أحمد سيف حاشد
341 subscribers
2.77K photos
6 videos
5 files
2.86K links
عضو برلمان
Download Telegram
(2)
الحب من طرف واحد

كم كنت كتوماً يا “هيفاء”، وسرِّي في الحب أخبي لاعجه من الريح في قاع البير.. مهما كان الحيل جبلاً أو صخراً صلداً، فالحب المكتوم يا “هيفاء” يهد الحيل.. لا يعلم سري مخلوقا، وكتماناً يتلظّى في أعماقي كالبركان..

سنتين يا “هيفاء” بالصمت أمضغ خيباتي بالطول وبالعرض.. أداري عواصف أشواقي عن الأعين.. والشوق المجنون يشعل حرائقه في شراييني، وصقر يتحفز محبوسا في قفصي الصدري بين ضلوع تأكلها النيران.

تيَّمنا الحب الناقص غصبا عنّا، فكتمناه بالسر وبالتقية، واحطناه بأسوار العزلة.. البوح في الحب الآتي من طرف واحد خزي ودوس كرامة.. الكتمان عزّ من ذلٍ ومهانة.. ما أقسى هذا الحب يا “هيفاء” وما أشده على من حب.

في جحيم الحب الناقص صليت منفردا دون جماعة، ومن أبحث عنها لا تسأل عني، ولا تدري أني مصلوبا بالحب الناقص بين ذراعيها.. الحب يا لله بدون تكافؤ فُرصه، عدالة تشبه أسنان التمساح.

“جازم” أستاذي ورفيقي ومسؤولي الحزبي طرق يوماً باب القلب المثقل بالحب وبالأعياء.. سبر أغواري كخبير وطبيب مختص، وأشار بلمح سؤال: لماذا لا تفكر بواحدة منهن؟! فشعرت بأن مجس طبيب أصاب وجعي والداء.. كيف نفذت إلى أعماقي يا رفيق المبدأ والنقد الذاتي؟! كيف سمعت صوت نبضاتي وخفقات القلب؟!!

لم أعترف لرفيقي بالأمر، وحاولت أكابر على جرحي الغائر في أعماق الروح، وأنكر دوائي والداء، فيما النار كانت تشب في كل كياني، وأنا أحاول أن أخمدها في لحظة ارباك، فيما كان الخجل يطويني كقرطاس..

كيف أطلب يدها ويدي مخلوعة من الكتف!! كيف أطلب يدها وحالي أضيق من خرم الإبرة!!

كيف يمكنها أن ترضى بي للعمر وللمستقبل، وأنا أذوي مكسوراً مهزوما أمام الشمس كشمعه.. محسوراً منحسراً لا جاه لا مال لا بيت يليق بملكة.. كيف يمكنني أن أنسي هذا الحب اللاعج وهي تطل بوجهي كل صباح وتزورني في الحلم كنسمة بحر.
عندما تكتب للريح..

“هيفاء” كانت عيناها جميلة وناعسة وعميقة.. في عينيها أسرار خالقها وسحر الله في أرضه وملكوته.. هيفاء استحوذت على كل جمال حورياته.. جمال غير مفخخ بالموت وداعش..

وإن كنتُ ضحية لتجربة عاشها طرف دون آخر في حب أسموه بالحب الناقص فربما ليس ذنبنا، وربما بعضها أو جلها كانت من صنع مقادير أقدارنا.. ولكل مقادير ضحايا وخيبات..

خلق الله “هيفاء” حلم لي بعيد المنال، فيما خلقتي تعيس وخائب.. لا أجيد إبحارا ولا عوم.. حظي عاثر وعسير في معظم الأحيان.. أبحر في رحلة التيه دون ماء ولا زاد.. لا أملك في البحر العاصف إلا لوحا من خشب دون شراع، ومجدفاً واحداً ويتيم، وذراعا وحداة عسرا وأخرى مقطوعة من الكتف، وفي الحب خلق من الخيبات لي ما ليس له عدا ولا حصرا..

كتبت عن عينيها في نشرة حائطية.. كتبت عن عيناها بدم قلبي النازف والمثقل بالحب والتعب والأرق.. كتبت عن بحر عيناها العميق، وعن حبي الضارب في الخيبة، وخيبة بحَّار مضطرب أكثر من اضطراب البحر الذي يحاول عبوره، ولا يملك لعبوره إلا لوح ومجداف ويد واحدة..

شاهدتها تقرأ.. يا إلهي!! الآن أريد أن تقرع أجراس كنائس العالم.. الآن أريد أن أعلو كل المآذن وأصلي للرب ألف ركعة.. “هيفاء” تقرأ ما كتبتُ.. أردت أن أجعل من ذلك اليوم عيد قيامة للحب.. ولكن بحجم ما ظننت كانت خيبتي..

بعد خمس دقائق شاهدتها تغادر .. شعرت كأنني كتبت ما كتبت للريح العابرة دون صفير.. بدت لي بليدة الفهم ومتبلدة المشاعر، حيث لا تسمع ولا ترى ولا تحس ولا تجس، أو متغابية لا تريد أن تحس أو تفهم أو تكترث بضحية، وربما كنت أنا البليد والغبي مجتمعين حال كونني لا أفهم كيف أوصل إليها رسائلي، وما يعتلج من حب كثيف وعاصف في أغواري وأعماقي المشتعلة بالحب..

كنت أظنها ستقرأ ما كتبت وتعيد قراءته عشر مرات.. ولكن لا أدري إن كانت مرت على العنوان مرور الغبي أو أنها توقفت دون أن تقرأ أو تكترث، وكان وقوفها مجرد استطلاع عابر سبيل وغير معني بالبحث عن الضحية..

يومها غادرت الكلية ولم أكمل دوام اليوم، وشتمتها في نفسي وشتمت نفسي أكثر وأنا لا أجيد الشتم..

لعنتها ولعنت حظي ولعنت الغباء ولعنت أكثر خجلي العاصف والمتلاطم بالخيبة.
4
تردد وخوف..

كنت أعيش مشاعر متناقضة كموج بحر يلتطم ويعترك مع شاطي من صخر أو طقس مضطرب أو زوبعة تركض كحال رجل تلبسه الجن في نوبة غليان.. كنت أشعر بمشاعر تتقاذفني وحدي كأسير في زنزانة أضيق مساحة من مد اليد ، لا أجد فيها فسحة نفس واحد لأفكر أو أجمع شوارد تفكيري من أرجاء التيه..

تقاذفني الإقدام وتردد اكبر.. زحام من حزن وفرج يشق طريقه في الضيق، وحصار من هم يسد الطرقات.. وأمل في وجه جدار اليأس يحاول يحفر ثغرة بحثا عن نور.. وتضيق الجدران أحيانا حتى تلصق بي فأبدو كمصاب بالصرع.

كنت عندما أشاهدها أشعر بقلبي يقفز من بين ضلوعي كعصفور يخرج من قفص أو سجن.. يحتفل بمقدمها ويرقص على إيقاع خطوات الحلم الراقص، وتشتد لحظات إرباكي وتظهر جلية للسطح العاري فأقمعها كطاغية أو دكتاتور لكني أفشل..

عندما تتجاهلني أشعر بتشظي وتناثر أشلائي .. وبحزن يضرب في بالغ أعماقي والوعي، وأرى قلبي قد ذُبح كعصفور أو أنكسر كإبريق صار نثارا أو وقع من سطح عالي وأرتطم بالقاع الصلد..

كنت أريد أصارحها بحبي الجم، ورغبة تعصف بي وطلبي لعقد قران وزواج يدوم العمر.. ولكن كنت أتأنِّي لألتقط رد إشارة يساعدني على استجماع شجاعة من أطراف الدنيا لأكون جريئا بعد الآن.. وعندما لم أجد ردا أو بُدا أتردد خجلاً والخوف يقمعني من أن ترفضني، وهذا الرفض كنت أراه سحقا لي لن أتعافى منه بقيامة..

في إحدى المرات كانت تؤشر لزميلتها فيما كنت أظن أن تلك الإشارة هي لي.. كانت إشارة صارخة كبرق في ليل مسود.. كاد قلبي يقع أو يسقط دهشة.. يا هول مفاجأة أكبر من قدر قادم وبشارة نبوة وولادة.. هل يمكن يا الله أن يكون عبوري للضفة الأخرى بهذا اليسر .. بدت لي صارخة الاستدعاء!! حبيت أن أتأكد إن كنت المقصود بإشارتها، فتبين إنها ليست لي بل لزميلاتها الواقفة خلفي.. في تلك اللحظة تمنيت أن تنشق الأرض وتبلعني مرات عشر .. تمنيت أن يخسف بي الرب وبالأرض التي تحت أقدامي إلى سابع أرض.

راوحت في منطقة الحيرة وترددت كثيرا .. ثم يداهمني الشك وظننت أن الرفض سيكون سيد موقفها أما لغياب الود أو لفوارق طبقية، فضلا عن مانع آخر فأنا أكبرها في العمر بعدد أصابع يد تخنقني بعد أن عاجلني الزمن ليضع الفرق خمسا أراها أكبر من عمر الشمس.. وأنا لا أستحمل رفضا يسحقني ويهزمني لآخر يوما في العمر.. لا أريد أن أتهور فتطويني كالرمة وترميني بكبر أو تكسرني كزجاج لا يعود لسابق عهده .. تحاشيت كسرا لا يجبر ضرره..
من المسؤول؟
احمد سيف حاشد
• العيب ليس في عدن أو غيرها من مدن اليمن، ولكن في السلطات والنخب التي تداولت حكمها، أو التي حكمت اليمن مشطرا، ثم اليمن الموحد؛ ومن ضمنها الساسة المراهقون، والفاسدون، والعصبويون بمختلف مسمياتهم، من الماضي نسبيا إلى اليوم..

• لقد جرّفت تلك السلطات والنخب التي نحن بصددها، أو ساهمت كل منها بهذا القدر أو ذاك، بتجريف التراكم المعرفي والعملي لمدينة عدن، والذي تكّون خلال ما يقارب المائتين عام أو أكثر، وعلى كل الصعد تقريبا.. المجتمع والثقافة والسياسة، وكذا الإدارة والمؤسسات وبناء الدولة..

• المسؤولية على الساسة والنخب والسلطات التي كانت تحكم عدن ثم اليمن الواحد، وفشلت في حل خلافاتها بالطرق السلمية والمدنية، واستسهلت البدائل الكارثية، حيث غامرت وقامرت باليمن ومستقبله، عندما لجأت لاغتصاب السلطة من خلال الحروب، والغلبة، ودورات العنف، والإقصاء، والتهميش، لمن لا ينتمي لها، أو يختلف معها، أو يعارضها حتى وإن كان هذا المعارض بعض منها..

• المسؤولية على تلك السلطات والنخب والساسة الذين حكموا اليمن، وفرضوا ولاءاتهم المناطقية والجهوية والسياسية والعصبوية، وأمعنوا في أريفت عدن، بل وكل مدن اليمن في الإدارة والمؤسسات والاقتصاد والسياسية والثقافة..

• وقد كان يتم كل هذا على حساب الكفاءة والنزاهة والخبرةاووو والمواطنة والديمقراطية والمدنية.. ولا يختلف الحال كثيرا بالنسبة لصنعاء أيضا.. باتت عدن اليوم، ومثلها صنعاء، غنيمة حرب، وسلطة غلبة متحكمة ومدعومة من الخارج..

• باتت اليوم ـ وعلى صعيد اليمن كله ـ السلطات ونخبها الدميمة فيه ـ مرتهنة لمصالح وأجندات غير وطنية، بل وتتضارب وتتصادم مصالحها وأجنداتها مع المصالح الوطنية، ومع اليمن الواحد القوي، والديمقراطي، والمستقر، بل وتنحاز لصالح التدخل والعدوان والاحتلال، والتخلف العميق كما هو حال صنعاء، وعلى نحو فيه تفريط صارخ، بوحدة اليمن، واليمن الحديث والتنموي، وسلامة أراضيه، واستقلاله وسيادته، ومستقبله، وازدهاره..
عدن التي أحببتها
احمد سيف حاشد
• عدن ملاذي الأول، وحبي الأول كان في عدن، وزوجتي أم عيالي من عدن.. نصف حياتي الأجمل كان في عدن، ونصف حزني أيضا في عدن.. رفاة أخي، وإحدى بناتي، واختين لي في حنايا عدن.. عدن بضعة مني وأنا بضعة منها إلى يوم القيامة، إن كان للقيامة قيام.

• تشكَّل وعيي في عدن، وتعليمي الأهم كان في عدن، ورزقنا الأول جاء من عدن، وهجرتنا الأولى والثانية كانت إلى عدن.. ولي في عدن ملاذ ووطن، ولي فيها حبيبة لا تموت إلى أن أموت.

• أحب عدن التي كانت.. عدن الحب، والحنين الجارف، والذكريات التي تجوس في مغاور الوجدان، وتشتعل صبابة في دمي.. عدن الذكريات الندية والعصية التي تتحدّى النسيان، وتمنع عنها غفلة الزمان..

• ذكريات عدن تطل بوجهها البهي مشرقة، كلما تشابهت أيامي الخائبات التي أعيشها اليوم.. ذكريات عدن صارت بعض من كينونتي، وعروتها التي لا تنفصل.. حتى ذكرياتي الحزينة وأيامي الخالية فيها، صارت بطعم النبيذ المعتق، الذي ينسيني بعض مما أعيشه اليوم من غم وهم وقيود، مرغما ومُكرها..

• عدن التي كنت أتجشم وعثاء السفر لأصل إليها، مغالبا القيض والغبار والريح والشمس التي تلفح الوجوه.. أتنفس البنزين المحترق، وبسببه والدوار الشديد، أكاد أتقيأ معدتي ودواخلي.. أغالب ضعف البدن، وأشعر بتهتك أوصالي المبعثرة.. إرهاق يهرس عظمي.. يتمدد في أطرافي المكرفسة .. أحس بمسامير ودبابيس تنغرز رؤوسها الحاده تحت إذني وصدغي وشدقي، وفكي أحيانا عندما أفتحه لأقذف ماء فمي، يعلق.. وأستمر للحظات فاغر الفاه..

• افعل كل ما أمكن، وأنا أتصبب عرقا، ليؤجل القيء قليلا من موعده أو يمدده.. حتى حبوب منع القيء التي استخدمها في بعض السفرات قبل ركوب السيارة، لا تمنع عنّي القي، وأجد مفعولها يأتي بنتائج عكسية، بل وتجلب القيء الشديد، بدلا من طرده، وهو ما أثار استغرابي وحيرتي.. كنت أسأل نفسي: لماذا العلم لم يكتشف حتى الآن ما هو أحسن من هذا العلاج الفاقد للمفعول؟! كل هذا وغيره كان يحدث، ولا يمنعني مانعا عن عدن التي أشتاق لها وألتاع.. أغالب المسافات الطوال، وأكابد العناء الأشد، من أجل أن أصل برحال شوقي إلى معشوقتي عدن..

• كنت أعاني من مشقة السفر إلى عدن، ولكنني لا أتردد في الإقدام عليه رغم ما فيه من ضنك ومشقة.. كنت وأنا مسافر استعجل الوصول إليها، ولطالما تمنيت أن يكون معي بساطا للريح يسابق شوقي الجارف، وينقلني إليها بسرعة وذهول.. ولطالما تمنيت براقا أو معراجا أو كرامة ولي، يملك جنون الدهشة، ويوصلني إليها بسرعة الريح التي أتمناها.. وإن اُستحيل هذا وذاك، تمنيت أن أملك الجن، وأصدر الأمر أن ينقُلني احدهم إليها بلمح البصر.. إنه الشوق الجارف والملتاع يا عدن..

• كانت عدن تأسرني أضواءها المتلألئة، كلما اقتربت منها، وأنا مسافرا إليها ليلا، عبر طور الباحة وخبت الرجاع والوهط.. كنت ما أن أصل إلى مشارف الوهط حتى أفيق وألملم أشتاتي، وأنفض عنّي ما نالني من وعث وإرهاق وقيء.. كان الفرح يملئني، وتتفتح أسارير وجهي المنقبض، وتنتعش وتنشط حواسي كلها، بمجرد أن أصل إلى الطريق الاسفلتية في تقاطع خط الوهط الترابي مع خط عدن لحج الأسفلتي.. كنت اتفرس الناس والسيارات والعمران والحياة على طول خط السير، وفي محاذاته وجنباته حتى أصل إلى قلب عدن الأغن.. كنت في كل مرة أسافر إليها، أبدوا فيها وكأنني أكتشفها لأول مرة، وكنت في كل وصول إليها، أشعر وكأن وصولي هذا هو الوصول الأول..

• عندما كنت أغادر عدن نحو قريتي النائية البعيدة، القابعة خلف حدود الشطرين، أتأمل وأمعن النظر في تفاصيل عدن، وأسأل نفسي بتكرار حزين وحسرة: يا ترى هل سأرى مرة أخرى، ما أراه الآن؟! هل سيطول بي العمر، وأرى عدن مرة ثانية..؟! هل سأعود إليها أم هي المرة الأخيرة التي أرى فيها عدن؟! إنني اشتاق إليها قبل أن أغادرها، وأشتاق إليها حال مغادرتها والرحيل.. أخاف أن لا أرى عدن مرة أخرى؛ لاحتمالات مفجعة تجوس في دهاليز وعيي وردهات مخاوفي..

• عدن التي كانت تثير شجوني وأنا بعيد عنها.. ولطالما أشجاني وأنا بعيد عنها صوت الفنان وهو يغني:" عدن عدن ياريت عدن مسير يوم.. شاسير به ليلة ماشرقد النوم.." وكذا أغنية "يا طائرة طيري على بندر عدن.. زاد الهوى زاد النوى زاد الشجن.. عالهجـر مقـدرش أنـا.. أشـوف يومـي سـنـة.. ذي جنة الدنيا حواها..".

• عدن التي أحببتها هي تلك التي وصفها صديقي محمد اللوزي في إحدى كتابته بقوله "عدن درة المدن، ونجمتنا التي تبزغ فينا ولا تأفل.. زنبقة الفرح، والطلع النضيد.. الدعة التي تجيء إليك راضية، وتقدم نفسها حبا، وتغار من أن أحدا يأخذك خارج مدارها.. عدن رائعة الكون.. عدن الدهشة كلها.. لا يعرف عدن غير العاشق الصب لأنها تسكب روحها فيه.."

• أحببت عدن التي قصدها الشاعر الفرنسي "رامبو" باحثا عن الحرية والعمل، وآثرها على فرنسا، ورغم جحيم عدن وتذمره منها، وهجيه لها مرات عديدة في لحظات ضيقه، إلا أن المقام انتهى به إلى التكيف معها، بل والإقرار إ
نها "«أفضل مكان في العالم». وقد أوفت معه عدن بعد موته، وأسمت إحدى شواطئها الجميلة باسمه، وحولت منزله في عدن إلى مركز للقاء والتبادل الابداعي الشعري.

• عدن التي أحببتها هي تلك التي فضلها الشاعر السوداني مبارك حسن الخليفة على "دبي" الإمارات.. الشاعر والدكتور الذي لم يطب له المقام في موطن الثلج، وطابت له عدن اليمن 34 عاما، عمل فيها محاضراً وأديبا وشاعرا وناقدا في جامعاتها.. سكنها وسكنته، وألّف فيها الكتب، ودبج عنها وفيها وفي البعد القصائد، وكان صوتها الأغن بعناوينها النابضة بالجمال والهوى والحنين: «عدن هواها قد تملك مهجتي» و«البعد يا عدن» و« إلى حبيبتي عدن» و«عدن الجميلة».

• أحببت عدن التي جاءها جورج حبش خائفا عليها حد الفجيعة، من قادم ينتظرها، بتحفز شيطان، باكيا عليها بدموع سخينة، محاولا إنقاذها من كارثة حلت عليها لاحقا، في 13 يناير 1986 وكانت دامية ومؤسفة، ولازلنا نعيش آثارها الدميمة إلى اليوم الذي خلناه بعيدا جدا، لن يطول ولن يُطاول.. حلت على عدن الكارثة، كما حلت عليها على ما يبدو اللعنة، والتي لازالت ترفض التلاشي أو المغادرة إلى اليوم..

• أحببت عدن الوفاء التي لاذ بها وإليها أحرار العرب والعالم، ومنهم البروفسور العراقي توفيق رشدي في أواسط سبعينات القرن المنصرم، والذي صار أستاذا يدرّس طلابها في إحدى جامعتها، وعند اغتياله فعلت عدن من أجله ما لم تفعله الدول.. رفضت كل المساومات والمغريات والدعم السخي، مقابل الصمت والسكوت عن مقتله، بل وحاكمت القتلة علانية، وبُثت المحاكمة من قاعة المحكمة، وكشفت كل شيء أمام الرأي العام كله، في فضيحة سياسية غير مسبوقة.. جريمة بحجم فضيحة بكل المقاييس، للقتلة والدولة التي تقف وراءهم..


• عدن التي أحببتها هي تلك التي أنتمي إليها.. عدن الإنسان والأهل والأحباب والناس الطيبين.. عدن التعايش والأمل والعمل والملاذ.. عدن الحب والشوق والعشق والحياة والذكريات..
👍1
ارشيف الذاكرة .. من المسؤول يا عدن..؟؟

يمنات

أحمد سيف حاشد

– العيب ليس في عدن أو غيرها من مدن اليمن، و لكن في السلطات و النخب التي تداولت حكمها، أو التي حكمت اليمن مشطرا، ثم اليمن الموحد؛ و من ضمنها الساسة المراهقون، و الفاسدون، و العصبويون بمختلف مسمياتهم، من الماضي نسبيا إلى اليوم..

– لقد جرّفت تلك السلطات و النخب التي نحن بصددها، أو ساهمت كل منها بهذا القدر أو ذاك، بتجريف التراكم المعرفي و العملي لمدينة عدن، و الذي تكّون خلال ما يقارب المائتين عام أو أكثر، و على كل الصعد تقريبا .. المجتمع و الثقافة و السياسة، و كذا الإدارة و المؤسسات و بناء الدولة..

– المسؤولية على الساسة و النخب و السلطات التي كانت تحكم عدن ثم اليمن الواحد، و فشلت في حل خلافاتها بالطرق السلمية و المدنية، و استسهلت البدائل الكارثية، حيث غامرت و قامرت باليمن و مستقبله، عندما لجأت لاغتصاب السلطة من خلال الحروب، و الغلبة، و دورات العنف، و الإقصاء، و التهميش، لمن لا ينتمي لها، أو يختلف معها، أو يعارضها حتى و إن كان هذا المعارض بعض منها..

– المسؤولية على تلك السلطات و النخب و الساسة الذين حكموا اليمن، و فرضوا ولاءاتهم المناطقية و الجهوية و السياسية و العصبوية، و أمعنوا في أريفت عدن، بل و كل مدن اليمن في الإدارة و المؤسسات و الاقتصاد و السياسية و الثقافة..

– و قد كان يتم كل هذا على حساب الكفاءة و النزاهة و الخبرة و المواطنة و الديمقراطية و المدنية .. و لا يختلف الحال كثيرا بالنسبة لصنعاء أيضا .. باتت عدن اليوم، و مثلها صنعاء، غنيمة حرب، و سلطة غلبة متحكمة و مدعومة من الخارج..

– باتت اليوم ـ و على صعيد اليمن كله ـ السلطات ونخبها الدميمة فيه ـ مرتهنة لمصالح و أجندات غير وطنية، بل و تتضارب و تتصادم مصالحها و أجنداتها مع المصالح الوطنية، و مع اليمن الواحد القوي، و الديمقراطي، و المستقر، بل و تنحاز لصالح التدخل و العدوان و الاحتلال، و التخلف العميق كما هو حال صنعاء، و على نحو فيه تفريط صارخ، بوحدة اليمن، و اليمن الحديث و التنموي، و سلامة أراضيه، و استقلاله و سيادته، و مستقبله، و ازدهاره..

https://yemenat.net/2020/01/364303/
عدن التي أحببتها
احمد سيف حاشد
• عدن ملاذي الأول، وحبي الأول كان في عدن، وزوجتي أم عيالي من عدن.. نصف حياتي الأجمل كان في عدن، ونصف حزني أيضا في عدن.. رفاة أخي، وإحدى بناتي، واختين لي في حنايا عدن.. عدن بضعة مني وأنا بضعة منها إلى يوم القيامة، إن كان للقيامة قيام.

• تشكَّل وعيي في عدن، وتعليمي الأهم كان في عدن، ورزقنا الأول جاء من عدن، وهجرتنا الأولى والثانية كانت إلى عدن.. ولي في عدن ملاذ ووطن، ولي فيها حبيبة لا تموت إلى أن أموت.

• أحب عدن التي كانت.. عدن الحب، والحنين الجارف، والذكريات التي تجوس في مغاور الوجدان، وتشتعل صبابة في دمي.. عدن الذكريات الندية والعصية التي تتحدّى النسيان، وتمنع عنها غفلة الزمان..

• ذكريات عدن تطل بوجهها البهي مشرقة، كلما تشابهت أيامي الخائبات التي أعيشها اليوم.. ذكريات عدن صارت بعض من كينونتي، وعروتها التي لا تنفصل.. حتى ذكرياتي الحزينة وأيامي الخالية فيها، صارت بطعم النبيذ المعتق، الذي ينسيني بعض مما أعيشه اليوم من غم وهم وقيود، مرغما ومُكرها..

• عدن التي كنت أتجشم وعثاء السفر لأصل إليها، مغالبا القيض والغبار والريح والشمس التي تلفح الوجوه.. أتنفس البنزين المحترق، وبسببه والدوار الشديد، أكاد أتقيأ معدتي ودواخلي.. أغالب ضعف البدن، وأشعر بتهتك أوصالي المبعثرة.. إرهاق يهرس عظمي.. يتمدد في أطرافي المكرفسة .. أحس بمسامير ودبابيس تنغرز رؤوسها الحاده تحت إذني وصدغي وشدقي، وفكي أحيانا عندما أفتحه لأقذف ماء فمي، يعلق.. وأستمر للحظات فاغر الفاه..

• افعل كل ما أمكن، وأنا أتصبب عرقا، ليؤجل القيء قليلا من موعده أو يمدده.. حتى حبوب منع القيء التي استخدمها في بعض السفرات قبل ركوب السيارة، لا تمنع عنّي القي، وأجد مفعولها يأتي بنتائج عكسية، بل وتجلب القيء الشديد، بدلا من طرده، وهو ما أثار استغرابي وحيرتي.. كنت أسأل نفسي: لماذا العلم لم يكتشف حتى الآن ما هو أحسن من هذا العلاج الفاقد للمفعول؟! كل هذا وغيره كان يحدث، ولا يمنعني مانعا عن عدن التي أشتاق لها وألتاع.. أغالب المسافات الطوال، وأكابد العناء الأشد، من أجل أن أصل برحال شوقي إلى معشوقتي عدن..

• كنت أعاني من مشقة السفر إلى عدن، ولكنني لا أتردد في الإقدام عليه رغم ما فيه من ضنك ومشقة.. كنت وأنا مسافر استعجل الوصول إليها، ولطالما تمنيت أن يكون معي بساطا للريح يسابق شوقي الجارف، وينقلني إليها بسرعة وذهول.. ولطالما تمنيت براقا أو معراجا أو كرامة ولي، يملك جنون الدهشة، ويوصلني إليها بسرعة الريح التي أتمناها.. وإن اُستحيل هذا وذاك، تمنيت أن أملك الجن، وأصدر الأمر أن ينقُلني احدهم إليها بلمح البصر.. إنه الشوق الجارف والملتاع يا عدن..

• كانت عدن تأسرني أضواءها المتلألئة، كلما اقتربت منها، وأنا مسافرا إليها ليلا، عبر طور الباحة وخبت الرجاع والوهط.. كنت ما أن أصل إلى مشارف الوهط حتى أفيق وألملم أشتاتي، وأنفض عنّي ما نالني من وعث وإرهاق وقيء.. كان الفرح يملئني، وتتفتح أسارير وجهي المنقبض، وتنتعش وتنشط حواسي كلها، بمجرد أن أصل إلى الطريق الاسفلتية في تقاطع خط الوهط الترابي مع خط عدن لحج الأسفلتي.. كنت اتفرس الناس والسيارات والعمران والحياة على طول خط السير، وفي محاذاته وجنباته حتى أصل إلى قلب عدن الأغن.. كنت في كل مرة أسافر إليها، أبدوا فيها وكأنني أكتشفها لأول مرة، وكنت في كل وصول إليها، أشعر وكأن وصولي هذا هو الوصول الأول..

• عندما كنت أغادر عدن نحو قريتي النائية البعيدة، القابعة خلف حدود الشطرين، أتأمل وأمعن النظر في تفاصيل عدن، وأسأل نفسي بتكرار حزين وحسرة: يا ترى هل سأرى مرة أخرى، ما أراه الآن؟! هل سيطول بي العمر، وأرى عدن مرة ثانية..؟! هل سأعود إليها أم هي المرة الأخيرة التي أرى فيها عدن؟! إنني اشتاق إليها قبل أن أغادرها، وأشتاق إليها حال مغادرتها والرحيل.. أخاف أن لا أرى عدن مرة أخرى؛ لاحتمالات مفجعة تجوس في دهاليز وعيي وردهات مخاوفي..

• عدن التي كانت تثير شجوني وأنا بعيد عنها.. ولطالما أشجاني وأنا بعيد عنها صوت الفنان وهو يغني:" عدن عدن ياريت عدن مسير يوم.. شاسير به ليلة ماشرقد النوم.." وكذا أغنية "يا طائرة طيري على بندر عدن.. زاد الهوى زاد النوى زاد الشجن.. عالهجـر مقـدرش أنـا.. أشـوف يومـي سـنـة.. ذي جنة الدنيا حواها..".

• عدن التي أحببتها هي تلك التي وصفها صديقي محمد اللوزي في إحدى كتابته بقوله "عدن درة المدن، ونجمتنا التي تبزغ فينا ولا تأفل.. زنبقة الفرح، والطلع النضيد.. الدعة التي تجيء إليك راضية، وتقدم نفسها حبا، وتغار من أن أحدا يأخذك خارج مدارها.. عدن رائعة الكون.. عدن الدهشة كلها.. لا يعرف عدن غير العاشق الصب لأنها تسكب روحها فيه.."

• أحببت عدن التي قصدها الشاعر الفرنسي "رامبو" باحثا عن الحرية والعمل، وآثرها على فرنسا، ورغم جحيم عدن وتذمره منها، وهجيه لها مرات عديدة في لحظات ضيقه، إلا أن المقام انتهى به إلى التكيف معها، بل والإقرار إ
نها "«أفضل مكان في العالم». وقد أوفت معه عدن بعد موته، وأسمت إحدى شواطئها الجميلة باسمه، وحولت منزله في عدن إلى مركز للقاء والتبادل الابداعي الشعري.

• عدن التي أحببتها هي تلك التي فضلها الشاعر السوداني مبارك حسن الخليفة على "دبي" الإمارات.. الشاعر والدكتور الذي لم يطب له المقام في موطن الثلج، وطابت له عدن اليمن 34 عاما، عمل فيها محاضراً وأديبا وشاعرا وناقدا في جامعاتها.. سكنها وسكنته، وألّف فيها الكتب، ودبج عنها وفيها وفي البعد القصائد، وكان صوتها الأغن بعناوينها النابضة بالجمال والهوى والحنين: «عدن هواها قد تملك مهجتي» و«البعد يا عدن» و« إلى حبيبتي عدن» و«عدن الجميلة».

• أحببت عدن التي جاءها جورج حبش خائفا عليها حد الفجيعة، من قادم ينتظرها، بتحفز شيطان، باكيا عليها بدموع سخينة، محاولا إنقاذها من كارثة حلت عليها لاحقا، في 13 يناير 1986 وكانت دامية ومؤسفة، ولازلنا نعيش آثارها الدميمة إلى اليوم الذي خلناه بعيدا جدا، لن يطول ولن يُطاول.. حلت على عدن الكارثة، كما حلت عليها على ما يبدو اللعنة، والتي لازالت ترفض التلاشي أو المغادرة إلى اليوم..

• أحببت عدن الوفاء التي لاذ بها وإليها أحرار العرب والعالم، ومنهم البروفسور العراقي توفيق رشدي في أواسط سبعينات القرن المنصرم، والذي صار أستاذا يدرّس طلابها في إحدى جامعتها، وعند اغتياله فعلت عدن من أجله ما لم تفعله الدول.. رفضت كل المساومات والمغريات والدعم السخي، مقابل الصمت والسكوت عن مقتله، بل وحاكمت القتلة علانية، وبُثت المحاكمة من قاعة المحكمة، وكشفت كل شيء أمام الرأي العام كله، في فضيحة سياسية غير مسبوقة.. جريمة بحجم فضيحة بكل المقاييس، للقتلة والدولة التي تقف وراءهم..


• عدن التي أحببتها هي تلك التي أنتمي إليها.. عدن الإنسان والأهل والأحباب والناس الطيبين.. عدن التعايش والأمل والعمل والملاذ.. عدن الحب والشوق والعشق والحياة والذكريات..
للحوثيين .. مرة أخرى على الشبكات (1 - 5)
احمد سيف حاشد
(1)
عندما تكون لديكم أو عندكم مشكلة حقيقية وفي عقر داركم أو في العاصمة التي تحكموا منها، كان يجب أن تحلوها أنتم بدلا من أن تقوموا بتعقيدها وتصعيدها من جهتكم، إلى حد المطل في تنفيذ الحلول التي أرتضيمتوها أصلا أنتم، بل والاستمرار بنهب ممتلكات مواطنيكم من أصحاب الشبكات خلافا للدستور والقانون، والأسوأ أن تعاندوا بصبيانية فجة في تعقيدها وتصعيدها، ومحاولة فرض باطلكم على مواطنيكم باستخدم ما بأيدكم من سلطة وسطوة ونفوذ ومقدرات شعب ودولة..

(2)
عندما تمنعون قنواتكم الفضائية، والقنوات الملحقة التابعة لكم، من سؤال مواطنيكم المتضررين من إجراءات وتعسف سلطتكم، بل وتستخدموا منظومة إعلامكم في إرهابهم بتخوينهم ونسب لهم ما ليس فيهم، وفرض باطلكم عليهم باستخدام جور السلطة وقمعهم لمجرد رفضهم أو مقاومتهم السلمية الحذرة والمحدودة لتعسف إجراءاتكم الظالمة والفادحة، والتي ألحقت بهم الضرر البالغ بهم وبحقوقهم وعوائلهم، من الطبيعي جدا أن تعرفوا أن إعلام خصومكم السياسيين بل وحتى إعلام أعداءكم أن يستغلوا ما فشلتم به، ويوجهون إعلامهم بالتقاط ما لم تستطيعوا إلتقاطه.. إن لم تدركوا هذا، فهو من فرط غبائكم وأخطائكم وفقدان حكمتكم وصبيانية عنادكم..

(3)
في البداية بدأت بعض وسائل إعلامكم تنشر بعض وجهة نظر أصحاب الشبكات، ولم يكن الإعلام الخارجي أو حتى إعلام خصومكم يتعاطى أو يتحدث عن موضوع الشبكات، وكانوا يرددوا مثل: "ناب كلب في رأس كلب"

وعندما أغلقتم كل منافسكم الإعلامية المحدودة عليهم، وأوصدتم جميع وسائلكم الإعلامية والملحقة في وجوههم، بل وبدأتم بتحويل جل وسائلكم الإعلامية وجيشكم الإلكتروني الذي يشرف عليه رئيس الرئيس أحمد حامد، ورئيس الدائرة الإعلامية في مكتب رئاستكم محمد الوريث بتوجيه حملة ضارية وظالمة على مواطنيكم أصحاب الشبكات لإكراههم على الاستسلام لباطلكم، ولكنهم لم يستسلموا، وظلت نقابتهم تقارع ظلمكم إلى اليوم..

ولكن أنتم من خدمتم بأفعالكم وظلمكم وسائل إعلام خصومكم، وإعلام العدوان أيضا، بل أنكم تنفذون ما يريدوه منكم خصومكم على نحو يثير الحيرة والتساؤل، حتى بدأ الأمر أن ما تفعلوه بأنفسكم أكثر ضررا مما يفعله العدو بكم، وينطبق هذا عليكم إذا فسرنا ما تفعلوه بالغباء المفرط والمدفوع بحسن النية، وأن لديكم دببه انبتموهم بالدفاع عنكم فأضروكم أكثر مما أحسنوا إليكم.. إن الجهل عدو صاحبه.. فإن كان جهلا فأنتم مسؤولين عنه، وإن كان بعلم فقد سرى السم وبات الداء فيكم.. إنه الاختراق، أو أكثر منه..

(4)

عندما تنقلب أنت وتمنع أي وسيلة إعلامية محلية من تناول المشكلة من وجهة نظر من تعتقد من مواطنيك أنهم خصومك، بل وتسخر قنواتك الفضائية والتابعة لها مثل قناة "الساحات" و"معجبها" الذي ليس فيه من العجب إلا ما يصنعه من السقوط الإعلامي المريع وقلة الأدب.. فاعلم أن خصومك سيتناولون مظلمتك التي قدمتها لهم أنت على طبق من ذهب.. أنتم من تصنعون الظلم، وعليكم أن ترفعوه عن المظلوميين أصحاب الشبكات.. أنتم من تقدمون المادة الإعلامية بجوركم الفادح وتجبركم وتكبركم، وليس غيركم من أصحاب الشبكات.. "رمتني بداءها وأنسلت"

عندما تترك مثل "معجب" يهاجم بعض من مواطنيك الذين تحت سلطتك، ويمارس التحريض عليهم وإرهاب السلطة ، ويشكك بولائهم، ويطعن في وطنيتهم، وينسب لهم تهم الفساد الغلاظ، ويخونهم؛ فهو إرهاب سنقاومه ولن تستسلم له..

أن يصرف "معجب" صكوك الوطنية والتخوين لمواطنين تحت سلطتك وفي العاصمة صنعاء وليس الرياض أو الإمارات أو حتى ببيروت، فهذا ما يجعلنا نقول: "ربي أقم الساعة" إن "معجب" هو بعض من انحطاط عهدكم..

أما أنا فقد تنصلت مرارا من هذه القناة وسياستها الإعلامية التي لم يعد يجمعني بها جامع، ومن يعتقد إنها زلتي التي لن أنجوا منها، كما يطرح الفاسد المحمي بسلطة الغلبة محمد العماد، فيجب أن يعرف، ويعرف الجميع أن لدي عقد قانوني مع قناة الساحات والقائمين عليها، يحميني أمام أي جهة قضائية وقانونية، وموثق لدى الجهات الرسمية في اليمن ولبنان..

لم تعد تربطني بهذه القناة رابط من قبل الحرب وليس من اليوم، لإخلال الإدارة بالعقد المبرم وهو إخلال من طرف واحد، والتحلل من التزاماتها الذي يتضمنها العقد، وسأضطر لنشر العقد التي بيني وبين إدارة القناة، إذا ما لزم الأمر لقاهر.. أما العماد فلن ينجو والأيام دول..

(5)
تخوّنوننا نحن وأصحاب الشبكات، وجميعنا أبرياء من تهمكم الابتزازية.. وبخفة تطلقون علينا تهم الخيانة لتمارسون علينا إرهاب السلطة.. ـ فقط لأننا نساند مظلومية.. ولمجرد إنهم يؤنون من ظلمكم، ويحاولون مقاومة هذا الظلم بوسائل سلمية محدودة جدا.. فيما (أنتم) تعقدون مع الخصوم والأعداء الاتفاقيات والصفقات السرية، ومنها على سبيل المثل لا الحصر اتفاقية ظهران الجنوب..

قريبا أو في مدى غير بعيد ستظهر الخيانات بأصولها في اتفاقيات علنية، وسرية ستُنكشف بعد حين.. وسيكتب التاريخ م
ن الذي باع ..ومن الذي خان.. ومن الذي عقد الصفقات السرية ومقابل ماذا..؟! والقادمات أكثر..
بعض تفاصيل حياتي
لم أعلم أن هناك من يروننا دونهم
احمد سيف حاشد

• خلال أكثر من خمسين عام من عمري، لم أكن أعرف أن هناك فئات سكانية أو مجتمعية في اليمن تحتقر مهنة دباغة الجلود والعاملين فيها، وتنظر إليهم بنظره دونية.. كانت الفكرة الراسخة في ذهني إننا ننتمي إلى طبقة الفقراء فحسب، ولم أعلم أن هناك فئات سكانية، وبيئات قبلية، وبدوية، ترانا دونها إلا في فترة متأخرة من حياتي.. ما كنت ألمسه في محيطي وغير محيطي الذي أعرفه أن مهنة دباغة الجلود، لا تختلف عن غيرها من المهن من وجهة نظر الوعي السائد في اليمن كله..

• ما كنت أعلمه في العهد الاشتراكي القائم في عدن ثم فيما تلاه، هو أن أبي بدأ حياته عاملا في مهنة دباغة وتفنيد الجلود، وأنه ينتمي للطبقة العاملة، وإننا ننتمي لطبقات الفقراء، أو قل إن شئت من أسر ذوي الدخل المحدود.. وقد وُجدت في جنوب اليمن إبان العهد الاشتراكي حماية قانونية، ونصوص عقابية لمن يعيّر أو يحتقر أو يسيء إلى أحد المواطنين بسبب انتمائه المهني، أو حتى الطبقي المتدني..

• بل أذكر في بعض ما تعلمته، من قانون العقوبات وشروحاته في كلية الحقوق بعدن، أنه إذا وجه أحدهم إهانة صاعقة أو احتقار شديد أو إساءة بالغة إليه، وأرتكب من وُجهت إليه هذه الإساءة البالغةـ جريمة فعل القتل ضده، تحت تأثير الهياج النفسي الشديد الناتجة عن تلك الإساءة البالغة، فلا يقاد القاتل به..

• وتفسر الشروحات هذا النص، وتعيد السبب؛ لأن فعل القتل تم ارتكابه من قبل الجاني في لحظة الهياج النفسي الشديد جرّا الإساءة البالغة الموجه له من المجني عليه، وعلى نحو أخرجت مرتكب الفعل عن حالته الطبيعية بشدة، فطار صوابه وعقله على نحو أفقده لحظتها الوعي بتقدير أفعاله، تحت تأثير الهياج النفسي الشديد الذي تسبب فيه المجني عليه.. والقانون النافذ أنذك في الجنوب ـ هو قانون جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والصادر في العام 1976 ـ والذي قيّد القاضي بالحد الأقصى للعقوبة وهي خمس سنوات سجن.

• هذه الحماية القانونية قد دعمتها أيضا وعززتها الثقافة السائدة، أو بالأحرى الوعي الاشتراكي السائد في الجنوب، والذي كان منحاز أيديولوجيا لصالح طبقات الفقراء، أو ما كان يسميهم طبقات العمال والفلاحين، وكذا الشرائح الفئات الأخرى مثل الحرفيين والصيادين، أو من يعتبرهم إجمالا بـ "أصحاب المصلحة الحقيقية في الثورة"..

• بل ووصل الأمر بهذا الوعي إلى الحد الذي جعلنا نعتز بهذا الانتماء، ونجل فقرنا باعتزاز، ولم نشعر بأي انتقاص يوما بسبب المهنة، أو تدني المستوى الاجتماعي لنا، وأكثر من هذا، كانت توجد إجراءات اقتصادية، واهتمام لافت وبحماس فياض، يتم بذله من قبل السلطات نحو شريحة المهمشين، والعمل على رفع مستواهم الاقتصادي والتعليمي والاجتماعي، وبذل محاولات كثيرة ومتتابعة لإعادة دمجهم في المجتمع، ولاسيما في عهد الرئيس سالم ربيع علي والمشهور بـ "سالمين"..

• وكانت من الهتافات الأخاذة والآسرة في ذلك الحين، والتي سمعتها بنفسي من قبل المهمشين أثناء دراستي الإعدادية في طور الباحة في سبعينات القرن المنصرم هتاف "سالمين قدام قدام سالمين ماحناش أخدام سالمين عمال بلدية سالمين منشاش اذية " وتم منع وصف أي عامل بلدية بالخادم كما كان.

*
يتبع
بعض تفاصيل حياتي
كم أنت عظيما يا أبي.. محدثة
احمد سيف حاشد

• بعد انقطاع طال بين أبي ومهنته السابقة، عاد أبي مرة أخرى إليها مضطرا، بعد أن ألجأته إليها مسيس الحاجة والعوز، وبعد أن نفذ ما يملك ويدخر من مال، وبعد تشرد طاله لسنوات، على إثر مقتل أخي علي سيف حاشد في القرية، ومُلاحقة والدي من قبل سلطة صنعاء في ذلك الحين، والتي كانت تسعى لاعتقاله دون أن يقترف أي جريمة أو ذنب غير حمله لحزن ثقيل أناخ على كاهله بمقتل ولده علي.

• استمر أبي بهذا العمل للمرة الثانية "دباغة وتفنيد الجلود" قرابة السنتين أو أكثر، في حي "الخساف" بـ"كريتر" في ثمانينات القرن المنصرم، لدى صديقه الودود محمد عبد الحميد، رغم استمرار معاناة والدي من نوبات السعال الليلي، الناتجة عن عمله السابق بنفس المهنة في شركة "البس"..

• كان عمل أبي في دباغة وتفنيد الجلود هذه المرة مضطرا أكثر من المرة السابقة، وآثر والدي العمل في هذه المهنة التي يجيدها، أو كانت متأتية له للعمل بها، رغم أثرها على مستوى صحته، أو بالأحرى على ما بقي لديه من صحة.. وبين العمل في بداية العمر وغاربة، عمر مديد وعمل كديد، وصحة تذوي ولكنها تقاوم بعناد وصبر لا ينفذ إلا بطلوع الروح..

• هكذا هم الفقراء يؤثرون العمل على الصحة، مهما كان خطرا عليها أو مهددا لها.. أنهم يؤثرون العمل على ما عداه، وإن كان فيه تراجع أو تلاشي أكبر أو محتمل للصحة.. يموتون وهم يعملون بمثابرة دون أن يكلّون أو يملّون، وذلك من أجل أن يعيلوا أسرهم بالرزق الحلال المندّى بعرق الجبين، ولو بما يفي بالحد الأدنى من كرامتهم، وكرامة أسرهم المحرومة من الكثير، ودون أن يخطر لهم بال، أو هاجس شيطان عابر، أو شيطان يجوس في الحمى، ليمارس النهب أو القتل، أو جلب "الفيد" والغنيمة من تحت ظلال السيوف، أو يجني المال الوفير من مصدر مشبوه، أو عمل غير مشروع.. إنني أعترف لأباءنا.. لقد كان آباءنا كبارا بحق وجدارة..

• عرفت أبي خلال مسيرة حياته أنه يقدس العمل، ويقدس مواعيده بدقة حد القلق، ويعمل بمثابرة دون تواني أو كسل، ويبذل جل اهتمامه وعنايته في العمل، ويسعى بمثابرة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الإنجاز.. وينام مُرهقا ولكنه مستريح الضمير، ويقوم باكرا من فراشة، وبنشاط متجدد، ويقضه وجذوة، تستمر معه طوال ساعات العمل..

• في صنعاء خلال سنوات الحرب كتبت منشورا على صفحتي في "الفيسبوك" معتزا بمهنة والدي المتواضعة، ولأول مرة عرفت من صديقي ورفيقي القاضي عبدالوهاب قطران أن مهنة دباغة الجلود لدى بعص مناطق وقبائل الشمال مهنة محتقرة، ويعتبروا أصحابها ناقصين أصل، مثلهم مثل المزاينة والحلاقين والجزارين، ومن في مستواهم، أو دونهم.. فيما بدا لي الأمر، أن دبّاغين الجلود قد تم إلحاقهم بالجزارين أو هم دونهم درجة في نظرة جل من يتعاطى مع هذه التراتبية الاجتماعية أو العنصرية الفجة وعيا وممارسة..

• وعرفت شيئا آخر أثناء حديثي مع زميلي ورفيقي في الكلية العسكرية "حسين" من الجوف، والذي ألتقيت به خلال فترة هذه الحرب الظالمة، وعرفت منه أن البيع والشراء إلى تاريخ غير بعيد، كانت لدى بعض قبائل الجوف معيبة على من يمتهنها، وإنها من وجهة نظر هؤلاء مهنة غير مرغوبة، وغير محترمة، ويلحق العيب بمن يمارسها..

• هكذا يتم قلب المفاهيم والقيم رأسا على عقب، أو أن منتجي تلك القيم هم المقلوبين على رؤوسهم، وبالتالي ينتجون مفاهيما وقيما خاطئة، وبعضها مقلوبة كوضعهم المقلوب، معتقدين سويتها واستقامتها، ليتحول في نظرهم من يمارس العمل الشريف، ومن يأكل من عرق الجبين، مقذوفا بالعيب، ولعنات تلاحقهم كقدر لا مفر منه، هم وبنيهم ومن تناسل منهم.. تدركهم اللعنة لتدمغهم بالعيب والانتقاص والاحتقار والازدراء العنصري الناتج في حقيقته عن خواء عميق في الوعي، وبداوة بدائية غارقة بالقدم، وتفكير زائف، ومنطق سطحي متخلف، أو غارق بالتخلف..

• بيد أن الأهم الذي وجدته أكثر أسى، وأثار فيني كثير من الحزن العميق، ويحكي مفارقة مؤلمة، هو أنني علمتُ أن صديق بمستوى عالي جدا من العلم والثقافة والخُلق والتربية في العاصمة صنعاء، تقدم شاب لخطبة ابنته عبر وسيط، وطلب هذا الصديق من الوسيط التأكد من انتمائه وأصله، والتحري عمّا إذا كان لا ينتمي إلى فيئة المزاينة أو من في حكمهم، وذلك لتحديد الموافقة المبدئية على زواج ابنته من عدمه، رغم ما لدى هذا الشاب من دماثة الخلق، ومستوى تعليمي ومهني يليق..

• راعني ما سمعت.. ولكن لم يقلل هذا بحال من اعتزازي الكبير بعمل والدي، وبكل المهن الذي مارسها طيلة حياته.. ولم انتقص أنا يوما من إنسانية أي فيئة اجتماعية، وأمقت التصنيف العنصري، وتراتبية الأصول التي تؤدي لحصر الأصول الناقصة واحتقارها، وأزدري الاصطفاء، وأرفض التفكير النمطي التقليدي القائم على تراتبية فيها احتقار الإنسان لأخيه الإنسان..

• زدت اعتزازا بمهنة والدي، ونظرت لها ببعد آخر غير البعد الذي ينظر إليها بعض من يعانوا عقد النقص وخلل في الدماغ، أو تلف في مراكز الوع
ي، وتشوّه في التربية، والتنشئة الخاطئة.. وفي واقع مثل هذا، تخليت نفسي مثل شجرة السدر أو نبتة الصبار، أو شجرة التين الشوكي النابتة في قلب الصخر، أو في صفاء الجبل الأمرد، وقد تحدت كل الظروف الطاردة للحياة، وعاشت رغم أنف وقسوة الظروف، وشمخت متحدية وباسقة، بل وزادت تزهر وتثمر، في أعز الفصول ضيقا، وكأن وجودها المعاند، فيه حكمة ومقاومة لوجع الطبيعة، وتحدى ظروفها القاتلة، وتشمخ برأسها علوا، وتزهر أطرافها باللون الزهي، وتعطي النحل والناس رحيق العسل، وكلما فيه علاجا وشفاء وطعم ألذ..

• أعتز أنني ابن هذا الأب المكافح، الذي أنتمي إليه، وصار ولده نائبا للشعب، ويمثله بما يليق به، وقد حرصت وأنا أختار أن أكون لا منتمي، أو أكون نائبا برلمانيا مستقلا بحق وحقيقة.. صاحب رأي وموقف حر ومستقل، وأن يكون "الشريم شعاري" وأن يتكثف وعدي الانتخابي المقرون بصورتي بعبارة "انتخبوا من يمثلكم لا من يمثل بكم"

• أغلب الظن أو كما أتخيل نفسي أنني لازلت حريصا ووفيا لهذا الشعب المنكوب بمن قادوه وتسلطوا عليه من أعالي القوم وأشرافه.. لازلت وفيا للعهد والوعد الذي قطعته يوما للوطن، وقد خان أسياد القوم شعبهم، وسقطت المنازل الرفيعة في القيعان السحيقة، وسيكنس التاريخ يوما أصحاب المراتب العالية إلى مزابله المنتنة، وكل من جلبوا لهذا الشعب الكوارث العظام، ومارسوا بحقه الخيانات الكبار بتمادي بالغ، ومجاهرة فجة وصارخة، وأتوا بالعار الذي لا يُمحى ولا يزول إلى اليمن..

• وللخلاصة أنا أمقت التفكير النمطي، في التراتبيات الاجتماعية المتخلفة، أو القائمة على الأصل، أو الحسب والنسب، أو التفكير العنصري بكل مسمياته، وأرفض العصبيات المنتنة، وضخ الكراهية التي تستهدف الوطن في عمقه ووحدته ومستقبله..

وفي مسك الختام هنا لا بأس أن أقول وفاء: كم أنت عظيما يا أبي


***
يتبع
احمد سيف حاشد
في جبهة نهم الأحكوم اعتقال أم إقبال الحكيمي وأختها فادية وبنت أختها أزهار
فيما سبق الإفراج عن المشرف أبو خليل
بوا وأعدموا معه..

أنا من تسكنه تحدي ذلك الإسكافي العظيم (ماسح الأحذية) الذي صار رئيسا لأكثر من مائتين مليون نسمة في البرازيل خامس أكبر دولة في العالم، سواء من حيث المساحة الجغرافية أو عدد السكان.

*

أنا من يجد إلهامه في غاندي ذلك العظيم الذي أسس مدرسة عظيمة في النضال السلمي، وجعل من الهند متعددة الأعراق والقوميات والأديان والطوائف والثقافات بلاد متعايشة ومتنوعة .. الهند أمة المليار نسمة الثانية في العالم من حيث عدد السكان والسابعة من حيث المساحة والاقتصاد.

*

أنا من جُبلت على التسامح، ووجدت في ذلك العظيم نلسون منديلا المناضل الأفريقي الأسود قدوة ومثالا وملهما.. مانديلا الذي ناهض سياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا ومكث في سجون نظامه أكثر من 27 عاما وخرج منها غير حاقد أو منتقم..

منديلا الذي منح عفوا فرديا لكل من يدلي بشهادته حول الجرائم التي ارتكبت وبجلسات سماع استمرت عامين حول عمليات الاغتصاب والتعذيب والتفجيرات والاغتيالات، وهو ما ساعد خروج جنوب أفريقيا من ماضيها الثقيل، والابتعاد عنه والتركيز على الحاضر والمستقبل.

أنا من أجد نفسي في كل إنسان..

أنا إنسان.

***
يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي
أنا ابن الدباغ .. الإنسان
احمد سيف حاشد
• بعد ما قاله لي صديقي حسين، وما كشفه لي رفيقي عبدالوهاب قطران عن معنى انتمائي وأمثالي في المخيال الشعبي، لدى بعض قبائل ومناطق اليمن، أو بعض المجتمعات المحلية فيها، وما يلحق صاحبها من الانتقاص والنظرة الدونية، لم أخجل ولم أتخفِ ولم أحاول جبر ما بدا مكسورا، أو ستر ما أنكشف، بل على العكس، دافعت عما أعتقد باعتزاز يليق، ولم أخش من معايرة، ولم أتحرج من عمل والدي، أو من المهن التي أرتادها خلال تاريخ حياته، بل اعتزيت بنفسي كثيرا، وبأبي الذي حفر بالصخر من أجلنا لنعيش بكرامة، واعتززت بانتمائي الذي استطاع أن يحجز له مكانا في الصخر الصلد، وبتحدي مضاعف، ليكون وأكون كما يجب..

• غير أن الأهم أنني لم أنجر إلى البحث عن عصبية صغيرة مقابلة، تقتل أو تشوّه الإنسان الكبير الذي يملاني، ويسكن وعيي، ويدأب إلى تحصيني من أي هشاشة تعتريني، ولم أتنازل عن الضابط الاخلاقي المنسجم مع هذا الإنسان الذي يسكنني، والإنسان الذي أبحث عنه خارجي، وخارج انتمائي..

• ولا يعني هذا أنني لا أقاوم، ولا أهاجم الاستصغار الذي يحيط بي، أو يحاول أن ينال منّا كشرائح وفئات مجتمعية، من حقها أن تحظى بحقوقها كاملة، وأولها حق المواطنة.. ولم ابحث يوما عن انتماء آخر لا يليق بي كإنسان أولا.. وفي هذا السياق وإطار ما أشرت، كتبت تحت عنوان "أنا إنسان" التالي:

أنا لست ابن السماء .. أنا ابن الدباغ الذي يثور على واقعه كل يوم دون أن يكل أو يمل أو يستسلم لغلبة..

أنا ابن الدباغ الذي لا يستسلم لأقداره، ولا ينوخ، وإن كانت البلايا بثقل الجبال الثقال.. ابن الدباغ المجالد الذي يعترك مع ما يبتليه، ويقاوم حتى النزع الأخير..

ابن الدباغ الذي يتمرد على مجتمع لازال يقدس مستبديه.. ابن الدباغ الذي يقاوم نظام لا يستحي عندما يدّعي.. نظام يدعي العدل، وهو يتعالى على الوطن الكبير.. يخصخص المواطنة، ويغيب المساواة، وينشر الفقر كالظلام الكثيف، ويحبس الحرية في محبس من حديد..

أنا الحر الذي يجرّم القتل ولا يستسهله، ولا يشرب الدم ولا يسفكه، ولكنه متهما بشرب الكحول..

أنا ابن لأب لا يبيع الموت ولا يهديه ولا يجعله مقاسا للرجولة أو معبرا للبطولة..

أنا ابن صانع الحلوى والبائع لها، يأكل من كده وعرق الجبين .. أنا ابن أب يصنع الحلوى ويهديها للأصدقاء والفقراء المعدمين..

أنا ابن صانع الحلوى .. ابن الحياة.. أرفض الحرب والمآسي العراض، ولن أكون يوما من صّناعها أو تجّارها، ولم أعش يوما عليها، ولم ابنِ مجدا على جماجمها الكثيرة، ولم أحتفِ يوما باتساع المقابر، أو بطوابير النعوش الطويلة، ولم أطرب لركام الضحايا الكبير، ولم أضخ الكراهية، وغلائل الحقد التي لا تنتهي.

*
وفي مناسبة وتاريخ آخر كتبت:

أنا لم أقِم الحزن يوما في مبيتٍ
لا أبيع الوهم والأفيون للمرضى
لا ادفع الناس أفواجا للمهالك
أنا لا أنشر الموت بين الناس وعدا
في حياة أخرى ودار ثانية..
وأداري تحت العمامة ألف جزار وجلاد وليل..
إن شربت الكيف خلسه، فإلى الله أسافر..
لا أنافق.. لا أزايد..
ولا آم القوم ثملا في صلاة كالوليد ابن عقبة
ولا أنام الليل فوق نهود العذارى
وحلمات الجواري كالخليفة هارون الرشيد

*
أنا لا أفاخر بهندِ ولا بمن تأكل الأكباد.. ولا أفاخر بنسب أو قبيلة أو بقاتل.. أنا بقابيل لا أكترث..

لا أتسول التاريخ زادي، ولا أدعي فيه سلطان وميراث.. ولا أدّعي حقا من قبل آدم وحواء، أو ما قبل الثريا..

أنا لست من ماء السماء، ولا سليل من علي و فاطمة.. أنا الفتى ابن أبي .. وأبي ذلك الدبّاغ الذي كابد الدهر، وعانا العناء، وأقتات من عرق الجبين..

*

وحتى لا تُفهم الأنا المكررة فيما سبق غرقا في النرجسية أو الأنانية أو العصبية المقابلة كتبت:

عندما أقول أنا، فليست هي الأنا المثقلة بالأنانية والاستحقاق الغير مشروع؛ لاسيما عندما تقذف بها في وجه الظالم المستبد، أو تحاول بها إزاحة الظلم الكبير الذي يثقل كاهلك..

انها الأنا المعتزة التي ترمي بها غرور من لا زال يراك دونه هوية ومواطنة، ويدّعي خيلاء ومكابرة في الألفية الثلاثة أنه من ماء السماء، و يراك مجرد كائنا يدب على أربع جاء من روث الحمير..

إنها "أنا" المقاومة التي تقذف بها وجه من يختزل الوطن بشخصه، أو يحصرها في نسل أو قبيلة أو جغرافية صغيرة..

المثقف العضوي يجب أن يكون في الطليعة من أجل الناس، وقد قالها يوما ممن ينتمي لهم رانيا لمستقبل نتطلع إليه، قالها بمعنى: طالما أنك تعبر عن حقوق ومستقبل الناس، وتعبر عن تطلعات شعبك، فأنت تصير الشعب مهما كنت قليلا..

أنا الحالم ابن كل هؤلاء الأحبة .. أنتمي للحلم الكبير كبر المجرة، بل كبر هذا الكون الفسيح الذي يكسر محبسه ويسافر للبعيد دون حدود أو منتهى.

*
وكشفا لمن أراهم ملهمين لي وأشعر بانتمائي لهم كتبت:

أنا من تسكنه روح قائد ثورة العبيد “سبارتاكوس” الذي ثار ضد الاسترقاق في عهد العبودية الثقيل، له المجد والخلود ولمن قتلوا وصل
بعض تفاصيل حياتي
احمد سيف حاشد
من طفولتي الأولى
(2)
مغالبة “الحصبة”
أراد أبي أن يلم شملنا تحت سقف واحد في عدن.. أراد أن يلملم أشتات أسرتنا الصغيرة والبعيدة، بمسكن صغير في أطراف ضواحي المدينة بـ "دار سعد" يأوينا إليه، محاطين بقدر من السكينة والدعة التي نبحث عنها.. أسرتنا كانت خمستنا دون دخيل.. ولكن دخلت علينا الحصبة بدمامتها وقُبحها، وما تحمله من بشاعة وافتراس..

في عدن مرضتُ بالحصبة .. كان مرض الحصبة ينتشر ويفتك بالأطفال.. الحصبة فيروس انتقالي حاد ومعدي يصيب الأطفال، ويسبب لهم مضاعفات خطيرة في بعض الأحيان.

كان مرض الحصبة أكثر الأمراض انتشارا في سن الطفولة بصفه خاصة، ومن أعراضه ارتفاع في درجة الحرارة مصحوب برشح وسعال ورمد وطفح جلدي على جميع أجزاء الجسم.. ورغم اكتشاف لقاح الحصبة في ستينات القرن الماضي، إلا أنه لم يقوض هذا المرض ويصيره نادرا إلا في بداية التسعينات من القرن الماضي.

أول معركة ربما خضتها وأنا طفل في عدن مع هذا الفيروس القاتل للأطفال.. كان نذير موت يتهدد حياتي، ويتربص بي بإصرار واشتهاء.. كل يوم يمُرُّ وأنا لازلت على قيد الحياة كان يعني لأبي وأمي معجزة من الصمود العنيد في مواجهة الموت، وربما كان يعني مرور اليوم بالنسبة لي، اجتراح بطولة خارقة على مرض يتسع وينتشر.. يفتك بالطفولة دون أن يراعي أو يكترث.. فيروس موت لا يعود من بيت فقير إلا وقد نهب من أطفالها روح من يشتهي..

غالبتُ مرض الحصبة، وقويت على المقاومة والصمود، بفضل بعض النصائح التي أسدتها جارتنا لأمي التي كانت لاتزال قليلة التجربة، أو معدومة الخبرة والمعرفة في أمور كتلك.. استفادت أمي من نصائح جارتها التي كان لديها بعض الدراية بكيفية التعاطي مع هكذا حالة، ومعرفة بالوسائل التي باستطاعتها أن تخفف من وحشية وآثار هذا المرض، فالجهل يمكن أن يضاعف الحالة ويفاقمها، وهو المساند الأول للمرض، وربما يلعب دور السبب الأول للوفاة قبل المرض إن لم يحتاط له.. تضافرت أسباب الحياة وسندت بعضها، وانتصرت على فيروس الموت، وتعافيت منه، واكتسبت مناعة منه مدى الحياة.

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

(3)
سقم وهزال
وبعد شهور مرضت بمرض لا أعرفه.. أصابني هزال وفقدان شهية.. هزل جسمي إلى درجة جعلني أشبه بأطفال مجاعة إفريقيا الذين نشاهدهم في الصور وشاشات التلفزة.. طفولتنا كانت بائسة، نعيش فيها صراع مع الموت من أجل البقاء.. أمّا أن تغلب المرض أو يغلبك.. الموت يحوم عليك ويتربص بك في كل يوم وساعة..

جارنا عبد الكريم فاضل كان صديقاً لوالدي، عندما شاهدني قال لأبي بذهول ودون مقدمات: “ابنك سيموت ولن يعيش”. جملة صغيرة ربما نزلت على رأس أبي مثل ضرب المطرقة.. أثارت مخاوفه واستنفرت اهتمامه.. ربما هذه الجملة الصغيرة والصادمة، كانت سببا لأن أتجاوز الموت وأعيش.. هذه الجملة المشبعة بالمخاوف، بدت صاعقة لأبي، وجعلته يهرع توا وعلى الفور إلى مشفى في عدن، غير أن الطبيب أخبره أن حالتي صعبة، والأمل في أن أعيش ضعيف.

شار جارنا لوالدي أن يذهب بي إلى طبيب ماهر في لحج، لربما هناك وجد بصيص أمل.. أبي الباحث عن أمل يذوي ويخفت في سواد كثيف ووخيم من اليأس العميم، ينتابه هلع شديد.. أستطيع أن أتخيل هلع أبي وأنا في حضنه أو مسنودا بيده إلى ضلعه الحنون.. اسمع خافقه.. قلبه يدق كالطبل، صعود وهبوط أنفاسه ككير حداد.. ودمدمة هلعه تهز وجدانه وكيانه..

هذا ما شعرت به يوما أنا أيضا، عندما كنت أسابق الموت، وأحاول إنقاذ أبني فادي، عندما كان أيضا بسني تقريبا أو أكبر قليلا.. كان والدي يحاول إنقاذي، وهو مصحوبا بالهلع.. الشعور إنك تسابق الموت وتمنعه عن انتزاع طفلك من بين يديك، شعور كثيف الحضور، ولا يمكن نسيانه مهما طال بك العمر.. لقد عشت مثل هذه اللحظة الكثيفة طفلا كما عشتها أبا.. سارع والدي لإنقاذي من موت محقق بات يثقل جفوني المسبلة..

و في لحج قال الطبيب لوالدي بأن حالتي سيئة جداً، وأنني لم أعد أحتمل الإبر، ولن استطيع أن أتحمَّل المرض أكثر، ولكن “لعل وعسى” قرر لي وصفة علاج دون إبر..

استجاب جسمي للعلاج وأخذت حالتي تتحسن ببطء، بدأت أقبل على الطعام بنهم يزداد كل يوم، ومن أجلي كان أبي يجلب لنا رطل من اللحم في اليوم الواحد أتناوله كله لوحدي، ولا أترك لأهلي شيئا منه يأكلونه. هذا ما كانت تحكيه لي أمي.. كانوا إذا أعطوني قطعة منه، ما ألبث أن أعود أطلب أخرى، حتى أنتهي من آخر قطعة اشتراها والدي.. استطيع أن أتخيل سعادة أبي وأمي.. أستطيع أن أتخيل لحظتها قلب أمي صرة فرح، يكاد أن يطير من بين جوانحها.. أستطيع أن أتخيل أبي والسعادة تغمره، وتتفتح أسارير وجهه كزنابق على شرفات عريس.. يا له من شعور أخاذ وآسر..

نجوت وتعافيت، بل وصرت مشاغباً وشقياً.. كنت أخرِّب الجدران وأخربشها.. أكسر زير الماء.. أرمي بمجالس الأكل على أي شيء.. اكسر الزجاج .. أرمي بأواني الطعام.. ارتكب كل الحماقات وأرمي كل ما تطاله يدي على ما تقع عليه عيني.. فيما كانت أمي تبكي من أفعالي أحيانا،
وتغضب أحيانا أخرى، وتعاقبني بقسوة في معظم الأحيان, كان بكائي الصارخ والضجيج يملأ البيت كل ساعة، حتى شكا الجيران ومؤجر البيت إلى أبي بسبب إزعاجي وبكائي.. كنت مزعجا لأهلي وللجيران والمؤجر .. لم أكف عن الشقاوة والبكاء والضجيج والصراخ.

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

(4)
بؤس وشقاوة
كان أبي يقضي بحدود العشر ساعات في العمل المضنى والجهيد، من أجل إبقاءنا على قيد الحياة، وسد لقمة عيشنا المتواضعة، وكذا عيش أسرته الأخرى التي يعيلها في القرية، والتي تنتظر بفارغ الصبر ما يأتيها من والدي المثقل بمسؤولية إعاشتنا جميعا..

كانت الحياة صعبة، وصراعنا كان هو من أجل البقاء، فالستر واستمرارنا بالحياة هي أقصى ما نحلم به ونريد.

كانت أمي تطلب من أبي أن يغلق علينا الباب من الخارج، خوفاً من أن يطالها قول أو شائعة، فهي ابنة “شيخ” كما كانت تصف نفسها وتعتز، وكان أبي لا يرفض طلبها، ويغلق الباب علينا من الخارج حتى يعود من العمل آخر النهار.

كانت أمي شديدة الحياء والمحافظة والتوجس إلى درجة حبس نفسها بين الجدران.. لا تفتح نافذة ولا باب.. أبي هو وحده من يفتح الباب ومن يغلقه، فيما كانت أمي تشغل وقتها بالتنظيف، وغسل الملابس والطبخ والقيام بجميع أعمال البيت..

ولكن لماذا أنا أيضا يتم حبسي ولا يُسمح لي أن أخرج للشارع لألعب مع الاطفال أو أطل عليهم من نافذة.. أريد أن أرى ماذا يحدث خارج جدران البيت.. أريد أرى الوجوه والناس والحركة وصخب الحياة..

كل ساعات النهار والليل ـ عدا النوم ـ نظري يرتطم بالجدران وسقف البيت.. لا يوجد شق في نافذة ولا خرم مفتاح في باب..

أسمع بعض ما يحدث خارج البيت ولكنني لا أراه.. فضولي مقموعا بجدران من اسمنت، وخشب من ساج، ولا مجال ولا أمل أن أرى ماذا يحدث في الشارع من ضوضاء وعراك وقهقهه..

أريد أن اعرف العالم خارج حيطان بيتنا.. أريد أن أرى أبناء الجيران و(شمس) المجنونة على سريرها في الشارع، والمحوطة بالصرر والقراطيس والأشياء الفارغة التي رأيتها ذات مرة عندما خرجت مع أبي مريضا من أجل العلاج..

أريد أن أرى كل التفاصيل خارج حيطان البيت المتواضع الذي نستأجره.. ليس أمامي من طريق أن أرى العالم خارج جدران بيتنا.. كل شيء ضيق في البيت كصدري الضيق، وجمجمتي الصغيرة.. أشعر أنني أقضي أيامي في قمقم صغير مغلق بالحديد، يحصرني ويحاصرني ويكتم أنفاسي.. فكان طبيعيا أن أكون شقيا، وأن يجد هذا الحرمان والمعاناة انعكاسه في سلوكي الشقي والمتمرد بين جدران البيت وسقفه وحصاره.

***
يتبع..

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
تغاريد غير مشفرة (300) .. لـ”الحوثيين” مرة أخرى عن شبكات الواي فاي

يمنات

أحمد سيف حاشد

(1)

عندما تكون لديكم أو عندكم مشكلة حقيقية و في عقر داركم أو في العاصمة التي تحكموا منها، كان يجب أن تحلوها أنتم بدلا من أن تقوموا بتعقيدها و تصعيدها من جهتكم، إلى حد المطل في تنفيذ الحلول التي أرتضيمتوها أصلا أنتم، بل و الاستمرار بنهب ممتلكات مواطنيكم من أصحاب الشبكات خلافا للدستور و القانون، و الأسوأ أن تعاندوا بصبيانية فجة في تعقيدها و تصعيدها، و محاولة فرض باطلكم على مواطنيكم باستخدام ما بأيدكم من سلطة و سطوة و نفوذ و مقدرات شعب و دولة..

(2)

عندما تمنعون قنواتكم الفضائية، و القنوات الملحقة التابعة لكم، من سؤال مواطنيكم المتضررين من إجراءات و تعسف سلطتكم، بل و تستخدموا منظومة إعلامكم في إرهابهم بتخوينهم و نسب لهم ما ليس فيهم، و فرض باطلكم عليهم باستخدام جور السلطة لقمعهم لمجرد رفضهم أو مقاومتهم السلمية الحذرة و المحدودة لتعسف إجراءاتكم الظالمة و الفادحة، و التي ألحقت الضرر البالغ بهم و بحقوقهم و عوائلهم، من الطبيعي جدا أن تعرفوا أن إعلام خصومكم السياسيين بل و حتى إعلام أعداءكم أن يستغلوا ما فشلتمم به، و يوجهون إعلامهم بالتقاط ما لم تستطيعون التقاطه .. إن لم تدركوا هذا، فهو من فرط غباؤكم و أخطاؤكم و فقدان حكمتكم و صبيانية عنادكم..

(3)

في البداية بدأت بعض وسائل إعلامكم تنشر بعض وجهة نظر أصحاب الشبكات، و لم يكن الإعلام الخارجي أو حتى إعلام خصومكم يتعاطى أو يتحدث عن موضوع الشبكات، و كانوا يرددوا مثل: “ناب كلب في رأس كلب”..

و عندما أغلقتم كل منافسكم الإعلامية المحدودة عليهم، و أوصدتم جميع وسائلكم الإعلامية و الملحقة في وجوههم، بل و بدأتم بتحويل جل وسائلكم الإعلامية و جيشكم الإلكتروني الذي يشرف عليه رئيس الرئيس أحمد حامد، و رئيس الدائرة الإعلامية في مكتب رئاستكم محمد الوريث بتوجيه حملة ضارية و ظالمة على مواطنيكم أصحاب الشبكات لإكراههم على الاستسلام لباطلكم، و لكنهم لم يستسلموا، و ظلت نقابتهم تقارع ظلمكم إلى اليوم..

و لكن أنتم من خدمتم بأفعالكم و ظلمكم وسائل إعلام خصومكم، و إعلام العدوان أيضا، بل أنكم تنفذون ما يريدوه منكم خصومكم على نحو يثير الحيرة و التساؤل، حتى بدأ الأمر أن ما تفعلوه بأنفسكم أكثر ضررا مما يفعله العدو بكم، و ينطبق هذا عليكم إذا فسرنا ما تفعلوه بالغباء المفرط و المدفوع بحسن النية، و أن لديكم دببه انبتموهم بالدفاع عنكم فأضروكم أكثر مما أحسنوا إليكم .. إن الجهل عدو صاحبه .. فإن كان جهلا فأنتم مسؤولين عنه، و إن كان بعلم فقد سرى السم و بات الداء فيكم .. إنه الاختراق، أو أكثر منه..

(4)

عندما تنقلب أنت و تمنع أي وسيلة إعلامية محلية من تناول المشكلة من وجهة نظر من تعتقد من مواطنيك أنهم خصومك، بل و تسخر قنواتك الفضائية و التابعة لها مثل قناة “الساحات” و “معجبها” الذي ليس فيه من العجب إلا ما يصنعه من السقوط الإعلامي المريع و قلة الأدب .. فاعلم أن خصومك سيتناولون مظلمتك التي قدمتها لهم أنت على طبق من ذهب .. أنتم من تصنعون الظلم، و عليكم أن ترفعوه عن المظلومين أصحاب الشبكات .. أنتم من تقدمون المادة الإعلامية بجوركم الفادح و تجبركم و تكبركم، و ليس غيركم من أصحاب الشبكات .. “رمتني بداءها و أنسلت”..

عندما تترك مثل “معجب” يهاجم بعض من مواطنيك الذين تحت سلطتك، و يمارس التحريض عليهم و إرهاب السلطة، و يشكك بولائهم، و يطعن في وطنيتهم، و ينسب لهم تهم الفساد الغلاظ، و يخونهم؛ فهو إرهاب سنقاومه و لن نستسلم له..

أن يصرف “معجب” صكوك الوطنية و التخوين لمواطنين تحت سلطتك و في العاصمة صنعاء و ليس الرياض أو الإمارات أو حتى في بيروت، فهذا ما يجعلنا نقول: “ربي أقم الساعة” إن “معجب” هو بعض من انحطاط عهدكم..

أما أنا فقد تنصلت مرارا من هذه القناة و سياستها الإعلامية التي لم يعد يجمعني بها جامع، و من يعتقد إنها زلتي التي لن أنجوا منها، كما يطرح الفاسد المحمي بسلطة الغلبة محمد العماد، فيجب أن يعرف، و يعرف الجميع أن لدي عقد قانوني مع قناة الساحات و القائمين عليها، يحميني أمام أي جهة قضائية و قانونية، و موثق لدى الجهات الرسمية في اليمن و لبنان..

لم يعد يربطني بهذه القناة رابط من قبل الحرب و ليس من اليوم، لإخلال الإدارة بالعقد المبرم و هو إخلال من طرف واحد، و التحلل من التزاماتها الذي يتضمنها العقد، و سأضطر لنشر العقد التي بيني و بين إدارة القناة، إن لزم الأمر لقاهر .. أما العماد فلن ينجو و الأيام دول..

(5)

تخوّنوننا نحن و أصحاب الشبكات، و جميعنا أبرياء من تهمكم الابتزازية .. و بخفة تطلقون علينا تهم الخيانة لتمارسون علينا إرهاب السلطة .. ـ فقط لأننا نساند مظلومية .. و لمجرد إنهم يئنون من ظلمكم، و يحاولون مقاومة هذا الظلم بوسائل سلمية محدودة جدا .. فيما (أنتم) تعقدون مع الخصوم و الأعداء الاتفاقيات و الصفقات السرية، و منها على سبيل المثل لا ال