الحوار المتمدن
3.12K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج الأول
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1عامُ عزل سعدو باشا، تواطأت فيه الطبيعة مع شرور البشر. لكن ذلك لا يعني، بطبيعة الحال، أنّ عهد ولايته، الممتد عقداً كاملاً، كان مشهوداً بالخير. في البداية، على الأقل، قال بعضُ الناس ممن اعتادوا على كيل المديح بلا حساب: " سيكون عهداً سعيداً على اسم صاحبه ". لقد استطاع ضبط الأمن؛ وهذا كان من الأمور الملحّة في مدينةٍ، يغلب على سكانها مهنة التجارة. وإنما في بداية عهده، انتقل بنا الوالدُ إلى الشام الشريف، التي بحَسَب قوله آنذاك: " أسبغ الله عليها صفة القداسة، كمهبط لآدم عليه السلام، وفيها ختام رحلة أبنائه ". وكنا نحن من أولئك الأبناء، مقبلين على الحياة في هذا الفردوس وغير متعجلين على وقت حلول القيامة. طفولتي، وكان شطراً منها من نصيب الموطن الأول، سرعان ما انتهت حينَ مضى بي أبي إلى المدرسة الشامية الكبرى، أينَ بدأ في التدريس مذ وقت حلولنا في المدينة. منذئذٍ، تفتحت عيناي على المزيد من عظمة العمائر من حولي. وكان المسجد الكبير، يُعد كالجوهرة في عقد تلك العمائر. في وقت لاحق، نم إلى علمي معلومة مرعبة وسرّية: أنّ المسجد، المقام في العصر الأمويّ على أنقاض كاتدرائية يوحنا المعمدان، خُططت أساساته الأصلية على شكل الصليب، وذلك أسوة بكل الكنائس الكبرى في العالم النصرانيّ.قلنا، أنّ ذلك العام، المستهلة فيه روايتنا، كان عام الشر. رحل سعدو باشا عن المدينة، بعد مزيدٍ من التلكؤ والمماطلة. لعله كان في الأثناء يعوّل على أصدقائه في الحاشية السلطانية بالأستانة، وأنهم يمكن أن يغيّروا فرمانَ العزل. إلى الأخير، عليه كان أن يتحرك بما أنّ الوالي الجديد أضحى مع موكبه في مدينة حمص، ينتظر استلام مركز إمارته. لما غادرَ الوالي المعزول المدينة، وضع نائبه متسلماً عليها؛ وكأنه سيعود إليها لا محالة. كان الوقتُ ربيعاً، تجللت فيه البساتين المحيطة بالمدينة بفضة أزاهير الأشجار، لتبدو عن بعد كطرحة العروس. الشمس الساطعة بسخاء، جعلت صخورَ الجبل تلتمع أسنى من النجوم. بيد أن ذلك لم يبدل مزاجَ الناس، الذين كانوا على قلق بيّن عقبَ علمهم بأمر فرمان سلطان الكون: إنهم اعتادوا طوال الأعوام المنصرمة على وجود أسعد باشا على رأس الولاية، بكل محاسن عهده وسيئاته. كذلك يألف السجينُ سجّانه، وهيَ سنّة الله في خلقه.على حين فجأة، أظلمت السماءُ في رابعة النهار، بتكاثف السحب الرمادية، المدفوعة بعزم الريح. وما لبثت السماءُ أن فتحت فاها على سيل عرمرم من الأمطار. الزينة، المعدّة لاستقبال الوالي الجديد، كانت أولى ضحايا الفيضان. ثم طاف نهر بردى وفروعه، المتغلغلة في عروق المدينة، لتجرف مياهها المحلاتِ التجارية ومساكن الأهلين على حد سواء. بقي هطول الأمطار طوال أيام ثلاثة، وكان الناس من الغم والاضطراب أنهم سلوا أمرَ الوالي الجديد، الذي قيل أنه أخّرَ دخلوه للمدينة بسبب الفيضان. متسلم المدينة، ظهرَ في اليوم الثالث، غبَّ جلاء لعنة السماء، ليُشرفَ على أعمال الانقاذ وحصر الأضرار. عَهَدَ لغطاسين بمهمة انتشال أرزاق الخلق، ومن ثم بدأ مساعدوه في ضبطها ضمن سجلات كبيرة. تعالت أدعية الناس بالثناء على سرعة مبادرة المتسلم، بعدما عُرف في بعض الأماكن انتشارُ الأشخاص المنحرفين بهدف الاستيلاء على الأرزاق السائبة.قال لي يومئذٍ صديقي " برو "، معلّقاً على ما جرى: " اللص الأكبر، عادةً لا يتساهل مع اللصوص الصغار ". فهمتُ بالطبع مقصدَ الكلام، لكنني لم أوافقه الرأي. قلت له، أنّ المتسلّم لا بد وسيحسبُ حسابَ مجيء الوالي الجديد، فلا يمكنه أن يستقبله بيدين ملوثتين بالإثم. اكتفى صديقي بهز رأسه، بينما ظهرت على طرف فمه ابتسامة ساخرة. ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الأول

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=700671
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج الثاني
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1الموعد المفترض، المحدد لوصول مبعوث السلطان، كان مطابقاً لما ذكره المفتي. لكن ما لم يعلمه هذا الأخير، وكان مفاجأة كبيرة له ولا غرو، أنّ المبعوث لم يكن سوى شيخ الإسلام، المدعو " أبو المعالي ". حط الرجل أولاً في بيروت، ومن ثم عبَرَ جبل لبنان، المكسو بعدٌ بالثلج، وصولاً إلى دمشق. كون الوالي، كما علمنا، كان ما زال في حمص لتجميع الجيوش القادرة على قهر الانكشارية المتمردة، فإن موكب شيخ الإسلام بقيَ حائراً أينَ سينزل. لكنه أخيراً إتجه إلى القصر، الذي بناه الوالي السابق، والكائن في محيط المسجد الأمويّ. عقبَ نيل المفتي قسطاً من الراحة، إتجه إلى ذلك المسجد كي يؤم المصلين بما أنه يوم جمعة. في الأثناء، كان نمّ لعلم الأشراف والأعيان خبرُ مقدم شيخ الإسلام. وكان وفداً منهم، ضمّ الفقير صاحب هذا الكناش، قد غادر في اليوم نفسه إلى عدرا، في ظاهر البلد؛ ثمة، أينَ نصبَ الباشا أورديَهُ تمهيداً لدخول المدينة وتأديب المتمردين. حملناه على قبول الوساطة، وحمّلنا بدَوره عرضاً لقادة الإنكشارية بطرد المتسلّم السابق من القلعة بمقابل العفو عنهم. بمجرد رجوعنا إلى الشام، أخبرونا عن وصول شيخ الإسلام، وذلك تمهيداً لسير المحمل الشريف إلى الحجاز. لم نلحق صلاة الجمعة في المسجد الكبير، فاتجهنا رأساً إلى القصر بغيَة السلام على مبعوث السلطان. لم تكن المرة الأولى، أغشى فيها القصرَ، الذي بناه الوالي السابق وبقيَ يقيم فيه لما يقارب الخمسة عشرة عاماً؛ هيَ مدة ولايته، وكانت الأطول بين من حكموا الشام في العهد العثمانيّ. لقد كنتُ لعدة مرات، متتالية، ضمنَ وفدٍ من الأشراف، لتهنئة ذلك الوالي بحلول العيد. في كل مرةٍ، كان بصري ينتقل مذهولاً في أنحاء قاعة السلاملك، أينَ يُستقبل الضيوف. الواقع، أنّ القصرَ برمته يُعتبر تحفة فنية لا نظير لها في المشرق، وقد أشبه بقصور سلاطين آل عثمان في الأستانة ولو لم يكن بعظمتها. في مرحلة الإنشاء، قيل أن المساحة الشاسعة المعيّنة لإشادة القصر، تطلبت إزالة عشرات المنازل الكبيرة مع دفع تعويض زهيد لأصحابها. الوالي السابق، المعرَّف بالجشع شأن معظم أنداده، أجبرَ أيضاً أصحابَ الدور الفخمة في المدينة على تقديم قطع الرخام والمرمر لكسوة قصره. بل إنه اقتلع من المدرسة الأيوبية، الناصرية، أعمدة بكاملها كي ينصبها في الرواق. كان محظوظاً أيضاً بالمزيد، وذلك عندما تم حفر أساسات القصر لتنكشف عن آبدة قديمة؛ قيل أنها معبدٌ وثنيّ، يخص آلهة رومانية أو إغريقية.قبل الوصول إلى قاعة السلاملك، يتعيّن على الزائر أن يسيرَ في ممشى حديقة القصر، الحافلة بأنواع الشجر والأزهار. عريشتا مجنونة بلون بنفسجي، تحدقان بالقاعة من جانبيّ عمارتها، المذكّرة بقلعةٍ من القلاع. ولقد ذكّرتني، شخصياً، بواجهة قلعة حلب. لكن واجهات القصر جميعاً لم تكن من الحجر، حَسْب، بل وأختير لها طريقة العمارة الدمشقية، المعروفة بالمداميك الثلاثة، المتوازية؛ وهيَ من فوق لتحت باللون الأسود فالأبيض ثم الأبلق [ أي الأصفر أو الأشقر ـ ملاحظة المدقق ]. مدخل القصر الداخليّ، يستقبل الزائرَ بدرج مزدوج، ومن ثم الباب الرئيس ذي القوس الأشبه بالتاج ويعلوه إطارٌ رخاميّ ومرصّعٌ بالصدف في داخله لوحة بإطار هندسيّ مزخرف، تتضمن أبياتاً من قصيدة مكتوبة بماء الذهب، تُستهل بالبسملة وتختتم برقم السنة الهجرية لانتهاء أعمال البناء. المدخل خال من الأعمدة ذات التيجان، وهذه نلقاها فقط في الرواق المقابل للمبنى، والمفصول عنه بالباحة السماوية المرخّمة، الذاخرة بالأشجار، يتوسطها بحرة دائرية من ذات المادة الحجرية. لكن النظر لن يتأخر عن الغرق في ترف ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الثاني

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=701021
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج الثالث
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1الأيام السابقة لانطلاق المحمل الشريف، إتسمت بالهدوء وباستمرار الطقس الربيعيّ الجميل في آنٍ معاً. وكان الباشا قبل دخوله إلى المدينة ( وذلك في موكب أقل هيبةٍ من موكبه الأول )، قد سرّحَ الجيوشَ المحتشدة لنصرته على الإنكشاريين. إذ عمد هؤلاء الأخيرين، المتحصنون في القلعة، إلى التخلّي عن المتسلّم السابق تنفيذاً للإتفاق المعقود بوساطة الأعيان وبضمانة حضرة شيخ الإسلام. المتسلّم، أخذ جماعته وإتجه معهم إلى ناحية جبل لبنان ولم يعُد يظهر لهم أثر. لكنهم في طريقهم، عمدوا إلى نهب وسلب بعض قرى برّ الشام كي يشفوا غليلهم. الباشا بدَوره، وكان كما علمنا يتحرّق للانتقام من خصمه، فإنه إكتفى بالتنفيس عن غضبه بعدد من المحكومين بالإعدام، الذين قطعت رؤوسهم في حضرته. كذلك أمرَ بكبس دار المتسلّم، لمصادرة كل ما تحتويه؛ وكان من الموجودات أرزاقُ الخلق، المنتشلة عقبَ طوفان نهر بردى. لكن لم يُدعَ أحد من المتضررين لأخذ شيء من تلك الأشياء المُصادَرة، ما فاقمَ من النقمة على الباشا بين العموم. يتعيّنُ القول، أنني دُعيت لمرافقة المحمل الشريف لأداء مناسك الحج. حضرةُ شيخ الإسلام، هوَ مَن طلبَ مني ذلك بعدما علم أنني لم أكمل آخر الفرائض برغم أن سنّي قاربت الثلاثين. أعربَ كذلك عن استعداده لتكفل مصاريف الحج لصديقنا برو، لولا أنّ هذا أبدى زهده بالأمر. برو، ألحّ عليّ في المقابل أن أتراجع عن مرافقتي للمحمل الشريف. تذكّرت عندئذٍ ما جرى على لسانه، بشأن مصير شيخ الإسلام، وأنه متواشجٌ مع نبوءةٍ محتملة عن مخاطر طريق الحج. فلما طلبتُ منه إجلاء العتمة عن الموضوع، فإنه أجابني بنبرته الساخرة: " ألن تمدّني، كوسيلة للاستخارة، بخصلةٍ من شَعرك؟! ". هكذا كان صديقي؛ من الصعب أن تُدرك ما لو كان جاداً أم هازلاً حتى في أحرج الأوقات. كذلك كان أمره، لما سألته غبَّ عودته من لقاء السلطانة، عما تم الحديث بينهما. كان قد آبَ يومئذٍ من ناحية الحرملك بخطىً متعثرة، كما لو أُسقيَ خمراً، شاردَ الفكر متبلبلاً. إكتفى إذاك بالقول، مومئاً إلى ناحية الأزهار المغروسة على نسق واحد على جانبيّ الممشى: " إنها تفوقُ فتنةَ ورود الربيع؛ بشرةٌ نقية وناصعة كالحرير، عينان لؤلؤتان، شعرٌ بلون الكستناء، وجيدُ غزال ". أدهشني أيضاً، احتفاظه بعدُ بصرّة الحرير، المحتوية خصلة من شَعر السلطانة، وذلك عندما أنهى كلامه بإخراجها وشمّها وتقبيلها. " النبي كيكي "، ربما شعرَ بالحب لأول مرة في حياته. لكنه شعورٌ ثقيل الوطأة، ولا غرو، قمينٌ بأن يسحق صاحبه سحقاً لو وصل خبره لأولي الأمر. لقد وقعتُ بنفسي في التجربة، ولو أن قصتي لم تلفّها عتمةُ الغموض والألغاز. كان ذلك قبل وفاة والدي ببضعة أعوام، وكنتُ أرافقه إلى المدرسة الشامية الكبرى. كنتُ عائداً في أحد الأيام من دروسي، تاركاً أبي يواصل نقاش أحد المسائل مع تلاميذه، لما رأيتني أتوه عن طريقي المعتاد. في آخر دربٍ ضيّق، تفطّنتُ إلى أنه يُفضي إلى الطريق الصحيح، كان ثمة منزل بصدر المكان، يتشكّل تحته قنطرة معتمة. قبيل وصولي إلى القنطرة ببضع خطوات، إذا بفتاة تظهرُ في مشربية تلك الحجرة، وما لبثت أن أنحنت قليلاً كي ينهمر شعرها إلى جانب وجهها. لم تكن، بالطبع، بفتنة السلطانة؛ وكان وصف صديقي لها صحيحاً لأنه مسندودٌ من روايات أخرى ـ لكنها كانت جميلة حقاً. في تلك الليلة، جفاني الوسنُ إلى ساعة متأخرة بسبب هيمنة صورة الفتاة. لما تكرر ظهور الفتاة في اليوم التالي وبنفس توقيت عودتي من المدرسة، لم أعدم الجرأة للإشارة لها بوضع الإصبع على عيني ومن ثم على فمي؛ أي أنني أريد مشاهدتها عن قرب والتحدث معها. بيد أنها مخا ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الثالث

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=701439
دلور ميقري : مدخل إلى عصر الرعب: البرج الرابع
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1وسارت قافلة المحمل الشريف في الطريق الطويل، المفضي إلى أرض الحجاز، وكان من المؤمل أن ترتاح في عدة محطات مسكونة قبل بلوغ الصحراء. وما دمنا على الطريق، الآهل بالبلدات، كان القرويون يخرجون في كل مرةٍ للفرجة، منبهرين بمشهد الموكب المهيب والإيقاع المنتظم لفرقة قارعي الطبول. كنتُ أراهم من فوق الهودج، كأنني أسبح فوق رؤوسهم. مع مرور الوقت، أضحيتُ معتاداً على سير الدابة، ولم أعُد أتمسّك بركابها في رُعب عندما تتمايل، على حين فجأة، بحَسَب تعرجات الطريق. إلى أن وصلنا إلى أول استراحة، حظونا بها، وكانت في آخر منطقة بحوران؛ المعروفة ب " أسكي شام " باللفظ العثماني [ أي بصرى الشام ـ ملاحظة المحقق ]. كان الوقتُ عند الأصيل، لما مررنا بقلعة البلدة ومن ثم حطينا الرحال بالقرب من أسوارها السمراء، التي حدّقت بنا من خلال فرجات أبراجها. وظهر القمر بشكل مبكر، ليرمقنا بدوره بنظرته الباسمة. قبل شروعي بتناول الطعام، رأيتُ بعض رفاق الرحلة يتوجهون إلى مدخل القلعة. فتركتُ ما بيدي، لكي يُتاح لي مشاهدة هذه الآبدة قبل أن يحل الظلام. هكذا ولجتُ خِلَل بوابة القلعة، القائمة على عدد من الأعمدة ذات التيجان. لينفتح لي على الأثر مشهدُ المسرح الهائل الحجم، المنتهية مدرجاته بالرواق، المرتكز أيضاً على الأعمدة. ثمة تحت لوحة رخامية، عثرتُ على صديقي برو وكان برفقة الطواشي حكيم. كان يتأمل في الكتابات الغامضة، المنقوشة في الرخام، قخاطبته من الخلف: " لعلك تتمكن من ترجمة هذه النقوش، أنتَ مَن يُجيد لغاتٍ عدة؟ "" إنها كتابة باللغة اللاتينية، التي كان يفهمها غالبية أهل المشرق مثلما هيَ العربية الآنَ "، تعهّد حكيمُ الإجابة عندما إحتفظ الآخرُ بالصمت. بقينا هناك تحت ظلال صف أعمدة الرواق، نتأمل عظمة المكان، الذي بدأ الظلام يزحف على موجوداته. عدنا باتجاه المدخل، سائرين تحت الأقواس المنحوتة، التي أنعكس عليها ضوء القمر لترتسم على الأرضية الرخامية تحت أقدامنا. ومن ظلام الفناء إلى نور الخارج، دلفنا ثلاثتنا بخطى سريعة كي نصيب شيئاً من الطعام قبل تحرك القافلة. قلتُ لهما مودّعاً: " إلى اللقاء في المحطة القادمة ". الصحراء، تغدو حقيقة ملموسة بمجرد وداع أرض حوران الخصبة واستقبال بيداء شرقي نهر الأردن، لتتحول مستقبلاً إلى رؤى في اليقظة وكوابيس في الأحلام. أول مرة، حظوتُ فيها برؤية البادية، عندما كنتُ طفلاً أرافق ركبَ الأسرة عند الهجرة من كردستان إلى الشام. لكن ذلك الطريق القفر، الممتد بين الموصل وحلب، كان حافلاً بالقرى والبلدات، التي تعيش على الزراعة والرعي بفضل الأنهار وفروعها المتعددة. لم أحظ وقتئذٍ برؤية مدينة الموصل، لكنني عوّضت ذلك بالحلول في مدينة حلب، المبهرة برفعة عمارتها وغنى ساكنيها. هكذا كان شعوري أيضاً عند المرور بمدينتي حماة وحمص، اللتين يُعزى رخاؤهما لنهر العاصي، القادم من سفوح جبل لبنان. عظمة الشام، وكانت محط رحالنا أخيراً، ما كان يُدانيها أيّ من الحواضر؛ ويُقال أنها لا تُقارن سوى بالأستانة والقاهرة. هذا حكيم، يتكلم عن تينك المدينتين، العظيمتين، وذلك لدى حلولنا على أطراف بلدة معان: " المحمل الشريف، القادم من الأستانة، يحمل صررَ المال إلى أشراف الحجاز كي توزع على المحتاجين وأيضاً للعناية بتجديد الكعبة المشرفة والمسجد النبوي بالمدينة. ثم محمل شريف آخر، ينطلق في نفس الفترة تقريباً من القاهرة، وهوَ يحمل كسوة الكعبة من قماشٍ شهير، تصنعه نساؤها منذ الأزمنة القديمة "" أنتَ أيضاً من مصر، أليسَ صحيحاً؟ "، سألتُ الطواشي مُستدلاً بغرابة لهجته ولون بشرته. ظهرت ابتسامةٌ مريرة على فمه ......
#مدخل
#الرعب:
#البرج
#الرابع

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=701758