتي و كنت أشعر بالانتماء الأصيل إليها، و للفريق الانتخابي الذي ساندني، حرصت بنفس القدر أن لا أقلل من تقديري لمؤازرة المؤتمر، و دوره في تحقيق الفوز المؤزر به..
– و الحقيقة أن قيادة المؤتمر كانت أكثر صوابا من تقديرات قيادة الحزب الاشتراكي، التي حسمت خيارها ضدي، بعد رفضي الانسحاب من الترشيح، و أنزلت مرشحها منافسا لي، معتبرة أن الدائرة معقلها دون منازع، و الفوز فيها أكيد و مضمون، و قد هاجمتني صحيفته “الثوري” قبل عشية يوم الاقتراع، ما ترك أثرا و غصة في حلقي، تلاشت بعد عتابي مع رئيس تحريرها الرائع و الفذ خالد سلمان الذي أعتذر لي، و فتح صحيفته لمقالاتي، و لم يبخل بإطراء جميل و تشجيع لافت عقب نشر كل مقال.
– كنت حذرا و أنا أتعامل مع الفريقين اللذان يسانداني، و تنازعا الفريقان مع بعضهما في عدد من مواقف و مهرجانات حملتي الانتخابية، و كنت أحاول ما استطعت تجنب ما يفسد نجاح حملتي الانتخابية، و أشعر بالذعر عند احتكاك الفريقين ببعضها..
– كنت أشبه من يسير على حبل رفيع، و كنت خائفا أن أقع من على الحبل، و حاولت أسوس توازني بصعوبة حتى أنجو و أبلغ المنتهى، و كان لمساندة و توجيه من أعزهم و يعزوني من الفريقين، دورا أكيدا في مساعدتي و تجاوزي لبلوغ النجاة و النجاح المشرّف..
– و في المجلس كنت أول من صوت ضد موازنة و برنامج أول حكومة مؤتمرية بعد الانتخابات، و كنت أجد مواقفي في صف المعارضة، و نادرا إن لم يكن أكثر من النادر أن أجد نفسي في اتجاه المؤتمر أو منحازا لسلطة الحكم .. غير أن الأهم أن تلك المواقف كانت نابعة من قناعاتي الشخصية المحضة، و محكومة بضميري فقط دون غيره أو سواه..
– في مستهل عهد المجلس، تم تشكيل كتل نيابية لكل محافظة .. و تشكلت كتلة محافظة لحج، و لم تستدعني إليها، و استبعدتني من تشكيلها، و اجتمعت كتلة محافظة تعز، و لم تستدعني هي الأخرى للانضمام إليها، و استبعدتني أيضا من تشكيلها و اجتماعاتها .. المهم أنني كنت الوحيد في المجلس الذي بقيت وحيدا دون كتلة..
– نعم .. لقد وجدت نفسي لوحدي مستبعدا من الكتلتين، بل و من كل كتل المحافظات .. فقررت أن أكون كتلة لوحدي، و من يوم تشكيل تلك الكتل إلى اليوم لا زلت كتلة لوحدي، أو هكذا أظن، و لطالما وجدت نفسي وحيدا في مواقف شتى و كثيرة..
http://yemenat.net/2018/10/336217/من أرشيف الذاكرة .. كيف صرت مرشحا مستقلا مدعوما من المؤتمر..؟!
أحمد سيف حاشد
– لم يدعمنِ حزب المؤتمر الشعبي العام ابتداء كمرشح مستقل، بل كان يعارض هذا الترشيح، ويقف ضده، ورشح منافسا لي باسم المؤتمر، هو الشيخ علي عبد الجليل..
– عرض أحدهم مبلغ ثلاثة عشر مليون ريال مقابل انسحابي من الترشيح لصالح مرشح المؤتمر، فرفضت، و لم أقبل أي مساومة في قرار ترشيحي، و أصررت على الاستمرار في الترشح كمستقل لعضوية مجلس النواب مهما بلغ الأمر من كلفة..
– واجهتُ ضغوطات دفعتني لمغادرة منزلي، و الاختباء خارجه، لتجنب اختطافي و محاولات إرغامي على سحب طلب ترشيحي، و لا سيما في الـ 48 ساعة المتبقية لموعد اقفال انسحابات الترشيح..
– كنت أفاوض كل الأطراف بمنطقية و أشرح صواب و ضمان الفوز و الاستحقاق، و بعد يوم أو أكثر من مضي اقفال سحب الترشيح، و هو موعد غير ما أتاحه القانون، تفاجأت بسحب المؤتمر لمرشحه، و لم أكن أعرف يومها ماذا الذي حدث، و ما هو سبب الانسحاب المفاجئ، و تحديدا إنه أتى بعد موعد ما هو متاح قانونيا..
– اُستدعيت من قبل عبد الله عبد الولي ناشر مشرف حزب المؤتمر على انتخابات الدائرة، و التقينا في مكتب أحمد ثابت مدير بنك اليمن الدولي، و بحضور مدير البنك، و سمعوا ما أدليه من مبررات الترشيح و الاستحقاق و ضمان الفوز، فأبلغني المشرف الانتخابي للدائرة عن المؤتمر، إنه مقتنع بوجاهة ما أطرح، و اتجه إلى منزل عبد الكريم الأرياني ليبلغني من منزله إن المؤتمر وافق على دعمي بصفتي “مرشح مستقل”.
– أظن أن الدور المهم كان للشيخ محمد هزاع نائب رئيس فرع المؤتمر و بعض قيادات الفرع، و محافظ محافظة لحج، منصور عبد الجليل، و درهم نعمان و مشرفو الانتخابات عن المؤتمر في المحافظة .. بالإضافة إلى سوء تقدير مرشح المؤتمر الذي قدم لقيادة الفرع سحب ترشيحه لأسباب لم يرد أن تفضي إلى ما أفضت إليه، ثم سارعت قيادة فرع المؤتمر في المحافظة بالرفع السريع، و قطع دابر التراجع عنه، و عندما أراد التراجع في اليوم التالي كان الأمر قد قضي و انتهى..
يتبع..
أحمد سيف حاشد
– لم يدعمنِ حزب المؤتمر الشعبي العام ابتداء كمرشح مستقل، بل كان يعارض هذا الترشيح، ويقف ضده، ورشح منافسا لي باسم المؤتمر، هو الشيخ علي عبد الجليل..
– عرض أحدهم مبلغ ثلاثة عشر مليون ريال مقابل انسحابي من الترشيح لصالح مرشح المؤتمر، فرفضت، و لم أقبل أي مساومة في قرار ترشيحي، و أصررت على الاستمرار في الترشح كمستقل لعضوية مجلس النواب مهما بلغ الأمر من كلفة..
– واجهتُ ضغوطات دفعتني لمغادرة منزلي، و الاختباء خارجه، لتجنب اختطافي و محاولات إرغامي على سحب طلب ترشيحي، و لا سيما في الـ 48 ساعة المتبقية لموعد اقفال انسحابات الترشيح..
– كنت أفاوض كل الأطراف بمنطقية و أشرح صواب و ضمان الفوز و الاستحقاق، و بعد يوم أو أكثر من مضي اقفال سحب الترشيح، و هو موعد غير ما أتاحه القانون، تفاجأت بسحب المؤتمر لمرشحه، و لم أكن أعرف يومها ماذا الذي حدث، و ما هو سبب الانسحاب المفاجئ، و تحديدا إنه أتى بعد موعد ما هو متاح قانونيا..
– اُستدعيت من قبل عبد الله عبد الولي ناشر مشرف حزب المؤتمر على انتخابات الدائرة، و التقينا في مكتب أحمد ثابت مدير بنك اليمن الدولي، و بحضور مدير البنك، و سمعوا ما أدليه من مبررات الترشيح و الاستحقاق و ضمان الفوز، فأبلغني المشرف الانتخابي للدائرة عن المؤتمر، إنه مقتنع بوجاهة ما أطرح، و اتجه إلى منزل عبد الكريم الأرياني ليبلغني من منزله إن المؤتمر وافق على دعمي بصفتي “مرشح مستقل”.
– أظن أن الدور المهم كان للشيخ محمد هزاع نائب رئيس فرع المؤتمر و بعض قيادات الفرع، و محافظ محافظة لحج، منصور عبد الجليل، و درهم نعمان و مشرفو الانتخابات عن المؤتمر في المحافظة .. بالإضافة إلى سوء تقدير مرشح المؤتمر الذي قدم لقيادة الفرع سحب ترشيحه لأسباب لم يرد أن تفضي إلى ما أفضت إليه، ثم سارعت قيادة فرع المؤتمر في المحافظة بالرفع السريع، و قطع دابر التراجع عنه، و عندما أراد التراجع في اليوم التالي كان الأمر قد قضي و انتهى..
يتبع..