الحوار المتمدن
3.07K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل السادس عشر 3
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري بعد عدة قرون من العزلة، بدا أن الحي الكرديّ قد خرجَ تماماً من شرنقة العزلة. أزمة السويس، برهنت على ذلك، سياسياً، بما كان من هبوب شباب الحي للتضامن مع الشعب المصريّ ضد الغزو والتدخل الأجنبيّ. من ناحية أخرى، فإن حي الأكراد، الذي يلوحُ للعين عن بُعد كما لو أنه ذيل لمدينة دمشق، تبوأ مكانة مرموقة بين الأحياء الأخرى نتيجة إنجابه لعدد من أبرز الأعلام في جميع مناحي الحياة. إلى تسنّم أبناء جلدتهم أعلى المناصب العسكرية والحكومية، وذلك برغم إعلان العديد من هؤلاء إنتماءهم للعروبة كيلا يصبحوا هدفاً للدعاية المعادية من لدُن العناصر البعثية والقومية السورية. الحي نفسه، انفتح على الأغراب ممن رغبوا بالاستئجار أو شراء البيوت. فيما سبق، كان ذلك من المحرّمات مهما كانت الحاجة المادية ملحّة بالنسبة للأهالي. أول مَن حلّ مِنَ الغرباء في زقاق الحج حسين، بغية شراء عقار، كانت امرأة من الميدان، عُرفت بلقب " الشاميّة ". شخصيتها القوية، طغت على اسم رجل الأسرة، وكان يعمل في صنعة الدباغة بمركز المدينة. اشتروا من ديبو، ابن موسي، ذلك الجزء من منزله، الكائن بلصق منزل أمين؛ زوج زهرة. لم يكن في الوسع معرفة عُمر هذه المالكة الجديدة، إلا عندما حضرت ابنتها المتزوجة للزيارة، وكانت تبدو من جيل بيان. وفي حين أن رجل الأسرة ما كان يظهر في الزقاق إلا عند ذهابه وإيابه من العمل، فإن امرأته سرعان ما وطدت صداقتها مع كل من جارتيها، زهرة ورودا. في إبّان حلولها بالزقاق، كان للمرأة الشامية خمسة أولاد، منهم تلك الابنة البكر، المتزوجة في حيّ الميدان. بيان، وعن طريق أختها رودا، أضحت في بعض المناسبات تلتقي مع الجارة الجديدة، المتّسمة بالهدوء والاعتدال والتحفّظ. ***لكنّ أسرة أخرى من الأغراب، حلّت في الزقاق هرباً من فضيحة ـ كما تبيّنَ في وقتٍ متأخّر. بدأت الحكاية مع " قوّاص "، رجل الأسرة المكوّنة من امرأته وطفلها. اشترى من شقيقة زوجته قسماً من منزلها، وكان العقار برمّته، فيما سبق، من أملاك الرجل، المدعو كَوتشي، ويقع بأسفل منزله الكبير. المالكة، كانت معروفة بالحارة باسم " الحلبية "، نسبةً لمسقط رأس الزوج. هذا الأخير، هوَ مَن تولى لاحقاً كشفَ سرّ شقيقة امرأته، عقبَ خلاف نشأ بينهما لسببٍ من الأسباب. في الأثناء، كان الرجلُ قد تصادق مع بعض جيرانه من أولاد علكي، كونه يعمل في حرفة النسيج مذ أوان صباه في مدينة حلب.قوّاص، كان بالأصل من حي الصالحية، شأن امرأته الأولى. لما اقترن بها، كانت أرملة ولديها ولدٌ بلغَ سنّ الرشد. حياتهم عُدّت ميسورة، بالنظر إلى أنّ رب الأسرة الجديد كان يملكُ محلَّ بيع أحذية في أحد أسواق المدينة. وما لبث ابنُ الزوجة أن التحقَ بالعمل لدى الرجل، لتغدو علاقتهما طيبة مع مرور الأيام. إلى أن خطبت الأم لابنها فتاةً من نفس الحي، حازت على رضاه عقبَ رؤيته لها. ثم تم الاتفاق على موعد كتب الكتاب وحفل الزواج. بحسَب العادات المحلية، كان على وليّ أمر العريس أن يقوده من تلبيسة الرجال إلى عرس النساء، المقام في منزل آخر. لما وقعت عينُ قوّاص على عروس ربيبه، تبلبل داخله وامتقع لونه. بيد أنّ أحداً لم ينتبه لحالته، في غمرة الزغاريد والهتافات والموسيقى الصاخبة؛ اللهم إلا العروس، ما لو حكمنا على ذلك من سَيْر الحكاية.***العروس، واسمها " صفيّة "، ما كان عبثاً أن تُبهرَ رجلاً وقوراً مثل حميها؛ هيَ من تمتعت بجمال أخاذ، بالأخص لون بشرتها، وكأنه مستلّ من الماس، إلى ملامحها المتناسقة باتقان؛ كما لو أنها مرسومة بريشة فنان من عصر النهضة الأوروبيّ. ثم كشفت سريعاً عن طبيعةٍ وثّابة، جريئة وطموحة ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#السادس

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=697016
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل السادس عشر
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 4كان من نتائج حرب السويس، أن التيار القوميّ استمد قوة كبيرة، تجلّت في الجيش. التجاذبات كانت محتدمة بين ذلك التيار والمجموعة اليسارية، بقيادة عفيف البزري رئيس الأركان. وقد تمت إجراءات أخيراً، لعدم حصول الصدام؛ من ذلك تسريح البعض من الضباط أو نقلهم لمراكز غير حساسة. معلّم جمّو السابق، الزعيم بكري، أُبعد إلى موسكو كملحق عسكريّ في السفارة السورية. في أول زيارة لها للوطن عقبَ انتقالها للعاصمة السوفييتية، استعملت بديعة، زوجة الزعيم، السفينة للوصول إلى ميناء اللاذقية إنطلاقاً من ميناء أوديسا على البحر الأسود. سببُ تجشمها الرحلة الطويلة، أنها حملت معها نفائس ومقتنيات نادرة؛ كالسجاد العجمي والثريات الكريستال والمعاطف المبطّنة بالفرو. لقد وضعت هذه الأشياء، كالعادة، في عُهدة صديقتها القديمة، هَدي، وذلك تحوّطاً لضربات القدَر، الغادرة: رجلها الزعيم، مثلما سبقَ وذكرنا أكثر من مرة، كان مبتلياً بإدمان المقامرة، وكانت تخشى أن يخسر باللعب أملاكها أيضاً. هَدي، برغم طبيعتها العدوانية، كانت ترتاح كثيراً لصُحبة بيان، كونها تجدها امرأة ودودة ومسالمة. غبَّ مغادرة ضيفتها، عالية المقام،، استدعت امرأةَ جمّو: " سأريكِ شيئاً عجيباً، كالسحر "، قالتها مبتسمة. ثم كشفت غطاءً كتانياً عن صندوقٍ معدنيّ ذي إطار من الخشب الأنيق اللامع، تتوسّطه بلورة ضخمة. ثم عادت هَدي لتقول لبيان: " هذا الجهاز، يسمونه التلفزيون. إنه سينما، ولكن بشاشة صغيرة. لا يكتفي بعرض الأفلام، حَسْب، بل وأيضاً كل ما يخطر في البال من طرائف وأخبار وأغاني وموسيقى "" شيءٌ عجيب، فعلاً. ألا يمكنك تشغيل الجهاز الآنَ؟ "، تساءلت بيان بنبرة متشكّكة. ابتسمت الأخرى، متكلّفةً مظهرَ العارف، وأجابت: " في روسيا، كل مواطن يملك هذا الجهاز، والدولة تبث الصورَ المطلوبة من خلال محطة إرسال تغطي البلاد كلها. أي مثل محطة الإذاعة "" ولكنك قلتِ أن هذا الجهاز مثل السينما، فكيف سيدخل الممثلون فيه وهو بهذا الحجم الصغير؟ "" كما فهمتُ من بديعة، أن الصورَ تأتي إلى الجهاز بنفس الطريقة، الذي يأتي فيها الصوتُ إلى جهاز الراديو. عندما تقوم الدولة عندنا مستقبلاً ببناء محطة إرسال تلفزيونية، سيمكنُ عندئذٍ تشغيل هذا الجهاز "، ردت المضيفة. بقيت بيان حائرة، لا يستوعب ذهنها هذه المعلومة، الجديدة والغريبة. ***حماسُ مرتادي صالات السينما، وغالبيتهم من الرجال، تماهى مع فهمٍ طريف لحقيقة الشاشة الكبيرة. ينبغي التنويه أولاً بحقيقة أخرى، وهيَ أن أغلب صالات السينما كانت مسارحَ. على ذلك، ندرك لِمَ كان مشاهدو الأفلام يعتقدون أنهم أمام عالم واقعيّ مجسّد كما كان الامر مع فصول المسرحية. وإذاً، توهموا أن كل شيء يجري حقاً في الشاشة الكبيرة، سواء أكان المشهد يُجسّد لقاءً بين أبطال الفيلم أو ينقل سيرَ الناس في سوق من الأسواق. وقد جرت حوادث مضحكة، على خلفية تلك الأوهام. في إحدى المرات، كان جمّو مع أصدقائه في صالة السينما، وكان بعدُ عازباً. لعلها كانت المرة الأولى، يدخل فيها إلى هذا العالم المسحور. أطفئت الأنوار، وما لبثت الشاشة الكبيرة أن أضيئت وتم تسجيل أسماء أبطال الفيلم وكأنها على لوحٍ مما يستعمله شيخ الكتّاب مع الأطفال. على الأثر، توالى المشهد تلوَ المشهد من الفيلم الناطق باللهجة المصرية. على حين فجأة، ظهرت سيارة من بعيد وكانت تجري بسرعة جنونية. لما اقتربت من مقدمة الشاشة الكبيرة، ما كان من جمّو ورفاقه، الذين جلسوا في الصف الأمامي، إلا القفز من أماكنهم، هاربين مرعوبين، وهم يرددون: " وَلْ، ول، ول..! ".وهوَ ذا " علي "، زوج ابنة عيشو، ......
#موناليزا
#الحزينة:
#بقية
#الفصل
#السادس

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=697300
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع عشر 1
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري العام التالي، كان عام الأحزان بالنسبة لبيان، وكانت تحمل في رحمها كاتبَ سطور هذه السيرة السلالية. بقيت امراة جمّو إلى آخر عُمرها، تعتقد أنّ عيناً شريرة شاءت تدبيرَ مآسي ذلك العام. لقد عرفت في حينه عدةَ نساءٍ، يملكن هكذا عين غير بريئة: امرأة كَوتشي، التي طارت أرواحُ أطفالها مع ملائكتهم وهم صغار؛ وكانت عيناها، للمصادفة، زرقاوين. مزيّن، امرأة فَدو، التي علمنا مشكلتها مع الإنجاب ومبلغ كراهيتها لنساء العائلة وأطفالهن. على نفس الوتيرة من الخلق والمسلك، يُمكن تسمية هَدي، امرأة سلو. شيرين، ذات الأعوام الأربعة، كانت تبدو أكبر من سنّها الحقيقية، بالأخص في الزقاق عندما تشارك في ألعابِ أطفالٍ من جيل الشقيقة البكر. كذلك كانت تعتبر نفسها مسئولة عن حماية شقيقها، الذي يصغرها بعام واحد. كان الأب متعلقاً بها بشدة، وكثيراً ما جعلها ترافقه إلى دار صديقه بديع، لتلهو هنالك بينما هوَ يعتني بأزهار الحديقة. في وجود الأصدقاء الآخرين، المعتادين على التواجد في الدار، كانت تدهشهم بوعيها المبكر حينَ يطرحون عليها الأسئلة على سبيل التسلية والمداعبة. بسبب اصغائها الدائب لأحاديث أولئك الأصدقاء وغيرهم، وكان محورها السياسة، صار في مقدورها أن تتباهى بالزقاق أمام أقرانها بأن الزعيم الفلانيّ هوَ صديق والدها. في بداية ذلك العام، المنذور للأحزان، وقعت شيرين ذات مساء فريسة الحمّى. تم سقيها منقوع ورق الليمون الحلو، المعروف بنجاعته. لقد زرع جمّو شجرة الليمون الحلو في الحديقة، وكانت تمنح بركتها للأقارب والجيران. عقبَ شربها المنقوع، غطت الطفلة في نوم عميق. لكنها لم تفق بعد ذلك، أبداً. في ساعة متأخرة ليلاً، استيقظت بيان وكما لو أن أحداً هزها من كتفها. ألقت نظرةً على شيرين، الراقدة بالقرب منها، وما أسرعَ أن أطلقت صرخة رعب وجزع. جمّو، استدعيَ على عجل من دار بديع، الذي قضى فيه ليلته. غبَّ علمه بوفاة الصغيرة، لم ينبس ببنت شفة. ترك حجرة نوم امرأته، ليتجه إلى حجرة المؤونة، الباردة في هذا الوقت من الشتاء، فتكوم على نفسه فوق دكّة خشبية. كان العويل في المنزل لا يهدأ، يخترق أعماقه المغمورة بموجات من الحزن والقهر والأسى.***بيان، سهرت على النعش طوال الليل، وكان معها أمها وأخواتها. الجارة الطيّبة، سارو، كانت تأتي بين حينٍ وآخر برفقة ابنة حميها. جارة أخرى، اسمها " نجوى "، وكانت مقترنة حديثاً من أكبر أولاد حج عبدو، حضرت أكثر من مرة. خفتت حدة النواح مع الوقت، وفي الأثناء نامت ابنتا بيان الكبيرتان على ركبتيها بعدما شبعتا بكاءً. في اليوم التالي، عاد العويلُ يشتد وقد اقترب موعد وداع الطفلة الراحلة. جمّو، ولم يكن قد نام إلا فترات متقطعة، بكّرَ في الذهاب إلى منزل حفّار القبور، الكائن في زقاق آله رشي. عزّاه الرجل، ثم خاطبه بطريقته العملية: " القبر، سيكون جاهزاً ظهراً فيما أنتم تؤدون صلاة الميت "" لا تشغل بالك بالصلاة، لأنني سأمضي بابنتي رأساً إلى المقبرة "، قالها جمّو بجفاء. حدجه حفّار القبور بنظرة ملية، ثم ما لبثَ أن تساءل: " أعتقد أن الدفن سيكون في مقبرة مولانا خالد، بجانب أبيك وجدّك؟ ". وكان الجوابُ هزّةً من الرأس، المثقل بالوسن والارهاق والاضطراب. بعدما نقدَ الرجل أجرته سلفاً، اتجه إلى دار صديقه بديع. مكث هناك وحيداً لحين موعد الدفن، المتّفق عليه بعيد صلاة الظهر. عاد إلى المنزل، ليجد حبيبته الراحلة مسجاة على الأريكة في صدر الإيوان. نساء الجيران، كن قد هُرعن إلى حجرة النوم كي لا ينكشفن لأنظار الرجل. حمل الطفلة برفق، وكما لو أنها ما زالت تتنفس وتتبسّم، ثم مضى بها وسط الندب والنواح. ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#السابع

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=697414
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع عشر 2
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري فيما كانت السيّدة ريما موجودة في الدار، الملفوفة بالحِداد والحزن، حضرت صغرى بناتها لتنبئها بأن والدها يريدها أن تعود حالاً إلى البيت. هبّت الأم من مكانها، متطيّرةً من هذه الدعوة. ذلك أنه رجلها، مَن حثّها على عدم ترك بيان لوحدها مذ وفاة طفلتها شيرين قبل بضعة أيام. لكن تحيّة بادرت لطمأنة الأم، بالقول: " لا شيء يستدعي جزعك، لأنني تركتُ أبي بخير ". كعادتها في هكذا مواقف، راحت السيّدة ريما تحرك رأسها بينما تتمتم بكلام غامض. لم تعُد إلى مكانها، على أي حال. طلبت من تحيّة الاهتمامَ بابنة شقيقتها الصغيرة، مؤكّدةً أنها ستؤوب بسرعة عقبَ تلبية نداء الرجل. ابنتا بيان الكبيرتان، المسجّلتان في النفوس كتوأم بطريقة اعتباطية، كانتا قد دخلتا المدرسة منذ العام الفائت. أما الغلام ذو الأعوام الثلاثة، المعروف بالشقاوة، فإنه كان لا يهدأ بتنقله بين أرض الديار والحديقة: موت أخته، التي أعتادت على اللعب معه، صدمه بشدّة برغم حداثة سنّه. لما طلبوه في ذلك اليوم المشئوم كي يودّع جثمانها ـ بحَسَب عادةٍ لا تقل شؤماً ـ عثروا عليه في حجرة الحديقة وكان واجماً، مطرقاً برأسه إلى الأرض.*** منذ عودته من الجزيرة قبل نحو ثلاث سنين، وصالح يزداد نحولاً حتى أضحى أشبه بالشبح. مرضه، وقد علمنا أنه تشمّع الكبد، تفاقم في الأشهر الأخيرة. ما عاد قادراً على التسلّي بالجلوس خارج دكانه، لمجاذبة الحديث مع علي، ابن عم ربيبته بيروزا؛ وهذا كان يملك أيضاً في الجوار دكاناً لبيع الخضار والفاكهة. صارَ بالكاد يغادر سريره لقضاء الحاجة، ينظر في كل مرةٍ بأسى في منديله، الملوث بالمزيد من بقع الدم. عندما طلبَ هذا الصباح من ابنته تحيّة الذهابَ لإبلاغ والدتها بالمجيء، كان أحد زواره النادرين قد غادره تواً. إنه ملّا عشير، الذي شغل لديه في الجزيرة وظيفة وكيل أعمال. وكان الرجلُ قد ترك بدَوره تلك المنطقة النائية، ليلحق بمعلّمه السابق. تدبّرَ له صالحُ قطعةَ أرضٍ، لكي يبني فيها داراً. الأرض، تنازل عنها فَدو إكراماً لقريبه، وكانت تنبسط في آخر طلعة مقبرة مولانا النقشبندي من جهة حارة الكيكان. لكن الملّا اضطر مجدداً لمزاولة عمل رجل الدين، بقراءة سوَر من القرآن الكريم في مناسبات معيّنة. كذلك دفَع ولديه لمرافقته في تلك المناسبات، وكان كلاهما قد أسسَ أسرةً ورزق بالأولاد. ***أخذ صالح زوجته من ذراعها، ليجلسها بجانبه على السرير. قال لها بصوتٍ متقطّع بالسعال، محاولاً الابتسام: " ملّا عشير، تركني قبل قليل بعدما أرعبني بحديث عذاب جهنم ". ثم أضافَ، وهوَ يبصق في منديل بيده: " لقد عوّل على قبول الله توبتي، وذلك بأدائي مناسك الحج ". بدَورها، حاولت السيّدة ريما تهدئة مخاوف الزوج، معلّقةً على كلامه: " لا بد أن الله قبل توبتك منذ إقلاعك عن الشرب، وهذه كانت المثلبة الوحيدة، التي يمكن أن يحاسبك عليها ". ثم أردفت، تذكّره بكرمه ومساعدته للفقراء وغيرها من صفاته الجميلة، المحسوبة في ميزان حسناته: " وذلك الملّا الأخرق، المحتاج كل عام للذهاب إلى الحج بسبب ذنوبه الكثيرة، ألم يفكّر بحالتك الصحية؟ "، اختتمت كلامها بنبرة ساخطة. عقبَ موجة جديدة من السعال، قال صالح بنبرة حزينة: " ليت الخمر كان مثلبتي الوحيدة، مثلما تعتقدين. طوال فترة مرضي، كنتُ أفكّر بما اقترفته بحق حواء وولديها وما لو أنّ الله عاقبني بهذا الداء إنصافاً لهم "" دعك من هذا الوهم، يا رجل. أنتَ ربّيتَ ابنتي بيروزا كأنها من صلبك، وحدبت على أطفالها كما لو كنتَ جدّهم. كذلك كانت معاملتك لحُسْنو، ابنة حواء ". قال صالح، مقاطعاً كلامها: " وابنتي الحقيقية، ديبا، لم ت ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#السابع

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=697538
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع عشر 3
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري حدّو، كان قد استأجرَ بيتاً في الصالحية وذلك قبل حصوله على تعويض خدمته في الجيش، الذي أتاح له لاحقاً إكمال بناء بيته في زقاق الحج حسين. بحَسَب رأيه، أنّ التغيير في حياته، الذي جدّ في منتصف عقد الأربعينات، كان إلى الأسوأ. كان يعشق مدينة بيروت، فانتقل إلى دمشق مع معلّمه الفرنسيّ، المعيّن قائداً لمطار المزة العسكريّ. بانسحاب الفرنسيين، طُلبَ من سائق القائد الفرنسيّ الاستقالة أو القبول بالعمل على سيارة إطفاء في نفس المطار. على سبيل المقارنة أيضاً، لعله فكّرَ بعشيقته الجميلة والمرحة، بربارا، في مقابل امرأته، المتوسطة الجمال والكئيبة. أما مشاعر الحب، فلم يكن لها مكانٌ هنا. حدّو كان رجلاً متحرراً، وإن لم ينعكس ذلك على أفكاره السياسية، المقتصرة على تأييد الهيمنة الفرنسية على القرار إن كان في لبنان أو سورية. لكن تحرره لم يقتصر على شخصه، بالظهور بمظهر الإنسان العصريّ ملبساً ومسلكاً. كان يُشفق على نساء العشيرة، اللواتي كنّ ضحية التقاليد، المحرّمة ذهابهن إلى صالات السينما أو حتى النزهات في حدائق المدينة. منذ فترة خطبته لديبا، صار يستأذن والدها في مرافقتها لمشاهدة فيلم من الأفلام. السيّد صالح، كان يرق قلبه أحياناً للابنة الأخرى، بيان، فيوافق على ذهابها في تلك المشاوير مع خالها وأختها. في حالاتٍ أخرى، كانت تتفق معهما على موعد ما، دونَ علم الوالد، ثم تبرر غيابها بالزعم أنها كانت تزور إحدى القريبات. تصوير النساء والفتيات، كان أيضاً من محظورات المجتمع الدمشقيّ، المحافظ. وقد تحدّى حدّو هذا التابو، أيضاً؛ هوَ من امتلك في فترة مبكرة كاميرا شخصية، كان لها الفضل بتخليد صوَر الأهل والأقارب، ذكوراً وإناثاً.***بيت الإيجار في الصالحية، كان مالكوه يقيمون في دوره الأرضيّ. الدور العلويّ، تميّز بالجدّة والأناقة والتنعم بقدر وافر من النور. عقبَ سكنه ببضعة أيام، وكان حدّو يتأهب للمغادرة إلى مقر خدمته، وقف على الشرفة ليستمتع بفيض الشمس في هذا اليوم الشتويّ. إنه كذلك، وإذا بصره يحط على هيئة امرأة، خرجت إلى صحن الدار كي تنشر الغسيلَ. كانت في الثلاثين، مثلما أفصحت عنه ملامحها الفاتنة وأعضاء جسدها الناضجة. حُسنها، ربما تركّز في شعرها، المتهدل على ظهرها كما لو كان شلالاً ذهبياً يغمر صخرة صقيلة. هوَ ذو القلب الجريء مع الجنس الآخر، يعمد إلى إطلاق صفيرٍ للفت نظر المرأة والتعبير لها عن شدّة إعجابه بجمالها. رفعت رأسها إلى الأعلى، ورمقته بنظرة باسمة. عليه كان أن يتحفّظ في مسلكه يومئذٍ، كون المرأة زوجة صاحب البيت. لكن خبرته في النساء، أوحت له أنها خرجت بجسد مكشوف كي تعرضه على الأنظار. في يوم آخر، لما أضحت عشيقته، ألقت الجارةُ وزرَ الخيانة على عاتق رجلها: " إنه يتاجر بالحقائب النسائية، ومحله بمركز المدينة. بذلك يتاح له معاشرة بعض النسوة الفقيرات، السهلات المنال. فيرجع شبعاً بفضل نزواته، بينما أبقى أنا محرومة غالباً ". لكن المرأة المستهترة، تمادت في غيّها حدّ لفت نظر زوجة العشيق. أخذت تزور الدور العلويّ في خلال النهار، متحججةً كل مرةٍ بطلب مساعدة أو استعارة غرضٍ من الأغراض. ديبا، كانت في البدء تنظر ببراءة إلى زيارات مالكة العقار. إلى أن شكّت بكون هذه الأخيرة، عشيقة لرجلها. حَدَسَت ذلك ذات يوم، بطريقة مخاطبة الجارة لحدّو وكان عندئذٍ موجوداً في الدار. طبيعة ديبا، الكتومة والحيية في آنٍ معاً، جعلتها تتحاشى فتح مواجهة مع العشيقين دونما أن تملك دليلاً حسّياً. كانت تتحيّنُ فرصةً، تنتقم فيها لكرامتها المُهانة. ***الفرصة المطلوبة، جاءت في بداية الربيع وكان الوقتُ نهاراً ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#السابع

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=697641
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل السابع عشر
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 4أطلت ديبا من الشرفة، لتبصر جارتها والنار تشتعل بشعرها وتنتقل إلى ملابسها. فاتجهت إلى الدرج، لتنزل بسرعة نحو المرأة المسكينة. حاولت إطفاءَ النار، بأن رمت على المرأة بطانيةً سميكة، كانت منشورة على حبل الغسيل. لم تُصب الجارة بحروق خطيرة، مثلما تبيّن في المستشفى؛ لكنها فقدت شَعرها تقريباً. لما حضرَ شرطيٌّ لتسجيل الحادثة، فإن المرأةُ المصابةُ اتهمت المستأجرةَ في منزلها بتعمد إعطائها البنزين وهيَ تعلمُ مسبقاً أنها بطريقها إلى المطبخ لإعداد الطعام على موقد النار. آنذاك، كان والدُ ديبا في الجزيرة، قد استهل باستثمار المزرعة هناك. حدّو، عهد لمحامٍ من الحي بالدفاع عنها في المحكمة. بعد ساعاتٍ طويلة ممضّة من الأسئلة والأجوبة والمرافعات، حكم القاضي ببراءة ديبا. قبل ذلك، كان حدّو قد نقل العفشَ من منزل الإيجار إلى دار أخيه. أشهر قليلة على الأثر، وقررت فرنسا إلغاءَ انتدابها على سورية. بالنتيجة، حصل حدّو على تعويض مُجزٍ من خدمته في جيش الانتداب. فوضع جانباً من المال في إكمال تعمير ذلك المنزل في زقاق الحج حسين، الذي سبقَ أن مُنحَ أرضه من لدُن حميه. عندما رمى صالح ابنته ديبا إلى ابن عمه حدّو، الذي يكبرها بقرابة العشرين عاماً، فعل ذلك غالباً كيداً بوالدتها. الآن، والأب يشعر بدنو أجله، أحسَّ أكثر من أي وقتٍ مضى بفداحة فعله بالابنة العاثرة الفأل. قلة زياراتها له وهوَ على فراش المرض، كانت ولا شك من واردات العلاقة السيئة بينهما. لكن من الصعب القول، أنّ غراميات حدّو أزعجت كثيراً والدَ امرأته؛ بالأخص، ونحن نعرف أن هذا الأخير كان في زمنه زيرَ نساء. كما أن صالح، من ناحية أخرى، تجاهل خبثَ صهره، طالما أنه موجّه ضدّ الآخرين: لما سُدِدَ إلى بيان، فحرمها من منزل أبيها وكان رجلها يود شراءه كما مر معنا، فإن تقدير صالح للرجل الماكر أنحدرَ إلى الحضيض. في حقيقة الحال، أن صالح كان يود قضاء ما بقيَ من عُمره في دار والديه ذاك، الشاهد على معظم فصول حياته. فضيحة أخرى، فاحت من ناحية حدّو، وما أسرعَ أن نمّت لعلم حميه وكان هذا على فراش المرض الأخير. ***منزل صبيح، مثلما علمنا، كان مجاوراً لذلك المنزل، الذي عمّره حدّو. كان الجاران على علاقة سيئة، لا يكاد الواحد منهما يزور الآخر حتى في الأعياد. لكن ديبا، بطبعها المعلوم، كانت تستقبلُ امرأةَ صبيح وابنته البكر. هذه الابنة، واسمها " أصيلة "، نُظِرَ إليها بين نساء العشيرة كفتاة خفيفة العقل؛ بزعم أنها نسخة عن عمّتها وجدّتها لوالدها. لم تحظ قط بفرصة للذهاب إلى المدرسة أو إلى مشغل الخياطة، وقنعت بتأدية واجبات المنزل. هيئتها المُنفّرة، وملامحها غير المتناسقة، أبعدت طالبي القُرب. هذا، برغم ما اتسمت به من بساطة وطيبة وتفانٍ بخدمة الآخرين. كانت أيضاً تتقبّلُ الغمزَ واللمز بصبر وعدم مبالاة، كما لو كانت تقرّ بأنها تستحقُ الإهانات. حدّو، لم يختلف مسلكه مع الفتاة المسكينة، وذلك عندما يلقاها في منزله. إلى أن غيّرَ، على حين فجأة، نظرته لها.ديبا، وقعت وقتئذٍ فريسةً لمرضٍ غامض بعد إنجابها لخامس أطفالها. إذاك، كان زوجها الزيرُ قد قارب عُمره الخمسين؛ فلم يعُد مقبولاً، كعشيقٍ، من لدُن النساء، المُهْمَلات والمهجورات. إذا به يتجه يوماً إلى جاره صبيح، في زيارة نادرة. عقبَ تقديمه تمهيداً عن حالته العائلية المعلومة، ووضعه الميسور مادياً، طلبَ يدَ أصيلة. استمهله الأبُ في الجواب، لكي يُفاتح الابنة المعنية. مع أن صبيح معرّفٌ بدَوره بالسذاجة، لم يشأ جرحَ كرامة قريبته ديبا. قابل على الأثر السيّدة ريما على انفراد، ليبلغها بطلب أخيها، المُفاجئ والمُست ......
#موناليزا
#الحزينة:
#بقية
#الفصل
#السابع

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=697755
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن عشر 1
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري تجددَ الحِدادُ في دار بيان، ولمّا يمضِ سوى أشهر قليلة على رحيل الطفلة شيرين. لكن موت الأب كان متوقعاً، هوَ من كان غالباً طريحَ فراش المرض في الآونة الأخيرة. برغم تجاهل الكثيرين من الأقارب والجيران السابقين للرجل الراحل في آونة مرضه، كانت جنازته مشهودةً بحضور حشدٍ كبير. كذلك الأمر في أيام التعزية الثلاثة، المنعقدة في منزل ابنته. في الأثناء، كانت بيان في مرحلة متقدمة من الحمل، وتجربتها في هذا الخصوص أوحت لها أنها ستنجبُ طفلاً ثانٍ. نفسُ الحَدَس، أحسّت به رودا، وافترضت أيضاً أنها ستضع طفلها قبل أختها بقليل. وكان ثمة طفلان إضافيان، ينتظران الظهور إلى العالم في تلك السنة: أحدهما في بطن زهرة، جارة رودا؛ والآخر حملته أمّو، زوجة خلّو. هذه الأخيرة، كانت تعيش في درعا مع أسرتها وحماتها، وذلك منذ انتقال خدمة الزوج إلى تلك المدينة الجنوبية قبل بضعة أشهر. وإذاً، كان من المؤمل أن يكون عام 1957 الجاري، هوَ " عامُ الصبيان ". في المقابل، كان من المتوقع لطفلةٍ أن ترى نورَ الحياة قريباً. إنها الجارة نجوى، وكانت قد أصبحت صديقة مقربة لبيان، التي كانت في المرحلة الأخيرة من حبلها. زوجُ الجارة، الأرمل، ترك لها عبء أولاده الستة، وكان بينهم طفلة صغيرة. كانوا يعيشون أقرب إلى الخصاصة، مع أن دخل الرجل من الخياطة كان جيداً. لكن امرأته كانت تشكو لجارتها من مثالب أخرى في شخصيته، غير الشح والحرص. علاوة على ما اتصفَ به " بَدو " من خلقٍ عصبيّ ( ربما بسبب فأفأة في لسانه )، فإنه لاحَ غيرَ مكتفٍ بهذه المرأة الفتية وما زالت عينه على مَن تقدّم فيما مضى لخطبتها: الجارة زهرة، المقترنة من أمين ولديهما طفلان والثالث على الطريق. في أيام الجُمع، عندما يتوجّب عليه الراحة من أعباء العمل، كان ذلك المراهق الأربعينيّ يقفُ لساعاتٍ أمام باب البيت ووجه باتجاه باب منزل تلك الجارة، لكي يحظى ولو بلمحة من سحنتها، التي ما فتأت بهية وساحرة مع تجاوز صاحبتها سنّ الثلاثين. ***هذا الفرع من العشيرة الآله رشية، المنتمي إليه بَدو، كانت ظلالٌ من الشك تحوم حوله فيما يتعلق بعقيدة أفراده الدينية. الأقاويل، تحدثت عن جدّهم الأول، الذي أعتنقَ نِحْلةً غريبة، تُدعى البهائية، وذلك عندما كان في تجارةٍ بفلسطين. كذلك عاد منها بامرأة، أنجبت له ولدين، كان من نسليهما الفرعان الأصغر لهذه العائلة، المقيمة في زقاق حج حسين. ما أكّد صحة تلك الأقاويل، أنّ كبيرَ أولاد أحد الفرعين، أُعطيَ اسمَ مؤسس النحلة، بينما أصغر الأخوة الثلاثة في الفرع الآخر، اقترنَ من فتاة إيرانية، سبقَ أن استقرت أسرتها في الشام بحُكم التجارة. بقيَ أن نذكر حقيقة أخيرة، وهيَ أن أياً من أفراد فرعيّ العشيرة لم يسلك الطريقَ، المؤدي إلى بيت الله الحرام.بذرة أخرى، الكراهية، ما لبثت أن نمت في العائلة، وذلك على خلفية الحسد. " أحمي "، الأخ الأصغر، المقترن من تلك الفتاة الإيرانية، كان موفقاً في عمله بالخياطة. أسرته، المكوّنة من ثلاثة صبيان وبنت، كانت تعيش في بحبوحة وسِعَة. كان مستأثراً بالقسم الجنوبيّ من دار والده، الكائن بمقابل دار زعيم الحي السابق. ابن هذا الأخير، جمّو، ارتبط بصداقة وثيقة مع أحمي منذ فترة الصبا، وسبقَ أن جذبه إلى النادي القوميّ في الحي. أحد مؤسسي النادي، كان ابن أخت أحمي؛ وهوَ " عصمت شريف وانلي "، الذي سيُعرف على نطاق واسع فيما بعد عندما حمل لقب بروفيسور من سويسرا، أين أقامَ كلاجئ سياسيّ بعدَ ملاحقته من لدُن السلطات عقبَ إعلان الوحدة مع مصر.***عامٌ قبل نشوء الوحدة، وكانت زوجة بَدو الجديدة تحمل إذاً جنينها الأول. ذات صباح، ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#الثامن

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=697866
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن عشر 2
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري في بداية الصيف، وكانت العاصمة تحتفلُ بقرب إعلان الوحدة، عادت رودا من الزبداني وهيَ في غاية الارهاق بسبب تقدّم حملها. بيان، رافقتها مع الأسرة. إنها مَن كانت قد اقترحت على شقيقتها قضاء أسبوعين في بلدة الاصطياف، وذلك لمحاولة تخفيف الاحتقان، المعانية منه على خلفية خلافاتها اليومية مع رجلها. هذا الأخير، وكان غير موافق على مغادرة رودا إلى بلدة جدّته بغيّة الاصطياف، أوغرَ صدرُهُ مجدداً بالحنق والسخط. قالت له بصوتٍ كالصراخ، كي يتمكن من سماعها، بعدما أنصتت لكلماته المضطربة وغير المترابطة: " ماذا؟ هل تعبّأت جيداً في غيابي؟ ". كانت تضع اللائمة على شقيقتيّ الزوج، وأنهما من عمدتا إلى تحريضه ضدها في كل سانحةٍ متاحة. فيّو، عانى مجدداً من البطالة في أحرج وقت من حياة الأسرة. كان لديه ثلاثة أولاد، والرابع في بطن والدته. بطالته جدَّت، نتيجة إغلاق النول اليدويّ، بسبب مرض صاحبه سلو. عمه هذا، المعاني من المرارة، أجرى عملية جراحية وهوَ في عمره المقارب السبعين. العم الآخر، فَدو، دبّرَ لابن أخيه العمل كناطور في البستان، وذلك مقابل إمداده بالمؤونة اللازمة للعيش. الحال العسرة، فاقمت من خلافات الرجل مع امرأته؛ وكانت هذه تلجأ في بعض الأحيان مع أولادها إلى والدتها، المقيمة مع زوجها في ضاحية جوبر. تكرر مرات لجوئها إلى كنف الأم، أشعلت مزيداً من الوساوس في رأس رجلها. ***بغيَة تحسين دخل الأسرة، كان فيّو قد عمدَ إلى عرض إحدى حجرات منزله للإيجار. مثلما ألمعنا في حينه، أن انفتاح أبناء الحي على الحياة العامة في العاصمة، المستهل منذ منتصف القرن، شجّع الأغرابَ على التوطن هناك؛ بالأخص أولئك الريفيين، المتطوعين في الجيش والشرطة والأمن. لقد رأينا حالة مأسوية، ترتبت على هذه البدعة الجديدة، لما دفعت ابنة زينو حياتها ثمناً لشكوكٍ بعلاقة سرية ربطتها مع الشاب، المستأجر في مسكن أسرتها. لكن فيّو، المعاني من وضع شبيهٍ بالعَوَز، اضطرَ أن يغضَّ الطرفَ عن ذلك الاعتبار. المستأجر، كان رجلاً ثلاثينياً، ترك عائلته في أحد أرياف الشمال ريثما تتحسّن أحواله بالعمل في العاصمة. كأغلب الريفيين من تلك المناطق، أظهرَ الرجلُ تقواه وكان لا يقطع فرضَ الصلاة.طبيعة عمل الليليّ، فرضت على فيّو النومَ طوال الصباح إلى ما بعد الظهر. كونه بلا أصدقاء، عقبَ انتقال خدمة خلّو إلى حوران، فإنه أعتاد على التواجد في دار أبيه، لتبادل الحديث مع المقيمة الوحيدة هنالك؛ وهيَ شقيقته الكبيرة. أمّو، من ناحيتها، كانت تشعر أيضاً بالوحشة والوحدة، اللهم إلا عند ذهابها إلى منزل شقيقتها، التي أنجبت صبياً في بداية الصيف. أحياناً، كان فيّو يرافقها في تلك الزيارات ثم يؤوب إلى منزله قبيل موعد العمل، لينفجر مجدداً بوجه امرأته. مع دخول رجل غريب للمنزل، كمستأجر، صارَ من الضروري أن تنام أمّو لديهم. لما أضحت هذه الأخيرة تحت سقفها ليلاً، زادَ توترُ رودا. قالت لشقيقة رجلها ذات مساء: " لقد وجد عملاً أخيراً، ولم يعُد من الضروري تأجير الحجرة "" هناك في الحارة عائلات تحشر نفسها في حجرة واحدة، وتأجّر بقية الحجرات؛ مع أن وضعها المعيشيّ أفضل بكثير من وضعكم "، ردّت أمّو. ثم أضافت، مثبتة عينيها الصغيرتين بعينيّ الأخرى: " وهذا المستأجر، رجلٌ تقيّ لا يكاد يخرج من حجرته إلا لعمله أو قضاء حاجة ملحّة ".*** بعد أيام، استدعيت القابلة بعدما شعرت رودا بآلام الوضع. مثلما كان متوقعاً، أنجبت صبياً. كون والدها قد رحل حديثاً عن الدنيا، شاءت أن تطلق على المولود اسمَ " صالح ". لكن أمّو، وكانت حاضرة كالعادة، أملت على شقيقها أن يمنح الطفل اسم أبي ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#الثامن

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=697964
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن عشر 3
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري قرابة عقد من السنين مر على طلاق أمّو، وكانت آنذاك ما تزال في مستهل الثلاثينات. حرمانها الجسديّ والعاطفيّ، المترتب على ذلك، كان على الأرجح من واردات شعورها بالضغينة إزاء الحياة الزوجية لشقيقها. الغريب، أن سلوكها كان مغايراً تماماً فيما يتعلق بشقيقتها، وكانت تقضي وقتها لديها كي تعينها على مشاغل البيت عقبَ إنجابها صبياً آخر. الأوقات تلك، كانت متنفّساً لرودا، تنأى فيها عن المشاحنات والمشادات. مثلما علمنا، أنها ورثت عن الأم ميلها للطرب والموسيقى؛ وهذا حال شقيقها الوحيد. فيّو، كان قد دبّرَ لها في أحد أيام خطبتهما عوداً جميلاً؛ لم تشك أبداً بأنه سرقه من مكان ما. أشهر الحمل، منعتها من العزف على العود، ومن ثم جاءت فترة الحِداد على موت الأب. ذات صباح، وضعت رودا صبيّها الرضيع في رعاية الابنة البكر، ثم تناولت العود لتستهل في العزف مع الغناء بصوتها الرخيم. كان الجو ما فتأ معتدلاً في ذلك اليوم من أواخر الصيف، شجّعها على الجلوس أمام البحرة الصغيرة، التي سبقَ أن أنشأها شقيقُ زوجها، ديبو؛ صاحب المزاج الرائق. كذلك كانت يومئذٍ مطمئنة لجهة الزوج، كونه مستغرقاً في النوم، وفوق ذلك أصم. شقيقته، المعتادة على حشر أنفها في كل شيء، لم تعُد بعدُ من منزل فوزو. لكنها سرعان ما ظهرت، كما لو أنّ الدهليز المظلم قد لفظ إحدى نساء الجن." الله، الله.. تقومين بهذه الخلاعة على مرأى من رجل غريب، لا تبعد حجرتُهُ عن صحن الدار بضعَ خطواتٍ؟ "، بدأت قرينة الجنّ تقول بينما تنزع ملاءتها السوداء. توقفت رودا عن العزف والغناء، لتجيب عدوتها، المتربصة بكل حركة من حركاتها: " إنه في عمله، يا امرأة الفتن، كما أن شقيقك موجودٌ بالبيت ". استمرت أمّو بالسير في اتجاه حجرة النوم، الخاصّة بالزوجين، مدمدمة في حنق واستياء: " تغنّي وتعزفُ ولم يمضِ أشهر قليلة على وفاة والدها، وعلاوة على ذلك لسانها بطول الحيّة! ".*** احتياطاً من ثورة مَن تصفه ب " قليل العقل والحظ "، هُرعت رودا لوضع العود في مخبئه المعتاد. ثم صرخت بصوتٍ عال، لكي تسمعها الأخرى: " أنا ذاهبةٌ مع الأولاد إلى منزل عمّك جمّو، وعندك المطبخ لو أردتِ تحضيرَ الغداء ". خرجت أمّو حالاً من الحجرة، لتطلب منها إبقاء الابنة الكبيرة كي تساعدها. لكن الابنة همست، ممتقعة السحنة خوفاً وفرقاً: " خذيني معك، أماه، لأنها ستصبّ عليّ غضبها كمألوف العادة ". وهكذا كان؛ حملت الابنةُ الكبيرة الطفلَ الرضيع، بينما الأم أمسكت بيديّ الطفلين الآخرين، ثم غادروا المنزل. بيان، أنجبت ابنها الثاني في نهاية شهر آب/ أغسطس؛ أي بعد أختها رودا بنحو شهرين. وهيَ ذي الأختُ تطل من مدخل أرض الديار، برفقة أولادها الأربعة. عقبَ تبادل القبلات، شرعت إحداهما ضاحكةً بقص ما جرى قبل قليل على خلفية العزف والغناء. شاركتها بيان شعورَ المرح، ثم دعتها إلى منظرة الحديقة: " سأعدُّ القهوة ثم ألحق بكِ ". الإيوان، وكان ملاذ الأسرة في الأيام الحارة، جعله جمّو حجرةَ نومٍ ثانية، وذلك غبَّ ازدياد عدد الأولاد. نصف ساعة مرّت، وكانت المرأتان تتبادلان الحديث، عندما صدرَ صوتُ طرقٍ عنيف على باب الدار الخارجيّ. قالت رودا بنبرة مريرة: " إنه فيّو، ولا شك، قد تعبّأ بكلام شقيقته الشريرة ". وضعت بيان يدها برفق على يد أختها، وما أسرع أن نهضت لتلبي نداءَ ذلك الطارق الأخرق. فورَ فتحها الباب على سحنة فيّو، قالت له دونَ تمهيد وبمزيدٍ من إشارات يدها: " رودا والأولاد، سيبقون لدينا إلى ما بعد الغداء. مفهوم؟ ". هزّ رأسه بحركة متتالية، ثم تمتم هذه الجملة غير المترابطة: " حسنٌ، حسنٌ.. ولو شاءت أن تبقى لديكم دائماً ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#الثامن

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=698048
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الثامن عشر
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 4في ذلك الوقت من أواخر الصيف، صارت رودا تتغيّب مع أولادها عن البيت؛ تحل ضيفة عند أختها بيان أو تقيم لدى السيّدة مليحة. في هذه الحالة، كانت أمّو بدَورها تتبعد عن بيت شقيقها. هذا الأخير، كونه ينام جل ساعات النهار ثم ينطلق إلى عمله الليلي، فإنه أهمل العناية بحال الدار أو أنه لم ينتبه إلى ذلك أصلاً. كادت طيور الكناري والحسون أن تهلك عطشاً وجوعاً في القفصين، المخصصين لها. وهذا كان أيضاً حال نباتات الحديقة الصغيرة، حيث جفّ الكثير منها. علاوة على تعشش العناكب في زوايا الحجرات، وانتشار الغبار والأوساخ في جميع أركان البيت. هجر رودا لدارها، تبيّنَ أن له هدفاً محدداً: دفع الرجل لحلف اليمين عليها أو الحصول على الطلاق في المحكمة.شهرٌ آخر مضى على هذا الحال، عندما فاتحَ فيّو عمه، الملاحظَ على نواطير البستان، بهمومه العائلية. أنصت فَدو لابن أخيه، ثم علّقَ بالقول: " أنا عشتُ عشرة أعوام عقيمة مع امرأة مثل مزيّن، ونادم الآن لأنني لم أطلقها منذ البداية ". فهمَ فيّو ما يرمي إليه العمُ، وتمتم قائلاً: " لكن رودا لوثت شرفي بالعار؛ فهل أتركها بهذه السهولة؟ "" ماذا تقول، أنتَ؟ امرأتك انسانة شريفة، ومن يقول لك العكس إنما يبتغي شراً لكما كلاكما "، هتفَ العمُ بنبرة تعبّر عن سخطه وذعره في آنٍ معاً. ثم استطرد، مخففاً من اندفاعه: " رب العالمين جعلَ الطلاق حلاً، عندما ينعدم الوفاق بين الرجل والمرأة ". بقيَ فيّو صامتاً، ولم يَعُد إلى المجادلة.***تقرر أخيراً لجوء الزوجين إلى القاضي، لكي يحكم بالطلاق والنفقة. للمصادفة أنه كان يوم خميس، والمحاكم لا تعمل بعد الظهر. هكذا عادا إلى الدار، مؤجلين العودة للمحكمة إلى يوم السبت. في الأشهر الأخيرة، كانا يعيشان منفصلين؛ هيَ في حجرة مع الأولاد، وهوَ في حجرة أخرى تشاركه فيها شقيقته وذلك منذ تدهور حياته الزوجية. لكن في ذلك اليوم لم تحضر أمّو إلى منزله، وأعتقد هوَ أنها ستأتي لاحقاً لمعرفة ما حصل في المحكمة. لما حل الغروب دونَ أن تظهر، ذهب إلى دار والده كي يراها. قالت له بهيئة شاردة: " فوزو شعرت بالمرض، فبقيت عندها لتحضير الطعام ". استفهت منه بعدئذٍ عما جرى في المحكمة، فأبلغها بأنها كانت مغلقة: " غير أنني راجعت نفسي الآنَ، وعزمتُ على ألا أريح ابنة صالح بالطلاق "" يا أخي، أغلق هذا الباب مرةً واحدة ونهائية "، قالتها مكررة نصيحة العم. تساءلَ وكأنما لم يسمع كلامها، ما لو كانت ترغب بالنوم في منزله في هذه الليلة. أومأت بالايجاب، محدقة فيه بنظرة متفحّصة. أقلقها ما أفصحت عنه ملامحه من تصميم خفيّ، ظهرَ جلياً في العروق النافرة بوجهه ورقبته. لكنه ابتسم لها بود، لما انتبه لنظرتها الملية. عادا معاً إلى الدار، فسمعا أنين أوتار العود بين أنامل رودا. كانت جالسة بالقرب من البحرة، فيما الأولاد الثلاثة الكبار يلهون حولها. كونها ليلة خميس، يعطل في خلالها عن العمل، آثرَ فيّو قضاء شطر منها في المقهى. غبَّ ذهابه، قالت أمّو لامرأته متكلّفةً نبرةَ عتاب هادئة: " تعلمين أنه باتَ يتضايق من عزفك على العود، وتزيدين ذلك بالجلوس على مرأى من الجار المستأجر؟ "" لم يعُد له حكمٌ عليّ، لأننا في سبيلنا للطلاق عند القاضي. ثم إن الجارَ سافر إلى أهله "" وكيف عرفتِ أنه سافر إلى أهله؟ "، تساءلت أمّو بطريقة تنم عن الريبة والاتهام. توقفت الأخرى عن اللعب بأوتار العود، لترد بوجه متجهّم: " لأنه غائبٌ عن الأنظار، مثلما أنها ليلة خميس. هل فهمتِ الآنَ كيفية معرفتي للأمر؟ ". ثم عادت للعزف، مطرقة برأسها إلى ناحية العود. ***تلك الليلة، نامت أمّو في الحج ......
#موناليزا
#الحزينة:
#بقية
#الفصل
#الثامن

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=698289
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل التاسع عشر
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري 1الحياة الزوجية لمزيّن، كانت على الوتيرة نفسها من التوتر والقلق والقنوط. مع أنها استقلت في منزلها منذ ما يزيد عن السبعة أعوام، بقيت تشعر كما لو أن الخصوم يحاصرونها من كل الجهات. علاقاتها كانت سيئة بالجميع، وفي مقدمتهم الزوج. هذا الأخير، تلقاء سلوكها العدوانيّ معه ومع أقاربه، كان يهددها في كل سانحة بالطلاق. في الآونة الأخيرة، عقبَ مقتل رودا، ردت على زوجها ذات مرة بالقول: " لعلك لا تطلقني، بل تعمد إلى خنقي، كما فعل ابن أخيك ". ثم تردد هذه الجملة، ساخرةً: " عائلة مجانين ومعتوهين! ". فَدو، لم يزِد على هزّ رأسه مطلقاً ضحكة مفعمة بالهزء والشفقة في آنٍ معاً. مشروع زواجه من تحيّة، الذي لمّح إليه مع والدتها، أجّل البت فيه احتراماً لمرض صالح الأخير ومن ثم رحيله عن الدنيا. بمجرد انقضاء فترة الحِداد، طلبَ الفتاة من السيّدة ريما. قبل ذلك، واحتياطاً، عمّرَ حجرة نوم جديدة. قال لحماة المستقبل: " ستكون كلاهما بمنأى عن الأخرى، بالنظر أيضاً لوجود المطبخ القديم. أما لو طلبت مزيّن الطلاق، فإن ابنتك ستكون سيّدة المنزل بلا منازع ". عدم رميه اليمين على امرأته، مثلما كان يؤكّد، إنما بسبب صداقته لأخيها غير الشقيق؛ طراد آغا. لكنه واجهها بنيّته جلبَ ضرّةٍ، لما ضمنت السيّدة ريما موافقة الابنة المعنيّة. جواباً، قالت مزيّن راسمةً على فمها ابتسامة مسمومة: " لن أطلب الطلاقَ إلا لو حبلت امرأتك الجديدة. وهذا أمرٌ محال، لأننا لسنا في عصر المعجزات! ". المفردة الأخيرة في جملتها، تُحيل إلى استهلاك صاحبتها للعديد من الحيل طوال عشر سنين من العشرة الزوجية على أمل الإنجاب. قابلة الحارة، غذّت هذا الأمل بوصفات العطارة إضافةً لارشادات معيّنة فيما يتوجب عمله عند ممارسة الحب. لكن ذلك كله، كان عبثاً. عندئذٍ عادت مزيّن إلى نغمتها القديمة، لتؤكّد أن العقمَ سببه الزوج طالما أنه كان أرمل حينما اقترنت به. ***وغدت مزيّن امرأة سوداء السريرة، تكره الأطفال في باطنها، وفي العلن لو كانوا أبناء عشيرة الزوج؛ بالأخص أولاد بيان. وكانت تتحيّن الفرصَ، للكيد لهذه الأخيرة. فلو أن علاقة بيان ساءت بإحدى الجارات، فإن مزيّن كانت تظهر الود لأطفال الجارة وتوزّع عليهم السكاكر. ذات صباح، وكان ابن بيان الكبير قد أضحى في سنّ الخامسة، طلبَ منها أن ترمي إليه بحبّة سكاكر أسوةً ببقية الأطفال. عند ذلك، مدت له يدها بطلبه. لما هم بتناولها، قبضت على يده ثم جرته إلى وراء باب البيت وانهالت عليه ضرباً. بمجرد أن أفلتته وخرجَ باكياً، أمسك حجراً بيده وصوَّب إلى نافذة حجرتها. عقبَ عودة فَدو من الخارج، لفتت نظره إلى النافذة: " لقد كسر زجاجها، ابن أخيك الشيطان ". فيما بعد، عندما علم العم من ابن أخيه بسبب فعلته تلك، قال له ضاحكاً: " في المرة القادمة، أكسر لها رأسها بالحجر! ".ثم أظهرت مزيّن براعتها في دس أنفها بمشاكل الجيران. ابنة حج عبده تلك، التي سبقَ وجعلتها في خدمتها للتجسس على حركات فَدو، كانت ما تفتأ على الود معها عقبَ زواجها من ضابط من أولاد الحارة. لما زارتها هذه وبيدها طفلها الرضيع، لمّحت إلى امرأة أبيها بزعم أنها تُسيء معاملة شقيقتها الصغيرة. في حقيقة الحال، أنّ نجوى كانت صديقة حميمة لبيان؛ وهذا كان سبباً كافياً لمزيّن كي تختلق ذلك الزعم. كانت بمثابة الأم لأولاد رجلها، لكنها اضطرت لتكون حازمة مع الصغار منهم بسبب غيابه؛ هوَ المحكوم بالسجن بسبب قضية مقتل شقيقه أحمي. صغرى أولئك الأبناء، وكانت في عُمر ابنة بيان البكر، هُرعت ذات يوم إلى امرأة أبيها: " ماما، الأولاد قالوا لي أنك لست أمي "، قالتها وهي تبكي بمرا ......
#موناليزا
#الحزينة:
#مستهل
#الفصل
#التاسع

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=698398
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع عشر 3
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري ردة فعل بيان على مقتل أختها، اتَّسمَ بالانفعال الشديد، حيث ملأت جو الدار صراخاً وعويلاً في ذلك اليوم المشئوم. أكثر ما كان يُشعرها بالغضب، فوق هول الجريمة، أنّ مَن عُزيَ إليها التحريض بالقتل، وهيَ أمّو، كانت إلى يوم أمس تُظهر لها صداقتها الحميمة: " ويلاه، لم أرَ مثل هذا المكر والخبث "، كانت تردد في كل حين. لما حضرَ إلى منزلها ديبو، شقيقُ القاتل، بغيَة اقناع رجلها بالشهادة في المحكمة بأن الجريمة كانت غسلاً للعار، اقتحمت عليهما المجلسَ ثم قامت بطرده مع شتائم وأدعية بلعنات الرب في حق شقيقتيه. موقفها هذا، كرره خالُ أمها، حدّو، ما أعاد الدفء للعلاقة بين الأسرتين؛ وكانت باردة عقبَ تدخله في أمر بيع منزل والدها. في المقابل، شعرَ جمّو بالحَرَج البالغ، مع شيءٍ من الخزي، كون القاتل ابن أخيه. لكنه اضطرَ لمسايرة امرأته، لما أعلنت القطيعة مع أقاربه المباشرين. عوَّل على الزمن، وأنه كفيلٌ بوضع البلسم على الجراح. ما لطّفَ من جو الأسرة، المحتقن، كان وجود الوليد الجديد، الذي أتى إلى الدنيا عقبَ رحيل الابنة الأثيرة؛ شيرين. الجريمة، من ناحية أخرى، أكّدت ما يناضل من أجله، جمّو، في سبيل مجتمع عادل يضمن المساواة بين الجنسين ويقضي على الجهل والفقر. كان يُدرك، ولا شك، أنّ تحقيق ذلك يحتاج لوقت طويل وصبر لا محدود. نفس الموقف اتخذه قبلاً، حينَ سقط قتيلاً أمام عينيه، صديقُهُ وجاره، أحمي، بيد شقيقه الكبير. كذلك الأمر في الجرائم الأخرى، التي شهدتها الحارة، بدافع الشرف أو الثأر. ***في تلك الفترة، طغى على كل الأحداث خبرُ إعلان الوحدة السورية المصرية. بعد نحو أربع سنين من طغيان شخصية بكداش على المشهد السياسيّ المحليّ، أزاحه جانباً رجلٌ عسكريّ تميّز بقامة عملاق، خرجَ منتصراً في خلال أزمة السويس وما أعقبها من العدوان الثلاثيّ؛ رجلٌ، كان يخطب بنبرة عدوانية متعالية، أكسبته شعبية كاسحة من المحيط إلى الخليج. مسوّغات الوحدة، عدا الناحية العاطفية، جعلت القوى اليسارية في البلاد تأخذ حذرها: مجموعة من الضباط القوميين، الذين شعروا بخطر يتهددهم من تنامي قوة اليسار في الشارع بشكل خاص، هُرعوا دونَ علم القيادتين العسكرية والمدنية إلى القاهرة كي يحثوا الزعيمَ المنتصر على القبول بالوحدة الاندماجية بين البلدين. لكي تكتمل المسرحية، مثّلوا أمام الصجافة فصلاً دراماتيكياً؛ وذلك عندما أشهروا مسدساتهم وهددوا بالانتحار لو لم يتم تحقيق مطلبهم على الفور. غبَّ إعلان الوحدة، تحركت تركيا مجدداً بحجة تهديد أمنها القوميّ؛ فقامت بحشد قواتها في حركة مسرحية مماثلة. عند ذلك، شاء أنصارُ اليسار إظهار قوتهم عن طريق حشد كتائب المقاومة الشعبية، التي يسيطرون عليها عملياً. لكن السلطات فيما سبق، كانت قد سحبت الذخائر من تلك الكتائب بعدما خفّ التوتر على الحدود الشمالية. أمام إلحاح قيادة المقاومة الشعبية بشأن تأمين الذخيرة لعناصرهم، حضرَ إلى مقرها في حي الأكراد " المشيرُ عامر "؛ الحاكمُ الفعليّ للإقليم الشماليّ في دولة الوحدة. نهضَ عندئذٍ جمّو ليتكلم باسم الحاضرين، مؤكداً عبث وجود الأسلحة دونَ ذخيرة. فأوقفه المشيرُ، ساخراً: " أنتَ ذو الشَعر الأبيض، تبدو خائفاً وكما لو أن الغزاة صاروا على باب بيتك! ". فرد عليه جمّو، بنبرة شديدة: " نحن نخاف على أولادنا وأعراضنا، وليسَ على أنفسنا ". ثم انتهى الاجتماع بوعد من الحاكم، بتأمين الذخيرة في أسرع وقت. هذه الحادثة، وما أعقبها من حشد كتائب المقاومة الشعبية ـ كما أكّد جمّو مراراً بعد أعوام عديدة ـ كانت في صلب تفكير ذلك الحاكم، لما نجحَ بتأليب رئيسه على القوى اليسارية لضرب ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#التاسع

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=698494
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع عشر 4
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري كلّ شيءٍ، كان ينبئ بأنّ عهدَ الملاحقات الأمنية سيعود، ليعاني منه جمّو؛ وهذه المرة مع عائلة كبيرة من سبعة أفراد. العُمر أيضاً، المتجاوز الأربعين، أخذ ينأى عن مرحلة الشباب وذروة النشاط. كذلك تبدلت الأمور، لناحية الكفاح السياسيّ: في زمن الديكتاتوريات العسكرية، المستمر لمدة تقارب الخمس سنوات، كان الشعبُ شبهَ موحدٍ في مطالبه بعودة الحياة الدستورية وإطلاق الحريات العامة. الآن، مع المستبد العسكريّ القادم من مصر، فإن غالبية الناس تجد فيه منقذاً للكرامة الوطنية، التي ديست في حرب فلسطين؛ منتصراً، مرغ بالوحل هيبة الدولتين العظميين، بريطانيا وفرنسا. صوتُ المستبد، صاحبُ الوحدة الصورية بين البلدين، ما لبث أن ارتفع من مدينة بورسعيد في نهاية عام 1958، متهماً اليساريين السوريين بمناوئة أحلام الأمة والتبعية للأجنبيّ. ما أن حل العام الجديد، إلا وقطعان الأمن تنتشر في غالبية الأحياء الدمشقية، لاعتقال أولئك الأعداء، المشار إليهم في خطاب زعيم الأمة. ولأن حي الأكراد كان بؤرة النشاط الشيوعيّ، ومسقط رأس بكداش، لا غرو أن تستهدفه الحملة الأمنية بعنف أشد. الاعتقالات كانت عشوائية، طالت أقارب المطلوبين ممن لم يكن لهم نشاطٌ سياسيّ. حسّو، ابن موسي، وكان يدرس في الكلية الحربية بالقاهرة، تم زجه في السجن هناك، كون شقيقه الأكبر عضواً في الحزب المحظور. عمّهما، جمّو، كان قد احتاط مع غيره من الرفاق مذ سماع ذلك الخطاب المشئوم: أخفاه شقيقه فَدو في بيت صغير بالبستان، تكوّنَ من حجرتين، وما لبثَ أن انضم إليه قريبه حسينو، ابن عليكي عَرَبي، وصديقه العقيد محمد زلفو. انتظروا هناك لفترة، وكان فكرهم يتجه إلى الالتجاء إلى البلد المجاور، لبنان، المتمتع بنظام ديمقراطيّ.***المطر كان يتساقط في تلك الليلة من شهر شباط/ فبراير، لما غادر الرفاق الثلاثة المخبأ. حملتهم باتجاه الحدود اللبنانية، سيارةُ الصديق المقرّب، بديع نورا هلّو، الذي كان بمنأى عن الملاحقة بالنظر لأفكاره الليبرالية ووضع أسرته، المنتمية للطبقة الأرستقراطية. على طول الطريق، المؤدي إلى وادي بردى، كانت سحناتُ المُطاردين صفحاتٍ يُقرأ فيها سطور الحذر والخوف من أية مفاجأة غير محتسبة. الشتاء، كان يزيد من تجهّم الوجوه وارتعاش الأطراف. الوحيد الخالي البال من كل همّ، كان قائد العربة، برغم مخاطر تعاونه مع الملاحقين. الأشد خطراً في المجموعة، العقيد، عليه كان أن يتحمّل أيضاً آلام العمود الفقري بسبب إصابة من جراء حادث سيارة في أثناء خدمته بالقاهرة، طبع أثره على شفته السفلى. لكن من حُسن حظ الجميع، أن الجو البارد دفع أفراد دوريات الأمن إلى ملازمة سياراتهم أو المكوث بالغرف المتنعمة بالدفء. وهكذا كان أيضاً حال طريق وادي بردى، وصولاً إلى بلدة الزبداني. " ستمكثون هنا لحين انتصاف الليل، ثم تنطلقون مشياً على الأقدام باتجاه الحدود اللبنانية "، قال لهم بديع حالما وصلوا للفيلا. كانت الصالة باردة أكثر من الخارج، ما دفعهم للبحث عن الحطب في المستودع كي يشعلوا مدفأة الجدار، المكسوة بقطع القرميد الصقيلة. لما أمكن لهم ذلك، جلسوا على الأرائك يستمتعون بالدفء ويتبادلون الحديث. كذلك عثروا على زجاجات نبيذ في المستودع، ربما تركت لتختمر مع مرور الفصول. جمّو، لم يدعهم يصبون له كأساً، لكراهيته الشراب. في المقابل، شردَ بعيداً في استحضار ذكرياته في هذه البلدة الجبلية، وكان من النادر أن يزورها سوى في الصيف. لقد منحته الصورُ البعيدة، فضلاً عن حرارة المدفأة، فرصةَ ترميم داخله استعداداً لمغامرة اجتياز الحدود. في الأثناء، انتبه لحديث صديقه العقيد، وكان أيضاً يداورُ ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#التاسع

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=698611
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع عشر 5
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري في طريقهم إلى الجبل، الفاصل بين البلدين، لم يحملوا أيّ زاد عدا مطرة عسكرية مملوءة بالماء. كونهم أبناء السفح، المستلقي بحضن قاسيون، لن يجدوا مشقة في تسلق الصخور إلى الأعالي ومن ثم النزول إلى الوادي؛ أين تكمن الحرية. ولعل جمّو تذكّر ما كان يذكُره للرفاق في الحلقة الحزبية، التي كان يقودها، بأن النظام اللبناني فاسدٌ ومرتبط بالامبريالية ومرعى للرجعية العربية. غير أنه بكّرَ في إكتشاف سوءة النظام الشموليّ عندما أفاق، مع غيره من السوريين، ليجدَ أكشاك الصحف خالية إلا من جريدة الأهرام وجريدة محلية تنطق باسم إدارة الاقليم الشمالي لدولة الوحدة. ومنذ شهر شباط/ فبراير المنصرم، بقيَ حزبه هوَ الوحيد على الساحة، الرافض حل نفسه، ليعتبر من لدُن السلطة خارجاً على القانون. ساروا إلى الأعالي، ممتنعين عن الكلام إلا بالهمس في حالات الضرورة القصوى. ذلك أنّ السلطات انتبهت إلى هروب المطلوبين عبرَ الحدود، مستخدمين الشعاب الجبلية، فعززت التواجد الأمنيّ في نقاط معينة. بعد ساعة من المشي، اطمأنوا نوعاً ما لخلو دربهم من المخاطر، ولم يكن يزعجهم سوى البرد والريح المحمّل بنديف الثلج. لكن عائقاً ظهرَ على حين فجأة، عندما لم يعُد العقيد يتحمّل أوجاع ظهره وبات عاجزاً عن مواصلة السير. عند ذلك، بادر جمّو لحمل الرجل دونَ أن يستمع لاعتذاره. كلاهما، العقيد وحسينو، كانا يصغران رفيقهما بخمس سنين على الأقل؛ وهذا كان من أسباب موضع الاحترام، الذي حظيَ به من قبلهما. هكذا تناوب القريبان على حمل صديقهما، لحين أن لاحَ عن بُعد كوخٌ صغير يبدو أنه يخصّ أحد الرعاة بأسفل الوادي. استدلوا على ذلك من صوت نباح الكلب، المرافق عادةً لقطيع الماشية. تنفسوا عندئذٍ الصعداء، كونهم باتوا على الأراضي اللبنانية، كما أن العقيد صار بمقدوره التنقل على قدميه خِلَل المنحدر الوعر.مفاجأة أخرى، جدَّت بعد فترةٍ من المشي على أرض مرتفعة قليلاً، وكانت أضواء القرى اللبنانية متماهية مع نور الفجر. إذ دوى صوتُ صافرة من مكان ما خلف الصخور، وما لبثت أشباحٌ أن تراءت من تلك الناحية مع أوامر بالوقوف. كانت دورية للأمن اللبنانيّ، وربما انتبهت للمتسللين عبرَ الحدود من خلال نباح كلب ذلك الراعي. ما عتم الرفاق الثلاثة أن وقعوا بقبضة رجال الأمن أولئك، ليمضوا بقية الرحلة في سيارة جيب سارت بهم إلى مكان مجهول. وكانوا قد صادروا بطاقات الموقوفين، الذين طلبوا اللجوءَ السياسيّ.***من كلام الشرطيَيْن المرافقين، الجالسين معهم في الصندوق الخلفيّ للسيارة، علم الرفاق أنهم في الطريق إلى بلدة شتورة، القريبة من الحدود السورية. عقبَ الوصول إلى البلدة، تم حجزهم في حجرة بقسم الأمن العام، كان فيها عددٌ من الموقوفين. سرعان ما تبيّنَ أن هؤلاء الأخيرين أيضاً من رفاق الحزب، قبضَ عليهم في وقتٍ سابق بنفس الملابسات عند اجتياز الحدود. غبَّ تناول الموقوفين لطعام الفطور بحوالي ساعتين، قدِمَ ضابطٌ شاب ليسأل عن العقيد محمد زلفو وليقوده إلى خارج الحجرة. بعد سبعة أعوام، عندما عاد العقيد من منفاه، أخبرَ صديقَهُ جمّو ببقية القصة: تم سوقه من شتورة إلى بيروت، وهناك لما تأكدوا من أوراقه الرسمية أطلقوا سراحه بضمان الحق في اللجوء السياسيّ. عن طريق الرفاق اللبنانيين، تم لاحقاً تأمينُ فيزا له من سفارة تشيكوسلوفاكيا ومن ثم ركبَ الطائرة إلى براغ.اكفهرَّ حظُ بقية الموقوفين، وكان بينهم جمّو وقريبه حسينو. إذ عمدت السلطات اللبنانية إلى تسليمهم للأمن السوريّ عند نقطة الحدود المشتركة. من هناك سيقوا مباشرةً إلى سجن المزة، الغاص بالمعتقلين السياسيين وجلّهم من الرفاق. ثمة تم ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#التاسع

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=698709
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل العشرون 1
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري تمتعَ جمّو بالحرية، لكنه فقد عمله على خلفية إضبارته لدى جهاز الأمن. وكان مصنع " مزنّر "، الذي عمل فيه لسنوات عديدة، قد تم تأميمه ضمن إجراءات عشوائيةـ مماثلة، من قبل حكومة الوحدة. عانى لفترة من البطالة، ما اضطره للعودة إلى النول اليدويّ، المملوك من قبل شقيقه الكبير. هذا الأخير، وكان ما زال مريضاً، سلّمَ إدارة المشغل لمعاونه، ابن علكي. كانت الأيام تتوالى، بطبئة وكئيبة، قلّما كان جمّو في خلالها يلتقي صديقاً خشيَة أعين المخبرين، الذين تكاثروا كالجراد في تلك الآونة. في الأثناء، كان بطن امرأته يتكوّر بحمل جديد. قبل إطلاق سراح زوجها، كانت بيان في أحد الأيام مشغولة بالغسيل، عندما مرت عليها رابعة: " نساء الحارة يعتزمن الاجتماع عند مجلس النواب، للمطالبة بالافراج عن رجالنا "، قالت لها. لكن امرأة شقيقها لم تولِ الأمرَ اهتماماً. بعد ساعة، جاءت امرأة النقابي " إبراهيم بكري "، وكان أيضاً عضواً بارزاً في الحزب، لكي تبدي استغرابها: " ما زلتِ في ثياب البيت؟ ". قامت بيان على قدميها ببطء، سائلة الضيفة ما لو تود شربَ القهوة. فأجابت هذه بمزيد من الدهشة: " رجالنا في السجن، وأنت بهذا البرود؟ "" رجالنا، يا عزيزتي، كانوا يعرفون أن ذلك الطريق يؤدي إلى السجن! "، ردت بيان. هنا، غادرت المرأة المنزل، مدمدمة بعبارات غامضة تعبّر عن الغضب. بعد الظهر بنحو ساعة، عادت رابعة إلى منزل شقيقها وكانت بحالة مزرية. لاحت لعينيّ بيان ممزقة الملاءة، وآثار دم جاف على جبينها: " كنتِ محقة بعدم ذهابك، أختاه. لقد أطالت النسوة ألسنتهن على الحكومة، ثمة أمام مبنى البرلمان، ما استدعى تدخل رجال الشرطة ومهاجمتهم الجميعَ "، قالتها مشرقةً بدمعها. ***عامٌ تقريباً على أثر إنجاب بيان لطفلة، وإذا بالراديو يذيع ذات صباح البيان رقم واحد، يعلن فيه الجيشُ انفصالَ سورية عن مصر ويعدد أخطاء الوحدة. كان كاتب سطور هذه السيرة قد أكمل أعوامه الأربعة منذ نحو شهر، لكنه يتذكّر في ذلك الصباح اندفاعَ أهالي الزقاق باتجاه الجادة، كأنما أصابهم مسّ من الجنون. ذلك أن أحدهم خاطب الطفل، الذي كنته: " والدك يقود مظاهرةً في الجادة وهوَ يحمل بيده القامة! ". هُرعت بدَوري مع عدد من الأطفال، لأرى الجادة غاصة بالخلق، المحتشدين بالقرب من منزل بديع نورا هلّو. ميّزت والدي على الفور، وكان بالفعل يحمل القامة ( السيف الشركسيّ القصير )؛ يحمّس الحشدَ بالهتافات، المُرحّبة بحريّة سورية واستقلالها. قبل ذلك بأشهر قليلة، شهدتُ تجمّعَ الأقارب في بيت العم موسي، وكانت أمي قد أصطحبتني معها فور علمها بوفاته. كأنما أشقاءُ الوالد كانوا على موعدٍ مع ملاك الموت، وذلك بحَسَب تسلسل أعمارهم: العمة عيشة، لحقت بشقيقها الكبير في وقت آخر من ذلك العام. في بداية العام التالي، أسلم سلو الروحَ بعد فترة قصيرة من مغادرته المستشفى. مرة أخرى، وجدَ جمّو نفسه يجتازُ الحدودَ إلى لبنان عندما جدَّ حدثٌ خطير في البلاد. قبل ذلك بشهر واحد، حصلَ إنقلابٌ في العراق أوصل البعث إلى السلطة. أرتكبت هناك انتهاكاتٌ فظيعة بحق القوى اليسارية، الداعمة للزعيم " قاسم "، الذي لقيَ مصرعه في خلال استيلاء الانقلابيين على وزارة الدفاع. في سورية، وعلى أثر انقلاب البعث، ظنّ كثيرون أن مجزرة مماثلة سترتكب بحق الشيوعيين؛ وهذا سبَّبَ هستيريا من الرعب، عمت رفاقهم وأنصارهم، فمنهم من نزل تحت الأرض ومنهم من غادر البلاد. بقيَ جمّو شهراً في بيروت، لحين اطمئنانه على سير الأحداث في بلده وأنه ما من خطر شبيه بما حصل في العراق. ابتعاده النهائيّ عن العمل السياسيّ، حصل بعد أعوام ثلاثة، لما نظرَ ب ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#العشرون

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=698800
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل العشرون 2
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري تجدّدَ حِدادُ الدار، وهذه المرة عقبَ وفاة امرأة حسينو؛ شقيق جمّو. زهرو، كانت انسانةً رقيقة، طبعُها اجتماعيّ، ومحبّة لأفراد العشيرة برغم أنها ليست منهم. رجلها، نظرَ دوماً إلى ضيافتها لنساء الأقارب، وماكانت تبديه في الأثناء من كرم، على أنه يقود إلى خرابه مادياً. لكنها كانت ذات سلطة عليه، بحيث تصرّفت بمصروف البيت دونما حاجة لمراجعته. لقد عشقها بجنون، وهذا كان غريباً على رجل مثله؛ رجل، قلما أبدى اهتماماً بأحد بما في ذلك نفسه ذاتها. حزنَ كثيراً عندما هاجمها المرضُ الخبيث، وكانت في خلال ذلك تكررُ وصيتها بشأن ابنهما الوحيد وألا يجعله يحتاج لشيء لو رحلت عن الدنيا. الابن، زاهر، كان صورةً عن أمه الجميلة بشعره الأحمر وملامحه الدقيقة وطوله الفارع، وكان في إبّان سنّ المراهقة. بيدَ أنه تميّز بالخجل الشديد، خصوصاً لما كان يرافق والدته إلى أحد بيوت أعمامه. خجله، كان على الأغلب على خلفية ما عُرف به أباه من طبع معلوم وهيئة مزرية شبيهة بالمتشردين. لذلك نشأ الغلامُ على طبع مغاير كلياً، واتّسمَ أيضاً بأناقة المظهر. في المقابل، لم يكن يحبّ المدرسة واعتاد أن يهرب من الفصول كي يمضي وقته متجولاً في شوارع المدينة أو يحضر فيلماً في صالة السينما. شغفه بالأفلام، كان متوافقاً مع ما في شخصيته من عذوبة ورومانسية. أصدقاؤه، كانوا يمازحونه بالقول أنه أكثر وسامة من أبطال السينما. لكنه على الأغلب لم يعرف الحب، إلا عندما التقى مع ابنة عمّه جمّو وذلك في خلال مأتم أمه: إنها الابنة الكبيرة، الشقراء، التي منحها والدها اسمَ أرملة صديقه الأمير البدرخانيّ. يُقال أيضاً، أنها أكثر حفيدات السيّدة سارة شبهاً بها. لقد أخرجت من المدرسة في العام نفسه، وكانت في الصف السادس، لتعين والدتها في الاهتمام بالشقيقين التوأم، الذين ولدا قبل ذلك بأشهر قليلة.*** ثلاثة أعوام على الأثر، ثم حضرت رابعة ذات يوم إلى منزل جمّو كي تتكلم بالنيابة عن شقيقهما: " حسينو، يرغبُ بخطبة ابنتك لزاهر ويرغب بمعرفة جوابك "، قالتها بما يُشبه صيغة الأمر. جمّو، المعروف بالطبع الصريح، بادرَ فوراً إلى النظر في عينيّ شقيقته، قائلاً: " لو أنها كانت ابنتك، هل كنتِ ترضين أن يكون حسينو حماها؟ "" إنها ستقترنُ بالشاب وليس بأبيه "" نعم، ولكن الشاب نفسه لا يملك صنعة ولا شهادة "" إنه يديرُ متجراً في الشارع التحتانيّ، وليسَ عاطلاً عن العمل "" المتجر ليسَ له، بل هوَ مجرّدُ أجيرٍ "، قال ذلك وأشاحَ وجهه إلى جانب. ثم تمتم وقد بانَ على ملامحه الانفعال: " أصلاً شقيقي لا يرغبُ بأن يخطب لابنه فتاةً غريبة، كيلا يضطر لدفع مهرها. لكنّ عادة إعطاء الفتاة لابن عمها، صارت من الماضي ".ردة فعل حسينو، اتسمت أيضاً بالانفعال. هدّدَ بالمطالبة بحصته في منزل أبيه، قائلاً أنه سيحرم جمّو من حديقته الأثيرة. لكنه ما لبثَ أن انشغل عن ذلك، حينَ سقط ابنه مريضاً. ظنّ في البداية أنّ الشاب يُعاني، نتيجة جواب الرفض من لدُن عمه. مع دخوله المتزايد في بحران الحمّى والهذيان، تدخلت امرأة الأب لتلح على الرجل أن يستدعي طبيباً. ثم تم نقله لاحقاً إلى المستشفى، لما بيّن الكشفُ أنه مريضٌ بالحمى الشوكية. غبّ ابلائه من المرض، آبَ زاهر إلى شيمته الأولى في التسكّع والضياع. فرغ صبرُ الأب، فعمد إلى طرده من البيت. بضعة أعوام على الأثر، وإذا الأصدقاءُ ذات يوم يظهرون مع الشاب أمام أبيه: " تصرفاته باتت غريبة، كما أنه لم يعُد يتكلم بشكلٍ منطقيّ "، قالوا ذلك بنبرة حزينة. لم يمكث زاهر كثيراً في كنف الأب، المفتقد لمشاعر الرعاية والحنان. أسرعَ هذا بتسليم الابن إلى مستش ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#العشرون

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=698941
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل العشرون 3
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري بقيَ شبحُ الموت يخيّم على الزقاق، ليخطفَ هذه المرة روحَ الرجل الطيبّ، حوطيش. عانى مطولاً من المرض، ما اضطره لتسليم عدّة العمل لابن شقيقته الأصغر. قبيل وفاته، التفت إلى امرأته فاتي، ليقول بنبرة مَن يتنبّأ بالمستقبل: " كل خوفي على ابننا، لأنه وحيدٌ في هذه الدنيا ". وكان بالطبع يقصد ذلك الطفل، الذي تبنّاه، وصار الآنَ في الثامنة من عُمره. الربيبُ، صُدم ذات مرة بطريقة أليمة، لما عيّره أحد الأولاد بأنه لقيط. اندفع الطفل وقتئذٍ إلى داخل المنزل، باكياً مُروّعاً، ليرمي بنفسه في حضن فاتي: " ماما، يقولون في الزقاق أنكم لستم أهلي ". هدّأته بصعوبة، ومن ثم خرجت إلى أولئك الأولاد لتوبّخهم وتهددهم بالشكوى لآبائهم. سرعانَ ما نسيَ ربيبها الحكاية، ولو أنه سيعود ويتذكّرها فيما بعد.تحققت مخاوفُ حوطيش، وذلك مباشرةً بعد رحيله عن الدنيا. أرملته، طُلبت للزواج من أحد أقاربها، المقيمين في مسقط رأسها ببلدة برزة. لكن الرجل، وكان بدَوره أرمل، اشترط على فاتي التخلي عن الغلام. أرادت هذه الأخيرة أن يعيشَ ربيبها في كنف زينو، شقيقة زوجها، فقوبل طلبها بالاعتذار: " طليقي المغضوب، بالكاد ما يمنحني من نفقة يكفي لمعيشتي مع أولاده ". عند ذلك، اتخذت فاتي قراراً كان صعباً عليها ولا غرو. في اليوم التالي، طلبت من الغلام ألا يذهب إلى مدرسته، قائلةً أنها ستأخذه معها إلى السوق. شاءت أن ترافقها زينو، لمحاولة التخفيف من عبء المهمة. أخذوا سيارة أجرة رأساً إلى دار الأيتام، الكائنة في مركز المدينة. نزلوا هناك أمام مدخل البناء الكئيب، الأشبه ببوابة السجن. لم يفهم الغلام ما يُراد به، إلى وقت انتهاء المقابلة مع المشرفة الإدارية. إذاك، قالت له فاتي وهيَ تنهض من مكانها: " ستعيش أنتَ هنا، وأنا أبقى أزورك بين وقت وآخر ". ردة فعله، كانت شديدة وبالكاد تمكنوا من فصل يده عن يد مَن اعتقدَ دوماً أنها والدته. بعد نحو عشرة أيام، وبناء على طلب فاتي، ذهبت زينو لزيارة الميتم للاطمئنان على وضع الغلام المسكين. قالت لها المشرفة: " ظل طوال ثلاثة أيام يرفض الطعام، وكان يردد باكياً اسمَ تلك المرأة. لكنه هدأ الآنَ، ولو أنه يبقى طوال الوقت شارداً زائغَ البصر ".***تجربة على ذلك القدر من القسوة والألم، عاشها أربعةُ أطفال طوال بضعة أعوام. إنهم أولاد رودا الراحلة، الذين انطبق على حالتهم المثل المعروف: " كالأيتام على مائدة اللئام ". بيد أن رحلة عذابهم آذنت على الاختتام، وذلك بخروج الأب من السجن. حظيَ فيّو بتخفيف الحكم، عقبَ إعلان الوحدة بين سورية ومصر. برغم ما عُرف عنه من خفّة العقل، فإنه آثرَ أن يترك الحارة كي يبتعد عن ذكرياته المشئومة. كان يبحث عن منزل إيجار في غرب الحي، عندما ساعده الحظ بالاهتداء أيضاً إلى شريكة حياة.أمّو، شقيقة فيّو الكبيرة، كانت قد اقترنت من رجل أرمل من الحارة الأيوبية. الرجل، سبقَ أن أعطى ابنته لمستو، ابن ديبو. ثم تعززت القرابة بزواج سلطانة، ابنة ديبو، بابن الرجل الأرمل. وإنها أمّو، مَن كانت واسطة تعارف شقيقها بامرأة مطلقة بلا أولاد، تملك بيتاً في تلك المنطقة. انتقل فيّو إلى بيت امرأته، ولم يعُد يظهر في الحارة إلا في مناسبات الأعياد. كان هذا من حظ أولاده، الذين علمنا ما لاقوه من عسف وإذلال في خلال فترة سجنه. في المقابل، عانى الرجلُ من البطالة لفترة؛ وكان يعتمد في معيشته على إيجار منزله بالحارة. إلى أن انتقل ديبو إلى دمشق، مع انتهاء خدمته في الدرك بالتقاعد، فاستولى ببساطة على منزل شقيقه وضمّه إلى منزله. ***في فترة مكوثه بالسجن، التقى فيّو برجلين من أبناء الزقاق. أحدهما كان عز ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#العشرون

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=699078
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل العشرون 4
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري وضعت بيان طفلها الحادي عشر، وكانت في السادسة والثلاثين من عُمرها. قبل ذلك بنحو شهر، أنجبت ابنتها طفلها الأول. إنها نفس الابنة، التي سبقَ أن طلبها ابنُ عمها وتم رفضه من لدُن والدها. هذا الأخير، كان آنذاك قد تحسّن وضعه الماديّ نوعاً ما بعمله كملاحظ لحديقة عامة في غرب الحي. دوامه، كان يبدأ بعد الظهر وإلى ساعة متأخرة ليلاً. كان يقضي الصباح في الاعتناء بحديقة الدار، أو بحديقة بيت صديقه بديع. وكان صديقه قد استقر في بخارست، أين مقر عمله التجاريّ. كانا يتواصلان عبرَ الهاتف، وأحياناً من خلال البطاقات البريدية. ذات مرة، طلب الصديقُ من جمّو أن ينتقل مع أسرته إلى بيته. لما عُرضت الفكرة على بيان، فإنها ردت باستنكار: " أنترك بيتنا كي نعيشَ في بيت الغرباء؟ ". صديق آخر، هوَ المحامي خليل، علم بالموضوع؛ فأبدى استعداده للسكنى هنالك. منذئذٍ، ولحين عودة بديع للوطن في أواخر السبعينات، انقطعت صلة جمّو ببيت الذكريات الجميلة.في ذلك العام، الشاهد على مجيء الطفلين للعالم، رجعت رابعة مع أسرة أبنها من حوران. أقام الابنُ مع أسرته في بيت للإيجار، وكانت خدمته قد انتقلت إلى سجن القلعة. والدته، سرعان ما سعت لدى شقيقها فَدو: " أرغبُ بمنحي منزلك ذاك، الكائن في الحارة العليا، وأتنازل لك في المقابل عن حصتي بمنزل والدنا ". تمت الصفقة، وما لبث خلّو أن ترك بيت الإيجار. عدا عن تنكيد حياة الكنّة، فإن رابعة تفرغت للتدخل في شئون أشقائها. وقد ركزت مراقبتها على بنات جمّو، اللواتي أضحين في سنّ المراهقة، وكانت تعزو تحررهن لما تدعوه " استهتار أبيهن الشيوعيّ ". كانت تحرّض عليهن عمهن فَدو، الذي أصبحَ متزمّتاً عقبَ عودته من الحج وتوبته. قالت لها بيان ذات مرة: " حفيدتك أول من لبسَ بنطال الشورت في الحارة، وكل أسبوع في المسبح ". كان رد ربيعة، طريفاً وأخرق في آنٍ معاً: " إنها ليست عرضي. بينما بنات أخوتي هنّ عرضي! ". ***ثم جاء الدورُ على نزهة الاصطياف السنوية في الزبداني، لتنقطع أيضاً. جرى ذلك في ثالث صيف، أعقبَ انتقال رابعة وأسرة ابنها إلى دمشق. وكانت هيَ قد اصطحبت حفيدتها تلك، المتحررة، إلى بلدة الاصطياف مع بقية الأسرة. أعجب بالفتاة حفيدُ شقيق المرحومة سارة، وكان والده من الملّاكين الأغنياء في الزبداني. فطلبَ من أبيه أن يخطبَ له الفتاة من والدها. لما رفضَ خلّو طالبَ القُرب، معتذراً بمواصلة ابنته الدراسة، دبّ البرود في العلاقة بين الطرفين. والدة الفتاة، قالت لبيان تعليقاً على الموضوع: " أجزمُ بأنّ لحماتي يداً في الخطبة، وأنها هيَ التي سعت فيها ". وجهة أخرى للاصياف، ما أسرعَ أن أضحت بديلاً عن الزبداني. على الطريق إلى هذه البلدة الجبلية، كانت تقع قرية بسّيمة، المشهورة بسبب قربها من منتزه " عين الخضرة ". فَدو، كان صديقاً حميماً لأحد مواطني القرية. وكان قبل توبته قد أعتاد على زيارة المنتزه مع صديقه ريسور، لمقارعة الراح على أنغام الموسيقى ومشهد الراقصة الشرقية. عقبَ توبته، كان العمُ يواظب زيارة المكان مستبدلاً الخمر بالنرجيلة. هكذا انتظم حضورُ الأسرة إلى قرية الاصطياف كل عام، مستأجرين حجرتين من منزل مواطنها ذاك. أولادُ جمّو، كانوا غالباً ما يرافقون أسرة العم إلى بسّيمة، لكنهم يقضون وقتاً أقصر.***موقفٌ طريف، حصلَ لكاتب سطور هذه السيرة، ثمة في قرية الاصطياف. ذاتَ ظهيرة، كنتُ جالساً لوحدي على ضفة النهر، لما حضرَ العمّ مع صديقه ريسور. كان برفقتهما امرأة جميلة، أنيقة المظهر. سذاجة تفكيري آنذاك، أوحت لي أنها زوجة ريسور. لكنني عجبت من مظهرها المنطلق على سجيّته، علاوة على تدخينها ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#العشرون

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=699177
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الفصل العشرون 5
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري جيل بيان، عاشَ في مراحل كثيرة على حافة الحرب، ولو أنه لم يقدّر له أن يشهد إحداها بشكلها الحقيقي إلا عندما تجاوز سنّ الثمانين. لقد كانت طفلةً في الثامنة، لما أوقعت طائرة للحلفاء، منطلقة من الأردن أو فلسطين، قنبلة ضخمة على مطار المزة العسكريّ فلم يبقَ زجاجُ نافذةٍ سليماً بدمشق. بعد ذلك بأربع سنين، قصفت الطائرات الفرنسية أماكن محددة في العاصمة وذلك رداً على هجمات قوى أمن الحكومة المحلية، المطالبة بالاستقلال وإنهاء الانتداب. حرب 1948، جرت على أراضي فلسطين، وسمعوا عنها من اللاجئين، الذين سكنوا في الحي. حربُ حزيران/ يونيو من عام 1967، الموصوفة ب " النكسة " في الإعلام العربيّ، مرّت بسرعة خاطفة دونَ أن يشعر بها أحد، اللهم إلا في أيامها الثلاثة الأولى على أثير الإذاعة المحلية ومارشات النصر المزعوم. لكن على مستوى العائلة، كان الأمر أكثر تراجيدية؛ بمقتل ابن عمة بيان، وكان مجنداً على جبهة الجولان. انقضت ستة أعوام أخرى، لينخرط هذه المرة ابنُ بطلة سيرتنا في حرب تشرين/ أكتوبر، المنعوتة ب " التحريرية "، وكان من نتيجتها خسارة المزيد من القرى حتى في بر الشام. بحسَب قائده المباشر، وكان من حوران، أنّ الفتى البالغ العشرين قد استبسل في المعارك ويستحق وساماً. لكنه نال ضربة هراوة على رأسه، ستسبب له إعاقة عقلية دائمة، وذلك في سجن تدمر الصحراوي الرهيب. هذه الحادثة، بقيت غصّة في حلق رَبّي الأسرة وباقي أفرادها.***في الأثناء، استمرَ منجلُ ملاك الموت في حصد المزيد من الأرواح. آكو، أسلمَ الروحَ عاماً عقبَ حرب حزيران/ يونيو. لمحض المصادفة، أنّ ديبو سيلحقه وذلك قبل أشهر قليلة من نشوب حرب تشرين/ أكتوبر. امرأته بيروزا، عاشت بعده ثلاث سنين، حَسْب، ورحلت غبَّ رحلة حياةٍ كلها شقاء ومهانة ومعاناة. مع أنها كانت ضربة أليمة جداً للسيّدة ريما، فإنها عاشت خمسة عشرة عاماً أخرى. احتفظت بصفاء ذهنها، لحين معرفتها بموت سلطانة، شقيقة رجلها الراحل. كانت السيّدة ريما قد تركت حجرة لنفسها في منزل الزوج، وعرضت حجرتين للإيجار. بيد أنها قضت أكثر أيامها لدى بيان، تساعدها في شتى المشاغل وتهتم بالأولاد الصغار. أخوها غير الشقيق، حدّو، الذي كانت له بمثابة الأم في صغره، عمّرَ أيضاً مطولاً ورحل عن الدنيا بعدها ببضعة أشهر. كان قد تآنسَ في أيامه الأخيرة مع قريبه، معمو، في حجرة واحدة بالمستشقى. إلى أن أفاق في صبيحة أحد الأيام، ليجد سرير قريبه فارغاً. لما علم بوفاة الرجل العجوز، اختلط عقله. وإلى تلك الأيام، يُعزى خَرَفُ رابعة، وكان من الصعوبة أنهم في منزل ابنها حبسوها في حجرتها إلى أن لفظت أنفاسها الأخيرة. هكذا حالة، سبقَ أن دهمت هَدي أيضاً؛ لكن نهايتها كانت أكثر مأسوية: لقد طُردت من الجميع، بما في ذلك ابنيها. الشقيقة الوحيدة، حَني، كانت لا تحرك ساكناً عندما كان الأولاد يقذفون المرأة الخرفة بالماء. أخيراً، أنهى الابنُ حسينو هذه المأساة بايداع والدته في مستشفى الأمراض العقلية، لتفارق الحياةَ ثمة بعد نحو شهرين.***حسينو، وكنا قد علمنا بمدى طموحاته عندما عوّل على تحقيقها بركوب الموجة الشيوعية في خلال عقد الخمسينات، أصبح من أبرز شخصيات الحزب الحاكم في الحي في عقد السبعينات. هذا جعله معقد آمال الأقارب والمعارف، للوساطة لدى دوائر الدولة بوظيفة أو عمل أو تسهيل معاملة. قبل انتقاله لشقة أنيقة في رأس الحارة، استقر مع أسرته في بيت بديع إلى أن عاد هذا من أوروبا. حديقة ذلك البيت، وكانت قد أضحت قطعة من الفردوس بجهود عمه جمّو، آلت إلى الخراب كيلا يؤدي سقيها إلى رفع فاتورة الماء. بديع، ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الفصل
#العشرون

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=699286
دلور ميقري : زمن موناليزا الحزينة: الخاتمة
#الحوار_المتمدن
#دلور_ميقري ماتَ جمّو في بلد الإغتراب، السويد، الذي استقر فيه قبل ذلك بثمانية أعوام. كان قد أقتربَ من سنّ التسعين، ولم يكن يعاني من أيّ مرض غيرَ الزهايمر. ووري الثرى، ثمة في مقبرة للمسلمين، كون أمرأته وأكثر أولاده يعيشون في بلد الإغتراب. عاشَ معظم سني عُمره في القرن العشرين، فيما الأعوام الأربعة الأخيرة شهدها القرنُ الجديد؛ وكان عندئذٍ قد توغلَ في مجاهل الخَرَف. في خلال فترة وجوده في الخارج، سافرَ مرة واحدة إلى دمشق، وهناك لم يكن بمقدوره التعرّف على أصدقائه، الباقين على قيد الحياة. بعد ذلك بعامين، ذهبت بيان لوحدها للشام وتركته في رعاية أولادهما. في خلال الأيام الأولى لغيابها، كان جمّو يشير إلى الأبنية البعيدة، متسائلاً: " هل الحارة تقعُ خلف هذه الأبنية؟ ". إلى أن أفاق ذات صباح، وقررَ اللحاق بامرأته. عندما افتقده الأبناءُ عقبَ استيقاظهم، اتصلوا بالبوليس. ساعة على الأثر، ثم ظهرَ وهوَ بملابس النوم برفقة عنصرين من الشرطة كان أحدهما امرأة. الشرطية، كانت قد ألبسته معطفها في خلال الطريق، كونها لحظته يرتجفُ من البرد في تلك الساعة المبكرة. قالت لأبنائه بنبرة مشفقة: " لحُسن الحظ أنه سارَ على الطريق العام ولم يدخل إلى الغابة ". *** في الأعوام الأربعة الأولى من غربته، حافظ والدنا على صفاء ذهنه. لكن كان واضحاً عدم ارتياحه في الشقة، التي خصصت لمعيشته مع امرأته، وأنه يحن للمنزل الأول؛ أينَ قضى كل سني حياته، وفيه مخزون ذكرياته. في ذلك الوقت، كان المنزلُ بصدد التحول إلى عمارة حديثة لو وفّقَ المتعهّدُ بحل قضية الورثة، المزعومين. قال لي الأبُ مرةً، تعقيباً على حديثٍ عن تلك القضية: " لقد عاشَ الآباءُ والأجداد في منزلنا، وكان قدَري وحدي أن أشهده يُزال أمام عيني ". غيرَ أنّ المنزلَ بقيَ، والعجوزُ الملول هوَ مَن غادر الدنيا دونَ أن يعرف هذه الحقيقة. في واقع الحال، أن شكواه المضمرة تركزت على حديقة المنزل، وكانت كما علمنا قد أضحت بقعة من الفردوس على يده، الخضراء. صادف في نفس الفترة انتقالي إلى شقة، تنفتح شرفتها على مسكبة معشوشبة، كبيرة نوعاً. نهدتُ إلى العمل فيها، بدءاً من إحاطتها بسياج معدنيّ مع باب خشبيّ على شكل القوس. عقبَ الانتهاء من إشادة أربعة أحواض رئيسية، مترعة بالورود، كانت الحديقة مكتملة تقريباً. والدي، وكان آنذاك في كامل صحته البدنية والذهنية، قدّم لي إرشاداتٍ مهمة في كل ما يتعلق بالحديقة؛ بالأخص، كيفية استنبات بذور الأزهار الصيفية وغرس بصلات زنابق الربيع وتقليم الورود ودرجة تحمّل العرائش لفصليّ الخريف والشتاء. كان يُسْعَد بالجلوس في الشرفة، متأملاً اللوحة الغنية بالألوان، مستعيداً فيها لوحة حديقة داره في دمشق. في الأثناء، دأبتُ على الاصغاء إليه باهتمام وهوَ يُفرغ شيئاً فشيئاً مخزونَ ذاكرته. غبَّ رحيله عن الدنيا، صرتُ أفيدُ في هذا المجال من والدتنا. كانت ذات ذاكرة فذّة، ويكفي ذكرُ عشقها للسينما والدراما، بحيث أنها تحفظ حتى أسماء الممثلين الثانويين. ***كان مما له مغزاه، ولا مِراء، أن يُدفنَ سليلُ الحاج حسين في السويد، التي عُدّت بمثابة الفردوس المأمول للأجيال الجديدة. الحاج، مؤسس السلالة، كان قد قَدِمَ مهاجراً إلى الشام الشريف بنفس الصفة الفردوسية وأنها أيضاً مُجتبى خلق الله في يوم الحشر. ثمانية أجيال من السلالة، تعاقبت مذ وصول الرجل إلى دمشق وكان بعدُ شاباً، مترعاً بالآمال الكبيرة. ابنه الوحيد، ورثَ عنه عمله الوظيفيّ في سرايا الولاية العثمانية، وأصبح لاحقاً بصفة وظيفية أرقى؛ كزعيمَ للحي الكرديّ. هذا الجد، نبغَ في الكتابة الأدبية باللغة ال ......
#موناليزا
#الحزينة:
#الخاتمة

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=699411