الحوار المتمدن
3.06K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
فرات المحسن : يوم آخر في حفر الباطن الجزء الأخير
#الحوار_المتمدن
#فرات_المحسن سحبت بتثاقل الورقة عند الضوء الشحيح للقنديل المعلق في زاوية الملجأ، بينما كنت أنظر لعيون الجرذ الناطّة من بين لوح السقف والصفيحة الحديدية. كانت أصابعي تهز القلم فوق الورقة هزاً خفيفاً مخدراً، لترسم دوائر متداخلة.راودني الإحساس الغامر نفسه، الذي ينتابني بين الحين والآخر.الخواء المضطرب تحت سماء مفتوحة مليئة بالثقوب الفاغرة. وحيداً، أسير في متاهة لا حدود تلجمها. ورغم عتمة وثقل سقف الملجأ، فقد شعرت بأن جسدي لا زال ممدداً فوق الرمل. تنبلج السماء فوقي مثل كوّة موحشة، ترسل إشارات سحرية عبر نفقٍ بعيدٍ جداً، تأتي منه الأصوات شحيحة لا تستطيع أذناي تمييزها، فينتابني خوف يخالطه استسلام تام مطمئن، وكأنّ بي مساً سحرياً يشلّ كل حواسي. إحساس بالخدر التام والرغبة بالصمت، صمت تام يقتل ما في داخلي. لا أذكر عدد المرات التي كتبت فيها رسائل. فأنا أمقت كتابة الرسائل. و هذا سبب لي الكثير من الإشكالات في أكثر من مناسبة. فأنا لا أجيد الحديث عن أمنيات وتمنيات وتدبيج تحايا، أو التعبير الدقيق عن المشاعر، وأجد صعوبة في سرد الوقائع ووصف الأماكن. وفي أغلب الأحيان أجدني عاجزاً كلياً عن كتابة ما أردت الحديث عنه، فأرجئه للقاء مباشر واعتذار يكون دائما غير مقبول . عندما كتب مدرس اللغة العربية عبد القادر البصام، مواضيع الإنشاء الأربعة، فوق اللوح المدرسي الأسود، وطلب أن يختار كل واحد منا موضوعاً ليكتب عنه، ثم يجلبه بعد انتهاء العطلة الربيعية، طالعني مباشرة فتسقطت من نظراته رائحة التهديد. ومع هذا لم يترك الأمر يمر بسلام دون أن ينبهني بحدة وأمام الطلاب، بأن هذه فرصتي الأخيرة، وإن لم أحاول اغتنامها، فذنبي على جنبي. كتبت عناوين المواضيع الأربعة في الدفتر، وتركت الاختيار حتى اليوم ما قبل الأخير من انتهاء العطلة، أو الأحرى قلبتها في رأسي دون أن أستطيع الاختيار. ولكني أنجزت ذلك في اليوم الأخير وسلمت دفتري بروح مغموسة بفرح غامر، في أول يوم دراسي نهاية العطلة. أشاح المدرّس وجهه عني وابتسامة مصطنعة ترتسم بتثاقل فوق شفتيه. في اليوم التالي جلس فوق أول مقعد في الصف ثم نادى باسمي. أوقفني أمام الطلاب فشعرت بالارتباك والفزع فأطرقت رأسي. ثم انطلق صوته:ـ ما الذي يفعله الطالب حين يصف مكاناً ذهب إليه ؟ من يجيب عن ذلك ؟ارتفعت الأكف تتطاول كي يشير المدرّس لأحدهم بالإجابة، لكنه صرخ بأعلى صوته أن اخرسوا. وكان صوته المجلجل مثل زئير أسد. ارتبكت الأكف الصغيرة، وراحت تنسحب واحدة تلو الأخرى. انكمشت وأحسست أن الجدران تقترب لتطبق علي وتهرسني. إحساس بالرهبة والانسحاق سيطر على روحي، فراح جسدي يرتجف بتسارع ولم أعد أستطيع السيطرة عليه.ـ غبي.. ما هذا ؟ أهو وصف لحمّام شعبي يستحم الناس فيه أم هو سرداب موتى ؟نزّ جبيني عرقاً بارداً غطـّى جبهتي، وراحت ركبتاي ترتخيان. قاومت اندفاع رغوة تصاعدت في أحشائي. ضحكات رفاقي أدخلتني في هلام سائل كثيف، فسقطت أخيراً مغشياً علي .كان الخوف يسيطر عليَّ حين أفقت وأنا أرى كـّفه الثقيلة تمسد جبهتي بالماء البارد .ـ دلال صبيان. لا شيء سواه. انهض يا شاطر. رغم أنك لم تكتب عن الموضوع بشكل حسن، ولكن لا بأس. سوف أحتسبها لك هذه المرة.حين جلست بين دفـّتي مقعد الدراسة، كنت أحبس دمعتي خوفاً ورهبة. وكان خدر تام يسيطر على كامل جسدي. لم أكن بقادر على إسكات ضحكاتهم التي راحت تجلجل في رأسي. وكان جسدي الواهن يتفصد عرقاً بارداً، ويقف المدرّس أمامي وهو يغتصب ابتسامة شاحبة لم تتعدَّ حافـّة شفتيه الغليظتين.*****وضعت الورقة جانباً وطالعت مكان الجرذ الفارغ. شعرت بح ......
#الباطن
#الجزء
#الأخير

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=758559