سعد الساعدي : وقفةُ تأمّلٍ مع الذات..
#الحوار_المتمدن
#سعد_الساعدي لم أكن أعلم أنني في يوم ما سأكتب شعراً تملأ كلماتُه نفسي، بعد أن كنت أقف كلّ يوم خميس في ساحة المدرسة وأنا في الصّف الخامس الابتدائي مع مجموعة رافعي العلم، بعدها أقرأ ما أحفظ من قصيدة، ولم تكن غير: " إذا الشّعبُ يوماً أراد الحياة .. فلابد أن يستجيب القدر ".. كانت هذه القصيدة ضمن ما مطلوب حفظه من المنهج الدراسي. لم أعرف الشّابي، ولا أين تقع تونس على خارطة الوطن العربي حينها؛ أمّا اليوم فلديّ من الأصدقاء هناك ما لا أقدرُ على إحصائه.كان الشّعرُ عصياً عليًّ حفظه؛ فمع حبي للجواهري كنت أعاني جداً من حفظ ما مطلوب مني وأنا أخوض غمار دراستي أملاً في إنهاء الثانوية بسلامة بعيداً عن إعادةِ سنةٍ جديدة، ومجال تخصصي في الفرع العلميّ وليس أدبياً.. حتى أشعاري لم أستطع حفظها بعد كتابتها؛ والى يومنا هذا، ومع كل هذه المعاناة أجدني أحياناً أحفظ الشعر منذ الوهلة الأولى لقراءته، ما سرُّ هذا التباين؟ لا أعرف.منذ صغري حفظت لقباني أشعاراً كثيرة، وللسّياب، والمتنبي. أتعجّبُ كيف تدخل تلك الكلمات بلا استئذان الى عقلي، وتحفظها ذاكرتي، وتكمن هناك بلا قطيعة، لكني نسيت كلّ ما حفظتهُ أثناء دراستي ضمن المنهج المقرر، ولم يبقَ الاّ ما كان خارج المنهج أحياناً كثيرة.ذات مرة طَلبَ أستاذنا ممتحناً؛ أن نكتب سبعةَ أبياتٍ مما نحفظ لأبي الطيب المتنبي؛ كنت أحفظ من المقرّر سبعة أبيات بالتّمام والكمال؛ لكني أحفظ من ذاكرتي أكثر؛ فكتبت أثنين وعشرين بيتاً.. لماذا فعلت ذلك؟ قد يكون السبب هو إثارة إعجاب استاذي الذي لم يتوانَ بمنحي أعلى درجة نهاية العام الدراسي، فكانت أول درجة امتيازٍ لي، ولعله هو المطلوب آنذاك حين التحقت بدراسة أدبية جديدة بعد سنوات مرَّت مسرعة أخذت الكثير بين اجهاض ونموٍ متسارع.كانت أشعارُ الثّورة والحب تتملّكني، ولا حدودَ لها؛ الثورة على الواقع، وعلى الوجدان، وحتى على الأحلام. لم أحفظ لنازك، ولا للبياتي حتى هذه اللحظة شيئاً، لكني معهما أجدُ نفسي أعانق خيالاتي، وأهيم مع نسائم الحياة. حفظتُ أنشودةَ المطر للسيّاب لأني أحبه، وأحبّها، وما زلت الى الآن أتصورُ نفسي ذلك العاشق الذي ينظرُ للأعلى أملاً بإشارةٍ، أو ابتسامةٍ رقيقة من محبوبته، أو أتعلّقُ بقطعةٍ صغيرة من الورق فيها مكتوبٌ: أحبك، أو أعشقك، أو أنت حبيبي الذي لن أنساه؛ لكن هل قصد السياب حبيبته أم غير ذلك؟حفظت بيتين للجواهري: "حييّتُ سفْحكِ عن بعدٍ فحييني.. يا دجلةَ الخيرِ يا أمَّ البساتينِ..حييتُ سفحكِ ظمآناً الوذُ به.. لوذَ الحمائمِ بين الماءِ والطّينِ"... لكني أقف مبهوراً جامداً أمام ما كَتب؛ كأني جالس بينه وبين المتنبي مستمعاً لحوارٍ قلّما أعرف تفسيرَ معانيه؛ لكني أذوب في سحره وبيانه.أسماءٌ كثيرة؛ كنجومِ السّماء، أو شُهبٍ تتساقط كل حين أمام ناظري، والمدهشُ أنّ أولَ كتابَ شعرٍ قرأته كان للشّاعر (بابلو نيرودا )الذي ذكّرني قوله بعد مقتل صديقه رئيس تشيلي (سلفادور الليندي) برصاص عسكرِ الانقلاب (البينوشيتي) حين هجم على بيته العسكر يفتشون عن السلاح لأنه صديق الرئيس، ولمّا سئل عن السلاح قال: شعري هو سلاحي.. بقيت هذه الكلمات عالقة في ذهني؛ حقاً هو سلاحٌ جميلٌ وخطير. ومع هذا لم أكنْ أعرف نيرودا، ولا الليندي إلاّ بعد موت الشاعر وهو يقول كلماتَه الأخيرة: "إنَّ تلك الشخصية (سلفادور الليندي) المجيدة، الميتة، كانت تمضي وهي مخرّقة برصاص رشّاشات عساكر تشيلي؛ الذين خانوا تشيلي مرة أخرى. لكنّي لم أحفظ من شعره سوى صورة البطولة، والثورة، والحرية؛ مع أنّي لم أكن يسارياً، أو يمينياً، وطالما قرأتُ في نهاري الأد ......
#وقفةُ
#تأمّلٍ
#الذات..
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=704550
#الحوار_المتمدن
#سعد_الساعدي لم أكن أعلم أنني في يوم ما سأكتب شعراً تملأ كلماتُه نفسي، بعد أن كنت أقف كلّ يوم خميس في ساحة المدرسة وأنا في الصّف الخامس الابتدائي مع مجموعة رافعي العلم، بعدها أقرأ ما أحفظ من قصيدة، ولم تكن غير: " إذا الشّعبُ يوماً أراد الحياة .. فلابد أن يستجيب القدر ".. كانت هذه القصيدة ضمن ما مطلوب حفظه من المنهج الدراسي. لم أعرف الشّابي، ولا أين تقع تونس على خارطة الوطن العربي حينها؛ أمّا اليوم فلديّ من الأصدقاء هناك ما لا أقدرُ على إحصائه.كان الشّعرُ عصياً عليًّ حفظه؛ فمع حبي للجواهري كنت أعاني جداً من حفظ ما مطلوب مني وأنا أخوض غمار دراستي أملاً في إنهاء الثانوية بسلامة بعيداً عن إعادةِ سنةٍ جديدة، ومجال تخصصي في الفرع العلميّ وليس أدبياً.. حتى أشعاري لم أستطع حفظها بعد كتابتها؛ والى يومنا هذا، ومع كل هذه المعاناة أجدني أحياناً أحفظ الشعر منذ الوهلة الأولى لقراءته، ما سرُّ هذا التباين؟ لا أعرف.منذ صغري حفظت لقباني أشعاراً كثيرة، وللسّياب، والمتنبي. أتعجّبُ كيف تدخل تلك الكلمات بلا استئذان الى عقلي، وتحفظها ذاكرتي، وتكمن هناك بلا قطيعة، لكني نسيت كلّ ما حفظتهُ أثناء دراستي ضمن المنهج المقرر، ولم يبقَ الاّ ما كان خارج المنهج أحياناً كثيرة.ذات مرة طَلبَ أستاذنا ممتحناً؛ أن نكتب سبعةَ أبياتٍ مما نحفظ لأبي الطيب المتنبي؛ كنت أحفظ من المقرّر سبعة أبيات بالتّمام والكمال؛ لكني أحفظ من ذاكرتي أكثر؛ فكتبت أثنين وعشرين بيتاً.. لماذا فعلت ذلك؟ قد يكون السبب هو إثارة إعجاب استاذي الذي لم يتوانَ بمنحي أعلى درجة نهاية العام الدراسي، فكانت أول درجة امتيازٍ لي، ولعله هو المطلوب آنذاك حين التحقت بدراسة أدبية جديدة بعد سنوات مرَّت مسرعة أخذت الكثير بين اجهاض ونموٍ متسارع.كانت أشعارُ الثّورة والحب تتملّكني، ولا حدودَ لها؛ الثورة على الواقع، وعلى الوجدان، وحتى على الأحلام. لم أحفظ لنازك، ولا للبياتي حتى هذه اللحظة شيئاً، لكني معهما أجدُ نفسي أعانق خيالاتي، وأهيم مع نسائم الحياة. حفظتُ أنشودةَ المطر للسيّاب لأني أحبه، وأحبّها، وما زلت الى الآن أتصورُ نفسي ذلك العاشق الذي ينظرُ للأعلى أملاً بإشارةٍ، أو ابتسامةٍ رقيقة من محبوبته، أو أتعلّقُ بقطعةٍ صغيرة من الورق فيها مكتوبٌ: أحبك، أو أعشقك، أو أنت حبيبي الذي لن أنساه؛ لكن هل قصد السياب حبيبته أم غير ذلك؟حفظت بيتين للجواهري: "حييّتُ سفْحكِ عن بعدٍ فحييني.. يا دجلةَ الخيرِ يا أمَّ البساتينِ..حييتُ سفحكِ ظمآناً الوذُ به.. لوذَ الحمائمِ بين الماءِ والطّينِ"... لكني أقف مبهوراً جامداً أمام ما كَتب؛ كأني جالس بينه وبين المتنبي مستمعاً لحوارٍ قلّما أعرف تفسيرَ معانيه؛ لكني أذوب في سحره وبيانه.أسماءٌ كثيرة؛ كنجومِ السّماء، أو شُهبٍ تتساقط كل حين أمام ناظري، والمدهشُ أنّ أولَ كتابَ شعرٍ قرأته كان للشّاعر (بابلو نيرودا )الذي ذكّرني قوله بعد مقتل صديقه رئيس تشيلي (سلفادور الليندي) برصاص عسكرِ الانقلاب (البينوشيتي) حين هجم على بيته العسكر يفتشون عن السلاح لأنه صديق الرئيس، ولمّا سئل عن السلاح قال: شعري هو سلاحي.. بقيت هذه الكلمات عالقة في ذهني؛ حقاً هو سلاحٌ جميلٌ وخطير. ومع هذا لم أكنْ أعرف نيرودا، ولا الليندي إلاّ بعد موت الشاعر وهو يقول كلماتَه الأخيرة: "إنَّ تلك الشخصية (سلفادور الليندي) المجيدة، الميتة، كانت تمضي وهي مخرّقة برصاص رشّاشات عساكر تشيلي؛ الذين خانوا تشيلي مرة أخرى. لكنّي لم أحفظ من شعره سوى صورة البطولة، والثورة، والحرية؛ مع أنّي لم أكن يسارياً، أو يمينياً، وطالما قرأتُ في نهاري الأد ......
#وقفةُ
#تأمّلٍ
#الذات..
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=704550
الحوار المتمدن
سعد الساعدي - وقفةُ تأمّلٍ مع الذات..