من أرشيف الذاكرة
خجلي وانطوائي ورهابي
(1)
عندما عرفت نفسي
• كنت خجولا جدا، وانطوائي أيضا إلى حد بعيد، وأعاني من الرُهاب الاجتماعي على نحو فضيع.. هكذا عرفت نفسي في مستهل وعيي بها.. صحيح إنني كنت شقيا، ولكن هذا لم ينل من خجلي وانطوائي البالغ الذي كنت أشعر به ثقيلا جدا على حياتي التي أعيشها، وكنت متيقنا أن الخجل سيكون أكثر ثقلا وإعاقة لمستقبلي..
• كنت مستغرقا بإحساس كثيف أنني معاقا بخجلي، وأنني لا أصلح لشيء في هذه الحياة، وأن مستقبل حياتي سيكون مضروبا بتلك الإعاقة التي لا أستطيع تجاوزها أو التحرر منها.. وعندما قرأت لاحقا رواية "أحدب نوتردام" للروائي والأديب الفرنسي فكتور هيجو، أحسست إن تلك الحدبة التي يحملها بطل الرواية، لطالما حملتها أنا على ظهري.. ذكرتني تلك الحدبة بانطوائي وخجلي اللذان لطالما أثقلا كاهلي، ومنعاني من فرص عديدة، وحرماني من أشياء كثيرة..
• صحيح أنني كنت أقدم على أفعال في بعض الأحيان تبدو جريئة ومتمردة وشقية، ولكن في معظم الأحيان كان يرافقني خجلي كظلي، وأحيانا يجتاحني طغيانه، ولا يترك لي منفسا أو حيزا أتزحزح إليه..
• هذا الانطواء والخجل كلفاني كثيرا في حياتي، وربما عرضاني في أوقات أخرى إلى مخاطر جمة، وصعوبات كثيرة، ومواقف محرجة لا عد لها ولا حصر، وأحيانا شعورا كثيفا بالفشل والخيبة والنقص.
• كانوا يقولون أن الملائكة لهم دور في تخليق الجنين وتسويته في بطن أمه، وكنت أسئل أمي بما معناه: لماذا فلانة مخرومة الشفاه. فتجيب: إن الملائكة نسوا اتمام هذا الخُرم.. ثم تزجرني وتمنعني من تنقيصها، حتى لا يأتي لي أبناء مثلها، عندما أشب وأتزوج، ويكون لي في الحياة بنين..
• ثم تجوس في نفسي الأسئلة، وأشعر أنني مملوء بالنواقص والاختلال، وألوم في قرارة نفسي الملائكة الذين أصاب اهمالهم كثيرا منِّي.. عيوني، ووجهي، ودماغي، ونفسي، وما خجلي وانطوائي وشعوري بالرُهاب والحرج، إلا إهمال وتقصير كبير منهم، يستحق الحزن والعتب، وأكثر من هذا إن تأتَّى..
يتبع..
خجلي وانطوائي ورهابي
(1)
عندما عرفت نفسي
• كنت خجولا جدا، وانطوائي أيضا إلى حد بعيد، وأعاني من الرُهاب الاجتماعي على نحو فضيع.. هكذا عرفت نفسي في مستهل وعيي بها.. صحيح إنني كنت شقيا، ولكن هذا لم ينل من خجلي وانطوائي البالغ الذي كنت أشعر به ثقيلا جدا على حياتي التي أعيشها، وكنت متيقنا أن الخجل سيكون أكثر ثقلا وإعاقة لمستقبلي..
• كنت مستغرقا بإحساس كثيف أنني معاقا بخجلي، وأنني لا أصلح لشيء في هذه الحياة، وأن مستقبل حياتي سيكون مضروبا بتلك الإعاقة التي لا أستطيع تجاوزها أو التحرر منها.. وعندما قرأت لاحقا رواية "أحدب نوتردام" للروائي والأديب الفرنسي فكتور هيجو، أحسست إن تلك الحدبة التي يحملها بطل الرواية، لطالما حملتها أنا على ظهري.. ذكرتني تلك الحدبة بانطوائي وخجلي اللذان لطالما أثقلا كاهلي، ومنعاني من فرص عديدة، وحرماني من أشياء كثيرة..
• صحيح أنني كنت أقدم على أفعال في بعض الأحيان تبدو جريئة ومتمردة وشقية، ولكن في معظم الأحيان كان يرافقني خجلي كظلي، وأحيانا يجتاحني طغيانه، ولا يترك لي منفسا أو حيزا أتزحزح إليه..
• هذا الانطواء والخجل كلفاني كثيرا في حياتي، وربما عرضاني في أوقات أخرى إلى مخاطر جمة، وصعوبات كثيرة، ومواقف محرجة لا عد لها ولا حصر، وأحيانا شعورا كثيفا بالفشل والخيبة والنقص.
• كانوا يقولون أن الملائكة لهم دور في تخليق الجنين وتسويته في بطن أمه، وكنت أسئل أمي بما معناه: لماذا فلانة مخرومة الشفاه. فتجيب: إن الملائكة نسوا اتمام هذا الخُرم.. ثم تزجرني وتمنعني من تنقيصها، حتى لا يأتي لي أبناء مثلها، عندما أشب وأتزوج، ويكون لي في الحياة بنين..
• ثم تجوس في نفسي الأسئلة، وأشعر أنني مملوء بالنواقص والاختلال، وألوم في قرارة نفسي الملائكة الذين أصاب اهمالهم كثيرا منِّي.. عيوني، ووجهي، ودماغي، ونفسي، وما خجلي وانطوائي وشعوري بالرُهاب والحرج، إلا إهمال وتقصير كبير منهم، يستحق الحزن والعتب، وأكثر من هذا إن تأتَّى..
يتبع..
ضمير العالم أماته المال والمصالح
احمد سيف حاشد
هنا سكان لا يجدون حماية، ولا التفاتة سلام، طالما الحرب تسير كما هو مخطط لها، وطالما هي محكومة من قبل المجرمون الكبار، وتجري تحت سيطرتهم، ولا تخرج عن النص، ولا تهدد الأمن والسلم الدوليين بمفهوم الدول الكبرى، لا بمفهوم الضحايا الذين لا يجدون لهم نصير، في عالم بلع ضميره ولسانه، حيال الضحايا والمنكوبين بالحرب والأطماع والمتحاربين..
لا تصريحات رؤساء ولا وزراء خارجية ولا إعلام يكترث بهول الكارثة طالما هناك من يدفع المال وهناك من يقبضه ويصمت، وهناك شعب ضحية يدفع الثمن دما يسجل مؤشرات ومنجزات في عالم المال والحكومات البشعة التي تستثمر الدم ونكبات الشعوب..
الصمت المطبق هو من يسود حيال الضحايا، حتى وإن كانوا بقوام مجتمع وشعب مهدور الدم والكرامة من قبل من يملك النفط والمال..
جميعهم يسترزقون ويحصدون الثمن مالا وفيرا وثروة غادقة بالوفره..
دول تبيع الطائرات والصواريخ والذخائر لتجعل ميزانيتها عامرة من دمنا وأرواحنا المزهوقة والمغرية للمجرمين والطامعين في كل مكان، في وطن نكبته الأطماع وشهوات السلطة المجنونة..
لا مأمن لنا حتى في طرق ومخيمات النزوح البائسة..
دول نفط ثرية تشتري الدمار والجحيم لتصبه على رؤوسنا..
وسلطات وقوى سياسية محلية تستفيد، ولا تريد لهذه الحرب الإنتهاء أو الوقوف.. وتستفز إن قلت كفى، وطالبت المتحاربين بوقف الحرب ووضع أوزارها..
تجار حروب وفاسدون وأمراء حرب، يستفيدون من هذه الحرب الغشوم .. حرب تدر المال عليهم أضعاف مضاعفة ووفرة، وبزمن قياسي يضاعف الطمع والجشع، وعلى نحو لا يجدون لها مثيل..
منظمات إغاثة تستفيد أيضا باسمنا وتقاسم السلطات النهب والفساد..
منظمات حقوقية تعد تقارير حقوقية، ليست من أجل الضغط لوقف الحرب، وإنما من أجل توثيق ما أمكن، لتستخدمها الدول الكبرى، كملفات ابتزاز في المستقبل، للحصول على مزيد من الأموال والمواقف من دول النفط الثرية، التي تقتل شعبنا وتدمر كل البنى التحتية، بل وأيضا تدمرنا وتدمر الحياة والوجدان في يمن كان اسمها ذات يوم “السعيدة”..
ضمير العالم أماته المال، وشعبنا يموت في مسعى منهم لاجتثاثه، واحتلال أراضيه البكر، ونهب ثراوتة المخزونة في أرضه، وذلك على المدى المتوسط والبعيد..
هذا اليوم في الحديدة طيران الاحتلال يقصف حافلتين ركابها كلهم نازحين في مديرية جبل راس والحصيلة 17 قتيلا وعشرات الجرحى .
http://yemenat.net/2018/10/335320/
احمد سيف حاشد
هنا سكان لا يجدون حماية، ولا التفاتة سلام، طالما الحرب تسير كما هو مخطط لها، وطالما هي محكومة من قبل المجرمون الكبار، وتجري تحت سيطرتهم، ولا تخرج عن النص، ولا تهدد الأمن والسلم الدوليين بمفهوم الدول الكبرى، لا بمفهوم الضحايا الذين لا يجدون لهم نصير، في عالم بلع ضميره ولسانه، حيال الضحايا والمنكوبين بالحرب والأطماع والمتحاربين..
لا تصريحات رؤساء ولا وزراء خارجية ولا إعلام يكترث بهول الكارثة طالما هناك من يدفع المال وهناك من يقبضه ويصمت، وهناك شعب ضحية يدفع الثمن دما يسجل مؤشرات ومنجزات في عالم المال والحكومات البشعة التي تستثمر الدم ونكبات الشعوب..
الصمت المطبق هو من يسود حيال الضحايا، حتى وإن كانوا بقوام مجتمع وشعب مهدور الدم والكرامة من قبل من يملك النفط والمال..
جميعهم يسترزقون ويحصدون الثمن مالا وفيرا وثروة غادقة بالوفره..
دول تبيع الطائرات والصواريخ والذخائر لتجعل ميزانيتها عامرة من دمنا وأرواحنا المزهوقة والمغرية للمجرمين والطامعين في كل مكان، في وطن نكبته الأطماع وشهوات السلطة المجنونة..
لا مأمن لنا حتى في طرق ومخيمات النزوح البائسة..
دول نفط ثرية تشتري الدمار والجحيم لتصبه على رؤوسنا..
وسلطات وقوى سياسية محلية تستفيد، ولا تريد لهذه الحرب الإنتهاء أو الوقوف.. وتستفز إن قلت كفى، وطالبت المتحاربين بوقف الحرب ووضع أوزارها..
تجار حروب وفاسدون وأمراء حرب، يستفيدون من هذه الحرب الغشوم .. حرب تدر المال عليهم أضعاف مضاعفة ووفرة، وبزمن قياسي يضاعف الطمع والجشع، وعلى نحو لا يجدون لها مثيل..
منظمات إغاثة تستفيد أيضا باسمنا وتقاسم السلطات النهب والفساد..
منظمات حقوقية تعد تقارير حقوقية، ليست من أجل الضغط لوقف الحرب، وإنما من أجل توثيق ما أمكن، لتستخدمها الدول الكبرى، كملفات ابتزاز في المستقبل، للحصول على مزيد من الأموال والمواقف من دول النفط الثرية، التي تقتل شعبنا وتدمر كل البنى التحتية، بل وأيضا تدمرنا وتدمر الحياة والوجدان في يمن كان اسمها ذات يوم “السعيدة”..
ضمير العالم أماته المال، وشعبنا يموت في مسعى منهم لاجتثاثه، واحتلال أراضيه البكر، ونهب ثراوتة المخزونة في أرضه، وذلك على المدى المتوسط والبعيد..
هذا اليوم في الحديدة طيران الاحتلال يقصف حافلتين ركابها كلهم نازحين في مديرية جبل راس والحصيلة 17 قتيلا وعشرات الجرحى .
http://yemenat.net/2018/10/335320/
موقع يمنات الأخباري
ضمير العالم أماته المال والمصالح - موقع يمنات الأخباري
يمنات احمد سيف حاشد هنا سكان لا يجدون حماية، ولا التفاتة سلام، طالما الحرب تسير كما هو مخطط لها، وطالما هي محكومة من قبل المجرمون الكبار، وتجري تحت سيطرتهم، ولا تخرج عن النص، ولا تهدد الأمن والسلم الدوليين بمفهوم الدول الكبرى، لا بمفهوم الضحايا الذين…
من أرشيف الذاكرة .. خجلي وانطوائي ورهابي
أحمد سيف حاشد
(1)
عندما عرفت نفسي
– كنت خجولا جدا، وانطوائي أيضا إلى حد بعيد، وأعاني من الرُهاب الاجتماعي على نحو فضيع .. هكذا عرفت نفسي في مستهل وعيي بها .. صحيح إنني كنت شقيا، و لكن هذا لم ينل من خجلي و انطوائي البالغ الذي كنت أشعر به ثقيلا جدا على حياتي التي أعيشها، و كنت متيقنا أن الخجل سيكون أكثر ثقلا و إعاقة لمستقبلي..
– كنت مستغرقا بإحساس كثيف أنني معاقا بخجلي، و أنني لا أصلح لشيء في هذه الحياة، و أن مستقبل حياتي سيكون مضروبا بتلك الإعاقة التي لا أستطيع تجاوزها أو التحرر منها .. و عندما قرأت لاحقا رواية “أحدب نوتردام” للروائي و الأديب الفرنسي فكتور هيجو، أحسست إن تلك الحدبة التي يحملها بطل الرواية، لطالما حملتها أنا على ظهري .. ذكرتني تلك الحدبة بانطوائي و خجلي اللذان لطالما أثقلا كاهلي، و منعاني من فرص عديدة، و حرماني من أشياء كثيرة..
– صحيح أنني كنت أقدم على أفعال في بعض الأحيان تبدو جريئة و متمردة و شقية، و لكن في معظم الأحيان كان يرافقني خجلي كظلي، و أحيانا يجتاحني طغيانه، و لا يترك لي منفسا أو حيزا أتزحزح إليه..
– هذا الانطواء و الخجل كلفاني كثيرا في حياتي، و ربما عرضاني في أوقات أخرى إلى مخاطر جمة، و صعوبات كثيرة، و مواقف محرجة لا عد لها و لا حصر، و أحيانا شعورا كثيفا بالفشل و الخيبة و النقص.
– كانوا يقولون أن الملائكة لهم دور في تخليق الجنين و تسويته في بطن أمه، و كنت أسأل أمي بما معناه: لماذا فلانة مخرومة الشفاه. فتجيب: إن الملائكة نسوا اتمام هذا الخُرم .. ثم تزجرني و تمنعني من تنقيصها، حتى لا يأتي لي أبناء مثلها، عندما أشب و أتزوج، و يكون لي في الحياة بنين..
– ثم تجوس في نفسي الأسئلة، و أشعر أنني مملوء بالنواقص و الاختلال، و ألوم في قرارة نفسي الملائكة الذين أصاب اهمالهم كثيرا منِّي .. عيوني، و وجهي، و دماغي، و نفسي، و ما خجلي و انطوائي و شعوري بالرُهاب و الحرج، إلا إهمال و تقصير كبير منهم، يستحق الحزن و العتب، و أكثر من هذا إن تأتَّى..
يتبع..
http://yemenat.net/2018/10/335609/
أحمد سيف حاشد
(1)
عندما عرفت نفسي
– كنت خجولا جدا، وانطوائي أيضا إلى حد بعيد، وأعاني من الرُهاب الاجتماعي على نحو فضيع .. هكذا عرفت نفسي في مستهل وعيي بها .. صحيح إنني كنت شقيا، و لكن هذا لم ينل من خجلي و انطوائي البالغ الذي كنت أشعر به ثقيلا جدا على حياتي التي أعيشها، و كنت متيقنا أن الخجل سيكون أكثر ثقلا و إعاقة لمستقبلي..
– كنت مستغرقا بإحساس كثيف أنني معاقا بخجلي، و أنني لا أصلح لشيء في هذه الحياة، و أن مستقبل حياتي سيكون مضروبا بتلك الإعاقة التي لا أستطيع تجاوزها أو التحرر منها .. و عندما قرأت لاحقا رواية “أحدب نوتردام” للروائي و الأديب الفرنسي فكتور هيجو، أحسست إن تلك الحدبة التي يحملها بطل الرواية، لطالما حملتها أنا على ظهري .. ذكرتني تلك الحدبة بانطوائي و خجلي اللذان لطالما أثقلا كاهلي، و منعاني من فرص عديدة، و حرماني من أشياء كثيرة..
– صحيح أنني كنت أقدم على أفعال في بعض الأحيان تبدو جريئة و متمردة و شقية، و لكن في معظم الأحيان كان يرافقني خجلي كظلي، و أحيانا يجتاحني طغيانه، و لا يترك لي منفسا أو حيزا أتزحزح إليه..
– هذا الانطواء و الخجل كلفاني كثيرا في حياتي، و ربما عرضاني في أوقات أخرى إلى مخاطر جمة، و صعوبات كثيرة، و مواقف محرجة لا عد لها و لا حصر، و أحيانا شعورا كثيفا بالفشل و الخيبة و النقص.
– كانوا يقولون أن الملائكة لهم دور في تخليق الجنين و تسويته في بطن أمه، و كنت أسأل أمي بما معناه: لماذا فلانة مخرومة الشفاه. فتجيب: إن الملائكة نسوا اتمام هذا الخُرم .. ثم تزجرني و تمنعني من تنقيصها، حتى لا يأتي لي أبناء مثلها، عندما أشب و أتزوج، و يكون لي في الحياة بنين..
– ثم تجوس في نفسي الأسئلة، و أشعر أنني مملوء بالنواقص و الاختلال، و ألوم في قرارة نفسي الملائكة الذين أصاب اهمالهم كثيرا منِّي .. عيوني، و وجهي، و دماغي، و نفسي، و ما خجلي و انطوائي و شعوري بالرُهاب و الحرج، إلا إهمال و تقصير كبير منهم، يستحق الحزن و العتب، و أكثر من هذا إن تأتَّى..
يتبع..
http://yemenat.net/2018/10/335609/
موقع يمنات الأخباري
من أرشيف الذاكرة .. خجلي وانطوائي ورهابي - موقع يمنات الأخباري
يمنات أحمد سيف حاشد (1) عندما عرفت نفسي – كنت خجولا جدا، وانطوائي أيضا إلى حد بعيد، وأعاني من الرُهاب الاجتماعي على نحو فضيع .. هكذا عرفت نفسي في مستهل وعيي بها .. صحيح إنني كنت شقيا، و لكن هذا لم ينل من خجلي و انطوائي البالغ الذي كنت أشعر به ثقيلا جدا على…
من أرشيف الذاكرة .. عندما يتملكك الرهاب والخجل وتقفز من السيارة وهي مسرعة
أحمد سيف حاشد
(2)
– كان خجلي و رهابي أحيانا يخرس صوتي، و يبتلع لساني من جذرها المغروس في عمق فمي الملجوم بالخجل و الحياء و الرهاب.. كان خجلي و رهابي يمارسان طغيانهما على حياتي الأولى، بقسوة أشعر بكثافتها و سطوتها اللاسعة كالنار..
– طغيان و قسوة الرهاب و الخجل على من لا زال حديث السن، يتلمس أعتاب الحياة، فيما الحياة صاخبة و ضاجة، تتطلب كثير من الجُرأة و الصراخ و ممارسة الوجود .. كنت أشعر بالخيبة و المرارة، و قلة الحيلة فيما لا يحتاج أصلا إلى حيلة أو دوران..
– كنت مأسورا بالانطواء الشديد، و الحياء المطبق بكلتا يديه على فمي المكتوم و الملجوم، بل و الممتنع أيضا عن محاولة المقاومة، أو طلب النجاة، أو فعل ما تمليه عليه الفطرة و الغريرة و البديهة..
– يستطيع المرء أن يتصور مدى خجلي بمفارقة اللامعقول .. يستطيع المرء إن يتصور مدى خجلي بصورة من يأثر هلاكه بسبب خجله على النطق ببنت شفة لا تكلف شيئا حتى مما لا يستحق الذكر..
– كيف لإنسان أن يخجل من صوته و يشعر بالرهاب ممن حوله..؟! كيف لإنسان أن يأثر بسبب حياؤه و خجله، و ما يتملكه من رهاب، القفز من السيارة التي تقله و هي مسرعة، على أن يطلب من صاحب السيارة الوقوف للنزول منها..؟! كيف لإنسان أن يخاطر بحياته دون داعي أو لزوم أو توفر مبررا أو حتى سببا تافها لذلك..
– كان عمري يومها 15 عاما أو مقاربا لهذا .. توقف أبو شنب بسيارته اللاندروفر عندما أشرت له بالوقوف، و السماح لي بالصعود على سيارته، فيما كنا نسميه “تعبيرة” .. كان أبو شنب رجلا طيبا و معتادا على تعبير الطلاب الذين لا يملكون مالا، دون أن يأخذ منهم أجرة نقل، و لا سيما إن وجدك راجلا في الطريق و ترجوه بخجل أن يوصلك..
– كانت وجهة السائق و الركاب إلى منطقة “ضوكة”، فيما كنت أقصد “شعب الأعلى”، مجفلا إلى قريتي في القبيطة .. كانت السيارة مزدحمة بالركاب، و تسلقت على حدائدها، و ظفرت بمكان صغير في مؤخرتها .. و بعد قليل تفاجأت إن السيارة متجهة إلى غير وجهتي..
– كنت أظن وجود شخص أو أكثر ممن تقلهم السيارة، يطلب من السائق التوقف للنزول منها، لعل وجهته تماثل وجهتي، غير أن خيبة الظن أصابتني، فالجميع على غير وجهتي .. الجميع متجه إلى “ضوكه”.. و بسبب خجلي و ما يتملكني من رهاب، لم أتجاسر على أن أصرخ طالبا إيقاف السيارة .. كانت السيارة تسير بسرعة في وجهتها، و تبتلع المسافات بنهم و شراهة، فيما أنا آثرت القفز من السيارة على طلب إيقافها..
– قفزت من السيارة، و ارتطم جسدي على الأرض، و خلت جسدي في أول وهلة قد تطاير كالزجاج .. عندما أرتطم ذقني على الأرض بقوة، و اصطكت أسناني، و أرتطم الفكين ببعضهما، شاهدت شررا قادحا من عيوني يخر في كل اتجاه .. أحسست إن الارتطام قد صيرني حطاما و نثارا لا يُجمع و لا يجتمع، فيما كان ركاب السيارة يصرخون و قد شاهدوا بغتة وقوع أحد الركاب من السيارة دون أن يعلموا أنني فعلتها بمحض إرادة غير سوية .. أوقف السائق السيارة على إثر صراخ الركاب ليرى ما الذي حدث..؟
– تعددت الإصابات في جسدي، و كان الدم يهر من سحجات و خربشات الخدوش في أجزاء متفرقة من جسدي المنهك .. قميصي متسخ و سروالي مزقه الاحتكاك بالأرض، و دم يهر من الخدوش، و من أسفل ذقني دم يسيل..
– نزل السائق من كبينة السيارة ليرى ما حدث، فيما أنا غالبت وقع الارتطام، و شرر الألم، و دفعني الحرج و الخجل الأشد أن استجمع قواي، و نهضت بمكابرة لا يعرفها من هو حديث السن، لأنقل لمن كان في السيارة التي وقفت على بعد مئات الأمتار، أنني معافا و على ما يرام، فيما السائق بدا في سعادة الناجي، و كأنه هو الناجي لا أنا .. كانت مكابرتي و نهوضي السريع بدافع الخجل أيضا قوية و غالبة، و دون أن أتفوه ببنت شفة، و بديت في شكل من يتحمل مسؤولية ما حدث كاملا دون نقصان..
– و بعد مشقة و مغالبة للألم وصلت إلى بيتي، و أول ما شاهدت على المرآة، شاهدت ذقني الذي ارتطم بالأرض، و لاحظت في أسفل الذقن جانباً زائداً و جانباً ناقصاً في غير اتساق .. أختل النسق و الاستواء، و لا زال هذا الاختلال قائما إلى اليوم..
يتبع…
http://yemenat.net/2018/10/335669/
أحمد سيف حاشد
(2)
– كان خجلي و رهابي أحيانا يخرس صوتي، و يبتلع لساني من جذرها المغروس في عمق فمي الملجوم بالخجل و الحياء و الرهاب.. كان خجلي و رهابي يمارسان طغيانهما على حياتي الأولى، بقسوة أشعر بكثافتها و سطوتها اللاسعة كالنار..
– طغيان و قسوة الرهاب و الخجل على من لا زال حديث السن، يتلمس أعتاب الحياة، فيما الحياة صاخبة و ضاجة، تتطلب كثير من الجُرأة و الصراخ و ممارسة الوجود .. كنت أشعر بالخيبة و المرارة، و قلة الحيلة فيما لا يحتاج أصلا إلى حيلة أو دوران..
– كنت مأسورا بالانطواء الشديد، و الحياء المطبق بكلتا يديه على فمي المكتوم و الملجوم، بل و الممتنع أيضا عن محاولة المقاومة، أو طلب النجاة، أو فعل ما تمليه عليه الفطرة و الغريرة و البديهة..
– يستطيع المرء أن يتصور مدى خجلي بمفارقة اللامعقول .. يستطيع المرء إن يتصور مدى خجلي بصورة من يأثر هلاكه بسبب خجله على النطق ببنت شفة لا تكلف شيئا حتى مما لا يستحق الذكر..
– كيف لإنسان أن يخجل من صوته و يشعر بالرهاب ممن حوله..؟! كيف لإنسان أن يأثر بسبب حياؤه و خجله، و ما يتملكه من رهاب، القفز من السيارة التي تقله و هي مسرعة، على أن يطلب من صاحب السيارة الوقوف للنزول منها..؟! كيف لإنسان أن يخاطر بحياته دون داعي أو لزوم أو توفر مبررا أو حتى سببا تافها لذلك..
– كان عمري يومها 15 عاما أو مقاربا لهذا .. توقف أبو شنب بسيارته اللاندروفر عندما أشرت له بالوقوف، و السماح لي بالصعود على سيارته، فيما كنا نسميه “تعبيرة” .. كان أبو شنب رجلا طيبا و معتادا على تعبير الطلاب الذين لا يملكون مالا، دون أن يأخذ منهم أجرة نقل، و لا سيما إن وجدك راجلا في الطريق و ترجوه بخجل أن يوصلك..
– كانت وجهة السائق و الركاب إلى منطقة “ضوكة”، فيما كنت أقصد “شعب الأعلى”، مجفلا إلى قريتي في القبيطة .. كانت السيارة مزدحمة بالركاب، و تسلقت على حدائدها، و ظفرت بمكان صغير في مؤخرتها .. و بعد قليل تفاجأت إن السيارة متجهة إلى غير وجهتي..
– كنت أظن وجود شخص أو أكثر ممن تقلهم السيارة، يطلب من السائق التوقف للنزول منها، لعل وجهته تماثل وجهتي، غير أن خيبة الظن أصابتني، فالجميع على غير وجهتي .. الجميع متجه إلى “ضوكه”.. و بسبب خجلي و ما يتملكني من رهاب، لم أتجاسر على أن أصرخ طالبا إيقاف السيارة .. كانت السيارة تسير بسرعة في وجهتها، و تبتلع المسافات بنهم و شراهة، فيما أنا آثرت القفز من السيارة على طلب إيقافها..
– قفزت من السيارة، و ارتطم جسدي على الأرض، و خلت جسدي في أول وهلة قد تطاير كالزجاج .. عندما أرتطم ذقني على الأرض بقوة، و اصطكت أسناني، و أرتطم الفكين ببعضهما، شاهدت شررا قادحا من عيوني يخر في كل اتجاه .. أحسست إن الارتطام قد صيرني حطاما و نثارا لا يُجمع و لا يجتمع، فيما كان ركاب السيارة يصرخون و قد شاهدوا بغتة وقوع أحد الركاب من السيارة دون أن يعلموا أنني فعلتها بمحض إرادة غير سوية .. أوقف السائق السيارة على إثر صراخ الركاب ليرى ما الذي حدث..؟
– تعددت الإصابات في جسدي، و كان الدم يهر من سحجات و خربشات الخدوش في أجزاء متفرقة من جسدي المنهك .. قميصي متسخ و سروالي مزقه الاحتكاك بالأرض، و دم يهر من الخدوش، و من أسفل ذقني دم يسيل..
– نزل السائق من كبينة السيارة ليرى ما حدث، فيما أنا غالبت وقع الارتطام، و شرر الألم، و دفعني الحرج و الخجل الأشد أن استجمع قواي، و نهضت بمكابرة لا يعرفها من هو حديث السن، لأنقل لمن كان في السيارة التي وقفت على بعد مئات الأمتار، أنني معافا و على ما يرام، فيما السائق بدا في سعادة الناجي، و كأنه هو الناجي لا أنا .. كانت مكابرتي و نهوضي السريع بدافع الخجل أيضا قوية و غالبة، و دون أن أتفوه ببنت شفة، و بديت في شكل من يتحمل مسؤولية ما حدث كاملا دون نقصان..
– و بعد مشقة و مغالبة للألم وصلت إلى بيتي، و أول ما شاهدت على المرآة، شاهدت ذقني الذي ارتطم بالأرض، و لاحظت في أسفل الذقن جانباً زائداً و جانباً ناقصاً في غير اتساق .. أختل النسق و الاستواء، و لا زال هذا الاختلال قائما إلى اليوم..
يتبع…
http://yemenat.net/2018/10/335669/
موقع يمنات الأخباري
من أرشيف الذاكرة .. عندما يتملكك الرهاب والخجل وتقفز من السيارة وهي مسرعة - موقع يمنات الأخباري
يمنات أحمد سيف حاشد (2) – كان خجلي و رهابي أحيانا يخرس صوتي، و يبتلع لساني من جذرها المغروس في عمق فمي الملجوم بالخجل و الحياء و الرهاب.. كان خجلي و رهابي يمارسان طغيانهما على حياتي الأولى، بقسوة أشعر بكثافتها و سطوتها اللاسعة كالنار.. – طغيان و قسوة الرهاب…