زهير صادق الحكاك : عصافير جارتنا
#الحوار_المتمدن
#زهير_صادق_الحكاك عصافير جارتنا (قصة قصيرة) تعيش جارتنا نورين وحيدة في بيت قديم، يتوسط حديقة كبيرة، تضلله شجرة بلوط ، فارهة الاغصان، وعلى مربعات متناسقة انتشرت شجيرات الورد والكاردينيا و انواع أخرى ، يكسوها الربيع بأكاليل كثيفة من الزهور بألوان زاهية. كبر أولادها وأستقلوا في حياتهم، وراحوا يلهثون وراء لقمة العيش في تيار الحياة، البنت غادرت مع زوجها للعمل في بلد آخر، وبقي الأولاد الثلاثة يعملون في مدن اخرى من هذا البلد. تركوها وحيدة مع الذكريات والصور التي نشرتها بكل عناية في جميع زوايا البيت وحيطانه، وكانت تفرح بكل رضى بمكالماتهم الهاتفية بين حين وآخر. جارتنا نورين إمرأة طيبة القلب، دائما مرحة، تستقبل صباح كل يوم بوجه مبتسم، مع أنه يكشف بقساوة عن تجاعيد الزمن، متفائلة في الحياة ولا تخاف من النهاية. فقد كانت تقول في كل مناسبة: لقد أخذت حظي من هذه الدنيا، عشت أجمل سنوات عمري مع زوجي جون في هذا البيت، سعادة دامت لأكثر من نصف قرن. نورين أجتماعية، سباقة في أداء التحية، صباحا ومساءا، تعمل طوال النهار في حديقتها، تنظم زهور هذا المربع، تهذب أغصان هذه الشجيرة، وتسقي عشرات الأصص الملونة ونباتاتها ذات الأزهار الجميلة. تحي كل من يمر امام بيتها، تعرف الجميع ويعرف الجميع طيبتها ورقتها. تقف في صباحات أيام الربيع أمام البيت، في يدها سلة من الزهور، توزعها على المارة، ومع كل زهرة ابتسامة تفاؤل ومحبة. تعطي كل طفل ذاهب للمدرسة زهرتين، واحدة لمعلمته وواحدة لأمه، وتشجعهم بعبارات رقيقة، تسأل هذا عن كلبه، وتلك عن قطتها، وتسأل احدهم عن أخيه المولود حديثا. انتخبتها المدرسة في نهاية شارعنا، عضوة شرف في لجنة أعداد المهرجان السنوي للمدرسة. تذهب في ذلك الصباح مبكرة، في يدها سلتها ، توزع على الأطفال قطع الحلوى الملونة، وتنتقل في أروقة المدرسة كأنها فراشة زاهية الجناحين، توزع خفة دمها وتعليقاتها الذكية على أباء وأمهات التلاميذ. في عصر هذا اليوم، رأيتها في حديقة منزلها وعلى وجهها قلق كبير، تنقل نظراتها بسرعة من شجرة إلى أخرى، تصدر من فمها أصواتا منادية . تصورت أنها تبحث عن قطها الأصفر. لحظات وظهر القط من باب البيت، مط جسمه، أقترب من العجوز في مشية هادئة، قوس ظهره، وراح يمسح جسمه بساق العجوز المعروقة. نترته نورين بعصبية واضحة وأستمرت في بحثها بين أغصان الأشجار. سألتها وقد أنتقل قلقها ألى وجهي:- مساء الخير نورين، ماذا حصل؟ أراك قلقة؟ أتبحثين عن شيء؟- أنه جون، لم يحضر لتناول العشاء، مع إن جميع أفراد عائلته قد حضروا وأكلوا. زاد قلقي عليها، وقلت في نفسي، مسكينة لقد خرفت، أنها تهذي، فلقد مات زوجها جون منذ خمس سنوات. سألتها محاولا أعادة فكرها الى الوقت الحاضر:- هل غيرت اسم القط الى جون؟كلا يا عزيزي، أنني أقصد جون العصفور، ألا تعرف؟ أنا لدي عائلة من العصافير تسكن في ذلك الصندوق الخشبي المعلق على جذع شجرة البلوط؟ نظرت إلى حيث أشارت بيدها النحيلة، رأيت صندوقا أحمرا، يقف عليه عدد من العصافير، وعصفور واقف في الفتحة الدائرية كأنه يحرسها. أستمرت في حديثها وقد أشرق وجهها فخرا:- في بداية الربيع الماضي، رأيت عصفورين جميلين، ذكرا وأنثى، يتبادلان أشارات الغرام، أسميتهما جون ونورين. لقد حاول جون كثيرا في استمالة قلب نورين، نفش ريشه، قام بألعاب هوائية رائعة، أحضر لها زهرة ياسمين، وطرد جميع الذكور عنها، وأخيرا كسب رضاها. في اليوم التالي، أشتريت لهم هذا الصندوق، ووضعته في مكانه. فرحت كثيرا عندما بدأت نورين بتجميع الريش والأعواد الطرية لبناء ع ......
#عصافير
#جارتنا
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=682641
#الحوار_المتمدن
#زهير_صادق_الحكاك عصافير جارتنا (قصة قصيرة) تعيش جارتنا نورين وحيدة في بيت قديم، يتوسط حديقة كبيرة، تضلله شجرة بلوط ، فارهة الاغصان، وعلى مربعات متناسقة انتشرت شجيرات الورد والكاردينيا و انواع أخرى ، يكسوها الربيع بأكاليل كثيفة من الزهور بألوان زاهية. كبر أولادها وأستقلوا في حياتهم، وراحوا يلهثون وراء لقمة العيش في تيار الحياة، البنت غادرت مع زوجها للعمل في بلد آخر، وبقي الأولاد الثلاثة يعملون في مدن اخرى من هذا البلد. تركوها وحيدة مع الذكريات والصور التي نشرتها بكل عناية في جميع زوايا البيت وحيطانه، وكانت تفرح بكل رضى بمكالماتهم الهاتفية بين حين وآخر. جارتنا نورين إمرأة طيبة القلب، دائما مرحة، تستقبل صباح كل يوم بوجه مبتسم، مع أنه يكشف بقساوة عن تجاعيد الزمن، متفائلة في الحياة ولا تخاف من النهاية. فقد كانت تقول في كل مناسبة: لقد أخذت حظي من هذه الدنيا، عشت أجمل سنوات عمري مع زوجي جون في هذا البيت، سعادة دامت لأكثر من نصف قرن. نورين أجتماعية، سباقة في أداء التحية، صباحا ومساءا، تعمل طوال النهار في حديقتها، تنظم زهور هذا المربع، تهذب أغصان هذه الشجيرة، وتسقي عشرات الأصص الملونة ونباتاتها ذات الأزهار الجميلة. تحي كل من يمر امام بيتها، تعرف الجميع ويعرف الجميع طيبتها ورقتها. تقف في صباحات أيام الربيع أمام البيت، في يدها سلة من الزهور، توزعها على المارة، ومع كل زهرة ابتسامة تفاؤل ومحبة. تعطي كل طفل ذاهب للمدرسة زهرتين، واحدة لمعلمته وواحدة لأمه، وتشجعهم بعبارات رقيقة، تسأل هذا عن كلبه، وتلك عن قطتها، وتسأل احدهم عن أخيه المولود حديثا. انتخبتها المدرسة في نهاية شارعنا، عضوة شرف في لجنة أعداد المهرجان السنوي للمدرسة. تذهب في ذلك الصباح مبكرة، في يدها سلتها ، توزع على الأطفال قطع الحلوى الملونة، وتنتقل في أروقة المدرسة كأنها فراشة زاهية الجناحين، توزع خفة دمها وتعليقاتها الذكية على أباء وأمهات التلاميذ. في عصر هذا اليوم، رأيتها في حديقة منزلها وعلى وجهها قلق كبير، تنقل نظراتها بسرعة من شجرة إلى أخرى، تصدر من فمها أصواتا منادية . تصورت أنها تبحث عن قطها الأصفر. لحظات وظهر القط من باب البيت، مط جسمه، أقترب من العجوز في مشية هادئة، قوس ظهره، وراح يمسح جسمه بساق العجوز المعروقة. نترته نورين بعصبية واضحة وأستمرت في بحثها بين أغصان الأشجار. سألتها وقد أنتقل قلقها ألى وجهي:- مساء الخير نورين، ماذا حصل؟ أراك قلقة؟ أتبحثين عن شيء؟- أنه جون، لم يحضر لتناول العشاء، مع إن جميع أفراد عائلته قد حضروا وأكلوا. زاد قلقي عليها، وقلت في نفسي، مسكينة لقد خرفت، أنها تهذي، فلقد مات زوجها جون منذ خمس سنوات. سألتها محاولا أعادة فكرها الى الوقت الحاضر:- هل غيرت اسم القط الى جون؟كلا يا عزيزي، أنني أقصد جون العصفور، ألا تعرف؟ أنا لدي عائلة من العصافير تسكن في ذلك الصندوق الخشبي المعلق على جذع شجرة البلوط؟ نظرت إلى حيث أشارت بيدها النحيلة، رأيت صندوقا أحمرا، يقف عليه عدد من العصافير، وعصفور واقف في الفتحة الدائرية كأنه يحرسها. أستمرت في حديثها وقد أشرق وجهها فخرا:- في بداية الربيع الماضي، رأيت عصفورين جميلين، ذكرا وأنثى، يتبادلان أشارات الغرام، أسميتهما جون ونورين. لقد حاول جون كثيرا في استمالة قلب نورين، نفش ريشه، قام بألعاب هوائية رائعة، أحضر لها زهرة ياسمين، وطرد جميع الذكور عنها، وأخيرا كسب رضاها. في اليوم التالي، أشتريت لهم هذا الصندوق، ووضعته في مكانه. فرحت كثيرا عندما بدأت نورين بتجميع الريش والأعواد الطرية لبناء ع ......
#عصافير
#جارتنا
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=682641
الحوار المتمدن
زهير صادق الحكاك - عصافير جارتنا