أحمد سيف حاشد
342 subscribers
2.77K photos
6 videos
5 files
2.86K links
عضو برلمان
Download Telegram
الله الخلائق، ولم تشهد الأكوان والعوالم حياة ولا موت؟!
ثم يجيب: ربما لو حدث هذا لانعدم الحزن الوخيم الذي يملئ هذا الوجود على اتساع ما نتخيله..
هكذا أحيانا يجوس ويتمرد علينا السؤال في محبسه، ولاسيما عندما تصير كلفة السؤال أو الإجابة عليه حياة صاحبه..

أنا أكره الموت يا الله، عندما يخطف منا من نعزّهم ونحبّهم.. البقاء غريزة قوية فينا أو جاءت معنا عندما جئنا، لا دخل لنا فيها، ولا حولا ولا قوة.. أكره الموت عندما يخطف منا حبيبا أو عزيزا أو كريما..

الموت رهيب جدا.. الموت سكونا موحشا.. ربما عدما وفراغا يدوم.. ربما الموت فراق للأبد، ورحيل بلا نهاية.. الموت خراب وحزن ثقيل جدا على بني البشر.. هذا ما أشعر به عند رحيل كل عزيز وحبيب، فيما الموت عند الميت ربما شيء مغاير ومختلف..

الموت حالة ربما تتأخر، ولكن مجيئها في حكم الأكيد.. كبار المسلَّمات ربما تكون محل ظن وشك، وأما الموت فحقيقة ويقين.. هو ناموس كما قيل، لا يقبل الشك ولا التفاوض.. ولكن لا يدري الجميع أو الكثير أو البعض بيقين ماذا يحدث لنا بعد الموت والغياب الطويل..

*
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

(5)
موت الأختين

أسرتنا الصغيرة في عدن ـ كما قلت سالفا ـ كانت تتكون من أبي وأمي وأنا وأختين توأم، نور وسامية.. أسرة صغيرة وبسيطة تربص بها الموت مليا حتى ظفر بالزهرتين..

جاء الموت على نحو غريب وغامض، لا زلت أجهل سببه وتفسيره إلى اليوم. شيء أخذ من أسرتنا الصغيرة الأختين (نور، وسامية) وكدت أكون أنا الثالث لولا اللطائف.

أختي نور ماتت، وكان عمرها لا يتجاوز العام .. كانت تصرخ فجأة صراخ طافح وقوي، وما أن يتم حملها تسكت، وعندما يتم وضعها على الأرض تعود بنفس الصراخ، حتى يكاد ينقطع نفسها، فيتم المسارعة لحملها من قبل أبي أو أمي، فتكف عن الصراخ، ويستمر هذا الحال فترة طويلة إلى أن تنام محمولة.. وفجأة صرخت ولم تستعد أنفاسها، وماتت في الحال.

أختي (سامية) عندما كان عمرها أكثر من عام، تكرر معها نفس الحال والأعراض.. تصرخ فجأة دون سبب معروف، ثم يتم المسارعة لحملها من قبل أبي أو أمي فتسكت، وعندما يتم إنزالها إلى القاع أو الفراش، تصرخ مجددا وبصوت قارح، فيتم حملها بسرعة، وينتهي الأمر إلى أن تنام محمولة..

وفي يوم صرخت أختي سامية، فسارع أبي لحملها، ولكن أنقطع نفَسها، ولم تعد، ولم نعرف سببا لموتها إلى اليوم.. قال البعض هراء: ماتت لأن البيت التي نحن فيها مسكونة بالجن، وقال آخرون ماتت "فرحة".. وأي فرحة إذاً وصرخة موتها يشق الجدار.

كنت أحب أختي سامية، كانت جميلة وبهية.. كانت حياتها خاطفة وسريعة.. حياة قصيرة كلحظة عاشق.. كحلم عَجول.. أما أختي نور فكانت حياتها أقصر وأسرع وتفاصيلها عصية على الذاكرة، بعد خمسين عاماً من طفولة باكرة.

*
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

(6)
فقدان موحش وغياب لا ينتهي

لازلت أذكر سامية وهي مسجاة على الفراش.. كانت الرغبة تستبد بي لأعرف ماذا حدث!! كان الغموض عندي بكثافة مجرة مملوءة بالأسرار العصية على الفهم..

كنت أنظر إليها مشدوها كأنني أشاهدها واكتشفها لأول مرة.. رغم الموت كان وجهها نابضا بالنور، وعيونها مشرقة رغم السكون، كانت تلبس ثوبا بلون دم الغزال.. لا زال هذا اللون أثيرا لنفسي وإن كان يذكرني بفراق طويل..

لم أكن أدرك حينها إن الموت خطفها وغيبها للأبد.. لم استوعب أنها لم تعد بيننا وإنها لن تعود..

كنت ابحث عنها على الدوام وابكي وأقول لأمي ابحثي عنها في مكان نومها، أريد أختي، أريد ألعب معها.. لم تحتمل أمي كلماتي الموجعة التي تنز دما وحرقة.. كانت تحاول تبلع غصصها وتداري حسرتها البالغة، فيفضحها انهمار دموعها، فتنفجر بالبكاء وأبكي معها دون أن أعرف السبب..

كرهت الموت من حينها، غير أن أمي كانت تعزيني، وتخفف من وجعي ووجعها، وتقول إنها في السماء، وإنها مرتاحة هناك، وسعيدة بين بنات الحور، وإنها تأكل التفاح واللحم وكل أنواع الفاكهة.. كل ما أنا محروم منه في الدنيا الفانية هي تأكله، وتنعم به في الحياة الثانية..

ربما بعد حين هممت بمغادرة هذا الدنيا الفانية إلى دار الآخرة، لاستمتع بتلك الحياة الرغيدة، وأعوض كل حرمان عشته في هذه الدنيا، ولكن شق علي أن أترك أمي وحدها تنتحب بقية عمرها.. رأيت أن المغادرة بمفردي دونها أنانية تبتليني، ورأيت إن البقاء عذاب لا ينتهي إلا برحيلي.. هكذا بات الأمر سيان، وكأنني أدور في مدار من عذاب لا يريد أن ينتهي.

أخبرتني أمي أنني سألتقي بأختي نور وسامية يوم القيامة.. ومتى ستأتي يوم القيامة؟! إنني أكره الموت والفراق الطويل؟! العجيب إن أمي بعد حين، كانت تقول لي أن الإخوة لا يلتقون في الدار الثانية إلا يوم القيامة، أما بعد القيامة، فلا وصل ولا لقاء بين الإخوة، بنينا أو بنات.. ربما كانت أمي أو من جلب لها هذا القول، يقصد تعميق أواصر الأخوة وتوثيق المحبة بين الإخوة في هذه الدنيا، ولكن كان الأمر بالنسبة لي يعني حزن عميق على فراق لازال بعيد، وحسرة طويلة من الفراق الأبدي البعيد ي
أتي بعد يوم القيامة..

من فرط تعلقي بأختي سامية، جاءت مولودة لاحقا، فأسموها سامية، تعويضا وتخفيفا من فراغ موحش تركه هذا الموت الذي يغيِّب عنّا من نحب.. هذا الموت القاسي والخالي من الرحمة والمشاعر.. سامية أختي الجديدة جاءت شفيفة ومرهفة وحميمة، ومسكونة بالسمو والنبل الجميل.

*
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

(7)
كدت أموت
ماتت نور وسامية وكدت أكون ثالثهما.. مررت بنفس الحال والأعراض.. كنت أصرخ فجأة كزمجرة رعد على حين غرة، فيما يسارع أبي أو أمي في حملي من الأرض أو قاع المكان، وما أن أعود للأرض مرة أخرى حتى يعود الصراخ.. وأظل محمولا حتى أنام، وأحياناً أقوم من نومي صارخا، ويتكرر المشهد، وتزداد مخاوف أبي وأمي وتوجسهما أنني للحياة مفارق.

لماذا أصرخ ؟! لا زلت أذكر.. لا أستطيع أنسى ما كنت أشاهده.. ما زال المشهد عالقا بالذاكرة، حافرا فيها، وما زال تفسيره وكنهه غامضا وعصيّا على فهمي إلى اليوم.

كنت أشاهد ثعبان أبيض يخرج من القاع.. طوله بحدود المتر.. له أرجل.. أرجله منتشرة على حافتيه ورأسه مربعا متناسق مع جسمه باستثناء أنه مميز بعينين مدورتين، وعرض رأسه أكبر بقليل من عرض جسمه، ولديه شعرتان في مقدمة رأسه وكأنها للاستشعار..

أشاهده بغته يخرج من القاع يجري؛ فأصرخ بهلع بالغ، كما كانت تصرخ الأختان (نور، سامية) صراخ قارح وناري يشق الجدار.. كزمجرة رعد يأتي بغته على نحو صادم في لحظة شرود وتيه.. صراخ ليس له موعدا يشق الليل أو النهار.. ينم عن مشاهدة أمر صادم، مرعب وفظيع.. شيء ما يجعل الفزع والجزع يشقني نصفين.

وعندما كانا يحملاني أبي أو أمي يختفي هذا الثعبان بالقاع، لا أدري كيف يختفي، ولكنه يختفي، وعندما يطرحاني على الأرض، أراه من جديد يخرج من الإسمنت، ويزحف بسرعة في قاع الغرفة، ويتكرر هذا المشهد، ومعه يتكرر الصراخ.. أبي وأمي لا يرونه، أنا كنت الوحيد الذي أراه، ولذلك لم يستطيعا اكتشاف سبب الصراخ وما أشاهده، إن كان لما أشاهده وجود.

في إحدى المرات، تكرر مشهد الصراخ وعندما لمح أبي على يدي خربشات قلم، قام بمسحها، فانتهى صراخي ولم أعد أراه.. فهم الأمر على ما كان سائدا من وعي وثقافة، وتبّدا له الأمر أنني كتبت على يدي اسم شيطان.. ولكن هذا التفسير غير مقنع، ولا يستقيم، لأن حالات كثيرة تكررت معي ومع سامية ونور، دون أن تكون هناك كتابة أو شخابيط .. كم أخشى من ظُلمنا للشيطان، وربما الشيطان بنا كان رحيم.

*
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
كلية الحقوق
(2)
مفارقات وهوامش..

التحقت بالدراسة في كلية الحقوق في الربع الأخير من العام 1985.. أغلب الملتحقين في الكلية قادمين من أرياف اليمن.. جلّنا فقراء ومعدمين.. الدولة توفر للمعوزين السكن والتغذية ومصاريف قليلة، فيما الذين لديهم سكن في عدن كانت الدولة توفر لهم المواصلات المجانية، أما التعليم فمجاني للجميع، ورسوم التسجيل السنوية رمزية جداً.. هذا لا يعني أن الدولة توفر كل المتطلبات، أو أنك لن تعاني من وطأة الظروف، ولكن يعني أن الدولة توفر لك الكثير لمساعدتك في أن تتعلم..

كل هذا وغيره مما كان متأتيا ومتوفرا في الأمس، صار اليوم للأسف الشديد في خبر كان.. إذا قارنا ما كان عليه الحال على صعيد التعليم بما صار إليه الواقع اليوم، سننتحب من الأسى ونختنق من النشيج.. الأميّة التي تلاشت وانتهت عادت لتجتاح نصف شعبنا وتتمدد بعجل نحو المزيد.. اليوم التسرب من التعليم على أوجه.. وهشاشة التعليم بالغة السوء.. الغش صار هو القاعدة.. وما بقي من المعايير العلمية التعليمية جاري تدميرها على قدم وساق، وبصورة تبدو ممنهجة.. أما فرص المعدمين والفقراء في التعليم فصارت محدودة ومحزنة، بل وأحيانا باتت أشبه بالمستحيل أو المعجزة.. شعوبنا صارت تهرول إلى الخلف، أمام مستقبل صيرته نخب اليوم معتما وشديد القتامة، وقد تمكن التافهون من الاستيلاء على كل شيء، وتم ضرب كل مكتسب ومنجز من الماضي في صميمه ومكينه.. عشت ظروف الأمس رغم صعوبتها إلا أنني تعلمت.. ولوكانت ظرفي في الأمس قائمة اليوم، فلن أتعلم أبدأ ليس الجامعة فقط، ولكن أيضا الثانوية والإعدادية.. لقد توحش واقع اليوم في وجه الفقراء على نحو فاق أكبر الاحتمالات سوءا..

كانت قيم الاشتراكية العلمية تستحوذ على عقولنا.. كنّا نعتز بفقرنا إلى حد بعيد.. كنّا ننظر بازدراء للطلبة الذين يملكون سيارات، ويأتون بها إلى الكلية، وهم عدد قليل وضئيل.. كنّا نتعالى عليهم بفقرنا، ونعتبرهم برجوازية صغيرة، وربما يرتاب بهم بعضنا ويعتبرهم خطراً محتملا على المستقبل، وعلى الفكر الصحيح.. ومع ذلك ورغم فقرنا وعوزنا تعلمنا، وولجنا المستقبل لبعض حين، غير أن اليوم الواقع غير الواقع، والحال في أسوئه، وما كان متاحا في الأمس، للأسف لم يعد متاحا اليوم، بما فيه التعليم.

الدراسة في كلية الحقوق كانت مختلفة عمّا عهدناه من قبل.. الدكتور يلقي علينا محاضرته شفاهه، وكان علينا أن نلاحق تدوين ما يقول، وفي أكثر الأحيان لا يعيد ما قال.. كانت يدي ثقيلة تتصبب عرقا، بسبب مشكلة في الغدد.. وأبدوا في هيئتي تلك، وأنا أهرع بعد كلمات الأستاذ أشبه براكض متعثرا بحذائه في سباق الضاحية..

كنت أغبط الطالبات لأنهن في هذا السباق جياد.. كانت بعض المفردات تفوتني أو تطير منّي فتضيع الجُمل وتشرد العبارات، ولا ألحق تدوينها، ثم أحاول التجاوز بفراغ أحيانا يطول سطر أو أكثر، ثم أعمد في وقت فراغي أو مذاكرتي إلى إعادة قراءة ما سبق، ووضع المقاربات المحتملة للكلمات أو الجمل التي شردت عنّا؛ فإن أستحال الأمر أو أُشكل علينا؛ فزميلاتنا لمثل هذا الفراغ رسم ومرجع.

كان الدكتور يسجِّل لنا عقب كل محاضرة مجموعة من المراجع، وعلينا قراءة كل ما فيه صلة بالموضوع، ثم في موعد “السمنار” كل يستعرض مفهوميته.. وكانت تتبع الكلية مكتبة وفيرة بالمراجع والكتب..

كل موضوع أو درس يمر علينا يستمر معنا حتى تكتمل دورته، حيث تبدأ بالمحاضرة، مرورا بقراءة المراجع ذات الصلة، ثم السمنار أو المناقشة، ثم الاختبار، ويتوج بالامتحان مسك للختام، وتكون النتيجة هي الخلاصة أو المحصِّلة.. كانت الجامعة في عدن بكلياتها المختلفة رغم ثقل الأيديولوجيا، إلا إنها تصنع معها وعيا وابداعا وفكرا وثقافة..

ظلت ترافقني في الجامعة رغبة القراءة بصوت عالي حتى بلغت حد الاستحواذ.. صار يتملكني طبعا ولا أستطيع الفكاك منه، ولا أكتفي بهذا، بل احتاج أيضا لبني آدم يستمع لحديثي عند المذاكرة، وزائد على هذا وذاك أحتاج من يناقشني ويسألني..

كان زملائي محمد قاسم أسعد من ردفان، وعبيد صالح وصالح القُمّلي من الشعيب، وعبدالاله مشهور من يافع، وقائد حسن حزام من المعلا، ومحمد ربيع عميران من "القلوعة"، آنس لهم وأستمتع بمجيئهم إلى البيت للمذاكرة، وأحيانا يملنّي أحدهم أو يتمرد، فاستعيض عنه بآخر، وعندما يقرفني الجميع وربما يضيقون بطبعي أو أنانيتي ويتمردون، ألوذ إلى خالتي "سعيدة" التي لا تقرأ ولا تكتب، وأعلن بها إنتصاري على من قرفني..

كانت خالتي تستمع لي وأنا أشرح لها دروسي، وأتحدث إليها وعمّا قاله ماركس ولينين وأنجلس وهي “الأمِّية” صبورة وطويلة البال.. كان النعاس يداهم عيون خالتي في كل حين، وهي جالسة تستمع لي، ومن أجل أن اجعلها يقضه أطلب منها أن تردد ما أقول مرة ومرتين وثلاث لتشتد وتندمج معي ومع ما أقرأ.. كنت أشعر أنني أتنازعها مع النعاس والنوم، وعلى نحو مرهق ومُلِح حتى صرت أجيد في فترة لاحقه إدارة الاشتباك مع النوم.. آه كم كانت خالتي هذه صبورة وطيبة وودودة..

ي
تبع..
بعض من تفاصيل حياتي
إذا كانت وثيقة المجلس الانتقالي بصدد فرض غرامات وعقوبات تستهدف الحريات والحقوق ومنها حق التعبير والرأي، فإنه بذلك يصير لا يقل خطرا على المستقبل وعلى حريات وحقوق الإنسان من الحوثيين، مع فارق أن الحوثيين أقل إرتهانا من المجلس الانتقالي، ويقدمون مصلحة الجماعة على غيرها من المصالح، فيما الانتقالي يقدم أجندات الخارج على أجنداته..
اصداء من الوتس _ و . ش:

التسلسل في سرد احداث هذا التاريخ ممتعاً للغاية..وجدتني هناك..على نمط الإختلاط لديكم..كان أيضا في جامعة صنعاء القديمة.." صاحب القراطيس" ذكرتني بصاحب الكرافت الوردي

" كان لنا زميل لا يلبس الا الوردي في كرافتاته" كان ينهشني الفضول لمعرفة سبب هذا اللون لدية مع الكرفات تحديدا..وكل عام وانا أجمع شجاعه كافية ومصرة على توجيه سؤالي...وعندما استجمعت شجاعتي كنت قد عرفت كيف أبداء الحديث بالسؤال عن الدروس لمدة أسبوع..ليطمئن لي، وفي الاسبوع التالي قفزت بالسؤال له فكان رده جميلا لدرجة انه أخرسني..كان رده خجلا بعض السيء وكأنه يبرر لي : زوجتي من القرية، وهي تختار لي دائما الكرفات عندما نذهب للتسوق" ....

لم يكن صاحب القراطيس الا وجهاً آخر لصاحب الكرفات الوردي..كليهما عاشقان..ولكن كلٍ كان يغني على ليلاه...
جميلة جميلة جميلة...أنتظر باقي هذه السلسلة بشغف.

و.ش
اصداء من الوتس
محسن حيدره:
يفضل من وجهة نظري ان يألف كتاب شامل جميع مذكراته عن هذه الأحداث المؤسفة التي شهدتها حكومة اليمن الديمقراطية معززة بلقاءات كثيرة من القيادات التاريخية لتلك المرحلة على سبيل المثال مؤسسي الجبهة القومية من ابناء الشمال امثال :

الوالد العزيز ابو خلدون محمد سعيد عبدالله (محسن الشرجبي ).

والشامي ، سلطان احمد عمر اذا كان على قيد الحياة ربنا يحفظه وغيرهم الذين لاتسعفنا الذاكرة لذكرهم والذي تطور نضالهم الوطني الى جانب إخوانهم الجنويين فيما بعد إلى تاسيس الجبهة الوطنية(حزب حوشي ) .

ومن الجنوبيين الأحياء ربنا يطول في اعمارهم امثال :
علي ناصر محمد الرئيس السابق
محمد علي احمد
سالم صالح محمد
الدكتور ياسين سعيد نعمان
علي سالم البيض
حيدر العطاس
وغيرهم من القيادات التاريخية الجنوبية والشمالية الأحياء لنقل حقائق تاريخية مهمة للأجيال حتى لاتاتي فترة نفتقر فيه الى امثالهم لمعرفة حقبة زمنية حزينة وماساوية وسيئة..

وانا متاكد لن يبخلوا عليك بالحقائق حتى وان كانت ضدهم وهذا تاريخ ليس عيب فيه ان ينقل بمصداقية..

......... ياريت اخي الكريم والقدير ان تخرج مذكراتك بصورة كتاب تاريخي معزز كما اشرت انفا باللقاءات مع القيادات التاريخية الأحياء حفظكم الله ورعاكم جميعا..

انا طبعا متابع باعجاب بكل حلقاتك ليس في هذا الجروب فحسب بل بجروب السلام ايضا فالحقيقة تشعرني بنقل دقيق وصادق لتلك المرحلة وبشفافية تامة.
وفقك الله وكان في عونك دائما وابدا...

اخوك / محسن حيدره
كلية الحقوق
(3)
حامد وأصفاره وزميلنا قائد
احمد سيف حاشد

الأستاذ حامد يدرّسنا مادة نظرية الدولة والقانون.. تعد هذه المادة من أهم المواد الدراسية في سنة أولى حقوق، وتستولي على نصيب الأسد في جدول الحصص الدراسية.. الأستاذ حامد يتصف بالحزم والجدية والإلمام في مادته، وأكثر من ذلك بالبخل الشديد في منح الدرجات لطلابه.. صحيح أن محاضر المادة دكتور روسي، فيما الأستاذ حامد يتولى الترجمة، ولكنه في الحقيقة كان الأكثر حضورا وفاعلية، ويتولى كل تفاصيل تدريس المادة، من ألفها إلى ياءها ما عدا إعداد المحاضرة، وبعض الحضور الشكلي للمحاضر.. كان الأستاذ حامد مهابا، وفارضا نفسه على الجميع..

أول اختبار حقيقي في هذه المادة بدا صادماً في نتائجه للجميع.. أول مادة يتم اختبارها في دفعتنا، وإعلان نتائجها في القاعة الكبرى.. إنه يوما لا يُنسى .. لقد أعطى ذلك الإعلان إلى حد ما ملمح أوّلي للمستوى التعليمي لكل طالب.. ربما هذا أول تعارف فعلي بين الطلاب، من حيث القدرة على التفوق، واختبار القدرة على التعاطي مع الدراسية الجامعية.. أكبر نتيجة تم إحرازها كان سبعة من عشرة.. حُزناها قلة قليلة لا نتعدّى الأربعة أو الخمسة طلاب.. بدينا محل دهشة وتساؤل الزملاء عن كيفية إحرازنا مثل تلك النتائج التي نلناها من أشد البخل وطأة.. كيف انتزعناها من بين فكي الأسد.. بدا الواحد منّا أمام زملائه كمن أجترح مأثرة أو معجزة، وسط خيبة كبيرة ومدوية، وفشل عريض طال أكبر عدد من طلاب الدفعة.. لقد كنّا أشبه بالناجين من الغرق..

لا أذكر إن طالبة نالت درجة سبعة من عشرة إن لم تخنِ الذاكرة.. أكثر فتاة حصدت على خمس درجات.. نتائج الطالبات في أغلبها كانت متدنية جدا، بسبب حفظ المادة من الكرّاس وعدم العودة إلى المراجع.. ومع ذلك نتيجة الخمس درجات بدت جيدة عند المقارنة بما دونها.. رقم لم ينله إلا القليل.. أما السبع درجات فتقدم لك التميز، وتجعل البنان تشير إليك..

صفر من عشرة سمعناه يتكرر ومعه الواحد والاثنان.. سماع الصفر كان يدوّي كثيرا في القاعة، وينزل على أصحابه كالصاعقة.. أما الواحد والاثنان ينزلا على أصحابه كطلقات المدفعية.. الخيبة كبيرة والنتائج صادمة، والوجوه بعد السماع تغرق بالخجل الوخيم، أما من يحصل على خمس أو حتى أربع درجات، فيقول في سر نفسه "اللهما لك الحمد والشكر"..

كانت رسالة الأستاذ حامد للطلاب من خلال هذه النتيجة هو أقرأوا من خارج الكُرّاس.. الدرس في الكراس مجرد عناوين.. لم تُمنح السبع درجات إلا لمن قرأ المراجع وأجاد الجواب.. أستشعر الجميع أن الجامعة شيء مختلف، وأن هذا الاختبار هو أول وأهم اختبار عرفناه في الجامعة، وعرفنا فيه أيضا قيمة الجامعة، وماذا يعني التعليم الجامعي..

لنا مع هذا الاستاذ القدير عدد من الطرائف.. ففي أحد “سيمنارات” النقاش كان صديقي وزميلي قائد حسن حزام إذا تصدّى للإجابة على سؤال الأستاذ؛ أستطرد وأفاض في الجواب، يبدأ مُسهبا من مطلع الكلام ليعدو ألف ميل، ولا يصل إلى الجواب إلا بعد طلوع الروح.. لا يعجبه أن يقطف الجواب مباشرة، بل يبدأ من وعادها نطفة، ولا يصل للجواب الذي يريده الأستاذ إلا بعد الولادة ، بل وبلوغ الفطام..

سأل الأستاذ زميلنا في إحدى المرات عن المرحلة الشيوعية، فبدأ زميلنا بالجواب والتسلسل من المرحلة المشاعية، وهذا يعني أن جوابه سيعبر العبودية والاقطاعية والرأسمالية والاشتراكية ولا يصل إلى الشيوعية إلا بعد مشقة مضنيه، ووقت سيتطاول ولن تدركه الساعات الطوال، وإن استعجل سيصل إلى المطلوب آخر النهار.. ففاجأنا الأستاذ حامد وأستأذن من الطلبة ليذهب إلى الشيخ عثمان، وأبلغنا أنه عندما يصل زميلنا المرحلة الشيوعية نتصل به ليأتي يكمل السمنار ههههههههه لحظتها كدنا ننتحر ضحكا..

كان عندما يوجه الأستاذ حامد سؤال إلى زميلنا قائد نظل جميعا نترقب الجواب بشغف، ونحبس أنفاسنا في صدورنا حتى لا ننفجر ضحكا، ونتذكر السالفة السابقة، حالما كاد الاستاذ يغادر القاعة إلى الشيخ عثمان.. ومع ذلك يظل زميلي قائد أعز أصدقائي وأطيبهم وأنقاهم وآمنهم.. كافح كثيرا ليكمل دراسته الجامعة بسبب ظروفه المادية الصعبة.. كان لديه زوجة وأطفال ومسؤولية، تحمل والده البسيط كامل الأعباء حتى أكمل ولده قائد الدراسة وصار بعدها قاضيا..

يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
اصداء من الوتس:
ماميز الحزب عن كتله الغثاء السياسي في الوطن انه نقد نفسه ونقد بصدق كل مراحله.. وليس هناك مشكل ان نشر احدهم مثل هكذا نقد او وقفه مع النفس.

الحزب الاشتراكي سواء الان او بعد عقد من الزمان بحاجه لكل نقد بناء ونقد ايجابي يصحح المسار ويوضح النهج ويزيل التراب عن التاريخ النضالي والذي يحاول البعض من ساسه الحزب تركه وراء ظهرهم والعودة لحضيرة الرجعيه الدينية والقوى الظلامية او العصبيات المقيته...واتذكر كتاباتنا النقدية عن انبطاح قيادة الحزب بتعز وكان يقال لنا ليس وقته الان...حتي وصل الجميع الي منعطفات الانزلاق اللا أخلاقي في التبعيه لحزب سالم الدست التي صارت سمه من سمات قيادة الحزب الاشتراكي بتعز(فرع الاصلاح) ...ووصل الجميع لنفس القناعات التي تحدثنا عنها قبل ثلاث او اربع سنوات.

تابعت الحلقات التي نشرها النائب المناضل/احمدسيف حاشد حول احداث يناير١٩٨٦م وكانت كتابات شاعرية اكثر منها تاريخية ...وتسطير لحظات الفزع والجنون والحقد والسواد الذي حل في تلك المرحله السوداء لحظات ابكتنا وانا اقرائها واحزنتنا...وجل كتابات النائب/احمدسيف حاشد خلال عامين...والتي هي مذكرات شخصية تشرح حال كل يمني..معاناته...آلامه..واحزانه...شجنه..وعشقه ...وحلمه...وتخوفاته..فهي بالمجمل رائعه وشيقه...واتمني ان يخرج هذا العمل بشكل كتاب..فهو رواية اكثر منه مذكرات شخصيه..

*لنحسن الظن حول هكذا كتابات ناقده حول مرحله من مراحل العنفوان الحزبي ....والذي نتمنى عودته الي حياتنا الحزبية الراكده الان..قيادة نائمة في القاهره والرياض....وقيادة منكفئه في المحافظات الجنوبية وتنصلت من قيادة المشهد السياسي...وقيادة في كيس وزنبيل(الاصلاح) بتعز.*
*تلك المرحله بكل عنفوانها وزخمها وألقها واخطائها لنحاكمهافي سياقها التاريخي ..ونستفد منها..ونحولها دروس وتاريخ..*

واعتذر عن الاطالة..
مودتي،،
اصداء من الوتس
انتظر انتظر.. الجامعة وشوارعها كما قسمناها نحن الطلبة/ خلف قاعة جمال عبد الناصر يقع، " شارع الحب"..." شارع الغلابه." " مقر " الفلاسفه والخ من المسميات كلها تأتي من هذا السرد...
انت تيقظ موميا من سباتها العميق..! سأنتظر تاريخا من الجمال يسرب هنا..

و. ش
اصداء من الوتس:
رحلة معاناة، وسيروره مؤلمه، لكنها تصنع الحياة، تتكامل لتبلور شكلا من أشكال التحدي، لتصيغ الشخصية، من السياقات الزمانية والمكانيه، ولتصنع إرادة وأدوات معرفه تمكن من الإستمرار لقادم مجهول.
التمكن من الأدوات سلاح المستقبل.
لغة عامرة بمضمون الحدث، نابعة من القلب، تصل للقلب والعقل، بصدق الشعور، ووصف الحالة ببراءة وتلقائيه وموضوعية،.
تجربة غنية بالأحداث، التي ربما عشناها بصور مختلفه، لكن التمسك بالأمل للحياة والإنتقال للأفضل كانت مشتركات الانتقال من الشمال للجنوب، فعلا ورفضا لواقع مرير.
إرادة بحثا عن الأمل.
ما يحز في النفس، إستمراو مرارة التجربة، الجهل والإستبداد يطور أدواته أيضا.
سلام.🙏🏻💐🌼
كلية الحقوق
(4)
“نور” اللحجية الجميلة
• في سنة أولى من كلية الحقوق كانت “نور” الأكثر جمالا ودهشة بين الجميع.. نور تنتمي لمحافظة لحج.. لم أكن أعلم أن في لحج كل هذا الجمال الغامر، وهذا السحر المبين الذي يملا المحيط ويفيض.. جمالها يسلب الألباب والقلوب، ويجردنا من كل سلاح ومقاومة؛ لنأتي إليها طائعين خانعين مستسلمين.. ما كل هذا الضعف الذي بات يعتريني، ويستولى على كل شيء فيني يا الله.. جمال لا أقوى على تحدّيه، بل لطالما كشف مدى ضعفي وهشاشتي التي باتت لا تحتمل نسمة هواء حتى تخور وتنهار ركاما من حطام..

• أختلس النظرة من نور كلص، وبقلب مرتجف ومرتعش.. أنا أكره أفعال اللصوص يا الله؛ فلماذا تحولني إلى لص رعديد، وأكثر منه غير محترف؟! هذا الجمال الفارط صيرني خائفا ومتميا، وأنا الذي أثور على نفسي على أن أكون جبانا أو ذليلا.. أنا المتيم بنور، وقد صرت مملوكا لها، وعلى وجهي أهيم.. لقد صارت سيدتي ولها فصل الكلام؛ فهل هي تقبل عبوديتي إلى الأبد..

• أعشق الحرية حد الموت، ولكن هذا الجمال المفرط بات يستعبدني.. جمال يمارس الطغيان، حتى حولنّي إلى عبد خائف مرتعد؟! أنا المدموغ بالإنكار، ولكن في حضرة الجمال أعترف، إن جمالها حجة الله الدامغة على وجوده في الأرض الذي يهتز قلبها من شدته..

• أستفتح بها كل صباح.. انتظر قدومها كسفينة نجاة، أو كأسير ينتظر فاتح عظيم.. انتظرها ساعات طوال لاغتنم لحظة في غفلة الزمن المدجج بالعيون؛ لأختلس نظرة تلتاع بشوق كالحريق.. كل العيون ترمقها بجرأة إلا خجلي ينتظرها ساعات طوال ليغتنم لحظة بلمح البصر، وخلسة من رقابة كل العيون.. أشعر أن العيون كلها راصدة، تراقب كل شيء، وتعدم أمامي خلستي الفاشلة في معظم الأحيان..

• عيوني المتعبة تترصد غفلة لتقترب من ملكوت الإله وممالكه.. أنا محب ولست شيطان رجيم.. أريد أن أدونوا وأقترب لاسترق نظرة أو كلمة في غفلة الشهب الحارسة.. أستلهم الوحي والعلم والسر العظيم.. أحاول أعبر ببصري من ثغرة الرعب اللعين في غفلة الحراس، لاسترق سرا من السموات العلى، لأمارس كهانة الحب الجميل..

***

• كنت أجلس بقاعة المحاضرات الرئيسية في أول الصف، فيما كانت نور أغلب الأحيان تجلس آخر الصف أو في مؤخرة القاعة في الاتجاه الآخر.. كنت أحرج أن أجلس آخر الصف، وأشعر بخجل أن أزاحم الهائمين عليها وهم كُثر يتزاحمون.. كان خجلي يحول أن لا أبدو أمام الآخرين طائشا أو مراهقاً يشبه الصبية الغر في التصرفات المتهورة..

• كان الأستاذ إذا سأل الطالب سؤال أو أجاب الطالب على سؤال الأستاذ، وكان موقع الطالب أو الطالبة في الوسط أو المؤخرة، أقتنص الفرصة، وأوهم العيون أنني أهتم بجواب السؤال، فيما أنا في الحقيقة أختلس نظرة عجولة من وجه “نور” كنت أعصر عنقي حتى اسمع الطقطقة، أدور برأسي نحوها كالحلزون؛ لأرمق وأسرق نظرة على حين غفلة من الزمن والعيون..

• كنت شديد الحذر من أن ترمقني أحد الأعين وأنا أصوب سهامي نحو نور، فيما هي مشغولة في دائرة أضيق من الجوار.. كنت شديد الحذر وأنا أتحاشى العيون لأصل إلى عين نور.. حذري من العيون يشبه حذر جندي الهندسة وهو يسير في حقل ملغوم، ومعي بغيتي الباحثة عن نظره من جمال الله وابداعه في نور أودعه.. إنها نظرة عاشق ولع كتوم.

• نور اختفت فجاءة ولا أدري أين ذهبت!! لم تعد تأتي إلى الكلية كل صباح.. نور غادرت الكلية للأبد، ولكن لا أدري إلى أين!! نور كانت الجمال والدهشة كلها .. نور على نور ونار.. قبس من سر ووحي عظيم.. معجزة لا يأتي بمثلها إلا الرحمن الرحيم..

يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
😂😂😂 ما صحة ما ورد في البلاغ؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم.
بلاغ هام..
وصلنا مصاب من بلاد خولان.. وبعد الفحص تبين أنه مصاب بفيروس كورونا يومنا هذا في مستشفى الكويت فقمنا باتخاذ الاجراءت الطبية مع المصاب حفاظا على حياته وصحته, فقام المصاب بالاتصال ببعض اقاربه وحضرت 16 سيارة مدججة بالاسلحة واخذوا المريض بالقوة.. وقمنا بابلاغ وزير الصحة بهذا التصرف الهمجي, فهذا مصاب وهو رهن الحجر الصحي للعلاج وليس مختطفا, فكيف نتعامل مع هؤلاء البشر..
يا أصحاب خولان هذا مش هو الرويشان ولا هو مختطف هذا انسان مصاب ونحن نقوم بواجبنا الطبي كي تتحسن صحته ويعود الى حياته الطبيعية, فما الحل مع هولاء البشر, لكن طالما وأنتم لا تفهمون فهنيئا لكم الكورونا. اقل شي عشر سيارات بمن فيها ستصابون بالفيروس ممن حضرتم بموكب 16 سيارة لإخراج صاحبكم.. والله على ما أقول شهيد.

حسن محمد الحمدي
طبيب مناوب للحالات الطارئة.
كلية الحقوق
(5)
مادة "الكساح"
اللغة الإنجليزية هي خيبتي الكبيرة التي رافقتني طوال دراستي في كل المراحل، بما فيها السنتين المقررة في الجامعة.. العاهة التي عانيت منها طويلا، ولم استطع مغادرة فشلي فيها.. الكساح الذي لم أتعافِ منه إلى اليوم.. المادة الوحيدة الذي يجتاحني فيها القلق منذ الصباح الباكر، ويستغرقني الإحراج وأنا أحضر درسها الذي يطول، وأشعر أنه يشبه في طوله يوم القيامة.. الوحيدة التي أحس خلالها بالعجز الثقيل، وفقدان طاقتي الإيجابية كاملة.. تفترسني دون أن أقاوم، وليس لدي فيها ما أقوله..

أشعر بالعك والاكتئاب لمجرد أن أتذكّرها.. إن أردت تفسدُ ضحكتي المجلجلة في الكلية ذكرنّي بها.. ساعة في درسها أشهد فيها أهوال القيامة.. ساعة تساوى خمسون ألف سنة مما تعدون.. عثرتي وكساحي في الجامعة، التي لم يشاركنِ فيها، غير زميلي وصديقي عبيد صالح الشعيبي..

أشتاق لكل المساقات الدراسية، وأحرص أن أكون في الصف الأول دوما في مواجهة الأستاذ عين بعين، ولكن إذا ما أتت مادة الإنجليزي أهرول إلى الصف الأخير في الفصل.. أكثر من يشاركني هذه الهرولة زميلي عبيد.. كنّا نحاول الاختباء من نظرة الأستاذ في السنة الأولى والاستاذة في السنة الثانية خلف أجساد ورؤوس زملائنا الذين يجلسون أمامنا في الصفوف.. لو أصابني الزهيمر سأنسى الوجوه كلها، إلا وجوه مدرّسي مادة الإنجليزي.. إنها إحدى عقدي الدائمة في الحياة..

إحدى المرات كان زميلي عبيد يحاول مثلي يخبئ رأسه خلف الرؤوس، وعندما أدرك الأستاذ ما يفعله صديقي حاول القبض عليه بسؤال.. اذا مال رأس عبيد يسارا، مال معه رأس الأستاذ؛ ويقول له “نعم أنت” ويوجه له السؤال.. ولكنه بدلا من أن يجيب على سؤال الأستاذ، يميل عبيد رأسه إلى اليمين، فيميل الأستاذ إلى اليمين، ويجعله تحت ناظريه حتى يقنصه، ويقول له مرة ثانية “نعم أنت.. أنت”، فلم يبقِ لزميلي عبيد إلا أن يحاول يطأطئ رأسه في الوسط والانحناء برأسه إلى الأسفل حاجبا رأسه برأس زميلة الذي يقف أمامه؛ فيقف الأستاذ على أطراف أصابعه، ويحدده بيديه، فيفقد زميلي عبيد كل حيلته، وبدلا أن يجيب على السؤال يرد على الأستاذ: مش أنا يا أستاذ، هذا صاحبي الذي بجانبي، ويشير إليّ؛ فينفجر الطلاب في الصف بالقهقهة..

كان يلتبس على زميلي عبيد حروف “السيc” و “الإسs” فيسألني لأنجده عندما يسأله الاستاذ، ولكن بدلا من أن أساعده في التمييز بينهما أشيره بأنه “آرr” فينفجر بالضحك الزملاء في الجوار.. بعض الطلاب وفي كل حصة لمادة الإنجليزي ينتظرون بفارغ الصبر ما يأتي منّا ليضحكوا.. كان كل منّا أحيانا أشبه بالممثل الإنجليزي “مستر بن” في أدواره الصامتة، وما ننطقه يبدو كوميديا كاملة تضحك الجميع..

طلبت منّي مدرِّسة مادة الانجليزي في إحدى حصصها أن أركّب سؤالا باللغة الإنجليزية.. طارت الكلمات من رأسي تحت هلع مباغتتها لي بالسؤال.. وفجأة تذكرت كلمة “سليب” الإنجليزية، وأضفت إليها السؤال والضمير!: فصار السؤال: أين تنامين؟! فضحك الجميع وأولهم مدرِّسة المادة..

أما زميلي عبيد فأراد البوح بما يعتمل في رأسه من هاجس في تلك اللحظة؛ فألتمس منها طلبا حالما سألته أن يأتي بجملة إنجليزية فيها سؤال، عندما كان يرنو من النافذة المطلّة على الميدان، ثم صارح المعلمة بقوله: يا أستاذة.. في الحصة حقك مستعد أن أحمل كيس ملح، وأظل احمله وأجري حول الميدان، حتى تكملي وقت حصتك ثم تناديني بالعودة إلى الصف، ولكن لا تسأليني!.. فقرح الجميع بالضحك..

كنّا في كل حصة ينتظرنا بعض الزملاء ماذا سنقول إن تم سؤالنا؛ ليقهقهوا.. فيما أنا وزميلي طيلة حصة مادة الإنجليزي نسأل الله السلامة.. السلامة فقط هو دعانا ومبتغانا طوال الدرس.. لا نسأل غيرها.. وعندما تنتهي الحصة؛ نتنفس الصعداء، وتتجدد لدينا الحياة في ذلك اليوم؛ وكأننا عبرنا السراط المستقيم بسلام..

كنّا أوفيا أنا وزميلي عبيد لبعض حتى يوم امتحان هذه المادة.. كان جلوسنا يوم الامتحان مع بعض جنبا إلى جنب وهو ما لفت وأثار فضول وضحك زملاءنا.. صرنا مثل خيري وأخيه.. بدا الأمر محل غرابة زملائنا.. كنت أستخدم في الإجابة على أسئلة قطعة القراءة من خلال البحث عن الكلمات في السؤال، ثم أبحث عن الكلمات المشابهة لها في قطعة القراءة، وأعرف أنه الجواب الصحيح.. ثم أكتب الاجابة من النقطة إلى النقطة.. كانت تلك القاعدة التي نسير عليها نوفق فيها إلى حد بعيد، إلا عندما يمكرنا السؤال..

كنت اعتمد على المقارنة والحدس عند الإجابة.. وأحيانا أشعر وأنا أبحث عن إجابة أنني أشبه بالأعمى الذي يعتمد على عصاه في البحث عن الطريق.. وأحيانا اعتمد على شجاعة صديقي عبيد، فأنا لطالما خانتني شجاعتي في مواقف كتلك..

وعندما يمر الوقت المخصص للامتحان، ويمنح المدرس أو المدرِّسة خمس دقائق اضافية، أكتب فيها أي شيء ولا أترك سؤال إلا وكتبت إجابه له، جلها لا يفهمها لا عربي ولا إنجليزي..

خطي في الإنجليزي جميل وأنيق ، وما أكتبه في الوقت الضائع قبل نفاذ الوقت، لا يستط
ع أحد فهم معناه، ولا أعرف المعنى حتى أنا، وأدرك مليّا أن الأستاذ أيضا لن يفهم شيء، ولا استطيع أن أقرأ شعوره وهو يقرأ، ولكن أدرك أن أقل ردة فعل لديه هو الابتسام، وهذا يكفي.. وربما حدِّث نفسه أن هذا الطالب غريب ومتميز حتى في جهالته.. المهم بالنسبة لي أن أحاول ولا أرد سؤال بخيبته دون جواب.. أكتب أي شيء.. إنه الوقت الضائع الذي لا أضيعه، حتى وإن كان الضياع هو ما أكتبه..

وفي المحصلة لا نسعى أنا وصديقي إلا أن نحصد نصف الدرجة وهي النجاح بالكاد.. أذكر أحد المرات في أيام الحصاد كانت درجاتي في الإنجليزي 26 من 50 قلت في نفسي أن الدرجة الزائدة للإجابة التي اكتبها، وما أكتبه أصلا في الوقت الضائع غير موجود حتى في قواميس اللغة الإنجليزية.. لا أحد يفهم معناها حتى أنا، ولا تعدو غير شرف المحاولة اليائسة، إن لم تكن طلاسم تجلب لي الحظ ومقبول النجاح..
اصداء..
خليل الصريمي:
ههههههههههه
ذكرتني بعمي عقيل كان لا يجيد الانجليزية مطلقا وهو في الجامعه سنة ثالثة تجارة وبعد الامتحان ظهرت درجته ضعيف جدا. فماذا تعتقد علم عمي علي هذه النتيجه
قال انا دارني اني ضعيف لكن تضيف جدا وكانها دعست على رقبتي ههههههه
لكنه كان ذكيا جدا في كل المواد الاخرى
لذا انا لا اتعجب لان لدينا شبيه
هههههههه
لكني احب واحترم واقدر صراحتك ومصداقيتك ليس كمن يدعي انه حاصل على درجة الدكتوراه وهو حمار لا يفهم ولا يعي شي
اصداء..
خليل الصريمي:
ههههههههههه
ذكرتني بعمي عقيل كان لا يجيد الانجليزية مطلقا وهو في الجامعه سنة ثالثة تجارة وبعد الامتحان ظهرت درجته ضعيف جدا. فماذا تعتقد علم عمي علي هذه النتيجه
قال انا دارني اني ضعيف لكن تضيف جدا وكانها دعست على رقبتي ههههههه
لكنه كان ذكيا جدا في كل المواد الاخرى
لذا انا لا اتعجب لان لدينا شبيه
هههههههه
لكني احب واحترم واقدر صراحتك ومصداقيتك ليس كمن يدعي انه حاصل على درجة الدكتوراه وهو حمار لا يفهم ولا يعي شي
اصداء .. من الوتس

جمال .ا:
ياعاشق النور ذكرتني بأجمل ذكرياتي في سنة أولى حب بكلية التجارة..
يا الله كأنك تسرد تسرد ما مررت به وتصف مشاعري وما كان يختلج به صدري عندما تدخل أحلام قاعة المحاضرة..هي فتاة عدنية تميل بشرتها إلى السمرة طفولية هي تقاطيع وجهها توحى لك ببرائة ونقاء قلبها وصدق وعفوية مشاعرها ، تعلقت بها طوال الترم الأول حتي اختفت أحلامي كما اختفت نورك .. 🌴
اصداء من الوتس:
جميل جدا انا التحقت بكليه الحقوق بالعام الفين وخمسه الفين وسته وتخرجت في العام الفين وتسعه في المبني الجديد في مدينه الشعب اجمل ايام حياتي تذوقت الحياه حبيت وانحبت لا زال اتذكر كل قاعه وكل زقاق وكل الزوياء مشتاق لتلك الايام احن لها والتاع ايام لا تمحي من الذاكره ساكتب مذكراتي ولكن بطريقتي وسااستفيد من مذكراتك طبعا لا تشبها ولكن سا احاول ان اقلدك في الحبكه والسرد تحياتي