أحمد سيف حاشد
341 subscribers
2.77K photos
6 videos
5 files
2.86K links
عضو برلمان
Download Telegram
دراسة في هذه المدرسة الجنوبية التي لا ننسى معروفها علينا مهما تقادمت الأيام والسنون..

إجمالا كان لدولة الجنوب ـ جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ـ الفضل الذي لم ولن ننساه ولن نجحده، لقد كنّا بأمس الحاجة للتعليم، ودونها كان افترسنا الجهل ونهبنا الغياب، وربما ضياعنا كان احتمالا واردا، إن لم يكن بحكم المحقق والأكيد.. وفي هذا المقام لا بأس من استحضار قول الشاعر المتنبي:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته*** وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا.

***
يتبع
فصلي من مدرسة الشهيد نجيب..
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=508291240125807&id=100028348056925&sfnsn=mo
وزارة عقوق الإنسان
ماذا قدمت لحقوق الإنسان في صنعاء خلال خمس سنوات من الانتهاكات والبشاعات
غير حوار بائس، وشكر أكثر بؤسا من صاحبة، لقناة انتجها الفساد المربب..؟.!!
إنه زمن التفاهة والتافهون..
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=508296680125263&id=100028348056925&sfnsn=mo
صنعاء تحول المدرسين إلى شحاتين
شهرين معاش في الشهر
و 25 ألف يريدون إحلالهم
بدلا عن 25 ألف مدرس من ذوي الخدمة
احمد سيف حاشد:
بعض من تفاصيل حياتي
المعلم والتعليم
(10)
في أوج التطرف الثوري واليساري
كانت المرحلة التي يعيشها الجنوب في تلك الفترة يسارية وثورية متشددة، وفي أفضل الأحوال لا تخلو من نزعات الطيش والتطرف والحماس الفائض.. كان طلاب "الترحيلات" أثناء ما تقلهم سيارات (اللاندرفر) المكشوفة إلى المدرسة في طور الباحة، أو عند إيابهم، ومعهم بعض المواطنين، يرددون هتافات ثورية، ولكن بعضها كان ذات طابع تحريضي لا يخلو من ممارسة الإكراه ضد من هو متحفظ مما يحدث، أو له رأي مختلف فيه.. هتافات لا تخلو من قمع معنوي، ولي ذراع، بل وإرهاب ضد من لا يعلن تأييده لمسار التوجه السياسي الثوري المعلن..

كانت بعض تلك الهتافات تدعي لنفسها أو لأصحابها الحق والصواب واحتكار الحقيقة، وتمارس الإقصاء بحق المختلف معها.. هتافات لا تقبل التنوع والتعدد في الرأي، ولا تتعاطى مع الرأي الآخر، وتأنس إلى تقسيم الناس إلى "مع وضد"، وبالتالي تمارس تحريضها الذي يصل حد إرهاب الصامتين، الذين تصفهم بالسلبيين.. إنه موقف شمولي ومتطرف خلاصته "أما تكون معنا أو أنت ضدنا" موقف الصامتين او المترددين كان موصوفا بالسلبي، وهو موقف لا يروق لبعض من يعتبروا أنفسهم ثوريين مؤججين بالوعي الثوري، ويتم إرهاب وتوعد السلبين بضربهم في المستقبل بيد من حديد..

ومن تلك الهتافات التي مازالت عالقة في ذاكرتي:
“يا ويلك ويل يا سلبي من ضربتنا العنيفة
والمتستر بيُكشف والمراحل طويلة”

هتاف آخر كان يحزُ في نفسي، ويترك أثرا أداريه عمِّن كانوا حولي يقول: “دقوا المشايخ.. دقوهم”، ربما كان السبب يرجع إلى أن إخوة أمي في الشمال محسوبين على فئة “المشايخ” رغم ان ظروفهم كانت متواضعة للغاية وربما بائسة.. لم تكن ثمة فروق اجتماعية مهمة تُميزهم عن عامة الناس، أو على الأقل بالنسبة للوسط فيهم..

اتذَكر أن خالي أخ أمي (علي سالم ـ دعبل) كان يقترض ويستدين بعض المال من والدي الذي هو أيضا في حال ضيق وغير ميسور.. وكان جدي، والد أمِّي، معروفاً بزهده وتواضعه، وكان يعمل لآخرته على حساب دنياه، وأغلب وقته كان معتكفا يتلو القرآن في ديوانه أو حجرته تقرُّبا إلى ربه، راجيا رحمته وجنته، غير أن هذا لم يعفه من ممارسات تطرف وطيش اليسار في الجنوب، عندما ذهب إلى عدن بغرض تلقِّي العلاج؛ أخفي قسرياً، وانقطعت أخباره مذ ذلك الحين، ولم نعد نعرف شيئا عنه إلى اليوم..

وبين الماضي والحاضر تشابه المتطرفون بفيض حماسهم الزائد، وادعاءهم باحتكار الحقيقة والصواب، وما عشناه في سنوات الحرب بعد 2015 وما عانيناه من تطرف، كان يذكرنا بكل من يرى أن الحياة بلونين فقط أبيضا وأسودا.. الحياة لديهم لا تقبل أن تكون محايدا أو بموقف مختلف، أو تكون حتى ضد أطراف الصراع مجتمعين.. ومثل هذا يقال أيضا حيال موقف اطراف الحرب والصراع من قضايا وحقوق الرأي والتعبير..

يخنقنا مثل هذا التطرف المغلق في وجه التعدد والتنوع.. كل طرف في الحرب كان يريد أن يجرّنا إلى مستنقعه القذر والملوث، بل ويريد أن يحملنا أو يغمسنا في مستنقعه حتى يصل بنا إلى حضيضه وقيعانه السحيقة.. كل يريد أن تكون في خندقه واصطفافه.. كل يرى أن الوطن جربة أبوه، بل ويرى ذاته هو الوطن كما يتصور ويعتقد..

ومع السنين بدأت تتكشف كثير من الأوهام، ولكن كانت بكلفة وطن بات ممزقا ومبددا.. إنه زمن التافهين والمتطرفين والمخرجات الرديئة لهذه الحرب المكتظة بالبشاعات والمؤامرات والكراهية، والمثقلة بالدمار والخراب الوخيم..

التطرف خطر ليس على المغاير والمختلف فحسب، ولكن على العقل والحكمة والتعدد والتنوع والسوية.. خطر على الشعب والمجتمع والمستقبل.. سياسية "من ليس معنا فهو ضدنا" سياسة مرعبة ومدمرة للشعوب والأوطان والمستقبل الذي ننشده..

الجماعات الدينية المتطرفة تقسم الناس إلى فسطاتين فقط، وبعض الحركات الدينية كالحوثيين توحشت وصارت بعد تمكين تستعدي من ليس معها، وتصفه بالخائن والمرتزق أو المنافق الذي يتعين اخضاعه لمشروعها الخاص والصغير، أو سحقه ببأسها وقمعها وسطوتها المرعبة، فيما جماعات سياسية أخرى في المقابل تطرفت، وتماهت مع العدوان والاحتلال حتى صارت حاملة لأجنداته ومُنفّذا لها على حساب الوطن ومستقبله..

وعودة إلى ما كنت بصدده: درست المرحلة الإعدادية في مدرسة الشهيد نجيب في طور الباحة في اواسط السبعينات وتحديدا من العام (1976 ـ 1978) إن لم تخنِ الذاكرة..

أقمت في (القسم الداخلي) وكان عدد غير قليل من أبناء المناطق الشمالية المجاورة يلتحقون بهذه المدرسة ويقيمون في قسمها الداخلي، وتوفر لهم دولة الجنوب التغذية إضافة إلى السكن.. بل كان مدير المدرسة من الشمال هو عبده علي من قبيطة الأكروب، وكان حسن محمد علي نائبها السياسي من قبيطة صبيح في الشمال، وكذا مسؤول المركز الثقافي كان من معبق وصوالحة الشمال ..

كان سبب توجهنا إلى الجنوب للدراسة إما بسبب عدم وجود مدارس إعدادية في أريافنا المُتعبة، وإما لأسباب سياسية واجتماعية حملتنا على التوجه لل
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=508304793457785&id=100028348056925&sfnsn=mo
راتب المدّرس يعني كرامته
عن أي كرامة تتحدثون؟!
اعرفوا أولا ماهي الكرامة
هل الكرامة تحويل المعلّم إلى شحّات؟!!
لو تحرروا تل ابيب
لن تتغير وجهة نظرنا فيكم
نهابة وفاسدين ولصوص ومستبدين
ومشروعكم خاص وصغير
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=508306090124322&id=100028348056925&sfnsn=mo
تغاريد غير مشفّرة
(1)
وزارة عقوق الإنسان
ماذا قدمت لحقوق الإنسان في صنعاء خلال خمس سنوات من الانتهاكات والبشاعات
غير حوار بائس، وشكر أكثر بؤسا من صاحبة، لقناة انتجها الفساد المربب..؟.!!
إنه زمن التفاهة والتافهون..
(2)
لو تحرروا تلابيب
لن تتغير وجهة نظرنا فيكم
نهابة وفاسدين ولصوص ومستبدين
ومشروعكم خاص وصغير
(4)
صنعاء تحول المدرسين إلى شحاتين
شهرين معاش في الشهر
و 25 ألف يريدون إحلالهم
بدلا عن 25 ألف مدرس آخرين

(5)
راتب المدّرس يعني كرامته
عن أي كرامة تتحدثون؟!
اعرفوا أولا ماهي الكرامة
هل الكرامة تحويل المعلّم إلى شحّات؟!!
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=508364283451836&id=100028348056925&sfnsn=mo
احمد سيف حاشد:
بعض من تفاصيل حياتي
المعلم والتعليم
(11)
فصلي من مدرسة طور الباحة
تحدثتُ مسبقا عن طردي من مدرسة الوحدة، وفي الإعدادية تم فصلي من مدرسة الشهيد نجيب في مركز طور الباحة مدة أسبوعين، وكان قرار الفصل هذا غير محدد في البداية، وتداخل مع ضغط أداري ونفسي لحملي على الاعتراف بما جنيت، ولكنني لم اعترف، رغم دمغي بالدليل..

في قصة طردي الأولى ربما بديت مستهترا، وأطلقت لعنتي على المدرسة، فاستثرت غضب مديري الذي ترك الطاولة التي أمامه، وحاول اللحاق بي، ولكن كانت سيقاني أخف منه، وعوضا عن ذلك أدركني بقرار الطرد، فيما لعنتي التي أطلقتها على المدرسة في ذروة انفعالي، أصابتني وحدي ولم تُصب أحد سواي.. الفارق أن طردي الأول كان للانفعال اللحظي دورة الأهم، وكانت للمكابرة أيضا دورها في عدم طلب المراجعة، وعدم تحمس والدي للعودة، وقد آثر أن أدرس في شعب بدلا من مراجعة مدير المدرسة.. كانت المدرسة المطرود منها قريبة من بيتنا، أو تكاد تكون على مرمى حجر منها..

أما فصلي لأسبوعين من مدرسة الشهيد نجيب، في السنة الأولى إعدادي من قبل مدير المدرسة عبده علي الزغير، فقد جاء دعما للضغط النفسي، من أجل دفعي إلى أن أقر وأعترف على نفسي ومن معي، والأهم أن الاتهام والفصل جاء بعد صبر وتحري وتحقيق لا يخلو من مكر ودهاء..

جميل قائد صالح كان من أعز أصدقائي، وكانت بيننا حميمية كبيرة وانسجام أبراج وطوالع.. اتفقنا على صياغة منشور، وتم شراء أوراق بيضاء، وتم تقسيمها إلى قصاصات متساوية ولافتة، ولأن خطي كان أجمل من صديقي توليت أنا كتابته.. كتبت ما أتفقنا عليه.. دافعنا كان محترما، وما كتبناه كان غير محترم، وقد تضمن تشهير وإساءة، وتم توزيع تلك القصاصات سرا من كلينا في السوق وأروقة المدرسة.

تم إبلاغ مدير المدرسة ببعض تلك القصاصات التي تم العثور عليها، وربما أرسل هو من يقوم بجمع ما تبقى مرميا منها.. تم الاستغراق فيما ورد فيها، وتفحص حروفها وكلماتها وخطها وطريقة كتابتها، وبُذل الجهد للوصول إلى معرفة كاتبها.. أستمر الأمر أياما لا أذكر عددها أو ربما مر أسبوعا أو أكثر..

ظل التحري يجري باهتمام وكتمان شديد، فيما كنّا أنا وصديقي جميل نعتقد إن الأمر قد تم تجاوزه، ولم يحدث حتى الضجيج الذي أردناه للوقوف أمام ما أوردناه في المنشور، ولم نعلم بأي إجراءات مما كنّا نتوخاها من توزيعه..

ربما ما فعلناه أنا وزميلي كان عملا طائشا بل وصبيانيا، وأظن إن المدير كان أكثر حكمة، وتعاطى بمسؤولية جمّه حيال ما حدث، وأظهر تحريه وكتمانه عن حس عالي ومسؤولية لدى المدير تستحق التقدير، وإذا كان هناك من مأخذ عليه، فهو أنه لم يجر التحقيق بحقيقة ما ورد في المنشور، حتى وإن كان ما فعلناه لا يخلوا من سخافة، وربما تم شيئا من ذلك، ولكن لم يتنام إلى علمنا، وكان تصرفه قد جرى على نحو صائب وحكيم، وبكلفة أقل، ومن دون ضجيج.. ربما كان الحق كله لدى الأستاذ المدير..

ولكن كيف أكتشف المدير بأنني كاتب هذا المنشور؟! هذا السؤال الذي كان يجوس داخلي!! حيرة ظلت تتملكني قبل أن أعرف ما بدد بعضها، وبقي بعضها شاخصا إلى اليوم..

لقد درجت في كتابة الدروس والإجابة على أسئلة الواجبات بتقليد خط زميلي مصطفى الفاضلي.. كان خطة جميل وذو رونق جاذب وأخاذ.. كنت أحاول أن أحاكي وأقلد خطه البديع والساحر.. كان زميلي مصطفى يكتب حرف (هـ) بطريقة مميزة تبدو كحلقتين متداخلتين إحداهما كبيرة والأخرى صغيرة.. كان يكتبها بتميز مختلف.. صرت أقلده في كتابتها، وكانت هي الثغرة التي كشفت ما أداريه، أو كانت هي الخيط الذي قاد إلى الدليل، إن لم يكن هو الدليل ذاته..

وفيما كنتُ الساعة السابعة مساء منكبا على كتابة الواجبات المدرسية في القسم الداخلي، تخاتل مدير المدرسة بخطوات مهموسة لم أسمع وقعها، وما أن رفعت رأسي بعد دقائق، وتطلعت إلى أعلى حتى شاهدته وهو واقفا يتفرس ما أكتب.. الحقيقة لم يخطر على بالي إن الأمر يتعلق في البحث عن كاتب المنشور!! لا أدري لماذا قصدني أنا بالذات دون البقية؟! لا أظنها صدفة!! لا أدري كيف قادته قدماه إلى عندي دون غيري!! تلك كانت حيرتي طيلة محنتي تلك..

وبعد تصفح عجول للدفتر الذي كنت أكتب فيه، أخذه معه؛ وقال لي وهو مقفلا: ألحقني الى الإدارة؟! الحقيقة لم أكن أعلم إن الأمر يتعلق بالمنشور، وكانت الدهشة تتلبس وجهي، ولم أكن أعلم إن أحد سيهتدي إلى خطي من بين مئات الطلاب!! لا أدري كيف اختارني من عشرات الطلاب الذين كانوا لحظتها يراجعون دروسهم في القسم الداخلي.. لا أدري كيف اهتدى ليصل لكاتب المنشور خلال أيام أو أسبوع، ودون أن أعلم أو يعلم أحد من اصدقائي إنه يبحث عن شخص ما!! كان الأمر بالنسبة لي مثار حيرة وسؤال..

وصلت إلى مقر الإدارة، واستقبلني المدير استقبال المحقق الرزين والحازم.. كان هادئا وواثقا جدا من أنني أنا من كتبت المنشور، لا أحد سواي! ولكنه يريد فقط أن يعرف من شاركني ودفعني وحرضني على كتابته؟! كان يحمل يقينية كبيرة أنني كاتب المنشور، فيما ك
هل هناك إذلال أكثر ثقلا
من أن تحوّل المعلم إلى شحات
عهد منحط
إنه عهد التافهين بإمتياز
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=509769679977963&id=100028348056925&sfnsn=mo
ظلمكم الوخيم والساحق
جعلنا لم نأبه لانتصاراتكم
ظلمكم صار اكبر من كل انتصارتكم
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=510004146621183&id=100028348056925&sfnsn=mo
في صنعاء ..
صدق أو لا تصدق..
في مقررات امتحانات ثالث إعدادي تم حذف تاريخ الثورة اليمنية..
وإقرار الثورة الصومالية..
مبروك للثورة الصومالية..
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=509780726643525&id=100028348056925&sfnsn=mo
احمد سيف حاشد:
عندما ننقاد الى القتلة ورؤساء العصابات وقطاع الطرق نحصد القتل الباذخ والدمار والخراب ..
كل التعازي والتضامن مع الضحايا واسرهم المنكوبة
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=510040423284222&id=100028348056925&sfnsn=mo
نت أنا أنكر، وأناكر بإمعان وإصرار، رغم إن الأمر قد بديت فيه مكشوفا حد العري..

وبالإصرار على إنكاري وضعته في محل تحدّي، فقد صار هو أيضا يريد أن يسمع الاعتراف مني شخصيا رغم أن كل شيئا بات واضحا في قناعته وحتى في قناعتي المختبئة التي داريتها عنه.. فعندما كان يستعرض أمامي المقارنة بين خطي وخط المنشور، ويدمغني فيه بالقرينة أو الدليل، ويثبت لي إن حرف (هـ) متشابه بين ما هو موجود في المنشور، وما هو مكتوب بدفتري، بل وفي حل الواجب الذي كنت أكتبه وهو واقفا يرصد الكلمات التي أكتبها، ثم انتقل إلى بعض الأحرف والكلمات من أجل أن استسلم وأعترف له بالتفاصيل.. كان ينتظر إنهياري أو استسلامي بالاعتراف، وقد بدأ منطقه قويا وسائغا ولا ينكره إلا مناكر، وكنت بالفعل ذلك المناكر..

أمعنت بإصرار صبياني أنني لست أنا، دون أن أفكر بتقديم أي قرينة أو تسويغ تدعم إنكاري.. فاقد الشيء لا يعطيه وكنت كذلك، وفي نفس الوقت كنت أعلم إن الاعتراف سيجرني إلى كثير من التفاصيل، وأن على رأس ما هو مطلوب مني هو معرفة من الذي أشترك معي..

كنت أرى استحالة أن أرمي زميلي جميل في دائرة الاتهام.. كنت أشعر أنني سأغدو نذلا وجبانا إن حاولت أرمي بحملي على زميلي وصديقي الذي كانت تجمعني به حميمية قوية وصحبة مائزة لا يمكنني التضحية بها، بل هي من تستحق التضحية، وبأي كلفة تمليها شهامتي، ويتعين دفعها..

كان وهو يحقق معي يحاول استدراجي للاعتراف بتسهيل نتائجه، بل يغريني أنه سيعفيني من أي عقاب، وسيحمل المسؤولية للشريك كان فردا أو أكثر.. شعرت أنني سأكون دون شهامة أو رجولة إن أخبرته فقط أنني لست وحدي من يكتب "هـ" على ذلك النحو، وشعرت أيضا إنه من الحقارة أن أدافع عن نفسي بذكر اسم صديقي مصطفى الذي كان بريئا، وليس له صلة فيما أتفقنا عليه وفعلناه أنا وصديقي جميل؛ فآثرت الإنكار، والإيغال فيه رغم أنه لا يبرئ ساحتي..

كانت العديد من الأسئلة تجوس داخلي: لماذا أنا فقط الذي نالني التحقيق، ولم ينال أحد غيري بما فيهم حتى مصطفى الفاضلي، وهو الأشهر بخطه وبكتابة الـ "هـ" بتلك الطريقة؟! لماذا أنا بالتحديد، فيما زميلي وصديقي مصطفى هو الأصل والمبدع الغير مُقلد، أما أنا فمجرد مقلدا له؟! كيف يفوت الأصل ويتم الامساك بمن هو دونه؟! كيف عرف المدير إن هذا خطي أنا بالتحديد بين مئات الطلاب الدارسين في نفس المدرسة؟! لم أعلم أنه قد أخذ المدير دفتر أي طالب لمقارنة خطه بالمنشور!! كيف عرف أنني أنا بالذات من كتب المنشور من بين احتمال أكثر من مائة طالب في القسم الداخلي؟! لقد استخلصت استحالة أن يكون ما حدث محض صدفة؟!

استبسل إنكاري، وفشلت كل محاولات الترهيب والترغيب الذي أبداها مديري أثناء التحقيق، بما فيها تهديدي بإحالتي للبحث الجنائي في المركز، واختار عوضا عنه فصلي من المدرسة دون تحديد أي مدة، وفي نفس الوقت ألزمني بعدم مغادرة القسم الداخلي، مع ترك الباب مواربا للاعتراف له في أي وقت أجد رغبتي فيه..

أستمر فصلي أسبوعين، وكل يوم أو يومين وأحيانا ثلاث أيام كان يحاول استدعائي، والتأكد عمّا إذا كنت أنوي أو أعزم على الاعتراف والرجوع عن الانكار، ولكن دون فائدة.. بعد أسبوعين من الفشل في الحصول على اعتراف لا على نفسي ولا على غيري، أكتفى بالأسبوعين كعقوبة فصل إدارية، وأعادني إلى الدراسة، وأنتهى الأمر عند هذا الحد.. ومع ذلك أعترف لهذا المدير إنه كان حكيما، وبملكة محقق ممتاز، وأكثر من ذلك كان تربويا من الطراز الرفيع..

***
يتبع..
عراك دامي يؤدي بي إلى السجن..
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=509663953321869&id=100028348056925&sfnsn=mo
بعض من تفاصيل حياتي
المعلم والتعليم
(12)
سالمين وفتاح وعراك دامي..
في سنة ثاني إعدادي تم إخراجنا من المدرسة لاستقبال الرئيس سالمين، وأمين عام التنظيم السياسي عبد الفتاح اسماعيل الذي كان لا يقل أهمية عنه.. خرجنا من المدرسة لاستقبالهما ونحن سعداء، ومغمورين بالفرح، وملتاعين بالاشتياق، في يوم بدا لنا استثنائيا، وللمركز الذي أستنفر جنوده وضباطه ومسؤوليه، وجمع غفير من المواطنين، وذلك لاستقبال كبار رجال الدولة وكبار الضيوف.. خرجنا نحن الطلاب بصفوف منتظمة، ثم صرنا منتظمين في صفين على جانبي الطريق الممتد من بوابة المركز وحتى مسافة تزيد عن الكيلو متر باتجاه طريق قدومهما..

كان مكاني في الصف بالجهة المحاذية للمستشفى الذي كان لا يزال حديث العهد، والمقدم هدية من دولة الكويت، وتم تسميته باسم مستشفئ الطيار علي مقبل علي الجليدي من منطقة معبق في الشمال، درس وتخرج واستشهد في الجنوب، لم أعد أتذكر اسمه، ولكني أتذكر أن لقبه "الجليدي" وكان أخويه زميلين لي في نفس المدرسة..

كنت أتحين بصبر وأتشوق بلهفة لأرى سالمين وعبد الفتاح إسماعيل.. كنت أحدّث نفسي: إن هكذا حدث أو فرصة لن تتكرر في حياتي مرتين.. غير أن ما حدث، كان هو الأكثر سوءا.. لقد تم افساد هذه الفرصة، ولم تتأت أخرى غيرها..

كنت أريد أن أشطح وأنتمي وأفاخر أمام أقراني في القرية ـ التي لا تعرف الرؤساء ولا الزيارات ـ انني شاهدت وجها لوجه الرئيس المحبوب سالمين، والمنظّر الفذ عبد الفتاح إسماعيل.. كان وقع سماع الاسمان على المسامع داهش وجاذب، فما بال وأنا أروي أنهم مروا من أمامي على بعد مترين، وهما يلوحان لنا بالتحية والسلام..

وأنا انتظر قدومهما، بديت وكأن التاريخ سيكرمني بمشاهدة رجلين هما من صانعيه.. أردت أن أقول لأقراني في قريتي: لقد حملقت وجالت عيوني بمن تتوق له العيون.. لقد رأيت ما لم ترون.. لقد طلت من المعرفة ما هو عصيا عن الكثيرين.. لقد أردت أن أرد لأقراني الصاع صاعين متذكرا زمن الطفولة، وهم يتفاخرون بزيارة موالد الخضر واليأس وسعيد ابن عبدان، وكأنهم يتحدثون عن غزو الفضاء، فيما أنا حاسرا وبائس أمضغ جراحي وحسرتي بصمت ثقيل وحزن كثيف..

كنت أتحين مرور الرئيس والأمين العام من مسافة قريبة أمامي، وأتمنى مرورهما ببطيء شديد؛ لأغرف النظر منهما قدر ما أستطيع، وأكتنز في الذاكرة وجوههما وهيئتهما وكثير من التفاصيل، أو على الأقل ما قدرت على التقاطه وحفظه في الذاكرة.. إنها المرة الأولى في حياتي التي سأرى فيها مباشرة الرئيس والأمين العام، ولكن طال الانتظار الثقيل تحت هجير الشمس الحارقة، وتأخر وصولهما عن الوقت والموعد المحدد..

كان في الاصطفاف المقابل في الجهة الأخرى مجموعة من أبناء منطقة طور الباحة، سبق أن تعاركت معهم أكثر من مرة، ولطالما استفزوني مرات عديدة.. كان بيني وبينهم بُغض صبيان وتحدّي معاند، وكانوا أشبه بعصابة متربصة.. كنت عندما أراهم أشعر بغربتي، وأنني لست من أهل تلك الديار، وربما هم شعروا أيضا أنني دخيلا وغريبا أثير استفزازهم..

ظلوا يرمقونني ويسخرون مني ويستهزئون بي ويضحكون علي ويتحدونني.. وأنا في المقابل استنهضت التحدي، وقلت لهم اختاروا واحداً منكم لنتعارك أنا وهو رأس برأس، فنزل أحدهم وكان ممتلأ البدن، وبصحة ينبض بريقها كالشمس.. كان معتبي الجسد، كثيف وأشقر الشعر والبشرة، يشبه أولاد الإنجليز، فيما كنت أنا نحيفا ومنهكا، وضعيف البنية، وأعاني من سوءٍ في التغذية.. قلت لنفسي وأنا أرى الاختلال الكبير في المعادلة: ربما السكين تصنع تعادل في التفوق بيننا، أو ترجح الأمر لصالحي..

قلت لهم ننزل نتبارز خلف تلة الرمل القريبة على بعد 200 متر، حتى نأمن من أي تدخل يساعدني أو يساعده، وكان رفقائه واثقين أن الانتصار صار بالنسبة لهم حليف وأكيد، ومن دون جدل أو احتمال مغاير، فلا مقارنة بيننا، فإن كان لا بد من المقارنة، فهي لصالح خصمي كاملة..

صعد رفقاؤه رأس تلة الرمل أو بالأحرى اعتلىوا نتوء الرمل القريب، ليرون مشهد العراك، وكنت أخفي سكينا صغيرة ورفيعة ـ تستخدم لتقطيع الروتي ـ اشتريتها قبل بضعة أيام، تحسبا دفاعياً لموقف طارئ أو محتمل، ولاسيما أنهم كانوا يتربصون بي كعصابة في الأيام القليلة التي خلت..

وصلنا مفردان المكان الذي اخترناه للمبارزة، ربما كنت جبانا وماكرا، وربما أردت دحر هزيمة مريرة باتت بحكم الأكيد.. تملكه الارباك وأنا استل السكين بمباغته وسرعة، وأباشره بطعنة في البطن؛ فهرب مذعورا وصارخا "سكين.. سكين".. فيما كنت ألاحقه، وأحاول طعنه في أكثر من مكان، وكان قد أصاب العوج نصلها الرفيع إثر طعنة وجهتها إلى رأسه القوي وهو هارب.. كنت أشعر أن أي تراخي أو تمهُّل عن ملاحقته قد يقلب معادلة العراك بالكامل لصالحة، وبالتالي سيكون انتقامه أكبر وأفدح، فلم اعطه فرصة كتلك، فيما أصاب أصحابه تشتت في الذهن وإرباك في ردة الفعل..

هرع مدرسان لنجدته، وانتزعا مني السكين، ومسكا بي بشدة وقوة كما تمسك الشرطة المجرمين، وعندما رمقت من اعت
ركت معه، وكان يصرخ متوعدا بقتلي، تفاجأتُ برؤية كمية الدم وغزارته على قميصه الأبيض.. لم أكن أعلم أن كل هذا الدم سينبجس من البطن، وبتلك السرعة والغزارة..

لقد كان الدم ينزف على نحو لم أكن متوقعة.. بدأت أشعر بفداحة ما فعلت، وشعرت بالندم والحسرة، بل والحزن عليه.. شعرت بالقلق من أن يصل الأمر حد الفاجعة.. شعرت أنني كنت متهورا وأحمقا وإن المقامرة والتحدي الذي في غير محله ممكن أن تحوِّل الإنسان من سوي إلى مجرم وقاتل.. شعرت أنه كان بإمكاني الاكتفاء بإشهار السكين في وجهه للحيلولة دون أن يحدث ما حدث حتى وإن بديت أكثر جبنا..

نقلوه إلى المستشفى، ونقلوني إلى السجن وكان الأسف كبير.. أسفت لفعلي وأسفت للمصاب، وأسفت أكثر لفوات فرصة أن أرى الرئيس سالمين والأمين عبدالفتاح اسماعيل، اللذان وصلا وقد وصلت إلى السجن.. فاتت الفرصة التي تحينتها ولم تعد مرة أخرى وإلى الأبد..

***
يتبع .. في السجن..
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=510364599918471&id=100028348056925&sfnsn=mo
احمد سيف حاشد:
بعض من تفاصيل حياتي
المعلم والتعليم
(12)
سالمين وفتاح وعراك دامي..
في سنة ثاني إعدادي تم إخراجنا من المدرسة لاستقبال الرئيس سالمين، وأمين عام التنظيم السياسي عبد الفتاح اسماعيل الذي كان لا يقل أهمية عنه.. خرجنا من المدرسة لاستقبالهما ونحن سعداء، ومغمورين بالفرح، وملتاعين بالاشتياق، في يوم بدا لنا استثنائيا، وللمركز الذي أستنفر جنوده وضباطه ومسؤوليه، وجمع غفير من المواطنين، وذلك لاستقبال كبار رجال الدولة وكبار الضيوف.. خرجنا نحن الطلاب بصفوف منتظمة، ثم صرنا منتظمين في صفين على جانبي الطريق الممتد من بوابة المركز وحتى مسافة تزيد عن الكيلو متر باتجاه طريق قدومهما..

كان مكاني في الصف بالجهة المحاذية للمستشفى الذي كان لا يزال حديث العهد، والمقدم هدية من دولة الكويت، وتم تسميته باسم مستشفئ الطيار علي مقبل علي الجليدي من منطقة معبق في الشمال، درس وتخرج واستشهد في الجنوب، لم أعد أتذكر اسمه، ولكني أتذكر أن لقبه "الجليدي" وكان أخويه زميلين لي في نفس المدرسة..

كنت أتحين بصبر وأتشوق بلهفة لأرى سالمين وعبد الفتاح إسماعيل.. كنت أحدّث نفسي: إن هكذا حدث أو فرصة لن تتكرر في حياتي مرتين.. غير أن ما حدث، كان هو الأكثر سوءا.. لقد تم افساد هذه الفرصة، ولم تتأت أخرى غيرها..

كنت أريد أن أشطح وأنتمي وأفاخر أمام أقراني في القرية ـ التي لا تعرف الرؤساء ولا الزيارات ـ انني شاهدت وجها لوجه الرئيس المحبوب سالمين، والمنظّر الفذ عبد الفتاح إسماعيل.. كان وقع سماع الاسمان على المسامع داهش وجاذب، فما بال وأنا أروي أنهم مروا من أمامي على بعد مترين، وهما يلوحان لنا بالتحية والسلام..

وأنا انتظر قدومهما، بديت وكأن التاريخ سيكرمني بمشاهدة رجلين هما من صانعيه.. أردت أن أقول لأقراني في قريتي: لقد حملقت وجالت عيوني بمن تتوق له العيون.. لقد رأيت ما لم ترون.. لقد طلت من المعرفة ما هو عصيا عن الكثيرين.. لقد أردت أن أرد لأقراني الصاع صاعين متذكرا زمن الطفولة، وهم يتفاخرون بزيارة موالد الخضر واليأس وسعيد ابن عبدان، وكأنهم يتحدثون عن غزو الفضاء، فيما أنا حاسرا وبائس أمضغ جراحي وحسرتي بصمت ثقيل وحزن كثيف..

كنت أتحين مرور الرئيس والأمين العام من مسافة قريبة أمامي، وأتمنى مرورهما ببطيء شديد؛ لأغرف النظر منهما قدر ما أستطيع، وأكتنز في الذاكرة وجوههما وهيئتهما وكثير من التفاصيل، أو على الأقل ما قدرت على التقاطه وحفظه في الذاكرة.. إنها المرة الأولى في حياتي التي سأرى فيها مباشرة الرئيس والأمين العام، ولكن طال الانتظار الثقيل تحت هجير الشمس الحارقة، وتأخر وصولهما عن الوقت والموعد المحدد..

كان في الاصطفاف المقابل في الجهة الأخرى مجموعة من أبناء منطقة طور الباحة، سبق أن تعاركت معهم أكثر من مرة، ولطالما استفزوني مرات عديدة.. كان بيني وبينهم بُغض صبيان وتحدّي معاند، وكانوا أشبه بعصابة متربصة.. كنت عندما أراهم أشعر بغربتي، وأنني لست من أهل تلك الديار، وربما هم شعروا أيضا أنني دخيلا وغريبا أثير استفزازهم..

ظلوا يرمقونني ويسخرون مني ويستهزئون بي ويضحكون علي ويتحدونني.. وأنا في المقابل استنهضت التحدي، وقلت لهم اختاروا واحداً منكم لنتعارك أنا وهو رأس برأس، فنزل أحدهم اظن ان اسمه عبد القوي وكان ممتلأ البدن، وبصحة ينبض بريقها كالشمس.. كان معتبي الجسد، كثيف وأشقر الشعر والبشرة، يشبه أولاد الإنجليز، فيما كنت أنا نحيفا ومنهكا، وضعيف البنية، وأعاني من سوءٍ في التغذية.. قلت لنفسي وأنا أرى الاختلال الكبير في المعادلة: ربما السكين تصنع تعادل في التفوق بيننا، أو ترجح الأمر لصالحي..

قلت لهم ننزل نتبارز خلف تلة الرمل القريبة على بعد 200 متر، حتى نأمن من أي تدخل يساعدني أو يساعده، وكان رفقائه واثقين أن الانتصار صار بالنسبة لهم حليف وأكيد، ومن دون جدل أو احتمال مغاير، فلا مقارنة بيننا، فإن كان لا بد من المقارنة، فهي لصالح خصمي كاملة..

صعد رفقاؤه رأس تلة الرمل أو بالأحرى اعتلىوا نتوء الرمل القريب، ليرون مشهد العراك، وكنت أخفي سكينا صغيرة ورفيعة ـ تستخدم لتقطيع الروتي ـ اشتريتها قبل بضعة أيام، تحسبا دفاعياً لموقف طارئ أو محتمل، ولاسيما أنهم كانوا يتربصون بي كعصابة في الأيام القليلة التي خلت..

وصلنا مفردان المكان الذي اخترناه للمبارزة، ربما كنت جبانا وماكرا، وربما أردت دحر هزيمة مريرة باتت بحكم الأكيد.. تملكه الارباك وأنا استل السكين بمباغته وسرعة، وأباشره بطعنة في البطن؛ فهرب مذعورا وصارخا "سكين.. سكين".. فيما كنت ألاحقه، وأحاول طعنه في أكثر من مكان، وكان قد أصاب العوج نصلها الرفيع إثر طعنة وجهتها إلى رأسه القوي وهو هارب.. كنت أشعر أن أي تراخي أو تمهُّل عن ملاحقته قد يقلب معادلة العراك بالكامل لصالحة، وبالتالي سيكون انتقامه أكبر وأفدح، فلم اعطه فرصة كتلك، فيما أصاب أصحابه تشتت في الذهن وإرباك في ردة الفعل..

هرع مدرسان اظن واحدا منهما اسمه سلطان والاخر اسمه خليل لنجدته، وا
نتزعا مني السكين، ومسكا بي بشدة وقوة كما تمسك الشرطة المجرمين، وعندما رمقت من اعتركت معه، وكان يصرخ متوعدا بقتلي، تفاجأتُ برؤية كمية الدم وغزارته على قميصه الأبيض.. لم أكن أعلم أن كل هذا الدم سينبجس من البطن، وبتلك السرعة والغزارة..

لقد كان الدم ينزف على نحو لم أكن متوقعة.. بدأت أشعر بفداحة ما فعلت، وشعرت بالندم والحسرة، بل والحزن عليه.. شعرت بالقلق من أن يصل الأمر حد الفاجعة.. شعرت أنني كنت متهورا وأحمقا وإن المقامرة والتحدي الذي في غير محله ممكن أن تحوِّل الإنسان من سوي إلى مجرم وقاتل.. شعرت أنه كان بإمكاني الاكتفاء بإشهار السكين في وجهه للحيلولة دون أن يحدث ما حدث حتى وإن بديت أكثر جبنا..

نقلوه إلى المستشفى، ونقلوني إلى السجن وكان الأسف كبير.. أسفت لفعلي وأسفت للمصاب، وأسفت أكثر لفوات فرصة أن أرى الرئيس سالمين والأمين عبدالفتاح اسماعيل، اللذان وصلا وقد وصلت إلى السجن.. فاتت الفرصة التي تحينتها ولم تعد مرة أخرى وإلى الأبد..

***
يتبع .. في السجن..
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=510364599918471&id=100028348056925&sfnsn=mo
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=511040159850915&id=100028348056925&sfnsn=mo
بعض من تفاصيل حياتي
المعلم والتعليم
(13)
في السجن..
فيما كنت قد صرت في قبضة العسكر، هرع أحد أقرباء المصاب، أظنه ابن عمه، اسمه طلال على الأرجح.. فارع الطول ومتناسق البنية، وبشرته تميل خفيفا إلى السُمرة.. أول ما شاهدني صدمته هيئتي.. بديت دون توقعه أو دون ما كان يتخيله.. بديت أمامه قزما ضئيلا لا احمل ما يستحق المقارنة مع ابن عمه المصاب.. صرخ في وجه من كان موجودا بغضب ناقم: ”لا يمكن أن نقبل بعشرة من هذا”؟! ربما كان محقا إن نظرنا للأمر بمقياسه.. بالفعل كان شكلي قزما، منهك، شحوب، شارد، عابس، متعوس، فيما كان قريبه المصاب مربربا، تبدو من ملامحه فرط النعمة، ويبدو كأنه أجنبي.. شعره ووجنتيه ولون عينيه وجسمه الممتلئ باللحم والشحم..

صرت أرقب بعض ما يحدث.. اعداد أمر الحبس.. حرص العسكر على أن لا أهرب.. تفرس العسكر في قراءة وجهي العبوس الملبد بالصمت.. لمحت وجود تساؤلات غامضة في وجوه بعض الحاضرين.. أحسست بوجود كلام يريد ممعني النظر أن يقولوه، ولكنهم داروه لأسباب ربما تخصهم..

أرقب التوجيه المكتوب بأمر الحبس.. تسليم أمر الحبس لمسؤول الحجز.. اصطحابي إلى غرفة الحجز.. فتح القفل والسلاسل.. فتح باب غرفة الحجز.. توجيه الأمر لي بالدخول.. اغلاق الباب بالسلاسل والقفل ذو الحجم الكبير..

كانت المرة الأولى التي أحتبس فيها.. تجربة مريرة أدخل فيها لأول مرة.. إحساس كثيف بقيد الحرية بحيطان وجدار وإغلاق بالحديد.. كانت غرفة الحجز بطول خمسة أمتار وعرض مترين تقريبا، ونافذة صغيرة مشبكة بالحديد.. أحسست أنني أدخل مرحلة أكثر قتامة في حياتي، ويجب أن أتهيأ وأستعد للأسوأ.. شعرت أن مجهولا سيئا ينتظرني لا أعرف بالضبط نهايته وتفاصيله..

كانت غرفة الحجز فارغة لا يوجد فيها محابيس غيري.. ربما كانت مناسبة الزيارة والضيوف تقتضي ذلك.. وربما تم نقل بعض السجناء إلى مبنى المركز الواقع على الطور، وربما كان هناك سجن آخر في مبنى المركز..

تمنيت أن يزور سالمين وعبد الفتاح غرفة الحجز.. لعلي أراهم عن كثب.. لعلهم يتفقدوا أروقة المكان أو حتى زيارة الضباط والجنود المرابطين فيه، ولكن للأسف لم يحدث هذا.. وبدلا مما كنت أروم مشاهدته من طلعات بهية، وأيادي وأكف تلوح لنا بالتحية والسلام، صرت أتفرس السقف الكئيب والحيطان الخرساء.. لا ونيس لي غير خرابيش وذكريات سجناء على تلك الحيطان.. وددت أن يكون لدي قلم سحري، أو قطعة فحم، أو حتى مسمار أخربش فيه، وأكتب ذكرياتي وتاريخ حبسي على حائط الجدار، لأقول للنزلاء الجدد أو القادمين نحن أيضا مررنا من هنا..

للمصادفة وسوء الحظ أن أمي كانت مريضة وترقد في نفس المستشفى الذي أسعف لها المصاب، بل أن أخو المصاب كان هو مدير المستشفى.. بدأت أشعر بالقلق حيال أمي.. كيف سيتم معاملتها بعد فعلتي التي نالت دما من أخ مدير المستشفى؟!! ربما يطردونها، ربما يلحقون بها ضرر، أو يناولوها السم باعتباره دواء أو عقار، ويتم فيه الانتقام لمصابهم من أمي النزيلة في المستشفى للعلاج.. زاد قلقي وتوجسي وخيالاتي بشأن أمي التي ليس لها غيري هناك..

بعد ساعة أو أكثر من انتهاء الحفل الخطابي، استدعاني ضابط البحث الجنائي.. أحضروني إليه.. شاهدت السكين على الطاولة محرزة باعتبارها أداة جريمة.. أمر ضابط البحث الكاتب أن يفتح المحضر، وتلى عليه مقدمة أشعرتني أن الأمر جسيم، وأنني أسير إلى طريق المحكمة وتوقيع العقاب..

وبعد السؤال والجواب والاعتراف ومواجهتي بالسكين التي اعتبروها أداة الجريمة، وبعد اثبات الوقائع والتفاصيل التي رويتها، وهي لا تختلف عما حدث في الواقع، أمر الضابط بإعادتي إلى الحجز .. أستغرق التحقيق في حدود الساعة، وإثبات أقوالي في المحضر، فيما كانت في الحقيقة جريمتي ثابتة ومشهودة..

بعد إعادتي للحجز أطل عليّ من الباب أحد رجال القوات الشعبية اسمه عبد الوهاب من منطقة "الغول" وترجع أصوله إلى "القبيطة" الذي جاء منها هو وأخوه عبد الحميد، أو ربما جاء بهما ولداهما من زمن خلى، وصارا من السكان المقيمين الدائمين في منطقة "الغول" الجنوبية..

كانت طلته كملاك يقدم لي المساعدة دون طلب.. كسحابة مطر وغيث لمستغيث.. رحمة قادمة من قدر يبالي ولا ينسى من يحب.. كيعقوب المحب لابنه يوسف.. كإبراهيم والد إسماعيل، ولكن دون سكين ولا فدية ولا أضحية.. بل أعطاني فراش وبطانية أجتهد بتوفيرها..

كان عبدالوهاب يعمل في نفس المكان الذي يفصله عن الحجز أمتار قليلة.. أطل بابتسامته التي خففت عن كاهلي ثقلا لا يقوى على حمله من هم حديثي سن.. ابتسامته منحتني الطمأنينة والسكينة التي كنت في أشد الحاجة إليها.. حديثه العذب جعلني أشعر أنني أعرفه من زمن طويل يزيد عن عمري القصير..

بعد ساعة شعرت بالإرهاق.. أحسست بالنوم يسبل ويرخي جفوني ويذبل عيوني المرهقة.. استسلمت له وغطيت في سبات عميق.. استيقظت بعد ساعات فجأة!! نهضت وكأني مجنونا، أو كأن عفريتا ف
وق رأسي.. استغرقتني الدهشة والذهول وأنا أسأل: أين أنا؟! أين أنا؟! وبعد برهة جمعت أشتات وعيي المتطاير، واستعدت صورة الواقع، ووعيت أنني محبوسا، وأنني ارتكبت جريمة، وأن هناك مجني عليه مصاب، ربما يتهدده الموت..

وبعد صحو ونوم بدأت أتكيف مع ما أعيشه من حال.. عدت إلى النوم ثم نهضت بعد سويعات، وقد صرت مستوعبا وضعي وحالي الجديد، وبديت مستعدا للتكيف، وقد تلاشى القلق الذي كان يعتريني في البداية..

أنطلق سعيد عبد الولي من طور الباحة إلى القرية.. أبلغ أخي عمّا حدث.. حضر أخي من القرية إلى مركز طور الباحة في اليوم التالي، ومن حسن حظي أن الطعنة لم تكن غائرة، وكان أخي محط احترام وتقدير المسؤولين في مركز المديرية، وأنني ما فتئت حدثا، ولهذه الاعتبارات تم اطلاق سراحي بضمانته، اللافت ان اخي لم يوبخن على فعلتي كما كنت اتوقع.. لا ادري الى اليوم لماذا لم يفعل!! مع ذلك تم استدعائي وتوقيفي من قبل مسئول البحث أكثر من مرة، وفي إحداها تم توقيفي أنا والمصاب معا بعد أن شفي من الاصابة وتم حل القضية وإغلاق ملفها..

أما أمي فلم يصبها مكروه، ولكن أصابها الهلع، بعد أن علمت من بعض رفقائي بما حدث، وكان مدير المستشفى أخ المصاب دكتورا يقدر المسؤولية، ويهتم بمرضاه، ولا يسئ ولا ينتقم..

إن ما حدث كان تهورا وطيشا وسوء تقدير في عمر كنت لا أزل فيه حدثا، وكان شعوري بالغربة والاستفزاز المتكرر والشعور بالتعالي من قبل ما بدا لي أنها عصابة دفعتني إلى فعل ندمت بسببه وتعلمت منه..

ندمت أيضا لعدم تمكني من رؤية الرئيس سالمين وعبد الفتاح اسماعيل.. وبعد فترة صدمني خبر الإطاحة بسالمين الذي كان محبوبا وذو شعبية لدى الكثيرين من البسطاء بما فيهم الرجل الطيب عبد الوهاب، فيما كانت شعبية عبد الفتاح اسماعيل في الغالب نخبوية، ومكانته كانت أكبر عند المثقفين..

وبقي السؤال: لماذا السياسة تفسد العلاقة بين من نحبهم؟! إنها الدنيا والسلطة وغياب العقل وقلة الحكمة وحضور التهور والطيش، وقلة التجربة.. وربما تعقدت الأسباب، وكان لدورات العنف نتائجها الكارثية التي أطاحت بالجميع، وأثقلت المجتمع بما لا يطاق، وشوهت ما كان يفترض أن يكون جميل ومثال..

***
يتبع..