عماد عبد اللطيف سالم : عن جنود أيلول.. وأشياءَ أخرى-4- مقاطع من هذيانات جندي مُسِنّ.. من بقايا الحربِ العراقيّةِ- الإيرانيّة
#الحوار_المتمدن
#عماد_عبد_اللطيف_سالم أنا أعودُ دوماً لبغداد..المطاراتُ تحملُني إليها، والمحطّةُ العالميّةُ في "العَلاوي"، وكراجُ النهضةِ، وطينُ"الدَيرِ"، والسيّدِ "الآمِر"، و"المُساعِد".. والمُقدّم(سليم).كلّما نزعوا عنّي ثيابَ خوفي عليها، قلتُ.. بغدادُ هذه.. ستبقى مدينتي..و هاهيَ الآنَ ، قد خَبَت.. واستَكانَتوأصبحت بائدةًمثلُ تينِ الحبيباتِفي بساتينِ الجنود.*يقولونَ.. يومٌ لكَ،و يومٌ علَيكوأنا ..كُلُّ الأيامِ عَلَيّ.كانَ هُناكَ يومٌ واحِدٌ لي ترَكْتُهُ يتسَكَعُ فوقَ وجهَكِ المُدهِش..وذهبتُ إلى الحرب.*كنتُ غريباً .. أهيمُ على وجهي ، في أرضٍ لم تَكُن لي.لم تكُن الرائحةُ في "خوزستان"، هي الرائحةُ في (العطيفيّة)..ولم أكن أستطيعُ البكاءَ على ضفةِ النهرِ، شَوقاً إليها..لمْ تكُن البساتينُ ذاتَ البساتينِ..ولَمْ يكُنِ"الكارونُ".. دجلة.*في معركة "البسَيتين"كانت المُدرّعاتُ البُنيّةُ اللونِ تأتي من ساحة المعركة، إلى حيث تنتظِرها "وحداتُ الميدانِ الطبيّةِ"، وجثث الجنود تتدَلّى منها.. كالعناقيد.كانوا ينزعونَ "قُرصَ الهويّةِ" عن كلّ جثّةٍ، ويضعونَ الجنود الميّتينَ في كيس"اللحم الهنديّ" الأبيض.. الكيس الذي كانَ يُذكّرُ الجنودَ الأحياءَ، بلحمِ "قُصْعتِهِم"، سيّءِ السمعة ..ويُعيدونَ لَصقَ القُرصِ على الكيسِ، و يلقونَ بهِ في الشاحناتِ المُبَرّدَة لـ "شركة تسويق اللحوم العامة"، و يرسلونهُ الى مستودعات (الشعيبة).. هُناك.. حيثُ تصطَفُّ العائلاتُ المذهولةُ، لاستلامِ أبناءها.*من باب معسكر "الشِعيبَة"، تفوحُ رائحةُ الموتِ الى كلّ البصرة. تجتمعُ الأمّهاتُ عند البابِ الرئيسِ..بينما أحدهم يقرأُ أسماء الأبناءِ المُمَدَدّينَ في المخازنِ، من قائمةٍ طويلة :عبد الله أحمد؟ تصيحُ أُمٌّ من (أبو الخصيب): نعم .عبيد علي عبيد؟ تصيحُ أُمٌّ من(التنّومّةِ): نعم .دِلْشاد كريم؟ تصيحُ أُمٌّ من (السُليمانيّةِ): نعم .عشرة أسماء.. تصيحُ عشرُ أمّهاتٍ من (الناصريّةِ).. لاغيرها هي "الناصريّةِ": نعم .. نعم .. نعم.*في كلّ المُدنِ ..كانَ "تاكسي الروليت"، يستديرُ من الشارعِ العامِ نحو الزقاقِ الفرعيِّ ، حامِلاً على سقف "التويوتا –كراون".. "تابوتَ الروليتِ"، الملفوفِ بالعَلَمِ الوطنيّ.كلّ أمهات الجنود واقفاتٌ عند أبوابِ البيوتِ، يُوَلوِلنَ: يبوووو.. بوجوهٍ شاحبةٍ كالرماد.. في انتظار أن يستَقِّرَ "تاكسي الروليت" عند بابِ الحظِّ "المُصَخَّم"."تاكسي الروليت"، بسائقهِ اليابسِ من الخوف، و" المأمورُ" المذعورُ الذي يجلسُ إلى جانبه.. يجتازُ بيوت الزقاقِ ببطءٍ.. بيتاً بعد بيت.. وكلّ النساء يَنحَبنَ: يبوووو .تقفُ "السيّارةُ – الروليتُ" عند أحدِ الأبوابِ ، فـ "تَعيطُ" جميعُ النساءِ المذهولاتِ: يبوووو.اُمٌّ واحدةٌ فقط، تقولُ لـ "تابوتِ الروليت": ها يابَه.. جيت؟ويصبحُ فؤادها فارغاً..كفؤادِ أمّ موسى .*كلما قالوا هي الحربُ.. قلتُ: أبي.الحربُ.. أبي .هو الذي يمنحها الطَعمَ والرائحةويجعلها إرثي الوحيدو يودِعُها عِندَ أُمّي.*بغدادُ تنأى.. و "شرقُ البصرةِ" يقتَرِب.. و نخلُ المُعسكَرِ ساكِت.. و(عبيد علي عبيد)، ماتَ في "الطاهريّ"، ولم يُعُد إلى (التَنّومَةِ) أبداً.. و(خَشّان اكَمير اشْمَيس) لم يعد يراني وأنا أقرأُ الكتبَ في سَخامِ الحروبِ الرديئة.. و(رجاء انهيِّب زعيبِل)،ما يزالُ يُدخِّنُ التِبغَ الأسودَ، بطريقةٍ "تلْجَعُ المِعدَةَ".. كما كانَ يُفَضِّل.كلُّ هذا، ......
#جنود
#أيلول..
#وأشياءَ
#أخرى-4-
#مقاطع
#هذيانات
#جندي
#مُسِنّ..
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=769301
#الحوار_المتمدن
#عماد_عبد_اللطيف_سالم أنا أعودُ دوماً لبغداد..المطاراتُ تحملُني إليها، والمحطّةُ العالميّةُ في "العَلاوي"، وكراجُ النهضةِ، وطينُ"الدَيرِ"، والسيّدِ "الآمِر"، و"المُساعِد".. والمُقدّم(سليم).كلّما نزعوا عنّي ثيابَ خوفي عليها، قلتُ.. بغدادُ هذه.. ستبقى مدينتي..و هاهيَ الآنَ ، قد خَبَت.. واستَكانَتوأصبحت بائدةًمثلُ تينِ الحبيباتِفي بساتينِ الجنود.*يقولونَ.. يومٌ لكَ،و يومٌ علَيكوأنا ..كُلُّ الأيامِ عَلَيّ.كانَ هُناكَ يومٌ واحِدٌ لي ترَكْتُهُ يتسَكَعُ فوقَ وجهَكِ المُدهِش..وذهبتُ إلى الحرب.*كنتُ غريباً .. أهيمُ على وجهي ، في أرضٍ لم تَكُن لي.لم تكُن الرائحةُ في "خوزستان"، هي الرائحةُ في (العطيفيّة)..ولم أكن أستطيعُ البكاءَ على ضفةِ النهرِ، شَوقاً إليها..لمْ تكُن البساتينُ ذاتَ البساتينِ..ولَمْ يكُنِ"الكارونُ".. دجلة.*في معركة "البسَيتين"كانت المُدرّعاتُ البُنيّةُ اللونِ تأتي من ساحة المعركة، إلى حيث تنتظِرها "وحداتُ الميدانِ الطبيّةِ"، وجثث الجنود تتدَلّى منها.. كالعناقيد.كانوا ينزعونَ "قُرصَ الهويّةِ" عن كلّ جثّةٍ، ويضعونَ الجنود الميّتينَ في كيس"اللحم الهنديّ" الأبيض.. الكيس الذي كانَ يُذكّرُ الجنودَ الأحياءَ، بلحمِ "قُصْعتِهِم"، سيّءِ السمعة ..ويُعيدونَ لَصقَ القُرصِ على الكيسِ، و يلقونَ بهِ في الشاحناتِ المُبَرّدَة لـ "شركة تسويق اللحوم العامة"، و يرسلونهُ الى مستودعات (الشعيبة).. هُناك.. حيثُ تصطَفُّ العائلاتُ المذهولةُ، لاستلامِ أبناءها.*من باب معسكر "الشِعيبَة"، تفوحُ رائحةُ الموتِ الى كلّ البصرة. تجتمعُ الأمّهاتُ عند البابِ الرئيسِ..بينما أحدهم يقرأُ أسماء الأبناءِ المُمَدَدّينَ في المخازنِ، من قائمةٍ طويلة :عبد الله أحمد؟ تصيحُ أُمٌّ من (أبو الخصيب): نعم .عبيد علي عبيد؟ تصيحُ أُمٌّ من(التنّومّةِ): نعم .دِلْشاد كريم؟ تصيحُ أُمٌّ من (السُليمانيّةِ): نعم .عشرة أسماء.. تصيحُ عشرُ أمّهاتٍ من (الناصريّةِ).. لاغيرها هي "الناصريّةِ": نعم .. نعم .. نعم.*في كلّ المُدنِ ..كانَ "تاكسي الروليت"، يستديرُ من الشارعِ العامِ نحو الزقاقِ الفرعيِّ ، حامِلاً على سقف "التويوتا –كراون".. "تابوتَ الروليتِ"، الملفوفِ بالعَلَمِ الوطنيّ.كلّ أمهات الجنود واقفاتٌ عند أبوابِ البيوتِ، يُوَلوِلنَ: يبوووو.. بوجوهٍ شاحبةٍ كالرماد.. في انتظار أن يستَقِّرَ "تاكسي الروليت" عند بابِ الحظِّ "المُصَخَّم"."تاكسي الروليت"، بسائقهِ اليابسِ من الخوف، و" المأمورُ" المذعورُ الذي يجلسُ إلى جانبه.. يجتازُ بيوت الزقاقِ ببطءٍ.. بيتاً بعد بيت.. وكلّ النساء يَنحَبنَ: يبوووو .تقفُ "السيّارةُ – الروليتُ" عند أحدِ الأبوابِ ، فـ "تَعيطُ" جميعُ النساءِ المذهولاتِ: يبوووو.اُمٌّ واحدةٌ فقط، تقولُ لـ "تابوتِ الروليت": ها يابَه.. جيت؟ويصبحُ فؤادها فارغاً..كفؤادِ أمّ موسى .*كلما قالوا هي الحربُ.. قلتُ: أبي.الحربُ.. أبي .هو الذي يمنحها الطَعمَ والرائحةويجعلها إرثي الوحيدو يودِعُها عِندَ أُمّي.*بغدادُ تنأى.. و "شرقُ البصرةِ" يقتَرِب.. و نخلُ المُعسكَرِ ساكِت.. و(عبيد علي عبيد)، ماتَ في "الطاهريّ"، ولم يُعُد إلى (التَنّومَةِ) أبداً.. و(خَشّان اكَمير اشْمَيس) لم يعد يراني وأنا أقرأُ الكتبَ في سَخامِ الحروبِ الرديئة.. و(رجاء انهيِّب زعيبِل)،ما يزالُ يُدخِّنُ التِبغَ الأسودَ، بطريقةٍ "تلْجَعُ المِعدَةَ".. كما كانَ يُفَضِّل.كلُّ هذا، ......
#جنود
#أيلول..
#وأشياءَ
#أخرى-4-
#مقاطع
#هذيانات
#جندي
#مُسِنّ..
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=769301
الحوار المتمدن
عماد عبد اللطيف سالم - عن جنود أيلول.. وأشياءَ أخرى-4- (مقاطع من هذيانات جندي مُسِنّ.. من بقايا الحربِ العراقيّةِ- الإيرانيّة)