زكرياء مزواري : حُبٌّ فِي زَمَنِ التُّيُوسِ
#الحوار_المتمدن
#زكرياء_مزواري وَأَنْتِ مَع تِيسٍ،يُخيّل إِليهِ أنّه زوجٌ صالحٌ،لاَ حَرجَ إنْ أَطْلَقْتِ لخيالكِ العنانَ،وَسَافَرْتِ فِي مَاضِيكِ،وحرّضتِ ذاكرتكِ على استرجاعِ فَصْلكِ الأَبْهَى فِي الحِكَاية.***وأنتِ في سَريركِ،مَعِية تِيسِ غِينِيا،لاَ حَرجَ إنْ رَأيتْ صُورةَ رَفِيقكِ فِي المَنامِ،وقُلتِ لَهُ: هَيْتَ لك!***وأنتِ عَلى قارعةِ الطّريقِ،شارِدةَ البَالِ،لاَ حَرجَ إنْ سَألتِ المَارّةَ: كَيفَ السّبيلُ إِلى أَنيسِ الفُؤادِ!!***وأنتِ تَحْتَسينَ فِنجانَ قَهوةٍ،بِجَانِبِ تِيسِ كِينْيَا بِيسَاوْ،حَمْلِقي في عَينيهِ،ثُمّ ابتسِمِي،وقولي: إِنَّ وُجُودِي مِنْ عَدَمِي سِيّان، فَلاَ تَجزَع!***وَهُوَ يَنْهَشُ جَسَدَكِ الرَّطْبَ لَيْلاً،وَيُصيبُ مِنكِ وَطَراً،لاَ تُبَالِي،فَتِيسُ البَرَارِي سَيَنَامُ وَيَشْقَى!***وَأَنْتِ تَلْعَنِينَ القَدَرَ،وَخَطَأَ الجُغْرَافْيَا،وَتِيهِ التّارِيخِ،قُولِي لأُمّكِ:يَا أُمّ ! كُلُّ الجِرَاحِ تُشْفَى، عَدَا جُرْحَ التّيسِ، يَبْقَى، وَلاَ يَلْتَمُّ! ......
#حُبٌّ
#زَمَنِ
#التُّيُوسِ
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=685403
#الحوار_المتمدن
#زكرياء_مزواري وَأَنْتِ مَع تِيسٍ،يُخيّل إِليهِ أنّه زوجٌ صالحٌ،لاَ حَرجَ إنْ أَطْلَقْتِ لخيالكِ العنانَ،وَسَافَرْتِ فِي مَاضِيكِ،وحرّضتِ ذاكرتكِ على استرجاعِ فَصْلكِ الأَبْهَى فِي الحِكَاية.***وأنتِ في سَريركِ،مَعِية تِيسِ غِينِيا،لاَ حَرجَ إنْ رَأيتْ صُورةَ رَفِيقكِ فِي المَنامِ،وقُلتِ لَهُ: هَيْتَ لك!***وأنتِ عَلى قارعةِ الطّريقِ،شارِدةَ البَالِ،لاَ حَرجَ إنْ سَألتِ المَارّةَ: كَيفَ السّبيلُ إِلى أَنيسِ الفُؤادِ!!***وأنتِ تَحْتَسينَ فِنجانَ قَهوةٍ،بِجَانِبِ تِيسِ كِينْيَا بِيسَاوْ،حَمْلِقي في عَينيهِ،ثُمّ ابتسِمِي،وقولي: إِنَّ وُجُودِي مِنْ عَدَمِي سِيّان، فَلاَ تَجزَع!***وَهُوَ يَنْهَشُ جَسَدَكِ الرَّطْبَ لَيْلاً،وَيُصيبُ مِنكِ وَطَراً،لاَ تُبَالِي،فَتِيسُ البَرَارِي سَيَنَامُ وَيَشْقَى!***وَأَنْتِ تَلْعَنِينَ القَدَرَ،وَخَطَأَ الجُغْرَافْيَا،وَتِيهِ التّارِيخِ،قُولِي لأُمّكِ:يَا أُمّ ! كُلُّ الجِرَاحِ تُشْفَى، عَدَا جُرْحَ التّيسِ، يَبْقَى، وَلاَ يَلْتَمُّ! ......
#حُبٌّ
#زَمَنِ
#التُّيُوسِ
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
http://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=685403
الحوار المتمدن
زكرياء مزواري - حُبٌّ فِي زَمَنِ التُّيُوسِ
زكرياء مزواري : رمضانُ في الذّاكرة ج4
#الحوار_المتمدن
#زكرياء_مزواري (19): في العشر الأواخر من شهر "سيدنا رمضان"، عشر "العتق من النّار"، يدخل حيّنا في حالة تأهّبٍ قُصوى، تستنفر معها قوى الساكنة، لا مشهد يعلو فيها على مشهد "موكب الكعك"، وحمل "صوانيه" على رؤوس الصّغار والكبار، كانت "خالتي الصابرة" –رحمها الله رحمة واسعة- المعروفة بقِصر قامتها وروحها المرحة، أوّل المبادرات في "فلاج الفگيگ" بتحضير "الكعك" و"الكاطو"؛ إذ كثيراً ما كانت تطلب منّا نحن الأطفال الذهاب إلى "فران الحومة"، وجلب عددٍ من "الصواني" المخصصة للكعك من "عمي الصديق" صاحب المحلّ، مُقابل الظفر بحفنةِ "كَعْكٍ" لذيذةٍ، أو شيءٍ من عطاياها، حيث ألفنا كرمها غير محدود معنا. كان فران "عمي الصديق" فضاءً جميلاً تفوح منه دائماً رائحةُ الخُبزِ اللّذيذة التي تنعش الرّوح قبل فتح شهية الأكل، وكانت تتكوّم على جنبات فوهة الفرن أكوامٌ من الخشب والنّجارة تنتظر إبّانها في تذكية النّار وإيقادها، وكان الطاهي الماهر "عمي الصديق" يقلّب خبزه بلوحته الخشبية الطويلة ذات اليمين وذات الشمال، بينما هو بَاسِطٌ ذراعيه بوصيد الفرن. كان "موسم هجرة" جماعية إلى فرّان الحيّ في هذه العشر الأواخر، لدرجة أن "صواني الكعك" التي كان يمدنا بها "عمي الصديق" تنفذ عن آخرها بسبب الإقبال الجماهيري عليها، وتضطرّ بذلك الأسر إلى إعارة هذه الحوامل من الجيران الذين انتهوا من عملية تحضير الحلويات، لا شيء يُنافس نسيمَ "الحريرة" في الأزقّة الضيّقة حينئذٍ عدا رائحة "الكعك"، كأنّها عطرُ ريحان فاحت به جِنانُ السّماء وهي تحتفي بأيّام وليالي القدر العظيمة. يزداد نشاط الجميع في أواخر هذا الشهر الكريم، ويُكثر الكّل من الأعمال الصالحات، وتزدان القلوب بالرّحمة، وتتجمّل الأرواح بالتّراحم، وتُشنّف الآذان بتلاوة القرآن، حتّى تصفّى النّفوس من أدران الأرض، وتصّعد في مراتب الأنس بالله، وأذكر ذات رمضان، أنّي اجتهدت في العبادة أيمّا اجتهاد، وحرصت على تطبيق وصايا دُعاة مسجد "عكاشة" ببراءة، منها: أنه من يَقُم إيماناً واحتساباً في هذه العشر الأواخر؛ عشر ليالي القدر، ونزول آيات لذّكر الحكيم، تفتح له أبواب السّماء، وحينها يطلب ما يشاء ثمّ يُستجاب له، هكذا نظرت في ليلة السابع بعد العشرين من رمضان المبارك إلى السّماء حيث كانت مقمرة، وبدأت أحملق في هذا الفضاء المديد، وعيناي مشدوهتان بملكوت الرّب، عسى الرؤية تتحقق، وبذلك غمرتني رهبةٌ شديدةٌ وأنا أنتظر، لكن في النّهاية لم أر شيئاً، واستغفرت الله كثيراً، ودعوته أن يرقّي روحي طوراً، حتّى تُجلّى لها منازلُ الجمال.***(20): "ليلة القدر" وما أدراك "ما ليلة القدر" في "فلاج الفگيگ"، ليلةٌ عندنا، خيرٌ من اثني عشر شهراً، ليلةٌ تعكفُ فيها السّاكنة في محراب "عكاشة" حتّى مَطلع الفجر، ليلةٌ تتنزّل فيها الرّحمة، وتغشاها الطمأنينة، وتحفّها الملائكة، ويذكرها الملأ الأعلى، أو هكذا كان يُخيّل إلينا وقتئذٍ، كنّا نحن الصّغار ننتظر هذه اللّيلة بألفِ لَهفةٍ وشوقٍ؛ حيث كلّ شيءٍ يُغري بقيام اللّيل، بدءاً بجلسات الوعظ، وكثرة الأئمة في التّناوب على صلاة التراويح الطويلة، وتحدّي الصّبية قبل الكبار في إتمامها، والأهم بعد ذلك وجبات "الكسكس" اللّذيذة المرفوقة بكؤوس اللّبن الشّهية. كان هناك عُرفٌ اجتماعي شبه مُقدسٍ في هذه الليّلة، حيث يصير من باب الواجب على كل منزلٍ أن يجعل عشاءه "الكُسْكُسَ" أو ما نسميه ب"الطْعامْ"، ثمّ يتبادل الجيران فيما بينهم بعض الأطباق طمعاً في مزيدٍ من الأجر والثّواب، وذلك في "جوٍّ تراحميٍّ" بديعٍ تخِرُّ له الجبال، أم ......
#رمضانُ
#الذّاكرة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=690696
#الحوار_المتمدن
#زكرياء_مزواري (19): في العشر الأواخر من شهر "سيدنا رمضان"، عشر "العتق من النّار"، يدخل حيّنا في حالة تأهّبٍ قُصوى، تستنفر معها قوى الساكنة، لا مشهد يعلو فيها على مشهد "موكب الكعك"، وحمل "صوانيه" على رؤوس الصّغار والكبار، كانت "خالتي الصابرة" –رحمها الله رحمة واسعة- المعروفة بقِصر قامتها وروحها المرحة، أوّل المبادرات في "فلاج الفگيگ" بتحضير "الكعك" و"الكاطو"؛ إذ كثيراً ما كانت تطلب منّا نحن الأطفال الذهاب إلى "فران الحومة"، وجلب عددٍ من "الصواني" المخصصة للكعك من "عمي الصديق" صاحب المحلّ، مُقابل الظفر بحفنةِ "كَعْكٍ" لذيذةٍ، أو شيءٍ من عطاياها، حيث ألفنا كرمها غير محدود معنا. كان فران "عمي الصديق" فضاءً جميلاً تفوح منه دائماً رائحةُ الخُبزِ اللّذيذة التي تنعش الرّوح قبل فتح شهية الأكل، وكانت تتكوّم على جنبات فوهة الفرن أكوامٌ من الخشب والنّجارة تنتظر إبّانها في تذكية النّار وإيقادها، وكان الطاهي الماهر "عمي الصديق" يقلّب خبزه بلوحته الخشبية الطويلة ذات اليمين وذات الشمال، بينما هو بَاسِطٌ ذراعيه بوصيد الفرن. كان "موسم هجرة" جماعية إلى فرّان الحيّ في هذه العشر الأواخر، لدرجة أن "صواني الكعك" التي كان يمدنا بها "عمي الصديق" تنفذ عن آخرها بسبب الإقبال الجماهيري عليها، وتضطرّ بذلك الأسر إلى إعارة هذه الحوامل من الجيران الذين انتهوا من عملية تحضير الحلويات، لا شيء يُنافس نسيمَ "الحريرة" في الأزقّة الضيّقة حينئذٍ عدا رائحة "الكعك"، كأنّها عطرُ ريحان فاحت به جِنانُ السّماء وهي تحتفي بأيّام وليالي القدر العظيمة. يزداد نشاط الجميع في أواخر هذا الشهر الكريم، ويُكثر الكّل من الأعمال الصالحات، وتزدان القلوب بالرّحمة، وتتجمّل الأرواح بالتّراحم، وتُشنّف الآذان بتلاوة القرآن، حتّى تصفّى النّفوس من أدران الأرض، وتصّعد في مراتب الأنس بالله، وأذكر ذات رمضان، أنّي اجتهدت في العبادة أيمّا اجتهاد، وحرصت على تطبيق وصايا دُعاة مسجد "عكاشة" ببراءة، منها: أنه من يَقُم إيماناً واحتساباً في هذه العشر الأواخر؛ عشر ليالي القدر، ونزول آيات لذّكر الحكيم، تفتح له أبواب السّماء، وحينها يطلب ما يشاء ثمّ يُستجاب له، هكذا نظرت في ليلة السابع بعد العشرين من رمضان المبارك إلى السّماء حيث كانت مقمرة، وبدأت أحملق في هذا الفضاء المديد، وعيناي مشدوهتان بملكوت الرّب، عسى الرؤية تتحقق، وبذلك غمرتني رهبةٌ شديدةٌ وأنا أنتظر، لكن في النّهاية لم أر شيئاً، واستغفرت الله كثيراً، ودعوته أن يرقّي روحي طوراً، حتّى تُجلّى لها منازلُ الجمال.***(20): "ليلة القدر" وما أدراك "ما ليلة القدر" في "فلاج الفگيگ"، ليلةٌ عندنا، خيرٌ من اثني عشر شهراً، ليلةٌ تعكفُ فيها السّاكنة في محراب "عكاشة" حتّى مَطلع الفجر، ليلةٌ تتنزّل فيها الرّحمة، وتغشاها الطمأنينة، وتحفّها الملائكة، ويذكرها الملأ الأعلى، أو هكذا كان يُخيّل إلينا وقتئذٍ، كنّا نحن الصّغار ننتظر هذه اللّيلة بألفِ لَهفةٍ وشوقٍ؛ حيث كلّ شيءٍ يُغري بقيام اللّيل، بدءاً بجلسات الوعظ، وكثرة الأئمة في التّناوب على صلاة التراويح الطويلة، وتحدّي الصّبية قبل الكبار في إتمامها، والأهم بعد ذلك وجبات "الكسكس" اللّذيذة المرفوقة بكؤوس اللّبن الشّهية. كان هناك عُرفٌ اجتماعي شبه مُقدسٍ في هذه الليّلة، حيث يصير من باب الواجب على كل منزلٍ أن يجعل عشاءه "الكُسْكُسَ" أو ما نسميه ب"الطْعامْ"، ثمّ يتبادل الجيران فيما بينهم بعض الأطباق طمعاً في مزيدٍ من الأجر والثّواب، وذلك في "جوٍّ تراحميٍّ" بديعٍ تخِرُّ له الجبال، أم ......
#رمضانُ
#الذّاكرة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=690696
الحوار المتمدن
زكرياء مزواري - رمضانُ في الذّاكرة (ج4)
زكرياء مزواري : رمضانُ في الذّاكرة ج1
#الحوار_المتمدن
#زكرياء_مزواري (1) من منّا نحن صغار الحيّ لا يتذكّر شهر رمضان المُبارك؛ كانت لهذا الشّهر طقوسٌ خاصةٌ تهيؤ الصّغير قبل الكبير لاستقباله. كنّا نحن الصّبية نتنافس في ما بيننا على صيامه، إذ بمجرد ما يخرج الواحد منّا للحيّ إلاّ ويُطالب صديقه بفتح فمه، وإبراز لسانه حتّى يرى شكله، فإذا كان يميل إلى الحُمرة وفيه شيء من اللُّعاب ننعته مباشرة بتلك اللازمة: "يَاهْ، وَكَّالْ رَمْضَانْ" أو "وَكَّالْ رَمْضَانْ مَحْرُوﮔ-;-ْ لَعْظَامْ". وهكذا كان كلّ واحد منّا يطوّر حيلة؛ فقبل أن يخرج من منزله، يذهب إلى المرآة ليرى لون لسانه، ويبدأ بعدها بإخراج كل ألوان المخاط، ومسح لسانه بيده أو بمنديلٍ حتّى لا يظهر عليه أي شكل من أشكال الرطوبة. من منّا ينسى أجواء الحيّ في رمضان الكريم، خاصة بعد صلاة العصر، إذ يتحوّل الزّقاق إلى فضاء تكتسحه رائحة "الحريرة"؛ نعم "الحريرة"، هذه الأكلة العجيبة التي لا يمكننا الاستغناء عنها، أو تصوّر مائدة رمضانية دونها. كان لُعابنا يسيل كلما استنشقنا رائحتها، وننتظر بفارغ الصبر أذان المغرب، حتّى يرفع عنّا التكليف. هذه الأكلة اللّذيذة المكونة من "العدس" و"البصل" و"القُزبر" و"المعدنوس" و"لكرافص" أو ما كان يطلق عليه ب"قْوَامْ لَحْرِيرَة"، كانت نسوة الحي يتفننّ فيها، ويتبادلن بعض الأطباق(زْلاَيَفْ أو لَغْرْفْيات) حتّى تُقوّم كلّ واحدةٍ عمل الأخرى، والمرأة التي تتقن هذه الأكلة، تسمى في عرف النّساء "حادگة" (من الحذق). كانت لدى أبناء الحيّ علاقة روحية مقدسة مع مسجد "عكاشة". هذا المسجد الصّغير، بمعداته البسيطة، وأثاثه القديم، كان يملأ قلوبنا سكينة ونشوة، عكس مساجد أخرى كنّا نرفضها، إما بسبب قمع بعض المسنّين لنا، أو لأنّها كانت تقع وسط أحياء كنّا نعدها "بورجوازية". ولكن في حقيقة الأمر كنّا نخاف أن يُفتضح أمرنا، لأننا كنّا نُغير على أشجار منازلهم في شكل مجموعات وقت فصل الصيف ونسرق منها البرتقال والمشمش والتفاح... وما على شاكلتها من ألوان الفواكه التي كنا نأكلها قبل أن يحين موعدها ودخولها إلى السوق، وكنا نفخر بذلك لأننا السبّاقون دون غيرنا. رغم سنّنا الصّغير كنّا نتنافس في شهر رمضان على أداء الصلوات في وقتها، و التراويح منها خاصة؛ كان مسجد "عكاشة" الصغير يملأ عن آخره في هذا الشهر. كان كثير من أقراني لا يصلّون إلا صلاة "المغرب"، لا لشيء إلا لأن بعض الأخيار من رجال الحيّ، كانوا يُقدمون على إحضار التّمر وإطعام الصائمين عسى الله يثيبهم عليه، كنّا نسعد أيما سعادة حين يقدم لنا ذاك التمر، رغم ضعف جودته، كما كنّا نسخط أيما سخط من بعض المسنين(شْوَابَنْ) الذين كانوا يحرموننا من ذلك، بمبرر أننا أطفال ولم نبلغ بعد مرحلة الصّيام("مَزَالْ مَا يْحَقْ عْلِيكُم")، وفي كثير من الأحيان كنّا نعاقب صاحب الفعل ليلاً، وذلك برشق منزله بالحجارة وما شابه ذلك. بعد أداء صلاة المغرب، كنّا نجتمع نحن الصغار، ونعقد تحديا غريبا: "لِي رَاجَلْ يَهْوَدْ دُورْكْ لَطْرِيقْ سِيدِي يَحْيَى وَيَنْعَسْ فِيها"، أي من يمتلك رجولة حقيقية، عليه بالنّزول إلى طريق "سيدي يحيى" ويستلقي وينام فيها بعض الوقت، لماذا هذا التحدي؟ كانت لدينا سردية غريبة عن طريق "سيدي يحيى" تتناقل جيلا بعد جيل، وهي أن هذه الطريق حصدت الكثير من الأرواح، وبعضهم من أبناء الحي، وبالتالي هي "مسكونة"، أي تسكنها أرواح شريرة، ولم ترق عليها لحدود الساعة أية دماء من الحيوانات حتّى تكف عنا غضب أهلها "مَّالِينْ لَمْكَانْ".آهٍ، كم هي لحظات في غاية السّعادة، فطريق "سيدي يحيى" التي كانت طوال النّهار مليئة بالسيارات والعر ......
#رمضانُ
#الذّاكرة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=690693
#الحوار_المتمدن
#زكرياء_مزواري (1) من منّا نحن صغار الحيّ لا يتذكّر شهر رمضان المُبارك؛ كانت لهذا الشّهر طقوسٌ خاصةٌ تهيؤ الصّغير قبل الكبير لاستقباله. كنّا نحن الصّبية نتنافس في ما بيننا على صيامه، إذ بمجرد ما يخرج الواحد منّا للحيّ إلاّ ويُطالب صديقه بفتح فمه، وإبراز لسانه حتّى يرى شكله، فإذا كان يميل إلى الحُمرة وفيه شيء من اللُّعاب ننعته مباشرة بتلك اللازمة: "يَاهْ، وَكَّالْ رَمْضَانْ" أو "وَكَّالْ رَمْضَانْ مَحْرُوﮔ-;-ْ لَعْظَامْ". وهكذا كان كلّ واحد منّا يطوّر حيلة؛ فقبل أن يخرج من منزله، يذهب إلى المرآة ليرى لون لسانه، ويبدأ بعدها بإخراج كل ألوان المخاط، ومسح لسانه بيده أو بمنديلٍ حتّى لا يظهر عليه أي شكل من أشكال الرطوبة. من منّا ينسى أجواء الحيّ في رمضان الكريم، خاصة بعد صلاة العصر، إذ يتحوّل الزّقاق إلى فضاء تكتسحه رائحة "الحريرة"؛ نعم "الحريرة"، هذه الأكلة العجيبة التي لا يمكننا الاستغناء عنها، أو تصوّر مائدة رمضانية دونها. كان لُعابنا يسيل كلما استنشقنا رائحتها، وننتظر بفارغ الصبر أذان المغرب، حتّى يرفع عنّا التكليف. هذه الأكلة اللّذيذة المكونة من "العدس" و"البصل" و"القُزبر" و"المعدنوس" و"لكرافص" أو ما كان يطلق عليه ب"قْوَامْ لَحْرِيرَة"، كانت نسوة الحي يتفننّ فيها، ويتبادلن بعض الأطباق(زْلاَيَفْ أو لَغْرْفْيات) حتّى تُقوّم كلّ واحدةٍ عمل الأخرى، والمرأة التي تتقن هذه الأكلة، تسمى في عرف النّساء "حادگة" (من الحذق). كانت لدى أبناء الحيّ علاقة روحية مقدسة مع مسجد "عكاشة". هذا المسجد الصّغير، بمعداته البسيطة، وأثاثه القديم، كان يملأ قلوبنا سكينة ونشوة، عكس مساجد أخرى كنّا نرفضها، إما بسبب قمع بعض المسنّين لنا، أو لأنّها كانت تقع وسط أحياء كنّا نعدها "بورجوازية". ولكن في حقيقة الأمر كنّا نخاف أن يُفتضح أمرنا، لأننا كنّا نُغير على أشجار منازلهم في شكل مجموعات وقت فصل الصيف ونسرق منها البرتقال والمشمش والتفاح... وما على شاكلتها من ألوان الفواكه التي كنا نأكلها قبل أن يحين موعدها ودخولها إلى السوق، وكنا نفخر بذلك لأننا السبّاقون دون غيرنا. رغم سنّنا الصّغير كنّا نتنافس في شهر رمضان على أداء الصلوات في وقتها، و التراويح منها خاصة؛ كان مسجد "عكاشة" الصغير يملأ عن آخره في هذا الشهر. كان كثير من أقراني لا يصلّون إلا صلاة "المغرب"، لا لشيء إلا لأن بعض الأخيار من رجال الحيّ، كانوا يُقدمون على إحضار التّمر وإطعام الصائمين عسى الله يثيبهم عليه، كنّا نسعد أيما سعادة حين يقدم لنا ذاك التمر، رغم ضعف جودته، كما كنّا نسخط أيما سخط من بعض المسنين(شْوَابَنْ) الذين كانوا يحرموننا من ذلك، بمبرر أننا أطفال ولم نبلغ بعد مرحلة الصّيام("مَزَالْ مَا يْحَقْ عْلِيكُم")، وفي كثير من الأحيان كنّا نعاقب صاحب الفعل ليلاً، وذلك برشق منزله بالحجارة وما شابه ذلك. بعد أداء صلاة المغرب، كنّا نجتمع نحن الصغار، ونعقد تحديا غريبا: "لِي رَاجَلْ يَهْوَدْ دُورْكْ لَطْرِيقْ سِيدِي يَحْيَى وَيَنْعَسْ فِيها"، أي من يمتلك رجولة حقيقية، عليه بالنّزول إلى طريق "سيدي يحيى" ويستلقي وينام فيها بعض الوقت، لماذا هذا التحدي؟ كانت لدينا سردية غريبة عن طريق "سيدي يحيى" تتناقل جيلا بعد جيل، وهي أن هذه الطريق حصدت الكثير من الأرواح، وبعضهم من أبناء الحي، وبالتالي هي "مسكونة"، أي تسكنها أرواح شريرة، ولم ترق عليها لحدود الساعة أية دماء من الحيوانات حتّى تكف عنا غضب أهلها "مَّالِينْ لَمْكَانْ".آهٍ، كم هي لحظات في غاية السّعادة، فطريق "سيدي يحيى" التي كانت طوال النّهار مليئة بالسيارات والعر ......
#رمضانُ
#الذّاكرة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=690693
الحوار المتمدن
زكرياء مزواري - رمضانُ في الذّاكرة (ج1)
زكرياء مزواري : رمضانُ في الذّاكرة ج2
#الحوار_المتمدن
#زكرياء_مزواري (5): لم يكن لنا ملاذ نحن -المعذّبين في الأرض- ننسى به فواجع المؤسسة، وحي القدس اللّعين، غير دوري كرة القدم الذي كان يتجدّد كلّ شهر رمضان؛ إذ لازلت أتذكر كيف كنت أراقب عقارب السّاعة بدقة متناهية وهي تسجّل دقائق وثواني حصصنا الفصلية المسائية، كانت رنّة جرس المدرسة كرصاصة الرّحمة التي تخرق صدر سَجِينٍ أَنْهَكَهُ طُول مُقامِ التّعذيب. هكذا أنطلق معية رفاق حيي بخطى حثيثةٍ إلى زُقاقنا العتيد، إذ بمجرد أن يصل الواحد مِنّا إلى منزله يُلقي توّاً محفظته -التي لا تفتح إلا أوقات تغيير الكتب والدفاتر- ثمّ ينتظر بقية الأصدقاء، للاتجاه إلى ملعب من الملاعب التي كانت تحتضن لقاءات فريق "الصفرة" و"الحمرة"، نعم، هما فريقان عتيدان من أبناء "فلاج الفگيگ"، هذا الحي الذي أنجب لاعبين حقيقيين بكل ما تحمله الكلمة من المعنى، إذ لولا لعنة "الفقر" و"قلّة ذات اليد"، و"عُسر الزمان" لكان للواحد منهم شأنٌ عظيمٌ في مسار كرة القدم. كان "فلاج الفگيگ" حيّاً مقسمّاً أيّام شهر رمضان إلى طائفتين كبيرتين، طائفةٌ متعصّبةٌ للفريق الذي كان يرتدي القميص الأصفر الفاقع لونه، وطائفةٌ أخرى مهووسة بالقميص الأحمر القاني، لم تكن هذه القسمة أبداً قسمة ضيزى؛ إذ هي في الحقيقةِ امتدادٌ للانقسام المجالي الذي كان يعرفه حيّنا والمعروف ب:"الفلاج الفوقاني" و"الفلاج التحتاني"، ومن الغريب أننّا نحن أبناء الحي الواحد كنّا نتوحد حين يواجه أحد فرقنا خصماً أجنبياً كأن يكون من فلاج: "المقسم" أو "ولاد درب السايح" أو "فلاج الجديد" أو "درب الجوع" أو"فلاج بام" وغيرها من الأحياء الشعبية التي كانت تشارك بعضها في الدوري الرمضاني، عكس الأيّام الأخرى التي كنّا نكن لبعضنا العداء الخفيّ، أما حين يتقابل الغريمان التقليديان "الصفرة" و"الحمرة" فتجد الواحد منّا يميل بالضرورة إلى أبناء منطقته، ولمّا كنت أنتمي "للفلاج التحتاني" كان لزاماً علي أن أشجع "الصفرة مون أموغ". هكذا وشمت ذاكرتي بأسماء لاعبين كنت حينها مبهوراً بهم، وأتمنى أن يطوى الزمان سريعاً حتى أحمل أنا بدوري ذلك القميص الأصفر الذهبي، ومن هؤلاء أذكر قائد الفريق "بن زيان" وأخيه عبد الكريم ثم "ميلود السباعي" و"إدريس الراشدي" و"ملوكي" وآخرين، نستهم ذاكرتي التي كانت تحفظ أسماءهم عن ظهر قلب آنذاك، كنت حينها مُعجباً ب"الكابيتان بن زيان"، هذا المدافع القوي الذي كان يملك رِجلاً يساريةً قويةً، حيث كنت أقارن تسديداته دوماً باللاّعب البرازيلي "روبرتو كارلوس"، ثم بإحدى شخصيات الرّسوم المتحرّكة وهي شخصية "شامل" في تلك السلسلة الكارتونية المعروفة باسم "شوت"، إضافة إلى اللاّعب الخلوق "إدريس الراشدي" الذي كان يمتلك أسلوب السهل الممتع في ترويض الكرة، كما أحببته أيضاً لأنه كان ينجز معي بعض التمارين المنزلية التي أنقدتني أكثر من مرة من بطش المعلّمين، والحمد لله، أما عن فريق "الحمرة" فهو بدوره فريق شرسٌ لا يقل ضراوة عن "الصفرة مون أموغ"، إذ احتضن لاعبين يُضرب بهم المثل في مداعبة الكرة؛ فأذكر مثلا حارسهم القوي "معافة"، هذا الرجل هو وحده ضمن الحرّاس من كنت أعتبره قادراً على صدّ مدفعيات الكابتان "بن زيان" الرهيبة، ثم المدافع غير المروض "حسن الديبار"، الذي كنّا نخافه منذ الصغر، وكثيراً ما كان هذا الهلع ممزوجاً عندنا بصورة أخيه الجسور "عزيز الديبار"، ثم المايسترو "أفاطنة" الذي كنّا نُفتن نحن الصّغار بمراوغاته الجميلة وقُدرته على مُحاكاة مهارات اللاّعبين الكبار، كما لا أنسى وسط الميدان الجميل الذي كنّا نلقبه بزيدان فريق "الحمرة" وهو "يحيى الناجم"، أما عن مهاجمهم "سعيد بيزانو" فك ......
#رمضانُ
#الذّاكرة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=690705
#الحوار_المتمدن
#زكرياء_مزواري (5): لم يكن لنا ملاذ نحن -المعذّبين في الأرض- ننسى به فواجع المؤسسة، وحي القدس اللّعين، غير دوري كرة القدم الذي كان يتجدّد كلّ شهر رمضان؛ إذ لازلت أتذكر كيف كنت أراقب عقارب السّاعة بدقة متناهية وهي تسجّل دقائق وثواني حصصنا الفصلية المسائية، كانت رنّة جرس المدرسة كرصاصة الرّحمة التي تخرق صدر سَجِينٍ أَنْهَكَهُ طُول مُقامِ التّعذيب. هكذا أنطلق معية رفاق حيي بخطى حثيثةٍ إلى زُقاقنا العتيد، إذ بمجرد أن يصل الواحد مِنّا إلى منزله يُلقي توّاً محفظته -التي لا تفتح إلا أوقات تغيير الكتب والدفاتر- ثمّ ينتظر بقية الأصدقاء، للاتجاه إلى ملعب من الملاعب التي كانت تحتضن لقاءات فريق "الصفرة" و"الحمرة"، نعم، هما فريقان عتيدان من أبناء "فلاج الفگيگ"، هذا الحي الذي أنجب لاعبين حقيقيين بكل ما تحمله الكلمة من المعنى، إذ لولا لعنة "الفقر" و"قلّة ذات اليد"، و"عُسر الزمان" لكان للواحد منهم شأنٌ عظيمٌ في مسار كرة القدم. كان "فلاج الفگيگ" حيّاً مقسمّاً أيّام شهر رمضان إلى طائفتين كبيرتين، طائفةٌ متعصّبةٌ للفريق الذي كان يرتدي القميص الأصفر الفاقع لونه، وطائفةٌ أخرى مهووسة بالقميص الأحمر القاني، لم تكن هذه القسمة أبداً قسمة ضيزى؛ إذ هي في الحقيقةِ امتدادٌ للانقسام المجالي الذي كان يعرفه حيّنا والمعروف ب:"الفلاج الفوقاني" و"الفلاج التحتاني"، ومن الغريب أننّا نحن أبناء الحي الواحد كنّا نتوحد حين يواجه أحد فرقنا خصماً أجنبياً كأن يكون من فلاج: "المقسم" أو "ولاد درب السايح" أو "فلاج الجديد" أو "درب الجوع" أو"فلاج بام" وغيرها من الأحياء الشعبية التي كانت تشارك بعضها في الدوري الرمضاني، عكس الأيّام الأخرى التي كنّا نكن لبعضنا العداء الخفيّ، أما حين يتقابل الغريمان التقليديان "الصفرة" و"الحمرة" فتجد الواحد منّا يميل بالضرورة إلى أبناء منطقته، ولمّا كنت أنتمي "للفلاج التحتاني" كان لزاماً علي أن أشجع "الصفرة مون أموغ". هكذا وشمت ذاكرتي بأسماء لاعبين كنت حينها مبهوراً بهم، وأتمنى أن يطوى الزمان سريعاً حتى أحمل أنا بدوري ذلك القميص الأصفر الذهبي، ومن هؤلاء أذكر قائد الفريق "بن زيان" وأخيه عبد الكريم ثم "ميلود السباعي" و"إدريس الراشدي" و"ملوكي" وآخرين، نستهم ذاكرتي التي كانت تحفظ أسماءهم عن ظهر قلب آنذاك، كنت حينها مُعجباً ب"الكابيتان بن زيان"، هذا المدافع القوي الذي كان يملك رِجلاً يساريةً قويةً، حيث كنت أقارن تسديداته دوماً باللاّعب البرازيلي "روبرتو كارلوس"، ثم بإحدى شخصيات الرّسوم المتحرّكة وهي شخصية "شامل" في تلك السلسلة الكارتونية المعروفة باسم "شوت"، إضافة إلى اللاّعب الخلوق "إدريس الراشدي" الذي كان يمتلك أسلوب السهل الممتع في ترويض الكرة، كما أحببته أيضاً لأنه كان ينجز معي بعض التمارين المنزلية التي أنقدتني أكثر من مرة من بطش المعلّمين، والحمد لله، أما عن فريق "الحمرة" فهو بدوره فريق شرسٌ لا يقل ضراوة عن "الصفرة مون أموغ"، إذ احتضن لاعبين يُضرب بهم المثل في مداعبة الكرة؛ فأذكر مثلا حارسهم القوي "معافة"، هذا الرجل هو وحده ضمن الحرّاس من كنت أعتبره قادراً على صدّ مدفعيات الكابتان "بن زيان" الرهيبة، ثم المدافع غير المروض "حسن الديبار"، الذي كنّا نخافه منذ الصغر، وكثيراً ما كان هذا الهلع ممزوجاً عندنا بصورة أخيه الجسور "عزيز الديبار"، ثم المايسترو "أفاطنة" الذي كنّا نُفتن نحن الصّغار بمراوغاته الجميلة وقُدرته على مُحاكاة مهارات اللاّعبين الكبار، كما لا أنسى وسط الميدان الجميل الذي كنّا نلقبه بزيدان فريق "الحمرة" وهو "يحيى الناجم"، أما عن مهاجمهم "سعيد بيزانو" فك ......
#رمضانُ
#الذّاكرة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=690705
الحوار المتمدن
زكرياء مزواري - رمضانُ في الذّاكرة (ج2)
زكرياء مزواري : رمضانُ في الذّاكرة ج3
#الحوار_المتمدن
#زكرياء_مزواري (10)كان صيام "ولاد بابا وماما" غريباً بالنسبة لنا نحن أبناء المعذبين في الأرض؛ حيث لا نكف عن السّخرية منهم والاستهزاء بهم؛ إذ كيف يعقل أن يصوم الواحد منهم نصف يومٍ، وإذا ما ناله شيء من العطش بادر إلى شربة ماءٍ يبلّل بها بلعومه، وحجته في ذلك أنّه يتمرّن على الصيام؛ أما في النّصف من شهر رمضان الفضيل فيجتهد الواحد منهم بصيام اليوم كاملاً، ويحتفي به أهله أيّما احتفالٍ، كأنّما صام الدّهر بأكمله؛ إذ أذكر ونحن صغار حين نزور مركز مدينة وجدة ليلاً ونتجوّل في أسواق بيع الملابس لكي نعلم الماركات والموضات الجديدة التي أتى بها التّجار، كنّا نجد في "ساحة الحمام" أو "طريق مراكش" صبية مع أسرهم وهم يرتدون ملابس المصوّر، ويلتقطون صوراً مع تصفيقات أهلهم، كنّا نستهجن هذا التصرّف، ونقول لبعضنا: هيّا نستطلع أجواء أبناء "لفشوش" وحكايتهم مع صيام رمضان، ولمّا ننهي ذلك، نضحك بمكرٍ على حال هؤلاء، ونرفع من شأن الثقة في أنفسنا، ونقول: "يَحْيَى وْلاَدْ الشّعبْ".مسلسل الدّهشة مع المنعّمين في الأرض لا ينتهي أبداً، حيث يحتفظ كلّ واحد من أبناء الأحياء الشعبية ممن كانوا يدرسون في "القدس" بقصص وحكايات معهم، فأستحضر هنا قصة طريفة وقعت لي مع أحد هؤلاء، فكنت في المرحلة الابتدائية على غرار كثيرٍ من أقران حارتي من هواة تربية "جراء الكلاب"، وكان مكاننا المفضل الذي نستودعهم فيه "الحصيدة" أو "مور الديور"؛ فهذا الفضاء بالإضافة إلى كونه يحتوي على ملعبٍ من ترابٍ حيث تدار لقاءاتنا الكروية القوية في سبيل نيل نصف درهمٍ، كان أيضا مرتعاً خصباً لبعض المدمنين على شرب الكحول، حيث يوجد بعين المكان تاجر خمرٍ يدعى ب"أوتشي"، وكان قصير القامة وزئبقياً، لدرجة أن رجال الأمن لم يتمكنوا يوماً من ضبطه في منزله الأشبه بدهليز نملٍ.في هذه المساحة الشاسعة المسماة ب"الحصيدة"، نشطت تربيتنا لجراء الكلاب، حيث شيدنا منازل لهم، ولقبنا كل جرو باسمه، وحاولنا أن نرصد حتّى نوعية سلالة كل كلب صغير، فكان لدينا (chien- loup، berger، doberman، policier، Bouledogue ، husky، pitbull،...)، و لكن هذه السلالات كانت متخيّلة وليست أصلية، حيث لم يكن في حوزتنا غير كلاب الأرض المعذبة المنبوذة التي رمت بها الأقدار إلى إخوانها الكادحين، هكذا وبافتخار شديد تباهيت أمام زميلٍ لي في الفصل وهو من أبناء حي القدس، بنوعية هذه الجراء التي أمتلكها معية رفاق حارتي، وطالبني بإعطائه جرواً واحداً، وقال لي حينها بلفظ فرنسي لم أفهمه إلا بعد سنوات: (on est d accord ?). طبعاً، لم يأخذ شيئاً من ذلك، وما محاولتي في إسالة لُعابه إلا من باب استعراض العضلات، وإثبات الذات، التي حرمتنا إياها مدرستنا الطبقية، ولفظه الغريب آنذاك بالفرنسية كان غيضاً من فيضٍ، فأذكر وأنا في السادسة ابتدائي، وبالضبط في بداية الموسم عند معلم الفرنسية، سأل إحدى التلميذات عن مهنة والدها، فأجابته بلغة موليير:(un juge)، ثم تواصل الحديث بينهما دون أن نفقه شيئاً ممّا كان يقال، ولا أتذكر إلا كلمة ضحكت في قرارة نفسي عليها، وهي: (avocat)، لم أدرك معنى الكلمتين حتّى بلغت عمراً معيناً، وعلمت أن الأولى تفيد "القاضي" والثانية "المحامي"، وليس نوعاً من الفاكهة التي ترمز في متخيلنا إلى زيادة القوة الجنسية، وهذا دليل كافٍ على حجم التفاوتات الطبقية التي كانت ترزح فيها المدرسة، وخاصة أن مؤسسات التعليم الخصوصي لم تكن كثيرة حينذاك، وإلا لكان الأفضل لهؤلاء أن يدرسوا فيها، ويتركوا للمقهورين الفضاء علّه يتماشى وأحلامهم. (11): للإنصاف، لم يكن أبناء القدس وبعض من أولاد الحي ا ......
#رمضانُ
#الذّاكرة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=690704
#الحوار_المتمدن
#زكرياء_مزواري (10)كان صيام "ولاد بابا وماما" غريباً بالنسبة لنا نحن أبناء المعذبين في الأرض؛ حيث لا نكف عن السّخرية منهم والاستهزاء بهم؛ إذ كيف يعقل أن يصوم الواحد منهم نصف يومٍ، وإذا ما ناله شيء من العطش بادر إلى شربة ماءٍ يبلّل بها بلعومه، وحجته في ذلك أنّه يتمرّن على الصيام؛ أما في النّصف من شهر رمضان الفضيل فيجتهد الواحد منهم بصيام اليوم كاملاً، ويحتفي به أهله أيّما احتفالٍ، كأنّما صام الدّهر بأكمله؛ إذ أذكر ونحن صغار حين نزور مركز مدينة وجدة ليلاً ونتجوّل في أسواق بيع الملابس لكي نعلم الماركات والموضات الجديدة التي أتى بها التّجار، كنّا نجد في "ساحة الحمام" أو "طريق مراكش" صبية مع أسرهم وهم يرتدون ملابس المصوّر، ويلتقطون صوراً مع تصفيقات أهلهم، كنّا نستهجن هذا التصرّف، ونقول لبعضنا: هيّا نستطلع أجواء أبناء "لفشوش" وحكايتهم مع صيام رمضان، ولمّا ننهي ذلك، نضحك بمكرٍ على حال هؤلاء، ونرفع من شأن الثقة في أنفسنا، ونقول: "يَحْيَى وْلاَدْ الشّعبْ".مسلسل الدّهشة مع المنعّمين في الأرض لا ينتهي أبداً، حيث يحتفظ كلّ واحد من أبناء الأحياء الشعبية ممن كانوا يدرسون في "القدس" بقصص وحكايات معهم، فأستحضر هنا قصة طريفة وقعت لي مع أحد هؤلاء، فكنت في المرحلة الابتدائية على غرار كثيرٍ من أقران حارتي من هواة تربية "جراء الكلاب"، وكان مكاننا المفضل الذي نستودعهم فيه "الحصيدة" أو "مور الديور"؛ فهذا الفضاء بالإضافة إلى كونه يحتوي على ملعبٍ من ترابٍ حيث تدار لقاءاتنا الكروية القوية في سبيل نيل نصف درهمٍ، كان أيضا مرتعاً خصباً لبعض المدمنين على شرب الكحول، حيث يوجد بعين المكان تاجر خمرٍ يدعى ب"أوتشي"، وكان قصير القامة وزئبقياً، لدرجة أن رجال الأمن لم يتمكنوا يوماً من ضبطه في منزله الأشبه بدهليز نملٍ.في هذه المساحة الشاسعة المسماة ب"الحصيدة"، نشطت تربيتنا لجراء الكلاب، حيث شيدنا منازل لهم، ولقبنا كل جرو باسمه، وحاولنا أن نرصد حتّى نوعية سلالة كل كلب صغير، فكان لدينا (chien- loup، berger، doberman، policier، Bouledogue ، husky، pitbull،...)، و لكن هذه السلالات كانت متخيّلة وليست أصلية، حيث لم يكن في حوزتنا غير كلاب الأرض المعذبة المنبوذة التي رمت بها الأقدار إلى إخوانها الكادحين، هكذا وبافتخار شديد تباهيت أمام زميلٍ لي في الفصل وهو من أبناء حي القدس، بنوعية هذه الجراء التي أمتلكها معية رفاق حارتي، وطالبني بإعطائه جرواً واحداً، وقال لي حينها بلفظ فرنسي لم أفهمه إلا بعد سنوات: (on est d accord ?). طبعاً، لم يأخذ شيئاً من ذلك، وما محاولتي في إسالة لُعابه إلا من باب استعراض العضلات، وإثبات الذات، التي حرمتنا إياها مدرستنا الطبقية، ولفظه الغريب آنذاك بالفرنسية كان غيضاً من فيضٍ، فأذكر وأنا في السادسة ابتدائي، وبالضبط في بداية الموسم عند معلم الفرنسية، سأل إحدى التلميذات عن مهنة والدها، فأجابته بلغة موليير:(un juge)، ثم تواصل الحديث بينهما دون أن نفقه شيئاً ممّا كان يقال، ولا أتذكر إلا كلمة ضحكت في قرارة نفسي عليها، وهي: (avocat)، لم أدرك معنى الكلمتين حتّى بلغت عمراً معيناً، وعلمت أن الأولى تفيد "القاضي" والثانية "المحامي"، وليس نوعاً من الفاكهة التي ترمز في متخيلنا إلى زيادة القوة الجنسية، وهذا دليل كافٍ على حجم التفاوتات الطبقية التي كانت ترزح فيها المدرسة، وخاصة أن مؤسسات التعليم الخصوصي لم تكن كثيرة حينذاك، وإلا لكان الأفضل لهؤلاء أن يدرسوا فيها، ويتركوا للمقهورين الفضاء علّه يتماشى وأحلامهم. (11): للإنصاف، لم يكن أبناء القدس وبعض من أولاد الحي ا ......
#رمضانُ
#الذّاكرة
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=690704
الحوار المتمدن
زكرياء مزواري - رمضانُ في الذّاكرة (ج3)
زكرياء مزواري : في رحاب الزاوية
#الحوار_المتمدن
#زكرياء_مزواري "من عرف.. وصل !!"بهذه الشذرة الجامعة المانعة، تنفّس صاحبنا الصُّعداء، وأطلق لخياله العِنان، وبدأ يحملق في الأفق، أفق اجتراح مسالك أخرى تقرّبه من معين السُّدة العالية. هكذا تراءى لباحثنا "الجاد" و"المائز" سيناريو المحطة المقبلة، بعد إعلان اسمه ضمن لائحة الأساتذة الذين تمّ قبولهم للالتحاق بالزاوية. كانت خطوات "بوزريويطة" -مُنذ البدء والحقُّ يُقال- تنطوي على قدرٍ كبيرٍ من الحرفية العالية، مرفوقة ببنات أفكاره التي تشي بهندسة دقيقة فائقة، إذ منذ أن التحق بأسلاك الدراسة في الزاوية، وعينه صوب الغنيمة. في شبه توقفٍ للزمن، أعاد بوزريويطة شريط ماضيه، ماضي الوضاعة والثعلبية الحقيرة، وتذّكر حجم المصاعب والرّهانات الكبرى التي قامر عليها حتّى يظفر بمنصب الأستاذية. وها هو اليوم أضحى "دك-توراً" على شاكلة أسلافه متوّجاً بأعلى شهادة علمية تُمنح في بلاده. تذّكر صاحبنا جيّداً هوسه اللامحدود في البحث عن مزيدِ أضواء، إذ لم يجد بُدّاً من بُلوغ مُراده سوى مسلك الظهور بزيّ الباحث الغيور على الشأن الثقافي. لذلك كان دائم التسابق نحو تنظيم الأنشطة العلمية، وعقد اللقاءات الفكرية، وتنويع الجلسات المعرفية، ودائم الوصال لكل وليّ نعمة. مكّنته هذه العملية من كسب ولاء العديد من "الوجوه البلاستيكية" التي سطت على هذا الحقل الرمزي، وعاثت فيه فساداً حد الاستنقاع، بعد أن سحلت كلّ مثقف حقيقي قادرٍ على تخصيب مخيال المتعلمين.كانت سنوات تحضيره للدكتوراه أبهى سنوات حياته كلها؛ إذ كثّف فيها باحثنا الألمعي كل طاقته ووقته لهندسة ما بعد الشهادة، وسخّر كل مخزون دسائسه للحفل التنكري الذي أجراه على مرأى النّاس. لم يكن "ساذجاً" حتّى يمسح رفوف المكتبات الوطنية، ويُقمّش كل فكرة ألمعية تخدم رسالته "العلمية"، ولم يكن "بليداً" ليسكن محراب المعرفة، حتّى يهضم ما كُتب ويكتب في تخصصه، ولم يكن "غبيّاً" ليثني ركبه ويقوس ظهره، حتّى يستدرك تكوينه الهشّ إلى أقصى الحدود، بل كلّ ما في الحكاية أنه خبِر دُروب الوصول في بلده الضارب في التخلّف حدّ الغثيان، إذ تكفي كثير علاقات ممزوجة بكمية لابأس بها من المكر والدهاء، بتحقيق أعزّ ما يُطلب في هذا الباب.بدأت خطة بوزريويطة في هندسة المشهد بغصب رئاسة الجمعية التي جرى الاقتتال عليها كثيراً في الكواليس، لأن جمعية تعنى بالشأن الثقافي مثلها تتماشى وهدفه اللا مصرح به؛ فهي جمعية بحمولة فكرية تاريخية أسسها رجال لم يغرهم فتات مادي وضيع، أو هوس رمزي مزيف. لذلك بعد أن نأت مثل هذه الأيادي النّظيفة عمّا بات يُحاك للشأن العلمي في البلاد، اهتبل "بوزريويطة" الفرصة، واقتنص المبادرة، وأعلن عزمه على حمل المشعل.مكنته رئاسة الجمعية من معرفة ما يجري في الساحة الثقافية، كما يسّرت له تمتين علاقات مع أساتذة لهم اليد الطولى في "الزّطاطة" وقطع طريق الأرزاق. لذلك، بعد فهمه اللعبة جيدّاً، قرّر خوض المُغامرة. دشّن صاحبنا أوّل خطوته في الجمعية بندوة "علمية" عن موضوع "تراث گناوة في دوار قصبة هدراش: واقع وآفاق"، ألقاها أستاذ مغشوش خامل الذكر بين أوساط الباحثين. كانت هذه الدراسة التي تقدّم بها، بيضته الوحيدة التي أنجزها لنيل/غصب شهادة الدكتوراه. ثم بعد هذا الحفل التنكري الذي أخرجه، سجّل أطروحته في الزاوية المنشودة مع هذا المشرف المعروف بالخواء والتساهل الرّهيب.كانت هذه على سبيل "التنبيه والإشارة" البدايات الأولى لباحثنا "المائز" و"الجاد" بحسب لغتهم المسربلة بالركاكة والوهن، إذ مسرح جريمته لم يقف عند هذا الحد، بل امتد إلى هندسة مشاهد أخرى أكثر حبكة حتى لا يترك أثراً يُثبت إد ......
#رحاب
#الزاوية
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=701491
#الحوار_المتمدن
#زكرياء_مزواري "من عرف.. وصل !!"بهذه الشذرة الجامعة المانعة، تنفّس صاحبنا الصُّعداء، وأطلق لخياله العِنان، وبدأ يحملق في الأفق، أفق اجتراح مسالك أخرى تقرّبه من معين السُّدة العالية. هكذا تراءى لباحثنا "الجاد" و"المائز" سيناريو المحطة المقبلة، بعد إعلان اسمه ضمن لائحة الأساتذة الذين تمّ قبولهم للالتحاق بالزاوية. كانت خطوات "بوزريويطة" -مُنذ البدء والحقُّ يُقال- تنطوي على قدرٍ كبيرٍ من الحرفية العالية، مرفوقة ببنات أفكاره التي تشي بهندسة دقيقة فائقة، إذ منذ أن التحق بأسلاك الدراسة في الزاوية، وعينه صوب الغنيمة. في شبه توقفٍ للزمن، أعاد بوزريويطة شريط ماضيه، ماضي الوضاعة والثعلبية الحقيرة، وتذّكر حجم المصاعب والرّهانات الكبرى التي قامر عليها حتّى يظفر بمنصب الأستاذية. وها هو اليوم أضحى "دك-توراً" على شاكلة أسلافه متوّجاً بأعلى شهادة علمية تُمنح في بلاده. تذّكر صاحبنا جيّداً هوسه اللامحدود في البحث عن مزيدِ أضواء، إذ لم يجد بُدّاً من بُلوغ مُراده سوى مسلك الظهور بزيّ الباحث الغيور على الشأن الثقافي. لذلك كان دائم التسابق نحو تنظيم الأنشطة العلمية، وعقد اللقاءات الفكرية، وتنويع الجلسات المعرفية، ودائم الوصال لكل وليّ نعمة. مكّنته هذه العملية من كسب ولاء العديد من "الوجوه البلاستيكية" التي سطت على هذا الحقل الرمزي، وعاثت فيه فساداً حد الاستنقاع، بعد أن سحلت كلّ مثقف حقيقي قادرٍ على تخصيب مخيال المتعلمين.كانت سنوات تحضيره للدكتوراه أبهى سنوات حياته كلها؛ إذ كثّف فيها باحثنا الألمعي كل طاقته ووقته لهندسة ما بعد الشهادة، وسخّر كل مخزون دسائسه للحفل التنكري الذي أجراه على مرأى النّاس. لم يكن "ساذجاً" حتّى يمسح رفوف المكتبات الوطنية، ويُقمّش كل فكرة ألمعية تخدم رسالته "العلمية"، ولم يكن "بليداً" ليسكن محراب المعرفة، حتّى يهضم ما كُتب ويكتب في تخصصه، ولم يكن "غبيّاً" ليثني ركبه ويقوس ظهره، حتّى يستدرك تكوينه الهشّ إلى أقصى الحدود، بل كلّ ما في الحكاية أنه خبِر دُروب الوصول في بلده الضارب في التخلّف حدّ الغثيان، إذ تكفي كثير علاقات ممزوجة بكمية لابأس بها من المكر والدهاء، بتحقيق أعزّ ما يُطلب في هذا الباب.بدأت خطة بوزريويطة في هندسة المشهد بغصب رئاسة الجمعية التي جرى الاقتتال عليها كثيراً في الكواليس، لأن جمعية تعنى بالشأن الثقافي مثلها تتماشى وهدفه اللا مصرح به؛ فهي جمعية بحمولة فكرية تاريخية أسسها رجال لم يغرهم فتات مادي وضيع، أو هوس رمزي مزيف. لذلك بعد أن نأت مثل هذه الأيادي النّظيفة عمّا بات يُحاك للشأن العلمي في البلاد، اهتبل "بوزريويطة" الفرصة، واقتنص المبادرة، وأعلن عزمه على حمل المشعل.مكنته رئاسة الجمعية من معرفة ما يجري في الساحة الثقافية، كما يسّرت له تمتين علاقات مع أساتذة لهم اليد الطولى في "الزّطاطة" وقطع طريق الأرزاق. لذلك، بعد فهمه اللعبة جيدّاً، قرّر خوض المُغامرة. دشّن صاحبنا أوّل خطوته في الجمعية بندوة "علمية" عن موضوع "تراث گناوة في دوار قصبة هدراش: واقع وآفاق"، ألقاها أستاذ مغشوش خامل الذكر بين أوساط الباحثين. كانت هذه الدراسة التي تقدّم بها، بيضته الوحيدة التي أنجزها لنيل/غصب شهادة الدكتوراه. ثم بعد هذا الحفل التنكري الذي أخرجه، سجّل أطروحته في الزاوية المنشودة مع هذا المشرف المعروف بالخواء والتساهل الرّهيب.كانت هذه على سبيل "التنبيه والإشارة" البدايات الأولى لباحثنا "المائز" و"الجاد" بحسب لغتهم المسربلة بالركاكة والوهن، إذ مسرح جريمته لم يقف عند هذا الحد، بل امتد إلى هندسة مشاهد أخرى أكثر حبكة حتى لا يترك أثراً يُثبت إد ......
#رحاب
#الزاوية
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=701491
الحوار المتمدن
زكرياء مزواري - في رحاب الزاوية
زكرياء مزواري : مجتمع الحشية.. نحو نموذج تفسيري جديد
#الحوار_المتمدن
#زكرياء_مزواري مجتمع "الحشية".. نحو نموذج تفسيري جديدكثر مؤخراً الحديث عن "تمغربيت" في وسائل الإعلام، ثم انتقل الكلام إلى حقل الثقافة، وانبرى باحثون محليون للتنظير لهذه الصيغة الجديدة التي ينبغي أن تكون عليها الوطنية المغربية. وبما أنني أنتمي إلى هذا الحقل الرمزي الاخير، آثرت الاسهام في هذا النقاش، والخوض في المعجم الحضاري الذي تمتح "التمغربيت" منه لغتها. ومن هذا المنطلق، اخترت بشكل غير ذاتي غير موضوعي تسليط الضوء على ظاهرة سوسيولوجية مغربية مركبة، تمكّن من رصد الثّابت والمتحوّل في مواقف الفاعل الاجتماعي وتمثلاته للذات وللآخر، هذه الظاهرة هي ما نصطلح عليه ب"مجتمع الحشية".1-*ما معنى "مجتمع "الحشية"؟ قبل الخوص في المعاني التي يضفيها الفرد في "مجتمع الحشية" على أفعاله، وإدراك النموذج الكامن وراءها، نحتاج بدءاً الوقوف عند دلالة اللفظ، وضبط المدلول الذي يمنح له، بغية الوصول به إلى مفهوم إجرائي يعيننا على رصد الظاهرة المزمع مقاربتها. نجد في قاموس "تمغربيت" لفظ "الحشية"، وهي مشتقة من الجذر ح-ش-ى، ومنها يشتق فعل "حشى"/"يحشي"/"حشيانا"و"حشوا"/"الحشية"/"حشائيات"/"حشيلو"/"تحشاتلو"/"حشاوهالو"/"حشاه"/"حشيها"... إلى غير ذلك من الصيغ الصرفية والتحويلية لهذا الفعل المتعدي بالضرورة. كما أن هناك عائلة لفظية قريبة من نفس المدلول الذي يحمله اللفظ، من قبيل: "تقولب"؛ "تزرف"؛ "تشمت"؛ "تزطم"؛ "تخور"؛"تزكر"؛...2-* من اللفظ إلى بناء المفهوم: نُعلن منذ البداية تحيّزنا في عملية بناء هذا المفهوم، ذلك أن طبيعة النموذج الجديد الذي نقترحه، جردناه من كمّ كبير من العلاقات والتفاصيل والوقائع، فهو نموذج يستبعد بعض العناصر باعتبارها غير دالة من وجهة نظره، ويستبقي أُخرى، ثم يربط وينسق بينها حتى تصير متماسكة، وتكون مقدرتها التفسيرية عالية؛ وهكذا، يكون المعنى الاجرائي الذي نمنحه لمفهوم "الحشية" هو كالآتي: "الحشية هي البنية اللاشعورية الكامنة وراء أفعال الكائن المغربي الاجتماعية سواء كان ذكراً أم أنثى، والتي تجعل تصرفه الاجتماعي منضبطاً بقاعدة "الربح"-"الخسارة"-"التعادل"".3-*من بناء المفهوم إلى تنويعاته الميدانية: كلّ معرفة سوسيولوجية هي بالضرورة معرفة جدلية بين النظري والتطبيقي، أو إن شئت قل حوار خلاّق بين إحكام العقل للواقع وتوسيع الواقع لما صدق العقل؛ وبذلك يكون هذا الذهاب والإياب بين النظري/التجربي مناط مقالتنا التي ترمي إلى تأسيس براديغم جديد يخول لنا فهم تحولات المجتمع المغربي بما هو مجتمع مؤسس على فعل "الحشية".4-*الفرد والمجتمع وجهان لعملة واحدة: ننطلق في البداية من مسلّمة هي كالآتي: "هناك علاقة تفاعل دائم بين الفرد والمجتمع، فهما وجهان لعملة واحدة، وليس جوهران متمايزان". وانطلاقاً من هذه المسلّمة، سنسلط الضوء على الفرد باعتباره ميكروكوزماً، لفهم ما يجري على مستوى الماكروكوزم، أو بلغة العلم التجريبي الاستقرائية الانتقال من الخاص إلى العام. ذلك أن طبيعة المجتمعات المعاصرة-والمغربي ليس استثناء منها- لم تعد وحدة كلية منغلقة على ذاتها، بل صارت بفعل العولمة والمجتمع الشبكي سائلة ومفتتة، ورصد الفرد فيها كفاعل اجتماعي (acteur social)، يعيننا على فهم ما يقع في المجتمع من تغيرات وطفرات.وقبل ضرب الأمثلة العينية على ذلك، نريد التذكير أن هذا النموذج قابل للأخذ والردّ، قابل للمراجعة والإضافة، قابل للتأكيد والتفنيد، وليس أمراً نهائياً مطلقاً.بناء على هذا، لنعد إلى مجتمعنا، وإلى ظواهره القائمة على مبدأ "الحشية"؛ ......
#مجتمع
#الحشية..
#نموذج
#تفسيري
#جديد
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=719857
#الحوار_المتمدن
#زكرياء_مزواري مجتمع "الحشية".. نحو نموذج تفسيري جديدكثر مؤخراً الحديث عن "تمغربيت" في وسائل الإعلام، ثم انتقل الكلام إلى حقل الثقافة، وانبرى باحثون محليون للتنظير لهذه الصيغة الجديدة التي ينبغي أن تكون عليها الوطنية المغربية. وبما أنني أنتمي إلى هذا الحقل الرمزي الاخير، آثرت الاسهام في هذا النقاش، والخوض في المعجم الحضاري الذي تمتح "التمغربيت" منه لغتها. ومن هذا المنطلق، اخترت بشكل غير ذاتي غير موضوعي تسليط الضوء على ظاهرة سوسيولوجية مغربية مركبة، تمكّن من رصد الثّابت والمتحوّل في مواقف الفاعل الاجتماعي وتمثلاته للذات وللآخر، هذه الظاهرة هي ما نصطلح عليه ب"مجتمع الحشية".1-*ما معنى "مجتمع "الحشية"؟ قبل الخوص في المعاني التي يضفيها الفرد في "مجتمع الحشية" على أفعاله، وإدراك النموذج الكامن وراءها، نحتاج بدءاً الوقوف عند دلالة اللفظ، وضبط المدلول الذي يمنح له، بغية الوصول به إلى مفهوم إجرائي يعيننا على رصد الظاهرة المزمع مقاربتها. نجد في قاموس "تمغربيت" لفظ "الحشية"، وهي مشتقة من الجذر ح-ش-ى، ومنها يشتق فعل "حشى"/"يحشي"/"حشيانا"و"حشوا"/"الحشية"/"حشائيات"/"حشيلو"/"تحشاتلو"/"حشاوهالو"/"حشاه"/"حشيها"... إلى غير ذلك من الصيغ الصرفية والتحويلية لهذا الفعل المتعدي بالضرورة. كما أن هناك عائلة لفظية قريبة من نفس المدلول الذي يحمله اللفظ، من قبيل: "تقولب"؛ "تزرف"؛ "تشمت"؛ "تزطم"؛ "تخور"؛"تزكر"؛...2-* من اللفظ إلى بناء المفهوم: نُعلن منذ البداية تحيّزنا في عملية بناء هذا المفهوم، ذلك أن طبيعة النموذج الجديد الذي نقترحه، جردناه من كمّ كبير من العلاقات والتفاصيل والوقائع، فهو نموذج يستبعد بعض العناصر باعتبارها غير دالة من وجهة نظره، ويستبقي أُخرى، ثم يربط وينسق بينها حتى تصير متماسكة، وتكون مقدرتها التفسيرية عالية؛ وهكذا، يكون المعنى الاجرائي الذي نمنحه لمفهوم "الحشية" هو كالآتي: "الحشية هي البنية اللاشعورية الكامنة وراء أفعال الكائن المغربي الاجتماعية سواء كان ذكراً أم أنثى، والتي تجعل تصرفه الاجتماعي منضبطاً بقاعدة "الربح"-"الخسارة"-"التعادل"".3-*من بناء المفهوم إلى تنويعاته الميدانية: كلّ معرفة سوسيولوجية هي بالضرورة معرفة جدلية بين النظري والتطبيقي، أو إن شئت قل حوار خلاّق بين إحكام العقل للواقع وتوسيع الواقع لما صدق العقل؛ وبذلك يكون هذا الذهاب والإياب بين النظري/التجربي مناط مقالتنا التي ترمي إلى تأسيس براديغم جديد يخول لنا فهم تحولات المجتمع المغربي بما هو مجتمع مؤسس على فعل "الحشية".4-*الفرد والمجتمع وجهان لعملة واحدة: ننطلق في البداية من مسلّمة هي كالآتي: "هناك علاقة تفاعل دائم بين الفرد والمجتمع، فهما وجهان لعملة واحدة، وليس جوهران متمايزان". وانطلاقاً من هذه المسلّمة، سنسلط الضوء على الفرد باعتباره ميكروكوزماً، لفهم ما يجري على مستوى الماكروكوزم، أو بلغة العلم التجريبي الاستقرائية الانتقال من الخاص إلى العام. ذلك أن طبيعة المجتمعات المعاصرة-والمغربي ليس استثناء منها- لم تعد وحدة كلية منغلقة على ذاتها، بل صارت بفعل العولمة والمجتمع الشبكي سائلة ومفتتة، ورصد الفرد فيها كفاعل اجتماعي (acteur social)، يعيننا على فهم ما يقع في المجتمع من تغيرات وطفرات.وقبل ضرب الأمثلة العينية على ذلك، نريد التذكير أن هذا النموذج قابل للأخذ والردّ، قابل للمراجعة والإضافة، قابل للتأكيد والتفنيد، وليس أمراً نهائياً مطلقاً.بناء على هذا، لنعد إلى مجتمعنا، وإلى ظواهره القائمة على مبدأ "الحشية"؛ ......
#مجتمع
#الحشية..
#نموذج
#تفسيري
#جديد
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=719857
الحوار المتمدن
زكرياء مزواري - مجتمع الحشية.. نحو نموذج تفسيري جديد