أهل الله وخاصته
28K subscribers
252 photos
67 videos
42 files
765 links
آلمتك الأسقام ...؟ وقيدتك الأوهام ....؟
وكبلتك الهموم ...؟ وأضعفتك الآلام ....؟

• فأقبــــــــــــل على كلام "المنان" ..
• ففيه شـــــــــــــفاء لكل الأسقام ..

• فيه الضياء والنور ، والفسحة والسرور ،
• فيه سعادة ربانية تهيم بكــ في رياض " الحبور "
Download Telegram
#تفسير_القرآن_الكريم_للشوكاني

#سورة_الأنعام
53 - وكذلك ابتلينا بعضهم ببعض، فجعلناهم متفاوتين في حظوظهم الدنيوية، ابتليناهم بذلك ليقول الكافرون الأغنياء لفقراء المؤمنين: أهؤلاء الفقراء تفضل الله عليهم بالهداية من بيننا؟! لو كان الإيمان خيرًا ما سبقونا إليه، فنحن أهل السَّبْق. أليس الله بأعلم بالشاكرين لنعمه، فَيُوَفِّقَهُم للإيمان، وأعلم بالكافرين لها فَيَخْذُلَهُم فلا يؤمنون؟! بلى إن الله أعلم بهم.
54 - وإذا جاءك -أيها الرسول- الذين يؤمنون بآياتنا الشاهدة على صدق ما جئت به، فَرُدَّ عليهم السلام إكرامًا لهم، وبشرهم بسعة رحمة الله، فقد أوجب الله على نفسه الرحمة إيجاب تَفَضُّل، فمن ارتكب منكم معصية في حال جهل وسفهٍ، ثم تاب من بعد ارتكابه لها، وأصلح عمله، فإن الله يغفر له ما ارتكبه، فالله غفور لمن تاب من عباده، رحيم بهم.
55 - وكما بينَّا لك ما ذكر نبين أدلتنا وحججتنا على أهل الباطل، ولإيضاح طريق المجرمين ومنهجهم؛ لاجتنابه والحذر منه.
56 - قل -أيها الرسول-: إني نهاني الله عن عبادة الذين تعبدونهم من دون الله، قل -أيها الرسول-: لا أتبع أهواءكم في عبادة غير الله، فأنا إن اتبعت أهواءكم في ذلك أكون ضالًّا عن طريق الحق، لا أهتدي إليه، وهذا شأن كل من اتبع الهوى دون برهان من الله.
57 - قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: إني على برهان واضح من ربي، لا على هوى، وأنتم كذبتم بهذا البرهان، ليس عندي ما تستعجلون به من العذاب والآيات الخارقة التي طلبتموها، إنما ذلك بيد الله، فليس الحكم -ومن جملته ما طلبتم- إلا لله وحده، يقول الحق ويحكم به، وهو سبحانه خير من بيّن وميّز المُحِقَّ من المُبطِل.
58 - قل -أيها الرسول- لهم: لو كان عندي وفي قبضتي ما تستعجلون به من العذاب لأنزلته بكم، وعند ذلك يُقْضَى الأمر الذي بيني وبينكم، والله أعلم بالظالمين كم يُمْهلهم ومتى يعاقبهم.
59 - وعند الله وحده خزائن الغيب، لا يعلمها غيره، ويعلم كل ما في البر من مخلوقات من حيوان ونبات وجماد، ويعلم ما في البحر من حيوان ونبات، وما تسقط من ورقة في أي مكان، ولا توجد حبة مخبوءة في الأرض، ولا يوجد رطب، ولا يوجد يابس، إلا كان مثبتًا في كتاب واضح هو اللوح المحفوظ.

[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
• الله تعالى يجعل العباد بعضهم فتنة لبعض، فتتفاوت درجاتهم في الرزق وفي الكفر والإيمان، والكفر والإيمان ليس منوطًا بسعة الرزق وضيقه.
• من أخلاق الداعية طلاقة الوجه وإلقاء التحية والتبسط والسرور باصحابه.
• على الداعية اجتناب الأهواء في عقيدته ومنهجه وسلوكه.
• إثبات تفرد الله عز وجل بعلم الغيب وحده لا شريك له، وسعة علمه في ذلك، وأنه لا يفوته شيء ولا يعزب عنه من مخلوقاته شيء إلا وهو مثبت مدوَّن عنده سبحانه بأدق تفاصيله.
60 - والله هو الذي يقبض أرواحكم عند النوم قبضًا مؤقتًا، وهو الذي يعلم ما كسبتم من الأعمال في النهار وقت نشاطكم، ثم يبعثكم في النهار بعد قبض أرواحكم بالنوم لتقوموا بأعمالكم، حتى تنتهي آجال حياتكم المقدرة عند الله، ثم إليه وحده رجوعكم بالبعث يوم القيامة، ثم يخبركم بما كنتم تعملونه في حياتكم الدنيا، ويجازيكم عليه.
61 - والله هو الغالب على عباده؛ المذلِّل لهم، العالي عليهم من كل وجه، الذي خضع له كل شي، فوق عباده فوقية تليق بجلاله سبحانه وتعالى، ويرسل عليكم -أيها الناس- ملائكة كرامًا تُحصي أعمالكم حتى ينتهي أجل أحدكم بقبض ملك الموت وأعوانه روحه، وهم لا يُقَصِّرون فيما أمِرُوا به.
62 - ثم رُدَّ جميع من قُبضَتْ أرواحهم إلى الله مالكهم الحق ليجازيهم على أعمالهم، الذي له القضاء النافذ والحكم العدل فيهم، وهو أسرع من عدّكم وأحصى أعمالكم.
63 - قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: من ينقذكم ويُسَلِّمُكم من المهالك التي تَلقَونها في ظلمات البر والبحر؟ تدعونه وحده متذللين مُسْتكينين في السر والعلن: لئن سلَّمَنا ربنا من هذه المهالك لنكونن من الشاكرين لنعمه علينا بألا نعبد غيره.
64 - قل لهم -أيها الرسول-: الله هو الذي ينقذكم منها، ويُسَلِّمُكُم من كل كرب، ثم أنتم بعد ذلك تشركون معه غيره في حالة السرّاء، فأي ظلم فوق ما تقومون به؟!
65 - قل لهم -أيها الرسول-: الله هو القادر على أن يرسل عليكم عذابًا يأتيكم من فوقكم مثل الحجارة والصواعق والطوفان، أو يأتيكم من تحتكم مثل الزلازل والخسف، أو يخالف بين قلوبكم، فيتبع كل منكم هواه، فيقاتل بعضكم بعضًا، تأمل -أيها الرسول- كيف ننوع لهم الأدلة والبراهين ونبينها لعلهم يفهمون أن ما جئْتَ به حق، وأن ما عندهم باطل.
66 - وكذب بهذا القرآن قومك، وهو الحق الذي لا مرية في أنه من عند الله، قل لهم -أيها الرسول-: لست موكلًا بالرقابة عليكم، فما أنا إلا منذر لكم بين يدي عذاب شديد.
#تفسير_القرآن_الكريم_للشوكاني

#سورة_الأنعام
74 - واذكر -أيها الرسول- حين قال إبراهيم -عليه السلام- لأبيه المشرك آزر: يا أبت، أتجعل الأصنام آلهة تعبدها من دون الله؟! إني أراك وقومك الذين يعبدون الأوثان في ضلال بَيِّنٍ، وحيرة عن طريق الحق بسبب عبادتكم غير الله، فهو سبحانه المعبود بحق، وغيره معبود بالباطل.
75 - وكما أريناه ضلال أبيه وقومه نريه ملك السماوات والأرض الواسع؛ ليستدل بذلك الملك الواسع على وحدانية الله واستحقاقه العبادة وحده؛ ليكون من الموقنين بأن الله واحد لا شريك له، وأنه قادر على كل شيء.
76 - فحين أظلم عليه الليل، رأى كوكبًا، فقال: هذا ربي، فلما غاب الكوكب قال: لا أحب من يغيب؛ لأن الإله الحق حاضر لا يغيب.
77 - وحين رأى القمر طالعًا قال: هذا ربي، فلما غاب قال: لئن لم يوفقني الله لتوحيده وعبادته وحده لأكونن من القوم البعيدين عن دينه الحق.
78 - وحين رأى الشمس طالعة قال: هذا الطالع ربي، هذا الطالع أكبر من الكوكب ومن القمر، فلما غابت قال: يا قوم، إني بريء مما تشركون مع الله.
ولما تبرأ مما يعبدون من دون الله كأنهم سالوه: ما تعبد إذن؟ فقال:

79 - إني أخلصت ديني للذي خلق السماوات والأرض على غير مثال سابق، مائلًا عن الشرك إلى التوحيد الخالص، ولست من المشركين الذين يعبدون معه غيره.
80 - وخاصمه قومه المشركون في توحيد الله سبحانه، وخَوَّفُوهُ من أصنامهم، فقال لهم: أتخاصمونني في توحيد الله وإفراده بالعبادة، وقد وفقني ربي إليه، ولست أخاف من أصنامكم، فإنها لا تملك ضُرًّا فَتَضُرَّنِي ولا نفعًا فَتَنْفَعَنِي إلا أن يشاء الله، فما شاء الله كائن، ومع عِلْم الله كلَّ شيء فلا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، أفلا تتذكرون -يا قوم- ما أنتم عليه من الكفر بالله والشرك به فتؤمنوا بالله وحده؟!
81 - وكيف يقع مني خوف لما تعبدون من دون الله من أوثان، ولا يقع منكم أنتم خوف لشرككم بالله حين أشركتم معه ما خلقه دون برهان لكم على ذلك؟! فأي الْجَمْعَيْنِ: جَمْعِ الموحِّدين وجَمْعِ المشركين أولى بالأمن والسلامة؟ إن كنتم تعلمون أَوْلاهما فاتبعوه، وأَوْلاهما -دون ريب- هو جمع المؤمنين الموحدين.

[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
• الاستدلال على الربوبية بالنظر في المخلوقات منهج قرآني.
• الدلائل العقلية الصريحة توصل إلى ربوبية الله.
#تفسير_القرآن_الكريم_للشوكاني

#سورة_الأنعام
91 - وما عَظَّمَ المشركون الله حق تعظيمه حين قالوا لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: ما أنزل الله على بشر شيئًا من الوحي، قل لهم -أيها الرسول-: من الذي أنزل التوراة على موسى نورًا وهداية وإرشادًا لقومه؟ يجعلها اليهود في دفاتر يظهرون منها ما يوافق أهواءهم، ويكتمون ما يخالفها كصفة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وعُلِّمْتُم أنتم -أيها العرب- من القرآن ما لم تعلموا أنتم ولا أسلافكم من قبل، قل لهم -أيها الرسول-: أنزلها الله، ثم اتركهم في جهلهم وضلالهم حتى يأتيهم اليقين.
92 - وهذا القرآن كتاب أنزلناه عليك -أيها النبي- وهو كتاب مبارك مصدق لما سبقه من الكتب السماوية، لتنذر به أهل مكة وسائر الناس في مشارق الأرض ومغاربها حتى يهتدوا، والذين يؤمنون بالحياة الآخرة ويؤمنون بهذا القرآن، ويعملون بما فيه، ويحافظون على صلاتهم بإقامة أركانها وفروضها ومستحباتها في أوقاتها المحددة لها شرعًا.
93 - لا أحد أعظم ظلمًا ممن اختلق على الله كذبًا بأن قال: ما أنزل الله على بشر من شيء, أو قال كذبًا: إن الله أوحى إليه، والله لم يوح إليه شيئًا، أو قال: سأنزل مثل ما أنزل الله من القرآن، ولو ترى -أيها الرسول- حين تصيب هؤلاء الظالمين سكرات الموت، والملائكة باسطو أيديهم إليهم بالتعذيب والضرب، يقولون لهم على سبيل التعنيف: أَخرجوا أنفسكم، فنحن نقبضها، في هذا اليوم تجزون عذابًا يهينكم ويذلكم بسبب ما كنتم تقولون على الله من الكذب بادعاء النبوة والوحي وإنزال مثل ما أنزل الله، وبسبب تكبركم عن الإيمان بآياته، لو ترى ذلك لرأيت أمرًا فظيعًا.
94 - ويقال لهم يوم البعث: ولقد أتيتمونا في هذا اليوم أفرادًا، لا مال معكم ولا رئاسة، كما أنشأناكم أول مرة حُفاة عراة غُرْلًا، وتركتم ما أعطيناكم من ذلك خلفكم في الدنيا رغمًا عنكم، وما نرى اليوم معكم آلهتكم الذين زعمتم أنهم وسطاء لكم، وزعمتم أنهم شركاء لله في استحقاق العبادة، لقد تقطع الوِصَال بينكم، وذهب عنكم ما كنتم تزعمون من شفاعتهم، وأنهم شركاء لله.

[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
• إنزال الكتب على الأنبياء هو سُنَّة الله في المرسلين، والنبي عليه الصلاة والسلام واحد منهم.
• أعظم الناس كذبًا وفرية هو الذي يكذب على الله تعالى، فينسب أو ينفي ويثبت في حق الله تعالى أمرًا ليس عليه دليل صحيح.
• كل أحد يبعث يوم القيامة فردًا متجردًا عن المناصب والألقاب، فقيرًا، ويحاسب وحده.
#تفسير_القرآن_الكريم_للشوكاني

#سورة_الأنعام

125 - فمن يرد الله أن يوفقه إلى طريق الهداية يفسح صدره ويهيئه لقبول الإسلام، ومن يرد أن يخذله ولا يوفِّقه للهداية يجعل صدره شديد الضيق عن قبول الحق، بحيث يمتنع دخول الحق إلى قلبه كامتناع ارتقائه إلى السماء وعجزه عن ذلك بذاته، وكما جعل الله حال الضال بهذه الحال من الضيق الشديد يجعل العذاب على الذين لا يؤمنون به.
126 - وهذا الدين الذي شرعناه لك -أيها الرسول- هو صراط الله المستقيم الذي لا اعوجاج فيه، قد بيَّنا الآيات لمن له وَعْي وفهم يَعِي به عن الله.
127 - لهم دار يَسْلَمُون فيها من كل مكروه وهي الجنة، والله ناصرهم ومؤيدهم جزاءً على ما كانوا يعملون من الصالحات.
128 - واذكر -أيها الرسول- يوم يحشر الله الثَّقَلَيْن من الإنس والجن، ثم يقول الله: يا معشر الجن، قد أكثرتم من إضلال الإنس وصدهم عن سبيل الله، وقال أتباعهم من الإنس مجيبين ربهم: يا ربنا، تَمَتَّع كل منا بصاحبه، فالجني تمَتَّع بطاعة الإنسي له، والإنسي تَمَتَّع بنيل شهواته، وبلغنا الأجل الذي أجَّلت لنا، فهذا يوم القيامة، قال الله: النار مُسْتَقَرُّكم خالدين فيها إلا ما شاء الله من قَدْرِ مدة ما بين مبعثهم من قبورهم إلى مصيرهم إلى جهنم، فتلك المدة التي استثناها الله من خلودهم في النار، إن ربك -أيها الرسول- حكيم في تقديره وتدبيره، عليم بعباده، وبمن يستحق منهم العذاب.
129 - وكما وَلَّينا المَرَدَة من الجن، وسَلَّطناهم على بعض الناس ليضلوهم، نولي كل ظالم ظالمًا يحثه على الشر ويحضه عليه، وينفِّره عن الخير، ويزهِّده فيه؛ جزاءً لهم على ما كانوا يكسبون من المعاصي.
130 - ونقول لهم يوم القيامة: يا معشر الإنس والجن، ألم يأتكم رسل من جنسكم -فهم من الإنس- يتلون عليكم ما أنزل الله عليهم، ويخوِّفونكم لقاء يومكم هذا الذي هو يوم القيامة؟ قالوا: بلى، أقررنا اليوم على أنفسنا بأن رسلك قد بلّغونا، وأقررنا بلقاء هذا اليوم، لكن كذبنا رسلك، وكذبنا بلقاء هذا اليوم. وخدعتهم الحياة الدنيا بما فيها من زينة وزُخْرف ونعيم زائل، وأقروا على أنفسهم أنهم كانوا في الدنيا كافرين بالله وبرسله، ولن ينفعهم هذا الإقرار ولا الإيمان؛ لفوات وقته.

[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
• سُنَّة الله في الضلال والهداية أنهما من عنده تعالى، أي بخلقه وإيجاده، وهما من فعل العبد باختياره بعد مشيئة الله.
• ولاية الله للمؤمنين بحسب أعمالهم الصالحة، فكلما زادت أعمالهم الصالحة زادت ولايته لهم والعكس.
• من سُنَّة الله أن يولي كل ظالم ظالمًا مثله، يدفعه إلى الشر ويحثه عليه، ويزهِّده في الخير وينفِّره عنه.
#تفسير_القرآن_الكريم_للشوكاني

#سورة_الأنعام
138 - وقال المشركون: هذه أنعام وزروع ممنوعة لا يأكل منها إلا من يشاؤون بزعمهم وافترائهم من خدَّام الأوثان وغيرهم، وهذه أنعام حُرِّمت ظهورها؛ فلا تُرْكَب، ولا يُحْمَل عليها، وهي البَحِيرة والسائبة والحامي، وهذه أنعام لا يذكرون اسم الله عليها عند الذبح، وإنما يذبحونها باسم أصنامهم؛ ارتكبوا ذلك كله كذبًا على الله أن ذلك من عنده، سيجزيهم الله بعذابه بسبب ما كانوا يفترون عليه.
139 - وقالوا: ما في بطون هذه السَّوائب والبَحَائر من الاجنة إن وُلِد حيًّا حلال على ذكورنا، محَرَّم على نسائنا، وإن وُلِد ما في بطونها من الأجنة ميتًا فالذكور والإناث فيه شركاء. سيجزيهم الله تعالى بقولهم هذا ما يستحقون، إنه حكيم في تشريعه وتدبيره شؤون خلقه، عليم بهم.
140 - قد هلك الذين قتلوا أولادهم لِخفَّةِ عقولهم ولجهلهم، وحرَّموا ما رزقهم الله من الأنعام ناسبين ذلك إلى الله كذبًا، قد بَعُدوا عن الصراط المستقيم، وما كانوا مهتدين إليه.
141 - والله سبحانه هو الذي خلق بساتين مبسوطة على وجه الأرض دون ساق، ومرفوعة عليها ذات ساق، وهو الذي خلق النخل، وخلق الزرع مختلفًا ثمره في الشكل والطعم، وهو الذي خلق الزيتون والرمان ورقهما متشابه، وطعمهما غير متشابه، كلوا -أيها الناس- من ثمره إذا أثمر، وأدُّوا زكاته يوم حصاد، ولا تتجاوزوا الحدود الشرعية في الأكل والإنفاق، فالله لا يحب المتجاوزين لحدوده فيهما ولا في غيرهما، بل يبغضه، إن الذي خلق ذلك كله هو الذي أباحه لعباده، فليس للمشركين تحريمه.
142 - وهو الذي أنشأ لكم من الأنعام ما هو صالح لأن يُحْمَل عليه ككبار الإبل، وما ليس صالحًا لذلك كصغاره وكالغنم، كلوا -أيها الناس- مما رزقكم الله من هذه الأشياء التي أباحها لكم، ولا تتبعوا خطوات الشيطان في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحله كما يفعله المشركون، إن الشيطان لكم -أيها الناس- عدو واضح العداوة حيث يريد منكم أن تعصوا الله بذلك.

[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
• الأهواء سبب تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم الله.
• وجوب الزكاة في الزروع والثمار عند حصادها، مع جواز الأكل منها قبل إخراج زكاتها، ولا يُحْسَب من الزكاة.
• التمتع بالطيبات مع عدم الإسراف ومجاوزة الحد في الأكل والإنفاق.
#تفسير_القرآن_الكريم_للشوكاني

#سورة_الأنعام
152 - وحَرَّم أن تتعرضوا لمال اليتيم -وهو الذي فقد أباه قبل البلوغ- إلا بما فيه صَلاح ونفع له وزيادة لماله حتى يبلغ ويُؤنَس منه الرُّشد، وحَرَّم عليكم التَّطْفيف في الكيل والميزان، بل يجب عليكم العدل في الأخذ والإعطاء في البيع والشراء، لا نكلف نفسًا إلا طاقتها، فما لا يمكن الاحتراز منه من الزيادة أو النقصان في المكاييل وغيرها لا مؤاخذة فيه، وحَرَّم عليكم أن تقولوا غير الصواب في خبر أو شهادة دون مُحَاباة قريب أو صديق، وحَرَّم عليكم نَقْض عهد الله إن عاهدتم الله أو عاهدتم بالله، بل يجب عليكم الوفاء بذلك، ذلك المتقدم أَمَرَكم الله به أمرًا مؤكدًا؛ رجاء أن تتذكروا عاقبة أمركم.
153 - وحَرَّم عليكم أن تتبعوا سُبُل الضلال وطرقه، بل يجب عليكم اتباع طريق الله المستقيم الذي لا اعوجاج فيه، وطرق الضلال تؤدي بكم إلى التفرق والبعد عن طريق الحق، ذلك الاتباع لطريق الله المستقيم هو الذي وصَّاكم الله به؛ رجاء أن تتَّقوه بامتثال ما أمر به واجتناب ما نهى عنه.
154 - ثم بعد الإخبار بما ذُكِر نخبر أنَّا أعطينا موسى التوراة تمامًا للنعمة جزاءً على إحسانه العمل، وتبيينًا لكل شيء يحتاج إليه في الدين، ودلالة على الحق ورحمة رجاء أن يؤمنوا بلقاء ربهم يوم القيامة فيستعدوا له بالعمل الصالح.
155 - وهذا القرآن كتاب أنزلناه كثير البركة، لما يشتمل عليه من المنافع الدينية والدنيوية، فاتبعوا ما أنزل فيه، واحذروا مخالفته رجاء أن ترحموا.
156 - لئلا تقولوا -يا مشركي العرب-: إنما أنزل الله التوراة والإنجيل على اليهود والنصارى من قبلنا، ولم يُنزل علينا كتابًا، وإنا لا ندري تلاوة كتبهم لأنها بلُغتهم، وليست بلُغتنا.
157 - ولئلا تقولوا: لو أنزل الله علينا كتابًا كما أنزله على اليهود والنصارى لكُنَّا أكثر استقامة منهم، فقد جاءكم كتاب أنزله الله على نبيكم محمد - صلى الله عليه وسلم - بلسانكم، وذلك حجة واضحة وإرشاد إلى الحق ورحمة للأمة، فلا تعتذروا بالأعذار الواهية، وتتعللوا بالعلل الباطلة، ولا أحد أعظم ظلمًا ممن كذَّب بآيات الله وانصرف عنها، سنعاقب الذين ينصرفون عن آياتنا عقابًا شديدًا بإدخالهم في نار جهنم جزاءً على انصرافهم وإعراضهم عنها.

[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
• لا يجوز التصرف في مال اليتيم إلا في حدود مصلحته، ولا يُسلَّم ماله إلّا بعد بلوغه الرُّشْد.
• سبل الضلال كثيرة، وسبيل الله وحده هو المؤدي إلى النجاة من العذاب.
• اتباع هذا الكتاب علمًا وعملًا من أعظم أسباب نيل رحمة الله.
#تفسير_القرآن_الكريم_للشوكاني

سورة الأعراف
- مَكيّة-

[مِنْ مَقَاصِدِ السُّورَةِ]
بيان سُنَّة الصراع بين الإيمان والكفر وعاقبته من خلال عرض سِيَر الأنبياء مع أقوامهم.


[التَّفْسِيرُ]
1 - {المص} تقدم الكلام على نظائرها في بداية سورة البقرة.
2 - القرآن الكريم كتابٌ أنزله الله عليك -أيها الرسول- فلا يكن في صدرك منه ضيق ولا شك، أنزله إليك لتخوِّف به الناس، وتقيم به الحجة، ولتذكِّر به المؤمنين، فهم الذين ينتفعون بالذكرى.
3 - اتبعوا -أيها الناس- الكتاب الذي أنزله ربكم عليكم، وسُنَّة نبيكم، ولا تتبعوا أهواء من ترونهم أولياءَ من شياطين أو أحبار سوء، تتولّونهم تاركين ما أنزل عليكم لأجل ما تُمْليه أهواؤهم، إنكم قليلًا ما تتذكرون؛ إذ لو تذكرتم لَمَا آثرتم على الحق غيره، ولاتَّبعتم ما جاء به رسولكم، وعملتم به، وتركتم ما سواه.
4 - ما أكثر القرى التي أهلكناها بعذابنا لما أصرَّت على كفرها وضلالها، فنزل عليها عذابنا الشديد في حال غفلتها ليلًا أو نهارًا، فلم يستطيعوا دفع العذاب عن أنفسهم، ولم تدفعه عنهم آلهتهم المزعومة.
5 - فما كان منهم بعد نزول العذاب إلا أن أَقرُّوا على أنفسهم بظلمهم بالكفر بالله.
6 - فلنسألنَّ يوم القيامة الأمم التي أرسلنا إليها رسلنا عما أجابوا به الرسل، ولنسألن الرسل عن تبليغ ما أُمِروا بتبليغه، وعما أجابتهم به أممهم.
7 - فلنقُصَّنَّ على جميع الخلق أعمالهم التي عملوها في الدنيا بعلم منا، فقد كنا عالمين بأعمالهم كلها، لا يغيب عنا منها شيء، وما كنا غائبين عنهم في أي وقت من الأوقات.
8 - ووزن الأعمال يوم القيامة يكون بالعدل الذي لا جَوْر معه ولا ظلم، فمن رجحت عند الوزن كفَّة حسناته على كفة سيئاته فأولئك هم الذين فازوا بالمطلوب، ونجوا من المرهوب.
9 - ومن رجحت عند الوزن كفّة سيئاته على كفة حسناته فأولئك الذين خسروا أنفسهم بإيرادها موارد الهلاك يوم القيامة، بسبب جحدهم بآيات الله.
10 - ولقد مَكَّناكم -يا بني آدم- في الأرض، وجعلنا لكم فيها أسبابًا للعيش، فكان عليكم أن تشكروا الله على ذلك، لكن شكركم كان قليلًا.
11 - ولقد أنشأنا -أيها الناس- أباكم آدم، ثم صوَّرناه في أحسن صورة، وأحسن تقويم، ثم أَمَرْنا الملائكة بالسجود إكرامًا له، فامتثلوا وسجدوا، إلا إبليس أبى أن يسجد تكبرًا وعنادًا.

[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
• من مقاصد إنزال القرآن الإنذار للكافرين والمعاندين، والتذكير للمؤمنين.
• أنزل الله القرآن إلى المؤمنين ليتبعوه ويعملوا به، فإن فعلوا ذلك كملت تربيتهم، وتمت عليهم النعمة، وهُدُوا لأحسن الأعمال والأخلاق.
• الوزن يوم القيامة لأعمال العباد يكون بالعدل والقسط الذي لا جَوْر فيه ولا ظلم بوجه.
• هَيَّأ الله الأرض لانتفاع البشر بها، بحيث يتمكَّنون من البناء عليها وحَرْثها، واستخراج ما في باطنها للانتفاع به.
#تفسير_القرآن_الكريم_للشوكاني

#سورة_الأعراف
31 - يا بني آدم، البسوا ما يستر عوراتكم، وما تتجملون به من اللباس النظيف الطاهر عند الصلاة والطواف، وكلوا واشربوا ما شئتم من الطيبات التي أحلها الله، ولا تتجاوزوا حد الاعتدال في ذلك، ولا تتجاوزوا الحلال إلى الحرام، إن الله لا يحب المتجاوزين لحدود الاعتدال.
32 - قل -أيها الرسول- ردًّا على المشركين الذين يُحَرِّمون ما أحل الله من اللباس والطيبات من المأكولات وغيرها: من الذي حَرَّم عليكم اللباس الذي هو زينة لكم؛ ومن الذي حَرَّم عليكم الطيبات من المأكولات والمشروبات وغيرها مما رزقكم الله؛ قل -أيها الرسول-: إن تلك الطيبات للمؤمنين في الحياة الدنيا، وإن شَرَكَهم غيرهم فيها في الدنيا فهي خاصة بهم يوم القيامة، لا يَشْركهم فيها كافر؛ لأن الجنة محرمة على الكافرين، مثل هذا التفصيل نُفَصِّل الآيات لقوم يدركون؛ لأنهم الذين ينتفعون بها.
33 - قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين الذين يحرمون ما أحل الله: إن الله إنما حرم على عباده الفواحش، وهي قبائح الذنوب، ظاهرة كانت أو باطنة , وحرم المعاصي كلها، والاعتداء ظلمًا على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وحرم عليكم أن تشركوا مع الله غيره مما ليس لكم حجة فيه، وحرم عليكم القول عليه بغير علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وشرعه.
34 - ولكل جيل وقرن مدة وميقات محدد لآجالهم، فإذا جاء ميقاتهم المُقَدَّر لا يتأخرون عنه زمنا وإن قل، ولا يتقدمون عليه.
35 - يا بني آم إذا جاءكم رسل مني من أقوامكم يتلون عليكم ما أنزلت عليهم من كتبي فأطيعوهم، واتبعوا ما جاؤوا به، فالذين يتقون الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ويصلحون أعمالهم، لا خوف عليهم يوم القيامة، ولا هم يحزنزن على ما فاتهم من حظوظ الدنيا.
36 - وأما الكافرون الذين كذبوا بآياتنا، ولم يؤمنوا بها، وتَرَفَعوا تكبُّرًا عن العمل بما جاءتهم به رسلهم، فإنهم أصحاب النار الملازمون لها الماكثون فيها أبدًا.
37 - لا أحد أظلم من الذي يفتري على الله الكذب بنسبة الشريك إليه أو النقص أو القول عليه بما لم يقله، أو كذَّب بآياته الجلية الهادية إلى صراطه المستقيم، أولئك المتصفون بذلك ينالهم حظهم المكتوب لهم في اللوح المحفوظ من ملذات الدنيا، حتى إذا جاءهم ملك الموت وأعوانه من الملائكة لقبض أرواحهم قالوا لهم توبيخًا لهم: أين الآلهة التي كنتم تعبدونها من دون الله؟! ادعوها لتنفعكم، قال المشركون للملائكة: لقد ذهبت عنا الآلهة التي كنا نعبد وغابت، فلا ندري أين هي، وأقروا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين، لكن إقرارهم في ذلك الحين حجة عليهم، ولن ينفعهم.

[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
• المؤمن مأمور بتعظيم شعائر الله من خلال ستر العورة والتجمل في أثناء صلاته وخاصة عند التوجه للمسجد.
• من فسر القرآن بغير علم أو أفتى بغير علم أو حكم بغير علم فقد قال على الله بغير علم وهذا من أعظم المحرمات.
• في الآيات دليل على أن المؤمنين يوم القيامة لا يخافون ولا يحزنون، ولا يلحقهم رعب ولا فزع، وإذا لحقهم فمآلهم الأمن.
• أظلم الناس من عطَّل مراد الله تعالى من جهتين: جهة إبطال ما يدل على مراده، وجهة إيهام الناس بأن الله أراد منهم ما لا يريده الله.
#تفسير_القرآن_الكريم_للشوكاني

#سورة_الأعراف
52 - ولقد جئناهم بهذا القرآن الذي هو كتاب منزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -، وقد بيَّناه على علم منا بما نبينه، وهو هاد للمؤمنين إلى طريق الرشد والحق، ورحمة بهم لما فيه من الدلالة على خيري الدنيا والآخرة.
53 - ما ينتظر الكفار إلا وقوع ما أخبروا بوقوعه من العذاب الأليم الذي يؤول إليه أمرهم في الآخرة، يوم يأتي ما أخبروا به من ذلك، وما أخبر به المؤمنون من الثواب، يقول الذين نسوا القرآن في الدنيا، ولم يعملوا بما جاء فيه: لقد جاءت رسل ربنا بالحق الذي لا مرية فيه، ولا شك أنه من عند الله، فليت لنا وسطاء يشفعون لنا عند الله ليعفينا من العذاب، أو ليتنا نرجع إلى الحياة الدنيا لنعمل عملًا صالحًا ننجو به بدل ما كنا نعمل من السيئات، قد خسر هؤلاء الكافرون أنفسهم بإيرادها موارد الهلاك بسبب كفرهم، وغاب عنهم من كانوا يعبدونهم من دون الله، فلم ينفعوهم.
54 - إن ربكم -أيها الناس- هو الله الذي خلق السماوات وخلق الأرض على غير مثال سابق في ستة أيام، ثم علا وارتفع سبحانه على العرش علوا يليق بجلاله لا ندرك كيفيته، يُذْهِب ظلام الليل بضياء النهار، وضياء النهار بظلام الليل، وكل منهما يطلب الآخر طلبًا سريعًا بحيث لا يتأخر عنه، فإذا ذهب هذا دخل هذا، وخلق سبحانه الشمس، وخلق القمر، وخلق النجوم مُدلَّلات مُهَيَّآت، ألا لله وحده الخلق كله، فمن خالق غيره؟! وله الأمر وحده، وعظم خيره وكثر إحسانه، فهو المتصف بصفات الجلال والكمال، رب العالمين.
55 - ادعوا -أيها المؤمنون- ربكم بتذلل تام وتواضع خفية وسرًّا، مخلصين في الدعاء غير مرائين ولا مشركين به سبحانه غيره في الدعاء، إنه لا يحب المتجاوزين لحدوده في الدعاء، ومن أعظم التجاوز لحدوده في الدعاء دعاء غيره معه كما يفعل المشركون.
56 - ولا تفسدوا في الأرض بارتكاب المعاصي بعد أن أصلحها الله بإرسال الرسل عليهم السلام وإعمارها بطاعته وحده، وادعوا الله وحده مستشعرين الخوف من عقابه، ومنتظرين حصول ثوابه، إن رحمة الله قريب من المحسنين، فكونوا منهم.
57 - والله سبحانه هو الذي يرسل الرياح مُبَشِّرات بالمطر، حتى إذا حملت الرياح السحاب المُثْقَل بالماء سُقنا السحاب إلى بلد مُجْدِب فأنزلنا بالبلد الماء، فأخرجنا بالماء من جميع أنواع الثمار، مثل إخراج الثمر على تلك الصورة نخرج الموتى من قبورهم أحياء، فعلنا ذلك رجاء أنكم -أيها الناس- تتذكرون قدرة الله وبديع صنعه، وأنه قادر على إحياء الموتى.

[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
القرآن الكريم كتاب هداية فيه تفصيل ما تحتاج إليه البشرية، رحمة من الله وهداية لمن أقبل عليه بقلب صادق.
• خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام لحكمة أرادها سبحانه، ولو شاء لقال لها: كن فكانت.
• يتعين على المؤمنين دعاء الله تعالى بكل خشوع وتضرع حتى يستجيب لهم بفضله.
• الفساد في الأرض بكل صوره وأشكاله منهيٌّ عنه.
#تفسير_القرآن_الكريم_للشوكاني

#سورة_الأعراف
74 - تذكروا نعمة الله عليكم حين تخلفون قوم عاد، وأنزلكم في أرضكم تتمتعون بها، وتدركون مطالبكم، وذلك بعد إهلاك عاد بعد تماديهم في الكفر والتكذيب، تبنون في سهول الأرض القصور، وتقطعون الجبال لتصنعوا بيوتًا لكم، فاذكروا نعم الله عليكم لتشكروا الله عليها، واتركوا السعي في الأرض بالفساد، وذلك بترك الكفر بالله وترك المعاصي.
75 - قال السادة والرؤساء ممن استكبروا من قومه للمؤمنين من قومه الذين يستضعفونهم: أتعلمون -أيها المؤمنون- أن صالحًا رسول من الله حقًّا؟ فأجابهم المؤمنون المستضعفون: إنا بالذي أرسل به صالح إلينا مصدقون ومقرّون ومنقادون، وبشرعه عاملون.
76 - قال المُسْتَعلون من قومه: إنا بالذي صدقتم به -أيها المؤمنون- كافرون، فلن نؤمن به، ولن نعمل بشرعه.
77 - فنحروا الناقة التي نهاهم أن يمسوها بإيذاء، مستكبرين عن امتثال أمر الله، وقالوا مستهزئين مُسْتبعِدين لما توعدهم به صالح: يا صالح، جئنا بما توعدتنا به من العذاب الأليم إن كنت من رسل الله حقًّا.
78 - فجاء الكافرين ما استعجلوه من العذاب، حيث أخذتهم الزلزلة الشديدة، فأصبحوا صرعى ملتصقة وجوههم ورُكَبُهم بالأرض، لم ينج منهم أحد من الهلاك.
79 - فأعرض صالح عليه السلام عن قومه بعد اليأس من استجابتهم، وقال لهم: يا قوم، لقد أوصلت لكم ما أمرني الله بتبليغه إليكم، ونصحتكم مرغِّبًا لكم ومرهِّبًا، ولكنكم قوم لا تحبون الناصحين الحريصين على دلالتكم على الخير وإبعادكم عن الشر.
80 - واذكر لوطًا حين قال مستنكرًا على قومه: أتأتون الفعلة المنكرة المُسْتَقبحة وهي إتيان الذكور؟! هذه الفعلة التي ابتدعتموها، فلم يسبقكم إلى ارتكابها أحد!
81 - إنكم لتأتون الرجال لقضاء الشهوة دون النساء اللائي خُلِقن لقضائها، فلم تتبعوا في فعلتكم هذه عقلًا ولا نقلًا ولا فطرة، بل أنتم متجاوزون لحدود الله بخروجكم عن حد الاعتدال البشري، وانحرافكم عما تقتضيه العقول السليمة، والفطر الكريمة.

[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
• الاستكبار يتولد غالبًا من كثرة المال والجاه، وقلة المال والجاه تحمل على الإيمان والتصديق والانقياد غالبًا.
• جواز البناء الرفيع كالقصور ونحوها؛ لأن من آثار النعمة: البناء الحسن مع شكر المنعم.
• الغالب في دعوة الأنبياء أن يبادر الضعفاء والفقراء إلى الإصغاء لكلمة الحق التي جاؤوا بها، وأما السادة والزعماء فيتمردون وششعلون عليها.
• قد يعم عذاب الله المجتمع كله إذا كثر فيه الخَبَث، وعُدم فيه الإنكار.