أحمد سيف حاشد
341 subscribers
2.77K photos
6 videos
5 files
2.86K links
عضو برلمان
Download Telegram
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
رد سريع ومقتضب على الجرموزي محمد في تويتر:
كنتُ ضد الحرب قبل أن تبدأ والتي شاركتم في جر اليمن إليها، حتى صارت اليمن الواحد أشتاتا وشظايا..

كنتُ في بداية الحرب أعتقد إنها حرب وطنية فاتضح أنها حرب سلطة وولاية وأصغر منها.. وما تم في"ظهران الجنوب" والحديدة كشف لنا الحقيقة والفرق بين الواقع والإدعاء..

استمرار قطع الرواتب والتخلي عن المسؤولية حيال المجتمع، بل وتحويله إلى مصدر جباية أكثر من طاقته على حساب حقوقه الأساسية، والإمعان بإفقاره، والاستحواذ على مصادر عيشه، والتمييز بالمواطنة، وتسليل الوظيفة العامة، وسياسة الإفساد الممعنة، وانتشار الفساد المهول، وحمايته من العقوبات، وانتهاك حقوق وحريات المواطنين، وتطييف المناسبات الدينية ونهب الشعب باسمها، وتوظيف المناسبات الدينية لأغراض سياسية، وغير ذلك كشف لنا الكثير والكثير، وعلى نحو غير مسبوق.

وعن العدوان كتبت أكثر منك، وعندما شاهدت أن هناك عدوان آخر يتغول ويتضخم فسادا وإفسادا تحت عنوان العدوان كتبت له خُمسا.. كثير مما كتبته تم تعطيله وتهكيره من قبلكم لا من قبل العدوان.
................................
الجرموزي محمد:
ما هو الدور الذي قام به احمد سيف منذ بداية العدوان؟ ؟
هل سعى في مصالحه ؟ او عمل اي شغله إنسانية على الأقل؟
هل استفاد من جمهور كان يثق به في تحشيد وإعداد مقاتلين يردعون العدوان ؟؟
هل سخر قلمه وتفكيره في فضح جرائم العدوان ؟؟
للأسف إخترت موقعاً حولت ثقة الجماهير بك إلى سخط عليك .
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
كتمان وارباك وامتلاك
أحمد سيف حاشد
كنت كتوماً جدا يا هيفاء.. أخبيتُ الشوق اللاعج في فج شجيته عميقا في قعر البئر.. أودعت السر في عمق الفج بعيدا عن عين الشمس.. كتمت أنفاسي حتى لا تذروها الريح.. قمعتُ آهات الوجع الصارخ في عمق الروح.. كتمت الحب في أعماقي وعشت مهدود الحيل.. مهما كان حيلي مشدودا كخرسانة برج عالٍ، أو راسيا كالجبل الضارب عمقه، فالحب المكتوم يا "هيفاء" يهد الحيل.. حبك سري الأول، مدفون في العمق الداجي، لا يعلمه مخلوق غيري أو شاشة رصد..

كنت كتوما وعصيا على البوح.. لن أوصي وأبوح بسري حتى لظلّي.. لن ينتف منه الموت قلامة ظفر.. سري لن يعرفه غير القبر المغلق إن وافاني الموت.. كتمانه في أعماقي سحقني يا "هيفاء" كدكاكه.. بتُ كمعجون الأسنان تحت سنابك خيل.. مفروم بأحدث آلة فرم.. ظل السر المغلق يأكلني كمنشار، ويتفتت حيلي كنشارة خشب تأكلها النيران.. الحب الناقص يا هيفاء يتلظّى ويتأجج في أعماقي كبركان..

سنتان من الحب يا “هيفاء”، بلغت بي عمر الستين.. بالصمت أمضغ خيباتي بالطول وبالعرض.. أحاول أداري عنك إرباك الأعين، وعيونك تدري ولا تفهم.. الشوق المجنون يشعل حرائقه في شراييني، وصقر يتحفز محبوسا في قفصي الصدري بين ضلوع تأكلها النيران..

تيَّمني الحب الناقص رغما عني يا هيفاء.. تخفّيتُ وتواريتُ خلف "التقية".. ضربت على نفسي أسوار العزلة.. البوح في الحب الآتي من طرف واحد خزي ودوس كرامة.. الكتمان عزّ من ذلٍ ومهانة.. ما أقسى هذا الحب يا “هيفاء” وما أشده على من حب.

في جحيم الحب الناقص صليت منفردا دون جماعة، ومن أبحث عنها لا تسأل عنّي، ولا تدري أني مصلوبا بالحب الناقص بين ذراعيها.. الحب بدون تكافؤ فُرصه، عدالة تشبه أسنان التمساح.

جازم إنسان رائع.. أستاذي ورفيقي ومسؤولي الحزبي.. طرق يوماً باب القلب المثقل بأحمال الحب البالغ فيه حد الإعياء.. سبر أغواري كخبير وطبيب مختص، وأشار بلمح سؤال خاطف، ونحن نتمشى على أرصفة الشارع: لماذا لا تقطف زهرة من هذا البستان؟! البستان أمامك والأزهار على مد اليد.. اقطف زهرة !! لا تترك زهرات العمر تأكلها الأغنام!! فشعرت بأن مجس طبيب أصاب وجعي والداء.. أحسست أن رفيقي عرف مصابي البالغ.. عراف عرف ما بي من حب وصبابة.. فتسألت مع نفسي في لحظة إرباكي: كيف نفذت إلى أعماقي يا رفيق المبدأ والنقد الذاتي؟! كيف سمعت صوت نبضاتي وخفقات القلب؟!!

ما أصعب حالي وأنا أداري ما في نفسي من حب بات أكبر مني.. لم أعترف لرفيقي بمصابي.. حاولت أكابر على جرحي الغائر في أعماق الروح، وأنكرتُ دوائي والداء، فيما النار كانت تشب في كياني شبّا، وأنا أحاول أن أخمدها في لحظة ارباك، فيما كان الخجل يطويني كقرطاس.. أسأل نفسي: كيف أطلب يدها ويدي مخلوعة من الكتف!! كيف أطلب يدها، وحالي أضيق من خرم الإبرة!!

كيف يمكنها أن ترضى بي للعمر وللمستقبل، وأنا أذوي مكسوراً مهزوما أمام الشمس كشمعه.. محسوراً منحسراً لا جاه لا مال لا بيت يليق بملكة.. كيف يمكنني أن أتجاوز هذا الحب اللاعج والمخزون بكثافة، وهي تطل بوجهي كل صباح، وتمر عليّ في الحلم كنسمة بحر..

أجمع أشتاتي وألملم أشلائي، وأعزم أن أكشف لها حبي الجم.. لا بأس هنا أن أبحر بحديثي من أطراف الدنيا وأجتاز اليم.. لا بأس هنا أن أفعل ما يفعله زميلي قائد مع الأستاذ حامد في الدرس.. سأنتظر مهما تمادى الوقت لأطيل حديثي معها.. سأحشد ما أملك من ذخر الكلمات، لأحدثها عني، وعما يعتلج في القلب من آوار الحب.

وحين تحين اللحظة لأبدأ.. تفوت اللحظة وأنا أحاول بمشقة من يحمل صخره أكبر منه.. أبدو كسيارة أدركها العطب في أول وهلة.. تتلاشى الكلمات ولا تبقي كلمة.. أتبدد وأتلاشى معها.. وكأن هيفاء تملك تعويذة، أو مفعول سحري يبدد كل الكلمات.. لا يبقى مني شيئا غير إرباك يشبه زلزال..

شجاعتي التي أجمعها من شهر طال للبوح لها عمّا في النفس، في لحظة تصير حطاما ونثار، بمجرد أن ترمق عيناها عيناي.. يمتقع وجهي ويشحب.. يصفر ويحمر ويسود.. ولساني تلت كلاما بلغة لا أفهمها.. مرتجف ومرتعش كالمغزل.. وسهام من سحر عينيها تفتح في القلب نفقا ومغارة، فأعود أجر قدري المنحوس، وأنا مهزوما مكسورا خائب..

جسدي ملكي وزمامه بيدي، وفي حضرتها يتخلى جسدي عني، بل ونصير الاثنين مملوكين لها.. أصير أنا لا أملك نفسي ونفسي لا تملك جسدي.. الكل هنا رهن بنان أشارتها، وطوع اليد.. ننتظر منها أن تفرج عنّا ونحن نتصبب عرقا.. نرجوها أن تطلقنا في لحظة تشتد علينا، ويشتد فينا الإرباك؛ فتطلقنا شفقة لوجه الله..

***
يتبع..
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
نحن نتحدث عن اغتصاب الحقوق فيما هم يتحدثون عن اغتصاب من نوع اخر .. مفارقة صارخة..
لقد ابتلينا بأمية سياسية وأوغاد يدلسون على الناس ويحرفون الكلم عن مواضعة ويؤولونه على نحو سيء ومرتاب..
"كل إناء بما فيه ينضح"..
ثم إن الفساد المبهرر ليس رجلا ليغتصب فتاة أو امرأة.. وهنا نسأل: اين هي عقولكم بالضبط؟!!
والمجتمع مجازا يطلق عليه الأهل ايضا.. نقول أهلنا في العراق واهلنا في فلسطين واهلنا في اليمن وأهلنا في صنعاء..
ثم ان ذم الفساد على نحو قاس لا يزعج إلا الفاسدين واتباعهم وذبابهم..
اما من في الجبهات هنا أو هناك فلا اراهم إلا ضحايا حرب وجوع وعوز وقطع مرتبات وتزييف وعي وظروف ملجئة.
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
في وجه العنصرية أعتز بعمل أبي!
بعد انقطاعٍ طال بين أبي ومهنته السابقة، عاد إليها مرة أخرى مضطرا، بعد أن ألجأته إليها مسيس الحاجة والعوَز، وبعد أن نفذ ما يملك ويدّخر من مال، وتشرُّدٍ طال لسنوات، على إثر مقتل أخي علي سيف حاشد في القرية، ومُلاحقة والدي من قِبَلِ سلطة صنعاء في ذلك الحين، والّتي كانت تسعى لاعتقاله دون أن يقترف أيّ جريمة، وأكثر من هذا أنّه لم يمارس السياسة بأيِّ وجه، ولا يوجد لديه أيُّ انتماءٍ سياسي، غير أنّه أب لأخي علي، وحمله لحزن ثقيل أناخ على كاهله إثر مقتله.

استمرّ أبي بهذا العملِ للمرّة الثانيةِ "تفنيد الجلود" قُرابةَ السنتين أو أكثر، في بخَّارٍ كائنٍ في حيّ "الخساف" بـ"كريتر" وذلك في ثمانينات القرن المنصرم، لدى صديقه الودود عبد الحميد، رغم استمرار معاناة والدي من نوبات السُّعال الليلي، الناتجةِ عن عمله السابقِ بنفس المهنةِ في شركة "البس"..

وعن مهنة والدي الّذي عاد إليها مرةً أخرى، يقولُ "عامر علي سلام فوز" الذي زامن والدي لفترة في العمل: ((كان سيف حاشد رجلا عصاميا، ولي الشُّرفُ في العملِ معه، في بخّار عبد الحميد في "الخساف".. حيث كان والدي "علي سلام "يعمل سائقا عند عبد الحميد، فيما كنت أنا واخي في إجازة الصيف المدرسية نعمل أيضا في تفنيد الجلود.. كان يتمُّ جلبُ كلّ أنواع الجلود المملحة والجافة من الشيخ عثمان والشيخ الدويل الى البخّار، ونحن نستلمها في المستودع، حيث يقوم عمي سيف بتفنيدها (وهي عملية فرز مهمه جدا، وتحتاج لدراية وحنكة في تصنيف الجلود، وليس أيُّ كائن يستطيع أن يتعلمها، حيث تُقسّم الجلود الى نوعين، جلود الماعز (التِّيُوس)، وجلود الخرفان.. وبالتالي يعتمد المُفنِّد على فحصه لكل جلد إن كان درجة أولى او ثانية، او ثالثة، او رابعة.. ولكلّ درجةٍ لها تسميتُها.. صافي درجة أولى.. كشر درجة ثانية.. وأقلُّ من ذلك ثالثة ورابعة.. وبعد الفرز والعدِّ أيضا نقوم بإضافة السم مع المِلح المخلوط الى كل جلد، وعمل رصَّات خاصة لكل نوع في البخَّار الّذي كان يتسع لكميات كبيرة من الجلود.. وفي أثناء الطلب الخارجي نقوم بوزن الجلود على شكل بُنَدٍ كبيرةٍ، ندخلها في مكينة ضغط خاصّة برُزمِ الجلود، وربطها بإحكام، ونأتي بالجواني (تغليف كلّ بُندةٍ على حده) ووزنها ثانية للاطمئنان، ونكتب عليها بفرمات محددة اسم الدولة الّتي نصدّر الجلود إليها، او اسم الميناء..!! ومن ثَمّ تُحملُ الى الميناء، وتُشحن في السُّفن الى أوربا (إيطاليا/ فرنسا/ وغيرها) ويتم مراسلة الشركات عبر مكتبٍ خاص، وكان التاجر عبد الحميد يتعامل معه)).

كان عملُ أبي في تفنيد الجلود هذه المرة مضطرا أكثر من المرة السابقة، وآثر والدي العمل في هذه المهنة التي يجيدها، أو كانت متأتية للعمل فيها، رغم تأثيرِها على مستوى صحته، أو بالأحرى على ما بقي لديه من صحة.. وبين العمل في بداية العمر وغاربه، عمر مديد وعمل كديد، وصحة تذوي، ولكنها تقاوم بعناد وصبر لا ينفذ..

هكذا هم الفقراء يؤثرون العمل على الصحة، مهما كان الخطر عليها أو مهددا لها.. إنَّهم يؤثرون العمل على ما عداه، وإن كان فيه تراجعٌ أو تلاشٍ أكبر أو محتمل للصحة.. يموتون وهم يعملون بمثابرة من أجل أن يُعيلوا أسرهم بالرِّزق الحلال المندّى بعرق الجبين، ولو بما يفي بالحدِّ الأدنى من كرامتهم، وكرامة أسرهم المحرومة من الكثير، ودون أن يخطُر لهم بال، أو هاجس شيطان عابر، أو شيطان يجوس في الحِمى، ليمارس النَّهبَ أو القتل، أو حصد الغنيمة من تحت ظلال السيوف، أو يجني المال الوفير من مصدر مشبوه، أو عمل غير مشروع.. إنني أعترف لآبائنا.. لقد كان آباؤنا كبارا بحقّ وجدارة..

عرفتُ أبي خلالَ مسيرةٍ حياته أنّه يقدِّس العمل، ويقدِّس مواعيده بدقَّةٍ حدَّ القلق، ويعمل بمثابرةٍ دون توانٍ أو كسل، ويبذل جُلَّ اهتمامه وعنايته في العمل، ويسعى بمثابرةٍ لتحقيقِ أكبر قدرٍ مُمكنٍ من الإنجاز.. وينام مُرهقا ولكنّه مستريح الضمير، ويقوم باكرا من فراشه، وبنشاط متجدِّد، ويقظةٍ وجذوة، تستمر معه طوال ساعات العمل..

في صنعاء خلال سنوات الحرب كتبت عن أبي الدبّاغ منشورا على صفحتي في "الفيسبوك" معتزا بمهنته، ولأول مرة عرفت من صديقي ورفيقي القاضي عبدالوهاب قطران أنّ مهنة دباغة الجلود لدى بعص مناطق وقبائل الشمال مهنة محتقرة، ويعتبرون أصحابها ناقصي أصل، مثلهم مثل المزاينة والحلاقين والجزارين، ومن في مستواهم، أو دونهم.. وزاد من الشعر بيتا كان منتشرا بين القبائل:
تجنَّبْ صحبةَ الأنذالِ تسلمْ
مُزيِّن ثُمَّ حجَّام وجزَّار
وقشّامٌ ودوشانٌ ودبَّاغٌ وحائكْ

ومهنة "تفنيد الجلود" هي امتدادٌ لمهنة الدِّباغة، أو ذات صلة بها، كما تمّ إلحاق فئة الدبّاغين بفئة الجزارين استنادا إلى الصلة في المهنة، في إطار نظرة تراتبية اجتماعية تنضح بالعنصرية الفجة وعيا وممارسة.
عرفتُ شيئا آخر في أثناء حديثي مع زميلي ورفيقي في الكلية العسكرية "حسين" من الجوف، الَّذي ألتقيت به خلال فترة الحرب.. عرفت منه أنَّ البيع والشِّراء إلى تاريخ غير بعيد، كانت لدى بعض قبائل الجوف معيبة على من يمتهنها، وإنها - من وجهة نظر هؤلاء- مهنة غير مرغوبة، وغير محترمة، ويلحق العيبُ بمن يمارسها، وقد عمل أبي أيضا في هذه المهنة فترة طويلة..

هكذا يتم قلب المفاهيم والقيم رأسا على عقب، أو أنَّ منتجي تلك القيم هم المقلوبون على رؤوسهم، وبالتالي ينتجون مفاهيما وقيما خاطئة، وبعضها مقلوبة كوضعهم المقلوب، معتقدين سويِّتها واستقامتها، ليتحوَّل في نظرهم من يمارس العمل الشريف، ومن يأكل من عرق الجبين، مقذوفا بالعيب، ولعنات تلاحقه كقدر لا مفرَّ منه، هو وبنيه ومن تناسل منهم.. تدركهم اللعنة لتدمغهم بالعيب والانتقاص والاحتقار والازدراء العنصري الناتج في حقيقته عن تشوّه أو خواء عميق في الوعي، ومنطق سطحي رجعي متخلّف..

ويظل اعتزازي الكبير بعمل والدي، وبكل المهن الذي مارسها طيلة حياته، دون أن انتقص يوما من إنسانية أي فئة اجتماعية، بل أمقت التصنيف العنصري، وتراتبية الأصول التي تؤدي لحصر الأصول الناقصة واحتقارها، وأزدري الاصطفاء، وأرفض التفكير النمطي التقليدي القائم على تراتبية فيها احتقار الإنسان لأخيه الإنسان..

زدت اعتزازا بمهن والدي، ونظرت إليها من بُعدٍ آخر غير البعد الذي ينظر إليها بعض من يعانون عُقد النقص وخللا في الدماغ، وتشوّها في التربية والتنشئة الخاطئة.. في واقعٍ كهذا، أميل إلى تقدير أكثر نحو من ينبت في الصخر كشجرة التين الشوكي أو الصبّار أو شجرة السدر، وقد تحّدت كل الظروف الطاردة للحياة، وعاشت رغم قسوة الطبيعة، وشمخت متحديةً وباسقةٌ، بل وزادت تُزهرُ وتُثمر، في أعز الفصول ضيقا، وكأنِّ وجودَها المعاند، فيه حكمةٌ ومقاومةٌ، وتحدّي لوجع الطبيعة، وتشمخُ برأسها علوا، وتزهر أطرافها بألوان زاهية، وتعطي النحل والناس رحيق العسل..

أعتز أنَّني ابن هذا الأب المكافح، الَّذي أنتمي إليه، وصار ولده نائبا للشعب، ويمثله بما يليق به، وقد حرِصتُ وأنا أختار أنْ أكون لا منتمي، أو أكون نائبا برلمانيا مستقلا بحق وحقيقة.. صاحب رأي وموقف حر ومستقل، وأن يكون "الشَّريم شعاري" وأن يتكثف إعلاني ووعدي الانتخابي بعبارة "انتخبوا من يمثلكم لا من يمثّل بكم".

أغلبُ الظنِّ أو كما أتخيل نفسي أنني لازلت حريصا ووفيَّا لهذا الشعب المنكوب بمن قادوه وتسلطوا عليه من أعالي القوم وأشرافه.. لازلت وفيا للعهد والوعد الذي قطعته يوما للوطن، وقد خان أسياد القوم شعبهم، وسقطت المنازل الرفيعة في القيعان السحيقة، وسيكنس التاريخ - يوما - أصحاب المراتب العالية إلى مزابله المنتنة، وكلَّ من جلبوا لهذا الشعب الكوارث العظام، ومارسوا بحقه الخيانات الكبار بتمادٍ بالغ، ومجاهرةٍ فجَّة وصارخة، وأتوا بالعار الذي لا يُمحى ولا يزول إلى اليمن بطولها وعرضها!!.. ليس حديث الأنا ولكنْ هو الاعتزاز، إنْ لم أعتز بهذا فما الذي بقي لأعتز به؟..

والخلاصةُ أنّني أمقتُ التّفكيرَ النّمطي، في التراتبيات الاجتماعية المتخلفة، أو القائمة على الأصل، أو الحسب والنسب، أو التفكير العنصري بكل مسمياته، وأرفض العصبيات المنتنة، وضخ الكراهية التي تستهدف الوطن في عُمقه ووحدته ومستقبله.. ولا بأسَ أنْ أقولَ هنا وفاءً لأبي: "كم أنت عظيما يا أبي!" .

***
بعض من تغاصيل حياتي
يتبع..
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
تعفن !!
لقد أتينا إلى عهد أشد وطأة.. عهد ما كان يخطر على بال.. عهد أكثر سفورا وقبحا وفجاجة.. ربما يجلب فيه اسمك وانتمائك وولائك حظ وغنيمة واحتكار، أو حرمانا ودونية، لا يبتدئ من الوظيفة العامة مرورا بالترقية، ولا ينتهي بشغل المناصب العليا، وما يلازمها من امتياز ووفرة أو تضييق وحرمان..

عهد جريء على نحو صارخ.. موغل في غب الباطل.. يعطي حقك الأصيل من لا يستحق.. يتجاوز حدودك وما وراء بحارك، ويغتصب حقوقك بفضاضة وبداوة.. يستبيح ما لك من حقوق بتحدٍ وإرغام.. يستولي بغلاظة ما ليس له فيه حق ولا شبهة.. يهبك بسخاء حقوق الغير الذي يكابد حرمان حقوقه المستحقة حتى يموت جوعا وضيقا وكمدا..

أصابوا أسمائنا بكل مقيت حتى باتت وبالا يصيبنا ويصيب أصحابها، في صراع محتدم تسوسه العنصرية البغيضة، والعصبيات المنتنة، والمصالح الضيقة، وتاريخ دامي ومرعب، ومسخ وعي دميم، عمره أكثر من 1400 عام، ولازال يمتد ببشاعته ودمامته إلى اليوم، وبلعنة لا تريد أن تجفل أو تغادر حياتنا وحياة من سياتي بعدنا.
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
أنا ابن الدبّاغ .. الإنسان
بعد ما قاله لي صديقي حسين، وما كشفه لي رفيقي عبدالوهاب قطران عن معنى انتمائي وأمثالي في الثقافة والمخيال الشعبي، لدى بعض قبائل ومناطق اليمن، أو بعض المجتمعات المحلية فيها، وما يلحق صاحبها من الانتقاص والنظرة الدّونيّة، لم أخجلْ ولم أتخفِ ولم أحاول جبر ما بدا مكسورا، أو ستر ما انكشف، بل على العكس، دافعت عمّا أعتقد باعتزاز يليق، ولم أخشَ من معايرة، ولم أتحرّجْ من عمل والدي، أو من المهن التي ارتادها خلال تاريخ حياته، بل اعتززت بنفسي كثيرا، وبأبي الذي حفر في الصخر من أجلنا لنعيش بكرامة، واعتززت بانتمائي الذي استطاع أن يحجز له مكانا في الصخر الصّلد، وبتحدٍ مضاعف، ليكون وأكون كما يجب..

غيرَ أنَّ الأهم أنَّني لم أنجرْ إلى البحث عن عصبيةٍ صغيرةٍ مقابلة، تقتل أو تشوّه الإنسانَ الكبيرَ الَّذي يملاني، ويسكن وعيي، ويدأب إلى تحصيني من أي هشاشة تعتريني، ولم أتنازلْ عن الضابط الاخلاقي المنسجم مع هذا الإنسان الذي يسكنني، والإنسان الذي أبحث عنه خارجي، وخارج انتمائي..

لا يعني هذا أنَّني لا أقاوم، ولا أهاجم الاستصغار الذي يحيط بي، أو يحاول أن ينال منّا كشرائح وفئات مجتمعية من حقها أن تحظى بحقوقها كاملة، وأولها حق المواطنة.. ولم أبحث - يوما- عن انتماء آخر لا يليق بي كإنسان أولا..

أنا لست ابن السَّماء.. أنا ابن الدبَّاغ الّذي يثور على واقعه كلّ يوم دون أن يكلَّ أو يملّ أو يستسلم لغلبة.. ابن الدبَّاغ الذي لا يستسلم لأقداره، ولا ينوخ، وإن كانت البلايا بثقل الجبال الثقال.. ابن الدباغ المجالد الذي يعترك مع ما يبتليه، ويقاوم حتى النَّزعِ الأخير..

ابن الدبَّاغ الَّذي يتمرّد على مجتمعٍ لازال يقدَّس مستبديه.. ويقاوم سلطة لا تستحي عندما تدّعي.. سلطة تدعي العدل، وطغيانها أكبر من محيط... تتعالى بمنخريها على الوطن الكبير.. سلطة تخصخص المواطنة، وتوزع صكوك الغفران كما يريد، وتغيّب المساواة، وتنشر الفقر كالظلام الكثيف، وتحبس الحرية في محبس من حديد..

أنا أجرّم القتل ولا استسهله، ولا أشرب الدم ولا أسفِكه، ولكنّي متهما بشرب الكحول.. أنا ابن لأبٍ لا يبيع الموت ولا يهديه، ولا يجعله مقاسا للرجولة أو معبرا للبطولة..

أبي صانعً الحلوى وبائعها، يأكل من كدِّه ومن عرق الجبين.. ينشر الفرح والطعم اللذيذ، ويرفض الحرب ونشر الخرائب..

أنا ابن أبي، لم أبنِ مجدا على أكوام الجماجم، ولم أحتفِ يوما أو أفاخر باتساع المقابر، أو بطوابير النعوش الطويلة، ولم أطرب لركام الضحايا، ولم أضُخْ الكراهيَّة، وغلائلَ الحقدِ الدّفين..

***
يتبع ..
من تفاصيل حياتي
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
أنا ابن أبي المُثقل بأحمال ثقال.. نكدُّ حد العي ونشقى.. من غبش إلى عشيّة.. لم نقِم الحزنَ يوما في مبيتٍ، أو نبيع وهما للضحية.. زيفوا الوعي بآلاف الخطب.. وأثقلوه بألف دس وفريّة..

روجّوا للدجل من أعلى المآذن.. أشعلوا النار ألف ونيف.. وأثقلوا الأرض بأحزان المياتم.. أطمعوهم بحور العين وأنهار من عسل وخمر.. وخبوا المكر تحت المعاطف واللحى.. وخبوا تحت العمائم ألف جلاد وليل.. نحن إن شربنا الكيف خلسة.. تسفح العين لألي.. وإلى الله نسافر..

أنا لا أفاخر بهندِ، ولا بمن تأكل الأكباد.. ولا أفاخر بنسبٍ أو قبيلة أو بقاتل.. لا أتسول التاريخ زادي، ولا أدّعي سلطانا وميراثا.. ولا أدعي حقا من قبل آدم وحواء، أو ما قبل الثريا..

أنا لست من ماءِ السَّماء، ولا أفاخر أني سليلٍ لعلي أو فاطمة.. أنا أبي الدباغ والفلاح، وبائع الحلوى أنشر البهجة والفرح.. أبي كابد الدهر وعانا، واقتات من عرق الجبين..

أنا لستُ الأنا المثقلةَ بذاتها وذواتها.. أنا أقذف الأنا في وجهِ المستبد غيرُ نادم، وأناضل لإزاحة الظُّلمِ الّذي أثقل كلًّ كاهل.. أنا الأنا الّتي تعتز وتفاخر، إنّها ليست من ماء السماء، وتقاوم من يراها، إنها جاءت من روث الحمير..

أنا الحالمُ ابن الأحبة.. أنتمي للحُلم الكبيرِ كبَر المجرَّة، بل كبَر هذا الكونِ الفسيح، الّذي يكسر المحابس ويسافر للبعيد، دون حدود أو منتهى.

"تتمة لما سبق"
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
أول تجربة لري الحنين
أحمد سيف حاشد
في "كافورستان" كان للكشف متعةٌ ولذاذة.. غرقٌ في النّشوةِ القُصوى.. الكشفُ الأول في سنِّ الحُلم.. استعجالٌ لمعرفةٍ تتأخر بسببِ الجهلِ بتثمينِ الوقت، والجهلِ بعُمْرٍ عابرٍ كالريح.. رفضٌ ألتاع بأسئلةِ الحيرة.. أسئلة الكشف الباحثِ عن ردٍّ أو مُعطى.. أسئلةُ الجُرأةِ فتحت أبوابا كبرى في كشفِ مجاهيلِ الكون..

في "كافورستان" كانت محاولتي الأولى لرمي بعضٍ منْ ثِقَلِ مُرهق.. جبل الواقع ناخ بحمله على كاهل غِرٍ مُتعب.. سحقا لرتابة مسكونةٍ بالعيب.. العيبُ أن تقضي حياتك بيدق.. العارُ أن تعيشَ مسلوبُ الوعي..

اسئلةُ الحيرةِ ليست وسواسا من عملِ الشيطان.. اسئلةُ الحيرةِ لا تُغفلها حتى تُزيحَ عنها الحيرة.. لا تقمعْها ولا تغفل شك.. ارمِ حجرا إلى قاع الماء الآسن، لترى ماذا يوجدُ في القاع! غُصْ إلى قاعِ وخوابي النهر.. غامر وابحث عن أصدافِ وكنوزِ البحرِ.. لا تبقَ ثابتا كالخشبةِ في الردهةِ، أو في الجدارِ كالمسمارِ ..

ما أسوأ أنْ يَستوطنُنا الجهلُ الكاسح.. ويستعمرنا الخوفُ من سنِّ حضانتنا الأولى حتى الموت.. ما أسوأ أن نظلَّ نستجِرُ التالفَ، ونلوكُ الماضي الغارب.. محبوسين في قُمقُمه.. لا نخرج إلا لخدمته.. "شبيك لبيك نحن طوع يديك"..

في "كافورستان" بدأنا (ألف) التجريب، وكشفَ مجاهيلِ الذاتِ، واكتشافَ الآخر أيضا.. التجريبُ معرفةٌ تتنامى.. تتراكمُ في سلاليمِ العلم.. اطلق عنان الرغبة من قمقمها إلى فضاء الممكن.. ولا تحبس عقلك في الرّدهة.. اطلق عنان العقل في أبعاد الكون..

أسئلةٌ تداهمني، وتتناسلُ كالضوءِ.. لماذا لا نتصالح مع أنفسنا؟! لماذا نُولع بالكذبِ؟! لماذا نستمرئ الدّجلَ على أنفسنا وعلى العالم..؟! ونتخفّى خلفَ أقنعةِ الزيف.؟! ونتصنعُ ما ليس فينا؟! لماذا لا نخجل من أنفسنا..؟!

شكرا يا "كافكا" ولا تخجلْ، فقد أدركتَ زحمةَ هذا الزيف، ونزعتَ عنّا هذا التنكير، وأزحت مساحيقَ التجميلِ عن وجه حقيقتنا.. شكرا يا"كافكا" وأنت تعلنها بالفعل وبالقول: "خجلتُ من نَفسي عندما أدركتُ، أنّ الحياةَ حفلةٌ تنكَريةٌ، وأنا حضرتها بوجهي الحقيقي".

لماذا نجلُّ الوهم الباذخ ، ونصنع منه أربابا وقوانينَ تطفئ ما فينا من نور.. كم نحن جلاوزة وجلادون.. يتملَّكُنا غباءٌ فادحٌ، وسياط العته الأحمق.. سجانون للعقل المتحفز للنور.. جلادون بعنفٍ وجنون.. بمهول الجهل والخوف القامع والعيب الوخم، نجلد أنفسنا حتى الموت.. ما أوطأ وأحط من هذا العيبِ الذي يُثقلُ كاهلنا إلا قانونُ العيب!!

أزيحوا أقنعةَ العيبِ من وجهِ الحقيقةِ العاري.. الكذبُ أمُّ كبائرنا وخطيئتنا الأولى.. متى نتصالح مع أنفسنا؟! ونزيح من وجه الصدقِ أقنعةَ الزَّيفِ، وهذا الكمُّ الباذخُ، من فُحشِ الكذبِ والتدليس..

لا تحرج يا أستاذي "راشد" من هذا العيب، ولا تخجلْ إنْ جمعتْ صدفتنا ثلاثة.. إيابك وذهابي و"كافورستان".. لا تُحرجْ من تلميذك إن شرب كلانا من نفس الحوض، فالغفرانُ رابعنا دوما حاضرا.. سحقا للعيب.. كم نحن بشرا يا أستاذ.. علينا أن نتصالح مع أنفسنا؛ لنكونَ أفضلَ ممّا نحن فيه..

لا تشغل بالك يا أستاذ إن غلبك يوما هذا العيب؛ فالزمن كفيلٌ بكسرِ الغلبة.. ولكنْ قاوم ولا تستسلمْ.. دعْ الكبتَ المتراكمَ والمحبوسَ يبحث عن تنفيس، والشكر "لكافورستان".. الجمع يعاني يا أستاذ ويبحث عن مَنفس.. كلٌّ منّا في شوايةٍ تصليه.. كلٌّ منّا مَرميا في ضغاطة عيب أضيق من قبر..

في بيت من شعر نزار، وُضِعنا جميعا تحت السكين.. نحن بصيغة أخرى كذلك، في واقع هذا الحرمان، الكل تحت سكين العطش المالح.. الأيامُ جحيمٌ وسعيرٌ لا تسأل من أنت:" لا يمـينٌ يجيرنا أو يسـارٌ.. تحت حدِّ السكين نحن سواء"..

شكرا "كافورستان" أخففتِ عنّا بعضا من هذا الحِمْل المُلقى على الكاهل..
***
#القاضي_احمد_سيف_حاشد
نحن لا نبني مدارس !
ولا نبني مدن ولا نرصف شوارع!
نحن فقط نعيد تسميتها..وننهبها أيضا!