أحمد سيف حاشد
341 subscribers
2.77K photos
6 videos
5 files
2.86K links
عضو برلمان
Download Telegram
شمالا وجنوبا.. شرقا وغربا..
أما ادعاء اليمنية وفي الواقع يتم ممارسة ما هو أكثر من الانفصال فذلك لا يؤهلك بتبني قضية اليمن إلا عندما تمارسها في الواقع..
إنكم تكررون نفس الأخطاء السابقة التي ذهبت بالجنوب بعيدا، وخلقت حوامله المرتهنة، وما كانت لتحدث لولا تلك الممارسات والخطايا التي تم ارتكابها بإمعان من قبل السلطات المتعاقبة في صنعاء لتصل النتيجة إلى ما وصلت إليه اليوم..

(11)
أن تقصف الرياض والعمق السعودي بمئات الصواريخ والطائرات المسيرة وتهدد بقصف الإمارات ولا تفعل في معظم تهديداتك إلا لماما، بل فعلتها مرة واحدة على سبيل التهديد لا الفعل المؤكد.. وفي المقابل تحجم عن قصف مقر قيادة التحالف في عدن، وهي على مرمى حجر، ظل يثير أسئلتي وشكوكي وريبتي طوال سنوات حرب خلت..
لا زلنا نفكر وذاكرتنا لازالت حية وغير مثقوبة بالنسيان..

(12)
كم جنوبي بقي لديك من أعضاء حكومة صورية محكومة باللجنة الاقتصادية ومكتب الرئاسة والنافذين؟!!
كم جنوبي لديك في اللجنة الاقتصادية؟!
كم جنوبي لديك في المجلس السياسي الأعلى ونحن نعلم أن الجنوب ثلثي اليمن مساحة وثروة؟!
كم عضوا في قيادة حركتك من الجنوب؟!!
كم بقي لديك من موظفين الجنوب لدى سلطتك، وجهازك الإداري والمالي؟!!
كم عضو لديك من الجنوب في مجلس الشورى وما تمثله تلك النسبة في مجموع عضوية هذا المجلس المعيّن؟!
كم عضوا لديك في لجنة المصالحة من الجنوب؟!!
كم عضوا من الجنوب لديك في لجنة الرؤية التي تعدّها الآن فيما يخص المحافظات الجنوبية، ربما تحت عنوان الكفاح المسلح وتحرير الجنوب؟!
لست أنا الانفصالي، ولكن من يمارس ما سلف ذكره هو الانفصالي..
نريد يمن كبير ويمنيون يكبرون بكبر اليمن..
ناصر باقزقوز - وزير جنوبي:
بعد مرور ست سنوات من الاقامه القسريه في صنعاء لم نعد جنوبيين ولاشماليين اصبحنا مهجرين نازحين غرباء
(9)
صحيفة "المجانين" وهيئة تحريرها
أحمد سيف حاشد
"القبيطة" صحيفة المجانين.. هكذا صار اسمها لدى كثير من المعجبين بها، ثم أنتقل هذا الاسم لصحيفة "المستقلة" التي كانت امتدادا لمدرسة صحيفة "القبيطة".. حوارات المجانين هي في الأصل حوارات شعبية ابتدأها عبد الملك الحاج مع "القمعري"، ثم انتقلتُ بها إلى حوارات مع من لازالوا يعيشون جنونهم، ومن شفوا منه، ومن لازالوا مقبلين عليه، ومن إليهم من المكدودين والمسحوقين والمتعبين المثقلين بالضياع والتعب والهم اليومي الكديد.. ثم انتقلت مهمة تغطية تلك الصفحة في بعض أعدادها إلى الأخ أمين راجح الذي كان يرسل بمادتها جاهزة من "تعز" المحافظة التي يقيم فيها..

ربما هؤلاء المجانين ألهمونا وألهمناهم.. أبدعنا ومارسنا الجنون والتمرد معا.. كانت تلك الحوارات من أهم الحوارات التي تحضي بمتابعة وشعبية ليس فقط بين الأوساط الشعبية، بل وأيضا في أوساط المثقفين والسياسيين بسبب ما تتمتع بها من كثافة، وفي نفس الوقت بساطة وسلاسة وسهولة.. عشقنا السهل الممتنع حتى الثمالة.. مارسنا إرسال الرسائل السياسية والثقافية والاجتماعية التي تنبه وتحفز وتلذع في سياق إعادة صياغة الوعي في تلك الحقول التي نعبر من خلالها عن وجودنا المُنتقص، ومحاولة استعادته.. لعبت تلك الصفحة دورا في تسويق الصحيفة، وانتشار واتساع متابعيها، وزيادة شعبيتها حتى طغى مسماها على اسم الصحيفة..

"صحيفة المجانين" لم تحتكر القول وتمنع الرأي الآخر مهما كان داجيا.. فتحت الباب لاستقبال ونشر ما لا يروق لها، كتلك الحلقات التي تنضح بما هو مظلم في التشدد والتزمت، وفي المقابل استقبلت ونشرت ما يشمس المعتم، ويبدد المظلم، ويبرعم النور وينشره، ويذيب جبال الجليد.. تثير الجدل في الأفكار والعقول لتنتج معرفة في رسالة كنّا نراها تحاول إعادة صياغة الوعي نحو مستقبل نروم..

"صحيفة المجانين" التي تطلب من العقلاء أن يتكرمون بالتسامح وسعة الصدر وطول البال.. تشعل النار في سراديب الوعي المعتم، لتكشف حقيقة كم هم من يدعون العقل واهمون.. تطلب منهم أن يقرؤوا التاريخ ليروا كم غرق العقلاء في جهلهم، وكم أهدروا دماء وأعراضا وعبثوا بأحوال الناس، حتى صار للطفل الصغير يوما ألف جارية.. كذبوا بإمعان حتى قال قائل منهم: "كنّا إذا ما اشتهينا أمرا صيّرناه حديثا".

ربما أردنا قلب المفاهيم الداجية، أو حاولنا إيجاد حراك في مضامينها، أو تغيّنا منها إعادة قراءتها في ضوء ما نعيشه من معطيات العصر الكثيرة، وإعادة النظر في المسلمات الجاهزة..

اعطينا المرأة حقها في السؤال، على نحو يحفز العقل، ويعيد قراءة المفاهيم البالية.. تناولنا العجب ليس من أجل العجب، ولكن من أجل الفهم والتفكير على نحو مختلف عمّا جرت العادة عليه.. نثير الأسئلة التي تبدو صغيرة لنفتح بها أبوابا كبيرة في الذهنية السائدة.. نتجاوز ما أمكن إلى ما هو غير تقليدي ومعتاد..

بعد أربع سنوات من الكد المثابر، كان لازال العطاء صاعدا في ذروته.. بدأت الصحيفة في عددها صفر بألف نسخة لتصل في عددها 48 ثمانية عشر ألف نسخة، لنعيش الطفرة في العدد 49 بثمانية وعشرون ألف نسخة، وعندما أردنا طباعة عشر ألف نسخة إضافية من نفس العدد بعد نفاذ مبيعاتها من السوق في أقل من أسبوع، لتبلغ 38 ألف نسخة، جاءت إلى المطبعة أوامر صارمة بوقف طباعة الصحيفة ومنع استمرارها..

هذا ما تلجأ إليه السلطة عندما تعييها الحيلة وتفتقد الوسيلة التي تحفظ لوجهها ماء أو نظارة.. عندما تخاف من ينافسها، أو تنفس مخالفها، أو تكتشف عجزها وتريد كتم صوت وأنفاس من لا يروق لها، و يرفض مشيئتها..

***

كان كل عضو من أعضاء هيئة التحرير مُسند إليه تحرير صفحة أو عدة صفحات إعدادا وإخراجا.. كل محرر يبذل جهودا دؤوبة في أن يقدم أفضل ما لديه.. الصفحة المالية كان يحررها المسؤول المالي ياسين عبده صالح المعهود بالتحري والدقة في التفاصيل المالية.. ينشر بشفافية عالية التبرعات والاشتراكات وكل الموارد التي تصل للجمعية والنشرة ومصروفاتها.. صفحة أكسبتنا كثير من الثقة لدى الناس متبرعين وأعضاء ومتابعين..

ياسين القباطي رسام وكاريكاتير الصحيفة، ومنير الحكيمي ومحمد العزب طباعة وتنفيذ إخراج، فيما آخرين كانوا يعدّون بعض اللقاءات والحوارات والاستطلاعات والمقالات من المحافظات والمناطق الموجودين فيها.. كما استحدثنا لبعض الوقت صفحتين باللغة الإنجليزية وصفحة للأطفال وزاوية للبيئة ونافذة قانونية..

عبد الملك الحاج كان سكرتير للتحرير ومحرر زاوية ساخرة وباللهجة الشعبية اسمها "خربشات نزقة “ ثم غيّر اسمها بـ "المعرارة” ثم صير اسمها “المحمارة”، وكانت لها شعبيتها ومتابعيها، فيما المستشار الإعلامي عبدالله عبدالإله كان يحرر الأخبار، والأستاذ خالد ملهي يحرر المادة الثقافية، وعبده الرجاني صفحة التراث، ومانع على مانع قضايا وهموم، وعارف الصغير صفحة "الأعبوس"، بالإضافة للمراجعة اللغوية، فيما أنس دماج يحرر الصفحة الاجتماعية.. كما كنّا نفرد بين صفحة وصفحتين
لمادة تأتينا محررة وجاهزة للدكتور سعيد الشيباني، وهو أهم من ذادوا ودافعوا عن الصحيفة واستمرارها في تلك السنوات الأربع التي عاشتها بقلق، وأُشبعت بالجهد والمثابرة..

ساعدنا لبعض الوقت أو بين الحين والآخر كل من عبدالله غالب وحاميم هزاع وشكري مرشد وإبراهيم السروري وناصر حربي ومحفوظ سعيد ثابت وعلي فضل طه.. وهناك أسماء أخرى خانتني الذاكرة في تذكرها واعتذاري هنا لها..

كنتُ أشرف على مواد الصحيفة، وأحرر الصفحة الثالثة "عروبة" "يا أمة ضحكت من جهلها الأمم" كما كنت أجري بعض الحوارات والاستطلاعات بالمشاركة مع صديقي محمد فريد سعيد، وأحرر بعض اللقطات والمواد المتعلقة بالحقوق والحريات، ومجلس النواب، وأعد في الغالب صفحة "اقرأ واتعجب" والتي تشمل الحوادث تحت عنوان: لماذا يحدث هذا في بلاد المسلمين؟!! ربما تغيرت اسماء الصفحات.. ربما تم تعديل بعضها.. ولكنها كانت تحمل نفس المضامين بهذه الدرجة أو تلك..

تشاركتُ مع عبد الملك الحاج في إخراج بعض الصفحات ولاسيما الأولى والأخيرة دون أن يخلو تشاركنا هذا من مد وجزر، ولا يخلو في أحايين أخرى من مناقرة الديوك، وحالما تخرج الصحيفة، يعود الوئام إلى طبيعته، حيث ينتهي ما حدث بولادة العدد ونزوله السوق..

تشاركتُ مع نجيب محمد عبد الرب في إعداد الصفحة الطبية التي كانت تتحدث عن كثير من القضايا المسكوت عنها، أو التي لا يتجاسر الناس بالسؤال حولها، بسبب الحياء والعيب وثقافة المجتمع.. كما كنت أساعد محمد فريد سعيد في تحرير صفحة الاستراحة ومهام أخرى كمتابعة التوزيع والتحصيل مع رئيس الجمعية والمسؤول المالي ومساعده منصور غالب.

كان لدينا مراسلين وموزعين في فروع الجمعية في المحافظات والمديرية وفروع الاتصال في بعض المحافظات التي لم تؤسس فروع لها بعد .. وكانت أهم المحافظات الأكثر نفاذا وتوزيعا للصحيفة صنعاء وتعز والحديدة وعدن، وكانت المديرية وما جاورها يتم بذل اهتمام خاص في توزيع الصحيفة تصل في بعضها إلى المدارس والقرى البعيدة..

كانت هناك عدد مئات النسخ من الصحيفة توزع للمعلنين ورجال المال والأعمال والوجهات الاجتماعية والوزارات والمؤسسات والمصالح الحكومية وبعض السفارات، ويتكفل بتوزيعها في صنعاء ردمان النماري ونجيب محمد عبد الرب، بالإضافة إلى متابعتهما لقيمة الإعلانات في صنعاء، وفي تعز محمد فريد، وفي عدن صالح ناجي حربي وصالح فريد حاشد..

***
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
(10)
ما قالوه عن "القبيطة" الصحيفة
أحمد سيف حاشد
من المهم وأنا أتحدث عن "القبيطة" النشرة ـ الصحيفة ـ أن أورد شهادة مجموعة من المتخصصين والكتاب والأدباء والسياسيين والبرلمانيين وأصحاب الرأي بشأنها.. كانت تلك الكتابات في جلها مساندة لنا، بل كانت خير زاد وماء ومعين خلال رحلة دامت أربع سنوات من النشاط الدؤوب، والعطاء المتدفق، والمثابرة التي لا تكل ولا تتوقف.. نقتطف ونجتزئ نتف منها على سبيل المثال لا الحصر، تجنبا للإطالة، وتقديم ما يكفي لتقديم ملحمها، وتكوين فكرة وإطار عام عنها من زاوية الغير :

• الدكتور عبدالعزيز المقالح ـ أديب وشاعر، ورئيس مركز البحوث:
- "(القبيطة) هي الافضل من كل النشرات التي تصدرها الجمعيات الخيرية.. لقد تابعت نشرة (القبيطة) منذ أعدادها الأولى وأثارت اعجابي بتنوعها وشمولها.."

• عرفات الدوش – صحفي:
- "كنت اعتقد انها نشرة كغيرها من النشرات التي تصدرها الجمعيات الخيرية في المناسبات.. ولكن ما ان وقع في يدي (العدد العاشر) من القبيطة “الصحيفة وليس النشرة” حتى صعقتني المفاجأة، واصابتني الدهشة.. أجزم وانا الصحفي المتخصص انها لو قيمت بشكل منهجي لجاءت النتيجة انها صحيفة متميزة ربما تفوق ما يصدر من صحف تسخر لها ملايين الريالات وألاف الدولارات ومئات الكوادر المتخصصة.."

• د. سعيد الشيباني ـ باحث وكاتب وشاعر كتب دفاعا وذودا عنها في مواجهة بعض الادعاءات التي تنال منها ومن القائمين عليها:
ـ "تشعل النشرة – الصحيفة الشهرية (القبيطة) غرة اكتوبر 2004م شمعتها الاولى من سنتها الخامسة. فطوبى لها عمل رائع يبدعه جمع أروع.. فمن (1000) شمعة اشعلتها في شهرها الاول من عامها الاول الى (30000) شمعة في شهر ها الاول من عامها الخامس (2004).
- "يا لها من نشرة – صحيفة احيت البيض وحمت الفراخ من الحداء والقمل التي حاول بها البائرون في مفرق الطريق حائرون ان يقتلوها غيلة."
- "لقد سقط الرهان كما سقط جلمود صخر امرئ القيس إنها – امام المراهنين على اسقاطها صخرة (سيزيف) إنهم اخسر من القابض على الماء.

• فيصل سعيد فارع – مدير عام مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة:
- القبيطة .. النشرة ، هذا المولود، الاضافة الى صف المطبوعات اليمنية، والتي احسست وانا اتصفحها انني امام حدث جديد بمعنى الجدة النوعية.. فهي اذا تصدر كلسان حال للجمعية الخيرية لأبناء القبيطة، تعبر عن روح تواقة للإفصاح عن منطقة يمنية بناسها وارضها، عن همومهم وتطلعاتهم بشفافية، تبدو منذ الوهلة الاولى قادرة على المساك بزمام المبادرة التواقة لمستقبل ينهض به الناس عبر صيغ يصطفونها ويصنعونها بأنفسهم.. وهي كنشرة اقرب الى شكل هجين من تعبيرات العمل الصحفي.. حيث هي اقرب الى، بل وابعد من صيغة صحيفة، وتقترب من ممكنات التحول الى مجلة، بمعنى ان الحرفية التي جعلتها من اعدادها الاولى اقرب الى المواليد الذين يولدون معافين اقوياء بما يؤهلهم لمواجهة صعوبات الحياة بعافية واقتدار..

• حسن عبدالوارث ـ وكيل نقابة الصحفيين، رئيس تحرير صحيفة الوحدة:
- "نشرة ، تكاد من اعدادها الاولي ان تكون “صحيفة” بالمقاييس الفنية والموضعية الاساسية والاولى للصحيفة ” التابلويد” شكلا، وصحيفة الاقليم موضوعا.. فوجئت بأنها تجاوزت الهموم المحلية للمديرية وأبنائها الى هموم اكثر رحابة وقضايا اعمق نبضا في الشريان الوطني العام. وقد بدأت ثمار نجاح ” القبيطة” تينع في الشارع بعد ان اطلع عليها عدد من اهل الراي والخبرة والاختصاص، فابدوا اعجابهم بها – حقا وليس مجاملة – مثلما لمسته في اعدادها الاخيرة وخصوصا العددين التاسع والعاشر."
- "بدت في الساحة الصحافية اليمنية – منذ زمن غير بعيد – بعض النشرات الدورية والمطبوعات الصحافية، التي صدرت عن الجمعيات الاهلية والاجتماعية والخيرية ، والتي انتظم صدور بعضها وتوقف غيرها عن الصدور .. وفيما كان بعضها هش القلب والقالب، موضوعا وشكلا فنيا.. فان سواها اخذ في التبلور والتطور ، حتى كاد اليوم ينافس افضل المطبوعات الصحافية التي تشهدها هذه الساحة، شكلا ومضموناً.. من بين هذا النموذج الاخير، نجد – اليوم – المطبوعة الصحافية المنتظمة شهريا باسم (القبيطة).

• الاستاذ أحمد جابر عفيف رئيس مؤسسة العفيف الثقافية:
- ربما تكون جمعية التعاون الخيرية لمديرية القبيطة هي الاولى في المديريات، بل وحتى المحافظات التي اتحفتنا وباستمرار بصحيفتها المتميزة وحتى بموقعها على الانترنت، ففي كل شهر تصلنا أعدادها الى مؤسسة العفيف الثقافية، ويقرؤها كل رواد المؤسسة، هذه المبادرة الوطنية تستحق كل التقدير والاعجاب وان تكون قدوة للغير.

• أ.د. صالح على باصرة رئيس جامعة عدن:
- ما يميز جمعية القبيطة عن غيرها من الجمعيات هو وجود صحيفة لها بمستوى ممتاز شكلا ومضمونا .. وهي دون شك وسيلة للتواصل مع المنظمات ومع الاخرين للتعريف بنشاط الجمعية وايضا لجذبهم واقناعهم بتقديم الدعم للجمعية التعاونية.

• راشد محمد ثابت – وزير سابق:
- يكفيهم تقديرا لنشاطهم البارز في ا
وظروفه الصعبة، وعندما ترتبط صحيفة بهموم الناس تجد رواجها في السوق، وينتظرها القارئ، فالقبيطة الصحيفة لم يقرأها القباطي وحده وانما مختلف شرائح المجتمع في الوطن، وهي ميزة انفردت بها عن كل صحف الجمعيات والمنظمات غير الحكومية"
- "اعتقد ان سبب نجاحها هو رئيس تحريرها القاضي احمد سيف حاشد والعاملين فيها، حتى غدت كثير من النشرات تود تقليدها، غير انها لم تستطع الانتظام والرواج لأنها محصورة في تناولاتها. إن التنوع في التناول وطرق ابواب الحياة المختلفة والبحث عن هموم المواطن وبؤسه حتى مع المجانين يعتبر عملاً رائعاً، فالمجانين هم ضحايا ظروف ومراحل وهم من الشعب ويستحقون الاهتمام ."

• الشيخ عبدالله الغادر ـ عضو مجلس النواب:
- "تكمل صحيفة القبيطة عامها الرابع، وهي بحق صحيفة فرضت وجودها مع وجود الكم الهائل من الصحف اليمنية سواء حكومية او حزبية او أهلية، ويلاحظ ان الصحيفة لم تنحصر في متابعة ورصد القضايا التي تهم مديرية القبيطة وابناءها فقط، وانا احد المعجبين والمتابعين لها واحرص دائما على اقتنائها وقراءتها، واذكر هنا احدى النقلات النوعية لمستوى الصحيفة وهي صفحة (حقوق وحريات) فمزيد من التقدم والرقي والتألق."

• الشيخ عبدالوهاب معوضة – عضو مجلس النواب:
- "هذه الصحيفة استطاعت بما تتميز به من كفاءات واسلوب صحفي ان تلامس هموم الناس وتلبي متطلباتهم بعيدا عن صخب السياسة ومكايدها.. فنجد القارئ في صحيفة القبيطة يجد ما لم يجده في اي صحيفة اخرى رغم ان البعض يعتبرها صحيفة مجانين ، وانا اعتبرها صحيفة العقلاء."

• خالد يحيى معصار – عضو مجلس النواب:
- (القبيطة) صحيفة متميزة .. فهي مرتبطة بحياة المواطنين وهمومهم ومشاكلهم ، كما انها تتميز بأسلوب الطرافة والنكتة.. إنها صحيفة تقترب وترتبط بالمواطن ولا تبتعد عن الحقيقة مهما كانت مُرّة، ولذلك زاد انتشارها بفضل تلك الجهود وذلك الاسلوب الذي تفتقده كثير من الصحف.. ولعل نشر الصور وبأسلوب المقارنة بين الحقيقة وبين اي منظر ساخر يجعل القارئ يقف امامها مبتسما او حائرا لعمق معانيها وابعادها، وهذا اسلوب صحفي ناجح تستحقون عليه التهنئة.

• عالم الصحافة المصري فاروق ابو زيد عميد كلية الاعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا:
- شيء جميل ان تصدر صحيفة بهذا الحجم والمستوى عن جمعية خيرية تعبر عن حال المجتمع وتساهم في تطويره..

• محمد حبوشه مدير تحرير مجلة ( الاهرام العربي) والمدرس بكلية الاعلام جامعة القاهرة :
- (القبيطة) نموذج ناجح لصحافة الجمعيات والمنظمات تتفوق على صحف كثيرة تصدر باليمن..

• الاستاذ علي صالح عبدالله وكيل وزارة الشئون الاجتماعية والعمل:
- “القبيطة” "تتميز وتتفرد بشفافية ايراداتها وصرفياتها .. بعض الجمعيات تخاف من نشر ميزانياتها وحساباتها مما يضع قياداتها في مواقع الشبهات ونطالبها عبر (القبيطة) بالشفافية.. الوزارة تتابع باهتمام نشاط الجمعية ودورها.. والصحفية علامة مميزة في نشاطها.."
- "صحيفة القبيطة مشروع كان ومازال انجازا وعملا اعلاميا مؤسسيا وليس مناسباتيا كما جرت العادة.. ثبت ذلك من خلال استمراريتها، وتجدد روحها في كل عدد جديد من خلال مواكبتها للأساليب الصحفية الحديثة.. لذلك نحن نبارك خطوات هذه الصحيفة ـ النشرة ـ واستمراريتها، وندعو الجمعيات والمؤسسات الاهلية الناشطة الى تبني اصدار مثل هذه النشرات .. الوزارة تشعر بالفخر بمستوى هذه الصحيفة وانتشارها"

***
يتبع..
يعض من تفاصيل حياتي
صدار صحيفة "القبيطة" التي لن تتأخر ولم تنقطع عن الصدور في مواعيدها المحددة، ولعبت دورا كبيرا في مجال توعية الناس وافهامهم بالمشاكل والقضايا التي تتعلق بحياتهم اليومية.."
- "ومن خلال ما ينشر في هذه المجلة وبصورة منتظمة استطاعت الهيئة الادارية ان تضع جميع الاعضاء في صورة تحركاتها ونشاطها لحظة بلحظة… ويأتي ابراز موارد صحيفة القبيطة وانتظام صدورها بفعل هذه الشفافية التي اتبعت لتوضيح استقلالية الصحيفة ماليا وتحسين أدائها وتطويرها.."

• عبده على قباطي ـ وزير المغتربين:
- "النشرة لعبت دوراً هاماً ومتميزاً واستطاعت أن تتولى عملية الحشد والتعبئة والتوعية والتنوير بالقادم الجديد في اوساط المجتمع المحلي لأبناء القبيطة."
- "ولا بد هنا من التعبير بكل اعتزاز وفخر عن تقديري واحترامي لرئيس وهيئة تحرير نشرة (القبيطة) وكل الكتاب والمثقفين والمبدعين والعاملين المجهولين الذين اسهموا في اخراج النشرة بهذا المستوى الرفيع في الشكل والمضمون واني لعلى يقين أن كفاءة وقدرة القائمين عليها ووطنيتهم ونزاهتهم سوف تشق طريقاً طبيعياً وأصيلاً."

• منصور عبدالجليل عبد الرب – محافظ محافظة لحج:
- "صحيفة (القبيطة) التي تشعل شمعتها الرابعة تنشر وبشفافية كل نشاطات قيادة الجمعية وظروف واوضاع المواطنين.. وتبث الوعي وتسهم بدور إعلامي وثقافي يتجاوز المحيط الجغرافي للمديرية الى الوطن.
- باعتباري احد الحريصين على قراءتها وتتبع ما يرد فيها والتوجيه حول بعض القضايا التي ترد فيها من المواطنين لاجهزة المحافظة.. فانه يمكنني القول وبكل اعتزاز.. انها غدت صحيفة مرموقة، وهذا ليس رأيي فحسب وانما راي المختصين والقراء والمتابعين للصحيفة، والدليل نسبة توزيعها العالية كما ان شفافية تعاملها جعل كل عضو او قارئ يشعر بثقته بقيادة الجمعية فاشتراكه او تبرعه ينشر ويوثق وان كل ما يتحقق هو معلن.. وذلك هو اهم عوامل النجاح لقيادة الجمعية وهيئة التحرير التي اختطت طريق الشفافية.. فغدت الصحيفة واسعة الانتشار.."
- "ما يشرفها اكثر.. انها الصحيفة الوحيدة للجمعيات المنتظمة بالصدور والتي توزع في اكشاك الصحف في المدن وتصل الى اقصى مناطق المديرية البعيدة.. وهي المعتمدة على تمويل ذاتها بذاتها، ذلك لم يتحقق إلا بجهود متفانية ونكرن ذات وتفان لقيادة الجمعية ورئاسة وهيئة تحريرها ولعل مما يزيد من دورها ومكانتها، انها تتجاوز النطاق الجغرافي للمديرية فتنشر صفحات عن جمعيات المحافظة والوطن.

• عبده علي عبدالرحمن – سفير اليمن في موسكو:
- "بداية موفقة اخراجاً ومحتوى.. صدور النشرة بهذه الكيفية الجميلة قد عكس مستوى عالياً من الجدية، وإن خبرة كبيرة قد صاحبت ولادة هذا العمل، وبالرغم من عمرها القصير الا ان اصدارها بهذا المستوى يجعلنا نتفاءل بانها ستواصل حمل رسالتها في خدمة الناس..".

• أروى عبده عثمان ـ مهتمة بجمع وتوثيق التراث:
- دهشت بحق لهذه النشرة الصحيفة التي يصعب على أي مرفق ادارتها بمثل هذه الحنكة الادارية.. اشد ما حفزني على قراءتها بتمعن مواضيعها الجادة والمتنوعة في آن معاً، وخصوصاً الصوت القوي الراي لجمع وتدوين وتوثيق التراث الشعبي.

• عبدالرحمن عبدالخالق ـ رئيس اتحاد الادباء والكتاب اليمنين، فرع عدن، سكرتير تحرير مجلة الحكمة:
- "(القبيطة) استطيع ان اسميها صحيفة وليست نشرة، ولأنها تصدر بهذا الشكل فهي صحيفة جداً ممتازة سواء من حيث المضمون او التبويب او الاخراج وهذا ليس رايي انا فقط.. انها متنوعة المواضيع من حيث المقال والخبر والعمود والتحقيق وايضاً يوجد بها جزء لا باس به من الجانب الثقافي وتحديداً الأدبي."

• شوقي احمد هائل نائب مدير عام مجموعة شركات هائل سعيد انعم :

"صحيفة “القبيطة” عكست الوجه الامثل للأعلام الاجتماعي الذي ينبعث من حنايا المجتمع ذاته لا من رؤية الاخرين اليه.. وأعبر عن خالص التحية للأخوة القائمين عليها على جهودهم التي اينعت ثمارها في التميز الفني والموضوعي للصحيفة.."

• محمد عبدالودود طارش المدير العام للشركة المتحدة للصناعات المحدودة لمجوعة شركات هائل:
- تابعت بإعجاب شديد نشاط جمعية القبيطة كما تابعت بإعجاب أشد اعداد صحيفة القبيطة.. إن الكلمات التي تنشر على صفحات (القبيطة) تدعو للإعجاب والاعتزاز بأبناء المنطقة الذين اعتبرهم القدوة الاولى في مناطقنا.

• د. عبدالله الحو ـ استاذ التحرير الصحفي بقسم الصحافة والاعلام جامعة عدن:
- تمثل نشرة القبيطة بادرة طيبة من كل القائمين على الجمعية ، وتعتبر رافداً جديداً انظم الى الصحافة في اليمن وبالتأكيد سوف تسهم ودون شك في نشر الوعي الثقافي والاجتماعي في المديرية، وستعمل على نقل هموم المديرية الى الجهات المسئولة، وبالتالي سوف تسهم في حل جملة من القضايا الاقتصادية. نشرة تنتظرها شهرة!

• صلاح قائد الشنفره ـ عضو مجلس النواب:
- "تعجبني صحيفة (القبيطة) بما تتناوله من مواضيع تجاوزت الجمعية والمديرية التي تصدر عنها، الى هموم العامة التي تهم المواطن وحياته المعيشية
"الكفر"أن لا تملك قيمة قبر !!
خالتي سعيدة زوجة أبي أم أخي على.. رغم أن اسمها مشتق من السعادة إلا أنها تنتمي لحظ عاثر وغير سعيد... جميع أولادها الذكور لأبي ماتوا صغارا باستثناء أخي علي الذي نجى وعدى بما يشبه المعجزة.. كان يشاع ان نجمها "العقرب"، ولن يبق من أولادها قيد الحياة غير اثنين، وكان الحال كذلك.. بقت لديها بنت من زوجها الأول، وأخي علي من أبي.. تزوج أبي عليها أكثر من مرة ربما بدافع رغبته أن يكون لديه أبناء ذكور، واستمرت هي في عصمته، ربما لأنها كانت صبورة وطيبة.. لا أذكر أنني شاهدتها أو سمعتها يوما تشاكس أو تشتجر أو تتجنّى على أحد..

سعيده ربما في أفضل الأحوال كانت سعادتها قليلة في واقع ثقيل لمن هو قليل الحيلة.. خالتي عرفتها تتجنب أن تسيء لأحد حتى إن كال لها الغير الإساءة كيلا.. كانت صبورة جدا.. تتحمل ما يغيظها بصمت كتوم، وعندما يثقلها السبب ويكظم الغيض صدرها “تتزمل”.. كان الزامل تنفيسا عن المعاناة، وإشغال للذات عن النكد حال ما يحاصرها، فتجد في "الزامل" عبورا إلى عالم مختلف تبدو فيه هي من تحاصر الإساءة والنكد بدلا من أن يحاصرها..

كانت خالتي ملاذا لي في القرية، حال ما أهرب من الضيق والجحيم في بيت أبي الأخرى التي تسكنه أمي.. أذكر أنني عشت معها فترة على شظف العيش.. البسباس والوزف والخبز لطالما كانت وجبتنا الرئيسية..

خالتي عصامية وصبورة جدا، ومجالدة للظروف التعيسة التي كنّا نعيشها.. أذكر أنني كنت أحبذ البقاء على ظهرها عند صعودها ونزولها الدرج وأثناء قيامها بأي عمل في الدار.. كفيها متشققة وحرشة استمتع بها عندما أنام، وهي تمررها على ظهري.. بديت في بعض الأحايين مستبدا عليها وأنا أرفض النزول من ظهرها، أو ألح عليها بتمرير يدها على ظهري حتى أنام..

خالتي بعد أن فقدت ابنها الوحيد وضعتُ نفسي كابن لها، وحاولت أن أرد بعض جميل و واجب مستحق.. حاولت أن أملئ فيه فراغ لا يُسد.. عندما قويت وكبرت وحصلت على مرتب شهري اخذتها معي إلى عدن هي وأولاد أخي.. ربما آثرتها على أمي التي أحببتها.. لطالما حاولت أخفف بعض ما كانت تعيشه من فقدان أخي، وأثقال بقاءها في القرية.. وأحيانا تقاسمنا الشدة والألم والعيش المُر..

حاولت أن أخفف بعض من حزنها الثقيل، وأسد بعض من فراغ كبير أعيه.. في البداية كنت أقضي إجازاتي أو بعضها عندما أعود إلى القرية في بيت أبي القديم الذي تقيم فيه خالتي.. وعندما أشتد عودي نقلتها معي إلى عدن، وعندما نقلوني بعد الوحدة عام 1990 إلى صنعاء نقلتها معي.. لازمتها ولازمتني بقية عمرها.. عشنا تلك الفترة بكل ظروفها حال ومر.. شبعنا وجوعنا معا.. أكلنا الروتي والبصل بل وأحيانا "الروتي" والبسباس بصبر مكابر وكتمان عنيد..

جاري منصر الواحدي هو من كان يعلم فقط ببعض ظروفي الخاصة.. سماني “أحمد بصله” بسبب اعتمادي على البصل كوجبة رئيسيه تمنحنا البقاء والحياة.. أختي سامية أيضا معنا وكانت مريضة وتحتاج إلى علاج مستمر ومتابعه عند الطبيب.. كنت أعيش أنا وخالتي وبنى أخي واثنتين أو ثلاث من أخواتي وأخي وزوجتي وابني فادي وابنتي سناء.. مسؤولية كبيرة وهم ثقيل.. لطالما شددت عليهم بأن لا أريد صوت حاجة يخرج من فتحت مفتاح الباب وإن متنا طوى.. كنت الصمت المكابر في زمن عشته أصارع الفاقة والجوع..

كنت لا أملك ما أسعف به ابني فادي الذي كان يعاني من الربو.. أستدين من جاري منصر أو جاري الآخر علي فضل طه، وأسابق الموت عندما أسعفه إلى المستشفى.. لا أستطيع توفير قيمة الحليب، حتى وجدت نفسي أبيع “دبلة” الزواج لتوفير الحليب لطفلي البكر فادي..

مرضت خالتي حتى اصيبت بقرحة الفراش.. تكالب عليها المرض.. هناك مرض لم أكن أعلم به كتمته عنا زمن طويل بسبب العيب.. لم أكن أعرف عنه شيئا إلا بعد وفاتها.. كنت لا أملك ثمن العلاج.. طلبت من زميلي في المعهد العالي للقضاء عبد الملك العرشي يحضر لمعاينتها، وكان قد عمل مساعد طبيب في المستشفى العسكري..

طلب شراء قربة لتركيبها.. تفاجأت أن خالتي لم تحرك يدها وهو يغرز الإبرة في يدها ليركب لها “الدريب” شاهدت دمعتين تنساح من عيون خالتي.. يا إلهي .. إنها دموع الفراق الأبدي .. أخبرني صديقي أنها منتهية والأمل ضعيف.. دقائق قليلة وفاضت روحها بصمت موحش.. غصة في حلقي كانت تذبحني بمنشار..

لم أتوقع أن تغادرنا بهذا الهدوء.. أنسلت إلى العالم الآخر بخفة وكأنها لا تريد إزعاجنا.. خرس شل لساني ودموعي تنساب بصمت يقتلني.. يا إلهي لا أملك قيمة قبر ولا كفن.. ربما أحسست إن الكفر قليل وأنا أعيش هذا الحال المكتظ بالبؤس والفقر الثقيل..

نعم .. عندما ماتت خالتي في صنعاء لم أكن أملك قيمة قبر ثلاثة آلاف ريال ولا قيمة كفن.. أذكر أن جاري منصر الواحدي ـ جنوبي ـ هو من كان يعلم بظروفي وهو من ساعدني في تكفينها وقبرها.. عندما لا تجد قبرا أو كفن يكون "الكُفر" ملاذا لمن لا حيلة له.

قبرناها في صنعاء جوار عتيقه.. لا أدري من هي عتيقه.. فقط اسمها مكتوب على قبرها.. تأملت في اسم عتيقه كثيرا ل
عل يوما أبحث عن قبر خالتي ولم أجده.. لعل اسم عتيقه هو من سيكون دليلي وخصوصا أن خالتي لا اسم فوق قبرها ولا علامة..

عتيقه جارة خالتي في الأرض السفلى ودليلي إليها فوق الأرض طالما لا زلتُ حياً لعل يوما أبحث عن قبرها لأهديها بقايا دموع لم تجف بعد..

يومها رحلت عن قبرها وتمنيت لها طيب الاقامة والجوار في مجاهيل صنعاء وقبورها..

عدت إلى البيت من المقبرة.. أخبر بعض الجيران جاري منصر يريدون “مجابرتي” .. أنا لم أفهم معنى "المجابره" ولم أعشها من قبل.. ربما هي عادة جيدة في صنعاء أشبه بتضامن الجيران والأصدقاء للتخفيف من الوجع والفقدان لأهل الميت.. لم أفهم معنى "المجابره" ولم آلفها من قبل.. أنا ربما فسرتها بحالة إشفاق لا تخلو من دفع بعض التكاليف التي لم أستطع تحملها..

كانت حالتي المادية متصحرة كالقفر الأجرد.. أذكر أنني ثرت في داخلي عندما استشارني صديقي وزميلي منصر الواحدي.. كظمت غيضي.. لا أريد غير أن أعود إلى أدراجي بصمت ووحدة.. لا أريد أن أتحدث لأي أحد .. أبلغت منصر أن يبلغهم أنني لا أريد مجابرة.. يتصرف هو معهم.. وفي العشاء سندبر قيمة “نعنع” نوزعها عقب صلاة العشاء لروحها الطاهر في المسجد القريب.. هذا ما حدث بكل مرارة، وصدقه بطعم العلقم..

*

بين الأمس واليوم كثيرا من التحولات والتغيرات والتطورات عشتها وعاشها عالمي الصغير، وفي المقابل عاشت اليمن تقلبات سياسية ما كانت بحسبان.. تغيرت أنظمة وحكومات وعشنا انقلابات في السياسيات والحكام.. ورغم هذا وذاك عشنا ضحايا تلك المراحل كلها.. عشنا حالمين ولازلنا حالمين إلى اليوم.. أكلتنا الحرب مرارا وسوء الأوضاع وترديها المستمر دون قرار.. داسنا المنتصر وتنكر لنا في كل المراحل.. أحلامنا تراجعت كثيرا، ولازالت تتراجع وتنحسر طالما عاشت الحرب أكثر..

كنّا نحلم بالتعليم المجاني للجميع وواقع اليوم لم يعد فيه التعليم مجانا أو يسيرا.. كنا نحلم بأن الصحة والتطبيب سيكون للجميع، فصارت الصحة لمن يملك مالا.. كل شيء صار يتوحش في وجوهنا.. في الحرب صار التوحش مرعبا وفاجعا وصارت حساسية المشاعر متحجرة لمن يملك مشفى أو مدرسة أو جامعة.. سلطة تدعي أنها دولة وهي تتخلى عن كل مسؤولية حيال شعبها.. بل تتخلى عن كل القيم والأخلاق وما له صلة بالإنسان..

اليوم صارت مخاوفنا أكبر من أي وقت مضى أن لا يكمل أبناءنا تعليمهم الأساسي.. مخاوفنا أكبر من أن يداهمنا مرض ونحن لا نملك مالا نودعه تحت الحساب في المستشفى.. كل شيء بات يسير نحو الخصخصة والتسليع.. إن كنت لا تملك مالا فلن تستطع أن تسعف نفسك أو عزيزا من أسرتك.. أكثر المجتمع وجله صار يعاني الفقر الشديد والفاقة والعوز الأشد.. جل المجتمع بات ينسحق فيما قليلا من الهوامير يملكون كل شيء..

ابنتي "رنده" التي تدرس الطب وما كان بمقدورها أن تستمر بعد عام من دراستها الجامعية لتكمل ما بدأته.. مستقبلها مهددا وفرصتها تتلاشى في أن تتم، والبلاد صارت تُدار بالحرب وزحام من الازمات المستمرة التي تهد الحيل وتقطع النفس.. تخرجت وما كانت لتتخرج لولا مساعدة صديقي ورفيقي الإنسان النبيل والكبير جلال حنداد الذي أسعفنا بما لم تسعفنا به سلطة الحرب التي لطالما أدعت أنها سلطة المستضعفين..

عندما تخرجت لم أستطع أن أشاركها فرحها.. في يوم فرحتها وتخرجها أسبلت عيونها بالدمع المنهمر.. عتبت كثيرا أنني لم أحضر فرح تخرجها ولم أهديها غير حزني وقلة حيلتي.. لم أكن أعلم ما دارته عني من ألم إلا من دموعها التي تمردت وساحت كنهرين شقّا مجراهما بصمت في وجهها الصغير الذي كان يحتفل بحزن ثقيل بالمعاناة، فورث قلبي الموجوع أخاديده وتكاثر بالحزن الكثيف.. أحزاننا في الحرب لم يعد لها مكانا أو متسع.. جل شعبنا بات يعاني ويموت كل يوم فاقة وعوز وقتل وكمد، فيما هوامير قليلة تتربح بالحرب، وتثري وترتزق من دمنا بغير حساب..

*

يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
قولوا لمن يريد ان يسكت صوتي ويلمح بسحب الحصانة:
اريد ان أموت
يقولون أن كتاباتي تخدم العدوان!!!
نحن فقط ننتقد ما تفعلوه من اخطاء وخطايا بحق شعبنا والوطن..
ما تفعلوه هو الذي يخدم العدوان على نحن أكثر مما يفعله..
الفساد يخدم العدوان وأنتم تمعنون فيه..
تفليس القطاع العام والقطاع المختلط لصالح الهوامير والمنتفعين يخدم العدوان..
تخلي السلطة عن مواطنيها في الرواتب والتعليم والصحة يخدم العدوان وتصنع له الحوامل السياسية والوجود على الأرض..
انتعال الدستور واستباحة القوانين يخدم العدوان..
الانتهاكات اليومية للحقوق والحريات تخدم العدوان
تسليل الوظيفة العامة تخدم العدوان
اهدار مبدأ المواطنة يخدم العدوان
السوق السوداء تخدم العدوان
الجبايات الثقيلة على شعبنا تخدم العدوان
الاستيلاء على المال العام والخاص لصالح شخص او جماعة يخدم العدوان..
ممارسة الظلم الصارخ يخدم العدوان..
انتم من تخدموا العدوان لا نحن..
نحن فقط ننتقد أفعالكم التي تخدم العدوان وتضر بالوطن ومصالح المواطنين ويهدم المستقبل..
تغاريد غير مشفره
احمد سيف حاشد
(١)
قولوا لمن يريد ان يسكت صوتي ويلمح بسحب الحصانة:
اريد ان أموت

(٢)
من سقفه الموت لا يكترث بما دونه

(٣)
عدوان بقفاز آخر وبشماعة العدوان
يقولون أن كتاباتي تخدم العدوان!!!
نحن فقط ننتقد ما تفعلوه من اخطاء وخطايا بحق شعبنا والوطن..
ما تفعلوه هو الذي يخدم العدوان على نحن أكثر مما يفعله..
الفساد يخدم العدوان وأنتم تمعنون فيه..
تفليس وتفشيل القطاع العام والقطاع المختلط لصالح الهوامير والمنتفعين يخدم العدوان..
تخلي السلطة عن مسؤولياتها حيال مواطنيها في الرواتب والتعليم والصحة يخدم العدوان وتصنع له الحوامل السياسية والوجود على الأرض..
انتعال الدستور واستباحة القوانين يخدم العدوان..
الانتهاكات اليومية للحقوق والحريات تخدم العدوان
تسليل الوظيفة العامة تخدم العدوان
اهدار مبدأ المواطنة يخدم العدوان
السوق السوداء تخدم العدوان
الإدارة بالأزمات تخدم العدوان
الجبايات الثقيلة على شعبنا تخدم العدوان
الاستيلاء على المال العام والخاص لصالح شخص او جماعة يخدم العدوان..
ممارسة الظلم الصارخ يخدم العدوان..
انتم من تخدموا العدوان لا نحن..
نحن فقط ننتقد أفعالكم التي تخدم العدوان وتضر بالوطن ومصالح المواطنين ويهدم المستقبل..
انا لم استلم رشوه من شركة كمران على حساب مرضى السرطان..
انا لا زلت انسان..
"الكفر" أن لا تملك قيمة قبر !!
احمد سيف حاشد
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=712925496329046&id=100028348056925
خالتي سعيدة زوجة أبي أم أخي على.. رغم أن اسمها مشتق من السعادة إلا أنها تنتمي لحظ عاثر وغير سعيد... جميع أولادها الذكور لأبي ماتوا صغارا باستثناء أخي علي الذي نجى وعدى بما يشبه المعجزة.. كان يشاع ان نجمها "العقرب"، ولن يبق من أولادها قيد الحياة غير اثنين، وكان الحال كذلك.. بقت لديها بنت من زوجها الأول، وأخي علي من أبي.. تزوج أبي عليها أكثر من مرة ربما بدافع رغبته أن يكون لديه أبناء ذكور، واستمرت هي في عصمته، ربما لأنها كانت صبورة وطيبة.. لا أذكر أنني شاهدتها أو سمعتها يوما تشاكس أو تشتجر أو تتجنّى على أحد..

سعيده ربما في أفضل الأحوال كانت سعادتها قليلة في واقع ثقيل لمن هو قليل الحيلة.. خالتي عرفتها تتجنب أن تسيء لأحد حتى إن كال لها الغير الإساءة كيلا.. كانت صبورة جدا.. تتحمل ما يغيظها بصمت كتوم، وعندما يثقلها السبب ويكظم الغيض صدرها “تتزمل”.. كان الزامل تنفيسا عن المعاناة، وإشغال للذات عن النكد حال ما يحاصرها، فتجد في "الزامل" عبورا إلى عالم مختلف تبدو فيه هي من يحاصر الإساءة والنكد..

من يحاصر الاساءة والنكد بدلا من ان يحاصراها
كانت خالتي ملاذا لي في القرية، حال ما أهرب من الضيق والجحيم في بيت أبي الثانية التي تسكنه أمي.. أذكر أنني عشت معها فترة على شظف العيش.. البسباس والوزف والخبز لطالما كانت وجبتنا الرئيسية..

خالتي عصامية وصبورة جدا، ومجالدة للظروف التعيسة التي كنّا نعيشها.. أذكر أنني كنت أحبذ البقاء على ظهرها عند صعودها ونزولها الدرج وأثناء قيامها بأي عمل في الدار.. كفيها متشققة وحرشة استمتع بها عندما أنام، وهي تمررها على ظهري.. بديت في بعض الأحايين مستبدا عليها وأنا أرفض النزول من ظهرها، أو ألح عليها بتمرير يدها على ظهري حتى أنام..

خالتي بعد أن فقدت ابنها الوحيد وضعتُ نفسي كابن لها، وحاولت أن أرد بعض جميل و واجب مستحق.. حاولت أن أملئ فيه فراغ لا يُسد.. عندما قويت وكبرت وحصلت على مرتب شهري اخذتها معي إلى عدن هي وأولاد أخي.. ربما آثرتها على أمي التي أحببتها.. لطالما حاولت أخفف بعض ما كانت تعيشه من فقدان أخي، وأثقال بقاءها في القرية.. وأحيانا تقاسمنا الشدة والألم والعيش المُر..

حاولت أن أخفف بعض من حزنها الثقيل، وأسد بعض من فراغ كبير أعيه.. في البداية كنت أقضي إجازاتي أو بعضها عندما أعود إلى القرية في بيت أبي القديم الذي تقيم فيه خالتي.. وعندما أشتد عودي نقلتها معي إلى عدن، وعندما نقلوني بعد الوحدة عام 1990 إلى صنعاء نقلتها معي.. لازمتها ولازمتني بقية عمرها.. عشنا تلك الفترة بكل ظروفها حال ومر.. شبعنا وجوعنا معا.. أكلنا الروتي والبصل بل وأحيانا "الروتي" والبسباس بصبر مكابر وكتمان عنيد..

جاري منصر الواحدي هو من كان يعلم فقط ببعض ظروفي الخاصة.. سماني “أحمد بصله” بسبب اعتمادي على البصل كوجبة رئيسيه تمنحنا البقاء والحياة.. أختي سامية أيضا معنا وكانت مريضة وتحتاج إلى علاج مستمر ومتابعه عند الطبيب.. كنت أعيش أنا وخالتي وبنى أخي واثنتين أو ثلاث من أخواتي وأخي وزوجتي وابني فادي وابنتي سناء.. مسؤولية كبيرة وهم ثقيل.. لطالما شددت عليهم بأن لا أريد صوت حاجة يخرج من فتحت مفتاح الباب وإن متنا طوى.. كنت الصمت المكابر في زمن عشته أصارع الفاقة والجوع..

كنت لا أملك ما أسعف به ابني فادي الذي كان يعاني من الربو.. أستدين من جاري منصر أو جاري الآخر علي فضل طه، وأسابق الموت عندما أسعفه إلى المستشفى.. لا أستطيع توفير قيمة الحليب، حتى وجدت نفسي أبيع “دبلة” الزواج لتوفير الحليب لطفلي البكر فادي..

مرضت خالتي حتى اصيبت بقرحة الفراش.. تكالب عليها المرض.. هناك مرض لم أكن أعلم به كتمته عنا زمن طويل بسبب العيب.. لم أكن أعرف عنه شيئا إلا بعد وفاتها.. كنت لا أملك ثمن العلاج.. طلبت من زميلي في المعهد العالي للقضاء عبد الملك العرشي يحضر لمعاينتها، وكان قد عمل مساعد طبيب في المستشفى العسكري..

طلب شراء قربة لتركيبها.. تفاجأت أن خالتي لم تحرك يدها وهو يغرز الإبرة في يدها ليركب لها “الدريب” شاهدت دمعتين تنساح من عيون خالتي.. يا إلهي .. إنها دموع الفراق الأبدي .. أخبرني صديقي أنها منتهية والأمل ضعيف.. دقائق قليلة وفاضت روحها بصمت موحش.. غصة في حلقي كانت تذبحني بمنشار..

لم أتوقع أن تغادرنا بهذا الهدوء.. أنسلت إلى العالم الآخر بخفة وكأنها لا تريد إزعاجنا.. خرس شل لساني ودموعي تنساب بصمت يقتلني.. يا إلهي لا أملك قيمة قبر ولا كفن.. ربما أحسست إن الكفر قليل وأنا أعيش هذا الحال المكتظ بالبؤس والفقر الثقيل..

نعم .. عندما ماتت خالتي في صنعاء لم أكن أملك قيمة قبر ثلاثة آلاف ريال ولا قيمة كفن.. أذكر أن جاري منصر الواحدي ـ جنوبي ـ هو من كان يعلم بظروفي وهو من ساعدني في تكفينها وقبرها.. عندما لا تجد قبرا أو كفن يكون "الكُفر" ملاذا لمن
لا حيلة له.

قبرناها في صنعاء جوار عتيقه.. لا أدري من هي عتيقه.. فقط اسمها مكتوب على قبرها.. تأملت في اسم عتيقه كثيرا لعل يوما أبحث عن قبر خالتي ولم أجده.. لعل اسم عتيقه هو من سيكون دليلي وخصوصا أن خالتي لا اسم فوق قبرها ولا علامة..

عتيقه جارة خالتي في الأرض السفلى ودليلي إليها فوق الأرض طالما لا زلتُ حياً لعل يوما أبحث عن قبرها لأهديها بقايا دموع لم تجف بعد..

يومها رحلت عن قبرها وتمنيت لها طيب الاقامة والجوار في مجاهيل صنعاء وقبورها..

عدت إلى البيت من المقبرة.. أخبر بعض الجيران جاري منصر يريدون “مجابرتي” .. أنا لم أفهم معنى "المجابره" ولم أعشها من قبل.. ربما هي عادة جيدة في صنعاء أشبه بتضامن الجيران والأصدقاء للتخفيف من الوجع والفقدان لأهل الميت.. لم أفهم معنى "المجابره" ولم آلفها من قبل.. أنا ربما فسرتها بحالة إشفاق لا تخلو من دفع بعض التكاليف التي لم أستطع تحملها..

كانت حالتي المادية متصحرة كالقفر الأجرد.. أذكر أنني ثرت في داخلي عندما استشارني صديقي وزميلي منصر الواحدي.. كظمت غيضي.. لا أريد غير أن أعود إلى أدراجي بصمت ووحدة.. لا أريد أن أتحدث لأي أحد .. أبلغت منصر أن يبلغهم أنني لا أريد مجابرة.. يتصرف هو معهم.. وفي العشاء سندبر قيمة “نعنع” نوزعها عقب صلاة العشاء لروحها الطاهر في المسجد القريب.. هذا ما حدث بكل مرارة، وصدقه بطعم العلقم..

*

بين الأمس واليوم كثيرا من التحولات والتغيرات والتطورات عشتها وعاشها عالمي الصغير، وفي المقابل عاشت اليمن تقلبات سياسية ما كانت بحسبان.. تغيرت أنظمة وحكومات وعشنا انقلابات في السياسيات والحكام.. ورغم هذا وذاك عشنا ضحايا تلك المراحل كلها.. عشنا حالمين ولازلنا حالمين إلى اليوم.. أكلتنا الحرب مرارا وسوء الأوضاع وترديها المستمر دون قرار.. داسنا المنتصر وتنكر لنا في كل المراحل.. أحلامنا تراجعت كثيرا، ولازالت تتراجع وتنحسر طالما عاشت الحرب أكثر..

كنّا نحلم بالتعليم المجاني للجميع وواقع اليوم لم يعد فيه التعليم مجانا أو يسيرا.. كنا نحلم بأن الصحة والتطبيب سيكون للجميع، فصارت الصحة لمن يملك مالا.. كل شيء صار يتوحش في وجوهنا.. في الحرب صار التوحش مرعبا وفاجعا وصارت حساسية المشاعر متحجرة لمن يملك مشفى أو مدرسة أو جامعة.. سلطة تدعي أنها دولة وهي تتخلى عن كل مسؤولية حيال شعبها.. بل تتخلى عن كل القيم والأخلاق وما له صلة بالإنسان..

اليوم صارت مخاوفنا أكبر من أي وقت مضى أن لا يكمل أبناءنا تعليمهم الأساسي.. مخاوفنا أكبر من أن يداهمنا مرض ونحن لا نملك مالا نودعه تحت الحساب في المستشفى.. كل شيء بات يسير نحو الخصخصة والتسليع.. إن كنت لا تملك مالا فلن تستطع أن تسعف نفسك أو عزيزا من أسرتك.. أكثر المجتمع وجله صار يعاني الفقر الشديد والفاقة والعوز الأشد.. جل المجتمع بات ينسحق فيما قليلا من الهوامير يملكون كل شيء..

ابنتي "رنده" التي تدرس الطب وما كان بمقدورها أن تستمر بعد عام من دراستها الجامعية لتكمل ما بدأته.. مستقبلها مهددا وفرصتها تتلاشى في أن تتم، والبلاد صارت تُدار بالحرب وزحام من الازمات المستمرة التي تهد الحيل وتقطع النفس.. تخرجت وما كانت لتتخرج لولا مساعدة صديقي ورفيقي الإنسان النبيل والكبير جلال حنداد الذي أسعفنا بما لم تسعفنا به سلطة الحرب التي لطالما أدعت أنها سلطة المستضعفين..

عندما تخرجت لم أستطع أن أشاركها فرحها.. في يوم فرحتها وتخرجها أسبلت عيونها بالدمع المنهمر.. عتبت كثيرا أنني لم أحضر فرح تخرجها ولم أهديها غير حزني وقلة حيلتي.. لم أكن أعلم ما دارته عني من ألم إلا من دموعها التي تمردت وساحت كنهرين شقّا مجراهما بصمت في وجهها الصغير الذي كان يحتفل بحزن ثقيل بالمعاناة، فورث قلبي الموجوع أخاديده وتكاثر بالحزن الكثيف.. أحزاننا في الحرب لم يعد لها مكانا أو متسع.. جل شعبنا بات يعاني ويموت كل يوم فاقة وعوز وقتل وكمد، فيما هوامير قليلة تتربح بالحرب، وتثري وترتزق من دمنا بغير حساب..

*

يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
الترشح للبرلمان
(1)
فكرة الترشح للبرلمان
احمد سيف حاشد
يحدث أن غيري يطرح لدي فكرة، ويحدث أيضا أن الفكرة ربما تبدأ تجوس في عقلي ووجداني، ولو بعد حين قد يطول وقد يكون قصير.. ربما تكبر تلك الفكرة وتتنامى حتى تستحوذ على جل تفكيري قبل أن ابدا في تنفيذها، ومن المحتمل أيضا أن تتلاشى كالسراب عندما أقترب منها، وقد لا أشرع في التفكير فيها أصلا، لأنني أمقتها ابتداءا، أو أجدها لا تروقني او تتعارض في جلّها مع قيمي ومبادئي فأطردها من الوهلة الأولى..

الحقيقة أن فكرة الترشح للبرلمان لم تكن فكرتي في الأساس، بل كانت يومها فكرة تفوق تصوري.. ربما استقرت لاحقا في الذهن، ومنعني خجلي أن أبوح بها.. فكرت وأمعنت فيها لاحقا، وأعدت تقدير واقعيتها وصوابها مرات عديدة، حتى بدت لي فكرة تستحق المغامرة..

بذرة فكرة الترشيح لعضوية البرلمان، كانت في الأصل فكرة صديقي مجيد الشعبي، ومعه أحمد محمد سيف، و القاضي نبيل الشعبي، الذين كانت تربطني بهم أواصر صداقة حميمية ومتميزة في ذلك الوقت. وكان لأستاذي القدير محمد عبد الرب ناجي لاحقا دورا مهما في دفع الفكرة إلى الواقع، ولا انسى دور الشيخ محمد هزاع الذي كان مجيد الشعبي يعلق عليه املا كبيرا في دفع الفكرة الى الامام، وهو ما حدث لاحقا..

كان اصراري الاهم وعلى نحو مستمر ان اترشح مستقل.. شرط لم اقبل التنازل عنه، ولم امانع من دعم اي حزب، بل سعيت الى مثل هذا، دون تنازل عن فكرة الاستقلال في العضوية..

الحقيقة حتى فكرة أن أكون أمينا عاما لجمعية التعاون الخيرية لمديرية القبيطة، هي فكرتهم أيضا، و كنتُ في بادئ الأمر مستبعد الفكرة تماما.. إنها فكرتهم في الأساس، وكان صديقي محمد هزاع داعما للفكرة، و له دورا في تحقيقها، وربما ترسخت أكثر في ذهني وتمسكت بها بعد كشف وافشال عملية التزوير في انتخابات الجمعية، وإعلان حصولي على المرتبة الثانية من أصوات الناخبين في الجمعية العمومية..

ربما يبدو الأمر مخططا، و لكن على الأقل بالنسبة لي ليس كذلك، ربما أصدقائي كانت لديهم تلك الوجهة، وهي الوجهة التي تقول: “أولا الجمعية، ثم البرلمان”، ولكن الأكيد أيضا لم تكن من البداية هي وجهتي.. إنها مخطط أصدقائي إن كان يوجد ثمة تخطيط، وأظن تقييم ذلك الرجل (الغامض) فيه مقاربة حين أفصح أنني رجل تنفيذي وعملي لا رجل تخطيط واستراتيجيات.. وأظن أن صديقي مجيد هو رجل التخطيط الأول، إن وجد ثمة تخطيط.

عزمت لرحلة شاقة دون ماء ولا زاد، ولا مقاربة تنهض بفرصتي، في لجة تنافس محموم، لن تكون لصالحي، فيما خجلي يمارس طغيانه، ويمنعني من طلب المال حتى تلميحا، وطلب الدعم المالي من أي جهة له ثمنه، وللداعم شروطه، وأنا اجد نفسي قليل الحيلة، ولا أجيد المناورة والتكتيك، ولن أقبل بهذا أو ذاك.

التفكير بالترشح لعضوية مجلس النواب اليمني دون أن يكون لديك مركزا ماليا، أو داعما ماليا لا يملي عليك شروطه، هو ضرب من الجنون المغامر، بل والمستحيل، لاسيما إن أخذتُ الأمر من البداية على محمل الجد أنك ستمضي إلى النهاية فوزا أو خيبة، مهما كانت الظروف والمعوقات، وليس بغرض البيع أو المساومة أو الابتزاز أو التكتيك الانتخابي الذي يرمي لتشتيت الأصوات لصالح مرشحا آخر، بمقابل مال أو مزية أو وظيفة أو ترقية أو نحو ذلك من المصالح.

نعم .. الحقيقة وقبل البداية، لم تكن فكرة الترشح لعضوية البرلمان واردة البتة حتى في حدود الوسوسة، بل كنت أستبعدها تماما، بنفس قدر ذلك الجنون حيال ذلك المستحيل الذي تشبثت بتحقيقه بعد الإعلان عنه، حتى صيرته بمساندة رفقتي ومن إليهم ممكن التحقيق، ثم واقعا تشهده العيون..

إن تحويل المستحيل إلى ممكن، ثم إلى واقع، هو النجاح الحقيقي الأكثر لذاذة ومتعة ويستحق الفرح والزهو والاحتفال.. هذا ما أحسسته يوم إعلان نتيجة الفوز.. ولكنني لم احتفل به حتى في حدود أقل ما يجب، بل لا أذكر أنني احتفلت اصلا إلا في حدود الشكر والاعراب عن الامتنان، أثناء زيارتي للناخبين في مناطقهم بعد إعلان نتيجة الفوز..

لست ممن يميلون للتوكل، ولكنني عزمت على المغامرة وأعلنت أنني سأترشح للبرلمان.. وعندما أعلن الشيء لا أعود عنه ولا أتراجع إلى الوراء، بل أمضي فيه إلى النهاية بكل طاقتي، إنه أشبه بذلك القائد الذي يركب البحر نحو هدفه ويحرق أشرعته وسفنه حتى لا ينازعه هاجس العودة..

في قضايا شتّى أحرص على المضي فيما عزمت عليه، دون أن أخل في حال اكتشافي ارتكاب ثمة خطأ وخيما أو جسيما، أو يؤدي إلى كلفة باهظة، لا تستحقها النتيجة المرجوة، فتلزمني المراجعة فأما أن أتركها دون ندم، أو ألحق بها بعد تردد، أو أدركها بعد حين، قبل فوات الأوان، ودون أن أسمح لإرادتي بالانكسار، بل أظل أنا وإرادتي نجالد ونقوى ونكبر قدر ما في الجهد والوسع والاحتمال..

المال كان هو المستحيل الأكبر، وكانت البداية عندما بادر عبد الرحيم حسن سعيد، نائب مدير بنك اليمن الدولي، ومجموعة من شخصيات ووجاهات المديرية ـ إلى اللقاء في مقيل تم في منزله، حضره على ما اظن رئيس الج
معية محمد عبد الرب ناجي، وتم في هذا المجلس أول تبرع لصالح دعمي في الانتخابات.. بلغ التبرع يومها في حدود المائتين ألف ريال تقريبا.. وكنت يومها أرى هذا المبلغ كبيرا ومشجعا إلى حد بعيد، رغم تواضعه الجم، إلا أن أهميته الأكبر بالنسبة لي كانت في كونه البداية العملية في تحويل الفكرة إلى ممكن..

***
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
(2)
نجاح لذيذ وفشل مرير
أحمد سيف حاشد
استوطنت ذهني فكرة الترشح لعضوية البرلمان؛ وكنت قد حدثتُ نفسي:
- ربما تفوت الفرصة من يدي، وتصبح فكرة شاردة وهاربة منّي، وأصير ألهث بعدها، وهي نافرة وكأنني الموت أركض بعدها، وهي تسابق الريح، وقد صار لحاقي بها مُستصعبا، بل أكثر من مستحيل.. ربما تضيع مني دون رجعة، بسبب ترددي إن طال، أو تراخيت في التقاط اللحظة التي إن ذهبت لن تعود.. يجب التقاطها لأنها لا تأتي إلا بندرة تشبه رؤية ليلة القدر.. الفرصة لا تدق على بابنا مرتين.. إن تسربت من يدي ضاعت لحظتي التي أهدرتها، وقطعني الوقت الذي قالوا عنه "إن لم تقطعه قطعك".. ولكني غير جاهز ولا زال يلزمني الكثير..

لازلت أحدث نفسي وأقول:
- الفرصة أيضا تستحق المغامرة، طالما هي مسنودة بتحدي أخلاقي وحقوقي، بل هي فوق ذلك ممارسة لحق أصيل.. ولكن ماذا سيحدث إن أخفقتُ وأدركني الفشل؟! بلا .. يكفيني شرف المحاولة.. حتى خسارتي سأتعلم منها.. لا بأس من أدعم منازعتي مع خجلي بمقولة: “من لا يحلم أن يكون جنرالا فهو جنديا خاملا.” وأنا بطموح من لا يستسلم للهزيمة بسهولة، وأحاول أن أتعلم بسرعة.. الطموح كما قال أوسكار وايلد: "الحل الاخير للتخلص من الفشل" يعجبني طموح المتنبي واعتزازه بنفسه وشعوره بعظمته، وهو المغامر حد بلغ به ادعاء النبوة، وهو القائل أيضا:
"إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ.. فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ"

حتى وإن كان يقيني متيقنا من الفشل سأمضي.. سأجرب.. سأحاول.. الفشل أيضا قالوا أنه خطوة في طريق النجاح، وقالوا: "ربما يكون خطوة جريئة نحو العظمة" أما مصطفى السباعي فقد حظنا ونصحنا بقوله: "اتخذ من الفشل سُلّما للنجاح، ومن الهزيمة طريقا الى النصر، ومن الفقر وسيلة الى الكفاح، ومن الآلام بابا الى الخلود، ومن الظلم حافزا للتحرر، ومن القيد باعثا على الانطلاق." واحتمال الفشل كما قال آخر لا تشل إلا إرادة الرجل الضعيف.. وأظن أني معجون بالتحدي والصلابة أو هذا ما يجب أن أكون عليه..

بهذا النفس خضت المغامرة.. عزمت وقررت ومضيتُ في الطريق وغالبتُ المحبطات والمعوقات والكوابح كلها حتى ظفرت بالنجاح وأحرزت الانتصار.. سبحتُ ضد التيار ووصلت إلى مصب النهر.. ولكن ليس هذا كل شيء..

***

فمثلما ذقت طعم النجاح ذقت أيضا طعم الاخفاق المرير، والفشل الذريع، والخيبة المدوية..
ففي مستهل عهدي البرلماني عام 2003 أردت أن أترشح لرئاسة لجنة الحريات وحقوق الإنسان في المجلس، لم ينافس الشيخ محمد ناجي الشايف لرئاسة اللجنة أي عضو في اللجنة، جميعهم كانوا أعلاما بلا سارية، وقامات بلا رؤوس.. كان هو المتفق عليه.. فقررت أن أنافسه وأخرم الإجماع أو المتفق عليه، غير أنني شعرت وكأنني ارتكبت ثمة خطأ جسيم..

حاولوا ارباكي.. بديت كمن أرتكب جريرة أو كبيرة.. كان أهم من أحسست أنه فعل هذا رئيس كتلة المؤتمر سلطان البركاني ورئيس كتلة الإصلاح بافضل.. بديت وكأنني ارتكب حماقة فجة ما كان ينبغي أن أفكر فيها أصلا.. تدخلهم كان أشبه بمن يمارس حالة إنقاذ في لحظة فيها زحمة خطر..

بديتُ مربكا أمام نفسي لعدم درايتي لماذا يشعرون بهلع من أن أنافس الشيخ؟!! استطاعوا ارباكي وثنيي من الترشح والمنافسة لرئاسة اللجنة.. ساعدهم في ذلك ليس فقط قلة خبرتي في الأمر، بل وأيضا إيعاز بافضل أنهم سيقفون معي، ويسندونني لموقع نائب رئيس اللجنة "المقرر"..

لقد تراجعتُ خطوة عما كنت قد عزمت عليه.. خطوة ظلت حوافرها تركل في خوابي النفس إلى اليوم، ليس لأنني أفتقد إلى الروح الرياضية في عملية ديمقراطية تمت، رغم أنها تفتقد لأهم أساس فيها، وهي المنافسة، ولكن لأن فخا نصب لي باحتراف وغد، استجبت إليه بسهولة بلعة ماء، وبراءة طفل صغير، وارباكي كان لا يخلوا من بهلوان تبدّى أمامي وحاصرني، وأنا لستُ معتادا عليه ولم أرَ مثله من قبل..

الشيخ الشايف وقد صار لاحقا صديقي لم ينافسه أحد بل نافس نفسه.. نجح بسهولة وبحسب ما تم الاتفاق عليه من قبل الأحزاب الأربعة، المؤتمر والإصلاح والاشتراكي والناصري، فيما أنا نافست عضوين على موقع النائب "مقرر اللجنة" وهما ابن رشاد العليمي، والشيخ عبدالوهاب أم عوضه، الأول كان متفقا عليه بين الأحزاب، فيما المرشح الثاني بدا لي وكأنه تكتيكيا لضمان فوز المرشح الأول، واحتواء أي أصوات شاردة عما هو متفق عليه
..
كانت النتيجة في محصلتها خذلاني من الجميع، بما فيهم أصوات عضوين من الاشتراكي الذي لم أكن أتصوره، ربما بسبب قلة خبرتي الانتخابية تلك، حيث لم أتوقع أن صوتهما سيذهبان إلى المرشح "الضابط رجل الأمن" أو إلى "الشيخ" اللذان نافسوني، وفي الحقيقة لم أنافس إلا نفسي ولم أحصل غير صوتي.. صوتي فقط وحيدا دون رفيق.. صوت بدا لي كالمذبوح أمامي في وليمة عقد قرانهم.. أحسست أنهم يحتفلون في وليمة انتصارهم على صوتي المذبوح وحشرجاتي التي كانت تختنق..

بدا لي الفشل ذريع والخيبة مدوية، ولكن كما أعتقد أن هذا وذاك أكسبني مزيدا من الصلابة والتحدّي والعند في إثبات الذات، أو إ
ثبات أنني كنت فيما أخوضه جديرا به، وظللت أبذل خلال سنوات خلت ما في الوسع من مشقة وجهد لأثبت لنفسي وللناس أنني أكبر من قوام اللجنة مجتمعه.. لابأس أن تتم هزيمتي، غير أن الأهم لدي أن لا تُهزم إرادتي التي تزأر داخلي..

قررت أن أكون حقوقيا أكثر فاعلية وأوسع تأثيرا من هذه اللجنة التي اعتبرتها "قطيعيه" وغير مهنية، وقد كان بالفعل أغلب أعضاءها مشايخ وضباط أمن وقوات مسلحة.. كان عدد أعضاء تلك اللجنة على ما أظن خمسة عشر عضوا، قررت منازلتهم جميعا في ميدان الحقوق، والذود عن المنتهكة حقوقهم، وأظن أنني نجحت أن أكون بمفردي أكبر من تلك اللجنة مجتمعة..

لا بأس.. إنها تجربة فشل واحدة أضيفت إلى سلسلة تجاربي الفاشلة في الحب والسياسية وغيرها.. داهمتني كثير من خيبات وفشل الحب، ولكن ليس إلى الأبد، فقد طلت مناي يوما وحصدت.. ومثلها كانت خيباتي في الحياه على أصعدة عديدة، ومثلها كانت وستكون في السياسة.. لن يتأت النجاح في كثير من الأحيان دونها..

الفشل كما يقول طاغور: "هو مجموعة التجارب التي تسبق النجاح"، وفي قول لآخر "عدم المحاولة هو الفشل الحقيقي" وهوّن أحدهم منه حالما قال: "مجرد انحناءه على الطريق لا نهايته" أو على حد تعبير المناضل السياسي نيلسون مانديلا: "قمة المجد ليست في عدم الإخفاق أو الفشل.. بل في القيام بعد كل عثرة." أما نيتشه فيرى الشخص الذي لم يذق طعم الفشل في حياته هو من يعيش بلا هدف.

***
يتبع ..
بعض من تفاصيل حياتي
(3)
يوم خذلتني قيادة الإشتراكي ودعمتني قواعده !
أحمد سيف حاشد
استوطنت فكرة البرلمان، وترسخت في بالي كل يوم أكثر من سابقه.. كان هذا يجري بالموازاة مع ما أبذله من جهود مضنية في الوصول إلى الناس بطرق متعددة.. أعرفهم بنفسي من خلال زياراتي لأبناء المديرية، وأبناء دائرتي الانتخابية في مناطقهم، وفي فروع الجمعية في عواصم بعض المحافظات، وكذا من خلال ممارسة حضوري في كتاباتي وأنشطتي في الجمعية والصحيفة، ومن خلال نشطائي اللذين يساندوني، ويفتحون لي أبواب الوصول إلى أبناء دائرتي الانتخابية؛ ومنهم محمد فريد سعيد، وردمان النماري، وعبده فريد حاشد، وآخرون لا يتسع المقام هنا لذكرهم..

عقدتُ العزم، وقلت لنفسي قول الشاعر "عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ".. قدمت استقالتي من القضاء في مطلع 2003 بغرض الترشح للبرلمان.. وفي إطار هذا المسعى ألتقيت بالرفيق جار الله عمر الذي كانت تجمعني به معرفة سابقة، وجميل ومعروف اسداه لي من سنين خلت، حالما ساعدني في التفرغ من السلك العسكري للالتحاق بكلية الحقوق في جامعة عدن.

جار الله عمر كان عندما قصدته في مسعاي هذا، يعتبر الرجل الثاني أو الثالث على الأرجح في الهيكل التنظيمي القيادي للحزب الاشتراكي اليمني، وكان برفقتي يومها عضو اللجنة المركزية للحزب عبد الله بشر جازم، وشخص آخر لم أعد أتذكره.. كان اللقاء في منزل جار الله بعد موعد حدده لنا، إثر طلبي اللقاء به..

طلبت من الأستاذ جار الله أن يبذل مسعاه مع الأخ طاهر علي سيف الذي ينتوي الترشح منافسا لي في الدائرة، وكان سندي الأساس ومبرري أن فرص فوزه هذه المرة في الدائرة الانتخابية ضئيلة، رغم أنه سبق وفاز كمستقل، بمقعد الدائرة، ثلاث مرات متواليات مدعوما من قبل الحزب الاشتراكي..

أتذكر أنني طلبت من جار الله للتثبت من صحة تقديري وهو أن يجري الحزب استبيانا ميدانيا في الدائرة الانتخابية التي تجمعني مع الأستاذ طاهر؛ لمعرفة من يكون حظه أوفر في الفوز، وبديت مراهنا على فوزي، بل واستعدادي للعدول عن الترشيح في حال وجدوا إن الأمر لصالحه.. ولكن خلاصة رأي جار الله عمر كان هو الحث أن نتفق أنا وطاهر.. لم يقطع وعدا لأحد، بل أكد على أن يترشح واحدا منّا دون أن يسميه، وزاد في تأكيده أن لا نتنافس حتى لا يفشل كلانا..

كان الأستاذ طاهر علي سيف هو منافسي في البحث عن دعم الحزب الاشتراكي في الانتخابات البرلمانية، ويعتبر الأستاذ طاهر برلماني مخضرم، ومشهود له بالكفاءة والأداء البرلماني الجيد، ويملك علاقات جيدة مع العديد من الأطراف السياسية المختلفة، ولديه علاقات جيدة حتى على المستوى غير السياسي وتحديدا التجاري، وفي السياسي هو عنصر جيد ومحنك، ويجيد المناورة السياسية والانتخابية على وجه التحديد، وكان يُدعا بالثعلب أو الثعل لمهارته وقدرته على المناورة الفائقة..

فيما كنت أنا أفتقر لكل هذا، حيث أنني حديث عهد في خوض غمار السياسة التي لا تخلوا من الحبكات والمقالب الانتخابية، والمناورات السياسية، ولا أملك حيلة تلك المناورات، فضلا أنني خجول على نحو كبير، وأعاني من الرهاب الاجتماعي، وبعض الانطواء، وأكثر من هذا وذاك أنه ليس لدي أي مركز مالي داعم، ولا أملك غير راتبي المتواضع جدا، والذي أعيش منه بالكاد.. منافسة مختلة ومعتلة إلى حد بعيد من حيث المساواة في تكافؤ فرص التنافس مع الأستاذ طاهر.

ألتقيت بسكرتير أول منظمة الحزب في محافظة تعز محمد حمود الحكيمي بتنسيق وموعد مسبق، وكنت على ما أظن بمعية الأخ الصديق والرفيق الوفي محمد علوان ثابت عضو لجنة محافظة تعز، وكان من المفترض أن يجمعنا اللقاء بالأخ طاهر على سيف، وحضرت إلى المكان و الموعد المقرر، وكانت حجتي الأقوى، هو طلب مسح ميداني في الدائرة، لمعرفة من لديه الفرصة أفضل في الفوز، وعلى أساس ما يسفر عنه هذا المسح من نتائج يتقرر من منّا يبقى، ومن منّا ينسحب لصالح الآخر، وكان يقيني أن فرصتي أقوى وأرجح..

حضرت اللقاء المقرر، وتخلف عنه الأستاذ طاهر، وعندما تم الاتصال به بعد تأخره عن الموعد، أجاب أنه وصل ذمار في طريقه إلى صنعاء.. تذكرت كلمة “ثعلب” وفشل اللقاء وشعرت بالمرارة، ويبدو أن الداعي المستضيف هو الآخر شعر بالخيبة، وأحسست أنه تفهمني، وشعرت بتعاطفه معي، بعد فشل هذا اللقاء..

أكثر من ساندني من قيادة منظمة الحزب في تعز هو الرفيق محمد علوان ثابت عضو لجنة المحافظة.. أذكر في أحد اتصالاته مع أحد قيادي الحزب في صنعاء، سأله هذا القيادي: هل أنت تضمنه؛ فأجابه بحسم ودون تردد: “أضمنه برقبتي”.

عبارة “أضمنه برقبتي” كان لها وقعها الآسر والاستثنائي على مسامعي.. أحسست أنها تستحق الاستغراق بالوفاء الكبير.. لم أنسها إلى اليوم حتى وإن اختلفت مع صاحبها ذات يوم.. دأبت منذ ذلك اليوم إلى اليوم و أنا أحاول الوفاء بما استطيع نحو حزبه الذي خذلتني يوما قيادته، بل وخذلته هو معي أيضا..

لا أريد أن أخذل هذا الرفيق، الذي أنحاز معي يوما بوعي وقناعة وثقة، أظن إن تمرده وانحيازه الواعي معي
ه مصوبا نظري وجهدي نحو الفوز لا أقل منه، وبما يتفق مع تلك المقولة المشهورة: "أما أنجح أو أنجح" وإذا فقدت أفراد من القيادة العليا في الاشتراكي، فهناك متسع للرهان على قواعده وقياداته الدنيا في المديرية، وبعض القيادات الوسطى في محافظة لحج وتعز ..

الضربات القوية كما قالوا: "تهشم الزجاج لكنّها تصقل الحديد" لم أتراجع ولم أُحبط، بل عملت بتلك المقولة التي تقول: "لا تجعل العوائق تُوقف مسيرتك، إذا واجهت حائطًا، فلا تستدر لتعود خائبًا، عليك أن تُحاول تسلُّقه، أو المرور من خلاله، أو حتى الالتفاف من حوله". ظل رهاني مُنعقد على قواعد الأحزاب، وكنت قد شكلت فريق لحملتي الانتخابية جلهم من الاشتراكي، لم يخذلني منهم غير واحد على الأرجح، فيما أوفى معي البقية ودعموني على مرشح حزبهم..

وجدتُ نفسي في دائرتي الانتخابية أخوض منافسة انتخابية مع الحزب ممثلا بمرشحه طاهر على سيف، فيما جل أعضاء وقواعد الحزب وقيادة فريقي الانتخابي المساند، وعلى رأسهم الراحل الوفي أنور هزاع والأفياء محمد علوان ثابت وردمان العبسي والخرباش ونعمان وهزاع وعبدالفتاح الجرادي وغيرهم ممن ساندوني وانحازوا معي، وأوفيت معهم بعهد قطعته لهم مكتوبا أنني سأظل مستقلا، ولن أنظم إلى المؤتمر بأي حال، ولازلت إلى اليوم مستقلا ووفيا لعهد قطعته للأوفياء الرائعين، ولم أنظم إلى أي حزب إلى رغم مرور كل هذه السنين الطوال، وهذه التبدلات المخيفة في المواضع والمواقف والسياسات..

***
يتبع
بعض من تفاصيل حياتي