أحمد سيف حاشد
341 subscribers
2.77K photos
6 videos
5 files
2.86K links
عضو برلمان
Download Telegram
العالم يتعرى
الراسمالية المتوحشة تتعرى..
النخب والأيديولوجيات تتعرى
المنظمات والحكام وأنظمة الحكم يتعرون
التحالف يتعرى
سلطات الأمر الواقع وسلطات المليشيات وأمراء الحرب والخونه والعملاء.. الجميع يتعرون
ويبقى السؤال:
ماذا بعد؟!
رشيف الذاكرة .. الحب الناقص نصفه .. هيفاء تبوح لي
أحمد سيف حاشد
إذا كان هذا على صعيد عزله صغيرة من مديرية فقس عليها..
. انه زمن الموت والحصار والحرب والرحيل.. كل التعازي لاهل ومحبي الراحلين..
.............
كشف باسماء المتوفين من عزلة الاعبوس :
من العشر الأواخر من رمضان إلى تاريخ 29-5-2020م .

1/ الحاج : عبد الله عبد الجبار / ظبي
2/ سحر نبيل عبد الرحمن راشد/ حارات
3/علي قائد حسان / كلبين
4/عبد المؤمن عبد الجبار العفوري/
5/زوجة الاخ: محمد ابراهيم / معشر
6/القاضي / عادل عبدة احمد الصغير
7/كرامة عبد المولى انعم الفودعي / ظبي
8/محمد احمد طاهر العبسي /
9/عصام عبر الوكيل الزبيري
10/الحاج: عبد الوهاب سعيد احمد / معشر
11/الحاج :مصطفى أحمد خالد / المحربي
12/الحاج: عبد الفتاح اسماعيل البحري / القرينة
13/عماد عبر الروؤف علي هزاع /
14/فريد وازع العيشاني
15/منصور احمد محسن / الشرف
16/نجيب سعيد محمد عبد الغني / المشاوز
17/الحجة: منيرة احمد عثمان / القرينة
18/ الحجة : رنجس محمد عبد الله
19/شفيع محمد عبده ناشر / الغليبة
20/ الحجة زعفران عبد الكافي : ارملة عمر ردمان
21/مروان محمد سعيد القاضي / التبيعة
22/نبيلة محمد سعيد القاضي / التبيعة
23/عارف ناجي سالم انعم / البوادية
24/ بسيم درهم علي مقبل/ ظبي
25/ زبنة مرشد مسعود / الجريدة
26/ الحاج محمد عبد الجبار / دعان
27/ مطيع علي عبده/ الشرف
28/ صباح نعمان حسن / الجريدة
29/ رشيد سعيد عبده حسن / الذراع
30 طارق ثابت عوض/الهجمه
31- نبيل عبدالباري سيف
32- حامد عبدالباري سيف
33-احمد ناشر عبده
34- وليد الزغير
35-عبدالسلام منصور مانع
36-عمر ردمان زنم /العذير
37- محمد راشد / المشاوز
38-رمزي طاهر علي/ العذير
39-ام شفيق عبدالوالي حمود/العذير
40-عبدالوهاب سعيدأحمد/معشر
41-علي عبد القادر العبسي
42-الدكتور عبدالسلام عبده غانم
43-زمزمه شرف
44- الحاج/ محمد عبدالجبار .

المصدر :
وائل العبسي
لو هناك اضافة انسخ وضيف
قصتي مع القات
(1)
البداية.. قات ونوم
لم أدخل عالم القات إلا في فترة متأخرة نسبيا من حياتي.. التجربة الأولى كانت بدافع مقاومة النعاس، ومغالبة الإرهاق، واستحضار التركيز، ولكنني لم أتعايش معه إلا بعد فترة طويلة من الصراع بين الرغبة والرفض، وفي الأخير أنتصر القات إلى حد أوصلني إلى توسد الحذاء عند النوم، حالما أنقطع أو أحاول الانقطاع عنه..

وبين البداية وما صار إليه الحال كثير من التفاصيل والقصص التي سآتي على ذكرها، غير أن الأهم، وما ينبغي الإشارة إليه هنا هو أن زراعة واعتلاف القات في اليمن باتا ظاهرة بحجم كارثة اجتماعية ليس فقط بحق أسرنا ومجتمعنا، ولكن بحق حاضر ومستقبل شعبنا..

المرة الأولى التي تعاطيتُ فيها القات كانت في إحدى سنوات دراستي الجامعية.. كنت أعاني سهر امتحاني مرهق من اليوم الذي قبله.. شعرت أنني لا أقوى على نهار مرهق وسهر ليلة أخرى.. أثقلني سهر على سهر وإرهاق على إرهاق.. إنها المرة الأولى التي حاولت أستعين بالقات في مواجهة النوم والشرود المتكرر أثناء مذاكرتي في امتحان نهاية العام..

زملائي الذين أعتدت المذاكرة معهم أو مع أحد منهم، تمردوا عليّ، ربما لأنانيتي المفرطة في طريقة المذاكرة، التي استبدُ بها عليهم، وأستحوذ فيها على مجريات القراءة والنقاش.. تركوني في فترة الامتحان، وتخلوا عن الاجتماع والمُذاكرة معي في فترة مهمة وفارقة مع جميعنا، ربما لأنهم لا يقوون فيها على تحمل تبعات مجاملتي في فترة كتلك، وموسم أوشك موعده على الحصاد.. لا وقت لإهدار قليلا من الوقت أو التراخي حياله.. وتبدو هنا وجاهة المثل: "الوقت كالسيف إذا لم تقطعه قطعك".

طبعي كان قد ولع في القراءة المسموعة، وربما الصاخبة في بعض الأحيان.. استيعابي من خلال القراءة الصامتة كان ضئيلا ومحدودا.. وعندما يتمرد زملائي أو يملّوا المراجعة أو المذاكرة معي، أشعر أن المذاكرة الصموتة بالنسبة لي غربة مكتملة الأركان تستغرقني، واستيعابي لم يعد يعينني على التفوق..

خالتي الطيبة "سعيدة"، العجوزة الستينية على الأرجح، والتي كنت أتكي عليها، وألوذ إليها لتستمع لي وأنا أقرأ بصوت مسموع، قد صارت تملّني هي الأخرى، وتكسر لدي همة القراءة قبل أن أشرع فيها بعد سنوات من مجاملتي والاستماع لي في أحايين غير قليلة.. لكل كيل مقدار، ويبدو أن ما كان لدي من حيل وأساليب لجعلها تستمع أكثر قد نفذت، وطفح الكيل..

كنت ما أن أبدأ في القراءة تدخل خالتي في النعاس، بل وتجلب لي معها كثيرا منه، وإذا تماسكت لدقائق في مواجهة نعاسها، فإن تماسكها لا يطول مع النعاس، فتصبني الخيبة ويتملكني النعاس مثلها.. لا وقت لتضييعه في مرحلة الامتحانات.. أحاول أكرهها بلطف على الاستماع.. ولكن حتى مفعول الشاهي والجوز الذي كانت تفضّله لم يعد كافيا لحشد يقظتها، ومقاومتها لنعاسها الغزير، ومللها الذي تراكم.. أنا الآن على يوم الخميس، فيما السبت على موعد مع الامتحان.. وقد قالوا: "يوم الامتحان يكرّم المرء أو يهان" وقال الشاعر:
"بقدر الكد تُكتسب المعالي*** ومن طلب العلا سهر الليالي"

حاولت أعتمد على نفسي هذه المرة لأقرأ وحدي وبمفردي.. كنتُ كلما حاولت أن أقرأ يمر النعاس على عيوني لذيذا وناعما، مترعا بالمتعة، ومعبرا عن مدى شغفي وحاجتي له، ثم تمطرني اللحظة بالنوم الغزير والعميق جدا..

أحاول التركيز فأشرد إلى مكان بعيد، ولا أعود منه إلا نائم بعمق، أو مجفلا بحمل من النوم الثقيل.. أصحوا من عمق النوم، وأفزع وجودي بتذكير نفسي بامتحان يوم السبت، ولكن لا تستمر يقظتي لبعض دقائق، حتى يداهمني النعاس والنوم العميق كرّة أخرى..

انتفضت من عمق نومي متمردا على حاجتي له، هرعت بانفعال وعجل ـ كمن يحمل ثارا على نعاسه ـ ولكن إلى أين؟! إلى سوق القات في المعلا.. وكان يوم الخميس والجمعة تعاطي القات فيهما مسموحا على غير بقية الأيام..

اشتريت قاتي من أول بايع في السوق دون مُراجله، ودون أن تكون لدي أي معرفة أو أبجديات خبرة بالقات و أنواعه أو حتى أسماءه، فضلا عن جهلي بكل تفاصيله غير مقاومته للنعاس والعون على السهر.. أردت التعويض به عن فراغ الزملاء والاستعانة به على اليقظة، وشد الحيل ومقاومة الإرهاق، والقدرة على الصمود في مواجهة جحافل النوم وجيوشه..

عدت إلى البيت.. اتكأت على مسند، لا أذكر هل كان مضغوطا أو محشوا بنشارة الخشب!! على الأرجح كان محشوا بنشارة الخشب.. طلبت من خالتي تجهيز الشاي بالجوز والزر والنعناع.. بدأت بالتخزين، واحتسي معه الشاي المترع بكل منعش.. شعرت لبرهة بالسلطنة والفخامة، فتحت موضوع الدرس لأقرأ وأستذكر..

وجدت نفسي أكثر شرودا وشتاتا في التفكير من قبل.. لاحقني شرودي بزحام الوسوسة.. لعنت الوسوسة ونعتّها بـ ”بنت الكلب”.. صرت أقرأ دون أن أفقه شيئا، وكنت في كل دقيقة أحاول أن استجمع قواي العقلية، أو أستعيد بعض عقلي الشارد من مكان بعيد، أو ألملم ذهني المشتت من بُعد قصي، فأفشل فشلا ذريعا، وتصيبني الخيبة والفشل، ويتسرب إلى نفسي بعض الاكتئاب والأسف على إهد
ار الوقت دون فائدة.. لم يعد سيف الوقت هو من يقطعني، بل غدا السيف منشار يعذبني..

ظننت أن القراءة تحتاج مني في مقيلي هذا وقت أطول من الانتظار ليكون التركيز والاستيعاب على نحو أفضل.. تعاطيتُ المزيد من القات؛ وغالبتُ مرارته المقذعة، من خلال احتسائي مزيدا من الشاي، ولكن الشاي كان يعاجل القات لاصطحابه إلى معدتي..

حاولت أن أحشي بجمتي بمزيد من القات وأوراقه العريضة التي يفترض أن أرميها باعتبارها توالف.. وكلما حشيت فمي بالقات ومضغته، لا يستقر في بجمتي، بل يذهب سريعا إلى بلعومي ومعدتي.. شعرت أنني صرت أشبه بحيوان يعتلف.. وبعد أن خسفت بثلثي القات إلى بطني، شعرت أنني لم أفشل في القراءة فقط، بل فشلت أيضا في تكوير بجمتي..

أمضيت ساعتين في القراءة دون أن أفقه شيئا مما قرأت .. امكث في الصفحة الواحدة وقتا أطول يصل أضعاف الوقت المعتاد.. أعيد قراءة الصفحة مرتين، وما أن أحاول أن أستمع لنفسي؛ أكتشف أنني مشوش الذهن ومضطرب الشعور والفكرة.. اكتشفت خيبتي، وأنه لم يعلق في ذهني شيئا مما قرأت..

وقبل نهاية اعتلاف ما بقي من قات، بديت أشعر أنني شبعت، وأن معدتي صارت ممتلئة ومتخمة به، وأنني فشلت في تكوير بجمتي كما يجب، وفشلت في استيعاب أي شيء مما قرأت..

غير أن الأكثر سوءَ أن النوم داهمني بغته، فأنزحت قليلا وارتخيت، ومدد أبو حنيفة ساقيه ورجليه، وغمضت عيناي قليلا وقد أثقل النعاس جفوني وأسبلها، وغرقت في غفوة عميقة أمتدت على نحو لم أكن أتوقعه، فيما لا زال بعض القات الممضوغ في فمي..

صحيت صباح يوم الجمعة بعد نوم عميق، لأرمي بقايا قات الخميس الذي نام معي في فمي حتى صباح الجمعة.

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
صنعاء
يفترسها الموت بصمت
كوادر كثيرة لا نسمع بمرضهم
ولكننا نسمع فقط بموتهم!!
من صديق بالوتس.. اعجبتني:

يمني مقيم بألمانيا يقول : رحت اشتري بطيخة من أحد الأسواق الألمانية وكالعادة صرت أطبطب على البطيخ حتى أخترت وحده
سيدة المانية كانت قريبة مني سألتني : ليش تطبطب على الحبحب ؟!
قلت لها : حتى أختار وحده حمراء وحلوة ، نحن في بلادنا من طبعنا نطبطب ع البطيخ قبل ما نشتريه ..

قالت لي المرأه ممكن تطبطب على بطيخة وتختارها لي
أنا عملت نفسي خبير بالبطيخ وصرت أطبطب إلى أن اخترت وحدة لها..

قالت لي : danköschen (يعني شكراً) لكن ممكن أعرف أنت من أي بلد..؟

قلت لها : أنا يمني .. إبتسمت وقالت : ياريت تطبطبوا على السياسيين والمسئولين الذين عندكم قبل ماتختاروهم للحكومة..!؟
أصداء على كتابات بعض تفاصيل حياتي:

محمد اللوزي ناقد وكاتب:
كأنه مطر يحيي خامل الجذور.. هذا الحب الذي انصهرت به وفتحت نوافذه للجميع ليطل منها على عالم جميل على روعة الاحساس.. غزارة التداعيات.. فن الحرف وهو يسكب عطره على عالم من الهيام واللوعة التي تشكل منها عالمنا نحن أيضا..

أي هبة هي هيفاء التي جعلتك تموسق المعنى وننشده حثيثا معك.. نصعد ونهبط ونتوقع ونجن أيضا بهذه الروح التي تتفنن بدقة عالية في صياغة المشاعر حتى لانكاد نرتوي.

هذا عالم لانقدر عليه ونحبذ المضي فيه ونريدنا فيه أسرى ومكبلين. كانت هيفاء سيمفونية وجود وبارق أمل لم تستطع البوح لها لكنها في ذات السياق حطت رحالها. الموجع أكثر اكتشافها لحبك وشعورها نحوك ولكن بعد فوات الأوان ياله من حب معتق وموجع بآهاته وتحولاته وبهيفاء التي تجلت بمعناها الجميل وشرودها نحوك لولا خجلك الذي أعاق مسيرة حب كانت ستتوج بالانتصار الحقيقي للقلب. لكنه القدر الذي شاء أن يحفر أخاديد في القلب لكليكما ويدع الذكرى تصفع وجه الزمن الذي فر من بين الأصابع وترك عالما من الاخفاق الذي بقي مترسبا في اعماق أنبتت هذا الجميل من القول. من الحبكة الدرامية التي جعلتها أقرب الى شريط سينمائي بينك وهيفاء التي هي الاخرى كانت تجوب ارجاءك بحالة تساؤل.

عنئك. مؤلم وقاس ولايغفر له ذنب من اخبرها انك متزوج لقد وضع سياجا كبيرا بينكما. وتبقى الذكرى هي هذا الإبداع الكبير. لروحك المحبة على الدوام أيها الشقي حبا ونضالا لايكف في الانتصار لما هو إنساني. الحب. الحب الحب
(2)
درس صادم في أول مقيل قات في صنعاء
في عدن قبل عام 1990 أو بالأحرى قبل الوحدة، كان لا يتم تعاطى القات وبيعه إلا في الإجازات والعطل الرسمية، ويومي الخميس والجمعة من كل أسبوع، أما في غير تلك الأيام فالعقوبة بمقتضى القانون زاجرة، وتنفيذها يتم بصرامة.. سمعتُ عن قصة ذلك الرجل الذي أبلغ به جاره أنه يتعاطى القات سرا في بيته بدار سعد، فتم القبض عليه، ومحاكمته، والحكم عليه بالحبس سنتين مع النفاذ..

بعد الوحدة تم نقلي من عدن للعمل في صنعاء، وخلال إقامتي فيها، شاهدت معظم المجتمع يتعاطى القات على مدار الأسبوع.. أكثر الأسواق المزدحمة، وأكثرها صخبا وضجيجا في صنعاء هي أسواق القات.. بعض الأشخاص يتعاطون القات مرة واحدة في اليوم، وبعضهم مرتين، أو ما يعرف بنظام "الشوطين"، والبعض يزيد عليها ما تُسمّى بـ "التفذيحة"..

شاهدتُ أطفال أعمارهم بين العاشرة والثامنة عشر سنة، يتعاطون القات، منفلتين ومتشردين وعاملين في مهن، وبعضهم يتعاطونه برعاية آبائهم وتشجيعهم، والبعض بعلم أسرهم.. وبعض الزوجات يتعاطين القات مع أزواجهن، أو برعايتهم ودرايتهم, وسمعت عن مجالس "تفرطه" النساء اللاتي يتعاطين فيها القات.. الحقيقة أن الذي يأتي من خارج بيئة القات، يستطيع أن يعرف حجم الكارثة المجتمعية ومدى خطورتها..

عرفت أصدقاء لا يهتموا بالغذاء الجيد، ولكنه يهتموا بالقات الجيد.. وآخرين نفقات تعاطيهم القات أكثر من نفقات غذائهم.. أصدقاء يعيشون على وجبة واحدة يومياُ، ولكنهم يتعاطون القات بانتظام على نحو يومي أو شبه يومي.. ينامون دون عشاء، ويواصلون نومهم الى وقت الظهيرة، ثم يتغدون ويشترون القات بقيمة تصل إلى ضعف قيمة وجبة غذائهم.. بعضهم يعمل ويهدر أجر عمله من أجل أن يتعاطى القات كل يوم، فيما يأكل على نحو يبقيه فقط على قيد الحياة والعمل بالكاد.. إنه مجتمع ينتحر..

كان يفترض وفق ما تم الاتفاق عليه بين قيادة الشطرين لقيام الوحدة اليمنية، أن يتم العمل بما هو إيجابي من قوانين الشطرين، ويفترض أن يتم التشريع بما هو أفضل من قوانين الشطرين، ولكن ما حدث في التشريع وما تم تكريسه في الواقع كان عكس هذا تماما.. ثم جاءت حرب 1994 والتي انتهت باستقواء المنتصر، ومن ثم سير الأمور من سيء إلى أسوأ، وتراكم على تراكم، وفساد على فساد، وحروب على حروب، ليصل الوضع إلى ما وصل إليه اليوم، حتى بات عصيا على التوصيف أو حتى على التسمية.. ولا يمكن لطرف سياسي أو قوى سياسية أن تتحلل من المسؤولية، أو تدّعي أنها لم تساهم بما حدث بنسبة وصيغة ما.. كل الأطراف والقوى السياسية ولاسيما الرئيسية منها قد ارتكبت الخطايا لا الأخطاء، بحق هذا الشعب والوطن..

كان القات في الوعي الجمعي أو السائد ينظر إليه باعتباره يستحث النشاط والجهد والتفكير، فضلا عن كونه وسيلة مهمة لجمع الأصدقاء والزملاء، بل والتعارف أيضا حتى مع الغرباء.. يوثق العلاقات، ويشرح النفوس، ويجلب النشاط والانتشاء، وينشِّط المجهود والذاكرة.. يثير الجدل السياسي، وغير السياسي.. يبعث مشاعر الدفء بين الحاضرين، وربما الحميمية في بعض الأحيان.. أما الأطفال فكانوا يشعرون بالندية والرجولة وهم يتعاطون القات.. غير أن الأكثر من كارثة أن أخطر القوانين والقرارات والسياسيات التي تمس الشعب أو بعض من فئاته، كان مصدرها مجالس القات، وغرف المقيل المغلقة، ولازال هذا قائما إلى اليوم، وربما على نحو أكبر، عند من بقي له قرار..

بعد قدومي إلى صنعاء ومضي فترة وجيزة أحسست إن لم أتعاط القات سأعيش منبوذا وحيدا معزولا منكفئا على الذات.. ومع ذلك خضت صراعا طويلا مع القات قبل أن أدمنه.. شعرت أنني في مجتمع مدمن ومخدر يجمعه القات، وفيه يبدو السوي شاذا، ويبدو الشاذ سوياً.. القاعدة تتحول إلى استثناء والاستثناء يتحول إلى قاعده.. الصحيح يبدو في نظر "المجتمع الخطأ" خطاء، والخطاء يبدو صحيحا في وعي هذا المجتمع .. لم أكن محل سلطة وليس بإمكاني أن أصدر قوانيني لأعممها على المجتمع، ولا قدرة أرغم فيها المجتمع على إنفاذها من غير سلطة.. لا بأس من الميل قليلا.. هكذا ربما فكرت..

اشتريت مساند ومداكي محشوة بنشارة الخشب وألياف أخرى لا أدري صنفها، وربما بعضها صنعناها نحن في البيت بعد أن حشيناها بأشياء أخرى مثل أقمشه قديمة، وذلك كاحتياط أو لسد النقص عند الاحتياج.. كان مقيلي الأول في صنعاء يظم لفيف من الأصدقاء والزملاء والأصهار، جميعهم يتعاطون القات، باستثناء اثنين، هما رفيقي جازم، وزميلي وصديقي وجاري منصر الواحدي.. أما أنا فهناك من حملني أن أقع "أعورا بين العوران" كما جاء في المثل الشعبي، ولاسيما أنني كنت المستضيف للمقيل، وأرغمتُ على التخزين فيه..

صهري محمد المطري "مبحشم" كبير، ومولعي قات من الدرجة الأولى، وبمثابرة يومية لا تنقطع إلا لظرف قاهر، كمرض شديد الوطأة ألزمه الفراش.. خبرته في القات والتخزين والكيف ضاربة جذورها في مدى أربعة أو خمسة عقود متوالية من عمره..

عزمت صهري محمد المطري إلى المقيل معي في أول يوم افتتاح لي
شرّف مجلسي.. حضر بقاته وقاتي دون أن أطلب منه أن يشتري لي قات معه، بل لم أكن أعتزم التخزين، وإنما اعتزمت الجلوس مع المخزنين.. غير أن المطري أرغمني على التخزين بالأيمان الغلاظ، والحرام والطلاق..

صديقي ورفيقي ومسؤولي الحزبي جازم العريقي الذي أحببت أن أعرفه بأصهاري في صنعاء لا يتعاطى القات مطلقا، وأستعاض عنه بـ "الزعقة" فيما جاري وصديقي منصر الواحدي لا يتعاطى القات ولا الزعقة، وكلما مل ذهب إلى بيته في الجوار وعاد بعد ساعة, فيما رابع وخامس يتعاطون القات، ولكن لا أدري بأي قدر، ولم أخبرهما من قبل.

وجدت نفسي أمارس إكراه نفسي على التخزين.. كنت في بداية المقيل وأنا أتعاطي القات، في حال أشبه بحال المحكوم عليه بتعاطي السم.. كنت كلما حشيت ورقة في فمي، أجد مرارتها تلسع راسي، وتلدغ جمجمتي من الداخل كثعبان.. أشعر بالكلفة والإرغام وأنا أتعاطيه.. أحسست في المقيل أنني أتعذب لا أستمتع بمضغ القات..

طلبت شاي أسود بالنعناع والزر، أحسست وأنا أكرع الشاي في فمي إن المطري مستاء مما أفعل، وملذوع أكثر مني، سمعت منه همهمة وبركضة كلام غير مفهوم، ثم أستأنف الحديث في سياق آخر.. شعرت كأنني ارتكبت ثمة خطأ لا أعرف ما هو.. في عدن يتعاطون الشاي والمزغول مع القات.. أحسست أن ما أفعله لا يروق له، بل ربما يكسر كيفه دون أن أعلم، أو هذا ما عرفته منه لاحقا..

بدأ كيف المطري وكأن أصابه العطب، حاول أن يكظم غيضه مرارا حالما كان يشاهد الرفيق جازم في الوجه المقابل له، وهو يأكل الزعقة باحترافية مدهشة، وكان صوت فقص "الزعقة" لافتا، وأحيانا يبدو صوت بعضها صارخا ومستفزا لكيف المطري.. نفذ صبر المطري، وقد بدت له أصوات قصقصة الزعقة كانفجارات قنابل يقذفها رفيقنا في وجهه.. فأنفجر المطري بيننا كالغم.. صرخ بانفعال لم نتوقعه منه في وجه رفيقنا جازم: خزن وإلا قم أخرج.. اقلع.. قيص قيص قيص، من الساعة ثلاث ما خليتنا نخزن ولا خليتنا نطعم القات..

أحمر وأسود وجهي خجلا من حماقة المطري حيال رفيقنا جازم، الذي كان خجولا، وإنسانا من الطراز الرفيع.. جازم شخص مرهف الإحساس والمشاعر.. جازم بالنسبة لي مثالا وقدوة.. مثقف ممتلئ، وقيادي حزبي من الطراز الأول.. مرهف وحساس إلى حد بعيد..

اعتذرت للجميع واعتذرت للرفيق جازم الذي شعرت أن ما فعله المطري به لا يداوى حتى وإن فرشت على جرح جازم صفحة وجهي.. وكان هذا أول درس صادم تعلمته في أول مقيل في صنعاء..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
تغاريد غير مشفّرة
احمد سيف حاشد
(1)
أربعة أعضاء مجلس النواب
يموتون خلال أسبوع
وهيئة رئاسة المجلس مشغولة بالاستيلاء على مستحقات الأعضاء أحياء وأموت

(2)
هيئة رئاسة مجلس نواب صنعاء تستلم أكثر من مليون ريال شهريا باسم كل عضو من أعضاء المجلس
وتستلم ميزانية مجلس النواب كاملة أو قل ميزانية مائة عضو كما يذهب إليه البعض فيما الذي يحضروا المجلس أقل من خمسين عضو
أين يذهب جلّها؟!!

(3)
ماذا تعرف عن علاقة هيئة رئاسة مجلس النواب بالأدارة المالية والإدارية في المجلس؟!!
المجلس لا يعرف شيء عن تلك العلاقة!!
إنها علاقة تستحق البحث.. وأكثر منه

(4)
لماذا هيئة رئاسة مجلس نواب صنعاء لا تريد أن تقدم تقارير حساباتها الختامية للمجلس؟!!

(5)
ندفع من رواتبنا ثلاثين ألف ريال
لكل عضو مجلس يموت
فيما هيئة رئاسة مجلس نواب صنعاء لا تريد أن تقول لنا أين تذهب المليارات التي تستلمها؟!

(6)
هذه المبالغ المعتمدة لكل عضو مجلس نواب والمرفوعة الي وزارة المالية ولكن لا يتقاضى منها عضو المجلس غير اقل من نصف مما هو معتمد في الموازنة..
أين تذهب المبالغ التي تخصم علي الأعضاء الذين في الخارج؟!
المعتمد ٣٠ مليون حق التواصل الدولي أين تذهب؟!
ميزانية برقم واحد أين تذهب؟!

الأعضاء يموتون وانتم تأكلون مستحقاتهم!!
طالبنا بتقديم تقارير الحسابات الختامية للمجلس واعتصمت أنا وزميلي خالد الصعدي قبل أشهر في المجلس نطالب بهذه التقارير، ولم يتم شيئا مما وعدتم به.. فاضطررنا لفعل ما نفعله الآن..

كيف تريدوا تقارير حسابات ختامية من الغير، وأنتم لم تقدموا شيء مما يفترض أن تقدموه قبل أن تطالبون الغير بتقديم حساباتهم الختامية..
"كيف يقوم الظل والعود أعوجُ"؟!!
إنكم بعض من هذا الخراب الجاري في البلد..
سننشر ما لم تتوقعوه..

(7)
هيئة رئاسة مجلس نواب صنعاء
باتت وكأنها وكر لا هيئة إدارة مجلس تشريعي ورقابي
عام وهيئة الرئاسة تمانع من اختيار عضو رابع
لا تريد أي اختراق، وكأنها عصابة لا هيئة..
وإلا ما الذي يمنعها أن يصل عضو للهيئة وفقا للائحة على فرض أنه يتم العمل بهذه اللائحة..
سرية الشؤون المالية والحسابات على أعضاء مجلس يفترض أن يكون شفاف أمام الشعب يدل على الحرص على مدارات ما هو مهول من الفضائح المالية والفساد الكبير..

(8)
هيئة رئاسة مجلس نواب صنعاء
هي الوجه القبيح والدميم
لهذا العهد الأكثر دمامة وقباحة

(9)
لأعضاء مجلس نواب صنعاء
"كما تكونوا يولى عليكم"
أنكم تستحقون من التعرّية أكثر مما تستحقه هيئة الرئاسة
إنني بحق لا أطيقكم إلا مرغما

(10)
لأعضاء مجلس النواب
تشتوا الصدق
أنتم أيضا جزء من هذه الكارثة التي حلّت على هذه البلد
بعض القدر الثقيل الواقع على هذا الشعب

(11)
كنت أعتقد أن أعضاء مجلس النواب الذي أضافهم الحوثيين للمجلس مشحوطين
طلعوا مبطوحين أكثر من جميع الذي سبقوهم..
في اليمن لا يأتي عهد إلا بأسوأ من سابقه
خيرة الله

(12)
لا تقول لي معلوماتي خطأ
طالما أنت تحتكر المعلومة لتخفي فسادك..
قل لي أنت المعلومات الصحيحة طالما أنت المعني بإعلانها
قل لي إن كان هناك أشخاص وجهات تشاركك فسادك..

(13)
ماذا صنع مجلس النواب من أجل رواتب الموظفين..؟!!
وماذا صنع المجلس حيال الحكومة التي ألتزمت أمام المجلس في الربع الأول من العام 2016 أنها ستلتزم وتبذل قصار جهدها من أجل صرف رواتب الموظفين..
اليوم نحن في عام 2020
أينما تولي وجهك لا تجد إلا لصوص ونهابين مبهررين..

(14)
العالم يتعرى
الرأسمالية المتوحشة تتعرى..
النخب والأيديولوجيات تتعرى
المنظمات والحكام وأنظمة الحكم يتعرون
التحالف يتعرى
سلطات الأمر الواقع وسلطات المليشيات وأمراء الحرب والخونه والعملاء.. الجميع يتعرون
ويبقى السؤال:
ماذا بعد؟!

(15)
دوما نتعلم بكلفة باهضة
لا بأس أن نسأل:
كم نحتاج من الكلفة لنطلق سراح المعتقلين؟!
هل ننتظر كورونا لنطلقهم بعد أن يكون قد حصد نصفهم؟

(16)
كوادر كثيرة لا نسمع بمرضهم
ولكننا نسمع فقط بموتهم!!

(17)
صنعاء
يفترسها الموت بصمت

(18)
هذا كورونا
أم تتار؟!
(2)
درس صادم في أول مقيل قات في صنعاء
في عدن قبل عام 1990 أو بالأحرى قبل الوحدة، كان لا يتم تعاطى القات وبيعه إلا في الإجازات والعطل الرسمية، ويومي الخميس والجمعة من كل أسبوع، أما في غير تلك الأيام فالعقوبة بمقتضى القانون زاجرة، وتنفيذها يتم بصرامة.. سمعتُ عن قصة ذلك الرجل الذي أبلغ به جاره أنه يتعاطى القات سرا في بيته بدار سعد، فتم القبض عليه، ومحاكمته، والحكم عليه بالحبس سنتين مع النفاذ..

بعد الوحدة تم نقلي من عدن للعمل في صنعاء، وخلال إقامتي فيها، شاهدت معظم المجتمع يتعاطى القات على مدار الأسبوع.. أكثر الأسواق المزدحمة، وأكثرها صخبا وضجيجا في صنعاء هي أسواق القات.. بعض الأشخاص يتعاطون القات مرة واحدة في اليوم، وبعضهم مرتين، أو ما يعرف بنظام "الشوطين"، والبعض يزيد عليها ما تُسمّى بـ "التفذيحة"..

شاهدتُ أطفال أعمارهم بين العاشرة والثامنة عشر سنة، يتعاطون القات، منفلتين ومتشردين وعاملين في مهن، وبعضهم يتعاطونه برعاية آبائهم وتشجيعهم، والبعض بعلم أسرهم.. وبعض الزوجات يتعاطين القات مع أزواجهن، أو برعايتهم ودرايتهم, وسمعت عن مجالس "تفرطه" النساء اللاتي يتعاطين فيها القات.. الحقيقة أن الذي يأتي من خارج بيئة القات، يستطيع أن يعرف حجم الكارثة المجتمعية ومدى خطورتها..

عرفت أصدقاء لا يهتموا بالغذاء الجيد، ولكنه يهتموا بالقات الجيد.. وآخرين نفقات تعاطيهم القات أكثر من نفقات غذائهم.. أصدقاء يعيشون على وجبة واحدة يومياُ، ولكنهم يتعاطون القات بانتظام على نحو يومي أو شبه يومي.. ينامون دون عشاء، ويواصلون نومهم الى وقت الظهيرة، ثم يتغدون ويشترون القات بقيمة تصل إلى ضعف قيمة وجبة غذائهم.. بعضهم يعمل ويهدر أجر عمله من أجل أن يتعاطى القات كل يوم، فيما يأكل على نحو يبقيه فقط على قيد الحياة والعمل بالكاد.. إنه مجتمع ينتحر..

كان يفترض وفق ما تم الاتفاق عليه بين قيادة الشطرين لقيام الوحدة اليمنية، أن يتم العمل بما هو إيجابي من قوانين الشطرين، ويفترض أن يتم التشريع بما هو أفضل من قوانين الشطرين، ولكن ما حدث في التشريع وما تم تكريسه في الواقع كان عكس هذا تماما.. ثم جاءت حرب 1994 والتي انتهت باستقواء المنتصر، ومن ثم سير الأمور من سيء إلى أسوأ، وتراكم على تراكم، وفساد على فساد، وحروب على حروب، ليصل الوضع إلى ما وصل إليه اليوم، حتى بات عصيا على التوصيف أو حتى على التسمية.. ولا يمكن لطرف سياسي أو قوى سياسية أن تتحلل من المسؤولية، أو تدّعي أنها لم تساهم بما حدث بنسبة وصيغة ما.. كل الأطراف والقوى السياسية ولاسيما الرئيسية منها قد ارتكبت الخطايا لا الأخطاء، بحق هذا الشعب والوطن..

كان القات في الوعي الجمعي أو السائد ينظر إليه باعتباره يستحث النشاط والجهد والتفكير، فضلا عن كونه وسيلة مهمة لجمع الأصدقاء والزملاء، بل والتعارف أيضا حتى مع الغرباء.. يوثق العلاقات، ويشرح النفوس، ويجلب النشاط والانتشاء، وينشِّط المجهود والذاكرة.. يثير الجدل السياسي، وغير السياسي.. يبعث مشاعر الدفء بين الحاضرين، وربما الحميمية في بعض الأحيان.. أما الأطفال فكانوا يشعرون بالندية والرجولة وهم يتعاطون القات.. غير أن الأكثر من كارثة أن أخطر القوانين والقرارات والسياسيات التي تمس الشعب أو بعض من فئاته، كان مصدرها مجالس القات، وغرف المقيل المغلقة، ولازال هذا قائما إلى اليوم، وربما على نحو أكبر، عند من بقي له قرار..

بعد قدومي إلى صنعاء ومضي فترة وجيزة أحسست إن لم أتعاط القات سأعيش منبوذا وحيدا معزولا منكفئا على الذات.. ومع ذلك خضت صراعا طويلا مع القات قبل أن أدمنه.. شعرت أنني في مجتمع مدمن ومخدر يجمعه القات، وفيه يبدو السوي شاذا، ويبدو الشاذ سوياً.. القاعدة تتحول إلى استثناء والاستثناء يتحول إلى قاعده.. الصحيح يبدو في نظر "المجتمع الخطأ" خطاء، والخطاء يبدو صحيحا في وعي هذا المجتمع .. لم أكن محل سلطة وليس بإمكاني أن أصدر قوانيني لأعممها على المجتمع، ولا قدرة أرغم فيها المجتمع على إنفاذها من غير سلطة.. لا بأس من الميل قليلا.. هكذا ربما فكرت..

اشتريت مساند ومداكي محشوة بنشارة الخشب وألياف أخرى لا أدري صنفها، وربما بعضها صنعناها نحن في البيت بعد أن حشيناها بأشياء أخرى مثل أقمشه قديمة، وذلك كاحتياط أو لسد النقص عند الاحتياج.. كان مقيلي الأول في صنعاء يظم لفيف من الأصدقاء والزملاء والأصهار، جميعهم يتعاطون القات، باستثناء اثنين، هما رفيقي جازم، وزميلي وصديقي وجاري منصر الواحدي.. أما أنا فهناك من حملني أن أقع "أعورا بين العوران" كما جاء في المثل الشعبي، ولاسيما أنني كنت المستضيف للمقيل، وأرغمتُ على التخزين فيه..

صهري محمد المطري "مبحشم" كبير، ومولعي قات من الدرجة الأولى، وبمثابرة يومية لا تنقطع إلا لظرف قاهر، كمرض شديد الوطأة ألزمه الفراش.. خبرته في القات والتخزين والكيف ضاربة جذورها في مدى أربعة أو خمسة عقود متوالية من عمره..

عزمت صهري محمد المطري إلى المقيل معي في أول يوم افتتاح لي
شرّف مجلسي.. حضر بقاته وقاتي دون أن أطلب منه أن يشتري لي قات معه، بل لم أكن أعتزم التخزين، وإنما اعتزمت الجلوس مع المخزنين.. غير أن المطري أرغمني على التخزين بالأيمان الغلاظ، والحرام والطلاق..

صديقي ورفيقي ومسؤولي الحزبي جازم العريقي الذي أحببت أن أعرفه بأصهاري في صنعاء لا يتعاطى القات مطلقا، وأستعاض عنه بـ "الزعقة" فيما جاري وصديقي منصر الواحدي لا يتعاطى القات ولا الزعقة، وكلما مل ذهب إلى بيته في الجوار وعاد بعد ساعة, فيما رابع وخامس يتعاطون القات، ولكن لا أدري بأي قدر، ولم أخبرهما من قبل.

وجدت نفسي أمارس إكراه نفسي على التخزين.. كنت في بداية المقيل وأنا أتعاطي القات، في حال أشبه بحال المحكوم عليه بتعاطي السم.. كنت كلما حشيت ورقة في فمي، أجد مرارتها تلسع راسي، وتلدغ جمجمتي من الداخل كثعبان.. أشعر بالكلفة والإرغام وأنا أتعاطيه.. أحسست في المقيل أنني أتعذب لا أستمتع بمضغ القات..

طلبت شاي أسود بالنعناع والزر، أحسست وأنا أكرع الشاي في فمي إن المطري مستاء مما أفعل، وملذوع أكثر مني، سمعت منه همهمة وبركضة كلام غير مفهوم، ثم أستأنف الحديث في سياق آخر.. شعرت كأنني ارتكبت ثمة خطأ لا أعرف ما هو.. في عدن يتعاطون الشاي والمزغول مع القات.. أحسست أن ما أفعله لا يروق له، بل ربما يكسر كيفه دون أن أعلم، أو هذا ما عرفته منه لاحقا..

بدأ كيف المطري وكأن أصابه العطب، حاول أن يكظم غيضه مرارا حالما كان يشاهد الرفيق جازم في الوجه المقابل له، وهو يأكل الزعقة باحترافية مدهشة، وكان صوت فقص "الزعقة" لافتا، وأحيانا يبدو صوت بعضها صارخا ومستفزا لكيف المطري.. نفذ صبر المطري، وقد بدت له أصوات قصقصة الزعقة كانفجارات قنابل يقذفها رفيقنا في وجهه.. فأنفجر المطري بيننا كالغم.. صرخ بانفعال لم نتوقعه منه في وجه رفيقنا جازم: خزن وإلا قم أخرج.. اقلع.. قيص قيص قيص، من الساعة ثلاث ما خليتنا نخزن ولا خليتنا نطعم القات..

أحمر وأسود وجهي خجلا من حماقة المطري حيال رفيقنا جازم، الذي كان خجولا، وإنسانا من الطراز الرفيع.. جازم شخص مرهف الإحساس والمشاعر.. جازم بالنسبة لي مثالا وقدوة.. مثقف ممتلئ، وقيادي حزبي من الطراز الأول.. مرهف وحساس إلى حد بعيد..

اعتذرت للجميع واعتذرت للرفيق جازم الذي شعرت أن ما فعله المطري به لا يداوى حتى وإن فرشت على جرح جازم صفحة وجهي.. وكان هذا أول درس صادم تعلمته في أول مقيل في صنعاء..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
هذا كورونا
أم تتار؟!
اصداء من الوتس..
الدكتور احمد مذكور:
انها قصة غاية في الامتاع وخصوصاً في سرد الوقائع باسلوب
قصصي راااائع وجميل والذي عكس المتناقضات بين الحاضرين
في مجلس القات الاول حيث حقق التنوع ولم يحقق الانسجام
المطلوب فقدنبت في ظله الورد
والشوك ومع ذلك لايخلو من جمال التنوع،،،
أربعة أعضاء مجلس النواب
يموتون خلال أسبوع
وهيئة رئاسة المجلس مشغولة بالاستيلاء على مستحقات الأعضاء أحياء وأموت
هيئة رئاسة مجلس نواب صنعاء تستلم أكثر من مليون ريال شهريا باسم كل عضو من أعضاء المجلس
وتستلم ميزانية مجلس النواب كاملة أو قل مائة كما يذهب إليه البعض فيما الذي يحضروا المجلس أقل من خمسين عضو
أين يذهب جلّها؟!!
ّي للخروج مدة ربع ساعة ليذهب يحاسب صاحب المنجرة القريب من مكاننا؛ لأنه يوجد عنده حساب، و قد وعده إنه سوف يمر عليه بعد الظهر ليسدد الذي عليه .. فاستدركت بتوصيته أن لا يتأخر، و لكن ضيفنا تأخر أكثر من الساعة، و عاد متأبط قات مطول و معصوب في رديفه الذي كان و هو ذاهب معطوفا على كتفه و مسدولا على ظهره.

صرخت في وجهه: كيف تشتري قات و أنا قد اشتريت قات لي و لك؛ فرد قائلا:

– شفت النسوان اللي يبيعن اللحوح في الحصبة باب سوق الشيخ عبد الله..!

أجبته: نعم..

– قال: هن يخزنين من هذا القات الذي اشتريته أنت..

صدمتني فجاجة الضيف و مصارحته الصارخة، و حاولت أن التمست له العذر كونه متصالح مع نفسه .. و مع ذلك أحسست بالحرج الشديد و الخجل الأشد وطأة..

تفاجأت أكثر و هو يعلمني أنه تغدى أيضا في الخارج مرة ثانية؛ لأن ما قدمته له ليس بغداء .. استحيت، بل شعرت أن الحياء لبسني، و يريد أن يبلعني، أو يخسف بي أرضا..

عدت لأحاول أقناعه إن القات الذي اشتريته غيلي و إنه ممتاز، وعندما فتحت مرابطه و تفاصيله، شعرت أن هناك خرابة في الوسط، و غش فاحش تحت ما هو ظاهر .. فيما ضيفي أخذ هذا القات و رمى به بعيدا عنا، و قسم قاته بيننا، و حلف بالطلاق أن لا أخزن إلا منه..

شعرت يومها أن وقعتي كانت سوداء، و وعدت نفسي أن لا أكررها، و لكن للأسف تكرر ما هو أسوأ منها..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
ماذا تعرف عن علاقة هيئة رئاسة مجلس النواب بالأدارة المالية والإدارية في المجلس؟!!
المجلس لا يعرف شيء عن تلك العلاقة!!
إنها علاقة تستحق البحث..